شطحات في تساؤلات زكريا بطرس 2

محمود أباشيخ

الشمس تغرب في خيمة حمئة


وكَلماتٌ إِلى أَقاصي الدُّنْيا بَيِّنة. هُناكَ لِلشَّمسِ نَصَبَ خَيمةً ... أو جعل للشمس مسكنا هلها مزمور 19:4

 




فعبروا وذهبوا وغابت لهم الشمس عند جبعة التي لبنيامين

 

 


هذا قول الكتاب الذي يقدسه القمص زكريا بطرس


يقول بكل وضوح إن الشمس غربت عند جبعة بنيامين
قد يكون المقصود بهذه العبارة إن الشمس غربت حين وصولهم إلى تلك المنطقة ولكن من السهل جدا على
من أساء فهم الآية القرآنية أن يقف حائرا أمام النص العهد القديم خاصة إن كان ذو فكر متحرر كالقمص زكريا ...

 


 
و ما يثر الريبة  هو تجنب أكثر المفسرين الخوض في هذا النص مما يرجح المعني الأول ألا وهو أن الشمس تغرب عند جبعة بنيامين ,خاصة إذا تواجدت نصوص أخري قاطعة الدلالة تشير إلى الفهم الأول

تقدم وذكرنا أن القمص زكريا زعم أنه يناقش بفكر متحرر, وها هي الفرصة الآن أمامه كي يثبت انه ذو فكر متحرر كما زعم , وها النص أمامه .,..... الشمس تغرب في جبعة بنيامين بينما قال رب العزة " حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ "
ليثبت صدق قوله ويخبرنا ... أي التعبيران أدق

 

وجدها تغرب في عين حمئة أم تغرب عند جبعة بنيامين



 
أقول بكل صدق وأمانة وبفكر متحرر أنه لا يوجد أدق وأبلغ من كلام رب العالمين ولو ان القرآن ذكر حقيقة الغروب العلمية لكان ذلك خطأ لسبب بسيط وهو ان ذوالقرنين لم ير حقيقة الغروب والقرآن يقول وجدها, أي رأها ولم ير ذو القرنين حقيقة الغروب ولا يمكن ان يره احد, فهل يعقل ان يقول القرآن انه راى ما لم ير .


 
فأنظر إلي دقة القرآن وقارنه بنص العهد القديم, ولن يخفي علي صاحب الفكر المتحرر لن يخفي عليه أثر قلم الكتبة الكذبة وإن أخذنا بالمعني الثاني فلا مفر من الإقرار بأن النص مصاب بفيروس الركاكة وتفوح منه رأئحة رعاة الغنم البسطاء

ان كتاب النصاري كتاب بشري ينقل لنا آراء بشرية لزمن معين وفكر معين فليس غريبا ان تجد فيه مسلمات سادت في زمن معين وقد كان اليهود في فترة من الفترات يظنون ان للأرض أربع زوايا



ولم يتردد كاتب سفر الرؤية ذلك السفر الذي يخبرنا ان الله خروف بسبعة قرون لم يتردد ان يذكر ان للأرض اربعة زوايا فواعجباه


Rv:7:1:
1.
وبعد هذا رأيت أربعة ملائكة واقفين على أربع زوايا الارض ممسكين اربع رياح الارض لكي لا تهب ريح على الارض ولا على البحر ولا على شجرة ما
Rv:20:8:


ويخرج ليضل الامم الذين في اربع زوايا الارض جوج وما جوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر.


يحول الكهنة ان يوهموا البسطاء بأن المقصود بالزوايا هنا الجهات الأربعة ولكن هذا قول بدون دليل ولو كان المقصود به الجهات الأربع لقالها يوحنا ان كان فعلا هو الكاتب وإن كان يوحنا استخدم الكلمة خطأ فلماذا لم يوقفه الخروف الذي يسوقه كما يزعم النصاري كما اوقفه من ان يسجد له حين خر يوحنا تلميذ يسوع ساجدا للخروف او يسوع عندما ظهر في شكل خروف بالتفسير الرمزي


الم يخر صاحب الإنجيل ساجدا
الم يوقفه قائلا لا تفعل السجود فقط لله
فلماذا لم يمنعه من ان يقع في هذا الخطأ القاتل
Rv:22:8:
وانا يوحنا الذي كان ينظر ويسمع هذا . وحين سمعت ونظرت خررت لاسجد امام رجلي الملاك الذي كان يريني هذا.
Rv:22:9:
فقال لي انظر لا تفعل . لاني عبد معك ومع اخوتك الانبياء  والذين  يحفظون أقوال هذا الكتاب . اسجد للّه.
وقد يقول قائل ان هذا خطأ في الترجمة وهذا ليس صحيح

قاموس روبيرستون المصور يذكر ان الكلمة المستخدمة تعني زواية لا جهات

" Corners goonias (NT:1137). An old word for angle (Matthew 6:5), also in Revelation 20:8 ".


Robertson's Word Pictures in the New Testament



وذكر المفسر الكبير آدم كلارك ان عمل الملائكة علي زواية الأرض الأربع هو لمنع تسلل الشياطين


Adam Clarke's Commentary, Copyright (c) 1996

 


ويقول تفسير ألبيرت بارنيس ان مفهوم يوحنا هو المفهوم الذي كان يسود في المجتمع اليهودي في ذلك الوقت إذ كانوا يظنون ان للأرض أربع زواية وأن لها أطراف تغيب فيها الشمس وتشرق منها بل انهم كانوا يعتقدون ان للأرض أعمدة

Barnes' Notes, Electronic Database. Copyright (c) 1997

وبهذا ايضا قال صاحبي تفسير جي ايف بي  في سياق تفسير سفر هوشع 10:12 الذي يتحدث عن وقوف الشمس والقمر لإطالة النهار حتي يتمكن هوشع وجنوده من القضاء علي آخر طفل من أطفال الامورين

هذه  كان مستواهم العلمي حين ذاك ويمكنك ان تؤمن ان الأرض هي التي توقفت عن الدوران وفقا للعلم الحديث

Jamieson, Fausset, and Brown Commentary,


وفي سياق حديثه عن المزمور 104

  
المؤسس الارض على قواعدها فلا تتزعزع الى الدهر والابد.
يقول المفسرألبيرت  بارنيس

وذلك  يعني  ان الرب جعل أساسا تحت الأرض لتثبيتها وهذا الفهم ليس بغريب في الكتاب المقدس "


بينما يقول تفسير بالبيت ان امعني المقصود هنا ثبتها fixed
ثبتها بحيث لا تتحرك غير انه اضاف انه ليس بالضرورة ان تكون القواعد مادية
Pulpit Commentary,

 

 

ومن مفسري العرب قال أنطنيوس فكرس

المؤسس الارض على قواعدها فلا تتزعزع  .. أي ثبت الله الأرض فلا

 

ص  465

 


بل ان- القدّيس إيريناوس أسقف ليون من آباء الكنيسة الأوال في كتابه الهراطقة إستخدم مفهوم الزوايا الأربع ليعلل على وجود اربع اناجيل

 

يقول القدّيس إيريناوس

لا يمكن ان يكون هناك اكثر من أربع اناجيل ولا اقل من أربع كما أن للأرض اربع زوايا وأربع رياح رئيسية  وحين ان الإناجيل هي اعمدة الكنيسة فوجب ان يكون للكنيسة اربع اناجيل كما للأرض
ضد الهراطقة الجزء الثالث الباب الحادي عشر



هل توقف القمص عند قول القدّيس إيريناوس أسقف ليون وتمعن في مدلوله بفكر متحرر وهل ناقشه بمنطق سليم كما فعل مع الآية القرآنية أم مر عليه مرور الكرام ..... يبدوا ان الفكر لا يتحرر والمنطق لا يستقيم إلا عند التكبر على الله


يظن بعض الناس ان بإمكانهم أحيانا إخفاء  جزء من الحقيقة أما صاحبنا القمص يظن ان بإمكانه ان يخفي كوكب الشمس في عين حمئة أو داخل خيمة ...  وله كل العذر في ذلك ولا لوم علي  خريج كلية لاهوتية تعلم ان الشمس تغرب في خيمة , وبدل ذلك  يشغل القمص فكره المتحرر  في حل هذه المشكلة المزعجة, اخذ يسرد على الخراف قصة ليست أصلا من تأليفه... ربما لشغلهم عن الخوض في نص غروب الشمس في الخيمة


المعضلة في هذا النص ليس فقط في خرافة غروب الشمس في الخيمة ولكن أيضا إختلاف النص في المخطوطات وبذلك إختلاف الترجمات والنسخ لدرجة التعارض البين في المعني بحيث انه من السهل ان لا يدرك القارئ انه يقرأ نفس الفقرة من نسخة مختلفة


وإذا قارنت بين النسخ العربية الثلاثة التالية تجد :
 


ان نسخة ملك جسمس لا تذكر كلمة الخيمة نهائيا .


و النسخة الكاثوليكية تذكر الخيمة التي تغرب فيها الشمس غير ان مترجميها اختاروا كلمة سطور بدل كلمة منطقهم .
 


في حين نسخة الحياة التطبيقية اختارت صوتهم مع ذكر الخيمة العجيبة .


المزامير 19:4 نسخة ملك جيمس

 


في كل الارض خرج منطقهم والى اقصى المسكونة كلماتهم.جعل للشمس مسكنا فيها
النسخة الكاثوليكية

 


بل في الأرضِ كُلِّها سُطورٌ بارِزة وكَلماتٌ إِلى أَقاصي الدُّنْيا بَيِّنة. هُناكَ لِلشَّمسِ نَصَبَ خَيمةً
نسخة الحياة التطبيقة

انْطَلَقَ صَوْتُهُمْ إِلَى الأَرْضِ كُلِّهَا وَكَلاَمُهُمْ إِلَى أَقَاصِي الْعَالَمِ. جَعَلَ لِلشَّمْسِ مَسْكَناً فِيهَ



قد تكون هذه إختلافات طفيفة في الترجمة الا اننا نري العجب عند النظر في النسخ الإنجليزية


النسخة الإنجليزية التطبيقة تذكر كلمة مسطرة بدل صوتهم .
 


بينما نسخة الرسالة تعكس المعني تماما بإختيارها كلمة صمتهم بدل صوتهم وتبديل الخيمة بالسد الضخم .


السؤال الذي يطرح نفسه هو, لماذا لم تذكر النسخة العربية لملك جيمس كلمة الخيمة ؟

يبدوا لي ان السبب هو الرغبة في الإيحاء ان المسكن هو السموات وتتضح تلك الرغبة الخبيثة في قول انطنيوس فكري  في تفسيره

"
جعل للشمس مسكناً فيها = أي في السموات "
ص 67



ألا أن الفقرة التي تلي الخيمة تخذله إذ يصعب ربط الفقرتين عند حذف كلمة الخيمة


وهي مثل العروس الخارج من حجلته.يبتهج مثل الجبار للسباق في الطريق.

نسخة ملك جيمس

وهنا يلجأ انطنيوس إلي الحل المجرب والشفرة السحرية ألا وهو الرمز فيقول

والشمس في العبرية والآرامية مذكر لذلك تشبه بالعريس  والمسيح دعي شمس

ويضيف أنطنيوس قائلا

ولسبب أو لآخر إضطر انطنيوس فكري للإشارة إالي الكلمة المحذوفة الا وهي الخيمة وذلك لعدم إستقامة المعني بدونها

"
أي هي تشق السماء في حركتها من الشروق للغروب بسرعة لتؤدي عملها الـذي
حدده لها الرب فتنير للبشر وتوزع حرارتها عليها وتعطي حيـاة . الخـارج مـن خـدره =
(
حجلته). جعل في الشمس مظلته ) سبعينية ( التصوير هنا أن الشمس كملك يـضرب خيمتـه "
كلمة سبعينية بين القوسين إشارة إلي إختلاف النسحة السبعينية عن نسخة فلجاتة اللاتينسة
تحريفات خرافات وخزعبلات ليست الا ويستحيل ان تغرب الشمس في خيمة وما هذه النصوص إلا أوهام الإنسان البدائي

يقول المفسر الكبير البيرت بارنيس

"  
هذه لغة من يعتقد ان الأرض ملساء ( غير مكورة ) وأن لها أطراف تتنتهي إليها "
الكلمات بين القوسين ليست للمفسر

ويضيف البيرت بارنيس

"
ومعني فيه ... المبيت الذي تبيت الشمس فيه "


أي حيث تقضي الشمس ليلتها ... في الخيمة ... ونقصد بالخيمة ... بيت من بيوت الأعراب يبني من عيدان الشجر او من الكتان ... حتي لا يظن القمص اننا نتحدث عن رأس الخيمة فكل شيء محتمل ممن قالوا ان الإله خروف بسبعة قرون وان الشمس تغرب في خيمة تحوم حولها الخراف وهي تتوحم

 

 

M Abasheikh


الحلقة الأولي من شطحات في تساؤلات زكريا بطرس
الحلقة الثالثة من شطحات في تساؤلات زكريا بطرس

الحلقة الرابعة من شطحات في تساؤلات زكريا بطرس