قال سيادة القس المحترم في كتابه المذكور ما يلي : 

قال المعترض الغير مؤمن: من يقارن عزرا 2 مع نحميا 7 يجد اختلافاً عظيماً في أكثر المواضع. ومع أنهما اتفقا في حاصل الجمع، فإنهما قالا إن عدد الذين أُطلقوا من سبي بابل بلغ 42360 شخصاً. ولكن إذا جمعنا ما في كلام عزرا كان 29818 وما في كلام نحميا 31089 .

وللرد نقول بنعمة الله : (1) يذكر هذان الأصحاحان أسماء أعيان اليهود الذين عادوا من سبي بابل إلى أوطانهم، وهما متشابهان في الكليات، وإنما لا يُنكر حصول اختلاف جزئي بينهما، ولو أن المعترض يبالغ بقوله إن هناك اختلافاً عظيماً في أكثر المواضع . غير أنه يعترف أن النصّين متفقان في حاصل جمع عدد الراجعين من السبي. أما الاختلاف الجزئي في الأرقام فلا يقدِّم ولا يؤخِّر في عقيدة أو ممارسة دينية.

_________________________________

وكما ترى أيها القارىء الكريم  فإن القس يعترف بوجود الاختلاف بين السفرين وان هذا الاختلاف والتناقض كما يفهم من كلام القس ، ليس سببه  خطأ أو عدم تدقيق في الترجمة, ولكنه راجع الي الُنسخة المعول عليها والتي نُسخت عن الاصل المفقود  والتي ُنقلت عنها باقي المخطوطات المنتشرة ، وكما يقول القس في كتابه : " لأنه لا توجد بين أيدينا نسخ الأسفار المقدسة الأصلية ، بل النُّسخ التي نُسخت فيما بعد."  وهذا يعني ان النُّسخ التي نُسخت فيما بعد والمعول عليها تحتوى على اخطاء ، وسواء كانت هذه الأخطاء وقعت من الناسخ أو من غيره بقصد أو من غير قصد فالتحريف ثابت .  ومن هذه الاخطاء ما نحن بصدده بين سفري عزرا ونحميا .

 لايهم ما إذا كان الاختلاف أو التناقض الواقع بين السفرين هو جزئي أو كلي أو خلافه كما يرى القس ... المهم هو وقوع الإختلاف وهذا ممتنع في كلام الله سبحانه وتعالى، ووقوعه يقيم الحجة بوجود التناقض مما ينفي قدسية هذه النسخ .

هل كلام الخالق العليم يحتمل الخطأ والتناقض سواء كان هذا التناقض جزئي أو كلي ؟

وهنا علينا أن نُذكر القس أننا علِمنا وقوع الخطأ بالاعتماد على بديهيات الرياضيات، وبالتالي فإن مرجعنا كان علم الرياضيات والمنطق، فكيف لنا أن نتيقن صحة باقي أسفار وإصحاحات وأعداد كتابهم المقدس والتي تُخبرنا عن أشياء غيبية لا يمكن قياسها بالعقل والمنطق؟

السبيل الوحيد إلى ذلك هو إثبات أن هذه الأسفار هي من كلام الله الموحى به ، والطريقة الوحيدة لذلك هي إثبات امتناع وقوع الخطأ والاختلاف فيه وذلك في الأمور التي يمكن قياسها والحكم عليها بالعقل، وحيث أنه قد ثبت وقوع الخطأ في هذه الأمور وذلك باعتراف القس حيثُ قال "وإنما لا يُنكر حصول اختلاف جزئي بينهما" فيتبن أن هذا الكلام ليس من عند الله، والله ولي التوفيق.

ملاحظة: يحاول القس الاستفادة من قول الشيخ رحمت الله الهندي أن النصين متفقان في حاصل الجمع، وكالعادة يتلاعب القساوسة بالكلام فيحذفون ما لا يستطيعون الرد عليه، حيث تجاهل القس أن الشيخ قال أن هذا مخالف لكلام المؤرخ والكاهن اليهودي يوسف فلافيوس والمعروف بيوسيفس (عاش ما بين 37 و 95م) والذي قال "إنّ الذين جاؤوا من بابل إلى أورشليم اثنان وأربعون ألفاً وأربعمائة واثنان و ستون شخصاً" وهذا الرقم يخالف رقمي عزرا ونحميا.

وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا