مِنْ
أجلِ
خلاصٍ
تامٍ
صحيح .. لا
بد
منْ
زواجِ
المسيح
ارسل بواسطة : slave of Allah
يرى
النصارى أن المسيح جاء لخلاص البشرية من إثمها الذي ورثته من أبيها (آدم عليه
السلام).
فبآدم حملت
البشرية الخطية، وبالمسيح كان الخلاص.
فآدم هو
الإنسان الذي عصى، وبه دخلت الخطية إلى البشر..... والمسيح هو الإنسان الذي أطاع، وبه كان خلاص الناس.
فالمسيح هو
الإنسان في صورته التي لم يستطع أدم أن يحققها، وقد جاء
إلى الحياة ليرفع عنا إثم أبينا أدم الذي حملناه بحكم أبوته لنا وبحكم بنوتنا له.
فيسوع هو
الإنسان الثاني عند النصارى وهو آدم الأخير، كما جاء في رسائل بولس
[رومية 5: 12 –21 ]
[ 1كو15 :
45].
لكن هذه الفكرة... فكرة وراثة البشرية للخطية الأولى، وحاجة الناس لدم
ابن الله!! يُسْفَكُ من أجل خلاصهم، وبصرف
النظر من كونها غريبةً عما جاء عن الأنبياء والرسل، بل وغريبةً حتى عن تعاليم المسيح
الذي لم يذكر ولو مرة واحدة شيئاً عن معصية آدم، ولا حكاها لأصحابه، بل ولا ورد
على لسانه ولو مرة واحدة في الأناجيل ذكرٌ لاسم أبينا آدم نفسِه فضلاً أن يذكر
معصيته.
أقول بصرف
النظر عن ذلك كله فهذه الفكرة غير متسقة مع زعم
النصارى من أن صلب المسيح جاء كفارة لخطية الناس.
فصلبه لا يكفي، ولا دمه المراق وحده على الصليب يصلح لرفع الخطية عن الناس.
فالمعصية لم تدخل البشرية برجل واحد، ولا ورث الناس المعصية عن أبيهم فحسب،
وإنما دخلت المعصية إليهم بمعصية أبيهم
آدم، وأمهم حواء.
بل المرأة
أشد تعدياً في الخطيئة أكثر من الرجل على
عقيدتهم (أدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي) تيموثاوس1 2: 14
وعليه
فالعقيدة المستقيمة بناءً على دين النصارى أنه كما دخلت
الخطيئةُ بالإنسانِ الأول وزوجِه (آدم وحواء)، وجبَ أن تكون كفارةُ البشرية من هذه
الخطيئة بآدم الثاني وامرأته التي هي حواء الثانية، ولا يتم هذا إلا بزواج المسيح،
ليكون المسيح هو آدم الثاني، وامرأته هي حواء الثانية، ولتتخلص البشرية من
الخطيئة برجل وامرأة كما دخلت الخطيئة العالم برجل وامرأة.
فآدم لم
يعص الله وحده ولا وَلََدَنا وحده، وإنما أكلت المرأة قبله، وعصت قبله، ونحن نسلُها ومنها ولِدنا.
لكن أين
هي حواء الثانية؟
بولس الذي
وضع أصل هذه الفكرة، فكرة الخطيئة التي ورثتها البشرية، يفهم ضرورةَ
وجود حواء جديدة مع آدم الجديد، لكنه لم يجد للمسيح زوجة تكون له كما كانت حواء
لآدم، فكيف يحل هذه العقدة اللاهوتية في قصة الفداء والخلاص؟
فاعتبر
بولس أن "حواء المسيح وعروسه" هي أتباع المسيح الذين آمنوا بكفارته وخلاصه!!
الزوجة....
هي المؤمنون النصارى ....
(لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم
عذراء عفيفة للمسيح
[في ترجمة RSV عروس Bride].
لكني أخاف
أنه كما خدعت الحيةُ حواءَ بمكرِها هكذا تُفْسَدُ أذهانُكم عن
البساطةِ التي في المسيح) [كورنثوس الثانية1 11: 1-3]
فهم
(المؤمنين بالمسيح) للمسيح..... كحواء لآدم، عروسه وزوجته!!
وهذا
الكلام اضطر له بولس حلاً لهذه الصعوبة اللاهوتية، ومن أجل صحة عقيدة الفداء التي ابتدعها.
لكنه نفسه
يشعر بضعف وغرابة هذا الحل أو بتعبيره هو غباوة هذا الحل.
فيمهد لهذا
القول بطلب أن يتجاوز قارئه عما فيه من غرابة أو حمق، فيقول: (ليتكم
تحتملون غباوتي قليلاً، بل أنتم محتمليّ. فإني أغار عليكم غيرةَ الله لأني خطبتكم
لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح....).
وقد ترجى بولس قارئه أن يتحمل غباوة ما يقول... ونحن نستطيع بما أعطانا
الله من سعة صدر أن نتحمل غباوة الآخر...(مع
يقيننا وإقرارنا أن بولس لم يكن غبياً... )
فإن أراد بولس أن المؤمنين عروس المسيح على المعنى المجازي والمثل، فنحن
نفهم ما يقول ولا نقف كثيراً هنا، لكن
الخطيئة لما دخلت البشرية دخلتها بامرأة حقيقية، لا معنى ولا مثل، ومن ثم فلا بد من
امرأة حقيقية كاملة الناسوت كناسوت حواء، كما كان المسيح كامل الناسوت كناسوت آدم.
وجاء
(إيرينايوس) بعد ذلك ليقدم حلاً لهذه المشكلة اللاهوتية بشكل آخر. وإيرينايوس
عاش في القرن الثاني الميلادي وكان من أبرز الذين تابعوا بولس في مفهومه عن
الخلاص، وكون المسيح هو آدم الثاني، لكنه لم يتابعه في جعل النصارى عروس المسيح
وعذراءه، لأنه لا يستقيم بذلك الخلاص من الخطية، فحواء الثانية يجب أن تكون امرأة
حقيقية، فكان اختياره لـ "مريم" لتكون حواء الجديدة!
يقول جون
لويمر: [وقد طبق إيرينايوس هذا المبدأ على العذراء مريم (يعني الخاص بآدم والمسيح) فقال عنها أنها سارت في خطوات حياة حواء كما فعل ابنها
بالنسبة لآدم "وانحلت عقدة عصيان حواء بطاعة العذراء" ولذلك أصبحت العذراء تعرف في الكنائس الشرقية كحواء الثانية نتيجة
لطاعتها الكاملة] [جون لويمر: تاريخ الكنيسة الجزء
الأول ص139 – دار الثقافة]
وشارك
إيرينايوس غيره من الآباء مثل يوستينيوس
وترتليانوس في جعل مريم حواء الثانية، وقارنوا (طاعتها وخضوعها لله كحواء
الجديدة بالمقابلة مع ما قامت به وأظهرته حواء القديمة من عصيان... بل إن هؤلاء الآباء
صرحوا بأن مريم (حواء الجديدة) شاركت المسيح (آدم الجديد) في الخلاص. وفي القرن
الرابع ألف أفرايم السرياني الأناشيد لمريم، واشتهر رابولة (Rabbula) أسقف أودسا بصلواته الكثيرة للقديسة مريم)
[القس الدكتور حنا الخضري: تاريخ الفكر المسيحي
الجزء الثاني ص 164-165،
[.J.F. Bethune-Baker. Nestorius and his teaching a fresh examination of the
evidence]
وترتب على ذلك أن اعتقدت الكنيسة أن (مريم) صعدت إلى السماء مثل المسيح
بجسدها، وأعلن البابا بيوس الثاني عشر هذه
العقيدة في سنة 1950، وجعل الكاثوليك الخامس عشر من أغسطس كل عام عيداً لصعود مريم
إلى السماء. وهذه عقيدة عند الكنيسة الكاثوليكيّة، وتقليداً عند غيرهم.
لكن هذا
الحل أيضاً لا يقل ضعفاً عن الحل الذي قدمه بولس، أو بتعبير رسالة كورنثوس لا يقل
غباوة بل هو يزيد. بل هذا الحل الذي قدمه إيريناوس ومن تبعه ليس فحسب يخالف العقل
والمنطق، وإنما يخالف عقيدة النصارى أنفسهم، وكتابهم المقدس، ولذلك لم يذهب إليه
بولس ولم يقل به، وكان يمكنه ذلك.
فالمعصية الأولى كانت بآدم وزوجه، و الخطيئة دخلت الإنسانية بآدم وحواء، لا
بآدم وأمه، أو حواء وابنها.
والخليقة
الأولى لم تكن بآدم وأمه، وإنما بآدم وزوجه. (أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكر
وأنثى.. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته
ويكون الاثنان جسداً واحداً) [متى 19: 4-6]
فكيف جعلوا
الخليقة الجديدة برجل وأمه؟
وهل كانت
الخليقة الأولى برجل وأمه!
أو كانت
الخليقة الأولى بامرأة وابنها؟!
لقد ورثنا
نحن البشر ما ورثناه من خصائص البشرية من
أبوين لنا (أبينا أدم وأمنا حواء)... وبهما ضلت البشرية، وزاغت (على عقيدة
النصارى)
فينبغي أن
يكون الخلاص كذلك بآدم الجديد، وحواء الجديدة.
نحن إذن
أمام مشكلة عقائدية تحتاج إلى حل.
نحن في
حاجة إلى مثالين كاملين عوضاً عن
الأولين آدم وزوجه حواء...
لقد ورثت
البشرية الخطيئة من أبوين...
وجاء
المسيح فكان عوضاً عن آدم الأول... لكنه لم يأت لنا معه بزوجة عوضاً عن حواء الأولى.
إنه خلاص
غير كاف...
ومن أجل
خلاص تام صحيح .. لا بد من زواج المسيح.
وبالصواب
قال الكتاب (أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكر وأنثى)