التحقيق فيما نسب للرسول من زواجه بزينب

التحقيق فيما نسب للنبي صلى الله عليه وسلم من زواجه بزينب بنت جحش رضي الله عنها

إعداد

أحمد بن عبد العزيز القصيِّر
محاضر في كلية المعلمين في الرس

alqosaier@hotmail.com

 

 

بسم الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

قال الله تعالى : â وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا á [الأحزاب:/37] .

ذكر بعض المفسرين في سبب نزول هذه الآية : أنَّ النبي r وقع منه استحسان لزينب بنت جحش رضي الله عنها ، وهي في عصمة زيد بن حارثة ، وأنَّ النبي r كان حريصاً على أن يُطلقها زيد فيتزوجها هو .

وقد اتكأ على هذه الرواية عدد من المغرضين ، من مستشرقين ، وملحدين ، وجعلوها أداة للطعن في نبينا الكريم ، والنيل من شخصه الكريم .

ولما كان الأمر بهذه الخطورة عمدت إلى دراسة هذه القصة دراسة علمية مؤصلة ، لبيان الحقيقة ، وتنزيه مقام النبي r عن مثل هذه القصص المختلقة الموضوعة .

وقد جعلت هذا البحث في ثلاثة فصول :

الفصل الأول : تخريج القصة ، وذكر طرقها ، مع بيان عللها والحكم عليها .

الفصل الثاني :: ذكر مذاهب المفسرين والعلماء تجاه هذه القصة.

الفصل الثالث : بيان القول الصحيح في هذه القصة ، وفي سبب نزول الآية .


 

الفصل الأول : تخريج القصة ، وذكر طرقها ، مع بيان عللها والحكم عليها :

رويت هذه القصة من ثمانية طرق ، كلها ضعيفة ، وفيما يلي تفصيلها وبيان عللها :

الرواية الأولى : عن أنس بن مالك t قال :« أَتَى رَسُولُ اللَّهِ r مَنْزِلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ r امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَكَأَنَّهُ دَخَلَهُ ( لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ حَمَّادٍ ، أَوْ فِي الْحَدِيثِ  ) ([1])  فَجَاءَ زَيْدٌ يَشْكُوهَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ r : أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ . قَالَ : فَنَزَلَتْ : â وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á إِلَى قَوْلِهِ : â زَوَّجْنَاكَهَا á يَعْنِي زَيْنَبَ ».([2])

الرواية الثانية : عن محمد بن يحيى بن حبان: قال : جاء رسول الله  r بيت زيد بن حارثة يطلبه ، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد ، فربما فقده رسول الله r الساعة ، فيقول: أين زيد ؟ فجاء منزله يطلبه ، فلم يجده ، وتقوم إليه زينب بنت جحش ، زوجته فُضُلاً ، فأعرض رسول الله  r عنها ، فقالت : ليس هو هاهنا يا رسول الله ، فادخل بأبي أنت وأمي ، فأبى رسول الله r أن يدخل ، وإنما عجلت زينب أن تلبس ، لما قيل لها رسول الله r على الباب ، فوثبت عُجلى ، فأعجبت رسول الله r ، فولى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يُفهم منه إلا ربما أعلن سبحان الله العظيم ، سبحان مصرف القلوب ، فجاء زيد إلى منزله ، فأخبرته امرأته أن رسول الله r أتى منزله ، فقال زيد : ألا قلت له أن يدخل ؟ قالت : قد عرضت ذلك عليه فأبى . قال : فسمعت شيئاً ؟ قالت : سمعته حين ولى تكلم بكلام ، ولا أفهمه ، وسمعته يقول: سبحان الله العظيم ، سبحان مصرف القلوب ، فجاء زيد حتى أتى رسول الله r فقال : يا رسول الله : بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لعل زينب أعجبتك فأفارقها ، فيقول رسول الله r : أمسك عليك زوجك . فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم ، فيأتي إلى رسول الله r ، فيخبره رسول الله : أمسك عليك زوجك .فيقول: يا رسول الله ، أفارقها ؟ فيقول رسول الله r : احبس عليك زوجك . ففارقها زيد ، واعتزلها ، وحلت ، يعني انقضت عدتها ، قال: فبينا رسول الله r جالس يتحدث مع عائشة إلى أن أخذت رسول الله r غشية ، فسري عنه وهو يتبسم وهو يقول: من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله قد زوجنيها من السماء ، وتلا رسول الله r : â  وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ á ».([3])

الرواية الثالثة : عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال :« كان النبي r قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمته ، فخرج رسول الله  r يوماً يريده ، وعلى الباب ستر من شعر ، فرفعت الريح الستر ، فانكشفت وهي في حجرتها حاسرة ، فوقع إعجابها في قلب النبي r ؛ فلما وقع ذلك كرهت إلى الآخر ، فجاء فقال: يا رسول الله ، إني أريد أن أفارق صاحبتي . قال:  ما لك؟ أرابك منها شيء ؟ قال: لا والله ، ما رابني منها شيء يا رسول الله،  ولا رأيت إلا خيراً ، فقال له رسول الله r : أمسك عليك زوجك واتق الله . فذلك قول الله تعالى:â وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها ».([4])

الرواية الرابعة : عن قتادة قال : جاء زيد إلى النبي r فقال: إن زينب اشتد علي لسانها ، وأنا أريد أن أطلقها . فقال له النبي r : اتق الله ، وأمسك عليك زوجك ، والنبي r يحب أن يطلقها ، ويخشى قالة الناس إن أمره بطلاقها ، فأنزل الله تعالى:â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ á .([5])

الرواية الخامسة : عن مقاتل بن سليمان قال : زَوَّجَ النبي r زينب بنت جحش من زيد ، فمكثت عنده حيناً ، ثم إنه عليه السلام أتى زيداً يوماً يطلبه ، فأبصر زينب قائمة ، وكانت بيضاء جميلة جسيمة من أتم نساء قريش ، فهويها وقال: سبحان الله مقلب القلوب ،  فسمعت زينب بالتسبيحة ، فذكرتها لزيد ، ففطن زيد فقال: يا رسول الله ، ائذن لي في طلاقها ، فإن فيها كبراً ،  تعظم عليَّ وتؤذيني بلسانها ، فقال عليه السلام : أمسك عليك زوجك واتق الله .([6])

الرواية السادسة : عن عكرمة قال :« دخل النبي r يوماً بيت زيد ، فرأى زينب وهي بنت عمته ، فكأنها وقعت في نفسه ، فأنزل الله : â وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  ».([7])

الرواية السابعة : عن الشعبي :« أن رسول الله r رأى زينب بنت جحش فقال: سبحان الله ، مقلب القلوب. فقال زيد بن حارثة: ألا أطلقها يا رسول الله ؟ فقال: أمسك عليك زوجك ؛ فأنزل الله عز وجل: â وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  ».([8])

الرواية الثامنة : عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة :« أن رسول الله r جاء بيت زيد بن حارثة ، فاستأذن، فأذنت له زينب ، ولا خمار عليها ، فألقت كم درعها على رأسها ، فسألها عن زيد ، فقالت: ذهب قريباً يا رسول الله ، فقام رسول الله r ولـه همهمة ، قالت زينب: فاتبعته ، فسمعته يقول: تبارك مصرف القلوب ، فما زال يقولها حتى تغيب ».([9])

 

الفصل الثاني : ذكر مذاهب المفسرين والعلماء تجاه هذه الروايات .

اختلف المفسرون ، وأهل الحديث ، تجاه هذه الروايات الواردة في سبب نزول الآية ، على مذهبين :

المذهب الأول : رد هذه الروايات وإنكارها ؛ وذلك لعدم ثبوتها ، ولما فيها من قدحٍ بعصمة النبي r .

ويرى أصحاب هذا المذهب : أن الصواب في سبب نزول الآية : أن النبي r كان قد أوحى الله إليه أن زيداً يطلق زينب ، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها له ، فلما تشكى زيد للنبي r خلق زينب ، وأنها لا تطيعه ، وأعلمه بأنه يريد طلاقها ، قال له رسول الله r على جهة الأدب والوصية : اتق الله ، أي في أقوالك ، وأمسك عليك زوجك ، وهو يعلم أنه سيفارقها ، وهذا هو الذي أخفى في نفسه ، ولم يُرِدْ أن يأمره بالطلاق ، لما علم من أنه سيتزوجها ، وخشي رسول الله r أن يلحقه قول من الناس في أن تزوج زينب بعد زيد وهو مولاه ، وقد أمره بطلاقها ؛ فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن خشي الناس في أمر قد أباحه الله تعالى له .([10])

وهذا المذهب روي عن : علي بن الحسين ([11]) ، والزهري ([12])، والسدي ([13]) .

وذكر القرطبيان : أن هذا القول هو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين ، والعلماء الراسخين .([14])

وممن قال به :

أبو بكر الباقلاني ، وبكر بن العلاء القشيري ، وابن حزم ، والبغوي ، وابن العربي ، والثعلبي ، والقاضي عياض ، والواحدي ، وأبو العباس القرطبي ، وأبو عبد الله القرطبي ، والقاضي أبي يعلى ، وابن كثير ، وابن القيم ، وابن حجر ، وابن عادل ، والآلوسي ، والقاسمي ، ورحمة اللـه بن خليل الرحمن الهندي ، وابن عاشور ، والشنقيطي ، وابن عثيمين .([15])

قال القاضي عياض :« اعلم ـ أكرمك الله ، ولا تسترب في تنزيه النبي r عن هذا الظاهر ، وأن يأمر زيداً بإمساكها ، وهو يحب تطليقه إياها ، كما ذُكِرَ عن جماعة من المفسرين ، وأصح ما في هذا : ما حكاه أهل التفسير ، عن علي بن حسين : أن الله تعالى كان أعلم نبيه أن زينب ستكون من أزواجه ، فلما شكاها إليه زيد قال له : أمسك عليك زوجك واتق الله . وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به من أنه سيتزوجها مما الله مبديه و مظهره بتمام التزويج وتطليق زيد لها ».أهـ ([16]) 

وقال أبو العباس القرطبي :« وقد اجترأ بعض المفسرين في تفسير هذه الآية ، ونسب إلى رسول الله r ما لا يليق به ويستحيل عليه ، إذ قد عصمه الله منه ونزهه عن مثله ، وهذا القول إنما يصدر عن جاهلٍ بعصمته عليه الصلاة والسلام ، عن مثل هذا ، أو مُسْتَخِفٍّ بحرمته ، والذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين : أن ذلك القول الشنيع ليس بصحيح ، ولا يليق بذوي المروءات ، فأحرى بخير البريات ، وأن تلك الآية إنما تفسيرها ما حُكي عن علي بن حسين .... ».أهـ ([17])

أدلة هذا المذهب :

استدل أصحاب هذا المذهب على ما ذهبوا إليه ، بأدلة منها :

الدليل الأول : أن الله تعالى أخبر أنه مُظهِرٌ ما كان يخفيه النبي r ، فقال : â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  ، ولم يُظهرْ سبحانه غير تزويجها منه ، حيث قال : â فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا á ، فلو كان الذي أضمره رسول الله r محبتها أو إرادة طلاقها ؛ لأظهر الله تعالى ذلك ؛ لأنه لا يجوز أن يُخبر أنه يُظهرِهُ ثم يكتمه فلا يظهره ، فدل على أنه إنما عُوتِبَ على إخفاء ما أعلمه الله إياه : أنها ستكون زوجة له ، لا ما ادعاه هؤلاء أنه أحبها ، ولو كان هذا هو الذي أخفاه لأظهره الله تعالى كما وعد .([18])

الدليل الثاني : أن الله تعالى قال بعد هذه الآية : â مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ á [الأحزاب:38] وهذه الآية تدل على أنه r لم يكن عليه حرج في زواجه من زينب رضي الله عنها ، ولو كان على ما روي من أنه أحبها وتمنى طلاق زيدٍ لها ، لكان فيه أعظم الحرج ؛ لأنه لا يليق به مدَّ عينيه إلى نساء الغير ، وقد نُهي عن ذلك في قولـه تعالى : â لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ á [الحجر:88].([19]) 

الدليل الثالث : أن زينب رضي الله عنها تعتبر بنت عمة النبي r ([20]) ، ولم يزل يراها منذ ولِدَت، وكان معها في كل وقت وموضع ، ولم يكن حينئذ حجاب ، وهو الذي زوجها لمولاه زيد ، فكيف تنشأُ معه ، وينشأُ معها ، ويلحظها في كل ساعة ، ولا تقع في قلبه إلا بعد أن تزوجها زيد، وقد كانت وهبت نفسها للنبي r وكرهت غيره ، فلم تخطر بباله r ، فكيف يتجدد لها هوىً لم يكن ، حاشاه r من ذلك ، وهذا كله يدل على بطلان القصة ، وأنها مختلقة موضوعة عليه r .([21])

الدليل الرابع : أن الله تعالى بيّن الحكمة من زواجه r بزينب ، فقال : â  فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا á ، وهذا تعليل صريح بأن الحكمة هي قطع تحريم أزواج الأدعياء ، وكون الله هو الذي زوجه إياها لهذه الحكمة العظيمة ، صريح في أن سبب زواجه إياها ليس هو محبته لها ، التي كانت سبباً في طلاق زيد لها ، كما زعموا ، ويوضحه قولـه تعالى : â  فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا á  ؛ لأنه يدل على أن زيداً قضى وطره منها ، ولم تبق له بها حاجة ، فطلقها باختياره .([22])

المذهب الثاني : قبول هذه الروايات واعتمادها ، وجعلها سبباً في نزول الآية .

ويرى أصحاب هذا المذهب : أنَّ النبي r وقع منه استحسان لزينب ، وهي في عصمة زيد ، وكان حريصاً على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو ، ثم إن زيداً لما أخبره أنه يريد فراقها ، ويشكو منها غلظة قول ، وعصيان أمر ، وأذىً باللسان ، وتعظماً بالشرف ، قال له : اتق الله فيما تقول عنها ، و أمسك عليك زوجك . وهو يخفي الحرص على طلاق زيدٍ إياها ، وهذا هو الذي كان يخفي في نفسه ، ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف ، قالوا : وخشي النبي r قالة الناس في ذلك ، فعاتبه الله تعالى على جميع هذا .([23])

وهذا المذهب روي عن : قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وعكرمة ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، ومقاتل ، والشعبي ([24]) ، وابن جريج ([25]) .

وهو اختيار : ابن جرير الطبري ، والزمخشري ، والبيضاوي ، وأبي السعود ، وابن جزي ، والعيني ، والسيوطي .([26])

قال ابن جرير الطبري :« ذُكِر أن النبي r رأى زينب بنت جحش فأعجبته ، وهي في حبال مولاه ، فألقي في نفس زيد كراهتها ، لما علم الله مما وقع في نفس نبيه r ما وقع ، فأراد فراقها ، فذكر ذلك لرسول الله r ، فقال له رسول الله r : أمسك عليك زوجك ، وهو r يحب أن تكون قد بانت منه لينكحها ، واتق الله ، وخفِ الله في الواجب له عليك في زوجتك ، â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  يقول: وتخفي في نفسك محبة فراقه إياها ، لتتزوجها إن هو فارقها ، والله مبدٍ ما تخفي في نفسك من ذلك ، â  وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ á  يقول تعالى ذكره : وتخاف أن يقول الناس أمر رجلاً بطلاق امرأته ونكحها حين طلقها ، والله أحق أن تخشاه من الناس ».أهـ ([27])

أدلة هذا المذهب :

استدل أصحاب هذا المذهب على ما ذهبوا إليه ، بأدلة منها :

الدليل الأول : الروايات الواردة في سبب نزول الآية ، والتي فيها التصريح بما قلنا .

واعتُرِضَ : بأن هذه الروايات ضعيفة ، وليس فيها شيء يصح .

الدليل الثاني : أنه قد روي عن عائشة ([28]) ، وأنس ([29]) - رضي الله عنهما - أنهما قالا :« لَوْ كَانَ رَسُولُ r كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ : â وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ á ».

قالوا : وهذا يدل على أنه r وقع منه حبٍ لزينب ، وأنه كان يخفي ذلك ، حتى أظهره الله تعالى . 

واعتُرِضَ : بأن مراد عائشة ، وأنس رضي الله عنهما : أن رغبة النبي r في تزوج زينب ، كان سراً في نفسه لم يُطلِعْ عليه أحداً ، إذ لم يؤمر بتبليغه إلى أحد ، وعلى ذلك السر انبنى ما صدر منه لزيد في قولـه : â أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ á  ، ولما طلقها زيد ورام تزوجها ، علم أن المنافقين سيرجفون بالسوء ، فلما أمره الله بذكر ذلك للأمة ، وتبليغ خبره ، بَلَّغَهُ ولم يكتمه ، مع أنه ليس في كتمه تعطيل شرع ، ولا نقص مصلحة ، فلو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية ، التي هي حكاية سِرٍّ في نفسه ، وبينه وبين ربه تعالى ، ولكنه لما كان وحياً بلغه ؛ لأنه مأمور بتبليغ كل ما أنزل إليه.([30]) 


 

المبحث الخامس : الترجيح :

الحق أن هذه القصة مختلقة موضوعة على النبي r ، وأن الآية لا يصح في سبب نزولها إلا حديث أنس t ([31])، وهذا الحديث ليس فيه شيء مما ذكر في هذه القصة ، فيجب الاقتصار عليه ، وطرح ما سواه من الروايات الضعيفة .

ومما يدل على وضع هذه القصة :

الدليل الأول : أنها لم تُروى بسند متصل صحيح ، وكل الروايات الواردة فيها ، إما أنها مرسلة ، أو أن في أسانيدها ضعفاء ومتروكين .

الدليل الثاني : تناقض روايات هذه القصة واضطرابها ، ففي رواية محمد بن يحيى بن حبان : أن النبي r جاء يطلب زيداً في بيته ، وأن زينب خرجت له فُضلاً متكشفة ، وأما رواية ابن زيد ففيها أن زينب لم تخرج إليه ، وإنما رفعت الريح الستر فانكشفت وهي في حجرتها حاسرة ، فرآها النبي r ، وتأتي رواية أبي بكر بن أبي حثمة فتخالف هاتين الروايتين وتدعي أن رسول الله r استأذن عليها ، فأذنت له ولا خمار عليها ، وهذا الاضطراب والتناقض بين الروايات يدل دلالة واضحة على أن القصة مختلقة موضوعة .

الدليل الثالث : أن هذه الروايات مخالفة للرواية الصحيحة ([32]) الواردة في سبب نزول الآية ، والتي فيها أن زيداً جاء يشكو للنبي r زينب ، ولم تذكر هذه الرواية شيئاً عن سبب شكواه ، وهي صريحة بأنه جاء يشكو شيئاً ما ([33]) ، وأما تلك الروايات الضعيفة فتدعي أن زيداً عرض طلاقها على النبي r نزولاً عند رغبته ، لما رأى من تعلقه بها ، وهذا يدل على ضعف هذه الروايات ووضعها .

الدليل الرابع : أن هذه الروايات فيها قدح بعصمة النبي r ، ونيل من مقامه الشريف ، فيجب ردها وعدم قبولها ، وتنزيه مقام النبي r عن مثل هذه الأكاذيب المختلقة الموضوعة .

الدليل الخامس : أن الآيات النازلة بسبب القصة ليس فيها ما يفيد أن النبي r وقع منه استحسان لزينب رضي الله عنها ، وقد تقدم وجه دلالتها على هذا المعنى ، في أدلة المذهب الأول ، والله تعالى أعلم .

 

****

 


 

([1]) قائل هذه العبارة : هو مؤمل بن إسماعيل ، أحد رواة الحديث .

([2]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/149) قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا ثابت ، عن أنس ....، فذكره .

وهذا الحديث فيه ثلاث علل  :

الأولى : أنه من راوية مؤمل بن إسماعيل ، وهو سيئ الحفظ ، كثير الغلط ، قال أبو حاتم : صدوق ، كثير الخطأ . وقال البخاري:  منكر الحديث . وقال الآجري : سألت أبا داود عنه : فعظمه ورفع من شأنه ، إلا أنه يهم في الشيء . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : ربما أخطأ . وقال يعقوب بن سفيان : حديثه لا يشبه حديث أصحابه ، وقد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه ؛ فإنه يروي المناكير عن ثقات شيوخه ، وهذا أشد ، فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء لكنا نجعل له عذراً . وقال الساجي : صدوق كثير الخطأ ، وله أوهام يطول ذكرها . وقال ابن سعد : ثقة كثير الغلط . وقال الدارقطني : ثقة كثير الخطأ . وقال محمد بن نصر المروزي : إذا انفرد بحديث وجب أن يُتوقف ويُتثبت فيه ؛ لأنه كان سيئ الحفظ ، كثير الغلط . انظر : تهذيب التهذيب (10/339).

العلة الثانية : أن مؤمل بن إسماعيل قد تفرد بزيادة منكرة في هذا الحديث ، وهي قولـه - في أول الحديث - :« أَتَى رَسُولُ اللَّهِ r مَنْزِلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ r امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَكَأَنَّهُ دَخَلَهُ ». وقد روى هذا الحديث جماعة من الثقات ، عن حماد بن زيد ، ولم يذكروا هذه الزيادة ، ومن هؤلاء الرواة :

1-  مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ: أخرج حديثه ، البخاري في صحيحة ، في كتاب التفسير ، حديث (4787) ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t :« أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ : â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ».

2-  مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ : أخرج حديثه ، البخاري في صحيحة ، في كتاب التوحيد ، حديث (7420) قال : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَال:« َ جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِيُّ r يَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ . قَالَ أَنَسٌ : لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ ».

3-  أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ : أخرج حديثه ، الترمذي في سننه ، في كتاب التفسير ، حديث (3212) قال : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ :« لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ á فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، جَاءَ زَيْدٌ يَشْكُو ، فَهَمَّ بِطَلَاقِهَا ، فَاسْتَأْمَرَ النَّبِيَّ r ، فَقَالَ النَّبِيُّ r : أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ».

4-  عفان بن مسلم : أخرج حديثه ، ابن حبان في صحيحه (15/519) قال : أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال :« جاء زيد بن حارثة يشكو زينب إلى رسول الله r ، فقال رسول الله r : أمسك عليك أهلك ، فنزلت : â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á  ».

5-  محمد بن سليمان : أخرج حديثه ، النسائي في السنن الكبرى (6/432) قال : أنا محمد بن سليمان ، عن حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : .... ، فذكره ، بنحو رواية ابن حبان .

العلة الثالثة : تردد مؤمل بن إسماعيل في هذه الزيادة التي رواها في الحديث ، وذلك بقوله :« لا أدري من قول حماد ، أو في الحديث » ، وهذا يدل على سوء حفظه ، وأن هذه الرواية غير محفوظة في الحديث .

([3]) أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/101) قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن عامر الأسلمي،  عن محمد بن يحيى بن حبان قال : .... فذكره .

وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/25) ، من طريق محمد بن عمر ، به .

وأخرجه ابن الجوزي في « المنتظم في التاريخ » (***) من طريق ابن سعد ، به .

وهذه الرواية فيها ثلاث علل :

الأولى : أنها من طريق محمد بن عمر ، وهو الواقدي . قال البخاري : متروك الحديث ، تركه أحمد ، وابن المبارك ، وابن نمير ، وإسماعيل بن زكريا ، وقال في موضع آخر : كذبه أحمد .

وقال يحيى بن معين : ضعيف ، وقال مرة : ليس بشيء . وقال ابن حبان : كان يروي عن الثقات المقلوبات ، وعن الأثبات المعضلات ، وقال علي بن المديني : الواقدي يضع الحديث .

انظر : التاريخ الكبير ، للبخاري (1/178) ، والمجروحين ، لابن حبان (2/290) ، وتهذيب التهذيب (9/323).

العلة الثانية : شيخ الواقدي ، وهو عبد الله بن عامر الأسلمي ، متفق على تضعيفه . انظر : تهذيب التهذيب (5/241).

العلة الثالثة : أن هذه الرواية مرسلة ؛ لأن محمد بن يحيى بن حبان ، تابعي مات سنة 121 هـ ، وهو لم يدرك القصة ، ولم يذكر من حدثه بها .

([4]) أخرجه ابن جرير في تفسيره (10/302) قال : حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد  .... ، فذكره.

وهذه الرواية فيها علتان :

الأولى : أنها معضلة ؛ لأن عبد الرحمن بن زيد من الطبقة الثانية من التابعين ، مات سنة 182 هـ ، فهو لم يدرك القصة ، ولم يذكر الواسطة بينه وبين من حدث بها عن الصحابة y.

العلة الثانية : أن ابن زيد متفق على ضعفه ، وممن ضعفه : الإمام أحمد ، وابن معين ، وابن المديني ، والنسائي ، وأبو زرعة ، وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم ، حتى كثر ذلك في روايته ، من رفع المراسيل ، وإسناد الموقوف ، فاستحق الترك . وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ، ضعيفاً جداً . وقال ابن خزيمة : ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه . وقال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه . انظر : تهذيب التهذيب (6/161).

([5]) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (3/117) ، عن معمر ، عن قتادة ، به .

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/41) ، من طريق معمر ، به .

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (10/302) ، والطبراني في المعجم الكبير (24/42) : كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، بنحوه .

وقتادة : هو ابن دعامة السدوسي ، أحد الأئمة الحفاظ المشهورين بالتدليس ، وكثرة الإرسال ، قال أحمد بن حنبل: ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي r ، إلا من أنس بن مالك .

قلت : وروايته هذه مرسلة ، وقد قال الشعبي : كان قتادة حاطب ليل . وذكر أبو عمرو بن العلاء : أن قتادة لا يغث عليه شيء ، وكان يأخذ عن كل أحد .

انظر : جامع التحصيل (1/254) ، وتهذيب التهذيب (8/317-322).

([6]) هذه الرواية ذكرها القرطبي في تفسيره (14/123) ، عن مقاتل ، ولم يذكر لها سنداً ، ومقاتل : متهم بالكذب ، ووضع الحديث ، قال عمرو بن علي :متروك الحديث كذاب . وقال ابن سعد : أصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال في موضع آخر : لا شيء البتة . وقال عبد الرحمن بن الحكم : كان قاصاً ترك الناس حديثه . وقال أبو حاتم : متروك الحديث . وقال النسائي :كذاب . وقال ابن حبان :كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم ، وكان مشبهاً يشبه الرب سبحانه وتعالى بالمخلوقين، وكان يكذب مع ذلك في الحديث . وقال الدار قطني : يكذب ، وعدَّه في المتروكين . وقال العجلي: متروك الحديث.  انظر : تهذيب التهذيب (10/252-253).

([7]) ذكرهذه الرواية السيوطي في الدر المنثور (5/385) ، وعزاها لعبد بن حميد ، وابن المنذر .

وهذه الرواية ضعيفة ؛ لإرسالها من قبل عكرمة ، وتعليقها من قبل السيوطي .

([8]) أخرجه ابن عدي في الكامل (3/316) قال : ثنا الساجي ، ثنا الحسن بن علي الواسطي قال: ثنا علي بن نوح ، ثنا محمد بن كثير ، ثنا سليم مولى الشعبي ، عن الشعبي ، به .

وأعله ابن عدي بسليم مولى الشعبي ، وضعفه . وهو مرسل أيضاً .

([9]) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/44 ) قال : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا الحسن بن علي الحلواني ، ثنا محمد بن خالد بن عثمة ، حدثني موسى بن يعقوب ، عن عبد الرحمن بن المنيب ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، به .

وأبو بكر بن أبي حثمة ، تابعي ، ذكره الحافظ ابن حجر في التقريب (2/404) وقال : مدني ثقة ، من الرابعة ، روى له البخاري ومسلم مقروناً بغيره .

وهذه الرواية فيها علتان :

الأولى : أنها مرسلة ، والثانية : جهالة عبد الرحمن بن المنيب ، فلم أقف على ترجمته .

([10]) انظر : المحرر الوجيز (4/386).

([11]) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (10/303) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (9/3135 ، 3137) ، كلاهما من طريق سفيان بن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن علي بن الحسين ، به .

وإسناده ضعيف ؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان .

([12]) نقله عنه : القاضي عياض ، في الشفا (2/117) ، وأبو العباس القرطبي ، في المفهم (1/406).

([13]) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (9/3137) ، معلقاً .

([14]) انظر : المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/406) ، وتفسير القرطبي (14/123).

([15]) انظر على الترتيب : الانتصار لنقل القرآن ، للباقلاني (2/704) ، والشفا (2/118) ، والفصل في الملل والأهواء والنحل ، لابن حزم (2/312) ، وتفسير البغوي (3/532) ، وأحكام القرآن لابن العربي (3/577) ، والكشف والبيان ، للثعلبي (***) ، والشفا ، للقاضي عياض (2/117) ، والوسيط ، للواحدي (***) ، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/406) ، وتفسير القرطبي (14/123) ، وزاد المسير (6/210) ، وتفسير ابن كثير (3/499) ، وزاد المعاد (4/266) ، وفتح الباري (8/384) ، واللباب في علوم الكتاب (15/554) ، وروح المعاني (22/278) ، ومحاسن التأويل (8/83) ، وإظهار الحق (***) ، والتحرير والتنوير (***) ، وأضواء البيان (6/580-583) ، ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (***).

([16]) الشفا (2/117).

([17]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/406) ، باختصار .

([18]) انظر : تفسير البغوي (3/532) ، والشفا (2/117) ، وأضواء البيان (6/582-583).

([19]) انظر : الشفا (2/118) ، وأحكام القرآن ، لابن العربي (3/578) ، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/406).

([20]) لأن أمها أميمة بنت عبد المطلب .

([21]) انظر : الشفا (2/118 ) ، وأحكام القرآن ، لابن العربي (3/577).

([22]) انظر : أضواء البيان (6/583).

([23]) انظر : المحرر الوجيز (4/386).

([24]) تقدم تخريج أقوالهم في أول المسألة .

([25]) أخرجه الطبراني في الكبير (24/43).

([26]) انظر : على الترتيب : تفسير الطبري (10/302) ، والكشاف (3/524) ، وتفسير البيضاوي (4/376) ، وتفسير أبي السعود (7/105) ، والتسهيل لعلوم التنزيل (2/152) ، وعمدة القاري (19/119) ، ومعترك الأقران (2/407).

([27]) تفسير الطبري (10/302).

([28]) أخرجه مسلم في صحيحه ، في كتاب الإيمان ، حديث (177).

([29]) أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب التوحيد ، حديث ( 7420).

([30]) انظر : التحرير والتنوير (***).

([31]) عن أنس t قال :« جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ r يَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ».

أخرجه البخاري في صحيحه ، في كتاب التوحيد ، حديث (7420).

وأخرجه في كتاب التفسير ، حديث (4787) ، عن أنس t ، بلفظ :« أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ : â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ á نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ».

وأخرجه الترمذي ، في سننه ، في كتاب التفسير ، حديث (3212) ، عن أنس ، بلفظ :« لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ :â وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ á فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، جَاءَ زَيْدٌ يَشْكُو ، فَهَمَّ بِطَلَاقِهَا ، فَاسْتَأْمَرَ النَّبِيَّ r ، فَقَالَ النَّبِيُّ r : أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ». قال الترمذي :« حديث حسن صحيح ».

([32]) هي رواية أنس t المتقدمة في أول الترجيح ، وهي في البخاري .

([33]) جاء في رواية ضعيفة التصريح بنوع الشكاية التي عرضها زيد على النبي r ، فعن الكميت بن زيد الأسدي قال:  حدثني مذكور - مولى زينب بنت جحش - عن زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: خطبني عدة من قريش،  فأرسلت أختي حمنة إلى رسول الله r أستشيره ، فقال لها رسول الله r : أين هي ممن يعلمها كتاب ربها ، وسنة نبيها . قالت : ومن هو يا رسول الله ؟ قال : زيد بن حارثة . قال : فغضبت حمنة غضباً شديداً ، وقالت: يا رسول الله ، أتزوج بنت عمتك ، مولاك ؟ قالت زينب : ثم أتتني فأخبرتني بذلك ، فقلت أشد من قولها وغضبت أشد من غضبها ؛ فأنزل الله : â وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ á [الأحزاب:36] قالت: فأرسلت إلى رسول الله r ، وقلت: إني استغفر الله ، وأطيع الله ورسوله ، إفعل ما رأيت، فزوجني زيداً ،  وكنت أرثي عليه ، فشكاني إلى رسول الله r فعاتبني رسول الله r ، ثم عدت فأخذته بلساني ،  فشكاني إلى رسول الله r ، فقال رسول الله r : أمسك عليك زوجك واتق الله . فقال : يا رسول الله ، أنا أطلقها . قالت : فطلقني ، فلما انقضت عدتي ، لم أعلم إلا ورسول الله r قد دخل علي ببيتي ،وأنا مكشوفة الشعر ، فقلت: إنه أمر من السماء . فقلت : يا رسول الله ، بلا خطبة ، ولا إشهاد ؟ فقال: الله المزوج ، وجبريل الشاهد ».

أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/51) ، والطبراني في الكبير (24/39) ، والبيهقي في السنن الكبرى (7/136) ، والدارقطني في سننه (3/301) ، وابن عساكر في تاريخه (19/357) ، جميعهم من طريق: الحسين بن أبي السري، العسقلاني ، عن الحسن بن محمد بن أعين الحراني ، عن حفص بن سليمان ، عن الكميت بن زيد الأسدي ، به .

والحديث ضعيف ، في إسناده :

« الحسين بن أبي السري » ، ضعفه أبو داود ، واتُهم بالكذب . انظر : تهذيب التهذيب (2/314).

و « حفص بن سليمان الأسدي » متروك الحديث . انظر : تهذيب التهذيب (2/345).

وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره معلقاً (9/3137) ، عن السدي ، في قولـه : â  وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ á قال:« بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها ، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله r ، فأراد أن يزوجها زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فكرهت ذلك ، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله r ، فزوجها إياه ، ثم أعلم الله نبيه r بَعْدُ أنها من أزواجه ، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها ، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس ، فيأمره رسول الله r أن يمسك عليه زوجه ، وأن يتقي الله ، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ، أن يقولوا : تزوج امرأة ابنه ، وكان رسول الله  r قد تبنى زيداً ».