الرسول الأعظم

محمد صلى الله عليه وسلم

 

 

 

 

أحمد ديدات

 

 

ترجمة: علي عثمان، مراجعة: محمد مختار

 


بسم الله الرحمن الرحيم

محمد صلى الله عليه وسلم هو الأعظم

إنه بحق الأعظم كيف لا وقد اصطفاه الله على بني آدم وهو خاتم الأنبياء والمرسلين أرسله ربه رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .

إنه الأعظم فإذا كان في البشرية من يستحق العظمة فهو محمد ، هذا كلام علماء الغرب المنصفين . والمسلمين يؤمنون به ويحترمونه ويوقرونه ويبجلونه . فهو قدوتنا العليا وهو شفيعنا يوم القيامة وقائدنا إلى الجنة .

إن محمداً صلى الله عليه وسلم يستحق العظمة . كيف لا وقد أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور وهداهم إلى صراط مستقيم .

هذا الكتاب واحد من أروع كتب ديدات بل أروعها على الإطلاق لما فيه من كلمة صادقة ومجهود جاد لإثبات عظمة رسولنا الكريم فهو بحق يستحق أن تفخر به المكتبة العربية والإسلامية .

إن هذا الكتاب ينم عن شخصية ديدات وعمقه العلمي والثقافي وتفانيه في خدمة الإسلام .

وديدات رجل من رجال الدعوة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقد تحمل العبء الأكبر في مواجهة تيارات الباطل الجارفة وفـي مناقشة النصارى ودحض حججهم ورد الحق إلى نصابه .

فإذا قلنا إن من بين من ناقش النصارى يوجد منهم علماء يستحقون التوقير فهو ديدات لما له من مكانة مرموقة في قلب كل مسلم في شتى أنحاء العالم .

وديدات غنى عن التعريف بل إن كتبه خير دليل على شخصيته وهو غني عن التعريف فلا يكاد يوجد مسلم إلا وهو يعرف من هو ديدات لما له من باع كبير فـي سير الدعوة الإسلامية .

وهذا الكتاب يقع في ثلاثة فصول هامة .. ويناقش ديدات في هذا الكتاب موضوع محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم ويعطيه حقه ويدفع عنه الشبهات التي تتردد في الغرب الكافر وتهدف إلى النيل من الإسلام ومن نبي الإسلام .

إن هذا الكتاب بحق شهادة تستحق أن يحوزها كل مسلم .

فهو يضم بين طياته جوانب عظمة الرسول عليه الصلاة والسلام . من كلامهم هم أنفسهم من كلمات علماء الغرب وشهادتهم لخاتم الأنبياء والمرسلين فهو ينقل آراء مايكل هارت ولامارتين الفرنسي وكارلايل في الدفاع عن رسول الإسلام وإثبات جوانب عظمته .

الفصل الأول : ويتكون من نبذة عن سبب تأليف الكتاب ثم الإشارة إلى جوانب عظمة الرسول والإشارة إلى تأليف مايكل هارت لكتابه العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم وصدى اختيار هارت لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول العظماء حتى قبل موسى وعيسى عليهما السلام مما أثار غضب الغرب الكافر فهي بحق شهادة نبعت من نقاء نفسي بعيداً عن روح التعصب حتى لدينه .

ولا أحاول في هذه النبذة التعرض لآراء المفكرين الغربيين حتى يتسنى لك عزيزي القارئ مطالعتها بتأني في ثنايا هذا الكتاب فهو زاخر بأقوال علماء الغرب غير المسلمين في حق محمد ، وكيف قاموا بترشيحه لينال فقط العظمة على سائر أبطال العالم .

ولقد وضع بعض المفكرين والسياسيين مقاييس للعظمة والبطولة .. هذه المقاييس لم تتوفر في أحد من البشر إلا في نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو بحق حاز كل صفات العظمة فلا يوجد على سطح الأرض من هو أعظم منه على الإطلاق .

والفصل الثاني : يغلب فيه التحدث عن كتاب كارلايل هذا الرجل المنصف الذي اتخذ من محمد صلى الله عليه وسلم نبياً له يدافع عنه ويذب عنه كل الافتراءات التي حاول أن يلصقها به أعداءه .

لقد ناقش كارلايل مواضيع من أخطر المشكلات التي يثيرها الغرب وقام بالذّب عن الإسلام حتى كأننا إذ قرأنا الكلام بدون اسمه فكأننا بداعية إسلامي كبير يدافع عن الإسلام ويذب عنه كيد الأعداء ، ومن أبرز التهم التي يذب عنها كارلايل تهمة حد السيف وتهمة الخداع .

ولقد أجاد كارلايل وديدات في إقناع هؤلاء المتعصبين بأن الإسلام لم ينتشر بحد السيف كما يظنون بل انتشر بسيف العقل .

الفصل الثالث : يحمل عنوان أسرع الأديان نمواً اليوم ويتناول هذا الفصل الأسباب الدافعة للنمو المطرد في الإسلام والمسلمين فهو بحق الدين المثالي الذي يكثر معتنقيه في شتى بقاع العالم .

لقد أصبح اليوم أكثر من ألف مليون مسلم في العالم يؤمنون بهذا الدين .

إن الأسلوب المتبع في الدعوة والسمات الرفيعة والأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الدعاة إلى الله كان لها أكبر الأثر في نجاح هذا الدين وانتشاره .

إن الدين الإسلامي أكثر الأديان انتشاراً بالرغم من أن الإسلام جاء بعد المسيحية بنحو 600 سنة إلا أنه أكثر اضطراداً في النمو من المسيحية .

إن الأرقام فقط تدل على أن تعداد مسيحي العالم أكثر من المسلمين ولكن بحق إذا تناولناها من الناحية العملية فإن المسلمين أكثر تعداداً من المسيحيين . إن المسلمين العاملين بدينهم يزدادون يوماً بعد يوم .

أما المسيحيين فمعظمهم ينتمون إلى المسيحية اسماً ولا يحبونها ولا يعملون بها ، وإذا ما قارنا بين المسلمين الملتزمين بدينهم والمسيحيين الملتزمين بدينهم فإن الكفة في صالح المسلمين حيث أن أعداد المسلمين الملتزمين بدينهم أكبر بكثير من أعداد المسيحيين المطبقين لدينهم .

إن الأخلاق الحميدة والصفات السامية النبيلة والسمات الرفيعة التي كان يتصف بها نبي الإسلام جعلته أجدر بكل تعظيم وتبجيل فإن هذه الصفات لم تخلع على أحد قبله أو بعده وكان لها دور كبير في نشر الدين الإسلامي .

إن صفة الرحمة في تعامله مع المسلمين وحتى مع زوجاته في المنزل لها الأثر الأكبر في نشر الإسلام . إن أبرز موقف يصف رحمته صلى الله عليه وسلم هو عند فتح مكة حيث قال لقومه الذين عذبوه وأخرجوه من بلده وناصبوه العداء وكان الزمام في يده ويستطيع أن يقتل كل من تسبب في إيذائه ووقف في طريق الدين الناشئ ، فقال قولته المشهورة التي يتداولها التاريخ بكل تقدير وإعزاز : " ماذا تظنون أني فاعل بكم " .

قالوا " أخ كريم وابن أخ كريم " . يقصدون استعطافه لما يعرفون عنه من الرحمة والأخلاق الرفيعة إنهم يعرفونه منذ نشأته فلم يعهدوا منه غدراً ولا خيانة .. إن هذا الموقف هو الذي يوضح الأبطال على حقيقتهم وهو الذي يبرز صفات القائد المحنك .

لم ينتصر لنفسه لما وجد من تعذيب في بداية الدعوة .

ولم ينتصر لأصحابه الذين بُطِشَ ونُكِّلَ بهم لكي يفارقوا دينهم . وإنما قال قولته العظيمة الخالدة التي وجلت القلوب إجلالاً لها :

 " إذهبوا فأنتم الطلقاء " .

وكانت لهذه الكلمات النبيلة والموقف الإنساني الرائع أكبر الأثر في دخول الناس في دين الله أفواجاً بدون حرب وبدون إراقة ولو قطرة دم واحدة فقال تعالى :

 " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً " ( النصر : 1- 3 ) .

فدخل الناس في دين الله بدون حرب فكيف يزعم أحد إذن أنه نشر الدين بالسيف .

إنه ثمة سبب آخر سأتعرض له في هذه المقدمة الموجزة لانتشار الإسلام وهو عدم التفريق بين أتباعه فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب .

قال صلى الله عليه وسلم : " لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى " .

وقال صلى الله عليه وسلم : " لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى " .

فلم يفرق رسول الإسلام بين الناس لمجرد لونهم ولمجرد مكانتهم في المجتمع . فالوزير والخفير سواء أمام الله والفارق الجوهري الوحيد هو التقوى .

إن التقوى هي اللباس الذي يميز بين عباد الله ومقياس أفضليتهم عند الله .. أما خلاف ذلك فلا . قال تعالى " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " .

إن الإسلام جاء بأسمى الشرائع وبأسمى التشريعات الاجتماعية فلقد فعلت المسيحية بأهلها الويلات وقد شردتهم ومزقت بينهم حسب بيئتهم حتى أنه يوجد في أمريكا أبشع أنواع التفرقة العنصرية بين البيض والسود حتى وإن كانوا أبناء دين واحد هو المسيحية فالفرق بينهم في اللون أدى إلى فرق في المكانة الاجتماعية .

كما أن الإسلام نزع الفوارق الطبقية وقضى عليها في المجتمع فأصبح الناس كلهم سواسية كأسنان المشط .

وأصبح الإسلام وأخوة الإسلام أقوى رباط يربط بين المجتمع .

إن الرجل الذي قال عنه كارلايل : " رجل واحد في مقابل جميع الرجال " ، الذي استطاع بنصر الله له وبصدق عزيمته وبإخلاصه في دعوته أن يقف أمام الجميع ليدحض الباطل ويُظهر الحق حتى يحق الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون .

إن هذا الرجل العظيم الذي استطاع أن يقف أمام العالم أجمع وأمام جهالات قريش وكفرها العنيد وأمام الأصنام وعبادة الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الله وحده لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، إنه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس فقط من أتباعه بل من كل من يفهموا سمات العبقرية وخصائصها .

إن الصفات التي تفردت في هذا الرسول العظيم لجديرة بأن يحصل على نوط الامتياز ويحظى بكل تقدير واحترام . إنه بحق الأعظم .

وإنني لأسأل كما فعل لامارتين : فهل بعد ذلك يوجد أي رجل أعظم منه ؟ " .

كلا ، لا يوجد رجل أعظم منه فقد عاش حياته كلها في خدمة البشرية جمعاء وجاء بالدين الخاتم لجميع البشر .

فهو بشير ونذير لكل البشر إنسهم وجنهم .. وقد أخرج بإذن الله الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن الظلمات إلى النور ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .

وإن وصف النصارى المسيح بأنه مخلصهم فإن محمداً بحق هو مخلص البشرية من الظلم والاضطهاد والكفر والضلال والعذاب في الدنيا والآخرة .

إنه بحق كما قال لامارتين :

 " رجل أسس 20 إمبراطورية دنيوية وإمبراطورية واحدة روحية " .

إنه رجل جمع كل سمات العظمة في شخص واحد يستحق أن يجعله هارت أول العظماء قبل موسى وعيسى عليهما السلام .

إن هذا الرجل العظيم محمد صلى الله عليه وسلم بحق رجل لم تنجب البشرية مثله كيف لا وقد قال عنه الجبار " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " .. وقال تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " .

إن هذا الرجل نجح في حياته واستمر نجاحه بعد موته على يد أتباعه .

فقد صنع الأبطال إنها مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم التي خرجت الأبطال والدعاة الذين جابوا الأرض شرقاً وغرباً لنشر دين الله ونوره وتبليغه إلى الناس .

إن أعظم موقف يدل على عظمة الرجال الذين صنعهم في حياته هو موقفهم عند موته .

لم يصدق أحد من الصحابة أن رسول الله قد مات . كيف ذلك ؟ وهل ينقطع النور الواصل من السماء والأرض عن طريقه ؟

وماذا سيفعل المسلمون من بعده ؟

وثار عمر البطل القائد المغوار . قام ونفى الخبر وأثرت عليه ثورته فقال " من قال إن محمداً قد مات فسأقطع رأسه " .

ولكن أبو بكر الرجل الهادئ الوديع المتريث المرهف الحس ناقش الأمر بجدية أكثر ولم يتأثر بهذا الخبر فدخل على رسول الله بعد ما سمع بوفاته وخرج على المسلمين وقال " أيها الناس ، من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " .

وقرأ قوله تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " .

فرجع عمر إلى الحق وأدرك أن الحق جانبه لثورته وقال كأني أسمع هـذه الآية لأول مرة .

إن موقف أبو بكر هذا موقف الرجل القائد يستحق بكل تقدير وإجلال أن ينال شرف ترشيحه من رسول الله للصلاة بالمسلمين ثم بخلافة المسلمين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

إنهم بحق رجال مدرسة النبوة الذين قال الله عنهم : " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً " .

ولا أستطيع عزيزي القارئ أن أحصي جوانب العظمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم من أن يصفه إنسان أو يعبر عن عظمته قلم .

فهو بحق أجدر إنسان يستحق لقب الأعظم .

فقد وصفه كارلايل في كتاب الأبطال بأنه " كان واحداً من هؤلاء الذين لا يستطيعون إلا أن يكونوا في جد دائماً .. هؤلاء الذين جبلت طبيعتهم على الإخلاص ..

فلم يقم هذا الرجل بإحاطة نفسه داخل إطار من الأقوال والصفات الطيبة ولكنه تفرد مع روحه ومع حقيقة الأشياء يستمد منها ما نطلق عليه الإخلاص .

شيء يملكه أسمى من طبيعة البشر فقد كانت رسالة هذا الرجل ينبعث من فطرة قلبه وروحه ولهذا يجب أن يستمع ويعمل الرجال وليس لأي شيء آخر فكل شيء غير ذلك إنما هو هباءً تذروه الرياح .. أ . هـ

وأختتم هذا الكلام عن عظمة نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بكلام مايكل هارت في كتابه العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم عن سبب اختياره لمحمد وكونه الأعظم فقال :

( إن اختياري لمحمد ليقود قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض .. ولكنه كان ( أي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً في كل من المستوى الديني والدنيوي ) أ . هـ

وقال عنه أحد المفكرين الغربيين أنه لو أعطى لمحمد زمام الأمور في هذا العالم المليء بالملابسات والمشكلات لقاد البشرية إلى  بر الأمان .

إذا وجد في مجرى التاريخ أبطالاً فإن الأعظم هو محمد إنه بحق لا يوجد أعظم منه على الإطلاق ؟!!

صلى الله عليك يا علم الهدى ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل وسلام على المرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " آمين . والحمد لله رب العالمين .

علي عثمان


 

الفصل الأول

 

قال تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( القلم : 4 )

كيف نشأ الموضوع

How The Topic Arose

أعطاني السيد محمد مهتار ( فاروقي ) ([1]) منذ عشر سنوات تقريباً ( وتربطني به صلة قرابة ) مقالة ([2]) للمؤرخ الفرنسي لامارتين ( Lamartine ) يبرهن فيها أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول الإسلام كان أعظم رجل عاش على الإطلاق .

وكان من عادة السيد مهتار أن ينقل المعلومات دائماً معتقداً أنني قد أحتفظ بها للاستعمال النافع في الوقت والمكان المناسب .

وكان السيد مهتار قبل ذلك قد أهداني كتاب غالي الثمن بعنوان " نداء المأذنة " تأليف الأسقف " كينث كراج " وقد قمت بتحليل هذا الكتاب واكتشفت براعة المسيحيين المتفوقين في الخداع والتضليل . ولقد أثارني إجلال لامارتين لرسولنا وبعث في رغبة كبيرة بمشاركة أنصاره عن نبينا مع إخواني المسلمين ولم تكن الفرصة لفعل ذلك ببعيدة .

لقد تلقيت مكالمة تليفونية من المجتمع المسلم في دانهاوزر ( بلدة صغيرة في شمال ناتال ) وكانوا ينظمون احتفالاً بالمولد النبوي الشريف وقد دعوني لإلقاء محاضرة في هذه المناسبة السعيدة فوافقت في الحال باعتبار أن هذا شرف وامتياز لي وعندما تساءلوا عن موضوع محاضرتي حتى يعلنوا عنها اقترحت أن يكون ( محمداً صلى الله عليه وسلم الأعظم ) وذلك من وحي ما كتبه لامارتين .

خيبة الأمل المتكرر Repeated Let –Downs لقد لاحظت عند وصولي مدينة دانهاوزر (Dannhauser) بعدد كبير من الملصقات تعلن عن هذا اللقاء وتقول في جوهرها أن ديدات سيحاضر عن موضوع " محمد العظيم " صلى الله عليه وسلم مما جعلني مفتور الهمة ([3]) بعض الشيء وعند استعلامي عن سبب هذا قيل لي أن التغيير في العنوان كان بسبب خطأ مطبعي .

ولقد جاءتني دعوة مماثلة بعد حوالي شهرين من ذلك التاريخ . وكانت هذه المرة من المجتمع المسلم في " بريتوريا " العاصمة الإدارية لجنوب إفريقيا وكان موضوع المحاضرة هو نفسه ( محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم ) وانتابني الفزع عندما تغير العنوان مرة أخرى " محمد العظيم " .. وأعطيت لي ( في هذه المرة ) أسباباً وأعذاراً مماثلة لسابقتها ، وقد جرت هاتين الحادثتين في بلدي جنوب إفريقيا . ومع ذلك دعني أعطي لك مثالاً آخر لعقدة النقص عندنا وهي تمثل جزء كبير من مرض الأمة .

الولايات المتحدة الأمريكية

لم تختلف U.S.A. No Different

  أثناء جولتي لإلقاء المحاضرات في الولايات المتحدة الأمريكية الدولة القوية في عام 1977 اكتشفت أن جنودنا في العالم الجديد مازالوا أضعف مما كنت أعتقد . ومن بين جميع التجارب المحزنة التي مررت بها فإني أعتقد أن هـذا الحدث يكفي لإثبات النقطة التي أتكلم عنها .

لقد نصح مسلموا انديانابوليس ( Indienapolis ) بأن ينظموا محاضرة لي حول موضوع " ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) " وقد اتفقوا على أن يقوموا بالإعلان عن ذلك تماماً . ولكن لم يسمح لهم خوفهم وجبنهم من فعل ذلك فقد اعتقدوا أن هذا العنوان استفزازي جداً . وألهمتهم حكمتهم ( ؟ ) بتلطيف العبارة لتصبح أخف وطأة وتكون " نبي في الكتاب المقدس " ومن غير شك فإنكم توافقوني على أنه عنون غير مشوق وبلا حياة .

فليس هناك ما يثير اهتمام المسلم أو المسيحي أو اليهودي أو الهندوسي للحضور ؟ ماذا تعني كلمة " نبي " ؟ إن كلمة " نبي " بالنسبة لأغلب الناس تعني " أيُّ نبي " .

ومن الذي سيهتم بحضور اجتماع يناقش مجرد " نبي " غير محدد من الأنبياء الذين ذكروا في الكتاب المقدس ؟ أيوب – يوئيل – يونس – عزروا أو عزير – اليوشع – حزقيل .. هم بعض من أنبياء كثيرين ذكروا في الكتاب المقدس . وكما هو متوقع فقد أوضحت نسبة الحضور بشكل كبير عدم جاذبية العنوان .

مركب النقص nferiority Complexi

ما سبب هذا المرض ؟ مركب النقص ؟ نعم . نحن قوم عاجزين انتزعت منها الفاعلية والنشاط ليس فقط عن طريق أعداؤنا ولكن أيضاً عن طريق أصدقاؤنا الخاملين . نحن لا نجرؤ حتى على ترديد شهادة الله نفسه بخصوص حبيبه :

 " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( ن :  4)

الأكثر تأثيراً : the Most influential

عادة فإنه من الطبيعي لأي شخص أن يحب – يمدح يبجل – أو يمجد قائده سواء كان بطلاً أو قديساً أو نبياً وكثيراً ما نفعل ذلك .

ومع ذلك فلو كنت قد أعدت ذكر ما قاله المسلمون العظماء أو ما كتبوه عن نبينا الشهير لكان من الممكن أن يبخسه أعداء الإسلام والنازعين للشكوكية باعتباره مبالغة أو ولع أو عبادة لهذا فلتسمحوا لي أن استشهد بمؤرخين غير متحيزين ونقاد أصدقاء وبعض الذين جهروا بعداوتهم لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم . ولو أنك وجدت أن تقدير غير المسلمين لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) لم يمس شغاف قلبك فلتعلم أن إيمانك خاطئ ولتبحث لك عن دينا غير الإسلام ، فإن هناك الكثير بالفعل من الأخشاب العطبة في سفينة الإسلام .

نشر في أمريكا في الزمن الحاضر كتاب بعنوان " المائة " أو ( الخالدون مائة ) أو ( القمم المائة ) أو أعظم مائة في التاريخ .

وقد ألف هذا الكتاب الجديد من نوعه عالم الفلك والرياضيات والمؤرخ مايكل هارت لقد قام بالبحث في التاريخ عن الرجال الذين كان لهم أعظم تأثير على البشر وقد ذكر لنا في هذا الكتاب أكثر مائة رجل تأثيراً على البشرية منهم آزوس – أرسطو – بوذا – كونفوشيوس – هتلر- أفلاطون – ذرادشت – وهو لا يعطينا علامات محددة عن المائة من ناحية تأثيرهم على الناس ولكنه يقوم بتقييم درجة هذا التأثير ويصفهم بترتيب تفوقهم في هذا التأثير من رقم واحد وحتى رقم مائة وهو يوضح لنا أسبابه في ترتيب مرشحيه .

ونحن غير مطالبين بالموافقة على كلامه ولكننا لا يسعنا إلا أن نعجب بأمانة هذا الرجل ودقته في البحث .

وأكثر شيء يدعو للدهشة في تصنيفته المنتقاة أنه وضع نبينا الكريم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كرقم واحد أول المائة العظماء وهو بذلك يؤكد بدون علم أو قصد شهادة الله تعالى في آخر تنزيل له للعالم : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " ( الأحزاب : 21 )

عيسى ( عليه السلام ) رقم 3

Jesus (P .B .U .H .) NO 3 ~

وقد أسعد المسلمين بالطبع تصنيف مايكل هارت لرسول الإسلام في المرتبة الأولى . ولكن هذا الاختيار صدم غير المسلمين وبخاصة اليهود والمسيحيين الذين اعتبروا ذلك إهانة . ماذا ؟ المسيح ( عليه السلام ) فـي المرتبة الثالثة وموسى ( عليه السلام ) فـي المرتبة الأربعين ؟!!

وبالطبع فإن هذا بالنسبة إليهم شيء لا يمكن هضمه ولكن ماذا يقول مايكل هارت ؟

دعونا نستمع لمناقشته : " حيث أنه يوجد تقريباً مسيحيين ضعف عدد المسلمين فـي العالم ([4]) فإنه قد يبدو غريباً أن يكون تصنيف محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مـن المسيح عليه السلام .

وهناك سببين رئيسيين لهذا القرار :

أولاً لعب محمد صلى الله عليه وسلم دوراً في ازدهار الإسلام يفوق في أهميته كثيراً ما قام به المسيح عليه السلام في ازدهار المسيحية .

وعلى الرغم من أن عيسى عليه السلام كان مسؤولاً عن الخُلُق الأساسي والمبادئ والسلوكيات الأخلاقية للمسيحية " طالما اختلفت هذه المبادئ عن اليهودية ([5]) " فقد كان القديس بولس هو المطور الأصلي للاهوت المسيحي والناشر الرئيسي للمسيحية ومؤلف قسم كبير من العهد الجديد .

ومن ناحية أخرى نجد أن محمد صلى الله عليه وسلم هو المسئول عن العقيدة الإسلامية بجانب خلقه الأساسي ومبادئه الأخلاقية .

بالإضافة إلى ذلك فإنه لعب الدور الرئيسي في الدعوة إلى الدين الجديد وفي تأسيس التطبيق الديني للإسلام .

بولس مؤسس المسيحية

Paul the Founder of Christianity

طبقاً لرأي هارت فإن شرف تأسيس المسيحية يجب تقسيمه بين المسيح عليه السلام والقديس بولس .

والأخير كما يعتقد هارت هو المؤسس الحقيقي للمسيحية .. ولا أستطيع إخفاء موافقتي لهارت فمن مجموع الأسفار السبعة والعشرين للعهد الجديد نجد أن القديس بولس قد كتب أكثر من نصفها . وخلافاً لبولس فإن السيد المسيح لم يكتب كلمة واحدة في السبع والعشرين سفراً .

ولو أنك وجدت ما يسمى ( بإنجيل الأحرف الحمراء ) فستجد أن كل كلمة زُعِمَ أن المسيح تفوه بها مكتوبة بالحبر الأحمر والباقي بالحبر الأسود العادي ([6]) .

ولا تندهش حينما تجد في هذا الذي يسمى الإنجيل ( بشارة المسيح ) أكثر من 90 في المائة في السبع والعشرين سفراً للعهد الجديد مطبوعة بالمداد ( الحبر ) الأسود .

هذا هو الاعتراف المسيحي النزيه على ما يسمونه الإنجيل وفي أي مواجهة مع المبشرين المسيحيين ستجدهم يستشهدون مائة في المائة من بولس ([7]) .

لا أحد يتبع المسيح عليه السلام

No . One follows Jesus (PBUH)

قال يسوع ( عليه السلام ) ( إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي ) ( يوحنا 14 : 15 ) .

وقال أيضاً ( فمن نقض هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السموات ) ( متى 5 : 19 )

وإذا سالت أي مسيحي كثير المجادلة هل تحفظ هذه الشريعة والوصايا ؟ يجيب ( لا ) فإن سألته بعدها لماذا لا تفعل ؟ سيجيبك بلا اختلاف إذا كان من مروجي الكتاب المقدس والناعقين به ( الشريعة سُمِّرت على الصليب ) وهو يعني بذلك أن الشريعة قد انتهت أو ألغيت ويضيف : ( ونحن الآن نعيش تحت الرحمة والنعمة الإلهية ) .

وفي كل مرة تستحث المسيحي بما قاله سيده ومعلمه ( المسيح عليه السلام ) فإنه يواجهك بشيء من الرسالتين الأولى والثانية إلى أهل كورينثوس والرسالة إلى أهل غلاطية والرسالة إلى أهل أفسس والرسالة إلى أهل فيلبي .. إلخ .

فإذا سألته من مؤلفها ؟ فسيجيبك : بولس – بولس – بولس .

من هو سيدك ؟ سيجيبك المسيح عليه السلام ولكنه دائماً سيناقض سيده المسيح ( عليه السلام ) بالقديس بولس . لن تجد مسيحياً متعلماً يناقش حقيقة أن المؤسس الحقيقي للمسيحية هو القديس بولس ولذلك كان على مايكل هارت ليكون منصفاً أن يصنف المسيح ( عليه السلام ) في المرتبة الثالثة في كتابه .

لماذا تُغضب زبونك ( عميلك )

Why Provoke Your Customer ?

ما فعله مايكل هارت بوضع المسيح في المرتبة الثالثة يطرح علينا سؤالاً خطيراً وهو لماذا يقدم أمريكي على نشر كتاب من 572 صفحة في أمريكا ويقوم ببيعه بسعر ( 15 ) دولار للنسخة وهو بذلك يتجشم عناء إثارة غضب قراءه المحتملين ؟ من سيشتري كتابه ؟ بالطبع لن يكونوا الباكستانيين أو شعب بنجلاديش أو العرب أو الأتراك اللهم إلا نسخ قليلة هنا وهناك . ولكن الغالبية العظمى من زبائنه سيكونوا من الـ ( 250 ) مليون مسيحي والـ ( 6 ) مليون يهودي الذين يعيشون في أمريكا .

فلماذا إذن يغضب عملائه ؟

ألم يسمع القول الشائع أن الزبون دائماً على حق ؟ بالطبع قد سمع ذلك فلماذا إذن هذا الاختيار المتحدي ؟

ولكنني قبل أن أغلق هذا الملف الخاص بهارت سأسمح له أن يقدم اعتذاره الأخير عن تهوره :

 " إن اختياري لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ليأتي في المرتبة الأولى من قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض ولكنه كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً على كل من المستوى الديني والدنيوي " .

مايكل هارت

( الخالدون مائة ) ص 33

تصنيف لأكثر الأشخاص تأثيراً في التاريخ

نيويورك شركة هارت للنشر سنة 1978

 

من هم قادة التاريخ العظماء :

Who Were History’s Great Leaders

عدد " تايم " الصادر في 15 يوليو سنة 1974

1974 – 15 Time, July

نشرت مجلة " تايم " الشهيرة العنوان السابق على غلافها الخارجي وداخل العدد . كانت هناك مقالات كثيرة مثل : ما الذي يصنع القائد العظيم ؟

من المؤهل على مدار التاريخ ؟

وفي هذه المقالات قامت مجلة " تايم " بسؤال مجموعة من المؤرخين والكتاب والعسكريين ورجال الأعمال وآخرين من اختيارها . وقد أعطى كل منها مرشحيه طبقاً لوجهة نظره بموضوعية على قدر الاستطاعة البشرية لكل منهم ومعتمداً في ذلك على إدراكه وتميزه وهواه وحكمه المسبق الشخصي .

من يعرف الدكتور سالازار ؟

Who knows Dr . Salazar

من عاداتي وواجباتي الممتعة أن أصحب غير المسلمين كمرشد لهم في جولات داخل أكبر مسجد في نصف الكرة الجنوبي بديربان .

وفي إحدى المناسبات كنت أستضيف اثنين من البرتغاليين ( زوج وزوجته ) وخلال مناقشاتنا قال السيد البرتغ " أن د . سالازار شخصياً كان أعظم رجل في العالم " لم أناقش معه هذه النقطة لأنني شخصياً لا أعرف عن د . سالازار سوى أنه ديكتاتور البرتغالي في عصره . ولو أنه كان يعتبر بالنسبة لكثيرين ذو منفعة عظيمة لأمته ولكن ضيفي المحترم كان يتحدث على حسب معرفته الشخصية وحسب وجهة نظره وأهواءه الشخصية .

محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لا يمكن تجاهله

Mohammed (PBUH) Cannot Be Ignored

  ويبدو أنه لم يستطع أحد من بين المساهمين في المقالات المنشورة في مجلة " تايم "  أن يتجاهل محمداً صلى الله عليه وسلم .

  يقول وليام مكنيل William Mcneill مؤرخ أمريكي بجامعة شيكاغو في المقال الذي نشرته مجلة " تايم " : ولو أنك قست الزعامة بمدى تأثيرها فإنك يجب أن تذكر المسيح وبوذا ومحمد وكونفشيوس على أنهم أنبياء العالم العظماء .

  ولم يدخل مكنيل في تفاصيل ولم يعطنا أي تفسير لسبب وضعه للمسيح أولاً ومحمد صلى الله عليه وسلم في المرتبة الثالثة ربما كان هذا بحكم العادة .. فإن مكنيل مسيحياً في الغالب ولكننا لن نتناقش معه .

  ويقول جيمس جافين James Gavin الذي يوصف بأنه رجل في الجيش الأمريكي أحيل إلى التقاعد برتبة فريق :

 " إنني أعتبر محمد والمسيح عيسى وربما لينين ومن المحتمل ماو تسي تونج من بين القادة الذين كان لهم أعظم تأثير على مر العصور .. أما بالنسبة للقائد صاحب المؤهلات التي من الممكن الاستفادة منها إلى درجة بعيدة في الزمن الحاضر فإنني أختار جون ف . كنيدي " .. ولم يقل الجنرال أكثر من ذلك ولكن من الواجب علينا أن نجيبه فإن الأمر يحتاج شجاعة هائلة لكتابة اسم محمد قبل المسيح عليهما السلام . ومن المؤكد أن ذلك لم يكن زلة قلم .

جولز ماسيرمان Jules Masserman محلل نفسي أمريكي وأستاذ في جامعة شيكاغو يعطينا على عكس المشاركين الآخرين الأسس التي بنى عليها اختياره والأسباب التي جعلته يختار القائد الأعظم لجميع الأزمنة أنه يريدنا أن نكتشف ما نبحث عنه حقاً في الرجل المطلوب ، المؤهلات التي تجعله فريداً . وقد نبحث عن أي مجموعة من المؤهلات كما في حالة مايكل هارت الذي كان يبحث عن الشخص الذي حقق أقوى تأثير .

  ومع ذلك فإن ماسيرمان لا يريد منا أن نعتمد على خيالنا وعلى ميولنا الشخصية إنه يريد منا أن نقم معايير ( قيادة ) موضوعية للحكم قبل أن نمنح صفة العظمة لأي شخص . إنه يقول : " يجب أن يحقق القادة ثلاثة أعمال :

  1- يجب أن يتوفر في القائد التكوين السليم للقيادة .

  فالقائد مهما كان يجب أن يكون مهتماً بصالحك ويجب ألا يتطلع إلى استغلال المغفلين لأطماعه الشخصية مثل القس جيم جونز من جونزتاون في جويانا زعيم الطائفة الشهيرة المعروفة باسم " الطائفة المنتحرة " وسوف نتذكره على أنه الرجل الذي انتحر مع 910 من أتباعه كلهم في نفس الوقت !

فقد كانت حكومة الولايات المتحدة في أعقابه وكان على وشك أن يقبض عليه لإجرامه ولكنه قبل أن يتمكنوا من اعتقاله فكر في أنه من الحكمة أن يتخلص من حياته ومعه جميع أتباعه حتى لا يبقى منهم أحد يشهد ضده فخلط عصير الليمون بالسم ودفع أتباعه لأن يشربوا منه ففعلوا وماتوا جميعاً في نفس الوقت هذه الميتة المخزية .

وقد اكتشف فيما بعد أن الثوري جيم جونز قد ادخر 50 مليون دولار وأودعها في حسابه الخاص ببنوك في مختلف أنحاء العالم وقد كان كل ضحاياه بمثابة البقر الذي يُدر له اللبن وكان يستغلهم ليشبع شهوته وطمعه .

إن بطل ماسيرمان يجب أن يعود بالنفع على خرافه وعلى قطيعه وليس على نفسه .

2- يجب أن يوفر القائد أو من يكون قائدا نظام اجتماعي يشعر فيه الناس نسبياً بالأمن والطمأنينة .

وعلى عكس الماركسيين والفاشيين والنازيين الجدد والاشكنازيين ([8]) والصهاينة والذين اتبعوهم فإن الأستاذ ماسيرمان في مقالته المختصرة في مجلة " تايم " لم يصرح بذلك . ولكن معتقداته ومشاعره كانت واضحة تماماً . فهو يبحث عن القائد الذي سيوفر نظام اجتماعي خالي من الأنانية والطمع والعنصرية فكل هذه المذاهب تحمل في طياتها بذور التدمير الذاتي لنفسها .

يقول عبد الله يوسف علي :

   " لا يزال يصاحبنا الكثير من الندم والخطيئة والظلم والاضطهاد والخطأ والكراهية . لا تزال العجرفة تميت الضمائر وتسلب الأرواح المكافحة حتى من كسرات الشفقة وتصنع من الكائنات الكريهة والغبار المتفتت معبود جميل الهيئة للعبادة .

  ما يزال الجهل يوصف بالقمم القوية ويحاول أن يُخزي الحكمة .. لا يزال الإنسان يقود الصيد ويعترض بنعومة على نهاية الرق .. لا يزال الطمع يلتهم جوهر الضعفاء الذين داخل سلطانه .. بل أكثر من ذلك أن صوت الإنسان المهذب يخنق في وسط الضجيج الأجش للمجموعات والحشود التي تصرح بجنون بما يسمونه شعارات عصرية ، .. إلافك القديم الذي رفض تصديقه من زمن بعيد . إ . هـ

  3- يجب على القائد أن يوفر لشعبه مجموعة واحدة من المعتقدات .

  من السهل التحدث عن الزمالة الدينية والأخوة في الإنسانية ، لكن هناك في جنوب إفريقيا اليوم ألف من الطوائف والملل المختلفة بين البيض ( أهالي السلالة الأوروبية ) وثلاثة آلاف من السود ( أهالي السلالة الإفريقية ) . وتفرخ كنائس البيض في بلدتي أساقفة سود بمعدل سريع .

  ولكن في أول 300 سنة من الاحتلال الأوروبي لم يتخرج من كنائس البيض أسقف أسود واحد .

  وحتى الآن لا يستطيع السود والبيض والملونين والهنود أن يصلوا معاً في أغلب الكنائس الهولندية البروتستانتيتية وقد عبر الإمبراطور المسيحي جوليانوس عن الكراهية بين الطوائف المسيحية بدقة حيث قال :

   " لا توجد وحوش مفترسة تتسم بالعداوة للإنسان كما تعادي الطوائف المسيحية بصفة عامة بعضها البعض " إ . هـ ( سيد أمير علي في ص18 من كتابه روح الإسلام ) .

  وعلى ضوء هذه المتطلبات الثلاثة السابقة يبحث ماسيرمان في التاريخ ويقوم بالتحليل والتمحيص لويس باستير – غاندي – كونفوشيوس – الاسكندر الأكبر – قيصر – هتلر – بوذا – المسيح – إلى آخر الباقين حتى وصل أخيراً إلى النتيجة التالية :

   " لعل أعظم قائد كان على مر العصور هو محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الذي جمع الأعمال الثلاثة وقد فعل موسى نفس الشيء بدرجة أقل " .

  وليس لنا إلا أن نندهش من ماسيرمان لأنه كيهودي قد تنازل ليتفحص حتى أدولف هتلر العدو الرئيسي لشعبه فهو يعتبره قائداً عظيماً . فقد كان قوم هتلر وهم الأمة الألمانية القوية المكونة من 90 مليون نسمة كانوا مستعدين أن يسيروا إلى قدرهم أو دمارهم بأمره . واحسرتاه لقد قادهم إلى الهلاك .

  ولكن هتلر ليس هو مجال السؤال . إنما السؤال هو لماذا يعلن ماسيرمان وهو يهودي أمريكي وخادم مدفوع الأجر للحكومة بالتصريح لأبناء بلدته الذين يزيدون عن 200 مليون منهم اليهودي والمسيحي إنه لا المسيح ولا موسى ولكن محمد ( عليهم السلام جميعاً ) هو القائد الأعظم The Greatest Leader  في جميع الأزمنة ! "

عللوا لذلك .

ماذا يقول المتشككون

What Say The Sceptics ?

  وضع مايكل هارت محمداً على أول قائمته ووضع مولاه ومخلصه ومنقذه يسوع المسيح عليه السلام في المرتبة الثالثة . لماذا ؟ هل أخذ رشوة ؟!!

  وليم مكنيل يعتبر محمد صلى الله عليه وسلم مستحقاً لشرف وضعه في قائمته وفي أول ثلاث أسماء في القائمة . لماذا " هل أخذ رشوة " ؟!!

  جيمس جافين وضع محمد صلى الله عليه وسلم قبل المسيح عليه السلام . لماذا ؟ هل أخذ رشوة ؟!!

  جيمس ماسيرمان ( اليهودي ) اعتبر محمداً صلى الله عليه وسلم بطله الأول وموسى عليه السلام بطله الثاني لماذا ؟ هل أخذ رشوة ؟!!

   " هل لنا أن نفترض أن كل هذا المديح المتوهج لمحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا قطعة بائسة مـن الخداع الفكري – هراء –  أنا عن نفسي لا يمكنني أن أتخيل مثل هذا الافتراض . إن الفرد سيصاب بالضياع الفكري عندما يفكر في الجنس البشري لو أن الدجل والشعوذة زادت هكذا وانتشرت في العالم ؟ ([9]) لكن المستهزئين يشفقون ويأسون على أي شخص لديه أي شيء جيد ليقوله عن محمد صلى الله عليه وسلم أو عن الإسلام باعتبار أنه أخذ رشوة من العرب ([10]) .

  وهـم بذلك يضعون ثقة كبيرة فـي أشقائي . أنا أكرر : " هذا ممكن ولكنه غيـر محتمل ! " .

  وفي أثناء الحرب العالمية قامت النرويج باعتقال خائن واحد وقد تمت محاكمته بتهمة الخيانة وأعدم .

  إنه لأمر غير محتمل أن تنتج أمريكا والعالم الغربي بعد أن وصلوا إلى سن البلوغ سلالة من الخائنين تتغذى على دولارات بترول الشرق الأوسط .

  أرجوكم ألا تبخسوا قدر رجالكم الشرفاء الشجعان الذين بدون خوف أو مصلحة مستعدون أن يعانوا من القذف والطعن من أجل اقتناعهم في سبيل ما يؤمنون به . عيلنا جميعاً أن نشيد بهم .

  ويمكننا الآن وبعدالة أن نستنتج أن إله الرحمة الذي يعرف دائماً الجهود المخلصة لعباده إنما فقط يوفي بوعده لمحمد صلى الله عليه وسلم رسوله المختار حين قال " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ "  " الشرح : 44 " .

كأنما هي قوة خفية جعلت الأصدقاء والأعداء على السواء يقدموا إجلالهم غير المستجدي للرسول القوي المبعوث من عند الله وكذلك فعل جنود ( الخالق ) القدير حتى الشيطان نفسه دخل في خدمة الرسول كما فعل في عهد المسيح .

  ( إنجيل متى 4 : 1 - 11 ) حتى الشيطان ينطق أحياناً بالحقائق ([11]) .

  ويستشهد البروفيسور ك .س راماكرشنا راو الفيلسوف الهندوسي في كتابه ( محمد رسول الإسلام ) ([12]) برئيس الشيطان نفسه – نعم – أدولف هتلر ليثبت العظمة المنفردة لمحمد صلى الله عليه وسلم .

  ومثل ماسيرمان الذي قيم رسول الإسلام على ثلاث أسس انظر ص 42 - 47 فقد رأى البروفيسور راماكرشنا راو أيضاً في كتاب هتلر المسمى " كفاحي " جوهرة ذات ثلاثة وجوه ، وامتيازاً نادراً ذلك الذي وجد في بطلنا موضوع المناقشة . فيستشهد بهتلر فيقول ( نادراً ما يكون رجل النظريات العظيمة قائداً عظيماً ولكن الداعية المؤثر هو أكثر احتمالاً لأن يملك هذه المتطلبات والمؤهلات ولذلك فهو دائماً ما يكون قائداً عظيماً لأن القيادة أو الزعامة تعني القدرة على تحريك الجماهير البشرية . الموهبة في تصدير الأفكار لا تشترك في شيء مع القدرة على الزعامة ويستمر هتلر في كلامه .. إن اتحاد القدرة على وضع النظريات والتنظيم والقيادة في رجل واحد ، هو أندر ظاهرة على وجه الأرض ففي تلك الحالة تكون العظمة " .

  ويستنتج البروفيسور " راو " من ذلك فيقول في كلماته هو " في شخص رسول الإسلام رأى العالم أندر ظاهرة على وجه الأرض متمثلة في إنسان من لحم ودم " .

  شارك في الغضب Share The Anger

  قبل أن يهاجم أي شخص البروفيسور ([13]) ويتهمه بالتحيز الغير ضروري وبالرشوة دعوني أضيف أسماء الآخرين من المعجبين بمحمد صلى الله عليه وسلم .

  1- " كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الرأفة والطيبة بعينيها والذين من حوله كانوا يشعرون بتأثيره ولم ينسوه أبداً " . ديوان شاندشارمة . باحث هندوسي ، وذلك في كتابه رسل الشرق سنة 1935 ص 122 .

  2- " ولد في مكة في جزيرة العرب سنة 569 بعد الميلاد – وبعد أربع سنوات من وفاة يوستنيانوس الأول – الرجل الذي كان له أعظم تأثير على الجنس البشري من بين جميع الرجال ، محمد صلى الله عليه وسلم " .

  جون وليم درايو طبيب ودكتور في الحقوق في كتابه " تاريخ التطور الفكري الأوربي " . لندن 1875 .

  3- " إنني أشك أن أي إنسان لا يتغير رغم التغيرات الكبيرة في ظروفه الخارجية ، كما لم يتغير محمد ، لكي يلائم ويوافق هذه التغيرات " .

  ر . ف . ك بودلي في " جريدة الرسول " لندن سنة 1946 ص 6 .

  4- " لقد درست الرجل الرائع وفي رأيي أنه يجب أن يدعى منقذ البشرية فهو بعيد كل البعد من أن يدعى ضد المسيح " .

  جورج برنارد شو في ( الإسلام الصادق ) ج1 سنة 1936 .

  5- " من حسن الحظ إنه لأمر فريد على الإطلاق في التاريخ إن محمد مؤسس لثلاثة أشياء : الأمة والإمبراطورية والدين " .

  ر . بوزوورث – سميث في كتاب محمد والمحمدية سنة 1946 .

  6- " لقد كان محمد الأكثر توفيقاً من بين جميع الشخصيات الدينية " .

دائرة المعارف البريطانية الطبعة 11 .


 

الفصل الثاني

من التاريخ الماضي

Form The Historical Past

 

ليس من الصعب تقديم الكثير مما كتبه المعجبين والنقاد في مدح محمد صلى الله عليه وسلم . فالبرغم مـن موضوعيتهم فإن العقول المريضة تستطيع دائماً أن تجد طريقها إلى الطعن .

فليسمح لي القراء أن آخذهم معي لكي نغوص في تاريخ الماضي السحيق .

منذ مائة وخمسون سنة وفي يوم الجمعة الموافق الثامن من مايو سنة 1840م وفي الوقت الذي كان يعتبر فيه أي قول حسن عن محمد صلى الله عليه وسلم جريمة وحيث كان الغرب المسيحي ينشأ على كراهية محمد صلى الله عليه وسلم ودينه بنفس الطريقة التي كان الكلاب يدربون بها في بلدتي على كراهية السود .

في هذا الوقت من الزمان ألقى توماس كارلايل وهو من أعظم مفكري القرن الماضي سلسلة من المحاضرات تحت عنوان الأبطال وعبادة الأبطال " .

المرض المتوارث

Developed Sickness

استعرض كارلايل في بداية حديثه هذا التعصب الأعمى ورجع في ذلك إلى أحد عمالقة الأدب وهو رجل الدولة والعالم الهولندي هوجو جروتيوس ( Hugo Grotius ) ([14]) والذي كان قد كتب مقالة حاقدة وبذيئة عن نبي الإسلام . وقد اتهم النبي الكريم كذباً بأنه كان يقوم بتدريب الحمام على التقاط الحبوب من أذنيه حتى يستطيع بهذه الحيلة أن يوهم الناس أن روح القدس ( جبريل عليه السلام ) قد جاءه على شكل حمامة ليوحي إليه برسالة الله والتي دونها بعد ذلك في كتابه المقدس المسمى بالقرآن . وبالطبع فإن جروتيوس كتب هذه الرواية الزائفة بوحي من قراءاته التي تأثر بها في الإنجيل .

( فلما اعتمد يسوع صعد للوقت في الماء . وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه ) ( إنجيل متى 3 : 16 )

أين الدليل Where’s The Authority

وقد أراد بوكوك Pococke وهو أحد المفكرين المحترمين في هذا الوقت مثل " توما الشكاك " في إنجيل يوحنا ( 20 : 25 ) ([15]) برهانا لرواية محمد صلى الله عليه وسلم والحمام والحبوب . وكانت إجابة جروتيوس له : " لا يوجد برهاناً ! " .

لقد أراد فقط اختراع هذه الحكاية لكي يقدمها لجمهوره . فقد كانت نظرية " الحمام والحبوب " بالنسبة إليه وإلى جمهوره أكثر قبولاً من قصة ملك الوحي " جبريل عليه السلام " الذي كان يبلغ محمد صلى الله عليه وسلم وحي الرسالة . وقد عصرت هذه الأباطيل قلب كارلايل .

  النبي البطل The Hero Prophet

  ولقد كان كارلايل رجلاً عبقرياً أنعم الله عليه بموهبة الربط بين الأشياء فأراد بطريقته الخاصة أن يضع الحقائق في نصابها . فخطط لأن يلقي محاضرة اختار لها عنوان استفزازي هو " عندما يكون البطل نبياً " واختار نبيه البطل ليكون أكثر الرجال المفترى عليهم في عصره ( أي عصر كارلايل ) محمد صلى الله عليه وسلم . وإنه لم يختر موسى أو سليمان داود أو عيسى ( عليهم جميعاً الصلاة والسلام ) وإنما محمد صلى الله عليه وسلم . ولكي يهدئ ويسترضي رفقاءه من أبناء بلده وأغلبهم من الانجليكانيين Anglican المنتمين إلى كنيسة انجلترا فقد أبدى اعتذاره قائلاً : " وحيث أنه ليس هناك خوف من أن يصبح أي واحد منا محمدياً ([16]) ، فيمكنني إذن أن أذكر كل محاسنه بكل عدالة ممكنة " .

  وبتعبير آخر فإنه لا خوف عليه ولا على جمهور مستمعيه في أن يتحولوا إلى الدين الإسلامي وهو بذلك ينتهز الفرصة ليعطي لمحمد صلى الله عليه وسلم بعض المديح الذي يستحقه . هذه الفرصة التي لم يكن لينتهزها لو كانت لديه أية مخاوف حول شدة إخلاص مستمعيه لعقيدتهم .

  وفي هذا العصر المليء بالكراهية والحقد تجاه كل ما هو إسلامي قام كارلايل بكشف وإظهار الكثير من الحقائق الوهاجة حول بطله محمد صلى الله عليه وسلم لجمهور مستمعيه المليء بالشك والميل للسخرية " فللمستحق للمديح " هناك بلا شك مديح . فذلك هو ما يعنيه الاسم المجرد ( محمد ) وهو الشخص الممدوح أو المثنى عليه أو المحمود المستحق المديح والثناء والحمد .

  وقد استخدم كارلايل في بعض الأحيان كلمات وتعبيرات لم تكن لترضي وتسعد المسلمين المؤمنين ولكننا نلتمس له العذر في ذلك فقد كان يسير على حبل ثقافي مشدود وقد نجح في ذلك بتفوق .

  وقد أثنى كارلايل على بطلنا ( محمد صلى الله عليه وسلم ) كثيراً بحرارة وحماس وقام بالدفاع عنه ضد الاتهامات الكاذبة التي اتهمه بها أعداؤه وهذا بالضبط ما قام به النبي ( محمد ) مع عيسى عليه السلام وأمه ([17]) .

  إخلاصه وصدقه His Sincerity

(أ‌)   إن إخلاص الرجل العظيم هو أمر لا يمكنه التحدث عنه ومع ذلك فإنني أعتقد أنه كان مدراكا لمعنى عدم الإخلاص والصدق . فهل هناك أي رجل يمكن أن يلزم نفسه بالصدق والإخلاص ليوم واحد ؟ أبدا فالرجل العظيم لا يتباهى بالصدق والإخلاص ولا يدعيهما لنفسه على العكس من ذلك فهو لا يسأل نفسه حتى ما إذا كان مخلصاً وصادقاً أم لا . بل إنني أميل إلى القول بأن صدقه وإخلاصه لا يعتمدان على ذاته ونفسه وأنه ما كان يستطيع أن يكون إلا صادقاً ومخلصاً " أ . هـ ( الأبطال وعبادة الأبطال ص 59 ) .

(ب) الروح العظيمة الصافية : فقد كان واحداً من هؤلاء الذين لا يستطيعون إلا أن يكونوا في جد دائماً هؤلاء الذين جبلت طبيعتهم على الإخلاص بينما يتخذ الآخرون من الأقوال المأثورة والصيغ الدينية مرشداً لهم في طريقهم .

فلم يقم هذا الرجل بإحاطة نفسه داخل إطار من الأقوال والصيغ الدينية ولكنه تفرد مع روحه ومع حقيقة الأشياء يستمد منها ما نطلق عليه الإخلاص شيء يملكه أسمى من طبيعة البشر فقد كانت كلمة هذا الرجل صوت ينبعث مباشرة من قلب الفطرة نفسها . فإن الناس يصغون إليها كما لا يصغون إلى شيء آخر وحري بهم أن يفعلوا فكل ما عدا هذا إنما هو بالمقارنة إليه هباء ومنثوراً " .

( الأبطال وعبادة الأبطال ص 71 )

ولم يكن بوسع كارلايل أن يجد الفرصة في خلال حديثه الطويل إلى مستمعيه لكي يخبرهم عن المصادر التي استقى منها استدلالته واستنتاجاته . وسوف أسرد عليكم مجرد حادثة واحدة من حياة النبي وهي حادثة تعكس الدرجة العالية التي وصل إليها إخلاصه ( صلى الله عليه وسلم ) في تسجيل الوحي القرآني إليه حتى ولو بدا أن القرآن يؤنبه بسبب بعض حماسته الطبيعية والبشرية .

الذكر كما أنزل

كان ذلك في مكة في الأيام الأولى للدعوة وكان محمد صلى الله عليه وسلم في محاولته لكسب رؤساء قبيلة ( قريش ) تعاليم الإسلام وفي أثناء حديثه مع أحد هؤلاء الرؤساء والذي كان يتظاهر بالإصغاء إليه حاول رجل أعمى يُدعى عبد الله بن أم مكتوم أن يتدخل في المناقشة محاولاً بذلك جذب الانتباه إليه ([18]) .

صمت الرسول المبارك صلى الله عليه وسلم بينما الأفكار تدور في عقله بلوم الأعمى عن عدم صبره الذي قد يتسبب في عدم إقناع هذا الرئيس وقد تؤدي إلى عدم دخوله الإسلام أعتقد أن هؤلاء الرجال قليلي الأهمية مثل هذا الأعمى لا يحق لهم السؤال في مثل هذه الأحوال .

ألم يختاره الله سبحانه وتعالى وشرفه بهذه الآيات المسجلة في القرآن الكريم .

" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( القلم : 4 ) .

  عبس وتولى He Frowned

وفي عرض هذه المناقشة مع رجال القبائل أرسل الله سبحانه وتعالى إليه جبريل الملاك المنوط بالوحي بهذه الآيات الكريمة " عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى " ( عبس 1 - 4 ) ([19]) .

وبالطبع فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يحب مقاطعة الأعمى للمحادثة .

ومن الطبيعي أيضا أن تكون مشاعر هذا الرجل الفقير قد جرحت . ولكن صاحب القلب الكريم المتعاطف مع الفقراء أوحي إليه من ربه في هذا الأمر . وبدون أدنى تردد قام على الفور بنشر هذه الآيات على الجميع لتحفظ إلى الأبد !

وفي كل مرة كان يقابل هذا الأعمى كان يتلقاه باللطف والرأفة وبالشكر لأن ربه قد عاتبه فيه . وقد قام الرسول الكريم بتولية عبد الله بن أم مكتوم على المدينة مرتين أثناء غيابه عنها ( في الغزوات والحروب ليقيم الصلاة بها ) . هكذا كان الإخلاص والعرفان بالجميل لنبي كارلايل البطل محمد صلى الله عليه وسلم .

أمانته His Fidelity

( إنها لمودة غير محدودة ... فلم ينس أبداً زوجته السيدة خديجة فقد حدث بعد ذلك أن السيدة عائشة زوجته الصغيرة المفضلة وهي المرأة المميزة بين المسلمين في جميع صفاتها وأساليب حياتها الطويلة مع الرسول صلى الله عليه وسلم حدث أن سألته هذه السيدة الشابة الذكية ألست أفضل من خديجة الأرملة العجوز ؟ هل تحبني أكثر مما كنت تحبها ؟ ويجيبها الرسول الكريم لا والله ! لا والله فقد آمنت بي حين كذبني الناس وإذا كان لي صديق واحد في هذه الدنيا كلها فقد كانت هي هذا الصديق ) .

  ( كتاب الأبطال وعبادة الأبطال ص 76 )

  كان الأسهل عليه أن يصد غواية الشيطان من أن يستسلم لغيرة زوجة شابة محبة وذكية وجميلة مثل عائشة الصديقة رضي الله عنها .

  لماذا لم يُسمعها معسول الكلام فلم يكن ذلك ليضر أحداً حتى روح السيدة خديجة رضي الله عنها لم تكن لتُضر بذلك ؟

  ولكن ليس هناك كذب بريء أو أبيض عند محمد صلى الله عليه وسلم . إن مثل هذه الحوادث الصغيرة من هذا النوع تظهر لنا الرجل العبقري الكريم أخو البشرية الذي أنار الطريق خلال أربعة عشرة قرناً من الزمان .. الأمين لأمنا المشتركة .

الصادق الأمين Al (Ameen) The Faithful

أ- " رجل الصدق والأمانة – صادق فيما فعله- صادق في كلامه – وفي أفكاره – وقد لاحظوا أنه دائماً يعني ويقصد شيئاً معيناً بما يقوله . رجل الكلمة – لا ترد كلمته – يلزم الصمت عند الضرورة ولكنه عندما يتحدث فحديثه الحكمة والإخلاص والصدق . ودائماً يلقي الضـوء على المسألة التي يتحدث فيها . فهذا هـو النوع الوحيد للحديث الذي يستحق التحدث به " .

( كتاب الأبطال وعبادة الأبطال ص 66 )

ب- " من الطبيعي أن محمداً قد أغضب قريشاً سدنة الكعبة المشرفين على الأصنام . رجل أو اثنين من ذوي التأثير انضموا إليه . انتشر الدين ببطء ، لكنه كان ينتشر . فمن الطبيعي أن يثير غضب الجميع " ([20]) .

( الأبطال وعبادة الأبطال ص 77 ) .

ج- ليس رجلاً معسول اللسان ، بل شديد القـول إذا لزم الأمر ([21]) إنه لا يتظاهر بالأمور .

كانت غزوة تبوك شيئاً كثيراً ما يتحدث عنه . فقد رفض بعض رجاله أن يخرجوا في هذه الغزوة بعذر حرارة الجو وموسم الحصاد .. إلخ إنه لم يستطع أبداً نسيان ذلك . إن الحصاد يستغرق يوماً واحداً . ماذا سيحدث لمحصولكم في النهاية ؟ وماذا عن حرارة الجو ؟ نعم – لقد كان الجو حاراً لكن " نار جهنم أشد حراً ! "

( كتاب الأبطال وعبادة الأبطال ص 95 ، 96 ) .

" أحياناً ينفـع التهكم أو السخرية الخشنة : فهـو يقول للكفار سوف تكـون موازينكم خفيفة ! " .

  يجب أن تتذكر أن توماس كارلايل قال تلك الكلمات والمزيد لمستمعين مسيحيين في إنجلترا أذهلتهم وصدمتهم تلك الكلمات منذ ( 150 ) سنة .

  التاريخ لم يسجل لنا المناقشات الحية التي من الطبيعي أن تكون أثارتها محاضرته . لقد ظل عند وعده . أنا أريد أن أتكلم عن كل الخير فيه ( رسوله البطل ) بقدر ما أستطيع . واستمر في حديثه يدافع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد التهم المزيفة والافتراء والتشويه الذي رماه بها أعداءه .

  تهمة الخداع Charge of Falsity

  4- أ- " رجل مخادع يؤسس ديانة ؟ لماذا ؟ لا يستطيع الرجل المخادع أن يبني بيتاً من الآجر ( الطوب ) ! إذا لم يكن يعلم كيفية البناء . حتى ولو تتبع خصائص الملاط والطين المحروق وكل شيء آخر وتوفرت له هذه الأشياء سوف تكون نتيجة عمله كومة من النفاية ( الرابش ) وليس منزلاً . ولا يمكن لهذه الكومة أن تصمد لمدة اثني عشرة قرناً من الزمان ([22]) وأن يهدي إليها مائة وثمانين مليوناً ([23]) ولكنه سينهار على الفور . المخادعون ([24]) يفتضحون . وهذا يشبه النقود المزيفة تمر من أيدي المزيفين والآخرون هم الذين يتعين عليهم اكتشافها . تحترق وتنفجر الطبيعة بشعلات مضيئة .. فالثورة الفرنسية وما شابهها انطلقت تصرخ بالحقيقة المرعبة .. إن النداء الزائف ليس إلا زيفاً " .

  ( الأبطال وعبادة الأبطال ص 58 )

  4- ب- إن النظرية أو الرأي الذي يقول أن محمداً كان مدعياً للنبوة تعارضها بشدة حقيقة أنه عاش حياته بهذا الأسلوب الرائع والهادئ تماماً في هذا المكان العادي وفوق كل النقد أو الاعتراض حتى ذهبت زهرة شبابه . فقد كان في الأربعين قبل أن يتحدث عن أي مهمة من السماء . وقد كان كل طموحه على ما يبدو حتى هذه اللحظة هو أن يحيا حياة شريفة وكل ما كان يرجوه من " شهرة " هو مجرد السمعة الطيبة التي يعرفه بها جيرانه " .

  ( الأبطال وعبادة الأبطال ص 70 )

  4- ج- " الطموح ؟ ماذا كان في استطاعة العرب بأسرهم أن يعطوا هذا الرجل ؟

  تاج هرقل الروماني وكسرى الفارسي بل كل تيجان الأرض ؟

  ماذا كان من الممكن أن تساوي بالنسبة له ؟ لم تكن من الجنة العالية أو جهنم السفلى . كل التيجان والملوك والممالك ما هو مصيرهما بعد سنوات قليلة ؟ هل كان يطمح في أن يكون شيخ مكة وجزيرة العرب وفي يده قطعة خشب مذهبة ؟ . هل في هذا خلاص البشر وإنقاذهم ؟ لا أعتقد ذلك .. إننا يجب علينا أن نتخلى كلية عن هذه النظرية أو الرأي القائل بأن محمداً كان مدعي النبوة باعتبارها غير جديرة بالتصديق وغير محتملة أيضاً وتستحق في المقام الأول أن ننبذها " ([25])

  ( الأبطال وعبادة الأبطال ص 72 )

  تهمة الخطيئة Charge of Sinning

  5- الخطايا ؟ في رأيي أن أعظم الخطايا هو ألا تكون على دراية بأي منها ولا تشعر بها في ضميرك . حسب اعتقادي كان يجب على قارئي الكتاب المقدس أن يعلموا أفضل من غيرهم من الذي سُمي هناك باسم " الرجل طبقاً لرغبة الله " إنه داوود الملك العبري الذي سقط في زعمهم في الخطايا وأسود الجرائم ([26]) .

  لم تكن هناك حاجة إلى الخطايا .. ومن ذلك يسخر المشركون ويسألون هل هذا رجلكم  الذي يسير وفق رغبة الله ؟ .

  ويجب أن أقول أن السخرية تبدو لي مجرد سخرية سطحية .

  ما هي الخطايا ؟ ما هي التفاصيل الخارجية للحياة لو أن سرها الداخلي والندم والإغراءات والحق والمعوقات الدائمة – صراعات الحياة اللانهائية لو أن كل ذلك ينسى . أنه ليس للإنسان أن يوجه خطواته من تلقاء نفسه .

  ومن بين كل الأعمال أليست التوبة هي الأحسن بالنسبة للإنسان .. إن الخطيئة المميتة في رأيي هي الإحساس المتكبر بأنه ليس لك خطايا . هذا هو الموت بعينه . القلب المتجرد – وهو في كامل إدراكه – من الإخلاص والتواضع والحق هو قلب ميت .. إنه " مجرد " مثل الرمل الجاف الميت هو مجرد " .

  ( الأبطال وتمجيد الأبطال ص 61 )

  تهمة حد السيف Charge Of The Sword

  تعتبر أكبر جريمة وأكبر إثم لمحمد صلى الله عليه وسلم في نظر الغرب المسيحي أنه لم يسمح لنفسه أن يقتل أو " يصلب " بيد أعداءه .

  فقد تمكن مـن الدفاع عن نفسه وعن أسرته وعن رفاقه وأتباعه وأخيراً تغلب على أعداءه .

  إن نجاح محمد قد أصاب المسيحيين بخيبة أمل .. إنه لم يؤمن بالتضحية العوضية من أجل خطايا الآخرين . وكانت معتقداته وتصرفاته موافقة للفطرة .

   " وفي حالة الفطرة فلكل فرد الحق في الدفاع عن نفسه وعن ممتلكاته وأن يمد عداءه بالقدر المعقول من الرضا والارتياح " .

  وهذه المقالة السابقة لأستاذ المؤرخين جيبون في كتابه ( صعود وسقوط الإمبراطورية الرومانية ) .

  إن كفاحه وانتصاره على قوى الشر والكفر جعل ناشري دائرة المعارف البريطانية يعلنون أن محمد صلى الله عليه وسلم يعتبر " الأكثر نجاحاً من بين جميع الشخصيات الدينية " . فكيف إذن يمكن لأعداء الإسلام أن يعللوا إنجازات محمد التي كانت تمثل ظاهرة في حد ذاتها إلا بزعمهم أنه نشر عقيدته بحد السيف ؟ وأنه فرض الإسلام على الناس فرضاً وأكرههم عليه إكراها ؟

  6- " مع ذلك فقد كشف التاريخ أن الأسطورة التي تزعم أن المسلمين المتعصبين زحفوا على العالم يفرضون الإسلام بالقوة على أجناس الدولة المفتوحة هي واحدة من أكثر الخرافات والأساطير التي رددها المؤرخون سخافة "  " الإسلام في مفترق الطرق " دي لاسي أوليرى . لندن سنة 1923 ص 8 .

  وليس عليك أن تكون مؤرخاً مثل أوليرى لكي تعلم أن المسلمين حكموا أسبانيا 736 سنة . وهي مدة أطول من حكم المسيحيين على الرعايا المسلمين في موزمبيق التي كانت 500 سنة . وقد استولى عليها المحتلون البرتغاليون من حاكم عربي اسمه موسى بن بَيق وكان من الصعب عليهم نطق الاسم فحرفوه إلى موزمبيق .

  وحتى اليوم وبعد خمسة قرون من الحكم المسيحي فلا يزال المسلمين يشكلون نسبة 60% من هذا البلد . وبعد حكم الإسلام لأسبانيا والذي دام ثمانية قرون فقد تم استئصال وتصفية المسلمون تماماً مـن أسبانيا حتى أنه لم يتـرك رجل واحد ليقوم بالأذان ( نداء المسلمون للصلاة ) .

  فلو كان المسلمون قد استعملوا القوة سواء كانت العسكرية أو الاقتصادية عند حكمهم أسبانيا لم يكن ليبقى مسيحي واحد في أسبانيا ليقوم بطرد وتصفية المسلمين بعد ذلك .

  ومن الممكن أن تلوم المسلمين على الاستغلال إذا أحببت ذلك ولكن أحداً لا يستطيع أن يتهمهم باستعمال السيف ليحولوا الأسبان عن عقيدتهم إلى الدين الإسلامي .

  ولا يزال الإسلام اليوم ينتشر في جميع أنحاء العالم مع أن المسلمين لا يملكون سيفاً .

  المسلمين كانوا أيضاً أسياد الهند ([27]) لألف سنة لكن مؤخراً عندما حصلت شبه القارة الهندية على استقلالها مؤخراً في عام 1947 فإن الهندوس حصلوا على ثلاثة أرباع الدولة بينما حصل المسلمون على الربع الباقي ([28]) لماذا ؟ لأن المسلمون لم يجبروا الهندوس على الإسلام في إسبانيا والهند . المسلمين لم يكونوا دائماً مثالاً للفضيلة لكنهم أطاعوا الوصية القرآنية بالحرف .

  ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ( البقرة : 256 ) .

  ولقد فهم المسلمون الفاتحون مـن هذا الأمر أن " الإكراه " لا يتوافق مع الدين الحق لأن :

  أ- الدين يعتمد على الإيمان والإرادة وهذه ستكون بلا معنى لو حدثت بالقوة . القوة قد تهزم ولكنها لا تحول .

  ب- لقد بين محمد ( صلى الله عليه وسلم ) رحمة الله للعالمين ، الحق والباطل حتى أنه لا يحب أن يكون هناك أي شك في عقل أي شخص ذو نية حسنة فيما يتعلق بأصول الإيمان .

  ج- حماية الله مستمرة وخطته هي دائماً أن يقودنا مـن أعماق الظلام إلى أوضح الأنوار ([29]) .

  باستثناء بعض الشواذ هنا وهناك . فإن المسلمون عامة ظلوا على وصية الله في الأرض وساروا على نهجها .

  لكن ماذا يستطيع أن يقول الأعداء عـن البلاد التي لم يضع جندي مسلم واحد عليها قدمه ؟

  1- إندونيسيا : يوجد بها أكثر من 100 مليون إندونيسي مسلمين لكن لا يوجد جيش إسلامي فاتح أبداً ذهب إلى أي من جزرها الألفين ([30])

  2- ماليزيا : الأغلبية العظمى من شعبها مسلمين بالرغم من أنه لا يوجد جندي مسلم واحد قد دخلها أيضاً .

  3- إفريقيا : أغلبية الشعوب على الساحل الشرقي لإفريقيا حتى موزمبيق جنوباً وأيضاً معظم السكان على الساحل الغربي للقارة مسلمين لكن التاريخ لم يسجل أي جيوش مسلمة مهاجمة في أي مكان .

  أين كان هذا السيف ؟

  التاجر المسلم قام بالمهمة ( بالقدوة الحسنة ) – أخلاقه الحسنة – سلوكه الأخلاقي المستقيم حقق معجزة الهداية إلى الإسلام .

  يقول المجادل المسيحي : كل ما تقوله يبدو أنه لا جدال فيه يا سيد ديدات ولكننا نتكلم عن الإسلام في بداية الطريق التي حول بها رسولكم الوثنيين لدينه ، كيف فعلها لو لم يكن بالسيف ؟ "

  واحد في مقابل الجميع One Against All

  ليس بوسعنا أفضل من أن نسمح لتوماس كارلايل نفسه بالدفاع عن نبيه البطل ضد هذه التهمة الكاذبة .

  7- " السيف بالفعل : لكن من أين ستأتي بسيفك !! كل فكرة جديدة في بدايتها تكون تماماً " قاصرة على واحد " في عقل رجل واحد وحده .. وهناك تكمن لأنه حتى تلك اللحظة يكون هناك رجل واحد في العالم كله يصدقها . إنه رجل واحد في مقابل الجميع . أن يأخذ سيفاً ويحاول أن ينشر به هذه الفكرة ، لن يجدي إلا قليلاً . يجب أولاً أن تدافع عن نفسك بسيفك وعامة سينتشر الشيء بنفسه بعد ذلك إذا كان يستطيع . ونحن لا نجد أن الدين المسيحي أيضاً دائماً يترفع عن استعمال السيف عندما حظى به يوماً . وعندما حوَّل " شارلمان " الساكسونيين إلى المسيحية فإن ذلك لم يكن بالوعظ " .

  ( الأبطال وعبادة الأبطال ص 80 )

  في سن الأربعين عندما أعلن محمد رسالته السماوية لم يكن هناك فريق سياسي أو ملكية وبالتأكيد لا عائلة أو قبيلة تسانده .

  إن قومه العرب الذين كانوا منغمسين في عبادة الأصنام واللجوء إلى السحر لم يكونوا بأية حال قوم طيعين وسهلي المراس ولم يكونوا لقمة سائغة لقد كانوا قوماً متقلبين معتادين على الحروب المميتة الأهلية وعرضة " لجميع أنواع الإخلاص الوحشي علـى حد تعبير دي كارلايل " .

  إن رجلاً واحداً لا يحتاج لأقل من معجزة لكي يصلح وحده مثل هؤلاء القوم . وقد وقعت المعجزة . الله وحده هو الذي نصر الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم بالمساندة الرقيقة الوديعة .

  وصدق الله وعده إذ يقول في كتابه " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " ( الشرح : 4)


 

الفصل الثالث

أسرع الأديان نمواً اليوم

Fastest Growing Religion Today

 

سيف العقل The Sword of The Intellect

  لن يتوقف أعداء الإسلام الشكوكيين والمبشرين بالمسيحية ( المنصرين ) وأتباع حملتهم السلبيين عن القول الأحمق بأن " الإسلام انتشر بحد السيف " . لكنهم لن يجرؤا أن يجيبوا على سؤالنا من قام برشوة كارلايل سنة 1840م . عندما دافع كارلايل عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ضد هذا الادعاء عن السيف لم يكن هناك أحداً حوله ليرشيه .

  العالم الإسلامي بأسره كان في الدرك الأسفل من الحضارة .

  كانت بلاد الإسلام كلها خاضعة تحت الاحتلال من قبل المسيحيين ماعدا القليل منها مثل إيران وأفغانستان وتركيا الذين كانوا مستقلين اسماً فقط ولم يكن هناك ثروة للتباهي بها ولا دولارات البترول ليرشوا بها .

  لقد كان ذلك بالأمس وفي الماضي القريب . لكن ماذا عن اليوم في الأزمنة الحديثة ؟

  لقد ثبت أن الإسلام أسرع الأديان نمواً في العالم كما هو مبين في الجدول الذي يظهر في الصفحة التالية .

  إن إجمالي الزيادة لكل الطوائف والملل المسيحية كانت مذهلة 138 % .

  مع الزيادة التي لا تصدق للإسلام . وهي 235 % في نفس المدة من الوقت وهي نصف قرن . ولقد تأكد أن الإسلام هو أسرع الأديان نمواً في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية .

نصف  قرن حاسم فيما يتعلق بالديانات

( تأليف كيث و . ستامب )

  نحن نلقي الضوء على أهم تطورات الأديان الكبرى في العالم سنة 1934م – 1984م .

العدد عام 1984 (2)                                          العدد عام 1934 (1)

البوذية

المسيحية

الكاثوليكية

البروتستانتية

الأرثوذكسية

الشرقية

الديانة

63%

زيادة

47%

زيادة

70%

زيادة

57%

زيادة

36%

نقص

النسبة المئوية

للعدد في 1984

بالنسبة للعدد

 في 1934

الكونفوشيوسية

الهندوسية

الإسلام

اليهودية

لشبنتوية

الديانة

 

13%

نقص

 

117%

زيادة

 

235%

زيادة

 

4%

نقص

 

152%

زيادة

النسبة المئوية

للعدد في  1984

للعدد في 1934

(1) المصدر : التقويم العالمي وكتاب الحقائق 1935 مجلة الحق الواضح .

(2) المصدر : التقويم والكتاب السنوي لمجلة " ريدرز دايجست " 1983 .

لقـد قيـل أن " المسلمين فـي بريطانيا " أكثر مـن طائفـة المثوديين أو " المنهجيين " ( Methodists ) في هذا البلد .

ولك الحق في أن تسأل " أي سيف ؟ " الجواب هو أنه " السيف بالفعل ! " ([31]) ( كما قال كارلايل ) إلا أنه سيف العقل !

إنه تحقيق لنبؤة أخرى أيضاً :

قال تعالى :

 " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً " ( الفتح : 28 )

وقد وصف هنا قدر الإسلام في أوضح تعبير . سيسود الإسلام في العالم ويتغلب ويخلف وراءه كل دين آخر .

( ليظهره ) ( أي ليظهر الله القدير الإسلام ) على الدين كله . وكلمة دين باللغة العربية ( ومعناها الحرفي طريقة الحياة ) .

وأنه سيخلف وراءه جميع الأديان سواء كانت الهندوسية أو البوذية أو المسيحية أو اليهودية أو الشيوعية أو أي مذهب آخر هذا هو ما قدره الله لدينه .

وقد أعيد نفس النص القرآني في سورة الصف الآية 9 التي تنتهي بنهاية مغايرة طفيفة :

 " .. لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ " ( الصف : 9 )

إنتصار الإسلام Triumph Of Islam

الإسلام سيسود . إنه وعد الله ووعده حق ([32]) . لكن كيف ؟

بالسيف ؟ لا حتى ولو كان عندنا سلاح ذري . هو يمكننا استعماله ؟

القرآن الكريم يحرم علينا استخدام القوة كوسيلة للهداية !

لكن الآية تتنبأ بأن الإسلام سيكون الأكثر سيادة على جميع الأديان .

إن انتصارات تعاليمه وعقائده بدأت بالفعل . وهو الآن بدأ يتحكم في الفكر والتعاليم والعقائد الدينية لمدارس الفكر المختلفة في العالم .

ليس باسم الإسلام ولكن باسم التحسين والإصلاح الديني فإن الطوائف الدينية المختلفة بدأت تتطعم بسرعة بتعاليم وعقائد الإسلام وهناك أشياء كثيرة تناولها مقصور على الإسلام ولم تكن معروفة من قبل أو كانت من قبل تعارض بضراوة ( بشدة ) من العقائد الأخرى أصبحت الآن جزء من معتقداتهم .

- إخاء الإنسان .

- إلغاء نظام الطبقات المتعلقة والمنبوذة .

- حق النساء أن ترث .

- فتح أماكن العبادة للجميع .

- تحريم كل المسكرات ([33]) .

- المفهوم الحقيقي لوحدانية الله .. الخ ([34])

تبقى كلمة واحدة أخيرة في الموضوع الأخير قبل أن ننتقل إلى الأمام :

إسأل أي موحـد أو المشرك ( المؤمن بعـدة آلهة ) أو المؤمن بوحـدة الوجود أو الثالوثي ([35]) . كم إله يؤمن به ؟ سيخاف أن يقول أي شيء غير واحد !!!

هذا هو تأثير التوحيد الصارم في الإسلام .

 " إن عقيدة محمد خالية من شبهة الغموض ، والقرآن دليل رائع على وحدانية الله "

( جيبون في كتابه صعود وسقوط الامبراطورية الرومانية )

رأي الشرقيين غير المسلمين

Verdict Of Non – Muslim

تقريباً كل المدافعين عن محمد صلى الله عليه وسلم الذين عارضوا النظرية الخاطئة بأنه نشر دينه بحد السيف كانوا غربيين .

دعونا الآن نسمع ما قاله بعض الشرقيين من غير المسلمين في هذا الموضوع .

أ- " كلما أدرس أكثر أكتشف أن قوة الإسلام لا تكمن في السيف " ماهاتما غاندي – أبو الهند الحديثة في " الهند الفتاة " .

ب- إنهم ( نقاد محمد صلى الله عليه وسلم ) يرون النار بدلاً من الضوء والقبح بدلاً من الحسن – إنهم يشوهون ويصورون كل صفة جيدة كأنها رذيلة عظيمة . إن هذا يعكس فسادهم الشخصي .

إن النقاد الذين تكسوهم الغشاوة لا يستطيعون أن يروا أن السيف الوحيد الذي استخدمه محمد كان سيف الرحمة والشفقة ، الصداقة والمغفرة . إنه السيف الذي يقهر الأعداء ويطهر قلوبهم . إن سيفه كان أكثر حدة من السيف المصنوع من الصلب .

بانديت جياناندرا ديف شارمة شاسترى في اجتماع بجوراكبور الهند سنة 1928هـ .

ج) لقد فضل الهجرة على محاربة قومه . ولكن عندما وصل الظلم والاضطهاد أبعد من نطاق الاحتمال حمل سيفه دفاعاً عن النفس . هؤلاء الذين يؤمنون أن الدين ممكن أن ينتشر بالقوة أغبياء لا يعلمون طرق الدين ولا طرق الحياة .

إنهم فخورين بهذا الاعتقاد لأنهم بعيدون كل البعد عن الحقيقة .

صحفي سيخى ([36]) في " نوان هندوستان " دلهي 17 نوفمبر سنة 1947 .

 " الشرق شرق والغرب غرب لن يلتقي الاثنين أبداً . إن كل الذين لم يعمهم التحيز سوف يلتقون في الدفاع عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) "

روديارد كيبلينج

 

ثلاث مقاييس أخرى

Three Other Standards

بعد 14 سنة من إلقاء توماس كارلايل لمحاضرته عن نبيه البطل ( محمد صلى الله عليه وسلم ) Hero Prophet كتب رجل فرنسي اسمه لامارتين Lamartine تاريخ الأتراك . وبما أن الأتراك مسلمون فقد تناول لامارتين بعض جوانب الإسلام ومؤسسه . وكما رأى جول ماسيرمان ( أنظر الفصل الأول من هذا الكتاب ) . في الوقت الحاضر ثلاث مقاييس موضوعية لاكتشاف عظمة القيادة ، فقد فكر لامارتين منذ قرن مضى في ثلاث مقاييس موضوعية أخرى لمنح العظمة . لا بد أن نعطي الفضل للغربيين لهذا النوع من نفاذ البصيرة .

ويعقتد لامارتين أن :

  (1) إذا كانت عظمة الغاية ، وقلة الوسائل والنتائج المذهلة هي المقاييس الثلاثة لعبقرية الإنسان فمن يجرؤ على مقارنة أي رجل عظيم في التاريخ بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟

وينهي لامارتين قطعته المطولة الأدبية الرائعة بالكلمات الآتية :

 " ... حكيم – خطيب – رسول – مشرع – محارب – هازم الأفكار الباطلة – ومُحيي المعتقدات العقلانية وعبادة بلا أصنام ولا صور – مؤسس 20 إمبراطورية دنيوية وإمبراطورية واحدة روحية ذلك هو محمد . وبالنظر إلى كل المقاييس التي يمكن أن تقاس بها عظمة البشر يحق لنا أن نسأل هل يوجد أي إنسان أعظم منه ؟

لامارتين ( تاريخ الأتراك ) باريس سنة 1854

الإجابة عن هذا السؤال : " هل يوجد أي إنسان أعظم منه ؟ " واضحة في السؤال نفسه ، ( إنه استفهام غرضه النفي ) فكأنه يقول ضمنا " لا يوجد إنسان أعظم من محمد .. ومحمد أعظم من عاش أبدا "

قال تعالى ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ( الشرح : 4 )

لقد فعلت يا ربي بكل التأكيد .

قبل أن نبرئ لامارتين من أي تحيز أو محاباة أو من تهمة تقاضي الرشوة نتفحص بدقة مقاييسه الثلاثة ونرى إذا كانت قد تحققت في محمد صلى الله عليه وسلم .

1- عظمة الغاية

Greatness Of Purpose

التاريخ سيقول لك إنها كانت أكثر فترة مظلمة في التاريخ البشري عندما أمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يشهر بدعوته ([37])

كانت هناك حاجة لبعث الرسل في كل ركن من أركان العالم أو إرسال رسول واحد سيد للجنس البشري كله ليخرجهم من الزيف وخرافة المعتقدات والأنانية والوثنية والخطأ والظلم .

ليكون إصلاحاً للبشرية كلها . والله القوي بحكمته اختار نبيه من مكان منعزل في جزيرة العرب ليكون رسولاً للعالمين ، لهذا يسجل في كتابه الشريف :

" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " ( الأنبياء : 107 ) .

الآن لم يعد هناك سؤال عن السلالة ولا الأمة ، ولا " الشعب المختار " أو عن " ذرية إبراهيم " ، أو " ذرية داود " أو عن طبقة النبلاء عند الهندوس أو اليهود أو الأميين أو العرب أو العجم أو الفرس أو عن الترك أو الطاجيك أو الأوربيين أو الآسيويين أو البيض أو الملونيين أو آرى أو سامي أو مغولي أو أفريقي أو أمريكي أو استرالي أو بولونيزي ( من سكان جزر بولونيزيا ) وتنطبق المبادئ على كل الرجال والمخلوقات المسؤولة دينياً بلا استثناء " ( عبد الله يوسف علي في ترجمته الانجليزية لمعاني القرآن الكريم ) .

يسوع ( عليه السلام )

Jesus ( PBUH ) Discriminates

إن سلف محمد صلى الله عليه وسلم المباشر ( أي عيسى عليه السلام ) نصح تابعيه قائلاً " لا تعطوا القدس للكلاب " ( يعني غير اليهود ) .

 " ولا تطرحـوا درركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم " ( متى 7 : 6 ) .

إن كتاب الإنجيل أجمعوا على أن المسيح عاش على المبادئ التي وعظ بها ودعا إليها . ولم يعظ أو يدع شخصاً واحداً غير يهودي في حياته . في الواقع لقد رفض بازدراء امرأة غير يهودية جاءت تلتمس شفاء ابنتها على يديه .

( وكانت المرأة أممية ( غير يهودية ) وفـي جنسها فينيقية سورية ) ([38]) ( مرقص 7 – 6 ) .

وأثناء موسم " عيد الفصح " عندما قام السيد المسيح وأتباعه بالاجتماع لهذه المناسبة في القدس جاءه بعض اليونانيين بعد أن سمعوا عـن شهرته وسمعته يلتمسون مقابلته للتنور الروحي . ولكن المسيح عليه السلام عاملهم " بجفاء " كما روى القديس يوحنا . " وكان أناس يونانيون من الذين صعدوا ليسجدوا في العيد . فتقدم هؤلاء إلى فيلبس الذي من بيت صيدا الجليل وسألوه قائلين يا سيد نريد أن نرى يسوع . فأتى فيليبس وقال لأندراوس ثم قال اندراوس وفيلبس ليسوع " ( يوحنا 12 : 2 – 22 ) .

تمجيد الذات Self Glorification

الآيات التالية لا تسجل الاذن بـ ( نعم – نعم ) أو ( لا – لا ) كما أوصى المسيح بالاكتفاء بهما ( بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد علي ذلك فهو من الشرير ) ( متى 5 : 37 ) .

بل تمضي الفقرات في مدحه :

 " وأما يسوع فأجابهما ( أي أندراوس وفيلبس ) قائلاً قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان " ( وهو يشير بذلك إلى نفسه ) ( يوحنا 12 : 23 ) .

أعلى المقاييس Highest Standards

تذكر كيف أن الله ذكر محمد صلى الله عليه وسلم بأفضل آداب العشرة المطلوبة منه . حتى فكرة تكديره من التطفل غير الملائم لرجل أعمى لم تقبل منه " أنظر فصل ؛ عبس وتولى " كرسول للعالمين جعل الله له أرفع وأنبل المقاييس .

" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ " ( ن : 4 )

وما هو نطاق دعوته ومجال بعثته ، إنها البشرية كلها !

" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " ( الأنبياء : 107 ) .

رسول لكل العالم Universal Messenger

هذه الأشياء ليست مجرد أمور تافهة وعواطف أو مشاعر جميلة مجردة من الأفعال . فقد طبق محمد صلى الله عليه وسلم ما وعظ به ودعا إليه . ومن بين الصحابة والمهتدين الأولين بخلاف العرب ، كان بلال الحبشي وسلمان الفارسي وعبد الله بن سلام اليهودي من الممكن أن يقول الشكوكيين أن امتداده كان ببساطة مصادفة لكن ماذا يستطيعون أن يقولوا عن الحقيقة التاريخية أنه قبل موته أرسل خمس رسائل واحدة إلى كل من البلاد الخمسة المحيطة ، يدعوهم إلى دين الإسلام .

1-          إمبراطور فارس .

2-          ملك مصر .

3-          نجاشي الحشة .

4-          إمبراطور الروم هرقل بالقسطنطينية .

5-          ملك اليمن .

وهو بهذا يضرب لنا مثلاً في تنفيذ رسالته السماوية و " عظمة الغاية " وإصلاح البشرية كلها بهدايتها للإيمان بالله . فهل يمكن أن يضارع أي دين آخر عالمية الإسلام . ولم يبعث محمد صلى الله عليه وسلم لكي يسجل أو يحطم أي أرقام قياسية وإنما بعث لكي يقوم بالمسئولية التي أسندها إليه رب العالمين !

2- قلة الوسائل Smallness of Means

لم يولد محمد صلى الله عليه وسلم وفي فمه معلقة من فضة .

إن حياته تبدأ برعاية محدودة . مات أبوه قبل أن يولد ، أما أمه فماتت ببلوغه السادسة من عمره . لقد كان يتيم الأبوين في هذه السن الحرجة . ثم يقوم جده عبد المطلب برعاية هذا الطفل لكنه يموت أيضاً بعد ثلاث سنوات . وما أن اشتد عوده حتى بدأ يرعى أغنام عمه أبي طالب من أجل طعامه .

قارن هذا الطفل الفقير اليتيم الأبوين – العربي ببعض الشخصيات الدينية العظيمة التي سبقته ولا بد أن تعجب على ما كان يخبئ له القدر .

إن إبراهيم عليه السلام الأب الروحي لموسى وعيسى ومحمد ( عليهم السلام ) كان ابن واحد من أنجح التجار في ذلك الوقت .

وموسى عليه السلام رُبي في بيت فرعون . أما عيسى عليه السلام فبالرغم من وصفه في بعض الأناجيل بأنه " النجار ابن النجار " إلا أنه كان لديه إمكانيات مادية وتعليمية جيدة .

إن بطرس وفيلبس وأندراوس إلخ تركوا جميعاً أعمالهم وتبعوه ليكونوا رهن إشارته وطوع أمره ليس لأنه كانت هناك أي هالة ([39]) فوق رأسه . لم يكن هناك شيء كهذا . لكن بسبب ملابسه الثمينة وعطاياه الكثيرة .

لقد كان بإمكانه أن يطلب لنفسه ولأتباعه قصوراً في القدس في ذروة العيد وأن يطلب تجهيز الولائم السخية . وكان بإمكانك أن تسمعه يوبخ اليهود الماديين .

 " ولما وجدوه في عبر البحر قالوا له يا معلم متى صرت هنا أجابهم يسوع وقال الحق أقول لكم أنتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات ([40]) بل لأنكم أكلتم الخبز فشبعتم " ( يوحنا 6 : 25 – 26 )

لا شيء ليقدمه Nothing To Offer

أما محمد عليه السلام فلم يكن يملك أي خبز أو لحم ليقدمه ولا مُسكرات من أي نوع لا في هذا العالم ولا في العالم الآخر !

والأشياء الوحيدة التي كان بوسعه أن يقدمها لقومه الرعاة الفقراء هي المحن والابتلاءات والقيود في حياتهم على الأرض والوعد بالملذات المرضية من الله في الآخرة .

إن حياة النبي كانت كتاباً مفتوحاً أمامهم . لقد عرف من لقوا محمد صلى الله عليه وسلم نُبل أخلاقه وكمال غايته وجديته وحماسته المشتعلة من أجل الحق الذي جاء يدعو إليه وأظهر بطولته فاتبعوه . إن تقييم السيد ستانلي لان بوول لبطلنا هو من الجمال والصدق بحيث أنني لا أستطيع مقاومة إغراء الاستشهاد به هنا : ( لقد كان مفعما بالحماسة لهذا المفهوم النبيل وعندما تصبح الحماسة ملح الأرض " يقصد خيار الإنسان " تكون الشيء الوحيد الذي يحفظ الناس من الفساد ما داموا أحياء " .

الحماسة غالباً ما تستخدم بخبث عندما ترتبط بهدف حقير أو تسقط على أرض جرداء فلا تحمل أي ثمار . لم يكن الأمر كذلك مع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . لقد كان مفعماً بالحماسة عندما كانت الحماسة الدينية الشيء الوحيد المطلوب ليحول الدنيا إلى شعلة متوهجة وحماسته هذه كانت نبية ولهدف نبيل .

لقد كان واحداً من هؤلاء القليلين السعداء الذين بلغوا قمة السعادة عندما جعلوا للحياة حقيقة واحدة عظيمة هي ينبوع حياتهم . لقد كان رسول الله الواحد ، ولم ينس أبداً حتى نهاية حياته من هو ولا رسالته التي كانت سبب وجوده . لقد وعى قومه إلى رسالته ، بشرف وكرامة نابعة من وعيه بمهمته الرفيعة وقام على أمرها بتواضع شديد الرحمة وتنبع أصوله من معرفته بضعفه الشخصي " .

من السهل أن يسلم بأن محمداً عليه الصلاة والسلام أنعم عليه بأرق الموارد البشرية . وفي الواقع النزعات كلها تجمعت ضده . لكن ماذا عن حظه في نهاية إقامته المؤقتة على الأرض ؟

لقد كان السيد المطلق على العرب أجمعين . وماذا عن الإمكانيات اللانهائية التي كانت تحت تصرفه وقتها ؟ سندع مبشر مسيحي يجيب عن ذلك .

 " لقد كان القيصر والبابا في شخص واحد لكنه كان بابا بدون خيلاء البابوات والقيصر بدون حشود القياصرة بدون جيش متأهب – بدون حاشية بدون قلعة بدون دخل ثابت . لو أن أي إنسان كان له الحق أن يدعى أنه حكم بالحق الإلهي فهو محمد . فقد كان يملك كل السلطات بدون أدواتها وبدون ما يدعمها "

( ر. بوسوورث سميث – محمد والإسلام ) لندن 1874 صفحة 92 ) .

العقبات التي قابلته His Handicaps

إن ( ضعفه ) كان قوته .

إن حقيقة أنه لم يكن يملك أي إمكانيات مادية لمساندته جعلته يضع ثقته التامة في الله . والله الرحيم لم يتخلى عنه ونجاحه كان مذهلاً .

أليس من حق المسلمين أن يقولوا بالعدل والإنصاف أن الإنجاز كله من صنع الله ؟ وكان محمد صلى الله عليه وسلم أداته ؟

3- نتائج رائعة Outstanding Results

من " رجل واحد في مقابل جميع الرجال " ([41]) على حد قول توماس كارلايل إلى 24 ألف ( تابع ) في حجة الوداع وحدها .

فكم عدد الذين خلفهم من الرجال والنساء والأطفال كلهم مؤمنون ؟

وفـي 12 ربيع الأول فـي العام الحادي عشر بعـد الهجرة الموافق 8 يونيـو سنة 632 من العهد المسيحي بينما هو يصلي أو يدعـو بإخلاص فـي همس فاضت روح الرسـول العظيـم إلـى " الرفيق الأعلى " ، حسب ما رواه ( ابن هشام ) فـي سيرته المشهورة .

وعند سماع سيدنا عمر رضي الله عنه النبأ الحزين عن وفاة الرسول الكريم فقد صوابه . لقد صدم بشدة حتى أنه قال بدون تفكير " سأضرب عنق من يقول أن محمداً قد مات ! " وفي التو أكد سيدنا أبو بكر رضي الله عنه للمسلمين أن سيدنا ( النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) قد غادر الحياة بالفعل وهو خارجاً من حجرة النبي صلى الله عليه وسلم . وأعلن ذلك للناس المحتشدين بالخارج .

فقال خاطباً في الناس " أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " ([42]) .

هذا الكلام أعاد عمر الفاروق رضي الله عنه إلى صوابه .

هل كان يستطيع ذلك الرجل الذي أصبح فيما بعد الخليفة الثاني للإسلام أن يتخيل أنه بعد 1400 سنة سيصل عدد أتباع محمد صلى الله عليه وسلم إلى مليار ( 1000 مليون ) مسلم في عصر واحد ؟

هل كان يمكنه تخيل أن دين هذا النبي سيكون أسرع الأديان نمواً في العالم ؟

تقدمت المسيحية الإسلام بـ 600 سنة . ويدعي المسيحيين أنهم يفوقون أي دين آخر من حيث العدد . هذا صحيح . ولكن دعونا ننظر للصورة من منظور صادق .

 " هناك مسيحيين معلنين إيمانهم في العالم أكثر من المسلمين الذين يعلنون إيمانهم ، ولكن هناك مسلمين يطبقون الإسلام في العالم أكثر من المسيحيين المطبقين للمسيحية " .

( ر.ف.س. بودلي ( الأمريكي ) في " الرسول : حياة محمد " . أمريكيا سنة 1969 ..

إنني أفهم مما سبق أن السيد بودلي يحاول أن يقول لنا إنه يوجد بعض الناس في العالم عندما يملأون استمارات الإحصاء سيذكرون لفظ مسيحي في خانة الدين . وليس من الضرورة أنهم يؤمنون بمبادئ وعقائد المسيحية . فمن الممكن أن يكونوا بالفعل ملحدين أو من طائفة النصارى المعمدانيين البوش ([43]) ( bush – Baptists ) حتى يميزوا أنفسهم عن اليهود والهندوس والمسلمين . وباعتبارهم منحدرين من أصل مسيحي ومن أجل راحة بالهم يسمون أنفسهم " مسيحيين " .

ويأخذ ما تقدم في الاعتبار بالإضافة لوجهة النظر القائلة بأن المؤمن هو من يطبق ما يؤمن به ، سيكون هناك مسلمين في العالم أكثر من المسيحيين .

لقد تأخر ظهور الإسلام عن المسيحية بـ 600 سنة من الناحية الزمنية . لكن من المدهش أنه قريب منها جداً من حيث العدد ويلحقها بسرعة فهو أسرع الأديان نمواً . فهناك اليوم " مليار " مسلم في العالم ( راجع الجدول رقم 1 ) . إن الصورة مذهلة وإخلاص وتطبيق المؤمنين للإسلام مدهش .

بالأخذ في الحسبان مقاييسه الثلاثة الموضوعية .

أ- عظمة الغاية .

ب- قلة الوسائل .

ج- النتائج المذهلة .

هل يجرؤ لامارتين على وضع مرشح آخر أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم ؟ إنه يملأ قراءه تعجباً مشوباً بالاحترام بسرده للأدوار المتنوعة التي قام بها محمد صلى الله عليه وسلم بتفوق وامتياز : " فيلسوف – خطيب – رسول – مشرع – محارب – هادم الأفكار الباطلة – مُحيي المعتقدات العقلانية وعبادة بلا أصنام ولا صور – مؤسس 20 إمبراطورية دنيوية وإمبراطورية واحدة روحية ذلك هو محمد . والنظر إلى كل ( وأنا أكرر هنا " لكل " ) المقاييس التي يمكن أن تقاس بها عظمة البشر يحق لنا أن نسأل هل يوجد أي إنسان أعظم منه ؟ "

لا يوجد !

لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم رجل عاش أبداً بالنسبة للامارتين المؤرخ الفرنسي .

ويسأل الله القوي القدير أيضاً :

 " أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ، وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " ( الشرح 1 – 4 )

وبالتأكيد فعلت يا إلهي .

صفة الرحمة The Quality of Mercy

يتفاخر الدعاة المسيحيين بأنه لا شيء في تاريخ البشرية يقارن بدعاء عيسى المليء بالرحمة والمغفرة وهو على الصليب كما يزعمون :

( فقال يسوع يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ) ( لوقا 23 : 34 )

وإنه لأمر مثير للدهشة أن القديس لوقا هو وحده من بين مؤلفي الأناجيل الأربعة القانونية ( المعتمدة ) الذي ألهمه الروح القدس ( ؟ ) أن يكتب تلك الكلمات .

أما الثلاثة الآخرون متى ويوحنا ومرقس فلم يسمعوا تلك الكلمات أبداً أو شعروا بأنها تافهة أو ليست مهمة بما فيه الكفاية للتدوين . والقديس لوقا لم يكن حتى واحد من ( التلاميذ ) الإثني عشر حواري الذين اختارهم عيسى عليه السلام .

ووفقاً لمراجعي ومنقحي النسخة القياسية المنقحة للكتاب المقدس ( R.S.V. ) ، فإن تلك الكلمات ليست موجودة في أقدم المخطوطات . وذلك يعني ضمنياً أنها مدسوسة أو مقحمة . ويقال لنا في ترجمة الملك جيمس الجديدة ( حقوق الطبع محفوظة لتوماس نيلون في عام 1984 ) . إن تلك الكلمات " ليست موجودة في النص الأصلي " للمخطوطات اليونانية لإنجيل القديس لوقا . وبمعنى آخر لقد اختلقها رجل مخادع .

وبالرغم من أن الفقرة غير أصلية سنظل نأخذها في الاعتبار لأنها تظهر التقوى الشديدة بحب الفرد لأعدائه والمغفرة التي لا يفوقها مغفرة كما وعظ ودعا إليه السيد المسيح نفسه .

ولكي تكون المغفرة ذات قيمة يجب أن يكون الغافر في وضع يسمح له أن يغفر . ولو أن ضحية الظلم في قبضة أعدائه في هذا الوضع الضعيف ثم يصرح قائلاً " أنا أغفر لك " سيكون ذلك بلا معنى . لكن لو أن المظلوم تبادل الوضع مع أعدائه وكان في موقع يمكنه من الأخذ بثأره . أو تنفيذ عقابه وبالرغم من ذلك يقول ( أنا أغفر لك ) هنالك فقط سيكون الأمر ذو معنى !

رحمة محمد صلى الله عليه وسلم

Mohammed (PBUH) Clemency

قارن مغفرة المسيح المزعومة من على " الصليب " بالفتح التاريخي لمكة الذي لم تراق فيه قطرة دم واحدة بواسطة محمد صلى الله عليه وسلم على رأس 10 آلاف من أصحابه " القديسين " ([44])

المدينة التي عاملته بمنتهى القسوة وأجبرته هو وأتباعه المخلصين أن يجدوا مأوى وسط الغرباء ، وهو الذي وضع حياته وحياة أتباعه المخلصين على كفه ومضطهديه القدامى القساة المتعجرفة قلوبهم الذين ألحقوا الإنسانية بالعار والقسوة .

الرجال والنساء وحتى الأموات الذين بلا حياة كانوا الآن تحت رحمته تماماً . لكن في ساعة نصره نسي كل ما عاناه من شرور وعفا عن كل جرح أنزلوه به وامتد عفوه العام ليشمل كل سكان مكة .. "

سيد أمير علي في " روح الإسلام " .

إن جماهير المدينة المهزومة مثلوا أمامه فخاطبهم قائلاً : " ماذا تظنون إني فاعل بكم اليوم ؟ " إن قومه كانوا يعرفونه جيداً منذ أيام طفولته فأجابوا : " خيراً أخ كريم وابن أخ كريم ! " وأدمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : لا تثريب عليكم اليوم . إذهبوا فأنتم الطلقاء " .

والآن وقد حدث هذا الذي ليس له ما يوازيه في تاريخ العالم تقدمت جموع فوق جموع واتخذت الإسلام دينا .

إن الله القوي يشهد على السلوك النبيل والرفيع لرسوله :

" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " ( الأحزاب : 21 )

ولقد كرر لامارتين بدون علم هذه الحقائق ببراعة فقال :

" وبالنظر إلى كل المقاييس التي تقاس بها عظمة البشر يحق لنا أن نسأل هل يوجد أي إنسان أعظم منه ؟!!! "

ونحن أيضاً نستطيع أن نجيب ثانية بقولنا :

 " لا ! لا يوجد إنسان أعظم من محمد صلى الله عليه وسلم " .

إن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أعظم إنسان عاش أبداً حتى الآن ! لقد كسب بطلنا الإجلال غير المستجدي والذي لم ينكره عليه أحد من كثير من غير المسلمين من مذاهب دينية شتى ومن اتجاهات فكرية مختلفة .

لكن كل ذلك ما زال غير كامل بدون رأي السيد الذي سلف محمد صلى الله عليه وسلم يسوع المسيح عليه السلام . سنطبق الآن مقاييسه لتقدير العظمة :

 

يوحنا المعمدان Yohn The Baptist :

  إن يوحنا المعمدان ([45]) المعروف باسم يحيى ( عليه السلام ) في العالم الإسلامي ، كان نبياً معاصراً للمسيح ( عليه السلام ) . وهذا ما يقوله السيد المسيح عن يوحنا المعمدان ابن خالته .

 " الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " ( متى 11 : 11 )

كل ابن من أبناء آدم ( Son of man ) هو " مولود من النساء " .

ووفقاً لهذه الحقيقة يكون يوحنا المعمدان أعظم من موسى وداوود وسليمان وإبراهيم وإشعياء ولا يستثنى من ذلك أي من أنبياء بني إسرائيل . وما الذي يرفع مكانة يوحنا فوق جميع الأنبياء الآخرين ؟ لا يمكن أن يعزى ذلك لأي معجزة أجراها يوحنا ، لأن الكتاب المقدس لم يسجل لنا أنه أجرى أية معجزات . ولا يمكن أن يعزى ذلك لتعاليمه ، لأنه لم يأت بأية  شرائع أو قوانين جديدة . إذن ما الذي يجعله الأعظم ؟ ببساطة لأنه كان البشير النذير المبشر بالبشارة السارة عن قدوم المسيح . هذا هو ما جعل يوحنا الأعظم . لكن عيسى عليه السلام يدعى أنه هو نفسه أعظم من الأعظم يوحنا ( المعمدان ) لماذا ؟

 " وأما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا .. لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب أرسلني " ( يوحنا 5 : 36 )

إن " الشهادة " هي التكليف أو المهمة التي عهد به إليه الله القوي وهي التي تجعل عيسى عليه السلام أعظم من يوحنا المعمدان .

بتطبيق هذه المقاييس التي أعلنها السيد المسيح نجد :

1- أن يوحنا المعمدان كان الأعظم من بين جميع رسل بني إسرائيل لأنه بشر بالمسيح عليه السلام

  وبالمثل فإن المسيح عليه السلام أعظم من يوحنا لأنه بشر " بروح الحق المعزى " الذي سيرشد البشرية إلى جميع الحق ( يقصد محمد خاتم الأنبياء والمرسلين المترجم ) .

( انجيل يوحنا الفصل السادس عشر ) ([46])

2- إن رسالة ومهمة المسيح عليه السلام أو " الأعمال التي أعطاها الله إياها ليكملها " كانت قاصرة على خراف بيت إسرائيل الضالة ( فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ) ( متى 15 : 24 ) .

أما رسالة محمد عليه الصلاة والسلام فقد كانت للعالم أجمع لقد قيل له :

 " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " ( الأنبياء : 107 )

والتزاماً بمهمته الكبرى فقد ثبت محمد صلى الله عليه وسلم على مبدأه وبلغ رسالته إلى كل من يسمع بغض النظر عن السلالة أو الطبقة أو العقيدة . لقد رحب بهم جميعاً في دين الله بدون أي تمييز .

لم يكن يفكر في تقسيم مخلوقات الله إلى ( الكلاب والخنازير ) متى ( 7 : 16 ) إلى ( خراف وجداء ) ( متى 15 : 32 )

لقد كان رسول الله الواحد الحق الذي أرسله رحمة للبشر أجمعين بل للعالمين .

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) ( الأنبياء : 107 )

لم ينس أبداً تلك الرسالة حتى يوم وفاته ([47]) في نهاية إقامته المؤقتة في الأرض عندما كان يمكنه أن ينظر وراءه لماضي محموم وخطير وهو متوج بالنجاح في ذلك الوقت ، كان يمكنه أن يجلس ويستمتع بثمرة كفاحه وأن يحلم بحياة خالية من الاضطراب ومليئة بالرضا والراحة . لكن بالنسبة له لم يكن هناك وقت للرقاد والراحة فما زال هناك عمل يجب أن يتم .

الله القوي يذكره :

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( سبأ : 28 ) .

كيف سيجيب هو على هذا التحدي الجديد بتبليغ الدعوة للبشرية كلها . لم يكن هناك أدوات وطرق اتصال إلكترونية حديثة تحت تصرفه .

لم يكن هناك أجهزة تلكس أو فاكس يستطيع أن يستغلها .

ماذا كان بوسعه أن يفعل ؟ ولأنه كان أمياً ( لا يعرف الكتابة والقراءة ) فقد طلب الكتاب وأملاهم خمس رسائل واحدة لكل من قيصر القسطنطينية وملك مصر ونجاشي الحبشة وملك اليمن وكسرى فارس .

واستدعى أيضاً خمسة من الصحابة بخمس جياد عربية وأرسلهم في خمس اتجاهات مختلفة يدعون شعوب العالم لدين الله الذي أرسله للعالمين .

لقد كان من حسن حظي أن أرى واحدة من هذه الرسائل المقدسة بمتحف توبكابي في استنبول ( القسطنطينية سابقاً ) بتركيا .

ولأن هذه الرسالة مضى عليها ردحا من الزمن فقد علتها الأتربة والأتراك قد حفظوا المخطوطة بكل ما بوسعهم من إمكانيات مادية .

ولك الرسالة بدأت تجمع الأتربة كما ذكرت .

الرسالة تبدأ هكذا : " من محمد رسول الله إلى هرقل الملك بالقسطنطينية : أسلم تسلم ! " ثم تبعها بتلك النصيحة من كتاب الله :

 " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " ( آل عمران : 64 ) .

بعد هذا الإدراج القرآني في الرسالة ثم بكلمات الرسول الخاصة الواضحة والسهلة أنهى الرسالة بختم كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله .

الرسالة في تركيا تثير فضولنا واهتمامنا بالنظر لطريقة حفظها . لكن المتفرجون أهملوا ما هو مصون ذاته . والقرآن أيضاً رسالة موجودة تقريباً في بيت كل مسلم حيث تقرأ ويعاد قراءتها ألف مرة من أولها إلى آخرها بدون أن يتحرك القارئ ليبلغ تلك الرسالة لمن وجهت إليهم !

راجع مرة أخرى الآية السابقة .

إنها موجهة إلى أهل الكتاب : اليهود والنصارى .

لكن على مدار ألف سنة أهملنا تماماً تلك التوجيهات العظيمة بإرادتنا . فنحن نجلس على تلك الرسالة مثل الكوبرا الجالسة على كومة من جواهر مانعة للورثة الحقيقيين من التقدم .

هذا الإهمال التام سيستمر في إصابة الأمة بالمعاناة ولأجيال قادمة .

بعد حوالي 1400 سنة من قراءتنا وترتيلنا وتغنينا بالقرآن بكل الأساليب المتناغمة ما زلنا نسمع تلك الآية اللاذعة والصائبة في آن واحد " وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " ( سبأ : 28 )

تلك هي الجملة الخاتمة من آية نزلت من 1400 سنة مضت .

لقد كانت تعبر عن الموقف الواقعي للعالم الديني آنذاك .

السؤال الذي يجب أن يطرح هو هل هناك أي اختلاف اليوم ؟

ليس هناك أي اختلاف على الإطلاق !

فاليوم عدد المشركين في العالم أكثر من عدد المؤمنين بالله الواحد الحق .

هل هناك أي رجاء في تغيير هذا الوضع ؟

لقد أمر الله نبيه آنذاك كما يأمرنا الآن عبر السبع الآيات الأولى من سورة المدثر .

قال تعالى :

 " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ، وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ، وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ " ( المدثر : 1 – 7 )

1- إن هذه الآيات الروحية المبكرة الرائعة كالمعتاد ، ( وهي تشمل الآيات التالية أيضاً ) تدعونا إلى التفكير في ثلاثة نواحي :

(أ) تشير إلى مناسبة معينة أو شخصية خاصة .

(ب) تعطي لنا درس روحاني عام .

(ج) تقترح علينا إغراق أكثر عمقاً في الروحانية .

بالنسبة لـ (أ) إن الرسول الآن قد تخطى مرحلة التأمل الشخصي كان يجب أن يخرج مرتدياً عباءته ويبلغ رسالته بشجاعة ويجهر بأن الله هو الإله الواحد الحق . لقد كان دائماً نقي السريرة ولكن الآن كل أفعاله الخارجية لا بد أن تكون خالصة لله ، والاحترام التقليدي لعادات وعبادة الأجداد يجب أن يطرح جانباً .

إن أعمال رسالته هي أكرم شيء نابع من شخصيته لكن يجب ألا يتوقع أي مكافأة أو تقدير من قومه بل على العكس تماماً فقد كان الأمر يتطلب منه الصبر الكثير ولكن رضاه كان سينشأ بإرضاء الله عنه .

(ب) لأن مراحلاً مماثلة تنشأ لكن بدرجة أقل في حياة كل رجل صالح تمثل له حياة النبي مثالاً عالمياً يحتذى .

(ج) يفهم الصوفيون العباءة والأغطية الخارجية على أنها الظروف المحيطة بوجودنا الظاهري ، والتي تكون ضرورية لراحتنا الجسدية حتى مرحلة معينة . ولكن سرعان ما نكبر فنستغني عنها . وحينئذ يجب على فطرتنا الداخلية أن تعلن عن نفسها بشجاعة ليس لأنها تحصر أي منفعة أو مكافأة مع الرجال . إن نفس الأمل في توقع شيء من ذلك ، سيكون متناقض مع فطرتنا العليا التي يجب أن تتحمل السراء والضراء في سبيل الله .

3- وربك فكبر .

4- وثيابك فطهر .

5- والرجز فاهجر .

أ- الرجز يعني الشيء البغيض وهي عادة ما تفهم على أنها الوثنية . ومن المحتمل أن صنماً كان يدعى رجزاً .

ولكن مدلولها في هذه الأيام يتسع ليشمل الحالة العقلية المعارضة للعبادة الحقة ويمكن وصفها بأنها حالة من الشك والتردد .

6- ولا تمنن تستكثر .

ب- المعادلة التجارية القانونية هي أنك تعطي لكي تأخذ ما يساوي عندك أكثر قليلاً مما أعطيته .  ولكن يجب ألا تتوقع أي شيء من الآخذ . فإنك تعبد الله وتخدم مخلوقات الله .

7- ولربك فاصبر .

ج- إن حماستنا من أجل دعوة الله نفسها تتطلب أن نكون صبورين ويجب أن نبذل جهداً متواصلاً من أجل دعوة الله . فنحن نؤمن ونعلم أن الله طيب وحكيم وقوي وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح " .

عبد الله يوسف علي في ترجمة معاني القرآن الكريم .

إن ( العباءة ) تمثل للعرب عامة ولرسولنا خاصة كساء أو غطاء يقيهم من حر الشمس والرياح والرمال ، كان عليه أن يستعد للعمل ويشمر عن ساعديه ليقوم بمهمته .

وبالرغم من أن معظم المسلمين في العالم لا يتدثرون بالعباءات ولا بالشالات في معيشتهم اليومية فإنهم يحملون مجموعة من العباءات في صورة عقد النقص .

" ماذا يمكننا أن نفعل لنجعل نور الله يشرق عبر الظلمة التي تحيط بنا ؟

لا بد أولاً أن نجعله يشرق بداخل نفوسنا الصادقة . بهذا النور في أعماق قلوبنا نستطيع أن نمشي بخطوات واثقة وصارمة . نستطيع بتواضع أن نزور التعساء ونرشد خطاهم . لسنا نحن ولكن النور هو الذي سيرشدهم ! إن السعادة النابعة من كوننا جديرين بحمل الشعلة وأن نقول لأخواننا نحن أيضاً كنا في ظلام وتعب . ولكن انظروا الآن إننا وجدنا العزاء وفرحنا برحمة الله لهذا يجب أن تدفع ديون الأخوَّة . بأن نسير بتواضع جنباً إلى جنب في طريق رضى ربنا بتعاون وتشجيع متبادلين ودعاء من القلب مؤيد بالعمل بأن تتحقق فينا جميعاً غاية الله الطيبة !

عبد الله يوسف علي في ترجمة معاني القرآن !


 

الختام

 

ولكن أكثر الناس لا يعلمون

كذلك أوحي إلى نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فَبلَّغنا .. اللهم بارك عليه إلـى الأبد .

آمين .

أحمد ديدات

 

 

 

 

 



([1]) السيد مهتار كان لفترة طويلة محرراً لصحيفة إسلامية ( آراء الهنود ) في جنوب أفريقيا .

([2]) يوجد عرض مفصل لهذه المقالة .

([3]) مفتور يعني تثبيط في الهمة ونقص في النشاط . ( المترجم ) .

([4]) تُظهر آخر الاحصائيات أن عدد المسلمين في العالم ألف مليون مسلم وعدد المسيحيين في العالم ألف ومائتي مليون مسيحي ( ديدات ) .

([5]) لا يعتبر ترتيب محمد الأول قدحاً في مكانة عيسى وموسى ، لكن الله رفع بعض الناس فوق بعض درجات وبعض النبيين فوق بعض ومحمد خاتم النبيين والمرسلين هو أفضل الأنبياء على الإطلاق بدون الانقاص من قدر الآخرين . ( المترجم ) .

([6]) وقد رأيت بنفسي هذه الطبعة من الإنجيل التي يظنون أن لعيسى كلام بها ووضعت بالحبر الأحمر وتجد كلمات قليلة به يظنون ( وليس على سبيل اليقين ) أنه قالها عيسى . إذا يعتبر هذا اعتراف ضمني بتحريف الإنجيل . ( المترجم )

([7]) بولس يجب ألا ينخدع فيه الناس فهو يهودي اندس بين النصارى ليلبس عليهم دينهم وليفسده عليهم وكان صاحب نصيب الأسد في تأليف الكتاب المقدس وفي خرافاته وهذه الحركة التي فعلها بولس ليست الأولى من نوعها في جانب اليهود فهم يكيدون لجميع الأديان بخاصة الإسلام وقد دخل في الإسلام رجل يهودي حاول أن يفعل مثل بولس يدعى عبد الله من سبأ يهودي ماكر كان يضع أحاديث رسول الله وكان آخر ما فعله هو وأتباعه السبئيين أنهم قالوا بألوهية علي ولقد قام الإمام علي بحرق أحد أتباعه عندما قال له أنت الله فلما حرقه أخذ يصيح ويقول أيضاً إذن أنت الله فإنه لا يعذب بالنار إلا الله .. ولقد فعل الإمام على ذلك حتى يقطع جذور الفتنة الناشئة التي كان اليهودي عبد الله بن سبأ سبباً فيها .. ولقد تدخل اليهود في تسيير حركة العالم بطريقة بولس هذا فنجد أن ماركس ولينين اللذين لا يعترفان بالدين وأسسا الشيوعية يهود .. فرويد صاحب الإباحية الجنسية يهودي .. دوركايم يهودي .. كل من كان له دور في هدم القيم والأخلاق وتدمير الدين وراءه اليهود .. ( المترجم )

([8]) الاشكنازي : يهود ألمانيا ووسط وشرق أوروبا وأغلبهم من روسيا وهم يحتلون فلسطين احتلالاً غير شرعي وغير قانوني واسم الاشكنازي نفسه كأنه يتنبأ بما يفعله اليهود بالشعب صاحب الأراضي المحتلة تماماً كما فعل النازيون بهم . فيا له من عذاب . ( ديدات ) .

([9]) مع الاعتذار لتوماس كارلايل وكتاب البطل وعبادة الأبطال . ( المؤلف )

([10]) هؤلاء ليسوا بمسلمين وأشادوا بعظمة محمد نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فلاقوا نقداً لاذعاً من الغرب ولكن عندما وقع الملحد سلمان رشدي ونخر في بدن الأمة الإسلامية وقذف نبيها وزوجاته فإن الغرب وقفوا يصفقوا لهذا الماجن ووضعوا عليه حراسة عسكرية لمجرد أنه تجرأ وهاجم الدين الإسلامي . ( المترجم )

([11]) سأورد هنا الفقرات الإنجيلية التي أشار إليها ديدات تحقيقاً للفائدة وليتسنى للقارئ الكريم مراجعتها عند الضرورة . ( ثم صعد يسوع إلى البرة في الروح ليجرب من إبليس فبعد ما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة جاع أخيراً فتقدم إليه المجرب وقال له إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً فأجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا ابن الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل وقال له إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصطدم بحجر رجلك قال له يسوع مكتوب أيضاً لا تجرب الرب إلهك ثم أخذه أيضاً إبليس إلى جبل عالٍ جداً وأراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال له أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " حتى الاصحاح الرابع . ( 1 - 11 ) المترجم .

([12]) " محمد رسول الإسلام " للمؤلف راماكرشنا راو – أحصل عليه من المركز الإسلامي للدعوة . ( المؤلف )

وأضيف أنني قمت بفضل الله ومنته علي بعمل ترجمة لهذا الكتاب وسوف تقوم إن شاء الله تعالى دار المختار الإسلامي بطبعه في القريب العاجل بإذن الله . ( المترجم ) .

([13]) حسب آخر المعلومات التي وصلتني أن البروفيسور الهندي رماكرشنا راو مؤلف كتاب محمد رسول الإسلام هو مسيحي هندي يقدم شهادة حق لنبي الإسلام فهو واحد من المنصفين الذين أنصفوا الرسول محمد ورسالته .

([14]) ص 57 من كتاب ( الأبطال وعبادة البطل والبطولات في التاريخ ) لندن 1959 لتوماس كارلايل .

([15]) هذه الفقرة الإنجيلية التي أشار إليها ديدات سأوردها فيما يلي لأوضح للقارئ غرض ديدات وليزداد إدراكاً بالواقع ولنشاركه في إصدار الحكم على هذه الأفكار والمعتقدات الباطلة .

 " فقال له التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب فقال لهم إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع أصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنيه لا أومن " ( يوحنا 20 : 25 ) . المترجم

([16]) المحمدي : يقصد المسلم . ( المؤلف )

تعليق المترجم : مصطلح المحمديين Mahometans شاع في الغرب وانتشر نسبه إلى المسلمين الذين هم أتباع محمد وليس عبَّاد محمد كما يظن الغرب الملحد ويستخدم هذا المصطلح في غير محله ليسيئوا إلى الإسلام بهذا المصطلح الجائر في إلصاقه بالمسلمين وفي هدفه حتى يوهموا الغربيين وأغلبهم نصارى أن المسلمين هم عباد محمد وليسوا عبَّاد الله وليوهموهم بأن دين الإسلام ليس ديناً منزل من عند الله وإنما من عند محمد وإلى ذلك السبب يرجعون تسمية المسلمين بالمحمديين أي أتباع محمد .

ونحن نفتخر باتباعنا لمحمد وعبادتنا لرب محمد واتباعنا لنهجه وشرعه فقد ربط الله تعالى محبته بطاعة محمد صلى الله عليه وسلم .

 " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " ويقول أيضاً في حق محمد ورداً على هذا الافتراء " إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " فالقرآن وحي من عند الله وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم كما أن محمد صلى الله عليه وسلم ما هو إلا بشر كسائر البشر إلا أنه أرسل إليه فقال تعالى مثبتاً بشرية محمد صلى الله عليه وسلم "  قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " . ( فصلت )

([17]) راجع كتاب محمد الخليفة الطبيعي للمسيح للمؤلف .

 ولقد ورد في القرآن مواقف كثيرة تدافع عن افتراءات النصارى على عيسى  وأمه عليهما السلام .

قال تعالى : " مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " ( آل عمران : 59 - 60 ) .

 " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " (المائدة : 116- 117)

وبذلك كان القرآن الكريم منصفاً لعيسى بن مريم وأمه ومطهراً لهما من براثن الكفر التي وقع فيها أتباعه ومنجياً لهم من تحريفات النصارى حيث تبرأ من فعلتهم بعد موته وسيكون هذا المشهد من مشاهد يوم القيامة وهو يعلن ذلك على جميع الخلائق أنه ما أتى إلا بالتوحيد وما دعا إلا إلى التوحيد وكل تحريف وضلال سينال وباله من قام بتحريفه ومن اعتقدوا في هذا الضلال .

ولقد قال تعالى :

 " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ " وبذلك تنتهي الحجة وتظهر الأدلة واضحة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . ( المترجم )

 

([18]) لم يكن غرض بن أم مكتوم الذي نزلت فيه هذه الآيات هو لفت الأنظار ولكنه كان يريد أن يسأل عن شيء مهم من أمور الدعوة .. ولقد عاتب القرآن النبي محمد في سورة ( عبس ) لانصرافه عنه وصرف وجهه إلى صنديد الكفر رغبة منه في دخوله في الإسلام .. فاعتبر القرآن ذلك أنه لا حاجة له في تمني دخولهم الإسلام ولكن المسلمين الذين جاءوا إليك أولى بهذا الاهتمام

   وما يدريك يا محمد أن هذا الكافر سوف يزكي ويدخل في الإسلام إنه في علم الغيب والأمر موكل إلى الله .

ولقد حدثت واقعة أخرى قريبة من تلك عندما اتفق مبدئياً كفار قريش وصناديدها مع الرسول على أن يجعل لهم يوماً يجلسون معه فيه ويجعل للفقراء والعبيد يوم خاص بهم وكان هذا شرط لإيمانهم وقد كاد يميل قلب الرسول لهذا الاقتراح فعاتبه ربه على ذلك وطلب منه أن يترك هذا الاقتراح فالمسلمون سواسية كأسنان المشط وقال تعالى في هذا العتاب ( لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ، إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ) .

([19]) سوف أكمل تلك الآيات التي نزلت بخصوص هذا الشأن حتى تتوضح المعاتبة للنبي وطلب ألا يصرف وجهه عن المسلم الذي سأله لمجرد رغبته في إيمان كافر لا يدري هل سيؤمن بعد هذه الدعوة أم لا فأمره موكل إلى الله قال تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ، وَهُوَ يَخْشَى ، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ، كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ) .

([20]) كرهه اليهود والمسيحيين والمشركين والمنافقين إنها طبيعة الزيف أن يكره الحق . ( المؤلف )

([21]) ورد في شدة الرسول وغلظته ولينه آيات تبين كيفية التدرج بين الغلظة واللين .

قال تعالى لرسوله ( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ويقصد المسلمين كما وصف نفسه بأنه ليس بالصخاب ولكن طلب منه ربه الرفق في دعوته واللين في توجيه وإرشاد المسلمين حتى لا ينفضوا من حوله .

أما الآية الثانية فهي قوله تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) فهذه هي طبيعة محمد وصحبه وأتباعه أن يكونوا أشداء على الكفار لا يوالونهم ولا يسالمونهم بل يشدون ويغلظون في القول والفعل لهم والعكس صحيح مع المسلمين يعاملوهم بالرفق واللين . ( المترجم )

 

([22]) الآن مر 14 قرنا على الرسالة المحمدية . ( المؤلف )

([23]) الآن عدد المسلمين ألف مليون . ( المؤلف )

([24]) المخادع يملك حلقة الحقيقة والصدق ولكنه صدق زائف في حقيقة الأمر .

([25])  لقد خير رسول الله في أن يكون نبينا ملكاً أو عبداً نبياً فاختار أن يكون عبداً نبياً لما في مقام العبودية من الشرف والتكريم فقال تعالى وهو ينسبه إلى نفسه : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى " يدل ذلك على رفضه اختيار الملك من قبل الله تعالى .

ولقد عرض عليه كفار قريش الملك والجاه والسلطان والمال والثروة والرياسة عليهم بل على العرب جميعاً في مقابل ترك الدعوة الإسلامية والرجوع إلى آلهتهم الضالة فقالوا قولتهم المشهورة : إن كنت تريد مالاً جمعنا لك المال وجعلناك أغنى رجلا فينا وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا وجعلنا لك الأمر وإن كان بك مس ( لمسة ) من الجن أو مرض لا يشفى عالجناك حتى تشفى من هذا المرض .

فرفض كل ذلك ورفض كل تلك الإغراءات الكذابة التي لا تغري إلا ضعاف القلوب وأصحاب العقول الفاسدة الذين يركنون إلى الدنيا وملذاتها وينسون الآخرة وما فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولته الشهيرة التي يذكرها التاريخ له بكل ما فيها من نور وضياء وهدى ورحمة قال لعمه أبو طالب يا عم والله لو جعلوا القمر عن يميني والشمس عن يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه . إنها قولة تقشعر لها الجلود وتخشع لها القلوب قولة رجل واثق من نصر ربه واثق ومؤمن بما يبلغ عن ربه من أن الله سينصر هذا الدين ويعلي رايته ولو كره الكافرون .

فكان هذا النبي العظيم جديراً لأن يحظى بكل حب وبكل تقدير وبكل احترام وبكل تبجيل من جميع من اتبعوه وآمنوا به واتبعوا النور الذي جاء به وممن لم يؤمنوا به كما رأينا على صفحات هذا الكتاب أن الكفار شهدوا له بالعظمة مثل مايكل هارت وتوماس كارلايل وغيرهما الكثير . ( المترجم )

([26]) معاذ الله أن يكون أحد من أنبياء الله وقع في الخطايا والإثم والفاحشة والقتل التي وصف الكتاب المقدس الكثير من أنبياء الله مثل داود عليه السلام ومثل لوط الذي وصفه بأنه زنى بابنتيه ومثل إبراهيم وإسحاق والكثير من أنبياء الله الذي وصفهم بصفات مشينة يترفع الإنسان العادي عن فعلها علاوة عن أن يفعلها نبي عصمه الله فالأنبياء جميعهم معصومين من الخطأ . المترجم

([27]) يرجع سبب الاحتفاظ بالحضارة الهندية إلى المسلمين الذين قاموا بالمحافظة عليها ونقلها وإليهم ترجع شهرة الهند وحضارتها .. انظر كتاب المسلمون في الهند لأبي الحسن النووي ) . المترجم

([28]) عدد مسمي الهند 140 مليون مسلم ويقاسون الآن أشد أنواع العذاب والتنكيل من الهندوس فيقتلون وتهدم مساجدهم وبالرغم من ذلك لم يفكروا في استخدام القوة المسلحة مع الهندوس .

([29]) قال تعالى ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) ( البقرة ) .

([30]) مسلمي أندونيسيا 150 مليون ولكن للأسف تناقص عددهم بسبب نشاط التبشير هناك فقد بلغني أنه تنصر 23 مليون أندونيسي فأين المسلمين في ذلك فهل يستيقظن لهذا الخطر المحدق بنا الذي يغزونا من الخارج في عقر دارنا ؟ سأترك الرد لأولي الألباب وأريد أن أوضح أن الإسلام انتشر في جنوب شرق آسيا بسلوك وأخلاق ودين التجار المسلمين ولم تدخل إلى تلك البلاد أي جيوش ولم تتم أي فتوحات إسلامية في هذه المناطق ) . المترجم

([31]) راجع الفقرة 7 من الفصل الثاني ص 89 .

([32]) قال تعالى " فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ "

وقال تعالى " الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ "

وقال تعالى " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ "

تلك الآيات الشريفة تدل على وقوع التمكين للمسلمين والمؤمنين والاستخلاف في الأرض كما تحقق وعد الله للمؤمنين السابقين فسوف يتحقق للمؤمنين في كل وقت وحين بشرط أن يكونوا صادقي الإيمان يسعون أن يمكنهم الله في الأرض وإذا حقق لهم التمكين فسوف يحكمون شرعه ويتبعون كتابهم إذا وصل المسلمون في هذا العصر إلى تلك الدرجة من الإيمان فالنصر وارد لا محالة . ( المترجم )

([33]) كان في أثناء التدريج في تحريم الخمر منع المسلمين من أن يأتو الصلاة وهم سكارى قال تعالى ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) وفي المرحلة الثالثة من تحريم الخمر قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) فتم تحريمها للأبد وانتهى المسلمون الصادقون عن تناول شرب الخمر إلى يوم القيامة وانتهت هذه المرحلة التي كان يمنع فيها الصلاة للسكارى انتهت بتحريم الخمر التحريم الأبدي . ( المترجم )

([34]) المفهوم الحقيقي لوحدانية الله هو توحيده توحيداً كاملاً كما أمر به عز وجل شأنه ولا تشرك به أحد من الشركاء والآلهة الزائفة وأنواع التوحيد ثلاثة :

أ) توحيد الربوبية وهي الاعتراف بربوبية وملكية الله للمخلوقات جميعاً وهذا التوحيد مشترك بين المسلمين وكفار قريش .

ب) توحيد الألوهية وهي التي تفرق بين المسلم والكافر حيث أنه يقصد منها إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة دون غيره من الآلهة الزائفة أما إذا صرف العبد ولو جزء قليل منها لغير الله فهو مشرك .

ج) توحيد الأسماء والصفات ويقصد به الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته التي وصف بها نفسه في القرآن الكريم أو وصفه بها نبيه عليه الصلاة والسلام بدون تحريف أو تعطيل أو تشبيه أو تمثيل ، للمزيد يراجع فتح المجيد شرح كتاب .

([35]) وحدة الوجود : كالذي يؤمن بأن الله هو كل شيء . والثالوثي هو الذي يؤمن بالثالوث المقدس الآب – الابن – الروح القدس – المؤلف .

وهؤلاء كفار بلا أدنى شك . المترجم

وأضيف أن أصحاب وحدة الوجود أمثال الوثنيين من غلاة الصوفية كالحلاج وابن عربي وغيرهم من القائلين بأن عين الله هو عين المخلوق وأن الله حال في كل شيء .

وقالوا إنه من أعلى درجات التوحيد أن تعتقد أن الله حال فيك وقالوا كل شيء في الكون هو الله ومن شعرهم في ذلك قول بن عربي

العبد رب والرب عبد               ليت شعري من المكلف

ان كان رب فذاك عبد              وان كان رب فأن يكلف

حتى أن هذا الضال قال أنه هو الله بلا حياء وقول ابن بشيس في الصلاة البشبيشية .

اللهم انشلني من أوحال بحر التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة !!

يقصد بها وحدة الوجود وهو أن كل شيء في الكون هو الله والعياذ بالله ونبرأ .

([36]) سيخي : ديانة هندية ترفض الوثنية والعزل الطبقي . ( المؤلف )

([37]) كان إشهاره دعوته صلى الله عليه وسلم للأمر الإلهي في قوله تعالى " فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ " . المترجم

([38]) جاء في الأًصل " كانت المرأة يونانية " ( the woman was a Greek ) وهو الثابت في نص ترجمة الملك جيمس ، وهي الترجمة التي يقتبس منها ديدات . وما أثبتناه وهو " وكانت المرأة أممية " إنما هو نص الترجمة العربية لذا وجب التنويه .

([39]) هالة حلقة خيرة خيالية تحيط برؤوس القديسيين والقديسات في الرسومات الدينية . ( المؤلف ) .

([40]) دلائل صدق رسالة المسيح ومهمته . ( المؤلف )

([41]) راجع فصل " واحد في مقابل الجميع " لقراءة كلام توماس كارلايل . ( المؤلف )

([42]) وقرأ قول الله تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ " .

([43]) هناك أربعين كنيسة معمدانية في أمريكا لكن هؤلاء هم قوم ذو مشاعر دينية قوية ولكن لا يذهبون لأي كنيسة ولن ينضموا أو ينتسبوا إلى أي فرقة أو طائفة . ( المؤلف )

([44]) إن فتح مكة نبؤة أخرى من نبؤات الكتاب المقدس تحققت في شخص محمد صلى الله عليه وسلم . جاء في ترجمة الملك جيمس " تلألأ من جبل فاران ( في جزيرة العرب ) وجاء ( أي محمد ) مع عشرة آلاف من القديسين " ( التثنية 33 : 2 ) .

([45]) يجب ألا يخلط القارئ بين يوحنا المعمدان ويوحنا تلميذ المسيح ( عليه السلام ) إن اسم يوحنا اسم شائع جداً بين اليهود والعرب حتى هذا اليوم . فمثلاً طارق عزيز وزير خارجية العراق اسمه الكامل طارق حنا عزيز . وحنا هو اختصار لاسم يوحنا وهو بالإنجليزية جون . ولا يعرف أحد المسلمين من غير العرب أن صاحبنا " طارق حنا عزيز " ماركسي مسيحي . ( المؤلف )

([46]) لتوضيح هذه الفكرة اقرأ كتاب محمد الخليفة الطبيعي للمسيح ( المؤلف )

([47]) قبل وفاته صلى الله عليه وسلم نزلت آية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )

وقال صلى الله عليه وسلم " لقد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك " .

وقال صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي " .

وكانت آخر وصية له قبل موته " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " . ( المترجم ) .