الفصل الرابع
وقفات مع أهداف القرآن الأمريكي


**************************************
   بعد أن بان لك أخي الكريم أن كتاب الفرقان الحق صناعة أمريكية صهيونية ، الآن سأوقفك على أهدافهم الخبيثة من تأليف هذا الكتاب ،   وسوف أعرض عليك أيها الحبيب هذه الأهداف من خلال ذكر بعض العَينات من هذا الوحى المراحيضي.
    أ)  القرآن الأمريكي وضع لتنصير المسلمين 
  من الأهداف العامة لهذا الفرقان الدعوة الصريحة لتنصير المسلمين ، وإخراجهم من دينهم ، قال تعالى : } وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ (البقرة:217)
    انظر إلى زورهم في (سورة الجزية: 12 ، 13) " زعمتم بأننا قلنا : قاتلوا الذين لا يدينون دين  الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون .. يا أهل الضلال من عبادنا: إنما دين الحق هو دين الإنجيل والفرقان الحق من بعده فمن ابتغي غير ذلك دينا فلن يقبل منه فقد كفــر بدين الـحق كفر ".
   تلك أمانيهم أن نكفر بالقرآن العظيم ، وبآيات الله عز وجل ، ونتبع إنجيلهم المحرف ، وفرقانهم المكذوب علي الله تعالى .
وزعم واضعوا هذا العفن المسمى بالفرقان أنه جاء وحيا مصدقاً لما في الإنجيل ، فمما جاء فيه " ولقد أنزلنا الفرقان الحق وحياً ، وألقيناه نوراً في قلب صفينا ليبلغه قولاً معجزاً بلسان عربي مبين ، مصدقاً لما بين يديه من الإنجيل الحق صِنْواً فاروقاً محقاً للحق ، ومزهقاً للباطل وبشيراً ونذيراً للكافرين" ( التنزيل 4، 5)    والسؤال : متى نزل هذا الوحي المزعوم ؟! وفي أي مكان نزل ؟! وعلى من
أنزل ؟! ومن هو الصفي الذي أوحي إليه ؟! وجاء وصفه " واصطفيناه وشرحنا صدره للإيمان وجعلنا له عيناً تبصر وأذناً تسمع وقلباً يعقل ، ولساناً ينطق ، وأوحينا إليه بالفرقان الحق ، فخطه في سبعة أيام وسبع ليال جليداً "(الشهيد:2)
    وزيادةً في الإبهام والغموض حول شخصية هذا الموحى إليه زعم فرقانهم أن هذا الصفي يقتل على يد أعدائه المسلمين ، يقول : " لقد طوعت لكم  أنفسكم قتل صفينا شاهدين على أنفسكم بالكفر ، أفتقتلون نفساً زكية ، وتطمعون برحمتنا وأنتم المجرمون ، لا جرم أنكم في الدنيا والآخرة أنتم الأخسرون ، وختمتم بدمه آية تُكْوى بها جباهكم وتشهد عليكم بأنكم كفرة مجرمون ، وأنه الصفي الأمين ، وأن الفرقان الحق هو كلمتنا وهو الحق اليقين ، ولو كره الكافرون" (الشهيد : 6: 8).
   قلت : إن أقل ما يجب على كل عاقل يحترم نفسه فضلا عن مسلم أن يتقرب إلى الله تعالى بذبح هذا المجرم الكذاب .
   وفي أضحوكة أخري سورة ( الإعجاز:2) يقول:  " فرقان حق صنو الإنجيل الحق الذي كلمنا به آباءكم وذكري للمدكرين " .
   وتتضح هذه الغاية من خلال ما يأتي :
·       الدعوة للتثليث
  لا تتعجب أيها المسلم إذا سمعت أو قرأت أن هذا الكتاب يدعوا للتثليث  فمن أهم الأهداف التي من أجْلِها كتبوه : ترسيخ عقيدة التثليث ، وبأن رسالة عيسى u هي الخاتمة ، وأنه لا رسالة ولا نبي بعده ،  فواضع هذا الكتاب قس نصراني  ساقط العدالة ، متعصب لدينه ، حاقد على كل مسلم ، فما ظنكم !؟.
   وتتضح هذه الغاية من خلال العديد من سور هذا الفرقان ، وحتى البسملة لم تسلم هي الأخرى من التحريف المقصود لتحقيق هذه الغاية ؛ لينطبق على كتابهم قول القائل :"  أول القصيدة كفر".
   تقول بسملتهم : (بسم الأب الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد ، مثلث التوحيد ، موحد التثليث ما تعدد)
      وهي خلط واضح لمعني الإله ، فهو الأب كما زعمت النصاري ، ومثلث التوحيد ، وهو الإله الواحد الأحد كما يعتقد المسلمون.
   وفي سورة (الثالوث:6) زعموا كفرا : " ونحن الله الرحمن الرحيم ثالوث فرد إله واحد لا شريك لنا في العالمين "  فأي طفل يُصَدق وحدانية الله عز وجل بعد هذا السياق الثالوثي الساذج ؟! وأي معادلة تحتمل الوحدانية والثالوثية ، ثم الخاتمة بأنه لا شريك له ؟!.
  وهم كما يقول البوصيري :
        جعـلوا الثلاثةَ واحدا ولـو اهْتَـَدوْا    لمْ يَجْعَلوا العَـدَدَ الكَثِيَر قَلِيْـلا ([1])
·       إثبات صلب المسيح
  وفي سورة (الصلب :10) قالوا : (إنما صلبوا عيسي المسيح ابن مريم جسدا بشرا سويا وقتلوه يقينا ) ، وهم بذلك يردون قول الله تعالى:  }وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ
يَقِيناً{  (النساء:157)
عَجَبَاً للمَسِيْـــحِ بينَ النصارَى       وإلى أي والـــــــدٍ نَسَـــبـــُــــوه
أَسْلمُــوه إلى اليــــهودِ وقالـوا       إِنهم بعــــدَ ضـَـرْبِه صَلَبُـــــوه
فإذا كانَ مـــا يقُولـون حقــــاً        وصَحَيــــحاً فأَيْن كانَ أَبُـــــوه؟
حِين خَلى ابْنه رَهِيَن الأعَـادي        أَتراهُم أَرْضَـــوْه أمْ أَغْضَبُــوه؟
فَلَئِن كانَ راضيـاً بِأَذاهـــــــم         فـاحْمدوهُـم لأنهـم عَـذبـــــوه
ولئن كانَ سـاخـطاً فاتْركُــوه          واعبـــدوهُم لِأنهمُ غلبــــــُـوه ([2])
 
    ب )  تشويه صورة الإله
   ومن الأهداف الخبيثة لهذا الكتاب تشويه صورة الإله ، وهذا التشويه يؤكد أن لليهود دوراً كبيراً في إعداد هذا الكتاب ، ومن صور هذا التشويه :
·       إنكار أسماء الله الحسنى
  فقد أنكر هؤلاء الأقزام أسماء الله الحسنى وصفاته العلى إنكاراً سافراً بقولهم كفراً: (إن أهل الضلال من عبادنا أشركوا بنا شركاً عظيماً فجعلونا تسعة وتسعين شريكا ًبصفات متضاربة وأسماء للإنس والجان يدعونني بها وما أنزلنا بها من سلطان ، وافتروا علينا كذباً بأنا الجبار المنتقم المهلك المتكبر المذل ، وحاشا لنا أن نتصف بإفك المفترين ونزهنا عما يصفون) ( الثالوث 8 : 10) !!
·         وصف إله المسلمين بصفات قبيحة
    ووصف الكتاب  إله المسلمين - حسب زعمه - بالشيطان ".. وقام منكم ناعٍ ينعق بنقمة الباطل على الحق ، وحقد الكفر على الإيمان ، ونصرة الشر على الخير ، فكان لوحي الشيطان سميعا ً "( المسيح:15) .
   وتكرر هذا الوصف في أماكن كثيرة "والذين آمنوا بالإنجيل الحق وعملوا الصالحات ، أولئك هم خير البرية ، والذي كفروا وآمنوا بالشيطان ورسله أولئك هم شر البرية " ( الإخاء :8). " يأيها الناس إنما تتلى عليكم آيات الشيطان مضللات ، ليخرجكم من النور إلى الظلمات ، فلا تتبعوا وحي الشيطان ، واتخذوه عدواً لدوداً"  (الإخاء :15).
    ج)  تشويه صورة الرسول S
    وأما عن موقف القرآن الأمريكي من الرسول S فحدث ولا حرج  ، فلقد بلغت وقاحة من أعدوا هذا الكتاب مبلغا كبيرا ، حيث وصفوا الرسول S بصفات هم أحق بها وأهلها ، ومن هذه الصفات :
الأفاك : يقول كتاب أمريكا : "وحذرنا عبادنا المؤمنين من رسول أفاك تبينوه من بيِّنات الكفر، وعرفوه من ثمار أفعاله ، وكشفوا إفكه وسحره المبين ، فهو رسول شيطان رجيم لقوم كافرين" (الأنبياء :18).
     إنكار رسالته : لا يقر الكتاب برسالة محمد S ويقول: "وما بشرنا بني إسرائيل برسول يأتي من بعد كلمتنا ، وما عساه أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق ، وأنزلنا سنة الكمال ، وبشرنا الناس كافة بدين الحق ، ولن يجدوا له نسخاً ، ولا تبديلاً إلى يوم يبعثون" (الأنبياء :16).
     وصف الرسول S بالطاغوت : وقد خصه بسورة (الطاغوت) ، واتهمه فيها بإشعال الحروب ، وإخراج الناس من النور إلى الظلمات ، والسلب ، والزنى ، والكفر.. ، وفي سورة (الشهادة :4) وعلم الأميين كافر ، فزادهم جهلاً
وكفراً ".
     وصفه بالغواية والضلال : ويقول في سورة (الإعجاز5 : 9) : " وما نرسل من رسول إلا لخير عبادنا يريهم صراطنا المستقيم ،  وأما من أغواهم وأضلهم فهو رسول شيطان رجيم ، فصراطه عِوج وإعجازه عجمة ونوره ظلمة فلا تتبعوه ولا تنصتوا له واتخذوه مهجورا ، ولايزال الذين كفروا في مرية من الفرقان الحق حتي تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب مقيم ، ومن الناس من يجادل فيه بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير.
     وجوب عصيان الرسولS وخيانته : ويوجب الكتاب عصيان الرسول S كما يَعُدُّ طاعة الرسول S والرجوع له في التنازع  والإيمان به ، وعدم خيانته ، وعدم عصيانه.. من الشرك بالله  ! كما جاء في سورة (المشركين :50 ).
    والفرقان الأمريكي ينكر القرآن الكريم ورسالة الرسول  S: "وما نزلنا عليكم كتابا ًأو سورة ، أو آية ، ولا أوحينا إليكم قولاً بلسان أحد منكم ، وما
 ألهمناه ، ولكن شُبه لكم فصدقتموه ، فضللتم سواء السبيل" (التنزيل 324:2).  
  وزعم بأن القرآن الكريم من الأساطير: "وقام منكم من انتحل أساطير الأولين اكتتبها وأُمليت عليه ، بكرة وأصيلاً ، وهي إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون" ( الأساطير :1، 2).
    =ويصفه بالكفر والمرُوق ففي سورة ( الزنى:11) فى "ضلالهم المبين"، الكلمة التالية : " ووصينا عبادنا ألا يحلفوا باسمنا أبدا وجوابهم نَعَمْ أَوْ لا  فقلتم بأن من كان حالفا فليحلف باسم الإله أو يصمت . وهذا قول الكفرة المارقين ".([3])
    د)  تشويه صورة الإسلام المسلمين
   ومن أهداف فرقان أمريكا تشويه صورة الإسلام  المسلمين ، فوصفهم مؤلف هذا العفن بأقبح الصفات ، ويَستخدِم فرقانهم  أقسى عبارات القذع والقدح والشتم ضد المسلمين ، ويصفهم بأبشع الأوصاف ، ويقدح في إلههم ودينهم ونبيهم وقرآنهم  بعبارات فيها من العداء واللدد والحقد والخصومة ما يفوق الوصف .
     وكثيٌر مما وَصَف به القرآن الكريم اليهود والنصارى أسقطه على المسلمين ، وذلك بعد تحريف الآيات لتحقيق هذا الغرض ، حتى إن أسماء الموضوعات (السور) تنضح بهذا الحقد والعداء مثل : " الماكرين  والأميين والمفترين و الطاغوت و الكبائر والمحرضين والبهتان والكافرين "  .
    ويمكن القول إن الكتاب يدور كله من أوله لآخره على المسلمين ونبيهم والكتاب الذى أنزله الله عليه : لا يشتم غيرهم ، ولا يحاول أن يَخْتِل أحدا عن دينه سواهم ، ولا يترك شيئا أىّ شىء فى دينهم دون أن يسفِّهه ويُزْرِىَ به مناديا إياهم فى مفتتح كل سورة تقريبا من سور "ضلالهم المبين" بـ " يا أهل الجهل "  أو " يا أهل الظلم من عبادنا "  أو " يا أيها الذين ضلُّوا من عبادنا "  أو " يا أيها الذين أشركوا من عبادنا الضالين " أو  " يا أيها الذين كفروا من عبادنا الضالين "  أو " يا أيها المنافقون من عبادنا الضالين "  أو " يا أيها المفترون من عبادنا الضالين "  أو "يا أهل التحريف من عبادنا  الضالين " ولكن لم يا ترى ؟ السبب هو أن المسلمين يوحّدون الله  ولا ينسبون لـه وَلَدا  سبحانه ! ولأنهم يصلّون له وحده لا يشركون فى عبادتهم لـه أحدا من خلقه ، قال تعالى : } وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{ (البروج:8)
     أو لم تجدوا فى طول الأرض وعرضها على رُحْبها واتساعها من يحتاج إلى الهداية إلا المسلمين ؟ أولم يأتكم نبأ عُبّاد البقر أو عُبّاد النار أو عُبّاد الشيطان أو الشيوعيين مثلا ؟ أَوَقَدْ نَسِيتم ما كنتم تقولونه فى اليهود الذين تتهمونهم بقتل ربكم ؟ ألا يحتاج أىٌّ من هؤلاء أن تُولُوه شيئا من هذا الحنان الزائف الذى تُغدقونه علينا بالإكراه والذى تسمونه :" المحبة " ؟
   ثم تقولون لنا بعد ذلك إن دينكم هو دين المحبة !  أية محبة تلك التى تسوِّل لكم التطاول علينا واتهامنا مع ذلك كله بأننا نحن المعتدون القاتلون اللصوص السارقون ، فى الوقت الذى تهجمون فيه على بلادنا وتدمرونها تدميرا ، وتقتّلون رجالنا ونساءنا وأطفالنا ، وتسرقون بترولنا ، وتحتلون بلادنا ، وتعذّبوننا وتهينوننا وتنتهكون أعراض نسائنا ، وتضربوننا بالقنابل والصواريخ والطائرات والدبابات والبوارج ... إلخ ؟ إن جنودكم .... ومجنَّداتكم....... يعتدون على إخواننا وأخواتنا فى السجون والمعتقلات فى أرض الرافدين بكسر عظامهم ، وإبقائهم عرايا فى صَبَارَّة الشتاء مع غمر الزَنَازين بالماء الوَسخ حتى لا يستطيع المساكين النوم ، وتسليط الكلاب المتوحشة عليهم تنهش خُصَاهم وغراميلهم فينزفون حتى الموت ، فضلا عن اغتصاب النساء والفتيات العفيفات اللاتى يفضلن الموت بعد خروجهن من المعتقل على الحياة مع هذا العار ، طالبين منهم ومنهن أن يشتموا الله ورسوله ،([4]) قائلين إنهم جاؤوا إليهم يحملون رسالة المحبة ، وهم لم يحملوا إلا رسالة اللواط والسحاق والتعذيب والتقتيل والتدمير البربرى الذى لا يترك شيئا يمرّ عليه إلا جعله أنقاضًا وأحجارًا لا يُعْفِى من ذلك مدرسة ولا مصنعا ولا متحفا ولا بيتا ولا مسجدا ؟ أية محبة جئتمونا بها أيها الوحوش ؟  أىّ جنون ذلك الذى طوّع لكم أننا يمكن أن نترك توحيدنا الطاهر العظيم وندخل معكم فى تثليثكم وتصليبكم ؟ فلتحتفظوا بهذه المحبة لأنفسكم بدلا من اللُهاث وراء إضلال من هداهم الله وعافاهم من هذا الرجس ، وذلك البلاء والعياذ بالله !.
   ويوغل في ذم المسلمين ووصفهم بأقبح الأعمال فيقول في سورة (الكبائر :3) " فسيماؤكم كفر وشرك وزنى وغزو وسلب وسبي وجهل وعصيان ".
    ويصف الفرقان الأمريكي الشريعة الإسلامية ، بأنها شريعة الكفر والقتل والضلال (الهدى: 48)  كما وصف الدين الإسلامي بأنه دين لقيط "ولا تغلوا في دين لقيط ، ولا تقولوا علينا غير الحق المبين" .
    ويصف الفرقان المزعوم شرعة المسلمين فيقول : " فشرعة أهل الكفر شرعة قومٍ حفاة ، عراة ، غزاة ، زناة ، أميين مفترين ومعتدين ضالين ظالمين" (سورة الجنة: 14) .
     ولقد خصص أصحاب هذا الإفك سورة من سوره للنيل من أصحاب رسول الله S هي "سورة الرعاة " وفيها هجاء للصحابة والعرب الأوائل الذين حملوا الإسلام إلى العالمين والذين يحاول أولئك اللصوص السُّطَاة أن ينالوا منهم بالقول بأنهم لم يكونوا متحضرين ولا أغنياء بل كانوا مجرد رعاة ، وكأن  التلاميذ الذين كانوا يلتفون حول المسيح u كانوا من أصحاب القصور ومن خريجى  الجامعات ، ولم يكونوا من صيادى السمك والعُرْج والبُرْص والعُمْى والمخلَّعين والممسوسين والعشّارين والخُطاة على حسب ما جاء فى الأناجيل نفسها ! إننا بطبيعة الحال لا نبغى أن ننال من الفقراء والمساكين والمسحوقين ، فنحن لسنا من أغنياء القوم ولا من السادة ، لكننا أردنا فقط أن ننبه هؤلاء المأفونين إلى مدى السخف والسفالة التي ينساقون إليها فى العدوان على ديننا ورسولنا وصحابته الكرام . وبالمناسبة فلم يكن الصحابة جميعا من الرعاة ، بل كان فيهم التجار والزراع والصناع والعلماء والقادة العسكريون ، وكان منهم الأفراد العاديون والرؤساء ، وكان منهم العرب وغير العرب ، كما كان فيهم كثير ممن كانوا هودا أو نصارى ثم أسلموا... وهكذا يستمر هؤلاء الأفاكون المجرمون إلى آخر السُّوَر الشيطانية المفتراة كذبًا على الله ([5]).
    هـ) القرآن الأمريكي يلغي فريضة الجهاد
   من أهم  الأهداف الخبيثة لهذا الكتاب :  العمل على استعباد المسلمين وذلك بإرغامهم على ترك الجهاد في سبيل الله ، ودفعِ الضر عن أنفسهم وتركهم للسلاح , فيحتل هؤلاء الكفرة بلداننا ونكون خٌداماً مطيعين لهم فيها ، وسبب ذلك خوفهم من الجهاد ، ورغبتهم في نشر ثقافة الاستسلام والخضوع والضعف والجبن في ديار المسلمين وعقائدهم ، فقد زعم هذا " الفرقان " أن الله سبحانه لم يأمر بالجهاد في سبيله ، وحرص على نفي هذه الشعيرة ، وبدا هذا الحرص في أكثر من مكان ؛ لهدم هذه الفريضة ، ويصفها أنها من تحريض الشيطان:
" وزعمتم بأننا قلنا : قاتلوا في سبيل الله وحرَّضوا المؤمنين على القتال وما كان القتال سبيلنا ، وما كنا لنحرض المؤمنين على القتال ، إن ذلك إلا تحريض شيطان رجيم لقوم مجرمين" (الموعظة :2) ، وبلغ به حد إنكار الجهاد بأن سمَّى إحدى سوره بسورة (المحرضين 57)
     أما فيما يسمى : " سورة الطاغوت " فإنه ، عند مهاجمته لشريعة الجهاد التي يتهمها زورا بالعدوانية والظلم وتقتيل الأبرياء ، ينقل على نحو محرف ما جاء فى سورة  " التوبة " }إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ُ{ (التوبة:111) ، إذ يقول : " وافترَوْا على لساننا الكذب : بأنا اشترينا من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيلنا وعدا علينا حقا فى الإنجيل . ألا إن المفترين كاذبون ... " . ( الطاغوت :8) .
     وواضح أن الأفاكين قد أسقطوا عدة كلمات من الآية القرآنية الكريمة عمْدًا حتى لا يُضْطَّروا إلى الإقرار بأن فى التوراة أمرا بالقتال دفاعا عن النفس والعِرْض فقط كما فى الإسلام ، بل بالقتل بدافع الكراهية للأمم الأخرى وإبادتها لمجرد الإبادة ،  وهو ما يعضد قول من قال إن هذا " الضلال المبين " هو ثمرة التعاون الأثيم بين الصهيونية والصليبية ، فلذلك يعملون على إظهار اليهود فى صورة المسالم البرىء.
    وفي سورة (الموعظة) !! ما يؤكد توافق هذه الحرب على الإسلام والاستماتة في استسلامنا لهم ، ونشر ثقافة الذل والخنوع لجبروتهم والتخاذل أمام سطوتهم وإجرامهم: (زعمتم بأنا قلنا قاتلوا في سبيل الله وحرضوا المؤمنين على القتال وما كان القتال سبيلنا وما كنا لنحرض المؤمنين على القتال إن ذلك إلا تحريض شيطان رجيم لقوم مجرمين) (الموعظة :2)
  فهل أصبح الجهاد إجراما ؟! وهل أصبح أمر الله بتحريض المؤمنين قول شيطان رجيم ؟! تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا.
    وفي سورة "  الصلاح " المكذوبة نفي لمعاداة الكافرين والبراءة من الضالين الملحدين بقولهم افتراء علي الله: " يا أيها الذين ضلوا من عبادنا هل ندلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم تحابوا ولا تباغضوا وأحبوا ولا تكرهوا أعداءكم ، فالمحبة سنتنا وصراطنا المستقيم ،  وسكوا سيوفكم سككا ورماحكم مناجل ومن جني أيديكم تأكلون) .
    ويتوالى الجرم الأعظم والتعدي علي الله عز وجل بقولهم رفضا للقرآن العظيم في السورة ذاتها : (ولا تطيعوا أمر الشيطان ولا تصدقوه إن قال لكم : كلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم) .
    ويتواصل الرفض لاستخدام القوة في قتال الكفار أعداء الله بقولهم في السورة المزعومة نفسها: (وكم من فئة قليلة مؤمنة غلبت فئة كثيرة كافرة بالمحبة والرحمة والسلام) !!وهم يعنون بهذا  قول الله تعالى:} كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {(البقرة:249)
    والجهاد كما أخبر المعصوم S ذروة سنام الإسلام ، فقَالَ : (رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ) ([6])
 ويُخْطئ من يظن أن الجهاد في الإسلام هو فقط حمل السلاح ضد العدو، وهذا ما يحاول أن يروج له أعداء الجهاد ، فالجهاد في الإسلام أشمل وأعم من هذا ، فمن صور الجهاد في الإسلام  :
    < أن يعمل كل في موقعه لزيادة الانتاج ، وتحقيق ما يسمى بالاكتفاء
الذاتي ، حتى لا يكون المسلمون عالة على غيرهم .
 <   الدعوة للدين ، والرد على شبهات المستشرقين والملحدين .
  <إعداد العدة للدفاع عن الدين والوطن من مطامع المعتدين ، ومن أعظم صور الجهاد ما قام به عالم الذرة الباكستاني الدكتور (عبد القدير خان ) ، الذي ساعد باكستان لعمل توازن عسكري مع الهند ، ولولا هذا لنشبت حرب بين الدولتين لا يعلم إلا الله كيف ستكون نتائجها الوخيمة على العالم أجمع .
    فالإعداد للقوة قدر الاستطاعة  هو أمر إلهي  العمل به هو قمة العبادة ، قال تعالى : } وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ { (الأنفال:60)
    و) تشويه معنى الشهادة في سبيل الله
   ولم ينس صاحب الفرقان في غمار حملته على الجهاد والمجاهدين  أن يشوه صور الشهيد ، وذلك من خلال إظهار كل من يستشهد في سبيل الله لا يقوم بعمل وطني أو ديني وإنما " لرغبته الجنسيـة " ، ففي سورة (الروح :1:3)  ينكشف وبشكل واضح نيات هذا الكتاب والأهداف التي ابتغاها معدّوه ، ففيها يتطرقون إلى " الشهادة " ويعكس مضمونها هدف المجموعة من ترويج هذا الكتاب هذه الأيام في المناطق الفلسطينية حيث العمليات الاستشهادية التي تنفذها التنظيمات الفلسطينية في إسرائيل.
     تقول السورة المشوّهة والتي لا عَلاقة لها بالقرآن: "يا أيها الذين ضلوا من عبادنا : إذا سئل أحدكم عن الروح قال: الروح من أمر ربي ، فما أوتيتم من العلم كثيراً أو قليلاً وما سألتم أهل الذكر الذين بشروا بالروح قبل جاهلية ملتكم بمئات السنين ، وإذا استشهدتم في سبيل جنة الزنى فقد نعم كفرة الروم قبلكم بجنة تجري من تحتها الأنهار يلبسون فيها ثياباً خضراً وحمراً متقابلين ومتكئين على الأرائك يطوف عليهم ولدان ونساء بخمور ولحم طير وما يشتهون وهم الكافرون ، وبزت جنتهم جنتكم التي استشهدتم في سبيلها فرحين طمعاً بما وعدتم به من زنى وفجور...".
ولم تسلم الجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى لعباده الموحدين الصالحين من تحريف هؤلاء ، فوصفوا جنة المسلمين بأنها مواخر للزناة ، ومغاور للقتلة ، ومخادع رجس للزانيات ، ونزل دعارة للسكارى والمجرمين كما في
(سورة الكبائر: 53) .
    ويرى مؤلف هذا الكتاب أنه لا زواج ولا طعام ولا شراب في الجنة ، وإنما كالملائكة يسبحون بحمد الله ، هذه هي جنة المؤمنين ، أما الشياطين (ويعني بهم المسلمين)  فهم في كهوف تعج بالقتلة والكفرة والزناة يتمرغون في حمأة الفجور  تلفحهم زفرات الغرائز ، وتسوطهم شهوة البهائم ، فهم في الرجس والموبقات غارقون وفي شغل فاكهون ، متكئون على سرر مصفوفة ، والمسافحات مسجورات في المواخر يطوف عليهم ولدان اللواط بأكواب الرجس والخمر الحرام ، يلغون فيها فلا هم يطفئون أوارهم ولا هم يرتوون" (الجنة :1: 4).
    وحجة هؤلاء الأقزام في التنفير من جنة المسلمين أنها جنة مادية ؟ والسؤال وماذا فى الجنة المادية ؟ ألا تحبون الأكل ؟ ألا تحبون الشرب ؟ ألا تحبون الجنس ؟ ألا تحبون التمتع بالظلال والجمال والهدوء ؟ ألا تحبون أن تستمعوا إلى الأصوات العذبة الجميلة ؟ ألا تحبون راحة البال وسكينة النفس بعد كل هذا القلق الذى اصطليناه فى الدنيا ؟ إن من  يقول : " لا " لأى من هذه الأسئلة لهو ثُعْلُبَانٌ كذابٌ أَشِرٌ عريقٌ فى النفاق والدجل ! فما الحال إذا عرفنا أن هذه المتع الفردوسية ستكون متعا صافية مبرَّأة من كل ما كان يتلبَّس بها على الأرض من نقصان ونفاد وملل أو كِظَّة وغثيان أو قلق وآلام وأوجاع وإفرازات وعلل وتعب وكدح وصراع وخوف ، وكذلك من كل ما كان يعقبها من إخراج وتجشؤ وفتور وإرهاق ونوم ومرض ... إلخ ؟ .
     لقد ذكر القرآن المجيد  أن أهل الجنة } لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِين { (الحجر:48)  وأنهم سيَبْقَوْن " } خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً{ (الكهف:108)  ، فما وجه التنطع والاشمئزاز الكاذب إذن ؟ لقد لاحظتُ أن الذين يُزْرُون على جنة القرآن هم من أشد الناس طلبا للدنيا وتطلعا إليها وانخراطا فيها وسعارا محموما خلف  لذائذها  ومنهم هؤلاء المبشرون الذين كانوا ولا يزالون يمثلون طلائع الاستعمار والاحتلال الغربى لبلادنا وبلاد كل الشعوب المستضعفة ، ذلك الاستعمار الذي يريد أن يستمتع بطيبات الحياة دوننا ويترك لنا الجوع والفقر والجهل والمرض والقذارة والذلة والتخلف والشقاء ! أليس مضحكا أن يأتى هؤلاء بالذات ليُظْهِروا النفور من تلك اللذائذ ؟ فمن هم إذن يا تُرَى الذين سُعِروا بحب الجنس على النحو الذى نعرفه فى بلاد الغرب واقعًا مَعِيشًا ، وأدبا مكتوبا ، ولوحاتٍ مصوَّرَةً ، وأفلاما عارية ، ومسرحياتٍ عاهرة؟ أفإن جاء الرسول الكريم S وقال لنا إنكم ستستمتعون بهذه الطيبات فى  الجنة لكنْ مصفَّاةً  مما يحفّها هنا على الأرض من أكدار وشوائب ، ومصحوبةً بالمحبة بين أهل الجنة ومشاهدتهم لوجه ربهم العظيم ذى الجلال والإكرام وتمتعهم بالرضا الإلهى السامى عنهم وانتشائهم بالتسبيحات الملائكية حولهم ، نَلْوِى عنه عِطْفنا ونشمخ بأنوفنا ونُبْدِى التأفف والتنطُّس ؟ إن هذا ، وَايْمِ الحق ، لَنِفاقٌ أثيم ! ([7])
     سنسمع هؤلاء  المنافقين المنغمسين فى شهوات الجسد يتحدثون بتأفف عن هذه اللذائذ التى لا تليق فى نظرهم ببنى الإنسان ، وهم الذين يمارسون اللِّواط والسِّحاق  مما ينزل بهذا الجسد وصاحبه أسفل  سافلين .
     وهاهو السيد  المسيح u نفسه فى الفقرات التى سبقت  جوابه على سؤال اليهود ، حين أراد أن يوضح ملكوت السماوات ، وهو ما يقابل الجنة عندنا ، ضرب لمستمعيه مثلا من عُرْسٍ أقامه أحد الملوك لابنه أَوْلَمَ فيه وليمةً  قُدِّمَتْ فيها الذبائح والمسمَّنات ، وحضرها المدعوُّون وقد لبسوا الحلل التى تليق بهذه المناسبة  السعيدة . فعلام يدل هذا ؟ وهل يختلف يا ترى عما نقوله نحن عن الجنة ؟ أَوَلَمْ يقول ( مرقس: 14 : 25 ، ولوقا : 22 :  18) إنه سيشرب عصير الكرمة فى ملكوت الله  جديدا ، أى على نحو آخر غير ما كان عليه فى الدنيا ، وهو ما يقوله الإسلام ؟  أولم يقل لتلاميذه إنهم سيأكلون ويشربون معه على مائدته فى الملكـوت  ( لوقا : 22 : 29 – 30 ) ؟ فما الفرق بين الشراب والطعام وبين الجنس ؟ أليست كلها متعا من متع هذه الدنيا التى تتأففون منها نفاقا
ورياء ، وأنتم غارقون فيها إلى أذقانكم ؟  
     ثم أين كان آدم وحواء فى بدء أمرهما ؟ ألم يكونا فى الجنة ؟ فماذا كانا يفعلان هناك ؟ يقول " كتابكم المقدس " إن هذه الجنة كان فيها أشجار حسنة المنظر طيبة المأكل ، وإن الرجل يترك أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسدا واحدا ، وإن آدم وزوجه كانا عُرْيانين لا يشعران بخجل ، وإن الله قد ضمن لهما الخلود فيها... إلخ ( تكوين : 2 : 8 – 9 ، 24) ، فما معنى كل هذا ؟ وماذا كان أبوانا الأوَّلان يعملان فى الجنة ؟  أكانا يكتفيان بتمضية وقتهما فى التأملات الروحانية واضعَيْن أيديهما على خدودهما ليلا ونهارا ؟  كذلك يتحدث "  بولس " فى رسالته الأولى لأهل كورنتس  ( 15 : 35 فصاعدا ) عن " الأجساد الأخروية " التى لا تعرف الفساد ولا التحلل والتى يسميها أيضا بـ " الأجساد السماوية " و" الأجساد الروحانية " ، وفى السِّفْر المسمَّى بـ " رؤيا القديس يوحنا " وَصْفٌ مفصَّلٌ لكثير من متع الفردوس وعذابات الجحيم ، وكلها مادية كالمتع  والعذابات التى نعرفها فى دنيانا هذه ، مع التنبيه بين الحين والحين إلى أن كل شىء من هذه الأشياء سيكون جديدا ولا يجرى عليه ما كان يجرى على نظيره فى الأرض من فساد ونقصان ، وهو ما لا يختلف عما قلناه ، فلم التعنت إذن ومهاجمة الإسلام نفاقا وحقدا ؟ ([8])
     ولعلك أخي الحبيب تعرف سبب تنفيرهم من الجنة وسلبها ما فيها من
 نعيم ، إنهم يريدون تشويه صورتها في أعين المسلمين ؛ حتى لا يعملوا لها ويقبلوا على ملذات الدنيا دون النظر إلى جنة الآخرة وما فيها من نعيم مقيم أخبر به الصادق الأمين فقال فيما أخبر عن رب العالمين : ( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) ([9])
    ز)  بث الشبهات حول الإسلام
   لقد أثار واضعوا هذا الكتاب الكثير من الشبهات الساقطة التي باستطاعة المسلم العادي فضلا عن العالم أن يقوم بالرد عليها ، وهم بذلك يهدفون إلى تشويه صورة الإسلام عند غير المسلمين ممن لا يعرفون عن الإسلام إلا اسمه ومن هذه الافتراءات :
   1)  الزعم أن بالقرآن أخطاء لغوية ونحوية
   بمنتهى الصفاقة زعم شورش أن القـرآن الكريماحتوي علي أكثر من (100) خطأ لغوي في قواعد النحو ،  أما الفرقان الجديد فليس به أخطاء ، وكنا نود منه أن يذكر لنا هذه المواضع ، والحقيقة أن كتاب الفرقان المزعوم يطفع بالأخطاء الساذجة التي لا يقع فيها طفل في المرحلة الابتدائية  ولكن يأبى الله إلا أن يكشف ستر هذا الكذاب ، وسوف أنقل بعضا من أخطائه اللغوية الساذجة التى سقط فيها سقوطَ الجرادل: ([10])
·       بدأ الكلام بواو العطف
   هل رأيتم أحدا قَطّ يبدأ كلاما جديدا لـه بواو العطف ؟ إن هذه الواو إنما تعنى أن هناك كلاما سابقا وأن الكلام الحالىّ هو امتداد لفظى ومعنوى لـه ، وهو ما لا وجود لـه هنا لأن هذه هى بداية السورة ، وهل قبل البداية شئ ؟ وعلى رغم وضوح المسألة بل نصاعتها فإن هؤلاء اللصوص لا يراعون هذه البديهية فى عالم النحو والكتابة والأساليب ، فتجدهم يقولون مثلا فى
مطلع " سورة الطهر " : " ودعانا الشيطان بأسماءٍ قُبْحَى غيّبها بأسماء حسنى مكرًا منه ...  إلخ  " ، وفى مطلع  " سورة الرعاة  " ومَثَلُ الرسول الصالح كمَثَل راع أورد رعيته وِرْدا طهورا ... " ، وفى" سورة المحرِّضين " نطالع :
" ونَهَيْنا عبادنا عن القتل ووصَّيناهم بالرحمة والمحبة والسلام ... " . وعلى نفس الشاكلة تجرى بدايات سُوَر " الإيمان والحق والطهر والزنى والمائدة والمعجزات والضالين والصيام والماكرين والأمّيِّين والصلاة والملوك  والهدى " وغيرها . ترى علام يدل هذا ؟ إنه يدل على أن الأمريكان والصهاينة رغم كل تقدمهم العلمىّ والتقنىّ والعسكرىّ والسياسىّ والتخطيطىّ لا يستطيعون أن يحبكوا تآمرهم على القرآن الكريم الذى يُضْرَب بهوان أتباعه وتخلفهم في هذا العصر.
·       رفع خبر كان
  يقول فرقانهم الباطل : " وما كان النجسُ والطمثُ والمحيضُ والغائطُ والتيممُ والنكاحُ والهجرُ والضربُ والطلاقُ إلا كومةُ رِكْسٍ لفظها الشيطان بلسانكم " ( الطهر:6)، وصوابها : "  كومةَ ركس " بفتح التاء لأنها خبر " كان" )
·       نصب الفاعل
  في سورة ( الصلاة :3) " كى يَشْهَدهم الناسَ " ، بفتح سين " الناس " رغم أنها فاعلٌ حقُّه الرفعُ بالضمة ) .              
·       الجهل بالضمائر
   وفي نفس السورة والفقرة " ذلكم هم المنافقون " ، وهى غلطة لا يمكن أن يقع فيها إلا هذ الأمريكانى من الذين يقولون : " يا خبيبى ! يا خَبّة إينى " ، أما لو كان رب العالمين هو الذى أنزل هذا الكتاب لقال :  " أولئك : أولئكم هم المنافقون " ، إذ إن الكاف التى فى آخر اسم الإشارة لا علاقة لها بالمشار إليه ، الذى هو هنا " المنافقون " ، بل تتغير حسب طبيعة من نخاطبه : إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا ، أما الذى يتغير حسب تغير المشار إليه فهو اسم الإشارة نفسه . ومادام " المنافقون " جمعا فينبغى استخدام " أولئك  هم المنافقون " .
ترى أَفَهِم الأوباشُ أم نُعِيد الكلام من البداية ؟
·       همزة وصل جعلها قطع
   في سورة ( الإخاء :11) و" الإنتقام " ، بهمزة تحت الألف ، وهو خطأ شنيع صحته " الانتقام " دون التلفّظ بالهمزة لأنها همزة وصل لا تُنْطَق ) و" بإسمنا "
( الماكرين :15) ، وهى مثل الهمزة فى " الانتقام " لا ينبغى أن تُلْفَظ ) . 
·       عدم التفريق جمع مؤنث السالم وجمع تكسير
    في سورة ( الماكرين : 7)  " سلبتم أقواتِهم " ، وهو جهلٌ مُدْقِع  أستغرب كيف يقع فيه شيطان ، والشياطين رغم شِرّيرِيّتهم ، لا يخطئون مثل هذه الأخطاء البدائية ، فالصواب هو  فتح تاء " أقواتَهم " لأنها ليست جمع مؤنث سالما كما يظن الأغبياء ، بل جمع تكسير ، فلذلك تُنْصَب بالفتحة لا
بالكسرة ".
·       استبدال حظيرة بحضيرة
  ورد في سورة (الرعاة : 13) وفي سورة ( والمحرّضين :10 ) "حضيرة " والصواب ، كما لا يخفى إلا على جاهل قد طمس الله على عينه وجعل على عقله غشاوة ، هو "حظيرة "  
   وفي سورة ( الماكرين :17) قال : " زَنُوا " من " الزنى " ، وهو خطأ لا يليق صوابه " زَنَوْا " )
·       نصب المضارع بغير ناصب
  في سورة ( النسخ : 10) نقول لـه : " كن فيكونَ " بفتح نون " يكون " من غير أى داع ، والواجب ضمّها لأن الفعل المضارع لم يسبقه ناصب من أى نوع)
 
 
·       كسر همزة المفعول الثاني للفعل
  في سورة (المشركين : 12)  و" أشرك بنا من يشاركنا وِلائِنا لعبادنـا "، بكسر همزة " ولاء " ، وحقها الفتح لأن الكلمة مفعول ثان للفعل ". 
   وما ذكر قطرة من بحر الأخطاء التي يطفح بها هذا الرجس المسمى بالفرقان.
   2)  الزعم بأن الإسلام انتشر بحد السيف
   حاول المؤلف القزم إثبات أن الإسلام انتشر بحد السيف ، وردد هذه الفرية في أكثر من سورة من سورهم المزيفة مثل : " سورة القتل " و" سورة الماكرين " و" سورة الطاغوت " و" سورة المحرِّضين " و" سورة الملوك " و " سورة الجزية " فقال :  "وحمل الذين كفروا على عبادنا بالسيف ، فمنهم من استسلم للكفر خوف السيف والرَّدى فآمن بالطاغوت مكرهاً فسلم وضل سبيلا ، ومنهم من اشترى دين الحق بالجزية عن يد صاغراً ذليلاً ، ومنهم من تمسك بالدين الحق فقتلوه في سبيلنا" (الجزية :5) ، وجاء في (العطاء :10) " ورحتم تقتلون المؤمنين من عبادنا  وتكرهون الناس بالسيف على الكفر ، وهذه سُنَّة المجرمين ، ألا تعساً للمنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون" ، وفي سورة ( القتل :5) " وبأنهم هدموا الكنائس ، وقتلوا القائمين عليها " .. واعتديتم على بيوت أذنا أن تُرفع ويذكر فيها اسمنا ، وهدمتم كنائس وبيعا يُسبح لنا فيها بالغدو والأصال ، وسعيتم لخرابها وقتلتم القانتين المؤمنين من عبادنا وتلكم أفعال المجرمين" .
   وإمعاناً في وصف المسلمين بالقتلة وسفك الدماء خصهم بسورة سماها سورة (القتل :31)
   وهذه الاتهام الإسلام منه برئ براءة رحم الفيل من ولد الأتَان ، فقد احترم الإسلام حرية الاعتقاد ، وقاتل من أجلها ، وجعل الأساس في الاعتقاد أن يكون بالاختيار الحر الخالي من كل إكراه ، ونصوص الكتاب والسنة وواقع المسلمين قديما وحديثا يؤكد على أن الإسلام لا يجبر أحدا على تغيير عقيدته ، انظر إلى قول الله تعالى : } وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ{ (الكهف:29) وقوله تعالى : } لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ {  (البقرة:256)  وقوله تعالى :  }قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ  لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ{ (الكافرون) 
   أحد النصارى المنصفين يرد على هذه الفرية     
   ولماذا نذهب بعيدا ،  فقد أجريت دراسة صدرت مؤخرا بعنوان : " انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء" لأحد  المنصفين ،  وهو الباحث النصراني المصري الدكتور " نبيل لوقا بباوى " أثبت فيها براءة الاسلام من تهمة نشر الإسلام بالقوة ، وسأفصح لما كتبه المجال ليكون حجة على بني جلدته ، لأنه إذا جاء الدفاع من نصراني أثاره الظلم الذي يتعرض له الإسلام  فمضى يناصر الحق والعدل ، فهذا هو ما يثير الإنتباه ويدعو إلى التفاؤل ، ويؤكد أن الباطل مهما كثر أنصاره وقوي أتباعه فإن الحق في النهاية لا بد أن ينتصر ويعلو.
   ناقشت الدراسة هذه التهمة الكاذبة بموضوعية علمية وتاريخية أوضحت خلالها أن الإسلام بوصفه دينا سماويا لم ينفرد وحده بوجود فئة من أتباعه لا تلتزم بأحكامه وشرائعه ومبادئه التي ترفض الإكراه على الدين  وتحرم الاعتداء على النفس البشرية ، إن سلوك وأفعال وفتاوى هذه الفئة من الولاة والحكام والمسلمين غير الملتزمين لا تمت إلى تعاليم الإسلام بصلة.
   وقالت الدراسة : حدث في المسيحية أيضاً التناقض بين تعاليمها ومبادئها التي تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام بين البشر وعدم الاعتداء على الغير وبين ما فعله بعض أتباعها في البعض الآخر من قتل وسفك دماء واضطهاد وتعذيب ، مما ترفضه المسيحية ولا تقره مبادئها ، مشيرة إلى الاضطهاد والتعذيب والتنكيل والمذابح التي وقعت على المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك ، لا سيما في عهد الإمبراطور (دقلديانوس) الذي تولى الحكم في عام 284م ، فكان في عهده يتم تعذيب المسيحيين الأرثوذكس في مصر بإلقائهم في النار أحياء ، أو كشط جلدهم بآلات خاصة ، أو إغراقهم في زيت مغلي  أو إغراقهم في البحر أحياء ، أو صلبهم ورؤوسهم منكسة إلى
أسفل ، ويتركون أحياء على الصليب حتى يهلكوا جوعا ، ثم تترك جثثهم لتأكلها الغربان ، أو كانوا يوثقون في فروع الأشجار ، ويتم تقريب فروع الأشجار بآلات خاصة ثم تترك لتعود لوضعها الطبيعي فتتمزق الأعضاء الجسدية للمسيحيين إربا إربا.
    وقال الدكتور نبيل لوقا : إن أعداد المسيحيين الذين قتلوا بالتعذيب في عهد الإمبراطور " دقلديانوس " يقدر بأكثر من مليون مسيحي إضافة إلى المغالاة في الضرائب التي كانت تفرض على كل شيء حتى على دفن الموتى ، لذلك قررت الكنيسة القبطية " الأرثوذكسية " في مصر اعتبار ذلك العهد عصر الشهداء في مصر، وأرخوا به التقويم القبطي تذكيرا بالتطرف المسيحي.
    وأشار الباحث إلى الحروب الدموية التي حدثت بين " الكاثوليك"  و"البروتستانت " في أوروبا ، وما لاقاه " البروتستانت" من العذاب والقتل والتشريد والحبس في غياهب السجون إثر ظهور المذهب " البروتستانتي " على يد الراهب " مارتن لوثر" الذي ضاق ذرعا بمتاجرة الكهنة بصكوك الغفران.
    وهدفت الدراسة من وراء عرض هذا الصراع المسيحي إلى :
   أولا ً: عقد مقارنة بين هذا الاضطهاد الديني الذي وقع على المسيحيين الأرثوذكس من قبل الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك وبين التسامح الديني الذي حققته الدولة الإسلامية في مصر، وحرية العقيدة الدينية التي أقرها الإسلام لغير المسلمين وتركهم أحراراً في ممارسة شعائرهم الدينية داخل كنائسهم ، وتطبيق شرائع ملتهم في الأحوال الشخصية، مصداقا لقوله تعالى في سورة البقرة: } لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ { ([11])، وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين في الدولة الإسلامية إعمالا للقاعدة الإسلامية " لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهذا يثبت أن الإسلام لم ينتشر بالسيف والقوة لأنه تم تخيير غير المسلمين بين قبول الإسلام أو البقاء على دينهم مع دفع الجزية (ضريبة الدفاع عنهم وحمايتهم وتمتعهم بالخدمات) ، فمن اختار البقاء على دينه فهو حر.. وقد كان في قدرة الدولة الإسلامية أن تجبر المسيحيين على الدخول في الإسلام بقوتها ، أو أن تقضي عليهم بالقتل إذا لم يدخلوا في الإسلام قهراً، ولكن الدولة الإسلامية لم تفعل ذلك تنفيذا لتعاليم الإسلام
ومبادئه ، فأين دعوى انتشار الإسلام بالسيف؟
     ثانياً : إثبات أن الجزية التي فرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الأمان التي وقعت معهم ، إنما هي ضريبة دفاع عنهم في مقابل حمايتهم والدفاع عنهم من أي اعتداء خارجي، لإعفائهم من الاشتراك في الجيش الإسلامي حتى لا يدخلوا حرباً يدافعون فيها عن دين لا يؤمنون به..
     وتقول الدراسة إن الجزية كانت تأتي أيضا نظير التمتع بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين مسلمين وغير مسلمين ، والتي ينفق عليها من أموال الزكاة التي يدفعها المسلمون بصفتها ركناً من أركان الإسلام ، وهذه الجزية لا تمثل إلا قدرا ضئيلا متواضعاً لو قورنت بالضرائب الباهظة التي كانت تفرضها الدولة الرومانية على المسيحيين في مصر، ولا يعفى منها أحد ، في حين أن أكثر من 70% من الأقباط الأرثوذكس كانوا يعفون من دفع هذه الجزية ؛ فقد كان يعفى من دفعها: القصر والنساء والشيوخ والعجزة وأصحاب الأمراض والرهبان.
    ثالثاً : إثبات أن تجاوز بعض الولاة المسلمين أو بعض الأفراد أو بعض الجماعات من المسلمين في معاملاتهم لغير المسلمين إنما هي تصرفات فردية شخصية لا تمت لتعاليم الإسلام بصلة ، ولا علاقة لها بمبادئ الدين الإسلامي وأحكامه ، فإنصافاً للحقيقة ينبغي ألا ينسب هذا التجاوز للدين الإسلامي ، وإنما ينسب إلى من تجاوز ، وهذا بالضبط يتساوى مع رفض المسيحية للتجاوزات التي حدثت من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك ضد المسيحيين الأرثوذكس.. ويتساءل قائلا: لماذا إذن يغمض بعض المستشرقين عيونهم عن التجاوز الذي حدث في جانب المسيحية ولا يتحدثون عنه ، بينما يُجَسمون التجاوز الذي حدث في جانب الإسلام ، ويتحدثون عنه ؟! ولماذا الكيل بمكيالين ؟! والوزن بميزانين ؟!
    وأكد الباحث أنه اعتمد في دراسته على القرآن والسنة وما ورد عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم- لأن في هذه المصادر وفي سير هؤلاء المسلمين الأوائل الإطار الصحيح الذي يظهر كيفية انتشار الإسلام وكيفية معاملته لغير المسلمين.
     ويواصل قائلا : أما ما يفعله المستشرقون من الهجوم على الإسلام والحضارة الإسلامية من خلال إيراد أمثلة معينة في ظروف معينة لموقف بعض أولي الأمر من المسلمين أو لآراء بعض المجتهدين والفقهاء ، أو لموقف أهل الرأي من المسلمين في ظروف خاصة في بعض العهود التي سيطر فيها ضيق الأفق والجهل والتعصب ، فإن هذه الاجتهادات بشرية تحتمل الصواب والخطأ ، في حين أن ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية لا يحتمل الخطأ.
     ويضيف : إذا كانت هناك أفعال لبعض الولاة المسلمين أو بعض الجماعات تخالف أحكام الكتاب أو السنة فهي تنسب إلى أصحابها ، ولا يمكن أن تنسب إلى الإسلام ، وطالبت الدراسة المسلمين أن يعيدوا النظر في أسلوبهم ومنهجهم عند مخاطبة غير المسلمين ، وأن يسيروا في الطريق السليم الصحيح الذي رسمه لهم دينهم الإسلامي ، وسار فيه الرسول(S) ([12]) والخلفاء الراشدون من بعده ، لاسيما بعد الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام حاليا بعد أحداث
 (11 سبتمبر عام 2001م ).
     وأكدت الدراسة على ضرورة مخاطبة الغرب وأمريكا والعالم الخارجي بأسلوب الإقناع بعيداً عن العصبية ، لتغيير المفاهيم التي روج لها المستشرقون في الغرب ، واستغلها الساسة والمثقفون والكتاب الذين لهم موقف معاد للإسلام ، ويتحلون بروح التعصب ، لأن الإقناع بحقائق الأمور في حقيقة الإسلام هو خير وسيلة لتغيير المفاهيم في الغرب عن الإسلام عبر التاريخ وعبر التسلسل التاريخي لرسالة الإسلام.
    ومضت الدراسة تدحض ما يقوله البعض من أن الإسلام انتشر بحد السيف ، وأنه قتل أصحاب الديانات المخالفة ، وأجبرهم على الدخول في الدين الإسلامي قهراً وبالعنف ، موضحة أن الرسول (S) بدأ بدعوة أصحابه في مكة ممن كان يثق فيهم ، فأسلم أبو بكر الصديق وخديجة وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وتبعهم غيرهم ، وكان الرسول
 (S) يعرض الإسلام في موسم الحج على القبائل في مكة ، وقد اقتنع جماعة من الأوس والخزرج بدعوته  وحينما عادوا إلى يثرب أو المدينة دعوا أهلها للدخول في الإسلام ، تم ذلك دون أن يستل الرسول سيفاً أو يقاتل أحداً ، بل العكس هو الصحيح ، لقد تعرض المسلمون للاضطهاد من مشركي قريش ، وكان سلاح المشركين الإهانة والضرب المفرط والتنكيل بالمسلمين بأبشع ألوان التعذيب ، ولم يفكر المسلمون بإخراج السيوف من أغمدتها.
    وقالت الدراسة إن الرسول (S) أمضى في مكة ثلاث عشرة سنة يدعوهم للدخول في الإسلام بالحجة والموعظة الحسنة ، وبعد أن استتب الأمر للإسلام داخل المدينة بدأ الرسول (S) نشره خارجها بالحجة والإقناع للكفار الذين لا يؤمنون بالله وإلا فالقتال.. أما أصحاب الديانات الأخرى السماوية كاليهودية والمسيحية فكان يخيرهم بين دخول الإسلام عن اقتناع أو دفع الجزية ، فإن لم يستجيبوا يقاتلهم ، وهذا التخيير يعني أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف كما يردد بعض المستشرقين.
 
 
·       غزوات الرسول  (S) وأسبابها
   ثم جاءت موقعة بدر التي لم تكن من أجل نشر الإسلام بحد السيف ، بل كان وراءها رغبة المسلمين في استرداد جزء من حقوقهم المغتصبة وأموالهم ومنازلهم التي تركوها في مكة رغما عنهم قبل الهجرة ، فخرجوا لأخذ قافلة تجارية لقريش ، وعندما علمت قريش بذلك خرجوا بأسلحتهم لقتال المسلمين.
ثم كانت موقعة أحد دفاعاً عن النفس والدعوة الإسلامية ، لأن كفار قريش بقيادة أبي سفيان توجهوا من مكة إلى جبل أحد بالقرب من المدينة للقضاء على الدعوة الإسلامية في مهدها قبل أن تنتشر في شبه الجزيرة العربية.
    ثم كانت موقعة الخندق أيضا دفاعا عن النفس ، بعد أن قام اليهود بتجميع الأحزاب من القبائل ، وعلى رأسهم قريش لمهاجمة المسلمين في المدينة وقتل الرسول (S)  ، وقد ثبت في موقعة الخندق أن اليهود هم المحرضون الأساسيون لها ، فقد حرضوا قريشاً ، ثم توجهوا إلى قبيلة غَطَفان وقبيلة بني مُرة ، ثم توجهوا إلى قبائل سليم وأشجع وفزارة وسعد وأسد وحرضوهم على قتال المسلمين ؛ لذلك فقد كان الرسول (S) معه كل الحق حينما طردهم من المدينة ، لأنهم نقضوا العهد الذي أبرمه معهم ، وانضموا في موقعة أحد إلى أعداء الإسلام ، وكانوا كالشوكة في ظهر المسلمين أثناء وجودهم في المدينة بإعطاء أسرارهم لكفار قريش وإحداث المشاكل داخل المدينة ومحاولة الوقيعة بين الأنصار والمهاجرين.
    وبعد صلح الحديبية نجد الإسلام ينتشر بين قادة قريش عن اقتناع ، حيث اسلم " خالد بن الوليد " و" عمرو بن العاص " وتوجها بإرادتهما الحرة من مكة إلى المدينة لمقابلة الرسول (S) وأسلما أمامه وبايعاه .
 
 
·       موقف المسلمين من اليهود
   وفي الوقت الذي يدعي فيه البعض أن الإسلام يقتل أصحاب الديانات الأخرى ويجبرهم على الدخول في الإسلام ، فإن الرسول (S) بمجرد قدومه إلى المدينة المنورة عقد تحالفا مع اليهود المقيمين هناك ، وذكرت الوثيقة أن اليهود الموجودين في المدينة لهم عهد وذمة الله ، وأنهم آمنون على حياتهم وعلى دينهم وأموالهم ويمارسون شعائرهم الدينية ، ورغم ذلك فقد خانوا المسلمين ونقضوا العهود.
     ويقول بعض المستشرقين وعلى رأسهم (مرجليوث) : إن الغرض الأساسي من إغارة المسلمين على اليهود إنما هو الحصول على الغنائم ، وهذا غير
صحيح ، لأن السبب الرئيسي في طرد اليهود من المدينة أنهم نقضوا العهد ، ولم يتعاونوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة ، وتحالفوا مع أعداء المسلمين ، ولذا كان جلاء اليهود ضرورة لتأمين الجبهة الداخلية حماية للدولة الإسلامية الوليدة ، وهو حق مشروع ، وكان رأي الصحابة هو قتل جميع اليهود ، ولكن الرسول (S) رضي بوساطة عبد الله بن أبي بن سلول في يهود بني قينقاع وأمر بإجلائهم أحياء من المدينة ، ولم يقتل منهم أحداً رغم أن المسلمين قد انتصروا عليهم.
    كما أجلى يهود بنى النضير دون قتل بعد محاولاتهم الفاشلة لاغتيال رئيس الدولة المتمثل في شخص النبي محمد (S)  دون أن يقتل منهم
أحدا ، ثم كان حكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ بقتل الرجال من يهود بني قريظة بعد أن خانوا عهدهم ، وألبوا القبائل على المسلمين في غزوة الخندق.
    وبعد أن علم المسلمون بخطة يهود خيبر في الهجوم على المدينة بدأوا
بالهجوم ، ولم يقتلوهم ولم يجبروهم على الدخول في الإسلام بعد أن قبلوا بدفع الجزية ، وقد أرسل الرسول (S) رسائله إلى جميع الملوك والأمراء في السنة السابعة من الهجرة يدعوهم إلى دخول الإسلام.
 ولم يرسل الرسول (S)  أي قوات لإجبار أحد على الدخول في الإسلام باستثناء حالة واحدة حين أرسل حملة لتأديب أمير مؤتة الذي قتل رسوله الحارث بن عمير الأزدي عندما كان في طريقه إلى أمير بصري ليدعوه إلى دخول الإسلام ، ولم يكن هدف الحملة نشر الإسلام بحد السيف ، ولكنها كانت لمعاقبة أمير مؤتة شرحبيل بن عمرو الغساني لفعلته اللاإنسانية في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة عام 629م.
   ولو كان الرسول (S) يريد نشر الإسلام بحد السيف أو يريد الغنائم كما يدعي بعض المستشرقين لكان ترك تبوك وتوجه إلى قوات قيصر الروم المتحصنة داخل الحصون في بلاد الشام وحاصرها من الخارج وقطع عنهم الطعام والمؤن ، ومن المؤكد أنها كانت سوف تستجيب لمطالبه إذا طال الحصار عليهم ، ولكنه لم يفعل ذلك لا مع أهل تبوك ولا مع ثقيف قبلهم في غزوة حنين ، لأن غرضه الأساسي الدفاع عن النفس والدفاع عن الدعوة الإسلامية ، وإن كان هذا لا يمنع البدء بالهجوم إذا علم أنه سيهاجم باعتبار أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
   والسؤال الذي يطرح نفسه على بعض المستشرقين ، أين هو انتشار الإسلام بحد السيف في عام الوفود ؟ وها هي الوفود من القبائل على رأسها زعماء القبائل وسادتها يأتون طواعية إلى المدينة المنورة ، ويتحملون عبء السفر رغم وعورة الطرق في ذلك الوقت ، وإثر دخولهم المدينة يتوجهون لمقابلة الرسول
(S) بحر إرادتهم يعلنون إسلامهم باسم قبائلهم.
     وتؤكد الدراسة أن حروب الردة التي قادها الخليفة الأول أبو بكر الصديق لم تكن لنشر الإسلام ، ولكنها كانت للحفاظ على وحدة الدولة الإسلامية ، بعد أن دخلت جميع قبائل العرب في حيز الدولة الإسلامية بكامل إرادتها ، ومنها من يدفع الجزية ، ومنها من يدفع الزكاة.
    وتشير الدراسة إلى أن الذي قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يصلي في المسجد كان رجلا مسيحيا من أهل الذمة ، ورغم ذلك أوصى عمر من بعده بأهل الذمة خيراً ، وأن يوفى بعهدهم وأن يقاتل عنهم وألا يكلفوا فوق طاقتهم.([13])
     أقول :  لا تعليق بعد هذا الكلام المفحم من أحد النصارى المنصفين !!
   3) الجزية
   أكثر كاتب " الضلال المبين " الكلام عن الجزية بصورة غير صحيحة ، حتى ليخيَّل لمن لا يعرف الأمر أن المسلمين كانوا يصادرون أموال الأمم التى يفتحون بلادها ، مع أن المبلغ الخاص بالجزية لم يكن يزيد على  بضعة دنانير فى العام عن الشخص الواحد ، فضلا عن أنه لم تكن هناك جزية على الأطفال والنساء والشيوخ والرهبان . وفى المقابل كان غير المسلمين يُعْفَوْن من دفع الزكاة على عكس المسلم ، كما كانوا يُعْفَوْن من الاشتراك فى الحرب . وبهذا يكون المسلمون قد سبقوا كالعادة إلى مبدأ الإعفاء من الحرب على أساس مما نسميه الآن : " تحرُّج الضمير " ، إذ لمّا  كان أهل البلاد المفتوحة غير مسلمين كانت الحرب تمثّل لهم عبئًا نفسيًّا وأخلاقيا أراد الإسلام أن يزيحه عن كاهلهم بطريقة واقعية سمحة .
    وفضلا عن هذا فإن المسلمين ، فى الحالات التى لم يستطيعوا فيها أن يحموا أهل الذمة ، كانوا يردون إليهم ما أخذوه منهم من جزية ، إذ كانوا ينظرون إليها على أنها ضريبة يدفعها أهل الذمة لقاء قيامهم بالدفاع عنهم.
    ومع ذلك كله  يُبْدِئ الشياطين مزيفو " الضلال المبين " ويُعِيدون فى مسألة الحروب الإسلامية مدَّعين بالباطل أن المسلمين كانوا يقتلون أهل البلاد التى يفتحونها إلا إذا دفعوا الجزية : " وحَمَل الذين كفروا على عبادنا بالسيف فمنهم من استسلم للكفر خوفَ السيف والرَّدَى فآمن بالطاغوت مُكْرَهًا فسَلِم وضلَّ سبيلا * ومنهم من اشترى دين الحق بالجزية عن يدٍ صاغرًا ذليلا * ... * وزعمتم بأننا قلنا : قاتلوا الذين لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون صُغْرا " (سورة الجزية  5 : 12 ) . والملاحظ أن الشياطين يخلطون عن عمد بين القتال والقتل ، فالآية  تقول :
" قاتلوا " لا " اقتلوا " ، والفرق واضح لا يحتاج إلى تدخل من جانبى .
     ومعنى الآية أنه ينبغى على المسلمين أن يهبوا لمقاتلة الروم ، الذين شرعوا فى ذلك الحين يتدخلون فى شؤون الدولة الإسلامية الوليدة متصورين أنها لقمة سائغة سهلة الهضم لن تأخذ فى أيديهم وقتا ، فكان لا بد من قطع هذه اليد النجسة ، وإلا ضاع كل   شىء . كما كان لا بد أيضا من أخذ الجزية منهم عن يدٍ وهم صاغرون جزاءً وفاقا على بغيهم واستهانتهم بالمسلمين وتخطيطهم لاجتياح دولتهم دون أن يَفْرُط منهم فى حقهم أى ذنب !
     وعلى أية حال فإن النصارى مأمورون بحكم دينهم أن يدفعوا " الجزية " (هكذا بالنص) لأية حكومة يعيشون فى ظلها وأن يعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله ، وهذا النص كما في إنجيل متى :" 15فَذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَآمَرُوا كَيْفَ يُوْقِعُونَهُ بِكَلِمَةٍ يَقُولُهَا. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بَعْضَ تَلاَمِيذِهِمْ مَعَ أَعْضَاءِ حِزْبِ هِيرُودُسَ ، يَقُولُونَ لَهُ: «يَامُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ النَّاسَ طَرِيقَ اللهِ فِي الْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تُرَاعِي مَقَامَاتِ النَّاسِ، 17فَقُلْ لَنَا إِذَنْ مَا رَأْيُكَ؟ أَيَحِلُّ أَنْ تُدْفَعَ الْجِزْيَةُ لِلْقَيْصَرِ أَمْ لاَ؟» 18فَأَدْرَكَ يَسُوعُ مَكْرَهُمْ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُرَاؤُونَ، لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ 19أَرُونِي عُمْلَةَ الْجِزْيَةِ!» فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20فَسَأَلَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَهَذَا النَّقْشُ؟» 21أَجَابُوهُ: «لِلْقَيْصَرِ!» فَقَالَ لَهُمْ: «إِذَنْ، أَعْطُوا مَا لِلْقَيْصَرِ لِلْقَيْصَرِ، وَمَا لِلهِ لِلهِ» 22فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا، مَدْهُوشِينَ مِمَّا سَمِعُوا"([14])
    كما أن " بولس " ، الذى يخالف فى غير قليل من أحكامه ما قاله نبيُّه ، قد كرر هنا نفس ما قاله السيد " المسيح " فأمرهم بالخضوع لأية حكومة تبسط سلطانها عليهم وألا يحاولوا إثارة الفتن ، لأن تسلط هذه الحكومات عليهم إنما هو بقَدَر من الله كما قال لهم ، ومن ثم لا ينبغى التمرد على سلطانها ، بل عليهم دفع الجزية والجبايات دون أى تذمر : " لِتَخْضَعْ كلُّ نفس للسلاطين العالية ، فإنه لا سلطان إلا من  الله ، والسلاطين الكائنة إنما رتَّبها الله * فمن يقاوم السلطان فإنما يعاند ترتيب الله ، والمعاندون يجلبون دينونة على أنفسهم * لأن خوف الرؤساء ليس على العمل الصالح بل على الشرير . أفتبتغى ألا تخاف من السلطان ؟ افعل الخير فتكون لديه ممدوحا * لأنه خادمُ الله لك للخير . فأما إن فعلتَ الشر فَخَفْ فإنه لم يتقلد السيف عبثا لأنه خادمُ الله المنتقمُ الذى يُنْفِذ الغضب على من يفعل الشر * فلذلك يلزمكم الخضوع لـه لا من أجل الغضب فقط بل من أجل الضمير أيضا * فإنكم لأجل هذا تُوفُون الجزية أيضا ، إذ هم خُدّام الله المواظبون على ذلك بعينه * أدُّوا لكلٍّ حقه : الجزية لمن يريد الجزية ، والجباية لمن يريد الجباية ، والمهابة لمن لـه المهابة ، والكرامة لمن لـه
الكرامة " ([15]) وهذا الكلام خاص بخضوع النصارى للحكومات الوثنية ، فما بالنا بالحكومات المسلمة المؤمنة الموحِّدة التى لم يسمع أحد أنها فعلت بالنصارى ولا واحدا على الألف مما كانت تلك الحكومات تفعله بهم بشهادة المنصفين منهم  ؟
     وهذه هي التشريعات اليهودية التى تتسم بالقسوة الوحشية المفرطة فى معاملة الأعداء فى الحرب وبعد الحرب على السواء دون التقيد بأية التزامات أخلاقية أو إنسانية . ولسوف أقتصر هنا على نص واحد من النصوص التى وردت فى العهد القديم خاصة بالحرب ،  جاء فى الإصحاح العشرين من سفر التثنية " : " وإذا تقدَّمْتَ إلى مدينة لتقاتلها فادْعُها أولا إلى السلم * فإذا أجابتك إلى السلم وفتحت لك فجميع الشعب الذين فيها يكونون لك تحت الجزية ويتعبدون لك * وإن لم تسالمك بل حاربتك فحاصَرْتَها * وأسلمها الرب إلهك إلى يدك فاضرب كل ذَكَرٍ بحدّ السيف * وأما النساء والأطفال وذوات الأربع وجميع ما فى المدينة من غنيمة فاغتنمها لنفسك ، وكُلْ غنيمةَ أعدائك التى أعطاكها الرب إلهك * هكذا تصنع بجميع المدن البعيدة منك جدا التى ليست من مدن أولئك الأمم هنا* وأما مدن أولئك الأمم التى يعطيها لك الرب إلهك ميراثًا فلا تستَبْقِ منها نسمة * بل أَبْسِلْهم إبسالا ... " ([16])
    ومع ذلك كله يظل هؤلاء المناكيد يرددون أكاذيبهم عنا وعن قسوتنا وإكراهنا غيرنا على الدخول في ديننا ... إلى آخر تلك المفتريات  اللعينة ، ولكن ما وجه الغرابة في هذا ، وقد اجترأوا على الله نفسه فصنعوا كلاما سمجا كله كفر وسوء أدب وسفاهة وتطاول على رسول الله S، ثم ادَّعَوْا أنه من عند رب العالمين ؟ هل من يفعل ذلك يمكن أن يطمئن له عاقل ذو ضمير ؟ هل من يفعل ذلك يمكن أن يكون فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ؟ وفى النهاية أرجو أن يكون القارئ قد تنبه لحكاية " الجزية " فى النصوص السابقة المأخوذة من الكتاب المقدس بعهديه القديم  والجديد جميعا ، فإنها تكذِّب الأوغاد المجرمين مخترعى الوحى المزيف وناسبيه لرب العالمين كفرًا منهم وإلحادا ، إذ يزعمون أن الرسول S هو الذى اخترع  " الجزية " من عنده وأنها لم تنزل من السماء!.
    4) القرآن الأمريكي وقضايا المرأة
   تناول الفرقان المزعوم المرأة في مواضع كثيرة ، بل خصها بأربع سور هي: (النساء 24) ، و(الزواج 25) ، و(الطلاق 26) ، و(الزنى 27) ، وأثار فيها قضايا التعدد ، والسبي ، وقوامة الرجل ، والميراث ، وشهادة المرأة ،
 وملامستها ، وزعموا أن الإسلام امتهن المرأة كما تزعم جمعيات حقوق الإنسان الغربية الكافرة بأن الإسلام جعل المرأة سلعة تباع وتشتري بقولهم علي
الله كفرا وزورا : " وهن حرث لكم تأتون حرثكم أني شئتم ، ذلك هو الظلم والفجور فأين العدل والخلق الكريم ؟ وبدأنا خلقكم بآدم واحد وحواء واحدة فتوبوا عن شرك الزنا ووحدوا أنفسكم بأزواجكم.. فللزوج الذكر الواحد زوجة أنثي واحدة وما زاد عن ذلك فهو من الشيطان الرجيم.. فالمرأة بشرعتكم نصف وارث فللذكر مثل حظ الانثيين وهي نصف شاهد فإن لم يكن رجلان فرجل وامرأتان فللرجال عليهن درجة ، وهذا عدل الظالمين.. وإذا خشيتم عليهن الفتنة غيرة احتبستوهن بقولكم : قرن في بيوتكن ألا ساء حكم الظالمين قراراً.. فأي سلعة تبتاعون وأي بهيمة تقتنون وتسوسون؟ .
     وقالوا : "يا أيها الناس: لقد زنى من كان أحد أربعة : مشركاً بزوجته
أخرى ، أو مُطلقها دون زناها ، أو زوج مطلقة ، أو ذا عين زانية ، وفعل
 ذميم" (الزنى :12).
    ويقول : "من طلق زوجته إلا لزناها فقد زنى ، ومن أشرك بزوجته أخرى فقد زنى ، وما للزاني إلى الجنة من طريق" (الطلاق :10).
   وجاء في سورة النساء  الأمريكية  "يا أهل الظلم من عبادنا الضالين ، لقد اتخذتم من المرأة سلعة تباع وتشترى ، وتنبذ نبذ النوى ، مهيضة الجناح ، هضيمة الجانب وما كان ذلك من سنة المقسطين ، تقتنون ما طاب لكم من النساء كالسوائم تأسروهن حبيسات وهن حرث لكم تأتون حرثكم أنى شئتم ، ذلك هو الظلم والفجور ، فأين العدل ، فللذكر مثل حظ الانثيين وهي نصف
شاهد ، فإن لم يكن رجلان فرجل وامرأتان ، فللرجل عليهن درجة وهذا عدل الظالمين ، وملامسة المرأة نجس تأنفون منها قائلين: إذا جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً. واتخذتم من المرأة مورد غريزة تطلبونها أنى شئتم ولا تطلبكم ، وتطلقونها أنى شئتم ولا تطلقكم ، وتهجرونها  ولا تهجركم ، وتضربونها ولا تضربكم ، وتشركون بها مثنى وثلاث ورباع وما ملكت أيمانكم ولا تشرك بكم أحداً " (النساء :1: 8) إلى غير ذلك من السخف الذي لا ينطلي على عاقل .
   ويمكن جمع شبهات أصحاب هذا الكتاب بالنسبة للمرأة  فيما يأتي  :
·       تعدد الزوجات .
·       الطلاق .
·       مساواة المرأة بالرجل .
·       ميراث المرأة .
·       لمس المرأة .
    1) تعدد الزوجات
   لقد عاب مؤلف هذا الضلال على الإسلام أن شرع تعدد الزوجات ، ويعد أهل اللواط والسحاق تعدد الزوجات زِنًى وإشراكا بالله ، وكأنهم يؤلهون المرأة ويعدّون من يأخذ معها زوجة أخرى مشركا ،  ولو أنهم قالوا إن تعدد الزوجات من المحرمات  لكانت المسألة أهون  أما الزعم بأن الزواج بأكثر من واحدة هو زنى وشِرْكٌ فَجُنونٌ مُطْبِقٌ ، وللرد على هذه الشبهة الباطلة أقول :
    أولا : إن العهد القديم الذي يؤمن به هؤلاء يقول : إن إبراهيم وموسى وسليمان وداود وغيرهم عليهم السلام من أنبياء بني إسرائيل كانوا من أهل التعديد واتهام المسلمين بهذه التهم  هو اتهام لأنبياء بني إسرائيل
جميعا ، أليس كذلك أيها العقلاء ؟
    ثانيا : لم يأت في الإنجيل نص صريح منسوب لنبي الله عيسى u يحرم
 التعدد ، أما النص الذي زعم مؤلف " إنجيل متى "  أنه من كلام المسيح uوفهم منه القوم أنه يحرم التعدد فلايفهم منه  تحريم  التعدد بحال من الأحوال فالنص يتحدث عن الطلاق ! يقول متى : " 3وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ يُجَرِّبُونَهُ، فَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ لأَيِّ سَبَبٍ؟» 4فَأَجَابَهُمْ قَائِلاً: «أَلَمْ تَقْرَأُوا أَنَّ الْخَالِقَ جَعَلَ الإِنْسَانَ مُنْذُ الْبَدْءِ ذَكَراً وَأُنْثَى، 5وَقَالَ: لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَتَّحِدُ بِزَوْجَتِه ِ، فَيَصِيرُ الاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً؟ 6فَلَيْسَا فِيمَا بَعْدُ اثْنَيْنِ، بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَلاَ يُفَرِّقَنَّ الإِنْسَانُ مَا قَدْ قَرَنَهُ اللهُ  !» 7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى بِأَنْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ وَثِيقَةَ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» 8أَجَابَ: «بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ، سَمَحَ لَكُمْ مُوسَى بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِكُمْ. وَلَكِنَّ الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا مُنْذُ الْبَدْءِ. 9وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، وَيَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ، يَرْتَكِبُ الزِّنَى». 10فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَةَ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ، فَعَدَمُ الزَّوَاجِ أَفْضَلُ!» 11فَأَجَابَهُمْ: «هَذَا الْكَلاَمُ لاَ يَقْبَلُهُ الْجَمِيعُ، بَلِ الَّذِينَ أُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ. 12فَإِنَّ بَعْضَ الْخِصْيَانِ يُوْلَدُونَ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ خِصْيَاناً؛ وَبَعْضُهُمْ قَدْ خَصَاهُمُ النَّاسُ؛ وَغَيْرُهُمْ قَدْ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ هَذَا، فَلْيَقْبَلْهُ! "([17])
     هذا هو نص الكلام  الذي ذكروا أن عيسى u قد قاله في تعدد الزوجات وفهموا منه أنه يحرّم هذا النظام الذي أقره الأنبياء جميعا ،  ومن الواضح أن عيسى u ( إن صدّقنا أنه هو قائل هذا النص ) لم يتطرق لموضوع التعدد من قريب أو بعيد ، إذ كان الكلام كله عن الطلاق ، وإذا كان قد عرَّج  على سبيل الاستطراد إلى موضوع " الإضراب عن الزواج " ، فهذا أيضا لا علاقة لـه بالتعدد من قريب أو بعيد ، ثم جاء " بولس"  الذي قلب كيان النصرانية رأسًا على عقب ، فقال في رسالته الأولى إلى أهل كورِنْتُس (7 :1 – 2 ) :"  أما من جهة ما كتبتم به إلىَّ فحسَنٌ  للرجل ألا يَمَسّ امرأة * ولكن لسبب الزنى فلتكن لكل واحدٍ امرأته ، وليكن لكل واحدةٍ رجلها " ، وإن فُهِمَ من حديثٍ آخَرَ لـه أن هذا الحظر إنما هو خاصّ بالشمامسة . ([18]) 
     وهذا كلام يدل أقوى دلالة على أن هذا الرجل لم يكن يتمتع بأي فهم للطبيعة البشرية : فالإنسان لا يتزوج فقط من أجل ألا يقع في الزنى ، بل لأن الحياة لا يمكن أن تستمر إلا عن طريق لقاء الذكر  والأنثى ، كما أن الحب وممارسة الجنس يشكلان متعةً من أحلى متع الحياة الإنسانية وأعمقها ، متعةً ينبغي على المؤمن أن يشكر المولى عليها لا أن ينظر إليها على أنها بلوى أقصى ما يمكنه تجاهها هو الصبر عليها في مضض وتأفف ، ولو أن نصائح بولس هذه قد أُخِذ بها لكان فيها نهاية الحياة !
   ثالثا : هذا الموقف من التعدد لم يتبناه جميع النصارى فقد ظهر منهم رجال دين يبيحون الزواج مرة ثانية وثالثة ورابعة ، بل ويبيحون الجمع بين أكثر من زوجة ، ومن هؤلاء فرقة " الان نابتست " Ananabaptistes ، " والمورمون"  Mormons ، وهؤلاء الأخيرون ظلوا يمارسون التعدد حتى أوائل القرن التاسع عشر ([19]) ، بل ظهرت دعوات من مفكريهم وعلمائهم تدعو إلى إباحة التعدد الزوجات وبخاصة بعد أن عانت أوروبا من نقص شديد في عدد الرجال نتيجة للحربين العالميتين التي قتل فيهما أكثر من ثمانية وأربعين مليون رجل ([20]) ، وكذلك لانتشار الفواحش والزنا وزيادة عدد اللقطاء ومن هؤلاء " بول بيرو Boul Bureou " و"فردينا ند دريفوس Ferdinand Dryfus " ، و " بن لندسي Ben Lindsey " ، وغيرهم . ([21])
    رابعا : هل انتهى التعدد بمجرد وجود هذه التشريعات ؟ الحق أنه موجود لكنه تعدد إباحي فاسق فاجر ، وإليك صورة موجزة عن أحوال المرأة في المجتمعات الغربية وغيرها من المجتمعات التي أخذت بقانون منع الزواج بأكثر من زوجة .
    وقد تبدو الأرقام التي سنوردها عن الخيانة الزوجية مبالغاً فيها ، ولكن المصدر الذي أورد هذه الإحصائية وهي جريدة عربية يومية تصدر في لندن وليس بقصد انتقاد الغرب أو إظهار محاسن الإسلام بل لكونها مجرد خبر صحفي ، فقد جاء في هذه الإحصائية (29/5/1980) أن 75% من الأزواج يخونون زوجاتهم في أوروبا ، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشئ ذاته ([22]) ،
    وقد أفادت بعض الإحصائيات أنه  :  
·       يغتصب يومياً في أمريكا (1900) فتاة ، 20% منهن يغتصبن من قبل آبائهن!! .
·   (1,553.000) حـالة إجهاض أجريت على النساء الأمـريكيات سنة 1980م (30%) منها لفتيات لم يتجاوزن العشرين من أعمارهن. بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك !!.
·       82 ألف جريمة اغتصاب منها 80% وقعت في محيط الأسرة والأصدقاء
·       يتم اغتصاب امرأة واحد كل (3 ) ثوان ٍ سنة 1997م .
·       مليون امرأة تقريباً عملن في البغاء بأمريكا خلال الفتترة من (1980م إلى 1990م) .
·       (2500 مليون ) دولار الدخل المالي الذي جنته مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية سنة 1995م.
·       وفي بريطانيا (170 ) شابة تحمل سفاحاً كل أسبوع. ([23])
    أما عن نتائج هذه الإباحية ومنع التعدد فحدث ولا حرج : يقول :"  إيتين دينيه" ([24]) : " إن نظرية التوحيد في الزوجة (التي) تأخذ بها المسيحية ظاهرا تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء , تلك هي الدعارة , والعوانس من النساء , والأبناء غير الشرعيين  إن هذه الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد التي طبقت فيها الشريعة الإسلامية تمام التطبيق وإنما دخلتها وانتشرت فيها بعد الاحتكاك بالمدنية الغربية " ([25])
   خامسا: إن تعدد الزوجات يعد بحق من محاسن الدين الإسلامي حيث اقتضت الحاجة إلى إباحة تعدد الزوجات ، وهاكم بعضا من هذه الأسباب التي من أجلها شرع الإسلام تعدد الزوجات  :
·       نقص عدد الرجال وزيادة عدد النساء
  من سنن الله في الكون أن الرجال أقل دائماً من النساء في كل إحصائيات الدنيا تقريباً ، وسوف يأتي زمان يُصبح الرجل الواحد في مقابل خمسين امرأة ، فقـد ثبت في الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ S يَقُولُ : (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ
الْوَاحِدُ )([26])   وذلك  نتيجة للحروب التي يروح فيها من أرواح الرجال أكثر مما يذهب من أرواح النساء ، ومن الأمثلة الحديثة على هذا الأمر ما وقع في أوروبا من حربين عالميتين قضت على الملايين من الرجال مما دعا بعض المفكرين الغربيين أن ينصحوا بإقرار تعدد الزوجات ، ولكن أوروبا أصمت سمعها عن النصيحة مضحية بالقيم والأخلاق .
    تقول الأستاذة " لاندمان " : ليس هناك سوى عـدد محدود للغاية من الرجال في العالم ، فقد قُتِل بعضهم في الحروب ، والآن حـان الوقت كي تختار المرأة زوجـاً من بين الرجال المتزوجين ، وأن تتفاوض مع زوجته على أن تُصبح فرداً من أفراد أسرته ([27])
    وفي آخر الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان بالولايات المتحدة الأمريكية تبين أن عدد الإناث يزيد على عدد الرجال بأكثر من ثمانية ملايين امرأة .. وفى بريطانيا تبلغ الزيادة خمسة ملايين امرأة ، وفى ألمانيا نسبة النساء إلى الرجال هي 3 : 1 .. وفى إحصائية نشرتها مؤخرا جريدة (الميدان) الأسبوعية ([28]) : أن العلاقات المحرمة تزيد ، وكذلك ظاهرة الزواج العرفي في ظل وجود ملايين من النساء بلا زواج .
وأكدت الباحثتان " غادة محمد إبراهيم"  و" داليا كمال عزام " في دراستهما([29]) تراجع حالات الزواج بين الشباب بنسبة 90 % بسبب الغلاء والبطالة وأزمة المساكن .
     وفى كل من العراق وإيران اختل التوازن العددي بين الرجال والنساء بصورة مفزعة بسبب الحرب الضارية التي استمرت بين البلدين ثماني سنوات .. فالنسبة تتراوح بين 1 : 5 في بعض المناطق ( رجل لكل خمسة نساء ) و 1 : 7 في مناطق أخرى .. ، والأمر شديد الغرابة والخطورة في "جمهورية البوسنة والهرسك " التي فرضت عليها حرب عنصرية قذرة طحنت البلاد أربع سنوات كاملة
( من عام 1992 م حتى عام 1996م ) .. فالنسبة في معظم أنحاء " البوسنة
والهرسك " هي رجل لكل (27) امرأة !! نعم 1 : 27 !!! ، ولنا أن نتخيل حجم المأساة الاجتماعية التي يعيشها حاليا هذا البلد المسلم الذي فرضت عليه الشيوعية عشرات السنين ، ثم تحرر من الشيوعية المجرمة ليقع بين أنياب صليبية أشد فتكا وإجراما .. فماذا تفعل الفتيات المسلمات اللائي لا يجدن أزواجا من المسلمين ؟ وهل نتركهن ليتزوجن من شباب " الصرب الأرثوذكس" أو"  الكروات الكاثوليك " ، لأن بعض المتنطعين و المتنطعات يأبون تعد  الزوجات!! أو أن هؤلاء يفضلون ويفضلن أن تتخذ الفتيات المسلمات عشاقا ( زناة من خلف الستار ) على النمط الغربي المنحل ؟!
     بالإضافة إلى أن حرمان المرأة من العواطف أشد خطورة من حرمانها
 الجنسي .. فمتعة الإشباع الجنسي بدون عواطف ليس لها أي تأثير لدى
 المرأة .. بينما الكلمة الرقيقة واللمسة الحانية تأثيرها أكثر بكثير ، وتجعلها تنعم بالإشباع الجنسي .. هذا ما يؤكده الدكتور سعيد عبد العظيم – أستاذ الأمراض النفسية و العصبية بطب القاهرة – ويضيف أن الحرمان العاطفي عند المرأة هو الطريق السريع إلى الانحراف أو البرود الجنسي ، بالإضافة إلى العديد من الأمراض الجسدية والنفسية وغيرها([30])
      وفى تحقيق ساخن عن (انفجار العوانس) تذكر السيدة تهاني البرتقالي مراسلة الأهرام في الكويت ما حدث منذ سنوات عندما انتشرت ظاهرة إرسال مئات الخطابات من فتيات إلى زوجات كويتيات تطالب كل فتاة في رسالتها المرأة المتزوجة بقبول مشاركة امرأة أخرى لها في زوجها لحل مشكلة العنوسة في المجتمع الكويتي والخليجي بصفة عامة .. ويقول التحقيق الذي نشرته مجلة الأهرام العربي في عددها الأول : إن عدد عوانس الكويت حوالي (40)  ألف فتاة ، وهو عدد ليس بالقليل بالمقارنة بتعداد الشعب الكويتي ككل ، وهو نصف مليون نسمة ( أي أن نسبة العوانس في الكويت تبلغ 16 % من عدد النساء في الكويت ، الذي يزيد على الربع مليون نسمة ) .
التعدد العلاج الوحيد لتحقيق التوازن
    نريد عاقلا يجيب على هذا السؤال ماذا عن العدد الكبير من النساء اللائي لا يجدن أزواجا ؟ يحكى الدكتور " محمد يوسف موسى " ما حدث في مؤتمر الشباب العالمي الذي عقد عام "  1948م "  بمدينة " ميونخ الألمانية " .. فقد وجهت الدعوة إلى الدكتور " محمد يوسف " وزميل مصري له للمشاركة في حلقة نقاشية داخل المؤتمر كانت مخصصة لبحث مشكلة زيادة عدد النساء أضعافا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب العالمية الثانية .. وناقشت الحلقة كل الحلول المطروحة من المشاركين الغربيين ، وانتهت إلى رفضها جميعا ، لأنها قاصرة عن معالجة واحتواء المشكلة العويصة .
     وهنا تقدم الدكتور محمد موسى وزميله الآخر بالحل الطبيعي الوحيد ، وهو ضرورة إباحة تعدد الزوجات ..
     في البداية قُوبل الرأي الإسلامي بالدهشة و النفور .. ولكن الدراسة المتأنية المنصفة العاقلة انتهت بالباحثين في المؤتمر إلى إقرار الحل الإسلامي للمشكلة ، لأنه لا حل آخر سواه ..
     وكانت النتيجة اعتباره توصية من توصيات المؤتمر الدولي ..وبعد ذلك بعام واحد تناقلت الصحف ووكالات الأنباء مطالبة سكان مدينة (بون) العاصمة الألمانية الغربية بإدراج نص في الدستور الألماني يسمح بتعدد الزوجات ([31]) وهكذا يتبين الحق ولو كره الكافرون !
·       عقم الزوجة
  في الديانة النصرانية لا يسمح للرجل بأن يتزوج أكثر من امرأة واحدة تكون هي حظه من هذه الدنيا ، فإذا كانت  زوجته عقيماً لا تلد ، وهو يتوق إلى
 الأولاد ، فماذا يصنع الزوج ؟
·       عجز الزوجة عن القيام بالواجبات الزوجية لمرض أو سواه 
 وهذا تكريم آخر للمرأة ، فإن قعد بها المرض عن أداء واجباتها الزوجية فمن الوفاء لها إبقاؤها على ذمة الزوج ، والزواج بامرأة أخرى .
·       كراهية الرجل لزوجته
صح الخبر أن رسول الله S قال :( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ) ([32]) فقد تشتد الكراهية بين المتحابين وتكثر الخصومات فبدلاً من التفريق بين الزوجين ، وبخاصة إذا كان عندهما أطفال فلا بأس أن يتزوج بأخرى ، الأمر الذي قد يؤدي إلى هدوء العش الزوجي ؛ بل وربما عودة الحب من جديد ، وكم من رجل كره زوجته وتزوج بأخرى فعاد إلى الأولى أشد حباً وتقديراً فتكون قد كسبت مرتين ، انتهاء الكراهية بينهما وازدياد حبه لها من جهة أخرى .
·       الدافع الجنسي
   طبائع بني البشر تتفاوت وتختلف ، فمن الرجال من يكون قوي الغريزة ثائر الشهوة ، لا يتماسك أمام نداء الفطرة ، ولربما يُرزق هذا النوع من الرجال بزوجة ليست لها تلك الدرجة من الرغبة في المعاشرة ، ومن المعلوم أن المرأة يطرأ عليها مايمنع الزوج من معاشرتها شهريا ، فالمرأة تقريبا في كل عام لها (124) يوما ([33]) خارج نطاق الخدمة  .
   وهي بهذا الحال لا تشبع نهم زوجها ، ولا تهدأ فورة الشهوة عنده ، والرجل بطبعه لا يصبر كثيراً عند النساء أفلا يكون من الأخلاق والعفة أن يسمح له بامرأة حليلة عفيفة بدل أن يتخذها خليلة عشيقة ؟ ، فيا أيها العقلاء الثانية أم الزانية ؟
 سادسا : الإسلام هو الدين الوحيد الذي وضع ضوابط لتعدد الزوجات ومن هذه الضوابط :
   1- عدم الزيادة على أربع ، قال تعالى : } فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{   (النساء:3)
2 - القدرة على التعديد ، فيشترط فيه الاستـطاعة المالية والصحية ، فإذا انتفى شرط القدرة أو الاستطاعة فلايجوز التعدد ، قال تعالى:} وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَنِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ { (النور:33) وصح أن رسول الله Sقال:( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) ([34])
    3- القدرة على تحقيق العدل ، قال تعالى : }فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً (النساء:3)
   أقوال المنصفين في تعدد الزوجات
   تقول الكاتبة الإيطالية " لورافيشيا فاغليري : "  إنه لم يَقُم الدليل حتى الآن بأي طريقـة مُطْلَقَـة على أن تعـدد الزوجـات هو بالضـرورة شرّ اجتماعي وعقبـة في طريق التّقـدّم … وفي استطاعتنا أيضا أن نُصـرّ على أنـه في بعض مراحـل التّطـور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها – كأن يُقتل عـدد من الذكور ضخم إلى حـدّ استثنائي في الحـرب مثلاً – يُصبح تعـدد الزوجات ضرورة اجتماعية ، وعلى أيّـة حـال فليس ينبغـي أن نَحْكم على هذه الظاهـرة بمفاهيم العصور القديمـة المتأخرة ، لأنها كانت في أيام محمد (S) مقبولة قبولاً كاملاً ، وكانت مُعتَرفاً بها من وجهة النظر الشرعية ، لا بَيْنَ العرب فحسب ، بل بين كثير مـن شعوب المنطقـة أيضا .
   وقال الفيلسوف الإنجليزي " سبنسر " في كتابه : أصول الاجتماع:  " وإذا طرأت على الأمة حال اجتاحت رجالها بالحروب ، ولم يكن لكل رجل في الباقين إلا زوج ة واحدة ، وبَقيَتْ نساء عديدات بلا أزواج ، ينتج عن ذلك نقص في عدد المواليد لا محالة ، ولا يكون عددهم مساوياً لعـدد الوفيات … وتكون النتيجـة أن الأمـة " الموحِّدة للزوجات " تفنى أمام الأمة المعددة للزوجات .
     وتساءل الكاتب الشهير الفرنسي " أتيين دينيه " : " هل حَظْر تعدد الزوجات له فائدة أخلاقية ؟! ويجيب بنفسه : إن هذا الأمر مشكوك فيه  لأن الدعارة النادرة في أكثر الأقطار الإسلامية سوف تتفشى بآثارها المخربة ، وكذلك سوف تنتشر عزوبة النساء بآثارها المفسدة ، على غرار البلاد التي تحظر التعدد . ([35])
   ويقول المستشرق " سمث "  : "  استطاع الإسلام أن يصون المرأة ويحفظها من الوقوع في الزنى ، وذلك من خلال النظام الأخلاقي الذي شرّعه لعلاقة الرجل بالمرأة ، بينما نجد العكس في الدول الأخرى غير الإسلامية حيث تعتبر النساء الزانيات طبقة معترف بها من طبقات المجتمع لها حقوقها واحترامها " .
    وتقول " آنّي بزانت " في دفاعها عن نظام تعدد الزوجات : شرّع الإسلام نظام تعدد الزوجات لحل المشكلات الاجتماعية والقضاء على الأمراض المترتبة على الزنى ، ودعوة الإنسان لإشباع رغباته الجنسية بشكل يتناسب مع المكانة السامية التي أرادها الله له ، والدول التي تحارب التعدد تطبق نظام التعدد في الواقع العملي ، وبشكل خَفِي عن طريق العلاقات غير المشروعة بينما يعتبر الإسلام مثل هذه العلاقات محرّمة وغير قانونية .([36])     
   2) الطلاق
   اتخذ هؤلاء الأقزام من مشروعية الطلاق شبهة يلمزون بها الدين الإسلامي ، وللرد على هؤلاء أقول :
  أولا : الطلاق في الإسلام رخصة شُرعت للضرورة ، حين تسوء العشرة ، وتستحكم النفرة بين الزوجين ، ويتعذر عليهما أن يقيما حدود الله ، وحقوق الزوجية ، وقد قيل : إن لم يكن وفاق ففراق ، قال تعالى: }وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ{ (النساء:130)  
     ثانيا : لا يعدو الكلام الوارد في الأناجيل عن الطلاق أن يكون عبارات شاعرية ساذجة لا دلالة لها على شىء فى الواقع والحقيقة ، إذ ما معنى أن ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان ؟ إن الزواج إنما هو اختيار إنسانى قام أيضا بتوثيقه كائن إنسانى ، فشأنه إذن  كشأن أى شئ آخر من شؤون الحياة ، فلماذا أُفْرِد وحده بهذا الوضع دون سائر الأمور الإنسانية ؟ أما إن قيل إن الله هو فى الحقيقة خالق كل شىء ، فإن الرد هو أنه لا مُشَاحّة  فى هذا ، لكننا ضد إفراد الزواج بذلك الحكم  ، ونرى أن هذا الوضع ينطبق أيضا على عملية الطلاق مَثَله مثَل أى شىء آخر .
     ثالثا :  أيضا : إن جعل جملة ما (جمعه الله لا يفرّقه إنسان) علة لتحريم الطلاق هو شيء غريب فإن معنى أن الله جمع بين الزوجين ؛ أنه أذن بهذا الزواج وشرعه ، فصح أن ينسب الجمع إلى الله ، وإن كان الإنسان هو المباشر لعقد الزواج ،  فإذا أذن الله في الطلاق وشرعه لأسباب ومسوغات تقتضيه ، فإن التفريق حينئذ يكون من الله أيضا ، وإن كان الإنسان هو الذي يباشر التفريق ،  وبهذا يتضح أن الإنسان لا يكون مفرقا ما جمعه الله ، وإنما المجمع والمفرق هو الله جل شأنه ، أليس الله هو الذي فرق بينهما بسبب الزنى ؟ فلماذا لا يفرق بينهما بسبب آخر يوجب الفراق !؟.
 رابعا : ما الحكمة فى أن يُعْنِت الله سبحانه وتعالى عبادَه فلا يرضى أن يرحمهم من قيود الزواج إذا ثبت أنه لا أمل فى أن يجلب لطرفيه السعادة ؟
    خامسا : إن كثيرا من البلاد النصرانية قد انتهت إلى أنْ تضرب بهذه الأحكام عُرْض الحائط ، إذ وجدت أنها لا تؤدى إلا إلى التعاسة والشقاء ، وفى بعض البلاد يُقْدِم الزوج أو الزوجة فى حالات كثيرة إلى ترك النصرانية جملةً والدخول فى الإسلام ، الذى يجدانه أوفق للطبيعة الإنسانية ، والبعض الآخر يدخل في طائفة أخرى ليتسنى له الخلاص من هذا القيد المؤبد ، فإلى متى هذا الخنوع لبعض الألفاظ الشاعرية التى قد تدغدغ العواطف فى مجال التفاخر الكاذب بمثالية أخلاق دينٍ ما ، لكنها لا تجلب للمتمسكين بها إلا العَنَت والإحباط ؟ إن كثيرا من الأزواج فى المجتمعات النصرانية هم فى الواقع مطلَّقون ، لكنْ طلاقًا غير رسمى ، وهم يسمونه : " انفصالا " . وفى هذه الأثناء التى قد تطول سنين ، كثيرا ما يصعب على الزوج والزوجة تحت ضغط  الغرائز  أن يمتنعا عن ممارسة الجنس فى الحرام ، فلماذا كل هذا الإِعْنات ؟ وحَتَّامَ يستمر هذا العناد والنفاق ؟ إن الطلاق شديد  البغض إلى الله كما قال صادقا سيدنا رسول الله S ([37]) ، لكن الظروف قد تضطر الواحد منا إلى فعل ما هو بغيض تجنبا لما هو أفدح وأنكى ،  ومن هنا كان الطلاق عندنا حلالا رغم كونه بغيضا ، أى أن المسلم لا يُقْدِم عليه إلا إذا سُدَّت فى وجهه جميع السبل الأخرى حسبما يعرف كل من له أدنى إلمام بالشريعة الإسلامية .
    سادسا : إن حالات الطلاق في موطن الفرقان الأمريكي ؛ بل في الكثير من البلاد النصرانية تفوق الوصف ، فقد جاء في بعض التقارير :
- بلغت نسبة الطلاق في أمريكا 60% من عدد الزيجات!!
- في إسبانيا سجلت الشرطة أكثر من (500 ألف ) بلاغ اعتداء جسدي على المرأة في عام واحد ، وأكثر من حالة قتل واحدة كل يوم!! : ([38])
   وأفادت إحدى الإحصائيات  أن حالات الطلاق في بريطانيا بسبب الخيانة الزوجية من كلا الزوجين بلغت حدا كبيرا على ما سيأتي : ([39])
السنة
حالات الطلاق
السنة
حالات الطلاق
1937
9970
1972
109822
1950
29096
1973
115048
1960
27870
1977
146000
1969
60134
1979
170000
1970
70575
1981
181000
1971
110017
 
 
     3)  مساواة  المرأة بالرجل
   من أكثر الشبهات التي يرددها المستشرقون والتي جاء هذا  الفرقان ليرددها أن الإسلام ظلم المرأة ولم يسو بينها وبين الرجل ، ودندن صاحب هذا العفن حول حرية المرأة التي انساق خلفها قوم من بني جلدتنا ، وهؤلاء الذين يدّعون الحرية يريدون حرية التفسخ والعرى وحرية الخنوع حرية العهر والفجر  التي لا تدفع عنّا ظلما ولا ترد عدوا .
  ومما لا ينكره إلا جاحد  أن الإسلام أكرم المرأة وأعطاها حقوقها التي تليق بها كاملة نظريا يرافقه التطبيق بكل ما في التطبيق من عدالة ودقة ، وصحح أوضاعها جميعا ، وعمل الإسلام على صيانة المرأة وحمايتها في جميع أحوالها وأوضاعها :
 فهي إن كانت أماً : فقد قرنَ الله حقَّها بحقّه ، فقال : } وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا { (الإسراء:23)  وأي تكريم أعظم من أن يُقْرِن الله حقها بحقه ، وجعلها الرسول S أحقَّ الناس بحسن الصحبة وإسداء المعروف ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْهم قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ S فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ (قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ ) ([40])
      وقد تتشوق النفس إلى الجهاد وتشرئب إلى منازل الشهداء ، وتَخِفُّ إلى مواقع النزال ، لكي تصرع  في ميادين الكرامة أو تبقى في حياة السعداء ولكن حقَّ الأبوين في البقاء معهما ، والإحسان إليهما مقدم على ذلك كله مالم يتعين الجهاد فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ S فَقَالَ إِنِّي جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَقَدْ تَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ ( قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا
 أَبْكَيْتَهُمَا ) ([41])
   وقد تغلبُك نفسك الأمارةُ بالسُّوء ، أو تغلبك الشياطين من الإنس والجنِّ فتلتمس أسباب التكفير لتلك الذنوب ، وموارد التطهير لتلك الأدناس ؛ ففي رضا والدتك أعظم معين على ذلك ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ S فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ قَالَ: ( هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ لَا قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَبِرَّهَا )([42])
    وهي إن كانت بنتاً : فحقها كحق أخيها في المعاملة الرحيمة ، والعطف الأبويِّ ؛ تحقيقاً لمبدأ العدالة ، قال تعالى :} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ {   (النحل:90)  وقال تعالى : } اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى { (المائدة:8)  وفي حديث عن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله S : (وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ )([43])
    ولقد شنع القرآنُ على أصحاب العقائد المنحرفة الذين يبغضون الأنثى ، ويستنكفون عنها عند ولادتها ، فقال سبحانه : } وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُون َ{  (النحل: 58 ، 59) وهاهو رسولُ الهدى S ، يُعدّ من كبائر الذنوب تلك اليد التي تمتد للطفلة البريئة فتواريها في التراب فعَنْ عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ سَأَلْتُ أَوْ سُئِـلَ رَسُولُ اللَّهِS أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ قَـالَ : ( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ S } وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ { ([44])  , ويرغِّب النبي S في الإحسان إليهن ، فيقولُ :( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) وفي رواية (دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ) ([45]) 
     ولقد أثر هذا الأدب النبوي على أدباء الإسلام حتى كتبوا فيه صيغ التهنئة المشهورة ، حيث يهنئ الأديب من رزق بنتاً من أصحابه ، فيقول له كما في هذه القطعة الأدبية الجميلة للصاحب ابن عباد – وكان أديباً  : " أهلاً وسهلاً بعقيلة ([46]) النساء ، وأم الأبناء ، وجالبة الأصهار ، والأولاد والأطهار ، والمبشرة بأخوةٍ يتناسقون ، ونجباء يتلاحقون  .
     فلــو كان النســــــــاء كمن ذكرن           لفضلت النســاء على الرجـال
    وما التأنيث لاسم الشمس عيــب           وما التــــذكير فخــر للهـــــلال
  والله تعالى يعرِّفُكَ البركة في مطلعها ، والسعادة بموقعها ، فأدَّرع اغتباطاً واستأنفْ نشاطاً ، فالدنيا مؤنثةٌ ، والرّجالُ يخدمونها ، والأرضُ مؤنثةٌ ، ومنها خلقت البرية ، ومنها كثرت الذرية ، والسماء مؤنثة وقد زُيِّنَت بالكواكب ، وحُلِّيَتْ بالنجم الثاقب ، والنفس مؤنثة وهو قِوامُ الأبدان ، وملاك الحيوان ، والجنةُ مؤنثةٌ ، وبها وُعِدَ المتقون ، وفيها ينعم المرسلون ، فهنيئاً لك بما أُوتيتِ ، وأوزعكِ الله شكر ما أُعطيتِ  ([47]).
    وهي إن كانت زوجاً : فهي من نعم الله التي استحقت الإشارةُ والذكر
 }وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً{ (الرعد:38)  وهي مسألةُ عبادِ الله الصالحين }وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{ (الفرقان:74)  وهي في الإسلام عمادُ المجتمع ، وأساسُه المتينُ ، ومن التنطع الاستنكافُ عن الزوجة ؛ بل هو خلاف هدي المصطفى S أخشى الناس وأتقاهم ، وقد عدَّ رسول الهدى S مثل هذا الفعل من التنطع والرغبة عن سنتهِ إذ هو القائلُ (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )([48])
    وللزوجة على زوجها حقوقٌ يحميها الشرع ، وينفذها القضاء عند التَّشاحِ ، وليست تلك الحقوق موكولةً إلى ضمير الزوج فحسب وليس المقام مقام
 بسطها ، وإنما هي لمحة عابرة لبعض حقوقها عليه :
      المهر : وهو عطيَّةٌ محضةٌ فرضها للمرأة ، ليست مقابل شيء ، يجب عليها بذلُهُ إلا الوفاء بحقوق الزوجية ، كما أنه لا يقبلُ الإسقاط ، ولو رضيتِ المرأةُ إلا بعد العقد : }وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً{ (النساء:4)
   النفقة عليها بالمعروف : }وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ (البقرة:233)
    المسكن والملبس : قال تعالى : }أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ { (الطلاق:6) وبجانب هذه الحقوق المادية لها حقوقٌ معنويةٌ أخرى منها :  
   حرية اختيار الزوج : فليس لأبيها أن يُكْرهَهَا على ما لا تريد ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ S قَالَ : ( لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ وَلَا الثَّيِّبُ حَتَّى
 تُسْتَأْمَرَ )([49]).
   يجب على زوجها أن يعلمها أصول دينها : قال تعالى}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{ (التحريم:6)
    أن يغار عليها ويصونها من العيون الشريرة : والنفوس الشرهة ، فلا يوردها مشارع الفساد ، ولا يغشى بها دُور اللهو والخلاعة ، ولا ينزع حجابها بحجة المدنية والتطور .
     أن يترفع عن تلمس عثراتها وإحصاء سقطاتها : ولذا كان النبيُّ S يكره أن يأتي الرجل أهله طُرُوقاً) ([50]).
    المعاشرة بالمعروف والإحسان : فلا يَسْتفزُّه بعضُ خطئها ، أو يُنْسيه بعضُ إساءتها : } وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً{ (النساء:19)  فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ S (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا )([51]).
  وهي إن لم تكن أماً ولا بنتاً ولا زوجة : فهي من عموم المسلمين ، يُبْذل لها من المعروف والإحسان ما يُبذل لكل مؤمن ، ولها على المسلمين من الحقوق مايجب للرجال  .
     هذه لمحة سريعة عن صور من إكرام الإسلام للمرأة ، لا يمكن أن توجد في أي مجتمع من المجتمعات بدون الإسلام ، بل الأعداء الذين جاءوا إلى بلاد المسلمين قد أقرُّوا بأنه لا يوجدُ دينٌ أكرم المرأةَ كما أكرمها الإسلامُ ، ولا شريعةٌ أعزََّت المرأة ورفعت من رأسها ، وأعطتها كامل حقوقها كما فعل الإسلامُ.
     وقد زعم واضعوا هذا الكتاب المهزلة أن الإسلام ظلم المرأة ، ولم يساو بين الرجل والمرأة وبادئ ذي بدء أقول :
    أولا : إن طلب المساواة يتنافى مع فطرة الله التي فطر الجنسين عليها ، إن الجنس الواحد رجلاً أو امرأة لا يمكن أن يطلب أحدٌ المساواة بين أفراده كافة ، بل إنَّ الحياة كلها تفسد لو أريد مثل هذه المساواة ، بل إن قوانين المادة كلها في هذه الحياة قائمة على التميز والتباين فإذا كان لا يمكن المساواة بين جنس الرجال فكيف بين جنس الرجال والنساء ؟!
    ثانيا :  إننا بجانب رفضنا لمبدأ المساواة المطلق ، نعتقد أن هناك قدراً من المساواة بين الرجل والمرأة ، والذي ينبغي أن يطلق عليه بأنه عَدْلٌ وليس بمساواة. 
     أ -  فالمرأة تساوي الرجل في أصل التكليف بالأحكام الشرعية مع بعض الاختلاف في بعض الأحكام التفصيلية  .
  ب -  والمرأةُ تساوي الرجل في الثواب والعقاب الدنيوي والأخروي في الجملة  ، قال تعالى : } وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم ٌ{ (التوبة:71)
   ج -  والمرأة تساوي الرجل في الأخذ بحقها ، وسماع القاضي لها  .
  د -  والمرأة كالرجل في تملكها لمالها ، وتصرُّفُها فيه  .
  هـ - وهي كالرجل في حرية اختيار الزوج ، فلا تكره على مالاتريد. 
     ثالثا : إن مما يميز الإسلام أنه يحتفظ الرجل برُجُولته ، ومن أجل هذا حُرِّم عليه الذهب والحرير ، وأن تبقى المرأة محتفظة بأنوثتها ، ومن أجل ذلك حُرِّم عليها الاختلاط بالرجال ، والتَّبَذُّلُ أمامهم ، وغشيان تجمعاتهم. 
    رابعا : إن المساواة المزعومة التي يتشدق بها هؤلاء الأفاكون لم تجن المرأة من ورائها إلى الضياع والخسران ، وواقعهم أصدف دليل على هذا .
     تؤكد آخر الإحصائيات عن أحوال المرأة في العالم الغربي أنها تعيش أتعس فترات حياتها المعنوية على رغم البهرجة المحيطة بحياة المرأة الغربية التي يعتقد بعض الناس أنها نالت حريتها ، والمقصود من ذلك هو النجاح الذي حققه الرجل في دفعها إلى مهاوي ممارسة الجنس معه من دون عقد زواج يتوج مشاعرها ببناء أسرة فاضلة. ([52])
    وشهد شاهد من أهلها
   هذه صحفية أمريكية تدعى ( هيلسيان ستانسبري ) بعد أن أمضت في القاهرة عدة أسابيع ، ثم عادت إلى بلادها ، تقول : " إن المجتمع العربي كاملٌ وسليمٌ ، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليدِهِ التي تُقَيِّدُ الفتاة والشاب في حدود المعقول ، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي ، فعندكم أخلاقٌ موروثةٌ تحتِّم تقييد المرأة ، وتُحتِّم احترام الأب والأم ، وتُحَتِّم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية ؛ التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا ... امنعوا الاختلاط وقيّدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب ، فهذا خيرٌ لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا ،  لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً مليئاً بكلِّ صور الإباحية والخلاعة .. وإن ضحايا الاختلاط والحرية يملؤون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية ، إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات للمخدارت والرقيق.  ([53])
     وتقول الكاتبةُ ( آرنون ) : " لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادمَ خيرٌ وأخفُّ بلاءً من اشتغالهن بالمعامل ، حيثُ تصبحُ المرأة ملوثةً بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد ، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة " ([54])
     وتقول  (بتراكيلي) وهي عضو البرلمان في ألمانيا الاتحادية بمرارة شديدة: " نحن معشر النساء نعامل في ألمانيا كأقليّة ، كما يعامل المرضى والطبقات الدنيا من المجتمع والأطفال ، فهم يصوّروننا كمادّة للاباحية الجنسية ويعتبرون استخدام العنف معنا شيئاً طبيعاً ، ففي كل (15) دقيقة تقع امرأة واحدة فريسة للاغتصاب.
     ونختم القول بشهادة إحدى داعيات الحرية والمساواة ، وهي حينما تتكلم تتكلم عن تجربة ومعاناةٍ ، وبعد زمن طويل في درب هذه الحرية والمساواة المزعومة ، تقول الكاتبةُ الكويتية "  ليلى العثمان " : سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضدَّ ما يسمى ( حرية المرأة ) تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها ، وعلى حساب كرامتها ، وعلى حساب بيتها وأولادها ، سأقول : إنني أُحِّمل نفسي كما تفعل كثيرات مشقة رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل ثم ذكرت أنها قد تتعرضُ لبعض الأذى والظلم من الرجل ، لكن تُعَقِّبُ على ذلك فتقول -  هل معنى هذا أن أرفض نعومة وهبها الله لي - لأصبح امرأة تعلق شارباً ، وتتحدى أقوى الرجال ؟!  وهل يعني هذا أن أتصرف وكأنني رجل لايرده خجل ؟!!! هل يعني هذا أن أتحدى فأفعل ما يفعله الرجل ما هو مشروع له وما هو مرفوض لأؤكد لذاتي بأنه لا أحد أحسن من أحد ، وأننا سواسية ، وأحرار ولدتنا أمهاتُنا .
     هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت ، جنة المرأة التي تحلُمُ بها على أنه السجنُ المؤبَّدُ ، وأن الأولاد ماهم إلا حبلٌ من مَسَد يشدُّ على عُنُقي ، وأن الزوج ما هو إلا السجان القاهر الذي يكبل قدمي خشية أن تسبقه خطوتي إلا أني أعتزُّ
 بأنوثتي ، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله ، وأنا ربة بيت ، ولا بأس أن أكون بعد ذلك عاملة أخدمُ خارج نطاق الأسرة ، ولكن -  ياربُّ اشهد -  بيتي أولاً ثُمَّ بيتي ، ثم العالم الآخر . ([55])
   4)  ميراث المرأة
    عاب مؤلف " الضلال المبين"  على الإسلام أن جعل ميراث المرأة على النصف من ميراث الرجل ، وذلك  من خلال حديثه السمج في كتابه ، وهو بذلك يردد ما قال المستشرقون الذين جعلوا من ميراث المرأة  مبرراً ينطلقون  منه لنقص هذا الدين العظيم ، أو شن حملات عليه ، ومما يؤسف له أن هذه الدعوات قد وجدت من يتبناها من أبناء جلدتنا ، ولهؤلاء جميعا أقول :
    أولا : التشريع الإسلامي وضعه رب العالمين ، وهو العليم الخبير بما يصلح عباده من تشريعات ، وفي ظل الإسلام فقط ينعم العباد والبلاد بالوئام والأمان والسلام والمحبة ، وتنعم المرأة بالسعادة والكرامة والعزة ، أما الذين يتهمون هذا الدين العظيم بغير ذلك فإنهم ينطلقون من فهم غير دقيق ، ويا ليتهم بحثوا بنية البحث ومعرفة الحقيقة.
    ثانيا : لقد أنصف الإسلام المرأة وكرمها وجعل لها حقا في الميراث   بعد أن كانت من قبل تُورث ولا ترث ، تُملك ولا تملك ؛ بل كانت تعد من سقط المتاع ، جاء الإسلام وأعطاها من قليل المال وكثيره ، قال تعالى :
} لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضا ً{ (النساء:7)
 ثالثا : جعل المرأة على النصف من الرجل هو عين العدل ولكن أكثر  الناس لا يعقلون ، كيف ذلك ؟
    1 - أوجب الإسلام على الرجل الإنفاق على من يعول من النساء ، وليس على المرأة  أن تنفق من مالها على أحد حتى لو كانت غنية ؛ بل إن نفقتها واجبة على أبيها وعلى أخيها إن كانت بنتاً ، وعندما تتزوج فإن نفقتها تؤول إلى الزوج ، حتى وإن كان زوجها معسراً أو فقيراً.
  وفي الغرب تعطى الأخت مثل أخيها في الميراث ، وهى تتكلف بمعيشتها بعيداً عنه ، وهو غير ملزم بها إن افتقرت أو مرضت أو حتى ماتت. فأى إهانة هذه للمرأة ؟! وأي الفريقين أحق بالأمن ؟.
   2 - الابن في الغالب يتحمل المسؤولية منذ نعومة أظفاره ، ويساعد والده في تكوين الثروة.
  3- بعد وفاة الأب يتحمل الابن كل المسؤوليات ، وقد تعود أخته إليه بعد أن تخلى عنها زوجها أو فقدته.
   4- على الرجل أعباء مالية ليست على المرأة مطلقـًا , فالرجل يدفع المهر ، ويجهز بيت الزوجية ، ويتحمل جميع أعباء النكاح ، قال تعالى :
 }وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً{ (النساء:4) ، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة .
   5- والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده , لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل .
وأنا أتساءل وأقول : ألا يُظلم هذا الرجل إذا أعطي مثل أخته ؟ ألا يُظلم هذا الأخ وعلى كاهله كل تلك المسؤوليات التي أعفيت منها المرأة في حالة جعلهما متساويين في الميراث ؟ لذلك جاء الإسلام بشريعته العادلة فخصص (للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، وبهذا يحفظ التوازن ، ويتحقق العدل ، ويعطي كل ذي حق حقه.
    رابعا: إن هؤلاء الذين يثيرون الشبهات حول ميراث المرأة في الإسـلام لا يفقـهون قانون التوريث في الإسلام ،  فقاعدة جعل المرأة على النصف من الرجل ليس على إطلاقها لا يعني أنها قاعدة شرعية عامة تسري على كل ذكر وعلى كل أنثى وعند توزيع أي ميراث ، بل هي حالات محدودة من بين حالات الميراث ، فنصيب  الذكر يختلف حال كونه أباً أو زوجاً
أو ابناً ؟ فنصيبه يتغير تبعاً لأمور منها درجة القرابة ، وعدد الوارثين ... إذن مسائل الميراث متنوعة ، ولها أحوال :-
     1 ـ فمن الحالات ما يتساوى فيها الذكر مع الأنثى: فتتساوى الأم مع الأب إذا كان للمتوفى أبناء ذكور ، قال تعالى : } وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ { (النساء:11) ، ويتساوى الإخوة لأم ذكوراً وإناثاً في الميراث ، قال تعالى : } وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُث { (النساء:12)
    2 ـ وأحياناً يقل نصيب الذكر عن نصيب الأنثى : عندما يكون
 عصبة ،([56]) فالأنثى تأخذ أولاً لأنها على الأغلب من أهل الفرائض فتعطى فرضها ، وما بقي يكون للأولى من العصبات. مثلا ً: رجل مات عن بنت وخمسة إخوة : تأخذ هي نصف المال وحدها ، ويتشارك الإخوة الخمسة بالنصف ، فيكون نصيبها أضعاف نصيبهم.
    إذن ، مسائل الميراث متنوعة ، وأحوالها متعددة ، وليس فيها ما تعتقده المرأة من المحاباة الدائمة للذكور.
   5) لمس المرأة
  من الشبهات السخيفة التي يروج لها المستشرقون والتي رددها مؤلف هذا الضلال قضية لمس المرأة ، فقد زعم أن الإسلام يعد لمس المرأة في درجة مساوية للمس النجاسات  يجب على الرجل  أن يغتسل منها ، وبنوا هذا الضلال على فهم مغلوط لقول الله تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً { (النساء:43) ففهموا أن اللمس هنا بمعنى لمس جسد المرأة .
    والغريب أن جماعة من المستشرقين قاموا بترجمة غير دقيقة للقرآن الكريم بهدف تشويه صورة الإسلام ، فجاءت ترجمة الآية : } أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ { ذكروا أن معنى هذه الآية : الحمام والمرأة .
  والأمر الذي يتنكر له هؤلاء أن اللمس في الآية  بمعنى الجماع لا بمعنى لمس البشرة كما صح هذا عن ابن عباس وغيره ([57]).
     أما الغسل بعد الجماع فهو من محاسن الدين الإسلامي ، ويكفي للرد على هؤلاء أن أقول : إن جماع الزوجة كما يوجب الغسل على الرجل يوجب أيضا الغسل على المرأة ، فليس الغسل من الجنابة فيه أدنى تنقيص للمرأة بل هو عين التكريم.
 والطهارة عملية نافعة للرجل والمرأة على السواء ، فقد ثبت طبيا وعمليا أن الجسم الإنساني يفقد شيئا من حيويته وقوته بعد الاتصال بين الزوج
وزوجته ، وليس من شئ يعيد إليه تلك القوة الحيوية مثل أن يغسل الجسم كله ، ويدلك جزء ا جزءا بالماء النظيف([58]).
   حـ) تشويه العبادات والتشريعات
   ولم ينس ملفقوا هذا الباطل المسمى بالفرقان أن يشوهوا العبادات ، فتارة يزعمون أنها لاتقبل ، وطورا ينفرون من أداء الصلاة في جماعة ، وهاكم ما قالوه.
    1) الصلاة والدعاء
  أراد المؤلف أن يحط من شأن الصلاة في المساجد والدعاء ،  فهو يعد الصلاة في المساجد والأماكن العامة من الرياء فقال في سورة (الصلاة 3: 7) " إن الذين يقيمون الصلاة في زوايا الشوارع ، والمساجد رياءً كي يشهدهم الناس ، ذلك هم المنافقون ، وهم في الحقيقة لا يصلون فمن نوى أن يصلى فليدخل داره وليغلق بابه ويصلِّ خفيةً نجزيه علانية بعين العالمين * تكررون الكلام لغوا كعَبَدَة أوثان تظنون أنكم بالتكرار تُسْتَجَابون * إننا نعلم سُؤْلكم قبلما تَسْألون * وترددون الدعاء طمعًا بدخول الجنة فلن تُفْتَح أبواب الجنة  للمنافقين  ، أما الذين يعملون بمشيئتنا فهم الذين يـدخلون " .
    2) الصيام
   ولم تنج فريضة الصيام هي الأخرى من كيدهم لماذ ؟ لا أحد يدري يقول فرقانهم المزعوم في سورة ( الصيام : 3 : 8 ) : " يا أيها المنافقون من عبادنا : إن صيامكم غير مقبول لدينا وغير ممنون * فما كان الصوم تضوُّرًا لأجَلٍ معلوم * تتخمون صُوَّما أكثر منكم مفاطر وكالأنعام تَطْعَمون * ترهقون أجسادكم ونفوسكم نهما فكأنكم ما طَعِمْتم من قبل ولن تكونوا من بعد طاعمين * وتأكلون السنة فى شهرٍ جشعا لضَعَتكم وتضوُّركم فخيرٌ لكم ألا تصوموا فإنه لا أجر للضعاء والمتضورين * وتكلِّحون وجوهكم وتصعِّرون خدودكم للناس لتَظْهَروا صائمين إنما يفعل ذلك القوم المنافقون "
   3)  ذبح الأضاحي
   من الشعائر التي يتقرب بها المسلمون إلى ربهم ذبح الأضاحي ،  والمسلم حين يذبح أضحيته يلهج لسانه وقلبه : } قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين {  (الأنعام:162)
  وأصحاب هذا العفن لا يحبون هذه الشعيرة ، وهذا البغض قديم وليس جديد ، يقول شاعرهم الأخطل ،  الذي فقد حاسة الحياء والتذوق:
     ولســـت بصائم رمضـــان طوعا :   ولسـت بآكـل لحـم الأضاحـــى([59])
   وانظر إلى الفرقان الباطل وهو يقول : " يا أهل العدوان من عبادنا  الضالين : تسفكون دماء البهائم أضحيات تبتغون مغفرة ورحمة من لدُنّا عما اقترفت أيديكم من قتل وزنى وإثم وعدوان * إنما أضحية الحق قلبٌ طهيرٌ يتفجر رحمة ومحبة وسلاما لعبادنا ورفقا بالبهائم فلن ينالنا لحومُها ولا دماؤها ولكن ينالنا تقوى المتقين " ( الأضحى: 7)
     ومن الواضح أن مَثَلهم حين يتظاهرون بالعيب على دين رب العالمين كَمَثَل المومس التي لا يعجبها عفة الحرائر الشريفات فتذهب تعيبهن قائلةً في تباهٍ وتشامخٍ كاذبٍ داعرٍ إنها عشيقة لفلان وفلان من أكابر القوم وليست زوجة لرجل لا هو صاحب شهرة ولا ذو منصب كبير من السفلة المجرمين ! ماذا في إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة والصلاة والصيام ؟ وماذا في الصلاة في المساجد بحيث يُزْرِي عليها الكَفَرَة المارقون ؟ ألا يصلون في الكنائس ؟ أكل من صلى منهم يذهب إلى مخدعه فيصلِّى ؟ إن الصلاة في الإسلام تجوز في أي  مكان : في الشارع ، وفى الحقل ، وفى المصنع ، وفى ميدان القتال ، وفى السَّفَر ، وفى الحَضَر، ولا بد من عبادته في كل حين ، وإلا فلو انتظر الإنسان حتى يعود إلى كِسْر داره ويدخل مخدعه فلن يصلى ركعة واحدة إن شاء الله ، وهذا ما حدث في  بلادكم ، حيث لا تذكرون الله إلاكل أسبوعٍ مـرة ، أما اتهام الآخرين بالنفاق زورا وبهتانا عاطلا مع باطل ، واحتقار عبادة الموحدين وإظهار التنطُّس والاشمئزاز منها ، فهو بعينه الكِبْر وجمود القلب الذي أَصْلَى المسيحُ u اليهودَ بسببه قوارصَ الكلمات وقوارضَ اللعنات ! ثم ماذا في الصيام ؟ أليس في دينكم صيام أيضا ؟ وماذا في الأضاحي ؟ إنكم تُظْهِرون الشفقة عليها ، فهل نفهم من هذا أنكم لا تذبحون الحيوانات ولا تأكلونها ؟ وهل يكره الله من عباده أن يُطْعِموا من أضاحيهم الفقراء والمساكين ؟ فأين المحبة والرحمة التي تصدِّعون رؤوسنا بها ليل نهار ؟ أم إن اللحم لا يصلح إلا إذا كان من جسد المسيح تأكلونه كما يفعل الوثنيون ؟ كيف يا إلهي يأكل الإنسان جسد ربه ويشرب دمه ؟ ([60])   والذي يجعلكم تبغضوننا وتحقدون علينا إلى يوم الدين ! إننا حين نذبح الأضاحي إنما نذبحها ليَطْعَم معنا منها المحتاجون والجائعون لا ليتمتع برائحتها الله رب العالمين ، وكأنه إله من آلهة الوثنيين حسبما صورتموه  في " الكتاب المقدس " لديكم ، ولذلك تُتْرَك فلا يأكل منها أحد.
     وهذا معنى قوله تعالى : " }  لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ { (الحج:37)  الذي سرقتموه كعادتكم  ونقلتموه إلى " ضلالكم المبين " دون فهم كالحمار الذي يجلس إلى مكتب ويمسك كتابا بحوافره يظن أنه بذلك سيكون من الآدميين الذين يفهمون .
 
    4) إنكار النسخ في القرآن
    أنكر صاحب هذا الضلال النسخ في القرآن فقال : " وافتريتم على لساننا الكذب  وقلتم بأننا متى ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها فما أخطأنا ولكن كنا غافلين " ( النسخ : 8) وقد عابوا على رسول الله S بأنه أتى بالنسخ  ، ويكفّرونه من أجل ذلك ، وتناول ذلك في سورة سماها (سورة النسخ :45) .
    ومن المعلوم أن اليهود هم أول من طعن في الإسلام بهذه الشبهة ، لأنهم لا يقرُّون بالنسخ في شرائع الله ، زاعمين أن النسخ يستلزم البداء ، والعلم بعد الخفاء ، وذلك لا يجوز علي الله  ، وقالوا إن جميع ما سبق من الكتب السماوية ليس فيها نسخ ، وقصدهم في ذلك خبيث سيئ ، وهو ألاّ يؤمنوا بشريعة أخري ، وبالتالي فلا إيمان بعيسى ومحمد عليهما الصَلاة وَالسَلام ، وبذلك يُحَرِّفون التَّورَاة بما يُناسِب أهْواءَهم إلي يوم القيامة ، والجواب على هذه الشبهة سأجعله في نقاط مركزة وهي :
    أولا : النسخ  في عرف الشرائع هو إحلال حكم محل حكم آخر لحكمة معقولة المعنى ومقبولة .([61])
     ثانيا : الله تعالى هو الرب المالك الذي له ملك كل شيء ، وكل الخلق
مماليكه ، فيأمر بما يشاء وينهى عما يشاء ، ويثبت ما يشاء وينسخ ما يشاء بما يشاء ، ولا يفعل شيئًا من ذلك إلا لحكمة بالغة ، فما من حُكْمٍ إلا وهو تابع للحِكْمةِ ، والحكمةُ تختلف باختلاف الناس وزمانهم ومكانهم ومصلحتهم ، لا باختلاف علم الحاكم حاشا لله عَزَّ وَجَلَّ .
   ثالثا : فترة الرسالة ثلاث وعشرون سنة ، ابتدأت بقوم على الجاهلية
 الجهلاء ، وانتهت بكمال الدين وتمام النعمة بما يسع جميع الناس في كل بقاع الأرض على مدار القرون إلى يوم الدين ، وبما لا يجافي أية حالة من حالات الإنسان ، فلن تحدث قضية إلا ولها مَثَلٌ في الكتاب والسنة ، وانتهت الرسالة والأمَّة في غاية الرقيّ الإنساني ، وغاية الكمال البشري ، وإنما تم ذلك بالتربية التدريجية ، والتدرج في الأحكام بمراعاة الأصلح والأنفع لكل حال ولكل ظرف ، مع ما يناسب قابلية الناس في سنوات الرسالة ليقدِّموا القدوة اللازمة لجميع الدرجات للناس كافة إلى آخر الزمان.
     رابعا :  الله تعالى يحب أن يتعرف إلى عباده بأسمائه وصفاته ، ويَمْتَنُّ عليهم بمقتضياتها ، فعلى سبيل المثال النسخ في قول الله تعالى  } أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ{ (البقرة:187) فمقتضى العفو في  آية الصيام ظاهر في قوله تعالى : } فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ{ ، وحق الله علينا كبير لا نبلغه ولا نستطيعه ، ولا حل لهذه المعضلة إلا عفوُه عَزَّ وَجَلَّ ، حيث ترك أكثر حقه لدينا ولم يطالبنا إلا بما جاء به الشرع ، ففي هذه المسألة فرض علينا الصيام بالحكم الأول المشدَّد الذي شق على الأصحاب وهم خير القرون ، فجاء التخفيف بالحُكْم الناسخ ، وذلك بمقتضى العفو أيضًا ، ثم إذا نسينا أو أخطأنا سألناه عفوًا آخر مقابلاً للخطأ والنسيان ، وهكذا أنواع من العفو ، وأيضًا فالتخفيف هو من مقتضى الرحمة والحِكْمة ، وأيضًا توبة الله عليهم بعد هذا الظرف من الشدة إنما هي فضل من الله يرفعهم بها درجات عنده لأنهم صادقون كما تبين ، حيث بصدقهم صار اختيانهم لأنفسهم في هذه الشدة كان سببا قدره الله لتوبته عليهم ، كما قال تعالى : } لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُـهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُـسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيـغُ قُلوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيـْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيم ٌ{ التوبة:117) .
    خامسا : من الحكم الجليلة للنسخ تذكير الناس بالنعمة ، وبالتالي شكرها ، فعندما يقرأ المسلم آية الصيام في ليالي الصيام وهو يتنعم بالمآكل والمشارب ومباشرة زوجه مع علمه بما كان قبل النسخ ، فما أجدره أن يشكر نعمة الله في عفوه هذا الذي لا ينسى ، كما أنه إذا تعرض لظروف شديدة طارئة في ليالي وأيام الصيام ، فما أجدره أن يذكر الاقتداء بهؤلاء الصادقين ويصبر ويستعين بالله  ، فإذا تبينت هذه الفوائد والحِكم ، وهي قليل من كثير ، علمنا أن قضية النسخ في القرآن ليست قادحة في نسبته إلى الله ، بل مثبتة لأنه كلام الحكيم العليم ، قال تعالى : } وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقـرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ { (النمل :6) ، وعلمنا أيضًا أن هؤلاء المعترضين سفهاء لا يفرقون بين البداء أو العلم بعد الخفاء ، وبين الأحكام التابعة للحكمة التي تختلف باختلاف الناس ، فالله عَزَّ وَجَلَّ يعلم أن هذا الحكم في هذا الزمان أو لهذه الأمة مناسب ، وفي زمن آخر أو لأمة أخرى غير مناسب ، ولهذا كان النسخ من مقتضى الحكمة والعلم لا مخالفًا لهما.
    سادسا : الزعم بأن النسخ خاص بالقرآن وأن جميع ما سبق من الكتب السماوية ليس فيها نسخ دعوى من أكذب الدعاوي على الإطلاق ؛ فالنسخ ليس من الأمور التي انفرد بها القرآن كما يروج لهذا هؤلاء العميان ،  فهذا هو كتابهم المقدس  بعهديه القديم والجديد يحتوي على عشرات  النصوص التي تثبت وقوع النسخ في الشرائع السابقة ، وأهدي هذه النصوص لزكريا بطرس مهرج قناة الحياة  : ([62])
·       نماذج للنسخ في العهد القديم
   وهذه  بعض النماذج للنسخ كما ورد في العهد القديم :
   (1) أُمِرَ آدم u بتزويج بناته من بَنيه -  حيث لم يكن وقتها إلا ذلك ، فكان الأصلح ، وإلاّ توقف التَّناسُل - ثم صار ذلك حَرَاما بالاتِّفاق. ([63])   
   (2) كان التسرِّي علي الزوجة مباحا في شريعة إبراهيم u ، ولقد تسرِّي إبراهيم u بِهَاجر ، ثم حُرِّم مثل ذلك في التوراة . ([64])
   (3) كان الجمع بين الأختين سائغا ، وقد فعله يعقوب u ، ثم حرِّم ذلك في التَّوْراة. ([65])
   (4) أُبيحَ لنوح u بعد خروجه من السَّفينة أكل جميع الحيوانات ، ثم نُسِخ حِلُّ بعضها . ([66])
·       النسخ في العهد الجديد
   مع أن المسيح u  - حسبما ورد في الأناجيل - ما جاء لينقض إنما جاء ليكمل ([67]) ، إلا أنه خالف الشريعة الموسوية في الكثير من الأحكام ،  ومنها على سبيل المثال تشريع الطلاق ،  فقد كان طلاق الرجل زوجته جائزا جوازا مطلقا لأي سبب من الأسباب ، وهذا مذكور في الإصحاح الرابع والعشرين من سفر" الاستثناء " فجاءت شريعة عيسى u ونسخت هذا الجواز المطلق وحصرته في سبب واحد وهو الزنا ، فقد جاء في " إنجيل متى "  الإصحاح الخامس ، الآية الحادية والثلاثين ما يأتي : " 31وَقِيلَ أَيْضاً : مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ، فَلْيُعْطِهَا وَثِيقَةَ طَلاَقٍ. 32 أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى ، فَهُوَ يَجْعَلُهَا تَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَةٍ ، فَهُوَ يَرْتَكِبُ الزِّنَى.
    لكن الشئ الغريب أن النسخ في العهد الجديد ليس مقصورا على المسيح وحده ؛ بل شاركه فيه حواريوه (تلاميذه) وشاركه فيه " بولس"  المسمى في العهد الجديد  " بولس الرسول "  -  وهو ليس من حواري المسيح - ، والحواريون وبولس ليسوا رسلا موحى إليهم وحيا مباشرا من عند الله ، وهذا هو موضع إجماع في الإيمان المسيحي كما هو معروف.
     ولا نريد الإكثار من إيراد صور النسخ في الشريعة العيسوية فذلك ليس من أهدافنا هنا ، إنما هدفنا أن نثبت بالأدلة اليقينية من مواقع كتابهم المقدس أن النسخ شائع في جميع الكتب والشرائع السماوية ، وليس مقصورا على القرآن الكريم ، لنبين في وضوح كذب هذه الدعوى التي أكثروا الطنين حولها هذه الأيام . ([68])
  سابعا : ومع هذا فإن النسخ في القرآن قليل إلى حد الندرة ، وفي أوسع الأحوال لا يتجاوز وقوع النسخ في القرآن عند المحققين آيات دون أصابع اليدين.
   ثامنا : النسخ في القرآن من فعل الله تعالى وليس لأحد سلطان ولو كان النبي S ، بينما قد مارس الحواريون وبولس هذا العمل دون حد أو قيد ، وهم ليسوا رسلا موحى إليهم كما يجمع على ذلك جميع العقلاء.([69])   
    فمن النسخ المنسوب إلى الحواريين أنهم نسخوا كل الأحكام العملية التي زخرت بها التوراة أو شريعة موسى u إلا أربعة أحكام أبقوا على تحريمها ، وهي : الزنا والدم وأكل المخنوق والذبح للأصنام ، وهذا مذكور في الإصحاح الخامس عشر من أعمال الحواريين .
    ثم جاء بولس من بعدهم ونسخ ثلاثة من الأربعة التي أبقى الحواريون
 حرمتها ، وجعلها حلالا ، وهي : الدم وأكل المخنوق والذبح للأصنام ، أما الزنا فأبقاه على حرمته كما هو في شريعة موسى u ، كما نسخ بولس مشروعية الختان التي كان معمولا بها في شريعة موسى ، ثم استمر العمل بها في صدر شريعة عيسى ، والدليل على ذلك أن عيسى – نفسه - u اختتن ، ولما آل أمر المسيحية إلى بولس وقف العمل به (نسخه) وله في ذلك كلام منسوب إليه ، وهو طويل نكتفي منه بالآتي: " وها أنا بولس أقول لكم إنكم إن اختتنتم لن ينفعكم المسيح بشئ " .([70])
     وهنا نقول لمهرج (قناة الحياة) - الذي أطلق للسانه العنان للتطاول على الإسلام - هل أنت تجهل هذه الحقائق التي اقتبسناها من أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ؟ أم أنت تعلمها ؟ فإن كنت تجهلها فلا يحق لك أن تتحدث عن أمور لا رأس لك فيها ولا قدم ، وإن كنت تعلمها فلا يحق لك أن تجعل النسخ في القرآن دليلا على أنه ليس وحيا من عند الله ، لأنك تؤمن بالكتاب المقدس بأنه وحي من عند الله ، وقولك بأن النسخ يقضي بأن الكلام الذي وقع فيه ينفي عنه صفة الوحي المنزل ، يصيبك أنت في إيمانك ، ولا يصيب سواك مما عنيتهم فكف عن مهاتراتك لئلا يصيبك سهمك .
 
 
 
 
 
 
   5) إبطال القصاص
  وَيَعُد صاحب " الفرقان " القصاصَ من أحكام الجاهلية ،  فقال في سورة
  ( الحكم :10)" أفحكم الجاهلية تبتغون ، بأن النفس بالنفس ، والعين بالعين ، والسن بالسن ، إن هو إلا سنّة الأولين ، وقد خلت شرعة الغابرين" ([71])
     ويقول في " سورة العطاء " : "يا أيها الذين ضلُّوا من عبادنا ، لقد قيل لكم: النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن ... " ، ويعود هذا  الغافل فى الفقرة السادسة فيقول بخصوص هذه الآية نفسها : "ورحتم تُضِلّون المهتدين وتفترون علينا الكذب إنه لا يفلح المفترون ".
    فشورش هنا يعيب على الإسلام أن سن تشريع القصاص ، ولا يدري هذا الجاهل أن هذا تشريع ورد في التوراة التي يسميها بالعهد القديم ، وهذا هو النص كما جاء في القرآن الكريم: } وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون { (المائدة:45) أي كتبنا على بني إسرائيل  ، ولا أحد فى اليهودية أو النصرانية إلا ويؤمن بأن التوراة هى من عند الله ،  والقرآن لم يقل شيئا آخر غير هذا .
     وجاء ذلك فيما يسمَّى ( سورة الحكم/10 )  " أَفَحُكْمَ الجاهلية تبتغون بأن النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن إنْ هو إلا سُنَّة الأولين وقد خَلَتْ شِرْعة الغابرين " .
     ثم يمضى هذا  المسكين فى تخبطاته بصورة تدعو إلى الرثاء قائلا فى الفقرة التى تلى ذلك مباشرة : " فلا تنتقموا وتَصَدَّقوا به فهو كفارة لكم إن كنتم
مؤمنين " ، جاهلا فى غمرة نسيانه وخَرَفه أن هذا هو ما يقوله القرآن الكريم فى آية سورة " المائدة " التى سبق الاستشهاد بها قبل قليل ، مع فارق مهم هو:  أن القرآن لا يوجب هذا كما يريد منا مزيفو كتاب " الضلال المبين " ؛ بل يكتفى بالحث عليه لمن أراد أن يحرز أجرا عند الله ينفعه يوم القيامة ، وهو ما يتمشى مع أوضاع المجتمعات البشرية التى لا تستطيع أن تُمْضِىَ أمرها دون محاكم
وعقوبات ، وإلا لفسد الأمر وعاث المجرمون من أمثال هؤلاء الملفقين بغيا ونهبا وتقتيلا ، إذ ما الذى يردع المجرم عن عدوانه وغَيّه لو أُلْغِيَت العقوبات ؟ إن هذا ما يتمناه كل مجرم لـه في الإجرام تاريخ عريق ،  أما المبالغة فى الأمر بالتسامح والتظاهر به  وتصوُّر أن البشر قادرون عليه فى كل الأحوال فهو نفاق رخيص ،  وليست العبرة بمثل هذه المبالغة ، بل العبرة أن يكون هناك تشريع يحقق العدل ويأخذ لكل ذى حق حقه مع دعوة الناس إلى الصفح ما أمكن ، وهو ما فعله القرآن ، أما الكلام الساذج عن إدارة الخد الأيسر لمن يصفعك على خدك الأيمن فهو سذاجة بل بلاهة بل تنطع ، لا يسمن ولا يغنى من جوع ، ولا يترتب عليه إلا خراب المجتمعات والدول ، وفوز الذئاب والكلاب من البشر بكل شئ ، وذهاب الناس الطيبين إلى الجحيم  غير مأسوف عليهم من أحد ، وأتحداكم أن تأتوا لى بمن يقول هذا لأصفعه وأرى ماذا سيفعل ! .
      إنه ما من دولة  نصرانية تخلو من المحاكم والعقوبات والسجون ... إلخ  مما هو موجود فى كل البلاد !  بل إن المسيح نفسه لم يفعل هذا ! حتى الصَّلْب ، الذي يزعمون أنه u إنما أُرْسِل إلى الأرض ليتحمله فداءً للبشر الخُطَاة ، ظل يسوّف فيه ويحاول تجنبه ما أمكن ، وعندما وقع أخيرا فى أيدى الجنود وأخذوا يعتدون عليه بالشتم  والضرب كان يعترض على ما يوجهونه إليه من أذى . بل إنه ، وهو فوق الصليب ، أخذ يجأر إلى ربه كى يزيح عنه تلك الكأس المرة ، وهذا كله قد سجَّله مؤلفو الأناجيل أنفسهم !  بل إن الله نفسه يعاقب الأشرار فى الدنيا والآخرة ،  وعلى اعتقادكم فإنه سبحانه لم يسامح البشرَ إلا بعد أن عاقب ابنه عقابا لم نسمع أن أبا طبيعيا عاقبه ابنه ؛ بَلَه أن يكون هذا الابن ابنًا بريئًا بارًّا لم يرتكب ذنبا فى حق أحد ! ترى لماذا لم يجر الله على سنة التسامح التى تدعون إليها وتظنون أنكم تتفوقون بها علينا  ؟ ، مع أننا مهما صدقنا ادعاءاتكم فينا ، لم نقترف عشر معشار ما اقترفتموه فى حقنا وفى حق الآخرين من جرائم وفظاعات وحشية ؟ فلماذا التساخف إذن لمكايدة المسلمين ؟ أما إذا كان الأمر مجرد تنطُّع للمباهاة والسلام ، فلامانع من إدارة الخد الأيسر أيضا لمن يصفعهم على الأيمن ؛ بل لا بد من إدارة القفا أيضا و.........كى يكون أجرهم عند الله عظيما فى ملكوت  السماوات !.
     لو أنكم كنتم صادقين فى هذه المثالية المتنطعة ، فلماذا لا تنسَوْن ما تدَّعون أننا آذيناكم به ولا تزالون حتى الآن تتخذونه ذريعة لسحقنا وسحق أية محاولة منا للنهوض من تخلفنا هذا ؟ ، ثم ماذا  " من أخذ منك رداءك فأعطه أيضا
 إزارك " ، وامش بعد ذلك  " عاريا  " تستعرض على الناس فى الشوارع والمجامع سوأتك وأعضاءك التناسلية والإخراجية! .
  إن الواقع الذي نراه الآن يجعلنا لا نصدق حرفا مما تقولون ؟ .
     6 ) الحلف بالله محرم في القرآن الأمريكي
   لقد وردت فى الفقرة الحادية عشرة من  ( سورة الزنى: 11)  فى " ضلالهم المبين "  الكلمة التالية : " ووصينا عبادنا ألا يحلفوا باسمنا أبدا وجوابهم نَعَمْ أَوْ لا فقلتم بأن من كان حالفا فليحلف باسم الإله أو يصمت ، وهذا قول الكفرة المارقين " ولنا مع هذا الباطل وقفات :
     أولا :ما علاقة الحلف بالله بالكفر ؟ وإذا لم نحلف بالله إذا أردنا أو أُرِيدَ منا أن نُطَمْئِن الآخرين فبأى شىء نحلف !؟
     ثانيا: إن الحَلِف موجود فى كل المجتمعات والعصور والديانات بما فيها شريعة موسى u   التى أكد المسيح  u  حسبما تروى عنه الأناجيل  أنه ما جاء لينقض أحكامها بل ليتمّمها ، والتى تنظّم عملية الحلف  بتشريعات خاصة به جوازا ووجوبا وحرمة ( تكوين : 25 : 3 ، وخروج: 22 : 1،
وعدد :30 : 2 ). فمن أين جاءت المشكلة إذن ؟ إن المسيح u  فى نفس العبارة التى يؤكد فيها أنه ما جاء لينقض الناموس ( أى شريعة موسى u ) بل ليتمّمه يسارع فى التو واللحظة بنقض كل ما أكده فى هذا الصدد قائلا:  إنه إذا كان قد قيل للقدماء كذا فإنه هو يغيّره إلى كذا .
     وكان من بين ما غَيَّرَ  حُكْمَه  القَسَمُ ، وهذا نَصّ ما قاله فى هذا الصدد كما في إنجيل متى : " 33 وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلأَقْدَمِينَ: لاَ تُخَالِفْ قَسَمَكَ ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ مَا نَذَرْتَهُ لَهُ. 34أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا أَبَداً، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا عَرْشُ اللهِ ، 35وَلا بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِيءُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الأَعْظَمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فِيهَا بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37لِيَكُنْ كَلامُكُمْ: نَعَمْ، إِنْ كَانَ نَعَمْ ؛ أَوْ: لاَ، إِنْ كَانَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ" . ([72]) وجاء فى "رسالة يعقوب "( 5 : 12): " يا إخوتى ، لا تحلفوا لا بالسماء ولا بالأرض ولا بقَسَمٍ آخر ، ولكن ليكن كلامكم نعم نعم ، ولا لا ، لئلا تقعوا فى الدينونة ". وهذا كل ما هنالك . فهل فى هذا الكلام ما يفهم منه أن القسم كفر؟ بطبيعة الحال لا يوجد شىء من هذا لا من قريب ولا من بعيد. ([73])
     ثالثا : إن الكتاب المقدس بعهديه قد أخبر في غير ما موضع أن الله نفسه قد صدر عنه القَسَم  حسبما روى لنا  العهد الجديد نفسه ، فما القول إذن ؟ جاء على سبيل المثال فى " لوقا " ( 1 : 73 - 74 ) : " ... القَسَمَ الذى حلف
 ( الله ) لأبينا إبراهيم أن يُنْعِم علينا * بأن نَنْجُوَ من أيدى أعدائنا ... " ، ويقول كاتب " أعمال الرسل " ( 2 : 31 ) : "  كان ( داود ) نبيا وعلم أن الله أقسم لـه بيمينٍ أن واحدا من نسل صلبه يجلس على عرشه ... " بل إننا نقرأ فى " رسالة القديس بولس إلى العبرانيين " (6 : 13 – 17) : " لأن الله عند وعده لإبراهيم  إذ لم يمكن أن يُقْسِم بما هو أعظم منه ، أقسم بنفسه ، وإنما الناس يُقْسِمون بما هو أعظم منهم وتنقضى كل مشاجرة بينهم بالقَسَم للتثبيت * فلذلك لمّا شاء الله أن يزيد وَرَثَة الموعد بيانا لعدم تحوُّل عزمه أقسم بنفسه " .
     فلماذا إذن التنطع الكاذب وسوء الأدب والسفاهة مع سيد الأنبياء S ؟  كذلك فالملاك ، بنص كلام يوحنا فى " رؤياه " ( 1: 6 ) ، يقسم بالله " الحى إلى دهر الدهور خالق السماء وما فيها والأرض وما فيها والبحر وما فيه " . ليس ذلك  فقط ، بل هذا هو بطرس ، خليفة السيد المسيح - كما يقولون - وأكبر حوارييه ومؤسس كنيسة روما ، يحلف كذبا  فى آخر حياة سيده أمام الجمع الذى جاء للقبض عليه  ثلاث مرات متتالية أنه لا يعرفه ولا علاقة له به قائلا :  " إنى لا أعرف  الرجل ! " ، رغم أن المسيح كان قد نبَّهه إلى أنه سينكره فى تلك الليلة ثلاثًا قبل أن يصيح الديك ، ومع ذلك وقع فى الإثم الذى نبَّهه إليه نبيُّه! ( متى : 26 : 72 – 73 ، ومرقس : 14 :71) مستحقا بأثرٍ رجعىٍّ وَسْم السيد المسيح لـه قبـلا بأنه " شيطان " وأنه لا يفطن إلا لما للنـاس ولا يفطن لما لله (مرقس: 8 : 32 ) فماذا يقول الأوغاد فى هذه أيضا ؟
    رابعا : ولنا أن  نسأل أصحاب هذا العفن : ألا تحلفون كلكم فى حياتكم  اليومية ، وفى المحاكم ، وعند ممارسة الأطباء منكم الطب ، وتَوَلِّى الحكّام حُكْم بلادهم ... إلخ ؟ ألا يُقْسِم النصارى فى كل لحظة أمامنا بـ " المسيح الحى "  و" العذراء "  و " الإنجيل " ؟
    خامسا : على فرض أن المسيح u - على زعمكم - قد نسخ حكم التوراة فى الأيمان ، فلم لا يكون من حق سيدنا رسول الله S أن ينسخ بدوره ما قاله المسيحu  ؟ وأغلب الظن أن عيسى  u ، إن صحّ ما ترويه عنه الأناجيل فى هذا الصدد ، قد لاحظ كثرة لجوء اليهود إلى الحَلِف لأكل حقوق الناس بالباطل ، فأراد أن يضع حدا لهذه الظاهرة ، وإن كان فى عبارته ، كما هى العادة فى الكلام المنسوب إليه فى الأناجيل ، مغالاةٌ أراد أن يوازن  بها مغالاة  اليهود فى المسارعة إلى استغلال اسم الله فى خداع  الآخرين ! فكلا النبيين الكريمين أراد أن يعالج ظاهرة نفسية وخلقية ذميمة رآها منتشرة بين معاصريه .
    سادسا : ومع هذا لم  يشجِّع الإسلام على القَسَم - كما يوحى كلام هؤلاء المجرمين  في " ضلالهم المبين " ؟ - على الإطلاق ، ففى القرآن نقرأ قوله تعالى : } وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضـَةً { ( البقرة :225)وقوله : } وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {
( المائدة : 89 ) وقوله :  } ولا تُطِعْ كلَّ حَلاّف مَهِين { ( القلم : 10) ، وفى الحديث : أن الحَلِف إذا كان مَنْفَقَةً  للسلعة ، فهو  َممْحَقَةٌ للبركة . ([74])
 وقد عمد النبي S إلى محاربة العصبية القبلية التى كانت متفشية بين العرب آنذاك وما يرتبط بها من التعظُّم بالآباء والأحساب والأنساب ، فأراد الرسول الكريم أن يبين لهم أن البشر جميعا هم خلق الله ، وأنه لا فضل لأحد على أحد بنسب أو حسب ، وأن توجُّه المؤمن ينبغى أن يكون لله وحده بوصفه عبدا لـه ينبغى أن يكون دائما على ذكْرٍ منه .
    وهذا هو المعنى الذى أراده الرسول S ، عندما قال : (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) ([75])
    وهو معنى إنسانى عظيم لمن لم يطمس الله على بصيرته ، وبداية الحديث وختامه يدلان على أنه S لا يحبِّذ الحَلِف ، وهذا واضح من استخدام جملة الشرط ، التى تعنى أنه إذا كان لا بد من الحَلِف فليكن باسم الله لا بأسماء الآباء التى من شأنها إحياء النوازع والنعرات الجاهلية لا أن الحلف فى ذاته مرغوب !
     سابعا : لقد سخر الإسلام موضوع الَأيمان لمصلحة الفقراء ، فيفرض كفارة على من يُقْسِم ثم يحْنث في يمينه ، إذ يُوجِب عليه إطعام عشرة مساكين أو كساءهم ، قال تعالى : } لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون َ{ (المائدة:89)
     وهذا التشريع يعود نفعه على المساكينَ والفقراء بأيسر سبيل ،  فانظر إلى هذه التشريعات الحكيمة التى تنجز أضخم الإنجازات بأقل الإمكانات .
   7) تحطيم مبدأ الولاء والبراء
  وكي يمرر استراتيجية تحسين الصورة له في بقاع المسلمين وخلخلة َنمُوذجهم العقدي فيما يتعلق بالولاء والبراء ، فقد ضمنوا هذا الكتاب ما يتفق والسياق العقدي المرغوب فيه الخالي من أي موقف ديني صارم تجاه أعداء الإسلام ، فيذكر في سورة ما يقال عنها " الصلاح " المكذوبة من نفي لمعاداة الكافرين ، والبراءة من الضالين والملحدين بقولهم: (يا أيها الذين ضلوا من عبادنا هل ندلكم علىتجارة تنجيكم من عذاب أليم تحابوا ولا تباغضوا وأحبوا ولا تكرهوا أعداءكم فالمحبة سنتنا وصراطنا المستقيم... وسكوا سيوفكم سككاً ورماحكم مناجل ومن جنى أيديكم تأكلون).. ويستمر الإجرام في منهجيته في الآيات المزعومة القائلة: (وكم من فئة قليلة مؤمنة غلبت فئة كثيرة كافرة بالمحبة والرحمة والسلام).!! ([76])
     وهذه الحملة الشرسة والمنظمة التي تولى كبرها صاحب هذا الفرقان من أجل  مسخ عقيدة البراء ولأجل هذا وذاك ، أحببت أن أؤكد على موضوع الولاء والبراء من خلال النقاط التالية:
    أولا :  الولاء معناه المحبة والمودة والقرب ، والبراء هو البغض والعداوة والبعد: والولاء والبراء أمر قلبي في أصله ، لكن يظهر على اللسان والجوارح ، فالولاء لا يكون إلا لله ورسوله وللمؤمنين ، كما قال سبحانه :  }إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا {( المائدة:55).   
    والولاء للمؤمنين يكون بمحبتهم لإيمانهم ، ونصرتهم ، والإشفاق عليهم ، والنصح لهم ، والدعاء لهم ، والسلام عليهم ، وزيارة مريضهم ، وتشييع ميتهم ، ومواساتهم وإعانتهم ، والسؤال عن أحوالهم ، وغير ذلك من وسائل تحقيق هذا الولاء.
     والبراءة من الكفار يكون : ببغضهم - ديناً - وعدم بدئهم بالسلام ، وعدم التذلل لهم أو الإعجاب بهم ، والحذر من التشبه بهم ، وتحقيق مخالفتهم - شرعاً - وغير ذلك من مقتضيــات البراءة منهم ، قال تعالى : } لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون َ{ (المجادلة:22) وقال تعالى: }لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ{ (آل عمران:28) وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ{ (المائدة:51)  وقال تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَــاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ{ (الممتحنة:1)
    ثانيا : الولاء والبراء أوثق عرى الإيمان : كما قال S: (أَوْثَق عُرَى الْإِيمَان الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه) ([77])  وهو من الإيمان ، بل هو شرط من الإيمان كما قال سبحانه:  } تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ{ (المائدة: 80 ، 81 ).
يقول ابن تيمية عن هذه الآية : "  فذكر جملة شرطية تقتضي أن إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف  " لو"  التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط، فقال:
 }وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ{ (المائدة:81) فدل ذلك على: أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده ، لا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب ، ودلَّ ذلك على أن من اتخذهم أولياء ، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي ، وما أنزل إليه..) ([78])
   وقد كان النبي S يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم ، فقد قال S: ( أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ) ([79])  
   قال أبو الوفاء بن عقيل (ت 513 هـ) : " إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك ، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة ، عاش ابن الراوندي والمعري عليهما لعائن الله ينظمون وينثرون كفراً... وعاشوا سنين ، وعظمت قبورهم ، واشتريت تصانيفهم ، وهذا يدل على برودة الدين في القلب' ([80])
 
    8) بث ثقافة الانحلال والإباحية
  ولأن الكتاب الأمريكي يعد بحق مستنقع للقاذورات ، فلا غرابة إذا كانوا يتعمدون فيه مساواة الطهر بالخبث والنجاسات !! ومساواة النكاح بالزنا !! ففي سورة الطهر بقولهم علي الله زورا وكذبا : " وما كان النجس والطمث والمحيض والغائط والتيمم والنكاح والهجر والضرب والطلاق إلا كومة ركس لفظها الشيطان بلسانكم وما كانت من وحينا وما أنزلنا بها من سلطان ".
     وفي السورة المزعومة ذاتها منتهى التألي علي الله عز وجل  والكفر بما أنزل من آيات بينات بقولهم افتراء عليه : " وقلتم إفكا لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا.. وأمرتم باقترافه مثني وثلاث ورباع أو ما ملكت أيمانكم ، ولا جناح عليكم إذا طلقتم النساء فإن طلقتموهن فلا يحللن لكم من بعد حتي ينكحن أزواجا غيركم  فهل بعد هذا من زني وفحش وفجور) .تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا.. إنهم يصفون تعدد الزوجات بالزني ، والطلاق كذلك !!.
     وفي سورة " الزنا " افتروا علي الله القول : (يا أهل السفاح من عبادنا
 الضالين : لقد دفعتم بأنفسكم إلي الزنا بما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع أو ما ملكت أيمانكم فعارضتم سنتنا في الإنجيل الحق بأن من نظر لأنثى بعين الشهوة  فقد زنا بها في قلبه السقيم ، ومن أشرك بزوجة أخري فقد زنا وأوقعها في الزنا والفجور .
     وتمشيا مع هذه السياسة الإباحية عاب صاحب الضلال المبين على الإسلام إقامة حد الرجم على الزاني ، فمما جاء في سورة ( الزنا :8) (ورجمتم الزناة كأنكم أبرياء فمن برئ نفسه فليكن أول الراجمين)
    ولعلك تعرف أخي الكريم السبب ، فأصحاب هذا العفن يغضون في إباحية عفنة ، لكن الملاحظ أنه يتكلم بلغة الإنجيل ، وهو بذلك يشير إلى ما جاء على لسان المسيح u ردا على من طلب منه إقامة الحد على زانية كما جاء في إنجيل يوحنا :" 2وَعِنْدَ الْفَجْرِ عَادَ إِلَى الْهَيْكَلِ، فَاجْتَمَعَ حَوْلَهُ جُمْهُورُ الشَّعْبِ ، فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَأَحْضَرَ إِلَيْهِ مُعَلِّمُو الشَّرِيعَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً ضُبِطَتْ تَزْنِي، وَأَوْقَفُوهَا فِي الْوَسَطِ، 4وَقَالُوا لَهُ: «يَامُعَلِّمُ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ ضُبِطَتْ وَهِيَ تَزْنِي. 5وَقَدْ أَوْصَانَا مُوسَى فِي شَرِيعَتِهِ بِإِعْدَامِ أَمْثَالِهَا رَجْماً بِالْحِجَارَةِ، فَمَا قَوْلُكَ أَنْتَ؟» 6سَأَلُوهُ ذَلِكَ لِكَيْ يُحْرِجُوهُ فَيَجِدُوا تُهْمَةً يُحَاكِمُونَهُ بِهَا. أَمَّا هُوَ فَانْحَنَى وَبَدَأَ يَكْتُبُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلكِنَّهُمْ أَلَحُّوا عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، فَاعْتَدَلَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيئَةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى وَعَادَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9فَلَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكَلاَمَ انْسَحَبُوا جَمِيعاً وَاحِداً تِلْوَ الآخَرِ، ابْتِدَاءً مِنَ الشُّيُوخِ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ، وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي مَكَانِهَا"
   ولي مع هذا النص وقفات :
    أولا : لاحظ أيها الكريم قول المسيح u : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيئَةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ ، وقول شورش في الفرقان : فمن برئ نفسه فليكن أول الراجمين ، وهذا يؤكد على أن كتاب الفرقان يردد ماجاء في الإنجيل .
    ثانيا : هذا النص الذي ورد في إنجيل يوحنا - على فرض صحته - فليس فيه ما يدل على إبطال حد الرجم ، فغاية ما يفهم من كلامه الهرب من الفخ الذي نصبه له الفريسيون للوقيعة بينه وبين الحاكم ، لاحظ : (سَأَلُوهُ ذَلِكَ لِكَيْ يُحْرِجُوهُ فَيَجِدُوا تُهْمَةً يُحَاكِمُونَهُ بِهَا)
      ثالثا : يفهم من كلام المسيح u أنه يعيب على هؤلاء الفريسيين  أنهم غارقون في الزنا ، ويعيبون على غيرهم هذا العمل ، بدليل أنهم : " انْسَحَبُوا جَمِيعاً وَاحِداً تِلْوَ الآخَرِ".
     رابعا : هذا النص يثبت أن إقامة حد الرجم على الزاني من شريعة
موسى ، هذه الشريعة التي ما جاء المسيح u لينقضها ،كما جاء في النص السابق " ، 4وَقَالُوا لَهُ: «يَامُعَلِّمُ ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ ضُبِطَتْ وَهِيَ تَزْنِي. 5وَقَدْ أَوْصَانَا مُوسَى فِي شَرِيعَتِهِ بِإِعْدَامِ أَمْثَالِهَا رَجْماً بِالْحِجَارَةِ ، فَمَا قَوْلُكَ أَنْتَ؟» أليس كذلك ؟
    خامسا : وماذا في رجم من اعتدى على الحرمات ؟ إن إقامة الحدود على الزناة يضمن للمجتمع أن يحيا حياة نظيفة آمنة ، يأمن فيها المرء على عرضه ونفسه ، ودعني أسألك مسيو شورش لو وجدت زوجتك متلبسة بجريمة زنا مع أحد الفاجرين ، واجتمع الناس وشاهدوا هذه الجريمة ، فماذا أنت فاعل ؟ أحسب أنك ستقول : " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيئَةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ " أو تقول :" فمن برئ نفسه فليكن أول الراجمين "  أليس كذلك  ؟

 



(1) منظومة البوصيري في الرد على النصارى ص 7.
(2) انظر :القاسمي ، تفسير القاسمي (3/408) .
(1)  سوف يأتي الرد على هذه الفقرة قريبا .
(1)  نشرت جريدة الجمهورية ( الأحد 6 من ذي الحجة هـ - 16 من يناير 2005 ) أن محكمة عسكرية أمريكية أدانت الجندي الأمريكي" تشارلز جرانر " الحارس السابق في سجن أبوغريب بتهم تعذيب وإساءة معاملة السجناء العراقيين في الفضيحة التي فجرت سخط واشمئزاز دولي واسـع =
= ضد الولايات المتحدة ، قالت هيئة المحلفين العسكرية المؤلفة من عشرة أعضاء إن جرانر "36 عاماً " مدان في كل الاتهامات الموجهة إليه وهي سوء معاملة معتقلين ، والعجز عن حماية معتقلين من تعرضهم لتجاوزات وأعمال وحشية ، وخدش حياء ، وعرقلة عمل القضاء.
   وذكر محامي الدفاع أن موكله وحراساً آخرين كانوا يتبعون " تعليمات رئاسية مستمرة تطلب منهم تقليل مقاومة المعتقلين" ، وقد وصف العريف " جرانر وزميليه الآخرين " بأنهم كانوا كباش فداء قدمت للمحاكمة لحماية ضباط كبار بالجيش الأمريكي .
(1) لقد أخبر الله تعالى في كتابه أن الكافرين قلوبهم تغلى حقدا وبغضا على أصحاب رسول الله S فقال : } مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً { (الفتح:29)
 انظر :     http:alarabnews.com:alshaab:2004:24-12-2004:Awad.htm.
(1) حديث صحيح : رواه الترمذي في رقم 2541، وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ  وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة 2/2314.
(1) انظر :                       http: alarabnews.com:alshaab:2004:24-12-.
 
(1) انظر : السابق .
(1) رواه البخاري في بدأ الخلق برقم3005 ومسلم في الجنة وصفة نعيمها برقم5050.
(2) انظر : السابق .
(1)  (البقرة : 256) .
(1)  الصلاة على رسول الله S ليس من كلامه بالطبع  .
(1) انظر             http:www.zizafoon.net:showthread.php?t355
 
(1) إنجيل متى :22/  15: 22 ، مرقس :21/ 13: 17
(1) رسالة القديس بولس إلى أهل رومية :  13 / 1 – 7 .
(1) سفر التثنية : ( 20 / 10 – 17 ) .
(1) متى : 3/ 12.
(2) تيموتاوس  1 / 12.
(1) محمود سلام زناتي ، النظم القانونية الإفريقية وتطورها (1966) ص101 ـ 107.
(2) قتل في الحرب العالمية الأولى 5 ـ 8 مليون كما أشار إلى ذلك نور الدين حاطوم في الموسوعة التاريخية الحديثة ـ تاريخ القرن العشرين (لبنان ، 1385 ـ 1965) ص 122.  وفي الحرب العالمية الثانية قتل أكثر من 40 مليون عن :
Encyclopaedia International (U.S.A : 1981) voi . 19 P 493
(2) انظر: الدكتور مازن صلاح مطبقاني ، الزواج مثنى وثلاث ورباع الأسباب والضوابط ص 6 .
(1) محمد علي البار ، عمل المرأة في الميزان ص 131 .
(2) انظر :    http:www.lahaonline.com:Family:HerandHim:a1-04.c
(3) - إيتين دينيه (1861-1929)     Et.Dientتعلم في فرنسا , وقصد الجزائر , فكان يقضي في بلدة بوسعادة نصف السنة من كل عام , وأشهر إسلامه وتسمى بناصر الدين (1927) , وحج إلى بيت الله الحرام (1928) .
(1) إيتين دينيه ،  أشعة خاصة بنور الإسلام ص 32-33.
([26]) رواه البخاري في العلم برقم 79، ومسلم في العلم ، برقم 4825.
([27]) انظر:                                             http:www.saaid.net
 
([28]) انظر:  عدد الثلاثاء 6 مايو 1997 .               http:www.islamway.com.
([29])  أعدت تحت أشراف أساتذة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ..http:www.islamway.com.
 
 
([30]) انظر:                                    http:www.islamway.com      
 
([31]) السابق  ، وانظر : السيد سابق ، فقه السنة 2/104.
([32]) أخرجه مسلم في كتاب القدر ، رقم (4798) .
 
([33]) تحيض المرأة تقريبا في كل شهر (7) أيام × (12) شهر = (84) يوما ، ودم النفاس قد يستمر لـ
 (40) يوما ، فيكون المجموع (124) يوما  .
 
([34]) رواه البخاري في النكاح برقم 4677، ومسلم في النكاح برقم 2485، والترمذي في النكاح برقم 1001.
 
([35]) انظر :                                               http: www.islamway.com      
 
([36]) ا نظر :            http:www.khayma.com:samarra:arabic:waivesinislam
 
([37]) حديث ضعيف : رواه أبوداود في الطلاق يرقم 1863، وضعفه الألباني  في ضعيف الجامع يرقم 44، والحديث يقول : (أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ).
 
([38]) انظر     :            http:www.lahaonline.com:Family:HerandHim.
([39]) الإنسان والدين ،  مؤسسة البلاغ ،  ص81.
(1) رواه البخاري في الأدب برقم 5514 ، ومسلم في البر والصلة برقم  4621.
 
(2) حديث صحيح : رواه النسائي في البيعة برقم 4093 ، وأبو داود في الجهاد 2166، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترغيب .
(3)  حديث صحيح : رواه الترمذي في البر والصلة برقم 1827، وابن حبان (موارد 496 ) والحاكم 4/155 ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
(1) رواه  البخاري في الهبة برقم 2398 ومسلم  في الهبات برقم 3055.
(2) رواه البخارى فى تفسير القرآن رقم 4389، ومسلم فى الإيمان رقم 124، والترمذى فى تفسير القرآن رقم 3106، والنسائى فى تحريم الدم رقم 3948، وأبو داود فى الطلاق رقم 1966.
(3)  رواه مسلم في البر والصلة رقم4765، ورواية والترمذى في البر والصلة رقم1837، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع .
 
(1)   العقيلة : السيدة  .
(2)   عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس ، قرى الضيف ، 3:290.
(3) رواه مسلم في النكاح برقم 2487.
(1)  رواه البخاري في الحيل برقم 6453 و ومسلم في النكاح برقم  2543 .
(2) انظر: ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري  9/ 339 ، والطُّرُوق : المجيء بالليل من سفر ، أو من غيره  على غفلةٍ  .
 
(3) رواه مسلم في الرضاع برقم 2672 ، يَفْرَك : يبغض : والفرك : البغض  .
(1)   انظر    : http:www.al-mostaqbal.com:mostaqbal154:news      .
(1) الدكتور: عبد الله وكيل الشيخ ، المرأة وكيد الأعداء ، ص 10 بتصرف.
(2) الدكتور : ناصر العمر ، فتياتنا بين التغريب والعفاف ، ص 56  .
(1)  رسالة إلى حواء 4 / 46  .
(1) العصبة : هم الذكور من ولد الميت وآبائه وأولادهم ، وهؤلاء ما لهم إرث مقدر إنما يأخذون ما يتبقى من التركة) لأن القاعدة الشرعية التي ثبتت عن الرسول S   تقول : (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) ، رواه البخاري في الفرائض برقم 6235، ومسلم في الفرائض برقم 3028.
(1) القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، 1/503.
(1) انظر :             http:www.alwatan.com:graphics:2004:07jul.
(1) ابن كثير ،  البداية والنهاية 9/263.
(1) انظر:    htpt: alarabnews.com:alshaab:2004:24-12-4:Awad.ht
(1) انظر: مجلة الأزهر ، السنة (77) الجزء (12) ذو الحجة 1425هـ ،
فبراير 2005 م ، ص (2042) الناسخ والمنسوخ في جميع الشرائع السماوية لا في الإسلام
وحده ، للأستاذ الدكتور: عبد العظيم المطعني الأزهر.
(1) زعم القمص زكريا بطرس في قناة الحياة أنه لا يوجد نسخ في الكتاب المقدس !!!.
(1) انظر: سفر التكوين 20/18.
(2) انظر: سفر الأخبار الإصحاح 18/9 ، 20/9، وسفر الاستثناء 7/22.
(3) سفر التكوين :  29 ، وسفر الأخبار 18/18.
(4) سفر التكوين 9/3 .
(5) إنجيل متى  5 : 17 والنص هو : "  17لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ ، بَلْ لأُكَمِّلَ "  .
(1) انظر: مجلة الأزهر ، السنة (77) الجزء (12) ذو الحجة 1425هـ ، فبراير 2005 م ، ص (2047) الناسخ والمنسوخ في جميع الشرائع السماوية لا في الإسلام وحده ، للأستاذ الدكتور: عبد العظيم المطعني الأزهر.
(2) انظر: السابق بتصرف يسير.
(1) من رسالة بولس إلى أهل غلاطية  : الإصحاح الخامس ،  وانظر: مجلة الأزهر ، السنة (77) الجزء
(12) ذو الحجة 1425هـ ، فبراير 2005 م ، ص (2047).
(1) انظر: د . محمد سالم بن شديد العوفي الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف ،  قراءة في الكتاب المزعوم... الفرقان الحق.
 
(1) إنجيل متى :  4/33: 37.
(2) انظر :  http:alarabnews.com:alshaab:2004:24-12-2004                     
(1) رواه البخاري برقم 1945 ، ومسلم في الساقاة برقم3014 ، ونص الحديث : عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ S يَقُولُ: (الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ ).
 
(2) رواه البخاري في الشهادات برقم 2482 ، ومسلم في الإيمان برقم 3106.
 
(1) انظر: منتدى الكتاب موقع على شبكة الإنترنت.
 
(1) حديث صحيح : رواه أحمد في مسند الكوفيين برقم 17793، صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2539.
 
(2) ابن تيمية ، الإيمان ، ص 14.
 
(3) حديث صحيح : رواه النسائي في البيعة 4106، وصححه الألباني في صحيح النسائي.
 
(4) ابن مفلح  ، من الآداب الشرعية 1/268.