د . كامل النجار قراءة نقدية غير شريفة

كمسلم لا أعاني من حساسية للنقد فالقرآن يحتوي على كل الإنتقادات التي وجهت للإسلام في بداية الدعوة بدون تعتيم أو تكتم رغم أن معظمها كان إفتراءات بحتة .
ولكن الكتابات التخريبية الغير شريفة فهي تستحق مني كمسلم دفاعا مضادا .
الكتاب الذي بين يدي الآن إكتسب شهرة كبيرة في عالم الإنترنت ولا أعرف كيف تم ذلك برغم أنه كتاب غير منهجي وغير محايد على الإطلاق .
لا أعرف الكاتب وربما هي المرة الأولى التي أقرأ له شيء لذلك فلن أهتم بشخصه وسيكون محور كلامي على محتوى الكتاب .
قد يتفق معي بعض اللادينين أنفسهم أن الكتاب إجمالا غير موضوعي وسطحي تماما ورغم ذلك تجد معظم الأفكار الإلحادية على الصفحات العربية للإنترنت موجودة في هذا المصدر .
لذلك كانت فرصة جيدة أن تجتمع كل هذه الإتهامات الموجهة للإسلام أمامي للرد عليها برغم أنها مكدسة ومكثفة جدا بدون فرصة لإلتقاط الأنفاس .
سأناقش ما جاء في الكتاب فصلا فصلا وربنا يعطينا وإياكم طول العمر .

قبل أن ابدأ تتبع الرجل لي بعض التعليقات على المقدمة التي كتبها :-


يقول كامل النجار :-

اقتباس:
 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

نعم أن العالم العربي يمر في مرحلة عصيبة، ولكن من المسئول عن هذه المحنة التي يمر بها العرب والمسلمون عامةً؟ لا شك أنها من صنع العرب والمسلمين أنفسهم ورغبتهم العارمة بالرجوع بانفسهم الى عصر الاسلام الذهبي قبل اربعة عشر قرناً من الزمان. وقاد هذا الهوس بالماضي الجماعات السلفية الي تنفيذ فاجعة 11 سبتمر عام 2001 التي جعلت الإسلام مرادفاً للإرهاب والمسلم مرادفاً للإرهابي، وقسّموا العالم إلى معسكرين متناحرين في رأيهم: (إما فسطاط الإيمان أو فسطاط الكفر.. وإما نحن وإما هم ولا يمكن التعايش بينهما!!) على غرار بعض المتشددين الغربين الذين قالوا: (الغربُ غربٌ والشرقُ شرقٌ ولا يلتقيان). وهذه النزعة الإنتحارية هي ضد الإنسانية والحضارة العالمية، ناهيك عن تناقضها تماماً مع روح الاديان وجوهرها.

 

 



هكذا تلاحظ تلميحا أن الإسلام هو السبب في الوضع الحالي !!

ليس الاستعمار الذي اثقل كاهل الامة وقسمها دويلات زرع بينها التناحر قبل الرحيل هو السبب !!!
وليست الغزوات الفكرية لحركات القومية والاشتراكية التي أهدرت سنين من عمر الأمة في تجارب لم تكن لتنجح قط متناسية أن رابطة القرابة العرقية انقسامية بطبيعتها لأنها تقوم على أساس عصبية الأعراق !!

الإسلام هو سبب كل خراب في العالم عند هؤلاء حتى وهو موجود في الظل لا يحكم!!


ثم تجده يستخدم مصطلح ( السلفين ) بشكل يدل على جهله التام بالوضع الفكري الإسلامي وإلا فليخبرنا ما العلاقة بين الدعوات السلفية وأحداث 11 أيلول ؟ .
هل الإسلام جاء ليقسم العالم أم هم الذين قسموه لكتلة شرقية و غربية وزرعوا الكيان الصهيوني بالقوة ليبقى حارسا دائما لهذا التقسيم ؟
إن المرء ليأسف على هذه العقول المختلة !!


 




يقول كامل النجار :-
اقتباس:
 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولكن هل كان عصر الخلفاء الراشدين عصراً اسلامياً ذهبياً كما يتوهم السلفيون؟ فاذا نظرنا لهذا العهد نجد ان الخلاف قد دب بين المسلمين بمجرد ان مات النبي. فنجد ان الانصار والمهاجرين أوشكوا ان يتقاتلوا بالسيوف علي من سيخلف الرسول، هل يكون من الانصار ام من المهاجرين. أراد ألانصار ان يبايعوا سعد بن عبادة، واراد المهاجرون ان يكون الخليفة منهم. ولما بايع عمر بن الخطاب أبا بكر قال المهاجرون لن نبايع الا علياً، واعتكف قادتهم في منزل علي بن ابي طالب . فذهب عمر بن الخطاب الى منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجالُ من المهاجرين، فقال لهم: والله لتخرجن للبيعة او لاحرقن عليكم البيت. فخرج عليه الزبير مسلطاً سيفه فعثر فسقط منه السيف، فوثبوا عليه واخذوه منه .

 

 




هنا يقرأ كامل النجار التاريخ بدون اعتبار الواقع الإجتماعي وطابع الجدلية داخله .
حين ندرس تاريخ الامة الاسلامية فلابد أن نعرف أن المسلمين بشر كسائر الناس . وليس من المعقول ان نتوقع تاريخا ملائكيا خال من التدافع الإجتماعي .
نحن لم نقل أن الاسلام قتل الطابع الجدلي داخل المجتمع البشري فمن يقول ذلك كمن يقول أن الإسلام قضي على الفقر أو قضى على الشر في العالم .
مشكلة كامل النجار وغيره من مدعي الطوبائية أنهم ينظرون لحدث معين ويجعلون منه كل التاريخ بل ويحصرون تقييم فترة من الفترات في نطاق ضيق يرفضون الخروج منه .
لم يكن بمقدور الرسول الكريم أن يصب التاريخ في القالب الذي يريده ويتمناه وهذه أيضا ليس وظيفته فهو ليس إلها .
فالرسول صلي الله عليه وسلم توفي وترك في المسلمين خضوعا لله من ناحية وثورة على الظلم من ناحية أخرى فتجد المسلم خاضع وثائر في نفس الوقت ونشأ عن هذا حركة إجتماعية قلما تجد لها نظيرا في التاريخ .
فترة الخلافة الراشدة التي يراها كامل النجار غير جديرة بالثقة هي أفضل فترة عدالة مرت على البشرية في التاريخ رغم وجود صراع داخلى في بعض أوقاتها .
هذا الصراع هو من سنن التدافع في الكون يظهر ويختفي ويعود الأمر كما كان .
هل معنى أن عمر بن الخطاب مات مقتولا أن فترة حكمه فترة سيئة في التاريخ ؟
ما قوله إذن في الحكام العرب الآن الذي لم يمت أحدهم مقتولا بل وصلوا لأرذل العمر وهم مازالوا في مناصبهم ؟ هل يراها فترة جيدة ومثالية ؟


التاريخ يحكي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عاش بسيطا بدون حرس وحاشية .
عاش وسط البسطاء وكأنه منهم ينام في خيمة أو تحت شجرة وهو الذي كان حاكما لدولة مترامية الأطراف .
أناس عاشوا بهذا الشكل كانوا عرضة للقتل في أي لحظة ولكنهم لم يكونوا يخشون شيئا .
لابد أن نعرف أن الفارق كبير بين من يدعو للعدل وهو مظلوم ومن يدعو له وهو حاكم مسيطر بيده مقاليد الأمور .
فارق كبير أن تنادي بالزكاة وأنت فقيرا معدما وأن تدعو لها وأنت بيدك كنوز الدنيا .
فارق كبير بين من يدعو للحق لأن فيه مصلحته وبين من يدعو له لأن الله أمره بذلك .
هذا هو الفارق بين الصادق والمدعي .
لذلك أقول أن هذه الفترة هي خير فترات التاريخ صدقا وليس تمثيلا .



 




يقول كامل النجار :-

اقتباس:
 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وحتى البغاء كان متفشيا في تلك الحقبة الذهبية. ففي سنة سبع عشرة ولى عمر ابا موسى الاشعري على البصرة وامره ان يُشخص اليه ( يرسل اليه)المغيرة، وكان المغيرة يختلف على ام جميل، أمرأة من بني هلال توفى عنها زوجها. وكانت ام جميل تغشى المغيرة وتغشى الامراء والاشراف، تبيع جسدها، وكان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها .
والسرقة كانت متفشية في المدينة في خلافة عمر بن الخطاب. فيحدثنا اهل الذكر ان عمر بن الخطاب جاء الى عبد الرحمن بن عوف في وقتٍ متأخر من الليل، فقال له عبد الرحمن: ما جاء بك في هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: رفقةٌ نزلت في ناحية السوق خشيت عليهم سُراق المدينة.[13] فالخليفة كان يعلم ان المدينة مليئة بالسارقين، رغم قطع الايدي
.

 

 




سأفترض صحة هذه الروايات ولكن ألم يتساءل كامل النجار لماذا يكتب الإمام الطبري هذه الحوادث في كتابه ( تاريخ الطبري ) ؟
هل حادثة الزنا تستحق أن تكتب في كتب التاريخ ؟
هل حوادث السرقة تستحق أن تؤرخ في كتب التاريخ ؟
لو أن مؤرخ معاصر أراد أن يكتب تأريخا عن عصرنا الحالي هل كان سيهتم بذكر حوادث السرقة والزنا ؟

حتما لم تكن هذه الأمور التافهة لتثير إهتمام أحد فهي شيء تقليدي ومعتاد بل سينبري أي مؤرخ للكتابة عن الأمور الهامة مثل الحروب الدولية والصراعات الإقليمية ..إلخ .
أقول لكامل النجار أن ذكر حوادث السرقة والزنا في كتاب تاريخ هو دليل على ندرتها وغرابتها وليس لذلك معنى آخر .

كما سأريكم فيما بعد فكامل النجار لا يفعل شيئا سوى تكسير الرموز وإهالة التراب على الذهب من أجل تمييع الأمور .
حرب تكسير الرموز هذه يقودها أناس يرفضون مجرد أن يعود الإسلام ليحكم بين الناس .
هل الوضع الحالي للعالم المنقسم ما بين مترفين يملكون كل شيء وعالم ثالث تحت خط الفقر يثير عندهم الرضا لهذا الحد ؟
الإنسان أصبح إنسانين والحق أصبح حقين والمعيار أصبح معيارين .
هل قانون الغاب هذا يستحق الدفاع عنه ؟ العزيز القوي لا عقاب له مهما خالف القانون أما الضعيف المغلوب فمستباح دمه وماله وعرضه .
هل تعلمون لماذا يعارضون أن يعود الإسلام حاكما ؟
لأن هذا يدمر خططهم الجرثومية في اغراق العالم في شهواته الحيوانية وسط احتفال وصخب بالعودة لجذور القرود .
لأن الإسلام بنظامه الإجتماعي قادر أن يحطم مركزية الثروة واحتكار هؤلاء لكل شيء ويمنع امتصاص دماء الشعوب .
الإسلام قادر أن يمنع موت 30 ألف طفل يوميا لأسباب قابلة للعلاج حسب تقريرات الأمم المتحدة .
هل تعلمون من هو عدو الدين ؟
فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين .

(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ - فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ - وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ - فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ - الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ - وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) .

كامل النجار وغيره ليسوا سوى عبيد في هذه البروباجاندا ولا يدرك أنهم خاسرون في النهاية كل شيء :-

(الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) البقرة 27 .


 




يقول كامل النجار :- اقتباس:

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولعل هذا الكتاب هو الأول من نوعه باللغة العربية الذي يتناول الإسلام بقراءة نقدية علمية محايدة دون أي تطرف أو انحياز لأية جهة. وإني اعتمدت على المصادر الإسلامية الكلاسيكية المحترمة من قبل جميع الفرق والمذاهب الإسلامية، في توضيح وإثبات هذا الرأي أو ذاك. ولكن رغم ذلك سيثور المتزمتون لانهم لا يعرفون التسامح مع الناقدين، وبالتالي سوف اتعرض في جوهر الكتاب الى عدم التسامح في الاسلام والى عدم احترام رأي الغير.

 

 




سنرى الآن ما هي المصادر المحترمة التي يتحدث عنها كامل النجار والتي ذكرها في الهامش :-

الرجل ينقل لمؤلف اسمه ابن وراق ( اسم مستعار على ما يبدو) . كتبه المنشورة بالانجليزية تحمل أسماء ( لماذا أنا لست مسلما ) و ( أصول القرآن ) و ( ماذا الذي يقوله الاسلام حقا ) وكتابه الأخير هذا يزعم فيه أن الاسلام لا يدعو سوى للدمار والتخريب ويزعم أن القرآن كتاب غير معتدل مختل مليء بالعنف والقسوة ويدعو الناس إلى عدم تصديق المسلمين فهم كذبة على حد زعمه .
لا تجد أي معلومات تفيدك من هو ابن وراق هذا وما هي مؤهلاته العلمية وإلى أي مؤسسة ينتسب ؟ الأمور ضبابية تماما .
الرجل كما هو واضح من كتبه يتعامل مع الإسلام كدين شيطاني يجب أن يحرق بالنار لذلك فهو يلجأ لإستخدام كل الطرق الشيطانية لنسف هذا الدين .
يكذب و يحرف إقتباساته ويستعين بكل أنواع الخداع , لماذا ؟ ألم تفهموا بعد ؟ الرجل يحارب دين شيطاني !!!!
هذا المؤلف رغم ادعائه انه كان مسلما وكان يحفظ القرآن كاملا إلا ان من يقرأ مقتطفات من كتبه يدرك انه لو كان صادقا حقا فيما يقول فهو إذن يتمتع ببلادة تفكير تجعلك تمزق شعر رأسك غيظا . سوء فهم لا يقاس ( في الحقيقة يستحيل على شخص مثلي أن يصدق اسلامه المزعوم ) .
أيضا مراجع ابن وراق هذا كلها من كتب أشد المستشرقين عداوة للاسلام وأكثرهم عنصرية وهذا يجعلني أشك في قصة أصله الاسلامي المزعومة بل اشك حتى فيما ان كان يتكلم العربية فالذي كان مسلما لا يدرس الاسلام من كتابات تخرب الاسلام لأغراض عنصرية بشهادة الغربييين أنفسهم .
كتب كانت تكتب عن الاسلام تحت شعار ( اعرف عدوك ) !!!!!

أريد أن أقول أن كتب ابن وراق هذا لا تعتمد أي منهجية في دراسة الإسلام بل هي كتابات سوقية مكتوبة بسطحية لإرضاء العوام والسذج ناهيك عن لغة قاسية جدا أصابتني بضغط الدم وأنا أقرأ مقتطفات منه مضطرا .
كتاب كامل النجار ببساطة هو تجميع لكتب ابن وراق في كتاب واحد .

يعتمد أيضا على كتاب اسمه ( 23 عاما ) لكاتب اسمه ( علي داشتي ) وهو كاتب ماركسي كما هو واضح من كتاباته . الكتاب عن حياة النبي محمد ويعقد فيه الرجل مقارنات بين رسولنا الكريم وشخصيات مثل لينين و ونابليون وجنكيز خان . الرجل طبعا كماركسي يرفض الوحي و الاسراء ويتعامل بانتقائية غريبة مع الروايات !!!
فما يؤيد مبادئه يصدقه وما يخالف تفكيره المادي يرفضه ويعتبره خرافات . تشعر منه أيضا بجهل واضح للاسلام ورغم أنه في البداية يقول أنه يرفض كتابات المستشرقين عن الرسول ويعتبرها عنصرية إلا أنه يعود ويكرر نفس كلامهم عندما يقع في مأزق سيقوده للإعتراف بصدق نبوة محمد صلي الله عليه وسلم .
كتابات علي داشتي مثل ابن وراق كتابات غير محايدة اطلاقا لأشخاص مجهولون لا يقرأ كتبهم سوي المتعصبين الذي هدفهم الوحيد من الحياة هو الحصول على أكبر ربح من تشويه صورة الإسلام .

كاتب ثالث ينقل منه كامل النجار وهو ( روبرت سبنسر ) :-
سبنسر صحفي أمريكي يعشق اسرائيل بجنون لذلك لا يكره شيء في الكون بقدر كرهه لحركات المقاومة الفليسطينية ( حماس والجهاد الاسلامي ) .
أنا لا أتجنى على أحد فسبنسر نفسه يتفاخر بذلك في كل كتاباته .

الكتاب الذي اختاره كامل النجار لسبنسر يحمل عنوان ( إماطة اللثام عن الإسلام ) وهو يتكلم عن موضوع الجهاد في الاسلام وكيف أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تسبب في انتشار العنف العالمي .

أنا لا أفشي سرا عندما أقول أن أسرع وسيلة نجاح للفاشلين في الغرب هو أن تكتب كتابا تهاجم فيه الاسلام والمسلمين . هذا أمر يعرفه الجميع !!!

لو سألت مثقفا غربيا محايدا من هم أكثر الكتاب تحيزا ضد الاسلام والمسلمين ؟ لقال لك ابن وراق و روبرت سبنسر الذي يزعم كامل النجار أنها مصادر محايدة محترمة !!!!
لا أحد يمتلك الشجاعة ليدافع عن ابن وراق وسبنسر تحديدا .

بخصوص المصادر العربية لكامل النجار مثل ( تاريخ الطبري ، ومختصر السيرة لابن هشام وكتب بن كثير ) كثيرا ما تجد الصيغة التي يوردها كامل النجار للرواية تختلف عن الصيغة في المصدر الأصلي وهذا يدلني أن الرجل ينقل الرواية من كتابات مترجمة ( فالترجمة تغير كثيرا في الألفاظ ) .

حتى القرآن ينقله الرجل من كتب مترجمة فمثلا تجد هذه الجملة في الهامش :-
( سفر جونا " يونس"، الاصحاح الاول، ألآية 17 ) .

وهذا طبعا يجعلني أضع كامل النجار مع بن وراق وداشتي وسبنسر في نفس التصنيف . فهؤلاء مصادرهم جميعا عن الاسلام هي كتابات المستشرقين وهذا مثير للريبة إلى أبعد الحدود !!!!!
فكما قلت ان معظم المستشرقين والمبشرين كانوا يكتبون عن الإسلام من
باب ( اعرف عدوك ) و من حقي كمسلم ألا أغفر لهؤلاء كتاباتهم التخريبية عن الإسلام .
أذكر قول ( جولذير) يوما وهو يرى الهوس الغربي في الهجوم على القرآن متسائلا :-
( ترى ماذا يبقى لنا من الكتاب المقدس لو عاملناه بنفس الطريقة ؟ )


أريد أن أقول أن كامل النجار كما ترى يعتمد على إما كتابات سوقية غير منهجية مثل ابن وراق و داشتي وسبنسر وإما اقتباسات مقتضبة غامضة لا تعكس الصورة كاملة كما يفعل مع المصادر الأخرى كما سنرى لاحقا و يزعم لنا في النهاية أنه يقدم قراءة نقدية ويا لها من قراءة !!!!!

كلمة أخيرة أتمنى أن تصل لكامل النجار هي :- من يريد أن يرى فعليه أن يفتح عينيه أولا ,لا أن يغمضهما ويكتفي بأن يردد ما يراه الآخرون .

سننتقل لمناقشة موضوع الكتاب و سأحاول أن أكون هادئا قدر الإمكان ولكن لا أعدكم بشيء فالكتاب كبير وتسبب في انفجار شرايين مخي من الغيظ وأنا الآن رجل أملك مخا بلا شرايين فاغفروا لي زلاتي وأنا في هذه الحالة . (إبتسامة)

 

الفصل الأول


في هذا الفصل يستعرض الرجل كيف ظهرت الأديان على وجه الخليقة .
الرجل يعتمد على النظرة المادية للإنسان كحيوان متطور عاش مراحله الأولى بدون عقيدة وبدون أن يعرف شيئا عن الإله ولكنه اخترع فكرة الآلهة من خلال تفاعله مع ظواهر البيئة المحيطة .
النظرة المادية تعتبر الأديان هي نتاج بشري وليست وحيا سماويا.
وتطورت العقائد من التعدد إلى التوحيد تماما كما تطورت العلوم والصناعات بفعل الأزمان .
لكي لا نقفز على الأمور فلنكن مع الرجل خطوة بخطوة :-


يقول د. كامل النجار :-
 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

في بداية حياة الانسان على هذه الارض، على حسب رأي علماء علم الاجناس " Anthropology"، كان الانسان بسيطاً في تفكيره وفي استيعابه للظواهر الطبيعية مثل الليل والنهار، والمطر والرعد والبرق وما شابه ذلك. وكانت هذه الظواهر تثير الخوف والرعب في نفسه. ولما عجز الانسان البدائي عن تفسير هذه الظواهر عزاها الى قوة خارقة تتحكم فيها وفي حياته. هذه القوة الخارقة لم تكن محسوسة لديه، اي بمعنى آخر، كانت قوة وراء الطبيعة اي قوة " ميتافيزيقية Metaphysical". وبالتالي اعتقد الانسان البدائي بوجود " كيان روحي Spiritual Being " يتحكم في الظواهر الطبيعية وفي حياة الانسان. هذه كانت بداية فكرة الاديان عند الانسان البدائي حسب اعتقاد خبير علم الاجناس الانكليزي " تايلر E.B.Taylor" فقد ألف هذا العالم كتاباً يدعى " الثقافة البدائية Primitive Culture" في العام 1871. ويعتبر هذا الكتاب من اهم المراجع في دراسة تاريخ الاديان. ويعتقد " تايلر" هذا ان الاعتقاد ب " الكيان الروحي" هذا نتج من تجربة الانسان الجماعية في اشياء مثل الموت والنوم والاحلام، فجعلته هذه التجارب يعتقد ان الكيان الروحي منفصل عن الجسم ويمكنه ان يعيش حياة مستقلة تماماً. وبالتالي اصبح الانسان الاول يعتقد في ألاشباح والخيالات " Phantoms".

 

 



تايلور إفترض أن الإنسان الأول كان يظن أن ظواهر الطبيعة المحيطة به تمثل كيانات حية تمتلك أرواحا مثلها مثل البشر ولكن إفتراض ( تايلور ) ليس صحيح .
ففكرة الإنسان عن الروح كشيء غير مرئي متصل بالجسد هي فكرة متقدمة جدا لم توجد في المجتمعات الأولى .
افتراض ( تايلور ) لمبدأ الروحية كأساس لظهور الأديان هو افتراض قديم ولم يقدم الرجل أدلة قوية تثبت أن القدماء كانوا يعتبرون مظاهر الطبيعة (آلهة ) وليست مجرد( قوى) أو أدوات للآلهة كما هو راجح الآن .
جدير بالذكر أن نقول أنه بتطور المدرسة النقدية للأنثروبولوجي في نهاية ستينات القرن الماضي اختفى من الحقل مصطلحات مثل ( ثقافة بدائية – شعوب بدائية ) وانتهى موضوع الفرضيات النظرية واسقاطها على الواقع .

رواد المدرسة الوظيفة للأنثربولوجي كبراون ومالينوفسكي أثبتوا سطحية آراء تايلور وفريزر وخرجوا بأنه لم يوجد مجتمع بدائي بدون دين وبدون علم .
كامل النجار يقول أن الخوف من مظاهر البيئة المحيطة كان السبب في انبثاق فكرة الله كقوة ميتافيزيقية تتحكم في مصير الانسان :-
نقول أن الخوف في مواقف الخطر يعيد الناس إلى تذكر الله ولكنه ليس الدافع والمحرك الأول لظهور الدين على وجه الأرض .
فعندما يري الإنسان الرعد في السماء مثلا فإنه :-
فد يظن أن الإله غاضب .
قد يظن أن قوة شريرة غاضبة .
ولكنه لا يعتقد أن هذا الرعد هو خالق السماء والأرض .
نحن نتحدث عن الله كمعنى موجود في الذهن . من أين جاء هذا المعنى ؟

نظرية الخوف هذه لا تفسر أي شيء . وإلا فليخبرنا كامل النجار ما هي العلاقة بين الخوف كشعور وانبثاق فكرة الله ؟ هذا شعور وذاك تصور ومعنى ، ما العلاقة بينهما ؟
لا يمكن تفسير الأمر سوى بافتراض وجود الله كمعنى مرتبط بالنفس البشرية (فطرة ) يتجلى هذا المعنى ويطفو على السطح عندما يتفاعل مع شعور الخوف .

موضوع الخوف هذا ذكره القرآن أيضا ولكن بمدلوله الصحيح :-

( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت : 65]
( وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ) [الروم : 33] .


كما تلاحظون القرآن يتحدث عن الخشوع والتذلل الذي يصيب الإنسان في أوقات الشدة نتيجة لتركيبته الإيمانية الفطرية ويجد الإنسان نفسه متعلقا بقوة علوية يشعر أنها الوحيدة القادرة علي مساعدته في بلائه وشدته .
فالإنسان يبحث عن الأمان وقت الخوف وهو يعلم جيدا أن هذا الامان لن يجده سوي مع المطلق الذي فطره هكذا .
والخوف ليس عيبا بل هو نعمة وهدف مقصود في ذاته لأنه يكسر غرور الإنسان وعجرفته ويعيده إلى واقعه بأنه مخلوق ضعيف مهما تسلط او تجبر .
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ [الرعد : 12]
أشهر الكتابات التي تجد فيها هذا المعنى واضحا هو كتاب عالم الرياضيات الأمريكي جفري لانج ( الصراع من أجل الإيمان ) فهو يحكي تجربته الخاصة و قصة إعتناقه الإسلام وقد فادني هذا الكتاب كثيرا في التعرف على عقلية الملحد فلم أكن قرأت شيئا كهذا من قبل .


 




يقول د. النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وبالطبع لم يكن الانسان البدائي يعرف القراءة والكتابة ولذلك كل ما تعلمه كان عن طريق التلقين من آبائه واجداده وبالتالي اصبح علم وحكمة الاباء والاجداد، اي الاسلاف، كنزاً قيماً يحفظه الاشخاص كبار السن في القرية او القبيلة. ويصبح الشخص الاكثر علماً رئيساً للقبيلة، وطبيباً يعالج امراضهم بما تعلمه من الاسلاف، ويحكم بينهم بما يراه عدلاً ان نشب بينهم خلاف. ولا شك ان موت شخص كهذا يمثل فقداً عظيماً للقبيلة، تحاول تعويضه بأن تتخيل ان روح هذا الفقيد ما زالت تعيش بينهم وتحاول ارشادهم الى ما فيه خيرهم. وبالتدريج اصبح لمثل هذه الروح مكانة عظيمة في ثقافة و " فولكلور" هذه المجموعات من البشر، ونتج عن هذا ما يسمى ب " عبادة الاسلاف Ancestor Worship ". فكان اذا اصاب هذه المجموعة شر او مرض، عزوه الى ان روح احد الاسلاف غاضبة عليهم ولذلك وجب عليهم إرضاءها بالرقص وبتقديم الهدايا والقرابين. وهذه الهدايا والقرابين تمثل ركناً مهماً من اركان الدين، اذ يقوم الدين على ركنين: إيمان وعمل. والعمل تابع للايمان، فهو شعائره ومظهره. ومن هذه الشعائر الرقص والسحر والقرابين والمعابد. وما زالت بعض القبائل في امريكا الجنوبية تؤمن بهذا القول وتعمل به .

 

 






إفتراض عبادة الأسلاف الذي قال به ( سبنسر ) تكمن نقاط ضعفه الأساسية في بساطته التي تقترب من حد السذاجة . فالأديان عند الإنسان ليست بهذه البساطة بل هي معاني معقدة جدا ومتشابكة .
فالإنسان القديم لو كان يعتقد بألوهية أسلافه فكيف كان يظنهم بشرا في البداية ولو كان يعرف أنهم بشر في الحقيقة فكيف تحولوا عنده لآلهة بكل بساطة علما بأن أرواحهم في حاجة لجسد لتستقر والمفروض أن الآلهة ليست في حاجة لشيء ( لاحظوا أننا نتكلم عن بدايات ظهور الدين ولا علاقة لنا بالحالات التي أضافت قدسية زائفة على بعض البشر فيما بعد ) .
هناك أمثلة حية تنفي فرضية عبادة الأسلاف وهم قبائل وسط استراليا فهم يؤمنون بعقيدة عودة ارواح أسلافهم ولكنهم لا يعبدونهم ولا يعتبرونهم آلهة .
سبنسر لم يكن موفق في نظرية الدارونية الاجتماعية على أي حال .

 




يقول د. كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولكي يُقرّب الانسان البدائي كل هولاء الآلهة الى ذهنه تخيّل لهم اشكالاً معينة ونحت اصناماً تمثلهم على الارض، وجاء وقت اعتقد فيه الانسان ان لهذه الاصنام قوة – اذا تقدم لها بقربان – على ان تفعل الخير له وتُلحق الضرر بأعدائه. فاذا تنازع رجل مع جاره جاء الى صنمه المحبوب وصلى له ليلحق الضرر بجاره، ولكن الجيران هم الاخرون كانت لهم اصنامهم. وبينما يدعو الرجل اصنامه لتضر أعداءه، راح يشعر بالقلق إزاء ما قد تفعله اصنام اعدائه له ولأهل بيته. واضطر الناس ان يفكروا في شئ يحميهم من اصنام اعدائهم، فوضعوا حول اعناقهم تماثيل صغيرة لاصنامهم لحماية انفسهم من قوة الارواح الشريرة التي تُحارب في صفوف الاعداء. واصبحت هذه التماثيل الصغيرة هي التمائم او " الطواطم "Totem و بدأ بعض الناس يعتقدون ان بعض هذه التمائم تستطيع القاء التعاويذ على الآخرين وتجعلهم يمارسون السحر. وراح هولاء البعض يؤمنون بأنهم بهذه التمائم ومناداة الاسماء الحقيقية لبعض الارواح يستطيعون فتح ابواب المستقبل ورؤية ما يُخبئه لهم .

 

 




قام السيد ( روبرتسن سميث ) بشرح تفصيلي لفكرة الطومطم في كتابه ( ديانة الساميين ) وقد أثرت اراءه في الدراسات التي أجريت على الأديان فيما بعد .
النقد الموجه لهذه الصورة عن الدين البدائي يتمثل أساسا في الآتي :-
- لا يوجد دليل على أن الإنسان كان يظن هذا الطومطم إلها بل الراجح أن الطومطم يمثل في نظره شيئا له إحترامه ولكنه ليس إلها .

أمثلة كثيرة لقبائل عندها طومطم ولكنها لم تعبده ولم تضيف عليه أي سمات إلهية .
- فكرة الطومطم ليست فكرة عالمية منتشرة . فكثير من المجتمعات لم تمر بهذه المرحلة الإنتقالية من تطور الأديان .
- فكرة الله في المجتمعات عموما هي إحساس بوجود قوة علوية تتحكم في الحياة وتدير شؤونها والطومطم ليس هو هذه القوة بل مجرد رمز لهذه القوة أما الإله نفسه فيكمن فيما وراء الطومطم وليس في الطومطم نفسه .
- أما أقوى الإنتقادات الموجهة لفكرة الطومطم سواء تم اعتبارها أساس لبداية الأديان أو مرحلة من مراحل تطورها فهو يكمن في كون عقيدة الطومطم لم تكن أكثر من تعبير عن رمز للقبيلة أو المجتمع البسيط تستمد منها القبيلة قوتها الإجتماعية .
الجميع يتعامل مع فكرة العقيدة على أساس أنها تنشأ كفكرة موحدة من عقل المجتمع ككل وألغوا تماما العقل الفردي .
صحيح عقلية الجماعة تؤثر في عقلية الفرد إلى حد ما ولكنها لن تفكر بدلا منه بطبيعة الحال .
ما تناساه البعض هو أن البحث عن الله هو تفكير فردي خاص بكل فرد على حدة يرفض في أوقات كثيرة هيمنة العقل الجماعي وسيطرتها عليه .
لهذا أقول ان الطومطم ليس هو العقيدة في الواقع بل مجرد تقليد إجتماعي أو ربما عادة قبلية .

 

يقول د. كامل النجار :-
 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولما تقدم الانسان البدائي في حياته واصبح مزارعاً، صارت مياه الامطار والانهار مصدر رزقه وقوته. ولما كان اعتماده على فيضان الانهار كبيراً، نجد ان قدماء المصريين، مثلاً، قدموا القرابين من العذارى لنهر النيل لكي يرضى عنهم ويفيض عليهم بالخيرات. وكذلك فعلت مجموعات اخرى من البشر. وقد ارتبطت فكرة خصوبة الارض بخصوبة الام التي تنتج اطفالاً كثيرين، ونتج عن هذا فكرة " الإلهة الام Mother Goddess". ونحت النحاتون الاصنام على هيئة أمرأة حبلى وعارية. وقد وجُدت هذه التماثيل في عدة اقطار في اوروبا والشرق الاوسط والهند. وقد سميت " الالهة الام" بعدة اسماء، فكانت " إنانا Inana" في " سومر Sumeria " و " عشتار Ishtar" في بابل و" عنات Anat" في ارض كنعان ( فلسطين) و " ايسيس Isis" في مصر و " افرودايتي Aphrodite" في اليونان.

 

 





كما يقول فراس سواح في كتابه ( الأسطورة والمعنى ) ماذا لو وجدنا الأساطير القديمة تصف الإله بأنه ( له عيون كثيرة وله آذان كثيرة ) ؟
هل نفهم من ذلك أن القدماء كانوا يعبدون وحشا بعدة رؤوس كما نراه في سينما الجرافيك ؟!
الأمر ليس كذلك طبعا بل نحن من أسأنا الفهم فالقدماء يرمزون فقط أن الإله ( سميع بصير ) .
هنا تظهر مشكلة الفارق في التعبير بين لغة القدماء ولغتنا اليوم .


لغة القدماء كانت لغة رمزية تصويرية حية كتبوها لأنفسهم ولم يكتبوها لنا ولذلك من الخطأ أن نأتي اليوم وبعد آلاف السنين ونتعامل مع هذه الرموز بشكل حرفي .

في بحث لجمعية التجديد الثقافية بالبحرين تحت عنوان :-
الأسطورة.. توثيق حضاري
http://www.tajdeed.org/article.aspx?id=10128
تجد عرض جديد يصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة عن الاساطير القديمة .
فأسماء مثل ( إنانا ) و ( عشتار ) و ( عنات ) لم تكن ترمز لآلهة يعبدونها بل لمظاهر الطبيعة وقوانينها ومنها قانون ( الخصوبة ) .

الكتاب الذي يعتمد عليه كامل النجار هنا هو كتاب ( History Of God ) للسيدة كارين أرمسترونج .
ومع أننا نكن كل الإحترام لها إلا أن كتابها هذا ليس دراسة علمية بقدر ما يمثل تطور فكرة الإله من خلال وجهة نظرها هي وليس من وجهة نظر التاريخ .


في هذا الجزء من كتابها كانت تتكلم عن ( إله الحاجة ) أو ( الإله الشخصي ) فتفترض أن الإنسان قديما إختار إلها يمثل حاجته فإن كان مزارعا فهو يختار إله للخصوبة وهكذا .... .
نحن نوافق السيدة أرمسترونج بأن أساطير ( إنانا وعشتار وعنات ) ليست أشخاص حقيقية بل هي تعبير فكري بأسلوب تجسيدي تصويري وهذا يقودنا لسؤال حقيقي :-
لماذا إذن نفسر هذه الأساطير بشكل حرفي صارم ؟
لماذا نفترض أنهم آلهة وليس مجرد مظاهر لقوى الطبيعة وقوانينها ؟


السيد صمويل كريمر الباحث المتخصص في الكتابات السومرية يعترف بالقصور في فهم وترجمة الكتابات القديمة ويقول :-
( وهذا وأراني في غنى عن القول أن عددا ليس بالقليل من الكلمات والعبارات السومرية لايزال مشكوكا فيه وغير محقق وإني على ثقة تامة بأن أحد الأساتذة الباحثين سيوفق في المستقبل إلى ترجمة أدق وأضبط ) .
الأسطورة.. توثيق حضاري

السيدة أرمسترونج لمن لا يعرفها هي انجليزية المولد عملت كراهبة كاثوليكية لفترة ثم تحولت للكتابة وهي تتمتع بالقبول في الاوساط الاسلامية وقد قامت بدراسة الاسلام لمدة عشرين عاما حسب قولها ولها كتابات عن الاسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل كتاب ( الاسلام :- تاريخ قصير ) وكتاب ( محمد :- سيرة النبي ) .


 




يقول د. كامل النجار :-
 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي حوالي العام 4000 قبل الميلاد ظهرت حضارة عظيمة في منطقة ما بين النهرين (دجلة والفرات) " Mesopotamia "، اسسها قوم عرفوا ب "السومريون Sumerians"، بنوا مدن مثل " أور Ur" و " كيش Kish" وبنوا معابد ضخمة لآلهتهم . وجاء بعدهم " الكلدانيون " Chaldians " والاكديون " Akkadians" وبنوا اعظم مدينة في ذلك الحين وسموها " بابل" وتعني هذه التسمية " باب أيل" و"أيل " هذا هو إله الساميين القدماء. وكانت مدينة بابل مشهورة بالجنائن المعلقة التي بناها الملك نبخذنصر لزوجته، وتعتبر هذه الجنائن من عجائب الدنيا السبعة. وكان الكلدانيون يعتقدون ان للآلهة في السماء قصوراً ضخمة وحدائقا، ولذلك بنوا بابل على طراز القصور السماوية، كما تخيلوها1. وكان في اعتقادهم ان كل الآلهة اتحدوا مع بعضهم البعض وتغلبوا على قوى الفوضى التي كانت تسيطر على العالم. ولذلك كانوا يقيمون احتفالاً سنوياً يستمر احدى عشر يوماً يلقي فيه رجال الدين الاشعار الدينية مثل قصيدة "إنيوما إليش Enuma Elish" التي تمجد انتصار الآلهة على قوى الفوضى وتحكي قصة خلق الكون. وتبتدئ القصة بخلق الآلهة انفسهم. تدعي الاسطورة ان الآلهة ظهروا، كل إلآهين مع بعض، من ماء مقدس كان موجوداً منذ القدم. واكبر ثلاثة من الآلهة كانوا: أبسو Apsu" إله المياه العذبة، وزوجته " تيامات Tiamat" إلهة المياه المالحة، و " مومو Mummu" إله الفوضى. ثم تكاثرت الآلهة بأن خرج إلاهان من كل إله قبلهم. فظهر " لاهمو ولاهامن" "Lahmu and Lahamn"، إله الماء وإله الارض. ثم ظهر " أنشر" و "كٍشر" " Ansher and Kisher"، اله السماء واله البحر. واخيراً ظهر إله الشمس " ماردوخ Marduk "، الذي تغلب على الالهة " تيمات" وخلق كل القوانين التي تحفظ توازن العالم. واخيراً خلق " ماردوخ" الانسان .

 

 




من يقرأ أسطورة التكوين البابلية ( انيوما اليش ) يجد فيها دقة علمية تجعل أي إنسان يتساءل كيف عرف هؤلاء هذه الأمور في هذا الوقت ؟
يستحيل على أي عاقل أن يصدق أنهم توصلوا لذلك صدفة فهذا وحيا بلا شك .

كما قلنا أن القدماء كانوا يكتبون علومهم وعقيدتهم بأسلوب قصصي تصويري ومن الخطأ فهم هذه الأساطير بشكل حرفي .

فإله المياه العذبة ( إبسو ) ليس إلها معبودا وكذلك ( تيامات ) إلهة المياه المالحة فكل هذه رموز عن مظاهر وقوانين الطبيعة .

هذا هو الأسلوب الأسطوري القديم في تعبيره عن خلق الكون في شكل صراع بين قوى الطبيعة بشكل تجسيدي رمزي .

لو فكرنا بنفس الأسلوب المادي وتصوره عن الإنسان الأول ككائن تائه بلا دين وبلا علم سنجد نصا مثل ( إنيوما إليش ) يوقعنا في حيرة كبيرة . من أين جاء القدماء بهذه الأفكار ؟

هذا التصور الساذج للإنسان القديم ( يسمونه بدائي ) ناتج عن فكرة خاطئة هي :- ( طالما الإنسان القديم كان بدائيا في أدواته فهو حتما كان بدائيا في ثقافته وطقوسه الدينية ) .

وعندما نرفض هذا التصور الغير عادل فإننا نرفضه لأن الأشياء المادية كالحجارة والعظام إن كانت تشير لبدائية صناعاته فهي ليست دليلا على بدائية ثقافته وديانته .
فالعلوم الإنسانية لا تسير مع الصناعات وعلوم التكنولوجيا في نفس الطريق ولا علاقة بينهما .
النزعة الدينية عند الإنسان لم تأتي بالتطور كما يقول الماديون بل هي فطرية يدعمها الوحي وهي تختلف عن المعرفة و الصناعات التي تطورت بمرور الزمن فهي فروع مكتسبة .


عالم النفس الأمريكي ( سكينر ) وهو من رجال المدرسة السلوكية يقول أن سقراط لو بعث في أيامنا الحالية لاكتشف مفاجأتين : -
الأولى هي شعوره بأنه طفلاً صغيراً لايفقه شيئاً في العلوم الحديثة و سوف يصعق من المعلومات الجديدة عن الفيزياء النووية بتركيب مضاد المادة ، وعلوم البيولوجي وكشف التركيب الجيني في نواة الخلية .
ولكن المفاجأة الثانية هي أن العالم لم يتغير كثيراً في الحوارات الفلسفية والعلوم الأخلاقية الانسانية وسيجد نفسه يخوض فيها خوض المغامر الجسور
.

فليس هناك تطور في علوم الإنسانيات وما زالت الأسئلة الكبرى من نوع ( من يكون الإنسان ؟ وكيف نشأت الحياة ؟) تتردد بدون أي إجابة وإذا انتظر الملحد عمره كله بل أعمار البشرية جمعاء فلن تعطيه العلوم التجريبية إجابة . فقط الدين هو من يقول :- إليكم الإجابة علي وجه اليقين . ولابد أن تسلم لها تسليم إيمان .

ولكن ماذا يقول الإسلام عن بداية فكرة العقيدة والدين ؟

القرآن ينفي ما يقوله الملحدون ويقر بان الإنسان فطر على التوحيد منذ البداية وأن تعدد الآلهة لم يكن البداية بل هو انحراف وقتي عن طريق الفطرة :-
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( الروم 30 ) .
وأن الرسل كانوا ينيرون له الطريق ليعود إلى الحق .
قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارا - ًوَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً - وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً - وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً .
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ {69} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ {70} قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ {71} قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ {72} أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ {73} قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ {74} قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ {75} أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ {76} فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِين .َ

الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الماديون هو أنهم وضعوا موضوع العقيدة في نفس الخانة مع باقي أنواع المعرفة باعتبار كليهما أمور مكتسبة خاضعة للتطور .
ولكن ماهي الفطرة ؟
مفهوم الفطرة كمصدر من مصادر المعرفة البشرية دار حوله جدل فلسفي كبير وما زال :-
(كانت) كان يفترض أن الجانب الصوري للادراكات والعلوم الإنسانية كله فطري بما يشتمل عليه من صورتي الزمان والمكان والمقولات الاثنتي عشرة المعروفة عنه وهو بهذا يقلص دور الحس كمصدر للمعرفة بشكل كبير .
وهذا يعد منه شطط غير صحيح فالنفس البشرية بسيطة ولا يمكن أن تكون سبباً بصورة فطرية لكل هذا العدد من الأفكار، بل يجب أن يكون وجود هذا العدد الضخم من الادراكات لدى النفس بسبب عوامل خارجية كثيرة، وهي آلات الحس وما يطرأ عليها من مختلف أنواع الإحساسات .

القرآن أيضا يوضح أن العلوم البشرية مصدرها الحس (سمع وبصر وفؤاد ) وأن الإنسان يولد لا يعلم شيئا :-
( وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل 78 .


على الجانب الآخر نجد (جون لوك) الفيلسوف الإنجليزي وضع دراسة مفصلة للمعرفة الإنسانية في كتابه (مقالة في التفكير الإنساني) وحاول في هذا الكتاب إرجاع جميع التصورات والأفكار إلى الحس بما ينفي دور الفطرة تماما وليس للذهن بناء على قول ( لوك ) إلا التصرف في صور المعاني المحسوسة، وذلك بالتركيب والتجزئة أو بالتجريد والتعميم .
وهذا أيضا شطط غير صحيح فهناك بعض المفاهيم في الذهن البشري لا يمكن إرجاعها إلى الحس مثل :- السبب والنتيجة (العلية) - الجوهر والعرض- الإمكان والوجوب- الوحدة والكثرة- الوجود والعدم . فكلها مفاهيم غير محسوسة .

التصور الإسلامي للفطرة هو أن الإنسان يولد ولديه ميل طبيعي نحو الحق ( قلب سليم ) وهذا الميل يتشوه ويشوش عليه بإرتكاب بعض الأفعال التي نهانا الله عنها فيفقد جهاز الإستشعار قدرته ( قلب مريض ) .
لكي نفصل الأمر أكثر تعالوا نقرأ تجربة نبي الله إبراهيم في صورة الصافات :-
( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) .
( إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم ) .
ٍ( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُون ) .
( أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ) .
( فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِين ) .
( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُوم ) .
ِ( فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) .
إبراهيم لم يكن يشارك قومه عاداتهم وأفكارهم المريضة ( قلب سليم ) لذلك لم يكن ميالا لما يعبدون وعندما نظر للنجوم وكانت آلهة عند البعض شعر أنه سقيم .
هنا فإبراهيم عليه السلام رفض كل الأباطيل بفطرته التي لم تتشوه بعد .
وظل يبحث عن المطلق ليسلم له وجهه .
هذا المعني المطلق هو الله خالق السماوات والأرض وهذا التسليم هو الإسلام دين الله الحنيف منذ الخلق الأول .
أما المعارف والصناعات والتقنيات فهي أمور مكتسبة ناتجة عن تفاعل الحواس مع البيئة المحيطة .


 




ثم يقول د. النجار مختتما هذا الفصل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ويلاحظ القارئ ان جميع الديانات المنزلة نزلت في الجزيرة العربية. فالهند والصين واليابان وجنوب شرق آسيا، مثل كوريا وفيتنام ولاوس مجتمعة تمثل اليوم اكثر من نصف سكان العالم، اي حوالي اثنين مليار ونصف المليار شخص. كل هولاء الناس يدينون بالديانات البوذية او " الهندوس" وهي ديانات وضعية غير منزلة. وسكان الجزيرة العربية مجتمعة، لا يتعدون المائة مليون شخص. فلو رجعنا بتعداد سكان العالم الى الوراء بطريقة عكسية " Regression " نستطيع ان نقول قبل حوالي 4000 سنة، لو كان سكان الجزيرة العربية مليون شخص، افتراضاً، فان سكان الهند والصين واليابان مجتمعه، يكون تعدادهم ما يقارب 250 مليون شخص. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا ارسل الله كل هولاء الرسل الى مليون شخص في منطقة فلسطين والجزيرة العربية وتجاهل المائتين وخمسين مليون الآخرين؟ لم ينزل ولا رسول واحد بلغة الصبن او الهند او اليابان .

 

 




لم أفهم ماذا يقصد الرجل بكلمة ( الديانات المنزلة ) !!!!!
فحسبما أعلم ويعلم كل المسلمين أن الله لم ينزل سوي دين واحد منذ آدم حتى الآن .
لو أنه يقصد الرسل والأنبياء فمن قال له أن كل الرسل والأنبياء افتصروا فقط على الجزيرة العربية . هل القرآن يقول ذلك ؟!!

التوراة تقصر الرسل علي اليهود فقط ولكن الرجل يكتب نقدا للاسلام وليس للتوراة على
حد زعمه .


هذه الفكرة الشهيرة أن المنطقة العربية هي المكان الوحيد للأنبياء فكرة خاطئة تسبب فيها كاتبوا العهد القديم بإدعاءهم أن كل الأنبياء يهود .

كما نعلم أن ما من أمة إلا أتاها رسول أو نذير من الله كما يخبرنا القرآن :-
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [يونس : 47]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ [غافر : 78]


من يدرينا أن بوذا وكونفوشيوس و سقراط ليسوا أنبياء ووصلتنا الأخبار عنهم محرفة مكذوبة كما حدث مع غيرهم ؟ !!!!
من يدرينا أن زاردشت وماني ليسوا أنبياء تشوهت دعوتهم بمرور الزمن ؟

لو لم يخبرنا القرآن بالقصة الحقيقية لعيسى ومريم عليهما السلام لكان من الصعب أن نفرق بين زيوس و ( Jesus ) .


قبائل النيام نيام و الماو ماو مثلا تؤمن بإله واحد يسكن في السماء لا يمكن رؤيته ولا يلد ولا يولد وليس له شريك فقط يأمر وأمره حق يحكم بين الناس بالحق يسمونه ( Mucay ) . أليس هذا هو دين الله ( الإسلام ) .


في كتاب للسيد ليوبولد بوسبسيل (Leopold Pospisil) بعنوان قبائل الكاباكو في غينيا الغربية يتحدث الرجل عن دين هؤلاء القوم وأنهم يعبدون إلها يسمونه (Ugatame ) وهو الخالق العليم القادر المحيط بكل شيء علما ولا يرى و لا يدرك بالحواس .
ثم ينقل لنا السيد بوسبيل حوارا بين رجل من هؤلاء القوم وأحد المبشرين يستنكر فيه هذا الرجل البسيط كيف للإنسان الأبيض أن يكون متقدما ويخترع الطائرات وفي نفس الوقت يؤمن بإله يتجسد لكي يصلبه البشر !!!

أليس هذا هو نفس المنطق الإسلامي في حوارهم مع الأصدقاء المسيحين ؟
أليست صفات الله عندهم هي نفس الصفات في الإسلام ؟
الكتب الدينية الهندية مثل كتاب ( Vedas ) وهو يتكون من أربع أجزاء من الممكن جدا أن تكون وحيا إلهيا تغير بمرور الزمن .
في عام 1935 كتب الدكتور بران ناث ( Dr.Pran Nath ) مقالا في صحيفة التايمز الهندية يقول فيه أن كثير من أحداث هذا الكتاب تتشابه مع الكتابات البابلية والمصرية .

وفي كتاب ( الملل والنحل ) للشهرستاني ينقل الرجل لنا الكثير من عقائد أهل الهند
والمجوس فنجد أن معظمهم كان يؤمن بالأنبياء ويذكر فرقة تسمى ( الثنوية )
كانت تؤمن بنبي الله ابراهيم .


الإنحراف يأتى عندما يشرك البشر آلهة أخرى مع الله رغم أن الأنبياء حذروهم من ذلك .
- مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ .( 79 )
- وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ .(80 )
- وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ .(81 )
- فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .(82 )
- أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ
يُرْجَعُونَ .(83)
- قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .(84)
- وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران : 85]


هذا هو الإسلام الذي يجهل عنه كامل النجار كل شيء !!!

 

 

الفصل الثاني




في هذا الفصل يسترسل د. كامل النجار في سرد عادات المجتمع العربي قبل الإسلام مبرزا التشابه بينها وبين العادات الإسلامية ثم يطرح علينا في النهاية سؤالا نسمعه كثيرا :-
ما الجديد الذي جاء به الاسلام ؟

في الحقيقة المسلم يفاجأ أحيانا بأسئلة لا يجب أن توجه له لو كان محاوره يقرأ .
فأنا كمسلم أجد نفسي في حيرة شديدة عندما أقرأ أسئلة مثل هذه .
هذه النوعية من الأسئلة تؤكد لي أن كاتبها لا يعرف الكثير عن الإسلام .

الرجل ظل يسرد كلاما كثيرا كمقدمة ليؤهل عقلية القاريء أنه سيصل لنتيجة هامة ثم فجأة تجده يقدم لك إفتراض !

لماذا يسأل هذا السؤال ؟
هو يتوقع أن المسلم في سذاجة سيبدأ في تجميع كل ما جاء به الاسلام وعندما ينتهي يبتسم د. كامل النجار في ثقة ويقدم أدلته أن كل شعائر الاسلام كانت معروفة من قبل وبالفعل هو استعرض كثيرا في اثبات ذلك .

ولكن مهلا :

من قال أن الإسلام بدعة أو شيء جديد لم يسمع به الناس من قبل ؟
يخيل لي أن د. كامل النجار لم يقرأ القرآن قط !!
تعالوا نرى ماذا يقول القرآن في سورة الزخرف حول هذا الشأن :-

- وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ .
- إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ .
- وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .
- بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ .
- وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ .


فدعوة ابراهيم عليه السلام ظلت باقية في هؤلاء القوم حتى جاءهم النبي محمد عليه الصلاة والسلام يعيدهم إليها مرة أخرى .

النبي الكريم لم يأت بشيء جديد مبتدع بل جاء مذكرا بشيء قديم يعرفونه :-
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ . [الغاشية 21 )

قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ [الأحقاف 9 )

قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة 136 ) .


- بخصوص الصلاة فلم تكن بدعة بل كانت مفروضة على كل الأمم السابقة ثم خلف بعد ذلك من أضاعها و اتبع الشهوات :-

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً - فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً .

- بخصوص الصوم فقد كتب علي المسلمين كما كتب على الذين من قبلهم :-
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .

والزكاة كذلك :-


وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ - وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ .

و الحج شريعة موجودة قبل النبي محمد منذ أمر الله لابراهيم :-

وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ .

لو نظرنا لسؤال د. كامل النجار مرة أخرى : ما الجديد الذي جاء به الإسلام ؟
فتجد أنه سؤال غريب ناتج عن سوء فهم كبير
!!

 

 

الفصل الثالث





تحت عنوان مولده وطفولته


يقول د. كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- ولنسأل انفسنا سؤالاً بسيطاً. اذا كان الله قد ارسل محمداً لاهل مكة والجزيرة العربية في المكان الاول، كما يذكرنا القرآن في عدة آيات انه انزله قرآناً عربياً، لماذا ارتجس ايوان كسرى في العراق وخمدت نار المجوس في بلاد فارس ولم يحدث شئ في مكة وجوارها، أما كان الاجدر في الليلة التي ولد فيها رسول الله ان يسطع النور الباهر في الكعبة ليقنع اهل مكة ان الله مرسل رسولاً منهم؟
- فيحدثنا ابن كثير، مثلاً، ان آمنة بنت وهب، ام النبي، قالت لحليمة السعدية التي ارضعته: " حملت به فما حملت حملاً قط اخف منه". ونحن نعلم ان محمداً لم يكن له اخوة ومات ابوه وامه حبلى به. فكيف تقول انها ما حملت قط حملاً اخف منه وهي لم تحمل غيره؟ وان كانت تعني حمل اشياء اخرى غير الجنين، فهي لا بد قد حملت عدة اشياء اخف من الجنين الذي يزن في المتوسط ثلاثة كيلوجرامات.

 

 





الجميع يعلم أن الروايات التي تحكي أحداث غريبة وقعت قبل ميلاده صلى الله عليه وسلم مثل سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمود النار التي يعبدها المجوس وتهدم الكنائس حول بحيرة "ساوة" بعد أن غاضت لا نستطيع أن نتأكد من صحتها ونحن كمسلمين زاهدين في هذه الروايات ولا وزن لها شرعا أو عقائديا .
د . كامل يكرر ما يقوله علي داشتي ونحن نوافقه في هذه الجزئية وربما تكون هذه هي الفائدة الوحيدة أن يكتب ماركسي كعلي داشتي نقدا للسيرة .
لاحظوا معي أن د . كامل النجار لا يقبل هذه الروايات فهل تراه يستمر على منهجه أم يتحول إلى الفرز والإنتقاء حسب هواه ؟
ننتظر ونرى .


 





تحت عنوان زواجه من خديجة


يقول د . كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- وقد يسأل سائل: لماذ تزوج محمد، وهو ابن بضع وعشرين عاماً، وكان رجلاً في غاية الوسامة، كما يخبرنا اهل السيرة، لماذا تزوج خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبد العزى، وقد كانت قبله عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وولدت له بنتاً، ثم توفى عنها فتزوجت ابو هالة بن زرارة بن نباش بن زرارة بن حبيب بن سلامة بن عدي فولدت له هند بن ابي هالة، ثم توفى عنها فتزوجها الرسول
فلماذا اذاً تزوج هذا الشاب ثيباً في الاربعين من عمرها ولديها طفلان؟
قد نجد الجواب في حديث نُسب الى عائشة. فقد قال الامام احمد عن ابن اسحاق، اخبرنا مُجالد، عن الشّعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان النبي اذا ذكر خديجة اثنى عليها بأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت: ما اكثر ما تذكرها حمراء الشدقين، قد ابدلك الله خيراً منها. قال: " ما ابدلني خيراً منها، وقد آمنت بي اذ كفر بي الناس، وصدقتني اذ كذبني الناس، وآستني بمالها اذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها اذ حرمني اولاد النساء .
فهل يجوز انه تزوجها من اجل مالها؟ وانه عندما كان في عنفوان شبابه، لم يتزوج غيرها، خوفاً من ان تحرمه مالها، ولما ماتت وعمره خمسون عاماً تزوج اربع عشرة امرأة او يزيد؟

 

 





هل هذا منهج إنسان يدعي الموضوعية فيما يكتب ؟

لكي تعرف موقف الكاتب هل هو محايد أم ينقل آراء غيره في الرسول صلى الله عليه وسلم فلابد أن تستمع لرأيه في زواج الرسول من السيدة خديجة .
الحديث يتكلم عن إخلاص الحبيب المصطفى للسيدة خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها بعشرات السنين .
ويثبت ان نبينا الكريم لم ينساها يوما .... والرجل يتكلم عن أن الرسول تزوجها طمعا في مالها !!!

التاريخ يثبت ان الرسول رفض المال والسلطان دوما.... وكامل النجار يصر على نقل كلام المستشرقين حرفيا!!!

كنا وافقنا على أن الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد إنسان وليس مخلوق خارق ولكن كامل النجار يصر على أن يجعله أقل من إنسان !!!
صدقوني سهل جدا على أي رجل أن يشرب كذب غيره ثم يأتي ليتقيؤه في كتاب !!!


 





تحت عنوان نبوته


يقول د . كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- والاديان السماوية تقول بان الله خلق آدم وحواء ومنهم انتشر الجنس البشري في الارض، ولذا ارسل الله الرسل لهدايتهم. وقد يسأل سائل: ما الحكمة في ذلك؟ ما دام الله قد خلق الانسان، وهو القادر على كل شئ، لماذا لم يخلقهم كلهم مؤمنين؟ ويجيبنا علماء الاديان بان الله اراد ان يختبر الانسان.
ولكن قد نسأل لماذا احتاج الله ان يختبر الانسان وهو عالم بكل سرائره وما سيفعله في حياته من قبل ان يولد الانسان؟ اننا نختبر الانسان لمعرفة قدراته الفكرية او العملية، ولكن اذا كنا مسبقاً نعرف قدرات هذا الشخص، يكون الاختبار اضاعة للوقت والجهد .

 

 





سنتوقف هنا قليلا :-

تعرفون السؤال الفلسفي الشهير :- لماذا خلقنا الله ؟
السؤال في الحقيقة يحمل شقين :-

الشق الأول هو :- ما الدور الذي ارتضاه الله لنا وخلقنا لنقوم به ؟
هنا الإجابة في سورة الذاريات :-

(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) . والعبادة هنا بمعناها الشامل .

ولكن في الحقيقة الملحد أو اللاديني لا يسأل عن هذا . فهو يسأل عن شيء آخر .
الشيء الذي يسأل عنه اللاديني يتضح لنا عندما يعيد الكرة مرة أخرى قائلا :-
ولكن الله ليس في حاجة لعبادتنا فلماذا خلقنا إذن ؟

الشق الثاني من السؤال :- ما هو الدافع أو الغرض الإلهي الذي جعل الله يخلقنا ؟

هذا في الحقيقة ما يسأل عنه اللاديني أو الملحد بإصرار شديد .
اللاديني يسأل عن الدافع الإلهي ولكنه ينسى أن الدوافع والأغراض هي نتيجة للحاجة والحاجة هي نتيجة للنقص والله غير ناقص .
اللاديني يبحث بإصرار عن نقص في الله ولن يجده أبدا .

أي عمل بشري يحركه الدوافع لأن الإنسان ناقص وغير كامل ويبحث عن الكمال .
أما الفعل الإلهي فليس وراءه دوافع لأن الله هو الحق وفعله كله حق وقوله كله حق .


هناك آية في سورة الأنبياء تعالوا نقرأها أولا :-
(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )

عندما نجيب كمسلمين بهذه الإجابة فاللاديني يظن أننا ننهي الحوار .
ولكن الآية في الحقيقة لا تغلق باب الحوار ولكنها تتحدث عن صفة من صفات الله .
هذه الصفة ( لا يسأل عما يفعل ) ومعناها أن أفعال الله عز وجل غير مسببة .
لذلك فلا يوجد ايضا ما يسمى ب ( نية الله ) لأن أفعال الله لا تسبقها نوايا .


سيظل اللاديني يبحث عن الدافع الإلهي ( النقص الإلهي ) ولن يجده أبدا .
ولو وجده حقا فوقتها فأنا أبشره بأنه على صواب لأن الناقص لا يكون إلها .

نعود إلى د . كامل النجار

كامل النجار يظن أن الله خلقنا ليختبرنا وهذا غير صحيح .

الصحيح هو أن الله يميتنا ثم يحيينا ثانية ليحاسبنا على أعمالنا .
انظروا آية سورة ( الملك ) التالية ولاحظوا الترتيب فيها جيدا :-
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )

الموت جاء ذكره قبل الحياة لأن هذه الآية تجيب عن سؤال آخر وهو :- لماذا يميتنا الله ثم يحيينا ثانية ؟

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) [المؤمنون : 115]

فنهاية كل شيء هي الرجوع إلى الله :-

( وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى {40} ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى {41} وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ) النجم .

(لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) ( الحديد 5 )
.


 




يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

واذا كان الغرض من ارسال الرسل هو هداية البشر، فقد فشلت التجربة مرات عديدة. فلماذا استمر
الله في اجراء نفس التجربة؟
فكل الانبياء الذين يزيد عددهم عن العشرين نبياً وارسلوا الى بني اسرائيل، لم ينجحوا الا في هداية جزء يسير منهم. وتعداد اليهود اليوم في كل انحاء العالم لا يزيد عن العشرين مليون شخصاً من مجموع سكان العام الذين يزيد عددهم عن ستة مليارات من ألاشخاص. واظن المنطق يقنعنا ان تجربة ارسال كل هولاء الانبياء الى بني اسرائيل كانت تجربة فاشلة. وقد قتل بنو اسرائيل بعض هولاء الانبياء كما يخبرنا القرآن، وقد عاقب الله كل الامم التي بعث فيهم رسولاً بأن خسف بهم الارض او ارسل عليهم الزلزال او الصيحة التي دمرتهم ودمرت مساكنهم لان اغلبهم لم يؤمنوا.

 

 





مازال د . كامل النجار يتحدث عن الغرض أو الدافع الإلهي وهذا كما أوضحنا من قبل معنى خاطيء .
الرجل يظن أن الأنبياء جاءوا كوسيلة لتحقيق مراد إلهي وهو إجبار الناس علي الإعتراف بالخالق وكأن الله في حاجة لإيمانهم !!!!!!!

ومن هنا ذهب إلي نتيجة مفادها انه طالما البشر كانوا وما زالوا يكفرون بالله فقد فشلت هذه الطريقة وكان يجب على الله أن يغير طريقته ولا يصر عليها !!!!!

كما قلت من قبل أن مجرد التفكير بأن الله له غرض من إرسال الأنبياء فنحن بذلك ننسب النقص إلى الله .

سأتحدث هنا عن دور الأنبياء وليس الغرض الإلهي :-

يقول الله عز وجل لرسولنا الكريم :-

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً - وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ) :-

شاهدا على قومك .
مبشرا من اتبعك بثواب الله .
نذيرا لمن عاند وكفر بعذاب الآخرة .
داعيا إلى الله بإذنه .
سراجا منيرا لمن يريد طريق الهداية ليسير على الصراط المستقيم ولا يتبع السبل فتفرق به عن سبيل الله .

بخصوص بني اسرائيل فلا أعرف في الحقيقة العلاقة بينهم وبين يهود اليوم .

ثم يفترض د . كامل النجار أن أنبياء بني اسرائيل عشرين نبيا ولا أدري من أين جاء بهذا العدد ؟ فالقرآن لم يذكر سوى اسرائيل (يعقوب ) ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحي وعيسى عليهم السلام .
على أية حال تعالوا لنقرأ ماذا يقول الله لبني اسرائيل في سورة الإسراء :-
( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا )

كما نرى فإيمان بنى إسرائيل أو كفرهم هو لأنفسهم ولا يضر الله كفر من كفر .
( إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [آل عمران : 177]


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- لماذا ارسل الله موسى وهو يعلم ان بلسانه عقدة ولن يستطيع ان يقنع الناس، ومهمة الرسول الاولى هي تبليغ الرسالة، ولذا يجب ان يكون فصيحاً، فاضطر موسى أن يسأل الله ان يرسل معه اخاه هارون؟ لماذا لم يرسل هارون وحده؟

 

 



ما الذي يراه الكاتب غريبا في أن يرسل الله إثنين يساعدان بعضهما ؟؟

القرآن تحدث عن دور هارون هكذا :-
- مرة كشد الأزر ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي - وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) :- والأزر هو الظهر .

- ومرة أخرى كشد العضد ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً ) والعضد هو الذراع .

كما نرى فدور هارون عليه السلام يأتى مرة كدعم نفسي ومعنوي لموسى ( شد الازر ) ومرة كأداة تنفيذ أو ذراع موسى الأيمن ( شد العضد ) .


بخصوص عقدة اللسان :- فموسى دعا الله قائلا :-
(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي - وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي - وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي - يَفْقَهُوا قَوْلِي ) .
فاستجاب الله له بعد قليل قائلا :-
( قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) .


أما القصص التوراتي الذي يحكي عن الجمرة التي لسعت لسانه فلا شأن لنا بها!!! .



يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- ومما يثبت فشل تجربة الرسل ان بني اسرائيل عندما قادهم موسى في هجرتهم من مصر ورأوا ان الله قد شق لهم البحر وانجاهم واغرق فرعون وجنده، وانزل لهم المن والسلوى من السماء ليطعمهم، لم يقتنعوا بوجوده او برسالته فصنعوا لانفسهم عجلاً من ذهب وعبدوه. فهل هناك معجزات أكثر من هذه لتقنع الناس بوجود الله ؟ فإذا لم يقتنع بنو أسرائيل بعد أن رأوا كل هذه المعجزات، الا يقنع كل هذا الله بأن ارسال الانبياء لا يجدي فتيلا ؟

 

 





كثيرون يظنون أن الإنحراف عن الحق مرة أو مرتان أو عشرة هو إنحراف أبدي ودائم وهذا غير صحيح .
فكلنا عرضة لأن نضل الطريق ولكن الأهم أن نعود مرة أخرى :-

( وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [الأعراف : 149] .

لذلك يقول الله لهم :-
(وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأعراف : 153]

وكما قلت من قبل فإيمان بني إسرائيل أو كفرهم هو لأنفسهم ولن يضر الله شيئا :-
( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- وفي سورة آل عمران، ألآية 55 عندما يخاطب الله عيسى فيقول له: " وجاعل الذين أتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة "، فنفهم من هذه ألآية أنه سيكون هناك مسيحيون مؤمنون بعيسى الى يوم القيامة، فما فائدة ارسال محمد بالاسلام ليظهره على الدين كله، وهو قد قرر أنه سيكون هناك مسيحيون الى يوم القيامة. والدليل على ذلك أنه بعد ألف وأربعمائة سنة على إرسال محمد بالاسلام ليظهره على الدين كله، ما زالت المسيحية أكبر ديانة سماوية حتى ألان، وعدد أتباعها يفوق عدد المسلمين أضعافاً.

 

 





في الحقيقة ما فهمه الرجل من الآية يؤكد لى تماما أنه لم يكن يوما مسلما .

هل أحد يفهم من القرآن أن أتباع المسيحية اليوم هم أتباع عيسى عليه السلام ؟!!


المسيحيون أنفسهم ينكرون أنهم أتباع عيسى المذكور في القرآن .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- والقرآن يخبرنا في عدة آيات ان الله لو شاء لجعل الناس كلهم أمةً واحدةً يؤمنون برسالة واحدة ويكونون على دين واحد " ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة" . وكذلك يخبرنا القرآن ان الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء: " من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على سراط مستقيم ".
ويخبرنا الله كذلك في سورة الاسراء انه اذا اراد ان يهلك قريةً، امر مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فيدمرها تدميراً. فكل هذه الايات تؤكد ان الانسان مسيّر، ليس بيده اي شئ، الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويدمر القرى التي يختار تدميرها. فاذاً ما الحكمة في ارسال الانبياء لهداية البشر، والبشر لا يملكون الحق في تقرير مصيرهم؟

 

 





مرة أخرى سنتوقف هنا قليلا :-
موضوع الهداية والإضلال هذا يثار حوله لغط كثير .

أولا :- من هم الذين يهديهم الله ؟
- يهدي إليه من أناب :-

(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) [الرعد : 27] .

- يهدي الذين آمنوا :-
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الحج : 54]

- يزيد الذين اهتدوا هدى :-
( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ) [محمد : 17]

وهذه الآية تنبهنا أن الهداية ليست قرار في لحظة معينة بل هي عملية تراكمية .

- يهدي الذين جاهدوا في الله :-
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) .

ثانيا :- من هم الذين يضلهم الله ؟

- الفاسقين : - (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ومَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ) [البقرة : 26] .

- الذين زاغوا :-

(فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) [الصف : 5]

هنا يتضح أيضا أن الضلال ليس قرار في لحظة معينة بل هو أيضا عملية تراكمية .


ثالثا :- هل الله يمنع العصاة أن يؤمنوا ؟

(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) . [فصلت : 17]
الآية الأخيرة تنسف كل ما قاله كامل النجار فثمود إختاروا الكفر بكامل إرادتهم .

من كل ما سبق يتضح أن مسألة الهداية والإضلال هي إنعكاس لعمل الإنسان ورغبته الصادقة . فمن يريد الهداية وعمل لها هداه الله ولا يوجد إجبار كما يقول كامل النجار .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي بعض الاحيان نشعر ان الله لا يريد للناس ان يتبعوا الرسل، ففي سورة مريم الاية 83، نجد الله يقول: " ألم تر إنا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم ازاً " اي تهيّجهم الى المعاصي حسب تفسير الجلالين. فما الحكمة في ارسال انبياء لهداية الناس، وفي نفس الوقت يرسل الله الشياطين لتهيّجهم على المعاصي؟

 

 





أبدأ أولا بأن أقول أنه حسب المفهوم الإسلامي فالأنبياء والرسل والشياطين هم جزء من تكوين العالم , فكلمة ( أرسلنا ) لا توحي لأحد بأنهم جاءوا من عالم آخر طبعا . ومن هنا نبدأ .

- الأنبياء والرسل يبشرون وينذرون ويدعون إلى الله . فهل يملكون القدرة على الإجبار ؟ القرآن ينفي :-

(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) [الإسراء 45 ]

(لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) [البقرة : 272]

- نأتي للجانب المقابل :- الشيطان يدعو الناس للكفر ويزين لهم سوء اعمالهم , فهل تمتلك الشياطين القدرة على الإجبار ؟ القرآن ينفي أيضا :-

( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا ) ً [الإسراء : 65] .
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر : 42] .

النتيجة الآن :-
- هنا نعرف أن من يكفر بالله ويقاوم الأنبياء سيقع فريسة للشياطين . العلاقة علاقة توازن :-

فهو رفض إتباع الأنبياء بإرادته – - -> مالت القوى لصالح الشياطين وهم لا يملكون إجباره ---> فيستجيب للشياطين بإرادته ----> يرفض إتباع الأنبياء أكثر فأكثر ( حلقة مغلقة ) .

- نعود للآية التي يتحدث حولها د . كامل النجار :-
( الأز ) يعني غليان القدر وتقلب محتواه وهذا يشير لمدى تسلط الشياطين على هؤلاء الكافرين .

مفهوم الشيطان في الإسلام يختلف عن مفهومه في الأديان الأخرى .

الشيطان في الإسلام ليس له سلطان على الإنسان إنما سلطانه على الذين يتولونه ويتبعونه:-
(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ) [النحل : 100]

الشيطان يحاول إغواء المؤمن والكافر ولكن لماذا ينجح مع الكافر تحديدا ؟

(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر : 42]

يخبرنا الله عز وجل أن كل من يعبد غير الله فهو يعبد الشيطان :-
ففي نفس السورة يقول إبراهيم لابيه :-
(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّا ) ً [مريم : 44] .

لو نظرنا للآيات السابقة للآية التي يستشهد بها كامل النجار تجدها تقول :-
(وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ) [مريم : 81] .
(كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ) [مريم : 82] .

إذن الآية التي يستشهد بها كامل النجار هي دعوة من الله ( ألم تر ) للنظر إلى حال الكافرين لنرى أن كفرهم بالله وبالرسل وإتخاذهم الشياطين آلهة من دون الله جعلهم ألعوبة في أيدي الشياطين ( ويكونون عليهم ضدا ) .

الآية تحكي عن الحال ( حال الكافرين ) وليس عن رغبة الله كما يقول د .كامل النجار .

تعالوا نستمع للشيطان في النهاية فهو يلخص كل هذا :-

(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )

[إبراهيم : 22]

 

بداية لابد أن نقول أن كتب السيرة تساهلت كثيرا في نقل روايات غير صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا أمر جعل مستشرق مثل آرثر جفري في كتابه ( البحث عن محمد التاريخي ) يبدو مندهشا من كم الروايات المسيئة للمصطفى صلى الله عليه وسلم في سيرة محمد بن اسحق ولم يكن يتوقع هذا بل كان يتوقع أن تكون الصورة المنقولة من المسلمين عن نبيهم مختلطة بالميثولوجيا لتجعل منه شبه إله .
تم ترجمة كتاب محمد بن اسحق وإهتم به المستشرقون كثيرا ربما لأنه تم كتابته بشكل شبيه بكتب الأنبياء في الكتاب المقدس فيبدأ بسرد سلسلة النسب ثم يسرد الأحداث بشكل متسلسل زمنيا وهو ما جعل بعضهم يظنه كتاب المسلمين المقدس .
ملحوظة صغيرة أيضا وهي أن هناك فارق بين المؤرخ والمحدث :- فالمؤرخ كان يهتم بجمع أكبر قدر من المرويات بدون التأكد من صحتها لحرصه على التدوين أما المحدث فكان لا يغفل عن التحقق من صحة ما ينقل .
لا ننكر أيضا أن كثير من المرويات كانت متأثرة بالأيدولوجيات المنتشرة ككل كتب التاريخ .
سأتعرض لسلاسل إسناد الروايات التي يذكرها د . كامل النجار لفحص مدى صحتها ورغم أن هذا منهج نقدي غير دقيق تماما بالنسبة للتاريخ إلا أنه فعال إلى حد كبير هذا بدون أن أغفل النظر في متن وأحداث الروايات بقدر المعلومات المتاحة أمامنا .

أبدأ مع د. كامل :-



غزواته


يقول د . كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

الحل الذي لجأ اليه النبي كان السطو على قوافل قريش التي كانت دائماً محملةً بأثمن البضائع من الشام وكذلك غزو القبائل المجاورة.
ففي شهر رمضان على رأس سبعة اشهر من هجرته الى المدينة، عقد النبي لحمزة بن عبد المطلب لواءً ابيضاً في ثلاثين رجل من المهاجرين، وامره ان يعترض لعيرات قريش، كما زعم الواقدي . ولكن حمزة لما حاول اعتراض القافلة وجد ابا جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني فافترقوا ولم يكن بينهم قتال.

 

 




كان يوجد في جزيرة العرب أكثر من 500 قبيلة تقوم بالتجارة من مكة للشام وكلها كانت تمر على المدينة .
موقع المسلمين في المدينة كان استراتيجيا جدا وكان بإمكانهم الحصول على ثروات قوافل الجزيرة العربية كلها لو أرادوا .

السؤال الآن :- لماذا اعترض المسلمون طريق قافلة بعينها وتركوا باقي القوافل ؟؟

الإجابة سهلة لمن لديه أدنى عقل . كانوا يبحثون عن حقوقهم المسلوبة في مكة رغم أن الرسول الكريم أصر على رد الأمانات الخاصة بقريش عند هجرته ولم يعاملهم بالمثل .

د. كامل يكرر الكلام القديم بدون أي إعتبار للتحليل الإجتماعي للأحداث أو وضع الأمور في سياقها الصحيح .
فقط البديل القديم الممسوخ هو ما يملك تقديمه !!!

 




يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي رجب من نفس العام ارسل عبد الله بن جحش مع ثمانية من المهاجرين، وكتب له كتاباً وامره الا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه. فلما فتح الكتاب وجد فيه: " اذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلةً بين مكة والطائف فترّصد بها قريشاً وتعلم لنا من اخبارهم". وساروا حتى نزلوا نخلة، فمرت عيرُ لقريش فيها عمرو بن الحضرمي وعثمان بن عبد الله بن المغيرة واخوه نوفل والحكم بن كيسان. وتشاور الصحابة فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعُن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فاجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم واخذ ما معهم، فحلقوا رأس احدهم ليطمئن القرشيون اصحاب العير أنهم من عُمار بيت الله الحرام.
وعندما أطمئن القرشيون ووضعوا سلاحهم رمي واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستاسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وافلت منهم نوفل بن عبد الله . واقبل عبد الله بن جحش واصحابه بالعير والاسيرين، حتى قدموا على رسول الله. فقال عبد الله بن جحش لاصحابه: ان لرسول الله فيما غنمنا الخمس، فعزله وقسم الباقي بين اصحابه، وذلك قبل ان تنزل آية الخمس.
ولما قالت قريش قد استحل محمد واصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم واخذوا فيه الاموال واسروا الرجال، أنزعج الرسول من هذا الكلام وقال لأصحابه: " ما أمرتكم بقتالٍ في الشهر الحرام" . ورفض ان يأخذ نصيبه من الغنيمة، وهو الاسيرين وبعض العير. وحينئذ سقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم أخوانهم من المسلمين فيما صنعوا .
ولكن سرعان ما نزلت الاية: " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل: قتال فيه كبيرٌ، وصدٌ عن سبيل الله وكفرٌ به، والمسجد الحرام واخراج اهله منه اكبر عند الله، والفتنة اكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا" . فلما نزل القرآن بهذا الامر وفرّج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، أخذ رسول الله –ص- العير والاسيرين . وهذا كان يمثل خمس الغنيمة، وكانت هذه اول غنيمة للمسلمين، وفادى الاسيرين بأربعين أوقية لكل منهما وهذا أول فداء لأول أسير في الاسلام .
وهذه ألآية طبعاً عذر لا تسنده الوقائع، فقريش لم تكن تحاربهم في ذلك الوقت، بل بالعكس، حاول المسلمون اعتراض قوافل قريش ثلاث مرات قبل هذا. وحتى في هذه المرة لم تكن قريش قد اعتدت عليهم وانما هم الذين اعتدوا، وفي الشهر الحرام.

 

 




كما نرى . أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش لمراقبة العدو ولم يأمرهم بقتال . فرأى المسلمون أن الفرصة سانحة لمهاجمة العدو فهاجموهم ( تقول بعض الروايات أن الواقعة بدأت في أواخر جمادى الثاني ولم ينتبه المسلمون لدخول أول رجب ) .

استغل المشركون هذه الواقعة كحرب اعلامية ضد المسلمين لأنهم انتهكوا حرمة الشهر الحرام ونسوا أنهم انتهكوا كل شيء بتعذيب المسلمين وطردهم من ديارهم وكل هذا داخل البيت الحرام نفسه بمكة .

تأثر المسلمون لهذا الخطأ وشعروا بالحزن فنزلت الآية تقول :-
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) :-

فالآية تقول إذا كان القتال في الشهر الحرام كبير عند الله فإخراج المسلمين من البيت الحرام وتعذيبهم وفتنتهم عن دينهم أكبر عند الله بالتأكيد .
إذا كان القتال في الشهر الحرام كبير فالكفر بالله أكبر .


هل يرى أحد شيئا غريبا في هذا الأمر ؟!





غزوة بدر الكبرى


يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

واختلف الصحابة في بقية الاسرى: أيُقتلون او يُفادون؟، فاستشار الرسول ابا بكر وعلياً وعمر، فقال ابو بكر: يارسول الله هولاء بنو العم والعشيرة والاخوان، واني ارى ان تأخذ منهم الفدية، فيكون ما اخذناه قوةً لنا، وعسى ان يهديهم الله فيكونوا لنا عضداً. فقال عمر: والله ما ارى ما رأى ابو بكر، ولكن ارى ان تمكنني من فلان، قريب لعمر، فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان اخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله انه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين. فأخذ الرسول براي ابي بكر وقرر ان يأخذ من الاسرى الفداء.
وفي اليوم التالي وجد عمر الرسول وابا بكر يبكيان، فلما سأل عن السبب، قال الرسول:" نبكي للذي عرض علي اصحابك من اخذهم الفداء" وانزل الله " ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة والله عزيز حكيم". ثم احل لهم الغنايم .
المنطق يتطلب ان تكون الشرائع السماوية ارحم من تشريع البشر، فالله يصف نفسه بانه رحيم بعباده غفور بهم. ومن اسمائه السلام والرؤوف وما الى ذلك، فهل يعقل ان يغضب الله على الرسول لانه لم يقتل الاسرى، وقرر ان يأخذ منهم الفداء بينما التشريع الانساني يحرم قتلهم؟ ولم يذكر احد من المؤرخين ان الرسول انّبَ بلال واصحابه على قتل الاسيرين أمية بن خلف وابنه. واي اله هذا الذي يشجع على قتل الاسرى؟

 

 





تعالوا نرى الآية الكريمة التي يدور حولها د .كامل النجار :-
( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [الأنفال : 67]

الآية تنبه المسلمين إِلى نقطة هامة في الحرب، وهي أن عليهم عدم التفكير والإنشغال بأخذ الأسرى قبل إندحار العدو بالكامل، لأن بعض المسلمين كان كل هدفهم هو الحصول على أكبر عدد من الأسرى في ساحة بدر مهما أمكنهم وذلك لأن العادة كانت أن يدفع عن الأسير مبلغ من المال على شكل فدية ليتم الإفراج عنه بعد نهاية الحرب.

ما أخفاه الرجل من الآية يوضح كل شيء . هذه العبارة :-
(تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة).

فكما قلت سابقا أن ظاهر الآية ينهى عن التسرع بأخذ الأسرى أثناء الحرب ( قبل أن تضع الحرب أوزارها ) ولا تنهي أبدا عن أخذ الأسرى بعدها .

المسلمون وقعوا في نفس الخطأ أثناء غزوة أحد فتسبب ذلك في هزيمة قاسية لهم كادت تقضي عليهم تماما لغفلتهم عن أمر الله ورسوله .

نفس الشيء تقوله آية سورة محمد الآتية :-
( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) .

فهنا أيضا يقول الله عز وجل أن شد الوثاق ( أخذ الأسرى ) يكون بعد إثخان العدو وحتى تضع الحرب أوزارها والموقف من الأسرى هو إما المن عليهم واطلاق سراحهم بلا مقابل وإما فداءا سواء بمبادلة الأسرى أو مقابل فدية من المال .

سأركز على عبارة سورة الأنفال ( حتى يثخن في الأرض ) :-
لو فهمنا هذه العبارة أنها تأمر بقتل كل الأسرى نجد أنفسنا وقعنا في مأزق عندما تأتي نفس الكلمة في سورة محمد هكذا :- ( حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء ) !

نشد وثاق من ؟ ونفدي من ؟ ونمن على من ؟
عبارة ( حتى يثخن في الأرض ) معناها حتى يتمكن تماما من الأعداء في المعركة .

تستمر آيات سورة الأنفال فتقول شيئا جميلا :-

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأنفال : 70] .

وهذه أيضا في سورة أخرى :-
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً - إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً) ( الانسان 8-9 ) .

فالله تعالى يمدح من يضحي بطعامه من أجل الأسير وكل هذا لوجه الله بدون انتظار كلمة شكر .
فكيف يقول أحد بعد كل هذا أن الإسلام يأمر بقتل الأسرى . عما كانت تتحدث الآيات إذن ؟؟!


بخصوص الروايات التي تقول أن القرآن نزل مؤيدا لقول عمر رضي الله عنه بقتل الأسرى فهي مرفوضة جملة لمخالفتها ظاهر الآيات مخالفة لا تقبل التأويل .
كلمة حق أقولها بدون مساومة .


 




يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وحتى بعد أن كثر عدد المسلمين ونزلت سورة محمد، قال الله: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فاما مناً بعد واما فداء".ويقول القرطبي في تفشير هذه ألآية: قال الله: فضرب الرقاب، ولم يقل اقتلوهم، لأن في العبارة " ضرب الرقاب" من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن.
فالله لا يكتفي بقتل الكافرين فحسب، بل يجب أن نقتلهم شر وافظع قتل. أما ألاسرى، فرغم أن الله قال " اما مناً واما فداء" فيقول القرطبي في تفسير ألآية: " قال قتادة ومجاهد إذا أُسر المشرك لم يجز أن يُمن عليه، ولا أن يُفادى به فيرد الى المشركين، ولا يجوز أن يُفادى عندهم الا بالمرأة لأنها لا تُقتل". فحتى بعد أن تلطف الله على المشركين بعد أن غضب على الرسول لانه أخذ منهم الفداء في واقعة بدر، وقال " فأما مناً واما فداء" يقول علماء المسلمين يجب قتل الاسرى.

 

 





د . كامل النجار يلعب لعبة غير شريفة .
يأتي إلى أحد كتب التفسير بالمأثور ويقتبس جزء محدد من الكلام وينسب هذا الشيء للإسلام وهو يفعل هذا كثيرا .
من المعروف أن كتب التفسير بالمأثور كانت تسرد كل ما تم قوله حول الآية ثم يوضح المفسر القول الأرجح في النهاية .
هنا تفسير القرطبي سرد كل ما استطاع جمعه من الأقوال ثم بعد طرحه لخمس آراء يذكر القول الأرجح في النهاية وهو :-
( قال النحاس‏:‏ وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما، وهو قول حسن، لأن النسخ إنما يكون لشيء قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ، إذا كان يجوز أن يقع التعبد إذا لقينا الذين كفروا قتلناهم، فإذا كان الأسر جاز القتل والاسترقاق والمفاداة والمن، على ما فيه الصلاح للمسلمين‏.‏
وهذا القول يروى عن أهل المدينة والشافعي وأبي عبيد، وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبي حنيفة، والمشهور عنه ما قدمناه، وبالله عز وجل التوفيق‏
) .‏


 




غزوة بني قينقاع


يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

كان للرسول حلفٌ مع يهود المدينة، وكتب رسول الله كتاباً بين المهاجرين والانصار وادع فيه اليهود وعاهدهم واقرهم على دينهم واموالهم واشترط عليهم وشرط لهم فقال:" بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي الامي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، .... الى ان قال:ان اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وان يهود بني عوف أمةٌٌ مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وانفسهم، الا من ظلم واثم فانه لا يوتغ الا نفسه واهل بيته. وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وان بينهم النصر على من حارب اهل هذه الصحيفة، وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم، وانه لم يأثم امرؤُ بحليفه، وان النصر للمظلوم، وان يثرب حرام جوفها لاهل هذه الصحيفة، وان الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ". ومعنى العبارة " أن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة" هو أن جوف المدينة حرمٌ لأهل هذه المعاهدة، لا يجوز الاعتداء عليهم فيها.
ويقال ان أمرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست الى صائغ هناك منهم فجعلوا يراودونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ الى طرف ثوبها فعقده الى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها، فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً، فشد بعض اليهود الحاضرين على المسلم فقتلوه، فاستصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود، فحاصرهم رسول الله حتى نزلوا على حكمه، رغم ان العقد بينهم يقول " الا من ظلم واثم فانه لا يوتغ الا نفسه واهل بيته". فبدل ان يُحاسب الذين اثموا، حاصر النبي كل بني قينقاع.
فكُتفوا وهو يريد قتلهم، فكلمه فيهم عبد الله بن ابي بن سلول، فقال: يا محمد، احسن في موالي – وكانوا حلفاء الخزرج – فأبطأ عليه النبي. فادخل يده في جيب رسول الله، فقال الرسول: " أرسلني" ، وغضب رسول الله حتى رأوا في وجهه ظلالاً ثم قال: " ويحك ارسلني" فقال عبد الله: لا والله لا ارسلك حتى تحسن الى موالي. اربعمائة حاسر وثلاثماية دارع قد منعوني من الاسود والاحمر، تحصدهم في غداة واحدة! واني والله لا آمن واخشى الدوائر. فقال الرسول: " هم لك. خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم". فأرسلوهم، ثم امر بإجلائهم، وغنم المسلمون ما كان لهم من مال . وكان للرسول خُمس اموالهم.
وواضح ان النبي اراد عذراً لغزوة بني قينقاع، فاتخذ ما حدث للمرأة الاعرابية كذريعة لغزوهم. ويذكر الواقدي ان بني قينقاع كانوا صاغة واصحاب سلاح، ولمكانتهم هذه في المدينة ولما ابدوه من مناصرة قريش، فكر الرسول في امرهم طويلاً وظل في ذلك حتى نزلت الاية " واما تخافن من قوم خيانة، فانبذ اليهم على سواء، ان الله لا يحب الخائنين" . ويتضح من الاية ان الله احل للنبي ان يغزو من شاء اذا خاف منهم خيانةً. وهذا ما حدث لبني قينقاع دون اعتداء منهم علي المسلمين، بل بالعكس، قتل احد المسلمين الصائغَ اليهودي اولاً، فقتل اليهود المسلم القاتل. وهذا يقع تحت طائلة الاخذ بالثار التي كانت متفشية عند العرب في ذلك الوقت. ولكن النبي قرر نقض العهد معهم وحصارهم وطردهم من المدينة، بل لقتلهم لولا تدخل عبد الله بن أبي بن سلول، رغم الصحيفة التي تقول أن المدينة حرمٌ لأهل المعاهدة ولا يجوز الاعتداء عليهم فيها.
وسورة البقرة الآية 85 تقول عن اليهود: " وتُخرجون فريقاً منكم من ديارهم وتُظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرمٌ عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة". فإذا كان القرآن يُعيب على اليهود إخراجهم بعضهم من ديارهم ويقول لهم هو محرم عليكم، كيف إذاً أحل النبي لنفسه ان يُخرج بني قينقاع من ديارهم؟

 

 




د .كامل النجار إفترض فرضا ثم بنى عليه حكما .
هو إفترض أن الرسول صلى الله عليه وسلم إتخذ واقعة المرأة المسلمة كذريعة لطرد بنو قينقاع .
قصة المرأة المسلمة في السوق يرويها ابن هشام هكذا :- (قال ابن هشام وذكر عبدالله بن جعفر بن المسور بن مخرمة ، عن أبي عون ) فنجد الأسناد منقطع بين ابن هشام وعبد الله بن جعفر وينتهي بتابعي صغير هو
( أبي عون ) .
فالاسناد كله متهالك .


تفاصيل حصار بني قينقاع يذكرها الواقدي بدون إسناد ويذكرها ابن اسحق عن (عاصم بن عمر بن قتادة ) وعاصم كان تابعي صغير وبذلك فالرواية مرسلة والقصة محل شكوك .

قصة أعتراض عبد الله بن أبي بن سلول يذكرها ابن اسحق عن (عاصم بن عمر بن قتادة ) أيضا وكما قلنا فعاصم تابعي صغير .
تفاصيل بني قينقاع بالكامل محل شك ونجد المصادر الأخرى في السنة لا تذكر عنها شيئا .

أنا ليس لدي اعتراض على القصة فليس فيها شيء غريب وأراها منطقية ولكن هذا لا يكفي لتصديقها .

فلا أحد يستخلص أحكام من كتب السيرة التي تهتم بالسرد القصصي وليس لها اعتبار في الميزان الشرعي !
هذا ببساطة ما يفعله د . كامل النجار .


 




غزوة بني النضير


يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

كان بين عمرو بن امية وبني النضير عهدٌ وحلف، وعندما قتل عمرو بن امية رجلين من بني عامر، خرج رسول الله الى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين، رغم المعاهدة سابقة الذكر التي كتبها بينه وبين يهود المدينة وقال فيها: " وإنه لم يأثم أمرؤ بحليفه". ورغم هذا قال له بنو النضير: نعم يا ابا القاسم نعينك على ما احببت. ويبدو ان النبي جلس الى جنب جدار، فهمّ احد بني النضير بالطلوع فوق البيت لكي يرمي حجراً علي النبي فيقتله. ولكن النبي ترك مكانه من عند الجدار ورجع الى المدينة وارسل محمد بن مسلمة يأمر يهود بني النضير بالخروج من المدينة. فرفضوا الخروج، وعندئذ امر الناس بالخروج اليهم، وحاصرهم خمسة عشر يوماً وهم يقاومون في حصونهم.
وعندها امر رسول الله – ص - بقطع نخيلهم والتحريق فيها . فنادوا عليه: يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيب من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها، اذا كان لك هذا فخذه وان ان لنا فلا تقطعه .
وتنبه جماعة من المسلمين الى ان النخيل سوف يصير لهم بعد هزيمة بني النضير، فمنعوا أبا ليلى المازني وعبد الله بن سلام من ان يقطعوه، وكان النبي قد أوكل اليهما قطعه . وذهب جماعة منهم الى النبي وقالوا له كيف نقطع النخيل وسوف يصير لنا؟ فانزل الله: " ما قطعتم من لينةٍ او تركتموها قائمة على اصولها فبأذن الله" .
ولما اشتد عليهم الحصار سألوا رسول الله ان يجليهم ويكف عن دمائهم على ان لهم ما حملت الابل من اموالهم. فحملوا ما استطاعوا من اموالهم وخرجوا الى خيبر ومنهم من سار الى الشام. وخلوا النخيل والمزارع لرسول الله، فكانت له خاصة لان المسلمين لم يحاربوا من اجلها.

 

 




كما يذكر ابن هشام أنه بعد غزوة بدر ذهب أبو سفيان ومعه جيش من مائتين إلى أربعمائة محارب إلى بنو النضير والتقوا بزعيمهم ( سلام بن مشكم ) فاستقبله سلام ودله على أخبار المدينة والمسلمين
( جاسوسا ومساعدا للعدو ) فانطلق أبو سفيان بجيشه مهاجما العريض فقتل أنصاري ومساعده في الحقل وأحرقوا منزلين ثم فر هاربا .
سميت ذلك (غزوة السويق ) وكانت أول حالة غدر غير مبررة من بنو النضير .
أعقب ذلك القصة المعروفة بدعوتهم الرسول إلى ديارهم ثم محاولة قتله غدرا لولا عناية الله .
أليس هذا كافيا لاعتبارهم أعداء للمسلمين يبادرونهم بالأذى والحرب .
على أي حال الرسول كان متسامحا معهم لأبعد الحدود عندما رضي ان يكتفي بمغادرتهم المدينة محملين بكل ما يستطيعوا حمله من ممتلكاتهم .

قال ابن إسحاق‏:‏ ( فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام ) ‏.‏

وقال العوفي، عن ابن عباس‏:‏ أعطى كل ثلاثة بعيراً يتعقبونه وسقا‏.‏ رواه البيهقي‏.‏

كان صلوات ربي عليه كريما مع أناس لا يستحقون الكرم .



 




غزوة بني قريظة


يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

بعد غزوة الخندق اخبر الرسول اصحابه ان جبريل اتى اليه واخبره ان الله قد امره ان يغزو يهود بني قريظة، رغم الحلف الذي كان بينه وبينهم، فساروا اليهم وحاصروهم خمساً وعشرين ليلة. فبعثوا الى رسول الله ان ابعث الينا ابا لُبابة بن عبد المنذر نستشيره في امرنا. فارسله لهم، فلما رأوه جهش اليه النساء والصبيان يبكون، فرق لهم ، فقالوا: يا ابا لبابة أترى ان ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم. واشار بيده الى حلقه انه الذبح.
فاجتمع نفر من الاوس، وكانوا حلفاء بني قريظة، وقالوا للنبي: يا رسول الله انهم كانوا موالينا دون الخزرج، وقد عفوت عن بني قينقاع موالي الخزرج، فاعف عن بني قريظة. فقال النبي: يا معشر الاوس الا ترضون ان يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى. فقال: ذلك الى سعد بن معاذ. فقالوا لسعد: يا ابا عمرو احسن في مواليك، فان رسول الله انما ولاك ذلك لتحسن فيهم. فقال لهم: قد آن لسعد الا تأخذه في الله لومة لائم. وحكم سعد بان يُقتل الرجال وتُقسم الاموال وتسبى الذراري والنساء. فقال له النبي: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة ارقعة.
وخرج النبي الى سوق المدينة وامر ان تُحفر بها خنادق ثم انزلوا رجال بني قريظة وضربت اعناقهم في تلك الخنادق، حتى بلغ عددهم ستمائة او سبعمائة قتيل، وقال آخرون ان القتلى كانوا ثمانمائة الى تسعمائة. وقتل منهم امرأة واحدة، هي زوجة حسن القريظي، كانت قد رمت بحجر نحوالنبي في ايام الحصار.ورغم ان النبي قد وافق مقدماً ان يقبل حكم سعد، وعندما سمعه قال انه حكم الله، لكنه خالف حكم الله واعدم امرأةً رغم ان سعد قال تُسبى النساء. وقد رأينا سابقاً أن قتادة ومجاهد قالا: لا يجوز أن يُفادى الاسير المشرك الا بالمرأة لأن المرأة ألاسيرة لا تُقتل.
و بعث الرسول سعد بن زيد الانصاري بسبايا من سبايا بني قريظة الى نجد فابتاع له بهم خيلاً وسلاحاً، واختار لنفسه ريحانة بنت عمرو بن خُناقة وعرض عليها ان تسلم فيتزوجها، او تكون مما ملكت يمينه. فقالت: يا رسول الله بل اتركني في ملكك فهو اخف علي وعليك . وقد يسال سائلٌ: أيُعقل ان يحكم الله من فوق سبعة ارقعة بقتل كل هذا العدد من الاسرى وسبي نسائهم واطفالهم، مع العلم بانهم لم يحاربوا الرسول، وان كانوا قد شجعوا قريشاً على حربه؟

 

 





الدعاية الصهيونية تستخدم هذه الواقعة بشكل مشوه للإساءة للمسلمين وهذا ما دعى الكثير من المسلمين لإنكارها .
أحد المواقع الإسرائيلية على الإنترنت ( لن أذكره طبعا ) تجده ليل نهار يصور للغرب أن الجهاد الفلسطيني ضد المحتل هي حرب إبادة ضد اليهود والدليل على ذلك هو ما فعله المسلمون الأوائل مع يهود بني قريظة .
في البداية لابد أن أعترف أن الصورة المنقولة عن غزوة بني قريظة في المصادر الإسلامية فيها بعض القسوة.
الجدات يحكين لأحفادهن قبل النوم حكاية الأميرة والوحش . كانت دوما الحكاية تنتهي بأن الأمير قتل الوحش وتزوج الأميرة . نهاية سعيدة ينام بعدها الصغير مرتاح البال .
ولكن فلنفرض أن الجدة نقلت الحكاية هكذا : - ( ثم أحاط الأمير بالوحش وبدأ يطعنه والوحش يئن ألما ودموعه منهمرة فضرب الأمير عنقه بقسوة فسالت دماء الوحش أنهارا ثم خمدت حركته ) .
هذا الشكل الروائي كان سيصيب الصغير بالفزع بالتأكيد وكان سيتعاطف مع الوحش مستنكرا ما فعله الأمير برغم أن الحقيقة واحدة وهي أن ( الأمير قتل الوحش ) .
طريقة العرض هي ما تحرك المشاعر .


لذلك للحكم على تفاصيل الحرب يجب أن نحكم بالعقل وليس المشاعر .

ليس متوقعا أن تقرأ حكايات رومانسية في الغزوات بطبيعة الحال .

أهم ما في الأمر :- هل بنو قريظة كانوا يستحقون الإعدام أم لا ؟

قبل أن أوضح سبب عقوبة بني قريظة لابد أن أوضح أمرا غائبا عن ذهن د . كامل :-
مجتمع المدينة في ذلك الوقت كانت مجتمع متعدد الأديان والأعراق .
البعض يظن أن المسلمين كانت لهم دولتهم واليهود لهم دولتهم وهذا خطأ .
مجتمع المدينة ( يثرب ) كان أشبه بدولة ذات حكم فيدرالي يعيش فيها أديان مختلفة وأعراق مختلفة ويحيطها حدود .
وبنو قريظة كانوا مجموعة من السكان يشتركون مع المسلمين في المواطنة وإن اختلفوا معهم في الدين .
ولأن أمن وسلام المدينة كان مسئولية جميع المواطنين اتفق الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود على اتفاقية حماية ودفاع مشترك عن المدينة .
لذلك فخيانة العهد والتجسس لصالح العدو وإمداده بالمال والسلاح من طرف بعض السكان يستوجب عقوبتهم بدون أدنى شك .
هذا متبع في أي قانون دولي .
والعقوبة التي إختارها سعد بن معاذ وقد كان حليفهم من قبل وهم ارتضوا لتحكيمه هي الإعدام .

يقع بعض المسلمين في خطأ عندما يقولون أن سعد بن معاذ حكم في اليهود بحكم التوراة كما جاء في سفر التثنية حسب الشريعة الموسوية وهذا غير صحيح فسعد حكم بقتل ( المقاتلة ) وليس ( من أنبت منهم ) كما سأوضح ذلك لاحقا .
أيضا المسلمون لم يقتلوا النساء والأطفال كما يروج الموقع الإسرائيلي بل قتلوا المقاتلة لأنهم من اشتركوا في الخيانة .


تعالوا الآن لنرى هل عقوبة بنو قريظة تتناسب مع فعلهم أم لا :-

في شهر شوال من العام الخامس من الهجرة ذهبت جماعة من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وكنانة بن أبي الحقيق من بني النضير وهوزة بن قيس وأبي عمار من بني وائل إلى قريش في مكة وأغروهم بحرب رسول الله قائلين ( نحن معكم حتي نستأصل شأفته ) فقال لهم أهل مكة :- ( يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الاول وأنتم أهل للحكم بيننا وبين محمد فمن على حق ديننا أم دين محمد ؟ ) فرد عليهم اليهود :- ( دينكم خير من دينه وأنتم على الحق دونه ) .

وعندما سمع القريشيون ذلك تهللت أساريرهم وتحفزوا لقبول ما عرضوه عليهم من حرب رسول الله وأبرموا إتفاقا فيما بينهم و تواعدوا على الحرب .

ثم رحل هؤلاء اليهود وذهبوا إلى قبيلة غطفان وهي من بطون قيس عيلان وأغروهم بحرب رسول الله قائلين لهم :- ( سنكون معكم نحن وقريش ) .

وسار القريشيون يتقدمهم أبو سفيان ومعه قبيلة غطفان .
ثم ذهب حيي بن أخطب اليهودي إلى كعب بن أسد زعيم بني قريظة ودعاه إلى نقض حلفه مع النبي ومساعدة قريش وبني غطفان عندما يأتون ويهاجمون المدينة .
وافق بنو قريظة على نقض عهدهم مع رسول الله وأخذوا يجهزون قريش وغطفان بالمؤن والزخيرة إستعدادا لإستئصال شأفة المسلمون كما يقولون .

وصلت الأخبار لرسول الله بأمر الخيانة ولم يصدق في البداية فأرسل سعد بن معاذ زعيم الأوس وسعد بن عبادة زعيم الخزرج إلى بنو قريظة ليتأكدوا من الخبر . فرد عليهم بنو قريظة :- ( ومن هو محمد ؟ ليس بيننا عهد أو ميثاق معه ) .

موقف بنو قريظة هذا لا مبرر له على الإطلاق . فهم لم يروا من الرسول سوى حسن الجيرة ووفاء العهد طوال فترة جواره في المدينة .
كانت حرب الخندق من أشد الحروب التي هددت النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه، فقد اجتمعت فيها (قريش) و(تهامة) و(كنانة) و(غطفان) و(نجد) في عشرة آلاف مقاتل ، كانوا قد أعدوا كامل العدة للقضاء على المسلمين بضربة قاضية . كانت النية هي إبادة المسلمين وكانوا قادرين على ذلك لولا لطف الله .
القرآن يصور هذا الموقف المهول هكذا :-
(إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا - هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) .

لابد أن نضع في الإعتبار هذا الجو الملبد بالهوس والرغبة في إبادة المسلمين والجميع متواطئ لإراقة دمائهم بدون ذنب .
عدو مصر على إراقة الدماء ومعاهدات تتحطم وخيانات تتم ومؤمرات تحاك .

لماذا كل هذا العداء ؟

لذلك فبعد أن نصر الله المسلمين في الأحزاب كان يجب أن يسيروا إلى الخونة لعقابهم بما يناسب فعلتهم .

ملاحظات :-

- ذكر بن هشام أن سعد بن معاذ حكم بقتل ( من أنبت منهم ) كل هذا برواية محمد بن إسحق، عن أبيه، وهو إسحق بن يسار، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري... والرواية مرسلة، لأن معبد بن كعب تابعي .
وذكر الواقدي في المغازي أن سعد بن معاذ أمر بقتل من ( جرت عليه الموسي ) ولكن الواقدي يذكرها بدون إسناد .

والرواية الصحيحة بلفظ البخاري و مسلم (أن تقتل المقاتلة)
وكذلك أوردها الطبري بعدما ذكر رواية بن اسحق بدون أن يعلق عليها .
سبب تمسكي بلفظ ( المقاتلة ) هو أن الروايات تحكي العفو عن البعض ممن لم يشارك في الخيانة رغم أنهم ممن أنبتوا ( بلغوا الحلم ) مثل عمرو بن سعدى الذي قال فيه رسول الله :- ذلك رجل نجاه الله بوفاءه .
- وأيضا هناك من أبدى توبته من بني قريظة وأعلن اسلامه فنجى بذلك :- مثل ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد‏ كما جاء في الكامل لابن الأثير .
- لا يوجد مصدر موثوق يقول أن مقاتلة بني قريظة قتلوا عن آخرهم فهذا أمر مشكوك فيه .

- إذ كان رسول الله مع أصحابه حتى جاء ثعلبة بن سعية يبشر الرسول باسلام ريحانة رضي الله عنها وقد سر النبي لذلك ( فقط أنا أكمل الروايات التي يقصها د .النجار بشكل مستفز ) .

- المرأة التي قتلت منهم كانت قد قتلت خلاد بن سويد فانطبق عليها حكم المقاتلين وليس كما يقول د . كامل النجار ( فهو غير أمين في النقل ) !

كلمة حق لابد أن أقولها في النهاية :- هناك جو من الغموض يحيط واقعة بنو قريظة تستشعره من الروايات .
أشياء غريبة تشعر معها أن بنو قريظة كانوا راضين بل مصرين على الموت بشجاعة لم أعرفها في اليهود من قبل .
فقد كان بإمكان الكثير منهم أن يطلب الأمان من أحد معارفه من المسلمين لينجو ولكنك تشعر أن الجميع كانوا راضين بالموت ومصرين عليه .
تنقل الروايات أن رجلا منهم يدعى الزبير بن باطا طلب الأمان من ثابت بن قيس فوافق الرسول على طلب ثابت ولكن الرجل أصر على الموت ليلحق بأهله .
تنقل الروايات أيضا قول حيي بن أخطب : ( يا أيها الناس ,لا بأس بأمر الله , قدر وكتاب , ملحمة كتبت على بني اسرائيل ) .
هناك أحداث غائبة بالتأكيد .



 




غزوة خيبر


يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

في السنة السابعة للهجرة قرر النبي غزو يهود خيبروكان فيهم يهود بني قينقاع ويهود بني النضير الذين سبق ان أُخُرجوا من المدينة. فسار النبي بجيشه حتى نزل بوادي يقال له الرجيع، فنزل بين اهل خيبر وبين غطفان ليحول بينهم وبين ان يمدوا اهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين. بدأ الرسول بالاموال يأخذها مالاً مالاً ويفتحها حصناً حصناً، فكان اول حصونهم افتتح حصن ناعم ثم القموص، حصن ابن ابي العقيق، واصاب النبي منهم سبايا منهن صفية بنت حُيي بن أخطب، فاصطفى النبي صفية لنفسه. ثم جعل النبي يتدنى الحصون والاموال.
فلما فتح النبي من حصونهم ما فتح وحاز من اموالهم ما حاز، انتهوا الى حصنهم الوطيح – وكان آخر حصون خيبر- حاصرهم النبي بضع عشرة ليلة. قال ابن اسحق: واتى النبي بكنانة بن الربيع بن ابي الحقيق – وكان عنده كنز بني النضير- فسأله فجحد ان يكون له علم بالكنز، فاتى النبي برجل من يهود، فقال الرجل للنبي: اني قد رايت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة. فقال النبي لكنانة: أرايت ان وجدناه عندك، أأقتلك؟ قال: نعم. فأمر النبي بالخربة فحُفرت فاخرج منها بعض كنزهم ثم سأله ما بقي فأبى ان يؤديه، فأمر به رسول الله الزبير بن العوام فقال: عذبه حتى تستأصل ما عنده، فكان الزبير يقدح بزنده في صدره حتى اشرف على الهلاك، ثم دفعه رسول الله الى محمد بن مسلمة فضرب عنقه .

 

 






هذه الرواية أوردها ابن اسحق بدون اسناد .

وذكرها ابن سعد في الطبقات ( رواية ابن سعد ليس فيها بهارات مثل تعذيب الزبير لكنانة إلى آخر الدراما ) .
ولكن حتى رواية ابن سعد لا تصح فقد أوردها بإسناد فيه ( محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي ) وهو سيء الحفظ كما يقول الحافظ بن حجر في كتابه تقريب التهذيب .
كذلك نقرأ عنه في سير أعلام النبلاء :-
(قال أحمد كان يحيى بن سعيد يضعف ابن أبي ليلى قال أحمد كان سيىء الحفظ مضطرب الحديث وكان فقهه أحب إلينا من حديثه وروى أحمد بن زهير عن يحيى بن معين قال ليس بذاك أبو داود سمعت شعبة يقول ما رأيت أحدا أسوأ حفظا من ابن أبي ليلى روح بن عبادة عن شعبة قال أفادني ابن أبي ليلى أحاديث فإذا هي مقلوبة وروى أبو إسحاق الجوزجاني عن أحمد بن يونس قال كان زائدة لا يروى عن ابن أبي ليلى كان قد ترك حديثه ) .


كما ترون الرواية لا تصح بأي حال .

أما كنانة بن الربيع فقد مات مقتولا أثناء المعركة حسب الروايات الصحيحة في البخاري ومسلم .

هذا يصيب د . كامل النجار بخيبة الأمل كثيرا فقد كانت رواية ابن اسحق المجهولة الاسناد تناسبه جدا .

 




يقول د . كامل النجار :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وحاصر النبي اهل خيبر في حصنهم حتى اذا ايقنوا بالهلكة سألوه ان يأخذ مالهم ويحقن لهم دماءهم.ففعل. وكان النبي قد حاز الاموال كلها الا ما كان من حصن الوطيح. ولما نزل اهل خيبر من حصنهم سألوا النبي ان يعاملهم بالاموال على النصف، وقالوا: نحن اعلم بها منكم واعمر لها، فصالحهم النبي على النصف، على انا اذا شئنا ان نخرجكم اخرجناكم. فلما سمع اهل فدك بما حدث لاهل خيبر، بعثوا الى النبي يسألونه ان يسيّرهم ويحقن دماءهم ويخّلوا له الاموال، ففعل.
والانطباع الذي يخرج به القارئ من كل هذه الغزوات ان الدافع لها كان مادياً اكثر منه الحرص على اقناع اليهود والوثنيين بالدخول في الاسلام. فلم يهتم النبي بمحاولة اقناع اي قبيلة من اليهود بالاسلام، خاصةً وانه ذكر في معاهدته معهم " لليهود دينهم وللمسلمين دينهم"، ولذا لم يحاول اقناعهم وقد اترف ان لهم دينهم، فأصبح الدافع الوحيد لغزوهم هو اخذ اموالهم وقتلهم او طردهم من المكان.

 

 




د . كامل غير أمين .
تعالوا نقرأ صحيح مسلم وما ذكره في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لنعرف هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان مهتما بالغنائم ولم يدعوا اليهود للإسلام كما يقول د . كامل أم أنه غير أمين كالعادة :-

( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - عَنْ أَبِي، حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، - وَاللَّفْظُ هَذَا - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ:-

( لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ‏) ‏.‏
قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا - قَالَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ :-
‏ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؟ ‏ ‏.‏
فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ - قَالَ - فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ‏.‏

فقال صلى الله عليه وسلم :-
( انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَم ) .

ها هي وصية رسولنا الكريم لعلى بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ) .

د . كامل النجار لا يفعل شيئا سوى تسميم البئر ليتسمم الجميع

 

 

فتح مكة



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وبعد ثمانية عشر شهراً هجم بنو بكر على خزاعة ويبدو ان قريشاً ساعدت بني بكر بالسلاح والكُراع. فركب عمرو بن سالم، من خزاعة، يستنجد بالنبي. فجهز النبي جيشاً كبيراً وغزا مكة رغم صلح الحُديبية الذي وضع الحرب بينهم عشر سنوات. وقال ابن اسحاق: قد كان رسول الله عهد الى امرائه الا يقاتلوا الا من قاتلهم، غير انه اهدر دم نفرٍ سماهم وان وجدوا تحت استار الكعبة وهم: عبد الله بن ابي سرح، وعبد الله بن خطل، رجل من بني تيم بن غالب، وكانت له قينتان، اسم احدهم فرتانا وواسم الاخرى غريبة، امر بقتلهما معه، والحويرث بن نقيد بن وهب بن عبد قصي، ومقيس بن صبابة، وعكرمة بن ابي جهل، وسارة، وكانت مولاة لعمرو بن هاشم من بني عبد المطلب، وهند بنت عتبة، زوجة ابي سفيان. ولكن هند بايعت الرسول فسلمت.
اما عبد الله بن سعد بن ابي سرح قد امر بقتله لانه كان قد اسلم وكتب الوحي للنبي لمدة من الزمن، ثم ترك وارتد لانه قال كان يكتب الوحي وكان يقترح على النبي بعض التعديلات فيما كان قد املاه عليه، وكان النبي يوافق علي التعديل، فمثلاً في احد المرات قال له النبي اكتب: " ان الله عزيز حكيم" فقال له عبد الله: اليس من الافضل ان تقول " ان الله عليم حكيم؟" فوافق النبي فقال عبد الله لو كان هذا من عند الله لما قبل ان يغيره، فترك وارتد. وعندما دخل النبي مكة فر عبد الله الى عثمان بن عفان وكان اخاه من الرضاعة، فلما جاء به ليستامن له صمت عنه الرسول طويلاً ثم قال: " نعم ". فلما انصرف مع عثمان قال النبي لاصحابه: " أما كان فيكم رجلٌ رشيد يقوم الى هذا الرجل حين رآني قد صمتُ فيقتله" فقالوا: يا رسول الله هلا أومأت الينا؟ فقال: " ان النبي لا يقتل بالاشارة .

 

 





أشهر رواية تذكر هذه الواقعة هي ما جاءت في سنن النسائي :-

( أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ قَالَ زَعَمَ السُّدِّىُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ « اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ » . عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِى جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى السَّرْحِ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّاراً - وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ - فَقَتَلَهُ وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِى السُّوقِ فَقَتَلُوهُ وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِى عَنْكُمْ شَيْئاً هَا هُنَا . فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِى مِنَ الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ لاَ يُنَجِّينِى فِى الْبَرِّ غَيْرُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَىَّ عَهْداً إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِى مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِىَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَضَعَ يَدِى فِى يَدِهِ فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيماً . فَجَاءَ فَأَسْلَمَ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى السَّرْحِ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ . قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثاً كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاَثٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ « أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِى كَفَفْتُ يَدِى عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلَهُ » . فَقَالُوا وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِى نَفْسِكَ هَلاَّ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ . قَالَ « إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُن ) .

الشيخ الألباني رحمه الله يرى أن إسناد هذه الرواية صحيح ورغم أنني شخصيا أكن للشيخ الألباني كل الإحترام والتقدير الذي يستحقه عالم في حجمه إلا أن ذلك لا يكفي لتمرير الرواية فإسناد الرواية لا يخلو من الشك .

ننظر أولا لإسناد الرواية ثم نناقش المتن :-
سلسلة السند فيها ( أحمد بن المفضل ) نقرأ عنه في ميزان الإعتدال :- (قال الأزدي منكر الحديث روي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعاً يا علي إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البر فتقرب إليه بأنواع العقل , وقال أبو حاتم كان من رؤساء الشيعة صدوق ) .
كما نرى فأحمد بن المفضل فيه كلام .

أيضا الإسناد فيه ( السدي ) وهو ( إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة المعروف بالسدي مولى بني هاشم , كوفي ) نقرأ عنه في الضعفاء والمتروكين لإبن الجوزي :-
(ضعفه ابن مهدي ويحيى بن معين وكذبه المعتمد بن سليمان وقال يحيى القطان ما رأيت أحدا يذكره إلا بخير وما تركه أحد وقال أحمد بن حنبل هو ثقة وقال ابن عدي هو عندي صدوق لا بأس به وقال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به وقال أبو زرعة لين ) .
السدي أيضا محل شك .

ننظر في متن الرواية :-
أولا :- أكثر قريش استحقاقا للقتل يوم فتح مكة كانت هند وعبدها الوحشي بسبب ما ارتكباه من قتل حمزة رضي الله عنه عم النبي والتمثيل بجثته ورغم ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتلهم فكيف يقتل من هم أقل منهما إجراما .

ثانيا :- نعرف قصة اليهودية يوم خيبر التي أرادت قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدس السم له ورغم ذلك لم يأمر المصطفى بقتلها فكيف يأمر بقتل جارية تهجوه شعرا ؟!!!

ثالثا :- حكاية عبد الله بن أبي سرح وتستحق وقفة لوحدها :-

في كتاب ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) لإبن الأثير يقول عن عبد الله بن أبي سرح أنه اعتنق الإسلام قبل فتح مكة وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وكان يكتب الوحي للرسول قبل أن يرتد ويعود إلى مكة وهناك قال لقريش : كان محمد يملي عليً ( عزيز حكيم ) فأكتبها ( عليم حكيم ) فيوافق الرسول ويقول نعم كل سواء .
كما نرى فعبد الله بن أبي سرح إعتنق لأول مرة الإسلام في المدينة ثم ارتد وعاد لمكة .


تربط كتب التفاسير بين عبد الله بن أبي سرح وبين آية سورة الأنعام التالية :-

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) ( الأنعام 93 ) .

هذه الآية كما يقول جلال الدين السيوطي في كتابه ( الإتقان في علوم القرآن ) في الجزء الخاص بمعرفة السور المكية من المدنية نزلت في مكة قبل الهجرة ( سورة الأنعام كلها نزلت في مكة ) !
ثم يستبعد السيوطي قول بن الحصار بأن بعضها نزل بالمدينة قائلا :
( قال ابن الحصار‏:‏ استثنى منها تسع آيات ولا يصح به نقل خصوصاً مع ما قد ورد أنها نزلت جملة‏ ) .
نفهم من ذلك أن هذه السورة نزلت قبل إسلام إبن أبي سرح فهل كان كاتبا للوحي وهو مشرك ؟!

نستنتج من ذلك أن الآية لا علاقة بينها وبين إبن أبي سرح فهي نزلت في مكة قبل إعتناقه الإسلام لأول مرة وفي الغالب نزلت في مسيلمة أو أحد أحبار اليهود كما تذكر كتب التفاسير الأخرى .

الإمام الطبري ينقل في تفسيره للآية 93 من سورة المؤمنون عن عكرمة أن عبد الله بن أبي سرح رجع للإسلام مرة أخرى بعد إرتداده قبل فتح مكة ( أكرر قبل فتح مكة ) :

(حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة قوله ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء قال نزلت في مسيلمة أخي بني عدي بن حنيفة فيما كان يسجع ويتكهن به ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخي بني عامر بن لؤي كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان فيما يملي عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم فيغيره ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حول فيقول نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم لقد كان ينزل عليه عزيز حكيم فأحوله ثم أقول لما أكتب فيقول نعم سواء ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة ... ) .

وإذا صحت رواية عكرمة فكيف يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بقتله يوم فتح مكة وقد كان مسلما وقتها ؟!


رواية الإمام النسائي تقول أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتل بن أبي سرح فجاءه عثمان رضي الله عنه يطلب إستئمانه ومبايعته على العودة للإسلام فلم يقبل الرسول أن يبايعه وهذا امر يدعو للحيرة .
لماذا لم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعته رغم أن عثمان أمًنه ؟؟!
ثم بعد ذلك يتركه الرسول صلى الله عليه وسلم يرحل بدون عقاب رغم أنه امر بعقابه في البداية ورفض مبايعته والرسول لا يعاقب سوى من يستحق العقاب فلماذا لم يتمسك النبي الكريم بمعاقبته ؟ !

في الحقيقة هذه الأمور من الصعب أن تمر بدون نقد .

شيء أخير أقوله :- هل كان عبد الله بن أبي سرح من كتًاب الوحي حقا ؟

الحافظ العراقي يقول في ألفية السيرة النبوية وهو يعدد أسماء كتًاب الوحى المعروفين :-

795 وأعدد جهيما والعلا بن عتبة كذا حصين بن نمير أثبت .
796 وذكروا ثلاثة قد كتبوا وارتد كل واحد وانقلبوا .
797 ابن أبي سرح مع ابن خطل وآخر أبهم لم يسمى لي .
798 ولم يعد منهم إلى الدين سوى ابن أبي سرح وباقيهم غوى .


الحافظ العراقي كما نرى فبعد أن عدًد 42 كاتبا للوحي يقول عن بن أبي سرح ( وذكروا ! ) وهذا معناه أنه ليس متأكدا من هذا الامر .

وإذا عرفنا أنه ارتد سريعا مشركا إلى مكة فمتى إذن كتب الوحى ؟ وكيف إختاره الرسول أصلا ؟

ثم أن د . كامل النجار يتقمص دور الراوي وينقل بلسانه رواية أن ابن أبي سرح كان يغير في الوحي وكأنه شهد ورأى كل شيء رغم أن مصادر حكاية بن أبي سرح تنقل الكلام على لسان ابن أبي سرح وقت أن كان مشركا وليس لسان الرسول .

لو كان بن أبي سرح تأكد من عدم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم كما يريدنا د . كامل النجار أن نفهم فكيف عاد للإسلام وتمسك به وقاتل في سبيله ؟ أليس منطق د . كامل النجار مليء بالثقوب ؟


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهذه لم تكن اول مرة يأمر فيها النبي بقتل من هجاه او اغضبه. فقد امر بقتل النضر بن الحارث من بني عبد الدار بن قصي من قريش، وهم من اقربائه، وكان النضر علي علم بقصص الانبياء وقصص اهل فارس، فكان يعقب النبي في مجالسه بمكة ويقول للاعراب: انا اقص عليكم قصصاً احسن من قصص محمد. وكان يقص عليهم اخبار ملوك فارس وقصص انبياء اليهود. فلما وقع النضر اسيراً في غزوة بدر، امر الرسول بقتله، وكان من نصيب المقداد بن عمرو. فلما امر الرسول بقتله وكان المقداد يطمع في الفداء، قال المقداد للرسول: هذا الرجل اسيري ويحق لي ان افاديه. فقال الرسول له: هل نسيت ما قال هذا الفاسق عن الاسلام. فقتلوه في الاثيل.

 

 




قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قتل النضر بن الحارث ، قتله علي بن أبي طالب ، كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة ‏‏.
طبعا عبارة ( بعض أهل العلم ) ليست سندا فرواية أبن اسحق بدون اسناد .

نقرأ في ( أخبار مكة ) :-
(1739 وحدثني حسن بن حسين الأزدي قال ثنا محمد بن سهل قال ثنا هشام عن محرز بن جعفر عن عمرو بن أمية الضمري قال إبن سهل وذكره الواقدي أيضا قال كانت قريش إنما تغني ويغنى لها النصب نصب الأعراب لا ذلك حتى قدم النضر بن الحارث وافدا على كسرى فمر على الحيرة فتعلم ضرب كان البربط وغنى العباد فعلم أهل مكة وفيه نزلت ومن الناس من يشتري لهو الحديث . إسناده متروك ) .

الإمام الطبري رحمه الله يذكر أيضا شيئا شبيها في تفسيره جامع البيان وهو يفسر هذه الآية من سورة الفرقان :-
(وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) [الفرقان : 5]

تعالوا نقرأ ماذا يقول :-
(ذكر أن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث وأنه المعني بقوله وقالوا أساطير الأولين ذكر من قال ذلك حدثنا أبو كريب قال ثنا يونس بن بكير قال ثنا محمد بن إسحاق قال ( ثنا شيخ من أهل مصر قدم منذ بضع وأربعين سنة ) عن عكرمة عن ابن عباس قال كان النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي من شياطين قريش وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة تعلم بها أحاديث ملوك فارس وأحاديث رستم وأسفنديار فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا فذكر بالله وحدث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام ثم يقول أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار ثم يقول ما محمد أحسن حديثا مني قال فأنزل الله تبارك وتعالى في النضر ثماني آيات من القرآن قوله وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وكل ما ذكر فيه الأساطير في القرآن ) :-


كما ترون فإسناد الرواية فيه راو مجهول هو ( شيخ من أهل مصر ) .


ثم ينقل الطبري رواية بسند آخر :-

(حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال ثني (محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة) عن ابن عباس نحوه إلا أنه جعل قوله فأنزل الله في النضر ثماني آيات عن ابن إسحاق عن أبي صالح عن ابن عباس حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج أساطير الأولين أشعارهم وكهانتهم وقالها النضر بن الحارث ) :-

نرى أيضا عبارة ( سعيد أو عكرمة ) تجعل الإسناد محل شك .

حتى ( محمد بن أبي محمد ) راو مجهول قال عنه الحافظ الذهبي ( لا يعرف ) وقال عنه الحافظ بن حجر في التقريب ( مجهول ) .

أما الصيغة التي ينقل بها د . النجار الرواية فلا أعرف من أين جاء بها وهو تكتم على مصدره و لم يذكره لنا هذه المرة !!!


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سنة خمس بعث الرسول زيد بن حارثة الى وادي القرى فلقي بني فزارة، فأصيب عدد من اصحابه وجُرح زيد. فلما رجع الى المدينة نذر الا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة. فلما شُفي من جراحه بعثه الرسول في جيش الى بني فزارة، فلقيهم بوادي القرى فأصاب فيهم واسر ام قَرفة – وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر – عجوزاً كبيرة وبنتها، وكان العرب يضربون المثل بأم قرفة لعزتها فيقولون: أعز من أم قَرفة. وقال الاصمعي: من أمثالهم في العزة والمنعة: أمنع من أم قَرفة. وكان النبي يقول لأهل مكة: أرأيتم لإن قتلتُ أم قرفة؟ فيقولون: أيكون ذلك؟ فامر النبي زيد بن حارثة ان يقتل ام قرفة، فقتلها قتلاً عنيفاً، ربط برجليها حبلين ثم ربطهما الى بعيرين حتى شقاها . فأمر النبي بالطواف برأسها في دروب وازقة المدينة .

 

 




تعالوا نقرأ ماذا يقول الذهبي عن يحيي بن محمد أحد رواة هذه الواقعة :-
ميزان الأعتدال في نقد الرجال للذهبي :-
9626 يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري أبو إبراهيم عن ابن إسحاق ضعفه أبو حاتم الرازي وقال إذنه في حديثه مناكير أو أغاليط و كان ضريرا فيما بلغني يلقن ثم قال حدثنا محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم عن محمد بن عباد بن هانئ الشجري حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه فذكر حديثا و به عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن امرأة من بني فزارة يقال لها أم قرفة جهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها فقالت اقدموا المدينة فاقتلوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أنكلها ولدها و بعث إليهم زيد بن حارثة فقتل بني فزارة و قتل ولد أم قرفة و بعث بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه بين رمحين - قلت هذا حديث منكر تفرد به إبراهيم عن أبيه ) .


روايات أخرى تقول أن أبا بكر قتل أم قرفة وهي أيضا روايات غير صحيحة :-
سنن البيهقي الكبرى :-
(ثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول ثنا أبي ثنا محمد بن عيسى عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز ثم أن أبا بكر قتل أم قرفة الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها ) .

سعيد بن عبد العزيز لم يدرك أبا بكر فالإسناد منقطع .
أما المتن فلا يستحق التعليق .


أحب أيضا أن أعلق على الاشعار التي أوردها محمد بن اسحق في السيرة لأني رأيت أن د. كامل النجار يكرر اقتباساته منها كثيرا .
كل الاشعار التي ألحقها محمد بن اسحق بالسيرة تقريبا غير حقيقية وتم تأليفها .

يقول ابن سلام عن اشعار محمد بن اسحق :-
("كتب في السِّيَر أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلاً عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عادٍ وثمودَ، فكتب لهم أشعارًا كثيرة، وليس بشعر، إنَّما هو كلامٌ مؤلَّفٌ معقودٌ بقَوَافٍ" ) .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ويبدو ان الاغتيالات السياسية كانت متفشية في زمن النبي. ففي السنة الثانية للهجرة بعث الرسول عبد الله بن عُقبة ليغتال ابا رافع سلام بن ابي الحقيق اليهودي وكان سبب قتله انه كان يظاهر كعب بن الاشرف على الرسول. فدخل عبد الله الحصن وكمن تحت حمار الى ان اغلق البواب ابواب الحصن وعلق المفاتيح من داخل الباب. وكان ابو رافع يسمر مع اصحابه، فلما تفرقوا عنه، اخذ عبد الله بن عقبة المفاتيح وصعد اليه. ويقول عبد الله: فجعلت كلما فتحت بابا اغلقته عليّ من داخل. قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا اليّ حتى اقتله. قال: فانتهيت اليه، فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا ادري اين هو من البيت! قلت: ايا رافع! قال: من هذا؟ قال: فاهويت نحو الصوت فاضربه ضربة بالسيف وانا دهش فما اعي شيئا، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى اخرجته من ظهره .

 

 




في البداية لابد أن أذكر شيئا عن منهج المبشرين الذين ينقل عنهم د . النجار في قراءة الأحداث .
المستشرق ينتهج واحد من ثلاثة طرق عند كتابته عن الإسلام :-
1- التمسك بالروايات الشاذة والضعيفة ويغض الطرف تماما عن الروايات الصحيحة .

2- يفترض من البداية سوء النية ويسبح بخياله لاختراع أحداث يضيفها على النصوص تساعده في إسقاط أوهامه على الاسلام .

3- يسقط كل احداث الواقع القذرة على التاريخ فعندما يجد مقتل فلان يسميه ( إغتيال سياسي ) وعندما يجد خلافا بين الصحابة يسميه ( تآمر سياسي ) .

بالنسبة لسلام بن أبي الحقيق فقد كان من يهود بني النضير الذي أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة بعد أكثر من واقعة خيانة

( لاحظوا أنهم حاولوا قتل الرسول رغم وجود معاهدة أمان معهم ) .
لكن الرجل لم يرحل بل التحق بيهود خيبر ومن هنا تبدأ الحكاية .

بن أبى الحقيق هذا ذهب كما قلنا من قبل لعرب قريش يدعوهم لتجهيز جيشا لاستئصال المسلمين ووعدهم بالمؤازرة وكان هو من أسباب إندلاع غزوة الأحزاب .

هو أيضا كان ممن قاتلوا ضد المسلمين في غزوة الأحزاب ورغم انهزام الأحزاب إلا أن الرجل كان مصدر تحريض وتأليب للقبائل ضد المسلمين بشكل لا ينتهي .

نفهم من ذلك أن الرجل كان محاربا وكان خائن لعهده مع المسلمين وكان مبادرا لعداوتهم .

شيء ثاني لابد من ذكره أن فترة قتله كانت فترة حرب وليس وقت سلم .

شيء ثالث وهو أن الأمر بقتله لم يكن سوى اعلان للحرب عليه وخرج في ذلك سرية من خمس رجال بقيادة عبد الله بن عتيك في شكل حرب صغيرة لتجنب زيادة القتلى .

كما رأينا أن قتل أبي الحقيق كان في وقت حرب وكان مثل أي قتال بين المسلمين ومن بادرهم بالعداء فلماذا يسميه د . كامل النجار ( إغتيال سياسي ) ؟

لفظ اغتيال ليس من اختراع كامل النجار ولا ابن وراق بل تقرؤه أيضا عند المبشر الانجليزي توماس مور .

إنه إسقاط لأحداث الواقع من اغتيالات وتآمرات على الروايات لخلق بعض الإثارة تساعد في تبشيع الصورة وتنفير الناس .


أقول لكامل النجار أن قتل سلام بن أبي الحقيق وكعب ابن الأشرف لم يكن ( إغتيالا سياسيا ) بل معاقبة لمجرمي حرب طالما الأمر هو حرب ألفاظ !!!!


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

واليهودي الاخر، كعب بن الاشرف لم يكن احسن حظاً. فهو كان يهجو النبي ويألب قريشاً ضده. قال ابن اسحاق: قال النبي : من لابن الاشرف؟ فقال له محمد بن مسلمة اخو بني عبد الاشهل: انا لك به يا رسول الله انا اقتله. فقال له الرسول: افعل ان قدرت على ذلك. فرجع محمد بن مسلمة، فمكث ثلاثاً لا يأكل ولا يشرب الا ما يعلق نفسه. فذُكر ذلك لرسول الله، فدعاه فقال له: لم تركت الطعام والشراب؟ فقال: يا رسول الله قلت لك قولاً لا ادري هل أفي به ام لا. قال له الرسول: انما عليك الجهد. فذهب ابن مسلمة ومعه سلكان بن سلامة بن وقش، وكان اخاً لكعب من الرضاعة. ومشى معهم رسول الله الى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال: انطلقوا على اسم الله، اللهم اعنهم ". ثم رجع الى بيته. وعندما وصلوا حصن كعب بن الاشرف نادى عليه سلكان فنزل اليهم كعب في ملحفته، وكان عريساً، وخرجوا يتمشون فهجموا عليه بسيوفهم وقتلوه .

 

 





مازال د . كامل النجار يتحدث عما يسميه ( إغتيالات سياسية ) !

حادثة مقتل كعب بن الاشرف يدرجها البخاري مثلا في باب ( المغازي ) فهي حرب مصغرة ولم تكن فترة سلم
ولكن د . كامل النجار يقلد توماس مور وينعتها أيضا ب ( اغتيال سياسي ) !

موقف كعب ابن الأشرف مثل ابن أبي الحقيق تماما .

كعب كان من رجال بني النضير وكان متفقا مع المسلمين بمعاهدة حماية مشتركة عن المدينة واتفاق على ألا ينصر اليهود قريشا أو يعينوهم على المسلمين .

يقول الحافظ بن حجر في فتح الباري :-
( أخرج ابن عائذ من طريق الكلبي أن كعب بن الأشرف قدم على مشركي قريش فحالفهم عند أستار الكعبة على قتل المسلمين‏ ) .
(ومن طريق أبي الأسود عن عروة ‏"‏ أنه كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ويحرض قريشا عليهم، وأنه لما قدم على قريش قالوا له‏:‏ أديننا أهدى أم دين محمد‏؟‏ قال‏:‏ دينكم‏ ) .

في كتاب الفوائد لعبد الله بن اسحق الخراساني (وهو أنه صنع طعاما وواطأ جماعة من اليهود أنه يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوليمة فإذا حضر فتكوا به ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه فأعلمه جبريل بما أضمروه بعد أن جالسه فقام فستره جبريل بجناحه فخرج، فلما فقدوه تفرقوا، فقال حينئذ‏:‏ من ينتدب لقتل كعب‏) وللأمانة العلمية فاسناد هذه الرواية فيه ضعف .

أما أرذل ما فعله كعب بن الأشرف فهو قذفه للمسلمات المحصنات والعبث بأعراض الشريفات من نساء المسلمين .

كما ترون فكعب اتخذنا كمسلمين أعداءا بدون مبرر سوى دناءة النفس فكان يجب أن نتخذه عدوا .
كان من الممكن أن يتخذ المسلمون ما فعله كعب ذريعة لشن حرب عليه وعلى قومه . ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشأ أن يعاقب الجميع بما فعله السفهاء منهم .

ربما يرى البعض أن محمد بن مسلمة لجأ في قتله لخدعة ولكن هذا لا يغير من الأمر شيء .
محمد بن مسلمة إختار أبسط طريقة تجنبا لإراقة دماء كثيرة .
ربما لو كان شخصا مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مكانه لاختار طريقة أخرى لقتله مثل أن يدعوه للمبارزة أو شيء آخر يتناسب مع قوته .
ولكن الأمر في النهاية لا يخرج عن معاقبة مجرم حرب آخر .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي النخلة كان خالد بن سفيان الهذلي يألب بني هذيل ضد النبي فارسل النبي عبد الله ين انيس الجهني ليقتله، وقال له: انه قد بلغني ان خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني، فائته فأقتله. فلما اتاه سأله خالد: من الرجل؟ قال: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك. فقال خالد: اجل انا في ذلك . فسار معه عدة خطوات وحمل عبد الله عليه بسيفه فقتله وحمل رأسه للنبي. فأعطاه النبي عصاً وقال له: تحضّر بهذه في الجنة. ولما مات عبد الله بن انيس أدرجت العصا في كفنه .

 

 





مازال أمامنا الكثير من روايات د . كامل النجار الغير صحيحة .
هذه الرواية ذكرها أحمد وأبو داود وفي سندهما راو مجهول هو ( ابن عبد الله بن أنيس ) .

وذكرها الطبراني باسناد فيه ( الوازع بن واقد ) وهو متروك الحديث .
رواية أخرى ساقطة ولن تكون الاخيرة .

 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

كان ابو عفك رجلاً مسناً، قيل ان عمره كان عشرين ومائة عام، قال شعراً هجا به النبي، فقال النبي: من لي بهذا الرجل؟ فتطوع سالم بن عمير لقتله. فسار اليه سالم وقتله، فاثار هذا العمل حفيظه شاعرة اسمها اسماء بنت مروان، فقالت شعراً هجت فيه النبي. فارسل النبي اليها عمير بن عُدي الذي تسلل الى خيمتها ليلاً وهي ترضع وليدها فقتلها .

 

 





مرة أخرى كما اتفقنا تعالوا نتأكد من صحة الروايتين .
رواية ( أبو عفك ) ذكرها ابن اسحق في السيرة ونقلها عنه ابن هشام وكذلك فعل محمد بن عمر الواقدي ونقلها تابعه ابن سعد في الطبقات ولكن المفاجأة أنها بدون اسناد معتبر !!!

الواقدي يكتب هذا :- (سَعِيدُ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ، وَحَدّثَنَاهُ أَبُو مُصْعَبٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ ) :-
هذا طبعا ليس إسنادا ومن هم أشياخه هؤلاء . فمدار الرواية كله على الواقدي .

ابن اسحق و الواقدي عاشا في القرن الثاني الهجري ولم يسمعا عن النبي و لم يشهدوا الحدث كما نعلم لذلك الرواية ساقطة ولا أساس لها .

نأتي للرواية الأخري عن عصماء بنت مروان ( وهذا هو اسمها وليس أسماء كما يقول د.كامل ) :-
القصة مذكورة في طبقات بن سعد ينقلها عن الواقدي .
ابن عدي يذكر في كتابه ( الكامل في ضعفاء الرجال ) اسنادا للرواية وفيه ( محمد بن الحجاج اللخمي ) وهو متروك الحديث ومتهم بتلفيق القصة بل وتلفيق الإسناد كله .

كذلك يذكر ابن الجوزي نفس الشيء في كتابه ( العلل ) .

ونقرأ عن اللخمي في ميزان الإعتدال للذهبي :- ( ميزان الإعتدال في نقد الرجال ) :- قال البخاري :- منكر الحديث , قال ابن معين :- كذاب خبيث , وقال الدارقطني :- كذاب .

كما ترون الروايتان ملفقتان ولا أساس لهما .

ولكن تعالوا نفحص متن الروايتين :- هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل النساء والشيوخ ؟

ألم ينهى عن قتل اليهودية التي دست له السم في الطعام تريد قتله ؟

ألم ينهى عن قتل النساء والشيوخ في المعارك صلى الله عليه وسلم ؟

ألم يقتدي بسنته الخليفة أبو بكر رضى الله عنه ويوصي الجيوش الإسلامية بعدم التعرض للأطفال والنساء والشيوخ ورهبان الصوامع ؟

الروايتان ساقطتان متنا وسندا ورغم ذلك يستشهد بهما د . النجار وأستاذه ابن وراق .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سنة ثمانية للهجرة عندما كان النبي يجهز لحملته ضد الروم، تناهى الى سمعه ان بعض الرجال كانوا مجتمعين في بيت يهودي اسمه شويلم وكانوا يخططون لمعارضة الحملة، فارسل النبي طلحة بن عبيد الله مع عدد من الرجال ليحاصروا المنزل ويحرقوه. رجل واحد فقط استطاع ان ينجو من المنزل وكسر رجله في محاولته الهروب من النار.

 

 




سأكون سعيدا لو أخبرنا د . كامل بمصدر هذه القصة فهو لم يفعل هذه المرة أيضا !!!!!


يبقى شيء أخير لابد من ذكره في النهاية :- إذا كانت الكثير من الأخبار والقصص المذكورة في كتب السيرة مفبركة , فلماذا كتبها المسلمون ؟

الإجابة :- لابد أن نعرف أن كثير من الكتاب الأوائل كانوا مهتمين بجمع أكبر قدر من الروايات بدون توثيق خوفا من ضياعها . وتركوا مسألة التأكد من صحتها للأجيال القادمة .
هذا يلخصه الحافظ العراقي في ( ألفية السيرة النبوية ) فيقول :-
4 من نظم سيرة النبي الأمجد ألفية حاوية للمقصد .

5 وليعلم الطالب أن السيرا تجمع ما صح وما قد أنكرا .

6 والقصد ذكر ما أتى أهل السير به وإن إسناده لم يعتبر .

والله من وراء القصد والسبيل ,,

 

تحت باب زوجاته :-


يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

يقول مشائخ الدين ان النبي تزوج كل هولاء النسوة ليستميل القبائل اليه لنصرته. ولكن التاريخ يقول غير ذلك. فالنبي كان في اضعف موقف لما كان في مكة وكانت قريش تحاربه وتضطهده. وظل في مكة ثلاث عشرة سنة بعد بدء الرسالة وهو مضطهد. لكنه ظل طوال هذه المدة مع خديجة لم يتزوج غيرها حتى ماتت قبل ثلاث سنوات من هجرته الى المدينة. وعندما هاجر الى المدينة اصبح في حمى الاوس والخزرج ولم يمضي وقت طويل حتى خضعت الغالبية العظمى من القبائل له واصبح في موقف لا تستطيع اي قبيلة ان تهدده، واصبح غنياً بعد كل الانفال التي جمعها المسلمون من الغزوات. ومن ثم كان جل زواجه في المدينة ما عدا عائشة بنت ابي بكر، تزوجها بمكة بعد وفاة خديجة لكنه لم يدخل بها الا بعد ان هاجر الى المدينة. وتقول بعض الروايات انه تزوج كذلك سؤدة بنت زمعة بن قيس في مكة.
فلننظر الى نسائه، تزوج عائشة بنت ابي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وكان الاثنان، ابوبكر وعمر، اول من آمن به وكليهما من قريش، فلو كان بالامكان استمالة قريش له لفعلا ذلك دون ان يتزوج بنتيهما. فزواجه من عائشة وحفصة لم يكن، اذاً، لاستمالة قريش، ولكنه قد يكون مكافأةً لابي بكر وعمر لنصرته والائمان به. ثم تزوج جويرية بنت الحارث وصفية بنت حُيي اليهوديتان بعد ان قتل زوجيهما واعداداً كبيرة من رجال بني قريظة وبني النضير، فهذا الزواج كذلك لم يكن لاستمالة القبائل اليهودية لانه شن عليهم الحرب واجلاهم عن المدينة وقتل رجال بني قريظة قبل ان يأسر ويتزوج جويرية وصفية. ثم تزوج ام حبيبة بنت ابي سفيان وهي بالحبشة، وليس من المعقول ان يستميل مثل هذا الزواج ابا سفيان الذي ظل يكن العداء لمحمذ وللاسلام رغم زواج ابنته من مسلم وهجرتها الى الحبشة، بل بالعكس، قد يكون اسلام ابنته وهجرتها قد زاد من كراهيته للنبي، وزواج محمد منها لا يمكن الا ان يكون قد زاد من هذه الكراهية .

 

 






قد تصاب بالدهشة عندما تجد النصارى ينتقدون تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم رغم أن الكثير من الآباء والانبياء في الكتاب المقدس كانوا كذلك .
ولكن قمة الدهشة عندما تسمع ذلك من شخص ملحد ككامل النجار .
فحسب علمي أن شريعة الإلحاد لا تحرم ذلك !!


من قال أن كل زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت ليستميل قبائل العرب ؟

لا أعرف في الحقيقة أحد من المسلمين قال ذلك .
ربما ينطبق هذا على بعض الزيجات فعلا ولكن ليس كلها بطبيعة الحال .

زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت واحدة من المسئوليات والأعباء الكثيرة التي حملها على عاتقه صلى الله عليه وسلم .

السيدة أم سلمة مات زوجها بعد ان جرح في معركة أحد

والسيدة أم حبيبة تركها زوجها وارتد عن الاسلام
والسيدة سودة مات زوجها في الحبشة

والسيدة حفصة مات زوجها بجروحه لجهاده في سبيل الله
وكلهن رضي الله عنهن تركن الغالي والرخيص من أجل الإسلام وهاجرن للحبشة وتركن أوطانهن .
هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتركهن يتسولن أو يطلبن الشفقة من أحد ؟

كان عليه الصلاة والسلام كما عرفناه دائما سباقا لتحمل الأعباء بدون أن ينتظر أن تجرح مشاعر إحداهن فأعطاهن الله المكانة اللاتي يستحقنها كأمهات للمؤمنين .

أما بنات الملوك كالسيدة جويرية والسيدة صفية فربما يكون زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منهما كان لإستمالة يهود بني المصطلق وخيبر للإسلام أو على الأقل لإنهاء موقف العداوة الغير مبرر من جانبهم وحدث هذا بالفعل مع بني المصطلق فأعتق المسلمون أسراهم لزواج النبي من جويرية ودخل بعض منهم في الإسلام .

أما زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش فلنا عنده وقفة :-

سبب هذا الزواج مذكور في سورة الأحزاب :-
(لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) :-

- إمرأة من علية القوم كالسيدة زينب تزوجت عبد معتوق مثل زيد بن حارثة فهل هذا مباح ؟

حسب ( حمية الجاهلية ) فهو غير مباح ولكنه في الإسلام مباح لأن التفضيل في الإسلام ليس بالنسب والمال .

- طلق زيد السيدة زينب وحسب ( حمية الجاهلية ) أصبحت السيدة زينب الآن في موقف لا تحسد عليه فمن العار أن يتزوجها رجل من علية القوم فهي الآن مطلقة عبد معتوق وبالتالي فقدت مكانتها السابقة كإمرأة من علية القوم .

- حسب ( حمية الجاهلية ) لا يجوز لرجل أن يتزوج من مطلقة عبده المعتوق فهذا عار ولكنه في الإسلام ليس عارا فلا السيدة زينب فقدت مكانتها بزواجها من عبد معتوق ولا الرسول صلى الله عليه وسلم فقد مكانته بزواجه من مطلقة عبده المعتوق .

- كما رأينا فالتشريع الإسلامي أعاد الناس لصوابهم فالكل عند الله سواء وهذا هو معنى ( لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) .

- لابد أن نفهم أن هذه الآية ليست هي التي حرمت التبني وإن كانت مرتبطة به .
- أحببت أن أوضح هذا لأن كثيرين يخلطون بين هذه الآية وآية تحريم التبني الموجودة في نفس السورة والتي تقول :-
(.......... وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ - ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ..........) :-

الإسلام لم يحرم كفالة اليتيم كما يدندن البعض فلا يوجد تشريع في الكون حض على كفالة اليتيم مثل الإسلام .

الإسلام يمنع أن تطلق على الطفل إسما غير اسم أبيه الحقيقي لأن ذلك ليس عدلا فالعدل أن تنسبه لاسم أبيه الحقيقي ( ذلك أقسط عند الله ) .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

اما زواج عائشة فقد ترك المفسرين وكُتاب السيرة في حيرة من امرهم. اذ كيف يفسرون دخول رجل في الربعة والخمسين من عمره بطفلة في التاسعة من عمرها، كانت تتأرجح مع صديقاتها على ارجوحة امام بيتها، وفي يدها جُميمة، اي لُعبة من لعب البنات؟ ولما توفي النبي كانت عائشة في الثامنة عشرة من عمرها، وحرّم عليها الزواج من بعده. " وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابداً ان ذلكم كان عند الله عظيماً" ( سورة الاحزاب، ألآية 53) .

 

 




لا يوجد حيرة ولسنا في حاجة أصلا لتفسير شيء يا عزيزي النجار .
كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس سواء بشهادته صلى الله عليه وسلم أو شهادة السيدة عائشة رضي الله عنها أو أهل السيدة عائشة أو المجتمع المحيط أو حتي من أعدائه صلى الله عليه وسلم .
الجميع يشهد أن التجربة ناجحة تماما ولا أحد أبدى تعجبا أو استغرابا .
العقل البشري اعتاد أن يتعامل بمنهج القياس فطالما العصر الحالي لا يشهد تجارب مماثلة لذا فعقول البعض تراها تجربة غريبة وتشعر بالاضطراب نحوها .

ينقل لنا الإمام البخاري في باب الشهادات قول الحسن بن صالح ونصه : -
( أدركت جارة لنا وهي جدة بنت إحدى وعشرين سنة ) .

هذه الحالة ليست بدعة فكل التقاليد القديمة كانت تعتبر أن سن زواج البنت هو سن البلوغ وما زال هذا التقليد ساريا في بعض المجتمعات للآن .

لذلك أنصح من يشعر بالعجب أن يرتاد سفينة الزمن ويرحل ويعيش في الماضي ليزول عجبه .


 






تحت عنوان بعثته



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

كان اليهود في فلسطين وفي يثرب ينعتون من جاورهم من العرب ب " الاميين"، ولا يعنون بهذه الكلمة الجهل بالقراءة والكتابة، بل يعنون بها شيئاً بمعنى :" القوم " اي " كوييم" و " جوييم" وتعني هذه الكلمات في اللغة العبرية " الغرباء" . لانهم في نظر انفسهم انهم هم شعب الله المختار الذي اختص بالوحي والنبوة، وما غيرهم هم الغرباء عنهم، ويعرفون عندهم ب " Goyim"، وهي صيغة الجمع من المفرد " كوي" "Goy". فكلمة " الامي" و " الاميين" كلمة تطلق على كل من هو غير يهودي . فكلمة " امي" مرادفة لكلمة " كوي" في العبرانية وكلمة " Ethnos" في اليونانية وتعني " الشعب" او " الامة". وقد ورد في القرآن: " فان حاجوك فقل: "اسلمت وجهي لله ومن اتبعن. وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين: أأسلمتم" . والمراد بالذين اوتوا الكتاب اليهود والنصارى. أما الاميون فهم الذين لا كتاب لهم اي من غير اليهود والنصاري.
وكذلك ورد في سورة الجمعة، الاية الثانية " هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته". وكلمة العرب لا تعني فقط الذين في مكة والمدينة، فقد كان هناك عرب في الشام يدينون بالمسيحية وكان جزء كبير منهم يقرأ ويكتب، وكذلك عرب العراق كانوا على قدر كبير من العلم وعرب جنوب الجزيرة كانت القراءة والكتابة متفشية فيهم. وحتى مكة والمدينة كانت فيهما نسبة لا يستهان بها على علم بالقراءة والكتابة، خاصة الجاليات اليهودية. فهل نفهم أن كل هولاء لم يكن محمد قد بُعث فيهم لانهم لم يكونوا أميين؟ ولما كانت كلمة " اميين" تعني " كوييم" اي من امة غير يهودية، فيكون محمد قد بُعث لكل العرب المتعلمين منهم وغير المتعلمين.
وفي آية اخرى: " ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده اليك، ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائماً، ذلك بانهم قالوا: ليس علينا في الاميين سبيل" . ومما لا شك فيه ان " الاميين" هنا تعني العرب الذين لم يكونوا يهوداً ولا تعني الذين لا يعرفون القراءة والكتابة. واذا اخذنا بهذا المعنى فان الرسول الامي لا تعني ان محمداً لم يكن يقرأ ويكتب، وانما كان من امة غير يهودية.

 

 





لا أفهم لماذا كل هذا التعقيد ؟

د . كامل النجار مصر أن كلمة ( أمي ) تطلق على من هم ( غير يهود ) وليس على من لا يجيدون القراءة والكتابة .
حسنا , تعالوا نقرأ معا سورة البقرة وماذا تقول عن بني اسرائيل لنثبت أن د . كامل النجار مخطيء كعادته :-
( أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ - وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ - أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ - وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ) البقرة 75- 78 .

ها هو القرآن يقول أن بني إسرائيل منهم ( أميون لا يعلمون الكتاب ).
إذا كانت ( أمي ) معناها ( غير اليهود ) كما يقول د. كامل النجار فهل كان القرآن يصف اليهود بأنهم غير يهود ؟!

وما قوله في هذه الآية أيضا :-
(وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت : 48] .

هذه الآية مكية ولم نسمع أن مشركي مكة كذبوها قط هذا فضلا عن المسلمين الأوائل .

الجميع كان يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يكتب أو يقرأ قبل نزول القرآن .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وكان في مكة في تلك الايام جماعة من النصارى الغرباء النازحين لاسباب من الرق والتجارة والتبشير، ومنهم نفر كانوا على درجة من الفهم والمعرفة، يعرفون القراءة والكتابة. من هولاء رجل روى المفسرون ان اسمه " جبر" وانه كان غلاماً لعامر بن الحضرمي، وانه كان قد قرأ التوراة والانجيل، وكان محمد يجلس اليه .

 

 




الجميع يعلم أن مكة لم يكن بها نصارى لا للتبشير ولا غيره . هذا القول غير صحيح .
بإمكان أي إنسان أن يقرأ حول مناطق انتشار المسيحية في جزيرة العرب قبل الاسلام وسيجد
أن مكة لم تكن ضمن هذه المناطق .

أما جبر فكان غلاما نصرانيا أعجميا مملوك لآل الحضرمي ولم يكن مبشرا ولا قسيسا .

و كونه كان يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن فهذا قول سخيف سخر منه القرآن .

كيف لغلام صغير ينطق العربية بالكاد أن يقول مثل القرآن ؟!!!

يبدو أن البعض يفتش عن أي صلة بين الرسول والنصارى ليزعم أنه كان نصرانيا .


 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي اول مرة نزل فيها الوحي عليه لما كان بغار حراء، جاءه الملك فقال: اقرأ. فقال محمد: ما انا بقارئ. قال: اخذنئ فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني. فقال: أقرأ. فقلت: ما انا بقارئ. فاخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني. فقال: اقرأ. فقلت: ما انا بقارئ. فاخذني فغطني الثالثه حتى بلغ مني الجهد. ثم ارسلني فقال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الاكرم. الذي علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم".
وخرج محمد من غار حراء وهو يرتجف ودخل على خديجة فقال: زملوني زملوني . والذي يتضح من هذه القصة هو: اما ان يكون محمد قد كان نائماً في الغار فحلم بجبريل، او خُيل اليه وهو صاحٍ، أن رجلاً أتى اليه وطلب منه ان يقرأ ثم غطه لما رفض ان يقرأ. وكون جبريل غطه وطلب منه أن يقرأ توحي لنا بأن جبريل كان عالماً بان محمداً يستطيع ان يقرأ لكنه رفض ان يقرأ، فغطه ثلاث مرات حتى خشى محمد على حياته، او ان يكون جبريل يجهل ان محمداً لا يستطيع القراءة والكتابة، والا لما طلب منه ان يقرأ، وهذا امر بعيد الاحتمال اذا ايقنا ان جبريل هو روح القدس والواسطة بين الله ومحمد. ونستطيع ان نقول ان محمداً كان يقرأ ويكتب ولذا طلب منه جبريل ان يقرأ، أو ان جبريل لم ينزل عليه وانما خُيل له.

 

 




رغم أن موضوع كلمة ( أمي ) ومعناها لا يقدم ولا يؤخر عندنا إلا أن المستشرقين كادوا يصابون بالخبال حتى يثبتوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجيد القراءة والكتابة .

د . كامل النجار يزعم أنه طالما أن جبريل عليه السلام قال للنبي ( إقرأ ) فهذا دليل على أن النبي كان يجيد القراءة !

فات على د. كامل أن جبريل عليه السلام لم يسلم للرسول صلى الله عليه وسلم أوراق حتى يقرأها ؟

هل عندما أقول ( فلان يقرؤك السلام ) أن القراءة يجب أن تكون من أوراق مكتوبة ؟

من يردد كلاما وراء آخر فهو ( يقرأ ) ومن يردد كلاما من الذاكرة فهو أيضا ( يقرأ ) .

الأمر ( إقرأ ) هو أمر لإستعداد النبي صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة القادمة للناس وهذا أمر ظننته مفهوما .


 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهناك دليل آخر أن محمد كان يقرأ ويكتب، فقد ذكر البخاري عن أبن عباس أن النبي لما حُضرَ، أي لما كان على فراش موته، وكان في البيت رجال، طلب منهم إحضار الدواة والقلم، وقال لهم: هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً. فقال بعضهم: إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتابُ الله. فهاهو الرسول يقول لهم: أكتب لكم كتاب، ولم يقل أُملي عليكم كتاب.

 

 




رغم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أكتب لكم كتابا ) لا ينفي يقينا أنه صلى الله عليه وسلم كان سيملي ما يقول على أحد الحضور ليكتب ما يسمعه من رسول الله خاصة ان صحته صلوات ربي عليه وسلامه لم تكن لتسمح له بالكتابة , إلا أننا لن نعترض كثيرا على احتمال تعلمه صلى الله عليه وسلم الكتابة بمرور الزمن .

ولكن الذي يهمنا في الأمر هو الفترة قبل نزول القرآن التي لم يكن النبي يقرأ كتابا أو يكتب شيئا :-

( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت : 48] .


كما تلاحظون فالآية الكريمة تقول ( من قبله ) .
ما الفائدة أن تقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعلم الكتابة قبل وفاته بقليل وبعد نزول القرآن كاملا ؟

هذا لا يقدم في موضوعنا ولا يؤخر .

لكي يبني المستشرقون نظرياتهم حول مصدر القرآن وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إقتبسه من قراءاته من الكتاب المقدس وكتب الإغريق والهنود فلابد أولا أن يثبتوا كونه صلى الله عليه وسلم كان يجيد القراءة والكتابة بل ويجيد بعض اللغات أيضا في فترة شبابه ناهيك عن امتلاكه مكتبة ضخمة من الكتب .

وحتى هذه اللحظة لم يقدم أحد شيئا كدليل سوى بعض المناوشات .

العرب أنفسهم كانوا أذكى من توريط أنفسهم في أمر خاسر كهذا فالرسول صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن لم يكن بقارىء ولا بكاتب لذلك ذهبوا إلى مزاعم أخرى قد تجد بعض النجاح مثل أن أحدهم يعلمه هذا الكلام :-

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ )
[النحل : 103] .



 




د . كامل النجار كان أذكى من الجميع وطفق يلعب على كل الحبال .

في البداية كان يقول أن هناك من يعلمه القرآن .
وإذا لم تفلح هذه فلا مانع أن يقول أنه كان يعلم نفسه لأنه كان يجيد القراءة والكتابة .

وإذا لم تفلح هذه أيضا فلا مانع أن يكون الرسول مصاب بالصرع . انظر ماذا يقول :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ووصف كُتاب السيرة النبوية عن عائشة، ان محمداً عندما كان يأتيه الوحي كانت كل اعضاء جسمه ترتجف لفترة من الزمن، ثم يتصبب عرقاً ثم ينام، وعندما يصحو من نومته يخبرهم بالوحي. ونحن كأطباء، نعلم أن هذه الاوصاف كلها، خاصةً صلصلة الجرس في ألاذن، من أعراض الصرع, وتُسمى " Aura" وعادةً تسبق هذه الاعراض التشنج الذي يحدث لمرضى الصرع.
ولقد ذهب بعض المستشرقين وخاصة جوستاف فيل " Gustav Weil . الى أن محمداً كان يعاني من داء الصرع، واستشهدوا بأنه ولد وبصره شاخص الى السماء. وإذا جاء المولود وبصره شاخص الى السماء، وهو عكس الوضع الطبيعي للمولود، تتعثر عملية الولادة وتطول وغالباً ما يحدث نزيف بسيط في عدة أماكن من الدماغ تؤدي في بعض الحالات الى حدوث الصرع في الشخص عندما يكبر.

 

 





ولكن جوستاف فيل كان واسع الخيال يا دكتور .
فيل كان طبيبا لذلك تأثر خياله كثيرا بمهنته .
مريض الصرع كما يعلم الجميع يخرج من النوبة فاقد الذاكرة مؤقتا ولا يشعر بمن حوله أما أن يخرج مريض الصرع من نوبته يتلو قرآنا يؤمن به مليارات من البشر فهذا شيء فات على جوستاف فيل !.
أصارحكم القول أشعر بالغيظ من هذه الأقوال العبثية والسخيفة .


 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ويقال ان خديجة بعد ان زملت محمداً عندما جاءها يرتجف، ذهبت من توها الى ابن عمهما ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله ان يكتب. فاخبرته بما حدث لمحمد، فقال ورقة بن نوفل لمحمد: يابن اخي، هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني اكون حياً، اذ يخرجك قومك. فقال الرسول: " او مخرجي هم؟" فقال: نعم. وان يدركني يومك انصرك نصراً مؤزّراً . وكان ورقة بن نوفل وقتها رجلاً مسناً اعمي. ولم يخطر ببال كُتاب السيرة النبوية ان يسألوا انفسهم: لماذا اذاً لم يسلم ورقة بن نوفل في وقتها إذا عرف أن الذي نزل على محمد انما هو الملك الذي نزل على موسى، وأن محمد نبي الله؟ خاصة إذا عرفنا أن خديجة بنت أخيه قد اسلمت في ذلك الوقت ؟ واي نصرٍ كان سيقدمه لمحمد ان كان حياً حين اخرجوه من مكة، وورقة رجل مسن اعمى؟
واستمر الوحي لفترة من الزمن ثم توفي ورقة بن نوفل، فتوقف الوحي فترة من الزمن حتى حزن الرسول حزناً جعله يفكر في ان يلقي بنفسه من رؤوس شواهق الجبال. فكلما اوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد انك رسول الله. فيسكن جأشه، فيرجع. فاذا طالت عليه فترة الوحي غدا كمثل هذا .
وهناك سؤالان يفرضان نفسهما علي القارئ: لمذا حزن محمد على ورقة بن نوفل كل هذا الحزن حتى كاد يقتل نفسه، ولم يبد نفس الحزن عندما مات عمه ابو طالب الذي رباه وحماه من قريش؟ ولماذا لم يظهر نفس الحزن عندما قُتل عمه حمزة ومُثل به؟ والسؤال الثاني: لماذا توقف الوحي بموت ورقة بن نوفل؟ هل حزن عليه جبريل كذلك وقرر عدم النزول بالوحي؟ ام ان ورقة بن نوفل كان هو الوحي؟

 

 





أمام هذا الأسلوب الملتوي للدكتور كامل النجار وأستاذه ابن وراق أجد نفسي حائرا .
لن أعلق على موضوع أن ورقة بن نوفل كان يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن فهذا الأمر لا يستحق الرد .

ولكن سأعلق فقط على قول د . كامل النجار :- ( لماذا حزن محمد على ورقة بن نوفل كل هذا الحزن حتى كاد يقتل نفسه ؟ ) .

أولا :- كل الروايات التي تنقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كاد أن يلقي بنفسه من رؤوس شواهق الجبال هي روايات منقطعة الإسناد وليس لها وزن .

ربما يقول قائل :- ولكن إحدى هذه الروايات في صحيح البخاري ؟
أقول نعم إحداها مكتوبة في صحيح البخاري ولكنها ليست للبخاري . هل هذه فزورة ؟؟
أبدا ليست فزورة .
الإمام البخاري أخرج حديث عائشة في باب بدء الوحي حتي عبارة ( وفتر الوحي ) ثم قال :-

( وزاد الزهري :- حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل ....... ) .


كما تلاحظون هذه الزيادة ليست للبخاري بل هي للزهري مرسلة وليس لها أي وزن لذلك فلا تجدها أحيانا في بعض نسخ صحيح البخاري .

طبعا د . كامل النجار وابن وراق لا يهتما بهذا كله فلو وجدا رواية منقولة عن إبليس نفسه لنقلوها طالما فيها ما يساعدهم !


ثانيا :- هل كان حزن الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو مذكور في الرواية على وفاة ورقة أم على إنقطاع الوحي ؟

كما هو واضح من الرواية فالحزن كان على انقطاع الوحي أما وفاة ورقة فربما حزن الرسول لوفاته لفقدانه أحد أنصاره وهذا شيء طبيعي .

تعرفون طبعا أن علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بورقة بن نوفل التي لا تزيد عن سطور قليلة في الكتب الإسلامية كتبت فيها مجلدات ونظريات ومكتبات كاملة من جانب المستشرقين وهي قصص شيقة حقا.... ولكنها تظل خيال خرج من عقل أناس ضلوا طريقهم ولجأوا للإستشراق برغم براعتهم في فن الدراما !!!

 

 

الفصل الرابع :تجميع القرآن


يقول د. كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- وكان عبد الله بن سعد بن ابي سرح من كُتاب الوحي كذلك لفترة قبل ان يترك ويرتد عن الاسلام لانه ادعى انه كان يقترح بعض التعديلات اثناء كتابته الوحي، وكان محمد يوافق عليها، مما جعله يقول لو كان هذا الوحي من عند الله لما وافق على تعديله .

 

 




د . كامل هنا يتحدث عن افتراءات عبد الله بن أبي سرح على النبي صلى الله عليه وسلم في فترة ارتداده وكأنها حقيقة !

قصة أن بن أبي سرح كان يكتب الوحي ويقترح تعديلات فيه هي قصة فبركها بن أبي سرح أثناء ارتداده وعودته إلى مكة ليكسب ود المشركين . هذا أمر ظننته مفهوما .
كنت قد قدمت نقدا لقصة عبد الله بن أبي سرح عند حديثي عن فتح مكة وقلت أن كونه كان من كتًاب الوحي هي قصة مشكوك فيها ورغم ذلك لو إفترضنا صحتها فيجب أن نقرأها على لسانه هو وليس على أنها حدث تاريخي يرويها راو ثالث الذي يتقمص الدكتور كامل دوره . الروايات هذه لو صحت تقول أن ابن أبي سرح بعد ارتداده وعودته إلى مكة كان يتفاخر بين المشركين بأنه كان يكتب الوحي للنبي وكان يغير في ألفاظه والنبي يوافقه !!

اذن الأمر كله كان محاولة منه لكسب ود المشركين ليسامحوه بعد أن كان خانهم من قبل . وهذا كله أمر طبيعي منه لأنه كان يخشى ان يقتلوه .

الروايات تنقل قوله هو وقت أن كان مشركا ولا تروي واقعة حقيقية حدثت .

ومرة أخرى أطرح سؤالي على الدكتور كامل :-

لو كان بن أبي سرح تأكد من عدم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف عاد للإسلام مرة أخرى وتمسك به وقاتل في سبيله ؟


 




يقول الدكتور كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- ولم يأمر محمد في حياته بجمع القرآن او تبويبه، وانما اكتفي بان القرآن محفوظ في صدور الرجال .

 

 





هذا لأن د. كامل النجار لا يعرف معنى كلمة ( الجمع ) .
عندما نقول أن القرآن كان له كتًاب للوحي يكتبون ما ينزل فهذا يسمى
( جمع ) .
عندما نقول أن جبريل عليه السلام راجع المكتوب من القرآن في العرضة الأخيرة فهذا يسمى ( جمع ) .
أما كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجمع القرآن كله في مجلد واحد فهذا لأن هذه ( التقنية ) لم تكن منتشرة بعد .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ونحن لا نعرف بالتاكيد متى جُمع القرآن، لان اول شئ مكتوب ظهر عن جمع القران كان في كتاب " الطبقات" لابن سعد في عام 844 للميلاد، ثم البخاري عام 870 للميلاد وصحيح مسلم عام 874 للميلاد. واذا اخذنا في الاعتبار ان محمد توفي عام 632 للميلاد، تظهر لنا حقيقة هذا التاريخ الذي كُتب بعد مرور اكثر من مائتي عام بعد وفاة محمد وكله يعتمد على الاسناد من شخص سمع حديثاً ثم رواه لشخص آخر، وهكذا. وبما انه لم يكن هناك تاريخ مكتوب عن تلك الفترة، فالاعتماد على الاسناد لا يبعث الثغة في نفس القارئ.
وهناك بلا شك احاديث عديدة ملفقة ومنسوبة للنبي، باسنادٍ جيد. وحتى كتب الحديث المشهورة مثل صحيح البخاري ( توفي عام 238 هجرية) يصعب الاعتماد عليها لانه جمعها بعد حوالي مائتين عاماً بعد وفاة الرسول. ويقول المستشرق جولدزر( Goldziher ) أنه لا يمكن القول ان أي حديث هو حديث صحيح قاله النبي، لان صناعة الحديث وصلت ذروتها في الدولة العباسية التي حاول خلفاؤها تبرير اغتصابهم الحكم من الامويين، فأوعزوا الى علمائهم باختراع احاديث تساندهم وتذم العلويين . وقد جمع بعض رواة الحديث أكثر من ثلاثمائة ألف حديث، بعضها مناقض لبعض. وأعتمد البخاري ألفين فقط من كل هذه الاحاديث واعتبر البقية منحولة. فإذا كذب الناس في الاحاديث المنسوبة للنبي، كيف نصدق رواياتهم عن جمع القرآن؟

 

 




هذا فخ بالتأكيد .

الدكتور كامل هنا يمهد للقاريء أن القادم سيكون لعبة استنبطاية بحتة ولذلك فهو يريد أن يحيًد الأدلة الإسلامية ويزيحها من البداية تحت السجادة .
هو افترض من البداية شيئا ما في ذهنه ( ترى ما هو ؟! ) .
وسيبحث بعد ذلك عما يؤيد هذا الإفتراض ولو كان ضعيفا وسيرفض كل ما يؤيد الفرض ولو كان قويا .
كان يجب أن ينتبه أنه طالما ليس مسلما فأمامه أحد خيارين :-
- إما أن يرفض الروايات الإسلامية كلها بصحيحها وضعيفها ويقر بالقرآن الموجود الذي لا يختلف فيه مسلمان ولا يحكم مزاج سيادته في الإنتقاء والفرز .
- وإما يأخذ بالمنهج الإسلامي الذي يقول :-
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) .

أما ما يفعله من قبول المرفوض ورفض المقبول فهذا غير موضوعي .
نفس الشيء يفعله المستشرق ( آرثر جفري ) الذي قام باختراع منهج جديد وهو :-

أولا رفض كل المصادر الإسلامية عن جمع القرآن بإعتبارها مزورة تحت غطاء نفس العبارة التي يقولها الدكتور كامل : ( فإذا كذب الناس في الاحاديث المنسوبة للنبي، كيف نصدق رواياتهم عن جمع القرآن؟ ) وكأن المسلمون لا يعرفون بالأحاديث المكذوبة .
ثم وافق أن يستند على مصدر واحد هو كتاب المصاحف لإبن أبي داود ولم يقل لنا لماذا إختار هذا ورفض هذا ؟! .
ثم لا يلتزم بهذا أيضا فيتعامل مع ( كتاب المصاحف ) بمبدأ الفرز والإنتقاء !!!
وعندما أخبره علماء المسلمين أنه يستشهد بروايات ضعيفة الإسناد , رفض شرط الإسناد واعتبره من السهل تلفيقه !!
ولأننا نعرف ما يريده من البداية ( فهو إفترضه مسبقا ) , فالسيد ( جفري ) هو صاحب الإدعاء الشهير الذي نعت به نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه ( رئيس عصابة ) في كتابه( البحث عن محمد التاريخي ) فوقتها كان يجب ألا نقلده في منهجه . أليس كذلك ؟
إذا كان التاريخ الإسلامي الموثق بأصح الأسانيد لا يصلح كمرجعية حول جمع القرآن , فلا نزل القطر فلا نزل القطر فلا نزل القطر .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهناك رواية اخرى في جمع القرآن تقول ان الذي جمعه هو الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان ( 684 - 704) بمساعدة الحجاج بن يوسف. وذُكر ان الخليفة عبد الملك بن مروان قال: اخاف ان اموت في رمضان، ففيه وُلدتُ، وفيه فُطمتُ، وفيه جَمعتُ القرآن، وفيه أنتخبت خليفة للمسلمين وذكر جلال الدين السيوطي والثعالبي هذه القصة عن عبد الملك .

 

 




لم يذكر لنا في أي كتاب للسيوطي أو الثعالبي .
أنا بحثت في المتاح لدي فلم أجد شيئا كهذا .
على العموم حتى لو كانت موجودة فما قيمة رواية كهذه بجانب روايات في منتهى الوضوح لم يختلف حولها إثنان .
كان د . كامل لا يصدق المصادر الإسلامية في البداية وهاهو يفعل نفس ما يفعله جفري .
لماذا يقبل هذه الرواية ( لو وجدت ) ويرفض الصحيح ؟
ربما كان يمزح من البداية !!



 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- اما الكندي، وكان نصرانياً وهو غير ابن الكندي المسلم، كتب في زمن خلافة المأمون سنة830 للميلاد، اي حوالي اربعين عاماً قبل ان يكتب البخاري، الى صديق له مسلم و قال : ( الراهب بُحيرى " واسمه الاصلي سيرجياس Sergius" كان راهباً نسطورياً قد طُرد من كنيسته لذنب كان قد اقترفه، فذهب الى جزيرة العرب متطوعاً ليكفر عن ذنبه. وهناك التقى محمداً وتجادل معه. وعند موت هذا الراهب التقى طبيبان يهوديان هما: عبد الله وكعب، محمداً وكان لهما اثر كبير عليه. وعند موت الرسول، وبإيعاز من اليهود، امتنع علي بن ابي طالب من مبايعة ابي بكر للخلافة. ولما يئس من الخلافة، قدمّ نفسه الى ابي بكر بعد اربعين يوماً من موت الرسول، وعندما بايع ابا بكر، سُئل علي: يا ابا الحسن، ماذا منعك حتى الان؟ فرد عليهم: كنت مشغولاً بجمع كتاب الله الذي كلفني به رسول الله (ص). فقال بعض الحضور ان لديهم اجزاء من القرآن بحوزتهم. واتفق الحاضرون على ان يُجمع كل القرآن في كتاب واحد، فجمعوا كل ما استطاعوا عليه من صدور الرجال، مثل سورة " براءة" التي املاها عليهم احد اعراب البادية، وآيات اخرى من نفر آخرين، وكل ما وجدوه مكتوبا على الواح من عظام او جريد النخل او حجارة .
- ثم جاء الحجاج بن يوسف وجمع كل المصاحف التي عثر عليها وحرقها، وكتب مصحفاً جديداً حذف منه اجزاءً كثيرة كانت في مصحف عثمان، منها آيات كانت تخص الامويين وفيها اسماء بعض الناس من بني أمية .
- ثم قال الكندي مخاطباً صديقه المسلم: ( كل الذي ذكرت لك مأخوذ من ثقاة المسلمين، ولم اقدم اي اراء من عندي، وانما ذكرت ما كان مبنيٍ على الادلة المقبولة لكم).

 

 





الدكتور كامل الذي نصب لنا فخا من البداية ورفض كل التاريخ الإسلامي عن جمع القرآن برغم أنه موثق ومدعوم بشكل لا يقبل النقاش يأتي الآن ويستند على رسالة الكندي !!!

ترى من هو هذا الكندي ؟؟

سأحكي لكم حكاية هذا الكندي الذي يعده د . كامل النجار وابن وراق مصدر غير قابل للنقاش و ياله من مصدر عظيم !

اشتهر في طليطلة في القرن العاشر الميلادي ما يسمى ب (رسالة النصراني الشرقي ) وهي عبارة عن مناظرة مكتوبة قالوا أن شخصا مسلما يدعي (عبدالله بن إسماعيل الهاشمي ) وكان قريبا من الخليفة المأمون كتب إلى صديق له نصراني يدعى (عبد المسيح بن إسحاق الكندي ) يدعوه للإسلام ويعدد له مزاياه وفضائله فكتب هذا الكندي ردا طويلا يدافع فيه عن عقائد المسيحية ويثبت فيه أن الإسلام ليس سوى دين وثني لا يجوز إعتناقه وكان من ضمن ما كتبه هذا الكلام عن تحريف الحجاج للقرآن الذي ينقله لنا الدكتور كامل النجار عن ابن وراق .

بديهي طبعا أن تخمنون أنه لم يوجد شخص اسمه الهاشمي ولا آخر يدعى الكندي والأمر لم يكن اكثر من بروباجندا كانت الكنيسة تلجأ إليها للحفاظ على المسيحيين في الشرق من إعتناق الإسلام .

لا يوجد في التاريخ الإسلامي شخصا نصرانيا بهذه الشهرة يدعى ( عبد المسيح الكندي ) في عصر الخليفة المأمون ولا أي خليفة غيره .

البعض يرجح أن كاتب هذه الرسالة بالكامل هو الفيلسوف والطبيب النصراني يحيي بن عدي الذي عاش في العراق في القرن الرابع الهجري ولكن على أي حال لا احد يعرف تحديدا متى كتبت هذه الرسالة .

إكتسبت هذه الرسالة بالطبع شعبية في الغرب فالطرف النصراني منتصر تماما في المناظرة ولكن طبعا هذا ليس كافيا لجعلها مصدرا يقتبس منه أصدقاؤنا د .النجار وابن وراق الدليل الجازم على صحة أقوالهم بالتحريف .

الرسالة ترجمها للإنجليزية المبشر وليام مور وهي موجودة على الكثير من مواقع الإنترنت المسيحية .

الملفت للنظر أن مستشرقا بحجم آرثر جفري يستشهد بقول الكندي في موضوع تحريف الحجاج للقرآن رغم أنه يقول أن تاريخية هذه الرسالة تبقى محل شك !!

وكذلك فعل ابن وراق ود . النجار يفعل الشيء ذاته بدون ان يهتم أحد
بتقديم دليل واحد .


هذه الرسالة قد يكون لها أهمية من الناحية الأدبية أما أن يستخدمها أحد في دراسة نص القرآن فهذا غريب جدا !!

يا ترى ما موقف د. كامل النجار عندما يعرف أنه ينقل عن شخصية لم نتأكد من وجودها في التاريخ بعد ؟

على العموم السيد الكندي يقول أن الحجاج جمع المصاحف وأحرقها وكتب مصحفا جديدا محرفا ..ولكن ألم يسأل هذا الكندي كيف للحجاج أن يفعل ذلك وقد كان حاكما على العراق فقط ؟

كيف فعل الحجاج ذلك بدون أن يعرف المسلمون ؟! هل أعطاهم منوم ؟

ثم هل المصاحف كانت حكرا على رجال العراق فقط أم تراه كان يظن أن العامة كانوا ممنوعون من حفظ القرآن وتلاوته سوي بتصريح من الحجاج ؟

قول غريب والأغرب أن ينقله البعض بدون تفكير !

كان يجب على أي باحث موضوعي أن ينظر لرسالة الكندي على أنها واحدة من المجادلات الإنفعالية المسيحية ولا يعطيها أي أهمية خاصة أن رسالته لم ترفق بأي مخطوطة من المخطوطات التي يزعم أن الحجاج أحرقها .

على العموم رسالة الكندي هذه في الغالب تنقل هذا القول من كتاب المصاحف لإبن أبي داود تعالوا نقرأه :-

( قال أبو بكر كان في كتاب أبي حدثنا رجل . فسألت أبي من هو ؟ فقال حدثنا عباد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غير في مصحف عثمان أحد عشر حرفا .... إلخ ) :-

يبدو واضحا ان هذه الرواية مفبركة نكاية في الحجاج .

( عباد بن صهيب البصري ) هذا يقول عنه البخاري ( تركوه ) ويقول عنه النسائي في الضعفاء والمتروكين ( متروك الحديث ) .

ويقول عنه ابن حبان :- ( عباد بن صهيب , من أهل البصرة , يروي عن هشام عن عروة والأعمش – روى عنه العراقيون – كان قدريا داعيا إلى القدر ورغم ذلك يروي المناكير عن المشاهير التي إذا سمعها المبتديء في هذه الصناعة شهد لها بالوضع ) .

القصة ببساطة هي رواية مفبركة صاغها أحدهم انتقاما من الحجاج .
هذا كل شيء .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- وكانت هناك اختلافات في المصاحف، بعضها فيه زيادة وبعضها فيه نقصان.
فمثلاً في سورة المائدة الاية 89: " لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم". ويخبرنا الطبري ان اُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود اضافا كلمة " متتالية" بعد الثلاثة ايام، وبذلك تصير الكفارة اصعب على المسلم إذ يجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام متتالية.

 

 





‏أولا : الطبري يقول ( متتابعات ) وليس ( متتالية ) . ترى عن أي طبري يتكلم الرجل ؟!

ثانيا : هذه قراءة ليست متواترة ولذلك فهي تجوز فقط كتفسير .

نرى ماذا يقول الإمام الطبري :-
(فأما ما رُوي عن أبـيّ وابن مسعود من قراءتهما «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» فذلك خلاف ما فـي مصاحفنا, وغير جائز لنا أن نشهد بشيء لـيس فـي مصاحفنا من الكلام أنه من كتاب الله. غير أنـي أختار للصائم فـي كفّـارة الـيـمين أن يتابع بـين الأيام الثلاثة ولا يفرّق, لأنه لا خلاف بـين الـجميع أنه إذا فعل ذلك فقد أجزأ ذلك عنه من كفّـارته. وهم فـي غير ذلك مختلفون, ففعل ما لا يختلف فـي جوازه أحبّ إلـيّ وإن كان الاَخر جائزا ) .

ترى هل أصيب الدكتور النجار بالإرهاق فلم يكمل تعليق الطبري أم تراه ينقل من مصدر آخر يثق فيه لهذه الدرجة ؟!


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- ويظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً، فمثلاً، كما يقول البخاري، لما نزلت الاية 95 من سورة النساء: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم..." اشتكى رجل اعمي ( ابن أم مكتوم) للنبي قائلاً: اني اعمى ولن استطيع الجهاد ولذلك سيفضل الله المجاهدين عليّ. فأضُيفت الى الاية " غير أولي الضرر" واصبحت: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون..".
- ويقول أبن عباس لما نزلت ألآية 228 من سورة البقرة: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلالثة قرؤء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم ألآخر" قام معاذ ( أي معاذ بن جبل) فقال: يا رسول الله: ما عدة اللائي يئسن من المحيض؟ وقام رجل آخر فقال: ألا رأيت يا رسول الله في أللائي لم يحضن للصغر ما عدتهن؟ فقام رجل آخر فقال: أرأيت يا رسول الله ما عدة الحوامل؟ فنزل " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن .

 

 





سنوضح هنا لماذا لم ينزل القرآن دفعة واحدة ولماذا ارتبط بعضه بأحداث خاصة في حياة الرسول والمسلمين الأوائل .

في البداية أنا أوافق على الآراء الجديدة التي تقترح تسمية ( مناسبة النزول ) بدلا من تسمية ( أسباب النزول) .

لابد أن نعرف أن الجو العام وقت نزول القرآن كان مليئا بالتساؤلات وكان الوحي يجيب على هذه التساؤلات باستمرار .

كثيرة هي الآيات في القرآن التي تبدأ ب ( يسألونك عن ) ثم تأمر الرسول ( قل كذا ) .

الآية عندما تتعلق بمناسبة وقت نزولها فهذا يعد أول تفعيل لمعني الآية وأول ربط بين الآيات وواقع الإنسان .

الدكتور النجار يريد من الآيات أن تكون منفصلة عن واقع الحياة ولا تتدخل في أحداث الإنسان . إذا كان الأمر كذلك فما دور السماء في حياة البشر إذن ؟!

فمناسبة النزول هي أول تطبيق فعلي للآيات ثم مع مرور الأزمان وتغير الأماكن تظهر المناسبة الثانية والثالثة .......... وهكذا .

القرآن يشبه قطارا ومناسبة نزوله هي محطة انطلاقه الأولي ولكنه يظل منطلقا مارا بمحطات كثيرة ومتعددة .
ولكن يجب أن نوضح أن القرآن لا يذكر أسماء الأفراد ولا يذكر الأماكن وتاريخ الحدوث .

فقط يذكر طبائع النفوس وإنفعالاتها والأجواء المحيطة بها .

- في المثالين الذين ذكرهما د. كامل النجار حول سؤال ( ابن أم مكتوم عن موقف أولي الضرر من الخروج للجهاد ) وسؤال سعد بن جبل عن ( عدة اللائي يئسن من المحيض ) كان الوحي يجيب عن هذه التساؤلات ليس كحالة خاصة بهذا الشخص أو ذاك ( فالآيات كما قلنا لا تذكر أسماء ) ولكن كحالة عامة وتساؤلات مطروحة في كل زمان ومكان .

هل تلاحظون أن الآيات تستخدم الفعل المضارع ( يئسن – يحضن – يستوي ) رغم أن الأحداث حدثت في الماضي .

المضارع هو إشارة لخلود الرسالة وبقائها حاضرة مستمرة فهو زمن حي يسري مع الدهر .

الأسئلة التي توجه للنبي (صلى الله عليه وسلم) أو التي ينتظر أن توجه إليه في مختلف العقائد والأحكام وجدت إجابتها الشافية في القرآن باعتبار أن السؤال لا يمثل حاجة صاحبه فقط ولكن حاجات الناس طوال الحياة .
أقول في النهاية أن نزول القرآن بهذا الشكل مقصود للشارع الحكيم ومناسب لمرحلة التعليم والتعلم الأولى وليس كما يقول د. كامل النجار
( يظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً ) !!

قد أفاجيء د .كامل النجار إذا أخبرته أن تساؤله هذا طرحه المشركون وقت الرسول ونزل الوحي يجيبهم وها هو د. النجار وبن وراق يكرران نفس التساؤل في زمن ومكان مختلفين ومازال الوحي يجيبهم :-

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا. وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فنجد مثلاً في سورة الفرقان الاية 48:" وهو الذي ارسل الرياح بُشرا بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا"، تُقرأ في بعض الروايات: " وهو الذي ارسل الرياح نُشرأ بين يدي رحمته" . ونُشرا تعني متفرقة قُدام المطر. ولهذا السبب نجد أحمد بن موسى بن مجاهد عدد تسع قراءآت مختلفة .

 

 







البعض يظن أن كلمة ( قراءة ) المقصودة هنا معناها ( Reading ) .

قراءات القرآن ليست نصوصا مختلفة فالقرآن ليس له سوى نص واحد .

القراءة هو طريقة تلفظ الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن عند ترتيله وهناك عدد من الصحابة سمعوا القرآن من رسول الله وقرءوه أمامه نعرف منهم :- علي بن أبي طالب – عبد الله بن مسعود – زيد بن ثابت – أبو الدرداء – أبو موسى الأشعري – أبي بن كعب .
التابعين سمعوا من هؤلاء الصحابة القرآن فحفظوه ثم نقلوه للأجيال التالية وهكذا .. .

نشأ عن ذلك مدارس لقراءات القرآن انتشرت في المدينة و الكوفة والبصرة والشام وكلها كانت تمثل انحدارا لسلسلة من الرواة تنتهي عند النبي محمد .
لكي يتم توثيق هذه القراءات لجأ العلماء لتصنيف سلاسل الرواة إلى :-

- قراءات متواترة :- وهي ليس فقط أن يكون رواة السلسلة ( القرآء ) عدول وجيدي الحفظ ومتصلين بل شرط أيضا أن تكون القراءة منقولة عن عدد كبير من هؤلاء القرآء عند كل مستوى من مستويات السلسلة بداية من المستوى تحت الصحابي وبشرط أن توافق هذه القراءة مصحف عثمان .

- قراءات شاذة :- وهي كل القراءات التي لم تبلغ مستوى التواتر ولكن السلسلة متصلة والقراء عدول حفظة . هذه القراءات اعتبرها العلماء مجرد تفسير وليس قراءة للقرآن وذلك لأن قراءات القرآن تحديدا لا يجب أن تؤخذ بالظن أو يشوبها شك .

- أما الروايات التي لم تحقق شرط الصحة فقد رفضت ( قراءات باطلة ) .

نسمع دائما من المسيحين أن هذه القراءات ليست سوى أخطاء نتجت لأن القرآن من البداية لم يكن منقطا وبدون حروف علة ( هذا ما يريد الدكتور كامل أن يقوله ولكن بشكل مبطن ) .

القرآن بالفعل لم يكن منقطا من البداية وتم تنفيذ عملية تنقيطه عن طريق أبو الأسود الدؤلي ونصر بن عاصم و يحيي بن يعمر .

ولكن عملية التنقيط هذه كان يراها الكثير من المسلمين بلا فائدة في ذلك الوقت , فابن عمر مثلا كان يرفض تنقيط القرآن . لماذا ؟

ببساطة شديدة لأن الثقافة العربية في القرن الهجري الأول كانت كلها شفهية .

فغياب التنقيط كان لا يمثل أي مشكلة في نطق الكلمات .
ولكي نعرف أكثر أن القضية ليست قضية تنقيط تعالوا


نرى هذا المثال :-

كلمة ( ترجعون ) بدون تنقيط تتشابه مع كلمة ( يرجعون ) , أليس كذلك ؟ :-

- كلمة ( ترجعون ) جاءت في القرآن 22 مرة . في كل المرات لم يختلف حولها قراءتان , ففي كل القراءات تقرأ ( ترجعون ) رغم أن قراءتها ( يرجعون ) لن يغير المعنى في معظم الآيات .
- على الطرف الآخر كلمة ( يرجعون ) جاءت أيضا في القرآن 22 مرة . لم يحدث مرة واحدة أن إحدى القراءات قرأتها (ترجعون ) .

مثال كهذا يضع من يقول أن القراءات المختلفة هي أخطاء لعملية التنقيط في حرج شديد ففرصة وقوع خطأ في المثال الذي ذكرته ( ترجعون – يرجعون ) كبيرة جدا جدا .

ورغم ذلك لم يحدث .

في كل هذا أنا كنت أناقش ما يقول الدكتور كامل حسب لعبة الإستنباط والإحتمالات التي يجيدها فهي كما نرى لا تفيده في إثبات أي شيء ولم أقدم الأدلة الإسلامية بعد ( والتي أزاحها من البداية تحت السجادة ) .

الأدلة الإسلامية على أن قراءات القرآن ليست نتيجة لأخطاء التنقيط تتمثل في :-

- سلسة متواترة في منتهى الصرامة تنتهي بهذه القراءات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .

- طريقة نقل هذه القراءات كانت شفهية طوال القرن الهجري الأول ثم بعد ذلك أصبحت شفهية وخطية معا .

- القراءات المختلفة لا تغير شيئا في معنى الآيات وإن كانت تعمًقه أحيانا ( وعدم تغير معنى الآيات في كل القراءات يستحيل أن يكون صدفة ) .

- طوال التاريخ الإسلامي وهذه القراءات معروفة ومتداولة و يتنافس المسلمون فيما بينهم حول إجادة القرآن بقراءاته المتعددة . لم يحدث أبدا أن إنقسم المسلمون حولها .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وقال البخاري: حدثنا سعيد بن عقير، حدثنا الليث عن ابن شهاب، قال اخبرني عروة بن الزبير ان المسور بن مخرمة سمع عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة النبي (ص) فاستمعت لقراءته، فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله (ص)، فكدت اساوره في الصلاة. فصبرت حتى سلّم فلببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله (ص) فقلت: كذبت، فان رسول الله (ص) قد أقرأنيها على غير ما قرأت فأنطلقت به أقوده الى رسول الله (ص) فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله (ص): " اقرأ يا هشام " فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال (ص): " كذلك اُنزلت "، ثم قال: " اقرأ يا عمر " فقرأت القراءة التي اقراني، فقال رسول الله (ص): " وكذلك اُنزلت، ان القرآن اُنزل على سبعة احرف فأقرؤوا ما تيسر منه".

وواضح ان النبي نفسه كان يغير قراءة القرآن من وقت لآخر حسب ما يتذكر. فهذا هو هشام سمعه يقرأ سورة الفرقان وحفظها منه حسب قراءتها، ثم جاء عمر في وقت آخر وسمع النبي يقرأ نفس السورة بقراءةٍ مختلفة. فحتى في زمن حياة محمد وبموافقته كان القرآن يُقرأ عدة قراءآت مختلفة، فماذا نتوقع بعد موته. والذي حدث ان القرآن ظل يُقرأ بعدة قرآءات حتى كتب الحجاج المصحف المرقم، واتفق العلماء على السبعة احرف التي قالها محمد.

 

 






الخطأ الذي وقع فيه الدكتور كامل هو خلطه بين ( السبعة أحرف ) و ( قراءات القرآن) .

اختلط عليه الأمر فظن أنهما نفس الشيء .
فالقراءات شيء والأحرف شيء آخر .

أولا : نقول أن القرآن نزل ( عربيا ) وليس ( قريشيا ) ولذلك فهو بسبعة أحرف من لهجات العرب عامة :- قريش – هوازن – تميم – ثقيف – كنانة – هذيل – اليمن .
هذا هو القول الراجح والأقوى بخصوص مفهوم الأحرف السبعة .
مثال على ذلك :- كلمة ( مؤمن ) :- بعض القبائل تقولها ( مومن ) وبعضهم يقولها ( مؤمن ) وكذلك كلمة ( صراط ) بعض القبائل تقولها ( زراط ) والأخرى تقولها ( صراط ) وهكذا .

أما القراءات المختلفة للقرآن فهذه شيء آخر كما أوضحنا .

على أي حال الرجل يعترف إذن أن القرآن كان يقرأ عدة قراءآت على عهد الرسول . أظن أن هذا كان يكفيه .
ما معنى قوله ( فحتى في زمن حياة محمد وبموافقته كان القرآن يُقرأ عدة قراءآت مختلفة، فماذا نتوقع بعد موته .) ؟؟؟

كلام غريب ليس أكثر من فرقعة بالونة .

إذا كان يظن أن القرآءات تحريفا حدث بعد وفاة الرسول فهو يرد على نفسه فيما يبدو !!

أم تراه يريدنا أن نفهم أن الرسول نفسه كان يحرف القرآن ؟؟


 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

- واذا كان صحيحاً ان ابا بكر كلف زيد بن ثابت واُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وابا يزيد بجمع القرآن، وجُمع القران وسُلم له وسلمه بدوره لحفصة بنت عمر لتحتفظ به، لماذا إذاً كلف عثمان بن عفان زيد بن ثابت مرة اخرى ليجمع القرآن؟ لماذا لم يأخذ عثمان النسخة المحفوظة عند حفصة ويرسلها للامصار؟ وهو كان على علم بان حفصة لديها كل القرآن الذي جمعه زيد في خلافة ابي بكر بدليل انه ارسل الى حفصة وطلب منها ارسال الصحف التي بحوزتها اليه؟ وعندما كلف عثمان زيد بن ثابت ليجمع له القرآن، لماذا لم يأخذ زيد القرآن الذي جمعه في خلافة ابي بكر ويسلمه لعثمان؟ لماذا اجهد نفسه ومساعديه بجمع القرآن مرة اخرى على مدى عدة سنوات؟ اللهم الا اذا كان يعرف ان القرآن الذي جمعه في خلافة ابي بكر لم يكن مكتملاً او انه كان يحتوي على آيات زائدة لم تكن اصلاً من القرآن؟

 

 




حسناً .....

تعالوا نرى هذه الكوميديا :-

يقول د . النجار :- ( إذا كان صحيحا أن أبو بكر جمع القرآن وتركه عند حفصة فلماذا لم يأخذ عثمان النسخة المحفوظة عند حفصة ويرسلها للأمصار ؟ ) .

ثم يجيب على نفسه بعد قليل ويقول :- ( عثمان كان يعلم أن حفصة لديها كل القرآن بدليل أنه أرسل إليها لترسل له الصحف التي بحوزتها ) .

هل أخذ عثمان مصحف حفصة أم لم لا ؟!

في الحقيقة سبب هذه اللعثمة أن د. كامل النجار لا يعرف شيئا عن جمع القرآن ولا مراحله ولا حتى يعرف معنى كلمة ( جمع ) .

أي مسلم يدرك أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي والقرآن مكتوبا على العسب والرقاع ومفرق بين الصحابة .

جاء أبو بكر وجمع ما كان مفرقا في الرقاع والاكتاف والعسب ليجعله في مكان واحد مرتب السور والآيات و مشتملا على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن وظل ذلك عند حفصة ورغم أن ذلك كان يسمي مصحفا إلا أنه لم يكن مجلدا واحدا بل كان صحافا عديدة .

كل ما فعله عثمان أنه نسخ مصحف حفصة عدة نسخ وأرسل نسخة إلى كل مصر من الأمصار ( والنسخة كانت مجلد واحد ) .

ما فعله عثمان هو أن جمع الناس على مصحف له شرعيته المستمدة من مصحف حفصة لينهي موضوع الخلاف .

عثمان لم يجمع ما كان مجموعا بل نسخ ما كان مجموعا عدة نسخ وهذا كل شيء .

رغم أن جمع أبو بكر رضي الله عنه للقرآن مثبت تاريخيا ومدعوما بقوة في التاريخ الإسلامي إلا أن معظم المستشرقين كان يسيطر عليهم هاجس التاريخ المسيحي في تدوين الأناجيل وما أثير حوله وهذا جعلهم يشككون في كل شيء حتى في الأدلة الغير قابلة للنقاش .
دائما تسمع منهم هذا السؤال :- إذا كان أبو بكر جمع القرآن فما الذي فعله عثمان ؟

ودائما نجيبهم بهذه الإجابة :-
عثمان نسخ ما كان مجموعا عدة نسخ على حرف واحد وأرسل كل نسخة للأمصار .

ولن يملوا من السؤال ولن نمل من الإجابة !!!!

 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

# ومما لا شك فيه ان المصاحف العديدة التي جُمعت على مدى السنين كان بها اختلاف كثير، فمثلاً،ابو عبيد القاسم بن سلام، المولود سنة 154 للهجرة، ودرس تحت اساتذة الكوفة والبصرة، وصار معلماً مشهوراً في بغداد، وعالم لغة وقاضياً، كتب كتاب " فضائل القرآن" وقال فيه: " قال لنا اسماعيل بن ابراهيم عن ايوب عن نافع عن ابن عمر، انه قال: ليقولن أحدكم قد أخذ القرآن كله، وما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر.

# وكذلك قال: " اخبرنا ابن ابي مريم عن ابن الهيعة عن ابي الاسود عن عروة بن الزبير عن عائشة، انها قالت: كانت سورة الاحزاب تُقرأ في ايام رسول الله وبها مائتان من الآيات، ولكن عندما جمع عثمان القرآن لم يتمكن من جمع اكثر مما فيها الان .

# وقال عن زير بن حُبيش انه قال: " قال لي أبي بن كعب: يا زير، كم آية حسبت او قرأت في سورة الاحزاب؟ فقلت: اثنان وسبعون او ثلاث وسبعون. فقال: كانت مثل سورة البقرة في الطول، وكنا نقرأ فيها آية الرجم. فقلت له: وما هي آية الرجم؟ فقال: “الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله، و الله عزيز حكيم" فرُفع فيما رُفع.

# وفي مكان آخر يقول: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن صائب بن ابي هلال عن ابي امامة عثمان بن سهل عن خديجة، انها قالت: " كان رسول الله يقرأ لنا آية الرجم". وذكر أبن كثير عن عُتبة بن مسعود أن أبن عباس أخبره بأن عمر بن الخطاب قام في المجلس فحمد الله واثنى عليه وقال" اما بعد، أيها الناس فإن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، واني قد خشيت ان يطول بالناس زمان فيقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة انزلها الله. ولولا أن يقول قائل، أو يتكلم متكلم أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس فيه لأثبتها كما نزلت ".

# وروى عبد الغفار بن داود عن لحّي عن علي بن دينار ان عمر بن الخطاب مر برجلٍ وهو يقرأ من مصحف، فقرأٍ: " النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم وهو ابوهم" ( الاحزاب/ ألآية السادسة). فقال له عمر: لا تفارقني حتى نأتى اُبي بن كعب. ولما جاءا اُبي قال له عمر: يا اُبي،هلا سمعناك تقرأ هذه الاية؟ فقرأ اُبي الاية بدون " وهو ابوهم" وقال لعمر: انها من الاشياء التي اُسقطت. وروي نحو ذلك عن معاوية ومجاهد وعكرمة والحسن.


# وقال أبو عبيد حدثنا أبن أبي مريم عن أبن الهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري عن أبي سفيان الكلاعي: أن مسلمة بن مخلد الانصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم يُكتبا في المصحف، فلم يخبروه، وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال أبو مسلمة: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا وأنتم المفلحون" و " الذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرةٍ أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون". فأبو عبيد يدعي أن هاتين ألآيتين أُ سقطتا من المصحف وهو كان قد حفظهما عن ظهر قلب .

# ويقول ابو عبيد: " هذه الحروف التي ذكرنا في هذه الصفحات من الاشياء الزائده، التي لم يتداولها العلماء لانهم قالوا انها تشبه ما بين دفتي الكتاب، ولكنهم كانوا يقرأونها في الصلاة. ولذلك لم يكفّروا من انكر وجود هذه الحروف الزائدة لان الكافر في نظرهم هو من انكر ما هو مذكور بين دفتي الكتاب".

# وهناك آيات نزل بها الوحي: كما زعموا، وظلت لفترة تُقرأ ثم اختفت. فهذا هو محمد بن مرزوق يحدثنا عن احدى هذه الآيات، قال: حدثنا عمرو بن يونس عن عكرمة قال: حدثنا اسحاق بن طلحة فقال حدثني انس بن مالك عن اصجاب النبي الذين ارسلهم الى اهل بئر معونة، قال: ارسل النبي اربعين او سبعين رجلاً الى بئر معونة، وعلى ذلك البير عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج اصحاب الرسول حتى اتوا غاراً مشرفاً على الماء قعدوا فيه. فخرج ابن ملجان الانصاري ليبلّغ اهل بئر معونة رسالة رسول الله، فخرج اليه من كٍسر البيت رجلٌ برمح فضربه به حتى خرج من جنبه الاخر، فقال: الله اكبر، فزتُ ورب الكعبة! وارتد راجعاً لأصحابه فاتبعوا اثره حتى اتوا اصحابه في الغار، فقتلوهم اجمعين، فانزل الله فيهم قرآناً: " بلّغوا عنا قومنا انا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه". ثم نُسخت هذه الاية ورُفعت من الكتاب بعدما قرأناها زمانا، وانزل الله مكانها: " ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون" .

 

 





هذه الروايات معروفة للمسلمين وليست مفاجئة وعندما جمعها السيوطي في كتابه ( الإتقان في علوم القرآن ) كان يتحدث عن فرضية نسخ التلاوة في القرآن وليس دليلا عن التحريف كما يريدنا د . النجار أن نفهم .

لو افترضنا أن كل هذه الروايات صحيحة من ناحية الإسناد ( البعض يردها كاملة ) فهل معني ذلك صحة ما فيها من أخبار ؟

هذه الروايات ليست أحاديثا منقولة عن الرسول يا عزيزي الدكتور فهي أقوال آحاد إما لصحابي أو تابعي .

القرآن ( سواء كان منسوخا أو باقيا ) لا يثبت سوى برواية متواترة وكل هذه الروايات روايات آحاد ليس لها وزن في اثبات نزول قرآن أو نسخه فما بالك بمن يريد أن يثبت بها تحريف القرآن ؟!

بمعنى آخر :- ماذا لو بلغت هذه الروايات حد التواتر ؟ وقتها فأقصى ما سيثبت لنا أن هذه بالفعل كانت آيات ثم نسخت على عهد النبي ( وليس أن القرآن محرفا كما يقول د. النجار مخالفا حتى نص الروايات التي ينقلها ) .

وطالما أنها روايات آحاد فلا تثبت أي شيء بخصوص القرآن . فالقرآن تحديدا لا نتعامل معه بالظن .

هذا لو صحت من ناحية الإسناد ( فأنا افترضت صحتها رغم أنني قرأت تضعيفا لبعضها ) .

هناك بعض المدارس الإسلامية التي توافق على ( نسخ التلاوة ) في القرآن ولكن هذا الرأي لا يصمد أمام النقد .

فمثلما أن القرآن لا يثبت سوى بالتواتر فكذلك نسخه لا يثبت سوى بالتواتر وليس بأخبار آحاد ليست حتى منسوبة للرسول بل منسوبة لأحد الصحابة أو التابعين .
أريد أن أقول أن من يريد التحقق من القرآن فعليه أن يلتزم أحد منهجين :-

1- إما المنهج الإسلامي المعتمد على الرواية :- وهو ألا يثبت قرآن أو ينسخ إلا بالتواتر .

2- إما دراسات على نص ومخطوطات القرآن بدون الإعتماد على الروايات الإسلامية .

الدراسة التي قدمها د. جون برتون بجامعة كامبردج في كتابه ( تجميع القرآن ) الصادر عام 1977 يجده يختتم دراسته بالعبارة التالية :-
( المصحف الذي بين أيدينا الآن هو حقا مصحف محمد ) .

صحيح ان الدكتور برتون رفض الإعتماد على التاريخ الإسلامي في جمع القرآن إلا أنه لم يكن منافقا كغيره ممن ينتقي ويفرز حسب المزاج .

أنا أستشهد بدراسة دكتور برتون فقط لأثبت أن سلامة نص القرآن ممكن إثباتها حتى بدون الإعتماد على المصادر الإسلامية بشرط الحياد .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وقال ابو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال: :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُوحي اليه أتيناه، فعلمنا مما أوحي اليه، قال: فجئت ذات يوم، فقال: إن الله يقول: " إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو ان لابن آدم وادياً لأحب أن يكون اليه الثاني، ولو كان اليه الثاني لأحب أن يكون اليهما الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب، ويتوب الله على من تاب".

 

 





هذا الحديث الذي ذكره د. النجار من السنة وليس قرآنا حسب ابن الصلاح الذي ينفي كونه منقولا عن رب العزة . والبعض الذي يوافق على كونه منقولا عن رب العزة كالزبيدي يعتبره حديث قدسي وليس قرآنا أيضا .

في كلا الحاتين ليس قرآنا ود .النجار كان يحاول خداعنا .



 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهناك سور من الواضح جداً انها أُدخلت عليها بعض الاضافات، سواء أُدخلت هذه الاضافات عندما جمع زيد بن ثابت القرآن، أم بعد ذلك، فمن الصعب أن نجزم بذلك، ولكن المهم أن هذه السور توضح لنا أن القرآن لم يُكتب كما قرأه محمد على أصحابه. فمثلاُ سورة المدثر تتكون من آيات قصيرة مسجوعة على الراء، ولكن ألآية 31 في منتصفها لا تنسجم مع طول ألآيات ولو انها تنسجم مع السجع:
1- " ياأيها المدثر"
2- " قم فأنذر"
3- " وربك فكبر"
4- " وثيابك فطهر"
5- " والرجز فأهجر"
31- " وما جعلنا أصحاب النار الا ملائكة وما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا ليستيقين الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا ايماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ما ذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يُضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك الا هو وما هي الا ذكرى للبشر"
32- " كلا والقمر"
33- " والليل إذا أدبر
34- " والصبح إذا أسفر"

من الواضح جداً أن ألآية 31 لا تنسجم مع بقية ألآيات وأنها أُضيفت اليها لاحقاً. وهذا دليلٌ قاطع على أن القرآن أُدخلت فيه آيات لم تكن أصلاً من السور وحُزفت آياتٌ أخريات، مما يجعلنا نقول أن القرآن الذي بين أيدينا ليس هو القرآن الذي قاله محمد حرفياً.

 

 







لاحظوا كلماته مثل ( من الواضح جدا ) ( وهذا دليل قاطع ) !!

ما هو الواضح جدا وما هو الدليل القاطع ؟!

لو قرأ الآيات قبلها التي لم يهتم حتى بنقلها لعرف أن المعنى متسلسل بشكل طبيعي :-

(سأصليه سقر ‏.‏ وما أدراك ما سقر ‏.‏ لا تبقي ولا تذر ‏.‏ لواحة للبشر ‏.‏ عليها تسعة عشر ) . (المدثر 26-30 ‏)

ثم يأتي بعد ذلك تفصيل وصف ملائكة جهنم التسعة عشر في الآية 31 التي يظن الدكتور النجار أنها دخيلة على الآيات لمجرد ان الآية طويلة !!!

من أخبره أن الآيات الطويلة ليست قرآنا ؟!!

الظريف أن الآية ترد على استهزاء المشركين وأبو جهل بالملائكة واستخفافهم بعددهم ورغم ذلك يزعم د. النجار أن الأية أضيفت على القرآن في وقت لاحق بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام .

لم أعرف من قبل أن أبو جهل ظل حيا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .

ما هذا السخف و أي قراءة نقدية هذه ؟؟



 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ونستطيع ان نقول ان القرآن ظل يتناقل شفهياً طوال فترة نزول الوحي، وهي ثلاث وعشرون سنةً، وعلى احس الفروض، حتى خلافة عثمان، وذلك ما يقارب الاربعين عاماً بعد نزول الرسالة على محمد، وعلى اسوأ الفروض، حتى زمن الحجاج بن يوسف في الدولة الاموية ( 95 هجرية)، قبل ان يُكتب ويُسجل في المصحف الذي بين ايدينا الان. فهل يُعقل ان يُحفظ كل هذا العدد من الآيات المتشابهات في الذاكرة كل هذه السنين دون ان يحدث بها بعض التداخل والاختلاط؟ فذاكرة الانسان العادي لا يمكن الاعتماد عليها كل هذه السنين، وهناك قصص تثبت ذلك .

 

 





هذا هو إفتراض الدكتور من البداية يكرره مرة أخرى . فهل قدم دليل واحد معتبر عليه ؟؟

لا شيء سوى التشويش على المصادر التاريخية الإسلامية وفرقعة بعض البالونات .


 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فمثلاً عندما اختلف الخليفة المنصور مع احد العلويين واراد ان يثبت له ان العم يمكن ان يقال له " اب"، ذكر سورة يوسف الاية 38، لكنه قال: " واتبعتُ ملة آبائي ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب". ولكن الصحيح هو: " واتبعتُ ملة آبائي ابراهيم واسحاق ويعقوب" بدون ذكر اسماعيل. ويظهر ان الخليفة المنصور كان يقصد الاية 133 من سورة البقرة: " ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق" . وهذه الاية تثبت قول المنصور لان ابو يعقوب هو اسحق ولكن ابناء يعقوب قالوا له نعبد اله آبائك وذكروا عمه اسماعيل قبل ابيه.
والغريب انه لا المبرد ولا ابن خلدون الذين ذكرا هذه القصة واوردا الآيات المذكورة، تنبه لهذه الغلطة في الاية 38 من سورة يوسف. اما الطبري فقد تنبه لها لكنه لم يتذكر الآية المقصودة في سورة البقرة. وهذا يثبت ان الذاكرة لا يمكن الاعثماد عليها، ولذلك يظهر هذا التكرار والنسخ في القرآن لان المسلمين اعتمدوا على الذاكرة لسنوات طويلة قبل ان يكتبوا القرآن في المصحف الحالي .

 

 





ولكن هذا سوء إستدلال يا دكتور .
نعم من حق شيخا كالطبري أن ينسى ولا يذكر آية أو بضعة آيات .

ولكننا نتحدث عن نقل متواتر جماعي لجمهور من الحفاظ أقوياء الذاكرة ( وهذا شرط ) معروفين بالصدق .

هذا بجانب وجود النسخ المكتوبة في القرن الهجري الأول ( لا أعرف لماذا يتجاهل هذا دوما ؟) .

أقول في النهاية أن طريقة نقل القرآن كانت شفهية ( صوتية ) وكتابية ( خطية ) معا .

لو كان القرآن تم نقله شفهيا فقط لربما – أقول ربما - حدث له نفس ما تعرضت له السنة من الدس .

ولو تم نقله كتابيا فقط لربما تعرض لتغيرات كبيرة لتطور شكل الرسم والخط , نفس الشيء تعرضت له الوثيقة الأصلية لمجتمع المدينة .

لذلك سار الأمر بالتوازي , هذا يمنع انحراف هذا ( أنا طبعا جعلت أمر حفظ الله للقرآن على الحياد ولم أشركه في الموضوع ) .

أتمنى أن يفهم الدكتور كامل أن عملية نقل القرآن حتى وصلنا الآن ليست كعملية نقل جثة ميتة من مكان لآخر فالقرآن كان دائما حيا بين الناس وكان قادرا أن ينتقل تلقائيا على قدميه

البلاغة في القرآن


في البداية نقول أن مسألة التذوق البلاغي هي مسألة شخصية بحتة كما يقول الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن :-
( اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح، والرشيق والأرشق ، والجلي والأجلى، والعلي والأعلى من الكلام، أمر لا يدرك إلا بالذوق ولا يمكن إقامة الدلالة المنطقية عليه ) .
لذلك عندما يخبرنا د . كامل النجار أن القرآن كتاب غير بلاغي , فهذا شأنه .
ولكن كنا نتمنى أن يكون رأيه هو .



نبدأ مع الدكتور كامل :-

يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولم يكن السجع غريباً على محمد، فقد قال الامام احمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن زُرارة عن عبد الله بن سلام، قال: لما قدم رسول الله (ص) المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل، فلما تبينت وجهه عرفت انه ليس بوجه كذاب، فكان اول شئ سمعته يقول: " أفشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام .
والسجع هو العمود الفقري في لغة القرآن، لدرجة ان محمداً قد غير اسماء اماكن واشياء لتتماشى مع السجع في السورة. فمثلاً في سورة التين، الاية الثانية، نجد ان " طور سيناء " قد تغير الى " طور سينين " ليتماشى مع السجع:
1- " والتين والزيتون "
2- " وطور سينين "
3- " وهذا البلد الامين "
4- " لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ".
وليس هناك بالطبع مكان او جبل اسمه طور سينين، وكلمة طور نفسها ليست كلمة عربية وانما كلمة عبرية وتعني " جبل"، وهذا الجبل في سيناء، ولذلك دُعي جبل سيناء او طور سيناء. ونجده قد استعمل الاسم الصحيح في سورة " المؤمنون" الاية 20: " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغٍ للآكلين".

ونجد في سورة الانعام، الآية 85، ذكر بعض الانبياء: " وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين". ونجد كذلك في سورة الصافات، الاية 123 إلياس يُذكر مرة اخرة: " وان إلياس لمن المرسلين". ولكن فجأةً في الآية 130 من نفس السورة يتغير اسمه ليصبح إلياسين، ليتماشى مع السجع: " سلام على إلياسين". وهذه ليست " آل ياسين" وانما " إل ياسين" بكسر الالف الاولى.

 

 





أنا مثلا لست شاعرا ولا أجيد الشعر ولكن بالتأكيد أستطيع أن أكتب بضعة أبيات .
لذلك إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم كلام مسجوع مرة أو مرتين في حياته , فهذا لا ينفي أنه ليس بشاعر ولا يجيد الشعر .
و السجع ليس العمود الفقري للقرآن , والقرآن لم يحور كلمات لتناسب السجع كما يقول د. كامل بكل ثقة .

انظر إلى صورة صغيرة في القرآن كسورة التكاثر :-

( الهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر ) ثم تتغير الفاصلة مباشرة إلى ( كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون ) :-

لماذا لم تتلزم السورة بحرف الراء كنهاية للآيات إذا كان كلام د. النجار صحيح ؟

تعالوا نسمع قول الوليد بن المغيرة عندما سمع القرآن :-
( وروى ابن جرير عن عكرمة‏:‏ أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام، فأتاه فقال‏:‏ أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال‏:‏ لم‏؟‏ قال‏:‏ يعطونكه، فإنك أتيت محمداً تعرض لما قبله، قال‏:‏ قد علمت قريش أني أكثرها مالاً، قال‏:‏ فقل فيه قولاً يعلم قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له، قال‏:‏ فماذا أقول فيه‏؟‏ فواللّه ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، واللّه ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ...... إلخ ) .

فالوليد صادق تماما هنا . فالقرآن ليس شعرا وليس نثرا مسجوعا وليس زجلا .

القرآن ببساطة هو شكل جديد وفريد من إستعمال اللغة .

ولكن لماذا نقول أن القرآن ليس سجعا ؟

السجع كان عند العرب كان مهمة لفظية تأتي لتناسق أواخر الكلمات في الفقرات فكانوا يأتون به لسد الفراغ اللفظي .

أما الفاصلة القرآنية ( إسمها فاصلة وليس قافية ) فليست كذلك ، ولكن لها دور لفظي و معنوي في نفس الوقت .

في القرآن لا تجد تفريط في الألفاظ على سبيل المعاني ، ولا اشتطاط بالمعاني من أجل الألفاظ ، بينما السجع تنحصر مهمته الأساسية في الألفاظ فقط لذلك فالفاصلة في القرآن تختلف عن السجع لفظيا ودلاليا رغم أنها قد تتشابه معه صوتيا .

- بخصوص ( سيناء ) و ( سينين ) :- فأنا لا أعرف تحديدا السبب من ذلك .

ولكن ما أعرفه جيدا أن كلمة ( سينين ) لم تأتي للسجع . فالآية الأولى من السورة ( والتين والزيتون ) تنتهي بالمقطع ( ون ) .
وطالما كان التغيير للسجع فلماذا لم يقل ( سينون ) .(1)

ربما لا يعرف الكثيرون أن من اختار شبه الجزيرة الواقعة في شمال شرق مصر ليطلق عليها إسم ( سيناء ) المذكور في التوراة هو الإمبراطور قسطنطين بناء على رؤيا وحلم رآه ولم يكن إختياره مبني على أي دليل .
ثم جاءت والدته الإمبراطورة ( هيلانة ) فاختارت جبل محدد وأطلقت عليه جبل موسى أيضا بدون أي دليل سوى التخمين .
أقول هذا لأنه ربما تكون ( سيناء ) و ( سينين ) مكانين مختلفين لا علاقة لهما بسيناء الحالية (2).


 




يقول د . كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فإذا أخذنا مثلاً سورة مريم، من ألآية الثانية حتى ألآية الثالثة والثلاثين نجد آخر كلمة من كل آية تنتهي ب " يا"
2 - " ذكرُ رحمة ربك عبده زكريا"
3- " إذ نادى ربه نداءً خفيا"
ثم في ألآيتين 34 و35 تتغير القافية الى " ون"
34- " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون"
35- " ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى شيئاً أن يقول له كن فيكون"
ثم تتغير الى "ميم" في ألآيتين 36 و 37
36- " وإن الله ربي وربكم فأعبدوه هذا سراط مستقيم"
37- " فأختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يومٍ عظيم"
ثم ترجع الى النون مرة أخري في ألآيات 38 و 39 و 40
40- " إنا نحن نرث الارض ومن عليها والينا يرجعون"
ثم نرجع للقافية الاولى " يا" في ألآيات من 41 الى 74
41- " واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقاً نبيا"
ثم تتغير القافية الى " دا" مثل جُنداً و ولداً الى نهاية السورة.
وادخال آيتين أو ثلاثة في منتصف السورة بسجع يختلف عن معظم آيات السورة حمل بعض الدارسين الى القول بأن هذه ألآيات أُضيفت الى السورة لاحقاً ولم تكن جزءً منها في البداية .

 

 





د . كامل يتبني قاعدة وهي أن ( القرآن كله سجع ) .

وإذا وجد آيات تكسر القاعدة فيقول أن هذه الآيات أضيفت لاحقا على السورة ولم تكن موجودة من قبل ( هكذا وبكل بساطة ) !

يا دكتور هل نحن من افترض وجود السجع أم سيادتكم ؟!!


حسنا , بنفس منهجه أنا أقول أن شكسبير كان عربيا وكان يكتب بالعربية .
ولا تسألني كيف ذلك وكتاباته كلها بالإنجليزية ؟ فالرد معروف :-

كتابات شكسبير الإنجليزية نسبت له لاحقا !!



يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ونجد في نفس سورة مريم تكراراً غير مفيد. فعندما يتحدث القرآن عن زكريا وأبنه يحيي، يقول عن ألاخير: " سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا . ثم نجد ألآية مكررة عندما يتحدث عن عيسى: " والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا .

 

 




سورة مريم عبارة عن سرد لقصص مجموعة من الأنبياء .
شكل السرد فيها يشبه أنواع السرد الدائري فهو يدور بتكرار عبارة مثل
( واذكر في الكتاب .. ) ثم تأتي قصة هذا النبي .
لذلك ستجد فيها كثيرا من التنظير بين القصص وبعضها .

لذلك تكرار بعض الكلمات له دلالة حتى وإن كان د . كامل لم يفهمها .
المسيح ويحيي عليهما السلام بينهما أمور متشابهة كثيرة ذكرها القرآن .
- بشارة الميلاد :- بدأ ببشارة لزكريا ( في حالة يحيي ) وبشارة لمريم ( في حالة المسيح ) .
- ميلاد معجز :- زوجة عاقر ( في حالة يحيي ) وبتول عذراء ( في حالة المسيح ) .
- البر بالوالدين :- القرآن يقول عن يحيي (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً ) .
ويقول عن المسيح (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ) .
- الإسم :- كلاهما على نفس الوزن ( يحيى وعيسى ) .
يحيى والمسيح عليهما السلام كانا آيتين من آيات الله لبني إسرائيل وكان تكذيبهما وإيذائهما عليهما السلام إيذانا بغضب الله على هؤلاء القوم :-
( .... أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) [البقرة : 87] .
لذلك عرض القرآن قصتيهما عن طريق التنظير الوظيفي للكلمات .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي ألآية 10 من نفس السورة: " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام سوياً" وفي ألآية 17 كذلك: " فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا". وفي ألآية 68 نجد: " فوربك لنحشرهم والشياطين ثم لنحضرهم حول جهنم جثيا"، وفي ألآية 72: " ثم ننجي الذين آمنوا ونذر الظالمين فيها جثيا". وواضح أن التكرار هنا لصعوبة ايجاد كلمات اخرى تماشي السجع .

 

 




وللرد على الدكتور نقول:ــ

أولا : الآية الأولى تقول ( ثلاث ليال سويا ) وليس ( ثلاثة أيام سويا )

( أخبرتكم من قبل أن الدكتور ينقل القرآن من مصادر مترجمة ) .


ثانيا :- سورة مريم بالكامل ذات إيقاع هاديء حزين وهذا يتجسد في الفونيم الصوتي ( يا ) .
تكرار بعض الكلمات في السورة له دلالة معنوية في غاية الإبهار :-

كلمة ( سويا ) تكررت ثلاث مرات في السورة وليس مرتين هم :-
- ( قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ) :-
هنا كلمة ( سويا ) جاءت حال لزكريا أي لن يتكلم وهو صحيح سوي بلا مرض .

- ( فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً ) :-
هنا كلمة ( سويا ) جاءت صفة لجبريل عليه السلام أي بشري كامل تام .

- (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً ) :-
هنا كلمة ( سويا ) جاءت صفة للصراط بمعنى مستقيم غير ذي عوج .


بالله عليكم , من يستطيع أن يستخدم ( أربع حروف ) بهذا التنوع الدلالي وكأن الكلمات تذوب أمامه فتتشكل كما يريد .


بخصوص الكلمة الأخرى ( جثيا ) :-
هناك سورة كاملة في القرآن تسمى ( الجاثية ) نقرأ فيها :-
(وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) :-
( الجثو ) وهو السجود الإجباري يوم الحساب لكل الناس .
عدم تغير الكلمة ( جثيا ) مواز لعدم تغير الحال

فالظالمين يظلوا على حالهم بدون نجاة من المولى عز وجل :-

(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) :-

من رفض أن يسجد لله في الدنيا فلا ينتظر نجاة في الآخرة ( ونذر الطالمين فيها جثيا ) .

لذلك فعدم تغيير الكلمة ( جثيا ) هو مواز لعدم تغير الحال .

نقول للدكتور كامل أن الحروف والكلمات متاحة للجميع ولا ميزة لها في ذاتها . المهم أن تضم الكلمات بعضها ببعض لتخرج ببناء بهذا الشكل .


 





يقول د . كامل :-



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

واشتقاق الكلمات على غير المعهود نجده في ألآية 74 من نفس السورة: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورءياً". والاشتقاق هنا غريب لانه من رأى والمصدر رؤية، ولكن لتماشي الكلمة السجع قال " رءيا". و لغرابة الاشتقاق وجد المفسرون صعوبة في شرح الكلمة .

 

 





كلمة ( رؤية ) أيضا تماشي السجع . لماذا لا ينتبه د . كامل لما يقول ؟!
( الرؤية ) هي النظر .
( الرءيا ) هي المنظر .
من يقرأ الآية يدرك دقة إختيار الألفاظ .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة النبأ، ألآية 35، عندما يصف الله الجنة، نجد:
31- " إن للمتقين مفازا"
32- " حدائقَ وأعنابا"
33- " و كواعبَ أترابا"
34- " وكأساً دهاقا"
35- " لا يسمعون فيها لغواً ولا كذابا"

وكلمة " كذابا" مشتقة من كذّبَ، يُكذّبُ، كذباً. والمصدر كما هو واضح " كذبا"، ولكن لتماشي الكلمة السجع كان لا بد من جعلها " كذابا".
وقد يلاحظ القارئ هنا أن ألآية 34 لا تماشي السجع مما دعا بعض الدارسين الى القول بأنها أضيفت مؤخراً .

 

 






ترى من هم هؤلاء الدارسين الذي يتحدث عنهم ؟
الدكتور كامل يقول أن الآية 34 لا تماشي السجع . ألم يلاحظ أيضا أن الآية 31 ( مفازا ) كذلك لا تماشي السجع ؟!

نحمد الله أنه لم يلاحظها وإلا كان ( بعض الدارسين ! ) سيقولون انها أنها أضيفت للقرآن مؤخرا هي الأخرى !!

بخصوص كلمة ( كذابا ) نقرأ في القاموس المحيط :-
( كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً وكِذْباً وكِذْبَةً وكَذْبَةً وكِذاباً وكِذَّاباً، ككِتابٍ وجِنَّانٍ، وهو كاذِبٌ وكَذَّابٌ وتِكِذَّابٌ وكذوبٌ وكَذوبَةٌ وكَذْبانُ وكَيْذَبانُ وكَيْذُبانُ وكُذُّبْذُبٌ وكُذَبَةٌ ومَكْذُبانُ ومَكْذَبانَةٌ وكُذُبْذُبانُ‏ ) .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

والتكرار في بعض ألآيات يكون مملاً. فخذ مثلاً سورة " الرحمن" وبها 78 آية كلها مسجوعة على الالف والنون ما عداء آيات بسيطة، ولسبب ما أدخل المؤلف " فبإي ألاء ربكما تكذبان" بعد كل آية ابتداءاً من ألآية الثانية عشر. وتكررت هذه العبارة 31 مرة في سورة طولها 78 آية. فاي غرض يخدمه هذا التكرار الممل.

 

 






ككل المسلمين أجد حرجا في إطلاق المسميات الادبية الحديثة على القرآن
والسبب ببساطة أن القرآن لا يتبع قواعد أي نوع من أنواع الأدبيات الأخرى فهو ليس شعرا ولا نثرا ولا قصة ولا سيرة ذاتية .
القرآن نوع فريد يسمي قرآن .

الإشكالية التي يعانيها منها د . كامل النجار تكمن في انه ينقل آراء ليست أراءه .

آراء أناس تعاملوا مع القرآن ككتاب سردي تاريخي تماما ككتب السيرة أو كتب الأنبياء في الكتاب المقدس .

أناس اهتموا بتسلل الأحداث وأي عبارة تتكرر فهي عندهم تكرار ممل !

لم ينتبه هؤلاء أن القرآن كتاب حواري جدلي بين القاريء والنص وليس مجرد سرد أحداث .

في سورة الرحمن لو صنفناها ضمن أنواع السرد الإنشادي فنجد أن عبارة (فَبأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِبان) تمثل لازمة قرآنية تتكرر إحدى وثلاثين مرة في السورة .

اللازمة القرآنية هي مظهر لغوي يعتمد على التكرار البلاغي الهادف ، فمن ينظرإليها مستقلة كالدكتور كامل يظنها تكرارا ولكن من ينظر إليها في السياق - كما سنوضح لاحقاً- فهي ليست تكرارا وما ينبغي لها.

لو نظرت بدقة للعبارة السابقة تجد أن صياغتها بهذا الشكل تسمح بتكرارها
بشكل متتالي دون أي ملل لو وظفت بشكل صحيح .

حرف الفاء ( السببية و التعقيبية ) في البداية الذي يسمح بسرعة التنقل وكذلك اللغة الاستفهامية الاستنكارية للعبارة تجعل العبارة نموذجية كأداة ربط قابلة للتكرارلخلق جو من الحوار .


تلاحظ أنك عندما تقرأ أحد النصوص وتقابلك جملة إعتراضية فإنك تتشتت للحظات لذلك يقول الفصحاء أن كثرة الجمل الإعتراضية يمثل خطورة على تماسك النص .

ولكن تركيب هذه الجملة يجعلها تقوم بأمر مختلف تماما .

فعبارة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لا تقطع السياق ولا تجعل الصورة تتغير أو تتشتت بل تجعلها تزداد عمقا وتراكما ( كأن المعنى المقصود تحول إلى متتالية حسابية متزايدة تكبر وتزداد قيمة معاملها باطراد ) .

أيضا العبارة تخلق حوار جدلي بين القاريء والمقروء يكسر الرتابة الأدبية .

هذا التفاعل بين القاريء والنص يجعله يذوب في جو النص ويستمر في الحوار للنهاية .

عقب كل نعمة تجد العبارة تضع استنكارا ( كيف تكذب بهذه النعم ) ويظل إيقاع الحوار يعلو ( نعمة يتبعها استنكار فنعمة أخرى فاستنكار ) هكذا حتى نصل إلى الآية 31 ( سنفرغ لكم أيها الثقلان ) وتبدأ آيات الإنذار ويرتفع الإيقاع أكثر وبعد كل آية وعيد تأتي عبارة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لتعيدك لمشاهد النعم والآلاء مرة أخرى .

ثم نصل للآية 46 ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ويبدأ الإيقاع يقل تدريجيا ليخلق هدوءا يناسب أوصاف الجنة وخيراتها وبعد كل وصف للجنة تأتي ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لتجعلك تنطق رغما عنك (ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد ‏) .

ثم تنتهي الآيات في هدوء بعبارة ( تبارك اسم ربك ذو الجلال والاكرام ) .

ماذا سيحدث لو قللنا تكرار العبارة في سورة الرحمن ؟

ستشعر بهبوط في إيقاع النص بانتهاء الحوار فجأة يجعلك غير راغب في تكملة السورة كمن يشاهد فيلما متلاحق الأحداث ثم فجأة تصبح الأحداث مملة رتيبة ( يسميه السينمائيون الأنتي كليماكس ) .
جرب بنفسك وسترى .

فكما قلت من قبل القرآن ليس كتابا تقرأه مرة واحدة ثم تضعه على الفترينة .

القرآن يحاورك ويجادلك وكأنه كاتبه يعرفك تمام المعرفة .

أنا مثلا قد أقرأ سورة الرحمن أكثر من مرة في اليوم الواحد , أليس هذا تكرارا يدعو للملل ؟

الإجابة لا .

الحوار مع القرآن يصبح مملا فقط إذا كانت النفس البشرية جامدة ثابتة لا تتقلب ولا تتغير مشاعرها .

وطالما النفس البشرية ليست جامدة بل تعيش جدلا لا ينتهي فهي في حاجة لقراءة القرآن باستمرار .

فهذه العبارة المكررة تمثل المرتكز السردي للآيات الذي يقسم الإحساس المتولد من السورة إلى طبقات .
كل طبقة أعلى من سابقتها في الإحساس .
شيء آخر تقوم به هذه العبارة :-
هل رأيتم عقدا من قبل ؟ ما الذي يربط بين حبات الخرز فيه ؟
هذا بالضبط ما تفعله هذه العبارة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .


 





يقول د . كامل :-



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وكل سورة " الرحمن" هذه تذكرنا بايام الجاهلية عندما كان الشاعر يخاطب شيطانيه أو صاحبيه ليساعداه على نظم الشعر " قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل.... " فالقرآن هنا ، كعادة الجاهلية، يخاطب شيطانين ( وهناك شياطين مسلمة كما يقول القرآن ) . ويقول علماء الاسلام ان القرآن في هذه السورة يخاطب الانس والجن، ولذا استعمل صيغة المثنى. ولكن في نفس السورة عندما اراد القرآن مخاطبة الانس والجن قال: " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان". فلم يقل " فانفذان ، او لا تنفذان الا بسلطان".

 

 




المبشرون عندما جاءوا للشرق كانوا متأثرين بأقوال الكنيسة في العصور الوسطى عن الاسلام بأنه دين شيطاني وأن النبي محمد هو ضد المسيح ( الأنتي كريست ) .

لذلك كانوا يبحثون في القرآن عما يؤكد لهم بأن القرآن كتاب من الشيطان .

وكان من ضمن ما كتبوه ليؤكد نظرية الوحي الشيطاني هذه أن سورة الرحمن تخاطب الإنس والجان وطبعا حكاية الغرانيق الشهيرة التي صالوا وجالوا حولها وتمسكوا بها تمسك شديد .

و المكانة الكبيرة التي اعطوها لكاتب مغمور مثل سلمان رشدي بروايته آيات شيطانية تؤكد أن هذه الفكرة ما زالت تسيطر على عقول غربية كثيرة حتى الآن .

بالمناسبة فسلمان رشدي ليس أول من اخترع لفظ آيات شيطانية بل المبشر
الإنجليزي وليم مور .


على أي حال فلنقرأ الآية التي يظن د . كامل أن بها خطأ :-
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) :-

في هذه الآية تحديدا القرآن يخاطب الإنس والجن كجماعات عديدة تحت كلمة ( معشر ) لذلك استخدم ( واو الجماعة ) في كلمة ( تنفذوا ) و
( انفذوا ) .


نفس الشيء تجده في سورة الأنعام :-

( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ) ( الأنعام 130 ) .

هنا أيضا القرآن يستخدم صيغة الجمع لأنه يخاطب المعشر وليس الصنفان ( الإنس والجان ) .

 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي بعض الاحيان تُضاف كلمات، لا لتوضيح الصورة ولكن لتكملة السجع، فمثلاً في سورة الشعراء في الاية 76 تُضاف كلمة " الاقدمون" دون الحاجة اليها
72- " قل هل يسمعونكم اذ تدعون"
73- "او ينفعونكم او يضرون"
74- " قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"
75- " قال أفراءيتم ما كنتم تعبدون"
76- " انتم وآباؤكم الاقدمون"
فكلمة " الاقدمون" هنا لا تخدم اي غرض مفيد اذ ليس هناك اباء جُدد واباء اقدمون،

 

 





عجبا . هل لا توجد علاقة بين قدم الشيء والقدسية الزائفة التي يضيفها البشر على بعض العادات والأشخاص والرموز ؟

من المعروف أنه كلما كانت العادة قديمة كلما تحولت إلى تابو مقدس يصعب المساس به مهما بدت سخافته وعدم معقوليته .

مجرد رنين كلمة ( الأقدمون ) على الأذن توضح ماذا يريد نبي الله إبراهيم أن يقول .

هذا الشلل الذي أصاب عقول قوم ابراهيم وجعلهم لا يرون سخافة ما يفعلون لمجرد أنهم توارثوا عبادة الأصنام كعادة قديمة ليس مبرر على الإطلاق وهذا ما يريد أن يصل إليه النبي ابراهيم من مناقشتهم
.



=-=-=-=-=-=-=-=

(1) إضافة لما قاله الأخ نيقولا حول (سيناء وسينين) ...نقول سيناء لفظ أعجمى والأسماء الأعجمية عندما تنقل إلى العربية يجوز تغيير بعض حروفها أو إبقائها كما هى فتقول العرب ميكائيل وميكائين، ، وفي اسماعيل اسماعين .
وكذلك قابيل تعريبا لاسم قايين ......

قال الشاعر:
يقول اهل السوق لماجينا ***** هذا ورب البيت اسرائينا
فهو يقصد بقوله اسرائينا أى اسرائيل

ــ وعلى هذا لا نرى أى قيمة أو وزن لما يقوله الدكتور كامل ...


(2) أختلف مع الأخ نيقولا هنا فى قوله (أقول هذا لأنه ربما تكون ( سيناء ) و ( سينين ) مكانين مختلفين لا علاقة لهما بسيناء الحالية ) ...فالآية الكريمة تتحدث ليس عن سينين فقط بل تقول(وطور سينين) ... إشارةً إلى طور سيناء ... وقد ذكر الطور منسوباً إلى سيناء فى القرآن أيضا {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ }المؤمنون20

فالقرآن يتحدث عن مكان واحد ولا يمكن أن يكون سيناء وسينين مكانين مختلفين ... أما القول بأنه يجوز أنه لا علاقة بين سيناء أو سينين فى القرآن بسيناء الحالية.. فأنا أتفق جزئيا مع الأخ الفاضل بأن سيناء قديما المذكورة فى القرآن ليست نفس سيناء المحددة حسب التقسيمات السياسية الحديثة فقد كانت أشمل من ذلك حيث امتدت حدودها إلى فلسطين .

الالتفات في القرآن


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

القرآن يغير صيغة المخاطب في نفس الاية من المفرد الى الجمع ومن المتحدث الى المخاطب، فخذ مثلاً سورة الانعام الاية : 99 " وهو الذي انزل من السماء ماءً فاخرجنا به نباتَ كلٍ شئٍ فاخرجنا منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوانٌ دانيةٌ وجناتٍ من اعنابٍ والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابهٍ انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه ان في ذلكم لاياتٍ لقوم يؤمنون".
فبداية الاية يصف الله " وهو الذي انزل من السماء ماءً "، وبدون اي انذار تتغير اللغة من الشخص الثالث الى الشخص الاول ويصير الله هو المتحدث " فاخرجنا به"، وسياق الاية يتطلب ان يقول " فاخرج به". وانظر الى النحو في الاية ذاتها، اغلب الكلمات منصوبة لانها مفعول به، لان الله انزل المطر فاخرج به حباً وجناتٍ، وفجأة كذلك يتغير المفعول به الى مبتدأ مرفوع في وسط الجملة. وسياق الكلام يقتضي ان يُخرج الله من النخل قنواناً دانيةً، معطوفة علي ما قبلها، ولكن نجد في الاية " قنوانٌ دانيةٌ " بالرفع، وهي مبتدأ خبره " ومن النخل ". ثم تستمر الاية بنصب الكلمات الباقية لانها مفعول به .
وخذ ألآية 114 في سورة الانعام، لما طلب اليهود من محمد ان يجعل بينه وبينهم حكماً: " افغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ". ففي بداية الاية المتحدث هو محمد مخاطباً اليهود، فيقول لهم : أغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً؟ وفجأة يصير الله هو المتحدث فيقول لمحمد: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين.

 

 





كثير من المستشرقين كانوا يتسائلون :- من هو المتكلم في القرآن ؟

الامر كان محير بالنسبة لهم .

بعضهم كان يظن أن النبي محمد كان يخطيء أحيانا فبدلا من أن يكون الكلام على طول الخط بصيغة المتكلم ( باعتبار أن المتكلم هو الله ) نجد الآيات ننتقل إلى صيغة الغائب أو المخاطب .

كانوا ينتظرون أيضا أن تكون آيات القرآن في زمن الماضي كأي كتاب سيرة ذاتية .

والبعض الآخر قال أن القرآن من تأليف عدة أشخاص وليس شخص واحد مثل ( باتريشا كرون ) التي كتبت كتاب ( الهاجريون ) .

كتاب الهاجريون هذا رغم أنه تم رفضه في الأوساط الأكاديمية ورغم أنه ليس فقط ينتقص من الإسلام بل وينتقص من العرب العرب أيضا ومن تاريخهم ورغم ذلك تجد شخصا عربيا مثل السيد ( نبيل فياض ) يقوم بترجمته بكل سعادة وفخر ( كانت ترجمته سيئة جدا في الحقيقة ) .

عندما تقرأ كتاب سيرة ذاتية لشخص ما تجد دائما الخطاب يرد بصيغة المتكلم وليس الغائب او المخاطب وكذلك تجد زمن الجمل في الماضي في الغالب .

ولكننا عندما نقول أن القرآن هو كلام الله لا نعني بذلك أنه سيرة ذاتية يحكيها الله عن نفسه !!

فالقرآن كلام للترتيل والتلاوة في الصلاة والدعاء ببعض آياته مثلما هو كتاب معرفي عميق .

فأنا عندما أتلو سورة الفاتحة ( الحمد لله رب العالمين ) فأنا الذي أحمد الله ولكن بالصيغة التي أنزلها الله لي . فالكلام هنا يتشكل على لساني وليس الله هو من يحمد نفسه !!

سبب هذه اللخبطة عند المستشرقين هو أنهم افترضوا من البداية أن القرآن هو ( كتاب سيرة ذاتية ) .

نعود إلى موضوعنا :-

هذا التنقل بين المتكلم والمخاطب والغائب في القرآن يسمى ( الالتفات ) .

لا أريد ان أتكلم كثيرا عن الإلتفات فمعظمنا يعرفه .

فقط سأضع تعريفا مختصرا له .

يقول الموصلي في كتابه ( المثل الثائر) عن الإلتفات :-
( خلاصة علم البيان التي حولها يدندن وإليها تستند البلاغة وعنها يعنعن وحقيقته مأخوذة من التفات الإنسان عن يمينه وشماله فهو يقبل بوجهه تارة كذا وتارة كذا .

وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة لأنه ينتقل فيه عن صيغة إلى صيغة كالانتقال من خطاب حاضر إلى غائب أو من خطاب غائب إلى حاضر أو من فعل ماض إلى مستقبل أو من مستقبل إلى ماض أو غير ذلك مما يأتي ذكره مفصلا ويسمى أيضا شجاعة العربية وإنما سمي بذلك لأن الشجاعة هي الإقدام وذاك أن الرجل الشجاع يركب ما لا يستطيعه غيره ويتورد ما لا يتورده سواه ) .

الالتفات منه أنواع كثيرة منها التنقل بين الحاضر والغائب والمخاطب ومنها الانتقال بين أزمنة الفعل من مضارع وماض ومستقبل .

الإلتفات رغم وجوده في كثير من الكتابات الأدبية سواء العربية أو في اللغات الأخرى إلا أنه يعد أسلوبا مميزا للقرآن .


 




يقول د . كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وابن مسعود الذي كان يكتب الوحي للرسول، و أحد علماء الحديث المشهورين، اعتبر ان سورة الفاتحة وسورتي الفلق والناس، ليست من القران .

 

 





هو يريد أن يقول أنه طالما سورة الفاتحة تبدأ هكذا ( الحمد لله رب العالمين ) وطالما أن الله لا يحمد نفسه فالسورة اذن ليست من القرآن بدليل أن الروايات تحكي أن ابن مسعود لم يكن يكتبها في مصحفه .
طبعا لو انكر ابن مسعود القرآن كله فهذا قول فردي لا يقدح في تواتر القرآن من شيء .
ولا شك أن إجماع الصحابة على عكس هذا القول كاف في الرد على هذا الطعن، ولا يضر ذلك الإجماع مخالفة ابن مسعود.
ولكن ابن مسعود لم ينكر كونهما من القرآن .

لابد أن يعرف د . كامل أن ابن مسعود كتب مصحفه لنفسه وليس للمسلمين .


ولو صح عن ابن مسعود أن مصحفه كان لا يحوي المعوذتين والفاتحة فليس معنى ذلك أنه كان ينكر كونهما من القرآن فربما لم يكتبهم لكثرة قراءتهم في الصلاة وعدم الحاجة لحفظهم فكل من كتب مصحفا كان يفعل ذلك مخافة النسيان وهذه العلة غير مطروحة في الفاتحة والمعوذتين .

طبعا هناك دليل لا يمكن رده يثبت أن ابن مسعود لم ينكر قرآنية الفاتحة والمعوذتين وهو أن قراءته قد رواها عاصم وحمزة والكسائي وغيرهم وقراءة هؤلاء الأئمة فيها الفاتحة والمعوذتين .

وهذا يكفي كدليل دفاعا عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود .


 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة فاطر ألآية التاسعة : " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه الي بلد ميت فأحيينا به ألارض بعد موتها ". تغير القائل في نفس ألآية من الشخص الثالث الى الشخص الاول. فبداية ألآية تقول: " والله الذي أرسل الرياح" ثم فجأةً يصير المتحدث هو الله، فيقول: " فسقناه الى بلد ميت فأحيينا به ألارض".

 

 




تعالوا نحلل هذه الآية :-

الآية بدأت بصيغة الغائب ثم تحول الكلام إلى صيغة المتكلم عند الحديث عن إحياء البلد الميت " فسقناه الى بلد ميت فأحيينا به ألارض" . السؤال الآن ما الذي يفيده الإلتفات هنا ؟

كما يخبرنا أهل البلاغة أن صيغة المتكلم تجعل الصورة حاضرة ( كأنك ترى المشهد على الهواء مباشرة ) .

لاحظ هذا التوافق العجيب بين الكلمات ( فأحيينا ) ودلالة أسلوب الإلتفات هنا ( بث حي ومباشر ) .

ما المغزي من كل هذا ؟ الإجابة نجدها في تكملة الآية ( وكذلك النشور ) .

النشور والبعث الذي أنكره المكذبون قديما ومازال البعض ينكره حتى الآن ليس خيال بل حقيقة .
فمثلما يحي الله الألفاظ والكلمات ويجعلها حية حاضرة ومثلما يحي الله الأرض الميتة هو قادر كذلك على إحياؤكم بعد موتكم . هذا التناظر الوظيفي بين اللفظ و المعنى والمدلول مبهر إلى أقصى الحدود .

هناك المزيد عن الإلتفات في الآية الكريمة من الانتقال بين الماضي والمضارع الذي يؤيد نفس ما نقوله . ( ستجد المزيد في كتب المثل السائر للموصلي والايضاح في علوم البلاغة للقزويني و المزاهر في علوم اللغة و أنواعها للسيوطي ) .



 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

و تحتوي نفس ألآية على فعل مضارع مخلوط مع افعال ماضية. فكلمة " فتثير" فعل مضارع في وسط جملة كلها في الماضي. ويقول العلماء ان الفعل المضارع هنا في وسط جملة كلها في الماضي، " لحكاية الحال الماضية". فهل في هذا اي نوع من البلاغة؟ وفي سورة الحج، الآية 63: " ألم تر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير". مرة اخرى يجمع القرآن بين الفعل الماضي والفعل المضارع في جملة واحدة. وكلمة " فتصبح" يجب ان تكون " فأصبحت" لان الله انزل من السماء ماءً .

 

 




قبل أن أبدأ ردي على ما يقول أحب أن أتحدث قليلا عن التوظيف القرآني لظاهرة الزمن :-

الزمن في التوظيف القرآني ظاهرة خاصة جدا .

فالقرآن يتعامل مع الأفعال بمستوياتها الثلاثة ( الماضي والمضارع والأمر ) لاحسب زمنها النحوي ولكن يتجاوز ذلك إلى مستوى دلالي أوسع بكثير يناسب تماما مقدار الغموض المحيط بظاهرة الزمن وإدراك الإنسان له .

فمثلا دلالة الماضي تنعكس في القرآن إلى مستقبل كأحداث الساعة ( المفترض أنها مستقبل ) ورغم ذلك ينقلها القرآن في صيغة الماضي .

توظيف الزمن في المنظومة القرآنية مختلف تماما عن أي نص آخر بحيث أصبح للقرآن زمن خاص به نستطيع أن نسميه ( زمن القرآن ) .

تعامل القرآن مع ظاهرة الزمن بهذه الصورة الجديدة جعل من الآيات صورا فنية تعكس لنا مصدر هذا الكتاب .


نعود إلى الآية الكريمة :-

كما قلنا سابقا المضارع أو المستقبل هنا يجعل الصورة حية ماثلة أمام عينيك وله أيضا
دلالة أخرى ينقلها لنا الموصلي فيقول :-

ألا ترى كيف عدل عن لفظ الماضي ههنا إلى المستقبل فقال ( فتصبح الأرض مخضرة ) ولم يقل ( فأصبحت ) عطفا على ( أنزل ) وذلك لإفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان فإنزال الماء مضى وجوده واخضرار الأرض باق لم يمض وهذا كما تقول ( أنعم علي فلان فأروح وأغدو شاكرا له ) ولو قلت ( فرحت وغدوت شاكرا له ) لم يقع ذلك الموقع لأنه يدل على ماض قد كان وانقضى وهذا موضع حسن ينبغي أن يتأمل .



 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهذه آية اخرى تخلط بين الماضي والمضارع، ففي سورة الشعراء، الآية الرابعة : " ان نشأ ننزل عليهم من السماء آيةً فظلت اعاناقهم لها خاضعين". ويقول العلماء ان شبه الجملة " فظلت اعناقهم لها خاضعين" استُعملت بمعنى المضارع. فلماذا كل هذا اللف والدوران وكان من السهل ان يقول " فتظل"؟

 

 




هنا الإلتفات من المضارع إلى الماضي يعكس استبعاد وقوع الحدث ( الذي هو هنا تنزيل آية من السماء ترغم القوم على التسليم ) .

النبي حزين على عدم إيمان قومه ولكن الله يلهمه الصبر بأن يعرض عليه صورة بديلة مطلوب من الجميع التأمل فيها ليروا أنها غير مناسبة .

هذه الصورة البديلة (إفتراض نظري فقط ) هي تنزيل آية من السماء تجبرهم على الإيمان .

هذا التعبير بالماضي بدلا من المستقبل في جواب الشرط موجود أيضا في لغات أخرى ويفيد كما قلنا استبعاد الحدوث ( فرض نظري ) وكنت أظن د . كامل النجار سيفهم هذه اللمحة فهي موجودة أيضا في الإنجليزية .
استخدام الفعل الماضي بدلا من المستقبل له دلالات أخرى في أماكن أخرى ولكن ليس موضوعنا الآن .

نستمر مع د . كامل النجار في نفس الآية :-



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وليس الخلط بين الماضي والمضارع هو الشئ الوحيد الخارج عن المألوف في هذه الآية، فقد استعمل القرآن كلمة " خاضعين" وهي حال تصف جمع العقلاء مثل " رجال" ليصف بها " اعناقهم"، وهي ليست جمع عقلاء. والاسم الذي يقع حالاً يطابق صاحب الحال في النوع وفي العدد، ولذا كان الاصح ان يقول " فظلت اعناقهم لها خاضعة". ولكن كل آيات هذه السورة تنتهي بالياء والنون، لذلك اضطر ان يقول " خاضعين".

 

 




ما يقوله غير صحيح . فنهاية الياء والنون كسرت بعد ذلك مباشرة في الآية السادسة (يَسْتَهْزِئُون ) والآية السابعة (كريم ) .
لو أراد الله أن يقول) خاضعة ) لفعل فالقرآن ليس شعرا لكي يتغير اللفظ لمقتضى القافية .


فكما قلت من قبل أن نهاية الآيات في القرآن تسمى فاصلة وليس قافية والفاصلة في القرآن لها دلالة في المعنى كما أن لها دلالة صوتية .

تعالوا لندقق أكثر في التعبيرين :-
( فظلت اعناقهم لها خاضعة ) :- هذا التعبير ينقل معنى تسلط الظالم على المظلوم فهو يقصر الخضوع على الرقاب دون النفوس وليس هذا هو المعنى المراد .

( فظلت اعناقهم لها خاضعين ) :- هذا التعبير ينقل معنى الإجبار وسلب الحرية وهو الشيء المفترض أن تفعله الآية النازلة من السماء فهي ستجبر نفوسهم على الخضوع في شكل خضوع رقابهم لمراقبتها ولكنها لن تظلمهم بطبيعة الحال .

القرآن الكريم مضبوط ضبطا محكما . كل لفظة لها دورها الخاص في مكانها الخاص لتعطي المعنى المراد وأي تبديل أو إحلال سيشوه المعنى أو على الأقل سيأتي بمعنى أضعف .


 





 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

والقرآن كثيراً ما يخلط بين المفرد والجمع في نفس الآية. فخذ مثلاً الاية 66 من سورة النحل: " وان لكم في الانعام لعبرةٌ نُسقيكم مما في بطونه". والانعام جمع وتعني " حيوانات" وكان يجب ان يقول " نسقيكم مما في بطونها"، لكنه جعلها في حُكم المفرد وقال " بطونه". وقال المفسرون افرده هنا عوداً على معنى النعم والضمير عائد على الحيوان، رغم ان الانعام حيوانات. ونجد نفس الاية تعاد في سورة " المؤمنون" ولكن هذه المرة تغيرت كلمة " بطونه" الى " بطونها". فالآية 21 من سورة " المؤمنون" تقرأ: " وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون".

 

 




في الآية الأولى نقرأ :-
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ)

الحديث كان عن أحد الفوائد فكان الضمير بالمفرد ( بطونه ) ليوازي مستوى الكلام .

في الآية الثانية نقرأ :-
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) :-

الحديث شمل الفوائد الكثيرة فكان الضمير بالجمع ( بطونها ) ليوازي مستوى الكلام .



 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ويكثر كذلك في القرآن غريب اللفظ والمعنى، فنجد في سورة المرسلات عندما يصف نار جهنم في الآية 32 وما بعدها: " انها ترمي بشرر كالقَصر، كأنه جمالات صُفرٌ ". اولاً كلمة " جمالات " مع انها جمع تكسير ل " جمل"، إلا أنها جمع غريب نادر الاستعمال، والمتعارف عليه هو جمال. ثم وصف الجمال بانها صُفر، وليس هناك جمال صفراء .

 

 





الآية تشبيه ( كأنه ) وليست واقع دنيوي .
فشرر جهنم يشبه قطيع مبعثر من الجمال كثيرة العدد مصطبغة باللون الأصفر . (1)




 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ثم في سورة الفرقان الآية 68 : " والذين لا يدعون مع الله الهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ". وأثاماً ليست من اللغة العربية في شئ، والقرآن يُفترض انه نزل بلسان عربي مبين. وحتى المفسرين وعلماء اللغة لم يتفقوا على معنى كلمة " أثاماً" .

 

 




( الإثم ) هو الذنب و ( الأثام ) هو جزاء الذنب .
وكون بعض المفسرين كانوا يقولون أنه اسم واد في جهنم , فهذا بحث عن المدلول أما المعنى المعجمي فواضح .



 





 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة العنكبوت، ألآية 64 نجد: " وما هذه الحياة الدنيا الا لهوٌ ولعبُ وإن الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون". وقد وجد المفسرون صعوبةً بالغة في تفسير كلمة " حيوان" هذه، فقالوا ان : الحيوان : هنا تعني الحياة الدائمة .

 

 





عفوا , لم أجد هذه ( الصعوبة البالغة ! ) عند المفسرين .
فالجميع تقريبا متفقون على أن ( الحيوان ) هي الحياة الدائمة (2).


 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وسئل أبو بكر الصديق عن تفسير الفاكهة وألاب فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ وقال أنس بن مالك سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه قرأ هذه ألآية ثم قال: كل هذا عرفناه، فما ألاب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف. فإذا كان عمر وابو بكر وابن عباس لا يعرفون معناها، فهل يُعقل أن يكون الشاعر الذي نظم البيت المذكور كان على علم بمعنى الكلمة؟
والكلمة قد تكون سريالية واصلها Ebba أو قد تكون مشتقة من الكلمة العبرية Ebh، ولكنها قطعاً ليست عربية، ولا يعرف العرب معناها .

 

 






د . كامل لا يفهم أن توقف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما عن الخوض في مداليل القرآن هو دليل ورع وتقوى وتحرج من الفتوى رغم أنهم يعرفون المعنى إجمالا وكان هذا دأب علماء المسلمين الأفاضل .
فيحكى أن الأصمعي ـ وهو إمام أهل اللغة ـ كان لا يفسر شيئاً من القرآن وعندما سئل عن قوله سبحانه : ( قد شغفها حبا ... ) فسكت و قال : هذا في القرآن ثم ذكر قولا لبعض العرب في جارية لقوم أرادوا بيعها : أتبعونها ، وهي لكم شغاف …..
ولم يزد على ذلك ، أو نحو من هذا الكلام .

( الأب ) في اللغة كما يقول الفيروز أبادي :-
(الأبُّ‏:‏ الكَلأَ، أو المَرْعَى، أو ما أنْبَتَتِ الأرضُ، والخَضِرُ ) .
لذلك تجد كل المفسرين تقريبا يدورون حول نفس المعنى .


 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة الحج ألآية 29 نجد: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق". فكلمة " تفثهم" قد لا تكون عربية ولا أحد يعرف معناها ووقعها على ألاذن ثقيل .

 

 




من أخبره أنها ليست عربية ؟
ومن أخبره أنه لا أحد يعرف معناها ؟


في القاموس المحيط :-

(التَّفَثُ :- مُحَرَّكَةً في المنَاسكِ‏:‏ الشَّعَثُ، وما كان من نحو قَصِّ الْأَظْفار والشَّاربِ، و حَلْقِ العانَةِ وغير ذلك‏.‏ وككَتِفٍ‏:‏ الشَّعِثُ، والمُغْبَرُّ‏ ) .

هل هناك مناسك في نيويورك مثلا حتى يزعم أنها غير عربية ؟!
أما وقعها الثقيل على الأذن فلأنها بالفعل شيء ثقيل .
وهذا هو معنى الدلالة الصوتية للكلمة القرآنية .



=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=

(1) سكت الأخ نيقولا هنا عن جزء من اعتراض كامل النجار وهو(فنجد في سورة المرسلات عندما يصف نار جهنم في الآية 32 وما بعدها: " انها ترمي بشرر كالقَصر، كأنه جمالات صُفرٌ ". اولاً كلمة " جمالات " مع انها جمع تكسير ل " جمل"، إلا أنها جمع غريب نادر الاستعمال، والمتعارف عليه هو جمال) ... وربما سقط ذلك سهواً من الأخ نيقولا نظرا لكبر حجم الموضوع .. أما بالنسبة لقول كامل النجار فنجيب عليه .. بأن هناك (جِمَالَتٌ) .. وقراءة أخرى(جِمَالَاتٌ)
ــ وبالنسبة لاعتراضه على جمع جمل جمالات ... فهذا لأنه لا يفقه العربية ... جمالات جمع لجمالة .. وجمالة جمع لجمل .. فنقول جمل جمالة مثل حجر حجارة وذكر ذكارة ... إلخ .

(2) تأييداً لقول الأخ الفاضل نيقولا بشأن كلمة (الحيوان) بمعنى الحياة الدائمة .. ننقل كلام المفسرين : ــ

الطبري في كتابه "جامع البيان في تفسير القراّن"يقول :أي إن الدار الاّخرة لفيها الحياة الدائمة التي لا زوال لها ولا انقطاع ولا موت فيها.

الزمخشري في كتابه "الكشاف" يقول:أي ليس فيها إلا حياة مستمرة خالدة لا موت فيهافكأنها في ذاتها حياة.

 

السبع المثاني


يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فنجد في سورة الحُجر، الآية 87: " ولقد اتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم". فقال بعض المفسرين ان المقصود بها السبع سور الطوال وقال آخرون المقصود بها سورة الفاتحة، وأتوا بحديث يستدلون به. وقال القرطبي في تفسيره أن المثاني تعني القرآن كله بدليل ان الله قال في سورة الزمر ألآية 23: " كتاباً متشابهاً مثاني". وواضح أن تفسير القرطبي هذا لا يتفق والآية المذكورة اذ تقول الآية " أتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم"، فلن يستقيم معنى ألآية إذا قلنا أن المثاني تعنى القرآن كله، إذ كيف يكون قد أعطاه القرآن كله والقرآن الكريم؟ والسور السبع الطوال هي جزء من القرآن فليس من البلاغة ان يُعطف الكل على الجزء. وحتى لو جاز هذا، فلا أحد يعلم ما المثاني، والافضل ان يُخاطب القرآن الناس بلغةٍ يفهمونها .

 

 





في نهاية هذا الكتاب سيخبرنا الدكتور كامل بالأشياء التي اقتبسها الإسلام من الأديان الأخرى حسب زعمه .
ومن ضمن هذه الأشياء سيقول أن كلمة ( المثاني ) كلمة غير عربية وأصلها هي كلمة ( مشنا ) العبرية .

أنا سأعلق على موضوع لغة القرآن في النهاية ولكن دعوني الآن أخبركم ببعض مناهج المستشرقين ونظرياتهم حول مصدر القرآن .

لأن المستشرقين من البداية إستبعدوا إحتمال كون النبي محمد رسول من الله بالفعل فكان يجب أن يضعوا بديلا آخر لمصدر القرآن غير الوحي .

بعضهم كان يقول أصله مسيحي سرياني وبعضهم كان يقول أصله يهودي عبري وهكذا .

لذلك عمدوا إلى بعض المفردات في القرآن التي لم يتفق المفسرون حولها برأي واحد فيفترضون أن هذه المفردات غير عربية .

ثم يبحثون في المعاجم السريانية والعبرية على كلمة تتشابه معها صوتيا ويقولون ببساطة أن هذه الكلمة عبرية أو سريانية مقتبسة .

في مثالنا الحالي ( السبع المثاني ) نسى الدكتور كامل أن اختلاف المفسرين ليس حول المعنى المعجمي لكلمة ( المثاني ) , فمعناها المعجمي معروف للجميع وهو ( الشيء يثنى على الآخر أي يتكرر ) ولكن الإختلاف كان حول ( مدلول ) السبع المثاني ولماذا هم سبع .

ما هي السبع المثاني ؟

في سورة الزمر نقرأ :-

( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)

سنتخذ من هذه الآية منطلقا لنا :-
الله يقول أنه أنزل ( أحسن الحديث ) في صورة ( كتاب متشابه مثاني ) أي كتاب أحاديثه متكررة متشابهة .

صفة هذه الأحاديث ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) .


ننتقل لسورة ( هود ) نجدها تبدأ هكذا : -

(الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) .

نستمر مع الآيات فنجدها تحكي لنا ( سبع ) قصص ( متشابهة ) لسبعة أنبياء الواحدة وراء الأخري هكذا :-

1- (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ - أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) .

2- (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ ) .

3- ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ) .

4 – ( وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) .

5 – (وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) .

6 – (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ) .

7 – (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ - إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ) .

الآن لاحظوا معي الآتي :-
- كل قصة من القصص السبع تكررت في القرآن أكثر من مرة ( مثاني ) .

- هذه القصص كلها متشابهة جدا ببعضها فكل نبي يذهب إلى قومه ويدعوهم لله – ويوضح لهم أنه لا يريد منهم أجرا – فيكفر به قومه – فينجي الله الأنبياء والذين آمنوا معهم ويجعل الكافرين هم الخاسرون .
نفهم من ذلك أن هذه القصص متشابهة ( متشابه ) .

- بعد أن يذكر القرآن السبع قصص يقول في الآية 120 من سورة هود :-

( وكلا نقص عليك ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ) :-

ثم ننظر لآية سورة الزمر فنجد :-

( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَالَهُ مِنْ هَادٍ) .

نرجع الآن إلى آية سورة ( الحجر ) :-

( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) [الحجر : 87]

الكتاب يحتوى قصص عقاب أخرى تكررت ( مثاني ) غير السبعة السابق ذكرهم منها :-

- أصحاب الرس :- جاء ذكرهم في ( الفرقان 32 ) و ( ق 12 ) .

- قوم تبع :- جاء ذكرهم في ( الدخان 37 ) و ( ق 17 ) .

وعلى هذا فأحسن الحديث هو ( كتاب متشابه مثاني ) أي فيه قصص عقاب متكررة ومتشابهة كموعظة للناس ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ) ومن ضمن هذه المثاني هناك سبع كبرى يعرفها الجميع جيدا لشهرتها .


بخصوص عطف ( السبع المثاني ) على ( القرآن العظيم ) فهذا لا يعني أن السبع المثاني ليست جزءا من الكتاب ولكن يفيد تغير الحال .

بمعنى أنه قديما كان تكذيب الرسل يستوجب عقابا دنيويا . كما تقول نفس السورة في الآيات السابقة لها عن أصحاب الحجر :-

(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ - وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ - وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ - فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ - فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) .
( الحجر 80 – 84 ) .

أما في حال النبي محمد والقرآن فالعقاب أصبح أخرويا وسيسألهم الله عن ذلك يوم القيامة :- تجد ذلك في الآيات التالية في نفس السورة :-

(وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ - كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ - الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ - فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ - عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ - فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ )
( الحجر 89 – 94 ) .

هذا الذي أقول ليس جديدا فقد قاله ابن عباس من قبل :-
(بيَّن الأمثال والخبر والعبر، ولم يعطهن أحد إلا النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأعطي موسى منهن ثنتين) .

فقط أنا قدمته بالتفصيل .

الدكتور محمد شحرور له رأي آخر وهو ان السبع المثاني هي فواتح بعض السور ودلالتها الصوتية واعتبرها أصل الكلام الإنساني وهو رأي جدير بالإحترام .

على أي حال ما أود قوله أن الإختلاف بين المسلمين في ( مدلول الكلمة ) لا يعني أنهم لا يعرفون ( معناها المعجمي ) فمعناها المعجمي معروف ولا يوجد مبرر لما يفعله المستشرقون في البحث في المعاجم العبرية والسريانية وكأن المعاجم العربية ساكتة عن هذه الكلمات .


 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة الحاقة، الآية 36: " ولا طعام الا من غسلين". ولا احد يدري معنى غسلين، ولكنها تنسجم مع سجع السورة، " ولا يحض على طعام المسكين، فليس له اليوم ههنا حميم، ولا طعام الا من غسلين".

 

 





يقول أبو عبيد القاسم بن سلام (157- 224هـ) في كتابه ( لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم ) :-

( من غسلين ) الحار الذي قد انتهى غليانه شدة بلغة أزد شنوءة .
( أزد شنودة ) هي إحدى قبائل العرب .

ترى ما سر هذه الثقة الكبيرة التي يتكلم بها الدكتور النجار وكل ما يقدمه لا يشير أبدا أنه يستحقها ؟!


 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة الانسان، الآية 18: " عيناً فيها تُسمى سلسبيلا". وهنا كذلك لا احد يعرف ما هي سلسبيلا.

 

 





يا سلام على الكلام !
أنا أعرف معناها .
سلسبيل هي اسم عين في الجنة .
الآية تخبرك بهذا يا دكتور ( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) .



 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

اما سورة المطففين ففيها عدة آيات تحتوي علي كلمات يصعب فهمها: فمثلاً الآيات 7 و 8 و9 " كلا ان كتاب الفجار لفي سجين. وما ادراك ما سجين. كتاب مرقوم". والآيات 18 و19و20 من نفس السورة: " كلا ان كتاب الابرار لفي عليين. وما ادراك ما عليون. كتاب مرقوم". ومعنى هذا ان عليين وسجين كلاهما يعني كتاباً مرقوماً، أحدهما للفجار والآخر للابرار. فالقرآن هنا أستعمل غريب اللغة لينقل الينا حقيقة بسيطة: هي أن هناك كتابين، واحد للفجار وواحد للابرار. فهل من المهم لنا أن نعرف أسماء هذين الكتابين؟
ثم إن القرآن يقول أن هناك كتاب واحد " وعنده أم الكتاب " و " اللوح المحفوظ" الذي يحفظه الله منذ الازل في السماء السابعة، وقد سجل الله فيه كل كبيرة وصغيرة عن كل أنسان حتى قبل أن يولد، وهناك كذلك لكل شخص كتابه الخاص به الذي سوف يتسلمه يوم القيامة، فمنهم من يُعطى كتابه بيمينه ومنهم من يعطى كتابه بشماله ليقرأ منه ما فعل في الدنيا. فما الحكمة إذاً في أن يكون هناك كتاب للابرار وآخر للفجار مادام لكل شخص كتابه الخاص وهناك اللوح المحفوظ الذي فيه كل التفاصيل ولا يمكن لهذا اللوح أن يضيع أو يصيبه تغيير؟ وحتى لو قلنا إنه من باب الاحتياط أن يكون للأبرار كتاب وللفجار كتاب آخر، هل يستدعي هذا نزول آية تخبرنا بأسماء هذين الكتابين؟ هل سيغير هذا من سلوكنا أو يدعونا للايمان؟

 

 





الدكتور كامل يظن أن ( سجين ) و ( عليين ) هي أسماء ( الكتاب المرقوم ) !!

عبارة ( كتاب مرقوم ) تماما مثل عبارة ( وكان أمرا مقضيا ) في سورة مريم .
ومثل عبارة ( وكان وعدا مفعولا ) في سورة الإسراء .

يقول ابن كثير في تفسيره :-

(وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كتاب مرقوم‏}‏ ليس تفسيراً لقوله‏:‏ ‏{‏وما أدراك ما سجين‏}‏، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا يتقص منه أحد ) .



 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

في سورة الفيل، ألآية 3، نجد : " وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل". ويقول أبن كثير: طير أبابيل يعني طيراً من البحر امثال الخطاطيف والبلسان. ويقول القرطبي: طيراً من السماء لم يُر قبلها ولا بعدها مثلها. وروي الضحاك أن أبن عباس قال سمعت رسول الله يقول: " إنها طيرٌ تعشعش وتفرخ بين السماء وألارض". وقال أبن عباس: كانت لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب. وقال عكرمة: كانت طيراً خُضراً خرجت من البحر لها رءوس كرءوس السباع. أما سجيل فلا أحد يعرف معناها. وأصل الكلمة ربما يكون من اللغة ألأرامية ( Sgyl ) وتعني حجر المعبد. والشئ الملفت للنظر أن كل هولاء المفسرين أتوا بتفسيرات لا تمت لبعضها البعض بصلة، مما يؤكد انهم كانوا يخمّنون معاني هذه الكلمات الغريبة التي لم يكونوا قد سمعوا بها من قبل .

 

 






كل المفسرون تقريبا متفقون أن ( سجيل ) هو الطين المحروق الشديد الصلابة ( الآجر ) وهذا يعني أنهم يعرفون الكلمة جيدا وليس كما يقول الدكتور كامل ( يخمنون ) .

الدكتور كامل يقول أن الكلمة ( آرامية Sygl ) وهذا غير صحيح ( لا أعرف من أين يجيء بهذا الكلام ؟! ) .

أبو عبيد القاسم بن سلام يقول أن كلمة ( سجيل ) كانت مستعملة عند الفرس :-
( حجارة من سجيل ) يعني من طين وافقت لغة الفرس ) .

الدكتور فريستغ ( Kees Verstegh ) أستاذ اللغة العربية يقول في كتابه ( تطور العربية الكلاسيكية ) أن كلمة ( سجيل ) تشبه الكلمة الفارسية ( sang+ geel ) ومعناها ( الحجر الطيني ) .
رابط رقم (1) .

ولكن عندما نقول بتشابه بعض كلمات القرآن مع كلمات في اللغات الأخرى لا يعني ذلك أن القرآن غير عربي فلغات الأرض تشترك مع بعضها في كلمات كثيرة .

القرآن يقول ( لسان عربي ) أي هذه الكلمات كانت مستعملة وشائعة على لسان العرب وسواء كان أصل كلمة ( سجيل ) عربي أم فارسي فالمهم أنها لسان عربي .
الكلمة عربية وهذا يكفي .


على العموم سيكون لي تعليق أخير على لغة القرآن في نهاية الأمر .



 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وكلمة " الفرقان" وردت في القرآن مرات عديدة بمعاني مختلفة. فمثلاً في سورة البقرة، ألآية 53: " وأتينا موسى الكتاب والفرقان". وفي نفس السورة، ألآية 185: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان". وفي سورة آل عمران، ألآية 4: " من قبل هدى للناس وانزل الفرقان". وسورة ألانفال، ألآية 29: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم". وفي سورة ألانفال، ألآية 41: " أعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان". وفي سورة ألانبياء، ألآية 48: " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكراً للمتقين". وفي سورة الفرقان، ألآية 1: " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً".
وأتفق أغلب المفسرين ان الفرقان هو ما يفرق بين الحق والباطل ولكن ابن عباس قال: فرقاناً يعني مخرجاً وزاد مجاهد " في الدنيا والاخرة". وفي رواية اخرى قال ابن عباس ان فرقاناً تعني نصراً. وقالوا انها تعني يوم بدر لان الله فرق فيه بين الحق والباطل. وقال قتادة انها تعني التوراة، حلالها وحرامها. ويقول الرازي قد يكون التوراة او جزء منها او حتى معجزات موسى مثل عصاه. وقد تعني إنشطار البحر لموسى، واستقر رأيه علي انها التوراة. وقالوا الفرقان تعني القرآن. فالله قد انزل الفرقان على موسى وكذلك انزله على محمد، مما يجعلنا نقول أن الفرقان ربما تعني " كتاب" ولكن كيف نوفق بين هذا المعنى وألآية 29 من سورة ألانفال: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً". فالمراد هنا أن يجعل لكم مخرجاً. ولكن ألآية 41 من سورة ألانفال تقول: " وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان". فالمعنى هنا لا يتفق مع أي من المعاني السابقة. فماذا تعني كلمة الفرقان إذاً؟

 

 







هنا د . كامل يورط نفسه فيما لا يعلم .

لا يوجد إختلاف بين أحد حتى بين المستشرقين أنفسهم في أن الجذر ( ف - ر - ق ) هو جذر عربي خالص .

ومعنى ( فرقان ) هو ما يفرق به بين الحق والباطل أيا كان هذا الشيء .

مدلول اللفظ كما نعرف يختلف بإختلاف السياق ولكن المعنى المعجمي ثابت كما قلنا و (هو ما يفرق به بين الحق والباطل ) في حالتنا هذه .

لذلك لفظ ( الفرقان ) يختلف مدلوله بإختلاف السياق أما معناه المعجمي فثابت .

نأتي إلى الآية التي يراها د . كامل النجار مشكلة :-

(يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) :-

تجد مفسرا قديما مثل ابن كثير لا يرى شيئا غريبا في الآية ويورد الرأي الأرجح بعد أن نقل عدد من الآراء المأثورة كعادته ثم يقول :-

(فإن من اتقى اللّه بفعل أوامره وترك زواجره، وفّق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا وسعادته يوم القيامة وتكفير ذنوبه ) .

ابن كثير هنا فسر القرآن بالقرآن فتوصل لمدلول كلمة ( فرقانا ) من خلال آية شبيهة وهي :-

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الحديد : 28]

كما ترون فمدلول كلمة ( فرقان ) في صورة الأنفال مازال مرتبطا بالجذر العربي ( فرق ) أي ما يفرق به بين الحق والباطل وهناك حديث شريف أيضا يقول نفس الشيء :-

( وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ........ ) .

هذا هو مدلول كلمة ( الفرقان ) في سورة الأنفال وهو أن من يتقي الله يعطيه قوة تفرق له بين الحق والباطل ليستمر في نهجه وتقواه .


تعالوا الآن لنعرف كيف تورط د . كامل النجار :-

في محاولة لبعض المستشرقين مثل آرثر جفري لإثبات أن القرآن أصله مسيحي سرياني تجده يحاول أن يربط بين كلمة ( فرقان ) وكلمة ( بركانا ) السيريانية .

الكلمة السريانية معناها ( الخلاص ) حسب المفهوم المسيحي للكلمة ( الخلاص من الخطيئة الأصلية ) .

ولكن واجهته مشكلة وهي أن السياق لكلمة ( فرقان ) الواردة في القرآن أكثر من مرة لا يتماشى مع الكلمة السريانية بإستثناء آية واحدة وهي آية سورة الانفال التي شرحناها منذ قليل والتي من الممكن تحويرها لتتماشي مع معنى ( الخلاص في المسيحية ) .

لذلك عمد إلى نفخ بعض الصوف في العيون ليوهمنا أن كلمة ( الفرقان ) الواردة في القرآن أكثر من مرة غامضة المعنى وأصلها ليس الجذر العربي ( فرق ) وعلى المسلمين أن يبحثوا لها عن معنى جديد .

ابن وراق لأنه ينقل كالببغاء قال نفس الشيء ووراءه د . كامل النجار خطوة بخطوة .



 




يقول د . كامل النجار :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهناك كلمة أخرى لم تكن معروفة للعرب قيل نزول القرآن، ألا وهي " كلالة". ففي سورة النساء، ألآية 4: " وإن كان رجلٌ يورث كلالةً ام إمرأة". وسئل ابو بكر الصديق عن كلمة كلالة فقال: أقول فيها برائي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه، الكلالة من لا ولد له ولا والد. وقال القرطبي في تفسيره: الكلالة مشتقة من الاكليل وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه. وهذا بلا شك تخمين وليس هناك أي دليل أن كلمة كلالة مشتقة من إكليل. وقد أورد الطبري 27 معنى للكلالة مما يدل على انهم لا يعرفون معناها .

 

 




مرة أخرى نقول للدكتور كامل أن حذر الصحابة في الإدلاء برأيهم في القرآن هو دليل ورع وتقوى وليس جهلا بالمعنى المعجمي للكلمة .
وهذا هو معنى قول أبو بكر رضي الله عنه برغم أنه ذكر المعنى الصحيح للكلمة .
أما وجود أكثر من مدلول للكلمة حسب السياق وثقافة المفسر وبيئته فهذا شيء طبيعي يعرفه من له أدنى معرفة بعلوم اللغويات .
بالله عليكم هل عندما يورد الطبري 27 مدلول للكلمة ( وليس معنى ) فهو دليل لجهله بالكلمة أم إستعراض لثقافته الواسعة والتوظيفات المتعددة للكلمة؟؟! .



 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ويقدر مونتجمري واط أن هناك حوالي سبعين كلمة غير عربية أُستعملت في القرآن، حوالي نصف هذه الكلمات مقتبسة من الكلمات التي كانت مستعملة في الديانة المسيحية، وخاصة اللغة السريانية والاثيوبية، وحوالي خمسة وعشرون كلمة من اللغة العبرية والارامية وكلمات بسيطة من الفارسية .

 

 





لقت لغة القرآن اهتماما مبالغا من الغربيين مع بداية القرن العشرين .
- ( ألفونس منجانا ) كان يحاول أن يثبت الأصل المسيحي للقرآن بالقول أن الرسول استخدم كلمات سريانية وآرامية كثيرة في القرآن وخلطها بالعربية وأخرج لأتباعه ما يسمى بالقرآن . ثم ذهب أبعد من ذلك بالقول أنه وقت الرسول كانت السريانية أوالآرامية هي اللغة السائدة في مكة والمدينة وليست العربية .

- مارجليوث في دراسته ( أصول الشعر العربي )
إفترض أن كل الشعر الجاهلي الذي وصلنا اليوم تم تزويره في العصر الأموي ولا يجب أن نقارن بينه وبين لغة القرآن لأنه أصلا تم تأليفه ليحاكي لغة القرآن , ونفس الشيء قاله د . طه حسين في كتابه ( في الشعر الجاهلى ) .

- ( آرثر جفري ) الذي ألف كتابا عن الالفاظ الغريبة في القرآن قال أن هناك 75 لفظا في القرآن لا يوجد دليل مكتوب على استعمال هذه الالفاظ بين العرب في الفترة قبل الاسلام وان كان لا ينفي احتمال تدوال هذه الكلمات بين العرب بشكل شفهي وقال أن هذه الالفاظ من المحتمل ان يكون العرب استعاروها من اللغات السيريانية والارامية والاثيوبية ( وهو ليس قول مونتجمري وات كما يقول د . كامل النجار ) بل يرجعه وات لجيفري بدون أن يعلق عليه .

كتاب وات - بيل تجده في رابط رقم (2) .



هناك من رفض طبعا هذا الكلام مثل ( رابين ) الذي قال أن اللفظ القرآني هو لفظ عربي صافي وهو يقصد بالعربية الصحراء العربية وليس مكة أو قريش . أي ان القرآن هو مزيج من لهجات القبائل العربية عامة وإن كان يطغى عليه لغة قريش .

قول ( منجانا ) تم إحياؤه من جديد عن طريق كريستوف لوزنبرج ( نشرت له مجلات النيويورك تايمز والجارديان والنيوزويك ترجمة لأجزاء من كتابه القراءة السيريوآرامية للقرآن ) الذي أصر على أن مكة لم تكن تتكلم العربية بل السيريانية وذهب يفسر القرآن بطريقته الخاصة بعد تجريد الكلمات من حروف العلة و التنقيط والبحث في المعاجم السيريانية .

ترجمة لجزء من مقال لوزنبرج على رابط رقم (3) .

قبل أن نبدأ النقاش حول ما يقوله لوزنبرج ومنجانا أحب أن نتوقف عند بعض النقاط :-

- رغم أنه ليس محسوما أي اللغات ظهر قبل الآخر وما مدى التأثير بين اللغات وبعضها البعض إلا أنك تجد هؤلاء المستشرقين يتحدثون بكل ثقة ويذهبوا يطبخون ويقلبون لذلك ترى أعمالهم في النهاية تخرج في صورة أقرب لأعمال الهواة كما حدث مع السيد ( لوزنبرج ) .

- أوائل المسلمين كانوا يعرفون أن هناك كلمات في القرآن كانت مستعملة في اللغات الأخرى أيضا ولكن من أخذ من الآخر؟ يبدو كسؤال ساذج لأن اللغات تتطور وتتداخل كلماتها . فحتى لو كانت بعض الكلمات ظهرت في الآرامية مثلا قبل العربية فهذا لا يعني أنها ليست عربية ولا ينفي أنها كانت متداولة على لسان العرب قبل القرآن فلا يوجد قانون كان يمنع العرب قبل الإسلام من إستخدامها إلا بتصريح من الأخوة الآراميين !

- قول مرجليوث والدكتور طه حسين تم رفضه منذ مدة طويلة وكل الدراسات الجديدة على العربية الكلاسيكية ( نسميها الفصحى ) تعتمد على مصدرين هما الشعر الجاهلي والقرآن :-
رابط رقم (4) .


كذلك تجد السيد ( أ . ج . أربري ) قد فند هذه الآراء منذ فترة طويلة .

هنا تقرأ كتابه ( القصائد السبع :- الفصل الأول من الأدب العربي ) .
رابط رقم (5) & (6) .


- هناك فارق بين كلمة ( لسان عربي ) كما يقول القرآن وكلمة ( لغة عربية ) كما يقول اللغويون فكلمة ( لسان عربي ) أي الكلام المتداول على لسان العرب أيا كان أصله وجذوره ، أما كلمة ( لغة ) فهي تجرنا إلى متاهات منشأ اللغات وجذور الكلمات وكلها أمور وضعية غير محسومة .

- كون المفسرين كانوا يختلفون حول بعض الكلمات فليس معناه عدم معرفتهم بالمعنى المعجمي للفظ ولكن الإختلاف حول (مدلول اللفظ ) فاللفظة القرآنية تخضع إلى ثلاث حالات :-

مفهومها في ذاتها . -
مفهومها حين تتداول عليها حركات الإعراب .
- مفهومها حين تأخذ مكاناً خاصاً في الكلام وضمن السياق .

فلابد أن نعرف أنك حين تقوم بالتأليف فالمعني موجود والبحث يكون عن اللفظ ( المعنى يسبق اللفظ ) أما أثناء القراءة والتفسير فالعكس يحدث ( اللفظ يسبق المعنى ) لذلك كان الجميع يجتهد للبحث عن المدلول .

- النقطة الاخيرة قبل أن نبدأ نقاشنا حول ما يقوله لوزنبرج هي أن تمسكنا بالأصل العربي للقرآن ليس عنصرية فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولكن لأن هذه هي الحقيقة.. أما الإلتواءات والتلفيقات الإستشراقية لإثبات الأصل السيرياني للقرآن فهي أساليب غير نظيفة تخفي ورائها أهدافا خبيثة .

نبدأ من هنا :-

- السبب الرئيسي في اصرار البعض على الأصل السرياني للقرآن يتلخص في ما يقوله ألفونس منجانا في كتابه ( التأثير السرياني على لغة القرآن ) حيث يقول :-

( كان على مؤلف القرآن أن يواجه صعوبات شتى , فكيف يكيف كلمات وعبارات جديدة لأفكار ناشئة وبلغة لم تكن قد ترسخت أو خضعت للقومسة . فإما أن ينحت كلمات جديدة كثيرة أو يلجأ للحل الأسهل وهو اقتباس كلمات يفهمها الجميع من لغة كنسية ودينية كان أتبعاها منتشرين في كل مكان ما بين الكنائس والأديرة ) .

ثم يواصل بعد قليل :-

.( وهذه اللغة كانت السريانية بدون أدنى شك )

كما تلاحظون فإن منجانا كان يظن أن السريانية كانت منتشرة في منطقة مكة وما يجاورها .

لوزنبرج يسير على نفس خطى منجانا فهو أيضا يفترض أن مكة كان تتحدث الآرامية السريانية .
لوزنبرج يقول :-
( في وقت نزول القرآن لم يكن هناك وجود للأبجدية العربية المكتوبة مما يؤكد لنا أن الآرامية فيما بين القرنين الرابع والسابع الميلادي لم تكن فقط لغة التواصل المكتوبة الوحيدة بل اللغة الصريحة الوحيدة لهذه المنطقة في غرب آسيا ) .

كما قلنا من قبل أن مسألة وجود كلمات مشتركة بين العربية ولغات أخرى في القرآن هو أمر ليس غريبا فالله هو خالق اللغات جميعا ومن الطبيعي أن يحدث تأثير للغة على أخرى فاللغتان العربية والسريانية قريبتان من بعضهما جدا وفي الغالب كانوا لغة واحدة .

ولكن المشكلة أن لوزنبرج لا يقول ان القرآن فيه بعض كلمات مشتركة ولكن يقول أن القرآن كله عبارة عن خليط من كلمات ( هجين ) خليط من عربية و سريانية .

لذلك تجده يجرد المفردة القرآنية من حروف العلة والتنقيط ويحاول نطقها بشكل مختلف بإعادة وضع حروف علة أو تنقيط في مواضع أخرى حتى يصل إلى نطق يشبه كلمة سريانية مقابلة .
ثم يبحث عن معنى المفردة السيريانية الجديدة التي أخترعها في المعاجم السريانية فيخرج بمعنى جديد تماما للمفردة القرآنية ثم يرجع بظهره للوراء ويبتسم ابتسامة العباقرة .


دراسة لوزنبرج رغم طرافتها إلا أنها مبنية على إفتراض مسبق في ذهنه وهو طالما أن المفسرين مختلفون حول كلمة في القرآن فلابد أن يكون لهذه الكلمة جذر سرياني .

وكما قلت من قبل فالمفردة القرآنية ليست قاصرة على معناها المعجمي لذلك فمعظم الإختلاف يكون حول مدلول الكلمة وليس المعنى المعجمي .

الرجل يتعامل مع القرآن وكأنه يحل شفرة غير مفهومة ليخرج في النهاية بقرآن جديد .

لوزنبرج يفعل ذلك حتي مع الكلمات العربية الشهيرة جدا بشكل أقرب إلى الهوس !

ما يجعلنا نقول أن قراءة لوزنبرج للقرآن هي قراءة خيالية هو الآتي :-

أولا :- وقت الإسلام لم يكن للسريانية أي وجود في مكة أو منطقة الحجاز بصفة عامة بل كانت منحصرة في منطقة إديسا ( Edessa ) جنوب تركيا . وبخصوص التنقيب عن النقوش السريانية فلا يوجد لها أثر بدءا من جنوب دمشق باستثناء بعض الكتابات الخاصة بالحجاج .
البروفيسور / جون هيلي بقسم الدراسات الشرق أوسطية بجامعة مانشستر له مجموعة من المقالات والكتب تؤكد ذلك :-
(The Old Syriac In******ions of Edessa and Osrhoene 1999 by Prof. John Healey )

ثانيا :-هناك مخطوطات مكتوبة بالأبجدية العربية قبل ظهور الإسلام أشهرهم الآتي :-

1- مخطوطة راكش :- تقدر بعام 267 ميلاديا .
2- مخطوطة جبل الرام :- تقدر منذ القرن الرابع الميلادي .
3- مخطوطة أم الجمال :- و الكتابة فيها قريبة جدا من الخط العربي التقليدي .
ومخطوطات أخرى غيرهم .



ثالثا :-

أول قاموس سرياني مرتب أبجديا كتبه ( حنين ابن اسحق )عام 873 ميلاديا ولم يكن دقيقا تماما .

تبعه (عيشو بن علي ) تلميذ ( حنين ) بقاموس آخر سرياني عربي .

أما أشهر قاموس سرياني كتبه ( بار بهلول ) في القرن العاشر الميلادي وهو قاموس عربي سرياني أشبه بموسوعة كاملة .

السؤال الآن :-

علام يعتمد السيد ( لوزنبرج ) في بحثه لإثبات أسبقية اللغة السريانية كلغة للقرآن على اللغة العربية ؟

المفاجأة أنه يعتمد على معاجم ( بيان سميث ) و ( بروكلمان ) الذين بدورهم يعتمدان على معجم (عيشو بن علي ) ومعجم ( بار بهلول ) .

وعندما نعرف أن المعجمين الاخيرين تم كتابتهم بعد الإسلام ب 250 عاما وقد سبقهم الخليل بن أحمد في تاليف أول معجم عربي ب 100 عام فوقتها نشعر بالدهشة مما يفعله الرجل !!

أليس ما يفعله السيد ( لوزنبرج ) بأن يفك شفرة القرآن من معاجم كتبت بعد القرآن ب250 عام يمثل نوع من العبث بعقول البسطاء ؟!

بالنسبة لقواعد السريانية الكتابية فهناك مخطوطات تشير أن أول عمل منظم بشأنها كان بواسطة ( يعقوب الاديسا ) وطبعا وصلنا منه أجزاء صغيرة ولكن القواعد الأصلية للسيريانية المكتوبة لا نعرف عنها الكثير .


يقول الدكتور فريستيغ :-

(لسوء الحظ لا نعلم الكثير عن أصول الكتابة والنحو في السيريانية الأولى .
معظم ما وصلنا عنها لاحقا كان بعد أن تأثرت بقواعد اللغة العربية الأمر الذي يجعلنا نقول أن معظم قواعد اللغة والكتابات السيريانية والعبرية التي بين أيدينا الآن مقتبسة من اللغة العربية ! )


( prof. dr. Kees Versteegh )
Arabic grammar and Qur'anic exegesis in early Islam (Leiden, 1993)

و يقول أبي الفرج الملقب ب ( ابن العبري ) : - أن السريانية تفرعت إلى فروع كثيرة جدا بسبب تفرق التاس بين بلاد متباعدة مما خلق بونا شاسعا بين لهجة و أخرى .

لذلك فمن حقنا أن نسأل :- هل ما يقوم به البعض من دراسات على القرآن هو لأهداف علمية محايدة أم تحت قاعدة ( لماذا لا أعبث مع العابثين ) ؟!



 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فمثلاُ في سورة طه، ألآية 15 " إن الساعة آتيةٌ أكاد أخفيها"، وهي أصلاً مخفية ولا يعلم أحد متى تأتى، فالقرآن هنا لا بد انه قصد " أظهرها" بدل أخفيها. وقد قال القرطبي في تفسير هذه ألآية:( آيةٌ مشكلة. فروى سعيد بن جبير " أكاد أخفيها" بفتح الهمزة، قال: أظهرها. وقال الفراء: معناها أظهرها، من خفيت الشئ أخفيه إذا أظهرته. وقال بعض النحوين يجوز أن يكون " أخفيها" بضم الهمزة معناها أظهرها.) ويتضح هنا أن النحويين أنفسهم وجدوا مشقة في تفسير هذه ألآية، فكيف بعامة الناس؟

 

 





كما قلت من قبل أن الإختلاف حول كلمة أو عبارة في القرآن هو اختلاف في المدلول أما المعنى فقد وصلهم جميعا إجمالا .

أنت عندما تكتب أو تؤلف تفسيرا فإنك تبحث عن لفظ مناسب ينقل المدلول أو المعنى الذي فهمته من الآيات ومن هنا كانت تأتي معاناة المفسرين .

أما لو كنت مجرد قاريء فقد وصلك المعنى وشعرت به إجمالا ولست في حاجة لنقله لأحد .

كما نعرف جميعا فالفكرة أوسع من الكلمة وأكثر ثراءا والبراعة هي أن تأتي بكلمة تحمل كل الفكرة أو المعنى وهذا ما يفعله القرآن ولا يجب أن ننتظر من المفسرين أو غيرهم أن يفعلوا الشيء ذاته فهذا ليس في مقدورهم .
لو نظرنا لتعبير ( أكاد أخفيها ) :-

لا أجد أفضل من القرآن نفسه ليعبر عن المراد منه في سورة المعارج :-
- ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً - وَنَرَاهُ قَرِيباً ) .

وأظن أن هذا يكفي للتوضيح .


 





يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي بعض الاحيان يعكس القرآن الاشياء المألوفة للناس، فمثلاً في سورة البينة، ألايتين أثنين وثلاثة نجد: "رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة، فيها كُتبٌ قيمة". والمعروف لدى كل الناس أن الكتب تحتوي على الصحف، وليس العكس كما جاء في القرآن. ولكن دعنا نقرأ ما كتب القرطبي في تفسيره لهذه ألآية: ( الكتب هنا بمعنى الاحكام، فقد قال الله عز وجل " كَتَبَ الله لأغلبن . بمعنى حكم. وقال " والله لأقضين بينكما بكتاب الله" ثم قضى بالرجم، وليس الرجم مسطوراً في الكتاب. فالمعنى لأقضين بينكما بحكم الله. وقيل الكُتب القيمة هي القرآن، وجعله كُتباً لانه يشتمل على أنواع من البيان.)
فهل اقتنع القارئ بهذا التفسير؟ أنا لم أقتنع. فالقرطبي كغيره من المفسرين راح يدور في حلقة مفرغة في محاولة منه للخروج من هذه المعضلة التي جعلت الصحف تحتوي على الكتب، وليس العكس.

 

 





يقع د . كامل في أخطاء كثيرة لأنه ينقل عن ناس كتبوا ما كتبوا عن القرآن للمشاكسة والتشويش وليس من أجل الحق .
د . كامل يرى أن ( الصحف ) تكون في ( الكتب ) وليس العكس .
رغم أن أي مسلم يعرف أن القرآن لم يسمى ( مصحفا ) إلا بعد أن طبع على ورق وأصبح مجلدا .
وقبل ذلك و طوال فترة نزوله كان يسمى ( كتاب ) أي كلام يتلى :-


( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) .

المعنى المتداول حاليا لكلمة ( كتاب ) بمعنى مجموعة من الأوراق أو مجلد هو معنى مستحدث وغير صحيح كالكثير من الكلمات الأخرى التي تستخدم في غير مكانها .

بالمناسبة لفظ ( قرأ ) أيضا ليس معناه قراءة كلمات مكتوبة على ورق ولكن معناه تلاوة أو ترتيل كلمات سواء بترديدها وراء شخص أو ترديدها من الذاكرة .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وقد لاحظ هذا جماعة من المعتزلة في صدر الاسلام، منهم ابراهيم النظام الذي قال ان ترتيب القرآن ولغته ليس فيهما اى اعجاز. وقد دافع عن هذا الرأي الكاتب والقاضي الاندلسي ابو محمد علي بن احمد بن حازم في كتابه " الملل والنحل" وكذلك ابو الحسين عبد الرحمن بن محمد الخياط من المعتزلة .

 

 





الموضوع ليس كما يقول د . كامل فهو يخلط الأمور كثيرا !

في تفسير العرب لمعنى الإعجاز في القرآن فسر جماعة من المعتزلة ومنهم النظام معنى الإعجاز ب ( الصرفة ) ومعناها أن الله أعجز البشر وصرفهم عن معارضة القرآن وسلبهم القدرة على الإتيان بمثله .

قول النظام هذا ليس صحيح وعارضه الجميع ومنهم باقي أئمة المعتزلة مثل الإمام (عبد الجبار) .

عبد الجبار في كتابه ( المغني ) يضع تعريفا آخر للصرفة وهو أن محاولة البشر الإتيان بمثيل للقرآن لم تنجح ( إنصرفت ) لإستحالة تقليد القرآن .

ولكن لابد أن نقول أن النظام بقوله هذا يعترف بإعجاز القرآن ويعترف أيضا أنه فوق مستوى البشر وليس كما يقول د .كامل النجار .

لاحظوا أن النظام كان يفسر ماهية الإعجاز فكيف يقول د . كامل أنه كان ينكر الإعجاز ؟!

قد تكون نظرية الصرفة هذه تناسب موقف المعتزلة من قضية خلق القرآن ولكن سواء كان هناك اعجاز أو تعجيز فالأمر سيان .

فهناك شيء خارق للعادة فوق مستوى البشر وهو المهم .



شيء أخير أقوله في النهاية بخصوص بلاغة القرآن :-

شاع بين الناس أن ( توماس كارليل ) صاحب كتاب ( الأبطال وعبادة البطولة ) وصف القرآن بأوصاف غير لائقة مثل (كتاب ممل مضطرب فج ركيك غباء لا يحتمل ) .
ولكن الحقيقة أن السيد كارليل كان لا يصف القرآن بل كان يصف ترجمة ( جورج سال ) للقرآن وليس القرآن نفسه . الكتاب موجود على مشروع جوتنبرج رابط رقم (7) .

Thomas Carlyle, Heroes and Hero Worship

أقتبس لكم عبارته التي أساء البعض استخدامها :-

We also can read the Koran; our Translation of it, by Sale, is known to be a very fair one. I must say, it is as toilsome reading as I ever undertook. A wearisome confused jumble, crude, incondite; endless iterations, long-windedness, entanglement; most crude, incondite;–insupportable stupidity, in short !

الكثيرين أساءوا إستخدام هذه الفقرة عن كارليل لإسكات المسلمين عند استشهادهم بكتابه قي مكانة النبي محمد كأعظم شخصية في التاريخ .
وهذا تسبب طبعا في تشويه سمعة الرجل بدون ذنب .
لذلك أحببت أن أوضح ذلك لأن الرجل في باقي كتابه يشيد كثيرا بالقرآن .


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

الروابط : ــ

(1)http://arabworld.nitle.org/texts.php?module_id=1&reading_id=17&sequence=3



(2) http://www.truthnet.org/Islam/Watt/



(3) http://www.metransparent.com/texts/luxenberg_the_syro_aramaic_reading_of_the_koran.htm



(4) http://arabworld.nitle.org/texts.php?module_id=1&reading_id=17&sequence=1



(5)http://www.worldcatlibraries.org/wcpa/top3mset/ef0dfe00460aab31.html



(6) http://umcc.ais.org/~maftab/ip/pdf/bktxt/odes.pdf



(7)http://www.gutenberg.org/etext/1091

 

سيتكلم د . كامل بعد ذلك عن الأخطاء النحوية في القرآن .

موضوع الأخطاء النحوية المزعومة لا يستحق الرد في الحقيقة .

فالدكتور كامل يعرف أن قواعد علم النحو وضعت بعد القرآن .

والدكتور كامل يعرف أيضا أن العرب الذي تحداهم القرآن كانوا بارعين ومهرة ولم يكونوا ليتركوا شيئا كهذا يمر بدون حملة تشنيع .
فمن يقول بوجود اخطاء نحوية في القرآن كمن يقول بوجود أخطاء قانونية في مادة القانون .


الأخوة المسلمون كتبوا ردودا كثيرة .

لن أقول جديدا في هذا الأمر لذلك لن أعلق عليه (1).


=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=
(1) بالفعل كما قال الأخ نيقولا فهذا الموضوع قد قُتِلَ بحثاً إن جاز التعبير .... وللاستزادة حول هذا الموضوع يرجى مراجعة الروابط التالية .
 

 


القرآن والنحو .. وحقائق غائبة
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=4510

الرد على الأخطاء اللغوية المزعومة حول القرآن الكريم

http://www.ebnmaryam.com/Lang-mistakes.htm

إقرأ ايضا: الرد على جميع الأخطاء اللغوية التي يدعيها النصارى !

 

 

السحر في القرآن


سأمر سريعا على موضوع السحر والقصص في القرآن .

يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

في سورة الناس نجد:
1- " قل اعوذ برب الناس"
2- "ملك الناس"
3- "إله الناس"
4- "من شر الوسواس الخناس"
5- " الذي يوسوس في صدور الناس"
6- "من الجنة والناس "
وهاهو الرسول مرة اخرى يستعيذ من شر الوسواس الخناس، سواء أكان من الجن او الانس. وهذا كذلك اعتراف بالسحر ومقدرة الجن والانس ان يلقوا الضرر بالمسلم عن طريق الوسوسة في صدره. وهذا منتهى الايمان بالغيبيات ومنها السحر.

وهاهو القرآن في سورة البقرة الآية 102 يحدثنا عن جن سليمان والسحر وهاروت وماروت: " يعلّمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ...... وما هم بضارين به من احد الا بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم". فهاهم السحرة، مرة اخرى، يضرون الناس باذن الله. فاذا كان السحرة بمقدورهم ضرر الناس بتعاويذهم، فعلى الناس حماية انفسهم من هذا الضرر بتعاويذ مضادة لتعاويذ الساحر وبتعليق التمائم والرقي على اعناقهم .

 

 





د . كامل يعترف في البداية أن الإسلام يحرم السحر ولكن لأنه يعيش حالة من الإزدواجية بين ما يعرفه عن الإسلام وبين ما يقرأه ويود نقله فيعود ويقول :-

(وهاهو الرسول مرة اخرى يستعيذ من شر الوسواس الخناس، سواء أكان من الجن او الانس. وهذا كذلك اعتراف بالسحر ومقدرة الجن والانس ان يلقوا الضرر بالمسلم ) :-

ونحن نقول له أن الإستعاذة بالله هي دعاء إسلامي ليس مرتبطا بموضوع السحر فقط .

فالمسلم يستعيذ بالله من الجهل :-

( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين ) .

والمسلم يستعيذ بالله من السفسطة والجدال بلا معنى :-

( َ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

ويستعيذ بالله مما ليس له به علم :-

( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) .

الإستعاذة هي دعاء يا دكتور وليست تميمة أو شعوذة .



 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

لغة القرآن نفسها فيها شئ من السحر والطلاسم، فبعض السور تبتدئ بحروف ليس لها اي معنى معروف، فهي كالرموز التي تُستعمل في الشفرة. فهناك خمسة سور تبتدئ ب " الف، لام، ر" وسورة واحدة، سورة الرعد، تبتدئ ب " الف، لام، ميم، ر" وسورة مريم تبتدئ ب " كاف، هاء، ياء، عين، صاد"، وسورتين بدايتهما " طاء، سين، ميم" وسورة النمل، بينهما، تبتدئ ب " طاء، سين"، وستة سور تبتدئ ب " حاء، ميم"، وسورة الشورى تبتدي ب " حاء، ميم، عين، سين، قاف". وسورة الاعراف تبتدئ ب " الف، لام، ميم، صاد" وهناك سور تبتدئ بحرف واحد مثل سورة قاف و سورة ص، وبعض السور تبتدئ بحرفين مثل طه ويس. وباختصار هناك تسع وعشرون سورة تبتدئ بالغاز لا يفهم معناها احد.
وقد ذهب بعض المستشرقين ( هيرشفيلد) الى القول بانها الحروف الاولى من اسماء اشخاص ساعدوا زيد بن ثابت في كتابة القرآن، وذهب آخرون الى انها محاولة للايعاز للعرب الذين كانوا وما زالوا يؤمنون بالسحر وبالكهان الذين كانوا يستعملون الالغاز في طلاسمهم، بأن القرآن ليس من عند محمد بدليل ان فيه الغاز لا يفهمها حتى محمد نفسه. وعلى كل حال، هذه الالغاز لا تخدم غرضاً منطقياً اذ ان القرآن نزل ليوصل للناس رسالة معينة، ونزل بلسانهم، فما الفائدة من انزال رموز لا يفهمها الناس المخاطبون بها ؟

 

 





الحروف المقطعة في بداية السور وإن كانت لا تشكل كلمات مفهومة إلا أنها تثير بعض المعاني في النفس بوقعها الصوتي فقط .

وهل الموسيقى تعتبر كلمات مفهومة ؟!

فبنفس منطقه بإمكاني أن أقول أن الموسيقى تعتبر سحر وطلاسم وشعوذات . أليس كذلك ؟

الوقع الصوتي للحروف المقطعة في بداية السور وإن كنا لا نعرف لها معنى من ناحية المنطق إلا أننا نعرف لها معنى من ناحية الشعور والعاطفة .

المعاني ليست مرتبطة بالفكر فقط فلها أيضا إمتداد للعاطفة .

بخصوص قول ( هيرشفيلد ) أن هذه المقاطع هي الحروف الأولى من أسماء أشخاص ساعدوا ( زيد بن ثابت ) في جمع القرآن , فهذا يحتاج دليلا بالتأكيد .
وطالما الرجل لم يبذل أي مجهود لإثبات ما يقول , فلماذا نشغل أنفسنا بتفنيد إدعاءات بدون دليل ؟!
ولكن سأذكَره بشيء بسيط هو :- لماذا لم يظهر هؤلاء الأشخاص ليدَعوا ذلك ؟!
هل كانوا من النوع الخجول ؟!


 




يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

والسؤال الذي يطرأ على الذهن هو: لماذا احتاج الله ان يقسم لعبيده، وكلنا عبيد الله. وهل يحتاج السيد لان يقسم لعبيده ليصدقوه؟ وفي رأيي ان القرآن، مرة اخرى، يحاول ان يجاري الجاهليين في عاداتهم، ومنها القسم المتكرر. فالجاهليون كانوا مولعين بالقسم في كلامهم، فكانوا دائماُ يقولون: تالله لافعلن هذا، ووالله لاضربن عنقك، وهكذا.
وكل اشكال القسم في القرآن ادخلت المفسرين في مأزق عندما حاولوا تفسيرها، فأغلبها يبتدئ ب "لا": " لا اقسم بيوم القيامة" و " لا اقسم بالشفق" و" ولا أقسم بالخنس". فالمفسرون قالوا ان " لا" زائدة، واراد الله ان يقول: " اقسم بيوم القيامة". وهذا خطأ لان الله ما كان ليحتاج ان يدخل "لا" زائدة في كل مرة يقسم فيها. لو حصلت مرةً واحدة لفهمناها، أما ان تحدث في كل مرة يقسم فيها فأمرٌ غير مستساغ. ولو تنبه المفسرون الى ان في الفترة التي جُمع فيها القرآن، لم تكن هناك علامات ترقيم في اللغة العربية، وان الآية كانت : " لأقسم" واللام هنا للتاكيد، مثل ان نقول " لأفعلن كذا"، ولكن لانها كُتبت بغير الهمزة على الالف، قُرئت " لا" فصارت لا اقسم بدل لأقسم.

 

 





قبل الإسلام كان هناك نوعين من القسم في الخطاب العربي :-

- قسم الشعراء ( مثل :- لعمري – ورمحي – وفرسي ) :- وهذا النوع من القسم الذي كان منتشرا في الشعر العربي كان يهدف لتأكيد خطاب الشاعر .

- القسم الآخر كان ( قسم الكهان ) :- الكاهن كان يقسم بأشياء غامضة لا علاقة لها بالخطاب . وهو بذلك كان يلعب على الإيحاء النفسي للمستمع وإحاطة نفسه بجو من الغموض .

كل المستشرقين تقريبا الذين تعاملوا مع القسم في القرآن صنفوه ضمن النوع الثاني ( قسم الكهان ) .

المستشرقين بهذا كانوا يتجاهلون آيات واضحة في القرآن تعارض قولهم وهي :-
فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ( الطور 29 ) .

وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ( الحاقة 42 ) .

ما الذي يدعو الكاهن أن ينكر كونه كاهن ؟!

الكهانة لم تكن عيبا عند العرب .

أيضا الكاهن كان لا يدعو لعبادة الله الواحد الاحد .

هذا الاتهام تم توجيهه لكل الانبياء من قبل كما يقول القرآن وكأنهم يتوارثونه أو تأمرهم به أحلامهم فهو على ما يبدوا حيلة عقلية يلجأ إليها المكذب :-

( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ - أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) .


أجمل ما كتب عن القسم في القرآن هو كتاب الشيخ ( عبد الحميد الفراهي ) رحمه الله ( إمعان في اقسام القرآن ) .

الرجل تعامل مع موضوع القسم من منظور لغوي تاريخي ثم وصل إلى مدلول القسم في القرآن .
تلخيص ما قاله هو :-
القسم في المجتمعات كان دائما أداة لتأكيد العهود والمواثيق .

هذا النوع من التصديق على المعاهدات أخذ أشكال كثيرة منها المصافحة بالأيدي أو ذبح حيوان ونشر دمائه ( كما فعل موسى في سفر الخروج الإصحاح 24 كعلامة على عهد الرب مع بني إسرائيل ) .

هذه الأفعال كانت تتم أمام شهود وهذا هو صلب الموضوع كله .

لو نظرنا لأسلوب القسم في القرآن نجده يتكون من عنصرين :-
- المقسم به .
- المقسم عليه ( جواب القسم ) .
بين المقسم به وجواب القسم علاقة من نوع ما .
هذا العلاقة هي علاقة حجة أو دليل أو برهان أو شاهد .
بمعنى أن المقسم به يمثل برهانا أو شاهدا على المقسم عليه .

مثال :- ( والعصر – إن الإنسان لفي خسر – إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) :-
المقسم به هو :- العصر .
المقسم عليه أو جواب القسم هو : - إن الإنسان لفي خسر .
لو نظرنا سنرى أن أن كل القصص المذكورة عن العصور الماضية ( العصر ) تمثل شاهدا أو دليلا على أن الإنسان خاسر إلا الذين آمنوا .
أو بمعنى آخر أن مرور العمر هو الشاهد والدليل على أن الإنسان خاسر إلا الذين آمنوا .

مثال آخر :- ( والذاريات ذروا ) :-

جواب القسم هنا ( إنما توعدون لصادق ) .

فالرياح الشديدة والأعاصير هي الشاهد والدليل على أن الإنسان ( أي إنسان ) ليس في مأمن من الموت .

وعلى هذا فالقسم في القرآن هو أحد أدوات المنطق القرآنى وإن كنا لا ننكر دوره البلاغي .

ولكن بدون شك هناك قصور شديد في الدراسات المقدمة حول القسم في القرآن فمعظمها يغفل دوره كأحد أدوات المنطق في القرآن ويقتصر على الناحية البلاغية فقط .
نتمنى ألا يستمر ذلك إن شاء الله (1).


=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=

(1) بالنسبة لقول كامل النجار : ــ

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وكل اشكال القسم في القرآن ادخلت المفسرين في مأزق عندما حاولوا تفسيرها، فأغلبها يبتدئ ب "لا": " لا اقسم بيوم القيامة" و " لا اقسم بالشفق" و" ولا أقسم بالخنس". فالمفسرون قالوا ان " لا" زائدة، واراد الله ان يقول: " اقسم بيوم القيامة". وهذا خطأ لان الله ما كان ليحتاج ان يدخل "لا" زائدة في كل مرة يقسم فيها. لو حصلت مرةً واحدة لفهمناها، أما ان تحدث في كل مرة يقسم فيها فأمرٌ غير مستساغ. ولو تنبه المفسرون الى ان في الفترة التي جُمع فيها القرآن، لم تكن هناك علامات ترقيم في اللغة العربية، وان الآية كانت : " لأقسم" واللام هنا للتاكيد، مثل ان نقول " لأفعلن كذا"، ولكن لانها كُتبت بغير الهمزة على الالف، قُرئت " لا" فصارت لا اقسم بدل لأقسم

 

 



ــ الأستاذ كامل النجار يعلم جيداً ... أن لا (زائدة) وهى تستعمل للتوكيد .... وكثير من شعراء العرب قد استعملوها فى أشعارهم ... مثل قول الشاعر : ــ

تذكرت ليلى فاعترتني صبابة *** وكاد صميم القلب لا يتصدع

والمعنى أى يتصدع ...


لا وأبيك ابنة العامري *** لا يدعي القوم أني أفر

ــ بالنسبة لما يقوله الأستاذ من أن أصل (لا أقسم) أصلها لأقسم ... وأنه نظراً لغياب علامات الترقيم فى ذلك الوقت فقد تطور النص من (لأقسم) إلى (لا أقسم) !!!!

أقول للأستاذ أبوجهل النجار :ــ
1 ــ وهل تم ذلك فى جميع آيات القرآن التى تبتدىء بنفس الصيغة للقسم مثل: ــ
فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ــ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ــ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ــ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ــ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ــ َلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ــ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ )

هل حدث الخطأ فى كل هذه الآيات وعدلت من (لأقسم) إلى (لا أقسم) دون أن يلحظ ذلك أحد من حفظة القرآن من الصحابة والتابعين فى كل البلاد على مدار التاريخ ؟؟؟!!!

2 ــ نقطة أخرى تدل على الجهل الشديد لـ (كامل النجار) ... أنه لو كانت أصل عبارة(لا أقسم) هى (لأقسم) .. لوردت مقترنة بنون التوكيد وجوباً .. فتكون لأقسمنّ .. وليس لأقسم .. حيث أن الفعل وقع فى جواب القسم وقد جاء ( مثبتا مستقبلا متصلا بلام القسم) فكان اقتران نون التوكيد به واجباً . أما عدم اقتران الفعل (أقسم) بنون التوكيد فهذا دليل على عدم اقترانه بلام القسم أصلا (والتى افترض وجودها الأستاذ النجار) !!

3 ــ بعد أن وصل الهوس بهذا الدكتور (ولا أعلم أى دكتوراة تلك التى حصل عليها) بأن يضرب بكل علوم وقواعد اللغة عرض الحائط من أجل أن يأتينا بهذا الاكتشاف العجيب .. وأنه ( لا يوجد ما يسمى ب(لا الزائدة) فى القرآن وأن أصلها كان لام للقسم جاءت بعدها !!!!

ــ وفقاً لهذه النتيجة هل يستطيع الدكتور الجهبذ أن يقول لنا عن سبب وجود لا (الزائدة) فى هذه الآية الكريمة:

{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }

ــ ترى كيف سيفسر وجود (لا الزائدة) هنا ... وماذا كان أصل العبارة قبل أن تتطور ؟؟؟؟!!!

ــ شىء يدعو للشفقة حقيقةً على حال الدكتور وأمثاله!!!

 

 

قصص القرآن


يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولو افترضنا ان الحوت ابتلع يونس كاملاً، فاين وجد يونس الهواء ليتنفس ويعيش اياماً في بطن الحوت دون ان تهضمه العصارات الهاضمه في معدة وامعاء الحوت. والمشكلة الثانية ان القرآن يقول لولا ان كان يونس من المسبحين لظل في بطن الحوت الى يوم يبعثون . وهذا يقتضي ان يعيش الحوت ألاف او ملايين السنين، الى ان يُبعث الناس. والا فلو مات الحوت، مات يونس معه. فهل يُعقل ان يعيش الحوت الاف السنين؟ ولو افترضنا أن يونس، بمعجزة إلهية، قدر أن يتنفس في بطن الحوت لمدة ثلاثة أيام ولياليها، ما الفائدة من وراء هذه القصة؟ هل الغرض منها إقناعنا بأن الله قادر أن يصنع المعجزات وقد روى لنا القرآن عدة معجزات أخرى قام بها موسى وعيسى وغيرهم؟ أم الغرض منها شئ آخر يخفى علينا ؟

 

 





أولا يسأل :- كيف نجي يونس من العصارات الهاضمة ؟

نقول أن ( إلتقمه ) لا تعنى أنه وصل لمعدته .

ولو حدث فهذه حالات إستثنائية وليست قاعدة .

تماما مثلما اصبحت النار بردا وسلاما على ابراهيم .

وتماما مثلما يسقط إنسان من الدور العاشر ويظل حيا .

موضوع معجزات الأنبياء لا يتم طرحه هكذا .

بل إثباته نابع من إدراك لوجود خالق لهذا الكون .
ومن صفات هذا الخالق أنه على كل شيء قدير .

ولكن الفارق بين المؤمن بالله ومروجي الخرافات هو أن المؤمن بالله يدرك أن هذه الأمور حالات إستثنائية وليست قاعدة .
ودون هذه الحالات , فالكون محكوم بقوانين صارمة .

ثانيا :- يسأل عن معنى ( لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) :-

الآية لا تقول أن يونس و الحوت سيظلا أحياء إلى يوم القيامة .

الآية تقول أنه لولا لطف الله لمات يونس وأصبح الحوت قبرا له إلى يوم القيامة .

ثم يتساءل في النهاية :- ما فائدة هذه القصة ؟

القصة تشرح آية ( ..... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) .

وهذه الأمور يلاحظها كل الناس في حياتهم وعلاقتهم مع الله .
وإن كان د . كامل لا يلاحظها فهذا شأنه .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وهذه الاية المذكورة في سورة يونس أعلاه يصعب فهمها لان " الا" اداة استثناء، فنقول مثلاً: آمن الناس كلهم الا ابو لهب. واذا طبّقنا هذا على الاية المذكورة، نجد " الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي". ويُفهم من هذا ان الذين آمنوا قبلهم لم يرفع عنهم عذاب الخزي ولم ينفعهم ايمانهم. ولكن الجزء الاول من الاية يقول: " فلولا قرية آمنت فنفعها ايمانها". و " لولا" حرف امتناع لوجود. فنقول مثلاً: لولا النيل لكانت مصرُ صحراءً". فوجود النيل منع مصر من ان تكون صحراء. وبالتالي فلولا قريةُ آمنت، لعذبها الله، ولكن وجود ايمانها منع عذابها. يعني نفعها ايمانها. فلا مجال للاستثناء هنا، لان القرية التي آمنت نفعها ايمانها وقوم يونس نفعهم ايمانهم.

 

 





هذه هي الآية التي لا يفهمها د . كامل :-

(فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) ( يونس 98 ) .

كل القصص المذكور في القرآن عن الأنبياء السابقين حتى زمن نبي الله موسى نجده ينتهي بتكذيب القوم للنبي فينجي الله الانبياء ومن آمن معهم ويجعل الكافرين هم الأخسرون .
باستثناء حالة واحدة فقط في القرآن هم قوم يونس .
فإيمان قوم يونس أنجاهم من عذاب الخزي في الحياة الدنيا وهذا ما تقوله الآية باختصار .
فاستثناء قوم يونس ليس من ( القرى التي آمنت فنفعها إيمانها ) فهي الحالة الوحيدة عندنا .

ولكن إستثناءهم كان من باقي القرى عموما .

يقول الحافظ ابن كثير في تفسير الآية :-
(والغرض أنه لم توجد قرية آمنت بكمالها بنبيهم ممن سلف من القرى إلا قوم يونس، وهم أهل نينوى وما كان إيمانهم إلا تخوفاً من وصول العذاب الذي أنذرهم به رسولهم، بعد ما عاينوا أسبابه، وخرج رسولهم من بين أظهرهم فعندها جأروا إلى اللّه واستغاثوا به وتضرعوا له، واستكانوا، وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم، وسألوا اللّه تعالى أن يرفع عنهم العذاب الذي أنذرهم به نبيهم؛ فعندها رحمهم اللّه، وكشف عنهم العذاب ) .



 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ومن القصص ما هو رتيب وليس فيه ما يفيد المسلمين. فخذ مثلاً موسى لما قال لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرةً. سورة البقرة الاية 67 وما بعدها." يقول له قومه ادعوا لنا ربك يبين لنا ما هي". اخبرهم انها " بقرة لا فارض ولا بكر، عواناً بين ذلك". فسألوه عن لونها، فقال: " صفراء فاقع لونها يسر الناظرين". فقالوا اسأله مرة اخرى لان البقر تشابه علينا، فقال انه يقول: " بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها". قالوا الان جئت بالحق، فذبحوها. ماذا يستفيد الناس من مثل هذا القصص، ولماذا اصر الله على بقرة بعينها تُذبح له، ولماذا طلب ان تذبح له بقرة ؟ هل ارادهم ان يذبحوا له قرباناً كما كانوا يذبحون القربان للاصنام؟ وهل هناك أبقار صفر؟

 

 




د . كامل يقول ( لماذا أصر الله على بقرة بعينها تذبح له ؟ ) وهذا يعني لنا أنه لم يقرأ القصة أبدا !!

الآيات تقول :- (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ) :- كلمة بقرة جاءت نكرة لعدم التحديد ولكن عادة التلكؤ والمماطلة الموجودة في البشر جعلتهم يطرحون مزيد من الأسئلة ليضيقوا الخناق على أنفسهم .

ثم يتساءل ( هل هناك بقرة صفراء ؟ ) :-

بالتأكيد يوجد أبقار صفراء .
أم تراه لم ير سوى الأبقار الدنماركي ؟!


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولهذا نجد عدة اديان في هذا العالم الان لان الابناء يعبدون ما وجدوا آباءهم عليه، ويندر جداً ان يغير شخص دينه. وحتى لو فعل، ليس من المتوقع ان يطلب من ابويه ان يغيرا دينهما. وحتى لو طلب منهما ذلك يكون بامكانهما الرفض كما حدث عندما دعا ابراهيم اباه ان يترك عبادة الاصنام ويتبع دينه الجديد فرفض ان يترك عبادة اصنامه، وعندما طلب الرسول من عمه ابي طالب، وهو على فراش الموت، ان يسلم، رفض ابو طالب. فهل الخشية من ان يرهق الغلام والديه سبب كافي لقتله؟

ولماذا لم يقتل الله الابن الكافر الذي قال لوالديه أُف لكما، تخبراني اني سأخرج من القير وما هذه الا اساطير الاولين، واستغاث والداه بالله ولكن الله لم يقتله كما فعل نبي الله الخضر عندما خاف ان يُرهق الطفل والديه عندما يكبر: " والذي قال لوالديه أُفٍ لكما أتعدانني ان أُخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله، ويلك آمن ان وعد الله حق فيقول ما هذا الا اساطير الاولين" .
فهذا الغلام قال لوالديه المؤمنين ان دينكما أساطير الاولين، واستغاث والداه بالله ولم يقتله الله، فلماذا قتل نبي الله الخضر ذلك الغلام؟ وكما مر علينا في سورة لقمان عندما اوصى الله الانسان فقال: " وإن جاهداك على ان تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب اليّ". وهاهو الله يقول للانسان إن جاهدك ابواك على ان تُشرك بي فلا تطعهما. ونفس الشئ يمكن ان يُقال للابويين اذا جاهدهما ابنهما على ان يكفرا. فالقرآن هنا لم يقل للانسان اقتل من جاهدك على ان تُشرك بي، بل بالعكس قال له: " وصاحبهما في الدنيا معروفاً". فلا نرى عذراً لنبي الله الخضر في قتل الغلام.

 

 




واحدة من أهم القضايا المطروحة بين الناس هي قضية ( العدالة الإلهية ) .
هل هناك عدالة في هذه الحياة ؟
وما الذي نراه في نشرات الأخبار يوميا عن أطفال يموتون ومجاعات تجتاح بعض البلاد وزلازل تضرب أراضي كثيرة ؟
قصة موسى والخضر التي يراها الدكتور كامل سخيفة وغير مقنعة تضع إجابات على هذه الأسئلة بشكل قصصي بسيط .
القصة تلخص أن الإنسان رغم أنه لا يدرك سوى ما تحت قدميه ورغم أنه لا يرى سوى الحال إلا أنه دائما يتساءل عن المآل .
لو أنك فتحت كتابا ورأيت فيه حرفا واحدا فقط هو المقروء , فبأي حق تزعم أنك تستطيع شرح محتويات الكتاب ؟
الإنسان لا يدرك سوى حاله فقط , لحظته ومكانه ووعيه الشخصي . ولا يملك القدرة على تفسير مآل الأمور .

قد تمر يوما على عمال يقومون بهدم بناية ضخمة فتشعر بالضجر من التراب المنتشر والهواء المخنوق الملوث فتتسائل :- لماذا هذا العمل التخريبي ؟!
ولكنك لو رأيت مكان هذه البناية أصبح حديقة خضراء بعد مدة من الزمن لأدركت أنك كنت متسرعا ومغرورا في حكمك على الأمور .

وقد يدركك الموت بدون أن ترى الحديقة ولكن أحفادك يرونها فالكون ليس ملكك وحدك .

هذا بالضبط ما تقوله قصة النبي موسى والعبد الصالح .

د . كامل لا يفهم كل هذا وذهب يتشبث بالغلام الذي قتله العبد الصالح وهو يظن أن القرآن يأمر المسلمين بقتل الأولاد العصاة !!!
د . كامل لا يفهم أن هذا مثال نستخلص منه حكمة وليس حكما .
إذا كانت هذه طريقته في فهم الأمور فهو في مأساة حقيقية .



 





يقول د . كامل :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وقصص احياء الموتى تتكرر في عدة سور في القرآن. فهاهو ابراهيم في سورة البقرة الآية 260 يسأل ربه فيقول: " وقال ابراهيم رب ارني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً". وهاهم بنو اسرائيل لما قتلوا شخصاً قال لهم الله اضربوه بلسان البقرة التي ذبحوها لله، فأحيى الله الميت " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يُحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون .
وفي سورة الكهف نرى ان الله امات اهل الكهف ثلاثمائة سنة او يزيد ثم احياهم وكلبهم . وكذلك يخبرنا في سورة البقرة الآية 259 " او كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال انّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه " ولم يأسن طعامه. ويخبرنا القرآن كذلك ان عيسى قد احيى الموتى. وكل هذه القصص لن تُقنع شخصاً لم ير هذه المعجزات بام عينه. فما فائدة هذا التكرار هنا؟ هل كان محمد يتوقع أن يؤمن عرب الجزيرة لأنه أخبرهم بهذه القصص وكررها لهم؟

 

 





نتفق مع د . كامل أن هذه المعجزات ليست حجة على من لم يرها بعينه .

أما عن الفائدة من تكرارها في القرآن فمن السهل معرفته لو أجابنا عن السؤال الشهير :- ما أصل الحياة ؟

هذا سؤال يتردد منذ آلاف السنين . وهو واحد من الأسئلة الكبرى .

لو د . كامل النجار يمتلك إجابة أخرى غير الموجودة في القرآن فوقتها ننحني له احتراما ونوافقه أن البشر ليسوا في حاجة لقراءة مثل هذه الأمور .


 




يقول د . كامل حول الإسراء والمعراج :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فواضح من هذه الرواية ان محمداً كان نائماً فحلم انه ذهب من مكة الى القدس وزار المسجد الاقصى، الذي لم يكن موجوداً اصلاً قبل بعثة الرسول، فقد كان معبد سليمان في ذلك المكان. ومن هناك صعد الى السماء وراى ربه الذي فرض على المسلمين خمسين صلاة في اليوم وقبلها محمد، ولكن تدخُل موسى ادى الى تخفيضها الى خمس صلوات. فاذاً القصة كلها كانت حُلم، ولا يُعقل ان يطير محمد جسدياً من مكة الى السماء السابعة، ماراً بالقدس، ثم يرجع في ليلة واحدة.

وعائشة تخبرنا انه في ليلة الاسراء والمعراج ظل جسم الرسول جوارها في السرير حتى الصبح، لم يبرحه. وحتى الاسراء جسدياً من مكة الى المسجد الاقصى والرجوع الى مكة في ليلة واحدة، يصعب ان نصدق انه حدث في تلك الايام. انما المحتمل ان يكون اسراءً روحياً.

 

 





- في البداية يقول :- أن المسجد الأقصى لم يكن موجودا وقتها .
لكي نجيبه فلنقرأ أولا آية سورة الإسراء :-
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) :-

لعله لم ينتبه أن الآية تذكر أيضا ( المسجد الحرام ) .
لو فهمنا أن المسجد هو مبنى وجدران ومئذنة كما يفهم د . كامل فهل كان حول الكعبة مسجدا وقتها بهذه المواصفات يسمى ( المسجد الحرام ) ؟
المسجد الحرام تم بناءه لاحقا حول الكعبة ولم يكن موجودا وقت الرسول .
كلنا يعرف أن كلمة ( مسجد ) هي اسم مكان على وزن (مفعل) وليست بناءا وجدرانا ومئذنة .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ) . فهل الأرض لها جدران ومئذنة ؟!


- ثم يقول أن قصة الإسراء كانت حلما وليس حقيقة بدليل أن السيدة عائشة كانت تقول أن جسد الرسول لم يتحرك ليلتها :-
تعالوا ننقل الرواية من سيرة إبن اسحق ثم نناقشها متنا وسندا :-

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ( حدثني بعض آل أبي بكر ‏‏:‏‏ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ‏‏ ما فُقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أسرى بروحه ) :-

‏‏ كما ترون كلمة ( بعض آل أبي بكر ) يعني أن هناك راو مجهول وهذا يسقط الرواية من ناحية السند .

أيضا رحلة الإسراء كانت في مكة قبل الهجرة بسنة و السيدة عائشة رضي الله عنها لم تصبح زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم سوى بعد هجرته للمدينة .

كما ترون فرواية ابن اسحق الذي يستشهد بها د . كامل ساقطة سندا ومتنا .

دائما كنت أتعجب وأنا أقرأ أن كثيرين يحصرون أمر إسراء ومعراج النبي صلى الله عليه وسلم في نوعين فقط من التجارب :- إما رحلة مادية بالجسد وإما حلم أثناء المنام .

هل لا يوجد بديل ثالث ؟

الرحلة طبعا ليست مادية فالتفاصيل في السنة الصحيحة تتجاوز كل قوانين المادة والزمن والمكان .
وأيضا ليست حلما ليس فقط لأن الروايات التي تؤيد كونها حلما غير صحيحة ولكن لأن تفاصيل سورة النجم تستخدم عبارات تدل على إدراك حقيقي :-

( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى - أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى - وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى – عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى - عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى - إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى - مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى - لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) .

يبقي أمامنا بديل ثالث بسيط نفهمه من سورة الإسراء :- ( لنريه من آياتنا ) ,

وكذلك من سورة النجم :- ( ولقد رأى من آيات ربه الكبرى ) -
( الفؤاد ما رأى ) – ( ما زاغ البصر) .

هي إذن تجربة حقيقية إدراكية واعية حتى وإن كانت بدون جسد مادي .
ولكن ما نوع هذه التجربة ؟ فالله أعلم .

 

الأخطاء التاريخية والحسابية


سيفرد الرجل بعد ذلك صفحات تحت عنوان ( الأخطاء التاريخية في القرآن ) .
تجده يجمع كل ما خالف فيه القرآن الكتاب المقدس ويعتبره خطأ تاريخي !!!!
لم أعرف من قبل عالم تاريخ يقول أن الكتاب المقدس يعد مصدر تاريخي .
في الحقيقة د . كامل النجار ينقل ما يقوله ابن وراق خطوة بخطوة رغم أن ابن وراق ينقل من كتاب القس كلير تسدال ( المصادر الأصلية للقرآن ) وهو كتاب غير منهجي وغير علمي .
( St. Clair Tisdall, The Original Sources Of The Qur'ân)
طالما الأمر كذلك فبإمكان أي إنسان أن يتعامل مع كل ما يخالف إنتماءه الديني على أساس أنه ( خطأ تاريخي ! ) .
على أي حال سيكون لنا تعليق حول كتاب هذا القس لاحقا .
ثم يعيد د . كامل بعد ذلك الكلام القديم الممسوخ القديم عن أخطاء حسابية في القرآن .
لو لم أكن أعرف مصادر د . كامل لظننته مسيحيا يكذب علي قراءه .
لم أجد في الأخطاء التاريخية والحسابية المزعومة في القرآن شيء يستحق التعليق لذلك سأنتقل لموضوع آخر(1) .


=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=

للاستزادة حول هذا الموضوع يرجى الاطلاع على الروابط التالية : ــ

http://www.ebnmaryam.com/history.htm


http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det_bot&id=44&select_page=rodod


http://www.islamqa.com/index.php?ref=31865&ln=ara

 

 

الفصل الخامس ( الإسلام والعلم )


أحب أن أقول شيئا صغيرا في البداية :-
من يزعم بوجود خطأ علمي في القرآن فهو ملزم بالقرآن فقط ( تفسير القرآن بالقرآن ) ونفس الشيء لمن يزعم بوجود إعجازا علميا في القرآن , فلا مجال هنا لرأي شخصي أو آراء بعض الأشخاص .
واحد من أشهر الكتب التي تناولت موضوع العلاقة بين العلم والكتب المقدسة هو كتاب د . موريس بوكاي ( القرآن و الكتاب المقدس والعلم ) .
كتاب د . بوكاي حقق شهرة كبيرة في الغرب في فترة الثمانينات والتسعينات لا تقل عن شهرة مؤلفه كطبيب وأنا مازلت أراه أفضل من تناول هذا الموضوع بشكل محايد رغم ما قيل عنه ومازال يقال .
تناول الدكتور بوكاي في كتابه النصوص المقدسة برؤية كانت جديدة وقتها وجمع في كتابه معظم النقد الذي واجه الكتاب المقدس في أوروبا في هذه الفترة وما قبلها ولكنه كان منبهرا بأن القرآن كان خاليا من هذه السقطات .


كتب طبيب أمريكي مسيحي إسمه ( د . وليم كامبل ) في بدايات التسعينات كتابا تعرض فيه لما جاء في كتاب د . بوكاي ودافع فيه عن الكتاب المقدس وإستخرج من القرآن بعض الآيات رأى أن بها أخطاء علمية .

هذا الباب من كتاب د . كامل النجار مقتبس بالكامل من كتاب د . كامبل .

قبل أن نبدأ مع د . كامل النجار نشير أن كتاب د . كامبل يحمل إسم ( القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم ) وهو موجود مترجم بالعربية على مواقع الإنترنت المسيحية .


نبدأ مع د . كامل :-



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وألان أنظر ما ذا يقول القرآن: " قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق ألارض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيامٍ سواء للسائلين. ثم أستوى الى السماء وهى دخان فقال لها وللارض إئتيا طوعاً أو كُرهاً قالتا أتينا طايعين. فقضهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماءٍ أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم".
فالله هنا خلق ألارض وهي كوكب واحد في يومين، ثم جعل فيها رواسي وقدر فيها أقواتها وبارك فيها في أربعة أيام، ثم استوى الى السماء وهي دخان، وخلق كل هذه المجرات التي ذكرنا سابقاً والشمس وبلايين النجوم التي يصل حجم بعضها الى ملايين المرات مثل حجم الشمس، التي يبلغ حجمها 300000 مرة حجم الارض، وخلق كذلك عدة كواكب منها عدد يشبه أرضنا، ربما سيكتشفها العلم في المستقبل، كما يقول الدكتور موريس، خلق كل هذا في يومين فقط. فهل يتفق هذا مع العلم الحديث؟
وكذلك يقول الدكتور ان المحيطات والماء ظهر على الارض قبل حوالى نصف بليون عام تقريباً. فإذاً النباتات ظهرت قبل نصف بليون سنة على أكثر تقدير، وقد يكون أقل من ذلك بكثير. فإذاً تقدير أقوات الارض لم يتم الا قبل بضع ملايين من السنين في حين أن ألارض عمرها أربعة بلايين ونصف البليون سنة. وبما أن الله لم يخلق السماء إلا بعد أن اكمل تقدير قوت الارض، نستطيع أن نقول أن ألسماء عمرها لا يزيد عن بضع ملايين سنة. ولكننا نعرف ألان أن عمر مجرتنا عشرة بلايين من السنين، ناهيك عن المجرات ألاخرى. فأين علم القرآن هنا من العلم الحديث؟

 

 





الرجل بنى كل افتراضه من البداية على أن الله (خلق السماء في يومين ) وقفز قفزة عجيبة بدون أن يوضح كيف فهم ذلك من الآيات .
هل معني ( استوى إلى السماء ) يشير إلى أن السماء لم تكن موجودة أم يشير إلى أن السماء كانت موجودة بالفعل ؟ بالطبع كانت موجودة . هذه هي الآيات كاملة :-

( ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ - فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) .
الآية تقول (فقضاهن سبع سموات في يومين ) بعد أن أشار أن السماء كانت موجودة من قبل ( استوى إلى السماء ) وعلى هذا فمن أين جاء د . كامل أن الله خلق السماوات في يومين ؟ .


الرجل نتيجة لفهمه الخاطيء افترض ايضا أن خلق الارض وتقدير أقواتها تم قبل خلق السماء وهذا جعله يقع في خطأ آخر عندما يقول :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ثم أنظر الى سورة النازعات، ألآيات 27-33:
27- " أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها"
28- " رفع سمكها فسواها"
29- " وأغطش ليلها وأخرج ضحاها"
30- " وألارض بعد ذلك دحاها"
31- " أخرج منها ماءها ومرعاها"
32- " والجبال أرساها"
33- " متاعاً لكم ولانعامكم
وألآية 31 تخبرنا انه أخرج من الارض ماءها ومرعاها بعد أن خلق السماء، وبما أن النباتات لا تنمو إلا بالماء، فإن الله يكون قد خلق السماء والنجوم قبل ان يسطح الارض ويخرج منها النبات الذي هو أقوات ألارض. وهذا كذلك عكس ما أخبرنا القرآن سابقاً، إذ أنه قال أن الله قد قدر أقوات الارض في اربعة أيام قبل أن يخلق السماء في يومين .

 

 





هكذا تجد د . كامل يتخبط تخبط شديد .
فالإفتراض الخاطيء من البداية جعل كل نتائجه التالية خاطئة .
وحتى هذه الآيات في سورة ( الذاريات ) لا يفهم منها ان الأرض تم خلقها بعد خلق السماء .
فالله عندما يقول ( والأرض بعد ذلك دحاها – أخرج منها ماءها ومرعاها ) نفهم منها أن عملية إعداد الأرض وتمهيد سطحها للحياة تمت في مرحلة لاحقة لعملية خلق الشمس ( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها )

ولكن لا يفهم منه أبدا أن السماوات خلقت قبل بدء خلق الأرض ( فتمهيد الارض شيء وبداية خلقها شيء آخر ) .

الآيات تقول ببساطة أن تمهيد سطح الأرض ( والأرض بعد ذلك دحاها – أخرج منها ماءها ومرعاها ) تم بعد إكتمال خلق الشمس وربطها بالأرض ( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ) .

ولكن دعونا نسأل سؤالا :-
أيهما تم خلقه أولا :- الأرض ام السماوات ؟
ربما البعض مهتما بمعرفة ما يقوله القرآن تحديدا في هذه النقطة لأن هذا من الطعون التي تم توجيهها لسفر التكوين في الكتاب المقدس .

كل ما يفهم من القرآن حول هذا الموضوع هو ان الأرض والسماوات كانتا تمران بمراحل خلقهما في نفس الوقت بشكل متوازي .

فالقرآن يذكر حينا ( السماوات والأرض ) وحينا أخرى ( الأرض والسماوات ) وحرف الواو ليس للترتيب الزمني .

أما الآيات التي تذكر حروف الترتيب الزمني كالآيات السابقة : حرف ( ثم ) في سورة ( فصلت ) وظرف الزمان ( بعد ذلك ) في سورة ( النازعات ) فقد شرحناها ورأينا أن إحداهما لم تخلق قبل الآخرى .

الأمر ليس غامضا لهذا الحد فالأرض في الغالب كانت جزءا إنفصل عن الشمس .

يجب أن نعرف أن المادة التي نشأت منها الأرض هي نفس المادة التي نشأت منها السماوات .

وعلى هذا لن تجد في القرآن أبدا أن خلق أحدهما بدأ قبل الآخر وإنما صحح القرآن الخطأ في سفر التكوين وأوضح أن خلق الشمس ( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ) تم قبل تقدير أقوات الأرض وخلق النبات ( والأرض بعد ذلك دحاها . أخرج منها ماءها ومرعاها ) .

بالمناسبة :- كل هذه الأمور أوضحها الدكتور بوكاي في كتابه ولا أعلم ما الذي قرأه د . كامل إذن ؟!! .

بخصوص أيام الخلق الستة فبديهي جدا أنها غير الأيام الارضية ( ليل ونهار ) فالشمس والأرض لم يكونا قد خلقا بعد .

أما ما هو مقدار هذه الأيام بمقياسنا الأرضي ؟ فالحقيقة هي أن القرآن لم يخبرنا بهذا الأمر .

البعض يظن أن اليوم من أيام الخلق يساوي ألف سنة (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) :- ولكن هذه الآية تتحدث عن ( يوم القيامة ) .

البعض الآخر يظن أنه خمسين ألف سنة ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) ولكن هذه الآية أيضا تتحدث عن شيء آخر .

كل ما نفهمه من هذه الآيات أن الزمن هو شيء نسبي .

تعرفون هذا السؤال الفلسفي:- هل للزمن وجود موضوعي خارج وعينا أم لا وجود له إلاّ في الوعي ؟

فالماديون يقرون بوجود موضوعي للزمن بينما المثاليون يعتبرون أنه لا وجود للزمن سوى في وعينا البشري .

القرآن ايضا أثار موضوع الزمن في كثير من الآيات . فمثلا :- (قالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّه ) .

فهذه الآية تخبرنا أن الله يتحكم في الزمن بطريقة المد والجزر فهو قبضه في موضع وبسطه في موضع آخر رغم أن كل هذا في نطاق الدنيا المعروفة لنا .

وكذلك ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ) :-

هنا الحديث عن الاضطراب الذي يحدث للإحساس بالزمن عند الإنتقال إلى الآخرة .

على أي حال ما أود تلخيصه هنا أن مفهوم أيام الخلق في القرآن قد يكون من الصعب إدراكه لغموض مفهوم الزمن ككل ولذلك نكتفي بالقول بنسبية الزمن .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة هود الآية السابعة نجد: " وهو الذي خلق السموات والارض في ستة ايام وكان عرشه على الماء". وسئل ابن عباس، كما يقول ابن كثير في تفسيره، عن قوله " وكان عرشه على الماء" على اي شئ كان الماء؟ قال: كان على متن الريح. فاذاً اول شئ خلق الله كان الريح ووضع عليها الماء ثم وضع عرشه على الماء قبل أن يخلق الارض والسماء .
ذه طبعاً فكرة مأخوذه من اليهودية. ففي سفر التكوين، الاصحاح الاول، نجد في البدء خلق الله السموات والارض وكانت الارض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلامٌ وروح الله يُرف على وجه المياه. وقال الله: " ليكن نورٌ، فكان نورٌ. وراى الله ان النور حسنٌ. وفصل الله بين النور والظلام. وسمى الله النورَنهاراً، والظلامُ سماه ليلاً. وكان مساءٌ وكان صباحٌ: يومٌ أولٌ.
وحتى اليهودية ربمااخذت الفكرة من البابليين القدماء، الذين قالوا، كما رأينا في المقدمة، ان الآلهة ظهروا، كل إلآهين مع بعض، من ماء مقدس كان موجوداً منذ القدم. واكبر ثلاثة من الآلهة كانوا: أبسو Apsu" إله المياه العذبة، وزوجته " تيامات Tiamat" إلهة المياه المالحة، و " مومو Mummu" إله الفوضى. وخلقت الالهة بقية العالم .

 

 




عندما تم العثور على اسطورة التكوين البابلية ( إنيوما إليش ) إرتفعت السهام إلى سفر التكوين في الكتاب المقدس متهمة إياه بسرقة هذه الاسطورة للتشابه الكبير بينهما .

ورغم أنني لا أستبعد أن هذه الأسطورة هي وحي من الله نظرا للدقة العلمية فيها ولكن هناك من أساء فهمها وكذلك لا أستبعد تأثر اليهود بهذه الأسطورة وقت السبي البابلي . ولكني أريد أن أتسائل سؤال منطقي :-

ما هو التشابه بين موضوع الخلق في القرآن وهذه الأسطورة ؟!!

لا يوجد أدنى تشابه بين موضوع الخلق في القرآن المكرر في أكثر من سورة وهذه الأسطورة أو سفر التكوين .

هل تجد في القرآن موضوع ( جلد السماء ) و ( المياه العذبة ) و ( المياه المالحة ) و ( الماء الذي يغطي سطح الارض ) ؟! أين يجدون كل هذا في القرآن ؟!

عندما نحاكم القرآن فنحن نحاكم ما يقوله القرآن وليس قول المفسرين .

أمامنا آية هي :- ( وكان عرشه على الماء ) :-

هل نستطيع أن نتأكد من صحة هذه الآية علميا ؟ الإجابة لا .

أمامنا آية أخرى وهي :- ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) :-

هل العلم ينفي هذه الآية ؟ الإجابة لا بل الشواهد تؤيدها إلى حد كبير .

إذن ليس من حق د . كامل أن يزعم أن هناك خطأ في القرآن أو أن القرآن إقتبس شيئا من الآخر بدون دليل .
أم هي الرغبة في جر الجميع لنفس المستنقع ؟!


 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ويستمر تسلسل الخلق في القرآن فيقول في سورة الذاريات، الآية 47: " والسماء بنيناها بايدٍ وانا لموسعون". فالله قد بنى السماء اما بأيديه او كلف الملائكة ببنائها. وهذا دليل قاطع ان السماء صلبة وبُنيت بايدٍ، وقال الله هذا القول لتأكيد ان السماء صلبة، لانه في العادة اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون. فلو اراد الله للسماء ان تكون لقال لها: كوني، فكانت . لكنه للتأكيد قال بنيناها بأيد.
وهناك من يقول أن السماء هو كل ما سما فوقك أي أرتفع، وبالتالي يكون الهواء سماء. ولكن الدليل ان السماء صلبة نجده في سورة الحج كذلك، الآية 65: " ويمسك السماء ان تقع على الارض الا بإذنه". وطبعاً لا يمكن ان يقع الهواء على الارض، فلا بد ان تكون السماء صلبة لتقع على الارض.
وهناك دليل آخر في سورة الانبياء، الآية 104: " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب". فلا بد ان تكون السماء صلبة ومسطحة حتى يتسنى له أن يطويها كطي الصحيفة. فكل هذه الآيات تخبرنا ان السماء صلبة ومحسوسة وبنيت وسوف تُطوى كطي السجل.

 

 





د . كامل يقول أن جملة ( بنيناها بأيد ) معناها أن السماء صلبة !

ثم ذهب يقول أن القرآن كله دلائل على هذا القول !!

في البداية لابد أن نشير أن القدماء كانوا يظنون أن السماء عبارة عن طاسة ( Bowl ) زرقاء صلبة فوق الأرض وهذا ثابت في آثار الإغريق والرومان .

البعض كان يظن أن هناك نبتة ( شجرة ) ضخمة تسند هذه الطاسة والبعض الآخر قال بل هناك جبل ضخم يسندها .

اقرءوا معي آية كهذه :- (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ) :-

لفظ ( السماوات ) يوحي أنها ليست سماءا واحدة وبالتالي ليست طاسة صلبة .

لفظ ( في السماوات ) يوحي أن السماوات فيها أشياء وهذا يعني أنها مكان (space ) وليست طاسة صلبة .


نذهب لآية أخرى :- (مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ - تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) :-

نحن لم نرى ملائكة من قبل ولكن القرآن يخبرنا أن معراجها ( صعودها ) في السماء يستغرق خمسين ألف سنة وهذا يدلنا أن السماء بمعارجها فضاء عظيم ( space ) وليس طاسة زرقاء .

تعالوا لآية أخرى :- (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) :-

كلمة ( أقطار السماوات ) معناها نواحي السماوات وهذا يشير أن السماوات مكان (space ) وليست طاسة صلبة .

اتفقنا أن لفظ ( السماوات ) مجرد كونه جاء بصيغة الجمع في القرآن ينسف تماما المفهوم القديم ويدلنا أن السماوات هي مكان ( Space ) .
أما لفظ ( سماء ) فله في القرآن معاني كثيرة كل حسب سياق الكلام .

نعرف أن القرآن جاء بلفظ ( السقف المحفوظ ) ومعناها في الغالب الغلاف الجوي المحيط بالأرض والله أعلم وربما هذا هو المقصود كذلك من لفظ ( السماء ذات الرجع ) لأننا لو تسائلنا ما هو الذي يحفظ الأرض ويرجع عنها بعض الأضرار الكونية فلن نجد سوى الغلاف الجوي .


ما حكاية سقوط السماء على الأرض إذن ؟


نبدأ أولا بآية كهذه :-

(وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) :-
الحجارة الساقطة من السماء هي الأحجار الكونية أو مجموعة النيازك التي من الممكن أن تسقط على الأرض وهذا يحدث أحيانا .

نفس المعنى السابق نجده هنا :-
( فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) [الشعراء : 187] .

ولكن أنظر إلى هذه الآية :-
(أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً ) .
هذه الآية أيضا تتحدث عن الشيء ذاته ولكن بأسلوب بلاغي آخر هو المجاز .
فتعبير ( كسفا من السماء ) الذي يستعجلون بسقوطه تغير إلى سقوط ( السماء كسفا ) .

فالسماء التي هي مكان الكسف ( الحجارة الكونية ) لا تسقط , ولكن الذي يسقط هو الحجارة لذلك نقول ان هذا مجاز مرسل علاقته المكانية أو المحلية .

مثال آخر :- (يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً ) :-

فالله يرسل المطر مدرارا ( غزيرا ) وليس السماء التي هي مكان المطر . لذلك نقول ان هذا مجاز مرسل علاقته المحلية أو المكانية .

نأتي إلى الآية التي ذكرها د . كامل النجار :-

(وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) :-

هذه الآية تتحدث عن الشيء ذاته أن من رحمة الله بالبشر أن يمنع سقوط أشياء من السماء
( الحجارة الكونية ) على الأرض إلا لو أذن بذلك كعقاب لبعض الأمم ( إلا بإذنه ) وهذا هو الحكمة من ختام الإية بصفتي الرأفة والرحمة .


فلفظ ( السماء ) هنا هو مجاز مرسل عن ( الحجارة الكونية أو الكسف ) علاقته المحلية أو المكانية .

بعض المدارس الإسلامية ترفض وجود ( المجاز ) في القرآن ولكنهم بالتالي مطالبون أن
يفسروا لنا آية كهذه :-
(وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ )
( يوسف 82 ) .


هل المقصود ( القرية ) أم ( سكان القرية ) ؟
هل المقصود ( العير ) أم ( من فوق العير ) ؟


على العموم , فلنسميه شيئا آخر غير ( المجاز ) ولكن لا يوجد أدنى شك في أن هذا الأسلوب موجود في القرآن بكثرة .

ما أود قوله أن لفظ ( السماء بناء ) هو في حدود ما وصلنا من علوم لفظ رائع ودقيق فالسماء بناءا بالفعل والسماء نسيجا محبكا ( والسماء ذات الحبك ) .

أنا لا أنكر أن هناك أوصاف للسماوات في القرآن غامضة بعض الشيء وذلك لأننا لا نعرف شكل الكون ولا حدوده ( إن كان له حدود ) لذلك فنحن نتعامل مع الأوصاف القرآنية في القرآن حسب حدود مداركنا .



 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

واذا نظرنا الى خلق الارض، نجد في سورة الحجر، الاية التاسعة عشر: " والارض مددناها والقينا فيها رواسي وانبتنا فيها من كل شئ موزون ". ويقول ابن كثير في تفسير هذه الاية: مد الارض يعني وسّعها وبسطها وجعل فيها من الجبال الرواسي. وفي سورة الرعد، الآية الثالثة: " وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ". وفي سورة الانبياء، الآية 31: " وجعلنا في الارض رواسي ان تميد بهم ". وفي سورة النحل، الآية الخامسة عشر: " والقى في الارض رواسي ان تميد بكم وانهاراً وسبلا ". وفي سورة لقمان، الآية العاشرة: " خلق السماء بغير عمد ترونها والقى في الارض رواسي ان تميد بكم ". وفي سورة النازعات، الآية 27-29: " أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها واخرج ضحاها والارض بعد ذلك دحاها ". و دحا، يدحو، تعني " سطّح " او " بسط "، كما يقول الشاعر، وهو يصف خبازاً يسطح عجينة الخبز المكورة ليجعلها مستديرة كالقرص قبل أن يضعها في الفرن:
إن انسى لا انسى خبازاً مررت به يدحو الرقاقة وشك اللمح والبصر
ما بين رؤيتها في كفه كُرةً وبين رؤيتها غوراء كالقمر
الا بمقدار ما تنداح دائرةٌ من الماء يُلقى فيه بالحجر
وكذلك في سورة الشمس، ألآية السادسة: " والسماء وما بناها، والارض وما طحاها". ويقول القرطبي في تفسيره: طحاها يعني بسطها من كل جانب، مثل دحاها، قاله كذلك الحسن ومجاهد وغيرهما.

 

 





لو قمنا بترجمة كلمة (earth ) إلى العربية فسنقول ( الأرض ) .
كلمة (Land ) كذلك تترجم إلى الأرض .
كلمة (ground ) تترجم إلى الأرض .

عن أي أرض تتكلم الآيات ؟

الآيات التي جاء بها د . كامل النجار لا تصف شكل كوكب الأرض ولكنها تتحدث عن مراحل تمهيد سطح الأرض ( أكرر : سطح الأرض ) ليكون مناسبا للحياة .

تعالوا ننظر إلى هذه الآية :-

( وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ) :-

واضح تماما أن الآية تتحدث عن سطح الأرض وتكوين الجبال والأنهار . كيف فهم د . كامل أن الآية تصف شكل كوكب الأرض ؟!

فكرة تمدد الأرض هي فكرة علمية معروفة أول من قال بها هو الألماني ألفريد لوثر سنة 1912 فسطح الأرض قديما مر بمراحل تمدد نتج عنها ليس فقط ظهور الجبال بل وأيضا تكون أودية الأنهار .

كلمة ( مد ) أو ( مددناها ) يشير إلى إزدياد مساحة سطحها . هذا واضح في آية أخرى :-

(أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ) :-

( مد الظل ) هو شيء يراه الجميع بعينه وهو يزداد في مساحة سطحه وليس في حاجة لشرح .

أنظر إلى الآية مرة أخرى ولاحظ العلاقة بين مد الأرض وظهور الجبال والأنهار :-

( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً ) .
( وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ) .

ثم اقرأ شرحا مبسطا لتمدد قشرة الأرض قديما وعلاقة ذلك بتكون الجبال والأنهار :-


The Expanded Earth, Benchmark Publishing & Design, Windsor, Ontario,
Canada,

http://www.wincom.net/earthexp/n/rivers.htm

كذلك لو نظرنا إلى كلمة ( دحاها ) فلا بد أن نضعها في سياق الآيات لنعرف أن الكلام عن مرحلة تمهيد سطح الارض للحياة وليس وصفا لشكل كوكب الأرض :-

وَالاَْرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَـهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَـهَا (32) مَتَـعاً لَّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ (33) .

هذه الآيات تتحدث أيضا عن تمهيد سطح الأرض وليس عن شكل الكوكب الأرضي .

ولكن أين يوجد في القرآن وصف لكوكب الأرض بأنه كروي الشكل ؟

في هذه الآية الشهيرة :-

( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ) .

آية سورة الزمر هذه اتفق الجميع أنه لا يوجد لها معنى سوى أن الأرض كروية .

السياق يتحدث عن علاقة الأجرام ببعضها البعض وعن حركة الشمس والقمر ( وليس عن سطح الأرض كالاقتباسات المخادعة للدكتور كامل ) .

لو سألنا أي انسان :- ما الفائدة من كون الأرض كروية الشكل ؟

صدقوني لا توجد اجابة سوى لسهولة تعاقب الليل والنهار .

فلو وقف الإنسان في منطقة تقع خارج نطاق الكرة الأرضية، ونظر إلى مشهد حركة الأرض حول نفسها وتكون الليل والنهار اللذين يطوقان سطحها المكور سيعرف معنى الآية .

لفظ ( يكور ) جاء بصيغة المضارع لاستمرار دوران الأرض حول نفسها واستمرار تعاقب الليل والنهار .

الآية بديعة بدون أدنى شك ولو طلبنا من أحدهم ان يأتي لنا بمعنى آخر للآية ينفي أن الأرض كروية وتدور حول محورها فلن يستطيع .

ولكن لماذا يصف الله الأرض باليل والنهار ؟

الإجابة بسيطة وهي أن الناظر للأرض من مكان خارجها ( منظر فضائي ) سيراها تنقسم لنصفي كرة . نصف مضيء مواجه للشمس يسميه القرآن نهارا ونصف مظلم بعيد عن الشمس يسميه القرآن ليلا . ( للأسف لا أملك صورة ) .
وعلى هذا نفهم أن القرآن يتعامل مع مصطلحي الليل والنهار كمكان وليس فقط زمان .

بالمناسبة :- وجود هذه الآية في القرآن جعلت المسلمين الأوائل يتلقون خبر إكتشاف كروية الأرض بشكل طبيعي بعكس الفتنة التي حدثت في أوروبا .


 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة الكهف عندما يتحدث القرآن عن ذي القرنين في الآية 86: " حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين اما ان تعذب واما ان تتخذ منهم حسناً ". فهذا هو ذو القرنين مشى في الارض حتى بلغ مغرب الشمس ووجدها تغرب في عينٍ حمئة. وقال المفسرون انه وجدها تغرب في طينٍ اسود. وطبعاً اذا لم تكن الارض مسطحةً فكان لابد لذي القرنين ان يصل احدى المحيطات( إذ أن سبعين بالمائة من سطح الارض تغطيه المحيطات) ويرى الشمس تغرب في الافق و يتبين له كانها تغرب في المحيط. ولكن لان الارض في نظرهم مسطحة، وصل ذو القرنين آخرها ووجد الشمس تغرب في طين اسود.

 

 




د . كامل يريد أن يقول أن القرآن كان يظن أن الأرض مسطحة ( Flat ) بدليل أن ذو القرنين وصل آخر حدودها والأرض طبعا ليس لها حدود .
هو استنتج ذلك من عبارة ( بلغ مغرب الشمس ) .
سنجعل الآيات فقط هي الحكم بيننا ولا دخل لنا بأقوال المفسرون فكل يتحدث بعلوم عصره .

الآية 86 تقول (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) :-

كل ما تقوله الآية أن الرجل وصل مكانا وقت الغروب رأى الشمس تختفي وراء بحيرة من الطين أي أنه وصل مكانا فيه مستنقعات .

لو الآيات تقصد أن تقول أنه وصل نهاية الأرض فكيف نفسر الآيات التالية التي تقول :-

( ثمَّ أَتْبَعَ سَبَباً - حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً )

لاحظ هنا أن الآية 90 تقول أنه سار في طريقه بعد ذلك حتى وصل مكانا آخر وقت طلوع الشمس.

ترى كيف أكمل طريقه طالما القرآن يقول أنه وصل لنهاية الأرض حسب قول د . النجار ؟


ثم الآية 93 تخبرنا أنه بعد ذلك اكمل طريقه مرة أخرى حتى وصل مكانا (حتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) :
من كل ذلك نفهم أن الرجل يحمل الكلمات أكثر مما تحتمل معانيها .

المقصود من ( بلغ مغرب الشمس ) هو أن الشمس كانت وقت الغروب عندما وصل للمستنقعات .


 





يقول د . كامل :-



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وبما انهم كانوا يعتقدون ان الارض مسطحة، نجد القرآن يخبرنا ان الله ألقى في الارض رواسي كي لا تميل بنا. ونفهم من هذا ان الله ألقى الجبال من السماء على الارض، لان الالقاء يكون من اعلى الى اسفل. ولكننا ألان نعلم ان الجبال لم تُلقى بل ارتفعت من داخل الارض نتيجة البراكين العديدة عندما كانت الارض ساخنة بعد انفصالها من الشمس.

 

 






أولا :- قوله ( ألقى في ) معناها ( جعل ) وهذا واضح في آيات أخري :-

( سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) :-

فهل الرعب ينزل من اعلى لأسفل كما يقول د . النجار أم يظهر من مكانه ؟

الدليل الآخر على أن ( ألقى في ) معناها ( جعل ) هي آية اخرى تتحدث عن الجبال أيضا تقول :-
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً ) الرعد 3 .

ربما لو قال الله ( ألقى على ) يكون قول د . كامل صحيح ولكن ( ألقى في ) لا يشير أبدا إلى تحديد اتجاهات .

ثانيا :- كما قلنا من قبل أن تمدد قشرة الأرض في بداية تكوينها احدث فيها تصدعات وزلازل نتج عنها تكون الجبال من ناحية وتكون أودية ومناطق منخفضة من ناحية أخرى حتى هدأت قشرت الأرض بعد هذه التغيرات .

وعلى هذا تكون العلاقة بين الجبال وتحرك قشرة الأرض كالتالي :-

تحرك القشرة -----> تكون جبال -----> سكون لتحرك القشرة .

إذن الجبال هي نتيجة لتحرك القشرة وفي نفس الوقت سبب توقف هذه التحركات .

فليس معنى كون الجبال هي نتيجة لتحرك قشرة الأرض أنها ليست سببا في إستقرارها .
فظهور الجبال هو سبب ونتيجة في نفس الوقت .

بمعنى آخر :- ماذا سيحدث لو رفعنا كل الجبال من سطح الأرض ؟
الإجابة ببساطة أن قشرة الأرض ستمر بسلسلة من التحركات والزلازل مرة أخرى .

وعلى هذا فكلام الدكتور كامل غير دقيق .



 




يقول د . كامل :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وبمناسبة الحديث عن السماء، دعنا ننظر للآية 43 من سورة النور: " ألم تر ان الله يزجي سحاباً ثم يُؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء".ٍ يقول ابن كثير: من جبال فيها من برد معناه ان في السماء جبال بَرَد ينزل الله منها البَرَدَ. ". ( أنظر تفسير أبن كثير للآية). ولكن الدكتور موريس يقول في شرح هذه ألآية: " أن الله يُنزل من السماء جبال برد". وهذا طبعاً تغيير كامل للآية التي تقول: " وينزل من السماء من جبال فيها من برد ونحن نعرف الان ان ليس في السماء جبال من ثلج ينزل منها البَرَدُ او الجليد. والبَرَد هو عبارة عن قطرات مطر تجمدت اثناء نزولها من السحاب لشدة برودة الطقس، وكذلك الجليد يتكون عندماء يكون الطقس بارداً ولكن اقل برودة من الطقس الذي يسبب البَرَد . فالعلم هنا ابعد ما يكون عن منطق القرآن .

 

 




لو تعاملنا مع الآية بأبسط طرق الفهم فنجدها تقول في هذا المقطع :-
(وينزل من السماء من جبال فيها ) ( من برد ) :-

هذا التقسيم الذي وضعته للآية يبسط الأمور كثيرا .
ما هي الجبال في السماء التي ينزل منها البرد ؟

السحب المتراكمة طبعا .

فالسحب المتراكمة تشبه الجبال لو نظرت لها من الطائرة .

القرآن أيضا يشابه بين السحب والجبال في موضع
آخر :-
( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) .
هذه ابسط طريقة لفهم الآية حتى لا يتهمنا البعض أننا ملفقون .


 





 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ونلاحظ هنا أن القرآن لم يذكر ولو مرةً واحدةً أن الارض تجري لأجل مسمى. والسبب طبعاً أنهم كانوا يعتقدون ان الارض مسطحة وثابتة والشمس تجري حولها، وهذه كانت الفكرة السائدة في تلك الحقبة من الزمن، وكانت تعتمد على ملاحظة أن الشمس تشرق من الشرق وتغرب في الغرب، وتبدو كأنها تسير و تجتاز السماء من الشرق الى الغرب، وكذلك القمر. والدكتور موريس يقول:
( يثبت القرآن أن الشمس تجري في فلك، ولكنه لا يحدد صلة هذا الفلك للارض. ففي زمن نزول القرآن كانوا يعتقدون أن الشمس تتحرك وأن الارض ثابتة. وهذه كانت النظرية الشائعة منذ زمن بطليموس في القرن الثاني قبل الميلاد، واستمرت حتى أيام كوبرنكس في القرن السادس عشر بعد الميلاد. ومع أن الناس في أيام محمد كانوا يوقنون بهذه الفكرة، إلا أن القرآن لم يذكرها اطلاقاً) .
ويحق لنا أن نسأل لماذا لم يذكر القرآن أن الارض كروية وتتحرك، ليثبت للعرب أن بطليموس كان خاطئاً وانه لا يعلم اسرار الكون كما يعلمها الله الذي خلق الكون؟ فالقرآن، كما يخبرنا الدكتور موريس وأمثاله، كتاب أحتوى كل تفاصيل العلم الحديث عندما نزل في القرن السابع الميلادي، وليس هناك ما يظهر من اكتشافات في العلم الحديث إلا وكان القرآن قد ذكرها.

 

 




كان السائد وقت النبي محمد أن الليل و النهار ينتجان عن حركة الشمس صعودا وهبوطا حول الأرض وهو ما يعرف بمركزية الأرض ( geocentric ) .

الدكتور بوكاي طبق قاعدة نقدية للنص القرآني وهي لو كان القرآن من تأليف النبي محمد وبما أنه تورط كثيرا في الكلام عن الليل والنهار والأفلاك فحتما لابد أن نجد أثر لنظرية ( geocentric ) أو أي ذكر لها في القرآن ولو مرة واحدة .

المفاجأة أنه لايوجد أي تأييد لنظرية مركزية الأرض في القرآن بخلاف كل الكتب المعاصرة له التي تورطت في الكلام عن الفلك .

د . كامل النجار لا يسلم بهذا , بل يشترط وجود ذكر لدوران الأرض في فلك خاص بها حول الشمس في القرآن ليسلم أن القرآن نسف الفكرة القديمة لمركزية الأرض .

الآية موجودة بالفعل . إقرأ قول الله :-

(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) الأنبياء 33 :-

لاحظ ( واو الجماعة ) في الفعل ( يسبحون ) ولو كان يقصد الشمس والقمر فقط لقال ( يسبحان) .

ما معنى أن الليل والنهار يسبحان في فلك خاص ؟

لسوء حظ د . كامل النجار أنه لا يوجد لها سوى معنى واحد فقط لا يسمح بالمراوغة وهو أن القرآن يصف الليل والنهار كمكان وليس زمان فالزمان لا يسبح في فلك .

وكما قلنا من قبل أن النهار هو نصف الأرض المضيء والليل هو نصف الأرض المعتم إذا نظرنا لكوكب الأرض من مكان خارجه ( منظر فضائي ) .

ليس هذا فقط فهناك إشارة قرآنية مبهرة أخرى في سورة الشمس تعالوا نقرأها :-

(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا - وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا - وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا - وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ) :-

السؤال الآن :- ما معنى ( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها ) ؟

حسب ما كان يراه القدماء فإن صعود الشمس هو الذي يجلي النهار ولكن القرآن يقول العكس .

هاهو القرآن ينسف النظرية القديمة القائلة أن حركة الشمس حول الأرض هو ما يسبب تعاقب الليل والنهار .

القرآن يقول أن حركة الليل والنهار ( كمكان ) هي التي تجلي الشمس وتخفيها وليس العكس .

بمعنى آخر :- الشمس نسبيا تعتبر ثابتة بالنسبة للنهار والليل وهما الذان يتحركان عليها .

ولذلك أقول للدكتور كامل وغيره أن كل الدلائل تقود إلى كون القرآن كتاب من عند الله

الجنين:


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

فالقرآن يخبرنا في سورة الطارق، الآية الخامسة وما بعدها: " فلينظر الانسان مما خُلق، خُلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب ". وتفسير العلماء ان الماء الدافق هو المني يخرج دافقاً من الرجل ومن المرأة، فيتولد منه الولد.
ومن اين يخرج هذا الماء الدافق من الرجل؟ يخرج من بين الصلب والترائب. والمفسرون لم يتفقوا على ماهي الترائب .
والحقيقة ان المني لا يخرج من الظهر ولا من بين الصلب والترائب. فالمني يتكون في جهاز خاص به تحت مثانة البول، يسمى البروستاتة، وكذلك من اكياس صغيرة بجنبي البروستاتة وعلى اتصال بها، تسمى " Seminal Vesicles" أي الاكياس المنوية، والحيوانات المنوية تتكون في الخصيتين، ثم يجتمع الاثنان ويخرج المني وقت الجماع ليختلط ببويضة المرأة ومنهما يتكون الجنين.

 

 





ببساطة لكي نعرف ما هو الذي يخرج من بين الصلب والترائب فلابد أن نقرأ الآيات كاملة :-

( فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ - خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ - يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ - إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ - يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ - فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ) .

والآن :- ما هو الذي يخرج من بين الصلب والترائب ؟ .
الإنسان ( الجنين ) طبعا –

والدليل الآية التالية ( إنه على رجعه لقادر ) فالله يتحدث عن إرجاع الإنسان ( بعثه ) وليس إرجاع الماء الدافق .

وإذا سلمنا أن الماء الدافق هو الذي يخرج من بين الصلب والترائب فذلك يكون بعد أن يتحول لجنين في الرحم .

لفظ ( يخرج ) يناسب ولادة الإنسان كما جاء في سورة الحج :-

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) .


أنا قرأت طبعا الرأي الآخر الذي يتحدث عن أن الخصية تتكون في البداية في أعلى البطن مقابل الفقرة القطنية الثانية ثم تنزل لكيس الصفن وقت الولادة ولكني في الحقيقة أراه تفسيرا متكلفا بعض الشيء .

نعود مرة أخرى للجنين الذي نعرف أنه مع تمدد الرحم وقت الحمل فإنه يصل لأعلى حتي الضلوع ( الترائب ) ويكون مرتكزا على العمود الفقري من الخلف ( الصلب ) .

لذلك فالقول بأن الإنسان أو الجنين يخرج من بين الصلب والترائب هو قول سليم تماما .

 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي سورة " المؤمنون" الآية الثانية عشر وما بعدها تقول: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مُضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم انشأناه خلقاً آخر فتبارك الله احسن الخالقين ".
ونحن نعرف ان " ثم" و " ف" حروف تُستعمل لتفيد التسلسل والتتابع. ففي الآية اعلاه يقول جعلناه نطفةً في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة، اي بعد ان كان نطفة صار علقة. فخلق العلقة مضغة فخلق المضغة عظاماً ثم كسا العظام لحماً. فنفهم من هذا التسلسل المنطقي ان العظام خُلقت اولاُ ثم كُسيت لحماً. غير ان الواقع غير ذلك.

 

 




الآيات الكريمة تحتوي ثلاثة أفعال لابد أن نفرق بينهم وهم ( جعلناه – خلقنا – أنشأناه ) .
كل الأخطاء تأتي من عدم معرفة الفروق اللغوية بين هذه الأفعال فطالما القرآن فرق بينهم فلابد أن نأخذ ذلك في الإعتبار .

في البداية لابد أن نقول أن الآيات لا تتكلم عن تطور أنسجة الجنين بل تقسم نمو الجنين إلى مراحل حسب التغيرات الشكلية ( المورفولوجية ) لكل مرحلة :-
1- مرحلة النطفة :_ لا يوجد نسيج يسمى نطفة ولكن شكل الجنين في هذه المرحلة يشبه النطفة .

2- مرحلة العلقة :- لا يوجد نسيج يسمى علقة ولكن شكل الجنين في هذه المرحلة يشبه شيئا معلقا في جدار رحم الأم .

بالمناسبة :- د . وليم جامبل يقول أن كلمة ( علقة ) هي ( الدم المتجلط ) وليس ( دودة العلق ) كما يقول المسلمون .

ولكن هذا لا يغير شيئا . ( فالدم المتجلط ) كذلك يكون معلقا بالجدار ( أيا كان ) وملتصقا به .

أستكمل :-

3- مرحلة المضغة :- لا يوجد نسيج يسمى مضغة ولكن شكل الجنين في هذه المرحلة يشبه قطعة اللحم الصغيرة غير مستوية الشكل .


4- ( فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحما ) :-

من هنا يبدأ النقاش:-

ما معنى ( فخلقنا المضغة عظاما ) ؟ هل معنى ذلك أن القرآن يقول أن المضغة كلها تتحول إلى عظام فقط ؟

الإعتراض يأتي من كون الجنين لا يكون في أي مرحلة من مراحله عظاما مجردة .

تعالوا نرى هذا التعبير القرآني :- ( فخلقنا المضغة عظاما ) :-

حسب فهم د . كامل النجار و د . وليم كامبل فالمضغة تتحول كلها إلى عظام عارية وهذا الفهم غير صحيح بشهادة القرآن نفسه . كيف ذلك ؟

أولا :- الفعل ( خلق ) لم يأت في القرآن أبدا بهذا الشكل ليبدو كفعل (متعدي ينصب مفعولين ) سوى في هذه الآية وآية أخرى سنتخذها مقياسا لنا وهي :-

( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) الاسراء 61 .
أمر السجود لآدم كان بعد أن سواه الله ونفخ فيه من روحه ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ) .

تعالوا ننظر لهذا التعبير (لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً ) :-

الفعل ( خلق ) هنا يمثل الحالة الأخرى التي جاء فيها بشكل يبدو وكأنه للوهلة الأولى ( متعدي ينصب مفعولين ) .
لو كتبنا تعبير ( خلقت طينا ) بعد استرجاع الضمائر يصبح هكذا ( خلق الله آدم طينا ) .

الآن لو فهمنا تعبير ( لمن خلقت طينا ) حسب فهم د . النجار وجامبل فهذا يعني أن آدم الإنسان المكتمل الخلق تحول كله إلى ( طين ) وهذا طبعا عكس الحقيقة فالطين هو الذي تحول لآدم .

وعلى هذا فكلمة ( طينا ) ليست ( مآل ) ولكن ( حال ) .

وبنفس الأسلوب فتعبير ( فخلقنا المضغة عظاما ) لا يعني أن المضغة تؤول إلى عظام مجردة .

فكلمة ( عظاما ) ليست ( مآل ) ولكن ( حال ) .

فالمضغة ليست نسيجا لتتحول بأكلملها لنسيج آخر ( العظام ) .

وعلى هذا فتعبير ( فخلقنا المضغة عظاما ) معناه أن المضغة تتماسك وتأخذ شكل وترتيب الهيكل العظمي فتخرج الاطراف والرأس ويصبح لها شكلا مفهوما .

ولو كنا أكثر دقة نحويا فإعراب كلمة ( عظاما ) و (علقة" ) و(مضغة" ) في آية سورة (المؤمنون) وكذلك كلمة ( طينا ) في سورة ( الاسراء ) هو( حال منصوبة) وليست ( مفعول به ثان ) استجابة للقرآن نفسه الذي لم يستخدم الفعل ( خلق ) كفعل ( متعدي ينصب مفعولين ) قط .

أنا هنا لم أستشهد برأي شخصي أو رأي مفسريين , بل استخدمت القرآن كمقياسا للقرآن
.
في القرآن أمثلة مشابهة لذلك . مثلا :-
( وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً ) النبأ8 :- أزواجا هنا حال منصوبة وليست مفعول به ثان .

لذلك فكلمات ( علقة ) و ( مضغة ) و ( عظاما ) هي تفصيل شكلي لحال الجنين وليست أسماء لأعضاء يؤول إليها الجنين .

وعلى هذا نفهم لماذا يقول القرآن ( فخلقنا المضغة عظاما ) بدلا من ( فجعلنا المضغة عظاما ) .

وكذلك نفهم الفارق بين الفعل ( خلق ) والفعل ( جعل ) .

ثانيا :- كل السياق يتحدث عن تطور شكلي للجنين فلابد أن نقول بالمثل أن ( عظاما ) هي شكل تتطوري للجنين وليست نسيجا تشريحيا .

ثالثا :- وجود آية أخرى في سورة الحج تقول :-
( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) :-

نفهم منها أن الجنين في مرحلة المضغة ( شكليا ) فإن أجزاء منه تكون مخلقة وأجزاء أخرى تكون غير مخلقة وهذا يمثل فرملة لمن يستعجل ويقول أن المضغة كلها تتحول عظاما .

لاحظ أيضا أن القرآن عندما غير الصيغة واستخدم حرف الجر ( من ) مع الفعل ( خلق ) لم يذكر كلمة ( عظاما ) هنا فهو قال ( من نطفة ) و
( من علقة ) و ( من مضغة ) ولم يقل ( من عظام) لأن تعبير
( من عظام ) تعبير غير صحيح في المعنى .

رابعا :- لو افترضنا أن القرآن من تأليف النبي محمد وقال هذه الآيات بعد مشاهداته لنواتج إجهاض النساء ( كما يقول د . وليم جامبل ) فهو حتما لم يرى أنثى تسقط (عظاما ) كناتج إجهاضها فهذا لا يحدث ولا يفسر الآيات على أنها خطأ معرفي نتيجة للمشاهدة .

- أستخلص من كل هذا أن النحو والسياق وباقي القرآن والمشاهدات اليومية يرفضون سوء فهم د .كامل النجار للقرآن وأن الجنين يكون في مرحلة من مراحله نسيجا عظميا مجردا أو عظاما فقط .


 




* نأتي إلى إعتراض آخر :-

 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

( فكسونا العظام لحما ) :- طالما القرآن يقول ( كسونا العظام ) فهذا يعني أن العظام كانت عارية وهذا يعد خطأ امبريولوجيا في القرآن . فالعظام لا تكون أبدا عارية في أي مرحلة من المراحل .

 

 





وردنا على ذلك هو :-

- سبق أن قلت عند حديثي عن بلاغة القرآن أن الألفاظ والتراكيب القرآنية في غاية الدقة والإحكام ومجرد استبدال كلمة في القرآن بأخرى سيختل المعنى أو على الأقل سيحدث ضعف في التركيب .

- المفاجأة هي أن لفظ ( كسى ) يستخدم لمدلول تغطية شيئ مغطى ( تغطية تراكمية ) .

فالغطاء الأول الذى يتصل بالتلامس مع الجسم العاري يسمى ( لباس ) .

فالجسم العاري عندما أغطيه أقول ( ألبسه ) وليس ( أكسيه ) والمجوهرات التي أضعها على جسدي مباشرة بدون حائل أقول ( ألبسها ) وليس ( أكتسيها ) .

( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) الأعراف 26 .

(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا)
الأعراف 27 .

(لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) المائدة 89 .

- كما تلاحظون في الآية الأخيرة أن ( كسوة المساكين ) لا تعنى أنهم يعيشون عرايا ولكن كسوتهم أي إعطائهم ثيابا صالحة ثقيلة تقيهم البرد أو ثيابا كاملة ( قميص وعمامة وإزار ) .

في سورة البقرة نقرأ :-

( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) :-

هنا أيضا كسوة الأمهات المرضعات بمعنى ملابس لائقة كاملة ولا نفهم أن الأمهات كن عرايا .

- لذلك تجد في المعاجم أن الفعل ( كسى ) تستطيع أن تشتق منه اسم تفضيل ( أكسى من ) .

ففلان أكسى من فلان أي يرتدى ملابس أكثر منه ( راجع لسان العرب والقاموس المحيط ) .

أيضا لفظ ( كسوة ) يحمل معنى الإكتمال ( اللمسات الأخيرة ) .

فأنا عندما أرتدي جاكت البدلة كآخر شيء فهذا يسمى ( كسوة ) وليس
( لباس ) .


وعلى هذا فتعبير ( فكسونا العظام لحما ) لا يعنى أبدا أن العظام كانت عارية بل هي محاطة بأشياء أخرى .

في النهاية معنى ( كسونا العظام لحما ) :- إشارة لمرحلة إكتمال استدارة الجسم والأطراف بأن يكتمل نمو العضلات واستدارتها وإستطالتها لتأخذ مكانها المحيط بالعظام متخذة منها المنشأ والإيلاج ( origin and insertion )
.


 




الدكتور كامل سينقل لي مفاجأة ستنسف ما قلته عن الفعل ( كسى ) , تعالوا نقرأها :-


 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وتتكرر نفس الفكرة في سورة البقرة ألآية 259 عندما أمات الله رجلاً وحماره مائة عام ثم احياه وقال له كم لبثت؟ قال لبثت يوماً او بضع يوم. فقال الله له انظر الى عظام حمارك الميت: " وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً". أي انظر الى عظام الحمار الميت كيف نربطها بعضها على بعض ثم نكسوها لحماً ثم نُحي الحمار. فهو هنا مرة اخرى يخلق العظام ويربطها ببعضها ثم يكسوها لحماً.

 

 





قبل أن أفند هذا القول أحب أن أضع تعريفا لظاهرة ( التحول الموميائي ) :-

الجثة بعد وفاتها تبدأ في التحلل ويبقى منها العظام التي تتحلل بدورها ببطيء شديد ولكن بعد مرور 25 عاما على أقصى تقدير لا يبقى من العظام شيئا إلا وتحلل بالكامل .

في بعض الظروف الغير مناسبة لحدوث التحلل تتحول الجثة إلى مومياء ( عظام مغطاة بأنسجة متيبسة جافة ) . ووقت أن يحدث ذلك فلن تتحلل الجثة أبدا .

والآن وقبل أن نزعم أننا وصلنا لمدلول الآيات جيدا علينا أن نجيب على بعض الأسئلة :-

- لماذا ذكر القرآن أن الطعام ( لم يتسنه ) في الوقت الذي كان على الآية أن تقدم الأدلة على لبوث هذا العبد مئة عام وليس يوم أو بعض يوم وبقاء الطعام سليما هو دليل مضاد ؟

- إذا كان الطعام لم يتسنه فكيف تحللت جثة الحمار طالما الوسط لم يسمح بتحلل الطعام ؟

- إذا كانت الجثة تحللت لأن الوسط يسمح بتحللها فكيف بقيت العظام كل هذه المدة ( مئة عام أو أقل ) بدون تحلل هي الأخرى طالما الوسط يسمح بالتحلل ؟

- لماذا قالت الآية ( انظر إلى حمارك ) ثم أعقبها ( انظر إلى العظام ) ؟

إنطلاقا من هذه الأسئلة أبدأ التحليل :-

سأنبه هنا على بعض الملاحظات :-

أولا :- طالما الطعام لم يتسنه فالجثة أيضا لم تكن لتتحلل وإلا ما الفائدة من ذكر بقاء الطعام لم يتحلل . الراجح عندنا أن جثة الحمار كانت متيبسة أشبه بالمومياء والوسط المحيط مثلما لم يسمح للطعام بالتحلل لم يكن ليسمح لجثة الحمار بالتحلل .

رجال الطب الشرعي يؤيدوا ما أقول فظاهرة (Mummification ) تحدث للجثة في وسط لا يسمح بالتحلل واذا مر عام علي الجثة بدون حدوث التحلل ( التعفن الرمي ) فهي لن تتحلل أبدا .

هذا أيضا يفسر بقاء العظام كل هذه المدة ( مئة عام أو أقل حسب وقت موت الحمار ) .

فكما قلت فإن العظام لا تبقى أكثر من 25 عاما تقريبا قبل أن تتحلل هي الأخرى تماما طالما كان الوسط مناسب لحدوث التحلل ( التعفن الرمي ) .

لا ننسى أيضا أن إحياء الجثة يتناسب أكثر مع سياق الآيات قبلها وبعدها التي تتحدث عن إحياء الموتى ( كقصة ابراهيم و جثث الطير وقصة إبراهيم والنمرود ) أما إحياء العظام وهي رميم فهذا يناسب موضوع البعث والنشأة الأخرى وهذا ليس موضوع الآيات ولا مضمونها .

القرآن يحكي لنا قصة أخرى تبين كيف يحيي الله الموتى في الدنيا تعالوا نقرأها :-

(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ - فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( البقرة 73 ) :-

نرى هنا أن الميت كان جثة ولم يكن عظاما نخرة ويقول الله ( كذلك يحيي الله الموتى ) أي بهذه الطريقة .

وهذه أيضا تجربة دنيوية تبين أن إحياء الموتى هو إحياء لجثة وليس عظاما عارية ورفاتا .

ثانيا :- الآية تقول ( وانظر إلى حمارك ) :- وهذا يدلنا على أن الجثة كانت مازالت محتفظة بشكلها كحمار حتي ولو بدت العظام منها ( وهذا أفضل وصف للمومياء فمثلما هي جثة يابسة فهي أيضا عظام مغطاة بأنسجة متيبسة ) .

ثالثا :- كلمة ( ننشزها ) معناها ( نرفعها و نجعلها تنهض ) كقول الله في سورة المجادلة :-
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا ) :-

أي انهضوا من مجالسكم و قوموا للصلاة .

وعلى هذا فالأرجح من الآية الكريمة أن عظام الحمار لم تكن عظاما عارية مبعثرة كما فهم البعض من الآية بل كان الحمار مومياء متيبسة فنهضت وانتفخت لحما بإذن الله .

- الإمام الطبري رحمه الله يوافقني أن الحمار لم يكن عظام عارية بل كان متصلا بعضه ببعض و مغطى بالعروق والعصب وإن كان لم يذكر موضوع المومياء طبعا فيقول في الآية الكريمة :-

({وَانْظُرْ إلـى حِمارِكَ وَلِنَـجْعَلَك آيَةً للنّاسِ وَانْظُرْ إلـى العِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمّ نَكْسُوها لَـحْما} فنظر إلـى حماره يتصل بعضه إلـى بعض, وقد مات معه بـالعروق والعصب, ثم كيف كسي ذلك منه اللـحم, حتـى استوى, ثم جرى فـيه الروح, فقام ينهق ) .
لا أنسى أن أقول (الله تعالى أعلم ) .

يبقى شيء يخص طريقة تفكير د . كامل النجار :-

د . كامل يريد أن يقول أن الرسول الكريم اعتمد في وصفه علي مراحل تحلل الجثة ( أي أن اللحم يتحلل أولا وتظهر العظام ) فظن أن العكس يحدث أثناء تكون الجنين .

بنفس منطقه نسأله و هل لاحظ الرسول أن العظام بعد ذلك تحلل الى مضغة ثم المضغة تتحلل علقة ثم العلقة تتحلل الى نطفة ( الرجوع للخلف ) ؟
أليس هذا منطق مهتريء ومليء بالثقوب ؟

شيء آخر :-

هل القرآن يحتاج لكل هذا التعقيد في فهمه ؟

في الحقيقة القرآن ككلام محكم يفسر بعضه بعضا يسمح لنا بإخضاعه لأقسى أنواع الإختبارات بدون أن ينهار نسيجه .

لذلك فعندما أزعم أن هناك إعجاز علمي في القرآن فيجب أن يكون سبيلي الوحيد هو تفسير القرآن بالقرآن وليس تفسير شخصي للآية .

بنفس المنطق فعندما أزعم ان هناك خطأ علمي في آية من القرآن فيجب إخضاع هذه الآية لتحليل كامل أستعين فيه بباقي آيات القرآن .

القرآن يسمح لنا بإخضاعه لأقسى أنواع الإختبارات بعكس السنة فهي لفظ بشري غير محكم تماما نستخلص منه أحكاما ولكن لا يسمح بإخضاعه لهذه الإختبارات .

* ولكن أين هو الجديد في الآية ؟ :-

رغم أن الآيات لا تذكر تفصيلات كثيرة إلا أن هذه الأوصاف لمراحل تطور الجنين تحطم نظريات وتشوهات علمية كانت منتشرة في العالم وقت نزول القرآن .

نلاحظ أن علماء المسلمين الأوائل عندما تعاملوا مع خلق الجنين في القرآن والسنة شعروا ببعض الحرج لأنها تخالف ما هو سائد بينهم من أقوال الطب . انظروا :-

- (وقال الكرماني‏:‏ لما كان مضمون الخبر أمرا مخالفا لما عليه الأطباء أشار بذلك إلى بطلان ما ادعوه ) :-

الكرماني كما ينقل لنا الحافظ ابن حجر في فتح الباري يعلن بصراحة أن الجنين من مفهوم اسلامي يخالف أفكار أهل الطب السائدة التي تقول أن مني الرجل مثل المنفحة التي تخمر ماء الأنثي فتجعله يشبه الجبن ومنه ينشأ الجنين ( وهذا وصلهم عن جالينوس حسب علمي ) .

- (وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري :- وزعم كثير من أهل التشريح أن مني الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك، وما ذكر أولا أقرب إلى موافقة الحديث والله أعلم‏‏ ) :-

ابن حجر أيضا يتمسك بالوصف الاسلامي ويرفض أقوال أهل الطب رغم أنه لم يكن عالم في التشريح .
وأذكر أنني قرأت للإمام بن القيم أنه رفض وصف الأطباء للجنين لأنه يخالف الوصف القرآني ولكن لا أذكر أين قرأت ذلك .
ولا ننسى أيضا أن الآيات تنسف نظرية الجنين القزم وهي أن الإنسان بكامل هيئته موجودا في مني الرجل ولكن صغير الحجم جدا وكل ما يحدث أنه ينمو فقط وهذا رأي ظل سائدا فترة طويلة في كثير من المجتمعات .



 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وحتى الاحاديث المنسوبة للنبي لا تمت للعلم بشئ. فقد ذكر ابن كثير في تفسيره للآية المذكورة اعلاه أن بعض الناس يقرأها " فخلقنا المضغة عظماً " وقال ان ابن عباس قال: هو عظم الصُلب، وروى حديث ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة قال: قال رسول الله (ص): " كل جسد ابن آدم يبلى الا عجب الذنب، منه خُلق ومنه يُركّب". وطبعاً الانسان لا يُخلق من عظم العجب، وليس عظم العجب أقوي شئ فيه. فالمعروف ان اسنان الانسان هي اقوي شئ في جسمه إذ تتكون من مادة ال Enamel وهي آخر ما يبقى من جسم الانسان .

 

 





الحديث جاء هكذا في صحيح الإمام البخاري :-
( حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ » . قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْماً قَالَ أَبَيْتُ . قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْراً قَالَ أَبَيْتُ . قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ . قَالَ « ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً . فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظْماً وَاحِداً وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .

كما قلت من قبل لا يجب إخضاع الألفاظ في الأحاديث النبوية لهذه الصرامة العلمية .

فلفظ الحديث هو لفظ بشري وليس إلهي .

عظام ( العصعص ) بالفعل تتحلل ولكن هل تفنى مادتها ؟
هذا الحديث ورد بلفظ آخر في صحيح مسلم هكذا :-

(كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب) .

الدكتور كامل يتحدث بكل ثقة وينفي أن الإنسان سينشأ من ( عجب الذنب ) يوم القيامة وكأنه يؤمن بالبعث ويعرف كل شيء !!

أظن أن من ينكر في عصر الإستنساخ أن الكائن الحي من الممكن إعادته بأكمله من جزء صغير أو خلية واحدة فهو يعاني من إزدواجية كبيرة في المعايير .



 





 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وفي حديث آخر قال الامام احمد حدثنا حسن بن الحسن، حدثنا ابو كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابيه عن عبد الله قال: مر يهودي برسول الله (ص) وهو يحدث اصحابه، فقالت قريش: يا يهودي، ان هذا يزعم انه نبي. فقال اليهودي: لأسألنه عن شئ لا يعلمه الا نبي. فقال: يا محمد مم يُخلق الانسان؟ قال من كلٍ يُخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فاما نطفة الرجل فنطفةٌ غليظة منها العظم والعصب واما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم. وطبعاً هذا الكلام لا يمت للحقيقة بشئ، ولا يستحق التعليق عليه.

 

 




هذا الحديث أورده الإمام أحمد في المسند و في سنده ضعف لذلك لن أعلق عليه .


 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولننظر الان الى سورة النحل، الآية 66 : " وإن لكم في الانعام لعبرةٌ نُسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودمٍ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ". فلنرى اولاً ماذا يقول ابن كثير في تفسيره لهذه ألآية. يقول: لبناً خالصاً اي يتخلص الدم بياضه وطعمه وحلاوته من بين فرث ودم في باطن الحيوان، فيسري كلٌ الى موطنه اذا نضج الغذاء في معدته، فينصرف منه دم الى العروق ولبن الى الضرع وبول الى المثانة وروث الى المخرج وكل منها لا يشوب الاخر ولا يمازجه. والفرث هو مافي امعاء الحيوان من فضلات ، ومنه يتكون الروث او البعر.
واي انسان لديه قليل من العلم يعرف ان اللبن لا يتكون في بطن البقرة او النعجة وانما في الضرع، وليس هناك اي مجال لاختلاط اللبن بالروث او بالدم. ولذا قوله " نسقيكم مما في بطونه من بين رفث ودم "، لا يمت للعلم بشئ .

 

 




د . كامل يزعم أن ابن كثير يقول أن الفرث هو ( ما في أمعاء الحيوان من فضلات ) وابن كثير لم يقل هذا بل هي من عند د . كامل .

( الفرث ) سواء عند ابن كثير أو غيره هو الطعام المهضوم في كرش الحيوان أما الفضلات فتسمى ( روث ) .

اللبن بمكوناته بالفعل يستخلص من بين نواتج هضم الغذاء ( الفرث) و الدم .

فاللبن يتكون من سكريات ( مثل اللاكتوز ) واحماض دهنية وأحماض أمينية وفيتامينات تأتي من نواتج امتصاص الغذاء المحمولة في الدم وبعض الأملاح التي تأتي من الترشيح المباشر لبلازما الدم ( كالفوسفات والصوديوم والكلوريد ) .

الإبهار في الآية هو كلمة ( دم ) .

فالقدماء كانوا يعرفون علاقة اللبن بالغذاء ( فرث ) ولكن لم يفهموا علاقة ذلك ب ( الدم ) .
من يقرأ تفسير طبيب قديم كفخر الدين الرازي ( مفاتيح الغيب ) يجده حائرا في ايجاد العلاقة بين اللبن والدم فذلك كان يفوق علوم عصره بالتاكيد .



 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولكن أنظر ماذا يقول الدكتور موريس: ( التفسير الذي أوردته لهذه ألآية تفسير شخصي لان تفاسير بلاشيري وبروفسير حميد الله غير مقبوله لانه ليس هناك أي اتفاق بينها وبين الافكار الحديثة حتى على أبسط المستويات. ومن المعروف ان المترجم، مهما كانت خبرته، معرض للخطأ في ترجمة الحقائق العلمية، إلا إذا حدث أن كان هو نفسه أخصائي في ذلك المجال. وأحسن تفسير لهذه ألآية هو: ان في انعامكم عبرة لكم. فاننا نسقيكم مما في داخل أجسامها، ويأتي من منطقة اتصال محتويات الامعاء مع الدم، لبناً خالصاً.) ويستمر الدكتور فيقول:
(فأنا قد أخترت " من داخل اجسامها" بدل " من داخل بطونها" لان كلمة " بطن" تعني كذلك " الوسط" أو " داخل الشئ". والكلمة ليس لها معنى محدد في لغة التشريح " Anatomy ". وفكرة مصدر اللبن تأتي من كلمة " بين" وهي أيضاً تستعمل في معنى إحضار شخصين أو شيئين مع بعض. والمواد التي يتكون منها اللبن تأتي من تغيرات كيماوية تحدث على مجرى الجهاز الهضمي. وعندما تصل درجة معينة من الهضم تتسرب وتدخل في الدورة الدموية. واللبن يفرزه الضرع ولكن الضرع يتغذى بمحتويات الدم التي أتت من الامعاء. فالدم إذاً يلعب دور حامل وموزع الغذاء الذي أتى من الامعاء. وهذه الحقائق لم تكن معروفة في أيام النبي محمد. ولأن الدورة الدموية اكتشفها وليام هارفي حوالي عشرة قرون بعد نزول القرآن، فأعتقد أن هذه ألآية واشارتها لاختلاط الغذاء بالدورة الدموية، لا يمكن ان يكون لها تفسير بشري نسبة للزمن الذي نزلت فيه).
تفسير الدكتور فيه أشياء كثيرة تستحق التعليق:
أولاً: يقول الدكتور انه بدل كلمة " بطونها " فقد اختار لتفسيره كلمة " أجسامها" لان كلمة أجسامها توافق المعنى أفضل من بطونها. فهو هنا غيّر كلمة نزلت في القرآن وبالتالي وضع نفسه في مكان من يصحح الله، وهذا طبعاً غير مقبول لأهل الدين.
ثانياً يقول الدكتور انه اختار كلمة اجسامها لأن كلمة البطن ليس لها تعريف محدد في علم التشريح. وبما أن الدكتور جراح فهو يعرف أن كلمة بطن " Abdomen " معرّفة تعريفاً دقيقاً في علم التشريح. فهي المنطقة الواقعة بين الحجاب الحاجز " Diaphragm " والحوض،وتحدها الخاصرة من كل جانب. فالدكتور هنا اما انه لم يتبع الامانة العلمية او انه يجهل تعريف البطن، وهو شئ مستبعد .
وثالثاً يقول الدكتور أن المفسرين مهما كان علمهم باللغة معرضون للخطأ إلا إذا كانوا علماء متخصصين في ذلك الفرع المعين من العلم. فإذاً نستطيع أن نقول أن كل التفاسير التي بحوزتنا يجب أن نرميها في البحر إذا كانت تتعلق بتفسير أي آية فيها شئ من علم الفلك أو الفيزياء أو الكيمياء، لان المفسرين القدماء لم يكونوا اخصائين في هذه العلوم. ويقودنا هذا الى أن نسأل لماذا خاطب الله العرب بلغة علمية لا يفهمون معناها وهو كان يريد اقناعهم ليسلموا؟

 

 




على أي شيء يعترض الرجل ؟
الدكتور بوكاي كان يرفض ترجمة بلاشير وحميد الله لأنهم كانا يترجمان كلمة ( بطونه ) إلى كلمة ( ventre ) الفرنسية ومعناها ( معدة ) .
طبعا البطون ليست هي المعدة والدكتور بوكاي على حق .
يبدو أن د . كامل يعترض من أجل الإعتراض
!!


 




 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

ولننظر الان الى المياه الحلوة والمالحة. ففي سورة الرحمن، الآية التاسعة عشر وما بعدها: " مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فباي الاء ربكما تكذبان، يُخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ". وكلمة " مرج " تعني " خلط "، لان " المروج " هي الحقول الشاسعة الخضراء ، كأنما اختلط حقلٌ بحقل، فصارت مروجاً شاسعة. ويقول المعجم الوسيط: مرج تعني خلط . وفي القاموس المحيط للفيروز آبادي: المرج تعني القلق والاضطراب والاختلاط. ولكن ابن عباس يقول (" مرج " يعني ارسلها، وقوله " يلتقيان" قصد به انه منعهما ان يلتقيا، بما جعل بينهما من برزخ.) واما البحر الحلو فهو الانهار. وطبعاً كل هذا اللف والدوران هو محاولة للخروج من مأزق " مرج البحرين يلتقيان" و " بينهما برزخ لا يبغيان". والواضح ان المقصود انه خلط الماء العذب من الانهار بماء البحار. وكل انهار العالم المعروفة تصب في البحار، ماعدا بعض الشواذ التي تصب في بُحيرات، فكيف يقولون انه جعل بينهما برزخاً فلا يلتقيان، لا يمكن تفسيرها تفسيراً علمياً .

 

 




د . كامل له إعتراض غريب هنا :-

يقول أن الأنهار تصب في البحار فكيف يقول القرآن ( فكيف يقولون انه جعل بينهما برزخاً فلا يلتقيان ) ؟!

بالله عليكم هل الآية تقول ( لا يلتقيان ) ؟؟؟!!!!
أي قرآن يقرأ الرجل ؟ وأي أسلوب ملتوي يتبع ؟!
هذه هي الآية :-
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ) .


يا دكتور الآية تقول ( يلتقيان ) ورغم ذلك ( لا بيغيان ) أي لا تختلط
خواص مياههما .



 



ثم يقول بعد قليل :-



 

اقتباس:

 

 

 

 

 

 

وماذا عن " يُخرج منهما اللؤلؤ والمرجان". فأولاً، اللؤلؤ معروف ولكن لا احد يعرف ما هو المرجان. فقد قيل انه صغار اللؤلؤ، قاله مجاهد وقتادة والضحاك ورُوي كذلك عن عليّ. وقيل هو كباره وجيده، حكاه ابن جرير عن بعض السلف، وقيل هو نوع من الجواهر احمر اللون. قال السدي عن ابن مالك: المرجان الخرز الاحمر. فواضح اولاً ان كلمة " المرجان " ادخلت في الآية لتماشي السجع، وليس لها معني مفهوم للعرب رغم ان القرآن نزل بلسان عربي. وثانياً، يُفهم من قوله " يُخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " ان اللؤلؤ يخرج من البحر ومن النهر، وهذا بالتأكيد غير صحيح، فليس هناك نهر بالعالم به لؤلؤ.
ولكن في سورة فاطر، ألآية 12: " وما يستوي البحران هذا عذب فراتٌ سايغ شرابه وهذا ملحٌ أجاج ومن كلٍ تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حليةً تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون". وهنا كذلك يخبرنا القرآن اننا نستخرج حليةً من الانهار، وليس هذا بصحيح.

 

 





نعم , فالمفسرون القدامى وجدوا حرجا في هذا الموضوع . فحسب ما كانوا
يعرفون فإن اللؤلؤ لا يستخرج من المياه العذبة .

ولكن ها هي موسوعة الويكي تخبرنا أن اللؤلؤ يستخرج من المياه العذبة أيضا مثلما يستخرج من المياه المالحة .

http://en.wikipedia.org/wiki/Mother_of_pearl

أقتبس لكم هذا الجزء :-

Chief sources are the pearl oyster, found in warm and tropical seas, primarily in Asia; freshwater pearl mussels, which live in many rivers of the United States, Europe, and Asia; and the abalone of California, Japan, and other Pacific regions.

صدقوني , كل الطرق تقودنا أن هذا الكتاب ليس من عند البشر .


=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=

* بخصوص مراحل تكوين الجنين فى القرآن الكريم وموافقتها تماما للعلم ... يُرجى قراءة هذا البحث الرائع للأخ ابن الفاروق على هذا الرابط : ــ

http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=8817

أو هذا أيضاً

http://www.imanway1.com/horras/showthread.php?t=448

 

بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ }الحج51



كتبه الأخ / نيقولا .

أرسل بواسطة: الأندلسي