التكوين 25 : 23 هل يحقق الله بركته بالخداع؟!

قال القس الفاضل :
 قال المعترض : ورد في تكوين 25: 23 وعد الله يعقوب بالبركة, وفي تكوين 27 نرى تحقيق هذه البركة بكذب رفقة ويعقوب على إسحق, هل يحقق الله بركته بالخداع؟! ,
 وللرد نقول : لابد أن تتحقق مواعيد الله, فإذا تحققت بوسيلة خاطئة فلا ننسب ذلك إلى الله، بل إلى البشر, ولو لم تخدع رفقة ويعقوب إسحق لمنح الله البركة ليعقوب بوسيلة أفضل, وتحقيق البركة بواسطة الخداع لا يعفي المخادع من مسئوليته أمام الحق وأمام التاريخ,
 لقد وعد الله العالم بالخلاص في المسيح المخلّص، وقام يهوذا الإسخريوطي بتسليم المسيح لشيوخ اليهود فصلبوه، وهذا لا يبرّر فعلة يهوذا, ولكن الخلاص جاء للعالم,
 ويمكن أن نقول إن الله بارك يعقوب بالرغم من شره وخداعه, وأليست هذه قصتنا؟! نعم، هناك خداع كثير في قصة يعقوب، فهو المتعقّب الذي يتعقَّب الآخرين من نقط ضعفهم, ولكن الله كان قد اختاره ليكون أباً للشعب الذي تتحقق فيه المواعيد المُعطاة لإبراهيم، والذي منه يجيء المسيح، وقال: أحببت يعقوب (ملاخي 1: 2 و3), وهي محبة عجيبة موهوبة ممنوحة وليست مكتسبة, وكان الله سيبارك يعقوب لو أنه سَلَك بالاستقامة, ولو كان يعقوب صادقاً لنال البركة بدون متاعب، ولكن لأنه كان مخادعاً نال البركة (لأن الله وعد بها) ومعها الضيق والتعب, لقد خدع أباه وأخذ بركة عيسو، ولذلك خرج تائهاً في الصحراء حتى وصل إلى بيت خاله, ولكن الله كان قد جهّز له البركة بدون ذلك (تكوين 27 خداع الأب، وتكوين 28 رؤيا الله والسلم), وخدع يعقوب خاله بمحاولة تقشير القضبان (علمياً: كشط البياض عن قضبان اللوز لا يجعل الغنم تلد مخططات), ولكن الله منحه الكثير من الثروة, أما خداعه فأورثه الهروب الخائف من خاله (تكوين 30: 37_43 و31: 17_21),
 إن الله لا يسمح بالالتواء، فليس فيه ظلمة البتّة, وكل من يلتوي قد يربح ماديات لكنه يدفع الثمن الذي يبدأ من نقص الاستقرار إلى بُغْض الآخرين له, لقد دفع يعقوب الكثير من الثمن مقابل ما أخذه من بركات الجسد, وكان تعبه يفوق ما ربحه من غنم أو بقر! يكفي أن بصره ذهب حزناً على يوسف!
_________________________________________
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله: الحمد لله على نعمة الإسلام و نعمة العقل , فهؤلاء القوم لا يمكن أن يكون لهم عقول يفقهون بها , فالقس يقول بأن عهد الله لا بد أن يتم حتى و لو تم ذلك بطريقة الغش , و كأن البركة تخرج من آلة مبرمجة طالما وضعت فيها البيانات المطلوبة تعطيك النتيجة !! عجباً ممن يبرر حصول يعقوب على البركة بالغش و الخداع بعد أن وضع  رأسه لأبيه المريض فباركه على أنه أخاه!!
- و العجيب أيضاً أن النص تكوين 23:25 لا يمثل  وعداً بقدر ما يحوى  إخبار عن مأساة ستقع فقال الرب"فى بطنك أمتان , و من أحشائك يفترق شعبان, شعب يقوى على شعب, و كبير يُستعبد لصغير" فهذا  الوعد (كما يقول الدكتور) وعد دموى باستعباد الأخ لأخوه و التسلط عليه!
 - ثم استرسل القس عبد النور فى تطاوله على خير البرية أنبياء الله , فزعم أن يعقوب عليه السلام  مخادع آثم امام الحق و امام التاريخ ,  أنه بعد أن خدع أباه خدع  خاله , ثم أخذ يحكى عن انتقام الله منه و أنه أورثه التعب و الشقاء, و حمله على دفع الثمن غالياً حتى انه ذهب ببصره حزناً على يوسف !!
فيعقوب وفق ذلك الشرح المثير للغثيان حصل على البركة و اللعنة معاً من الله !!!!
- ويبدو أن القس نسى أن يعقوب تزوج و أنجب أبناء كثيرين و اغتنى و تكاثرت قطعانه وكان الله يكلمه و يفضله بمعيته له و الأنس به ,و أنه صارع الله ( تعالى عما يقولون) و ضربه علقة ساخنة , كما ان القس نسى أن يعقوب الذى ذهب بصره حزناً على يوسف عاد إليه بصره و أقر الله عينه بجمع كل بنيه حوله مرةً أخرى  و أعزه حتى انه حين بارك ابنى يوسف قال" لم أكن أظن أن أرى وجهك, و هوذا الله قد أرانى نسلك"
- وطبعاً لا يفوت القساوسة إقحام عقيدة التثليث فى كل ما يقولون, فيزعم القس أن المسيح صُلب لأجل خلاصنا بعد أن خانه يهوذا , و كلمة الخلاص  هذه عزيزة جداً على النصارى مع أنهم لا يفهمون أين و متى و كيف و لماذا؟ فلا يفقهون شيئاً و لا يهتدون سبيلاً ,لكن يرددون ما ورثوه عن أباءهم و نسى أن الخلاص الحقيقى باتباع الناموس , شريعة الله و الأستقامة عليها (( فاستقم كما أمرت و من تاب معك و لا تطغوا, إنه بما تعملون بصير )) , و لكن الشاهد أنه شبه نبى الله يعقوب بيهوذا الاسخريوطى الخائن الذى أسلم المسيح بن مريم !!
- فحسبنا الله فى من نالوا من أعراض الأنبياء و نصبوا أنفسهم قضاة عليهم , و نسبوا إليهم ما تقشعر منه الجلود , فنبى الله يعقوب لم يكن إلا صديقاً صالحاً يخشى الله فى كل حين و هو الذى قال عنه الله تعالى (( إنه لذو علم لما علمناه و لكن أكثر الناس لا يعلمون )) و قال و هو يرثى يوسف (( قال إنما أشكوا بثى و حزنى إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون )) , فإن أنبياء الله هم أعلم البشر بربهم و عظمته , وهم أكثر الناس توحيداً لألوهيته و ربوبيته و أسماءه الحسنى و صفاته العلى, و كيف لا و هم المنعم عليهم بخبر السماء و اصطفاء الله ؟و قد علمهم سبحانه و رباهم و زكاهم بنفسه عليهم صلوات الله و سلامه.
وقد بين العلامه ابن حزم ، في نقد لاذع وتحليل رائع ، ما في الاصحاح السابع والعشرين من سفر التكوين من أكاذيب وخرافات ومتناقضات إذ يقول :
وفي هذا الفصل فضائح وأكذوبات وأشياء تشبه الخرافات . فأول ذلك اطلاقهم على نبي الله يعقوب عليه السلام أنه خدع أباه وغشه وهذا مبعد عمن فيه خير من أبناء الناس مع الكفار والأعداء . فكيف من نبي مع أبيه وهو نبي أيضاً ؟! هذه سوءات مضاعفات .
ثانياً : اخبارهم أن بركة يعقوب إنما كانت مسروقه بغش وخديعة وتخابث . وحاشا للأنبياء عليهم السلام من هذا . ولعمري انها لطريقة اليهود ، فما تلقى منهم إلا الخبيث الخادع والا الشاذ .
ثالثاً : اخبارهم أن الله أجرى حكمه وأعطى نعمته على طريق الغش والخديعة ، وحاش لله من هذا .
رابعاً : أنه لا يشك أحد في أن اسحق عليه السلام لما بارك يعقوب حينما خدعه ، كما زعم النذل الذي كتب لهم هذا الهوس ، إنما قصد بتلك البركة عيسو ، وأنه دعا لعيسو لا ليعقوب . فأي منفعة للخديعة ها هنا ؟ لو كان لهم عقل . (( فهذه وجوه الخبث والغش في هذه القضية ))
وأما وجوه الكذب فكثيرة جداً . من ذلك نسبتهم الكذب إلى يعقوب عليه السلام وهو نبي الله ورسوله ، في أربع مواضع :
أولها وثانيها قوله لأبيه اسحاق أنا ابنك عيسو وبكرك . فهاتان كذبتان في نسق ، لأنه لم يكن ابنه عيسو ولا كان بكره وثالثها ورابعها قوله لأبيه صنعت جميع ما قلت لي فاجلس وكل من صيدي .فهاتان كذبتان في نسق ، لأنه لم يكن له شيئاً ولا أطعمه من صيده . وكذبات أخرى هي : بطلان بركة اسحق إذ قال ليعقوب تخدمك الأمة وتخضع لك الشعوب وتكون مولى اخوتك ، ويسجد لك بنو أمك . وبطلان قوله لعيسو تستعبد لأخيك . فهذه كذبات متواليات . فوالله ما خدعت الأمم يعقوب ولا بنيه بعده ، ولا خضغت لهم الشعوب ، ولا كانوا موالى اخوتهم ، ولا سجد لهم ولا له بنو أمه . بل ان بني اسرائيل هم الذين خدموا الأمم في كل بلدة وخضعوا للشعوب قديماً وحديثاً في أيام دولتهم وبعدها . 
وأما قوله تكون مولى اخوتك ويسجد لك بنو أمك ، فلعمري لقد صح ضد ذلك جهاراً ، إذ في توراتهم أن يعقوب كان راعياً لأنعام ابن عمه لابان بن ناحور بن لامك وخادمه عشرين سنة ، وأنه بعد ذلك سجد هو وجميع ولده _ حاشا من لم يكن خلق منهم بعد _ لأخيه عيسو مرارا كثيرة  .
وما سجد عيسو قط ليعقوب ، ولا ملك قط أحد من بني يعقوب بني عيسو . وقد تعبد يعقوب لعيسو في جميع خطابه له ، وما تعبد قط عيسو ليعقوب . وقد سأل عيسو يعقوب عن أولاده فقال له يعقوب هم أصاغر من الله بهم على عبدك . وقد طلب يعقوب رضاء عيسو وقال له : اني نظرت الى وجهك كمن نظر إلى بهجة الله ، فارض عني ، واقبل ما اهديت اليك . فما نرى عيسو وبنيه إلا موالى يعقوب وبنيه .
فما نرى تلك البركة عزيزى القارىء الا انها معكوسة منكوسة ! ونعوذ بالله من الخذلان .
والطريف ان الكتاب المقدس يحكي ان يعقوب اشترى النبوة من أخيه عيسو فى مقابل طبق عدس وقطعة لحم :
 تكوين 25: 29-34 (( وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخاً فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. فَقَالَ عِيسُو لِيَعْقُوبَ: أَطْعِمْنِي مِنْ هَذَا الأَحْمَرِ لأَنِّي قَدْ أَعْيَيْتُ. ( لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ أَدُومَ ). فَقَالَ يَعْقُوبُ: بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ. فَقَالَ عِيسُو: هَا أَنَا مَاضٍ إِلَى الْمَوْتِ فَلِمَاذَا لِي بَكُورِيَّةٌ؟ فَقَالَ يَعْقُوبُ: احْلِفْ لِيَ الْيَوْمَ. فَحَلَفَ لَهُ. فَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِيَعْقُوبَ. فَأَعْطَى يَعْقُوبُ عِيسُوَ خُبْزاً وَطَبِيخَ عَدَسٍ فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَقَامَ وَمَضَى. فَاحْتَقَرَ عِيسُو الْبَكُورِيَّةَ. ))
 
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا

 

عوده