إلى القُمّص المنكوح:
الأناجيل: نظرة طائر
د. إبراهيم عوض


تأتينى كل يوم رسائل تعلّق على ما أكتب فى هذا الموضوع، وبعض هذه الرسائل يثنى على ما أكتب، وبعضها يخطئنى، وبعض ثالث يشتم ويصفنى بأننى "آتٍ من وراء الجاموسة" ويبشّرنى بأن "محمدا سوف يأخذنى معه إلى الهاوية"، أى الجحيم، وأخرى يؤكد صاحبها أنه يحترق بحبى ويحرص على تنويرى وهدايتى ويقول، كنوع من التدليل على محبته لى، إن محمدا أخذ الشعراوى وديدات إلى الجحيم، وسوف يأخذنى معه هناك كما أخذهما من قبل، ورسالة يقول كاتبها إنهم يتبعون المسيح الإله الحى الباقى، أما نحن فنمشى وراء شخص قد مات وأنتنت جثته... وشتائم أخرى من هذا النوع المقذع الذى يبدو أن أصحابه يفهمون أن السيد المسيح قد وصى به فى العبارة التالية المنسوبة إليه فيما يسمَّى بــ"الأناجيل": "أحبوا أعداءكم! باركوا لاعنيكم! من ضربك على خدك الأيمن، فأدر له خدك الأيسر"، فضلا عما أخذ كثير من المهجريين بالذات يرددونه من وجوب خروج المسلمين من مصر وعودة الإسلام إلى بلاد العرب البدوية المتخلفة التى جاء منها. وأنا، حين أفكر فى هذه الرسائل بناء على رد الفعل الطبيعى، وكذلك بناء على ما ينصحنى به بعض أصحابها من إعادة النظر فى إيمانى بما أتى به محمد ("الشيطان" كما يسمونه)، لا أستطيع أن أجد فى الإسلام شيئا يَثْنِينى عن مواصلة الإيمان به والافتخار بأننى واحد من أتباعه، وإلا فما الذى فى دين هذا الرسول الكريم مما ينبغى إدانته؟

هل هو التوحيد النقى الذى يرفض كل ألوان الوثنية والشرك وعبادة الأصنام والأوثان والبشر الذين يتبولون ويخرأون؟ هل هو الصلاة لله سبحانه وتمجيده وعبادته؟ هل هو الحض على الرأفة بالفقراء والمساكين، لا كلاما جميلا فقط دون فاعلية، بل بتشريع الزكاة والصدقات تشريعا محددا ملزما؟ هل هو المبادئ الإنسانية التى تقول إنه لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح، وإن التقوى ليست فى الشعائر فى حد ذاتها بل فى إخلاص القلب والتوجه بهذه الشعائر إلى الله سبحانه والتصرف بمقتضاها فى سلوكنا اليومى وعلاقاتنا بالآخرين وبعيدا عن الرياء والجرى وراء السمعة بين الناس؟ هل هو دعوته إلى طلب العلم وفرضه على كل مسلم ومسلمة وإعلاؤه من شأن العقل حتى فى الاعتقاد، بعكس ما تدعو به بعض الأديان الأخرى من وجوب التسليم دون بحث أو نقاش؟ هل هو إقراره مبدأ المسؤولية الفردية وعدم توريث الخطيئة الأولى لعموم البشرية ظلما وغبنا، مما استوجب قتل الله، أستغفر الله؟ هل هو إعطاؤه الأجر على مجرد الاجتهاد حتى لو أخطأ صاحبه؟ هل هو فتحه باب التوبة والغفران دائما على مصراعيه أمام الناس جميعا دون تعقيدات أو وثنيات؟ هل هو موازنته العبقرية بين المثال والواقع فى تشريعاته ومتطلباته؟ هل هو فى اتجاهه للبشرية كلها لا إلى بنى إسرائيل وحدهم من دون الخلق جميعا؟هل هو رفعه لقيمةِ العمل وإتقانِه إلى سماء سامقة وإعلاء الأجر عليه إلى الحد الذى يؤكد فيه أن هناك ذنوبا لا يكفّرها إلا العمل؟ هل هو حَثُّه على النظافة فى كل الأمور حتى فى تنظيف الأسنان وجعلها من الإيمان، فى الوقت الذى تضع فيه بعض الأديان تلك القيمة فى تعارض مع صحيح الاعتقاد؟ هل هو نجاحه المذهل الذى لم يستطعه أى دين آخر فى تنفير أتباعه من أم الخبائث تنفيرا يُضْرَب به المثل، على حين تحتل معجزة تحويل الماء إلى خمرٍ البند "رقم واحد" فى قائمة معجزات "س" من الأديان؟ هل هو اهتمامه بالجمال والتنبيه إلى أن الله جميل يحب كل شىء جميل؟ هل هو اعترافُه بحدود القدرة البشرية ومراعاتُه لطبيعة الإنسان فى تشريعاته بحيث لا تجىء تهويماتٍ مثاليةً ساذجةً مستحيلةَ التنفيذ، ومن ثم لا تصلح إلا لترديدها على ألسنة المشقشِقين المغرمين بالكلام الكبير الفارغ دون أن يكون لها أى أثر فى قلوبهم أو تصرفاتهم؟ هل هو دفاعه المجيد عن السيد المسيح وأمه من الاتهامات السافلة الكافرة التى يرددها اليهود وملاحدة الغرب وبعض من يزعمون أنهم من أتباعه؟ هل هو تحذيره من شهوات النفس ووسوسات الشيطان؟ هل هو حرصه على أن يكون عمل الخير خالصا لوجه الله بعيدا عن الرياء؟ هل هو حملته على النفاق والمنافقين؟ هل هو تشديده النهى على أتباعه أن يَجْرِمهم شَنَآن قوم على ألا يَعْدِلوا؟ هل هو جعْله التعاون على البر والتقوى مبدأً من مبادئه؟ هل هو فضحه المتاجرة بالدين وكشفه عن جشع فريق كبير من الأحبار والرهبان وأكلهم أموال الناس بالباطل وصدهم عن سبيل الله وقيادتهم جمهور أتباعهم من أنوفهم وراءهم دون عقل أو تفكير؟ هل هو إماطته اللثام عن حقيقة ما تم من عبث وتحريف فى التوراة والإنجيل؟ هل هو دفاعه العظيم عن الأنبياء والمرسلين وتبرئتهم من تهم الزنا والقتل والزواج بالمحارم وتسهيل عبادة الأوثان التى يتهمهم بها مؤلفو الكتاب المقدس؟

أما القول بأن الإسلام ليس بدين مصرى فكذلك النصرانية ليست بدين مصرى، وأما ما يردده بعض من طمس الشيطان بصائرهم من أن المسلمين فى مصر ليسوا مصريين بل وافدين من الجزيرة العربية فهو كلام يدل على جهل وغباء أو على استبلاه واستحماق، لأن كلا من المسلمين والنصارى فى مصر هم بوجه عام مصريون أبًا عن جَدّ، اللهم إلا القليل هنا وهناك مما لا يخلو منه بلد. ولم يحدث قط أن قال مسلم فى مصر إن على النصارى أن يرحلوا، فلماذا يقولها بعض الناس من الطرف الآخر؟ هذه أول مرة نرى فيها "أقلية الأقلية" تقول هذا الكلام الغريب. وأقول: "أقلية الأقلية" لأنه ليس كل النصارى (فيما أفهم) يقولون ذلك، إنما هى أقلية صغيرة بينهم، وإلا فهى الكارثة!

إننى والله فى حيرة من أمرى، ولا أدرى ماذا يمكن أن يصنع الإنسان فى الرد على هذه السفالات؟ أحد الإخوة من عقلاء المهجر (وما أقلهم!) رجانى أن أهمل الرد على القُمّص إياه وقال إننى ينبغى ألا أهتم بما يردده من اتهامات للإسلام جائرة، وإنه يعرف أن دين محمد دين عظيم، أو شيئا بهذا المعنى لأن نص كلامه ليس أمامى الآن. إلا أننى، بعد شكره الجزيل على هذا الكلام حتى لو كان مجرد مجاملة لا أكثر، أتساءل: ما دام ذلك الأخ الكريم يعتقد بهذا فلم لا يوجه مثل هذا النداء لذلك القُمّص وأشياعه؟ أمن المعقول أن آتى للمُعْتَدَى عليه وأطالبه بالسماح، ولا أكلّف نفسى بمحاولة لفت نظر المُعْتَدِى إلى سوء ما يفعل؟ إننا لا يمكن أن ننال من السيد المسيح ولا من أمه الطاهرة ولا حتى من الحواريين، بل إننا لنردّ على ما جاء فى العهد الجديد مما يمكن أن يُتَّخَذ تُكَأَة فى الإساءة إلى أى منهم، فلم التسافُه والتباذؤ مع سيّد الخلق إذن؟ لا يا أخى الكريم، لن نسكت على قلة الأب، وسنرد بكل قوة، لكن مع احترام السيد المسيح وأمه وتلاميذه، لا من باب المجاملة، بل من باب الإيمان بمحمد عليه السلام، الذى يوجب علينا دينه العبقرى النبيل الراقى المتحضر أن نؤمن بكل الأنبياء، والذى يُعْلِى من شأن مريم وابنها عليهما السلام كل الإعلاء مع رفض كل تأليه لأى منهما تماما.

والآن نمضى فى الرد على السخافات المهجرية وقلة العقل والغفلة والبذاءة والسفالة التى هى حجة الصايع الضايع الذى لم يربّه أهله فتربّيه الأيام والليالى وتقوّم اعوجاجه بالصرمة القديمة، وذلك من خلال التحليل العلمى للأناجيل بغية توضيح موقفنا العقيدى ولتوجيه نظر من عنده بقية من نظر إلى عظمة ما عندنا وعبقريته، وكل إنسان حر بعد هذا فى اتخاذ الموقف الذى يراه واعتناق الرأى الذى يعتقد فى صحته، ونحن بحمد لله نردد من كل قلوبنا ما قاله ربنا فى قرآنه المجيد ونؤمن به أتم الإيمان: "لا إكراه فى الدين، قد تبين الرُّشْد من الغَىّ. فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفضام لها. والله سميع عليم" (البقرة/ 256)، "ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا. أفأنت تُكْرِه الناسَ حتى يكونوا مؤمنين؟" (يونس/ 99)، " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة. ولا يزالون مختلفين إلا مَنْ رَحِمَ ربك، ولذلك خلقهم. وتمت كلمة ربك: لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين" (هود/ 119)، "وقل: الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر. إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سُرَادِقها، وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمُهْل يشوى الوجوه" (الكهف/ 29)، "كذلك زَيَّنّا لكل أمة عملهم، ثم إلى ربهم مَرْجِعهم فينبئّهم بما كانوا يعملون" (الأنعام/ 108)... إلخ.

أما الجاموسة والإتيان من وراء الجاموسة فماذا فيه؟ إن للجاموسة منافع كثيرة: فقد كانت أيام أن كنت أمشى وراءها (رغم أن أهلى ليسوا من أصحاب الأرض بل تجارا، لكنى كنت أحب أن أرافق زملائى من أولاد جيراننا الفلاحين إلى حقولهم التى أعشق التجوال فيها وما زلت عشقًا والِهًا عجيبًا)، أقول: كانت الجاموسة تجر المحراث والنورج وتدير الساقية، وكانت وما زالت تعطينا "لبنا سائغا خالصا للشاربين" كما يقول القرآن، ويُؤْكَل لحمها الطيب الذى لا رائحة له منتنة كرائحة لحم الخنزير ورائحة أفواه وأدبار من يحبونه، كما أن فى رَوْثها فائدة كبيرة للأرض الزراعية، وكذلك لتلطيخ وجه القُمّص المذكور، وجهه فقط لا دبره لأن على حوافى دبره، والحمد لله، من الفضلات المنتنة كرائحة فمه وعقله وقلبه ما يلطّخ وجوه السفلة المتطاولين على سيد الأنبياء والمرسلين على بَكْرَة أبيهم وأمهم أيضا ويملأ أفواههم جميعا حتى يشبعوا ويكُظّوا كروشهم دون الحاجة إلى "تزويدة" من رَوْث الجاموسة التى نحن آتون من ورائها! بالله ماذا فى الإتيان من وراء الجاموسة؟ أليس ذلك أفضل من الإتيان من وراء زيكو، وأنتم تعرفون ماذا يعنى الإتيان من وراء زيكو، وزيكو لا يُؤْتَى إلا من ورائه؟ ليست المشكلة فى الإتيان من وراء الجاموسة يا جاموسة أنت وهو وهى، بل المشكلة كل المشكلة فى أن يكون البعيد جاموسة يا من تخفيت وراء اسم امرأة، ثم لا حصّلت أن تكون امرأة ولا رجلا، بل جاموسة، وأدنى من الجاموسة لأن الجاموسة، يا أدنى من الجاموسة، لا تشرك بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أو تعبد معه صنما أو وثنا أو بشرا. إن الجاموسة (التى هى جاموسة) قد فهمت هذا، فهل فهمت أنت يا أدنى من الجاموسة؟ ثم إن للجاموسة، يا أدنى من الجاموسة، فضلاً آخر لا أدرى كيف نسيتُه، ألا وهو أنها بعد أن تُذْبَح وتُسْلَخ نأخذ جلدها وندبغه ونصنع منه جِزَمًا نلبسها فى أقدامنا، وبعد أن تصبح هذه الجزم صُرَمًا قديمة نستخدمها فى صفع زيكو على وجهه القبيح وقفاه العريض ودبره المنتن وضميره الخرب المظلم، وأنا على يقين أنه سيستزيدنا من هذه الأنواع المختلفة كلها من الضرب كرامةً لنوع واحد فقط منها هو ضربه على دبره وما يجده ذلك المازوكىّ فى هذا الضرب من لذة شاذة! هل وصلت الرسالة؟ أم هل أعيدها من أول وجديد يا أدنى من الجاموسة؟ والله إن فى مقارنتك أنت وأمثالك بالجاموسة إساءة إلى الجاموسة يا أدنى من الجاموسة! وأنا هنا، أيها القراء الكرام، لا أدافع عن نفسى، فليست المسألة بينى وبين هؤلاء مسألة شخصية، إذ لا أحد منا يعرف الآخر، بل هم يشتمون لأننى أدافع عن محمد بن عبد الله (عليه وعلى أخيه عيسى بن مريم الصلاة والسلام) ضد سفالاتهم وإجرامهم رغم أن هذا الدفاع تأخر كثيرا جدا على أمل أن يفيقوا أو ينصحهم عقلاؤهم بالإفاقة من نوبة السفالة التى اعترتهم فجأة، لكنهم انهالوا علىّ برسائلهم النجسة مثلهم، والتى سبق أن أهملت كثيرا منها من قبل حين لم يكن لها علاقة بالتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنى لا أعد نفسى شيئا ذا بال على الإطلاق، ولم أكن لأهتم بما يقولون لو كان الأمر خاصا بى، أمّا والتطاول على الرسول هو المراد فالأمر يختلف جدا جدا جدا...

وعجيب أن يكون الحب الذى يكنونه لى، حسبما كتب إلىّ "فلان المحب" (كما سمى نفسه)، سببا فى كيل هذه الشتائم والبذاءات والسفالات لنا، مما يجعلنا نتساءل: إذا كان هذا هو ما يؤدى إليه الحب، فما الذى يمكن أن يؤدى إليه الكره إذن؟ إن المخبول الذى يتطاول على أشرف الأنبياء والمرسلين ويقول إنه قد مات وأنتن يعتقد بجهله وغبائه وقلة عقله وضيق أفقه وتحجر عقيدته أننا نعبد الرسول الكريم كما يعبد هو السيد المسيح، غافلا (لأنه مغفل من الطراز الأول) أننا لا نعتقد فيه أكثر مما يقوله المنطق والعقل وما أكده هو ذاته عليه صلوات الله وسلامه، وعلى من يمسه بأية كلمة بذيئة لعنات الله والرسل، والمسيح على رأسهم، والملائكة والناس أجمعين، ألا وهو أنه عبد الله ورسوله. فنحن إذن لا نعبد ميتا كما يفعل ذلك الحمار الغبى الجهول وأشباهه، بل نعبد الحى الذى لا يموت، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، الذى لا يهينه عباده ولا يبصقون فى وجهه أو يصفعونه على خديه أو يطعنونه بالحربة فى جنبه أو يضعونه على الخشبة التى لا يوضع عليها إلا كل ملعون بنص العهد القديم، ولا يوصف بالخروف ولا يصرخ من الألم وما من مغيث، ولا يفقد أعصابه فيَعْنُف بأمه ويناديها بــ" يا امرأة" لا بــ" يا أمى"كما يفعل كل من يحبون أمهاتهم ويحترمونهن، ولا يُذِلّ الكنعانيات المسكينات إذلالا ما بعده إذلال ويسميهن هن وسائر البشر من غير بنى إسرائيل بــ"الكلاب"، ولا يتهم الحواريين دائما بأنهم ضعفاء الإيمان شياطين، ولا يعمل كما يعمل كل الناس، ومعروف ما يفعله كل الناس فى دورات المياه، يا عيب الشؤم، ولا يأمرنا بتطليق الدنيا والاحتفاء بالموت والعدم! أما الموت فهو لا يختص بالرسول الكريم الذى لم يشأ أن يضلل أتباعه عن حقيقته فلم يقل لهم (ولم يقولوا هم بدورهم عنه) إنه ابن الله، بل قال بكل بساطة وعظمة وتواضع حقيقى إنه ميت مثلما كل البشر ميتون، بما فيهم السيد المسيح، عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. أما الرسالة التى وصلتنى الآن من "النعمة"، وفيها تلك العبارة: "I am sending this message again because I love u & I want u to know who is going to save u from Hell in the last day which is coming very soon as the prophecies say!"، فيبدو أن صاحبها قد نسى أنه يخوفنى بشىءٍ المفروضُ، حسب نص الكلام الذى ينسبونه للمسيح عليه السلام، أنه قد وقع من زماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان (منذ نحو ألفى عام)، إذ قال، طبقا لما رَوَوْه عنه، إن ملكوت السماوات سوف يأتى قبل أن يموت أصغر واحد من الموجودين معه، أو شيئا من هذا القبيل. يعنى: نحن الآن فى الملكوت، أو فى الباى باى!

والآن، وبعد هذه التوطئة التى أرجو أن تكون قد وضعت الأمور فى نصابها فأَوْلَجَتِ "الألف" فى "ميم" زيكو، "أَلِجُ" أنا فى الموضوع فأقول إن المقارنة بين الأناجيل الأربعة تكشف لنا عن أشياء مذهلة. ولا أود أن أستبق الأحداث بل أترك النصوص تتحدث بنفسها، حاصرًا دورى فى التعليق عليها ولفت النظر إلى ما أظنه يستحق الالتفات فيها، والله المستعان، ومنه التوفيق، وعليه التُّكَلان، وباسمه تعالى نبدأ المقارنة والتحليل، لكن بعد أن أرجو السادة القراء ألا يقفزوا فوق النقول التى أستشهد بها إذا ما طالت حتى يتحققوا من صحة ما أقول أو خطئه، والخطأ واردٌ فى كل حال، وجارٍ على كل إنسان:

فمتّى فى بداية الإصحاح الأول منه يقول إن المسيح عليه السلام هو ابن داود بن إبراهيم، أى أنه من سلالة بشرية: "1 كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حَزَقِيَّا. 10وَحَزَقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. 11وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. 12وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. 13وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. 14وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. 15وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ". هذا ما قاله متى، على حين يقول لوقا فى أول فقرة من أول إصحاح فيه: "بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ"، أى أنه من سلالة إلهية، لكنه فى موضع آخر يورد نسبه على النحو التالى: "23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً ، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ ، بْنِ هَالِي،24بْنِ مَتْثَاتَ، بْنِ لاَوِي ، بْنِ مَلْكِي ، بْنِ يَنَّا ، بْنِ يُوسُفَ،25بْنِ مَتَّاثِيَا ، بْنِ عَامُوصَ ، بْنِ نَاحُومَ ، بْنِ حَسْلِي ، بْنِ نَجَّايِ، 26بْنِ مَآثَ ، بْنِ مَتَّاثِيَا ، بْنِ شِمْعِي ، بْنِ يُوسُفَ ، بْنِ يَهُوذَا،27بْنِ يُوحَنَّا ، بْنِ رِيسَا ، بْنِ زَرُبَّابِلَ ، بْنِ شَأَلْتِئِيلَ ، بْنِ نِيرِي،28بْنِ مَلْكِي ، بْنِ أَدِّي ، بْنِ قُصَمَ ، بْنِ أَلْمُودَامَ ، بْنِ عِيرِ، 29بْنِ يُوسِي ، بْنِ أَلِيعَازَرَ ، بْنِ يُورِيمَ ، بْنِ مَتْثَاتَ ، بْنِ لاَوِي،30بْنِ شِمْعُونَ ، بْنِ يَهُوذَا ، بْنِ يُوسُفَ ، بْنِ يُونَانَ ، بْنِ أَلِيَاقِيمَ،31بْنِ مَلَيَا ، بْنِ مَيْنَانَ ، بْنِ مَتَّاثَا ، بْنِ نَاثَانَ ، بْنِ دَاوُدَ،32بْنِ يَسَّى ، بْنِ عُوبِيدَ ، بْنِ بُوعَزَ ، بْنِ سَلْمُونَ ، بْنِ نَحْشُونَ،33بْنِ عَمِّينَادَابَ ، بْنِ آرَامَ ، بْنِ حَصْرُونَ ، بْنِ فَارِصَ ، بْنِ يَهُوذَا ، 34بْنِ يَعْقُوبَ ، بْنِ إِسْحَاقَ ، بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، بْنِ تَارَحَ ، بْنِ نَاحُورَ،35بْنِ سَرُوجَ ، بْنِ رَعُو ، بْنِ فَالَجَ ، بْنِ عَابِرَ ، بْنِ شَالَحَ، 36بْنِ قِينَانَ ، بْنِ أَرْفَكْشَادَ ، بْنِ سَامِ ، بْنِ نُوحِ ، بْنِ لاَمَكَ، 37بْنِ مَتُوشَالَحَ ، بْنِ أَخْنُوخَ ، بْنِ يَارِدَ ، بْنِ مَهْلَلْئِيلَ ، بْنِ قِينَانَ،38بْنِ أَنُوشَ ، بْنِ شِيتِ ، بْنِ آدَمَ ، ابْنِ اللهِ".

وكما ترى فهذه السلسلة تختلف إلى حد بعيد عن سلسلة متى، سواء فى عدد حلقاتها أو فى ترتيبها، وهو أمر مضحك، إذ ليس من المعقول أن يجهل القوم سلسلة نسب ربهم. فيا له من رب! وياله من نسب! ولا تظن أيها القارئ أنى أتهكم حين أقول: "سلسلة نسب ربهم"، فقد قالوها هم بأنفسهم رغم أنى كتبت ما كتبت قبل أن أرى ما كتبوا، بل رجعت إليه فيما بعد. وهذا مثلا ما كتبه محررو "تفسير الكتاب المقدس": "إن غرض تتبع سلسلة نسب ربنا والرجوع به إلى داود هو أن يظهر أن المواعيد التى أعطيت لداود إنه سيصير سلفا للمَسِيّا قد تحققت فى يسوع المسيح" (تأليف مجموعة من اللاهوتيين برئاسة الدكتور فرنسيس دافدسون/ ط2/ دار منشورات التفسير/ بيروت/ 5/ 1990م/ 14). بل إن الشخص المذكور فى هذه السلسة على أنه ابن الله ليس هو المسيح بل آدم، أما المسيح فهو، حسبما كان يقول الناس، ابن يوسف! أما سلسلة متى فهى صريحة فى أنه ابن يوسف، أستغفر الله، إذ ليس هناك من معنى للقول بأنه ابن يوسف إلا معنى واحد لا أستطيع أن أنطق به!

وهو ما يؤكده النص التالى المأخوذ من مطلع إنجيل توما (أحد الأناجيل غير القانونية): "And a certain Jew when he saw what Jesus did, playing upon the Sabbath day, departed straightway and told his father Joseph: Lo, thy child is at the brook, and he hath taken clay and fashioned twelve little birds, and hath polluted the Sabbath day. "، إذ يقول المؤلف إن أحد اليهود الغيارى على الشريعة الموسوية، حين رأى عيسى الصغير يصنع يومَ سبتٍ من الطين طيرًا، ذهب من فوره إلى "أبيه يوسف" وشكا له ما صنع الغلام من الاعتداء على حرمة اليوم المقدس. ومثله قول المؤلف فى موضع آخر إن عيسى ذهب ذات يوم لزراعة القمح مع "والده" فى حقلهم: "Again, in the time of sowing the young child went forth with his father to sow wheat in their land: and as his father sowed, the young child Jesus sowed also one corn of wheat"... وغير ذلك من المواضع التى وُصِف فيها يوسف بأنه "أبوه". بل إننا لنقرأ أن يوسف، تعجُّبًا من المعجزات التى كان يعملها عيسى الصغير، قد دعا ربه شاكرا أنْ أعطاه طفلا مثله: " Happy am I for that God hath given me this young child".

وعَوْدًا إلى ما كنا بسبيله أرجو ألا تضحك، عزيزى القارئ، من حكاية نسب ربنا هذه، ذلك أن الكلام ليس عن الإله الذى نعرفه، رب العالمين، بل عن إله مجهول الهوية يراد تحديد أسرته ومكان إقامته ومهنته وتاريخ ميلاده وصحيفة أحواله المدنية حتى نعرف من هو، ومن أين أتى، وإلى أين هو ذاهب، وأين يسكن، ومن وَلِىّ أمره... إلخ. ويا حبذا لو اطّلعنا أيضا على رخصة قيادة السيارة (أو بالأحرى: رخصة ركوب الأتان والجحش ابنها)، فكل شىء من هذه الوثائق من شأنه أن يطمئننا على أننا ماشُون فى الطريق السليم وأننا لا نتعامل مع شخص لا نعرف له مرجعا ولا مكان عمل أو سكن. ونحن نعرف أن الناس هذه الأيام لا يبعثون على الاطمئنان، وأن ابن الحرام لم يترك لابن الحلال حاجة، فــ"بردون: pardon" يا عزيزى. آه! هذه أشياء لا تُغْضِب، أو ينبغى ألا تُغْضِب، أحدا. وهذا الإله لم نسمع به من قبل، وقد كثرت الآلهة، ولم يعد هناك شىء موثوق به، فالأفضل الأخذ بالأحوط!

وبعد قليل يقول الكاتب السابق: "يُرَجَّح أن سلسلة النسب هذه (يقصد سلسلة النسب المذكورة فى متّى) لا تتبع التسلسل الطبيعى (الذى تجده فى لوقا...)، بل الملكى والشرعى الذى بفضله كان المسيح وارثا لعرش داود" (نفس المرجع والصفحة). يا حلاوة! هناك إذن نسب طبيعى متسسل، ونسب كده وكده (نسبًا مضروبًا يعنى)، نسب يُذْكَر فى الأوراق الرسمية حتى تكون مهمة مجلس الوصاية على ولى العهد سهلة فلا يتلكّك أحد لأعضائه بحجة الرسميات وختم النسر، فكل شىء كما ترى جاهز، وتستطيع بعد ذلك أن تضع إصبعك فى عين أى موظف يشاغبك ويتحجج بلوائح الروتين، فنحن الذين خَرَمْنا التعريفة ودهنّا الهواء دُوكُو كما يقول المصريون الخائبون!

والله عال! عشنا وشفنا الآلهة لها نسب، وأى نسب؟: 1- نسبٌ طبيعى، وهذا نعرفه فيما بيننا، لكن لا يصح أن نظهره لأنه كفيل بإفساد الخطة الخاصة بوراثة العرش. 2- ونسبٌ أىّ كلام لزوم وراثة العرش عن داود وعشيقته (التى صارت زوجته فيما بعد) بَتْشَبَع: إى نعم، داود وبتشبع الزانيين القراريّين كما تكلم عنهما الكتاب المقدس ذاته ولست أنا والله العظيم! وأنطسّ فى نظرى لو كنت قلت هذا أو شيئا من هذا أو أرضى بهذا أو لا ألعن سنسفيل جدود من قال هذا، عليه وعلى من يرضى بهذا لعنات الله والملائكة والرسل والمسيح والناس أجمعين خالدين فيها إلى يوم يبعثون! ولا أظنك قد نسيت حكايتهما ولا السطح والطست والكوز والحركات إياها التى كانت تأتيها المستحمة العارية فى قلب الحوش المكشوف جنب القصر خبط لزق وهى تغنى أغنية "الطشت قال لى" مع الحفاظ على حقوق الأداء العلنى لورثة المرحومة عايدة الشاعر! ولقد كان الشدياق يداعب امرأته كلما نشزت عليه فيقول لها: "بحق السطح" فتلين فى الحال. ويبدو أنه كان بينهما شىء خاص وقع فوق السطح، فهو يذكّرها به فتتذكر، أو ربما كان يشير إلى الواقعة الغرامية بين داود وبتشبع. ولم أكن أعلم أن للسطوح سرا باتعا بهذا الشكل! ولأن الشىء بالشىء يُذْكَر فقد كنا ونحن صغار (وكان ذلك فى منتصف الخمسينات من القرن الماضى) نتجمع ليلا على إحدى المصاطب قريبا من بيوتنا فى ضوء القمر ثم يحكى البارعون منا فى الكلام حواديت، وكان من بيننا ولد عفريت يمتهن مع زوج أمه مهنة صنع الغرابيل والمناخل، فكان يحكى لنا دائما حدوتة واحد من أصحاب هذه المهنة كان يعاكس النساء وهو ينادى على بضاعته، فيرفع عقيرته صائحا أمام البيوت التى يمر بها: "يا ستى يا اللى فوق السطوح! آجِى واللا ارُوح؟ يا اللى عاوزة المنخل"! فهذه ثلاثة شواهد على مدى أهمية السطوح فى حياة البشر، ولو بحثتم عن شواهد أخرى فأنا موقن أنها متوفرة بغزارة! لكن الذين ذكروا هذا النسب الـــ"أى كلام" نَسُوا للأسف أنه هو نسب يوسف النجار. يا ألطاف الله! يعنى: الحكاية مطيَّنة من الناحيتين: فهو أولا نسب مزوَّر وملخبط، وثانيا نسب مريب يسىء للسيد المسيح، الذى نجلّه نحن المسلمين ولا نرضى أن تناله شبهة إساءة، فهو نبى من أنبياء الله الأطهار، عليه أفضل الصلوات وأزكى السلامات، ولعن الله كل من تسوِّل له نفسه النجسة الإساءة إليه ولو بالتلميح من بعيد!

لكن نعود للنسبين: الإلهى والبشرى، ونتساءل: لماذا هذا الاختلاف بين الكاتبين فلم يذكر كل منهما النسبين فيريح ويستريح؟ سيقولون إن كلا منهما ركز على جانب من جانبى السيد المسيح. لكن السؤال هو: ولماذا لم يكن كل منهما واضحا فى هذه المسألة التى تقوم عليها الديانة التى ينتمى إليها فيقول بصريح العبارة إنه قد ركز على جانب واحد من الأمر وترك الجانب الآخر من أجل كذا وكذا؟ كما أن ثمة سؤالا آخر فى غاية الخطورة: ترى هل معنى تركيز متّى على الجانب البشرى فى المسيح أن ينسبه، وفى بداية الإصحاح الأول منه، إلى يوسف النجار، الذى كان كثير من اليهود وما زالوا يتهمون به مريم عليها السلام؟ إن أقل ما يقال فى متّى أنه قد أعطى بذلك أعداء المسيح صلى الله عليه وسلم السكين لطعن شرفه وعِرْض أمه الكريمة الطاهرة التى رفعها القرآن الكريم فوق نساء العالمين، إن لم نقل فيما فعله ذلك المؤلف أكثر من هذا! وهاهو ذا متّى يؤكد أنه ابن يوسف ومريم معا فى أكثر من موضع، إذ يصفهما مثلا بأنهما: "أَبَوَاهُ" (2/ 41)، "وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ..." (2/ 27)، كما تقول مريم مخاطبة عيسى الصغير وهى تشير إلى يوسف ونفسها:"يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَ ذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!" (2/ 48).

كذلك يقول لوقا فى ذات الفصل إن الملاك قد ظهر لمريم مبشرا إياها أنها ستلد ولدا اسمه يسوع، قائلا لها مرة إنه سوف يُدْعَى: "ابن العَلِىّ"، ومرة أخرى: "ابن الله"، أما متّى فيقول فى نفس الفصل أيضا إنه سيُدْعَى: "عِمّانوئيل"، أى "الله معنا". فهذا تناقض فيما قاله الملاك، فضلا عن أنه فى رواية متّى لم يقل هذا لها هى، بل ليوسف، وهو تناقض آخر! وهاتان هما الروايتان على الترتيب: "30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً ، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ،33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَد، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة .34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ 35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ (هكذا وردت فى طبعة المشباك التى رجعتُ إليها، والصواب: "لها"): اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ ،وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ"، "20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ، لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ . لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُم . 22وَهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ : 23 هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيل الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا".

وحين يولد عيسى بن مريم عليه السلام يحكى لنا متّى (ف 2) حكاية فى منتهى الطرافة تخالف العقل من كل ناحية نظرت إليها وبأى معنى حاولت أن تفهمها. ولنسمع أولا الحكاية ثم نفصل القول فيها بعض التفصيل حتى يتضح وجه طرافتها ومجانبتها للعقل: "1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ:«أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». 3فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ:«أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟» 5فَقَالُوا لَهُ:«فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: 6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ:«اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. 11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ".

والآن إلى تحليل الحكاية الطريفة المجانبة للعقل: أول كل شىء أن المجوس يتحدثون عن مَلِك لليهود. فأين ذلك المَلِك؟ لقد وُلِد المسيح عليه السلام فى مِذْوَد، لا فى قصر ملكى، وكان ولى أمره نجارا لا قيصرًا ولا كسرًى ولا فرعونًا من الفراعين. كما أنه لم يصر ملكا فى يوم من الأيام بأى معنى من المعانى. الشىء الثانى أن هؤلاء المجوس الآتين من المشرق قد أخذوا يسألون عن ملك اليهود، وهو ما يدل على أنهم كانوا بحاجة إلى من يسألونه عن مكان هذا المَلِك المزعوم لا أنهم كانوا يعرفونه. لكننا بعد قليل سوف نسمع "الراوى يا سادة يا كرام" يقول إن النجم المذكور سوف يظهر لهم ويسير أمامهم، ثم يجىء ويقف فوق بيت الملك المزعوم. فأى الروايتين نصدق بالله عليكم؟ وثالثا فإن "الراوى يا سادة يا كرام" يتحدث عن تحرك النجم أمام هؤلاء المجوس وكأنه كان يمشى بنفس إيقاع حركتهم، فهل هذا معقول؟ وهل كان يتوقف نهارا حتى يستطيعوا استئناف رؤيتهم له ليلا فلا يضلوا عنه بعد أن يكون قد سبقهم فى سماء الله الواسعة؟ أعطونى عقلكم من فضلكم أتصبر به! اللهم إلا إذا قالوا إنه نجم "نونو" كان لا يزال فى اللفّة، فلم يكن قد تعلم المشى بعد، دَعْكَ من الجرى بسرعة لا تطولها سرعة الصاروخ ولا فى الأحلام، بل كان يحبو على أربع، وكانت أمه النجمة الكبيرة (نجمة حقيقية من نجوم السماء لا من بتوع السينما) تصفق له وقد أدارت له شريط أحلام: "تاتا خَطِّ العتبة! تاتا حَبّة حَبّة!"، فإن كان كذلك فإنى أسلِّم من الآن وأغلق فمى فلا أفتحه أبدا! وهذا النجم هل يمكن أن نصدق أنه قد انخلع من مداره ولم يسقط مع ذلك فى الفضاء السحيق مثل أى نجم يخرج عن فَلَكه؟ ثم ما معنى قول الراوى عن النجم إنه "جاء ووقف فوق"، أى فوق البيت الذى كان فيه الملك الرضيع المزعوم؟ والسؤال هو: جاء من أين؟ من السماء طبعا؟ وإلى أين؟ إلى تحت طبعا بحيث يكون قريبا من المذود الذى كان فيه الطفل الرضيع. أليس هذا هو ما نفهمه من النص بدون أى تكلف؟ فهل هذا ممكن، ونحن نعرف أن النجم أكبر من الأرض أضعافًا مضاعفة؟ أما ما يقال من أن هؤلاء المجوس كانوا يحملون بعض الآلات الهندسية التى يمكنهم أن يحددوا عن طريقها مكان المذود مع الاستعانة بالنجم، كبيرة كانت هذه الآلات أم صغيرة، فأمر يبعث على الضحك لأن النص لم يقل ولا يمكن أن يقول شيئا عن هذا، ذلك أنهم لم يكونوا فلكيين، وإلا ما فاتت هذه متّى ولشنّف آذاننا بها. وقد رأينا المجوس فى البداية لا يعرفون كيف يستدلون على المكان، فكانوا يسألون الناس. ولو كانت معهم آلات فلكية ما كانوا بحاجة إلى مثل هذا السؤال أصلا! أليس كذلك؟ ثم كيف يا ترى استطاعوا التفاهم مع مريم ويوسف، وهم من غير أهل البلاد، أى لم يكونوا يتكلمون لغة الأم وخطيبها؟ وثالث عشر (أو رابع عشر، لا أدرى بالضبط): من أى كتابٍ أو فمٍ عَلِمَ أولئك المجوسُ بأمر ذلك النجم؟ بل لماذا يهتم المجوس بذلك الأمر أساسا، وهم ليسوا من اليهود؟ ولماذا ينبغى أن يشعروا أنهم لا بد لهم من السجود لملك بنى إسرائيل؟ ترى بأى كتاب أم بأية سنة وجب عليهم هذا؟ وبعد أن رَأَوْا ملك اليهود لماذا لم يَبْقَوْا إلى جانبه ما داموا قد تكلفوا مشاق ذلك السفر الطويل الذى يهدّ القُوَى؟ أو على الأقل لماذا لم يظهروا ثانية فى حياة السيد المسيح حين كبر وأعلن دعوته وشرع يبشر بملكوت السماوات؟ وهو نفس السؤال الذى يصدق على جماعة الرعاة فى حكاية لوقا المقبلة بعد قليل، فاستعدوا لها.

وثمة أسئلة كثيرة أخرى لا أريد أن أرهق القارئ بها فأكتفى بهذه، وأنبه إلى أن هذه الحكاية هى من اختراع متّى وإحدى بُنَيّات خياله: سجلها باسمه ببراءة اختراع خاصة به، ولهذا لا نجدها فى أقاصيص الأناجيل الثلاثة الباقية، بل نجد بدلا منها قصة مخترعة أخرى عند لوقا، الذى رأى أنه لا يصح أن يكون أقل مقدرة على اختراع القصص الشائقة (الشائقة على ما بها من ثغرات كثيرة مزعجة رغم طرافتها)، فأورد حكاية مختلفة عن جماعة من الرعاة ظهرت لهم الملائكة وهى تترنم مبشرة بولادة عيسى عليه السلام... إلى آخر ما قاله فى الفصل الثانى من إنجيله عن أولئك الرعاة المساكين الذين لا لهم فى الثور ولا فى الطحين، لكن لوقا أكرههم على الظهور فى حكايته إكراها. ولهذا لا نراهم، بل لا نسمع بهم أو عنهم مجرد سماع بعد ذلك أبدا بما يدل على أن مؤلف القصة يفتقر إلى القدرة على إحكام الحبكة الفنية وأنه إنما أراد ألا يتأخر عن متّى فى التأليف والاختراع. ثم لماذا تظهر الملائكة لجماعة من الرعاة ليس لهم فى حياة السيد المسيح عليه السلام أى دور يؤدونه ولا حتى دور الكومبارس؟

وهذه هى الحكاية الشائقة: "1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. 2وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. 3فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. 4فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، 5لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. 7فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ. 8وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، 9وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. 10فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: 11أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. 12وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». 13وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: 14«الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ».15وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرجال الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ». 16فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ. 17فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. 18وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. 19وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. 20ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ".

وحينما سألتْ يحيى، عليه السلام، الجموعُ التى أتت لتتعمد على يديه هل هو نفسه المسيح، جاء رده على النحو التالى فى الأناجيل المختلفة: "أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ ، وَلَكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي ، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ" (لوقا/ 1/ 169)، " أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ، وَلَكِنْ فِي وَسْطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ.27 هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِه" (يوحنا/ 1/ 26- 27)، "11أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ ، وَلَكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي ، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. 12الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأ" (متى/ 3/ 11- 12)، "يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. 8أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُس" (مرقس/ 1/ 7- 8). وبنظرة سريعة نستطيع أن نتبين الاختلاف الموجود بين نص كلام يحيى فى الأناجيل الأربعة ما بين أنه لا يستحق أن يحل سيور حذاء المسيح أو أنه لا يستحق حمل الحذاء أو سكوت القصة عن هذه النقطة أصلا، وكذلك الاختلاف فى أن المسيح سوف يعمدهم بالروح القدس والنار أو بالروح القدس فقط... إلى آخر الاختلافات بين نصوص الأناجيل الأربعة.

ونسمع يحيى فى إنجيل لوقا (الفصل الأول) يشتم الجموع كلها التى أتت لتتعمد على يديه: "7وَكَانَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ الَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ: يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. ولاَ تَبْتَدِئُوا تَقُولُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لإِبْرَاهِيمَ. 9وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّار. 10وَسَأَلَهُ الْجُمُوعُ قَائِليِنَ : فَمَاذَا نَفْعَلُ؟ 11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ : مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا "، على حين أن شتائمه فى لوقا (الفصل الثالث) تقتصر من هذه الجموع على الفَرِّيسيّين والصَّدُّوقيّين وحدهم: "7فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ، قَالَ لَهُمْ: يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي ، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي؟ 8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ". أما فى مرقس ويوحنا فلا ذكر لتلك الشتائم!

وفى متّى (4/ 15) أن الملائكة جاءت وصارت تخدم المسيح بعد أن فشل الشيطان فى أن يُغْوِيَه أثناء الأيام الأربعين التى قضاها عليه السلام فى البَرِّّية صائما فانصرف عنه: "12ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ"، أما فى مرقس (1/ 13) فكانت الملائكة تخدمه فى الوقت الذى كان يجرَّب فيه من الشيطان: "13وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ". وهذا تناقض لا أدرى كيف نحلّه!

أما بالنسبة لأول لقاء تم بين المسيح عليه السلام وسمعان وأندراوس (تلميذان من تلاميذه) فهكذا يحكيه لنا يوحنا (الفصل الأول) :"35وَفِي الْغَدِ أَيْضاً كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفاً هُوَ وَاثْنَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 36 فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِياً، فَقَالَ: هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ ! . 37 فَسَمِعَهُ التِّلْمِيذَانِ يَتَكَلَّمُ، فَتَبِعَا يَسُوعَ. 38 فَالْتَفَتَ يَسُوعُ وَنَظَرَهُمَا يَتْبَعَانِ، فَقَالَ لَهُمَا: مَاذَا تَطْلُبَانِ؟ فَقَالاَ: رَبِّي، الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ، أَيْنَ تَمْكُثُ؟ 39فَقَالَ لَهُمَا: تَعَالَيَا وَانْظُرَا . فَأَتَيَا وَنَظَرَا أَيْنَ كَانَ يَمْكُثُ، وَمَكَثَا عِنْدَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ. 40كَانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِداً مِنَ الاِثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ. 41 هَذَا وَجَدَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ . 42فَجَاءَ بِهِ إِلَى يَسُوعَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ . 43 فِي الْغَدِ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْجَلِيلِ، فَوَجَدَ فِيلُبُّسَ فَقَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي . 44 وَكَانَ فِيلُبُّسُ مِنْ بَيْتِ صَيْدَا، مِنْ مَدِينَةِ أَنْدَرَاوُسَ وَبُطْرُسَ. 45فِيلُبُّسُ وَجَدَ نَثَنَائِيلَ وَقَالَ لَهُ: وَجَدْنَا الَّذِي كَتَبَ عَنْهُ مُوسَى فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءُ يَسُوعَ ابْنَ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَة". فإذا يممنا وجوهنا نحو متّى (الفصل الرابع) راعنا أن القصة مختلفة بما لا يمكن التوفيق بينها وبين رواية يوحنا: "18وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِياً عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19فَقَالَ لَهُمَا: هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاس. 20فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. 21ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ: يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ فِي السَّفِينَةِ مَعَ زَبْدِي أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا ، فَدَعَاهُمَا. 22فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا السَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ"، ومثلها رواية مرقس (الفصل الأول):"14وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ 15وَيَقُولُ: قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيل .16 وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. 17فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاس . 18فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ. 19ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلاً فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ. 20فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ". فها نحن أولاء إزاء روايتين مختلفتين فى موضوع واحد اختلافا لا يمكن تجاهله والمرور فوقه دون اهتمام بمغزاه، وهو مغزى خطير بالنسبة لعصمة الكتاب المقدس كما لا بد أن يخطر فى بال القارئ! فأين يا ترى تم ذلك اللقاء الأول بين المسيح وتلميذيه؟ هل لَقِىَ السيد المسيح الأخوين المذكورين عند أبيهما بجوار القارب؟ أم هل فى حلقة يحيى يستمعان إلى مواعظه؟ مشكلة كبيرة لا سبيل لحلها!

وهناك ما يسمَّى بــ"موعظة الجبل"، فهل كانت فعلا فوق جبل كما يقول متّى، وهل كانت على النحو التالى:"5 1 وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. 2 فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً : 3 طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى ، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ ،لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ ، مِنْ أَجْلِي ،كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُمْ هَكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ. 13 أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ ، وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ ، 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ ،بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ ،لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 17 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا ،يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ ،فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ. 21 قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. 23فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ ،24فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ ،وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. 25كُنْ مُرَاضِياً لِخَصْمِكَ سَرِيعاً مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ ،لِئَلا يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي ، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. 26اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ! 27 قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا ، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 31 وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ . 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي ، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي. 33 أَيْضاً سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللَّهِ ، 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ. 38 سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. 43 سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ فَأَيَّ فَضْلٍ تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا؟48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ. 6 1 اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ ، وَإِلا فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 2فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 3وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ ،4لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 5 وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ ،فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ ،لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 6وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 7وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ. 9 فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ ، وَالْقُوَّةَ ، وَالْمَجْدَ ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلاّتِكُمْ. 16 وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. 17وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ ،18لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِماً، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 19 لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ ،وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً فِي السَّمَاءِ ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ ، 21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضاً. 22سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ ،فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً ، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِماً ، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!24 لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللَّهَ وَالْمَالَ. 25لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26 اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ،وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟27وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً؟ 28وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. 29وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَداً فِي التَّنُّورِ،يُلْبِسُهُ اللَّهُ هَكَذَا ، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدّاً يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا. 33لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ. 7 1 لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا ،2لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5يَا مُرَائِي ، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ ،وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! 6لاَ تُعْطُوا الْقَُدْسَ لِلْكِلاَبِ ، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ ، لِئَلا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ. 7 اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 9أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزاً ، يُعْطِيهِ حَجَراً؟ 10وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً ،يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ 11فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ! 12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ ، لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ. 13 اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ ،لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! 15 اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ ، وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً ، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ 17هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً ، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً ، 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً ، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.21 لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا ، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ! 24 فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا ،أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. 25فَنَزَلَ الْمَطَرُ ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. 26وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا ، يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ جَاهِلٍ ، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. 27فَنَزَلَ الْمَطَرُ ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً! . 28فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، 29لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ".

وهل كانت بهذا اللفظ حرفيا وبنفس هذا الطول؟ أم هل كانت أقصر وبلفظ مختلف على نحو ما وألقاها المسيح فى سَهْلٍ لا فوق جَبَلٍ حسبما جاء عند لوقا (الفصل الخامس): "17وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ سَهْلٍ ، هُوَ وَجَمْعٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ ، مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَاءَ ، الَّذِينَ جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ،18وَالْمُعَذَّبُونَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ. وَكَانُوا يَبْرَأُونَ. 19وَكُلُّ الْجَمْعِ طَلَبُوا أَنْ يَلْمِسُوهُ ، لأَنَّ قُوَّةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِي الْجَمِيعَ.20وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ. 21طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْجِيَاعُ الآنَ لأَنَّكُمْ تُشْبَعُونَ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ لأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ. 22طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ ، وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ ، وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ابْنِ الإِنْسَانِ. 23اِفْرَحُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا ، فَهُوَذَا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ. لأَنَّ آبَاءَهُمْ هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ. 24وَلَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى ، لأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ. 26وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَناً. لأَنَّهُ هَكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ. 27 لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ،28بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 29مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً ، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضاً. 30وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ. 31وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ هَكَذَا. 32وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضاً يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ. 33وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا. 34وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضاً يُقْرِضُونَ الْخُطَاةَ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا مِنْهُمُ الْمِثْلَ. 35بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً ، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ. 36فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضاً رَحِيمٌ. 37وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ. 38أَعْطُوا تُعْطَوْا ، كَيْلاً جَيِّداً مُلَبَّداً مَهْزُوزاً فَائِضاً يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُم .39وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً: هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاِثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟ 40لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ. 41لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 42أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي ، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ. 43لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَراً رَدِيّاً ، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَراً جَيِّداً. 44لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا. فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِيناً ، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ الْعُلَّيْقِ عِنَباً. 45اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ. 46وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟ 47كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ 48يُشْبِهُ إِنْسَاناً بَنَى بَيْتاً ، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذَلِكَ الْبَيْتَ ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. 49وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ ، فَيُشْبِهُ إِنْسَاناً بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ ، فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً ، وَكَانَ خَرَابُ ذَلِكَ الْبَيْتِ عَظِيماً"؟

وحين ننتقل معه، صلى الله عليه وسلم، إلى كفرناحوم بعد تجريب الشيطان له فى البرية لمدة أربعين يوما كما تقول الأسطورة نفاجأ أن لدينا فى الأناجيل ثلاث روايات مختلفة لما حدث آنئذ: ففى لوقا: "31وَانْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ ، مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ ، وَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي السُّبُوتِ. 32فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ. 33وَكَانَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ بِهِ رُوحُ شَيْطَانٍ نَجِسٍ ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: 34 آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ؟أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ ! . 35فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: اخْرَسْ ! وَاخْرُجْ مِنْهُ !. فَصَرَعَهُ الشَّيْطَانُ فِي الْوَسْطِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَيْئاً. 36فَوَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ ، وَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: مَا هَذِهِ الْكَلِمَةُ ؟لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ ! . 37وَخَرَجَ صِيتٌ عَنْهُ إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ فِي الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ".

وفى يوحنا: "12 وَبَعْدَ هَذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّاماً لَيْسَتْ كَثِيرَةً 13 وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ،14 وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً، وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15 فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ ! . 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي .18فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ : أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هَذَا؟ 19أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُه . 20فَقَالَ الْيَهُودُ: فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً بُنِيَ هَذَا الْهَيْكَلُ، أَفَأَنْتَ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ تُقِيمُهُ؟ 21وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ. 22 فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ.23 وَلَمَّا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ كَثِيرُونَ بِاسْمِهِ، إِذْ رَأَوُا الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَ. 24 لَكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ. 25وَلأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجاً أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ الإِنْسَانِ ، لأَنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي الإِنْسَانِ".

وفى مرقس: "21ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. 22فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. 23وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ فَصَرَخَ24قَائِلاً: آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللَّهِ! 25فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: اخْرَسْ ! ‍‍‍‍‍‍‍وَاخْرُجْ مِنْهُ! 26فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. 27 فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: مَا هَذَا؟ مَا هُوَ هَذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ! 28فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ".

والآن أعتقد أن الروايات الثلاث تتحدث بنفسها ولا تحتاج لمن يستطلع خبرها، إذ هى واضحة وضوح الشمس: فلوقا يقول إن المسيح عليه السلام كان يذهب كل سبت إلى المجمع فيعلم أهل كفر ناحوم، وإنه أخرج ذات مرة شيطانا من أحد المصروعين كان يشغب عليه فى دروسه، وإن الناس عجبوا لما حدث وذاع صِيتُه بسبب ذلك فى المنطقة المحيطة. وغَنِىٌّ عن القول إننا، وإن آمنّا بأن المسيح كان يشفى المرضى، لا نصدق أن الشياطين التى تسكن الأجساد (إن كانت شياطين فعلا) تتكلم وتتحدى من يحاول إخراجها من جسد المصروع. أما يوحنا فلم يتعرض لما حدث منه أو له فى كفرناحوم، بل انتقل سريعا إلى أورشليم وأورد غضبه من تحول الهيكل على يد الكهنة والتجار والصيارفة إلى مكان للبيع وصرف النقود وحظيرة للبهائم، وسَوْقه، صلى الله عليه وسلم، كل ذلك أمامه إلى خارج المكان بالسوط، وفى ذات الوقت لم يذكر شيئا عما وقع منه من شفاء بعض المرضى. وتتبقى رواية متى، وخلاصتها أن قائدا من قواد المائة اعترض طريق المسيح طالبا منه أن يشفى غلاما له، ولما تهيأ عيسى للذهاب معه إلى منزله علّق القائد قائلا إنه ليس بحاجة إلى الانتقال معه إلى البيت حيث الغلام المريض، بل كل ما يحتاجه منه أن يقول كلمة فيُشْفَى المريض على الفور، فعَدّ عيسى هذا منه إيمانا قويا لا يتوفر لأى إنسان من بنى إسرائيل، وكانت النتيجة أن برأ الغلام لوقته وهو فى الدار.

ولا أظن القارئ إلا تنبه لاستجابة المسيح السريعة لقائد المائة، إذ أبدى استعداده للذهاب معه فى الحال لبيته ليشفى له غلامه، على عكس سلوكه مع المرأة الكنعانية التى كانت لها ابنة مريضة وأخذت تتذلل وتسجد له وتلح عليه، على حين يردّ هو على لهفتها بكلمات قارصة مذلة بحجة أنه لم يُرْسَل إلا لخراف بنى إسرائيل الضالة (رغم أن قائد المائة هو أيضا أممى مثلها، أى من غير بنى إسرائيل)، حتى استجاب لها أخيرا، ولَمّا يَكَدْ! أتراه فعل هذا لأن الرجل قائد عسكرى، بينما هى مجرد امرأة مسكينة لا حول لها ولا طول؟ إننا لا نقصد بأى حال أن السيد المسيح قد فعل ذلك حقا، بل نقصد أن متّى (أقصد من ألف هذا الإنجيل، وهو ليس متى الحوارى بأى حال، وأغلب الظن أنه لا يسمى: "متّى" أصلا) قد عكس نفسه وأخلاقه على المسيح، ورسول الله من مثل ذلك السلوك براء!

ثم عندنا معجزة الخبز والسمك، وكل من مؤلفى الأناجيل يكتبها بطريقته التى تتفق مع ما قاله غيره فى أشياء، وتختلف فى أشياء: فمثلا هل كانت الجموع قد مكثت مع عيسى عليه السلام عدة أيام قبل أن يفكر فى مشكلة الطعام وكيفية تدبيره لهم؟ أم هل كان ذلك فى أول يوم؟ وإذا كان فى أول يوم، فهل كان ذلك بعد الوعظ؟ أم هل كان بمجرد أن رفع بصره ورآهم مقبلين نحوه؟ كما أن بعض الروايات تقول إنه "خرج" ليقابل تلك الجموع، فما المقصود بالخروج هنا، وهو إنما كان فى موضعٍ خلاء؟ ثم كيف يا ترى تم التفكير فى مشكلة الطعام؟ هل الحواريون هم الذين لفتوا نظره إليها؟ أم هل هو الذى فكر فيها ابتداء وطلب منهم أن يفكروا معه فى حلها؟ وهل هم الذين عرضوا عليه أن يذهبوا فيشتروا الطعام؟ أم هل هو الذى عرض عليهم ذلك؟ هنا تختلف الروايات، وإن اتفق الأربعة على أن هناك معجزة طعامية قد وقعت أشبع فيها السيد المسيح عدة آلاف من البشر، لا ندرى أهم أربعة آلاف أم خمسة؟ وهل كانوا رجالا فقط حسبما يُفْهَم من بعض الروايات أو كان هناك نساء وأطفال أيضا كما نصّت بعض الروايات الأخرى؟ وماذا كان عدد الأرغفة؟ أكانت خمسة أرغفة أم كانت سبعة؟ والسمكات: هل كانت سمكتين تحديدا؟ أم المقصود أنها كانت قليلة العدد جدا، والسلام؟ والأرغفة التى تبقت بعد أن أكلت الجموع وشبعت: هل ملأت سبع سلال (أو قُفَّة. واختر ما يعجبك، فإنها لا تفرق كثيرا)؟ أم هل ملأت اثنتى عشرة قُفَّة (أو سَلَّة)؟ ثم هل بقيت أسماك بعد الأكل أو لم يتبقّ إلا الخبز فقط؟ وماذا كان مصير ذلك الخبز؟ هل تركوه وراءهم على أساس أن المسيح موجود فى كل حين يستطيع أن يتكفل لهم بالطعام والشراب دون تعب منهم أو مشقة؟ أم هل تقاسموه بينهم تحسّبا للمفاجآت؟ على كل حال نترك القارئ مع الروايات المختلفة للحكاية:

متى: "13فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ فِي سَفِينَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِداً. فَسَمِعَ الْجُمُوعُ وَتَبِعُوهُ مُشَاةً مِنَ الْمُدُنِ.14فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعاً كَثِيراً فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. 15وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ الْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى الْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَاما . 16فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا . 17فَقَالُوا لَهُ: لَيْسَ عِنْدَنَا هَهُنَا إِلاَّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَان . 18فَقَالَ: ائْتُونِي بِهَا إِلَى هُنَا . 19فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ . ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً. 21وَ?لآكِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ ، مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالأَوْلاَدَ".

مرقس: "8(إلى9 :1) 1فِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ الْجَمْعُ كَثِيراً جِدّاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمْ: 2((إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. 3وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ ، لأَنَّ قَوْماً مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ بَعِيد.((مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هَؤُلاَءِ خُبْزاً هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟ 5فَسَأَلَهُمْ: كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟ فَقَالُوا: سَبْعَةٌ . 6فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا ، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هَذِهِ أَيْضاً. 8فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا . ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَلٍ. 9وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ. 10وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ.11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ.12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً!. 4((مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هَؤُلاَءِ خُبْزاً هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟ 5فَسَأَلَهُمْ: كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟ فَقَالُوا: سَبْعَةٌ . 6فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا ، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هَذِهِ أَيْضاً. 8فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا . ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَلٍ. 9وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ. 10وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ.11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ.12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً"!

يوحنا: "61 بَعْدَ هَذَا مَضَى يَسُوعُ إِلَى عَبْرِ بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَهُوَ بَحْرُ طَبَرِيَّةَ. 2وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لأَنَّهُمْ أَبْصَرُوا آيَاتِهِ الَّتِي كَانَ يَصْنَعُهَا فِي الْمَرْضَى. 3فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى جَبَلٍ وَجَلَسَ هُنَاكَ مَعَ تلاَمِيذِهِ. 4 وَكَانَ الْفِصْحُ، عِيدُ الْيَهُودِ، قَرِيباً. 5 فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعاً كَثِيراً مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزاً لِيَأْكُلَ هَؤُلاَءِ؟ 6 وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. 7أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئاً يَسِيرا . 8 قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تلاَمِيذِهِ، وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ: 9 هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلَكِنْ مَا هَذَا لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ؟ 10فَقَالَ يَسُوعُ: اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُون . وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ. 11 وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التّلاَمِيذِ، وَالتّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذَلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا. 12 فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتلاَمِيذِهِ: اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَي ْء . 13 فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ. 14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ! 15 وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً، انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ".

لوقا: "10وَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ أَخْبَرُوهُ بِجَمِيعِ مَا فَعَلُوا ، فَأَخَذَهُمْ وَانْصَرَفَ مُنْفَرِداً إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ لِمَدِينَةٍ تُسَمَّى بَيْتَ صَيْدَا. 11فَالْجُمُوعُ إِذْ عَلِمُوا تَبِعُوهُ ، فَقَبِلَهُمْ وَكَلَّمَهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ ، وَالْمُحْتَاجُونَ إِلَى الشِّفَاءِ شَفَاهُمْ. 12فَابْتَدَأَ النَّهَارُ يَمِيلُ. فَتَقَدَّمَ الاِثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَاماً ، لأَنَّنَا هَهُنَا فِي مَوْضِعٍ خَلاَء . 13فَقَالَ لَهُمْ: أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا. فَقَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ ، إِلاَّ أَنْ نَذْهَبَ وَنَبْتَاعَ طَعَاماً لِهَذَا الشَّعْبِ كُلِّه. 14لأَنَّهُمْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ. فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: أَتْكِئُوهُمْ فِرَقاً خَمْسِينَ خَمْسِين . 15فَفَعَلُوا هَكَذَا، وَأَتْكَأُوا الْجَمِيعَ. 16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ. 17فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جَمِيعاً. ثُمَّ رُفِعَ مَا فَضَلَ عَنْهُمْ مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً".

ونفس الاضطراب نجده فى أسماء الرسل الاثنى عشر الذين يقال إن عيسى بن مريم عليه السلام أرسلهم للتبشير بملكوت السماوات بين بنى إسرائيل، فهناك روايتان تذكران تداوس، وهناك رواية تذكر بدلا منه يهوذا أخا يعقوب (يعقوب من؟ لا ندرى لأن لدينا يعقوبين لا يعقوبا واحدا). وبطبيعة الحال لا نستطيع أن نعرف أىٌّ هى الصحيحة، إن كانت هناك رواية صحيحة أصلا، فكل شىء فى الأناجيل مُشْكِل إلا القليل. ويقول محررو "تفسير الكتاب المقدس" إن يهوذا وتداوس قد يكونان شخصا واحدا (5/ 107)، وهو توجيه سخيف وكلام فارغ يبدو أن صاحبه قد كتبه وهو سكران، وإلا أفلا يعرف أن تداوس لم يُذْكَر أنه أخ ليعقوب (سواء كان يعقوب بن حلفى أو يعقوب بن زبدى) على عكس ما قيل عن يهوذا ذاك وعن غيره؟ فضلا عن أن تداوس كان له اسم آخر هو لباوس، فلا يعقل أن يكون له ثلاثة أسماء، وإلا كانت الحكاية سِيبَة! المهم أن هؤلاء الشراح واعون بهذه الكارثة، وإن حاولوا بخفة واستهتار أن يقدموا لها حلا مضحكا لا يقنع الطفل الصعير! وإلى القارئ الكريم لائحة التلاميذ الاثنى عشر كما وردت فى الأناجيل الثلاثة:

متى (الفصل العاشر): "101ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا ، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ. 2وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاِثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هَذِهِ: الأَََوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي ، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. 3فِيلُبُّسُ ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا ، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى ، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. 4سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. 5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا ، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ".

مرقس (الفصل الثالث): "13ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. 14 وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلْيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، 15وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ. 16وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ. 17 وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ . 18 وَأَنْدَرَاوُسَ ، وَفِيلُبُّسَ ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ ، وَمَتَّى وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ، 19وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ".

لوقا (الفصلان السادس والتاسع): "12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.13وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضاً رُسُلا : 14سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضاً بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. 15مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. 16يَهُوذَاأَخَا يَعْقُوبَ ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّماً أَيْضاً... 91دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ ، وَأَعْطَاهُمْ قُوَّةً وَسُلْطَاناً عَلَى جَمِيعِ الشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ أَمْرَاضٍ، 2وَأَرْسَلَهُمْ لِيَكْرِزُوا بِمَلَكُوتِ اللهِ وَيَشْفُوا الْمَرْضَى. 3وَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَحْمِلُوا شَيْئاً لِلطَّرِيقِ : لاَ عَصاً وَلاَ مِزْوَداً وَلاَ خُبْزاً وَلاَ فِضَّةً ، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ. 4وَأَيَُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَهُنَاكَ أَقِيمُوا ، وَمِنْ هُنَاكَ اخْرُجُوا. 5وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ ، وَانْفُضُوا الْغُبَارَ أَيْضاً عَنْ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِم . 6فَلَمَّا خَرَجُوا كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ يُبَشِّرُونَ وَيَشْفُونَ فِي كُلِّ مَوْضِع ".

ولقد قرأنا فى ذيل قائمة متّى الخاصة بأسماء الحواريين ما قاله المسيح لهؤلاء التلاميذ، وهذا نصه مرة أخرى من باب التذكرة: "5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ"، وهو ما يدل أيضا على أن رسالته إنما هى لبنى إسرائيل وحدهم كما قال هو نفسه أكثر من مرة حسبما رأينا من قبل، ومن ثم فهو لم يأت للتكفير عن الخطيئة الأولى للبشرية جمعاء عكس ما يقال! وهذه مشكلة كبيرة لا أدرى كيف يمكن التغلب عليها! ومع ذلك فلسوف ينطلق هؤلاء التلاميذ فيمضون إلى الأمم ويتركون بنى إسرائيل، فمن أذن لهم بهذا بعد كل النهى الذى نهاهموه ربهم (كما يقولون عنه، أستغفر الله العظيم من كل ذنب وكفر، أو نبيهم كما نقول نحن)؟ هذه مشكلة أو بالحَرَى: كارثة أخرى! استر يا ستار! ليس ذلك فقط، بل إن المسيح نفسه قد قام بشفاء ابنة امرأة سامرية، وكان من نتيجة هذا أن آمن به، عليه السلام، كثير من السامريين ودَعَوْه إلى بيوتهم فاستجاب لهم وعاش بينهم يومين كاملين، وكان تعليقهم على ذلك أن "هذا هو بالحقيقة المسيح مخلّص العالم"، أى ليس مخلص بنى إسرائيل وحدهم: "39فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ: قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْت. 40فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ، فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ.41فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدّاً بِسَبَبِ كلاَمِهِ. 42وَقَالُوا لِلْمَرْأَةِ: إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَم" (يوحنا/ ف 4). كما أنه استجاب لامرأة كنعانية وشفى لها بنتها، وإن كانت قد أُذِلّت أولا إذلالا كثيرا قبل أن يستجيب لها، وبالمثل نزل على رجاء أحد الضباط الرومان وشفى له غلامه رغم أنه أعلن مرارا أنه لم يرسل إلا لخراف بنى إسرائيل!

آه، لكنك يا حضرة الكاتب (الذى هو أنا) قد نَسِيتَ فيما يبدو أن المسيح نفسه قد عاد فى كلامه (ومن منا لا يعود؟ فلا تكن إذن حنبليا هكذا!) فأَمَرَهم أَمْرًا أن يذهبوا إلى الأمم الأخرى من غير بنى إسرائيل ويدعوهم بدعوته. أما تعليقى على هذا (أنا حضرة الكاتب) فهو أن ذلك حدث بعد أن مات المسيح (حسب كلامهم) ثم قام من القبر (أيضا بناء على كلامهم)، والمعروف أنه بعد العيد لا يُفَتَّل كعك! فليس من المعقول أن تنتهى حياته عليه السلام على الأرض ولا يتذكر مثل هذا التشريع إلا بعد أن يتم الصلب والقتل ولم تعد تربطه بالأرض رابطة. أما لو أصررتم على أن هذا تشريع صحيح، فعليكم أن تقرّوا أن هذا هو النسخ بعينه، وهو ما تشنِّعون به على الإسلام كيدًا رخيصًا مضحكًا. لكنه يظل مع ذلك نسخا غريبا غير مقنع، إذ إن الموضوع الذى بين أيدينا لا يقبل بطبيعته الدخول فى ميدان النسخ، فالمفروض أن المسيح عليه السلام إنما جاء منذ البداية خِصِّيصًا بغرض التكفير عن البشرية كلها لا عن بنى إسرائيل وحدهم، وهذه ليست مسألة تشريعية يُرَاعَى فيها التدرج والنسخ من ثَمَّ. ولقد جاء فى "إنجيل الولادة" (The Gospel of The Nativity of Mary) ما نصه من كلام الملاك الذى أتى ليوسف النجار فى المنام حينما لاحظ أن مريم خطيبته حامل وشرع الشك والقلق ينهشان قلبه: "For she alone of all virgins shall bring forth the Son of God, and thou shalt call His name Jesus, that is, Saviour; for He shall save His people from their sins. "، وهو ما يعنى بصريح العبارة أن الخلاص الذى أتى به المسيح إنما هو لبنى إسرائيل فحسب، ولا يتعداهم إلى ما وراءهم من أمم العالم. وبالمناسبة فقد نسخ المسيح أشياء أخرى من شريعة موسى رغم أنه كان قد وعد ألا يغير منها شيئا، ثم جاء بطرس وبولس فجاءا بدُرَفها، والحمد لله الذى لا يحمد على المجىء بالدُّرَف سواه! وهذا هو النص الذى أورده مرقس وحده مناقضًا به بقية مؤلفى الأناجيل الأربعة:

"14أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15وَقَالَ لَهُمُ:«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ».19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَة"ِ.

وبالنسبة لما قام به عيسى بن مريم من معجزات شاعت واستفاض ذِكْرها وما قاله هيرودس تعليقا على هذا نجد أن لدينا فى القصص المسماة بالأناجيل أكثر من رواية، وبعض ما جاء فى هذه الروايات واحد، وبعضه مختلف أو متناقض. وهذه هى الروايات ليقرأها القارئ بنفسه ويحكم لنفسه:

متى (الفصل الرابع عشر): "14 1 فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ، 2فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ ! وَلِذَلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّات . 3 فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، 4لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَك . 5وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسَطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ: أَعْطِنِي هَهُنَا عَلَى طَبَقٍ رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان . 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَقٍ وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا.12فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ".

مرقس (الفصل السادس): "14فَسَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ، لأَنَّ اسْمَهُ صَارَ مَشْهُوراً. وَقَالَ: إِنَّ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانَ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ وَلِذَلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّات . 15قَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ إِيلِيَّا . وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاءِ . 16وَلَكِنْ لَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ قَالَ: هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ! 17لأَنَّ هِيرُودُسَ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَ وَأَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، إِذْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا. 18لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لِهِيرُودُسَ: لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ)) 19 فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ، 20لأَنَّ هِيرُودُسَ كَانَ يَهَابُ يُوحَنَّا عَالِماً أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقِدِّيسٌ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ. وَإِذْ سَمِعَهُ، فَعَلَ كَثِيراً ، وَسَمِعَهُ بِسُرُورٍ. 21وَإِذْ كَانَ يَوْمٌ مُوافِقٌ، لَمَّا صَنَعَ هِيرُودُسُ فِي مَوْلِدِهِ عَشَاءً لِعُظَمَائِهِ وَقُوَّادِ الأُلُوفِ وَوُجُوهِ الْجَلِيلِ ، 22دَخَلَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا وَرَقَصَتْ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَقَالَ الْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: مَهْمَا أَرَدْتِ اطْلُبِي مِنِّي فَأُعْطِيَك . 23وَأَقْسَمَ لَهَا أَنْ مَهْمَا طَلَبْتِ مِنِّي لأُعْطِيَنَّكِ حَتَّى نِصْفَ مَمْلَكَتِي . 24فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ لأُمِّهَا: مَاذَا أَطْلُبُ؟ فَقَالَتْ: رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان . 25فَدَخَلَتْ لِلْوَقْتِ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْمَلِكِ وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَنِي حَالاً رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ عَلَى طَبَقٍ . 26فَحَزِنَ الْمَلِكُ جِدّاً. وَلأَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَرُدَّهَا. 27فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلَ الْمَلِكُ سَيَّافاً وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِرَأْسِهِ. 28فَمَضَى وَقَطَعَ رَأْسَهُ فِي السِّجْنِ. وَأَتَى بِرَأْسِهِ عَلَى طَبَقٍ وَأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّةِ، وَالصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لأُمِّهَا. 29وَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ، جَاءُوا وَرَفَعُوا جُثَّتَهُ وَوَضَعُوهَا فِي قَبْرٍ".

لوقا (الفصل التاسع): " 7فَسَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْهُ ، وَارْتَابَ ، لأَنَّ قَوْماً كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ يُوحَنَّا قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَات . 8وَقَوْماً: إِنَّ إِيلِيَّا ظَهَر . وَآخَرِينَ: إِنَّ نَبِيّاً مِنَ الْقُدَمَاءِ قَام . 9فَقَالَ هِيرُودُسُ: يُوحَنَّا أَنَا قَطَعْتُ رَأْسَهُ. فَمَنْ هُوَ هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْهُ مِثْلَ هَذَا؟ وَكَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرَاهُ".

ففى الراويتين الأُولَيَيْن نسمع هيرودس نفسه يقول: "هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ. إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ!"، ومعنى ذلك أنه كان مطمئنا إلى أن المسيح هو يوحنا، الذى كان هو ذاته قد قتله: قام من القبر وعاد للحياة كرة ثانية. ومع ذلك ففى رواية لوقا نجد كلاما آخر. إنه غير مطمئن إلى شىء، وليس هو الذى قال إن المسيح هو يوحنا قام من الأموات، بل غيره هو الذى قال ذلك، وهناك آخرون قالوا شيئا ثالثا. هذه واحدة، أما الثانية فقول إحدى الروايات إن هيرودس كان يؤمن أن يوحنا نبى، ولهذا لم يشأ فى البداية أن يقتله، أما فى الروايتين الأُخْرَيَيْن فتقولان إنه إنما تردد فى قتله فى البداية مراعاة لمشاعر الناس، إذ كانوا يؤمنون بنبوته، أما هو فلا. وهاتان مشكلتان كبيرتان تحتاجان إلى حل، لكن هذا الحل غير متوفر للأسف!

ولدى سؤال التلاميذ لمعلمهم عمن يكون الخائن الذى سيسلمه لأعدائه ليقتلوه (كبرت كلمة تخرج من أى فم يقول إن عيسى بن مريم قد قُتِل وصُلِب!) يجيب المسيح عليه السلام حسب رواية يوحنا (الفصل الثالث عشر) بأن الخائن هو الذى سيغمس لقمته معه فى نفس الطبق: "26أَجَابَ يَسُوعُ: هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ! فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ. 27فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَة. 28وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يَفْهَمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ لِمَاذَا كَلَّمَهُ بِه، 29لأَنَّ قَوْماً، إِذْ كَانَ الصُّنْدُوقُ مَعَ يَهُوذَا، ظَنُّوا أَنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْعِيدِ، أَوْ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئاً لِلْفُقَرَاءِ "، بخلاف ما جاء فى الفصل السادس عشر من متّى، الذى يقول: "20وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 21وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ قَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي . 22فَحَزِنُوا جِدّاً ،وَابْتَدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ: هَلْ أَنَا هُوَ يَا رَبُّ؟ 23فَأَجَابَ وَقَالَ : الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي! 24إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ ،وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ! . 25فَسَأَلَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ وَقَالَ : هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟ قَالَ لَهُ: أَنْتَ قُلْت"، وهو نفسه ما قاله مرقس (الفصل الثانى عشر): "18وَفِيمَا هُمْ مُتَّكِئُونَ يَأْكُلُونَ قَالَ يَسُوعُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي. اَلآكِلُ مَعِي! 19فَابْتَدَأُوا يَحْزَنُونَ، وَيَقُولُونَ لَهُ وَاحِداً فَوَاحِداً: هَلْ أَنَا؟ وَآخَرُ: هَلْ أَنَا؟ 20فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: هُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يَغْمِسُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ. 21إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!". أما رواية لوقا (الفصل الثانى والعشرون) فتقول شيئا مختلفا عن هذا وذاك جميعا: "17ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْساً وَشَكَرَ وَقَالَ: خُذُوا هَذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ ، 18لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ الله . 19وَأَخَذَ خُبْزاً وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: هَذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هَذَا لِذِكْرِي . 20وَكَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضاً بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: هَذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. 21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ ، وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ! . 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟". فأى هذه الروايات الثلاث هى التى ينبغى أن نصدّق إن كان لنا أن نصدق؟ نحن المسلمين بطبيعة الحال لا نصدق البتة شيئا من هذا، لكننا نحب أن نلفت النظر إلى الاضطراب والتناقض فيما يقوله مؤلفو الأناجيل!

وحينما دنت ساعة الموت (حسبما تقول الأناجيل) نقرأ عند متّى (ف 26) ومرقس (ف 14) أنه، صلى الله عليه وسلم، كان حزينا مكتئبا، وكان يصلى ويلحّ فى الدعاء أن يجنبه الله شرب تلك الكأس المرة، ثم لما جاء رجالُ الشرطة وخَدَمُ رؤساء الكهنة ليقبضوا عليه فرّ عنه التلاميذ هاربين، وإن انفرد متّى بأنه عليه السلام عندما قبّله يهوذا قبلة الخيانة كان تعليقه: "يا صاحبى، لماذا جئت؟"، مثلما انفرد مرقس بأن الشرطة قد حاولت القبض على أحد الشبان الذين تبعوه وأمسكته من إزاره فخلعه عن نفسه وتركه لهم وجرى عريانا. أما فى لوقا (ف 22) فليس فيها شىء عن فرار التلاميذ ولا عن الشاب الذى هرب عريانا، كما أن العبارة التى قالها المسيح ليهوذا تختلف عما سمعناه فى رواية متى، إذ قال له هنا: " أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟ "، بل إن لوقا لم يذكر هل قبّله يهوذا فعلا أو لا، إذ الموجود عنده هو: "فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. 48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا يَهُوذَا ، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟"، على حين أن يوحنا (ف 18) لا يعرف شيئا عن حكاية القبلة هذه التى ضُرِب بها المثل، بل كل ما هنالك أن يوحنا كان واقفا معهم، فضلا عن أن وقائع القبض على المسيح تختلف عما فى الروايات الأخرى اختلافا شديدا، فتلك الروايات تتحدث عن قوله مقرّعا القادمين للقبض عليه: "أعَلَى لصٍّ خرجتم؟" ثم تقدُّمهم وإلقائهم القبض آنذاك عليه، أما هنا فإنه ما إن يقول: "أنا هو"، حتى نفاجأ بهم يتراجعون للخلف ويسقطون على ظهورهم. أما التلاميذ فلم يفرّوا بل هو الذى طلب من المهاجمين أن يَدَعوهم ينصرفون بسلام. وهذه كلها مصائب متلتلة كان الله فى عون من يحاول أن يداوى شروخها التى تنذر بسقوط البناء كله!

فإذا تحولنا إلى مشهد المحاكمة راعنا أيضا الاختلاف بين الروايات: فرواية تقول إن عيسى، لما سئل: "هل قلت إنك المسيح ابن الله؟"، قد أجاب: "أنا هو"، ورواية تقول إنه اكتفى بعبارة : "أنت قلت"، وثالثة لا يجيب بنعم أو لا، بل نسمعه يقول: "إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي" . كما أن بعض الروايات تتحدث عن أن الضرب واللطم ابتدأ بعد أن تمت إدانته، وبعضها يذكر ذلك منذ البداية، ورواية تذكر الجَلْد، وبقية الروايات لا تذكر هذا، ورواية لا تذكر من كل ذلك سوى أن أحد الخدم صفع عيسى عليه السلام على وجهه قرب نهاية المحكمة على ما عَدَّه جرأة منه فى مخاطبة رئيس الكهنة. أما يوحنا فقد سكت فلم يورد طبيعة السؤال الذى سُئِلَه عيسى عليه السلام، وكل ما هناك أنهم سألوه عن الأمور التى كان يدعو بها، وأنه قد أجاب بأنه إنما كان يدعو بما عنده علانية لا فى الخفاء، فليسألوا إذن أولئك الذين كان يعلمهم، فعندهم الجواب:

متى (ف 26): " 7وَالَّذِينَ أَمْسَكُوا يَسُوعَ مَضَوْا بِهِ إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ ،حَيْثُ اجْتَمَعَ الْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ. 58وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ ،فَدَخَلَ إِلَى دَاخِلٍ وَجَلَسَ بَيْنَ الْخُدَّامِ لِيَنْظُرَ النِّهَايَةَ. 59وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، 60فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ ،لَمْ يَجِدُوا. وَلَكِنْ أَخِيراً تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ 61وَقَالاَ: هَذَا قَالَ : إِنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللَّهِ ،وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيه . 62فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هَذَانِ عَلَيْكَ؟ 63وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتاً. فَأَجَابَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَقَالَ لَهُ : أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟ 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ ،وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاء . 65فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً: قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! 66مَاذَا تَرَوْنَ؟ فَأَجَابُوا وَقَالوُا: إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْت . 67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68قَائِلِينَ: تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ مَنْ ضَرَبَكَ؟" .

مرقس (ف 65): "53فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. 54وَكَانَ بُطْرُسُ قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَكَانَ جَالِساً بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ. 55وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ، وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا 56لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُوراً، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. 57ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُوراً قَائِلِينَ: 58 نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هَذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَاد . 59وَلاَ بِهَذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. 60فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قَائلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هَؤُلاَءِ عَلَيْكَ؟ 61أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتاً وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً وَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ 62فَقَالَ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِياً فِي سَحَابِ السَّمَاءِ . 63فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ 64قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟ فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. 65فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: تَنَبَّأ . وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ".



لوقا (ف 22): "63وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِليِنَ : تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟ 65وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.66وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67قَائِلِينَ: إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ ، فَقُلْ لَنَا! . فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ ، 68وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ الله . 70فَقَالَ الْجَمِيعُ: أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟ فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُو . 71فَقَالُوا: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِه" .

يوحنا (18): "19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا .22وَلَمَّا قَالَ هَذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفاً ، قَائِلاً: أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟ 23أَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟ 24وَكَانَ حَنَّانُ قَدْ أَرْسَلَهُ مُوثَقاً إِلَى قَيَافَا رَئِيسِ الْكَهَنَةِ".

فإذا بلغنا ندم يهوذا على ما ارتكب من غدر وخيانة ألفينا أمامنا هاتين الروايتبن: فالأولى، وهى موجودة لدى كتاب الأناجيل، تقول إنه ذهب فردَّ الثلاثين فضة التى كان قد أخذها من الكهنة لقاء خيانته وغدره بمعلمه، ثم ثنّى بشنق نفسه: "27 1 وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ تَشَاوَرَ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْبِ عَلَى يَسُوعَ حَتَّى يَقْتُلُوهُ ،2فَأَوْثَقُوهُ وَمَضَوْا بِهِ وَدَفَعُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ الْوَالِي. 3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ ،نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئا . فَقَالُوا: مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ! 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ،ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَم . 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. 8لِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ حَقْلَ الدَّم إِلَى هَذَا الْيَوْمِ" (متى/ 27، وبقية الأناجيل تنحو نفس المنحى)، أما الرواية الثانية فنعثر عليها فى "أعمال الرسل"، وفيها أنه قد انشق بطنه فى الحقل ولم ينتحر: ""18فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. 19وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ حَتَّى دُعِيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ «حَقْلَ دَمَا» (أَيْ: حَقْلَ دَمٍ). 20لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَاباً وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آَخَرُ" (أعمال الرسل/ 1/ 18- 19). والآن أترك القارئ يحاول أن يزيل هذا التناقض براحته! المهم أنى قلت ما عندى، والسلام!

والآن إلى محاكمة بيلاطس للمسيح عليه السلام حسبما كتب مؤلفو الأناجيل. ولسوف نورد النصوص أولا ثم نثنِّى بتحليلها ومقارنة بعضها ببعض لنرى مدى اتساقها أو اختلافها أو تناقضها، وها هى ذى النصوص المذكورة:

متى (ف 27): "11فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قَائِلاً : أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُول . 12وَبَيْنَمَا كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. 13فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟ 14فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ،حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدّاً.15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَاداً فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيراً وَاحِداً،مَنْ أَرَادُوهُ. 16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ. 17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 19وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ ،لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِه . 20وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَأَجَابَ الْوَالِي وَقَالَ لَهُمْ : مَنْ مِنْ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ فَقَالُوا: بَارَابَاسَ! . 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟ قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: لِيُصْلَبْ! 23فَقَالَ الْوَالِي: وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: لِيُصْلَبْ! 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ ،أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ ! . 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَقَالوُا : دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا . 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ ،وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ. 27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً، 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ ،وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ ،وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ ،نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ".

مرقس ( ف 15- 16):"15 1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَألَه بِيلاَطُسُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَقُول . 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قائِلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً، مَنْ طَلَبُوهُ. 7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. 8فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِماً يَفْعَلُ لَهُمْ. 9فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ . 10لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 11فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ. 12فَأَجابَ بيِلاطُس ُأيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ 13فَصَرَخُوا أَيْضاً: اصْلِبْهُ! 14فقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ فَازْدَادُوا جِدّاً صُرَاخاً: اصْلِبْهُ! 15فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ َنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ. 16فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ.17وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، 18وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! 19وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. 20وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. 21فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ".

لوقا (ف 15- 16): "15 1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَألَه بِيلاَطُسُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَقُول . 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قائِلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً، مَنْ طَلَبُوهُ. 7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً. 8فَصَرَخَ الْجَمْعُ وَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا كَانَ دَائِماً يَفْعَلُ لَهُمْ. 9فَأَجَابَهُمْ بِيلاَطُسُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ . 10لأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 11فَهَيَّجَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بِالْحَرِيِّ بَارَابَاسَ. 12فَأَجابَ بيِلاطُس ُأيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: فَمَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ أَفْعَلَ بِالَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ 13فَصَرَخُوا أَيْضاً: اصْلِبْهُ! 14فقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ فَازْدَادُوا جِدّاً صُرَاخاً: اصْلِبْهُ! 15فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ َنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ. 16فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ، الَّتِي هِيَ دَارُ الْوِلاَيَةِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ.17وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ، 18وَابْتَدَأُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! 19وَكَانُوا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ، وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. 20وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ لِيَصْلِبُوهُ. 21فَسَخَّرُوا رَجُلاً مُجْتَازاً كَانَ آتِياً مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ".

يوحنا (ف 18- 19): "28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟ 30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرٍّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ! 31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُم . فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدا . 32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ.33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ 36أَجَابَ يَسُوعُ: مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا .37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي . 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: مَا هُوَ الْحَقُّ؟ . وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً. 39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ . 40فَصَرَخُوا أَيْضاً جَمِيعُهُمْ قَائِليِنَ: لَيْسَ هَذَا بَلْ بَارَابَاسَ! وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً. 191فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ. 2وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوانٍ، 3وَكَانُوا يَقُولُونَ: السّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! . وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ. 4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً خَارِجاً وَقَالَ لَهُمْ: هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَة . 5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجاً وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: هُوَذَا الإِنْسَانُ! . 6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِليِنَ: اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّة . 7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللَّه . 8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هَذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفاً. 9فَدَخَلَ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَاباً. 10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَاناً أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَاناً أَنْ أُطْلِقَكَ؟ 11أَجَابَ يَسُوعُ: لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذَلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَم . 12مِنْ هَذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ ، وَلَكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِليِنَ : إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكاً يُقَاوِمُ قَيْصَرَ! .13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هَذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْبَلاَط وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ جَبَّاثَا . 14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: هُوَذَا مَلِكُكُمْ! . 15فَصَرَخُوا: خُذْهُ! خُذْهُ ! اصْلِبْهُ! قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟ أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ! . 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ".

ومن خلال القراءة لنصوص الأناجيل فى هذه الواقعة يتبين لنا الآتى: أن ثمة تناقضا بين رواية يوحنا من جهة وروايات المؤلفين الثلاثة الآخرين من جهة أخرى، فعلى حين يتفق هؤلاء الثلاثة فى أن عيسى بن مريم لم يجب الوالى بأى شىء، اللهم سوى رده بكلمة "أنت قلت" على سؤاله: "أنت ملك اليهود؟"، نراه عليه السلام فى إنجيل يوحنا يناقش الوالى ويجادله ويشرح له موقفه وعقيدته وكيف أنه أتى إلى العالم من أجل مهمة محددة لولا هى لسارع إلى إنقاذه من سماهم: "خُدَّامِى". وها هما ذان النصان، وهما يدلان على أننا أمام روايتين لا يمكن التوفيق بينهما بحال مهما كان الموفِّق أكروباتيًّا عبقرىَّ الأكروباتيّة. وسوف أكتفى، من الروايات الثلاث المتفقة، برواية مرقس لأنها، فيما يخص كلام السيد المسيح فى رده على الوالى بيلاطس وصَمْته التام فيما عدا عبارة "أنت قلت"، لا تختلف عن الروايتين الأُخْرَيَيْن فى شىء، وهذه هى أولا: "15 1وَلِلْوَقْتِ فِي الصَّبَاحِ تَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ، فَأَوْثَقُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ وَأَسْلَمُوهُ إِلَى بِيلاَطُسَ. 2فَسَألَه بِيلاَطُسُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تَقُول . 3وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ كَثِيراً. 4فَسَأَلَهُ بِيلاَطُسُ أَيْضاً قائِلاً: أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ انْظُرْ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ! 5فَلَمْ يُجِبْ يَسُوعُ أَيْضاً بِشَيْءٍ حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ. 6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً، مَنْ طَلَبُوهُ"، ثم ها هى ذى رواية يوحنا: ""28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. 29فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟ 30أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرٍّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ! 31فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُم. فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدا . 32لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ.33ثُمَّ دَخَلَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ 34أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا، أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟ 35أَجَابَهُ بِيلاَطُسُ: أَلَعَلِّي أَنَا يَهُودِيٌّ؟ أُمَّتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ. مَاذَا فَعَلْتَ؟ 36أَجَابَ يَسُوعُ: مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا .37فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: أَفَأَنْتَ إِذاً مَلِكٌ؟ أَجَابَ يَسُوعُ: أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي . 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: مَا هُوَ الْحَقُّ؟ . وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً. 39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟". ولست أحسب الأمر الآن إلا قد اتضح تماما بحيث لا يمكن أن يخطر فى ذهن عاقل، أو حتى مجنون، أن هناك شبهةَ إمكانيةٍ للتوفيق بين الحكايتين. لو أن الأمر اقتصر على أن بعض الروايات قد أَوْجَزَتْ، وبعضها الآخر قد فَصَّل لما كانت هناك مشكلة لأن هذا لا يكون بالضرورة تناقضا، أما أن تقول بعض الروايات إنه لم يردّ على أى سؤال وجهه له بيلاطس، وتقول رواية أخرى إنه أجاب على كل أسئلة الوالى، فمن المؤكد أن ثمة خللا كبيرا وشيئا فاسدا يحتاج إلى الشعور بالخجل من الزعم بأن هذه اللخبطات هى وحى إلهى.

كذلك هناك مشكلة باراباس: فهل كان لصا كما تقول بعض الروايات أم هل كان أحد المشاركين فى الفتنة وأعمال القتل طبقا لما ورد فى رواية أخرى؟ هذه أيضا مشكلة! وفوق هذا فلدينا فى رواية لوقا أن بيلاطس لم يحكم على السيد المسيح ابتداءً، بل انتهز معرفته، أثناء مداولاته مع اليهود، إلى أنه من الجليل فحوّله إلى هيرودس، الذى يقول لوقا إنه كان متشوقا لرؤية المسيح لعله يستطيع أن يصنع أمامه آية. أما فى الروايات الأخرى فقد حكم عليه بيلاطس منذ البداية دون الرجوع لهيرودس. فكيف نحل هذه أيضا؟ الواقع أَنْ ليس هناك ما يمكن الاستناد إليه فى التوفيق بين الروايات فى هذه النقطة بأى حال أو على أى وضع!

وفى روايات الصلب نجد ذات العجب: ففى بعض الروايات أن الذى حمل الصليب الخاص بصلِب المسيح رجل من القيروان (القيروان التى لم تُبْنَ إلا بعد ذلك بنحو ألف عام!) اسمه سمعان، أما عند يوحنا فالذى حمل صليب المسيح هو المسيح ذاته وليس شخصا آخر لا من القيروان ولا من الظهران ولا من أم درمان. ثم عندنا الرجلان اللذان صُلِبا معه: واحد عن يمينه، والآخر عن يساره، واللذان تقول بعض الروايات إنهما كانا يعيّرانه ويتهكمان عليه مع المتهكمين، على حين يقول يوحنا إن مصلوبا واحدا هو فقط الذى كان يسخر به، أما الآخر فكان يقرِّع زميله الساخر ويدافع عن عيسى عليه السلام، بل ويناديه: "يا ربى"، طالبًا منه أن يتذكره فى ملكوت السماوات، فيرد عليه المسيح مؤكدا له أنه سوف يكون معه فى الفردوس! والآن: أنت أيها القارئ من أى الشيعتين؟ عليك أن تضرب الودع كى تعرف الحقيقة وسط هذا الركام من الخيوط المتشابكة المعقدة، ثم تعال قابلنى!

أتعرف، أيها القارئ الكريم، أن كثيرا من الباحثين والعلماء الغربيين ينكرون وجود شخص اسمه عيسى، ويؤكدون أنه ليس سوى خرافة؟ وكل هذا بسبب تلك الروايات المضطربة التى تحير العقل وتستعصى على المنطق وتتناقض كذلك فيما بينها تناقضا لا يمكن القفز فوقه بأى حال! فإذا قلنا لهم إن كتابكم قد حُرِّف وأصابه عبث شديد شتموا سيد الأنبياء والمرسلين، ولا أدرى لماذا، مع أنه هو الوحيد الذى دافع عن المسيح وأمه، فضلا عن أن القرآن الذى نزل عليه من عند الله الواحد الأحد قد أسبغ على المسيح صفات البركة والحنان والبر والرحمة واحترام الأم وتبجيلها، نافيا عنه بذلك عار ما جاء فى الأناجيل مما يشينه شينا كبيرا، إذ يصوره كتبة تلك الأناجيل عصبيا جافيا خشنا شتاما عيابا متكبرا على المسحوقين ناظرا إليهم من عَلٍ متهما جميع الناس حتى حوارييه أنفسهم بقلة الإيمان لامزًا أمه عليها السلام هى وإخوته حين قال عنهم إنهم ليسوا أمه وإخوته، بل أمه وإخوته هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها، بما يعنى أنهم لم يكونوا كذلك! كما أنكر أشد الإنكار ما نُسِب إليه من أنه كان يدعو إلى الثالوث ويطلب من الناس اتخاذه إلها!

ثم مَنْ أولئك النسوة اللاتى كن واقفات على مقربة منه وشاهدنه يُصْلَب؟ هنا تختلف الروايات: فإحداها (وهى الرواية الموجودة فى الإنجيل الذى يحمل اسم يوحنا) تذكر مريمين معينتين هما أمه وخالته، أما الروايات الباقيات فلا تذكر أيا من هاتين المريمين، بل تذكر مريمين أخريين! وعجيب غريب غاية العجب والغرابة ألا يأتى ذكر الأم والخالة فى الروايات التى تدور فى هذا السياق تحت أى اعتبار! واضح أن هناك تخليطا بسبب اسم مريم. وثَمّ اختلاف آخر فى الأسماء يستطيع القارئ أن يدركه بنفسه دون مساعدة من أحد. وبالمثل فإن رواية يوحنا هى الرواية الوحيدة التى تتحدث عن توصية المسيح أحد تلاميذه أن يأخذ باله من أمه، على حين لم تقل أية رواية أخرى شيئا من هذا، ذلك أن مريم ليس لها وجود فى تلك الروايات كما لاحظنا. وبالمناسبة فقد كان المسيح لا يزال، حتى وهو على الصليب، جافا جافيا مع أمه لا يترك شكاسته معها، إذ بدلا من مناداته لها بــ"يا أمى الحبيبة" مثلا نجده يقول لها: "يا امرأة"! أيمكن أن يكون هذا هو عيسى الذى أثنى القرآن عليه وعلى بره بأمه؟ كذلك تختلف الروايات حول الكلمات التى قالها الضابط ومن معه حين شاهدوا الظلمة والزلازل وانشقاق حجاب الهيكل وبعثرة القبور وخروج الموتى منها إلى الدنيا عند صلب المسيح، فهل قال ذلك الضابط: "حقا كان هذا ابن الله"؟ أم هل كان ما قاله هو: "بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًّا"؟ لاحظ أنه لا سبيل للتوفيق بين العبارتين، فبينهما من التباعد فى المعنى والمغزى والاعتقاد مسافة تقدَّر بملايين السنين الضوئية!

كذلك هل قال عيسى بن مريم، حسبما تقول الأناجيل المؤلفة بأيدى البشر: "إِيلِي ،إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟"؟ أم هل كانت صيحته: "إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟ (أى "يا إلهى، لماذا تركتنى؟")؟ أم هل قال: "يَا أَبَتَاهُ ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي"؟ أم هل كل ما قاله هو: "أنا عطشان"، وبعدما بَلَّ ريقه من إسفنجة الخل التى قُدِّمَتْ له قال: "قد أُكْمِِل"، ثم فارق الحياة؟ إن معنا هاهنا أربع روايات بأربع عبارات مختلفة، وليس من أمل فى التوفيق بينها، فى أمرٍ هو أهم الأحداث فى حياة المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى سيد النبيين والمرسلين أصدق الصلوات وأحسن التساليم، فهل يليق بل هل يصح هذا؟ أترك هذه الكارثة لك لتتأملها على أقل من مهلك يا عزيزى القارئ!

ثم خذ عندك أيضا حكاية الدفن: فهل الذى قام بالدفن هو يوسف الرامىّ وحده، أم هل كان معه نيقوديموس؟ هنا روايتان لا رواية واحدة. فهيا شمر عن ساعد التفكير والحيرة وحاول أن تحل ذلك اللغز أيضا بالمرة! ثم هل قام يوسف الرامىّ هذا بتطييب جسد المسيح قبل دفنه بمائة مَنٍّ من مزيج المر والعود، وكأنه كان سيطيب أجساد الموتى كلهم؟ أم هل اكتفى يا ترى بلفّه فى كتان، ثم ذهبت أمه فأعدت الأطياب، وإن لم تمكنها الفرصة لتطييبه بسبب قيامه قبل ذلك من الأموات حسبما كتب مؤلفو الأناجيل؟ وقبل ذلك كله هل الإله يحتاج إلى طيب، وهو خالق الطيب والعطور التى فى الدنيا كلها؟ بل لماذا يُطَيَّب أصلا؟ أترى الآلهة تُنْتِن؟ هنا أيضا مشكلة فى حاجة إلى نظرة من أم العواجز!

ولو تركنا وراء ظهورنا هذه المشكلة إلى أن يجد أحد لها حلا، وهذا مستحيل، وانتقلنا إلى موضوع آخر هو موضوع الحَجَر الذى زُحْزِح من فوق فوهة القبر المدفون فيه المسيح لوجدنا مشكلة أعقد، وكل ما فى تلك الديانة معقد تعقيدا لم تتعقده أية قضية أخرى: فهل كانت مريم أمه وخالته هما اللتين ذهبتا إلى القبر؟ أم هل كانت مريم المجدلية ومريم الأخرى؟ أم هل كانت المجدلية وحدها؟ وهل كان ذلك فى غلس الظلام؟ أم هل كان عند الفجر؟ أم هل كان بعد بزوغ الشمس؟ وهل دخلت مَنْ ذهبتْ هناك إلى القبر أو لم تدخله وانصرفت كما جاءت؟ وهل كان هناك ملاك واحد أو اثنان أو شابّ أو لم يكن هناك ملائكة ولا ناس بالمرة؟ وهل كل الذى قيل هو أن يسوع قام من الأموات وينتظر تلاميذه فى الجليل؟ أم هل قيل كلام أكثر من ذلك؟ وهل أتى بعض التلاميذ للقبر ليتأكدوا مما حدث أو لا؟ وهل لمست مريم المسيح كما جاء فى الرواية التى تقول إنها ورفيقتها أمسكتا بقدميه وسجدتا له؟ أم هل منعها عليه السلام من لمسه بذريعة أنه لم يصعد بعد إلى السماء، وكأنها بعد صعوده للسماء ستراه مرة أخرى وتلمسه كما تحب؟ والمضحك أنه بعد كل ما قاله لها عن "أبيه وأبيهم وإلهه وإلههم" نسمعها تقول إنها قد رأت "ربّها"! يعنى: على رأى سعد زغلول "ما فيش فايدة"! غطِّيه إذن يا صفيه والْطِمِى! وها هى ذى النصوص أضعها أمام القارئ ليقارن بينها ويتحقق من الأمر بنفسه:

متى (ف 27- 28): "62وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاِسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ 63قَائِلِينَ: يَا سَيِّدُ ،قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ ،لِئَلا يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ ،فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى! 65فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُون. 66فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ. 28 1 وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ.2وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ ،لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ ،وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ ،وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ: لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. 6لَيْسَ هُوَ هَهُنَا ،لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعاً فِيهِ. 7وَاذْهَبَا سَرِيعاً قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ : إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا . 8فَخَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ ،رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: سَلاَمٌ لَكُمَا . فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي".

مرقس (ف 16): "16 1وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطاً لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. 2وَبَاكِراً جِدّاً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ 4فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيماً جِدّاً. 5وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابّاً جَالِساً عَنِ الْيَمِينِ لاَبِساً حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. 6فَقَالَ لَهُنَّ: لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ هَهُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. 7لَكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُم . 8فَخَرَجْنَ سَرِيعاً وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئاً لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. 9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا".

لوقا (ف 24): "24 1ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ، أَوَّلَ الْفَجْرِ ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ ، وَمَعَهُنَّ أُنَاسٌ. 2فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجاً عَنِ الْقَبْرِ، 3فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. 4وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذَلِكَ ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. 5وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ ، قَالاَ لَهُنَّ: لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ 6لَيْسَ هُوَ هَهُنَا ، لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ 7قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُوم . 8فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ، 9وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ. 10وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هَذَا لِلرُّسُلِ. 11فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ. 12فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ ، فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا ، فَمَضَى مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ".

يوحنا (ف 20): "20 1وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً، وَالظّلاَمُ بَاقٍ. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعاً عَنِ الْقَبْرِ. 2فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ، وَقَالَتْ لَهُمَا: أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! . 3فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ وَأَتَيَا إِلَى الْقَبْرِ. 4وَكَانَ الاِثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعاً. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، 5وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. 6ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، 7وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعاً مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفاً فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. 8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ، 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِهِمَا. 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ، 12فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً. 13فَقَالاَ لَهَا: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ قَالَتْ لَهُمَا: إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! . 14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟ فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُه . 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا مَرْيَم فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: رَبُّونِي! الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ. 17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُم . 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا".

ويتبقى لنا المشهد الأخير من قصة المسيح، وهو الخاص بظهوره لحوارييه بعد قيامه من الأموات على ما يقول القوم لا على ما نقول نحن. وسوف أورد أولاً ما قاله كل من مؤلفى الأناجيل ثم أعقب عليه بملاحظاتى تاركا كل قارئ يكوّن رأيه فيما بينه وبين نفسه:

متى (ف 28): "16وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذاً فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ ،حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ ،وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. 18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْر. آمِينَ". وهنا نلاحظ أن عيسى بن مريم عليه السلام قد قابل أحد عشر حواريا فقط لا غير، فعدد الحواريين قد نقص واحدا بعد سقوط يهوذا، الذى لا أدرى لماذا استُبْعِد، مع أنه كان ينبغى أن يكون أقربهم الآن إلى معلمه وأحظاهم لديه لو كانت الأمور هنا تسير على منطق العقل، إذ لولا أنه ساعد اليهود على القبض عليه وصلبه فكيف كانت الخطة الإلهية لغفران الذنوب البشرية المتلتلة تتم؟ ما علينا، المهم أنه قابل تلاميذه وأنهم سجدوا له، وإن كان بعضهم شك فيه، وأن عيسى أخبرهم أنه قد أخذ كل سلطان فى السماء والأرض، بما يعنى أن الآب قد تنازل له عن صلاحياته جميعا لأن المثل يقول: "إنْ كَبِرَ ابنُك خاوِه"، مع أن الأمر الآن ليس مخاواة، بل سلبا لجميع السطات من البابا وشطبه بأستيكة، ولكنهم لم يقولوا لنا هل كان ذلك بتدبير الماما أو لا. ويبدو أن هذه المنطقة مغرمة بسلب الأبناء الحكم من الآباء من زمان! فلننتقل الآن إلى السيد مرقس لنرى ماذا قال هو أيضا.

مرقس (ف 16): "9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ هَذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا. 12وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاِثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ. 13وَذَهَبَ هَذَانِ وَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ فَلَمْ يُصَدِّقُوا وَلاَ هَذَيْنِ. 14أَخِيراً ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15وَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17وَهَذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئاً مُمِيتاً لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُون. 19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللَّهِ. 20وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ".

ومن الواضح أن الكلام هنا غيره هناك، فالحواريون هنا لم يسجدوا ولا صدّقوا، بل شكّوا كلهم، على عكس ما سمعناه من السيد متّى، الذى قال إن الشك كان من بعضهم فقط. كما أن المسيح هنا قد وبخهم للمرة اللاأدرى كم، وكأنه كان يتلذذ بتسفيههم وتحقير إيمانهم فى كل فرصة تسنح، وهو ما يدفعنا للقول بأنه إذا كان الحواريون أنفسهم قليلى الإيمان وقساة القلوب إلى هذا الحد، فكيف يكون حال المؤمنين العاديين؟ لا شك أن رأيه عليه الصلاة والسلام فيهم لا يسر عدوا ولا صديقا. لكننا لن نقف أمام هذه النقطة طويلا رغم خطورتها. وبالمثل فنحن هنا نسمع شيئا جديدا لم نسمعه هناك، فعيسى بن مريم يبشرهم أن كل مؤمن سيكون عنده المقدرة على شفاء جميع الأمراض، والتعرض للحيّات دون خوف عليه، وكذلك شرب السم دون أن يؤثر فيهم. حواة يعنى ورفاعية، وهذا النوع من البشر متوفر فى مصر، والواحد منهم (فيما أسمع) على استعداد لإخراج ما شئت من ثعابين من شقوق جدران بيتك! وكان منهم عم شاهين بياع الجاز (على العربية أم حصان) بالقرية فى طفولتنا، وكان يحمل معه دائما مخلاة فيها عدد من الثعابين يفتحها كلما خَفَّتْ أرجل الزبائن ويخرجها ويلعب بها أمامنا، وكنا ننظر له مبهورين، وكنت أنا بالذات أحسده (أو قل: "أغبطه" إذا كرهتَ كلمة "حسد")، وأتمنى أن أكون مثله، ولم أكن أعلم وقتها أنه يصنع ما يصنعه تلاميذ المعلم دون كرازةٍ ولا أَخْذِ سلطانٍ من الرب ولا دياولو، بل حاجة ع الماشى كده! وكلما تذكرت عم شاهين ومخلاته تلذعنى الحسرة على أننى لم أصبح مثله رغم أننى ألاعب الآن حيات البشر الذين يلدغون الضمائر ويقتلون العقول لو استطاعوا، وأثرّم لهم أسنانهم وأفرّج عليهم الأطفال والكبار على السواء وأجعل الذى لا يشترى يتفرج، وكله ببلاش لوجه الله تطلعا لما عند أبى وأبيكم السماوى، وطمعا فى تذوق ألوان النعيم فى ملكوت السماوات!

وهنا نتوقف وننتقل إلى ما كتب السيد لوقا (ف 24):"13وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً ، اسْمُهَا عِمْوَاس . 14وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ. 15وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. 16وَلَكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. 17فَقَالَ لَهُمَا: مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا ، الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟ 19فَقَالَ لَهُمَا: وَمَا هِيَ؟ فَقَالاَ: الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ ، الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. 21وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلَكِنْ ، مَعَ هَذَا كُلِّهِ ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذَلِكَ. 22بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ، 23وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. 24وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ ، فَوَجَدُوا هَكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْه . 25فَقَالَ لَهُمَا: أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ 26أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ 27ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.28ثُمَّ اقْتَرَبُوا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَيْهَا ، وَهُوَ تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. 29فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: امْكُثْ مَعَنَا ، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَار . فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. 30فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا ، أَخَذَ خُبْزاً وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا ، 31فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا، 32فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ: أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِباً فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟ 33فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ 34وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ! 35وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ. 36وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ ، وَقَالَ لَهُمْ: سَلاَمٌ لَكُمْ! 37فَجَزِعُوا وَخَافُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً. 38فَقَالَ لَهُمْ: مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ 39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا ، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي . 40وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ ، وَمُتَعَجِّبُونَ ، قَالَ لَهُمْ: أَعِنْدَكُمْ هَهُنَا طَعَامٌ؟ 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.44وَقَالَ لَهُمْ: هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ : أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير . 45حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. 46وَقَالَ لَهُمْ: هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ ، وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ، 47وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. 48وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ. 49وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي . 50وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجاً إِلَى بَيْتِ عَنْيَا ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ. 51وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. 52فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ ، 53وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ. آمِين"َ.

وفى هذا النص نقرأ أن الذى قابله أولا وأخبر التلاميذ بقيامه من الأموات هو هذان الرجلان لا مريم. هذه واحدة، والثانية أن هذين الرجلين وصفا عيسى، وعلى مسمع منه، بأنه" "إنسان نبى"! يسلم فمك يا رجل أنت وهو! إن هذا ما نقوله من الصبح، لكن القوم يشتمون رسولنا ويكتبون لنا فى محبة وتواضع رسائل من نوعية "أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم! إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، واشتم النبى محمدا وقل فى نهاية الرسالة: من فلان المحب". حَبَّك بُرْص يا بعيد منك له له، بل حَبَّك ثعبان من النوع الأقرع الذى يشغل المسلمين فى هذا المنعطف التاريخى من حياتهم، المنعطف الذى سوف يشهد اندحار الإمبريالية العالمية على يد الحرامية ووعيهم بالكفاح "الطبقى": (نسبةً إلى "طبق" حرامى نجيب محفوظ الذى خطف "الطبق"! لا إلى "الطبقة" التى كثيرا ما أزعجَنا بها الشيوعيون الأوساخ الذين استداروا هذه الأيام وتوسخوا وساخة أمريكية بدل الوساخة السوفييتية!). أرجو من القراء ألا يأخذوا فى بالهم من هذا الكلام الذى لا معنى له والذى اضطرنى إليه هذا الفكر السقيم الذى لا معنى له أيضا، والذى علىّ برغم ذلك أن أتناوله كما أتناول أى موضوع جاد!

والثالثة أن المسيح يطلب منهما أن يجسّاه حتى يطمئنا إلى أنه هو المسيح، مع أنه سبق أنْ نهى أمه عن لمسه مجرد لمس بذريعة أنه لم يصعد بعد إلى أبيه الذى فى السماوات. طيب، فهو حتى الآن لم يصعد أيضا إلى أبيه الذى فى السماوات، فلماذا هذه التفرقة؟ يبدو أن هناك سرا يدفعه إلى معاملة والدته بهذه الطريقة الخشنة. فما هو يا ترى؟ والرابعة أنه رغم قوله لهم إنه لم يعد من لحم ودم نراه لا يجد طريقة يؤكد لهما من خلالها أنه هو المسيح إلا أن يناولاه بعض الطعام فيأكله، مع أن هذا الدليل هو فى نظرى آخر دليل يمكن أن يصلح هنا، إذ الروح لا تستطيع أن تأكل أكلنا ولا أن تشرب شرابنا. وهذا هو ما يعترضون به على جنة الإسلام رغم أن الإسلام لم يقل قط إن طعام الجنة أو شرابها أو نساءها ستكون كمثيلاتها فى الدنيا، بل ستكون شيئا آخر لا عين رأته من قبل ولا سمعت به أذن ولا خطر على قلب بشر. آه يا أبا الزيك الوغد أنت والسفلة تبعك! هذا هو المسيح يفضح نفاقكم، وفى كتابكم المقدس نفسه. ما رأيك أيها المنكوح، ذا الدبر المقروح؟ والخامسة أن السجود للمسيح إنما تم بعد صعوده للسماء وليس أول ما رأوه عند خروجه من القبر. ودعنا من مسألة التناقض، وإلا فلن ننتهى إلى الأبد! والسادسة أننا هنا أمام حدوتة مختلفة تماما، وهى حدوتة تليق بعشاق "ألف ليلة وليلة" وما فيها من خيال عجائبى خِصْب من النوع الذى يسمى هذه الأيام بــ"الواقعية السحرية"! والسابعة أنه أمرهم أن يَبْقَوْا فى أورشليم حتى يفيض الله عليهم نعمته ويعطيهم القدرة على التحكم فى الشياطين والمقدرة على شفاء الأمراض، وهذا عكس ما فعل مع التلاميذ فى رواية متى ومرقس. وبالمناسبة فمن الواضح أنه نسى أنه كان أعطاهم هذا السلطان من قبل فى حياته. ولكن معلهش، فزيادة الخير خيران، والتكرار يعلّم الشطار، وكذلك الحمار!

وهنا يأتى دور يوحنا (ف 20- 21)، فلنسع روايته هو أيضا: "19وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ ، وَقَالَ لَهُمْ: سلاَمٌ لَكُمْ! . 20وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. 21فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: سلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا . 22وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. 23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَت . 24أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. 25فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ! . فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِن .26وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: سلاَمٌ لَكُمْ! . 27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنا . 28أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُمْ: رَبِّي وَإِلَهِي! . 29قَالَ لَهُ يَسُوعُ: لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا .30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ. 21 1بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضاً يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: 2كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. 3قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّد . قَالُوا لَهُ: نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضاً مَعَك . فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئاً. 4وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلَكِنَّ التَّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. 5فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟ . أَجَابُوهُ: لاَ! 6فَقَالَ لَهُمْ: أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا . فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. 7فَقَالَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: هُوَ الرَّبُّ! . فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَاناً، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. 8وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بِالسَّفِينَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. 9فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْراً مَوْضُوعاً وَسَمَكاً مَوْضُوعاً عَلَيْهِ وَخُبْزاً. 10قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآن .11فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكاً كَبِيراً ، مِئَةً وَثلاَثاً وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هَذِهِ الْكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. 12قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلُمُّوا تَغَدَّوْا! . وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ. 13ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذَلِكَ السَّمَكَ. 14هَذِهِ مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ ظَهَرَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ بَعْدَمَا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. 15فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّك . قَالَ لَهُ: ارْعَ خِرَافِي . 16قَالَ لَهُ أَيْضاً ثَانِيَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّك . قَالَ لَهُ: ارْعَ غَنَمِي . 17قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّك . قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ارْعَ غَنَمِي. 18اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلَكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاء . 19قَالَ هَذَا مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يُمَجِّدَ اللَّهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هَذَا قَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي . 20فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضاً الَّذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ الْعَشَاءِ، وَقَالَ: يَا سَيِّدُ ، مَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُكَ؟ 21فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هَذَا ، قَالَ لِيَسُوعَ: يَا رَبُّ، وَهَذَا مَا لَهُ؟ 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ!. 23فَذَاعَ هَذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذَلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَسُوعُ إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ ، فَمَاذَا لَكَ؟ .24هَذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهَذَا وَكَتَبَ هَذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ.25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ".

ونحن هنا مع حدوتة أخرى، ولم لا، والتسلية لا تضر، وبخاصة هذه الأيام التى رَبَّتْ فيها أمريكا لنا الرعب، ويشاركها فى ذلك إخواننا البعداء الذين يهددوننا بها، وفى ذات الوقت يشنّفون أسماعنا بــ"أحب أعداءك! بارك لاعنيك! أما مع الرسول الكريم فكن قليل الأدب سافلا سفيها، وخنزيرا قذرا، وتطاولْ على سيد البشر والأنبياء والرسل أجمعين، وتَلَوَّ من الحقد والبغضاء التى تأكل كبدك وقلبك، ودبرك فوق البيعة، يا أبا الزِّيك، يا ذا الدبر الهَتِيك"؟ فها هو ذا المسيح يأتى بنفسه دون سابق إنذار فيقف بين التلاميذ ويعرّفهم بنفسه. والثالثة أن المسيح قد أخذ يد توما وجعله يَجُسّ يده وجنبه حتى يطمئن ويؤمن، ثم لم يتركه دون أن يغمزه غمزة من إياها فينعته بضعف الإيمان كالعادة!

هذه بعض الملاحظات التى عَنَّتْ لنا بعد تفحصنا للأناجيل الأربعة، وهذه الأناجيل (كما ينبغى أن نعرف) ليست هى الإنجيل الذى أنزله الله على المسيح والذى جاء فى بعض هذه الكتب التى بين أيدينا أنه عليه السلام كان يبشّر به، بل هى مجرد تآليف بشرية لا يضبطها فى معظم الأحيان من العقل ضابط، ولا يربطها بالمنطق رابط! وبعد فإننا لم نكتب هذا الكلام لنعتدى به على أحد، فقد كنا وما زلنا نعيش فى مصرنا العزيزة سويا فى مودة ويحترم كل من الطرفين اعتقاد الآخر رغم مخالفته إياه فيه، ولم يحدث ولا يمكن أن يحدث أن يفكر أى مسلم مجرد تفكير فى الإساءة للسيد المسيح ولا لوالدته ولا لحوارييه، بيد أننا فوجئنا بجماعة من السفلة المجرمين الذين يعيشون فى الخارج يتصورون أن ضعف حكومات المسلمين الحالى يخوّل لهم التباذؤ على رسول الله وصحابته وزوجاته ويشتموا ويسبّوا على هواهم محتمين وراء ماما أمريكا، ونَسُوا الحكمة القائلة بأنه إذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف الجبال الشُّمّ الرواسى بالحجارة كما يفعل الأطفال الأغرار، فاضطرونا أن نفضح زيفهم ونرد على قلة أدبهم، لكن دون المساس بنبى الله عيسى وأمه الطاهرة البتول وصحابته الكرام ودون أن نقلب ظهر المجنّ لإخواننا وجيراننا فى الوطن الذين لا يشاركون هؤلاء السبّابين فى شىء مما يجترحونه فى حق الرسول العظيم. وكل عام والجميع، بمناسبة عيد الميلاد المجيد وعيد الأضحى المبارك، بخير ومودة وتعاون من أجل صالح الوطن الذى يسع من "الحبايب" لا ألفا بل مليارا بمشيئة الله إذا صحت العزائم وصلحت النيات وساد الحب، أو على الأقل: المجاملة، وانصرف كل إلى أداء واجبه وجوّد عمله وأتقنه وتنافسنا جميعا فى الخيرات كما أمرنا القرآن الكريم. أقول هذا تعقيبا على رسالة الأستاذ الذى أشرت إليه فى أول المقال وذكرت ثناءه على الإسلام، وأقوله من أعماق قلبى، وشاهدى عليه أننى على يقين من أن أحدا من إخوان الوطن لا يمكنه أن يتذكر وقوع إساءةٍ منى إليه أو افتئاتٍ على حقه: طالبا كان أو زميلا أو صديقا أو جارا أو بائعا، بل لا يمكنه أن يتذكر أننى فتحت معه ولا مع غيره فى أى يوم من الأيام نقاشًا حول اختلاف دِينَيْنَا. لكن هذا شىء، والسكوت على الإساءات الجلفة إلى سيدنا رسول الله شىء آخر لا علاقة له بالمجاملات المطلوبة بين المعارف والجيران والأصدقاء. ولا أظن أن فى هذا الكلام شيئا يمكن أن يعاب على أحد، أما إذا كنت مخطئا فليسامحنى الله سبحانه وتعالى، وهو المسامح الكريم!

 

الرئيسيه