الحرب...دائرة المعارف الكتابية
 


تقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة "الحرب" ما أنقله حرفيا :

سجل لنا الكتاب المقدس بعض ما كان يصاحب الحروب من الجلبة والهتافات ( 1صم 4: 6، 14: 19، انظر أيضاً 2مك 7: 6) ووصف الأنبياء ما تحدثه الحرب من رعب وذعر وخراب في صور مجازية مثيرة، فنجد إرميا يصف الجيش الزاحف بقوله: "من دان سمعت حمحمة خيله، عند صوت صهيل جياده ارتجفت كل الأرض " ( إرميا 8: 16). ويقول ناحوم (3: 2و3): "صوت السوط وصوت رعشة البكر وخيل تخب ومركبات تقفز وفرسان تنهض ولهيب السيف وبريق الرمح وكثرة جرحى ووفرة قتلى ولا نهاية للجثث، يعثرون بجثثهم"، كما يقول: "ترس أبطاله محمر. رجال الجيش قرمزيون. المركبات بنار الفولاذ في يوم إعداده. والسرو يهتز. تهيج المركبات في الأزقة. تتراكض في الساحات. منظرها كمصابيح. تجري كالبروق" ( ناحوم 2: 3و4). ونظراً للخراب والهول الذي تجره الحروب والمذابح التي يقتل فيها الرجال، كان السيف أحد "الأحكام الأربعة الرديئة" (حزقيال 14: 21) التي أرسلها الله. أما الثلاثة الآخرى فهي المجاعة والوحوش الرديئة والوبأ. ونظرا لما يتميز به السيف من قوة فتاكة، فإنه كان عاملاً مشتركاً في كل العمليات الحربية ( 2صم 2: 26، إرميا 2: 30).

(7) الهزيمة والنصر : بينما نجد أن التعامل مع الجانب المهزوم في حروب إسرائيل، لم ينحدر إلى تلك الدرجة من الوحشية والهمجية التي تميزت بها الحروب الأشورية، إلا أننا نجد أمثلة للإفراط في القسوة على الأسرى والمهزومين، كما فعل داود بالأسرى الموآبين ( 2صم 8: 2)، ومع بني عمون الذي أسرهم في ربة (2صم 12: 31). والأسلوب البربري الذي أتبعه منحيم في تفصح حين ضربها وشق جميع حواملها ( 2مل 15: 16، انظر أيضا عدد31: 17، يشوع 6: 21).

وكان من الشائع عند الفلسطينين تعذيبهم وتمثيلهم بمن يقع بين أيديهم من أسرى، حتى إن شاول خشى أن يقع فريسة في أيديهم (1صم 31: 4). ولم يكتف الفلسطينيون في ذلك الموقف بتعرية القتلى، ولكنهم قطعوا رأس شاول وعلقوا جسده على سور بيت شان ( 1صم 31: 9و10).وكان من المألوف بيع الأسرى في سوق الرقيق ( 2مل 5: 2، انظر أيضا 1مك 3: 41). وكان من عادة المنتصرين إجلاء سكان البلاد التي أخضعوها ( 2مل 17: 6) ونهب كنوزهم، وفرض جزية كبيرة عليهم ( 2مل 16: 8)، بل كانوا يأخذون آلهتهم أيضا ( إش 46: 1). ومن ناحية أخرى كان المنتصرون يُستقبلون بالترحاب والتهليل وأغاني الأبتهاج والفرح (1صم 18: 6) كما كانت ترنم الأناشيد الجماعية احتفالاً بالنصر ( خر 15: 1، قض 5: 1، انظر أيضا 1مل 4: 24).

(8) الغنائم والأسلاب : كانت الغنائم التي يخرجون بها من الحرب، ومنها الدروع والثياب والجواهر والأموال والأسرى والحيوانات، تقسم بالتساوي بين الذين كان لهم دور في المعركة، والذين تركوا في المحلة ( عدد 31: 27، يش 22: 8، 1صم 30: 24و25). وكان يعطى جزء من هذه الغنائم للاويين، ويرفع جزء آخر " زكاة للرب " قبل البدء في تقسيم الغنائم التي جمعوها ( عدد 31: 28ـ 30)، فقد كان الإسرائيليون ينظرون إلى الغنائم على أنها ملك للرب، وأظهر مثال لذلك ما حدث عند سقوط أريحا حيث أخذوا الفضة والذهب وآنية النحاس و" جعلوها في خزانة بيت الرب " ( يش 6 : 24). وفي عهد الملكية كان جزء من الغنيمة يعطى للملك الذي كان عادة يكرس هذا الجزء للرب أو يستخدمه للأغراض الحربية ( 1 أخ 18 : 7 و 11). وكان سلاح المغلوب يوضع أحياناً ـ تذكاراً للنصر ـ في المعبد الوثني، أو يحفظ بالقرب من تابوت عهد الرب ( 1 صم 21 : 8 و 9، 31 : 9 و 10).

( 9 ) معاهدات السلام : كما كان البوق يضرب للدعوة للحرب، كذلك كان يضرب إيذاناً بوقف القتال (2صم 2 : 28). وكما كان إشهار السيف علامة على بدء القتال، فإن رده إلى غمده أو إلى جرابه كان علامة على إعلان السلام (إرميا 47 :6). وكما كان الرسل يوفدون إعلان الحرب (إرميا 49 : 14) أو لمحاولة الإقناع بالعدول عنها (2أخ 35 : 21)، فإنهم كانوا يوفدون للتفاوض من أجل السلام ( إش 33 : 7 ).

وكانت تعقد أحياناً معاهدات سلام بين الجانبين المتقاتلين كما حدث بين أخآب وبنهدد الثاني بعد هزيمته، وكان من حسن حظه أن نجا بحياته من يد أخآب ( 1مل 20: 30و31) حيث تقدم رسل بنهدد إلىأخآب ملتمسين منه أن يبقي على حياته، وفي مقابل ذلك ضمن لأخآب حقه في أن تكون له أسواق للتجارة في دمشق كما كان لأبيه أسواق في السامرة ( 1مل 20: 34). وكان من الشائع وجود محالفات هجومية أو دفاعية، مثل التحالف الذي قام بين أخآب ويهوشافاط ضد آرام (1مل 22: 2ـ 4)، والحلف الثلاثي بين يهورام ويهوشافاط وملك أدوم ضد موآب ( 2مل 3: 7ـ 9)، وحلف ملوك الغرب بما فيهم أخآب وهدد عزر ملك دمشق للوقوف في وجه شلمنآسر الثاني ملك أشور الذي أستطاع أن يهزم أولئك المتحالفين في معركة كركر في 854 ق.م. ومن أعمال "يهوه " العظيمة أنه " مسكن الحروب إلى أقصى الأرض، يكسر القوس ويقطع الرمح، المركبات يحرقها بالنار " (مز46: 9). ويصور لنا الأنبياء السلام الذي سيسود في الأيام الأخيرة بأن الرب سيكسر " القوس والسيف والحرب من الأرض " (هوشع 2: 18) " فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل " ( إش 2: 4، ميخا 4: 3).

(10) الحرب في العهد الجديد : من علامات الأيام الأخيرة التي تحدث عنها الرب، قيام "حروب وأخبار حروب " ( مت 24: 6، مرقس 13: 7، لوقا 21: 9و24). ونفهم من حديث الرب يسوع أن الحرب جزء من نظام العالم الحاضر الشرير، وقد رسم لنا صورة لما ستكون عليه الظروف التي ستكتنف مسيرة المؤمنين ( لو 14: 31و32)، وذكر الرب بأن أورشليم ستحيط بها الجيوش ويحاصرونها وتتعرض لأقسى أنواع الحرب ( لو 19: 41 - 44)، وقال إنه ما جاء ليلقي سلاماً على الأرض بل سيفاً ( مت 10: 34)، كما أوضح أن " الذين يأخذون بالسيف، بالسيف يهلكون " ( مت 26: 52).

ويرجع الرسل بأصل الحروب إلى جشع الناس وأنانيتهم ( يع 4 : 1 ). فهم يرون ـ مجازياً ـ في الشهوات الجسدية التي تحارب النفس، الأعداء الذين يحاربون الروح ( 1 بط 2 : 11 )، ويرون في الحرب صورة واضحة للصراع الروحي والرعاية الإلهية،والنصر النهائي المحتم للمؤمنين (رو 7 : 23، 8 : 37، 2 كو 10 : 3 و 5، 1 تي 1 : 18، عب 13 : 13، 1 بط 1:5)، وللرب نفسه (2كو 2 : 14، كو 2 : 15، أف 2 : 16 و17). وقد اختبر الرسول بولس السجن في كل من أورشليم وقيصرية ( أع 21 : 34 و 37، 23 : 35). وفي رومية أصبحت وثقه ظاهرة أمام الحرس الإمبراطوري الذين كانوا يتولون حراسته (في 1 : 13). ويصور لنا الرسول يوحنا في سفر الرؤيا، الحرب المستمرة بين البر والشر، بين المسيح والشيطان، والنصر النهائي سيكون للحمل الذي هو ملك الملوك ورب الأرباب ( رؤ 16 :14 ـ 16، 17 : 14، 19 : 14 ).
إنتهى

 

لا تعليق