قال المعترض : هناك تناقض بين العدد 1 : 7 وراعوث 4 : 20 فسفر العدد يورد أن نحشون كان في عصر موسى، بينما في سفر راعوث نجد أن بين نحشون وداود أربعة أجيال فقط. مع أن مدة 450 سنة كانت تفصل بين موسى وداود (أعمال 13: 20) .

وللرد نقول بنعمة الله : درجت عادة مؤرخي اليهود في ذِكر سلاسل الأنساب أن يُسقطوا بعض الأسماء، فيظن القارئ الذي لا يعرف عاداتهم هذه أن هناك اختلافاً في النصوص. ومثال لذلك أننا نجد في 1أخبار 6: 3-15 سلسلة رؤساء الكهنة من هارون حتى السبي. وقد ذكر عزرا هذه السلسلة في عزرا 7: 1-5 وأسقط منها ستة أجيال، مع أن عزرا من نسل هارون. ولم ينتقد أحد عزرا على ذلك.

____________________________

بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :

يظهر التناقض بين سفرى العدد و راعوث فى بيان زمن حياة نحشون، فالأول يجعله فى زمن موسى و الثانى يجعله قريب من داود بفارق أربعة أجيال فقط مع أن الفارق بين داود و موسى يبلغ أكثر من أربعمئة سنة!، فما كان من القس إلا و أن زعم أن الخلل ناجم عن عادة مؤرخى اليهود باسقاط بعض الأسماء من سلاسل النسب بزعمه و نرد هذا من جهات :

1) أن الناظر فى سلسلة النسب فى سفر راعوث يستيقن تدليس القس إذ ان سلسلة النسب قد جاءت متسلسلة منتظمةً دقيقة اللفظ ، فنقرأ فيها أن فلان ولــد فلان و فلان ولـــد فلان ...إلخ

(( وهذه مواليد فارص : فارص ولد حصرون ، و حصرون ولد رام ، و رام ولد عيمناداب، و عيمناداب ولد نحشون ، و نحشون ولد سلمون، و سلمون ولد بوعز و بوعز ولد عوبيد، و عوبيد ولد يسى، و يسى ولد داود )) راعوث 18:4-22،

فهذا الترتيب المنتظم كما نرى لا يحتمل مزاعم القس بتجاوز الأجيال بل يتبع المواليد بعضهم البعض ، و يؤكد النسب المباشر .

2) أن القس  يبرر الخلل فى سلسلة النسب بأن "مؤرخى اليهود" إعتادوا على إسقاط بعض الأسماء من سلاسل النسب، و هذا إعتراف منه أن هذا السفر من وضع المؤرخين ليس أكثر، و لو كان من عند الله لما وجد فيه هذا الإختلاف!، وخاصة وأن هذه العادة (المزعومة بلا دليل) هى عادة خاطئة ظالمة فلماذا يُبخس حق الناس وتطمس أسماءهم ؟ وما الحكمة من هذه السلاسل الطويلة التى لا فائدة منها إن كان حتى هدف التوثيق المزعوم قد ضاع بسبب عادة إسقاط أسماء الناس التى تؤدى بلاشك إلى  إرباك و تحريف الأنساب؟

3) أن القس الفاضل إستشهد على أقواله  بما ورد فى سفر عزرا من إسقاط عدة أجيال من سلسلة الكهنة بنى هارون وصولاً إلى عزرا، و هكذا ورط القس الفاضل نفسه لسببين :

أ- أنه يستشهد بأحد أخطاء سفر عزرا الواضحة ، و هذا السفر يعج بمثل هذه الأغلاط التى انتقدها الباحثون و لم تجد جواباً ، منها على سبيل المثال لا الحصر ما نقرأ فى عزرا 3 : 2 : (( و زربابل بن شألتئيل )) فى حين أن زربابل لم يكن ابناً لشألتئيل بل كان ابناً لأخيه فدايا كما ورد فى 1أخبار19:3 (( وابنا فدايا زربابل و شمعى )) ، و كذا نجد سلسلة من الإختلافات بين سفرى عزرا و نحميا منها على سبيل المثال لا الحصر :

(( بنُو فَحَثَ مُوآبَ مِنْ بَنِي يَشُوعَ وَيُوآبَ أَلْفَانِ وَثَمَانُ مِئَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ)) عزرا 2 : 6
(( بَنُو فَحَثَ مُوآبَ مِنْ بَنِي يَشُوعَ وَيُوآبَ أَلْفَانِ وَثَمَانُ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ)) نحميا 7 : 11
----------------------------
(( بَنُو زَتُّو تِسْعُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ )) عزرا 8:2
(( بَنُو زَتُّو ثَمَانُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ )) نحميا 13:7
----------------------------

(( بَنُو عَرْجَدَ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ )) عزرا 2 : 12
(( بَنُو عَزْجَدَ أَلْفَانِ وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ )) نحميا 7 : 17
-----------------------------
(( بَنُو عَادِينَ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ. )) عزرا 2 : 15

(( بَنُو عَادِينَ سِتُّ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ )) نحميا 7 : 20
-----------------------------
(( بَنُو حَشُومَ مِئَتَانِ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ )) عزرا 2 : 19  
(( بَنُو حَشُومَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ )) نحميا 7 : 22
------------------------------
 
(( رِجَالُ بَيْتِ إِيلَ وَعَايَ مِئَتَانِ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ )) عزرا 2 : 28
 
(( رِجَالُ بَيْتِ إِيلَ وعَايَ مِئَةٌ وَثَلاَثةٌ وَعِشْرُونَ. )) نحميا 7 : 32
-----------------------------

 فيبدو أن القس نسى و هو يُحَكم كتابه أنه هو المتهم الرئيسى!

 ب- أن القس الفاضل  فى تعليقه على سلسلة نسب المسيح بانجيل متى قال حرفياً: [ كان اليهود مولعين بسلسلة أنسابهم ولعاً كبيراً، ليثبتوا أنهم من شعب الله المختار، فيكون لهم الحق في وراثة الأرض. وكان لا بد للكاهن أن يبرهن أنه من سبط لاوي قبل أن يتولى وظيفة الكهنوت. وبلغ من شدة تدقيقهم أنهم احتفظوا بسلسلة كاملة مكتوبة لأنسابهم، ورفضوا كل من لم يجدوا اسمه مكتوباً فيها (عزرا 2:62).]

فإن كان هذا هو حال اليهود و ولعهم و حرصهم على حفظ سلاسل أنسابهم كاملة حتى فى أيام السبى لدرجة أنهم كانوا يرفضون كل من لم يجدوه مكتوباً على حد زعمه- مع ملاحظة سذاجة هذا القول فالسبى البابلى حطم المجتمع اليهودى و قتل الألف و شرد الباقين مما لا يترك مجالاً لحفظ أو تسجيل شىء حتى أن التوراة نفسها ضاعت إلى أن أعاد عزرا تأليفها-  فكيف نجد نسب عزرا شخصياً ساقطاً منه عدة أجيال  و منقطعاً لكل هذه الأجيال حتى أن أخر اسم ذُكر من أبائه كان سريا الذى كان حياً قبل وقوع السبى بزمان؟!

وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا