فن اللعب
الحاجة
إلى اللعب :
كما
عرفت الشعوب فن الغناء تشنف به
الآذان , وفن الرسم والتصوير
تنعم به الأعين , وفن الفكاهة
والمرح تضحك له الأفواه . فهناك
فنون أخرى عرفها الناس , تدفع عن
الحياة الرتابة, وعن النفوس
الملالة , وهي تتمثل في أنواع
الألعاب المختلفة , مما عرفنا
وما لم نعرفه , مما يشغل أوقات
الفراغ من ناحية , ولا يغلو من
بعض الفوائد من ناحية أخرى .
أعلى
إلى الفهرس
ألوان
اللعب لدى الشعوب :
وبعض
هذه الألعاب يدخل فيما يعرف في
عصرنا بأنواع « الرياضة البدنية
» مثل السباحة , والعدو , والوثب
بأنواعه , وألعاب القوى وما بمس «
الجمباز » , وألعاب الكرة
بأنواعها . والتزحلق على الجليد .
وبعضها أقرب إلى الفنون
العسكرية مثل : الرماية واللعب
بالحراب والسيوف , وركوب الخيل .
وبعضها ألعاب تسلية , ونزجية
للوقت , ومنها : ما فيه شحذ للعقل
مثل الشطرنج , و« السيجا » , و «
الدومينو » ونحوها , ومنه ما يقوم
على الحظ مثل « النرد » .
ومن هذه الألعاب : ما يؤدى فردياً
, ومنه ما لا بد له من لاعبين ,
كالمصارعة والملاكمة . ومنه ما
يحتاج إلى فريقين , مثل : لعبة شد
الحبل , وهى لعبة شعبية قديمة ,
ومثلها ألعاب الكرة .
ومنه : ما يدخل فيه السباق : بين
فردين , أو فريقين , أو مجموعة
أفراد , أو مجموعة فرق .
ومنه : الألعاب السحرية , التي
تقوم على الشعوذة وخفة اليد , أو
على السحر بالفعل .
ومنه : الألعاب البهلوانية ,
كالتي تقدم في « السيرك » وتدهش
النظارة بما فيها من مهارات
فائقة وقدرات شبه خارقة .
ومنه : ما يستخدم الإنسان فيه
الطيور والحيوانات , مثل . اللعب
بالحمام , والتحريش بين الديوك
بعضها وبعض , أو بين الكباش بعضها
وبعض . وقريب منها : مصارعة
الثيران . ومن هذا الباب : اللعب
بالقرود والدببة ( جمع دب ) عن
طريق تدريبها على أعمال تعجب
وتدهش .
وكذلك : ترقيص الخيل , واستخدام
الفيلة . وأعجب منه : ترويض
الأسود والفهود والنمور .
وفى المهرجانات الشعبية في بلد
كمصر , في الأعياد والموالد
والمناسبات , يشاهد الجمهور
كثيرا من الألعاب التي توارثها
الناس , وهى ألوان مختلفة ,
ومعروضات متنوعة .
ولدى كل الشعوب أمثال هذه
الألعاب , بعضها مما توارثوه ,
وبعضها مما ابتكروه .
والباب مفتوح للتجديد والابتكار
في هذا المجال , كالذي نشاهده في
التليفزيون بين بعض الأندية
الألمانية وبعض من مسابقات
تعتبر غاية في الطرافة واستخراج
الضحك من الإنسان .
وقد نافسهم اليابانيون في ذلك ,
وابتكروا أشياء مماثلة أيضاً .
والسؤال الكبير هنا : ما موقف
الإسلام من ذلك كله ؟
أعلى
إلى الفهرس
موقف
الإسلام :
وموقف
الإسلام من هذه الألوان
المختلفة من اللعب أو الألعاب
يتضح فيما يلي :
ما يجيزه الإسلام من
اللعب :
لا
يمنع الإسلام من اللهو بمختلف «
الألعاب » , بل يرى ذلك أمرا
مشروعا , يحتاج إليه الفرد ,
وتحتاج إليه الجماعة . ولو لم يكن
الهدف منها إلا التسلية , أو
الترويح , أو الإضحاك . وما
ذكرناه في شرعية الضحك , وشرعية
الغناء , وما نقلناه عن الغزالي
وابن حزم وغيرهما يذكر هنا أيضا .
بل هناك بعض أنواع من الألعاب ,
يحث الإسلام عليها , مثل الألعاب
التي تدخل في فنون الرياضة , أو
الفنون العسكرية , لما فيها من
تقوية الأجسام , واكتساب
المهارات , وتنمية القدرات .
وقد جاء في السنة : الحث على
الرماية , وركوب الخيل , والمؤمن
القوى خير وأحب إلى الله من
المؤمن الضعيف .
وقد شرع الإسلام عيدي الفطر
والأضحى , بديلين ليومين كان
يلعب فيهما الأنصار في الجاهلية
.
وقد أذن النبي صلى
الله عليه وسلم للحبشة أن يرقصوا
بحرابهم وأسلحتهم في مسجده
الشريف في يوم عيد , وكان يحثهم
ويقول : « دونكم يا بنى أرفدة » .. وقد سبق
ذلك .
ما يمنعه الإسلام من
ألوان اللعب :
إنما
يتحفظ الإسلام على بعض ألعاب
تتنافى مع مقاصده وأحكامه , مثل :
( أ ) الألعاب التي
تقوم على المخاطرة الشديدة دون
ضرورة إليها , مثل : الملاكمة ,
لما فيها من شدة إيذاء النفس
والغير , بلا حاجة .
( ب ) الألعاب التي
تظهر فيها أجسام النساء - أي ما
لا يحل رؤيته منها - أمام الرجال
الأجانب , كما في حالات السباحة
والجمباز ونحوها , وينبغي أن
يكون لهن مسابح وملاعب خاصة , لا
يدخلها الرجال .
( جـ ) الألعاب التي
تقوم على السحر الحقيقي , فإنه من
« السبع الموبقات » ويحرم تعليمه
أو ترويجه في الناس .
( د ) الألعاب التي
تقوم على الخداع والاحتيال على
الناس , لأكل أموالهم بالباطل ,
كالذي يسميه الناس في مصر «
الثلاث ورقات » !
( هـ ) الألعاب التي
تعرض الحيوانات أو الطيور
للإيذاء , مثل صراع الديوك أو
الكباش . وقد ثبت النهى عن
التحريش بين البهائم . فلا يجوز
للإنسان أن يتلهى بمنظر الدماء
تسيل من هذه العجماوات , ومن لا
يرحم لا يرحم .
( و ) الألعاب التي
تقوم على الحظ وحده , مثل لعب
النرد , وهو الذي يسميه أهل مصر «
الطاولة » بخلاف ما يقوم على
إعمال الذهن مثل الشطرنج ,
فالراجح جوازه بشروط , وقد
ذكرتها في « الحلال والحرام » وفصلتها في
الجزء الثاني من « فتاوى معاصرة » .
( ز ) الألعاب التي
يدخل فيها الميسر ( القمار ) فإنه
قرين الخمر في كتاب الله , وهو
رجس من عمل الشيطان .
( ح ) الألعاب التي
فيها استخفاف بكرامة الإنسان ,
أو السخرية به , أو جعله أضحوكة
أو « مسخرة » للآخرين , سواء أكان
شخصا معينا أم فئة من المجتمع ,
كالعميان أو العرجان , أو ذوى
اللون الأسود , أو أصحاب مهنة
معينة . إلا في حدود ما يجيزه
العرف العام ( يا آيها
الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم
عسى آن يكونوا خيراً منهم ) .
( ط ) المبالغة في
اللعب , على حساب أمور أخرى , فإن
اللعب من « التحسينيات » فلا
ينبغي أن تطغى على الحاجيات ,
فكيف بالضروريات ؟ .
وكل المباحات مقيدة بعدم
الإسراف , فإن الله لا يحب
المسرفين , ومشروطة بألا تشغل عن
واجب ديني أو دنيوي . والمطلوب من
المجتمع المسلم - كما هو مطلوب من
الفرد المسلم - أن يوازن بين
المطالب , وأن يعطي كل ذي حق حقه .
ولهذا لا يقبل في ميزان الإسلام :
أن تطغى لعبة واحدة مثل « كرة
القدم » على كل الألعاب
والرياضات , وما هو أهم من ذلك
كله من عبادة الله , وعمارة الأرض
, ورعاية حقوق الخلق حتى غدت في
بعض البلاد , وبعض الأحيان ,
وكأنها وثن يعبد وأصبح لاعب
الكرة « يباع » بمئات الآلاف ,
وربما بالملايين , وبعض أهل
الفكر والعلم لا يكادون يجدون
قوتهم , لأن موهبة القدم أهم من
موهبة الرأس فالإنسان بأسفله لا
بأعلاه !
أعلى
إلى الفهرس
|