هل أسماعيل أباً ليعقوب كما ذكر القران ؟؟

 

 
يقول السؤال
إني لا أفهم هذه الآية "أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ..."، لأنني أعلم أن إسماعيل عم يعقوب، اشرح لي هذا الأمر.

 
ويجيب الشيخ / عبد الحكيم القاسم
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين


 
الجواب
الأب في اللغة يطلق حقيقة ومجازاً:فأما الحقيقي فيطلق على الوالد ؛ لأنه يغذو ولده.
وأما المجازي: فيطلق على كل من كان سببا في إيجاد شيء، أو صلاحه أو ظهوره، كما في قوله تعالى:"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" [الأحزاب: 6]قرئ بزيادة: وهو أب لهم ومعناها صحيح، ويسمى العم مع الأب أبوان وكذلك الأم مع الأب، وكذلك الجد مع الأب ، كما في الآية المسئول عنها، فإسماعيل لم يكن من آبائهم، وإنما كان عمهم حقيقة، وبعضهم يقول هنا: هذا الإطلاق على التغليب.وفي السنة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمه العباس لعمر –رضي الله عنهما- :"أماشعرت أن عم الرجل صنو أبيه" رواه البخاري (1468)، ومسلم (983)، واللفظ له من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- ، وقال :"الخالة بمنزلة الأم " متفق عليه عند البخاري (2699)، ومسلم (1783) من حديث البراء بن عازب –رضي الله عنه-.ومن إطلاق الأب على الجد العالي قوله تعالى: " كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ " [الأعراف]، وَهُمَا: آدَم وَحَوَّاءُ , ومن السنة : "ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا " رواه البخاري (2899) من حديث سلمة بن الأكوع –رضي الله عنه-. وفي القرآن يأتي الأب ويراد به أربعة معاني –حكاها ابن الجوزي في الوجوه والنظائر ص 111-112 – وهي :
الأب الأصلي الأدنى : كما هو واضح في مثل قوله تعالى :"وورثه أبواه" [النساء: 11]، وقوله تعالى: "وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر" [الأنعام: 74]على الصحيح ، "وأبونا شيخ كبير" [القصص: 23]. ويطلق ويراد به الأب الأعلى: كما في قوله
:"واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب"[يوسف38]، وقوله تعالى: "ملة أبيكم إبراهيم" [الحج 78]، ويطلق ويراد به العم: كما في الآية المسئول عنها. ويطلق ويراد به الخالة، ومثاله قوله تعالى عن يوسف: "ورفع أبويه على العرش"[يوسف100] ا.هـ . قلت: –إن صح الخبر في الرابع - ولكن الظاهر أن الأبوين حقيقة أمه وأبوه ، والله أعلم .
وننقل كلاما للشيخ ابن عثيمين - رحمة الله علية - في الامر اذ قال
{ وإله آبائك } جمع أب؛ ثم بينوا الآباء بقولهم: { إبراهيم وإسماعيل وإسحاق }؛ { إبراهيم } بالنسبة إلى يعقوب جدّ؛ و{ إسماعيل } بالنسبة إليه عم؛ و{ إسحاق بالنسبة إليه أب مباشر؛ أما إطلاق الأبوة على إبراهيم، وعلى إسحاق فالأمر فيه ظاهر؛ لأن إسحاق أبوه، وإبراهيم جده؛ والجد أب؛ بل قال الله عزّ وجلّ لهذه الأمة: {ملة أبيكم إبراهيم} [الحج: 78] ؛ وهي بينها وبين إبراهيم عالَم؛ لكن الإشكال في عدِّهم إسماعيل من آبائه مع أنه عمهم؛ فيقال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: «أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه»(1) ؛ و«الصنو» الغصنان أصلهما واحد؛ فذُكر مع الآباء؛ لأن العم صنو الأب؛ وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الخالة بمنزلة الأم»(2) ؛ كذلك نقول: العم بمنزلة الأب؛ وقيل: إن هذا من باب التغليب، وأن الأب لا يطلق حقيقة على العم إلا مقروناً بالأب الحقيقي؛ وعلى هذا فلا يكون فيها إشكال إطلاقاً؛ لأن التغليب سائغ في اللغة العربية، فيقال: «القمران»؛ والمراد بهما الشمس، والقمر؛ ويقال: «العُمَرانِ»؛ وهما أبو بكر، وعمر . وقوله تعالى: { إبراهيم } بدل من { آبائك }؛ أو عطف بيان؛

 
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل


 
الرئيسيه