ناسوت أم لاهوت ......... وتحدي

 

الحمد لله والصلاة على رسول الله..وبعد.... إن  أعقد موضوع في المسيحية هو شخصية المسيح وزملائنا المسيحيين يحاولون أن يبسطوا المسألة كثيرا لأن تفكيرهم سطحي للغاية..وأحب أن أناقش أول أصل في المسيحية يريح عقول المسيحيين بعض الشئ بخصوص إلوهية المسيح ويزيل شكوكهم حولها......إنها نظرية الناسوت واللاهوت التي حتى بولس (مؤسس المسيحية) لم يعتقد بها وإلا لكان شرحها بكل سلاسة كما كان يشرح عقيدته بكل بساطة.

صدقوني أكره الفلسفة (ولكن تعودت على أن أعصر على نفسي لمونة )وأتكلم في الفلسفة المسيحية الغير معقولة وإن شاء الله ننقضها عقليا ونقليا.

 

أقول عادة النقاشات حول المسيح تأخذ هذا الطابع ....

المسيح يحيي لعازر....فيصيح النصارى .............لاهوت

المسيح يأكل ويشرب ويفعل لوازمه....يصيح النصارى ........لأ إنت مش واخد بالك هذا................الناسوت

 

المسيح يشفي الأعمى..........يصيحون.........لاهوت

المسيح يصلي لله..............يصيحون.........ناسوت

 

إلخ إلخ إلخ

 

بل ونتهم نحن بقلة الأدب لمجرد إتياننا بحقائق مجردة ونتهم بالجهل لأننا عندما نستدل بما يدلل على إنسانية المسيح فإن ذلك لا شئ لأنه فعلا إنسان...وهو إله إنسان......أو إنسان إله.........أو إله متجسد

 

إذن لو نقضنا هذا الأصل تسقط نظرية تأليه المسيح تماما ..وبالتالي تسقط المسيحية ولا يبقى إلا نظرية الإسلام حول المسيح أنه نبي من عند الله أو نظرية اليهود أنه كاذب وساحر وإبن زنا.. فلو سقطت نظرية الناسوت واللاهوت لا يبقى لك إلا هذه أو تلك.. أليس كذلك .؟

الجواب بلا شك .......... نعم

 

الحوارات كانت تأخذ طابع  

المسلم :ما دام المسيح يأكل ويشرب ويفعل لوازم الأكل والشرب.. وينام ويبكي ويصلي ويعذب ويهان ويموت........إلخ أليس هذا إنسان ؟

المسيحي : نعم إنه إنسان ولكن لا تنسى أنه إله في نفس الوقت فكان يحيي الموتي ويشفي الأعمى والأبرص والعاجز ...إلخ فهو ناسوت إنساني ولاهوت إلهي متحدان.

المسلم : هل قال المسيح أنا ناسوت ولاهوت ؟

المسيحي يهرب من الموضوع بأي طريقة (أحدهم مثلا قال في رد على أحد المسلمين الجدد في منتدى الإسلام أم المسيحية ما معناه) : لا لم يقل ...و لماذا يحتاج أن يقول أنه ناسوت ولاهوت الأمر بسيط...لقد كان يأكل ويشرب فهو ناسوت وفي نفس الوقت هو لاهوت لفعله المعجزات ؟الأمر لا يحتاج أن يقول !!!!!!!!!

 

طيب أولا لنضيف نقطة أن المسيح لم يقل أنا إله وإنسان على بقية الأشياء التي إكتشفتموها لوحدكم...مثلا "أأنا الله" "إعبدوني" إلخ

 

 

النقطة الثانية : إنكم بنيتم نظرية بناء على شواهد ..فالمعجزات تعني اللاهوت .........والبشرية تعني الناسوت

و تلك النظرية يفترض أن تكون متفردة وخاصة للمسيح فقط ولا تنطبق إلا عليه....وهذه النظرية ليست كذلك........إذ يمكن لأي شخص في العالم يفعل المعجزات أن يدعي أنه هو الله........وإن سألناه "أنت تتغوط وتخرج منك الروائح الكريهة فكيف تكون إلها؟"

فيقول أنا ناسوت ولاهوت !!!!  ناسوت يفعل الأشياء البشرية ولاهوت يفعل المعجزات ..!!

بل إن كل شخص يؤمن ببوذا مثلا او كرشنا أو مونتانوس أو أي متأله وهم كثيرون وكلهم فعلوا المعجزات يمكن أن يقول المثل حينما يناقش عقليا و يوضع في خانة اليك كما يقولون.

ويمكن أن أطبق النظرية (ولن تستطيعوا نقدها) على موسى وإيليا وحزقيال ويوشع و.......إلخ

إذن فإنها نظرية خيالية وضعت لتفسير شئ غير موجود أساسا ..  فتسألوني ...طيب يا أخ يجب أن تضع لنا تفسيرا للمعجزات العظيمة التي فعلها المسيح ...ما تفسيرها ؟

تفسيرها بسيط جدا....أبسط من ما تتخيل ....... إنه يفعل فعلا المعجزات ليس لأنه لاهوت متجسد ...لا ...وإنما لأنه نبي مؤيد من قبل الله !!

فهناك في نظريتى أنا الآخر بها ناسوت ولاهوت...ولكن الناسوت هو المسيح......... واللاهوت هو الله وهناك إتصال وإرسال وليس إتحاد

 

والأدلة عشرات....فكل الأناجيل تبين بما لا يدع مجالا للشك أن هناك الآب الله .......وهو الإله الذي كان يعبده المسيح ونحن نطالبكم بأن توحدوه وحده لا شريك له.

وهناك يسوع المسيح  هل تعرفون من هو ؟ لن أقول أنا لندع بطرس يبشرنا ويعرفنا من هو المسيح ؟

Acts:2:22 ايها الرجال الاسرائيليون اسمعوا هذه الاقوال.يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما انتم ايضا تعلمون. (SVD)

 

كلام بطرس في خطبته الشهيرة التي قال فيها 3 أو 4 مرات المسيح عبد الله (باللفظ)...وأنه مجرد رجل مؤيد من قبل الله......لو قال أي مسيحي هذا الكلام لأتهمتموه بالإسلام والهرطقة ..وأنا لا أقول إلا كما قال بطرس ..إنه عبد الله ..نبي...مؤيد من قبل الله بقوات وعجائب..!

أنا اسأل ..لو كان يعتقد بنظرية الناسوت واللاهوت هل كان قال هذا الكلام ؟ ...بالطبع لا ..لأنه لو كان يعتقد به لقال "الله تجسد ونزل في جسد يسوع الناصري والدليل الآيات والقوات والعجائب كما أنتم تعلمون"

أظن كلامي منطقي للغاية ولن يجادل فيه إلا جاحد ....

إذن فالمسيح ليس ناسوت ولاهوت متحدان وإنما هو نبي من عند الله .....

 

 

النقطة الثالثة : حتى لو مررنا النظرية بالقبول للنقاش دون التطرق لإثباتها فإنه ينبغي أن تنطبق النظرية على المسيح تماما...ماذا يعني هذا ؟

إن الأمر ليس بالبساطة التي تظنها ... الأمر معقد للغاية حسنا لدينا ناسوت صفاته ( الولادة – الرضاعة – الأكل- الشرب - النقص – الموت – النوم – التعب – المرض – الجهل ..إلخ)

ولدينا لاهوت صفاته معروفة وتلخيصها( الخلو من العيب والنقص وكل صفات الناسوت السابقة من النقص- العلم المطلق بما كان وما هو كائن وما سيكون وما لو كان كيف كان يكون – القدرة المطلقة على كل شئ – القيومية على خلقة – مطلق الحياة وعدم الموت.....إلخ  )

 

هل هناك من يختلف معي حول ما سبق ؟ ........لا أظن

والنقطة هنا أنك إفترضت أن هناك إتحادا حدث بين الناسوت واللاهوت .... وصفات هذا تضاد هذا تماما ...وكمثال مع الفارق ....الماء والنار... فالنار لا تجتمع مع الماء في إناء واحد أبدا (ولله المثل الأعلى)

فلا يمكن ان يكون ..الله الحي حياة أبدية يموت ... ولا يمكن أن يكون الله القدوس غير قدوس...... ولا يمكن أن يكون قيوما يساق ... ولا يمكن أن يكون لا يولد وهو مولود ...ولا يمكن أن الرازق الذي يرزق الناس يجوع ...ولا يمكن أن.........إلخ

فتلك متناقضات لا تقبل العقل ولا المنطق ولا يقرها أي عاقل فمن أين لكن بتجميع الناسوت مع اللاهوت وهذا صفاته تضاد هذا تماما ..

 

ولو مررنا جدلا (وضع تحت –جدلا- 60 خطا) أن نقبل المتناقضات ............. فإنه يفترض أن يكون بالإضافة لكون الناسوت مكتمل تماما بكل صفاته الناقصة فإنه ولد ورضع ونام وأكل وشرب وفعل لوازمهما وتعب وضرب وجلد وصلب ومات...........فإنه يفترض أيضا أن يكون اللاهوت مكتملا حتى في صفتين (هذا اقل شئ) وهو القدرة المطلقة والعلم المطلق...و للأسف ليس المسيح ذو قدرة مطلقة ولا علم مطلق ...ولدي دلائلي التي تنسف أي إدعاء.

فهل يصمد هذا الإعتقاد المخترع أمام حقائق الكتاب المقدس؟
1- (مرقص 11: 13) فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء اليها لم يجد شيئا الا ورقا.لانه لم يكن وقت التين.  
المسيح جوعان فيأتي من بعيد لشجرة التين ظنا منه أن بها تين فلم يجد بها شيئا لأنه لم يكن موسم التين وبإعتبار اللاهوت لم يفارق الناسوت لحظة واحدة فإنه من الكفر أن تقول أن المسيح هو الله لأن الله عالم كل شئ. ومن الغباء أن تقول أن المسيح به لاهوتا بعد هذا النص لأن كل فلاح بسيط يعلم موسم التين فكيف بالمسيح خالق التين على حسب الإيمان المسيحي الأعمى .
 
2- واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن الا الآب.(مرقص 13 : 32) هذا النص يدمر تماما خيالات ألوهية المسيح والناسوت المتحد باللاهوت لأنه لا يعلم موعد القيامة إلا الله حسب الكتاب المقدس بالإضافة لكونه يدمر نظرية تساوي الأقانيم فالمسيح أبدا ودائما سيظل عبد الله ورسوله وهو نفسه لم يطلب لنفسه ولم يقل عن نفسه غير هذا.
 

إذن فالمسيح كان صاحب قدرة محدودة وعلم محدود ... وطالما هناك حدود للقدرة أو للعلم فإنه ليس لاهوتا أبدا لأنه لا توجد صفة وحيدة للاهوت تتواجد في المسيح مطلقا..

وحتى لو كان العلم مطلق و القدرة مطلقة (وليسوا كذلك) فإنها يجب أن تكون ذاتية ... أي أن المسيح يفعل هذا الفعل بقدرة ذاتية من نفسه ... فهل كان المسيح يفعل معجزة بقدرة ذاتية من نفسه ؟

الإجابة ...إنه لا يستطيع أن يفعل الأشياء العادية كالأكل والشرب والمشي بقدرة من نفسه فكيف بالمعجزات يا صديقي ؟

هل لديك دليل على ذلك ؟ نعم لدي دليل قوي ..يقول المسيح

Jn:5:30 انا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا.كما اسمع ادين ودينونتي عادلة لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي ارسلني (SVD)

شيئا : صيغة نكرة يبين أنه لا يقدر أن يفعل من نفسه أي شئ الأكل والشرب والمشي فضلا عن المعجزات

وهذا الكلام يؤيد نظريتنا نحن المسلمين بقوة حول المسيح وينسف أي إدعاء مسيحي ...

فالمسيح لديه علم ولكن علم محدود

المسيح لديه قدرة ولكن قدرة محدودة

ناهيك أن القدرة والعلم ليسا ذاتيان بل مصدرهما الآب الله سبحانه وتعالى...

 

ملحوظة : لم أتمسك بصفات أخرى كصفة الحياة وعدم الموت بجوار العلم والقدرة لئلا يخرج بنا الموضوع إلى جدال حول الصلب والفداء ولئلا يتشعب بنا الموضوع كثيرا.

 

أرجو أن يكون كلامي مفهوم ....... أسف أكره الفلسفة وأتمنى أن يفهمني من لا يحب الفلسفة وليعذرني لأن المسيحية هي فلسفة يونانية...وأنا انقضها فقط بعقلانية لتصل لكل عاقل بيضاء نقية مفنده من جميع جوانبها.

ومن لم يفهمني فإنه إما إنه لم يقرأ مقالتي جيدا أو إنه لم يقرأ الأناجيل جيدا وإكتفى ببعض الإستدلالات المبتورة التي يسوقها له آبائه!!

 

ونلخص

إن نظرية الناسوت واللاهوت ينبغي ان تكون 1- ذكرها المسيح أو على الأقل ذكرها أحد رسله (وهذا لم يحدث)

 

2- يفترض أن تكون النظرية متفردة وخاصة للمسيح فقط ولا تنطبق إلا عليه (أي أنه عندما تعارضت إلوهية المسيح عقليا مع الآباء الأولين وجدوا لهم مخرجا من إنتقادات العاقلين بل من عقولهم نفسها بأن يقولوا المسيح ناسوت ولاهوت متحدان ليفسروا الظواهر الإنسانية ولكن هذا المخرج مفترض أنه لن يستطيع العبور منه إلا المسيح ولكن للأسف فالنظرية يمكن تطبيقها على كل صاحب معجزة سواء كان نبيا أو متنبي أو متأله......... فمخرج الناسوت والاهوت مهرب واسع لكل صاحب إله باطل ... ويسع الجميع )

 

3- يفترض أن يكون هناك صفات لاهوت وصفات ناسوت .... وصفات اللاهوت ضد صفات الناسوت تماما كالماء والنار لا يجتمعان في إناء (مع الفارق) ولو فرضنا –جدلا- أنه حدث إتحاد فأقل ما ينبغي أن يكون هناك صفتين للاهوت في المسيح ألا هي القدرة الكلية المطلقة والعلم الكلي المطلق وليس العلم المحدود صفة للإلوهية وليست القدرة المحدودة -مهما بلغت- صفة للإلوهية  ..وفوق ذلك كله يجب أن تكون هذه الصفات مثل القدرة والحياة والعلم صفات ذاتية غير مستمدة أو معتمدة على مصدر آخر...

 

وأظن أن كلامي غاية في العقلانية وأتمنى أن يعقل النصارى أن هذا الإعتقاد مجرد خرافة

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

ملحوظة: تحدى مفتوح لزكريا بطرس والقس عبد المسيح بسيط أبو الخير والقس إسكندر جديد وغيرهم .....للرد !

almojahed_fe_alla@yahoo.com