الباب الأول إثبات تهافته فى الاستدلال على وجود الله تعالى وصفاته

 

الباب الأول

 
إثبات تهافته فى الاستدلال على وجود الله تعالى وصفاته

 
الفصل الأول :

 
تهافت منهجه فى إثبات وجود الصانع واتصافه بالصفات الإيجابية


لقد حاول المؤلف مثله مثل كل من تصدى لمسائل العقائد البدء بإثبات وجود الصانع لكن يلاحظ عليه العجز التام والفشل الذريع فى هذه المهمة التى كلف نفسه بها وهو يدعى أن ذلك فقط قد حصل نتيجة الاختصار الشديد لكن هيهات ثم هيهات ان نقبل هذا العذر خاصة أنه أثناء ذلك قد أفاض فى عرض أقوال لا صلة لها بالموضوع :
يقول سمعان : ((انقسم الفلاسفة في آرائهم عن الله إلى خمس فرق رئيسية : الأولى فرقة الماديين التي أنكرت وجوده وقالت أنْ لا إله للعالم، وإن العالم وُجد مصادفة. والفرقة الثانية فرقة العقليين التي قالت إن العقل يفترض وجوب وجود إله للعالم، لكن هذا الإله أسمى من إدراكنا، ولذلك لا نستطيع أن نعرف عنه شيئاً. والفرقة الثالثة فرقة وحدة الوجود التي قالت إن الله والعالم جوهر واحد، فهو من العالم والعالم منه. والفرقة الرابعة اعترفت أن الله ليس هو العالم، ولكنه القوة المحرِّكة للعالم، وبذلك نفت عنه الذاتية وجعلته مجرد طاقة. و الذاتية هي الكيان الذي يتَّصف بالعقل والإدراك. أما الطاقة فهي مجرد قوة، لا عقل لها أو إدراك.
والفرقة الخامسة اعترفت أن الله ذات، ولكنها انقسمت فيما بينها من جهة ذاته وصفاته إلى أربع شيع رئيسية : فالأولى رأت أنه ذات له صفات زائدة عن ذاته، والثانية رأت أن صفاته هي عين ذاته، والثالثة رأت أن الصفات الإيجابية لا تتلاءم مع تفرُّده بالأزلية، فأسندت إليه الصفات السلبية وحدها، والرابعة رأت أن الصفات هي من خصائص المخلوقات، ولذلك نفتها عنه، رغبةً منها " حسب اعتقادها " في تنزيهه عن الاشتراك في خصائص هذه المخلوقات.))
قلت: وحتى أوضح للقارئ طريقة المؤلف فى الاستدلال :
هو أولا قسم موقف الفلاسفة والمفكرين حول مسألة وجود الصانع إلى قسمين قسم ناف وقسم مثبت ثم المثبت انقسم على من قال بكون الصانع لا سبيل لمعرفته مطلقا ومنهم من قال بإمكان ذلك ثم القائلين بإمكان معرفته انقسموا فمنهم من قال إنه من العالم وفرقة قالت بغير ذلك ثم انقسم هؤلاء فمنهم من قال هو الطاقة المحركة للعالم فأثبتوا له الذاتية ومنهم من قال بل هو خارج عن العالم وأثبتوا له الذاتية ثم هذا القسم الأخير انقسم من حيث إثبات الصفات على الصانع إلى الأقسام الأربعة من ينفى الصفات كليه ومن يثبت السلبية فقط ومن يقول الصفات عين الذات ومن يقول بإثبات الصفات السلبية والإيجابية.
فالتقسيم هنا غير منحصر بين النقيضين فيمكن افتراض أقسام أخرى لذلك لا يمكن استخدام القسمة غير المنحصرة فى برهان الحذف فإذا انضاف إلى ذلك عيب آخر وهو وجود نوع من التداخل أو الزيادة أو النقصان والتنافر كقول القائل الكون لا يخلو إما أن يكون حركة أو سكنا أو سوادًا فإنه بذلك قد ادخل فى جنس الكون نوعًا من انواع اللون فتبطل هذه القسمة كونها من مقدمات البراهين .
نتجاوز هذه النقطة وأن القسمة هنا غير منحصرة ولا تمنع من دخول أقسام أخرى ينبغى عليه إبطالها حتى يثبت له مطلوب ونسير معه فى استدلاله ونحلله إلى عناصره:
الأول إثبات وجود الصاتع
الثانى إثبات إمكانية إدراك الصانع
الثالث إثبات أن الصانع ذات
الرابع إثباته متصفا بصفات إيجابية وسلبية .

تهافته فى إثبات وجود الصانع
لا أدرى فى الحقيقة الطريقة التى يحاول بها المؤلف إثبات المطلوب الأول هل هى قياس الخلف بمعنى إثبات وجود الصانع بإبطال نقيض هذا الاحتمال الذى قال به منكرو وجود الصانع أم انه البرهان المستقيم كما نجده عند عامة المتكلمين والفلاسفة سنسير معه حتى النهاية ونراعى كل الاحتمالات :
أولا : على فرض استخدامه لبرهان الخلف ولا بد هنا من مقدمة فنقول برهان الخلف هو إثبات الشىء ببطلان نقيضه إذا احتمل الأمر قسمين فأكثر فأبطل الكل إلا واحدا ثبت هو ببطلان ما عداه ولو أبطل الأقسام كلها لبطل الأصل الذى قامت عليه وثبت نقيضه وقد عده بعضهم بهذا المعنى دلبلا مستقل إذا فما دام الأمر واقع بين النقيضين فلو أثبت المؤلف بطلان القول بالصدفة لثبت مطلوبه الأول لكن هل استطاع ذلك ام لا ؟ قال سمعان :
((الأول قال ليس من المعقول أن العالم وجد مصادفة))
ولم يدلل على ذلك بدليل إلا أن قال ليس من المعقول فهل يعنى ذلك أن وجود الصانع أمر بديهى غير نظرى هذا محال وإلا لما قام حوله النزاع وبماذا ترد على من قال إن العالم قديم ولا يحتاج إلى محدث .
إذن ليست طريقته هنا طريقة برهان الخلف .
فهو إذن يثبت مطلوبه بالبرهان المستقيم لكن أين هو الدليل؟!
لعله أشار إلى دليل الحدوث بقوله: (( فضلاً عن ذلك فإن الأمثلة التي أتوا بها ليُدخلوا في روعنا أن العالم وُجد مصادفة، افترضوا فيها وجود عامل ساعد على حدوث المصادفة، وبذلك اعترفوا دون أن يدروا أن هناك عامِلاً نظَّم العالم ونسَّقه. وهذا العامل الذي يجهلونه أو يتجاهلونه، هو الله الذي نعرفه ونؤمن به.))
ومعلوم لدى المتكلمين والفلاسفة أن الأدلة على وجود الصانع تعتمد أساسا على حدوث العالم أو إمكانه ثم الاستدلال بذلك على أن له محدث أو أن ممكن الوجود يفتقر إلى واجب الوجود قطعا للدور والتسلسل ، وقد حصرها بعضهم فى سته طرق تبعا لذلك : طريقة حدوث الذوات وإمكانها ومجموعها وطريقة حدوث الصفات وإمكانها ومجموعها واشترط بعضهم فى الحدوث شرط الإمكان .
إذن حدوث العالم أو الطريقة التى قفز إليها المؤلف هنا ليست من الأمور البديهية بل هى تحتاج إلى دليل ونظر، مع العلم بأن حتى أدلة الحدوث تحتاج إلى نظر ومنهم من قال بضرورة إثبات الحدوث بشرط الإمكان والحديث ههنا يطول ويكفى الإشارة فقط إلى انه اعتمد على طريقة الحدوث المجرد و غير المشروط بالإمكان وكان هذا كافيا برد دليله غير أنه لم يستدل على المقدمة الصغرى وهى القول بحدوث العالم وزعم أن خلافه غير معقول ولم يرد على القائلين بقدم العالم .
وإنى للأتعجب من الأمثلة التى ساقها للتدليل على وجود الصانع من أقوال الفلاسفة والمفكرين غير الملحدين فلا هى أدلة ولا هى اعترافات من الخصوم ولا أدرى معنى لإيرادها هنا إلا تكثر الكلام والعجز عن الاستقامة الموضوعية البحث .

تهافت استدلاله على إمكانية معرفة حقيقة الله تعالى وكشفها :يقول سمعان : ((2 - وليس من المعقول أن يكون هناك إله يرضى أن يكون مجهولاً منا، لأنه إذا كان هو الخالق لنا، فمن المؤكد أن يكون كائناً عاقلاً. وإذا كان كائناً عاقلاً، فمن المؤكد أنه لا يرضى أن نُحرم من معرفته. فإن كنا بسبب قصورنا الذاتي لا نستطيع أن نعرف شيئاً عنه من تلقاء أنفسنا، لكن يجب أن نتوقع بكل يقين أن يعرّفنا شيئاً كافياً عن ذاته.))
قلت :أولا تجدر الإشارة إلى وقوع الخلاف بين المفكرين والفلاسفة والمتكلمين حول تلك القضية هل من الممكن معرفة حقيقة الله تعالى ؟
تتلخص حجج المانعين فى أن العقل متناه وحقيقته تعالى غير متناهية ، وأن حقيقته تعالى وذاته مخالفة لحقائق الذوات الأخرى وكل ما نعرفه من صفات لا يمنع من وقوع الشركة فيه ، ثالثا أن طريقنا لمعرفته تعالى هو الموجودات وأنه موجدها قطعًا للتسلسل وهذا لا يكفى لمعرفة حقيقته وما نعرفه إما صفات خارجة عن الذات كالعلم والقدرة أو صفات مضافة ككونه مبدأ للموجودات أو صفات سلبية مجرد سلب للنقص عنه ككونه ليس بجوهر .
أما أدلة الفريق القائل بإمكان معرفة حقيقة الله تعالى فتتلخص فى أن الحكم على الذات بتلك الصفات يقتضى معرفة الذات فالحكم على الشىء فرع عن تصوره فإذا كان وجود ذاته وجوده فإذا كان وجوده معلوما كانت ذاته معلومة ..
ولكن بأى حجة منهما نرد على سمعان !؟
ما الذى يقصده سمعان هنا هل يقصد الاستدلال على إمكانية معرفة الله تعالى بنوع ما من المعرفة فماذا إذن كنا نفعل فى استدلالنا الأول على وجود الله تعالى أليس استدلالنا هنا على إمكانية معرفة الله تعالى معرفة ما يصبح عبثا لا طائل منه ؟!
لعله يقصد إذن إمكانية معرفة كنه الله تعالى لكن ألم ينفى تلك الإمكانية وعجز البشر عنها فى مقدمة كتابه هل فى الأمر تناقض أم أنه لا يفرق بين المعرفتين أعتقد أن الاحتمال الثانى هو الأقرب لأن ما ذكره هنا ليس فيه تمييز واضح لكنه تلك المعرفة بل قال (( يجب أن نتوقع بكل يقين أن يعرّفنا شيئاً كافياً عن ذاته )).
يا له من تهافت وبعد عن الموضوعية والاستدلال العقلى إن كلامه لا يرقى حتى لتوجيه النقد إليه .
هذا فضلا عن عجزه عن الاستدلال على إمكانية تلك المعرفة التى لم يحدد معناها بل لقد وقع فى فكرة الدور فهو يستند إلى كون ذات الإله معلومة لنا بكونها معلوم لنا على نحو من التعقل والقدرة على الخلق والعناية بالمخلوق ولا شك أن إثبات تلك المعرفة الخاصة متأخر عن إثبات إمكانية المعرفة مطلقا .

تهافته فى إثبات أن الله تعالى ذات
الأمر فى تهافته هنا يختلف تماما فهو لا يكتفى بالخطأ المتكرر وعدم قدرته على إثبات المطلوب مباشرة وهو البرهان المستقيم وكذلك عدم قدرته على إثبات الشىء ببطلان نقيضه وهى الطريقة المسماه ببرهان الخلف فضلا عن أن القسمة لا تعتبر قسمة منحصرة ولذلك فهذا فالبرهان هنا غير ممكن أصلا لأنه لا يمكن الجزم بعدم وجود قسم ثالث لم تستوعبه القسمة..
نقول ليت الأمر هنا ينتهى عند ذلك الحد بل نراه هنا كلابس ثوبى زور أبعد ما يكون عن البرهان وأقرب ما يكوب للرياء إنه يأتى فى طريق التوصل إلى إثبات كونه تعالى ذاتا بمحاولة إبطال كونه تعالى من جوهر العالم أو أنه طاقة خلاقة منبثة فى العالم او ما نسميه نحن بالاتحاد والحلول ويا للعجب نصرانى يستدل على عقيدته بإبطال الحلول والاتحاد؟!
لكن حتى لا نظلم الرجل دعنا نسير معه إلى النهاية
يقول سمعان ((3 - وليس من المعقول أن يكون الله والعالم جوهراً واحداً، وأن يكون من العالم والعالم منه، لأنه إذا كان هو الخالق للعالم. فمن المؤكد أن يكون كائناً قائماً بذاته. وعدم رؤيتنا له بعيوننا لا يقوم دليلاً على أنه ليس كذلك، فهناك أمور كثيرة في الطبيعة لا نستطيع رؤيتها بعيوننا، ومع ذلك نقرُّ بوجودها لمجرد وجود أثر يدل عليها. فالعين مثلاً، لا تدرك إلا حزمة ضيقة من الأشعة التي تقع بين اللون الأحمر والبنفسجي. أما ما دون الحمراء وفوق البنفسجية فلا تدركه إطلاقاً. كما أنها لا تدرك الأشعة الكونية أو السينية أو ماهية الكهرباء أو المغناطيس أو الأثير، وغير ذلك - هذا وقد ذهب أشهر علماء الطبيعة في الوقت الحاضر إلى أنه لا يمكن معرفة حقيقة أي شيء نراه في الوجود، الأمر الذي يغلق الباب أمام الذين ينكرون أن الله ذات، بسبب عدم إدراك الحواس له.))
قلت :أولا يجب التأكيد أننا هنا نثبت تهافت استدلاله فقط أما الفكرة فى حد ذاتها فلا شأن لنا بها فقد تكون مقبولة أو غير مقبولة.
أقول له وما دليلك على وجود ما وراء المادة ؟ إن الأمثلة التى ذكرتها لا تدل على ذلك فليست إدراكاتنا البشرية وحدها مقياس للمادة وليست إدراكاتنا للمادة صفات ذاتية لتلك المادة حتى تحدد بها وحتى لوفرضنا ذلك فكيف تقطع بانحصار تلك الإدراكات فى حواس معدودة؟
أما قولك بأنه لا يسعنا إدراك حقيقة أى شىء فى الوجود فهو يفتح المجال لأبواب واسعة من السفسطة واللامعقولية وقد قال السوفسطائيين بذلك وأن الحواس لا تدرك إلا انفعالاتها وقد ترتب على ذلك فوضى علمية لا حدود لها ولو تمثلنا ذلك المبدأ لما احتجنا إلى جهد يذكر لإبطال أى نظرية وأى قانون فضلا عن نظرياتك المتهافتة .
بل نقول ونكرر إن إدراك حقائق الأشياء ممكن دون إدراك كنهها فإنه من مواقف العقل .
يقول سمعان محاولا تفنيد القسم الثانى فى تلك القسمة غير المنحصرة::
((4 - وليس من المعقول أن يكون الله مجرد طاقة، لأن الطاقة لا تعمل عملاً من تلقاء ذاتها، بل لا بد من عامل يدفعها للعمل، ومن الواضح أن هذا العامل، لا يكون طاقة مثلها، بل يكون ذاتاً ذا قوة أو طاقة.))
قلت : لقد أثبت للطاقة ذاتا ثم نفيت عنها الذات ما هذا التناقض إذا تصورت للطاقة ذاتا فاجعلها هى التى تدفعها للعمل.
فإن قلت:
((أننا إذا سايرناهم في ادّعائهم أن الطاقة خلاّقة، فإن عقولنا لا تلبث طويلاً حتى تنكر علينا مسايرتنا لهم، لأنها تعلّمنا أن الخالق لا بد أن يكون حاصلاً في ذاته على مزايا مخلوقاته بدرجة أوسع وأعمّ. فلا يخلق العقل مَنْ لا عقل له، ولا يخلق الشخصية من لا شخصية له، بل لا بد أن يتضمنهما ويمارسهما ليس أقل من ممارسة مخلوقاته لهما. ولذلك لا يمكن أن يكون الله مجرد طاقة.))
نقول لك وما أدراك أن هذه مزايا للخالق وهل هذا هو مصدر قولكم بأن الله تعالى عما تقولون اتخذ له ولد فمعلوم أن الإنجاب من صفات الكمال فى المخلوقات حتى يعد مسلوبها ناقصا؟
لا ليس كل صفة فى المخلوق يجب أن توجد فى الخالق حتى ولو اعتبرت صفة كمال فى المخلوق والتفريق بين صفات الكمال التى تختص بالمخلوق والتى تختص بالخالق يحتاج إلى دليل وليس امرا بديهيا بدليل انكم تنسبون لله تعالى ما لا يليق به عند غيركم من العقلاء وتدعونه كمالا .

تهافته فى إثبات كونه تعالى متصفا بصفات إيجابية وسلبية
يقول سمعان : ((5 - وليس من المعقول أن يكون الله بلا صفة، لأن لكل موجود صفة، وليس هناك شيء بلا صفة إلا غير الموجود. وبما أن الله موجود، إذاً فله صفات. ونحن وإن كنا لا نستمد أسانيدنا في هذا الكتاب من أقوال الفلاسفة، لكن استيفاءً للبحث نقول : إنه قد شهد بهذه الحقيقة كثير منهم، فمثلاً قال زينو : من المستحيل أن يخرج عالم مليء بالصفات والخصائص من أصلٍ لا صفة له ولا خاصية " قصة الفلسفة اليونانية ص 51 " .))
قلت : وما علة قياس الغائب على الشاهد هنا هل هى الحقيقة وانت تعلم أن حقيقة واجب الوجود مباينة لحقيقة ممكن الوجود؟
وإذا قلت مستحيل أن يصدر عالم ملىء بالصفات . إلخ فلماذا لا تقيس ذلك على صدور عالم مؤلف عن ذات واحدة وأن تلك الصفات من لوازم الجسمية لاستحالة عرو الجواهر المادية عن الأعراض والصفات ؟
وبماذا تنكر على من قال من المشائين باستحالة وجود صفات زائدة على الذات لأن فى إثباتها إثبات للكثرة والكثرة من هذا الوجه باطلة لأن الصفة والموصوف إن لم يكونا شيئا واحدًا احتاج كلاهما للآخر فلا يكون وجوده من ذاته ، أو استغنى أحدهما عن الأخر وهذه هى التثنية المطلقة ولعلكم تقولون بها ؟
ثم ههنا وثبة طويلة يستحق عليها الميدالية الذهبية أين هو استدلالك على إثبات الصفات السلبية ولو عرفتها لعلمت أن الاستدلال عليها أعقد أنواع الاستدلال ، بل
لا اكون مبالغا إن قلت لكم إن سمعان لا يعرف معنى الصفات السلبية.
يقول سمعان : ((- ليس من المعقول أن يتصف الله بالصفات السلبية فحسب، كعدم العجز دون القدرة، وعدم الجهل دون العلم، وعدم الإرغام دون الإرادة، وذلك للأسباب الآتية :
أ - هذه الصفات ناقصة. وإن كان الله لا يتصف إلا بها كان ناقصاً. وهو منّزَه عن النقص.
ب - الله بوصفه خالقنا هو مصدر سعادتنا وسلامنا، لكن الإله الذي يتصف بالصفات السلبية دون الإيجابية لا يستطيع أن يجلب إلينا سعادة أو سلاماً، إذ لا فائدة في إله يكرهنا ولكنه لا يعطف علينا، وفي إله غير عاجز لكنه غير قادر على مدّ يد العون لنا.))
قلت قولك (( عدم العجز دون القدرة)) لا معنى له هل عدم العجز إلا القدرة أليست القدرة والعجز نقيضان إذا ارتفع أحدهما ثبت الآخر؟!
معذرة فأنا مجرد مفند فقط أنت مخطىء فى أمثلتك هنا فحسب لذلك أعطيك الأمثلة على الصفات السلبية او العدمية أو غير الوجودية فكلها بمعنى واحد وليس كما تصورت بأنها المسبوقة بأداة السلب : القدم ، البقاء والوحدانية وأعطيك أيضا الدليل على بطلان ما أردت أبطاله : العدم المحض لا يفتقر إلى محل ، ولا تتميز الحقائق بالسلوب .
وأما قولك فى نهاية الفصل : (( فآراء هؤلاء الفلاسفة لا نصيب لها من الصواب إطلاقاً.
والحقيقة هي أن الله ذات يتَّصف ليس بالصفات السلبية فحسب، بل وأيضاً بالصفات الإيجابية اللائقة به. ))
قلت : فهو ما عجزت عن إثباته
وأما قولك : (( أما من جهة علاقة صفاته به، وهل هي ذاته أم غير ذاته فهذا ما سنبحثه في الباب الثالث من هذا الكتاب. ))
 

 

عوده