حين خرج أبو الهذيل العلاف بالدعاوى الأربعة التي أثبت بها حدوث العالم اهتزت أركان الالحاد فراحوا يبحثون عن رد على هذه الدعاوي و كان من جملة ما تمسكوا به هو الرد على الدعوى الرابعة القائلة أن الأجسام التي لا تنفك عن الأعراض احادثة فيلزم حدوثها

فردوا عليها بأن الأعراض حادثة لكن جملتها قديمة و بالتالي فلا مسوغ لحدوث الأجسام

لكن متكلمي المسلمين كانوا لهم بالمرصاد و فندوا حجتهم و أنا الآن أوضح أحدى نقوضات المتكلمين على حوادث لا أول لها

قبل الشروع نقول

الحادث هو ما له أول و قبل هذا الأول كان معدوما

القديم ما ليس له أول

الأزل هو ما ليس قبله شيء

فحين نقول شيء كان موجودا في الأزل فإننا نعني أن ليس قبله شيء

و الآن نشرع في التدليل

يقولون الأعراض جميعها حادثة لكن جملتها قديمة

فنقول مقتضى كلامكم أن هذه الحوادث جميعها كان كل واحد منها مسبوقا بعدم و أن هذه العدمات ليس قبلها شيء مما يعني أن عدمات الحوادث جميعها موجودة في الأزل

لكنكم تقولون أيها الملحدون أن الجملة قديمة أي أنها كانت موجودة في الأزل

فنقول لكم و هذه الجملة لا تكون موجودة في الأزل إلا إذا كان فرد من أفرادها موجود في الأزل

فيتقرر على وجودها في الأزل وجود فرد من أفرادها في الأزل

بمعنى أن حادثا ما موجود في الأزل

لكننا قلنا و وافقتمونا على أن جميع الحوادث عدماتها موجودة في الأزل

فيلزم من ذلك أن يكون هذا الحادث عدمه و وجوده مجتمعان في الأزل

أي أن شيئا ما موجود و في نفس الوقت غير موجود

و هذا التناقض عينه

لكن هذا التناقض لازم عن قولكم بحوادث لا أول لها

لكن التناقض مستحيل

فيكون ملزومه كذلك و هو حوادث لا اول له مستحيل أيضا

فيتقرر دليل الدعاوى و ينهار ردكم

عوده