غروب الشمس في عين حامية؟؟ طرح جديد للشبهة والرد عليها

بقلم الأخ الحبيب ســـــــــاري حفظه الله


‏الشبــــــــــــــهة:


{
حدثنا ‏ ‏عثمان بن أبي شيبة ‏ ‏وعبيد الله بن عمر بن ميسرة ‏ ‏المعنى ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏يزيد بن هارون ‏ ‏عن ‏ ‏سفيان بن حسين ‏ ‏عن ‏ ‏الحكم بن عتيبة ‏ ‏عن ‏ ‏إبراهيم التيمي ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏أبي ذر ‏ ‏قال ‏
‏كنت ‏ ‏رديف ‏ ‏رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهو على حمار والشمس عند غروبها فقال هل تدري أين تغرب هذه قلت الله ورسوله أعلم قال ‏ ‏فإنها تغرب في عين حامية تنطلق حتى تخر ساجدة لربها تحت العرش ، فإذا حان وقت خروجها أذن لها فتخرج فتطلع فإذا أراد الله أن يطلعها من حيث تغرب حبسها ، فتقول يارب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعى من حيث غبت} رواه ابو داود و احمد و الحاكم

قالوا:
(1)
هذا الحديث يؤكد ان الشمس تسجد فى عين حمئة حقيقة
(2)
هذا الحديث ينافى العلم إذ يفيد ان الشمس تذهب و تغرب متحركة لتسجد تحت العرش

الجواب بعون الملك الوهاب:



أولا:

أن هذا الحديث بذلك اللفظ ضعيف لا يصح عن النبى صلى الله عليه و سلم و العلة فيه سفيان بن حسين

وقال يعقوب بن شيبة صدوق ثقة وفي حديثه ضعيف

وقال النسائي ليس به بأس إلا في الزهري

وقال عثمان بن أبي شيبة كان ثقة إلا أنه كان مضطربا في الحديث قليلا

وقال العجلي ثقة وقال بن سعد ثقة يخطىء في حديثه كثيرا

وقال أبو داود عن بن معين ليس بالحافظ

[
تهذيب التهذيب 4/190]

فكما نرى أنه كان مضطرباً مخلطاً فى الحديث و سىء الحفظ رحمه الله ، و قد ضعفه غير واحد من أهل العلم

و الحديث فى البخارى و مسلم من غير طريق سفيان و ليس فيه لفظة غروب الشمس فى عين حمئة البتة، فهو مما تفرد به و اختلط عليه الحديث بأية القران الكريمة

ففى البخارى

حدثنا أبو نعيم: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس، فقال: (يا أبا ذر، أتدري أين تغرب الشمس). قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم

وفى مسلم

حدثنا يحيى بن أيوب، وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن ابن علية. قال ابن أيوب:
حدثنا ابن علية. حدثنا يونس عن إبراهيم بن يزيد التيمي (سمعه فيما أعلم) عن أبيه، عن أبي ذر؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما "أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال "إن هذه الشمس تجري حتى تنتهي تحت العرش. فتخر ساجدة. فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي. ارجعي من حيث جئت. فتصبح طالعة من مطلعها. ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك، تحت العرش. فتخر ساجدة. ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي. ارجعي من حيث جئت فترجع. فتصبح طالعة من مطلعها. ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك، تحت العرش. فيقال لها: ارتفعي. أصبحي طالعة من مغربك. فتصبح طالعة من مغربها"


ثانياً

أن أئمة التفسير الأكابر تنبهوا لضعف هذه الزيادة و لم يعتمدوها فى تفسير الأية الكريمة فى سورة الكهف

قال الإمام إبن كثير:

{
وَقَوْله : " حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِب الشَّمْس " أَيْ فَسَلَكَ طَرِيقًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَقْصَى مَا يُسْلَك فِيهِ مِنْ الْأَرْض مِنْ نَاحِيَة الْمَغْرِب وَهُوَ مَغْرِب الْأَرْض وَأَمَّا الْوُصُول إِلَى مَغْرِب الشَّمْس مِنْ السَّمَاء فَمُتَعَذِّر وَمَا يَذْكُرهُ أَصْحَاب الْقَصَص وَالْأَخْبَار مِنْ أَنَّهُ سَارَ فِي الْأَرْض مُدَّة وَالشَّمْس تَغْرُب مِنْ وَرَائِهِ فَشَيْء لَا حَقِيقَة لَهُ وَأَكْثَر ذَلِكَ مِنْ خُرَافَات أَهْل الْكِتَاب وَاخْتِلَاف زَنَادِقَتهمْ وَكَذِبهمْ وَقَوْله : " وَجَدَهَا تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة " أَيْ رَأَى الشَّمْس فِي مَنْظَره تَغْرُب فِي الْبَحْر الْمُحِيط وَهَذَا شَأْن كُلّ مَنْ اِنْتَهَى إِلَى سَاحِله يَرَاهَا كَأَنَّهَا تَغْرُب فِيهِ وَهِيَ لَا تُفَارِق الْفَلَك الرَّابِع الَّذِي هِيَ مُثْبَتَة فِيهِ لَا تُفَارِقهُ }


و فى تفسير القرطبى:

{
وَقَالَ الْقَفَّال قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى الشَّمْس مَغْرِبًا وَمَشْرِقًا وَصَلَ إِلَى جُرْمهَا وَمَسّهَا ; لِأَنَّهَا تَدُور مَعَ السَّمَاء حَوْل الْأَرْض مِنْ غَيْر أَنْ تَلْتَصِق بِالْأَرْضِ , وَهِيَ أَعْظَم مِنْ أَنْ تَدْخُل فِي عَيْن مِنْ عُيُون الْأَرْض , بَلْ هِيَ أَكْبَر مِنْ الْأَرْض أَضْعَافًا مُضَاعَفَة , بَلْ الْمُرَاد أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى آخِر الْعِمَارَة مِنْ جِهَة الْمَغْرِب وَمِنْ جِهَة الْمَشْرِق , فَوَجَدَهَا فِي رَأْي الْعَيْن تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة , كَمَا أَنَّا نُشَاهِدهَا فِي الْأَرْض الْمَلْسَاء كَأَنَّهَا تَدْخُل فِي الْأَرْض ; وَلِهَذَا قَالَ : " وَجَدَهَا تَطْلُع عَلَى قَوْم لَمْ نَجْعَل لَهُمْ مِنْ دُونهَا سِتْرًا " وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تَطْلُع عَلَيْهِمْ بِأَنْ تُمَاسّهُمْ وَتُلَاصِقهُمْ , بَلْ أَرَادَ أَنَّهُمْ أَوَّل مَنْ تَطْلُع عَلَيْهِمْ . وَقَالَ الْقُتَبِيّ : وَيَجُوز أَنْ تَكُون هَذِهِ الْعَيْن مِنْ الْبَحْر , وَيَجُوز أَنْ تَكُون الشَّمْس تَغِيب وَرَاءَهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ عِنْدهَا , فَيُقَام حَرْف الصِّفَة مَقَام صَاحِبه وَاَللَّه أَعْلَم . }


وفى تفسير الجلالين:

{"
حَتَّى إذَا بَلَغَ مَغْرِب الشَّمْس" مَوْضِع غُرُوبهَا "وَجَدَهَا تَغْرُب فِي عَيْن حَمِئَة" ذَات حَمْأَة وَهِيَ الطِّين الْأَسْوَد وَغُرُوبهَا فِي الْعَيْن فِي رَأْي الْعَيْن وَإِلَّا فَهِيَ أَعْظَم مِنْ الدُّنْيَا "وَوَجَدَ عِنْدهَا" أَيْ الْعَيْن "قَوْمًا" كَافِرِينَ "قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ" بِإِلْهَامٍ "إمَّا أَنْ تُعَذِّب" الْقَوْم بِالْقَتْلِ "وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذ فِيهِمْ حُسْنًا" بِالْأَسْرِ}
قال العلامة السعدى:
{
إنها أسباب قوية كثيرة داخلية و خارجية بها صار له جند عظيم ذو عدد و عدة و نظام و به تمكن من قهر الأعداء و من تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض و مغاربها و نواحيها فأعطاه الله ما بلغ به مغرب الشمس حتى رأها فى مراى العين كأنها تغب فى عين حمئة و هذا هو المعتاد لمن كان بينه و بين أفق الشمس الغربى ماء و كا يابسة يتبعها ماء رأهل تغرب فى نفس الماء و إن كانت فى غاية الأرتفاع..أهـ}
فالملاحظ من هذه التفاسير أن أحد منهم لم يعتمد هذا الحديث و لو صح لما أمكن العدول عنه!



ثالثاً

أن القول بأن الشمس تغرب فى عين يناقض أساساً ذهابها للسجود تحت العرش لأن العرش أعلى المخلوقات و سقفها فلو تخيلنا الشمس تغرب فى عين طينية حقيقة فكيف تتجه إلى الأعلى عن طريق التدنى فى الأسفل؟!


رابعاً

و أما السؤال عن كيف تذهب الشمس للسجود تحت العرش فتقول بعون الله:
إن هذا الحديث صح الصادق المصدوق (صلى الله عليه و سلم) و لكنه على سبيل التمثيل و هذه الأساليب التعبيرية مستفيضة مستساغة فى لغة العرب، و إنما يستشكل هذا من لم يتذوق لغة العرب و مالهم من الإفتتان فى الأساليب و طرق البيان، و نحن بلاشك نجزم بأن الشمس تسجد حقيقة و تخاطب ربها لكن كل هذا لا يُعلم كيفه كقوله تعالى ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَالْجِبَال وَالشَّجَر وَالدَّوَابّ وَكَثِير مِنْ النَّاس)) و جميعنا يشهد الشجر و الدواب و الشمس و القمر و لا نعلم كيف يكون سجودهم ولا مخاطبتهم لربهم سبحانه فكل منهم قد علم صلاته و تسبيحه ، فلا يجب أن نتكلف التشبيه و التصويرالنمطى فى كل شىء و إلا فكيف نفهم قوله عليه الصلاة و السلام عن الرجل الذى نام عن الصلاة ((هذا رجل بال الشيطان فى أذنيه)) هل يحمل اللفظ على المعنى المدرك المشاهد؟ بالطبع لا فهذه مسائل تمثيلية تقع حقيقة ولكن ليس بالصفة التى تنطبق علينا

و قد قال العلماء عن هذا الحديث المبارك أن السجود قد يكون متكرراً فى كل لحظة كلما غربت الشمس عن جزء من أرض الله،

و قال البعض أن السجود يكون بعد الغروب عن الأرض التى كان بها رسول الله تحديداً و هى جزيرة العرب أرض البعثة حيث أول بيت وضع للناس و أخر بيت، بيت الله الحرام و مركز الحج و قبلة الإسلام.

و يدل على ذلك أن الشمس إن كانت تذهب لتسجد تحت العرش كما يشبه العقل البشرى فهل يعنى ذلك أنها لا تكون تحت العرش قبل الذهاب؟
الإجابة لا لأن الأحاديث صحت بأن العرش هو أكبر المخلوقات و سقفها كلها و هى بجانبه كحلقة فى فناء
و لو قيل أنها إذا غربت تكون أقرب للعرش فهذا ينافى معتقد من قال بثبوت الأرض إذ أن أقرب لحظة للشمس من العرش حينها ستكون و هى فى الفلك الرابع فى كبد السماء لا حين تغرب

اما إذنه تعالى لها بالعودة من حيث أتت فهذا لأن الشمس و إن كانت لا تغرب بذاتها فهى التى تسبب الغروب بتأثير جاذبيتها على حركة الأرض فالأرض تدور بسبب تأثير جاذبية الشمس عليها ، لذا فالفعل للشمس و الأثر على الأرض
و من جهة أخرى فإن الأمر يتحقق تطابقاً او التزاماً، فحين يامر الاب ابنه بشراء منتج معين فهذا يتضمن طلباً للبائع أن يبيعه اياه . و حين يطلب شخص من أخرأن يناوله الكتاب الذى فى يد فلان ، فهذا طلب ضمنى لهذا الفلان بتسليم هذا الكتاب..إلخ،
كذا فإن الإذن للشمس بالشروق يتضمن إذناً لكل المخلوقات بالسير فى ناموسها المقدر لأن كل شىء مسير بإذنه ولا تُرفع قدم عن قدم إلا بإذن الله تعالى ، و هذا الكون و إن كان الله تعالى قد وضع له نواميسه المسببة إلا أنه مسبب الأسباب و مقدر المقادير سبحانه ،و حسبك أن تقرأ الحديث باللفظ الصحيح الوارد فى مسند الإمام أحمد قال : {حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ كُنْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد حِين غَرَبَتْ الشَّمْس فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا ذَرّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب الشَّمْس ؟ " قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد بَيْن يَدَيْ رَبّهَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَسْتَأْذِن فِي الرُّجُوع فَيُؤْذَن لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَرْجِع إِلَى مَطْلِعهَا ...الحديث} فكلمة كأن يتجلى فيها المعنى التمثيلى

و أخيراً أبدى تعجبى أن يكون الإعتراض صادر عن النصارى و هم أخر من يحق له ذلك، فكتابهم يعج الأباطيل و الخرافات و لنقرأ الأمثلة البسيطة:

((
الشمس تشرق ثم تغرب ، مسرعة إلي موضعها الذي منه طلعت))جامعة5:1

((
فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من اعدائه . أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر . فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل ))يشوع 13:10


و سؤالنا هل الشمس هى التى تسرع إلى موضعها الذى أشرقت منه؟؟
و هل الشمس هى التى تعجل بالغروب و هى التى تقف أم أن الأرض هى التى تفعل ذلك؟؟

((
النهاية قد أزفت على زوايا الأرض الأربع))حزقيال 2:7

((
هُوَ الَّذِي يُزَعْزِعُ الأَرْضَ مِنْ مُسْتَقَرِّهَا فَتَتَزَلْزَلُ أَعْمِدَتُهَا.))أيوب6:9

هل الأرض الكروية البيضوية لها أربع زوايا؟؟؟ اللهم ثبت عقولنا!!
و هل الأرض التى تسبح فى فلك السماء كحال سائر الكواكب و الشموس لها أعمدة تتزلزل؟؟؟؟؟

((
اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ))

و هاك رد رائع أخر فى تفسير حديث سجود الشمس تحت العرش من ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30220