الفصل الأول

 

التعريف بالمسيحية

 

1- المسيحية.

 

أ- وجهة النظر المسيحية.

خلق الله آدم وحواء ووضعهما في الجنة وأعطاهما الحرية للاختيار بين الصواب والخطأ. اختارا الخطأ وهو ارتكاب الخطية.
خطي
ئة آدم وحواء أدت إلي طردهما من الجنّة بالإضافة إلى معاناة تأثير الموت كنتيجة لخطئهما، ورثت البشرية طبيعة فاسدة، بمعنى أن الإنسان ليس مثاليا" في الطبيعة، بل تلوثت طبيعته بالخطيئة.
(حسب
وجهة النظر النصرانية).

 

تعلم المسيحية بأنّ هناك إله واحد وحيد في كل الوجود، الله خلق الكون، الأرض، وخلق آدم وحواء.
المسيحية تُعلّم أن الله ثلاثة أقانيم (آب، أبن، روح قدس). (أقنوم تعني خاصية أو شخصا").
يسوع المسيح هو الأقنوم الثاني من الثالوث.
(حسب وجهة النظر النصرانية).


لآن كل البشر تحت خطية آدم وحواء، فالله وعد بإرسال المُخلص من نسل حواء,  فلرحمة الله العظيمة
, سمح بمجيء المُخلص ليفتدينا من العقوبة الشديدة وهى الموت ( الخروج من الرحمة نتيجة لعصيان آدم وحواء لله بالأكل من الشجرة )، جاء السيد المسيح المُخلص ليخلصنا من حكم الموت الأبدي.

فالسيد المسيح مات على الصليب وقام من الموت بكامل قدرته.
السيد المسيح بموته على الصليب هزم الموت. الموت الذي يموته نسل آدم الآن مجرد انتقال للحياة الأخرى.لذلك فالطريق الوحيد لخلاص النفس هو الأيمان بالسيد المسيح وفدائه وتطبيق تعاليمه. (حسب وجهة النظر النصرانية).

 

السيد المسيح هو الأقنوم الثاني ( الابن )، تجسد ( أخذ جسد إنسان ) وفي تجسده لم يفارق لاهوته (خواصه الإلهية) ناسوته (خواصه الجسدية) لحظة واحدة. وهو مستحقّ العبادة والصلاة له. ((حسب وجهة النظر النصرانية)).

قوانين الإيمان.
قوانين الإيمان هي التي تبين أصول الاعتقاد المسيحي وما اتفق عليه الآباء الأوائل.


 
قانون الإيمان النيقاوي. ( أعتمد بمجمع "نيقية" سنة 325 ميلادية.)

 نؤمن بإله واحد، آب ضابط الكل، خالق السماء  والأرض، كل ما يرى وما لا يرى. وبرب واحد يسوع المسيح، ابن اللـه الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق،  مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء، وصار إنساناً وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وسيأتي أيضاً بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه.

 (قانون الإيمان النيقاوي- القسطنطيني)

أضيفت الفقرة التالية لقانون الإيمان النيقاوي السابق وذلك عام 381 بمجمع "القسطنطينية الأول".لتؤكد ألوهية الروح القدس وتم تغيير إسمه إلى (قانون الإيمان النيقاوي – القسطنطيني ).

....وبالروح القدس الرب المحيي، المنبثق من الآب (والابن)، الذي هو مع الآب والابن يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء، وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسولية، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، وننتظر قيامة الأموات والحياة في الدهر الآتي. آمين.

 

( ملخص الاعتقاد المسيحي)
آدم عليه السلام أخطأ فطرده الله من الرحمة ( حكم عليه بالموت ), أصبحت البشرية كلها ملوثة بالخطيئة وتتوارث الخطيئة التي أقترفها آدم لأنه أكل من الشجرة.
لرحمة الله أرسل
الله ابنه الوحيد ليقٌتل على الصليب ليفتدي البشر ويزيل عنها خطيئة آدم.
تجسد الابن في رحم مريم العذراء وتمت ولادته مرة ثانية.
ولد أولا" من الله (ولادة غير جسدية) وولد من مريم العذراء التي ولدته" إله وإنسان" لذلك مريم هي أم الإله.
طهر الروح القدس مريم من الخطيئة قبل الولادة حتى يكون المولود بدم صافي نقي طاهر فيكون خير ما يقدم كفداء للبشرية.
(( حسب وجهة النظر النصرانية)).

 

أسس العقيدة النصرانية :-
1- الخطيئة الأصلية ( خطيئة آدم ) ومبدأ توارث الخطيئة.
2- الله هو واحد ولكن عبارة عن ثالوث.
3- ألوهية السيد المسيح وألوهية الروح القدس.

4- تجسد الإله وتحمله ألام الصلب والموت ليخلص ويفتدي البشرية ثم قيامته من الأموات وصعوده للسماء.  


ب- المسيحية من وجهة النظر الإسلامية.
هي الرسالة التي أُنزلت على عيسى عليه الصلاة والسلام، مكمِّلة لرسالة موسى عليه الصلاة والسلام، ومتممة لما جاء في التوراة من تعاليم، موجهة إلى بني إسرائيل، داعية إلى التوحيد والفضيلة والتسامح.


فقد انحرف بنو إسرائيل وزاغوا عن شريعة موسى عليه السلام وغلبت عليهم النزعات المادية وافترقوا بسبب ذلك إلى فرق شتى، فمنهم من كان يؤمن بأن غاية الإنسان هي الحياة الدنيا, ومنهم من يعتقد أن الثواب والعقاب إنما يكونان في الدنيا فقط.

كما شاع فيهم تقديم القرابين والنذور للهيكل رجاء الحصول على المغفرة، وفشا الاعتقاد بأن رضا الاحبار والرهبان ودعاءهم يضمن لهم الغفران. لذا فسدت عقيدتهم وأخلاقهم.

أرسل الله عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام، وكانت أمه البتول مريم ابنة عمران عابدة
مخلصة لله تعالى، حملت به من غير زوج بقدرة الله تعالى، وأنطقه الله تعالى في المهد دليلاً على براءة أمه من بهتان بني إسرائيل لها بالزنا، فجاء ميلاده حدثاً عجيباً على هذا النحو ليلقي بذلك درساً على بني إسرائيل الذين غرقوا في الماديات، وفي ربط الأسباب بالمسببات، ليعلموا بأن الله تعالى على كل شيء قدير.

 

 بُعث عيسى عليه السلام نبيًّا إلى بني إسرائيل وأنزل الله تعالى عليه الإنجيل, كما أيَّده الله تعالى بعدد من المعجزات الدالة على نبوته، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله. ويبرئ الأكمة والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله.

 

 تآمر اليهود على قتله وأرسلوا الجند وراءه فاختفى عيسى وأصحابه، إلا أن أحد أصحابه دلَّ جند الرومان على مكانه، فألقى الله تعالى شبه عيسى عليه الصلاة والسلام وصورته عليه، ويقال إنه يهوذا الإسخريوطي وقيل واحد آخر من الحواريين وقيل أنه باختياره تطوع بأن يفتدي السيد المسيح، فنُفِّذ حكم الصلب فيه بدلاً من عيسى عليه الصلاة والسلام حيث نجاه الله ورفعه إليه.

 انقسم النصارى بعد السيد المسيح واختفى إنجيل السيد المسيح وتم
ت كتابة العديد من الأناجيل.
كما ظهرت طوائف تنادي بألوهية السيد المسيح وتعارضت مع من ينادون بالتوحيد.
أقيمت مجامع لتحكم في هذا الأمر فتم إقرار الألوهية للسيد المسيح عام 325 ميلادية, وتم إقرار ألوهية الروح القدس عام 381 ميلادية.
 
أرسل الله
تعالى محمد عليه الصلاة والسلام متمما" للرسائل السماوية, فكان بذلك آخر الأنبياء والمرسلين.

 

2- معنى نصرانى ومسيحي .

 

في معاجم اللغة العربية, "نصارى" تنسب إليهم نتيجة لبلد السيد المسيح.
ففي مختار الصحاح للرازي
(نَصْرَانُ بوزن نجران قرية بالشام تنسب إليها النَّصَارَى ويقال اسمها ناصِرَةُ )
ونجد ما يؤكد هذا المعنى في إنجيل مرقس1 : 9 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ النَّاصِرَةِ بِمِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ،"

في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني جاء في تفسير قول الله تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (62) سورة البقرة 

(
النصارى, سموا بذلك لتناصرهم فيما بينهم، وقد يقال لهم أنصار أيضاً كما قال عيسى عليه السلام: {من أنصاري إلى الله؟ قال الحوارين نحن أنصار الله} وقيل إنهم إنما سموا بذلك من أجل أنّهم نزلوا أرضاً يقال لها ناصرة ، واللّه أعلم.)

 يتضح مما سبق أن لقب نصارى أطلق عليهم لأنهم ناصروا بعضهم أو كانوا أنصار الله أو نسبة إلى بلد السيد المسيح الناصرة.

فمن أين جاء لفظ مسيحي  ؟
1- حسب كتاب ( مصدر المسيحية- ص15 ) "The sources of Christianity Page 15  ", لم يسمح عيسى خلال حياته لأتباعه أن ينسبوا أنفسهم له, فكلمة مسيحي أو نصراني أو ما شابه كانت ممنوعة لأن عيسى كان من أنبياء بني إسرائيل, وكانت شريعة موسي هي شريعته, ولم تظهر كلمة"Christian  " "مسيحي" إلا في القرن الثالث في المجلس الذي عقد بمدينة نيس.".
2- كتب أحمد ديدات في كتابه " محمد المثال الأسمى"
(إن الرجل الأبيض يصف نفسه بأنه مسيحي لأنه يعبد المسيح. وهو يسمي من يعبد "بوذا" " بالبوذي ".

لذلك من الممكن أن ينسب اللقب أو النعت إلى:
1- المعبود مثل مسيحي أو بوذي.
2- الانتماء إلى فكر أو مذهب مثل شيوعي أو قومي.
3- إتباع شخص مؤسس فكر أو مذهب مثل ماركسي.
4- الانتماء لبلد أو منطقة مثل شرقي أو مصري.


في الوقت الحالي المصطلح أو النعت "مسيحي", يدل أو يطلق على من يعتقدون بألوهية السيد المسيح.
والمصطلح أو اللقب "نصراني" الذي لا يحمل إساءة كما يتصور البعض,
يطلقه المسلم على من اتبعوا السيد المسيح فيما سبق ويستمر في إطلاقه على من يعتقد المسلم أنهم خالفوا تعاليم السيد المسيح واتخذوه إلها".

 

 

3- الكتاب المقدس .

أ- وجهة النظر المسيحية.
1- يطلق هذا الاسم على مجموع الأسفار الإلهية التي كتبها أناس الله القديسون مسوقين (موجهين) من الروح القدس المكونة للعهدين القديم والجديد والمؤلفة من 66 سفراً, ( بالإضافة للأسفار الثانية لبعض الطوائف).

2- يرجع تاريخ البدء في كتابة الكتاب المقدس إلى حوالي 1500 عام قبل الميلاد، وأستغرق تدوينه حوالي 1610 سنة، فقد سجلت آخر أسفار العهد الجديد عام 98 ميلادية، ولقد قام بكتابته أشخاص كثيرون، أولهم نبي الله موسى وأخرهم يوحنا. (( حسب وجهة النظر النصرانية)).

لغات الكتاب المقدس
1- العبرية: وهى لغة العهد القديم، وهى تدعى اللسان اليهودي.
2- الآرامية: وهى اللغة الشائعة في الشرق الأوسط إلى أن جاء
"الاسكندر الأكبر".
3- اليونانية: لغة العهد الجديد، فكانت اللغة الدولية في زمن السيد المسيح عليه السلام.

 ويتكون الكتاب المقدس من جزأين:
1- العهد القديم وهو ما تمت كتابته قبل السيد المسيح ويتكون من :
1- التوراة وتحتوي على أسفار (التكوين - الخروج - العدد- اللاويين - التثنية).
2- الأسفار التاريخية ( يشوع - القضاة - راعوث - صموئيل 1 - صموئيل 2 - ملوك 1 - ملوك 2 - أخبار أيام 1 - أخبار أيام 2 - عزرا - نحميا - أستير ).
3- الأسفار الشعرية ( أيوب - مزامير داود - الأمثال - الجامعة - نشيد الأنشاد ).
4- أسفار الأنبياء ( إشعياء -أرمياء -مراثي إرمياء -حزقيال -دانيال -هوشع -يوئيل-عاموس -عوبديا -يونان-ميخا -ناحوم -حبقوق - صفنيا -حجي -زكريا -ملاخي).

2- العهد الجديد وهو ما تمت كتابته بعد السيد المسيح ويتكون من:
1- الأناجيل ( إنجيل متى - إنجيل مرقس - إنجيل لوقا - إنجيل يوحنا )

2- الأعمال ( أعمال الرسل "الحواريين" ).

3- رسائل بولس ( لأهل رومية - لأهل كورنثوس الأولى - لأهل كورنثوس الثانية - لأهل غلاطية - لأهل إفسس - لأهل فيليبي - لأهل كوليسي- لأهل تسالونيكي الأولى - لأهل تسالونيكي الثانية- إلى تيماثوس الأولى – إلى تيماثوس الثانية – إلى تيطس- إلى فيليمون ).

4- الرسالة إلى العبرانيين. 5- رسالة يعقوب . 6- رسالتا بطرس (1 , 2 ).
7- رسائل يوحنا ( 1, 2 , 3 ). 8- رسالة يهوذا. 9- سفر الرؤيا ( رؤيا يوحنا ).

اعتقاد النصارى في الكتاب المقدس:
1- كلمة الرب ولكن كتبت عن طريق آخرين بأساليبهم.
2 -
الكتبة كانوا ممتلئين بالروح القدس التي تعينهم على الكتابة لتكون الكتابة من وحي الله.

3 – كل ما به مقدس من رسائل ورؤى وأسفار وأناشيد.
4- لا يحتوي على أي أخطاء علمية أو تاريخية.
5- لم يطرأ عليه أي تحريف
آو تغيير.

الأسفار القانونية الثانية:

تعتبر الأسفار القانونية الثانية جزءا" مكملا" للعهد القديم, وقد حذفتها إحدى الطوائف ( البروتستانت ) على أساس أنها لا ترقى لمستوى الوحي الإلهي واعترضت بقية الطوائف على الحذف.

وفيما يلي ما جاء في مقدمة الأسفار القانونية الثانية( طبعة مكتبة المحبة- شبرا-القاهرة-مصر):
" قام البروتستانت بحذف هذه الأسفار من طبعة الكتاب المقدس المنتشرة بين أيدينا، على الرغم من أن كلا من الأرثوذكس والكاثوليك يؤمنون بقانونية هذه الأسفار. أما البروتستانت فيعتبرون هذه الأسفار لا ترتقي إلى مستوى الوحي الإلهي" [1].

كما جاء أيضا"التفنيد الخاص بهم لأسباب حذف البروتستانت لهذه الأسفار:
" يقول البروتستانت أن هذه الأسفار لم تدخل ضمن أسفار العهد القديم التي جمعها عزرا الكاهن لما جمع أسفار التوراة سنة 534 ق.م. والرد على ذلك أن بعض هذه الأسفار تعذَّر العثور عليها أيام عزرا بسبب تشتت اليهود بين الممالك.  كما أن البعض الآخر منها كُتِب بعد زمن عزرا الكاهن. "[2] .

لذلك يعتقد الأرثوذكس والكاثوليك ( الغالبية ) بقدسية الأسفار القانونية الثانية ويضيفوها إلى الكتاب المقدس, ويقوم الأرثوذكس بطباعتها منفردة تحت أسم ( الكتاب المقدس- الأسفار القانونية الثانية ), بينما يضيفها الكاثوليك إلى العهد القديم مباشرة.
الأسفار المحذوفة عددها 10 وهي :
1- سفر طوبيا . 2- سفر يهوديت . 3- تتمة ( تكملة ) سفر أستير. 4- سفر الحكمة.
5- سفر يشوع بن سيراخ. 6- سفر نبؤة باروخ. 7- تتمة سفر دانيال.  8- سفر المكابيين الأول.
9- سفر المكابيين الثاني.  10- المزمور 151 .

ب - وجهة النظر الإسلامية ( في الكتاب المقدس ).
من متطلبات الإيمان الإسلامي" الإيمان بالكتب السماوية ", والإيمان بالكتب السماوية عند المسلمين يتضمن أربعة أمور:

الأول: التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله .

الثاني: ما ذكره الله من هذه الكتب وجب الإيمان به وهي الكتب التي سماها الله في القرآن ( القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى).

الثالث: تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن.

الرابع: الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها كما قال تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48،
قال أهل التفسير: مهيمنا: مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب، ومصدقا لها يعني: يصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير، ويحكم عليها بإزالة أحكام سابقة، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة.[3]

ولقد ذكر القرآن الكريم أن الكتب السابقة تعرضت للتحريف, ومن أنواع التحريف التي تعرضت له التحريف بالتغيير والإضافة
.

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران : 78]


{أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (75) سورة البقرة

 

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ .........[النساء : 46]


... وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ .... [المائدة : 41]

ونتيجة لأن الكتاب المقدس تعرض للزيادة والنقص والتبديل فهو يحتوى على كلام الله تعالى مختلطا" مع كلام مؤرخين وكهنة وكتبة.
فلا نقول أن الكتاب المقدس بالكامل كلام بشر لأن فيه آيات تشريع وأخبار ذكرها الإسلام ووافقها, ولا نقول أن الكتاب بالكامل من عند الله لثبوت التحريف بالزيادة والنقص والتبديل.


عقيدة المسلم في ما ورد بهذه الكتب من أخبار:

1- تصديق ما وجد متوافقا" مع ما عند المسلم من أخبار.

مثال : ما جاء بسفر التكوين أن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام.
وجاء ما يوافقها في القرآن الكريم

وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ [قـ : 38]

2- تكذيب المخالف لما أخبرنا به الله تعالى ورسوله من أخبار.
مثال : ما جاء بسفر التكوين أن الله تعالى استراح في اليوم السابع بعد الخلق, القول الذي نفاه الله تعالى بالآية السابقة فقال تعالى (.... وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ [قـ : 38])

وفي التفسير الميسر: ( .. وما أصابنا من ذلك الخلق تعب ولا نَصَب.). فلا يجوز في حق الله تعالى التعب والاستراحة.
3- السكوت عن ما لم ترد لنا أخبار عنه, فلا نكذبه ولا نصدقه مثل قصة "يهوديت" أو "أستير" وغيرها.[4]

هناك بعض الادعاءات النصرانية من أن القرآن الكريم شهد للكتاب المقدس بالصحة في مواضع عدة, ومن الناحية الإسلامية يكفي الرجوع للتفسير الخاص بالآيات ليتجلى الأمر وللزيادة مراجعة الآيات الصريحة الواضحة التي تبين تحريف أهل الكتاب لكتبهم.

أما بالنسبة للنصارى فأمامهم اختيارا" واحدا" من اختيارين:
الاختيار الأول الإيمان بأن القرآن الكريم من عند الله تعالى, فبذلك يخرجون من المسيحية ولا يوجد داعي للاستشهاد على صحة كتابهم الذي ذكر القرآن تحريفه.

الاختيار الثاني إن استمروا في اعتقادهم بان القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى, وأنه مفترى من البشر, فلا داعي للاستشهاد بما يظنون أنه ليس من عند الله لإثبات صحة كتابهم.

 

4- الفرق المسيحية وتاريخ انشقاق الكنائس.

 

نشأت خلافات كثيرة بعد المسيح عليه السلام بين أتباعه, وكانت الطريقة المتبعة لحل كل خلاف هو عمل اجتماع يحضره الأساقفة لوضع قانون أو رأي نهائي فيه.
وكانت النتيجة النهائية لكل مجمع هي إما موافقة الجميع على القانون فيصبح أساسيا" في التشريع المسيحي, أو أن يحدث خلاف على القانون فينتج عنه انشقاق في صفوف الكنيسة.
والمجامع نوعان     1- مجمع مسكوني أي عالمي ( نسبة إلى الأرض المسكونة).
                     2- مجمع محلي.
وأول مجمع عقد كان في أورشليم برياسة الأسقف " يعقوب الرسول " للنظر في ختان غير اليهود.

أهم المجامع:
1- مجمع "نيقية" سنة 325م.

عقد هذا المجمع لخلاف حول ألوهية السيد المسيح فقد نادى البعض بألوهية السيد المسيح ورفضها البعض (آريوس وأتباعه), مما دعا الإمبراطور قسطنطين الكبير وهو أول من آمن مِن أباطرة الرومان بالمسيحية, دعا جميع كنائس المسكونة للاجتماع.
تم في هذا المجمع اعتماد ألوهية السيد المسيح, ووضع قانون الإيمان النيقاوي.

 

كتب الدكتور "أحمد شلبي "

حضر الاجتماع  2048  أب من أباء الكنيسة أيدت الغالبية رأي آريوس القائل بأن المسيح ليس إله ووصل الخلاف إلى المعارك فأصدر الإمبراطور قرارا"بفض الاجتماع . ثم أعيد ولم يحضره إلا أصحاب الرأي بالألوهية 318 عضوا".
صدر قرار بألوهية السيد المسيح وهو ما كان يوافق معتقدات الإمبراطور نظرا" لقربه من المعتقد الوثني الروماني من نزول الإله وتجسده وتعدد الآلهة.
أخذ في المجمع قرارات أهمها:  
( أ) القول بألوهية المسيح ونزوله ليصلب تكفيرا" عن خطيئة البشر.
(ب) اختار المجمع الكتب التي لا تتعارض مع القرارات السابقة وقرر تدمير ما عداها من الرسائل والأناجيل.

(ج) إصدار قانون الإيمان النيقاوي.[5]

2- مجمع "القسطنطينية الأول"  سنة 381م.
كان لمناقشة وبحث ألوهية الروح القدس, فقد نادى "مكدونيوس" أسقف "القسطنطينية", بأن "الروح القدس مخلوق كمثل الملائكة", فتم عقد المجمع لمناقشة الموضوع وكانت أهم قرارات المجمع :
( أ ) اعتبار الروح القدس إله.
(ب) إضافة الجزء الثاني من قانون الإيمان الذي بدؤه: "نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب . . . الخ".
بذلك اكتمل الثالوث بألوهية الابن في مجمع "نيقية" وألوهية الروح القدس في مجمع "القسطنطسنية".

3- مجمع "أفسس الأول" سنة 431م.
أنكر نسطور (أسقف القسطنطينية ) ألوهية المسيح وبدأ بإنكار كون السيدة العذراء والدة الإله قائلاً: (إن مريم لم تلد إلهاً بل ما يولد من الجسد ليس إلا جسداً وما يولد من الروح فهو روح. فالعذراء ولدت إنساناً عبارة عن آلة للاهوت. وذهب إلى أن المسيح لم يكن إلهاً في حد ذاته بل هو إنسان مملوء بالبركة أو هو مُلهم من الله لم يرتكب خطية).
فتم عمل مجمع لمناقشة هذه الأمور وأصدر المجمع القرارات التالية :
( أ ) المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة. ( طبيعة إلهية مع بشرية لا ينفصلان ومشيئة "إرادة" بشرية وإلهية لا ينفصلان.)
( ب) أن العذراء ولدت إلها" وتدعى لذلك أم الإله.
( ج ) وضع مقدمة قانون الإيمان الذي بدؤه: "نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله . . . الخ".


ما معنى طبيعة واحدة ومشيئة واحدة ؟
1- الطبيعة: (طبيعة الإله وطبيعة البشر )

إذا أكل السيد المسيح, فمن الذي يأكل هل هو الإله أم الإنسان بفكرهم ؟؟
القائلين بطبيعتين يقولون ليس الإله هو الذي يأكل بل الإنسان.
"فجعلوا الطبيعة مثل ثوب يرتديه ويخلعه.فإن ذهب ليأكل قالوا الإنسان هو الذي ذهب أو الطبيعة البشرية ( ناسوت ), وإن قام بمعجزة شفاء المرضى مثلا" قالوا الإله هو من قام بها ( اللاهوت ).

أما القائلين بطبيعة واحدة يقولون: لا نفصل بين الطبيعيتين, فلا نتكلم عن طبيعة ونترك الأخرى, فعندما يأكل نقول ذهب ليأكل بدون القول الإله أو الإنسان. فنقول أن المسيح له طبيعة واحدة بدون امتزاج ولا اختلاط بين الناسوت ( الإنسان ) واللاهوت ( الإله ).
 

2- المشيئة أو الرغبة ( رغبة الإله ورغبة البشر ).
إن أراد السيد المسيح أن يذهب إلى مكان, فهل الذي أراد أو شاء الذهاب هو الإنسان أم الإله بفكرهم ؟
هناك أيضا" من قال بمشيئتين ( ارادتين ) للسيد المسيح واحدة إلهية والأخرى إنسانية, وهناك من قال لا نفرق بين المشيئتين.

نتيجة للخلاف حول هل السيد المسيح له طبيعة واحدة أم طبيعتين, مشيئة واحدة أم مشيئتين تم عقد العديد من المجامع ونشأت الفرق بين الطوائف كما يلي:


4- مجمع "أفسس الثاني" سنة 449م.

رئيس دير في "القسطنطينية" قال أن جسد المسيح مع كونه جسد إلا أنه ليس مساوياً لجسدنا في الجوهر لأن الطبيعة الإلهية لاشت الطبيعة البشرية وهذا معناه أن اللاهوت ( الصفات الإلهية) اختلط وامتزج بالناسوت (الصفات البشرية).

وهنا بداية الاختلافات الكبرى بين الفرق المتواجدة الآن :

تم عمل مجمع لمناقشة الموضوع, رفض المجمع رأي رئيس الدير وأيد الرأي القائل أن "اللاهوت اتحد بالناسوت ولكن بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير." , مما يعني إتحاد صفات  الإله مع صفات الإنسان بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير !!. وهو رأي "الأرثوذكس" حاليا".

لم يقبل بابا روما القرار وتم عقد مجمع أخر فيما بعد "مجمع خلقيدونية" لمن رفضوا القرار السابق.
واتفقوا في المجمع الأخر أن اللاهوت والناسوت لم يتحدا مع بعضهما.
أي اتفقت باقي الأطراف عدا الأرثوذكس على أن للسيد المسيح طبيعيتين ومشيئتين.
( الكنيسة الأرثوذكسية لا تعترف بأي مجمعات بعد مجمع "أفسس الثاني"  449 م )
بينما( لا تعترف باقي الكنائس بمجمع "أفسس الثاني" 449 م السابق).

مجمع "خلقيدونية" سنة 451م  ( باقي الطوائف عدا الأرثوذكس ).
أتخذ قرارات أهمها:
( أ ) إلغاء قرارات المجمع السابق. ( اللاهوت أختلط مع الناسوت ).
( ب) اعتبر أن للسيد المسيح   طبيعتين ومشيئتين.

بذلك انقسمت المسيحية إلى فرقتين رئيسيتين :

(الطائفة الأولى) الأرثوذكس ( الكنائس الشرقية).
يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة.
 أي " اتحاد الصفات الإلهية مع البشرية بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير في السيد المسيح".
واستمر الأرثوذكس بلا انشقاق يذكر حتى الآن.
(
الطائفة الثانية ) الكاثوليك ( المذهب الملكاني).
يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعيتين ومشيئتين.

انقسام آخر
بظهور "طائفة المارون "  :

انشقت فئة عن الكاثوليك تزعمهم يوحنا مارون سنة (667 م), ذهب إلى أن للسيد المسيح طبيعيتين ولكن له مشيئة واحدة. فأقيم مجمع لمناقشة الفكرة !.
مجمع "القسطنطينية الثاني"  680 ميلادية.

قرر أن للمسيح طبيعيتين ومشيئتين وكفر أتباع يوحنا مارون " طائفة المارون ".
تمت مطاردة
"طائفة المارون" حتى استقروا في جبال لبنان. ( يطلق عليهم المارونيين ولهم بطريرك بلبنان ), وظلوا مستقلين في مذهبهم, إلى أن أعلنوا الولاء لكنيسة روما ( الكاثوليك ) عام 1182 مع بقائهم على مذهبهم.

 بذلك أصبحت الفرق ثلاثة.
أرثوذكس :  للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة.
كاثوليك   :    ..     طبيعيتين     ومشيئتين.  
مارون    :    ..      طبيعيتين    ومشيئة واحدة.

بعد ذلك حدث انشقاق داخل الكاثوليك أنفسهم بين كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية حول إضافة كلمة "ابن" لقانون الإيمان.

فقانون الإيمان
الذي ينص على  "الروح القدس منبثق من الآب" , أضافت له كنيسة روما "والابن".
أي أنهم غيروا في قانون الإيمان "النيقاوي-القسطنطيني" إلى : نؤمن... "وبالروح القدس الرب المحيي، المنبثق من الآب والابن ".

أقامت كنيسة القسطنطينية مجمع
" القسطنطينية الثالث "الذي رفض رأي كنيسة روما.

مجمع القسطنطينية الثالث 879 ميلادية.
قرر أن الروح القدس منبثق من
الآب فقط وهذا مخالف لما أقرته كنيسة روما, فحدث الانفصال داخل الكاثوليك إلى:
1- كنيسة روما وتسمى الكاثوليكية أو اللاتينية أو الغربية أوالملكانية.
2-كنيسة القسطنطينية وتسمى الروم أرثوذوكس أو الكنيسة اليونانية.

أصبحت الفرق الرئيسة أربعة :
(الأولى)  أرثوذكس           للمسيح طبيعة واحدة, الروح القدس من الآب فقط.
( الثانية )  كاثوليك            للمسيح طبيعيتين ومشيئتين, الروح القدس من الآب والابن.
( الثالثة)  الروم أرثوذكس    للمسيح طبيعيتين ومشيئتين,الروح القدس من الآب فقط.
(الرابعة)  المارون           للمسيح طبيعيتين ومشيئة واحدة.

أصبح لكل فرقة من الفرق تشريعاتها الخاصة ومجمعاتها الخاصة فعلى سبيل المثال أقامت الكنيسة الكاثوليكية ( روما ) المجمعات التالية:

 مجمع "رومة" 1225  ( خاص بالكاثوليك ).

تقرر أن الكنيسة البابوية الكاثوليكية تملك الغفران وتمنحه لمن تشاء.
مجمع "رومة" 1869  ( خاص بالكاثوليك ).

تقرر فيه أن البابا معصوم.

 

نشأة طائفة البروتستانت.
كتب القمص "زكريا بطرس" في كتابه "تاريخ انشقاق الكنائس".
كنيسة روما وجهت كل مجهوداتها نحو السياسة والسيطرة على الأباطرة وإخضاعهم تحت سلطانها فأدى هذا إلى نزاع شديد بين السلطتين الدينية والسلطة الحاكمة كان نتيجته ضعف البابوية وانحلالها.

نتج عن هذا الوضع بعض الحركات الإصلاحية المعارضة كان أبرزها حركة" مارتن لوثر" في القرن السادس عشر. وهو الذي انشق عن الكنيسة الكاثوليكية وكون الكنيسة البروتستانتية.
كان "لوثر" راهباً كاثوليكياً وأستاذاً لعلوم الدين في جامعة ويتنبرج بألمانيا وراعياً لكنيستها أعلن معارضته للبابا وخروجه عن الكنيسة الكاثوليكية.
ثم أعلن فيما بعد أن البابوية ليست ذات مصدر إلهي. وعندما استدعاه البابا إلى روما رفض ذلك. ثم زاد في عناده فكان من جراء هذا أن جرمه البابا سنة 1526م وأمر بإحراق كل كتاباته.


كان أهم اعتراضين عند "مارتن لوثر":
1- الاستحالة  ( القربان المقدس )- أكل الذبيحيه الإلهيه - "سر الإفخارستيا":
 وهي من الشعائر المسيحية حيث يقوم الراهب باختيار رغيف من الخبز ثم تلاوة صلوات عليه ويعتقد المسيحيون أن السيد المسيح ( ربهم ) , يتجسد في الخبز تجسدا" كاملا" فمن يأكل الخبز فقد أكل جسد السيد المسيح "الرب " ليثبت فيه.
كما أن من يشرب الخمر في القداس فقد شرب من دم الرب, فيكون الرب فيه يعطيه قوة وينير له الطريق.( لا تزال بقية الطوائف عدا البروتستانت تمارس هذا الطقس.)

 

2- صكوك الغفران:
كتب القمص زكريا بطرس في كتاب "تاريخ انشقاق الكنائس".

أصدر البابا "ليو العاشر" غفراناً شاملاً للعالم أجمع 1517م , ويتمتع بهذا الامتياز كل من يشتري صك الغفران وكان الغرض من هذا العمل هو الحصول على المال اللازم لبناء كنيسة "القديس بطرس" في روما, فكان من يدفع للكنيسة يحصل على صك غفران من الخطايا!.

لجأ كثير من الناس إلى المذهب البروتستانتي الجديد هربا" من الضرائب وهربا" من سيطرة الكنيسة والبابا على الأفكار والعلم. كما نشطت هجرة "البروتستانت" إلى العالم الجديد " أمريكا" فشكلوا نسبة كبيرة من المجتمع الأمريكي.

اتخذ "مارتن لوثر" ثلاثة وسائل لجذب الناس إلى معتقده:

نشر كتاب حرض فيه الأمراء على اختلاس أوقاف الأديرة وتحويل الأديرة إلى مدارس ومستشفيات عقلية وبهذا جذب الأمراء إلى جانبه.

أراد حاكم "هيش" أن يتزوج بإحدى النساء التي هام بها رغم أن زوجته حية فصرح له لوثر أن يكون له امرأتان معاً وبهذا كسب وده فصرح له بإقامة شعائره الجديدة.

ولكي يستميل الكهنة والرهبان (الذين ضاقوا ذرعاً بالرهبنة) جعل نفسه نموذجاً لهم فاعتدى على راهبة تدعى "كاثرين" ثم تزوجها وهو الراهب!! فأهان الإسكيم الملائكي وتزوج بعد أن كاهناً فأساء إلى أبوة الكهنوت ثم عاش مع زوجته في البناء الذي كان قبلاً ديراً له!!! حتى مرض بالفالج وتوفى سنة 1546م.[6]


أس
س المذهب البروتستانتي :-
1-  الكتاب المقدس هو المصدر الأعلى وليس تعاليم الباباوات.
2- الكتاب المقدس يفسر حرفيا" وليس مجازيا".
3- يتاح لكل مسيحي تفسير الكتاب المقدس.
وينقسم البروتستانت إلى العديد من الطوائف مثل معمدانية ومنهجية ومتحدة وأسقفية ولويثرية ومشيخية ومورمونية وإصلاحية وسبتية وغيرها.



أهم الخلافات  بين الارثوذكس( الكنيسة الشرقية) والكاثوليك ( كنيسة روما) فهي:

1- يعتقد الكاثوليك بالطبيعيتين والمشيئتين في السيد المسيح.( الارثوذكس طبيعة واحدة ومشيئة واحدة).

2- يؤمن الكاثوليك بانبثاق الروح القدس من الآب والابن ( الارثوذكس من الآب فقط ).

3-القربان عند الكاثوليك ( التناول ) من الفطير فقط , ليس فيه خمر.( الأرثوذكس بالخمر).

4- يعتقد الكاثوليك أن العذراء نفسها وُلدت وهى لا تحمل الخطيئة الأصلية (عقيدة الحبل بلا دنس), عكس الأرثوذكس الذين يقولون أن الروح القدس طهرها ولكن كان يلزم لها الفداء أيضا".

5- يغالي الكاثوليك في السيدة العذراء ( عن باقي الطوائف ) ويؤمنون أن العذراء شريكة في عمل الفداءأنه لا تأتى نعمة إلى البشر إلا عن طريق العذراء ويسمونها "سيدة المطهر"ويؤمنون بعصمة العذراء الكاملة من الخطأ.

6- يؤمن الكاثوليك بعصمة البابا وبرئاسة روما للكنائس المسيحية في العالم كله وهذا ما لا يقبله الأرثوذكس وغيرهم من الطوائف.

7- قام الكاثوليك بتبرئة اليهود من دم المسيح ( المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1965 ).

أهم الخلافات بين الأرثوذكس ( الكنيسة الشرقية) والبروتستانت:

1-  يعتقد البروتستانت بالطبيعيتين والمشيئتين في السيد المسيح. مثل الكاثوليك وخلافا" عن الأرثوذكس.

2-  يؤمن البروتستانت بانبثاق الروح القدس من الآب والابن مثل الكاثوليك وخلافا" عن الأرثوذكس.
3- لا يؤمن البروتستانت بالاعتراف على يد كاهن ويعترفون لله مباشرة خلافا" للكاثوليك والارثوذكس .

4- لا يؤمنون بسر الافخارستيا ( التناول- الاستحالة), فلا قداس ولا ذبيحة إلهيه ولا إيمان بتحويل الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح (خلافا" للكاثوليك والأرثوذكس).

5- حذفوا بعض الأسفار (الأسفار الثانية) من طبعتهم الخاصة للكتاب المقدس ودعوها ابوكريفا.

7 - يؤمنون بالحكم الألفي. ( أي أن المسيح سيعود ليحكم ألف سنة) خلافا" للكاثوليك والأرثوذكس.

8 - لا يؤمنون باستمرار عذرية السيدة العذراء.( عندهم السيدة العذراء تزوجت وأنجبت. ) خلافا" للكاثوليك والأرثوذكس.

9- لا يؤمن البروتستانت بسلطة البابا, ويعتقدون أن الكتاب المقدس يفسر حرفيا" ومن حق كل مسيحي تفسيره خلافا" للكاثوليك والأرثوذكس.

10- لا يطبق البروتستانت الطقوس والصيام الغير موجودة بالكتاب المقدس خلافا" للكاثوليك والأرثوذكس.

 

تداعيات ظهور طائفة البروتستانت:
نتيجة لظهور المذهب البروتستانتي الذي لا يعترف بسلطة البابا, شن الباباوات حروب على معتنقي هذا المذهب
حصدت عشرات الملايين كان من ضمن الحروب:

1- الحروب الدينية في فرنسا زهاء ما يزيد على أربعين عاما" متتالية خلال القرن السادس عشر.وكان من ضمنها مذبحة "سانت بارتليميو" في 24 أغسطس عام 1572 "St. Bartholomew's Day massacre" حيث انقض الكاثوليك بمباركة البابا "جريجوري الثالث عشر" (Pope Gregory XIII ) على البروتستانت أثناء إحدى الأعياد, وذبحوا منهم الآلاف, وشنقوا العديد على أغصان الشجر.
وتحدد مصادر البروتستانت عدد القتلى في هذه المذبحة 30 ألف قتيل, أما الكاثوليك فيدعون أن عدد القتلى ألفين فقط.
[7]

2- حاول الإنجليز إخضاع أيرلندا دينيا" بفرض المذهب البروتستانتي اعتبارا" من 1536 واستمرت الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت حتى القرن الثامن عشر, ولا تزال أثار العنف تظهر في بعض المناسبات الدينية.

3- حرب الثلاثين عاما" الدينية بين البروتستانت والكاثوليك في ألمانيا من (1618-1648) التي تعدى ضحاياها الملايين.

4- الحرب الأهلية في أسبانيا (1936-1939) تعد من أخر الحروب التي نشأت بين الكاثوليك والبروتستانت وقد بلغ عدد القتلى فيها 306 ألف شخص, وتم ذبح رجال الدين الكاثوليك فقتل في الحرب 6845 رجل دين كاثوليكي. [8]

 

كما تزامن مع ظهور البروتستانت عمل تراجم للكتاب المقدس, وظهور آلات الطباعة, ونتيجة للمبادئ التي نادى بها البروتستانت وأهمها حق القراءة والتفسير للكتاب المقدس, أصبح بذلك العهد القديم ( الذي كان حبيس الأديرة والصوامع قرون عديدة ) أصبح المرجع الأعلى لفهم العقيدة النصرانية وبلورتها.
وكنتيجة لطباعة وقراءة الكتاب المقدس, تسربت الروح العبرية اليهودية إلى الفنون والآداب وحلت قصص وتفسيرات العهد القديم محل المسرحيات التي كانت تمثل حياة القديسين.
ونتج عن هذا تسرب الأدبيات اليهودية للفكر والعقيدة المسيحية ومنها:
1- اليهود شعب الله المختار.
2- هناك ارتباط وميثاق إلهي بين اليهود وبين فلسطين منذ عهد الله لإبراهيم حتى قيام الساعة.
3- ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون, أي بإعادة تجميع اليهود في فلسطين حتى يظهر المسيح فيهم.
[9]

كتب
"مارتن لوثر" ( منشئ البروتستانت )  في كتابه " المسيح ولد يهوديا".
"اليهود هم أبناء الرب ونحن الضيوف الغرباء ...وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل مما يتساقط من فتات مائدة أسيادها, تماما" كالمرأة الكنعانية". [10]

( بالإنجيل أن امرأة كنعانية طلبت من السيد المسيح الشفاء لابنتها فقال لها السيد المسيح "لم أبعث إلا إلى خراف بني إٍسرائيل" فقالت له ولكن الكلاب أيضا" تأكل مما يتساقط من مائدة أسيادها, أي أن الأسياد هم اليهود والكلاب هم غير اليهود).

 

متى 15 : 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «رْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «صْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 27فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». 28حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.


الجدير بالذكر,  يشكل ( معتنقي البروتستانت60 – 62 % ) من نسبة سكان أمريكا, و( الكاثوليك 25-27 %) و(الأرثوذكس 1% ) و(اليهود 2 % ) و( المسلمين2 % ).[11]

 

قال الله تعالى

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة : 77].

 



[1]  الكتاب المقدس- الأسفار القانونية الثانية- مكتبة المحبة- القاهرة- ص 6.

[2]  المصدر السابق - ص 7.

[3] شرح الأصول الثلاثة- ابن عثيمين. ص94-95 .بتصرف.

[4]  ابن كثير- مقدمة التفسير – ج1 .ص4- طبعة الحلبي- بتصرف

[5]  المسيحية د. أحمد شلبي - ص 167.

[6]  تاريخ انشقاق الكنائس – القمص زكريا بطرس – ص 15.

[7]  معجم الحروب-د.فردريك-جروس برس- ص -323.

[8]  معجم الحروب-د.فردريك-جروس برس- ص- 228.

[9]  ( كيف تطورت العلاقة بين اليهود والنصارى- سليمان الخراشي-عن الأصولية الإنجيلية ص44-45- بتصرف).

[10]   الأصولية المسيحية في أمريكا—عادل المعلم ص 90 .

[11]  الأصولية المسيحية في أمريكا – عادل المعلم- عن معهد جالوب 1990.