إسدراس الأول

 

1-          الأسم : ويسمى في بعض المخطوطات اليونانية من الترجمة السبعينية بإسدراس " أ " كما في نسخ فرتيز وتشندورف ونيتل وسويته ، ولكنه لا يوجد في النسخة السينائية . ويسمى في النسخة الإسكندرانية " هيروس "أي الكاهن والمقصود به عزرا الكاهن . ويسمى " إسدراس الأول " في النسخة اللاتينية القديمة والنسخ السريانية كما في الترجمات الانجليزية وغيرها . وفي الكتب المقدسة الانجليزية التي تلحق بها كتب الأبوكريفا ، يأتي إسدراس الأول في مقدمتها ، وذلك على أساس أهمية اسمه وكذلك أهمية مادته باعتبارها حلفة وصل مناسبة تربط بين الأسفار القانونية  والكتابات الأبوكريفية . أما " إسدراس الثاني " فيطلق على رؤيا إسدراس ، ويأتي بعد " إسدراس الأول " مباشرة في النسخ الانجليزية واليونانية . وقد أطلقت " الفولجاتا " - تمشياً مع جيروم - أسماء إسدراس الأول والثاني والثالث على أسفار عزرا ونحميا وإسدراس الأول علىالترتيب . وظلت تظهر هكذا في نسخ الفولجاتا حتى عهــــــد البابا سكستوس ( توفي 1590 م ) . ومن هنا جاء اطلاق اسم " إسدراس الثالث " على هذا السفر في كثير  من النسخ ، كما اطلق عليه اسم " إسدراس الثاني " على اعتبار سفري عزرا ونحميا سفراً واحداً .

2-          محتويات السفر : باستثناء 3 : 1 - 5 : 6 عن الوليمة الملكية ومكافأة الفتية الثلاثة ، تتفق الكتب الموجودة الآن في كل الأمور الجوهرية ، بل في التفاصيل الدقيقة مع سفر عزرا وبعض الأجزاء من أخبار الأيام الثاني وسفر نحميا . وقبل دراسة العلاقة بين هذا الكتاب والأسفار القانونية ، يستحسن أن نعطي موجزاً لهذا الكتاب مع الإشارة إلى الأجزاء المقابلة في الأسفار القانونية وسنرى الارتباط الشديد بينه وبين سفر عزرا :

أ‌-   الأصحاح الأول = 2 أخ 35 : 1 - 36 : 21 ، ويمكن تحليله كالآتي :

1 : 1 - 20 = 2 أخ 35 : 1 - 19 ، الفصح العظيم الذي عمله يوشيا .

1 : 21 و 22 لا يوجد ما يقابله .

1 : 23 - 31 = 2 أخ 35 : 20 - 27 ، موت يوشيا الذي حدث في موقعة مجدو كما جاء في الملوك الثاني ( 23 : 29 ) . ويذكر إسدراس الأول ( 1 : 31 ) ، وأخبار الثاني ( 35 : 24 ) أنه نقل جريحا ليموت في أورشليم .

1 : 32 - 58  = 2 أخ 36 : 1 - 21 ، الأيام الأخيرة للمملكة التي أعقبها السبي البابلي .

ب‌-         2 : 1 - 15 = عزرا 1 : 1 -11 ، العودة من بابل بناء على مرسوم كورش .

ج-       2: 16 - 26 = عزرا 4 : 7 - 24 ، إغراء بعض الولاة الفارسيين للملك أرتحشستــــا ( توفي 424 ق.م ) لإيقاف العمل في إعادة بناء الهيكل الذي كان قد أستؤنف في السنة الثانية من ملك داريوس هستاسبس ( 519 ق . م ) .

د- 3 : 1 - 5 : 6 لا يوجد ما يقابله في أسفار العهد القديم . يقيم الملك داريـــــــــــــــــــــــوس ( هستاسبس ) وليمة عظيمة ، يعود بعدها إلى فراشه ، ولكن النوم يجافيه ، ويعزم ثلاثة شبان من حرسه على أن يكتب كل منهم جملة ويضعها تحت وسادة الملك ، حتى يمكنه أن يستمع إلى قراءتها حالماً يستيقظ من نومه . وكان السؤال المطلوب الإجابة عليه هــــــــــــو : " ماهو أقوى شيء في العالم ؟ " فيقول الأول هي " الخمر " ، ويقول الثاني إنه " الملك " ويقول الثالث إنها " المرأة " وإن كان أقوى الكل هو " الحق " . وقد حكم الملك بأن الثالث هو الأفضل ، وعرض الملك أن يكافئه بما يطلب . وكان هذا الشاب هو " زربابل " ، وكان ما طلبه من الملك هو أن ينفذ الملك ما وعد به عند اعتلائه العرش من أن يعيد بناء أورشليم والهيكل ، وأن يعيد إليه الأواني المقدسة التي نقلت منه إلى بابل . فأجابه الملك إلى طلبه . ويعقب ذلك قصة عودة اليهود من بابل إلى وطنهم ، وما بسطته عليهم الحكومة الفارسية من حماية في عهد كورش ، كما هو مبين في الأصحاح الأول . ولكن هناك أشياء كثيرة في هذه القصة غريبة وملفتة للنظر ، فيقال عن زربابل إنه شاب ، كما لا يذكر زربابل بين المذكورين في 5 : 5 ، بينما يذكر ابنه يواقيم ، ثم في العدد التالي ( 5 : 6 ) يقال إن هذا الابن يواقيم هو الذي فاز بمكافأة الملك لتقديمه أفضل الإجابات . ولعل المقصود في العدد السادس هو زربابل ، وإن كان البعض يدللون على أنه يواقيم ، وفي الجملة يبدو هذا الجزء غير مرتبط بباقي أجزاء إسدراس الأول ، ويمكن حذفه دون أن ينقطع حبل الحديث . وعلاوة على ذلك فإن قصة العودة من بابل - في هذا الجزء - تناقض ما جاء في الأصحاح الأول والجزء المقابل له من سفر عزرا ، ويجب أن نعتبر الجزء من 3 : 1 - 5 : 6 أسطورة يهودية كتبت في البداية في الحاشية للايضاح ، ثم نقلت إلى صلب النص ، وان كان من الناحية الأدبية يعتبر هذا الجزء البذرة لباقي الأجزاء .

هـ- 5 : 7 - 73 = عزرا 2 - 4 : 1 - 5 ، به أسماء الذين رجعوا وعدد الحيوانات  ( الخيول مثلاً 5 : 7 - 24 ) ، وإقامة مذبح المحرقة ( عدد 48 ) ، وتقديم الذبائح عليه ( عدد 50 ) ، ووضع أساسات الهيكل ( 56 و 57 ) ، ثم رفض اليهود لاشتراك السامريين معهم في إعادة بناء الهيكل مما نتج عنه إيقاف البناء ( أما 2 : 30 فهو نفسه 5 : 73 ) .

و- 6 : 1 - 7 : 15 = عزرا 5 : 1 - 6 : 22 استئناف بناء الهيكل استجابة لكـــلام حجي وزكريا ( 6 : 1 و 2 ) ، المحاولة الفاشلة من الولاة الفارسيين لإيقاف العمل ( 2 - 34 ) الذي سرعان ما تم إنجازه ، ثم تدشين الهيكل ( 7 : 1 - 11 ) ، والاحتفال بالفصح ( 12 : 15 ) .

وهناك فسحة من الزمن بين الأصحاحين السابع والثامن تبلغ حوالي الستين عاماً ، لأن الأصحاح الثامن يبدأ بوصول عزرا ( 458 ق . م )

ز- 8 : 1 - 67 = عزرا 7 : 1 - 8 : 36 ، رحلة عزرا وجماعته من بابل إلى أورشليم حاملين معهم رسائل توصية من الملك أرتحشستا ( توفي 424 ق . م ) ( 8 : 1 - 27 ) ، ثم بيان بأسماء الراجعين ( 28 - 40 ) الذين اجتمعوا معاً على نهر " أهوا " واحداث الرحلة ثم الوصــــــــول ( عدد 41 ) .

ح- 8 : 68 - 90 =  عزرا 9 ، حزن عزرا عند سماعه بزواج بعض اليهـــــــود من نساء أجنبيات ( 68 - 73 ) ، واعترافه وصلاته ( 74 - 90 ) .

ط- 8 : 91 - 9 : 36 = عزرا 10 ، إلغاء هذا الزواج المختلط ، وأسماء الرجال ( من كهنة وغيرهم ) الذين تزوجوا بنساء أجنبيات .

ي- 9 : 37 - 55 = نحميا 7 : 73 ب - 8 : 12 ، اصلاحات عزرا ، ففي السفر القانوني يروي نحميا ( 7 : 73 ب حتى الأصحاح العاشر ) تاريخ عزرا وليس تاريخ نحميا . وفي إسدراس الأول لا يذكر اسم نحميا في هذا الجزء . وفي 9 : 49 ( = نحميا 8 : 9 ) يذكـــــــــــــــــــــر لفظ " الترشاثا " كاسم علم ( انظر إسدراس الأول 5 : 40 حيث يذكر " نحميا والترشاثا " ) ، لذلك يميل أغلب العلماء في العصر الحاضر - إسناد هذا الجزء لغزرا وإلحاقه بعد الأصحاح العاشر من عزرا أو إدماجه في سفر عزرا ( كما يرى إيوالد وولهاوزن وشرادر وكولسترمان وبوديسن وبودا ورسل ) وفي هذه الحالة فإن إسدراس الأول يأخذ عن سفري الأخبار وعزرا وليس عن نحميا ، ولكن يجب أن نذكر أن عزرا ونحميا كانا أصلاً سفراً واحداً . وينتهي العدد الأخير من إسدراس الأول - في كل المخطوطات - في منتصف جملة : " اجتمعوا … " مما يدل على ضياع الجزء الختامي من الكتاب ، ويعتقد البعض أن هذا الجزء هو نحميا 8 : 13 حتى الأصحاح العاشر منه ، الذي يبدأ بالعبارة : " وفي اليوم الثاني اجتمع رؤوس آباء جميع الشعب … " .

3-          العلاقة بين إسدراس الأول والأخبار وعزرا ونحميا :  حيث أن نحميا 7 : 73 ب - الأصحاح العاشر ، يروي أعمال عزرا وليس أعمال نحميا ( كما سبقت الإشارة ) فإن محتويات إسدراس الأول تقابل محتويات عزرا فقط باستثناء الأصحاح الأول الذي يتفق مع الأخبار الثاني 35 : 1 - 36 : 21 . وهناك تفسيرات عديدة لهذا التوافق ، أهمها ما يأتي : ( 1 ) إن إسدراس الأول هو تجميع النصوص من الترجمة السبعينية لأسفار الأخبار وعزرا ونحميا ( هكذا يقول كيل وبيل وغيرهم ) . (2) إن إسدراس الأول هو ترجمة يونانية مستقلة لكتاب عبري ( أو أرامي ) مفقود ( هكذا يقول هوستن وبوهلمان وهرزفيلد وفرتز وجنسبرج وكين وثاكري ونيتل وغيرهم ) ويظن معظم هؤلاء الكتَّاب أن أصل إسدراس الأول كان يحوي كل أسفار الأخبار وعزرا ونحميا . (3) يقول أصحاب الرأي الثاني ان إسدراس الأول كان هو الأصل الذي ترجمت عنه السبعينية الأصلية ، أسفار الأخبار وعزرا ونحميا وان الموجود الآن في السبعينية هو ترجمة يونانية أخرى يحتمل أنها من عمل ثيودوتيون ( اشتهر في حوالي 150 م ) فنحن الآن نعلم أن ما كان حتى 1772 م ( تاريخ نشر النسخة الشيزيانية في روما ) يعتبر الترجمة السبعينية لدانيآل ، هو في الحقيقة من ترجمة ثيودوتيون . ويدافع هاروث وتوري دفاعاً قوياً عن هذا الرأي وأسانيدهم في ذلك من نوعين : خارجية وداخلية .

أ‌-   الأسانيد الخارجية : (1) يستخدم يوسيفوس هذه الترجمة مصدراً لتاريخه لهذه الفترة مع أنه في باقي أسفار الكتاب يتبع الترجمة السبعينية (2) في مقدمة الترجمة السريانية لإسدراس الأول في نسخة والتن المتعددة اللغات ، يقال إنها تتبع السبعينية ، وهو ما يبدو صحيحاً حيث أن نسخ السبعينية المعروفة لنا تشتمل على إسدراس الأول مع الترجمة اليونانية التي كانت تعتبر ، حتى زمن قريب ، أنها الترجمة السبعينية الأصلية . (3) يعتقد هاورث - دون دليل - أنه في سداسية أوريجانوس كان إسدراس الأول يحل محل السبعينية التي بين أيدينا .

ب‌- الأسانيد الداخلية : (1) يقول جوين وثاكري وهاورث إن يونانية السبعينية الأصلية لدانيآل ويونانية إسدراس الأول شديدتا الشبه ، مما يدل على أنهما من ترجمة شخص واحد .

(2) يعتقد هاورث أن يونانية دانيآل وعزرا في السبعينية الأصلية يونانية حرفية مثل كل  ترجمات ثيودوتيون . ولكن مثل هذه الأقوال يجب قبولها بحذر شديد ، حيث أنه في موضوع الحكم على الأسلوب ، يتوقف الشيء الكثير على المزاج الشخصي ، فآخرون لا يرون ما يراه هاورث ، ولم يتم القطع برأي حاسم في هذا الأمر . ولكن يجب الإقرار بأن إسدراس الأول ويوسيفوس يحتفظان لنا بالتتابع الصحيح للأحداث المسجلة في نحميا 7 : 73 ب - الأصحاح العاشر . والذين يرون أن إسدراس الأول هو الترجمة السبعينية الأصلية ، يكاد جميعهم يتفقون على أن إسدراس الأول 3 : 1 - 5 : 6 هو إضافة متأخرة لم يكن لها وجود في أي أصل عبري ، ولعل في هذا ، التعليل الكافي ليونانيته الرفيعة . 

4-          الترجمات : يوجد إسدراس الأول في الترجمات القديمة الآتية ( علاوة على اليونانية التي قد تكون ترجمة أو أصلاً - كما أشرنا أعلاه ) :

1- في اللاتينية : أ- جيروم ، ب - الفولجاتا .

1-          في السريانية أ - البشيطة الموجودة في نسخة والتن المتعددة اللغات وينص منقح بمعرفة لاجارد ، ب - الترجمة السريانية السداسية .

 

5-          تاريخه وكاتبه :  لا يعرف شيء عن كاتب إسدراس الأول أو مترجمه ، ولا يمكن الجزم بشيء عن تاريخ كتابته ، فإذا كان هو النص الأصلي للترجمة السبعينية ، فإن ذلك يجعله أقدم تاريخاً مما لو كان مبيناً على أساس السبعينية كما يظن البعض . وحيث أن يوسيفوس قد استخدم هذا الكتاب ، فلا بد أنه كتب قبل كتابة يوسيفـــــــــــــوس لتاريخه ( 67 م ) ، ببضع سنوات ، أي أنه كان موجوداً قبل بداية العصر المسيحي . ويرجــــــــــع " ايوالد " بهذا الكتاب إلى 190 ق . م . وذلك بناء على بعض المشابهات بينه وبين الكتابات السبليانية ، ولكن من العسير أن نقول أيهما أخذ عن الآخر .