مناظرة الشيخ رحمة الله الهندي والقسيس بفندر
من أقوى المناظرات على الإطلاق
-2-
مبحث التحريف
قال الفاضل المناظر التحرير عامله الله
بلطفه الخطير التماسنا أولا أن تبينوا أن التحريف بأي وجه يثبت عندكم ليثبت على ذلك
الوجه ويتم عليكم
فما أجاب القسيس بجواب واضح
ثم قال الفاضل التحرير
كيف إعتقادكم في كون مجموع كتب العهدين الهاميا أكل فقرة وكل لفظ من هذا المجموع من
أول باب سفر الخليقة إلى آخر باب كتاب المشاهدات كلام الله أم لا
قال القسيس لا نقول في حق كل لفظ لفظ
شيا لأنا نعترف بسهو الكاتب قال الفاضل اترك الألفاظ التي وقع فيها سهو الكاتب
وأسأل عن غيرها من الألفاظ والفقرات
قال القسيس لا نقول في حق الألفاظ شيئا
قال الفاضل التحرير
أن يوسى عبيس المؤرخ قال في الباب الثامن عشر من الكتاب الرابع من تاريخه ذكر جستن
الشهير في مقابلة طريفون اليهودي عدة بشارات وأدعى أن اليهود اسقطوها من الكتب
المقدسة انتهى
وقال واتش في الصفحة 32 من المجلد الثالث هكذا إني لا أشك في هذا الأمر أن العبارات
التي ألزم فيها جستن اليهود في مباحثة طريفون بأنهم أسقطوها كانت تلك العبارات في
عهد جستن وأرينيوس بوجوده في النسخة العبرانية والترجمة السبعينية وأجزاء من الكتاب
المقدس وإن لم توجد الآن في نسخهما سيما العبارة التي قال جستن أنها كانت في كتاب
أرميا كتب سلبرجيس في حاشية جستن وكتب واكتر كريب في حاشية أرينوس أنه يعلم أن بطرس
لما كتب الآية السادسة من الباب الرابع من رسالته الأولى كانت هذه البشارة في خياله
انتهى
وقال هورن في الصفحة 62 من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع سنة 1822 هكذا ادعى
جستن في كتابه في مقابلة طريفون اليهودي أن عزرا قال للناس أن طعام عيد الفصح طعام
ربنا المنجى فإن فهمتم الرب افضل من هذه العلامة يعنى الطعام وآمنتم به فلا تكون
هذه الأرض غير معمورة وإن لم تسمعوا وعظة تكونوا سبب إستهزاء للأقوام الأجنبية قال
رائي تيكر الغالب أن هذه العبارة كانت ما بين الآية الحادية والعشرين والثانية
والعشرين من الباب السادس من كتاب عزرا وداكتر أي كلارك يصدق جستن انتهى
فظهر من هذه العبارات أن جستن الشهير ادعى أن اليهود اسقطوا عدة بشارات من الكتب
المقدسة بالتحريف وأيد أرينيوس دعوى جستن بعد ما ذكر عبارة أرمياء وصدق كريب في
حاشية كتاب أرينيوس وكذا صدق سلبر جيس في حاشية كتاب جستن هذه الدعوى وكذا صدقها
وائي تيكر وأى كلارك وواتسن أيضا والظن الغالب أن هذه العبارات كانت موجودة في
النسخة العبرانية والترجمة سبعينية فيلزم أحد الأمرين
أما أن يكون جستن صادقا في دعواه أو كاذبا فإن كان صادقا ثبت ما قلنا وثبت تحريف
اليهود وإن كان كاذبا فوا أسفي أن لذك أعظم قدمائهم كان كذابا اخترع من جانبه
عبارات وادعى أنها أجزاء كلام الله وبالجملة تحريف أحد الفريقين لازم البتة
قال القسيس أن جستن
كان رجلا واحد وسها
قال الفاضل التحرير إن جامعي تفسير
هنري واسكات صرحوا في المجلد الأول أن اكستائن كان يلزم اليهود بالتحريف في إعمار
الأكابر ويقول أنهم حرفوا النسخة العبرانية وكان جمهور القدماء أيضا يقولون مثل ما
قال وكانوا يقولون بالإتفاق أن هذا التحريف وقع في سنة 130 مائة وثلاثين من الميلاد
قال القسيس ماذا يكون بتحرير هنري
واسكات لأنهما مفسران والمفسرون غيرهم مئون
قال الفاضل التحرير
أن هذين المفسرين ما كتبا آراءهما فقط بل بينا مذهب جمهور القدماء
قال القسيس أن المسيح شهد في حق كتب
العهد العتيق وشهادته أزيد قبولا من شهادة غيره وهي هذه الآية 46 من الباب الخامس
من إنجيل يوحنا هكذا لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه كتب عني والآية 27 من
الباب 24 من إنجيل لوقا ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور
المختصة به في جميع الكتب والآية 31 من الباب 16 من إنجيل لوقا فقال له أن كانوا لا
يسمعون من موسى والأنبياء ولا أن قام واحد من الأموات يصدقون
قال الحكيم العجب كل العجب أنكم
تستدلون بالكتاب الذي هو متنازع فيه إلى الآن وندعى تحريفه فما لم يحصل الإنفصال في
حق هذا الكتاب فالإستدلال به ليس بصواب على أنا لو قطعنا النظر عن هذا القول ثبت من
تلك الشهادة هذا القدر فقط أن هذي الكتب كانت موجودة في ذلك الزمان وأما تواتر
الفاظها فلا يثبت بها وبيلى الذي ذكرتم في كتاب حل الأشكال كتابه في كتب الإسناد قد
أقر في الباب السادس من القسم الثالث من كتابه المطبوع سنة 1850 في البلد لندن أنه
يثبت بشهادة المسيح هذا القدر فقط أن هذه الكتب كانت موجودة في ذلك الزمان ولا يثبت
بها تصديق كل جملة جملة وكل لفظ لفظ منها
قال القسيس لا نسلم ليبقى في هذا
الموضع
قال الفاضل التحرير إن لم تسلموا لبيلى
في هذا الموضع لا نسلم قولكم في هذا الباب وقولنا هو قول بيلى
قال الحكيم قال يعقوب في الباب الخامس من رسالته قد سمعتم صبر أيوب وعلمتم مقصود
الرب ومع ذلك لا يسلم أحد أن كتاب أيوب الهامي بل وقع النزاع بين أهل الكتاب سلفا
وخلفا إن أيوب اسم فرضى وكان مسماه أيضا موجودا في سالف الزمان ورب مماني ديز الذي
هو من أعظم علماء اليهود وليكلرك وميكايلس وسملر واستاك وغيرهم من علماء المسيحية
قالوا أن أيوب اسم فرضى وكتابه قصة باطلة
قال القسيس عندنا أيوب كان شخصا وكتابه
أن دخل في شهادة المسيح فهو الهامي أيضا
قال الحكيم أن بولس كتب في الرسالة
الثانية إلى طيموثاؤس أن باباس وبميراس خالفا موسى عليه السلام ولم يعلم أنه نقل عن
أي كتاب جعلى فالنقل عن كتاب مالا يدل على أن المنقول عنه الهامي
قال القسيس ليس كلامنا في الكتب
الجعلية وأوردت قول المسيح لتصديق كتب العهد العتيق فما لم يثبت أن الإنجيل محرف
تكون شهادة المسيح بهذا الأمر كافية ووافية
قال الفاضل التحرير أن كلامنا على
مجموع كتب العهدين فيبعد من إنصافكم أن تستدلوا بجزء من أجزاء هذه الكتب على أهل
الإسلام وما لم تثبتوا بالأدلة الأخرى عدم تحريف هذا المجموع لا يتم قول منها حجة
علينا على أنه لا يثبت مقصودكم من شهادة المسيح بوجهين
أما أولا فلان حال هذه الشهادة كما حقق ببلى
وأما ثانيا فلانها لاتنافى التحريف الذي وقع بعدها كما وقع في مدة أعمار الأكابر
بعد مائة سنة على اعتراف جمهور القدماء المسيحية
قال القسيس أوردنا لكتب العهد العتيق
شهادة المسيح فعليكم إثبات تحريف الإنجيل
قال الحكيم أن قولكم هذا وإن كان غير
صواب لما علمت فيما مضى لكنكم إن كنتم مشتاقين لثبوت تحريف الإنجيل فاسمعوا وأخذ
الإنجيل وقرأ الآية السابعة عشرة من الباب الأول من إنجيل متى وهي هكذا فجميع
الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا ومن داود إلى سبى بابل أربعة عشر جيلا
ومن سبى بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا وقال بينوا أن الأجيال الأربعة عشر تتم على
أي اسم في الطبقة الثانية
قال القسيس لا غرض لنا من هذا بل لا بد
أن تبينوا أن هذه العبارة توجد في النسخ كلها هكذ أم لا
قال الحكيم توجد في النسخ المستعملة
الآن ولم نعلم أنها كانت موجودة في النسخ القديمة أم لا لكنها غلط يقينا
قال القسيس الغلط أمر والتحريف أمر آخر
قال الحكيم إن كان الإنجيل كله إلهاميا
ولا مجال للغلط في الإلهام فلا شك أن يكون لسبب التحريف فيما بعد وإن لم يكن
إلهاميا يثبت مطلب آخر وهو أن هذا الإنجيل ليس بكتاب إلهامي على رأيكم أيضا
قال القسيس أن التحريف لا يثبت إلا إذا
ثبت أن عبارة لا توجد في النسخ القديمة وتوجد في النسخ الجديدة فأحال الحكيم إلى
الآية السابعة والثامنة من الباب الخامس من الرسالة الأولى ليوحنا
قال القسيس إن التحريف وقع ههنا وكذا
في موضع أو موضعين آخرين
ولما سمع اسمت حاكم صدر
ديواني أي مشير الضبطية وكان جالسا في جنب القسيس فرنج سأله باللسان
الإنجليزي ماذا هذا القول قال القسيس فرنج أن هؤلاء أخرجوا من كتب هورن وغيره من
المفسرين ستة أو سبعة مواضع فيها إقرار التحريف
ثم التفت القسيس فرنج إلى الحكيم وقال
في لسان اردو أن القسيس فندر أيضا يسلم أن التحريف قد وقع في سبعة أو ثمانية مواضع
فقال الفاضل قمر الإسلام إمام الجامع الكبير
في أكبر أباد للكاتب خادم على مهتم مطلع الأخبار أكتبوا أن القسيس أقر بالتحريف في
سبعة أو ثمانية مواضع واطبعوا في جريدتكم
قال القسيس بعد استماعه نعم اكتبوا ثم
قال مالزم النقصان في الكتب المقدسة وإن وقع التحريف بهذا القدر وقد اختلفت
العبارات يقينا بسهو الكاتبين
قال الحكيم إن اختلافات العبارة عند
البعض مائة ألف وخمسون ألفا وعند البعض ثلاثون ألفا فمختاركم أي قول من هذين
القولين
قال القسيس فرنج التحقيق أن هذه
الإختلافات أربعون ألفا
وجعل القسيس فندر
يقول أنه لا يلزم النقصان من هذا القدر في الكتب المقدسة فلينصف واحد أو إثنان من
أهل الإسلام وكذا من المسيحيين والتفت إلى المفتي الحافظ رياض الدين وقال مرارا
انصفوا أنتم
فقال المفتي إذا ثبت الجعل في موضع من
الوثيقة لا تبقى هذه الوثيقة معتبرة ولما ثبت بإقراركم الجعل والتحريف في سبعة أو
ثمانية مواضع فكيف يعتمد عليها وهذا الأمر يعرفه الحكام الذين هم حاضرون في هذه
الجلسة معرفة جيدة وأشار إلى اسمت مشير الضبطية فقال أسألوه لكنه ما قال في هذا
الباب شيئا
ثم قال المفتي إذا كان اختلاف العبارات مسلما عندكم فإذا وجدت العبارتان مختلفتين
فهل تقدرون أن تعينوا أحدهما أن هذه كلام الله جزما أم لا تقدرون بل كلتاهما
مشكوكتان
قال القسيس لا نقدر أن نعين أحدهما
جزما
قال المفتي أن دعوى أهل الإسلام هذه أن
هذا المجموع الموجود المستعمل الآن من كتب العهدين ليس كله كلام الله جزما وقد ثبت
بإقراركم هذا المعنى أيضا
قال القسيس زاد على الوقت الموعود نصف
ساعة فتكون المباحثة غدا
قال الفاضل المناظر التحرير أقررتم
بالتحريف في ثمانية ونحن نثبته إن شاء الله في خمسين أو ستين موضعا بإقرار العلماء
المسيحية
فإن كانت المباحثة مقصودة لكم فلا بد من مراعاة ثلاثة أشياء
الأول نطلب منكم السند المتصل لبعض الكتب فلا بد من بيانه
والثاني لا بد من تسليم خمسين أو ستين موضعا التي أقر فيها العلماء
المسيحية بالتحريف أولا بد من تأويلها ولا نقول أنه يلزمكم تسليم قول هورن طوعا أو
كرها وأنتم أدون من هورن بل نقول لا بد أولا من استماع هذه المواضع ثم اختيار أحد
الأمرين أعني التسليم أو التأويل
والثالث ما لم تفرغوا من تسليم المواضع الخمسين أو الستين أو تأويلها
لا تستدلوا بهذا المجموع علينا
قال القسيس نقبل بشرط هو أني أسأل غدا
أن الإنجيل الذي كان في عهد نبيكم أي إنجيل كان
قال الفاضل التحرير هذا الشرط مقبول
ونبين غدا
قال الحكيم إن قلتم يبين الساعة
قال القسيس الآن طالت المدة واسمع غدا
ثم قام الفريقان وتمت الجلسة الأولى