شبهة حول ميعاد الساعة

 

أثار المعارضون شبهتهم حول زمن القيامة بالإشارة إلى الحديث الذى رواه مسلم عن السيد ‏عائشة ‏ ‏قالت ‏
‏كان ‏ ‏الأعراب ‏ ‏إذا قدموا على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏سألوه عن الساعة متى الساعة فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال ‏ ‏إن يعش هذا لم يدركه ‏ ‏الهرم ‏ ‏قامت عليكم ساعتكم
صحيح مسلم- الفتن و أشراط الساعة- قرب الساعة

و قالوا أن هذا الحديث يخالف الواقع و قد مات الغلام و مرت مئات السنين و لم تقم الساعة حتى الأن

بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

أولاً



من المعلوم المقطوع به أن نبينا محمد صلى الله عليه و أله و سلم لا يعلم وقت الساعة أبداً و أنها من الأمور التى حجب ربنا عبمها عن سائر مخلوقاته فلا يعلمها ملك مقرب ولا نبى مرسل و أدلة ذلك فى الكتاب و السنة كثيرة منها على سبيل المثال :

{
إن الساعة آتية أكاد أخفيها }

{
يسئلونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها }

و فى الحديث الشهير بين نبى الله و جبريل ((...قال: متى الساعة؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله). ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله عنده علم الساعة} الآية، ثم أدبر، فقال: (ردوه): فلم يروا شيئا، فقال: (هذا جبريل، جاء يعلم الناس دينهم)). رواه البخارى

إذاً فنبى الله صلى الله عليه و سلم ما كان يعلم ميعاد الساعة أبداً بل هى مما استأثربه الله تعالى فى علم الغيب عنده

و من جهة اخرى دلت النصوص على أن الحياة ستستمر قرونا و قرون بعد النبى عليه الصلاة و السلام

و حسبناأن ننظر نظرة واحدة فيما أخبر به عليه السلام من الأمور الغيبية الكثيرة جدا ، فقتح بلاد الشام و اليمن و مصر و القسطنطينية و رومية ، و أن الخلافة بعده ثلاثين سنة ثم تصير ملكا عاضاً ثم تصير ملكاً جبرياً ثم تعود جولة الخلافة فى أخر الزمان ، و إخباره عن تكالب الأمم على المسلمين و هم يومئذ كثير

و علامات الساعة الصغرى من حدوث الفتن و التغيرات و تقارب الزمان و كثرة الهرج – القتل- و الزلازل و انتشار الفساد و الظلم و نقض عرى الاسلام عروة عروة و عودة الدين غريبا و أخذ الأمة بأخذ القرون قبلها، شبراً بشبر وذراعاً بذراع.... الخ

و علامات الساعة الكبرى كما فى حديث حذيفة بن أسيد فى مسلم و غيره (الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونزول عيسى، وفتح يأجوج ومأجوج، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا)

فلا يقول عاقل أن احداً من الصحابة اعتقد حدوث هذا كله قبل أن يموت الغلام الذى أشار اليه النبى عليه السلام و ما فهم ذلك الفهم اسقيم أحد من صحابة النبى عليه الصلاة و السلام ولا التابعين ولا من تبعهم من العلماء الأفاضل

بل فقد أخبر النبى صراحة فى الحديث الصحيح ان القرون ستتوالى على الامة فقال ((خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم)) رواه البخارى

و بهذا نكون قد نسفنا الشبهة من جذورها بحول الله

و أما و عن توجيه ذلك الحديث الشريف فإن علماءنا الأكابر قد سبق و بينوا تأويله بفضل الله

قال القاضى عياض رحمه الله: { قال القاضي : هذه الروايات كلها محمولة على معنى الأول , والمراد ( بساعتكم ) موتهم , ومعناه يموت ذلك القرن , أو أولئك المخاطبون . }

فأول المراد هنا بالساعة أى ساعة السائلين لأن لكل إنسان ساعته الخاصة و هى لحظة مماته و بها ينقطع عمله و يبدأ حسابه ، كما قال النبى عليه السلام فى الحديث ((بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة)).رواه مسلم

فعبر عن موت المرة بخاصته اى ساعته الخاصة ، و الله تعالى أعلى و اعلم

ثانياً:



أن النصارى بالخصوص أتعجب أن تصدر عنهم هذه الشبهة الجوفاء لأن كتابهم أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القيامة ستكون فى القرن الاول و ان المسيح سيعود و يخاسب البشر فى القرن الاول قبل انقضاءجيله و كان كل تلاميذه و المكرزين بانجيل الباطل يعتقدون فى ذلك و ينادون به
((
وللوقت بعد ضيق تلك الايام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضؤه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع .وحينئذ تظهر علامة ابن الانسان في السماء .وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير .فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء السموات الى اقصائها .فمن شجرة التين تعلّموا المثل متى صار غصنها رخصا واخرجت اوراقها تعلمون ان الصيف قريب .هكذا انتم ايضا متى رأيتم هذا كله فاعلموا انه قريب على الابواب .الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله )) متى 24: 29-34

((
فإن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته و حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله، الحق أقول لكم : إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان أتياً فى ملكوته )) متى 27:16

 

 

أبو تراب