تنبع أهمية الإسناد
ومكانته في ديننا من أهمية الحديث ومكانته
التشريعية ، والتي تحتل المرتبة الثانية بعد
كتاب الله تعالى ، فالسند كان ولا يزال أهم
الوسائل التي حفظ الله بها الحديث وصانه من
الوضع والكذب والافتراء ، كما أنه المعيار
الأول الذي تقيم به الروايات ، وتوزن به
الأخبار ، لمعرفة صحيحها من سقيمها ، وقويها
من ضعيفها .
وقد بدأ إسناد الحديث
مع بداية الرواية التي بدأت في حياة النبي -
صلى الله عليه وسلم - حين كان الصحابة
يتناوبون في حضور مجلسه عليه الصلاة والسلام
فيبلغ الشاهد منهم الغائب ، وينقل كل منهم
لغيره ما سمعه وشاهده ، مع نسبة القول أو
الفعل إلى قائله الذي سمعه منه سواء كان ذلك
القائل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو
صحابياً آخر سمعه من النبي -صلى الله عليه
وسلم - ، وقد لا يذكر بعضهم الواسطة فيما لم
يسمعه مباشرة من النبي - صلى الله عليه وسلم -
، لا عن جهل منه وعدم معرفة بمن أخذ عنه ،
ولكن لوجود الثقة بينهم ، وبعدهم عن مظان
الكذب ، فالصحابة كلهم ثقات عدول ، ولقرب
العهد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .
ثم استمر الحال على ذلك
مدة من الزمن ، وإن كان الاحتياط والتثبت في
الرواية قد وُجد على عهد الخليفتين الراشدين
أبي بكر و عمر
رضي الله عنهما ، كما يدل عليه قصة
أبي بكر رضي الله عنه مع المغيرة بن
شعبة في ميراث الجدة ، وقصة
عمر رضي الله عنه مع
أبي موسى في الاستئذان ثلاثاً ، إلا
أنه لم ينتقل إلى طور الإلزام بإسناد الحديث
عند روايته .
حتى وقعت الفتن التي
أودت بحياة الخليفتين الراشدين
عثمان بن عفان و
علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وما
رافق ذلك من اختلاف الأمة وتفرقها ، وظهور
الفرق والطوائف ، ومحاولة كل فرقة التمسك بما
يؤيد موقفها ، مما استوجب زيادة الحيطة والحذر
، والتثبت في قبول الروايات ، فأصبح السؤال عن
السند ، وإلزام الرواة به أمراً ضرورياً
اقتضته طبيعة المرحلة ، التي مهدت السبيل أمام
أصحاب الأهواء والبدع للدس والافتراء في حديث
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، الأمر
الذي بينه ابن عباس
رضي الله عنهما كما في مقدمة
مسلم أن
بشيراً العدوي جاء إلى
ابن عباس رضي الله عنهما ، فجعل يحدث
ويقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
فجعل ابن عباس لا
يأذن لحديثه - أي لا يستمع - ولا ينظر إليه ،
فقال: يا ابن عباس
ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن
رسول الله ولا تسمع؟! فقال
ابن عباس : إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا
يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ابتدرته أبصارنا ، وأصغينا إليه بآذاننا ،
فلما ركب الناس الصعب والذلول ، لم نأخذ من
الناس إلا ما نعرف " ، وبينه أيضاً الإمام
ابن سيرين بقوله
: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت
الفتنة ، قالوا سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى
أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع
فلا يؤخذ حديثهم" .
وهذا لا يعني أن
الإسناد لم يكن موجوداً قبل الفتنة ، أو أنه
لم يستعمل من قبل الرواة ، وإنما المقصود أن
بداية البحث والتحري وإلزام الرواة بالإسناد
بدأ عقب الفتنة ، ثم صار الالتزام بالسند
أمراً شائعاً ، وسنة متبعة لدى رجال الحديث .
ومع وضوح بداية استعمال
السند ، وشيوع التزامه والتمسك به في هذا
الوقت المبكر من تاريخ الحديث ، فإن
المستشرقين وأذنابهم حاولوا أن يثيروا الشكوك
حول الإسناد وبداياته وأهميته في الرواية ،
وذلك لإضعاف الثقة به ، ومن ثم إضعاف الثقة
بالحديث النبوي ، لأن التشكيك في الإسناد أو
التقليل من أهميته ، هو في الحقيقة تشكيك في
السنة النبوية ، التي وصلت إلينا ، وتناقلتها
الأمة جيلاً إثر جيل ، بواسطة هذه الأسانيد .
فمن المستشرقين من شكك
في بدايات الإسناد كما فعل كايتاني ( ت 1926 م
) الذي زعم في حولياته " أن الأسانيد أضيفت
إلى المتون فيما بعد بتأثير خارجي ، لأن العرب
لا يعرفون الإسناد ، وأن استعمال الأسانيد
إنما بدأ أول ما بدأ بين
عروة بين الزبير المتوفى سنة 94هـ ، و
ابن إسحاق المتوفى سنة 151هـ ، وأن
عروة لم يستعمل الإسناد مطلقاً، و
ابن إسحق استعملها بصورة ليست كاملة .
وأشار " شبرنجر " ( ت
1893 م ) إلى تعاسة نظام الإسناد وأن اعتبار
الحديث شيئاً كاملاً سنداً ومتناً قد سبَّب
ضرراً كثيراً وفوضى عظيمة ، وأن أسانيد عروة
مختلقة ألصقها به المصنفون المتأخرون .
وأما " ميور " معاصر
"شبرنجر " ، فينتقد طريقة اعتماد الأسانيد في
تصحيح الحديث ، لاحتمال الدس في سلسلة الرواة
.
وأما " شاخت " ( ولد
1902 م ) ، فقد أجرى دراسة على الأحاديث
الفقهية وتطورها - على حد زعمه - أجراها على
كتابي " الموطأ " لمالك
و" الأم "
للشافعي وعمم نتائج دراسته على كتب
الحديث الأخرى ، ثم خلص إلى أن السند جزء
اعتباطي في الأحاديث ، وأن الأسانيد بدأت بشكل
بدائي ، حتى وصلت إلى كمالها في النصف الثاني
من القرن الثالث الهجري ، وأنها كانت كثيراً
ما لا تجد أقل اعتناء ، ولذا فإن أي حزب يريد
نسبة آرائه إلى المتقدمين كان يختار تلك
الشخصيات فيضعها في الإسناد " .
ووُجد مع الأسف الشديد
فيمن ينتسب إلى الإسلام من ردد أقوال
المستشرقين فيما يتعلق بالإسناد ومدى الحاجة
إليه ، حتى وصف بعضهم أهل الحديث بأنهم "عبيد
الأسانيد" ، و" أسرى الأسانيد " ، وأن الإسناد
نوع من التزمت ، وأن المبالغة في الاعتداد به
، وربط الأحكام الشرعية به ، واعتباره بالدرجة
الأولى أساساً لصحة الحديث ، قد أثمر افتراقاً
كبيرا بين المسلمين ، وحولهم إلى فرق وأحزاب
يعارض بعضها بعضا ، ويقاتل بعضها بعضا ، ويكيد
بعضها لبعض على مر السنين .
وقبل مناقشة هذه
المزاعم لا بد من التنبيه على أن من الأسباب
التي جعلت المستشرقين يتوصلون إلى هذه النتيجة
في حكمهم على الأحاديث النبوية ، أنهم لم
يجروا دراستهم على كتب الحديث المعتمدة التي
عنيت بذكر الأسانيد وعولت عليها ، بل اختاروا
الكتب التي تكون دراستها للحديث غير مقصودة
لذاتها ككتب السيرة والفقه مثلاً ، فـ " شاخت
" عندما أصدر حكمه هذا على الأسانيد أصدره
بناء على دراسة قام بها لكتاب الموطأ للإمام
مالك ، والموطأ للإمام
محمد الشيباني ،
وكتاب الأم للشافعي
ومن المعلوم أن هذه الكتب أقرب ما تكون
إلى الفقه من كتب الحديث ، وعلى الرغم من ذلك
فقد عمم نتيجته التي توصل إليها في دراسته
لتلك الكتب ، وفرضها على كافة كتب الحديث ،
وكأنه ليس هناك كتب خاصة بالحديث النبوي ،
وكأنه ليس هناك فرق بين طبيعة كتب الفقه وكتب
الحديث .
فقد يحذف الفقهاء جزءاً
من الإسناد اكتفاءً بأقل قدر ممكن من المتن
الذي يدل على الشاهد والمقصود وذلك تجنباً
للتطويل ، وقد يحذفون الإسناد بكامله ،
وينقلون مباشرة عن المصدر الأعلى ، وقد
يستعملون الإسناد أحياناً ، ويقطعونه أحياناً
.
وبهذا يتبين بأن كتب
السيرة وكتب الفقه ليست مكاناً صحيحاً لدراسة
ظاهرة الأسانيد ونشأتها وتطورها ، وأن أي
دراسة أو نتيجة يتوصل إليها الباحث فيما يتعلق
بالأحاديث النبوية أو الأسانيد في غير مصدرها
الأصلي ، محكوم عليها بالفشل والإخفاق ، وعلى
هذا الأساس فإن ما قام به المستشرقون من دراسة
وما توصلوا إليه من نتائج في هذا المجال كانت
نتائج خاطئة ، هذا إذا افترضنا حسن النية ،
والنزاهة في البحث العلمي ، فكيف إذا انضم إلى
ذلك سوء القصد والعداء للإسلام وأهله ، وتشويه
مصادره ، وهدم أصوله وأركانه .
وأما ما يتعلق بتفنيد
هذه المزاعم فمن المعلوم لدى كل منصف أنه لم
يلق علم من العلوم الإسلامية في جميع جوانبه
وفروعه ما لقيه علم الحديث من العناية
والاهتمام ، بدءا من عهد الصحابة رضي الله
عنهم وإلى يوم الناس هذا ، فما من جزئية من
جزئياته إلا وقد فصَّلها العلماء بحثاً ودراسة
، وذلك تحقيقاً لوعد الله في حفظ الذكر ، ومن
ذلك ما يتعلق بإسناد الحديث .
فقد درس المحدثون هذه
الأسانيد دراسة مستوفية من حيث الاتصال ،
ووضعوا القواعد التي تتناول كافة أحوال
الاتصال ، وسائر وجوهه ، فنظروا إليه من حيث
مبدئه ومنتهاه ، ودرسوا صيغه ، وبينوا شروطها
، ونظروا إلى مسافة السند من حيث الطول والقصر
، وإلى حال الرواة عند الأداء ، ونقدوا
الأسانيد في الحديث الواحد وما فيها من زيادة
ونقص .
كما درسوا الإسناد من
حيث الانقطاع ، وأنواعه ، فبحثوا عن مواضعه من
أوله أو وسطه أو آخره ، كما بحثوه من حيث
طبيعته في الظهور والخفاء ، وبلغوا في ذلك
المنتهى والغاية .
فاستوفوا بذلك جميع أوجه الاحتمالات في اتصال
الحديث وانقطاعه ، مما جعل حكمهم على الأحاديث
في غاية الدقة والسداد .
إضافة إلى أنهم اشترطوا
في الحديث الصحيح شروطاً تضمن أن ينقله الثقة
عن الثقة حتى يبلغ به النبي - صلى الله عليه
وسلم - مع الاتصال التام ، وكل واحد من الرواة
يخبر باسم الذي أخبره ونسبه وحاله ، لا تفوتهم
في ذلك كلمة أو زيادة لفظة فما فوقها ، وهذه
الشروط هي الضبط والعدالة واتصال السند ، وعدم
الشذوذ والعلة ، فاختص الإسناد من ذلك بثلاثة
شروط ، واشترك مع متن الحديث في الشرطين
الآخرين .
وعرف عن أئمة هذا الشأن
الإكثار من الترحال والتنقل في طلب الأسانيد ،
للوقوف على أحوال الرواة وسيرهم عن كثب ،
وحرصاً منهم على قرب الأسانيد وقلة النقلة
والوسائط ، ونظرة سريعة في تراجم الرواة تدلنا
على مدى المشاق والصعوبات التي لقيها هؤلاء
الأئمة واستعذبوها في سبيل حفظ السنة وسماع
أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
منابعها الصحيحة ومصادرها الأصلية ، حتى رأينا
الصحابي يرحل من المدينة - التي هي بلد رسول
الله وموطن الحديث - إلى مصر في طلب حديث سمعه
آخرُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأخبار العلماء
ورحلاتهم في ذلك كثيرة يضيق المقام بذكرها ،
ولا ينقضي العجب منها ، وحسبنا أن نشير إلى
شيء منها لنعرف عظم الجهود التي بذلها أسلافنا
في جمع الحديث النبوي وحفظه وصيانته .
فهذا
أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يرحل
من المدينة إلى مصر ليسأل
عقبة بن عامر عن حديث سمعه من النبي -
صلى الله عليه وسلم - فلما قدم قال له :
حدِّثْنا ما سمعته من رسول الله - صلى الله
عليه وسلم- في ستر المسلم ، لم يبق أحد سمعه
غيري وغيرك ، فلما حدَّثه ركب
أبو أيوب راحلته وانصرف عائداً إلى
المدينة ، وما حلَّ رحله .
وهذا
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله
عنه بلغه حديثٌ عن صحابي بالشام سمعه من رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعظم أن يفوته
شيء من حديث رسول الله ، فاشترى بعيرا وشد
عليه رحله ، وسافر مسيرة شهر حتى قدم الشام ،
فإذا هو عبد الله بن
أنيس فقال له : " حديثٌ بلغني عنك أنك
سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
القصاص ، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه
، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- يقول : ( يُحشر الناس
يوم القيامة - أو قال العباد - عراة غرلا
بُهْما ..... ) وذكر الحديث .
ومن بعد الصحابة سار
التابعون على هذا المنوال فكان أحدهم يخرج من
بلده لا يُخْرجه إلا حديث عن صحابي يريد أن
يسمعه منه مباشرة بدون واسطة ، يقول
أبو العالية : " كنا نسمع الرواية
بالبصرة عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فلا نرضى
حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم " .
ولذلك جاءت العبارات عن
الأئمة في التشديد على التمسك بالإسناد
والتزامه في الرواية واعتباره جزءاً من الدين
مما يوجب على المرء أن يعرف عمن يأخذ دينه ،
يقول عبد الله بن
المبارك : " الإسناد من الدين ولولا
الإسناد لقال من شاء ما شاء " ، وكان يقول :
"بيننا وبين القوم القوائم " يعني الإسناد .
وكانوا لا يقبلون
حديثاً ورد إليهم إلا إذا أسنده صاحبه وتأكدوا
من صحة هذا الإسناد مهما كانت مكانة من رواه ،
فقد روى مسلم في
مقدمة الصحيح بسنده إلى
أبي إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقاني
قال : قلت لعبد الله بن
المبارك : يا أبا عبد الرحمن ، الحديث
الذي جاء " إن من البر بعد البر ، أن تصلي
لأبويك مع صلاتك ، وتصوم لهما مع صومك" ، قال
: فقال عبد الله : " يا
أبا إسحق عمن هذا ؟ قال : قلت له : هذا
من حديث شهاب بن خراش
، فقال : ثقة ، عمن؟ قال : قلت : عن
الحجاج بن دينار . قال: ثقة ، عمن ؟
قال : قلت : قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - قال: يا أبا
إسحاق إن بين
الحجاج بن دينار وبين النبي - صلى الله
عليه وسلم - مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ،
ولكن ليس في الصدقة اختلاف".
وقال
شعبة : " كل حديث ليس فيه حدثنا وحدثنا
فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير ليس له خطام
" .
وعظم اهتمام علماء
الحديث بالإسناد حفاظاً على سنة رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - من أن تنالها يد
العابثين ، أو تتطرق إليها أهواء المغرضين ،
قال الإمام أبو حاتم بن
حبان : " ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه
الطائفة له ، لظهر في هذه الأمة من تبديل
الدين ما ظهر في سائر الأمم ، وذاك أنه لم يكن
أمة لنبي قط حفظت عليه الدين عن التبديل ما
حفظت هذه الأمة ، حتى لا يتهيأ أن يزاد في سنة
من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألِف
ولا واو ، كما لا يتهيأ زيادة مثله في القرآن
، فحفظت هذه الطائفة السنن على المسلمين ،
وكثرت عنايتهم بأمر الدين ، ولولاهم لقال من
شاء بما شاء " .
وكان من ثمار تلك
الجهود المباركة نشوء قواعد وأصول الرواية
وتصحيح الأخبار ونقدها نقداً علمياً ، حتى
عُدّت هذه القواعد من أصح قواعد البحث العلمي
المتعلق بتوثيق الأخبار والنصوص ، وهي ميزة لا
توجد في تراث أي أمة من أمم الأرض كلها ، بل
حتى ولا في كتبهم المقدسة ، مما يعد بحق مفخرة
من مفاخر هذه الأمة من جهة السبق أولا ، ومن
جهة الشمولية والموضوعية ودقة النتائج ثانياً
، وهذا ما شهد به أهل الإنصاف من غير المسلمين
حتى قال " مرجليوث " : " ليفتخر المسلمون ما
شاؤوا بعلم حديثهم " ، وعندما ألف أحد علماء
التاريخ في العصر الحاضر كتاباً في أصول
الرواية التاريخية وهو كتاب مصطلح التاريخ
لمؤلفه النصراني " أسد رستم " ، اعتمد فيه على
قواعد علم الحديث ، واعترف بأنها طريقة علمية
حديثة لتصحيح الأخبار والروايات ، وقال بعد أن
ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي ، والأمانة
في خبره : " ومما يذكر مع فريد الإعجاب
والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات
السنين في هذا الباب ، وإليك بعض ما جاء في
مصنفاتهم نورده بحرفه وحذافيره تنويهاً
بتدقيقهم العلمي ، اعترافاً بفضلهم على
التاريخ " ثم أخذ ينقل نصوصاً عن بعض أئمة هذا
الشأن .
فهل بعد هذا كله يقال
إن الأسانيد لم تجد أدنى اعتناء ، وأنها كانت
أمراً اعتباطياً بحيث يتسنى لمن شاء أن يختلق
إسناداً وينسبه إلى من يريد لينصر مذهبه أو
طائفته أو حزبه - كما يقول المستشرقون
وأذنابهم - من غير أن يميز ذلك أئمة هذا الشأن
الذين خصهم الله لحفظ دينه وحراسة سنة نبيه ،
سبحانك هذا بهتان عظيم .
_________________
المراجع :
- موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية
الأمين الصادق الأمين
- المستشرقون والحديث النبوي د . محمد بهاء
الدين
- دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه د .
محمد مصطفى الأعظمي
- بحوث في تاريخ السنة المشرفة د . أكرم ضياء
العمري