الفصل الرابع

أمريــكا إلى زوال  ...

 

قد يتهمنا البعض بالخيال واللاواقعية عند قراءة هذا العنوان ، فلا يتصور أن القوة الأولى في هذا العصر المهيمنة على العالم سيكون مصيرها الانهيار .

يقول سبحانه وتعالى:

[أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)]محمد 10.

 [أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)] غافر82.

 

والولايات المتحدة القوة العظمى التي تملك أقوى جيش في العالم مزود بأحدث ترسانة من الأسلحة التقليدية والنووية والبيولوجية ولديها المئات من الصواريخ العابرة للقارات بالإضافة إلى التطور الاقتصادي الذي يجعلها على قمة الدول الصناعية في العالم بما لديها من تقدم وتطور تكنولوجي حتى استطاع الأمريكيون غزو الفضاء ! !

هذه هي النظرة الواقعية لكثير من الناس أسيري الدعاية والإِعلام ، وبنظرة تأًمّلية يخبرنا المولى عز وجل - ومن أصدق من الله حديثا- في كتابه الكريم عن حضارات وأمم كانت في عصرها أشد قوة وأثارةً وتعميرا في الأرض ومع ذلك كان مصيرها الفناء والزوال عندما طغى أصحابها وكفروا بالله تعالى ولم يؤدوا حق الشكر على النعمة[وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ] سورة (العنكبوت 38ـ 39 ).

ولا نقصد بعبارة ، أمريكا إلى زوال، انهيار ناطحات السحاب وتدمير الجسور وتحطيم السيارات الفارهة ، وإن كان هذا كله غير مستبعد وما زلزال لوس انجلوس الذي وقع في يناير 1995 م منهم ببعيد والذي حول معظم أرجاء المدينة الصاخبة إلى حطام ودمار في خلال عشرين ثانية فقط ، كما أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2000 م والتي أرخت للعالم , فبعد أن كان التاريخ يؤرخ بـ ق.م أصبح يؤرخ بـ(قبل 11سبتمبر/ بعد 11 سبتمبر)  ولكن ما نقصده من زوال أمريكا هو انهيار الغطرسة والهيمنة الأمريكية وتحولها إلى قزم اقتصادي يستجدي المساعدات والمعونات بعد إصابة الإنسان الأمريكي باليأس والإحباط فيسعى بنفسه ليدمر بيديه كل شئ فأتحدث عن الانهيار الصامت للولايات المتحدة الأمريكية .

صدر في نيويورك مؤخرا كتاب بعنوان ( نحن القوة الأولى : أين تقف أمريكا وأين تسقط في النظام الجديد ) للكاتب الأمريكي " أندروشابيرو " أوضح فيه مواطن الضعف وملامح الانهيار في بنية المجتمع الأمريكي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها ، واتسم المؤلف بموضوعيته في الطرح وشموليته في عرض القضايا الموثقة بالأرقام والإحصاءات ، فأحدث الكتاب دوياً هائلا وهز المجتمع الأمريكي بقوة أيقظته بفزع من الأحلام النرجسية التي بناها السياسيون على إثر انتصارهم في حرب الخليج وسقوط الشيوعية ، وأنهم قد نجحوا في بناء المجتمع الأفلاطوني المنشود !! يقول المؤلف في مقدمة كتابه : في السنة التي أعقبت انتصارنا في حرب الخليج وسقوط الشيوعية عادت مقولة - نحن القوة الأولى - إلى الأمريكيين مرة أخرى ، وقد أكد الرئيس السابق جورج بوش أن أمريكا القوة التي لا تهزم !!

وقالت صحيفة " نيويورك تايمز " : إننا لا نزال القوة الأولى !! ثم يعلق المؤلف على هذا الكلام فيقول : ولأن اقتصادنا ينهار والعناية الصحية أصبحت قضية خطيرة في مجتمعنا وثقتنا في الحكومة والقادة السياسيين بدأت تتلاشى ، فإن الشعب الأمريكي بدأ الآن يتساءل هل لا تزال الولايات المتحدة القوة الأولى حقيقة ؟!

ثم يجيب المؤلف فيقول : " الحقيقة إننا القوة الأولى ولكن ليس بالطريقة التي يريد السياسيون والخبراء أن نفكر بها ، إن الولايات المتحدة على سبيل المثال هي الدولة الأولى التي تضم عدداَ كبيرا من المليونيرات وأصحاب أموال في العالم ولكن أمريكا هي الدولة الأولى التي يعيش بها أكبر عدد من أطفالها فقرا مدقعا من بين سكان سبع عشرة دولة صناعية تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في عدد الوفيات والموت الجماعي للأطفال الرضع  والولايات المتحدة دولة غنية وفقيرة في الوقت نفسه ، متقدمة طبيا لكن الشعب يعاني من أمراض مزمنة ، متقدمة علميا لكن الشعب ليس مثقفا ، باختصار فإن كثير من الشعارات التي نرفعها تناقض حقيقتنا وواقعنا " . واختار المؤلف تسع عشرة دولة ليجري المقارنة بينها وبين الولايات المتحدة لتشابه هذه الدول مع أمريكا في التقدم الاقتصادي ونمط الحياة الاجتماعية  هذه الدول هي : كندا واستراليا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا واليابان والسويد والدانمرك وسويسرا والنمسا والنرويج وبلجيكا وإيطاليا وفنلندا وأيرلندا وأسبانيا ونيوزيلندا وهولندا ولوكسمبورج .

ولكي نقترب من الصورة أكثر نوضح هذا المثل : كان الأمريكيون يعتزون برمز الصناعة الأمريكية وهي شركة "جنرال موتورز" للسيارات التي أطلقوا من أجلها تلك النكتة :    

إذا عطست "جنرال موتورز" أصيب العالم بزكام !! هذه النكتة لم تعد مضحكة أبدا  بل أصبحت تثير الاشمئزاز والسخرية، فشركة " جنرال موتورز" لم تعد يصيبها الزكام فقط بل والشلل أيضا ، فقد تقرر إغلاق مصانعها في ولاية ميتشجان ، وبالتالي توقف إنتاج ملايين السيارات التي كانت تغرق الأسواق العالمية بسبب غزو الشركات اليابانية لأسواقها وفي عقر دارها وبذلك تحولت ورش إنتاج هذه المصانع إلى أماكن مريحة للجرذان والحشرات وتعرض 74 ألف ما بين مهندس وإداري وعامل إلى الفصل من الشركة بالإضافة إلى خسائر بلغت 4،5 مليار دولار ، وكاتب آخر هو " ولاس بتارسن " في كتابه "الانهيار الصامت للولايات المتحدة " يدلل على الحقيقة المفجعة للأمريكان بالأرقام فيقول : "إن المؤشرات على الانخفاض المستمر في الدخل القومي للأمريكان هو تحولهم التدريجي نحو الفقر بمنحنى ثابت      فالدخل الأسبوعي الحقيقي للعامل أصبح في عام 1995 أقل من 19.1% مما كان عليه     في عام 1973م والزيادة السنوية لدخل الأسرة الأمريكية أصبحت 0.004% مقابل 2.27 % سنويا 1973م وفي ميدان الإنتاج انخفضت قيمة الإنتاج الزراعي عام 1982م ومازال الإنتاج في التقاعدية إلى النصف عما كانت عليه في الستينات " .

وفي دراسة أعدتها وزارة النقل أوضحت أن " تدهور الطرق يسبب فقدان 722 مليون ساعة وسيصل الرقم إلى 9،3 مليار ساعة في عام 2005م " .

أما الميزانية العامة للولايات المتحدة فهي دائما في عجز وأفضل مرة بلغ فيها العجز كان في الثمانينات حيث بلغ 160 مليار دولار!! والرقم في تصاعد مستمر ، وفي دراسة أعدها الكونجرس أوضحت أن فائض الإنتاج التكنولوجي تراجع  من 27 مليار دولار في  عام 1980م إلى 4 مليار عام 1985 م ويتجه إلى العجز الحاد، وبلغ العجز في الميزان التجاري خلال شهر يوليو 1996 م - أي في خلال شهر واحد فقط – 10.9 مليار دولار لانخفاض الصادرات وارتفاع الواردات، بينما بلغ العجز مع اليابان وحدها 5.67 مليار دولار خلال نفس الشهر .

وكتب مراسل صحيفة “ الفايننشال تايمز “ البريطانية في واشنطن بعد معركة الرئاسة بين بوش وكلينتون يقول : إن الأمريكي في غاية القلق، والقلق هو أحد ملامح العصر الأمر الأمريكي الحالي ، إن المجتمع الأمريكي لديه كافة مقومات الانهيار والفوضى في جميع النواحي ، تدهور اقتصادي ، وانهيار اجتماعي وفساد وانحلال خلقي، مؤشرات ذلك في ارتفاع معدلات الجريمة والإباحية والمخدرات ، وقد عبر مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي السابق " رجنيو بريجينسكي " في كتابه " خارج نطاق السيطرة "، بقوله : "إن الخواء الروحي أفقد أمريكا تماسكها وقدرتها على استقطاب العالم ، وإن الخطر الذي يتهدد أمريكا خطر كل شيء مباح " حتى تلك الجرائم الشاذة مثل الاعتداء الجنسي على الأطفال لم تعد محصورة في فئات معينة بل امتدت إلى المشاهير ومنهم المغنى المشهور " مايكل جاكسون " والدكتور "ودانيا جادوسيك " الحائز على جائزة نوبل في العلوم !! وكان " جادوسيك " الذي يعمل بالمعهد الوطني للصحة يجلب العشرات من الأطفال من البلاد النامية إلى الولايات المتحدة لممارسة عادته الدنيئة ! .

وفي نوفمبر1995 م أعلن الاتحاد الأمريكي للمعلمين أن نحو 35 ألف تلميذ يذهبون إلى المدارس يوميا وهم يحملون معهم أسلحة نارية وأن حوادث العنف المسلحة التي يرتكبها هؤلاء التلاميذ زادت بنسبة 124% خلال السنوات الخمس الماضية وأوضح الخبراء أن سبب ذلك يرجع إلى أفلام العنف وتفكيك الأسرة وتوافر السلاح !! .

وامتد الفساد إلى حماة القانون !! ظهر ذلك في العلاقات الحميمة التي تربط عصابات الإجرام والمخدرات مع كبار المسئولين في جهازي القضاء والشرطة من خلال تلفيق القضايا مثلما حدث في " نيوأورلينز " التي وصل فيها الفساد إلى ذروته عندما قتلت شاهدة بأمر مفتش الشرطة في13/10/1994م حتى يتم التغطية على الجرائم التي يمارسها القائمون على القانون!! أما في لوس أنجلوس فلم يتغير شيء منذ الأحداث العنصرية التي وقعت عام1992م عندما برأت المحكمة أربعة ضباط شرطة انهالوا بالضرب المبرح على شاب أسود حتى لفظ أنفاسه الأخيرة . 

ويقول وزير العدل في ولاية بنسلفانيا " لين أبراهام " أن جذور التجاوزات تمتد إلى الشارع ، حيث يمارس رجال الشرطة سلطة لا تخضع لأي رقابة !! أما عن شرب الخمر وتعاطي المخدرات فقد أعلنت إدارة خدمات الصحة العقلية في دراسة لها نشرت في نهاية سبتمبر العام الماضي أن عدد الفتيات اللاتي يتراوح أعمارهن بين العشر وأربعة عشر عاما قد تزايد أعدادهن على شرب الخمر وتعاطي المخدرات وشكلت نسبتهن 31 % .

ونشرت ( مجلة التايمز ) بتاريخ 6 / 2 / 1995 م إحصائية تفصيلية مروعة عن انتشار الجريمة في أمريكا تحت عنوان ( تقرير خاص ) جاء فيها ما يلي :

 عدد الجرائم في الولايات المتحدة في كل مائة شخص هي على النحو التالي :

 

 

 

*      60 شخص في عشر ولايات أغلبها في الجنوب .

*      40 شخص في تسع ولايات .

*      ما بين 40 - 60 شخص بالنسبة لباقي الولايات .

*      كل 16 ثانية تقع جريمة من جرائم العنف .

*      كل 48 ثانية تقع جريمة نهب .

*      كل 21 دقيقة تقع جريمة قتل 10 % منها يقع من داخل الأسرة .

*      كل 5 دقائق تقع جريمة اغتصاب .

*      كل ثلاث كوان تقع جريمة ضد المال .

*      كل أربع ثوان تقع جريمة سرقة .

*      كل أربع ثوان تقع جريمة سطو على المنازل .

*      كل عشرين ثانية تقع جريمة سرقة سيارات .

 

 

وقد عبر استطلاع للرأي أجرته " التايمز " أيضا عن هذه الإحصائية فذكر 89 % من المشتركين في الاستطلاع أن مشكلة الجريمة قد ازدادت سوء .

الأرقام والإحصائيات التالية نقلا عن كتاب ( نحن القوة الأولى أين تقف أمريكا وأين تسقط)  "لاندروشابيرو" وكذلك إحصائيات أخرى من مراكز وأبحاث مختلفة ومعاهد دراسات إستراتيجية :

 

 

جاء في تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي ما يلي :

 

- الإيــــدز:

 

ازدادت تكلفة علاج مرض الإيدز بين عام 1992 م - 1995 م بنسبة 48 % أي من 10.3 مليار دولار إلى 15.2 % مليار دولار .

أكثر من مليون أمريكي مصابون بفيروس المسبب للإيدز، وأن أكثر من 130 ألف أمريكي ماتوا بسبب الإيدز في نفس الفترة.

 

- القتــــل:

تقع 24 ألف جريمة قتل سنويا في أنحاء الولايات المتحدة، جاء ذلك في تقرير رسمي مفصل عن اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، أي بمعدل جريمة قتل كل 25 دقيقة وازدادت النسبة خمسمائة مرة عن عام 1995م.

 

- المخـدرات:

بلغت تكاليف المخدرات 60 مليار دولار سنويا ، وتقع أكثر من مليون جريمة سنويا بسبب المخدرات ، وتتصدر أمريكا قائمة الدول الصناعية في نسبة القبض على متعاطي الكوكايين والماريجوانا وهما أخطر أنواع المخدرات وأشدها فتكا .

- الـــزنا :

واحدة من كل عشر فتيات تصاب بأعراض الحمل بين سن الخامسة عشر والتاسعة عشر من الزنا ، و 36 يجهضن الحمل ، ونصف مليون أنجبن من السفاح ، وأن ربع هذا العدد سبق لهن إنجاب أطفال غير شرعيين .

 ­

وفي دراسة أعدها  البروفيسير " ميرى كاكووس " أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا جاء فيها :

- الاغتـصاب:

طالبة من بين خمس طالبات في الجامعة يتعرضن للاغتصاب ، 51% من حالات الاغتصاب كانت لفتيات عذارى ، ومراهقة من كل خمس مراهقات ومراهق من بين كل ثماني مراهقين تم اغتصابهم أثناء الدراسة الثانوية ، 21% من النساء تعرضن للاغتصاب قبل بلوغهن الرابعة عشر وهذه الإحصائيات ليست دقيقة لأن 10% فقط من النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للاغتصاب يتقدمن بالشكوى إلى الشرطة .

- الأمّية ومستوى الذكاء :

يبلغ عدد الأميين الأمريكان 27مليون شخص لا يقرءون ولا يكتبون ، 40مليون شخص من ذوي الأعمار المتوسطة يجدون صعوبة في قراءة الصحف أو الوثائق الرسمية  25% من الطلاب لا يحصلون على شهادة الثانوية العامة، وجاء ترتيب الولايات المتحدة في المركز الخامس عشر من بين سبع عشر دولي شارك طلابها في امتحان للمواد العلمية .

وجاء ترتيب الطلاب الأمريكيين من بين طلاب سبعين دولة في العالم في سن الثالثة عشر في اختبار للرياضيات كأقل الدرجات وأضعف المستويات.   

- الفقـــر:

نسبة واحد إلى خمسة من الأطفال الأمريكيين ، ونسبة واحد إلى عشرة من البالغين يعيشون في فقر مدقع ومعظمهم من السود والمنحدرين من أصول إسبانية  " إسبانيا والبرتغال ودول أمريكا اللاتينية " . 

وأفاد التقرير الصادر عن مؤتمر رؤساء البلديات في الولايات المتحدة نشر في      15/12/1997م أن الأمريكيين يتوجهون أكثر فأكثر إلى الفقر، وأوضح التقرير أن الذين لجئوا إلى الضمان الاجتماعي للحصول على مساعدة غذائية عاجلة ازداد بنسبة 16% هذه النسبة مقاربة بالعام الماضي، أما العائلات التي تبحث عن مساعدة غذائية فارتفع عددها بنسبة 13% علما بأن المساعدة كانت غير كافية في 22% من الحالات وكشف هذا التقرير الذي شمل 29 من المدن الأمريكية الكبرى أن 76 من بلديات هذه المدن اضطرت إلى خفض المبالغ المخصصة للغذاء على الطبقات الأكثر فقرا ، وأكد التقرير أن تزايد الطلب على الغذاء يعود إلى مشكلة تدني الدخل والأجور التي لا تمكن العائلات من تدبير أمور معيشتها .

- سوء المعاملة:

أربع أولاد يموتون يوميا نتيجة سوء المعاملة أو نقص العناية وأغلبهم عمره سنة واحدة ، وذكر التقرير الذي أعده مركز الوقاية في " ولاية ماريلاند " أن عدد حالات سوء المعاملات التي أُبلغ عنها ارتفع من 5،2 مليون حالة في عام 1990م إلى 7،2 مليون حالة في عام 1991م وفي عام 1996م ازدادت النسبة إلى 54% . 

4مليون امرأة أمريكية يتعرضن للعنف الأسرى سنويا وبلغ عدد الوفيات من النساء من جراء ذلك 1500 امرأة سنويا، وتعزو بعض الدراسات أن حوالي نصف الرجال الذين  يعاملون زوجاتهم بعنف قد تعرضوا لهذا الشيء بالمشاهدة أو مورس ضدهم نفس الشيء    في طفولتهم . 

- الطـلاق:

في دراسة أعدها معهد الدراسات " الديموجرافية " في نيويورك أوضحت أن 60% من حالات الزواج في الولايات المتحدة انتهت بالطلاق في حين أن هذا العدد وصل         في الدانمرك إلى45% ، وأثبتت الدراسة أن المواليد خارج الزواج - أي من السفاح - يبلغ عددهم 30% من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة .

 

وأمام طوفان الفساد السياسي والأخلاقي الذي يجرف أمريكا حاولت الكنيسة التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى أن القس " جيري فوتويل " صرح ( بأن نفس عقاب قوم لوط ينتظر أمريكا عما قريب واستشهد " فوتويل " برأي المؤرخ " أرنولد توينبي " القائل : " أنه من بين الثلاثين من الحضارات الإنسانية التي شهدها التاريخ فإن تسعة عشرة منها سقطت بعد أن انتشرت فيها الفاحشة ، فحاولت الكنيسة وقف الفساد وخاصة الشذوذ الجنسي الذي استمات الرئيس "كلينتون" وبذل كافة جهوده من أجل إصدار تشريع من الكونجرس للسماح للشاذين جنسيا بالانخراط في الجيش الأمريكي كحق من حقوقهم !! , فقامت الكنيسة باستخدام أساليب عجيبة لمحاربة الشذوذ الجنسي على طريقتها الخاصة منها تسويق شريط فيديو فاضح لإحدى النساء المساعدات لكلينتون !! وشريط آخر يصور الممارسات الفاسدة للشاذين !! .

ولم تكتف الكنيسة بذلك بل ولمزيد من التشويق فإن أحد الأفلام الفاضحة تبث يوميا على الهواء مباشرة من إحدى محطات التليفزيون التابعة للكنيسة كإعلان للبيع !! وليسمح لي القارئ الكريم أن أنشر صورة تلقيتها عبر بريدي الإلكتروني والخاص بالممارسات الطقسية في أحد نوادي الشواذ وعنوان الصورة يقول " تأمل , هل هذه أغنام " ، دقق مرة أخرى؟ .

 

 

Are Those Sheep? Look Again!
  4-15-2002 - 2:29 PM 

To days funny picture shows us that we hope everyone bathed before this little meeting. Sniff, sniff, what that smells...

 

 

 

 

وقامت الكنيسة أيضا باستدعاء أربعمائة قسيس من مختلف الطوائف والملل النصرانية للوقوف صفا واحدا أمام هذا الفساد ودعتهم إلى تناسى التناقضات الموجودة في الأناجيل مؤقتا !! كما دعت الآلاف من الأطباء الأعضاء في الكنيسة إلى الامتناع عن إجراء عمليات الإجهاض ، ودعت القضاة والمحاميين إلى الامتناع عن تسهيل إجراءات حالات الطلاق  ولكن يبقى السؤال هل تستطيع الكنيسة الوقوف أمام هذا البركان الهادر من الفساد ! , بالطبع لا يمكن أبدا لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، فالكنيسة نفسها تعاني من تصدع ديني وفساد خلقي عظيم على كافة المستويات ، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تخضع رسمياً للكنيسة الكاثوليكية بروما فماذا يكون الحال داخل المجتمع الأمريكي إذا ما علمنا أن الفضائح الجنسية شملت رجال الكنيسة وأنقل الخبر من على صفحة الـ" بي بي سي أون لاين " بتاريخ      21/3/2002م .الخبر التالي:

 

فضائح رجال الدين المسيحي :

 

 

 

 

 

 

البابا يدين تجاوزات جنسية في الكنيسة
 

خطاب البابا حوى فقرة عن الفضائح الجنسية

كسر البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان الصمت الذي التزمه حيال موجة من الفضائح الجنسية التي هددت بتقويض سمعة السلطة الأخلاقية التي تتمتع بها الكنيسة الكاثوليكية   واستنكر البابا في خطابه السنوي "ذنوب إخواننا" التي جلبت الفضيحة إلى الكنيسة وجعلت جموع المؤمنين متشككة حتى في أفضل القساوسة , فلقد قال : " لقد تأثرنا شخصيا وبشدة بذنوب جسيمة اقترفها إخواننا ".

وقال إن هؤلاء الأخوة استسلموا لـ "أسوأ صور الشر في العالم". وخصص البابا فقرة واحدة فقط من خطابه الذي اشتمل 22 صفحة لهذه المسألة ، ولم يذكر مصطلح استغلال الأطفال جنسيا أبدا في تلك الفقرة ، ولكن يبقى أن تلك هي المرة الأولى التي يشير فيها البابا إلى الاستغلال الجنسي منذ شهدت الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا فضيحة كبرى متعلقة بهذا الموضوع .

كما برزت مؤخرا عدة فضائح متعلقة بالاستغلال الجنسي والتحرش في أوساط رجال دين مسيحيين في أوروبا واستراليا.        

وقد أرسل البابا العام الماضي عن طريق البريد الإلكتروني اعتذارات عن سلسلة من الأعمال الجائرة التي اقترفها رجال دين مسيحيون في دول على المحيط الهادئ ، ومن تلك الأعمال إجبار بعض رجال الدين راهبات على ممارسة الجنس ثم الإجهاض .

وفي خطابه الأخير قال البابا إن الكنيسة "أظهرت للضحايا اهتمامها الكبير بهذا الموضوع ".

 

وانتُقد الفاتيكان مرارا بسبب تباطئه في الرد على اتهامات الاستغلال الجنسي، ولجوئه إلى اعتبار تلك الاتهامات محاولة للانتقاص من سمعة الكنيسة .


جيجان لا يزال يواجه عشرات الدعاوى

 

كما أثبتت تلك الدعاوى أنها مكلفة، ففي يناير/ كانون الثاني وافقت الكنيسة الكاثوليكية في أيرلندا على دفع مبلغ 110 مليون دولار لأطفال استغلوا جنسيا من قبل رجال دين على مر عقود ، إذ أدين أكثر من 20رجل دين وراهبة بإرغام أطفال على ممارسة الجنس .

ووافقت أبرشية بوسطن الأمريكية على دفع ما بين 15مليون إلى 30مليون دولار إلى عشرات من الأشخاص لتسوية دعاوى بأن قسا استغلهم جنسيا حين كانوا أطفالا .

وعوقب القس المفصول حاليا " جون جيجان " بالسجن 10 سنوات بسبب إرغامه طفلا صغيرا على ممارسة الجنس ، وقد اتهمه 200 ضحية ، كما اتهموا قساوسة آخرين في بوسطن ، باستغلالهم جنسيا . ولطخت القضية سمعة كاردينال بوسطن " برنارد لو" ، الذي يقال إن البابا يقدره .

وقد قالت صحيفة بوسطن جلوب التي قادت تحقيقا موسعة في القضية إن الكاردينال " لُو" علم بأمر" جون جيجان " لكنه نقله من أبرشية إلى أخرى ، دون أن يبعده عن الأطفال .

قد لا يعرف كثيرون أن اختيار اسم " يوحنا بولس" بين الباباوات كان مكروها منذ "يوحنا بولس الأول " صاحب القصة العجيبة التي جعلت كل من أتى بعده يتحاشى ذلك الاسم ، إلى أن جاء يوحنا بولس الثاني واختاره بشجاعة يحسد عليها .

والقصة مع أنها حقيقية تشبه سكتشا قصيرا لدريد لحام يسخر فيه على الأفلام المصرية ، فقد ظهر ذات يوم في لقطة ميلودرامية لأب يقول لابنه بكامل الشوارب الحقيقة يا ابني إني مش أبوك أنا أمك .

ويقال في تاريخ فضائح الكنيسة في القرون الوسطى، وهو موثق أكثر من التاريخ السياسي ، أن " جون بول الأول" كان امرأة لعوبا استخدمت كل أسلحة الأنثى ورقصت الشبهات فوقها وتحتها إلى أن وصلت إلى ذلك المنصب الخطير في زمن كانت تمنع فيه المرأة من الوعظ الكنسي في القرى النائية .

وتمضي القصة التاريخية فتؤكد أن " الماما " التي صارت " بابا " حملت من أحد الكرادلة فأخفت السر بالثياب الثقيلة الموشاة إلى أن جاءها المخاض لسوء حظها ليس عند جذع النخلة إنما في قداس جماهيري جعل الفضيحة البابوية علنية ، ومنذ ذلك اليوم اقلع الباباوات عن استخدام اسم جون بول ، (يوحنا بولس) فليس هناك إلا اثنين خلال خمسة قرون من الزمان يحملان هذا الاسم وثانيهما البابا الذي وصل إلى دمشق ومصر وفلسطين  محملا فوق شجاعة اختيار هذا الاسم بالتجربة الطويلة في دهاليز الفاتيكان مقدما اعتذار الفاتيكان عن الحروب الصليبية بعد أن تمت تبرئة اليهود من دم المسيح .

ومشكلة الفاتيكان مع الشرق الأوسط تختلف عن مشاكله في أميركا اللاتينية وإفريقيا فهناك تحالفت الكنيسة على الدوام مع العسكر لتضمن حماية استثماراتها العقارية والبنكية  فليس سرا أن قوة الفاتيكان اقتصادية بالدرجة الأولى وتظهر على شكل مؤسسات وبنوك عملاقة لها استثمارات كثيرة في تلك البقاع .

 ثم تأتي القوة الروحية التي تمارسها على بشر بعضهم حديث عهد بالديانة ولم يتلقفها إلا منذ فترة قصيرة من خلال بعثات التبشير، في سورية المسألة تختلف فدمشق تضم " أقدم كنيسة " ، و" كنيس" وعلى مبعدة سبعين كيلومترا منها قرية معلولا وجاراتها حيث المنطقة ما تزال تتحدث الآرامية لغة المسيح الأصلية وفي أعلى قمة في معلولا يوجد قبر أول قديسة في المسيحية وعلى طريق دمشق جاءت الرؤيا ليوحنا المعمدان الذي كان يمارس هوايته في غسل الخطايا على ضفاف نهر الأردن ليسود الأرض المحبة والسلام ، ومن الضروري أن يكون البابا ملما بالعامية السورية والمصرية كي لا يقول : " وعلى الأرض السلام " فيفهمونها بمعنى أنها ضاعت للأبد .

        وبسبب الخزعبلات التي تروجها الكنيسة باسم الدين والإتاوات التي تفرضها على السذج الجهال ثمنا لصكوك الغفران ! ! أصبحت في معزل عن الناس بعد أن هجروها وهجروا دينها الوثني , لهذا ليس هناك علاج لوقف هذا التيار الجارف من الفساد الذي يقتلع أمامه أي دعوة إصلاحية هشة لا تتعدى مجرد كلمات لا معنى لها ، سيقتل إعصار الفساد أي حاجز أمامه ليدمر أمريكا من جذورها .

إنها سنة الله في الطغاة والمتجبرين كما حدث مع عاد وثمود وآل لوط وآل فرعون وكما رأينا في العصر الحديث في تفتيت وزوال دول متجبرة وأنظمة طاغية مستكبرة أمثال الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا الشرقية وجنوب أفريقيا ، وصدق الله العظيم القائل في سورة محمد 10 [أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)]، ويقول سبحانه وتعالى في غافر 82 [أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)] .

 

قراءة في أسباب تنامي مشاعر العداء ضد أمريكا :

 

لا يستطيع أي عاقل أن يفسر ظاهرة تسمية أرجنتيني كافر وبنمي نصراني وكوبي ملحد لأسماء أبنائهم بالمسلم أسامة بن لادن إلا على أن التسمي بأسامة أصبح ظاهرة يعبر  من خلالها عن كره أمريكا ، وكأن أسامة بن لادن أصبح رمزا يعبر من خلال التسمية باسمه أو رفع صورته عن كره أمريكا !! .

 

ولكن هل تستحق أمريكا كل هذا الكره ؟

 

فهل أمريكا راعية للإرهاب ؟ أمريكا التي أدينت من قبل المحكمة الدولية لاستخدامها القوة بطريقة غير قانونية.. فأمريكا على سبيل المثال :

 

-      أسقطت قنابل على 22 بلدا !

-      وتدخلت في أكثر من مائة دولة !

-      ودخل جيشها منذ استقلالها دولا أكثر من 211 مرة !

-      وتدخلت بعد الحرب العالمية الثانية في أكثر من عشرين بلدا !

-      واغتالت 12 زعيما لدولة ، والتي بسببها يواجه كيسنجر الآن محاكمات لإعطائه أوامر اغتيالات لعدد من الزعماء !

-      وساعدت أو أقامت أكثر من عشرين انقلابا !

ففي إيران وحدها على سبيل المثال : ساعدت بأربعة انقلابات أشهرها الذي نجح في إعادة الشاه عام 1953 ، وأظهرها إعلاميا على حد زعم صحيفة «ذي بست» انقلاب تشيلي عام (1973) الذي قتلت فيه الزعيم المنتخب والحكومة الديمقراطية وجاءت بالعسكري (بينوشيه) الذي قتل أكثر من ثلاثة آلاف من الأبرياء !!

 

-      وها هي أمريكا تبارك اغتيال قادة فلسطينيين بارزين وتؤيد تحرك الدبابات في اتجاه مدن فلسطينية لتدكها وتسقط طائراتها الحربية (F16  قنابلها وتطلق مروحياتها الأباتشي) نيرانها على مدن الضفة والقطاع .

-      ووضعت لائحة بأسماء (7) دول اعتبرتها راعية للإرهاب هي سوريا والعراق وليبيا وإيران والسودان وكوبا وكوريا الشمالية .

-      وصنفت حوالي (200) منظمة بأنها مجموعات إرهابية .

 

إن صناع القرار الأمريكي يخطئون في تفسير ظاهرة تنامي مشاعر العداء ضد أمريكا  ولا شك إن الإعلام الأمريكي يتحمل جزءا كبيرا من تضليل الشارع الأمريكي حيث يقدم تحليلات سياسية خاطئة لأحداث دولية هامة ، فضلا عن عدم بثه للأخبار غير المرغوب    فيها ؟

وإذا أردنا تشخيص تلك الظاهرة فان مردها إلى تغليب أمريكا لمصالحها ومصالح إسرائيل على مصالح البشرية جمعاء ولو كان ذلك يمر من خلال تدمير المصالح الشرعية للدول أو القفز على الأعراف الدولية أو تجاوز القانون الدولي أو ازدراء المعايير الدولية التي ارتضتها الدول الأخرى لنفسها حتى لو أدى ذلك إلى تدمير التوازن الدولي والإخلال بموازين القوى الدولية وانفرادها بالزعامة .

ولقد كتب الباحث بيتر رودمان من مركز نيكسون للأبحاث مقالا متعقلا في مجلة المصالح القومية ربع السنوية حول اعتقاد أمريكا الخاطئ ، بأنها تتحرك من منطلق خدمة الأهداف والمبادئ الأخلاقية يجعلها تعتبر أية معارضة لها غير شرعية .

 

بل إن الواقع يكشف بعين الجلاء أن أمريكا لا تخدم لا الأهداف ولا المبادئ الأخلاقية بدليل:

 

-      رفض إدارة بوش معاهدة كيومو التي تم التوصل إليها عام 1997 حول تقليص كميات الغازات المنبعثة من المصانع .

-      ورفض اتفاقية تشكيل محكمة دولية للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وامتنعت عن المصادقة على اتفاقية حظر الألغام الأرضية .

-      وتصر على مهاجمة الدول التي تشب على الطوق الأمريكي بعد أن تصفها بالأهداف الإرهابية .

-      وأخيرا توجهها لإلغاء معاهدة الحد من انتشار الأسلحة الصاروخية مع موسكوA.B.M)) وأمريكا التي تتشدق ليل نهار أنها راعية حقوق الإنسان, ماذا تقول أمام العالم الذي شاهد وصور ورصد معاملة الأمريكان لأسرى الحرب المسلمين في أفغانستان والتقرير التالي أبلغ وثيقة عن همجية الدولة:

 

 

 

صور للأسرى المسلمين في قاعدة جوانتانامو وكيف تذلهم أمريكا

 

 

 

وعن أحوال الأسرى المسلمين غير الإنسانية في قاعدة جوانتنامو،يمكننا القول بأنه قد أثارت الصور التي نشرتها الحكومة الأمريكية لأسرى قاعدة جوانتانامو من طالبان وتنظيم (القاعدة) احتجاج منظمة العفو الدولية ، ويظهر الأسرى في الصور معصوبي العيون وآذانهم مغطاة وفي أيديهم قفازات ثقيلة ، وعلى وجوههم أقنعة شبيهة بتلك التي يحملها الأطباء الجراحون  كما تظهرهم الصور وهم موثوقو الأيدي مقيدو الأرجل .

وقال جيم ويست كبير الأطباء في منظمة العفو الدولية (أمنستي) إنه أصيب بصدمة شديدة حين شاهد الصور،وأضاف أن تلك الصور تعيد إلى الذاكرة أساليب التعذيب التي كانت متبعة في أوروبا الشرقية خلال سبعينيات القرن الماضي.

 

- تحقيق دولي:

وتجري حاليا لجنة تابعة لمنظمة الصليب الأحمر الدولي استجوابات مع الأسرى البالغ عددهم 110 في ظل قلق دولي مما يتلقونه من معاملة.

وتقول الولايات المتحدة إنها منحت موظفي الصليب الأحمر الدولي مطلق الحرية للقيام باستجوابات خاصة وبشكل طوعي.

وقال العميد مايك لينهرت مدير القاعدة الأمريكية الموجودة في كوبا إن فريق لجنة الصليب الأحمر قدم عدداً من التوصيات .

وأضاف أن إدارة السجن ستحاول الاستجابة لتلك التوصيات قدر المستطاع.

وذكرت صحيفة ميل أون صنداي البريطانية أن الجيش الأمريكي برر إجبار الأسرى على حمل الأقنعة بالرغبة في تفادي انتقال عدوى داء السل .

لكن جيم ويست رد على ذلك بالقول إن داء السل لا يشكل أي خطر لأنه لا ينمو إلا في الأماكن المغلقة .

وكانت واشنطن قد أجبرت الأسرى لدى نقلهم إلى قاعدة جوانتانامو، على حمل عصابات على الأعين وموانع على الآذان .

وقالت الحكومة الأمريكية إن العصابات لها غرض أمني ، أما غطاء الأذنين فمن كف ضجيج الطائرة أثناء رحلة نقل الأسرى من أفغانستان .

وتفيد التقارير بأن الصور التقطت ساعة إنزال الأسرى في قاعدة جوانتانامو بعد رحلة استغرقت 20 ساعة .

 

- أوهــام:

وقال وست إنه أصيب بالصدمة حين لاحظ أن الأسرى ما يزالون يحملون الأقنعة وأغطية الأذنين.

ونقلت ميل أون صنداي عن ويست قوله: ليس ثمة ما يفسر تلك الإجراءات ، اللهم إلا محاولة الحط بكرامة الإنسان .

وقالت جماعة أخرى تدافع عن حقوق الإنسان، إن منع الأسرى من تشغيل حواس النظر والسمع والشم واللمس سيجعلهم غير قادرين على التمييز ويعرضهم للهلوسة.

وترفض واشنطن منح من بأيديها من عناصر القاعدة وطالبان صفة أسرى حرب رغم حديثها عن أنها تطبق عليهم ما تنص عليه معاهدات جنيف.

 

- قلق دولي :

وكانت التساؤلات حول الأوضاع في قاعدة جوانتانامو قد أثيرت حتى قبل أن تنشر واشنطن الصور ، ويخشى من أن يكون الأسرى ضحية للهلع وتغير المزاج والوقوع في قبضة كوابيس مرعبة .

وقالت العفو الدولية إن المعتقل لا يستوفي حتى المعايير المعتمدة في الولايات المتحدة لنزلاء السجون العاديين.

وفي غضون ذلك دعا جون مانلي نائب رئيس الوزراء الكندي الولايات المتحدة إلى معاملة الأسرى وفقا للمعايير الإنسانية وطبقا للقانون الدولي .

كما حذرت آن كلوين رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان البريطاني من مغبة "التلاعب بحقوق الإنسان" .

ويرتقب أن يُسمَح لمنظمة الصليب الأحمر الدولي بوجود مستمر في السجن.

كما وصل مسئولون بريطانيون إلى كوبا لمساءلة ثلاثة معتقلين يعتقد أنهم أعضاء بريطانيون في تنظيم القاعدة، الذي يرجح على نطاق واسع أنه وراء هجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن .

وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن ضباطا تابعين للمخابرات البريطانية سيمكثون في كوبا إلى حين وصول نحو 20 أسيرا يعتقد أنهم بريطانيو الجنسية.

 

- مدينة صغيرة:


ورغم موجة الغضب الدولي على أسلوب معاملة الأسرى فإن الإدارة الأمريكية ماضية في مشروع توسيع المعتقل.

وقال العميد ليهنرت إن السجن سيكون قادرا على إيواء 320 أسيرا - وربما أكثر إذا ما وضع اثنان أو ثلاثة في زنزانة واحدة - وذلك إلى حين بناء سجن دائم .

يذكر أن تعداد سكان قاعدة خليج جوانتانامو ارتفع بنحو أربعين بالمائة ، منذ أن تقرر إرسال أسرى تنظيم القاعدة وحكومة طالبان إلى هناك .

ويقيم في القاعدة الآن نحو 3800 شخص، بينهم 1100 جندي من الشرطة العسكرية والاستخبارات والقناصة والأطباء، إضافة إلى موظفين مدنيين.

وتعتزم السلطات الأمريكية استقدام المئات من الجنود لحراسة السجن.

وقال متحدث باسم الجيش الأمريكي إن قاعدة جوانتانامو أصبحت كالمدينة الصغيرة .

 

وقد ذكرت الشبكة الإسلامية من قطر http://www.islamweb.net

تقرير منظمة العفو الدولية ننقله بتمامه:

 

الولايات المتحدة الأمريكية : معاملة السجناء في أفغانستان وخليج جوانتينامو تقوِّض

حقوق الإنسان
مذكرة من منظمة العفو الدولية إلى الحكومة الأمريكية

12 إبريل/نيسان 2002

رقم الوثيقة : AMR 51/054/2002

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه على الرغم من التصريحات المتكررة التي أدلت بها الحكومة الأمريكية منذ 11 سبتمبر/أيلول عن استمرار التزامها بالقوانين والمعايير الدولية فقد تقاعست الحكومة عن جعل أفعالها متماشيةً مع هذه الأقوال منذ الهجمات على نيويورك وواشنطن في العام الماضي.

ونشرت المنظمة اليوم نص مذكرةٍ أرسلتها إلى الحكومة الأمريكية وعرضت فيها تفصيلاً بعضاً من بواعث قلقها بموجب القانون الدولي والمعايير الدولية فيما يتعلق بالمعتقلين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة في أفغانستان وخليج جوانتينامو .

وقالت منظمة العفو الدولية في مذكرتها إنه "ينبغي على الحكومة الأمريكية أن تكفل توافق أفعالها، فيما يخص المعتقلين الذين تحتجزهم في أفغانستان وخليج جوانتينامو، مع القانون الدولي والمعايير الدولية. فهذا أمرٌ لا غنى عنه إذا ما كانت الغاية هي إرساء العدالة والبرهنة على تحقيقها، وعدم تقويض الاحترام لسيادة القانون وحقوق الإنسان" .

كما جددت منظمة العفو الدولية مطالبتها بالسماح لها بزيارة المعتقلين المحتجزين في معسكر "إكس راي" في خليج جوانتينامو، والذين من المقرر نقلهم في وقتٍ لاحقٍ من هذا الشهر إلى معتقلٍ جديدٍ ما زال تحت الإنشاء داخل القاعدة البحرية. ويُذكر أن المنظمة لم تتلق رداً على الطلب الأول الذي تقدمت به بهذا الصدد في 22 يناير/كانون الثاني .

وكما تبين مذكرة المنظمة ، فقد حرمت الحكومة الأمريكية ، أو هددت بحرمان المعتقلين الذين تحتجزهم في أفغانستان وفي مناطق أخرى ، والذين نُقل منهم نحو 300 إلى معسكر "إكس راي" في خليج جوانتينامو ، من حقوقهم المعترف بها دولياً ، ومن بين بواعث القلق التي عبرت عنها منظمة العفو الدولية إقدام الحكومة الأمريكية على ما يلي :

نقل واحتجاز أشخاص في ظروفٍ قد تمثل نوعاً من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ، كما تُعد انتهاكاً للمعايير الدنيا الأخرى المتعلقة بالاحتجاز ؛

رفض السماح للمعتقلين بالاستعانة بالمحامين رغم التحقيقات الجارية والتي قد تُفضي إلى محاكمة هؤلاء المعتقلين؛

رفض السماح للمعتقلين باللجوء إلى المحاكم للطعن في قانونية احتجازهم ؛

رفض الإفصاح عن معلوماتٍ وافية بخصوص ظروف القبض على كثيرٍ من هؤلاء المعتقلين ، بما في ذلك ما إذا كان الاعتقال قد تم في أفغانستان أم في باكستان أم في غيرهما؛

تقويض حماية حقوق الإنسان في حالات بعض الأشخاص الذين اعتُقلوا خارج أفغانستان ثم نُقلوا إلى خليج جوانتينامو ، فعلى سبيل المثال ، اعتُقل ستة مواطنين جزائريين في جمهورية البوسنة والهرسك ثم نُقلوا إلى معسكر "إكس راي" ، فيما يُعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وقوانين البوسنة والهرسك ؛

إهدار مبدأ افتراض البراءة من خلال نمطٍ من التعليقات العلنية التي تفترض أن المعتقلين في جوانتينامو مذنبون ؛

        التهديد بتطبيق نظام أدنى للعدالة، من خلال اختيار بعض المواطنين الأجانب لمحاكمتهم أمام لجانٍ عسكرية تابعة لهيئاتٍ تنفيذية وتفتقر بوضوحٍ للاستقلال عن السلطة التنفيذية كما أن من صلاحياتها إصدار أحكامٍ بالإعدام وليس من حق الذين يمثلون أمامها استئناف الأحكام أمام محكمةٍ مستقلةٍ ونزيهة ؛

التلويح باحتمال احتجاز المعتقلين إلى أجلٍ غير مسمى بدون تهمة أو محاكمةٍ ، أو باستمرار اعتقالهم بعد تبرئتهم أمام لجانٍ عسكرية، أو بترحيلهم فيما قد يُعد تهديداً لمبدأ عدم الإعادة القسرية إلى بلد المنشأ ؛

التقاعس عن البرهنة على أن الحكومة الأمريكية قد أجرت تحقيقاتٍ وافية ونزيهة في الادعاءات المتعلقة بوقوع انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان ضد قرويين أفغان اعتقلهم جنود أمريكيون في أفغانستان .

وقد رفضت الحكومة الأمريكية منح أي من المعتقلين في أفغانستان أو خليج جوانتينامو وضع أسرى الحرب ، أو إحالة أيٍ من القضايا موضع الخلاف إلى محكمةٍ مختصةٍ حسبما تقضي اتفاقيات جنيف .

ومضت منظمة العفو الدولية قائلةً "إن النهج الانتقائي الذي تتبعه الولايات المتحدة فيما يتعلق باتفاقيات جنيف، وكذلك تقاعسها عن احترام المعايير الدولية الأساسية لحقوق الإنسان هو أمر غير مقبول ".

هذا، وقد قدمت المنظمة في مذكرتها عدداً من التوصيات إلى الحكومة الأمريكية، كما تسعى من جانبها إلى الحصول على مزيدٍ من المعلومات عن الحالات الواردة فيها .

سبق لمنظمة العفو الدولية أن أصدرت تقريرين عن اعتقال آلافٍ من المواطنين غير الأمريكيين داخل الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11سبتمبر/أيلول، وهو ما أظهر أيضاً تقاعس السلطات الأمريكية عن الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ولقد كتب (وليام بفاف) مقالا رائعا في صحيفة الوطن القطرية حول أسباب تصاعد العداء ضد أمريكا والذي خلص من خلاله إلى أن تدمير واشنطن المصالح الشرعية للدول   هو السبب في معاداة السياسات الأمريكية ؟ .

نعود إلى صدر المقالة ونقول إذا كان الأفراد والشعوب وجدوا الرمز الذي يرفعون صورته ويتسمون باسمه ليعبروا من خلاله عن كرههم لأمريكا فتبقى الدول والحكومات التي تكره أمريكا ، كأوروبا واليابان وغيرهما ، الذين ينظرون إلى ظهور أمريكا كقوة وحيدة بكثير من الشك لا يجدون ما يعبرون من خلاله عن كرههم لأمريكا .. فهل يلجئون إلى تسمية مدنهم وشوارعهم باسم أسامة بن لادن كما فعلت إيران عندما سمت اكبر شوارع إيران بخالد الاسلامبولي ! .

ولقد ازدادت الكراهية المطلقة للحكومة الأمريكية بعد حربها الغير متوازن وغير المتكافئة على أفغانستان لتعلن الحرب على العراق بعد تقديم المبررات الواهية والكاذبة لشن الحرب وتجييش الجيوش تحت مسمى مكافحة الإرهاب وتدمير أسلحة الدمار الشامل، والسؤال الآن هو:

لماذا العراق؟

أن جورج دبليو بوش مسيحي صهيوني يؤمن بنبوءات التوراة والتي جاء فيها:

 

في سفر إشعياء

" 13: 17-22: ها أنا أُثير عليهم الماديين ( الإيرانيين ) الذين لا يكترثون للفضة ولا يُسرّون بالذهب [ فتحطم ] قسيّهم الفتيان ، ولا يرحمون الأولاد أو الرضع … أما بابل مجد الممالك وبهاء وفخر الكلدانيين ، فتُصبح كسدوم وعمورة اللتين قلبهما الله . لا يُسكن فيها ، ولا تعمر من جيل إلى جيل ، ولا ينصب فيها بدوي خيمته ، ولا يُربض فيها راع قُطعانه . إنما تأوي إليها وحوش القفر وتعجّ البوم خرائبها ، وتلجأ إليها بنات النعام ، وتتواثب فيها [ معز الوحش ] ، وتعوي الضّباع بين أبراجها ، وبنات آوى في قصورها الفخمة . إن وقت عقابها بات وشيكا ، وأيامها لن تطول " .

 

" 14: 1 ولكنّ الرب [ سيرحم ] ذريّة يعقوب ، ويصطفي شعب إسرائيل ثانية ، وُيحلّهم في أرضهم ، فينضم الغرباء إليهم ويلحقون ببيت يعقوب . وتمُدّ شعوب الأرض إليهم يد العون ، ويصيرون عبيدا لبني إسرائيل ، في أرض الرب ، ويتسلّطون على آسريهم وظالميهم . في ذلك اليوم يُريحكم الرب ، من عنائكم وشقائكم وعبوديتكم القاسية " .

" 14: 4-23: فتسخرون من ملك بابل قائلين : " كيف استكان الظالم وكيف خمدت غضبته المُتعجرفة ؟ قد حطّم الرب عصا المنافق وصولجان المُتسلطين … حتى شجر السرو وأرز لبنان عمّها الفرح ، فقالت : " منذ أن انكسرت شوكتك ، لم يصعد إلينا قاطع حطب " … والذين يرونك ، يحملقون فيك ويتساءلون : " أهذا هو الإنسان الذي زعزع الأرض وهزّ الممالك ، الذي حوّل المسكونة إلى مثل القفر ، وقلب مُدنها ، ولم يُطلق أسراه ليرجعوا إلى بيوتهم ؟ " … أما أنت فقد طُرحت بعيدا عن قبرك ، كغصن مكسور … لأنك خرّبت أرضك ، وذبحت شعبك ، فذريّة فاعلي الإثم ، يبيد ذكرها إلى الأبد . أعدّوا مذبحة لأبنائه جزاء إثم آبائهم ، لئلا يقوموا ويرثوا الأرض فيملئوا وجه البسيطة مُدناً . يقول الرب القدير : " إني أهبّ ضدهم ، وأمحو من بابل ، اسماً وبقيةً ونسلاً وذريةً ، وأجعلها ميراثاً للقنافذ ، ومستنقعاتٍ للمياه ، وأكنسها بمكنسة الدمار " .

ـ دعوة للشماتة والسخرية من بابل بعد سقوطها . ودعوة لإعداد مذبحة لأبنائها ؛ أولا : للانتقام منهم لما فعله آبائهم سابقا ، وثانيا : لمنع الأبناء من تكرار فعل الأباء لاحقا ، وتلك هي مُبرّراتهم لتدمير العراق .

 

نبوءة عن دمار بابل من سفر ارميا

جاء هذا النص تحت ( مُسمى النبوءة التي قضى بها الرب ) والحقيقة أنه وثيقة للثأر وتسديد للحساب القديم لمملكة بابل ، كتبه كهنتهم وأحبارهم بعد أن سامهم أهل بابل في المرة الأولى ، أشكالا وألوانا من الذل والهوان والعذاب ، ولم يستطع أولئك الكهنة تقبّل فكرة أن إلههم - الذي أرادوه حسب أهوائهم ، فجعلوه كالعجينة بين أيديهم يُشكّلونها كما شاءوا - يتخلى عنهم ويسمح لأولئك البابليّون الوثنيون ، بالقضاء على حبيبته أورشليم وأبنائه وأحباؤه وشعب الله المُختار . فكان وقع الصدمة شديد عليهم ، حيث أتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا وكان غاية في البشاعة ، حتى أنّهم شبّهوه في توراتهم بعذاب قوم لوط ، مما أشعل نيران الحقد والكراهية اتجاه البابليين ، التي ما زالت مشتعلة في قلوبهم إلى الآن ، بعد أن توارثوها جيلا بعد جيل .

حفظة التوراة من الأحبار والكهنة هم أنفسهم من كان سببا في دمار دولتهم الأولى ، بفسادهم وإفسادهم وحثهم الناس على الفساد والإفساد من حكّام ومُترفين وعامة ، وهم الذين كذبوا وحاربوا أنبياء الله والصالحين من الناس ، وتآمروا عليهم وأمروا بقتلهم ، لمّا كانوا يأتونهم من عند الله بما يُخالف أهواءهم .

وعندما وقع ما لم يكن في حُسبانهم ، أنكروا ذلك وأنكروا أنه جاء في كُتبهم ، وأنكروا أنه جاء من عند الله ، وأنكروا أنه عقابا لهم على إفسادهم [ … ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) … ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)] الحشر  .

فخروج البابليين كان حسدا من عند أنفسهم ، ورغبة منهم للاستيلاء على كنوزهم ، لذلك كان لا بد لهم من الانتقام منهم ، عندما تُردّ لهم الكرّة مرة أخرى ، فخطّوا بأقلامهم ما ستقرئه لاحقا .

أخبر سبحانه بأنه سيكون لليهود كرّة على أولئك العباد ( الكلدانيين ) ، وذلك بهزيمتهم عسكريا في حروبهم معها ، وقد تحصّل ذلك في كافة حروبها مع العرب ومن ضمنها العراق ، في بدايات نشوء الدولة اليهودية ، ونسب سبحانه ردّ الكرة إلى نفسه ، ليُذكّرهم ويُؤكدّ لهم أنّ ما تمّ لهم ذلك ، إلا بإذنه ومشيئته منّاً وكرماً ، وعقابا للعرب على نكوصهم عن دينهم ، وتخليهم عن حمل رسالتهم ، فما من مصيبة تقع في الناس إلا من كسب أيديهم ، كما أخبر سبحانه في غير موضع من كتابه العزيز ، بالإضافة إلى ما أوردناه سابقا من حكم إلهية لعودة اليهود إلى فلسطين .

أمّا أن الله قد أمرهم بتدمير العراق وإبادة أهله ، وتحويل العراق إلى صحراء قاحلة تسكنها الثعالب ، فحاشا لله أن يأمر أو يُحرّض الناس على الإفساد في الأرض ، وهو الذي سيمحو ذكرهم عن فلسطين على أيدي عباداً لله مخلصين ، لعظم ما أفسدوه في أرضه ولأجل الإفساد ذاته ، ولأجل سفك دماء الأبرياء الذي هو أعظم الإفساد في الأرض . إذ أنهم فور امتلاكهم للقوة والسلطة ، أسرفوا في القتل والتنكيل أيّما إسراف في الأرض على عمومها ، فأصابعهم ملوثة بدماء ضحايا كافة الحروب على مرّ العصور . ففي مملكتهم الأولى أوقعوا القتل والنهب والنفي في أبناء جلدتهم ، وفي دولتهم الثانية كرّروا فعلتهم في شعب فلسطين .

ولا يغب عن البال أن هذه النص التحريضي ، بما يحفل به من مبالغة وتهويل وتكرار وتطويل ، كُتب بعد السبي البابلي قبل 2500 عام تقريبا ، كدعوة للانتقام من بابل القديمة ، عند عودتهم من السبي والشتات إلى فلسطين ، وإن كانت بابل قد وقعت في أيدي الفرس قديما كما جاء في التوراة ، فمملكة فارس تقع إلى الشرق من بابل وأشور ، والنبوءة تقول أن من سيُدمّرها جمع من الملوك يجتمعون عليها من الشمال . حتى جاءت دولتهم الحالية وأخذ يهود هذا العصر بكل ما لديهم من طاقات وإمكانيات ووسائل ، على عاتقهم تنفيذ هذا البرنامج الذي وضعه لهم أربابهم من الأحبار والكهنة ( الحكماء ) . ولو أنك أمعنت النظر في الواقع وما مرّ بالعراق من أحداث خلال عشرين سنة ماضية ، تجد أن مرجعية كل تلك الأحداث موجودة في هذا النص التوراتي وبالتفصيل .

ـ وفي ما يلي النص الكامل لوثيقة الثأر ، والدعوة لتسديد الحساب القديم لبابل الجديدة ، كما جاء في الإصحاح ( 50 – 51 ) من سفر ارميا ، بما فيها من تكرار وتطويل :

التحريض الإعلامي :

" النبوءة التي قضى بها الرب ، على بابل وعلى بلاد الكلدانيين ، على لسان ارميا النبي : أخبِروا في الشعوب وأسمِعوا وارفعوا راية ، أسمِعوا لا تخفوا ، قولوا : قد تم الاستيلاء على بابل ، ولحق ببيل العار وتحطّم مردوخ ( أسماء لأصنام بابل ) ، خربت أصنامها وانسحقت أوثانها ، لأن أمة من الشمال ، قد زحفت عليها ، لتجعل أرضها مهجورة ، شرد منها الناس والبهائم جميعا " .

التنفيذ مرتبط بعودتهم إلى فلسطين :

" وفي تلك الأيام ، يقول الرب ، يتوافد بنو إسرائيل وبنو يهوذا معا ، يبكون في سيرهم ويلتمسون الرب إلههم ، يسألون عن الطريق صهيون ويتوجّهون إليها قائلين : هلم ننضمّ إلى الرب ، بعهد أبدي لا يُنسى ، إنّ شعبي كغنم ضالّة قد أضلّهم رعاتهم ، وشرّدوهم على الجبال ، فتاهوا ما بين الجبل والتل ، ونسوا مربضهم ، كل من وجدهم افترسهم ، وقال أعدائهم : لا ذنب علينا لأنهم ، هم الذين أخطئوا في حقّ الرب ، الذي هو ملاذهم الحقّ ، ورجاء آبائهم "

دعوة لخروج الغرباء من بابل :

" اهربوا من وسط بابل ، واخرجوا من ديار الكلدانيين ، وكونوا كالتيوس أمام قطيع الغنم ، ( الطلب من جميع الغربيين مُغادرة العراق قبل القصف ) فها أنا أُثير وأجلب على بابل ، حشود أُمم عظيمة ( 30 دولة ) ، من أرض الشمال ، فيتألّبون عليها ، ويستولون عليها من الشمال ، وتكون سهامهم كجبّار متمرّس لا يرجع فارغا ( من الصيد ) ، فتصبح أرض الكلدانيين غنيمة ، وكل من يسلبها يُتخم ( عوائد النفط ) ، يقول الرب . لأنكم تبتهجون وتطفرون غبطة يا ناهبي شعبي ، وتمرحون كعِجلةٍ فوق العشب وتصهلون كالخيل ، فإنّ أمّكم قد لحقها الخزي الشديد ، وانتابها الخجل ، ها هي تُضحي أقلّ الشعوب ، وأرضها تصير قفرا جافا وصحراء ، وتظلّ بأسرها مهجورة وخربة ، كل من يمرُّ ببابل ، يُصيبه الذعر ويصفر دهشة ، لما ابتليت به من نكبات " .

 

تحريض على تدمير بابل :

" اصطفّوا على بابل من كل ناحية ، يا جميع موتري الأقواس ، ارموا السهام ولا تبقوا سهما واحدا ، لأنها قد أخطأت في حقّ الرب ( لأنها أنزلت بهم العقاب الإلهي في المرة الأولى ) ، أطلقوا هتاف الحرب عليها من كل جانب ( طبل وزمر الإعلام الغربي قبل بدء الحرب ) ، فقد استسلمت ( لقرارات مجلس الأمن ) وانهارت أسسها وتقوضت أسوارها ( البنية التحتية ) ، لأن هذا هو انتقام الرب ( بل هو انتقامهم ) ، فاثأروا منها ( تحريض ) ، وعاملوها بمثل ما عاملتكم ، استأصلوا الزّارع من بابل ، والحاصد بالمنجل في يوم الحصاد ، إذ يرجع كل واحد إلى قومه ، ويهرب إلى أرضه فرارا من سيف العاتي " .

دوافع الانتقام :

" إسرائيل قطيع غنم مشتّت ، طردته الأسود ، كان ملك أشور أولّ من افترسه ، ونبوخذ نصر آخِر من هشّم عظامه ( كان هذا واقع حال الكهنة ، عند كتابة هذه الوثيقة ، موضحين دوافع هذا التحريض ) ، لذلك هذا ما يُعلنه الرب القدير إله إسرائيل : ها أنا أُعاقب ملك بابل وأرضه ، كما عاقبت ملك أشور من قبل ، وأردّ إسرائيل إلى مرتعه ، فيرعى في الكرمل وباشان ، وتشبع نفسه في جبل أفرايم وجلعاد . وفي ذلك الزمان والأوان ( المستقبل ) ، يقول الرب ( وما هو بقوله ) : يُلتمس إثم إسرائيل فلا يوجد ، وخطيئة يهوذا فلا تكون ، لأني أعفو عمن أبقيته منهما ( في المرة الثانية بعد السبي البابلي ) " .

تحريض مستمر:

" ازحف على أرض ميراثايم ( الجبّار المتمرّد ، أي ملك بابل ) ، وعلى المقيمين في فقود ( أرض العقاب ، بابل )  خَرِّب ودمِّر وراءهم ( أثناء فرارهم ) ، يقول الرب ، وافعل حسب كل ما آمرك به . قد عَلَتْ جلبة القتال في الأرض ( على مرآى من العالم في بث حيّ ومُباشر ) ، صوت تحطيم عظيم ( دوي القنابل ) ، كيف تكسرّت وتحطّمت بابل ، مطرقة الأرض كلها ؟ قد نصبتُ الشرك فوقعتِ فيه يا بابل ( تورطت في الحرب نتيجة مؤامرة ) ، من غير أن تشعري ، قد وُجدّتِ ( أُخذتِ ) وقُبضَ عليك ، لأنّك خاصمت الربّ ، قد فتح الرب ( أمريكا التي يعبدون ) مخزن سلاحه ، وأخرج آلات سخطه ( التعبير هنا أكثر دقة وبمصطلحات حديثة ) ، لأنه ما برح للسيد الرب القدير ، عمل يُنجزه في ديار الكلدانيين ( حربين مدمّرتين وحصار وما زال في جعبتهم أكثر ، لاحقا ) ، ازحفوا عليها من أقاصي الأرض ، وافتحوا أهراءها ، وكوّموها أعراما واقضوا عليها قاطبة ، ولا تتركوا منها بقية ، ( نهب ثرواتها وخيراتها ) ، اذبحوا جميع ثيرانها ، أحضروها للذبح ، ويل لهم لأن يوم موعد عقابهم قد حان " .

 

استخدام وسائل الإعلام في الطبل والزمر ( تكرار ) :

" اسمعوا ها جلبة الفارّين الناجين ، من ديار بابل ليذيعوا في صهيون ، أنباء انتقام الرب إلهنا والثأر لهيكله ، استدعوا إلى بابل رماة السهام ، جميع موتري القسي (مدخري السلاح ) ، عسكروا حولها فلا يُفلت منها أحد ( الحصار ) ، جازوها بمُقتضى أعمالها ، واصنعوا بها كما صنعت بكم ، لأنها بغت على الرب قدّوس إسرائيل ، لذلك يُصرع شبّانها في ساحاتها ، ويبيد في ذلك اليوم جميع جنودها ، يقول الرب . ها أنا أُقاومكِ أيتها المتغطرسة ، يقول الرب القدير ، لأن يوم إدانتك ، وتنفيذ العقاب فيك قد حان ، فيتعثّر المُتغطرس ويكبو ، ولا يجد من يُنهضه ، وأُضرم نارا في مُدنه فتلتهم ما حوله " .

دوافع الانتقام ( تكرار ) :

" وهذا ما يعلنه الرب القدير : قد وقع الظلم على شعب إسرائيل ( عقابهم من قبل بابل كان ظلماً لهم ) ، وعلى شعب يهوذا ، وجميع الذين سبوهم وتشبّثوا بهم ولم يطلقوهم ، غير أن فاديهم قوي ، الرب القدير اسمه ، وهو حتما يُدافع عن قضيتهم ، لكي يُشيع راحة في الأرض ، ويُقلق أهل بابل . ها سيف على الكلدانيين ، يقول الرب وعلى أهل بابل ، وعلى أشرافها وعلى حكامها " .

طبيعة العقاب الذي يأمل اليهود أن يوقعوه في بابل وأهلها :

" ها سيف على عرّافيها فيصبحون حمقى ، وها سيف على مُحاربيها فيمتلئون رعبا . ها سيف على خيلها وعلى مركباتها ، وعلى فِرق مُرتزقتها فيصيرون كالنساء ، ها سيف على كنوزها فتُنهب ، ها الحَرّ على مياهها فيُصيبها الجفاف ( بسبب ضربة نووية قادمة ) لأنها أرض أصنام ، وقد أُولع أهلها بالأوثان . لذلك يسكنها وحش القفر مع بنات آوى ، وتأوي إليها رعال النعام ، وتظلّ مهجورة إلى الأبد . غير آهلة بالسكان إلى مدى الدهر . وكما قلب الله سدوم وعمورة وما جاورهما ، هكذا لن يسكن فيها أحد ، أو يقيم فيها إنسان ( وهذا ما يصبون إليه ، ولن يهدأ لهم بال حتى يحققوه ) " .

الدعوة لتدمير بابل وإسقاط نظام الحكم فيها :

" ها شعب مُقبل من الشمال ، أمّةٌ عظيمةٌ ولفيفٌ من الملوك ، قد هبّوا من أقاصي الأرض ، يمسكون بالقسيّ ويتقلّدون بالرماح ، قُساة لا يعرفون الرحمة ، جلبتهم كهدير البحر ، يمتطون الخيل وقد اصطفوا كرجل واحد ، لمحاربتك يا بنت بابل ( بابل الجديدة هي بنت بابل القديمة ، أي العراق ) ، قد بلغ خبرهم ملك بابل ، فاسترخت يده وانتابته الضيقة ، ووجع امرأة في مخاضها . انظر ، ها هو ينقضّ عليها ، كما ينقضّ أسد من أجمات نهر الأردن ، هكذا وفي لحظة أطردهم منها ، وأُولي عليها من أختاره ( قلب نظام الحكم ، وإسقاط الرئيس ، وتولية من يرضون عنه ) . لأنه من هو نظيري ؟ ومن يُحاكمني ؟ وأي راع يقوى على مواجهتي ؟ " ( من منطلق العنجهية والقوة العمياء ) .

قصف بابل بالقنابل التوراتية :

" لذلك اسمعوا ما خطّطه الربّ ضدّ بابل ( بل ما خطّطه ودبّره عميان القلب والبصيرة ، من كهنتهم وأحبارهم الحاقدين ) ، وما دبّره ضد ديار الكلدانيين ، ها صغارهم يُجرّون جرّا ، ويُخرّب مساكنهم عليهم . من دوي أصداء سُقوط ( القنابل التوراتية على ) بابل ترجف الأرض ، ويتردّد صراخها بين الأمم " .

" وهذا ما يُعلنه الرب ( أربابهم ) : ها أنا أُثير على بابل ، وعلى المُقيمين في ديار الكلدانيين ريحا مُهلكة ، وأبعث إلى بابل مُذرّين يُذرّونها ، ويجعلون أرضها قفرا ، ويُهاجمونها من كل جانب في يوم بليّتها . ليوتر ( يُذخّر ) الرامي قوسه وليتدجّج بسلاحه ( لتلقي طائراتهم كل حمولتها فوق بابل ) ، لا تعفوا عن شُبّانها ، بل أبيدوا كل جيشها إبادة كاملة ، يتساقط القتلى في أرض الكلدانيين ، والجرحى في شوارعها ( من المدنيين طبعا ) ، لأن إسرائيل ويهوذا لم يُهملهما الربّ القدير ، وإن تكن أرضهما تفيضُ بالإثم ضدّ قدّوس إسرائيل ( ربهم معهم دائما حتى لو وصل إفسادهم عنان السماء ) " .

دعوة لخروج الغرباء من بابل ( تكرار ) :

" اهربوا من وسط بابل ، ولينجُ كل واحد بحياته ، لا تبيدوا من جراء إثمها ( دعوة للجاليات الغربية لمغادرة العراق ) ، لأن هذا هو وقت انتقام الرب ( الوقت الذي حدده جورج بوش ) ، وموعد مُجازاتها ( تصفية الحساب القديم قبل 2500 عام تقريبا ) ، كانت بابل كأس ذهب في يد الله ( الثروة والقوة ) ، فسكرت الأرض قاطبة ، تجرّعت الأمم من خمرها ، لذلك جُنّت الشعوب . فجأة سقطت بابل وتحطّمت ، فولولوا عليها ، خذوا بلسما لجرحها لعلها تبرأ . قُمنا بمداواة بابل ( حرب الخليج الأولى ، وضرب المفاعل النووي ) ، ولكن لم ينجع فيها علاج ( إذ قامت بالتهديد بحرق نصفها حال اعتدائها على أي بلد عربي ) . اهجروها وليمضِ كل واحد منا إلى أرضه ، لأن قضاءها قد بلغ عنان السماء ، وتصاعد حتى ارتفع إلى الغيوم ( تهديدها لدولة الأفاعي مرارا وتكرارا ) " .

تحريض الإيرانيين على تدمير بابل :

" قد أظهر الرب برّنا ، فتعالوا لنُذيع في صهيون ، ما صنعه الرب إلهنا . سنّوا السهام وتقلّدوا التروس ، لأن الرب قد أثار روح ملوك الماديين ( الإيرانيين ) ، إذ وطّد العزم على إهلاك بابل ، لأن هذا هو انتقام الرب ، والثأر لهيكله . انصبوا راية على أسوار بابل ، شدّدوا الحراسة ، أقيموا الأرصاد ( الجواسيس والعملاء ) أعدوا الكمائن ، لأن الرب قد خطّط وأنجز ما قضى به على أهل بابل ، أيتها الساكنة إلى جوار المياه الغزيرة ، ذات الكنوز الوفيرة ، إن نهايتك قد أزفت ، وحان موعد اقتلاعك ، قد أقسم الرب القدير بذاته ، قائلا : لأملأنّك أُناسا كالغوغاء فتعلوا جلبتهم عليك " .

بقدرة الرب القدير سيتم تدمير بابل :

" هو الذي صنع الأرض بقدرته ، وأسّس الدنيا بحكمته ، ومدّ السماوات بفطنته ، ما إن ينطق بصوته ، حتى تتجمع غمار المياه في السماوات ، وتصعد السحب من أقاصي الأرض ، ويجعل للمطر بروقا ، ويُطلق الريح من خزائنه ، كل امرئٍ خامل وعديم المعرفة ، وكل صائغ خزيَ من تمثاله ، لأن صنمه المسبوك كاذب ولا حياة فيه ، جميع الأصنام باطلة وصنعة ضلال ، وفي زمن عقابها تبيد . أما نصيب يعقوب فليس مثل هذه الأوثان ، بل جابل كل الأشياء . وشعب إسرائيل ميراثه ، واسمه الرب القدير ، أنت فأس معركتي وآلة حربي ، بك أُمزّق الأمم إربا وأُحطّم ممالك ، بك أجعل الفرس وفارسها أشلاء ، وأهشّم المركبة وراكبها ، بك أُحطّم الرجل والمرأة ، والشيخ والفتى والشاب والعذراء ، بك أسحق الراعي وقطيعه ، والحارث وفدّانه والحكّام والولاة " .

خطيئة بابل في حق صهيون :

" سأُجازي بابل وسائر الكلدانيين على شرّهم ، الذي ارتكبوه في حق صهيون ، على مرأى منكم ، يقول الرب . ها أنا أنقلب عليك أيها الجبل المخرّب ، أنت تُفسد كل الأرض ، لذلك أمدّ يدي عليك ، وأدحرجك من بين الصخور ، وأجعلك جبلا محترقا ، فلا يُقطع منك حجر لزاوية ، ولا حجر يُوضع لأساس ، بل تكون خرابا أبديا ، يقول الرب " .

تحريض الأمم والممالك على تدمير بابل ( تكرار ) :

" انصبوا رايةً في الأرض ، انفخوا في البوق بين الأمم ( وسائل الإعلام الغربية ) ، أثيروا عليها الأممَ لقتالها ، وألّبوا عليها ممالكَ أراراط ومنّي وأشكناز ( تركيا وما حولها ) ، أقيموا عليها قائداً ، اجعلوا الخيل تزحف عليها ، كجحافلِ الجنادبِ الشرسة . أثيروا عليها الأممَ وملوكَ الماديين ( الإيرانيين ) ، وكل حكّامِهم وولاتهم وسائر الديار التي يحكمونها ( إمبراطورية فارس القديمة ) . الأرضُ ترتجف وتقشعرّ، لأن قضاء الرب على بابل يتمّ ، ليجعل أرض بابل خرابا وقفرا " .

أهل بابل بيدر ، أزف موعد حصاده في :

" قد أحجم مُحاربو بابل الجبابرة عن القتال ، واعتصموا في معاقلهم ، خارت شجاعتهم وصاروا كالنساء ، احترقت مساكن بابل وتحطّمت مزاليجها ، يركض عدّاء لملاقاة عدّاء آخر ، ويُسرع مُخبر للقاء مُخبر ، ليُبلغ ملك بابل أن مدينته ، قد تم الاستيلاء عليها ، من كل جانب ، قد سقطت المعابر ، وأُحرقت أجمات القصب بالنار ، واعترى المحاربين الذعر ، لأن هذا ما يُعلنه الرب القدير إله إسرائيل : أنّ أهل بابل كالبيدر ، وقد حان أوان درس حنطته ، وبعد قليل يأزف موعد حصادهم " .

دوافع الانتقام ( تكرار ) :

" يقول المسبيون : " قد افترسنا نبوخذ نصر ملك بابل ، وسحقنا وجعلنا إناءً فارغا ، ابتلعنا كتنّين ، وملأ جوفه من أطايبنا ، ثم لفظنا من فمه " . يقول أهل أورشليم : " ليحُلّ ببابل ما أصابنا ، وما أصاب لحومنا من ظلم " ، وتقول أورشليم : " دمي على أهل أرض الكلدانيين " ( مطالبة بالثأر مستقبلا من الأجيال القادمة ) .

الكيفية التي تم بها إشعال حرب الخليج الثانية:

" لذلك هذا ما يُعلنه الرب : ها أنا أُدافع عن دعواك وانتقم لك ، فأجفف بحر بابل وينابيعها ، فتصير بابل ركاما ، ومأوى لبنات آوى ، ومثار دهشة وصفير وأرضا موحشة ( سيتحصّل لهم ذلك في حال ضرب العراق نوويا ، وهو ما يُفكّرون به حاليا ) ، إنهم يزأرون كالأسود ، ويُزمجرون كالأشبال ، ( أي العراقيون ، وهذا ما يُغيظ تلك الفئران ، التي ترتعد فرائسها ، وتصطك أسنانها هلعا وجزعا ، عند سماعها للتهديدات العراقية ) ، عند شبعهم ، أُعدّ لهم مأدبة ( دولة الكويت ، وحكامها باستجابتهم لأبالسة المكر والدهاء جعلوا منها مأدبة  ) ، وأُسكرهم حتى تأخذهم نشوة ( الإغراء والمديح لحكام العراق ، باستجابتهم للفريق الثاني من الأبالسة ) ، فيناموا نوما أبديا لا يقظة منه ، يقول الرب . وأُحضرهم ( العراقيين ) كالحملان للذبح ، وكالكباش والتيوس " .

ـ وكلا الفريقين وبقية الدول العربية بعلم ومن غير علم ، وقعوا في الفخ الذي نُصب لهم وكلهم ملومين بلا استثناء ، ومن يضع اللوم على فريق دون الآخر فقد جانبه الصواب ، فكل عربي كان له دور في المؤامرة ونفذّه على أكمل وجه ، وكلٌ أخذ نصيبه في تأجيج نار الفتنة . وفي المحصلة نُهبت ثروات الأمة واستخدمت لإشباع بعضا من الرغبة اليهودية في الانتقام من بابل ولديهم مزيد ، فتوراتهم تأمرهم بألّا يتركوا العراق ، حتى يعود إلى العصر الحجري ، كما صرح الرئيس الأمريكي آنذاك ، وأقصى أمانيّهم هي اختفاء أي مظهر من مظاهر الحياة في العراق ، خوفا من تكرار كابوس السبي البابلي ، الذي ما زال يؤرق أجفانهم ويقضّ مضاجعهم ، ما دام هناك عراق قوي يُهدّد وجودهم وقادر على الوصول إليهم .

 المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا :

" كيف استُوليَ على بابل ! كيف سقطت فخر كل الأرض ! كيف صارت بابل مثار دهشة بين الأمم ! قد طغى البحر على بابل ، فغمرها بأمواجه الهائجة ، وأصبحت مُدنها موحشة ، وأرض قفر وصحراء ، أرض لا يأوي إليها أحد ، ولا يجتاز بها إنسان  ، وأعاقبُ الصنم بيل في بابل ، وأستخرج من فمه ما ابتلعه ، ( نهب ثروات العراق تعويضا عن كنوز الهيكل ) ، فتكفّ الأمم من التوافد إليه ، وينهدم أيضا سور بابل " .

ـ لا بد لهم من ضرب العراق بالنووي عاجلا أم آجلا ، حتى يتمكنوا من تحقيق هذا الحلم التوراتي ، فالأسلحة التقليدية لم تُجدي نفعا ، والرعب المرَضِيّ اليهودي من اسم بابل وأشور ، كما هو واضح من هذه النصوص ، ليس له علاج إلا محو هذا البلد بأهله عن الوجود وإلى الأبد ، وهذا ما يُصرّحون به في هذه النصوص ، ومن معرفتك بطبيعة العلاج الذي يصفونه لأنفسهم ، تستطيع التعرف على خطورة الحالة المرضيّة المستعصية ، التي يُعانون منها وخطورة ما قد يُقدمون عليه مستقبلا في حق العراق .

دعوة أخرى لخروج الغرباء من بابل ( تكرار ) :

" اخرجوا من وسطها يا شعبي ( لذلك لم يبدأ العدوان إلا بعد خروج رعايا الدول المعتدية ، والنية كانت تدمير العراق عن بكرة أبيه لو أُتيح لهم ذلك ) ، ولينجُ كل واحد بحياته ، هربا من احتدام غضب الرب ، لا تخرّ قلوبكم ولا تفزعوا ، مما يشيع في الديار من أنباء ، إذ تروج شائعة في هذه السنة ، وأُخرى في السنة التالية ، ويسود العنف الأرض ، ويقوم مُتسلّط على مُتسلّط . لذلك ها أيام مُقبلة ، أُعاقب فيها أصنام بابل ، ويلحق العار بأرضها كلها ، ويتساقط قتلاها في وسطها ، عندئذ تتغنى بسقوط بابل ، السماوات والأرض وكل ما فيها ، لأن المُدمّرين يتقاطرون عليها من الشمال ، يقول الرب " .

المستهدف هو شعب بابل :

"  كما صرعت بابل قتلى إسرائيل ، هكذا يُصرع قتلى بابل في كل الأرض ( السن بالسن والعين بالعين ) ، يا أيّها الناجون من السيف ، اهربوا لا تقفوا ، اذكروا الرب في مكانكم البعيد ، ولا تبرح أورشليم من خواطركم . قد لحقنا الخزيَ لأننا استمعنا للإهانة ، فكسا الخجل وجوهنا ( إساءة الوجه ) ، إذ انتهك الغرباء ( أي البابليون ) مقادس هيكل الرب ( بعدما حوّله الكهنة إلى بورصة ، للتبادلات التجارية الربويّة ، حسبما ذكر أنبياؤهم ) " .

" لذلك ها أيام مُقبلة ، يقول الرب ، أُنفّذ فيها قضائي على أصنام بابل ، ويئنّ جرحاها في كل ديارها ، وحتى لو ارتفعت بابل فبلغت عنان السماء ، وحتى لو حصّنت معاقلها الشامخة ، فإنّ المُدمّرين ينقضون عليها من عندي ، يقول الرب " .

المصير المرعب الذي كان اليهود يتمنونه لبابل بعد حرب الخليج وما زالوا ( تكرار ):

" ها صوت صراخ يتردّد في بابل ، صوت جلبة دمار عظيم ، من أرض الكلدانيين ، لأن الرب قد خرّب بابل ، وأخرس جلبتها العظيمة ، إذ طغت عليها جحافل أعدائها ، كمياه عجّاجة ، وعلا ضجيج أصواتهم ، لأن المُدمّر قد انقض على بابل ، وأسرَ مُحاربيها ، وتكسرت كل قسيّها ( أسلحتها ) ، لأن الرب إله مُجازاة ، وهو حتما يُحاسبها ، إني أُسكرُ رؤساءها وحكماءها ومحاربيها ، فينامون نوما أبديا لا يقظة منه ، … ، وهذا ما يُعلنه الرب القدير : إن سور بابل العريض ، يُقوّض ويُسوّى بالأرض ، وبوّاباتها العالية تحترق بالنار ، ويذهب تعب الشعوب باطلا ، ويكون مصير جهد الأمم للنار " .

" وكان ارميا قد دوّن في كتاب واحد ، جميع الكوارث التي ستُبتلى بها بابل ،  أي جميع النبوءات المدوّنة عن بابل ، ( وأرسله ارميا إلى بابل وقال لحامله ) : " حالما تصل إلى بابل ، اعمل على تلاوة جميع هذه النبوءات ، وقل : أيها الرب ، قد قضيت على هذا الموضع بالانقراض ، فلا يسكن فيه أحد من الناس والبهائم ، بل يُصبح خرابا أبديا " ، ومتى فرغت من تلاوة هذا الكتاب ، اربط به حجرا واطرحه في وسط الفرات ، وقل : " كذلك تغرق بابل ، ولا تطفو بعد ، لما أُوقعه عليها من عقاب ، فيعيا كل أهلها " .

ـ هذه الوثيقة المرعبة التي خطّها مؤلفو التوراة ، على أنها عقوبة الله لبابل ، ما هي إلا العقوبة التي تنتظر إسرائيل وأمريكا مستقبلا ، ولكنهم أرادوها لبابل ، ونفذّوا فصولها في العراق ، فصلا تلو الآخر ، وهم يسعون الآن من وراء الكواليس لتنفيذ بقية فصولها .

صفة العقاب الإلهي لأمريكا :

سبب العقاب الإلهي هو استعلائها وإضلالها لشعوب الأرض ، وما أوقعته من ظلم بهم ، ودمارها سيأتي من الشمال ، من خلال تحالف عدة دول ، وبضربات نووية كثيفة ومفاجئة . تتسبب بدمار عظيم وحرائق وجفاف ، ومن ثم طوفان عظيم يجتاح أراضيها ، ليتركها قفرا أجرد لا يصلح للسكن أبد الدهر . وجيوشها التي كانت قد خرجت منها سيتم ذبحها كالحملان والتيوس .

نبوءة عن سقوط بابل من سفر الرؤيا ليوحنا

" 18: 1- : بعد هذا رأيت ملاكا آخر ، نازلا من السماء ، … ، وصاح بأعلى صوته : " سقطت بابل ، سقطت بابل العظمى ، وصارت وكرا للشياطين ، ومأوى لكل روح نجس ، … ، ثم سمعت صوتا آخر ، يُنادي من السماء : " اخرجوا منها يا شعبي ، لئلا تشتركوا في خطاياها ، فتصابوا ببلاياها ، فقد تراكمت خطاياها حتى بلغت عنان السماء ، وتذكّر الله ما ارتكبته من آثام . افعلوا بها كما فعلت بكم ، وضاعفوا لها جزاء ما اقترفت ، … . ستنقضّ عليها البلايا في يوم واحد ، من موت وحزن وجوع ، وستحترق بالنار فإن الله الذي يُدينها ، هو ربٌّ قدير " .

" 18: 9-10: وسيبكي عليها ملوك الأرض ، الذين زنوا وترفّهوا معها ، وسينوحون وهم ينظرون إلى دخان حريقها ، فيقفون على بُعد منها ، خوفا من عذابها ، وهم يصرخون : الويل ، الويل ، أيتها المدينة العظمى ، بابل القوية ! في ساعة واحدة حل بك العقاب ! " .

" 18: 12-17: وسيبكي تُجار الأرض ويحزنون عليها، …، هؤلاء التجار الذين اغتنوا من التجارة معها، يقفون على بعد منها، خوفا من عذابها، يبكون عليها وينتحبون ، قائلين : الويل ، الويل ، على المدينة العظمى ، … ، وقد زال هذا كله في ساعة واحدة ! " . 

" 18: 18-19: ويقف قادة السفن وركّابها وملّاحوها على بعد منها ، ينظرون إلى دُخان حريقها ، أية مدينة مثل هذه المدينة العظمى ؟! ويذرون التراب على رؤوسهم ، وهم يصرخون باكين منتحبين : الويل ، الويل ، على المدينة العظمى ، التي اغتنى أصحاب سفن البحر جميعا بفضل ثروتها !  ها هي في ساعة واحدة قد زالت ! " .

" 18: 20: اشمتي بها أيتها السماء ! واشمتوا بها أيها القدّيسون والرسل والأنبياء، فقد أصدر الله حُكمه عليها بعد أن أصدرت أحكامها عليكم ".

" 18: 21-24: وتناول ملاك قوي ، حجرا كأنّه حجر طاحونة عظيم ، وألقاه في البحر ، قائلا : " هكذا تُدفع وتُطرح بابل الدينة العُظمى ، فتختفي إلى الأبد ! لن يُسمع فيك عزف موسيقى بعد ، … ، ولن تقوم فيك صناعة بعد الآن ، ولن يُسمع فيك صوت رحى ، ولن يُضيء فيك نور مصباح … فقد كان تُجّارك سادة الأرض ، وبسحرك ضلّلت جميع أمم الأرض . وفيها وُجدت دماء أنبياء وقدّيسين وجميع الذين قُتلوا على الأرض " .

" 19: 1-2: وبعد هذا سمعت صوتا عاليا ، … يقول : " هلّلويا ! الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للربّ إلهنا ! فإن أحكامه حق وعدل ، لأنّه عاقب الزانية الكبرى ، التي أفسدت الأرض ، وانتقم لدم عبيده منها " .

ـ الحقيقة أن هذه النبوءة تتحدث عن دولة عظمى في العصر الحديث ، تُضاهي عظمة بابل القديمة وقوتها ، وهذه النصوص في الواقع تصف حال أمريكا بقوتها الاقتصادية والعسكرية ، وما أحدثته في هذا العصر من فساد وإفساد ، وسفك للدماء في مشارق الأرض ومغاربها ، فهي تحكم الكرة الأرضية بأسرها من خلال ، ونصّبت نفسها كإله يُعبد ويُقدّس ، فهي تحدّد في تقارير وزارة خارجيّتها من أصلح ومن أفسد ، ومن حافظ على الحقوق ومن هضمها ومن أرهب ومن لم يرهب . وعلى قائمة مقاطعاتها الاقتصادية حوالي 46 دولة ، فهي المُنعِم والمُكرِم والمُتفضّل على خلق الله ، والكلُّ يخطب ودّ ورضا هذه الآلهة الجديدة ، وهي تسعى الآن لعولمة اقتصادها وثقافتها ، وفرضها على شعوب تارة بالترهيب وتارة بالترغيب ، وأما كلمة بابل في هذه النص إما أن تكون أُضيفت عن قصد من قبل الكهنة ، بسبب الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام من بابل ، وإما أن تكون قد استخدمت لترمز إلى الدولة العُظمى في هذا العصر . ولو حذفت كلمة بابل ووضعت كلمة أمريكا ، لوجدت أن النص سيُصبح أكثر صدقا وتطابقا مع الواقع .

ولكن أغلب المفسّرين الجدد من النصارى بوجه خاص ، كما تشير الكاتبة الأمريكية في الفصل السابق ، يأخذون بالتفسير اللفظي للمسميات ، التي جاءت في النصوص التوراتية والإنجيلية ، ويقدّمون شروحاتهم وتفسيراتهم لنصارى الغرب من ساسة وعامة ، على نحو مغاير لما تُخبر عنه النصوص حقيقة ، فبابل القديمة أينما جاءت في النصوص ، تعني بالنسبة لهم بابل الجديدة أي العراق ، بالرغم من أن النصوص تصف دولة عظمى ، هي أقرب إلى أمريكا منها إلى العراق ، وتوحي بأن لفظ بابل استخدام كاستعارة لفظية .

أما اليهود فهم يعلمون حقيقة ما تُخبر عنه النصوص ، وبأن الدمار القادم والذي تُخبر عنه النصوص ، سيكون لإسرائيل وأمريكا وحلفائهما ، ولكنهم يستغلون الفهم الخاطئ والمضطرب للنصارى ، لخدمة أغراضهم ومخططاتهم الشيطانية ، ولحماية دولتهم من الأخطار المحدّقة بها . فهم متّفقون على أن هذه النبوءات تتحدث عن تدمير العراق ، وبما أنها جاءت تحريضية بصيغة الأمر ، فقد اتّحدوا لتنفيذ ما قضى به الرب على بابل ، ولن تستكين لهم حال أو تلين لهم عزيمة ، حتى يتحقق ما جاء في هذه النصوص ، بجعل العراق أرضا قفرا صحراء قاحلة خاوية على عروشها ، لذلك هم لا يكترثون بالشرعية الدولية ولا بالقانون الدولي ، إذ لا يمتثل لهما إلا الضعفاء والأغبياء ، فالقوانين الإلهية بشأن العراق هي ما ينصاعون إليه ويلتزمون بتطبيقه ، فالحرب على العراق حرب مُقدّسة لأنهم موقنون تماما :

بأنّ بقاء العراق يعني حتمية زوال إسرائيل … وأنّ بقاء إسرائيل يعني حتمية زوال العراق

وما داموا يمتلكون مقدّرات الكاوبوي الأمريكي البريطاني ، المُشترى بالرشوة والشهوة والرعب والمأخوذ بجنون القوة ، فلن يُثنيهم عن عزمهم إلا أن يُبادوا قبل أن يُبيدوا الحرث والنسل . وبالتالي فإن بقاء العراق يتحتّم عليه محو إسرائيل من قلب الوطن العربي ، وسحق تلك الفئران المتلفّعة بريش النسر الأمريكي الأقرع .

وإن لم تكن الحرب العراقية الإيرانية من صنع أيديهم ، فهم ساهموا فيها بشكل أو بآخر ، فإيران تأتي في الدرجة الثانية في العداء التوراتي لإسرائيل ، وكلنا سمع بفضيحة ( إيران جيت ) في الثمانينيات ، التي كان بطلها الرئيس الأمريكي ( ريجان ) حيث كانوا يُؤيدون العراق علنا ، ويُزوّدون إيران - التي كانت تنظر إلى أمريكا على أنها الشيطان الأكبر - بالأسلحة سرا ، لإطالة أمد هذه الحرب ولإبقاء العراق وإيران منشغلين فيها .

والسبب الأهم لإشعالها ، هو الرعب الذي دب في قلوبهم من المارد العراقي ، الذي أعاد إلى أذهانهم النبوءات التوراتية ، وأيقظ في مخيلتهم شبح نبوخذ نصر وكابوس السبي البابلي ، ليقض مضاجعهم فلم ترقأ لهم عين ولم يغمض لهم جفن ، ذلك المارد الذي بدأ يستيقظ من غفوته بامتلاكه المفاعل النووي ، وسيكون بعد سنوات قليلة قاب قوسين أو أدنى من إنتاج القنابل النووية . وما أن انشغل العراق في الحرب وأصبح ظهره مكشوفا ، حتى انسلت خفافيشهم تحت جنح الظلام ، لتصبّ حممها التوراتية الحاقدة على ذلك المفاعل ، في سنين صباه الأولى لتُبيده عن بكرة أبيه .

وبعد أن خرج العراق من تلك الحرب محتفظا بقوته وجبروته ، ومع أول تصريح وتهديد له " بحرق نصف إسرائيل ، حال اعتدائها على أي قطر عربي " على لسان الرئيس العراقي ، جهارا نهارا في مؤتمر قمة بغداد عام 1989م ، أقامت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة - التي تمتلك معظمها تلك الأفاعي - الدنيا ولم تقعدها ، حتى استطاعت زجّه وتوريطه في الدخول إلى الكويت ، بالتآمر والتواطؤ وبمكرهم ودهائهم المعهودين ، ومن ثم حرضّت عليه من بأقطارها ، بحجة رفع الظلم عن دولة الكويت ، وتأمين منابع النفط التي سيسطر عليها العراقيون . وكما خطّوا بأقلامهم سيناريو الحرب العالمية الثانية، أعادوا نفس السيناريو في حرب الخليج من ألفه إلى يائه .

فها قد تحرّرت الكويت وتأمّنت منابع النفط ، فلماذا هذا الحصار الظالم على أطفال العراق ؟! يدّعون أن العراق يهدد جيرانه فانظر من يدّعي ! وانظر إلى جيرانه ! وما علاقة المدّعي بالجيران ؟! المدّعون هم ( مادلين أُلبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية ، ووليام كوهين وزير الدفاع الأمريكي ، وساندي بيرجر مسؤول الأمن القومي الأمريكي ، وهلم جرا … ) وكلهم يهود . فما عليك إلا استبدال كلمة الأمريكي في مناصبهم ومسؤولياتهم بكلمة الإسرائيلي ، لتعرف من هم الجيران الذين سيهددهم وجود عراق قوي .

أما الحصار فقد وُجد ليبقى ، وغايته منع المارد العراقي من الصحوة . واستمرّ الحصار ليبقى المارد محصورا في القمقم ، وعندما تمّ لهم ذلك عمدوا إلى تقليم مخالبه واقتلاع أنيابه ، فمنظرها يُرعب تلك الفئران المسكينة ، ويجعل فرائصها ترتعد هلعا وجزعا . واستمرّ الحصار لمنع أطفال العراق من الوصول إلى مرحلة الرجولة ، كي لا يكونوا مستقبلا أفراد جيش ، يُسطّر على أجساد تلك الفئران أساطير البطولة ، فهم وحسب رؤاهم التوراتية ، يعرفون ويعلمون أن دولتهم ستزول ، وسيكون فيهم القتل والنهب والنفي ، وأن المرشح الأول والوحيد للقضاء عليهم هو غريمهم الأزلي ، وأن دولتهم سيعيش فيها جيل واحد لا أكثر . لذلك بما أنهم موقنون تماما بأن زوال دولتهم أمر حتمي ، كان لا بد لهم من أن يعملوا بكل طاقاتهم ، من أجل حماية هذا المسخ الخداج ، الذي حملت به عروس المدائن غصبا واغتصابا ، من مرتزقة الغرب المأجورين في غفلة من الزمان .

لذلك … فالحصار لن يُرفع … ما دامت تلك الفئران … في القدس ترتع

الأفعوان العراقي في سفر إشعياء

خطورة هذا الأفعوان المرعب ، تتمثل في ما يحمله في أحشائه من سموم مُميتة ، كان أسلافهم قد تجرّعوها من قبل ، ووصفوا تأثيرها المؤلم على امتداد التوراة الشاسع ، فشغلت حيّزا كبيرا من فكرهم ووجدانهم ، فمجرّد التفكير بتكرار ذلك المصير المرعب ، الذي حلّ بأسلافهم ، من جرّاء تلك الأفعى التي أنجبت هذا الأفعوان ، يُصيبهم بحالة من الذعر والهلع ، لذلك كان وسيكون لهم ، محاولات عديدة للتخلّص من خطر هذا الأفعوان على وجودهم :

المُحاولة الأولى: هي الحرب الإيرانية العراقية، لأصابته بالشلل وقد أُصيب ، فتسنّى لهم ضرب مفاعله النووي ، واجتياح بيروت ، وترحيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان .

المُحاولة الثانية : هي الحرب الأمريكية العراقية ، لتغيير رأس هذا الأفعوان ، وزرع رأس جديد له ، وتقطيع أوصاله وتفريق شملها ، وتوزيع دمه على جميع القبائل التي اجتمعت عليه ، ولم يُكتب لها النجاح .

المُحاولة الثالثة : هي الحصار الأممي ولجان التفتيش ، لنزع الأنياب التي تنفث السمّ ، بتدمير أسلحة الدمار الشامل ، وحرمانه من امتلاك أسلحة جديدة ، فاقتلعوا الأنياب واستخرجوا السمّ ، ولكن الأنياب نبتت من جديد ، والسم يتجدّد ولا ينقطع .

المُحاولة الرابعة: هي الحرب الأمريكية الشاملة، مع احتمالية توجيه ضربات نووية محدودة إن أمكن ، لقطع الرأس والأوصال معا ، حيث لم يعُد هناك أهمية لتوزيع دمه على القبائل . وستصبح احتمالية الضربات النووية قائمة وحتمية فور امتلاك أمريكا ، للدرع المُضاد للصواريخ المُحمّلة بالرؤوس النووية ، وهذه الحرب قائمة بلا أدنى شك ، إن لم يقع ما لم يكن في حُسبان أمريكا وإسرائيل ، فهم يُخطّطون لها ويستعجلونها ، ويطلبون من الرئيس الأمريكي ، تهيئة الشعب الأمريكي لتقبّلها ، وسيعملون جهدهم لإشعالها في أقرب فرصة ممكنة ، ظنا من الذين لا يعقلون ولا يفقهون ، بأنهم قادرين على منع رب العزة من إنجاز وعده فيهم ، بإبادة العراقيين وتقسيم العراق وإسقاط قيادته .

ونختم هذا الفصل بنص من المزمور 137 من سفر المزامير، الذي يترنم به اليهود والنصارى في صلواتهم:

" يا ابنة بابل المحتم خرابها ، طوبى لمن يُجازيك بما جازيتنا به ، طوبى لمن يُمسك صغارك ويلقي بهم إلى الصخر "

وطبقاً للنبوءة السابقة أعلن جورج دبليو بوش المسيحي المتصهين القتال على العراق وخرجت الجماهير الغاضبة في جميع أنحاء العالم تندد بالغزو.

 

في لندن دعت المنظمات الإسلامية إلى مشاركة شعبية في المظاهرات التي ستقام يوم 22 مارس بعد سلسله من المظاهرات الرافضة للحرب والتي تواصلت خلال الفترة الماضية.... وفي مظاهرات حاشدة اعتبر أنصار السلام في بريطانيا أن الرئيس بلير دفع بلاده إلى حرب مخجلة وصفها " أندو بورجن " المتحدث الرسمي باسم الائتلاف قائلا  : ( إنها إهانة للسلام ولسكان العراق وللقوانين الدولية والديمقراطية البريطانية ) .

وفي " أستراليا " نزل 20000 متظاهر إلى شوارع مدينة ملبورن في تظاهرة هتفت بمعارضة الحرب كما احتشد نحو 1500 متظاهر أمام السفارة الأمريكية للتعبير عن غضبهم .... وتم القبض على امرأة قامت باستخدام الدهان الأحمر على أسوار وتماثيل خارج مبنى السفارة لكتابة عبارة ( لقد بدأ القتل ) .

وفي " طوكيو " تظاهر نحو 50 ألف شخص مطالبين بإنهاء الهجوم على العراق ومقاطعة المنتجات الأمريكية وكان من ضمن اللافتات البارزة ( جورج بوش كف عن الوقاحة ) كما انتقد المتظاهرون الرئيس الياباني على دعمه المعنوي للحرب .

 منشآت تجارية تتوقف عن العمل في سان فرانسيسكو مؤازرة لدعاة السلام

 أما في  " سان فرانسيسكو "  فلم يتمكن أغلب الموظفين في حي الأعمال من الوصول إلى مقر عملهم بسبب المظاهرات الضخمة لمناهضي الحرب بينما أغلقت بعض المنشئات التجارية أبوابها ليتمكن منسوبيها من الانضمام إلى هذه المظاهرات ....

 ومن بينها مجموعة ( Bechtel ) و ( Carlyle ) .... وكان للمنشآت الأصغر حجماً أيضاً مشاركة فعالة في إبداء الرفض للحرب ، ويقول المالك لمكتبة ( سيتي لايت ) :" لقد أغلقنا المكتبة تعبيراً عن امتعاضنا من سياسة الرئيس بوش التي شنت حرب تفتقر للإنسانية على شعب العراق ونتمنى أن ينضم الجميع لنا للمناداة إلى السلام " .... أما ( جون يو) الذي أغلق مؤسسته المختصة بتكنولوجيا المعلومات فيقول :" لم نعد نتحمل ما أقدم عليه الرئيس بوش ولابد أن نتخذ موقف يعرب عن هذا الرفض فبالرغم من أنني سأخسر من توقف العمل في هذا اليوم أكثر من 8000 دولار أمريكي إلى أن الأمر يستحق هذه الخسارة " ....

 وفي " برلين " تجمع المتظاهرون حول السفارة الأمريكية التي طوقتها عناصر الشرطة وقد كانت من أبرز الهتافات المطالبة بمقاطعة المنتجات الأمريكية .

أما في " إندونيسيا " فقد حاول المتظاهرون اقتحام السفارتين الأمريكية والبريطانية مع هتافات تتهمهما بالإرهابيين الدوليين.

 في اليمن تظاهر حوالي 30000 مواطن ضد الهجمات الأمريكية على العراق مطالبين بطرد السفير الأمريكي والسفير البريطاني وحاول رجال الشرطة منع الجماهير الغاضبة من الوصول إلى السفارة الأمريكية المغلقة ووقعت صدامات عنيفة أدت إلى مصرع شخصين وإصابة العديد من المتظاهرين إلى جانب إصابة 7 من أفراد الشرطة اليمنية .

 

 

بالهتافات والحجارة عبر المتظاهرون في مصر عن غضبهم في واحدة من أكبر المظاهرات التي شهدتها العاصمة القاهرة..... وكانت التظاهرات قد انطلقت من الجامعة الأمريكية في اليوم الأول للغزو بينما انطلقت في اليوم الثاني من جامع الأزهر بعد صلاة الجمعة.... وقد برزت فيها الهتافات بطرد السفير الأمريكي وقطع العلاقات الأمريكية المصرية .

وفي البحرين تصادمت الشرطة مع عدد كبير من المتظاهرين وتمت تفرقة المظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع .

 

 وفي اليونان فقد تجمع أكثر من 150000 بالإضافة إلى 150 شخص حاولوا اقتحام السفارة الأمريكية وتم منعهم من الوصول إليها مع اعتقال عدد منهم .

 

 وفي ألمانيا تظاهر عدد كبير من المناهضين للحرب وانضم إليهم طلاب المدارس والجامعات الذين تجاوز عددهم 8000 طالب المطالبين بنزع السلاح من الرئيس الأمريكي بوش.