قال القس الفاضل :
قال المعترض الغير مؤمن : جاء في متى 21:26-25 قول المسيح لتلاميذه : (( إن واحداً منكم يسلّمني، فحزنوا جداً وابتدأ كل واحد منهم يقول: هل أنا هو يا رب؟ فأجاب: الذي يغمس يده معي في الصفحة هو يسلمّني ... فأجاب يهوذا مسلمه وقال : هل أنا هو يا سيدي؟ قال له: أنت قلت )) ولكن يوحنا 21:13-27 يورد قول المسيح بطريقة مختلفة، إذ يقول: (( ان واحداً منكم يسلمني، فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض وهم محتارون فيمن قال عنه.. فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له: يا سيد من هو؟ أجاب يسوع: هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا ))
وللرد نقول بنعمة الله : لا نرى تناقضاً بين الروايتين، فهما تذكران قول المسيح (( إن واحداً منكم يسلمّني ))، ويُفهم من الروايتين أن التلاميذ انذهلوا وتحيّروا، وأخذوا يتساءلون عن الشخص الذي يتجاسرعلى ذلك. وكلاهما تقولان إن يهوذا هو الذي أضمر له السوء. فلما استفهم أحد التلاميذ من المسيح عن الشخص الذي قصد أنه سيسلّمه قال (بحيث لم يسمعه سوى السائل) (( الذي أغمس اللقمة وأعطيه )) فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا. وهذا لا يناقض ما ذكره البشير متى من أن يهوذا سأل المسيح بعد ذلك عن مسلّمه، فأجابه: أنت هو .
______________________________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله :
ادعى القس الدكتور أنه لا يرى تناقضاً ثم أخذ فى سرد مسائل لا علاقة لها بنقطة الاعتراض فقال بأن الروايتين اتفقتا على أن يهوذا هو الخائن و أن المسيح قال (ان واحداً منكم يسلمنى) وأن التلاميذ تحيروا....، حتى إذا ما وصل إلى نقطة التعارض البين يكون قد أهّل المستضعفين من قرّاءه لقبول أى رد و لو كان ساذجاً مكشوفاً ، فزعم أن المسيح قد أعلم تلميذه الذى سأله (سراً) بأن الخائن هو يهوذا فقال: (الذى أغمس اللقمة و أعطيه) ثم غمس اللقمة و أعطاها ليهوذا، و نفى القس مناقضة ذلك لرواية متى التى تقول أن يهوذا سأل المسيح عن مسلمه فأجابه المسيح : أنت هو، وهذا الرد من القس خاطىء تماماً لعدة أسباب نوردها بعد عرض النصين:
(( وفيما هم ياكلون قال لهم الحق اقول لكم ان واحد منكم يسلمني .فحزنوا جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل انا هو يا رب . فاجاب وقال .الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني . ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه .ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الانسان .كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد .فاجاب يهوذا مسلمه وقال هل انا هو يا سيدي .قال له انت قلت)) متى 21:26-25
(( لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق اقول لكم ان واحداً منكم سيسلمني . فكان التلاميذ ينظرون بعضهم الى بعض وهم محتارون في من قال عنه .وكان متكئاً في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه .فاومأ اليه سمعان بطرس ان يسأل من عسى ان يكون الذي قال عنه .فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو .اجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة واعطيه .فغمس اللقمة واعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطى فبعد اللقمة دخله الشيطان .فقال له يسوع ما انت تعمله فاعمله باكثر سرعة واما هذا فلم يفهم احد من المتكئين لماذا كلمه به .لأن قوماً اذ كان الصندوق مع يهوذا ظنوا ان يسوع قال له اشتر ما نحتاج اليه للعيد .او ان يعطي شيئا للفقراء )) يوحنا 21:13-29
نستخلص من هاتين الروايتين الآتي :
1) أن الروايتين كانتا تسيران على وتيرة واحدة كما يقول القس نفسه إذ قال المسيح: ( الحق أقول لكم : إن واحداً منكم يسلمنى ) فتحير التلاميذ ، ثم ظهر الاختلاف بين الروايتين فى ما دار بعد ذلك فقال متى: ( فحزنوا جداً و ابتدأ كل واحد منهم يسأل:هل أنا هو يا رب؟ فأجاب و قال: الذى يغمس يده معى فى الصفحة هو يسلمنى...فأجاب يهوذا و قال: هل أنا هو يا سيدى؟ قال له: أنت قلت) و هذا السياق على ذلك النحو لا يسمح بأن يكون هناك فاصلاً زمنياً بين مقولة المسيح الأولى و استفسار التلاميذ الذى أجابه علناً حتى يدعى القس بأن حواراً سرياً قد دار بين المسيح و أحد تلاميذه .
2) رواية يوحنا تفيد أن المسيح قد أجاب التلميذ الذى سأله سراً عن الخائن فقال له : ( الذى أغمس أنا اللقمة و أعطيه ) ثم غمس اللقمة و أعطاها ليهوذا ، فلا فائدة من لجوء المسيح إلى هذه الحيلة إلا إذا كان لا يريد أن يجهر بشخص الخائن أمامه و إنما أراد إعلام السائل فقط، و مع ذلك يصرح انجيل متى بأن المسيح قد جهر به قائلاً لتلاميذه: ( الذى يغمس يده معى فى الصفحة هو يسلمنى.. فأجاب يهوذا: هل أنا هو يا سيدى؟ قال له: أنت قلت )
3) يظهر التناقض بين قول المسيح فى متى : ( الذى يغمس يده معى فى الصفحة يسلمنى ) و قوله فى يوحنا ( الذى أغمس أنا اللقمة وأعطيه ) فالأولى تفيد أن المسيح رتب جوابه على فعل يهوذا لانه كان يغمس يده معه فى صفحته أما الثانى فجعل جواب المسيح مرتباً على فعله هو نفسه، لأنه هو الذى غمس اللقمة و أعطاها ليهوذا .
4) وفق جواب القس فإن المسيح قد أخبر أحد التلاميذ بشأن يهوذا سراً ثم أخبر بذلك علناً حين سأله يهوذا، و ذلك يعارض رواية يوحنا التى تفيد أن يهوذا قد غادر اجتماع العشاء دون أن يخبره المسيح ودون أن يخبر سائر التلاميذ بأنه الخائن فنقرأ (( اجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة واعطيه .فغمس اللقمة واعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي .فبعد اللقمة دخله الشيطان .فقال له يسوع: ما انت تعمله فاعمله باكثر سرعة . واما هذا فلم يفهم احد من المتكئين لماذا كلمه به . لان قوما اذ كان الصندوق مع يهوذا ظنوا ان يسوع قال له اشتر ما نحتاج اليه للعيد .او ان يعطي شيئا للفقراء )) يوحنا 26:13-29، فنفهم من هذا أنه بعد أن أعطى المسيح اللقمة ليهوذا دخله شيطان فأمره المسيح أن يسارع فى ما هو عامله -لتكتمل التمثيلية المقدسة - فخرج يهوذا للوقت ،فكان ذلك الوحى من المسيح و ما تبعه من طاعة شيطانية أخر ما حدث فى الاجتماع ، حتى أن التلاميذ لم يفهموا شيئاً و ظنوا أن المسيح قد أمر يهوذا بشراء احتياجات العيد أو يعطى شيئاً للفقراء!! ، فأين إذا رواية متى التى كشف المسيح فيها صراحة بأن يهوذا هوالخائن؟!
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا