غير المسلم كافر أم آخر ؟!

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن وبعد:

غير المسلم عندنا هل هو آخر أم كافر ؟! هل كلمة "كافر" كلمة منفرة تنفر من ليس على دين الإسلام من الإسلام كما يزعم البعض ؟ أم أن الواجب ألا نحيد عن ألفاظ شرعية وضعها لنا الله تعالى ورسوله ؟

هذا غيض من فيض أسئلة كثيرة يتداولها من في قلوبهم شئ من إيمان؛ يراجعون على الله تعالى ماقاله وما وصف به عباده غير المسلمين له وكأنهم أكيس من الله وأكبر فطنة في شأن ماهية المسميات الجيدة والمسيمات غير الجيدة وكأنهم أحرص على دخول هؤلاء الإسلام بهذا الأسلوب الإصطدامي مع نصوص رب العالمين.

الواقع أن غير المسلم هو "كافر" وهذا أمر لا نستطيع أن نغيره إرضاء ً لطرف على آخر إنما هو قول رب العالمين؛ ولو كان فيه تنفير لقال الله وهو أعلم بعباده إذ أنه خالقهم (قل يا أيها الآخرون لا أعبد ما تعبدون) أو ( أولئك هم الآخرون الفجرة) بدلا ً من الكافرون والكفرة تتابعا ً .

وهنا يجب التوضيح على المعنى الأصلي لكلمة "كافر" لإنها تستخدم على ألسنة هؤلاء بشكل إستهزائي صوري وكأنها شتيمة ! وفي الواقع أن كلمة "كافر" ليست سبة أو شتيمة إنما هي وصف لحال شخص غير مؤمن ومسلم إلى الله الأمر, وكلمة "كافر" هي كلمة سامية قديمة شأنها شأن كثير من أسماء الأعلام والصفات الأعجمية في كتاب الله كمثلا ً :

إبراهيم – إسحق – إسمعيل – عيسى – أباريق – آرائك – إسرائيل – جبرائيل – ميكائيل وغيرها كثير , فإبراهيم بالعبرانية تعني (أب رحيم) وإسحق تعني (ضحّاك) وإسمعيل ( سمع الله) وجبرائيل (ملاك الله) وهكذا؛ فإن كلمة كافر هي كلمة سامية قديمة - لها جذور في اللغات اللاتينية الحالية – وتكتب هكذا (כיסוי) وتنطق "كوفري" وهي تعني "مغطي" وليست وصفا ً للنبذ أو للشتائم كما يخيَّل لكل من يريد محاربة هذا اللفظ الشرعي.

وسمي الكافر بالمغطي لإنه غطى الحق بعدم التصديق به؛ ولذلك نجد في اللغة الإنجليزية الكلمة مترادفة مع نفس النسق بلفظ (Cover) أي غطاء , وقد قال إبن كثير الدمشقي في تفسيره في سورة البقرة في قوله تعالى (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) :
"
يقول تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }[النساء:65] أي غطوا الحق وستروه وقد كتب الله تعالى عليهم ذلك سواء عليهم إنذارك وعدمه فإنهم لا يؤمنون بما جئتهم به " إنتهى.

ولذلك نجد أن الله تعالى سمى الزراع في المزارع بأنهم "كفار" في سورة الحديد نظرا ً لإنهم يغطون البذور بالتربة فيكفرونها يقول القرطبي :
"}
أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} الكفّار هنا: الزرّاع لأنهم يغطّون البذر. والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته بكثرة الأمطار " إنتهى.

فيتضح بكل حجة ودليل أن غير المسلم هو كافر وليس هذا الوصف الجديد الهش "الآخر"؛ فغير المسلم غطى قلبه عن سماع الهدى إما متعمدا ً ومترصدا ً ومحاربا ً وإما متجاهلا ً مقصرا متكاسلا ًً فكلى الحالتين تنطبق عليه وبالتالي فلا حجة لأي جاهل يحارب هذا اللفظ الشرعي بدعوى عدم التنفير والتقريب المزعوم بين الأديان وتحبيب الناس في الإسلام ونقول: كفى بالله وهو خالقنا وخالقهم والذي يعلم مافي نفوسهم أن يسميهم كفار ويقول ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ), وإني أخوض بقول ربي لهؤلاء الذين يريدون تنحية لفظة الكافر بالآخر وأقول لهم: لا أعبد ما تعبدون وصدق إبن القيم الجوزية تلميذ شيخه إبن تيمية رحمهما الله في وصف كفار بكاملي الإيمان عند بعض القوم حين قال:

فليَبشِرُوا ما فيهِمُ مِن كافِرٍ *** هُم عندَ جَهمٍ كَامِلو الإِيمانِ

ولله عاقبة الأمور.

إشعياء المسلم.