قُلْ يَا
أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ
بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ
اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
(آل عمران:64)
الطبعة
الثانية
بقلم
مشعل
بن عبد الله القاضي
ترجمـة
: وائـل البـنـي
نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ
نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
(يوسف :56)
القول الصحيح فيما نسب لعيسى المسيح
What Did Jesus Really Say
by
Mish’al ibn Abdullah
Second edition
الطبعة الثانية
بقلم : مشعل بن عبد الله القاضي
ترجمة : وائل البني
ÓCopyright 1995, Misheal Abdullah Al-Kadhi
قال عيسى المسيح رسول الله العظيم :
وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ
يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَك ،َ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ
الَّذِي أَرْسَلْتَهُ
(يوحنا 17: 3)
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لَا تُطْرُونِي
كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبـْدُهُ
فَقُولُوا : "عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ"
أخرجه البخاري و مسلم
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ
آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ
مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ
حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ
أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ
ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ
اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ
عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى
كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ
نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ
اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)
(القرآن الكريم : آل
عمران)
(لقد قرأت في كتابات
المسلمين عبارات خالص الاحترام و التبجيل المليئة بالرقة تجاه عيسى ، لدرجة أنني
في مرة كدت أنسى أنني لم أكن أقرأ لكاتب مسيحي . كم كانت الطريقة مختلفة – مع
الأسف – التي تحدث بها و كتب من خلالها المسيحيون عن محمد. دعونا نعوز السبب
الحقيقي في ذلك إلى الجهل)
الكاهن ماكسويل كينج Reverend R. Maxwell King
(إن الأكاذيب التي
تكدست حول هذا الرجل "محمد" من جراء حماسٍ حَسَن النية هي خزي لنا فقط
دون الآخرين)
توماس كارليل – الصفحة
57 من كتاب Heroes and Hero
Worship and the Heroic in History
(إن استخدام أدلة
زائفة لمهاجمة الإسلام ليست إلا وسيلة عالمية لتحقيق هذا الغرض)
نورمان دانييل – صفحة
267 من كتاب Islam and the West
بسم الله الرحمن
الرحيم ، الحمد لله على فضله و علمه و هدايتي للإسلام ، اللهم صلي و سلم على محمد و
ابعثه اللهم المقام المحمود في الجنة . و الصلاة و السلام على الأنبياء و المرسلين
أجمعين ، آدم و نوح و إبراهيم و موسى و داوود و عيسى و غيرهم من الأنبياء الكثر ،
السلام عليهم أجمعين . جعل الله أسماءهم أشرف الأسماء أبد الدهر.
أشعر أن أفضل وصف لهذا
الكتاب أنه محاولة متواضعة مني لجمع أعمال استغرقت أعوام طويلة لعديد من علماءٍ
وكتّابٍ مشهورين. وإسهاماتي في هذا الكتاب قد اقتصرت في الواقع على جمع تلك
الأعمال في إصدار واحد. و هذا – كما يقولون – إنما لإعطاء الفضل لأهله . من بين
هؤلاء المؤلفين أعلام أمثال : رحمة الله ابن خليل الرحمن الهندي، شيخ الدين ابن
قيم الجوزية، الشيخ تقي الدين ابن تيمية، السيد عطاء الرحيم، الشيخ أحمد ديدات،
السيد أكبرالي ميهرالي (Mr.
Akbarally Meherally)،
الدكتور
جمال بدوي، الدكتور محمد علي الخويلي، السيدة ألفت عزيز الصمد، الدكتور أحمد داوود
المزجاجي، و السيد م. ا. يوسف.
أهدي هذا الكتب إلى
هؤلاء الأعلام، ولكن أولاً و قبل كل شيء هو في سبيل الله، و من ثم إلى أمي التي علمتني دائماً أن يكون عندي
التسامح و العقلية المتفتحة، و إلى أبي الذي علمني أن ألتمس العلم طوال حياتي.
إن الإسلام يحث المسلمين
أن يكتسبوا العلم و أن يقيموا عبادتهم على مزيج من المعرفة و الإيمان، وليس على الإيمان
وحده. أحد صحابة الرسول محمد ()
اسمه أبو الدرداء قال : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ سَلَكَ
طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ
وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ
الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ
كَفَضْـلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْـكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ
وَرَثـَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ
الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا
دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ
وَافِرٍ.
(أخرجه أبو داوود)
و الإسلام يحث المسلمين
أيضاً ان يدرسوا الأديان الأخرى و يقارنوها مع الإسلام. ولقد فُرض علينا ألا نكون
من بين هؤلاء الذين يدينون بالإسلام لمجرد الإيمان الأعمى أو الانسياق وراء التيار
السائد في مجتمعاتهم، فضلاً عن وجوب اتباع الإسلام بأبصار و قلوب مفتوحة حتى نتمكن
من اختبار صلاحيتها كأوامر من الرب.
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ
الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ .
القرآن الكريم – البقرة :256
و بناءً
عليه، و لدى وصولي إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1992 ، قررت أن أبحث في الديانة
المسيحية أثناء وقت الفراغ . فعلت ذلك لتأكيد شهادة القرآن على تحريف الأناجيل و
التوراة (العهد القديم) . و لو ثبت أن القرآن قد افترى الأكاذيب على الكتاب المقدس
عندها سأعلم أن القرآن ليس كلام الله . لذلك قمت بشراء نسخاً عديدة من الكتاب
المقدس مثل النسخة القياسية المنقحة الحديثة NRSV، نسخة الملك جيمسKJV و غيرها. كما قمت بشراء
العديد من المراجع المسيحية في الإنجيل بالإضافة إلى المراجع الإسلامية. ومستعيناً
بتلك المعلومات و المصادر بدأت واجبي الديني مسترشداً بقول الكتاب المقدس :
امْتَحِنُوا
كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ
الكتاب المقدس - رِسَالَةُ
بُولُسَ الرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ تَسَالُونِيكِي 5: 21
قبل هذا العمل و أثناء
إنجازه و حتى بعد الانتهاء منه كنت دائماً محط محاولات تنصيرية من خلال قولهم "
إقبل المسيح و خلص نفسك". وفي الوقت ذاته آخرون كانوا يسألونني عن الإسلام. و
على الرغم من أني أقدّر هذه المحاولات الصادقة لتنصيري، إلا أن الحجة كانت ضعيفة و
مبنية في أغلبها على جهل صارخ في الدين الإسلامي و معتقداته، أو على إدعاءات اتضحت
أنها غير صحيحة بعد الدراسة و التمحيص.
من بين الأفكار الخاطئة
اعتقاد الغرب أن الإسلام هو دين العرب فقط و أن متبعيه هم من الشرق الأوسط، وهذه
الفكرة بعيدة عن الحقيقة. لقد جمع الكتاب المقدس قصصاً عن كثير من أنبياء الله الذين
أُرسِلوا عبر العصور، و بينما نجد أن هؤلاء الأنبياء قد يختلفون عن بعضهم البعض من
نواحٍ عديدة، إلا أن القاسم المشترك فيما بينهم أنهم من الشرق الأوسط.
المسلمون يؤمنون بكافة
الأنبياء الوارد ذكرهم في الكتاب المقدس. فلو درسنا قصص الأنبياء في الكتاب المقدس
لوجدنا أنهم جميعاً من مصر و فلسطين و سوريا و الأقاليم المحيطة. كما أن محمد ()
– نبي الإسلام – قد جاء أيضاً من نفس المنطقة ، ولد في شبه الجزيرة العربية حيث أول
ما ظهرت رسالة الإسلام على العالم. و كما أن دين موسى ليس "دين العرب"
فقط مع أنها انطلقت من مصر ، و الديانة المسيحية ليست "دين العرب" فقط
مع أنها انطلقت من فلسطين ، كذلك دين الإسلام ليس "دين العرب" فقط ولكن خاتم الرسالات الإلهية إلى كافة البشر.
في الحقيقة فإن العرب يشكلون ما يقل عن 20% من المسلمين في العالم المقدرون بحوالي
1.2 بليون مسلم في يومنا هذا .
لقد أمرنا الله تعالى
في القرآن الكريم :
إِنَّ
اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا
حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا
يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)
القرآن الكريم – سورة
النساء
أكد القرآن أن إنجيل عيسى (عليه السلام) قد مرّ
بسلسلة من التعديلات الصارخة بعد مغادرته حتّى أصبحت التعديلات إلى هذا الإنجيل
بعد ستمائة سنة شديدةً جدًّا بما يستلزم تدخّلاً من اللّه . فكان ذلك بنزول رسالة
الله الأخيرة الصالحة لكل الأزمان, رسالة اسلام، والتي نزلت على محمد )).
يحاول هذا الكتاب دراسة هذا القول بالتفصيل ضمن حدود الطّاقة البشريّة و إمكانياتي
المحدودة لاختبار صدق هذا التأكيد.
لن أدعي أنني سأكون
شاهداً حيادياً فيما سيأتي ، لكنني لم أوفر جهداً على أن أكون حيادياً بقدر ما
يحتمله الضعف البشري و أنني في ذلك كله سألتزم الأمر الإلهي في الحكم بالعدل.
كلما عرف المرء المزيد
عن الديانتين : الإسلام و المسيحية ، بقدر ما يرى التقارب الكبير بينهما: كلتاهما
تناديان بالإيمان بالخالق العليم القدير ، خالق السماوات و الأرض . المسيحيون يسمونه
"الإله" God
و المسلمون يسمونه "الله". كلتا الديانتين تناديان بالإيمان بالأنبياء
المتعاقبين الذين تم ذكرهم في الكتاب المقدس بالإضافة إلى القرآن ، من بين هؤلاء
الأنبياء : نوح ، موسى ، إيراهيم ، عيسى و غيرهم كثيرون. كلتا الديانتين تناديان
بالإيمان بالجنة و النار و بيوم الحساب. كلتاهما تناديان بالإيمان بأن عيسى هو
الميسح Messiah. كلتا الديانتين تناديان بالإيمان بالميلاد المعجر لعيسى عليه
السلام بدون تدخل بشري. كلتاهما تناديان بالإيمان بالمعجزات المتعددة لعيسى. ولكن مع كل هذا التشابه فإن الفرق بينهما شاسع.
عندما بدأت بحثي في
هذه المسائل حاولت عمل مرجع شامل يتناول بعض المعتقدات في الكتاب المقدس مثل
"التثليث" و "التجسد" و "الفداء" و "الخطيئة
الأصلية" ، وكانت مفاجأتي كبيرة عندما لم أجد لها أي ذكر!. وللعلم : فإن المعلمومات
الموجودة في هذا الكتاب قد تم نشرها من خلال الكثير من الكتب و الكتيبات و الملازم
و غيرها ، بعضها من لمؤلفين مسلمين و البعض الآخر لمؤلفين مسيحيين.
و على صعيد الجانب
المسيحي ، قسمت المراجع المسيحية إلى فئتين رئيسيتين : نصوص "محفزة دعوية" و نصوص
"أكاديمية". النصوص "المحفزة الدعوية" يُستند إليها غالباً في
بناء المعتقدات المسيحية و غرس الإيمان الأولي بتلك المعتقدات عند القارئ . هذا
النصوص تجدها في حيازة الغالبية العظمى من أتباع الكنيسة.
الفئة الثانية من
المراجع المسيحية ، المراجع "الأكاديمية"، ترتقي إلى المستوى التالي من
الدراسة الإنجيلية. و يعتمد عليها في التفاصيل المعقدة للإنجيل و الإيمان المسيحي
، حيث تذهب إلى أبعد من مجرد أمور العقيدة و الإثارة بهدف دراسة أوسع للكتاب
المقدس و الكتابات المسيحية القديمة. هذه الكتب و المراجع كتبت أغلبها قبل هؤلاء
الذين اختاروا أن يكرسوا حياتهم لدراسة تفاصيل هذه الكتابات ويستخرجوا منها
الأسرار النفيسة المخبئة و التفاصيل الشائكة للأحداث والتي يكمن استخلاصها منها.
هذه المراجع تناولت قضايا مثل : متى سطرت هذه الوثائق ؟ من كتبها ؟ ولماذا ؟ كيف
كان حال الوضع السياسي و الاقتصادي للعالم في ذلك الوقت ؟ كيف تعامل المؤلفون مع
هذه العوامل وكيف تأثروا بها ؟ .. هذه المراجع و مؤلفوها عادة ما تجدهم في
المؤسسات الغربية للتعليم العالي كالأقسام الدينية للعديد من الجامعات الغربية .
في البداية كنت أتوقع
أن يتطرق بحثي هذا إلى بحث بطيء و شاق في عدد متناثر من الوثائق المسيحية القديمة مجهولة
المصدر، ولكنه اتضح العكس. حالما بدأت في البحث عن الحقيقة أخذتني الدهشة و وجدت
نفسي بين أكوامٍ من الدراسات المسيحية المفصلة تؤدي جميعها نتيجة واحدة : بأن البشر
قد غيروا و بدون رقابة النصوص الأصلية للكتاب المقدس عبر العصور. لقد قاموا بمنتهى
الحرية بتغيير المفردات التي كانت لا تتناسب و معتقداتهم ، وإضافوا نصوصاً لم تكن
أساساً موجودة في النصوص الأصلية بهدف تبرير معتقد ما، و حذف أخرى بمنتهى الحرية كلما
دعت الحاجة لذلك. وقد وثّق لنا هؤلاء الباحثون المسيحيون العديد من التفاصيل عن
تنقيح نصوص الكتاب المقدس ، و بينوا لنا أن هذا الميل للتحريف لم ينته بمجيء محمد ()
و نزول رسالة الإسلام في القرن السابع ، بل استمرت لقرون عديدة بعد وفاة محمد (
)
حتى يومنا هذا تقريباً. و كما سنرى لاحقاً في هذا الكتاب بأن مثالاً واحداً يكفي ليوضح
هذه النزعة للتحريف – ألا و هو النسخة الأقدم للكتاب المقدس المتوفرة لدى المسيحية
اليوم "المخطوطة السينائية" (القرن الرابع بعد الميلاد). هذه الوثيقة
بمفردها – كما كشف لنا الباحثون – قد مرت بأكثر من /14800/ "تصحيح" عبر
العصور من قبل ثمانية "مصححين" مختلفين على الأقل. و بما أن الأناجيل
المعاصرة قد جُردت من المصادر الأصلية، أليس من الأجدر بنا أن نقوم بدراسة تاريخ
أساليب حفظ الكتاب المقدس للوصول إلى الكلمة الأصلية لعيسى عليه السلام ؟
اتضح لي شيئاً فشيئاً خلال
عملية البحث أنه كلما كان المؤلف المسيجي بارزاً كلما كان أكثر إدراكاً للحقيقة
بأن الأناجيل التي بحوزتنا اليوم هي محصلة لتنقيحات لا تحصى للنصوص الأصلية عبر
العصور. و لما كان معظم هؤلاء العلماء محافظون بالمعنى التقليدي المتسامح ، فقد حاولوا
جاهدين أن يغفروا لهؤلاء الذين غيروا نصوص الكتاب المقدس و يلتمسوا لهم الأعذار
على تلك الأعمال. ومن ناحية ثانية – خلق الأعذار للذين بدلوا كلمة الله بشكل مستمر
و حُسن الظن بهم و بدوافعهم يمكن في النهاية أن يرهق جلد أكثر الناس تسامحاً من التقليديين
و يقوده إلى الإحباط. وكما سنرى في الفصل (2-1) فإن هذا ما حدث مع أكثر الباحثين
لمعاناً في التاريخ المسيحي : الدكتور لوبيجوت تيشندروف Dr. Lobegott Tischendorf.
في البداية حاوت جاهداً أن أجمع هذه المعلومات في سلسلة من
المقالات التي نُشِرَتْ في عدد محدود من الصفحات داخل الجامعة التي كنت أدرس فيها آنذاك.
بعد إستكمال هذه المقالات قرّرت جمعها في مرجع واحد يضم جوهر تلك المعلومات التي
جمعت من المصادر الخارجيّة معيداً ترتيبها بشكل مفيد و أكثر سلاسة. في بعض الحالات
وجدت نفسي غير قادر على تحسين صيغة و أسلوب عرض بعض المؤلفين ، لذا قمت بنسخ
كلماتهم حرفياً بدون حرج. لكن أعتقد أن مثل هذا النسخ الصريح لم يتعدّ نسبة 5% من محتوى هذا الكتاب و سترى بوضوح ، بإذن
الله ، كيف أن هذه الاقتباسات قد أشير
إليها في الكتاب. و مرّة أخرى ،إنما لنوفي أهل الفضل حقهم.
هناك مئات من الكتب نُشِرَتْ من قبل العلماء المسيحيّين في موضوع
التّناقضات المختلفة التي وجدت في الكتاب المقدس كمحصلة لقرون من المراجعة و التصحيح.
وجدت - حسب خبرتي - أنّ معظم هذه الكتب قد سارت إحدى مسارين مختلفتين ، فهم – و
تحديداً – يحاولون إما :
1- تسوية كلّ التناقضات
من خلال التجريد و إضافة شروح تفصيلية غير موجودة في النص الإنجيلي. و أحيانًا,
عندما يواجهون روايتين متضاربتين لقصّة واحدة في الكتاب المقدس فإنهم ببساطة
يختارون النّسخة التي يفضّلونها شخصيًّا و يدّعون أنّ المقاطع الأخرى كانت خطأ في
النسخ .
2- أو يدّعون
أن عيسى عليه السلام لم يكن أكثر من أسطورة أو خرافة , و أنّ الكتاب المقدس , و الحواريين,
و حتّى عيسى نفسه ليسوا أكثر من أوهام لخيال شخص ما.
لكن هذا الكتاب يسلك مسلكاً آخر – هو مسلك الإسلام و القرآن الكريم.
في هذا الكتاب يتبين لنا بالطبع أن عيسى عليه السلام كان نبياً حقيقياً من الله
إلا أن رسالته أضاعها الذين جاؤوا من بعده لأسباب مختلفة. و يستمر هذا الكتاب في
نزع كلّ الأغلفة التي وضعتها البشريّة و التي حجبت الرّسالة الأصليّة لعيسى عليه
السلام حتّى لا يتبقى إلى الكلمات الثّابتة الأصليّة لعيسى. و لكن حتى نصل إلى هذه
الرّسالة الأصليّة لعيسى يستوجب منا أن نكون مستعدين لجعل كلمات عيسى عليه
السلام تعلو كلام كل البشر بدون استثناء . إذا كنّا مستعدين لهذا ، عندها فقط
سنكون قد فتحنا قلوبنا و عقولنا إليه حقاً و قبلنا رسالته .
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: ((إِنْ
أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي،
وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً.))
الكتاب المقدس - يوحنا 14-23
و لأكون صريحاً، فلن يكون هذا الكتاب الإجابة الشافية لكل الأسئلة.
ولكن آمل أن يجعل هذا الكتاب الناس مهتمّةً بما يكفي ليجعلهم يذهبون و يقرؤون
الكتاب المقدس و القرآن بعناية, و يبحثون عن المعلومة لأنفسهم و برغبة شخصية كحد أدنى.
إذا أحرزت هذا فسأكون قد أنجزت مهمتي وما شرعت لتحقيقه.
هنالك أشياء أخرى كثيرة أريد قولها لكننيّ يجب أن أبقي هذا
الكتاب تحت السيطرة فيما يتعلق بالحجم ، لذا بذلت معظم جهدي أتكلّم عن المقارنة
بين الإسلام و المسيحيّة لإثبات صدق شهادة القرآن في تحريف الكتاب المقدس و أنه أنزل
بالطّبع من قبل نفس الإله الذي أرسل عيسى عليه السلام. إذا أمكن أن أضيف فصلاً آخر
على هذا الكتاب ، ربما سأتكلّم في تفصيل أكثر عن لفائف مخطوطات البحر الميّت نظراً
و أنه قد أثبت للكون وجود مؤامرة حقيقية. لكني سأترك تلك المهمة إلى وقت آخر ( بمشيئة
اللّه ).
أود الإشارة إلى أن نظام المرجعية المستخدم في هذا الكتاب
يحتاج إلى عملٍ جادٍ لجعله أكثر توافقاً مع المعايير الحديثة المقبولة، لكنّ ذلك
سيترك أيضاً إلى وقت آخر. على أيّ حال, أعتقد أنّّ الشكل الحالي للكتاب يفي بالغرض
كطبعة أولى, و بإذن اللّه, سيتم التعامل مع هذه القضايا في المستقبل .
أود أن أوضح أمرين في البداية حتّى
لا يكون هناك سوء فهم حيال معتقداتي أو نواياي :
1- المسلمون
لا يكرهون المسيحيّين ولا يكنّون لهم سوء النّيّة. هذا هو خطأ شائع في الغرب عن
المسلمين . إن القرآن يخبرنا:
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ
الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ
وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82)
القرآن الكريم – المائدة
لقد اختص
الله أهل الكتاب (يهوداً و مسيحيين) في القرآن أن تكون معاملتهم كالآتي:
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا
بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ
وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)
القرآن الكريم
– العنكبوت
إن
المسلمين ببساطة يتمنون للمسيحيّين الشيء نفسه الذي يتمنونه المسيحيون للمسلمين : أن
نهتدي جميعاً إلى حقيقة الله و ثوابه في الآخرة.
و الآن، لابد و أنه قد اتضح أن الإسلام ليس كما يؤمن البعض
افتراءً عليه - على أنه جماعة إرهابيّة قابعة تحت الأرض مهمتها الدمار الكلي
للحياة المتحضّرة التي نعيشها.
لذلك، فقد بذلت جهدي في هذا الكتاب لتجنّب كلّ التّصريحات التي
قد يُساء فهمُها على أنها تثير البُغض و الفوضى و الازدراء. لكنّ الهدف الأساسي
لهذا الكتاب يحتم عليَّ أن أعرض بعض التناقضات في العهد القديم و الجديد لإثبات شهادة
القرآن :
بأن الجنس البشري قد قام بانتهاكات جلية لكلام الله بعد رحيل أنبيائه و غيروا رسالته الأصليّة إليهم. لقد
أُخبِرالمسلمون أن هذه الأصابع العابثة قد تركت تناقضات كثيرة لمن يبحث عنها. إن الإنجيل
نفسه يعطينا المعايير الحاسمة في ذلك :
لأَنَّ كَثِيرِينَ
شَهِدُوا عَلَيْهِ (المسيح) زُوراً، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ.
الكتاب المقدس - مرقس 14: 56
لهذا السّبب حاولت الاحتفاظ بتعليقاتي إلى الحدّ الأدنى و أترك
الإنجيل ينطق بحقيقة الحال كلّما كان ذلك ممكناً (أنظر على سبيل المثال الجدول في الفصل
2-2).
هؤلاء الأشخاص الذين قرروا مسبقًا كرهي كتنيجة هذا الكتاب و لن
يروا التّناقضات و البصمات العابثة بغضّ النّظر عن كمّ الدّليل المعروض ، أطلب
منهم أن يتوقّفوا عن القراءة الآن. إن هذا الكتاب ليس لهم. أما القرّاء الرّاغبين
أن يُبْقُوا عقولهم مفتوحة، فإنهم مدعوون لمصاحبتنا في بحثنا عن حقيقة اللّه.
2-
بعض القرّاء قد يسيئون تفسير بعض الجمل
على أنها إزدراء لله العلي أو أنبيائه أو إنجيله أو الحواريين الأصليين لعيسى. ليس
هذا هو القصد أيضاً. إن كلاً من هذه الأمور تعتبر من الكبائر في الإسلام . فهدف
هذا الكتاب ينحصر في تقديم الدّليل على أنّ العلماء المسيحيّون في العالم بدؤوا
يتعرفون على حقيقة تاريخيّة : أنّ المؤلّفين المزعومين للكتاب المقدّس الحالي ليسوا
هم المؤلّفين الحقيقيّين, و لهذا السبب, قد كتبوا في ذلك المكان مسائل بخصوص الإله/الله
و أنبيائه و حواريّيهم غير الذي أوحي من الله إلى أنبيائه . كلّ الأمورالمذكورة في
هذا الكتاب يجب أن تُفْهَم على أنها ضدّ هؤلاء المؤلّفين المجهولين و ليس ضد الله
و أنبيائه و إنجيله الأصليّ أو التّلاميذ الأصليّين.
3-
كما ذكر سابقاً , لست بعالم دين
أو مبشّر، ولم أحصل على أيّ دبلومات رسميّة في الدّراسات الدّينيّة . كتبت هذا
الكتاب في وقت فراغي أثناء متابعة الدراسات الجامعيّة العليا في حقل الهندسة في الولايات
المتّحدة . إن مساهمتي المتواضعة هذه لا تقارن ولا بأي شكل مع أعمال هؤلاء العلماء
المسلمين المثقّفين والمتعلمين، ولكنني وجدت فجوةً رأيت وجوب سدها، وها أنا أبذل
قصارى جهدي لسدها. هناك عدد كبير من الدراسات الشاملة والأكثر تفصيلاً لهذا
الموضوع مكتوبة باللّغة العربيّة (مثل: الجواب الصحيح) . ولكن ريثما يتم ترجمة مزيد
من هذه الأعمال العظيمة إلى الإنجليزيّة, آمل أن يؤدي هذا الكتاب دوره كبديل مؤقّت.
4-
عندما أتكلّم عن الإسلام في هذا
الكتاب فإني أعني الإسلام الذي علًّمَنا إياه محمد () و طبّقه التابعون من قبلنا كما
هو محفوظ لنا خلال مئات المؤلّفات للعلماء الإسلاميّين، و الذي نُقل إلينا - من خلال
إسناد غير منقطع من الرّواة الثابت صدقهم – عبر كتب كثيرة للشريعة و السيرة و الحديث.
هذا هو الإسلام الذي حُفِظَ في شبه الجزيرة العربيّة (موطن محمد
) حتّى الآن
. هذا الإسلام- الذي جاء به محمد (
) - لا يحاول
ترقية أناس معينين أو مجموعات ما إلى مستوى السلطة و النفوذ الإلهي على غيرهم من
الناس، كمثل المبشرين من زعماء ما يسمّى بـ (أمّة الإسلام) التي نشأت حديثاً في
الولايات المتّحدة ، والتي يُخدع تابعوها - من قبل لويس فاراخان (Louis Farakhan) و إيليا بول (Elijah Poole) و
و.د.فارد (W. D. Fard) – بكون الإسلام يقر تفوّق جنس معيّن أو لون و مثل هذه البدع الأخرى.
و الإسلام الحقيقيّ أيضًا لا يتبع معتقدات زعماء المجموعات الشّيعيّة لبعض البلاد
الشّرقيّة (مثل إيران) و التي تنسب أيضاً إلى أناس معيّنين قدرات بلا حدود خارقة
للطّبيعة و القدرة على إعطاء التّصاريح إلى الجنّة وما إلى ذلك .
5-
كيف يُقرأ هذا الكتاب :
كما هو مذكور سابقًا, هذا الكتاب قد كُتِبَ بهدف أن يكون أشمل
من غيره من المؤلفات الانكليزية كالتي صادفتها أثناء بحثي . و قد بذلت قصارى جهدي
لضمان كونه سهل القراءة قدر المستطاع . لست أعني في ذلك تفوقي على هؤلاء العلماء العظام
، بل أقصد أنّ المؤلّفات الإنجليزيّة التي
صادفتها حتى الآن لم تُبَلّغ الصّورة الشاملة للإسلام و المسيحيّة و العلاقة بينهما، والتي تمنّيت أن
أراها في مرجع واحد باللغة الانجليزية . إن النّتيجة الحتميّة لجعل الكتاب
شاملاً هي أن يصبح كبيرًا . لهذا السّبب, بذلت جهدي لتقسيم هذا الكتاب إلى موضوعات
فرعيّة كثيرة بحيث يغطّي كل منها صفحات قليلة, و بهذا يصبح الكتاب سهلاً عند قراءة جزء في كل مرة. كما أشجّع
القارئ أن يقرأ هذا الكتاب في الترتيب الذي هو عليه، لأنّ الفصول تكمّل بعضها
البعض بصورة أفضل إذا ما قُرِأت بالترتيب المكتوبة فيه. و من ناحية ثانية , فقد
بذلت جهدي أيضاً لجعل الفصول مستقلّةً عن بعضها البعض من أجل هؤلاء القرّاء الذين يودّون
الوثب مباشرة إلى النقطة الهامة بالنسبة لهم.
زُوّد الكتاب برسم بياني لمثل هؤلاء القرّاء لمساعدتهم على
اختيار الموضوع ذي العلاقة عن طريق سؤال القارئ أسئلة قليلة و بسيطة. إبدأ في أعلى
الرّسم البيانيّ و شق طريقك بالإجابة على الأسئلة و اتبع التوجيهات النّاتجة.
أودّ أن أشكر كلّ هؤلاء الذين ساعدوني في نشر هذا الكتاب, بما
فيهم الشيخ أحمد ديدات ((Ahmed Deedat, الأخ جون سيدليدز (John
Siedlidz), الأخ عمار أمونات (Ammar
Amonette), الأخ إدريس بالمر (Idris
Palmer), الأخ علي التميمي, الأخ اسماعيل
مجاهد, الأخ داود مادان (Dawood
Madan), الدّكتور رافيل ضافر (Dr. Rafil Dhafir), الأخ عبدالله فردوس عبد الرزاق، الأخ سعد القصبي, الأخ عبد
العزيز الصهيباني, الأخ منصور متبولي, الأخ عبد الرحمن العلي, الأخ شريف محمد,
الأخ رضا شولتين (Reza Scholten), الأخ فريد أدلوني (Farid Adlouni), الدّكتور باسم خفجي, الأخ كامل مفتي, الأخ نادر صلاح, الأخ
خليفة (تعرف من أنت), و الأخ ابراهيم باستسزاك (Ibraheem Pastuszak) - الذين ساهموا جميعهم بطريقة أو بأخرى في إنجاز هذا الكتاب,
إمّا عن طريق اقتراح التّعديلات أو التّصحيحات, أو عن طريق بذل السّاعات الطوال في مراجعته، أو من خلال الجوانب
الأخرى المختلفة كالتعليقات و الاقتراحات كلّما كان ذلك ممكن . و لكلّ الآخرين
الكثيرين الذين ساعدوا في هذا المشروع و نسيت ذكرهم هنا, أتوجه إليهم بطلب الصفح
لضعف ذاكرتي , و أقدر بشدة مجهودهم. أودّ أن أشكر أيضًا جميع من جئت على ذكره من المؤلّفين
على مجهودهم الذي جعل هذه المسائل واضحة لنا .
اللهم اهدنا جميعاً إلى الحقيقة .
آمين .
مشعل ابن عبد الله
مايو/أيار 1996
الهدف من هذا الكتاب
وَقَالُوا اتَّخَذَ
الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ
هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ
أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا
آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا
(96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ
وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا (97) وَكَـمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ
هَلْ تُحِـسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)
القرآن الكريم – مريم
إن
الهدف من هذا الكتاب ببساطة هو: عرض الشواهد الملموسة ذات الأهمية بأن إنجيل عيسى
عليه السلام قد مرّ بسلسلة من التنقيحات و التعديلات بعد رحيله – إلى حد ضاعت معه
رسالة المسيح إلى البشرية . وبعد ستمائة سنة من رحيل المسيح (أي قبل ألف و
أربعمائة سنة) أنزل الله الكتاب المقدس الخاص بالمسلمين – القرآن – على محمد ()
يخبره بهذه الحقيقة . لقد استغرقت المسيحية ألفين من السنين حتى أدركت حقيقة هذا
الأمر. و اليوم ، من الصعوبة في مكان أن تجد عالماً مسيحياً واحداً ذو سمعة جيدة
لا يقر - إلى مدى أو لآخر- و عن طيب خاطر
أن هذا الأمر هو حقيقة مقبولة (ما عدا الأقلية من الأصوليين المتشددين). إن
الدلائل على ذلك أكثر من أن يتجاهلها المرء .
و
عندما أتحدث عن "العلماء المسيحيين" فإني أقصد هؤلاء الناس الذين كرسوا
حياتهم من أجل تتبع تفاصيل الحقائق التاريخية حول الكتاب المقدس من خلال دراسة
الوثائق التاريخية القديمة للكنيسة المسيحية باسلوب منطقي و حيادي ، و من خلال
الكتاب المقدس نفسه ، و من مصادر أخرى. هؤلاء الأشخاص غالباً ما تجدهم في الأقسام
الدينية لمختلف الجامعات في الغرب .
إن
مصطلح "العالمِ المسيحي" بهذا التعريف لا يتضمن "المنصرين" و
"المنصّرين في وسائل الإعلام"، إلخ .. لقد تطلب اكتشاف هذه الحقائق
شجاعة و تضحية الكثير من الباحثين الراسخين . مثل هؤلاء الناس كانوا قديماً يُعدمون
دون أي تردد ، والكثير منهم إلى يومنا هذا يُطردون من وظائفهم ويُحجبون عن التحدث
للملأ عن تلك الحقائق. فإن كانوا يفترون الكذب ، فإن هذه الشبهات يجب أن تُعرض على
العامة ليُسلط عليها سيف الحق فيقطع ألسنتهم . ومن ناحية أخرى ، إن كان في قولهم
شيئٌ من الصحة ، فيجب عدم إهمال هذا الجهد الحذِر المبذول في سيبل الآخرين لمواجهة
الذين يحرفون كلام الله . ولهذ السبب سنقوم في هذا الكتاب بدراسة ما توصلوا إليه
بالتفصيل .
العقيدة
المسيحية |
|
العقيدة
الإسلامية |
يتكون الرب من ثلاثة
آلهة دمجت في إله واحد اسمه الثالوث. ومع ذلك، فإن القول بأن الرب هو ثلاثة
يعتبر كفراً عظيماً. كل أجزاء الثالوث متساوون و أزليون و من ذات الجوهر، ولهذا
يوصف هذا المعتقد بأنه غامض. |
الرب
|
الرب هو الإله
الواحد بكل ما تحويه الكلمة من بساطة المعنى دون تأويل. ليس له أبناء أو آباء
وليس هنالك شيء يساويه . يدعى الرب في الإسلام "الله" وله /99/ اسم
تكريم مثل : الرحيم و الكريم و القوي . |
الجزء الثّاني من الثالوث الأقدس, ابن الجزء
الأوّل من الثالوث و في نفس الوقت مساوٍ للرب في كلّ المجالات. |
عيسى |
رسول الله و من أولي
العزم . لا يكون المسلم مسلماً مالم يؤمن بذلك. |
الجزء الثالث من الثالوث الأقدس, وهو أيضاً مساوٍ
للرب في كلّ المجالات. |
الروح
القدس |
هو الملاك جبريل عليه السلام. الملاك جبريل له مكانة خاصة
بالإضافة إلى كونه الرّوح الأمين. |
امرأة تقيّة و طاهرة أنجبت عيسى, الجزء الثّاني من الثّالوث الأقدس,
ابن الرب, و في نفس الوقت مساوٍ للرب العظيم في كلّ المجالات. |
مريم
أم المسيح |
امرأة تقيّة و طاهرة اختيرت و طُهّرت و فُضّلت على نساء العالمين
لتكون المرأة التي تلد رسول الله المختار عيسى المسيح بأمر اللّه و بدون أيّ أبٍ
من أيّ نوع . |
جزء من الرب الذي كان مع الرب لكنّه أيضًا تماماً كالرب ثمّ
أصبح المسيح ابن الرب. |
الكلمة |
أمر اللّه "كن"! الذي تسبّب في خلق عيسى في رحم مريم
دون الحاجة لأبٍ بشريّ . |
كلّهم أنبياء الله , محترمون و صادقون. |
الأنبياء
السابقون |
كلّهم أنبياء الله , محترمون و صادقون. |
مقبول 100% على أنه الكلمة
الصّحيحة للرب. |
الكتاب
المقدس |
يؤمن المسلمون بكتب الأنبياء السّابقين بما فيهم التّوراة
التي أُنزِلت على موسى, و الزبور (الترانيم) الذي أُنزل على داوود, و الإنجيل
الذي أُنزل على عيسى, و القرآن الذي أُنزل على محمد ( |
تنوعت المعتقدات . البعض يعتقد أنه كان كاذب, و البعض يعتقد
أنه كان مجنون, و البعض يعتقد أنه كان المسيح المزيّف (الدجال), و الآخرون
يدّعون أنه خُدِعَ من قبل الشّيطان. |
محمد ( |
خاتم رسل الله إلى كلّ البشريّة . كان معروفًا بـ "الصّادق
، الأمين" قبل أن يتلقّى أول وحي له. أُرْسِلَ من عند اللّه رحمةً إلى كلّ
الخلائق. كان مجرد بشر لكنه قام - بإذن الله - بعدد من المعجزات أثناء حياته . |
تنوعت المعتقدات و ذهبت في كونه منسوخ من الكتاب المقدّس إلى كونه من
صنع محمد ( |
القرآن |
آخر كتب الله إلى البشريّة . له منـزلة خاصة في أن الله حفظه
من عبث الإنسان. وهو على مستوى أدبيّ لم تعهده البشرية من قبل. لم يستطع عربيّ
حتّى الآن - ولا في أيّ وقت – أن يلبّي التحدي المذكور في القرآن لكتابة عمل
شبيه به. سيبقى بعيداً عن أيدي العابثين إلى يوم القيامة كسراج ينير درب
البشرية. |
أُرْسِلَ من قبل الرب (الذي هو
نفسه عيسى) للموت على الصّليب و إنقاذ كلّ البشريّة من خطيئة آدم . بدون هذه
التّضحية كانت البشريّة أجمعها مقدّرةً أن تهلك بخطيئة آدم . بعد الصّلب كلّ ماهو
مطلوب من البشريّة: الإيمان دونما عمل. |
رسالة
عيسى |
أُرْسِلَ من قبل اللّه كرسول إلى اليهود لإعادتهم إلى دين
موسى الصحيح و النقي , و لتخفيف بعض القيود التي فرضت عليهم في الأزمنة السابقة.
علّمهم أن يتسلحوا بالإيمان و العمل معاً، فلا ينفع العمل بدون الإيمان ولا
الإيمان بدون العمل. |
كلها مقبولة في كون المسيح ابن الرب ، وفي نفس الوقت الرب
نفسه و تجسيد للرب . |
المسيح يحيي الموتى و يشفي الأعمى و الأبرص |
كلها مقبولة على أنها معجزات أجريت بقدرة و إذن الله - كما
هي حال معجزات موسى, نوح و كلّ الأنبياء الآخرين في غابر الزمان الذين أظهروا
المعجزات بإذن الله . |
سُلّم عيسى إلى اليهود. بُصق عليه, أُدمي,
أُهين, رُفس, عُرّي، ثم عُلّق بعدها على الصّليب و قتل ببطء و ألم شديدين. |
الصلب |
لم يُسلّم عيسى إلى اليهود ليُشتم و يُقْتَل
ولكن شُبِّه لهم، فقد أنقذه اللّه برفعه إليه. |
مقبول. الأصل في ذلك يرجع إلى عهد التلاميذ
الأوائل (الحواريين). تضاربت النبوءات حول موعد نزوله ، و قد يعود في أي لحظة. و
التوقع الحالي يدور حول نزوله في القرن الواحد و العشرين (2000 بعد الميلاد). |
النزول
الثاني لعيسى |
مقبول . لم يمت عيسى و لكن رفعه الله إلى
السماء. سيعود إلى الأرض في آخر الزمان قبل يوم القيامة لقتل المسيح الدجال و
لإعمار الأرض بالسلام و العدل. سيقتل الخنـزير و يكسر الصّليب و يدعو كلّ
البشريّة إلى الإسلام. |
لقد ورثت البشرية جمعاء خطيئة آدم . إن موت
سّلالة الرب المعصومة هو الطريق الوحيد لمسح هذا الذنب. لا يوجد مولود بلا خطيئة
ولو عاش ليوم واحد فقط . إن التّعميد و الإيمان في موت عيسى هو الطريق الوحيد
لينقذ المرء نفسه من هذا القدر . |
الخطيئة
الأصلية |
ليس هنالك مثل هذا الأمر. خلق الله البشرية
لتدخل الجنة إلا من اختار عصيانه و رفض رحمته. إن اللّه قادر على أن يغفر خطايا
كلّ البشريّة بصورة عادية جدًّا و بدون مجهود ولو ملأت السماوات العلى عدداً .
إن مثل هذه المسألة ستكون عاديّة و سهلة بالنسبة إليه نظراً في أنه تعالى قد صنع
ما هو أعظم من ذلك بكثير ، كخلق ما نراه و نسمعه أو نتخيله. إنه يحبّ أن يبسُط رحمته و مغفرته على خلقه و
يكافئ على أبسط الأعمال بأعظم الثواب. ولكي يفوز المرء بثواب اللّه يجب عليه أن
يتحلّى بالإيمان بالإضافة إلى العمل. |
إن إثم آدم كان عظيماً جدًّا لدرجة أنّ اللّه
لم يكن بمقدوره أن يغفره بمجرد المشيئة البسيطة، إلى الحدّ الذي كان به ضروريًّا
أن يكفّر عنه بدم رب بريء معصوم يسمّى عيسى ، و الذي كان أيضًا الرب بنفسه. |
الفداء |
كفّر آدم عن إثمه
بقوله : " رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا
وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" فغفر الله له . و بالمثل,
باب المغفرة مفتوح لكل الناس ليتوبوا إلى الله قبل موتهم. ليس هناك وسطاء بين
الله و البشر. إذا تابوا إلى الله بإخلاص و طلبوا مغفرته و تخلّوا عن أعمالهم
السيئة من قبل أن تأتيَ ساعتُهم ، فسوف يغفر لهم - و لا يوجد شيء أحبُّ إليه من
أن يغفر لعبد ندم و عاد إليه بقلب صادق . |
إذا كنت مؤمناً في
فداء (تكفير) عيسى لإثم آدم الموروث فإنك بذلك قد خلّصت روحك . إنك بحاجة
للإيمان فقط دون العمل . |
الطريق
إلى الخلاص |
إذا كنت مؤمناً
باللّه ومؤمناً برسله و طائعاً لأوامره ، فإن الله سيضاعف لك الأجر مرّات كثيرة
لكل عمل صالح تفعله ، و يمسح عنك السيئات, و في يوم القيامة فإن رحمته ستجعل
أعمالك الحسنة أكثر وزناً من أعمالك السيئة و ستُدخلك الجنة فترضى ، جنةً لم
تخطر على بال أحد , لتكون فيها من الخالدين. إن الآخرة هي دار ثواب لا دار عمل . |
سنبين بإذن الله في هذا الكتاب - ومن خلال نصوص
الكتاب المقدس و بعض من أكثر العلماء الإنجيليّون رفعة و مكانة في التاريخ و من
خلال مراجعهم - كيف أن معظم المعتقدات للمسيحيّة الموجودة اليوم في الحقيقة قد
أدخلها البشر في رسالة عيسى بعد وقت طويل من مغادرته. لم يكن لعيسى (عليه السلام)
أي صلة من أي نوع بهذه المعتقدات الموجودة حالياً. نذكر من تلك المعتقدات :
1-
التثليث.
2-
القول بأن عيسى (عليه السلام) هو ابن
الله بالمعنى "الأرثوذكسي" الحديث.
3- "الخطيئة
الأصلية" لآدم والتي ورثتها البشرية كما زُعم.
4- "الفداء" أو
موت عيسى (عليه السلام) على الصليب تكفيراً عن خطيئة آدم.
5- "التجسد"
الإلهي في هيئة بشر أو هيئة عيسى (عليه السلام) تحديداً.
سنبين لاحقاً أن الرسالة الحقيقية لعيسى (عليه
السلام) كانت تقول :
1-
الله واحد ، لا يمكن رؤيته ، ولم يكن له
كفواً أحد.
2-
ليس لله أولاد ولا آباء ، ولا يوجد إله
في هذا الوجود إلا الله الأحد.
3-
عيسى كان مجرد بشر ، لم يكن إلهاً بل
رسولاً مصطفىً من الله .
4-
إن الله لا يحمّل المرء أوزار و آثام غيره،
ولا يكفّر ذنب أحدنا بالتضحية بآخر .
5-
إن الله لا يفرق بيننا عن طريق الجنس أو
اللون أو الأمة أو السلالة أو أي شيء آخر، بل يميزنا عن بعضنا عن طريق أفعالنا
الشخصية .
6-
إن العدل الإلهي يأبى أن يحمل أحدنا
أوزار أخيه .
7-
إن الله هو إله رحيم يبسط رحمته بدون
أجر أو طلب .
8-
دخول الجنة يتطلب وجود الإيمان و العمل
معاً، ولا يكفي مجرد الإيمان وحده أو العمل وحده.
أخبر الله المسلمين بأنه ، و عبر العصور ، قد
بعث الرسل إلى كلّ القبائل و الأمم في كلّ أنحاء المعمورة - ابتداءً بآدم (عليه
السلام) أول الأنبياء و أبو البشر. و كلّما رحل رسول من اللّه, عاد شعبه إلى
أعمالهم السيئة حتّى حرّفوا الرسالة السماوية الأصلية بعد مضي أجيال قليلة من رحيل
هذا الرسول الرسول . ولما كانت رسالة الله إلى البشر في خطر بأن تُطمس تماماً من
قبل هؤلاء النّاس, فقد اختار الله رسولاً جديداً إليهم لتلقّي الرسالة السّليمة
الأصليّة و تبليغها إليهم . بعضهم سيتبّع الرسالة و آخرون سيكفرون بها ، لكنها
ستكون دائماً متاحة لمن أراد الهداية . و بهذه الطريقة سيكون لكل البشرية باباً لدينه
الحقيقيّ , بغض النظر عن المكان أو الزمان، و سيكون الأمر عائداً إليهم في البحث
عنه.
كما أخبر الله المسلمين بأن كلّ رسول قد
أُرْسِلَ إلى شعبه فقط ، فأتت رسالته بما يناسبهم. لهذا فإن الرّسالة الأساسيّة
ستكون موحدة لكلّ الرّسل : "اللّه واحد ولا تعبد سواه"
إلا أن تفاصيل العبادة ستكون بالهيئة التي تلائم أسلوب حياة كل أناس لوحدهم , و
تلائم حدود معرفتهم , وما إلى ذلك . و هذا الأمر ينطبق أيضاً على عيسى (عليه
السلام) ، الذي أُرسل إلى اليهود خاصة دون غيرهم . وسنبيّن في هذا الكتاب كيف أن
أحد الأسباب الجوهريّة التي مهّدت لضياع رسالة عيسى كانت في أنّ هؤلاء الذين جاءوا
من بعده حاولوا تبشير من لم تكن الرسالة قد أرسلت إليهم ، أي غير اليهود. لقد
تمكّن هؤلاء الأشخاص من غير اليهود من إدخال جوانب كثيرة لمعتقداتهم في رسالة عيسى
و التي أدت في نهاية المطاف إلى ضياع رسالة عيسى.
يبيّن هذا الكتاب كيف تحوّر دين عيسى (عليه
السلام) عن التعاليم الأصليّة مروراً بالمراحل التّالية :
1- جاء
عيسى (عليه السلام) ليبيّن لليهود كيف أن دينهم قد حُرِّف عما جاء به موسى و الأنبياء
السّابقون من قبل (عليهم السلام).
2- دعى
عيسى (عليه السلام) اليهود للرجوع إلى دين الله الحق الذي نزل على رسلهم السّابقين.
لقد تمسك عيسى نفسُه بإصرار و التزام بكل مظاهر تعاليم دين موسى (عليه السلام) .
صام كما صام موسى (عليه السلام), عبد الله كما عبد موسى (عليه السلام) الله ,
امتنع عن تناول لحم الخنزير, آمن بالختان و هو نفسه قد خُتِنَ, حافظ على السّبت
المقدّس و لم يخرقه أبداً. كان هذا دأبه إلا أن صُلب (حسب الرواية الإنجيلية). و
بعد الصّلب, طبقًا للرواية الإنجيلية , زعم بولس أن عيسى قد "عاد إليه في
الأحلام" لإبطال القانون الذي قد قضى حياته محافظاً عليه . يشهد الكتاب
المقدس في الواقع أنّ عيسى - في فترة حياته - أمر تابعيه أن يتّبعوا ديانة
موسى (عليه السلام) و أنذرهم عقاب الله الشّديد لكلّ من يتخلى عن ركن واحد من هذا
الدّين حتى نهاية العالم ( تابع ما سيأتي).
3- غادر
عيسى (عليه السلام) هذه الأرض و استمر حواريّوه في اتّباع تعاليمه بإخلاص. اتّبعوا
ديانة موسى (عليه السلام) كما فعل عيسى (عليه السلام) من قبلهم و أمرهم بذلك. خلال
الثلاثة عقودٍ الأولى بعد رحيل عيسى (عليه السلام), كان أتباع عيسى من اليهود فقط
ممن أكّدوا أن عيسى (عليه السلام) كان مسيحهم الموعود. استمر تابعوه خلال الثلاثة
عقودٍ الأولى في العبادة في الكنائس و الهياكل اليهوديّة و المحافظة على جميع
مظاهر دين موسى (عليه السلام) بدون استثناء .
4- بعد
زمن قصير من رحيل عيسى (عليه السلام), قام يهوديّ يدعى شاؤول الطرطوسي باظطهاد
أتباع عيسى بكل الوسائل المتاحة لديه. و بذل قصارى جهده ليُضيِّع الكنيسة تمامًا و
يمسح دين عيسى من وجه الأرض و عقول الرجال - وذلك باعترافه الشخصي - ولم يكن قد قابل عيسى (عليه السلام) شخصياً.
5- زعم
شاؤول فجأةً أنه تلقى "رؤىً" من عيسى (عليه السلام). فأخذه الحواري
بارناباس في حمايته, و من خلال بارناباس تقبله باقي الحواريّين . ثم سافر بارناباس
معه إلى أن تبدلت سمعته من كونه الظالم
قاتل المسيحيين إلى كونه ذلك المعتنق الحق للمسيحية.
6- بعدها
افترق شاؤول عن الحواري برناباس و قرر أن يبشر الأممين من غير اليهود. كان يدعي أن
حواريّي عيسى (عليه السلام) كُسالى و مُضلّلين و مُنافقين. زعم أنّه من الضروري
بالنسبة إليه إخراج الحواريّين من جهلهم و إرشادهم إلى حقيقة اللّه التي كان
يتلقّاها في "الرؤى" باستمرار. لقد قالها علناً بأنه لم يتعلم شيئاً من
الحواريين , و أن كلّ كلمة بشّر بها كانت من الوحي الإلهيّ مباشرةً. وكان الأمميون
المجاورون من غير اليهود يكرهون اليهود بشكل كبير ، فرأى استحالة إقناعهم أن
يعتنقوا اليهوديّة التي طبقها عيسى (عليه السلام) خلال أيام حياته ، والتي أوصى
بها الحواريّين من بعده أن يحذوا حذوه إلى آخر الزمان.
7- يعترف
شاؤول في الكتاب المقدس وفي أماكن كثيرة أنه كان مستعداً لفعل أي شيئ بدون
استثناء حتى يتحقق له تحول الأممين إلى المسيحية. لقد ادعى أن كل شيئ قد
جُعِلَ مباحاً له ، و لهذا السّبب بدأ شاؤول في إرضاء الأممين الوثنيّين و تبسيط
دين عيسى لهم لجعله أكثر قبولاً بالنسبة لهم لعلهم يدخلون فيه.
8- استمرّ
شاؤول في محاولة إرضاء الأممين من غير اليهود و بدأ يعيد صياغة دين عيسى (عليه
السلام) بهيئة بقترب فيها من معتقداتهم الرّاسخة لكسب تنصّرهم . في النّهاية، كل
ما طلب منهم هو "الإيمان" دونما عمل . هؤلاء الأممين الوثنيين الذين
حاول تنصيرهم كانوا يعبدون "أبناء آلهةٍ" كُثُر (مثل ابن الآلهة جوبيتير
"كوكب المشتري" و ابن الآلهة زيوس) و غيرهم من "أبناء الآلهة"
مثل (أتيس, أدونيس, ديونيسوس, إلخ). كانوا يعتقدون أن هذه الآلهة الوثنيّة قد ماتت
تكفيراً عن آثامهم ثم قامت من الموت. فبدأ شاؤول يشرح لهم أن عيسى (عليه السلام)
أيضاً لم يكن مجرد بشر عادي و نبي لكنّه "ابن اللّه" و أنّ هذا "الابن"
قد مات تكفيراً عن آثام كلّ البشريّة. لاحظ
الأمميون فوراً التماثل و التشابه مع ما يؤمنون به. كل ما عليهم فعله هو تغيير بعض
المسمّيات. و بهذه الطريقة تمكّن شاؤول من إقناع اليونانيّين (و غيرهم من
الأمميين) لقبول "دين عيسى". ذلك لأن دين اليونانيين - على عكس اليهود –
على استعداد مسبق لقبول عقيدة "التثليث" , و "الآلهة الآب" ،
و "الآلهة الابن", و موت الآلهة, و بعث الآلهة, و تجسّد الآلهة, و الرب
المخلص , و أكل لحم الآلهة، و شرب دم الآلهة .. إلخ. كل هذه المفاهيم لا تعتبر
مستحدثة بالنسبة لهم ، فأصبح بذلك القائد العظيم و كنّى نفسه بـ "القديس
بولس".
9-
بدأ "القديس بولس" بعد ذلك
بالكتابة بشكل واسع و كَسْب المزيد من المتنصّرين.
10- بمجرّد
أنّ أصبح عدد المتنصّرين على يده يتجاوز عدد الذين يعتنقون المسيحية نقلاً عن
حواريي عيسى (عليه السلام) والذين يطبقون المسيحية بدقة و التزام أكبر، حتى بدؤوا
بقتل أتباع الحواريين و اضطهادهم و إحراق أناجيلهم.
11- واجه
أتباع "القديس بولس" التحدي بأن يثبتوا مزاعمهم ("ابن الله" ،
"الخطيئة الأصلية" إلخ ) من خلال الإنجيل و أن يثبتوا صلة الله أو عيسى
(عليه السلام) بهذه المفاهيم ، فلم يستطيعوا ذلك. فقد كان هناك الكثير من الأعداد (الآيات)
في الإنجيل و التي صرحت بأن الرب واحد و أنه لا يحمّل أوزار امرءٍ
لآخر. و الأمثلة عن هذه الأعداد متاحة حتّى الآن (على سبيل المثال 43 : 10-11
أشعياء , حزقيال 18 : 19-20, 24 : 16 سفر التّثنية ...إلخ). لهذا, أصبح من
الضروريّ بالنسبة إليهم الاعتراف بأن اللّه "ثّالوث مقدّس" شبيه بـ
"الثالوث القديم" لليونانيّين و الرّومان،حتّى يكون لديهم ثلاثة آلهة، ثم
يدّعون أنهم يعبدون إلهاً واحدًا فقط. أُعِيد
تعريف "الثالوث القديم" من الفلسفة اليونانيّة ولكن بأسماء جديدة ثم طُبِّقت
على الله تعالى ليتمكنوا من توضيح هذا المعتقد الجديد "ثلالة آلهة في
واحد". و مرّة أخرى, لم يتمكنوا من إثبات "الثّالوث المقدّس" من
خلال الكتاب المقدس, ولهذا بدأت الكنيسة بتلقّي الوحي الإلهيّ من اللّه يأمرهم أن
يوضحوا كتابهم المقدس حتّى يصبح "الثالوث" مقروءاً بوضوح ( أنظر على
سبيل المثال الجزء 1-2-2-5). هذه "التوضيحات" اكتُشفت من قبل علماء
المسيحيّة بعد مضي قرون عليها. و قاموا بطرح الدّليل غير القابل للجدل حول كيفية إضافة
هذه "التوضيحات" في الكتاب المقدس و متى و من قام بذلك. و في القرن
العشرين, إثنان و ثلاثون من علماء الإنجيل المحافظين الأكثر رفعة يدعمهم خمسون من
الطوائف الدينية قاموا بحذف العدد (1- يوحنا - 5 : 7) على أنه تلفيق أضيف من قبل
الكنيسة ، بالإضافة إلى الكثير من التحريفات التي اكتشفوها.
12- انقسمت
المسيحية إلى عدد كبير من الطوائف الدينية خلال القرون الأربعة الأولى بعد الميلاد
متبنّيةً معتقداتٍ مختلفة، ثم بدأت الكثير من الأناجيل بالظهور متباينة في مدى
صحتها و أصوليتها. هذه الطّوائف حاربت بعضها بعضاً بشدّة مدعيةً كل منها أنها
وحدها تمثل الدّين "الحقيقيّ" لعيسى و أنها وحدها تملك الإنجيل
"الصحيح". قتنافست تلك الطوائف للحصول على دعم من الرومان الوثنيين لكسب
السّيطرة على الطّوائف الأخرى و إسكاتهم بصفة نهائيّة .
13- في
القرن الرّابع بعد الميلاد , تمكن أتباع "الثّالوث المقدّس" من كسب
الإمبراطوريّة الرّومانيّة الوثنيّة إلى صفهم ، فاستخدموا نفوذ هذه الدّولة
الوثنيّة لـ "تطهير" الأرض من أتباع الحواريين "المهرطقين" و
"الكافرين". ثم قاموا بشن حملات من "المحاكمات" لإخراجهم عن
عقيدتهم .
14- انتشرت
معتقدات "الثّالوث" على أنها وحدها تمثل الدين الصحيح لعيسى (عليه
السلام). جُمعت كتابات بولس و أصبحت اليوم تشكل غالبية العهد الجديد، و أُحرقت كتب
الحواريّين على أنها جميعها أكاذيب مشكوك في صحتها. إن قائمة الكتب "الموحى
بها فعلاً" و المكونة للكتاب المقدس الذي بين أيدينا اليوم لم يُعترف بها
رسميًّا إلا في السنة /367/ بعد الميلاد. إن الأناجيل التي كانت متداولة بين المسيحيين
خلال الثلاثمائة سنة الأولى تحتلف كل الاختلاف عن التي بين أيدينا اليوم.
"أدرك" أتباع "الثالوث" خلال مدّة الثلاثة قرون أن كلّ الكتب
التي اُعْتُبِرَتْ وحياً في القرون الأولى بعد الميلاد كانت مجرد أكاذيب و كتابات
مشكوك في صحتها. إن الكتب التي اُعْتُبِرَتْ ملفّقةً أثناء القرون الأوّلى بعد
الميلاد هي فقط التي اعتُرف بقانونيّتها و أصوليتها و مصدرها الإلهي، و كل الذين
أخفوا الكتب الأصليّة للحواريّين حُرِّقوا هم و كتبهم حتّى الموت. حصل أتباع بولس
على نسخ أناجيل الحواريّين و قاموا بنسخها و لكنّ بإضافة تعديلات صارخة على
المعتقدات الدينية آنذاك ثم نسبوا هذه النسخ إلى الحواريين. هذه الكتب نُسبت إلى
متّى و مرقس و لوقا و يوحنا. استمرت الإضافات إلى هذه الكتب لعددة قرون ، بعدها
بدأ العلماء المسيحيّون في استقراء الأدلة على أن المؤلفين المنسوب إليهم هذه
الكتب لم يقوموا أنفسهم بكتابتها.
15- ولما
كانت الكنيسة في ذلك الوقت ترى في عوام المسيحيين تخلفاً و تشتتاً في العقيدة
تمنعهم من فهم هذه الكتب المقدسة ، فقد رأت أنه من الضروري حصر تداول الكتاب
المقدس من خلال الكنيسة دون غيرها. فأي شخص يريد أن يتعلم ما يقوله الكتاب المقدس يجب
عليه أن يأتي إلى الكنيسة للسؤال ، وعندها تجيب الكنيسة من خلال مزيج من الوحي الإلهيّ
و نصوص الإنجيل ..
16- وُلد
محمد بعد ستمائة سنة من ميلاد المسيح. اتّبع ملّة
إبراهيم (عليه السلام) التي ورثها و كلُّ العرب من أبيهم , إسماعيل, الابن الأكبر
للنّبيّ إبراهيم (عليه السلام) . ولما بلغ الأربعين من عمره , أرسل اللّه الملاك
جبريل إلى محمد
ليعلّمه الرسالة السماوية
الأخيرة , رسالة الإسلام . أخبره أن "أهل الكتاب" قد غيّروا دين عيسى
(عليه السلام) و بدلوه من دين خضوع للّه الواحد إلى دينٍ عُبِدت فيه آلهة متعدّدة.
كما أخبره أنه سيكون خاتَم الرّسل , و أنّ رسالته موجهةً إلى كلّ البشريّة بمن فيهم
اليهود و المسيحيّون .
17- ادعى
اليهود و المسيحيّون أن محمد كاذب و مجنون و مخدوع من قبل الشّيطان و أنه
نبيّ مزيّف، كما ادعوا أنه نسخ القرآن من الكتاب المقدس. و بنفس الطريقة التي رفض
يهود كثيرون قبول عيسى (عليه السلام) كرسول حقيقيّ من الله , رفض أيضاً يهودٌ و
مسيحيّون كثيرون تصديق محمد
.
18- توفّي
محمد و استمرّ أتباع "الثالوث" في حرق و
صلب أيّ مسيحي يعارض "الثّالوث المقدّس" أو يتحدث علناً عن التناقضات في
الكتاب المقدس. قاموا بشن حملات من "المحاكمات" لتطهير الأرض من كلّ
بقايا المؤمنين بالإله الواحد "الأوحد" و قتّلوا اليهود كلما سنحت
الفرصة لهم بذلك. فأصبح حكم الإعدام من طبيعة هذه المحاكم و بلا حدود إلى الحد
الذي حُكِم فيه على أممٍ بأكملها بالإعدام. فيما بعد ، أدان قرار واحد مقدّس
للكنيسة المؤمنة بالثّالوث عام /1568/ ثلاثة ملايين من النساء و الرجال و الأطفال
في هولندا و أرسلهم إلى المشنقة بتهمة الهرطقة. و كنتيجة لهذا, أُعدِم ما يزيد عن
اثنا عشر مليون شخص من قبل سلطة "المحاكم".
19- فقدت
الكنيسة السلطة بانتقالها إلى العلماء حتى هُمّشت الكنيسة في ركن مظلم. بغياب التّهديد
بالموت من فوق الرؤوس ، بدأ كثيرٌ من العلماء المسيحيّون في نشر الكتب الكثيرة
التي تعرض الأمثلة المفصّلة لتناقض بعض الأعداد (النصوص)، و تعرض الدليل على
التّعديل و التّلاعب بنصوص الكتاب المقدّس. درسوا المخطوطات اليدوية القديمة
للمجتمع المسيحيّ بالتّفصيل و بتمهل إلى أن بدأت الصورة السابقة تكتمل و تتجمّع.اختُلِقَت
الأعذار الكثيرة من قبل الكنيسة و من قبل الأشخاص الذين يعتمد رزقهم و سلطتهم على
هذه المعتقدات السائدة، فبدؤوا في إعطاء معانٍ "مستنتجة" لكلّ عدد (آية)
غير واضح في الكتاب المقدّس. وطلبوا من أتباع الكنيسة أن يتحلوا بالإيمان الأعمى
دونما نقاش ، و أقنعوهم أنهم لا يمكنهم فهم الكتاب المقدس بدون التّفسير و الوحي
المقدّس للكنيسة، و أخبروهم أن عيسى (عليه السلام) لم يكن يعني ما يقول ظاهرياً و
أنّ كلّ إشارة منه لاتباع دين موسى (عليه السلام) لم تكن لتفهم "حرفياً"
بل كان "يُخفي" المعاني بما يناقض المعنى الظاهري تماماً. هم فقط الذين بإمكانهم
استخراج المعاني الخفية لكلام عيسى (عليه السلام).
20- بدأت
نُسخ الأناجيل الأصليّة لحواريّي عيسى (عليه السلام) في الظّهور. لقد عُثِر عليهم
في عاصمة المسيحية نفسها –الفتيكان- دونًا عن كلّ الأماكن المسيحيّة الأخرى، وقد
أكدت هذه الأناجيل تعاليم القرآن (مثل إنجيل بارناباس). كانت هذه الأناجيل تختفي
بغموض علىأنها أناجيل مزيفة و أكاذيب ألّفها المسلمون. ثم فجأة, و في عام 1947,
اكتُشِفَت لفائف البحر الميّت، ولقرابة خمسٍ و أربعين سنة بقيت هذه اللفائف في
إسرائيل محجوبة عن العوام. و عندما فُتحت الأبواب عليها للملأ، ظهر الاكتشاف
الرائع : لقد أكدت اللفائف ما ورد في القرآن أيضاً ! و تنبّأت بقدوم نبيَّين
اثنين (Two Messiahs)
وليس نبياً واحداً. تقول اللفائف أن هذين
النبيّين سيعلن عنهما نبيّ في آخر الزمان. النّبوءة المزدوجة واضحة جدًّا و سائدةً
في اللفائف .تقول اللفائف بأن النبي الأوّل سيخونه أحد تابعيه لكنّ الله لن يتخلى
عنه ليموت , بل إن الذي خانه سيُؤخَذ بدلاً عنه إلى الموت ، وتنص بالتحديد على أنه
لن يلمس جسد النبي أي مسمار. هنالك الكثير في لفائف البحر الميّت ما يتطابق مع
تعاليم القرآن, و لكن مرّة أخرى بُرِّرَت جميعها بالمعاني المستنتجة (المستنبطة).
لقد أخبرونا أن اليهود الذين عاشوا 100 سنةً قبل عيسى (مؤلّفو لفائف البحر الميّت)
في الحقيقة كانوا يتوقعون نبيَّين اثنين، ولكن ذلك لا يعني أنهم كانوا ينتظرون
نبيين مختلفين, بل كانوا ينتظرون نبياً واحداً بشخصيّتين
مختلفتين. و بالتالي فقد أخبرونا أن عيسى (عليه السلام) هو كلا النبيين.
من ناحية أخرى, يشرح اليهود أن كلتا النّبوءتين تشيران إلى أحداث ماضية أو
مستقبليّة ولا ليس من الممكن أن تشير أي منهما إلى عيسى (عليه السلام) أو محمد ولا بأي شكل.
لقد أخبر الله المسلمين أنه عندما خلق
البشريّة, أعطاهم "حرية الاختيار". أخبرهم أنهم يمكن ان يعيشوا حياتهم
ثمّ يموتون و ويتلاشون عن الوجود كما تفعل الحيوانات، أو أن يكونوا مسؤولين عن
أفعالهم . إذا قبلوا المسؤوليّة, فسيكون الجزاء المنتظر عظيماً كما سيكون العقاب
المحتمل عظيماً على حدّ سواء.
بقبول البشريّة لهذه المسؤوليّة جاءت إرادتهم
الحرّة . أعطى اللّه البشريّة كامل الإرادة في اختيار عبادته أو عصيانه. و من رحمة
اللّه الواسعة, أن أيّد البشريّة بعوامل كثيرة لإرشادهم إلى طريق الحق و أجره
العظيم . في البداية , أرسل الرّسل. وبهذه الطّريقة, و بغضّ النّظر عن محاولات
البشريّة لتحريف دينه، سيكون الدين القويم دائمًا متاحاً لهؤلاء الذين يبحثون عنه.
ثانيًا, وهب الله العقل للبشر. أعطاهم هذه
العقول حتى يكونوا قادرين على تمييز الخطأ و الصواب باستخدام ذكائهم. فإذا رأوا
شخصاً ما يعبد النار , و رأوا أن النّار لا يمكن أن تسمع صلواتهم ولا أن تستجيب
لندائهم، فمهما قدس عبدة النّار هذه العبادة و قصّوا عليهم المعجزات الكبيرة التي
صنعتها النار و كيف أنها قد أجابت دعاءهم و أنها تحبّهم, فإن عقولهم سترفض تصديق
هذه الأكاذيب.
أخيرًا, وهب الله البشريّة حساً فطرياً يدعى
الفِطرة . هذه الفِطرة هي الصّوت الخافت بداخل كلّ واحد منّا و الذي يخبرنا أن
"ذلك لا يمكن أن يكون الحق". عندما نلتقط مسدّسًا للمرة الأولى لقتل شخص
ما, يجب علينا أن نجاهد أنفسنا كثيرًا للتّغلّب على فطرتنا التي تخبرنا أن القتل
عمل خاطئ . و بنفس الطريقة ، فإن كلّ البشريّة وُلدت مؤمنة بشكل تلقائي بأن الرب
واحد، و يجب أن يجاهدوا أنفسهم لفترة طويلة و بإلحاحٍ مستمر من قبل الذين
من حولهم للإيمان بعكس ذلك . بهذه الطريقة ينتهون إلى عبادة النار و الحجارة و
التّماثيل و الآلهة المتعدّدة و الأشياء الأخرى رَغماً عن فطرتهم.
يعود بنا هذا الكتاب إلى حُجَجِ الحواريّين
الأصليّين. فيبدأ بـ "الثّالوث المقدّس" ثم يشق طريقه بالعودة إلى
التاريخ. سنرى أنه ليس هنالك أي أساس من أيّ نوع لـ "الثّالوث المقدّس"
في الكتاب المقدس. بمجرّد دحض "الثّالوث المقدّس" سنرى كيف أن باقي هذه
المعتقدات المختلقة ستنحلّ بشكل متتابع حتّى نعود إلى التعاليم الأصلية لعيسى
(عليه السلام) . كلّ هذا سيتم في الفصل الأول . بعد ذلك, سنبيّن كيف أن عيسى (عليه
السلام) و الأنبياء السّابقين قد تنبؤوا بمحمد ,
كما هو مذكور في القرآن قبل /1400/ سنة.
أدعوا الله أن تنير هذه المعلومات دروبكم ..
22 إقرأ الفصول 7 ، 13 21 هل تود أن تعرف إن كان القرآن من عند الله
أم لا ؟ 20 إقرأ الفصول 1-2-6 ، 1-2-7 ، 6 لا
هَلُمَّ
نَتَحَاجَجْ ، يَقُولُ الرَّبُّ الكتاب
المقدس - إشعياء 1 : 18
يؤمن المسيحيّون بأن عيسى (عليه السلام) جاء
ليعلم البشريّة كلها دين اللّه و ليبين لهم الطّريق إلى الخلاص . و لهذا، فإن كلّ
البشريّة مطلوب منها اتباع رسالته. و الذين يؤمنون بصلب المسيح و الفداء هم فقط
الذين سيتم إنقاذهم. كما أنهم يؤمنون أنه يجب على اليهود الدخول في المسيحية منذ
أن أُرْسِلَ عيسى إليهم. وعلى هذا الأساس فهم أكثر الناس أهليةً في التّعرّف على
كلمة اللّه و إشارات عيسى (عليه السلام) المذكورة في كتابهم. و من ناحية أخرى,
يخبرنا معظم اليهود أن عيسى (عليه السلام) لم يكن رسولاً من اللّه, بل كان نبياً
مزيّفاً و ساحراً ومن سلالة زناة و غيرها من الادعاءات. يقولون أنه ليس هنالك
نبوآت لعيسى (عليه السلام) في كتابهم و أنّه لم يكن المسيح الموعود. فمسيحهم
الموعود لم يأتِ بعد. لهذا السّبب, فهم يقولون أنهم غير مطالبون باتباع عيسى (عليه
السلام) و بذلك يلتمسون العذر في قتله.
يؤمن المسلمون بكل من موسى و عيسى (عليهما
السلام) على أنهم أنبياء اللّه الصادقين. فنحن نؤمن أن كلاً من موسى و عيسى و نوح و إبراهيم و يعقوب و كل
أنبياء الله الباقين - هم رُسُلٌ صادقون وعباد الله تعالى المؤمنون و المعصومون.كما
نؤمن بمعجزات عيسى (عليه السلام) بما فيها ميلادُه المُعجز. و المسلمون يؤمنون بأن
الناس قد عادوا إلى المعاصي في كلّ مرّة يُتوفّى فيها رسول من اللّه , إلى الحد
الذي يتمكنون فيه من إفساد الرسالة الإلهية الأصلية. عندما يحدث هذا, فإن الله
تعالى يرسل نبيًّا جديدًا ليجدد رسالته الأصليّة إلى هؤلاء النّاس و يعيدهم إلى الصراط
المستقيم. و بهذه الطّريقة ، فإن رسالة الله الحقيقيّة ستكون متاحة دائماً و إلى
يوم القيامة لكلّ هؤلاء الذين يبحثون عنها. يمكن رؤية ذلك في الكتاب المقدس كما في
العدد (متى 5: 17-18) :
لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ
النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ (يقول عيسى). مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ
بَلْ لِأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ
السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ
النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ (قد اكتمل). (و
المقصود إتمام شريعة موسى).
اليهود يسمون الرب (إلوهيم-Elohiym) أو (يهوة-Yahweh) ، و
المسيحيّون يسمونه (God) أو (الآب-Father) أو
(جهوفا-Jehovah) ..إلخ. أما المسلمون فيسمونه (الله) (بالإضافة إلى أكثر من 99
اسم تبجيل). يؤمن المسلمون بأن اللّه تعالى لم ينزل رسالات عدة إلى البشريّة بل هي
رسالة واحدة فقط : دين الخضوع إلى إرادته و شخصه المتفرد, و اليقين بأنه وحده الذي
يستحق أن يعبد. تفاصيل العبادة أخذت الشكل الذي يلائم كل أمة على حدى, لكنّ
الرّسالة كانت واحدة : "الله واحد، اعبدوا الله دون سواه". و يظهر ذلك
بوضوح في سورة آل عمران الآية (84) :
قُلْ (يا
محمد) آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ
مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ
مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)
القرآن الكريم - آل عمران
و كذلك في سورة النساء الآية (136) :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ
بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ
الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً (136) القرآن
الكريم - النساء
أخبر الله المسلمين من خلال القرآن أنّ فئة
قليلة بلا ضمير، وبعد وفاة أنبيائهم، قد تمكّنت من تحريف وحيه الذي أوحى به إلى
عيسى (عليه السلام) و الأنبياء الذين من قبله. لقد أضلت هذه الفئة القليلة عامة
الناس بما زعموا أنه "وحي" من الله
100%. إن التحريف الذي وقع من قبل هؤلاء النّاس قد تسبّب في كثير من
التناقضات بين المقاطع (الآيات). وكما سنرى قريباً , فإن هذه التّناقضات و
التحريفات قد تم التعرّف عليها جيداً و توثيقها في العالم الغربي منذ قرون من
الآن.
إلا أن الأعذار قد التُمِسَت لهم - بافتراض أنهم
كانوا يوضحون الغموض وما إلى ذلك عندما غيّروا كلام اللّه (أنظر الفصل الثاني) .
بغض النظر عن دوافعهم, هؤلاء الذين يدافعون عنهم قد نسوا الأمر الإلهي في سفر
التّثنية (4: 2) الذي يقول :
لا تَزِيدُوا عَلى الكَلامِ الذِي أَنَا
أُوصِيكُمْ بِهِ وَلا تُنَقِّصُوا مِنْهُ لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ
إِلهِكُمُ
الكتاب المقدس – سفر التثنية 4: 2
إن الانتهاكات التي قامت بها البشرية في كتب
الله السابقة هي إحدى أسباب نزول القرآن و كونه الرسالة الأخيرة من الله إلى البشر
و التي تكفّل الله بنفسه هذه المرة بحفظها من الإفساد أو التّعديل أبد الدهر.
يقول البروفسور أرثر أربيري (Arthur J. Arberry) في كتاباته:
"بغض النظر عن إضافة علامات التشكيل على
الأسلوب القديم في الكتابة الأصلية , و التي كان الهدف منها جعل تلاوة القرآن أكثر
وضوحاً و سهولة , فإن القرآن في القرن العشرين هو توأم مطابق للقرآن الذي جمعه و
اعتمده الخليفة عثمان منذ أكثر من /1300/ سنة."
من ناحية أخرى,
السّيّد توكر ( Mr.
C.G. Tucker) يقول:
"لهذا فإن الأناجيل كانت تعكس بوضوح مفهوم
الحاجات العمليّة للمجتمع الذي كتبت فيه. فقد استُخدِمَت فيها المادة التقليدية ,
إلا أنه لم يكن هنالك أي تردد في تغييره أو الإضافة عليه, أو إسقاط ما لم يخدم غرض
المؤلف."
(من كتاب : تاريخ المسيحيين في ضوء المعرفة الحديثة – ص 320)
كما يقول السّيّد
كادوكس (Mr.
C.J. Cadoux) في كتابه "قصة حياة
عيسى":
"عند التمحيص في الأناجيل الأربعة - و
التي نعود إليها كوثائق رئيسية بالإضافة إلى بعض المصادر الأخرى بهدف البحث المجرد
- فإننا نجد أن جودة المادّة المنقولة تختلف بشكل واسع عما نجده بين أيدينا من حيث
درجة المصداقية، بالإضافة إلى تأثير عنصر الشك في المصادر المستخدمة مما يقودنا
فوراً إلى استنتاج "عدم صلاحية" هذه المصادر، و الإعلان عن فشل المهمة. إن
التضاربات و الاختلافات التاريخية في أجزاء من الأناجيل قد شكلت الأساس الذي
انطلقت منه نظرية (خرافة المسيح) – و التي بينا سابقاً عدم صحتها لأسباب أخرى. لازالت تعتبر
الاختلافات و الشكوك المتبقية خطيرة، و بالتّالي فإن كثيراً من المعاصرين - الذين لا
يشكون في حقيقة وجود عيسى - يعتبرون أن أي محاولة للتمييز بين الحقيقة التاريخية و
بين الخرافات و الأساطير الواردة في الأناجيل و من ثم محاولة إعادة بناء رواية من البقايا
التاريخية عن "مهمّة عيسى" ، تعتبر محاولةً ميؤوسٌ منها ."
يقول ريفيرند دافيس (Reverend Dr. Davies):
"ولكن
بالاستناد إلى الحقائق ، فإنه لا يوجد عالِمٌ مسيحيٌ معاصرٌ متزن يقول بأن الخُطَب
الموجودة في العهد الجديد هي تسجيل حرفي لما قاله المتحدث، حتى ولو كان العالِم من
المحافظين أمثال (هيدلام - Headlam) فإنه لا بد أن يعترف بأن هذه الخُطَب إلا حد ما - و لا يذكر إلى
أي حد - من "النسج الخاص" للكاتب... شميدل (Schmidel), في مقالته عن "أعمال الرسل في الموسوعة الإنجيلية"
يقول بصراحة : ((لقد قام المؤلف و بدون أدنى شك بتأليف [الخُطَب] في كلّ الأحوال طبقًا
لمفهومه الشخصي لتلك الحالة. يعتقد سكويتزر (Schweitzer) أنّ الخُطَب في أعمال الرسل يمكن أن تكون قد بنيت علىأساس الأعراف
الخاصة بالخطابات... ومع أنه قد تم نقلها , إلا أنها كانت في الهيئة التي بين
أيدينا من تأليف الذي كتب أعمال الرسل و بالصورة الشخصية التي تصور بها الحقائق)).
يستمرّ دافيز ليستشهد بقول ثسيديديز (Thucydides) الذي يعترف بأن (([نَسْبَ خُطبٍ افتراضيةٍ لشّخصيّات إنجيليّة ]
كان عُرفاً قديماً عند الجميع))."
(المسيحي
الأول) "The First Christian," للمؤلف ريفيرند ديفس Reverend Dr. Davies ، ص23-24
يقول
البروفسور دروميلو "
J.R. Drummelow" :
"يضيف الناسخ أحيانًا ما لم يكن في
النّصّ, ظناً منه وجوب احتواء النص عليه . يثق في الذاكرة المتقلّبة, أو يجعل
النّصّ يوافق آراء المدرسة التي ينتمي إليها. و بالإضافة إلى النُسخ الكثيرة و أقوال
آباء الكنيسة, فإنه يوجد حوالي أربعة آلاف مخطوطة يونانية. و نتيجة لذلك, فإن
الاختلافات فيما بينها تعتبر جوهرية."
(التعليق على الكتاب المقدس – ص 16)
بعد وقت ليس بطويل من وصولي إلى الولايات
المتّحدة, قابلت رجلاً مسيحيّاً سأسميه منذ الآن السّيّد (جيه) . و بخلاف هذا
المؤلَّف المتواضع , فإن السّيّد (جيه) مسيحيٌ محترف له تاريخ حافل بالنشاط التبشيريّ, على الأقلّ
مع الطلبة المسلمين من جامعتنا. كان السّيّد (جيه) معروفاً عندنا من خلال الرسائل
التي وُجّهت إلينا و الاتصالات الهاتفية إلى رجال الدين المسلمين ، بالإضافة إلى
حضوره قبلنا في المناسبات ليدعونا للإيمان بعيسى (عليه السلام) و أن نقبل تضحيته
بنفسه من أجلنا. لقد أرسل السّيّد (جيه) لي و لرجال الدين المسلمين كُتباً تضم
افتراءاتٍ كثيرةً ضدّ القرآن و إدانةً عامة له. ثم أعقب ذلك سلسلة من النقاشات
الودودة فيما بيننا تعرفنا من خلالها على بعضنا البعض و بقينا ودودين و اجتماعيّين
فيما بيننا على الرغم من تباين العقيدتين. و في الحقيقة فإن مؤلف هذا الكتاب ليس عالم
أديان أو داعيةً محترفًا, بل طالب علم بسيط قام بترتيب هذه الأمور طبقاً لأهميتها
من الناحية العلمية. لقد كانت مشيئة اللّه في الدرجة الأولى, ومن ثمّ الجهد
المستمر للسّيّد (جيه) فيما يتعلق بمزاعمه عن الإسلام و جهده الصادق لتنصيري و
منحني الخلاص، كل ذلك دفعني لتكثيف بحثي في الكتاب المقدس و القرآن و من ثم نشر
هذا الكتاب. لذا فإنني أشكر الله تعالى الذي أرسل لي السيد (جيه) و أنعم عليّ به،
و أسأل الله أن يُنعم على كثير غيري من خلال مؤلفاتي بإذنه تعالى.
قبل تأليف هذا الكتاب, قمت بنشر سلسلةٍ من
المقالات في منشورات محلّيّة تعرض أمثلة صغيرة عن التّعديل البشريّ للإنجيل -
كالحقيقة بأن مؤلّفي الكتاب المقدّس ليسوا هم نفس المؤلفين الذين يُنسب إليهم
كتابته - و كانت المقالات تتقدّم نحو قضايا جوهريّة أكثر فأكثر. ثم طلب السيد
(جيه) أن ينشر وجهة نطره المعارضة في منشوراتنا، فلبينا له طلبه.
لقد
كان السّيّد (جيه) يعتقد أن الأمثلة المطروحة فيما يتعلق بالتّصريحات المتناقضة في
الكتاب المقدس و التي كنّا نتناقش حولها لم تؤثّر بأي حال على المعتقدات المسيحيّة
(أنظر الأمثلة في الفصل الثاني). فأعطاني مواداً أدبية لبعض الرجال أمثال السّيّد
بروس (F.F.
Bruce) يقول فيها :"هل من
المهم بمكان أن تكون وثائق العهد الجديد محلّ ثقة أم لا؟ هل يهم كثيراً قبولها أو رفضها
على أنها تسجل التاريخ بشكل صحيح؟"
و يقول أيضاً : "......قد تكون قصّة عيسى
- و بالشكل الذي نُقِل إلينا - خرافةً أو أسطورة, إلا أن التعاليم المنسوبة إليه -
سواءٌ أكان مسؤولاً عنها أم لا - لها قيمةٌ عظيمةٌ في ذاتها" وما إلى ذلك من
التصريحات .
يعلم المسلمون حقيقةً أن عيسى
(عليه السلام) لم يكن خرافةً ولا أسطورة، و لكن نبيّ الله الحق. إلا أن كتاباً
موحاً به من عند الله ينبغي أن لا يحتوي على أيّ تناقضات، تاريخيةً كانت أم دون
ذلك. لهذا السّبب فإننا نؤمن بأن كتاب الله لم يصل إلينا مطابقاً كما أُنزل على عيسى
(عليه السلام).
يعتقد السّيّد جيه أن مثل هذه الأمور - كمعرفة
المؤلّفين الحقيقيّين للكتاب المقدّس - لا تؤثر على صُلب العقيدة المسيحية و
تحدّانا أن نثبت أنّ العقيدة المسيحيّة الأساسيّة مجملاً قد بُنيت
على باطل و أنها ليست نفس الرّسالة التي بشّر بها عيسى قبل /2000/ سنـة. و تلبيةً
لطلبه, فقد أرسلنا له أربعة أسئلة قصيرة بخصوص المعتقدات المسيحية الأساسية. ثمّ
طلبنا منه أن يزودنا – بعد البحث بعناية - بالإجابات الحاسمة عن هذه الأسئلة . هذه
الأسئلة الأربعة - و التي سيتم عرضها - قد تم تعديلها قليلاً في هذا الكتاب لضمان
وضوحها ما أمكن، و لكن ظلّ السؤال الأساسي كما هو:
1- هل
هناك ثّالوث مقدّس ؟ إذا كان الجواب
بالإيجاب فأرجو تزويدنا ما أمكن بالشواهد من الكتاب المقدس والتي تستطيع من خلالها
أن تشرح و باختصار جوهر هذا المفهموم. ما أعنيه بهذا السّؤال : هل اللّه واحد أحد؟
أم ثلاثة؟ أم أنه مزيج بين الواحد و الثلاثة ؟ من فضلك دوّن وصفًا قصيرًا و واضحًا
لطبيعة الثّالوث المقـدّس و العلاقة الدّقيقـة فيما بين الأعضاء الثـلاثة بعضهم
البعض. و أرجو ألا تنتقل إلى سؤال آخر حتى
تنجز المطلوب نظراً لأن تعريفك هذا سيتم فحصه من خلال الكتاب المقدس فيما إذا كانت
الأعداد (الآيات) – والتي سيتم دراستها في هذا الكتاب - تؤكد أو تفنّد هذا
المفهوم.
2- هل رسول الله المخلص و العظيم , عيسى ابن مريم (عليهما
السلام), الابن الجسديّ لله أم لا ؟ إذا كان كذلك , فأرجو أن تزودنا
ما أمكن بالشواهد من الكتاب المقدس. و إذا لم يكن كذلك، فلماذا أغلبيّة العالم
المسيحيّ يعتقد أنّه ابن الله الجسديّ /المولود له/ المصنوع له ؟
3- هل قال عيسى (عليه السلام) بنفسه في
الكتاب المقدس و في أي وقت "أنا الله" أو "إعبدوني" ؟ إذا كان
ذلك، فأرجو أن تزودنا ما أمكن بالشواهد من الكتاب المقدس. و إذا كان غير ذلك,
فلماذا أغلبيّة العالم المسيحيّ يعتقد أنّه إله (غير فانٍ), و أنه ابن الله؟ يتوسل
المسيحيون بعيسى (عليه السلام) على أنه الله ليغفر الخطايا و يطرد الشياطين و
يستجيرون به في الدعاء بشكل عام. من الذي شرّع للمسيحيين أن يؤمنوا
أن عيسى (عليه السلام) هو اللّه ؟ هل كان عيسى (عليه السلام) نفسه أم آخرون ؟
أعطنا ما أمكن من الشواهد.
4- إذا أمكن، و من خلال الإنجيل، إثبات أنّ عيسى (عليه
السلام) ليس هو الله, و أنه ليس ابن الله الجسديّ /المولود له /المصنوع له , و أنه
لا وجود لأي ثّالوث مقدّس - فهل هذا يثبت أن أناساً بلا ضمير قد أفسدوا كلمة اللّه
أم لا؟
"الإيمان"
بدون شكّ هو أحد المكوّنات الأساسيّة و الجوهريّة في مذهب أيّ معتقد دينيّ. وعندما
ترغب في دعوة شخص ما للإيمان بالمعتقد الجوهري الذي تقدمه, فإنّه من الضروريّ
بدايةً أن تثبت صحّة تأكيدك قبل أن تطلب من ذلك الشّخص أن يؤمن بهذا المعتقد.
بعبارة أخرى, الإيمان مهمّ بالطّبع, إلا أنه لا يمكن أن يسبق الدّليل. بمجرّد أن
يثبت الدّليل, عندئذٍ فقط يمكن للإيمان أن يدخل حيّز التّنفيذ. بالطّبع هذا ما
علّمه النّبيّ عيسى (عليه السلام) لتابعيه أثناء حياته. فعيسى (عليه السلام) لم
يقف مرةً أمام اليهود و طلب من الفريسيين و الصدّيقين و كلّ الآخرين أن يقبلونه
بدون الدّليل . بل، و إلى حدّ ما, أجرى معجزات كثيرة لهم و في نفس الوقت تحاجج معهم
و استعمل المنطق لإقناعهم. الكتاب المقدس مليءٌ بالأمثلة كيف أن عيسى (عليه
السلام) كان يخرج ليشرح بعض الأمور لتابعيه و يحاججهم و يثبت لهم الأمر مستخدماً
نفس الأسلوب.
من الواضح أننا عندما
نطلب دليلاً عن معتقد ديني نادى به أحدهم ، فإن أول مكان نبحث فيه عن الدليل هو
أقوال هذا الشخص. إذا كنت أومن بأن عيسى (عليه السلام) قد نادى بالمعتقدات الدينية
الجوهرية كـ"الثالوث" و "ابن الله" و "الخطيئة
الأصلية" و "الفداء" ، فلن يرضني أن يذكرها مرة واحدة في كل حياته
التبشيرية فحسب، بل أتوقعه ألا يكون قد تكلم عملياً عن شيء آخر. لهذا السبب فإن
الأسئلة أعلاه قد تم اقتراحها للوصول إلى تعاليم عيسى (عليه السلام). إذا كان عيسى
(عليه السلام) قد أمر أن أعبد الثالوث أو أن أومن بأنه هو الله، فإني أتوقع أن
يقول هذا و بكل وضوح ولو مرة واحدة في كل حياته. إن كان قد قال ذلك مرة واحدة على
الأقل ، فإنه يكون قد تبرر للآخرين ترديد ذلك آلاف المرات. على كل حال أود أن أعرف
أولاً ما هو:
يقول الكتاب المقدس :
أَجَابَ يَسُوعُ
وَقَالَ لَهُ: ((إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ
كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً))
الكتاب المقدس - يوحنا
14: 23
و ذلك قول عيسى (عليه
السلام) باختصار أن كلماته فقط هي التي يجب أن نتمسك بها، والتي
ستوصلنا إلى محبة الله لنا. فمن الطبيعي أن أكون راغباً في معرفة ما قاله عيسى
فأتبع أوامره فقط دون الآخر ين. أما أقوال الآخرين دون استثناء فإن قبولها أو
رفضها يعتمد بالدرجة الأولى على مدى توافقها مع أقوال رسول الله العظيم التقي ،
عيسى ابن مريم . أليس هذا بالعدل ؟
لقد قام العالَم
المسيحي بعمل رائع فقد زودنا بالكتاب المقدس بكل الأحجام و اللغات و الأشكال و
الألوان. من بين تلك النُسخ سلسلة الكتاب المقدس بعنوان : طبعات الحروف الحمراء.
تتميز هذه النسخ عن غيرها في أن أقوال عيسى قد طُبعت باللون الأحمر، وذلك يسهل على
القارئ تحديد مكان أقوال عيسى (عليه السلام) و تمييزها عن غيرها. هدفنا في هذا
الكتاب هو إيجاد الدليل باللون الأحمر حيث يعلّم
عيسى (عليه السلام) البشرية أيّاً من المفاهيم الجوهرية للدين المنسوب إليه و
المسمى " المسيحية". سنرى فيما بعد أنه كلما حاول أحدهم إثبات تلك
المعتقدات فإنه يلجأ إلى الكلمات التي باللون الأسود لا التي
باللون الأحمر!.
يقول الله تعالى
للمسلمين وعن طريق القرآن بأن عيسى (عليه السلام) كان أحد أولي العزم من الرسل عبر
كل الأزمان. كما أنه أخبرنا بأن عيسى لم يكن أبداً إلهاً أو ابناً جسدياً لله .
نقرأ في القرآن :
وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ
قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ
سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ
قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي
نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا
أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (118)
القرآن الكريم – سورة المائدة (5) : 116-118
من الواضح أننا لا
يمكن أن نأخذ بالقولين معاً. فإما أن يكون عيسى (عليه السلام) قد أمر البشرية
بعبادته أو لم يأمرهم بذلك. و بما أن معلوماتي بما ورد في الكتاب المقدس لا تقارن
بمعلومات السيد (جيه)، فإنني كنت آمل أن يتمكن السيد (جيه) من تحديد أمكنة ذكر
عيسى (عليه السلام) لأي من هذه الأمور. بما أن قضية "الثالوث" و
"ابن الله" و "الخطيئة الأصلية" و " الفداء" تشكل الاختلافات الجوهرية بين العقيدة
الإسلامية و العقيدة المسيحية ، لذا فقد كنت آمل للوصول إلى التعاليم الأصلية
لعيسى (عليه السلام) عن طريق الإجابة على الأسئلة الأربعة المختصرة .
أجاب السيد (جيه) على
الأسئلة كالتالي :
يسعدني جداً أن أُدعى لمخاطبة القرّاء [في هذا المنشور] حول
بعض أهم الاختلافات بين المسيحية و الإسلام. تم اقتراح أربعة أسئلة كوسيلة لتوضيح وجهة
النظر الإنجيليّة بخصوص سلسلة المقالات حول يسوع و المسيحيّة التي نُشِرت في الفصل
الدّراسيّ الأخير .
ومن وجهة نظري فإن الأسئلة
الأربعة تجتمع معًا حول سؤال أساسي واحد : من هو يسوع ؟ الإجابة إلى ذلك السّؤال,
و هو صُلب الرّسالة التي أُعْلِنَتْ من قبل تابعي يسوع منذ حلوله, هي : "لِتُؤْمِنُوا
أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا
آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" الكتاب المقدس - يوحنا 20: 31 .
إن الإجابة على كلّ من هذه
الأسئلة سيساعد على توضيح هذه القناعة المسيحيّة التّاريخيّة.
1-
هل هناك
ثّالوث مقدّس ؟
التّعاليم الإنجيليّة حول طبيعة
اللّه الأساسيّة، ملخّصة في كلمة "الثّالوث المقدّس", تستند بشكل كبير
على فهمنا لهويّة عيسى, و التي سأوضحها مطولاً في الإجابة على السؤال الثالث.
إلى هذا الحد ، فإننا يمكن أن نجد الشواهد التي تدعم مصطلح
عقيدة الثالوث في العهد الجديد :
الكتاب
المقدس - متى 28: 19
الكتاب
المقدس - رِسَالَةُ بُولُسَ الْرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ 12:
4-6
الكتاب
المقدس - رِسَالَةُ بُولُسَ الْرَّسُولِ الثَّانِيَةُ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوس
13: 14
الكتاب
المقدس - رسالة يهوذا 20-21
إن الفهم
الأفضل لعقيدة التثليث يتم من خلال فهم عقيدة الخلاص في المسيحية : فالمسيحيون
يؤمنون أن الإله الآب شاء أن نتصالح معه من خطيئتنا ، فأرسل الابن الذي هيّأ من
خلال حياته المثالية و التكفير بموته أساس هذه المصالحة. كما أنهم يؤمنون أن الآب
وقتها قد أرسل الروح القدس - باسم يسوع – لينفذ خلاص يسوع فداءً للمسيحيين
المؤمنين به، ومن ثم إنقاذهم و منحهم القوة ليحيوا حياتهم منتصرين على الخطيئة. هذا
ما يتعلق بتجربة المسيحيين و ثقتهم بالخلاص من خلال مفهوم الآب و الابن و الروح
القدس.
ومع ذلك
فإنهم يؤمنون بلا شك بأن الله واحد، فكيف لنا أن نجمع بين ذلك ؟ من
هنا نشأت فكرة الثالوث. لقد بينت لنا هذه الكلمة حقيقة الرب كما هي موجودة في
الكتاب المقدس.
ليس هذا تفسيراً
تفصيليّاً بالطبع , لكنّه يساعد على توضيح مغزى هذا المعتقد من خلال الحياة المسيحيّة
العمليّة .
2-
هل عيسى هو
ابن الله الجسدي / المولود له / المصنوع له ؟
يظهر يسوع في العهد
الجديد كابن اللّه بفضل علاقته الأبديّة الفريدة بالآب و بواسطة الميلاده الفريد
من عذراء. عندها يجب علينا أن نفهم كيف يكون عيسى ابناً لله! يخبرنا العهد الجديد
بذلك :
وهذِهِ سيرَةُ ميلادِ
يَسوعَ المَسيحِ: كانَت أُمُّهُ مَريَمُ مَخْطوبَةً ليوسفَ، فَتبيَّنَ قَبْلَ أنْ
تَسْكُنَ مَعَهُ أنَّها حُبْلى مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ. وكانَ يوسفُ رَجُلاً
صالِحًا فَما أرادَ أنْ يكْشِفَ أمْرَها، فَعزَمَ على أنْ يَترُكَها
سِرًّا.وبَينَما هوَ يُفَكِّرُ في هذا الأمْرِ، ظَهَرَ لَه مَلاكُ الرَّبِّ. في
الحُلُمِ وقالَ لَه: ((يا يوسفُ اَبنَ داودَ، لا تخَفْ أنْ
تأخُذَ مَرْيمَ اَمرأةً لكَ. فَهيَ حُبْلى مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ، وسَتَلِدُ
اَبناً تُسمّيهِ يَسوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شعْبَهُ مِنْ خَطاياهُمْ)).
الكتاب المقدس - متى
1: 18-22
يدلّ السّؤال ضمناً من خلال هذا التصريح أن
يسوع هو - بطريقة ما - نتيجة الاتّحاد الجسديّ بين اللّه و مريم, لكن ذلك ليس كل
ما في الأمر. فميلاد يسوع حدث خارق تم بمساعدة الرّوح القدس. و بذلك يتجسد الإله
الابن - أو يكسى باللحم - في يسوع "الإله البشر".
(المولود له) كلمة إنجليزيّة قديمة - فيما تعني بالمصطلح
البشري أن يلد طفلاً - تؤكد بأن ما "ينجب" الأب البشري يشترك في الطبيعة
الأساسية مع الأب. أي أن الملك جيمس قد ترجم الكلمة اليونانية للصفات المميزة
للإله إلى كلمة "المولود له" – بمعنى أن يسوع يشترك مع الآب بالطبيعة
الجوهرية ، ليس من خلال الأفعال الجسدية و لكن من خلال الأفعال الخارقة.
3-
هل قال عيسى
(عليه السلام) بنفسه في الكتاب المقدس و في أي وقت "أنا
الله" أو "إعبدوني" ؟
إن الذي يميز يسوع عن كلّ الشّخصيّات الدّينيّة
الأخرى هو طبيعة ما ادعاه لنفسه. لقد ادعى امتياز الألوهية و الأحقية في الولاء
السامي له كما تقبل العبادة و الطاعة من المؤمنين به دون أن يلومهم على ذلك.
يمكن أن نوضح ذلك من خلال عدد من الأمثلة :
في إنجيل مرقس – الإصحاح الثاني – العدد /1/
إلى /18/ نقرأ تعليل يسوع لإبرائه رجلاً مشلولاً. المدهش و المذهل بالنسبة للشهود
على تلك المعجزة هو التصريح الذي أدلى به يسوع قبل أن يُبرء الرّجل .
بينما يرى يسوع أنّ مجموعةً من الرّجال يحضرون
المريض المشلول له, سجل مرقس المشهد التالي :
فلمَّا رأى يَسوعُ إيمانَهُم قالَ للكسيحِ: ((يا
اَبني، مَغفورَةٌ لكَ خَطاياكَ! ))
وكانَ بَينَ الحُضورِ بعضُ مُعَلِّمي
الشَّريعةِ، فقالوا في أنفُسِهِم: ((كيفَ
يتكَلَّمُ هذا الرَّجُلُ كلامًا كهذا؟ فهوَ يُجدِّفُ! مَنْ يَقدِرُ أن يَغفِرَ
الخطايا إلاَّ اللهُ وَحدَهُ؟)) وعرَفَ
يَسوعُ في سِرِّه أفكارَهُم، فقالَ لهُم: ((ما
هذِهِ الأفكارُ في قلوبِكُم؟ 9 أيُّما أسهَلُ: أنْ يُقالَ
لِهذا الكسيحِ: مَغفورَةٌ لكَ خَطاياكَ، أمْ أنْ يُقالَ لَه: قُمْ واَحمِلْ
فِراشَكَ واَمشِ؟ سأُريكُم أنَّ اَبنَ الإنسانِ لَه سُلطانٌِ على الأرضِ ليَغفِرَ
الخَطايا)). وقالَ لِلكسيحِ: ((أقولُ
لكَ: قُمْ واَحْمِلْ فِراشَكَ واَذهبْ إلى بَيتِكَ! ))
فقامَ الرَّجُلُ وحمَلَ فِراشَهُ في الحالِ وخرَجَ بِمَشْهدٍ مِنَ الحاضِرينَ.
لُقِّب يسوع في الأناجيل بلقبين هامّين خلال
حياته التبشيرية :
-
ابن الإنسان :
هذا هو اللقب الذي يطلقه يسوع على نفسه و
بكثرة. إنّه اسم خاصّ بالمسيح المنتظر مستمداً من كتاب دانيال في العهد القديم.
عندما نقرأ الفقرة في كتاب دنيال, فإن الادّعاء الضّمنيّ ليسوع عن نفسه يصبح
ظاهراً :
ورَأيتُ في مَنامي ذلِكَ اللَّيلَ، فإذا
بِمِثلِ اَبْنِ إنسانٍ آتيًا على سَحابِ السَّماءِ، فأسرَعَ إلى الشَّيخ
الطَّاعِنِ في السِّنِ. فقُرِّبَ إلى أمامِهِ وأُعطِيَ سُلطانًا ومَجدًا ومُلْكًا
حتى تعبُدَهُ الشُّعوبُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ولِسانٍ ويكونَ سُلطانُهُ سُلطانًا
أبديُا لا يَزولُ، ومُلْكُهُ لا يتَعَدَّاهُ الزَّمنُ.
الكتاب المقدس – دانيال 7: 13-14
-
ابن الله :
وفي محاكمة يسوع أكد لنفسه هذا اللقب :
وسألَهُ رئيسُ الكَهنَةِ ثانيةً: ((هل
أنتَ المَسيحُ اَبنُ الله المُبارَكِ؟)) فأجابَهُ يَسوعُ: ((أنا
هوَ. وسَتَرَونَ اَبنَ الإنسانِ جالِسًا عَنْ يَمينِ اللهِ القديرِ، وآتيًا معَ سحابِ
السَّماءِ! ))
الكتاب المقدس – مرقس
14: 61-63
-
الادعاءات
المباشرة ليسوع :
في ذروة حوار مطول ،
يتحدث يسوع عن نفسه :((وكَم تَشوَّقَ أبوكُم إبراهيمُ أنْ يرى
يَومي، فرَآهُ واَبتهَجَ)).
قالَ لَه اليَهودُ: ((كيفَ
رَأيتَ إبراهيمَ وما بَلَغْتَ الخَمسينَ بَعدُ؟))
فأجابهُم يَسوعُ: ((الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم: قَبلَ أنْ
يكونَ إبراهيمُ أنا كائِنٌ)).
فأخذوا حِجارَةً ليَرجُموهُ، فاَختَفى عَنهُم
وخرَجَ مِنَ الهَيكَلِ.
الكتاب المقدس – يوحنا 8: 56-59
إن الذي يدهش في هذا القول هو تلك الكلمتين
" أنا كائن". إنه نفس الخيار الذي استخدمه الله في وصفه لنفسه و ذلك في
معرض كلامه مع موسى :
فقالَ اللهُ لِموسى: ((أنا
هوَ الذي هوَ. هكذا تُجيبُ بَني إِسرائيلَ: هوَ الذي هوَ أرسلَني إليكُم)).
الكتاب المقدس – سفر الخروج 3: 14
-
يسوع يتلقى العبادة :
فسَمِعَ يَسوعُ أنَّهُم طَرَدوهُ، فقالَ لَه
عِندَما لَقِـيَهُ: ((أتُؤمِنُ أنتَ باَبنِ الإنسانِ؟))
أجابَ: ((ومَنْ هوَ، يا سيِّدي، فأُوْمِنَ بهِ! ))
فقالَ لَه يَسوعُ: ((أنتَ رأيتَهُ، وهوَ الّذي
يُكَلِّمُكَ! )) قالَ: ((آمنتُ،
يا سيِّدي! )) وسجَدَ لهُ.
الكتاب المقدس – يوحنا 9: 35-38
أمّا التَّلاميذُ الأحدَ عشَرَ، فذَهبوا إلى
الجَليلِ، إلى الجبَلِ، مِثلما أمرَهُم يَسوعُ. فلمَّا رأوْهُ سَجَدوا لَه.
الكتاب المقدس – متّى 28: 16-17
-
يسوع يقبل الألقاب
الإلهية :
في خضم حوار واضح بين يسوع و توما "المشكك"
نقرأ :
ثُمَّ قالَ لِتوما: ((هاتِ
إصبَعَكَ إلى هُنا واَنظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يدَكَ وضَعْها في جَنبـي. ولا تَشُكَّ
بَعدَ الآنَ، بل آمِنْ! )) فأجابَ توما: ((رَبِّـي
وإلهي! )) فقالَ لَه يَسوعُ: ((آمَنْتَ
يا توما، لأنَّكَ رأيتَني. هَنيئًا لِمَنْ آمَنَ وما رأى)).
الكتاب المقدس – يوحنا 20: 27-29
هل قال يسوع "أنا اللّه" ؟ لا, لأنّه
بذلك يُساء فهمه. يسوع ليس الآب (كما سيُظنُّ به), بل يسوع هو الابن. لكنه يدعي
بوضوح وجود صلة فريدة باللّه الذي يسمّيه يسوع "الآب". يدّعي يسوع لنفسه
أمراً يثبته رويداً رويداً من خلال المعجزات المختلفة و تصريحاته المذكورة أعلاه و
الرّدّ الذي يتلقّاه من الآخرين، فيصبح بذلك معنى بنوته لله واضح.
في افتتاحية إنجيله ، يعرض الحواري يوحنا يسوع
على أنه "الكلمة" و يقدم ربّما أوضح تفسير لهويّة يسوع و معنى التّجسّد
، و يشير من بعيد إلى حقيقة الثّالوث المقدّس :
فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ
كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ
عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا
كَانَ.فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ - وَالْكَلِمَةُ
صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ
مِنَ الآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً.
الكتاب المقدس – يوحنا 1: 1-4،14
4- إذا أمكن ، و من خلال الإنجيل ، إثبات أنّ عيسى (عليه
السلام) ليس هو الله , و أنه ليس ابن الله الجسديّ /المولود له /المصنوع له , و
أنه لا وجود لأي ثّالوث مقدّس - فهل هذا يثبت أن أناساً بلا ضمير قد أفسدوا كلمة
اللّه أم لا؟
تدور الرّسالة المسيحيّة عن يسوع حول ثلاثة
حقائق : التّجسّد, الصّلب و القيامة. أثبت من خلال الإنجيل أو غيره أن أيّاً من
هذه الأمور الثّلاثة غير صحيح, و ستنهار حقيقة الرسالة كما ينهار كرسي بثلاثة
أرجل.
تعتمد معظم "الأدلّة" ضدّ التّعاليم
التّقليديّة للمسيحيّة على اسلوب التعرية – أي قذف فقرات معينة من الكتاب المقدس
ووضعها في وجه فقرات أخرى نازعةً إياها من سياقها الذي وجدت فيه. فالسّياق- حسب
اعتقادي - يؤكد دائماً على فهم الإله و المسيح بالشكل الذي حاولت أن أوضحه باختصار
فيما سبق.
وفي النهاية
، أحث القرّاء على قراءة الكتاب المقدس بأنفسهم و خاصة أحد الأناجيل. فمن
خلالها - حسب اعتقادي - ستزودنا أقوال و أفعال يسوع بالحجة الأكثر إقناعاً لقبوله
على أنه الإله و المخلص, و ستجدون من خلاله الرّضى الرّوحيّ الذي يبحث عنه
الكثيرون في أيامنا.
ملاحظة
: بقية الفصل الأول هو توسيع للرد الأصلي على السيد (جيه)
أود أن أوجه شكري إليك يا سيد (جيه) على رسالتك
التي خاطبت عقولنا. أود أيضاً أن أشكرك على المعلومات التي زوّدتنا بها من خلال رسالتك.
لقد بذلت ما بوسعي لتجنّب الصيغ التي يمكن أن يُعتَرض عليها أو صيغ الازدراء. فنحن
بصدد تبادل حوارٍ أكاديميٍّ ولسنا في حلبة مصارعة، إلا أنني بشر في كل الأحوال.
فإن صدر عني إساءة في موضع أو اثنين فإني أقدم اعتذاري مقدماً – فهي من نفسي وليست
حالة عامة. كما أنني أدركت أن ردّك كان طويلاً نسبياً بالنسبة لشخص يود أن يقرأه
في جلسة واحدة. لذا أطلب من القارئ ألا يقوم بذلك و ألا يطلق الأحكام حتى تكتمل
الصورة لديه. و الآن إلى الرد :
إن الديانات الثلاث – اليهودية و المسيحية و
الإسلام – يعزى منها مفهوماً أساسياً مشتركاً وهو: الإيمان بالله بوجوده السامي
خالق و مدبر شؤون هذا الكون. مفهوم وحدانية الله – المعروف في الإسلام باسم
التوحيد – قد أُكِّد عليه في صفحات الكتاب المقدس، و المعروفة باسم
"شيما" أو مذهب العقيدة اليهودية :
إسمعوا يا
بَني إِسرائيلَ: الرّبُّ إلهُنا ربٌّ واحدٌ
الكتاب
المقدس - سفر التثنية 6: 4
كرر
عيسى (عليه السلام) ذلك حرفاً بحرف بعد حوالي 1500 سنة عندما قال :
فأجابَ
يَسوعُ: ((الوَصيَّةُ الأولى هيَ: إسمَعْ يا إِسرائيلُ، الرّبُّ
إلهُنا هوَ الرَّبُّ الأحَدُ.))
الكتاب
المقدس – مرقس 12: 29
بعد
حوالي 600 سنة جاء محمد ()
بنفس الرسالة مرة أخرى :
وَإِلَهُكُمْ
إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
القرآن
الكريم - البقرة 163
لقد حادت المسيحية -
إلى حد ما – عن مفهوم وحدانية الله إلى معتقد غامض و غير واضح تم صياغته في القرن
الرابع بعد الميلاد (أنظر التفاصيل التاريخية في الجزء 1-2-5). هذا المعتقد - و
الذي ظل محل خلاف من خارج و داخل الديانة المسيحية - يُعرف باسم عقيدة الثالوث
المقدس. تقول هذه العقيدة ببساطة: إن المعتقد المسيحي للثالوث المقدس ينص على أن
الله هو عبارة عن اتحاد ثلاثة أقانيم إلهية – الآب و الابن و روح
القدس – في كينونة واحدة. وجب على المسيحيين أن يدافعوا عن أنفسهم من الاتهام الدائم بأنهم يعبدون ثلاثة
آلهة حيث أن ذلك يعتبر من أسوء أنواع الهرطقة. لذلك وجب على المسيحيين القول أنهم يعبدون
إلهاً واحداً. إن هذا الاعتقـاد - كما سنرى في فصول قادمة – قد تمت
صياغته أول مرة في مجمع نيقية الشهير عام 325، و الذي ينص من بين أمور أخرى :
[كل منْ ابتغى الخلاص
وجب عليه قبل كل شيء أن يتمسك بالإيمان الكاثوليكي (أي الإيمان الجامع العام
للكنيسة المسيحية). وكل من لا يحفظ هذا الإيمان دون إفساد يهلك بدون شك هلاكاً
أبدياً. والإيمان الكاثوليكي هو أن نعبد إلهاً واحداً في تثليث، وثالوثاً في توحيد.
لا نمزج الأقانيم ولا نفصل الجوهر. للآب أقنوم على حدة، وللابن أقنوم آخر، وللروح القدس
أقنوم آخر. ولكن للآب والابن والروح القدس لاهوت واحد ومجد متساوٍ وجلال أبدي معاً.
كما هو الآب كذلك الابن وكذلك الروح القدس. الآب غير مخلوق، والابن غير مخلوق، والروح
القدس غير مخلوق. الآب غير محدود، والابن غير محدود، والروح القدس غير محدود. الآب
سرمدي، والابن سرمدي، والروح القدس سرمدي. ولكن ليسوا ثلاثة سرمديين بل سرمدي
واحد. وكذلك ليسوا ثلاثة غير مخلوقين، ولا ثلاثة غير محدودين، بل واحد غير مخلوق
وواحد غير محدود. وكذلك الآب ضابط الكل، والابن ضابط الكل، والروح القدس ضابط
الكل. ولكن ليسوا ثلاثة ضابطي الكل، بل واحد ضابط الكل. وهكذا الآب إله، والابن إله، والروح
القدس إله. ولكن ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد. و كذلك الآب رب، والابن رب،
والروح القدس رب. ولكن ليسوا ثلاثة أرباب بل رب واحدٌ. وكما أن الحق المسيحي يكلفنا
أن نعترف بأن كلاً من هذه الأقانيم بذاته إله ورب. كذلك الدين الكاثوليكي ينهانا
عن أن نقول بوجود ثلاثة آلهة أو ثلاثة أرباب... ولكن جميع الأقانيم سرمديون معاً و
متساوون... ولذلك في جميع الأمور كما ذُكر يجب أن تُعبد الوحدانية في ثالوث
والثالوث في وحدانية. إذاً من شاء أن يخلُص فعليه أن يعتقد هكذا في الثالوث. هذا
هو الإيمان الكاثوليكي الذي لا يقدر الإنسان أن يخلُص بدون أن يؤمن به بأمانة ويقين. آمين.]
الطّوائف المسيحيّة
كثيرة و متنوّعة، لكنّ أغلبيّة مسيحيّي العالم يؤمنون بالمفاهيم الأربعة الأساسية
التالية:
-
الثالوث المقدس.
-
البنوة الإلهية لعيسى (عليه السلام).
-
الخطيئة الأصلية.
-
موت "ابن الله" على الصليب تكفيراً
للخطيئة الأصلية لآدم.
أما الأمور الأخرى فيمكن تجاهلها لقلة أهميتها.
فالمسيحيّ يمكن أن ينجو و يدخل الجنة بكل بساطة عن طريق الإيمان في العقيدة
المذكورة أعلاه. طبقاً للقديس بولس فإن القانون و الأوامر الإلهية التي سبقت هي عديمة
الفائدة و أن هذا الإيمان البسيط سيضمن للخلاص الأبديّ لكلّ
القادمين. فعلى سبيل المثال, يُستشهد بقول القديس بولس:
فنَحنُ نَعتَقِدُ أنَّ الإنسانَ يتبَرَّرُ
بِالإيمانِ، لا بِالعَمَلِ بأحكامِ الشَّريعةِ
الكتاب المقدس – رسالة بولس الرسول إلى أهل
رومية 3: 28
يتمسك غالبية المسيحيين بكلمات القديس بولس
بفائق الاحترام, و هذا يُفهم باعتباره المؤلّف الأساسي لأغلبية كتب العهد الجديد.
لكن بغضّ النّظر عن دور القديس بولس في تعريف و انتشار المسيحيّة, فإنه عند إظهار
الاحترام لتعاليم بولس يجب ألا ننسى حقيقة عدم مساواته لعيسى ولا بأي شكل, و أن تعاليمه
لا يُعتدّ بها إذا ما تعارضت مع تعاليم عيسى. ليس لأحد الحق في معارضة تعاليم عيسى،
ولا حتى بولس أو الحواريين - باعتبار أنهم
جميعاً و رغم كلّ شيء أتباعٌ لعيسى المسيح نفسه.
و من ناحية أخرى، إن كنا بصدد دراسة ما يدعى في
أيامنا بدين "المسيح"ـية فإننا سنجد أن هذا الدين عبارة عن تفاسير
القديس بولس لدين عيسى (عليه السلام) وفق اعتقاداته الشخصية. إن المسيحيّة كما هي
اليوم قد اختُصرت في تفسير كلمات عيسى (عليه السلام) من خلال المنظور (النطاق) الذي
بشّر به بولس لا العكس الذي يفترض أن تكون المسيحية عليه. نتوقّع من المسيحيّة أن
تكون هي تعاليم عيسى (عليه السلام) و أنّ قبول أو رفض كلمات بولس و كل الآخرين
يعتمد على مدى تطابقها مع هذه التعاليم "العيسوية". كما أننا سنلاحظ
فيما بعد أنّ عيسى (عليه السلام) لم يذكر أبداً في حياته خطيئةً أصليةً أو فداءً .
لم يطلب أبداً من أي شخص أن يعبده، و لم يدعي في أيّ وقت أن يكون جزءًا من
الثّالوث المقدّس. كلماته و أفعاله كانت تدل على كونه رسولاً مخلصاً لله اتبع
أوامر ربه بإخلاص دونما أخطاء و أمر تابعيه أن يفعلوا نفس الشيء حصراً و أن يعبدوا
اللّه وحده (يوحنا 4: 21/ يوحنا 4: 23/ متى 4: 10/ لوقا 4: 8/
...إلخ).
مثال واحد فقط من بين الأمثلة الكثيرة يبين كيف
أن كلمات عيسى قد استُبدلت بكلمات بولس ، وذلك من خلال التّحليل التّالي: يقال أن
عيسى (عليه السلام) قد جُهِّز سابقاً للتضحية على الصّليب منذ الأزل و بمحض إرادته
(وإلا وجب علينا القول بأن اللّه معذّب و ساديّ في أنه أرغم عيسى على مثل هذه
النهاية الشنيعة). إلا أنه كلّما سُئِلَ عيسى (عليه السلام) عن الطّريق إلى
"الحياة الأبديّة" فإنه كان يجيب أتباعه باستمرار بقوله
"احفظوا الوصايا" فقط لا غير (متى 19: 16-21/ يوحنا 14: 15/
يوحنا 15: 10). لم يأتِ في أيّ وقت بذكر الخطيئة الأصلية أو الفداء ولا حتى مرة
واحدة. حتّى عندما أصر تابعوه لكي يخبرهم عن الطريق إلى "الكمال" أخبر
تابعيه أن يبيعوا ممتلكاتهم فقط. غادر هذه الأرض تاركاً أتباعه في رهبة التهديد
الذي قال فيه :
الحقَّ أقولُ لكُم: إلى أنْ تَزولَ السَّماءُ
والأرضُ لا يَزولُ حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ مِنَ الشَّريعةِ حتّى يتِمَّ كُلُّ
شيءٍ (إتمام
عيسى لشريعة موسى). فمَنْ خالفَ وَصيَّةً مِنْ أصغَرِ هذِهِ الوصايا وعلَّمَ
النَّاسَ أنْ يَعمَلوا مِثلَهُ، عُدَّ صغيرًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. وأمَّا مَنْ
عَمِلَ بِها وعَلَّمَها، فهوَ يُعَدُّ عظيمًا في مَلكوتِ السَّماواتِ. الكتاب
المقدس – متى 5: 18-19
من الواضح أن السماء و الأرض لم تزولا إلى الآن. إنّك عندما تقرأ
هذا الكتاب فإنك تشهد على هذه الحقيقة البسيطة. إذاً فإن عيسى (عليه السلام)
يخبرنا أنه طالما وجدت الخليقة , فإن الوصايا مطلوبة من أتباعه. و أي شخص - حتى نهاية
العالم - سيجرؤ على قول غير ذلك فإنه سيدعى "الأصغر في ملكوت السماوات".
لقد تنبّأ عيسى (عليه السلام) بمحاولة البشريّة لتحريف و إلغاء أوامره - الوصايا
العشر لموسى (عليه السلام) - التي علّم أتباعه أن يحافظوا عليها و حافظ عليها
بنفسه و بإخلاص إلى أن حدث الصّلب, و كان يحذّر تابعيه بصراحة ليحترسوا من كلّ
هؤلاء الذين سيحاولون تحريفها أو إلغاءها.
بعد وقت ليس ببعيد من رحيل عيسى ، جاء شاؤول
الطرطوسي (القديس بولس). وهو رجلٌ لم يقابل عيسى (عليه السلام) أبداً ، رجلٌ اعترف
باضطهاده لتابعي عيسى (عليه السلام) بكلّ الوسائل المتاحة و أشرف على إعدامهم
(إقرأ ما سيأتي لاحقاً). فجأة تلقى القديس بولس رؤيةً من عيسى (عليه السلام), و
انقلبت حياته رأساً على عقب. أخذ على عاتقه في ذلك الوقت نَشْر كلمة عيسى (عليه
السلام) - من خلال سلطة رؤياه - و شَرْح ما كان عيسى يقصد بالفعل. يدّعي بولس أن
ناموس اللّه المنزل على موسى (عليه السلام) عديم القيمة و مفسد و يكاد أن يتلاشى ,
و أن الإيمان في الصّلب هو الشرط الوحيد للمسيحي حتى يدخل الجنّة ( رسالة بولس إلى
أهل رومية 3: 28/ الرسالة إلى العبرانيين 8: 13/ .. إلخ). إلى من يستمع المسيحيون
، عيسى أم بولس؟ إنهم يأخذون بكلام بولس حرفياً ثم
"يفسرون" كلام عيسى (عليه السلام) في نطاق كلام بولس. لا
أحد يأخذ بكلام عيسى (عليه السلام) حرفياً و يشرح كلام بولس
في نطاق كلام عيسى!!.
طبقًا لهذا النّظام في شرح كلمات عيسى وفقاً لتعاليم
بولس, فإن عيسى لم يكن أبداً يعني ما يقوله في الواقع بل كان باستمرار يتكلّم بألغازٍ
لا يؤخذ بها حرفياً. حتّى عندما يحاول النّاس الاستشهاد بكلمات عيسى لتأكيد تعاليم
بولس فيما يخصّ الخطيئة الأصلية و الفداء ...إلخ فإنهم لا يأتون بالكلمات الواضحة
و الحاسمة أبدًا و التي يؤكّد عيسى من خلالها على هذه المفاهيم. بدلاً من ذلك,
فإنهم يقولون على سبيل المثال: (عندما تكلّم عيسى عن الهجرة الجماعية كان في
الحقيقة يقصد الفداء) و هلمّ جر. هل يجب علينا أن نؤمن أن بولس هو الوحيد الذي كان
بمقدوره أن يتكلم عما يدور في عقله بوضوح و بحزم بينما كان عيسى (عليه السلام) غير
قادر على النّطق بما يعنيه بوضوح و بحزم؟ و أن كلام عيسى بحاجة إلى المفسرين لشرح
المعنى الحقيقيّ لما قاله، و لشرح كيف أنه عندما تكلّم عن الوصايا لم يكن يقصد الوصايا
العشر بل عن وصايا روحية؟ و أنهم الآن سيخبروك بماهية هذه الوصايا الروحية التي
عجر عيسى عن التكلم عنها بوضوح؟!
من المثير الإشارة إلى أن عيسى لم يكن يتكلّم
بالأحاجي عندما أمر تابعيه أن يحفظوا الوصايا، بل كان يتكلّم عن الوصايا العشر
لموسى بعينها. يمكن رؤية ذلك بوضوح عندما نقرأ على سبيل المثال في لوقا (18: 20)
حيث أشار عيسى بصراحة ما يعنيه بقوله "إحفظوا الوصايا".
وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ
التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم
بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ. (على لسان
عيسى)
القرآن الكريم – آل عمران 50
بحثت سابقاً عن إجابة منطقيّة لهذا اللّغز عن
طريق طرح الأسئلة التّالية إلى رجال الدّين المسيحيّين المحترمين :
كلما عرضت هذه الأسئلة على أحد رجال الدين
المسيحيين فإنني أحصل على نفس الإجابات: "حسنٌ. لا تأخذ كلام عيسى حرفياً.
فقد قال لنا القديس بولس في رسالته إلى أهل رومية ..." أو "نعم.
ولكن القديس بولس يقول لنا في رسالته إلى أهل غلاطية..." أو "يقول
لنا القديس بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس..." و يبقى سؤالي : أين قال عيسى
ذلك؟ أين تجد هذا القول باللون الأحمر ؟ هل يستمد القديس بولس سلطته
من عيسى؟ أريد فقط تصريحاً واحداً فقط من عيسى نفسه مؤكداً فيه ادعاءات بولس و
عندها سيكون بالإمكان قبول ادعائه في أنه كان يبشّر بـ "تعاليم عيسى".
إن كان عيسى قد قال ذلك لمرة واحدة عندها سأقبل أن يرددها بولس آلاف المرات. على
كل حال – وكما سنرى قريباً – لم يؤكد عيسى (عليه السلام) ما بشّر به بولس أبداً
ولا حتى مرة واحدة في كل أيام حياته.
بالعودة إلى الموضوع الذي بين أيدينا, سيلاحظ
القارئ في ردّ السيد (جيه) غياباً مذهلاً لنصوص تعتبر جوهرية في استشهاد أي مسيحي
أو مسيحية من العوام دفاعاً عن "الثّالوث المقدّس" و عن قضايا أخرى. قد يظن
القارئ أن السيد (جيه) ليس متمكناً من الإنجيل بالقدر الكافي ليستشهد بهذه النصوص،
ولكن ذلك بعيدٌ عن الواقع. بل إنّ منصبه يتطلب منه أنه يعرف تلك المقاطع. حقيقة
الأمر أنّني كنت في مراسلة مستمرة مع السّيّد (جيه) لعدة أشهر من الآن و التي طلب
مني أن أنشرها له. في هذه المراسلات , كثير من هذه النصوص الجوهريّة تم التعامل
معها بالتفصيل و دُحضت لأسباب مختلفة. لهذا السبب لم يستشهد بها في رسالته هذه.
على كل حال – و لتعميم الفائدة - سنقوم باقتباس هذه النصوص التى اختار السيد (جيه)
ألا يستشهد بها، و سنقوم بدراسة النصوص الأخرى التي قدمها لنا.
(1-2-1) "الإيمان الأعمى" أو
"إثبات كل الأمور" ؟
قبل أن نسترسل في ردنا ، دعونا نحدد القواعد
الأساسية. إن كل نسخ الكتب المقدسة الموجودة في أيامنا تخبرنا أن المسيحيون
يتعلمون عن عيسى (عليه السلام) نفسه:
فأجابَ يَسوعُ: ((الوَصيَّةُ
الأولى هيَ: إسمَعْ يا إِسرائيلُ، الرّبُّ إلهُنا هوَ الرَّبُّ الأحَدُ. فأحِبَّ
الرَّبَّ إلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفسِكَ وكُلِّ فِكرِكَ وكُلِّ قُدرتِكَ)).
الكتاب المقدس – مرقس 12: 29-30
كذلك يقول لهم :
امتَحِنوا كُلَّ شيءٍ وتمسَّكوا بالحسَنِ
الكتاب المقدس – رسالة بولس الرسول الأولى إلى
أهل تسالونيكي 5: 21
اللهَ لَيْسَ إِلَهَ تَشْوِيشٍ
الكتاب المقدس – رسالة بولس الرسول الأولى إلى
أهل كورنثوس 14: 33
و بناءً عليه، و بعكس تعاليم الكثيرين، لم يشأ
عيسى أن يؤمن أتباعه في كل شيء يقال لهم إيماناً أعمىً، بل أراد أن يؤمن أتباعه
"بكامل عقولهم". أرادنا أن نتفكّر حتى نصون
كلامه من الفساد. هلمّوا بنا نمتثل تعاليم رسول الله المصطفى عيسى (عليه السلام) و
نرى إلى أين يقودنا التفكّر و الحقيقة :
(1-2-2) "الثالوث
المقدس" أو 1+1+1=1
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ
إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ
تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ
سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي
الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171)
القرآن الكريم –
النساء
أَمِ اتَّخَذُوا
آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا
اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)
القرآن الكريم –
الأنبياء
ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا
لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ (29)
القرآن الكريم – الزمر
بمعنى: أيهما يساعد على التناغم أكثر: أن يكون
للمرؤوس رئيسين اثنين يتنازعون عليه أو أن يكون لجميع المرؤوسين رئيس واحد فقط ؟
قُل (يا محمد
للكافرين) لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ
إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ
عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن
فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ
تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)
وَقُلِ الْحَمْدُ
لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ
وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)
القرآن الكريم – الإسراء
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ
مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا
خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
(91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)
القرآن الكريم – المؤمنون
إن مفهوم "التثليث" – الذي تبنته
المسيحية بعد ثلاثة قرون من رحيل عيسى (أنظر التفاصيل التاريخية في
نهاية هذا الفصل) و علّمته للمسيحيين منذ ذلك الوقت – إنما هو دمجٌ لثلاث ذواتٍ في
كينونة واحدة مماثلة للأصل بينما تحافظ هذه الكينونة على ثلاث ذوات منفصلة. أي:
ثلاثة أجسام ملتفة و ممزوجة و مدموجة في جسم واحد إلى أن أصبحت ذاتاً واحدةً في
حين تبدي ميزات ثلاث ذوات منفصلة. لقد وُصِف هذا المفهوم على أنه "لغز".
و كما قرأنا قبل قليل ، فقد وُضِع أول تعريف للثالوث في القرن الرابع كما يلي : "نعبد
إلهاً واحداً في تثليث، و ثالوثاً في توحيد... للآب أقنوم على حدة، وللابن أقنوم
آخر، وللروح القدس أقنوم آخر... ولكن ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد... ولكن جميع
الأقانيم الثلاثة سرمديون معاً ومتساوون... إذاً من شاء أن يخلُص فعليه أن يعتقد
هكذا في الثالوث..." مقتبسات من قانون
الإيمان الأثانسي
عندما تتحدث الكنيسة عن العبادة فإنها تزعم أن
الله و عيسى و الروح القدس هم كينونة واحدة. ذلك لأن أعداداً مثل (إشعياء 43:
10-11) تؤكد صراحةً على وحدانية الله تعالى. ولكن عندما يتكلمون عن
"موت الله" فإنهم يزعمون أن عيسى هو الذي مات وليس الله أو
"الثالوث المقدس". فالثلاثة يصبحون منفصلين. عندما يصفون الله
بأنه قد "أنجب" ولداً فإنهم لا يقصدون بذلك أن "الثالوث
المقدس" أو عيسى (عليه السلام) هو الذي أنجب الولد، بل كينونة منفصلة و
متميزة عن الاثنين الباقين... و يوجد أمثلة كثيرة تساق بنفس الأسلوب. فكيف نحل هذه
المعضلة؟ فهل سيكون عندنا الإيمان الأعمى أم نتبع القول " أحِبَّ
الرَّبَّ إلهَكَ... بِكُلِّ فِكرِكَ"؟ فإذا ما اخترنا المنهج الثاني
من العمل وجب علينا أولاً أن نحدد المصدر الذي سنقبله في إدراكنا للطبيعة الإلهية
الحقة لله تعالى.
عندما ينزّل الله وحياً فإنه يكون موجهاً إلى
عامة الناس، النجار منهم و الحداد و التاجر. إن الله لا يوحي بكتابه السماوي بلغةٍ
لا يفقهها إلا المفكرين و أكثر العلماء علماً و حملة درجة الدكتوراة في علم
الصواريخ. و لست أعني بقولي أنه يجب عدم استشارة أصحاب العلم في النصوص المقدسة في
حال واجهتنا مصاعب ذات أهمية ثانوية، ولكن، إن كان من الصعوبة بمكان أن يدرك الرجل
العادي من كتابه السماوي ماهية الله أو "من يعبد؟" بدون تأثير خارجي
شامل من قبل القسيسين الضليعين – عندها سأكون متأكداً أنك توافقني الرأي في أن
القليلين فقط هم الذين سيهتدون إلى الحقيقة في هذا الكتاب السماوي و إلى الرسالة
الأساسية المتضمنة فيه.
إن الإجابة على التساؤل "من أعبد؟"
هي بلا شك أهم معلومة – بل حاسمة – يجب أن يتزود بها من يقرأ كتاباً إلهياً قبل أن
يقبل أي كلمة من هذا الكتاب. هذه المسألة يجب أن تكون جدُّ واضحة قبل قبول أي أمرٍ
فيه. فإن رغبتُ بالعمل في شركة لا أعلم من هو (هم) رئيسي (رؤسائي) فكيف يتسنى لي
أن أعرف ماذا يريد (يريدون) مني أن أفعل؟ كيف لي أن أعرف من أتبع أوامره ممن
أتجاهل أوامره؟
و لنفس السّبب, فمن
المتوقع أننا لو قدّمنا لمواطن من غابات زيمبابوي نسخة كتاب مقدّس إلهيّ بلغته
الأم, ثم تركناه دون أن نتفوّه بكلمةٍ واحدةٍ, فإننا نتوقع على الأقلّ أن يكون هذا
الشّخص قادرًا على أن يستخرج من هذا الكتاب المقدّس طبيعة الذي أوحى به.
لذا دعونا نبدأ برسم
جدول نضع فيه بعض الأوامر من الكتاب المقدس والتي تخبرنا بوضوح أن
الله واحد، بالإضافة إلى جميع النصوص التي تأمرنا بوضوح أن الله
ثلاثة. فإن كان الكتاب المقدس يأمرني بالإيمان بأن الله ثلاثة في واحد عندها لن
أطلب تقسيراً أو تبريراً لذلك. فلن أحتاج إلى
أن يشرح لي الله "كيف" يكون "واحداً" و كيف يكون
"ثلاثة" في نفس الوقت. كل ما أريده هو أن يأمرني الكتاب المقدس بأن
الأمر كذلك و أن يأمرني أن أتحلّى بالإيمان الأعمى. إليكم جدولنا:
التصريح الواضح |
- |
- |
الله
واحد |
- |
الله
ثلاثة |
الآن و قد انتهينا من
إنشاء الجدول أصبحنا جاهزين كي نتابع. دعونا نبدأ بالسطر الأول.
نقرأ في الكتاب المقدس
:
1-
فاَعلموا الآنَ
ورَدِّدوا في قلوبِكُم أنَّ الرّبَّ هوَ الإلهُ في السَّماءِ مِنْ فَوقُ وفي
الأرضِ منْ أسفلُ، ولا إلهَ سِواهُ.
سفر
التثنية 4: 39
2-
لا يَكُنْ لكَ آلهةٌ
سِوايَ.
سفر
الخروج 20: 3
3-
لا تسجدوا لإلهٍ آخرَ
لأنِّي أنا الرّبُّ إلهٌ غيورٌ.
سفر
الخروج 34: 14
4- أنتُم
شُهودي يقولُ الرّبُّ، ذُريَّةُ عبدي الذي اَختَرْتُهُ لأنَّكُم عَلِمتُم وآمَنتُم
بي وفَهِمتُهم أنِّي أنا هوَ. ما كانَ مِنْ قَبلي إلهٌ ولن يكونَ مِنْ بَعدي! فأنا
أنا الرّبُّ، ولا مُخلِّصَ غَيري.
إشعياء
43: 10-11
5-
وقالَ الرّبُّ ملِكُ
إِسرائيلَ، فاديهِ ورَبُّهُ القديرُ ((أنا الأوَّلُ وأنا الآخرُ، ولا إلهَ في
الكَونِ غَيري)).
إشعياء
44: 6
6-
ليَعلَمَ البشَرُ مِنْ
مَشرِقِ الشَّمسِ إلى مَغرِبِها أن لا إلهَ غَيري. أنا الرّبُّ ولا آخرُ.
إشعياء
45: 6
7- وهذا
ما قالَ الرّبُّ، وهوَ اللهُ خالِقُ السَّماواتِ وجابِلُ الأرضِ وصانِعُها الذي
ثَبَّتَها وأوجدَها لا للفراغِ، بل للعُمرانِ: ((أنا الرّبُّ ولا آخرُ)).
إشعياء
45: 18
8-
((تعالَوا إليَ تَخلُصوا يا جميعَ شُعوبِ الأرضِ! فأنا أنا اللهُ
ولا آخرُ)).
إشعياء
45: 22
تلك
كانت أمثلة مختصرة و لكنها كافية. لذا دعونا نضعها في الجدول :
التصريح الواضح |
- |
سفر التثنية 4: 39 سفر الخروج 20: 3 سفر الخروج 34: 14 إشعياء 43: 10-11 إشعياء 44: 6 إشعياء 45: 6 إشعياء 45: 18 إشعياء 45: 22 |
الله
واحد |
- |
الله
ثلاثة |
و الآن دعونا ننتقل إلى السطر الثاني، و لنبدأ
بالنصوص التي استشهد بها السيد (جيه).
قدم لنا السيد (جيه) الأدلة التالية على أن
الله تعالى ثلاثة في واحد: متى 28: 19 ، كورنثوس الأولى 12: 4-6 ، كورنثوس الثانية
13: 14 ، يهوذا 1: 20-21. دعونا نقوم بدراسة هذه الأدلة، ولكن لنبدأ أولاً بتحديد
هدفنا. عندما طلبت نصاً يقول فيه الله بوضوح أنه "ثلاثة في واحد" فإن
الذي أردته كان نصاً يقول مثلاً: "إن الله و عيسى و
الروح القدس هم جميعهم آلهة، ولكنهم ليسوا ثلاثة آلهة بل إلهاً واحداً" أو
"إن
الله و عيسى و الروح القدس هم نفس الكينونة" أو "إن الله و
عيسى و الروح القدس هم واحد و سيان". إلخ.
إن مجرد ظهور المفردات "الله" و
"عيسى" و "الروح القدس" معاً في نص واحد فإن ذلك لا يعني
بالضرورة أن النص يتطلب وجود "الثالوث المقدس" أو "دمج الثلاثة في واحد". حتى و لو
تضمن النص كلمة "واحد" فإن ذلك أيضاً لا يتطلب بالضرورة وجود
"الثالوث المقدس". فلو أنني قلت: "خالد و سمير و محمد
يتكلمون لغةً واحدةً" فهذا لا يعني أن: "خالد و
سمير و محمد هم شخص واحد". كما سنرى، فإن الشواهد التي طرحها
السيد (جيه) هي الأفضل من حيث وضوح مدلولها – لذا دعونا نبدأ بتعديل جدولنا بإضافة
هذه النصوص:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر التثنية 4: 39 سفر الخروج 20: 3 سفر الخروج 34: 14 إشعياء 43: 10-11 إشعياء 44: 6 إشعياء 45: 6 إشعياء 45: 18 إشعياء 45: 22 |
الله
واحد |
متى 28:
19 كورنثوس
الأولى 12: 4-6 كورنثوس
الثانية 13: 14 يهوذا 1:
20-21 |
لا شيء
حتى الآن |
الله
ثلاثة |
لنبدأ الآن بدراسة أمثلة (شواهد) السيد (جيه) :
(1-2-2-1) متى 28: 19 (باسم...)
فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ
وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
لو أن الرئيس السابق جورج بوش قال للجنرال
نورمان سكوارتزكوبف: (إذهبوا و تحدثوا مع العراقيين و عاقبوهم باسم
الولايات المتحدة و بريطانيا العظمى و الاتحاد السوفيتي)، فهل هذا
يتطلب أن تكون البلدان الثلاثة بلداً واحداً تماماً؟ قد يكونون واحداً بالغايات
و الأهداف، ولكن ذلك لا يتطلب ولا بأي شكل من الأشكال أن يكونوا وجوداً واحداً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن "المهمة العظيمة"
كما رويت في إنجيل مرقس لا تحتمل أي ذكر للآب أو الابن أو الروح القدس (وقالَ
لهُم: اَذهَبوا إلى العالَمِ كُلِّهِ، وأعلِنوا البِشارةَ إلى النـّاسِ أجمعينَ. مرقس 16:
15).
كما سنرى في الفصل الثاني، فإن المؤرخين المسيحيين يعترفون عن طيب خاطر بأن الكتاب
المقدس كان محط "تصحيح" و "إضافة" مستمرين ليكون متوافقاً مع
المعتقدات السائدة. كما قدموا لنا حالات موثقة عن كلمات "أدخلت" على النص
لإثبات معتقدٍ ما.
يقول توم هاربر Tom Harpur المحرر السابق في قسم الأديان لمجلة تورونتو ستار Toronto
Star :
"يتفق جميع أو أغلب
العلماء المحافظين على أن الجزء الأخير من هذه الوصية على الأقل قد تم إضافته
لاحقاً. هذه الصيغة غير موجودة في أي مكان آخر في العهد الجديد، و نحن نعلم من
خلال الدليل الوحيد المتوفر لدينا (بقية العهد الجديد) أن الكنيسة الأولى لم تقم
بتعميد الناس باستخدام هذه الألفاظ – بل إن التعميد كان باسم يسوع وحده. وبالتالي
فإن النص الأصلي يقول: "عمدوهم باسمي" ومن ثم جاءت الإضافة لتصبح جزءً
من العقيدة. في الحقيقة فإن أول من أشار إلى هذا الأمر هم الناقدون الألمان
بالإضافة إلى طائفة "الموحدين" في القرن التاسع عشر، و هذا الرأي كان
شائع القبول عموماً في الأوساط العلمية حتى عام 1919. في أول إصدار لتفسير بيك (Peake) يقول: (إن كنيسة الأيام الأولى لم تبدِ اهتماماً بهذه
الوصية المنتشرة في العالم اليوم و إن كانت على علم بها. إن وصية التعميد باسم
ثلاثة إنما هي توسيع في العقيدة)."
من أجل المسيح For
Christ's Sake– توم هاربر Tom
Harpur – ص 103
تم التأكيد على ذلك في
(تفسير بيك Peake للكتاب المقدس) الذي طبع سنة 1919، و الذي نال إعجاباً عالمياً و اعتُبر
المرجع الأساسي لدارسي الكتاب المقدس. حيث يقول بيك: "يتم شرح هذه المهمة من
خلال لغة الكنيسة و أكثر المعلقين يشككون في أن صيغة الثالوث موجودة في الأصل في
إنجيل متى، حيث أن بقية العهد الجديد لا يحتوي على هكذا صيغة بل يصف التعميد كما
تم تأديتـه باسم يسوع السيد (أعمال الرسل [2: 38] ، [8: 16]، إلخ)"
يؤكد على هذه الحقيقة
العديد من المراجع الأخرى مثل قاموس الكتاب المقدس للمؤلف جيمس هاستينغز (James
Hastings) (ص 1015) إلا أن
الاقتباسات أعلاه كافية الآن.
إن إدراك ذلك لم يكن
من السهولة بمكان أو نتيجة نزوات لا أساس لها من الصحة. بل الحقيقة أن أدلة داخلية و خارجية دفعت هؤلاء
العلماء المسيحيين ليدركوا ذلك. فعلى سبيل المثال لاحظ هؤلاء العلماء المسيحيون
أنه بعدما أصدر عيسى هذه الوصية على حد زعمهم و من ثم رفع إلى السماء، أظهر
الحواريون جهلاً تاماً بهذه الوصية :
فقالَ
لهُم بُطرُسُ: ((تُوبوا وليَتعَمَّدْ كُلُّ واحدٍ
مِنكُم باَسمِ يَسوعَ المَسيحِ)).
أعمال الرسل 2: 38
لاحظ هؤلاء العلماء
المسيحيون أنه إن كان عيسى قد أوصى حوارييه حقاً أن يقوموا بالتحديد وفق قوله
"عمدوهم باسم الآب و الابن و الروح القدس" فمن المستبعد أن يكون
الحواريون قد عصوا أمره المباشر و قاموا بالتعميد باسم عيسى المسيح وحده .
وكدليل أخير، فإنه من
الملاحظ أنه بعد رحيل عيسى و عندما قرر بولس تبشير الأممين نتج عن ذلك حوار ساخن و
اختلاف كبير للآراء بينه و بين ثلاثة حواريين على الأقل. ما كان ذلك ليحدث لو أن
عيسى أوصاهم على الملأ – كما زُعِم – بتعميد الأميين (للمزيد من التفاصيل أنظر
القسم 6-13).
نلاحظ أن هذا العدد
(النص) لم يقل أبداً بأن الثلاثة هم واحد أو حتى أن الثلاثة متساوون، بل و أكثر من
ذلك. فقد لاحظ أغلب علماء المسيحية أن الجزء الأخير على الأقل
"الآب و الابن و الروح القدس" لم يكن أصلاً في وصية عيسى بل تم إضافته
من قبل الكنيسة بعد مضي وقت طويل من رحيل عيسى.
في الصفحة /302/ من
كتابه "الفحص النقدي لحياة عيسى" الأكثر قوة و تمحيصاً و المكون من /800/
صفحة يقول المؤلف ديفيد فريدريتش ستروسDavid Friedrich Strauss :
"و بعد بعثه، وفق
الأناجيل الثلاثة، أعطى (عيسى) رجال الدين الأمر ((اذهبوا و تلمذوا كل الأمم و
عمدوهم...)) (متى 28: 19، مرقس 16: 15، لوقا 24: 15). بمعنى: اذهبوا إليهم و
اعرضوا عليهم ملكوت المسيح، حتى ولو لم يكونوا يهوداً من قبل. لم يكتفِ رجال الدين
بعد عيد الخمسين بإهمال تنفيذ هذه الوصية بل وعندما أصبح الأمر قسراً عليهم – مما
أعطاهم الفرصة للامتثال بالوصية - تصرفوا و كأنهم جميعاً يجهلون توجيهاً كهذا من
قبل عيسى (أعمال الرسل 10،11)"
في الحقيقة، لم يكن
السبب الذي منع رجال الدين من تنفيذ هذه الوصية أنهم كانوا غير مخلصين لأوامر عيسى
(عليه السلام) ، بل السبب أن عيسى (عليه السلام) لم يتفوه بهذه الكلمات أصلاً. فقد
أضيفت هذه الكلمات لاحقاً من قبل الكنيسة. و سنرى المزيد من الأدلة على ذلك من
خلال صفحات هذا الكتاب.
وَإِذْ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم
مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ...(6)
القرآن الكريم - الصف
(1-2-2-2) كورنثوس الأولى 12:
4-6
(تنوع
المواهب)
فالمَواهِبُ
الرُّوحِيَّةُ على أنواعِ، ولكِنَّ الرُّوحَ الّذي يَمنَحُها واحدٌ. والخِدمَةُ
على أنواعِ، ولكِنَّ الرَّبَّ واحدٌ. والأعمالُ على أنواعِ، ولكِنَّ
اللهَ الّذي يَعمَلُ كُلَّ شيءٍ في الجميعِ واحدٌ.
فبل أن ننتقل إلى تعليقاتي الخاصة، دعونا أولاً
نقرأ ما ورد في قاموس الكتاب المقدس إردمانز Erdmans
Bible Dictionary :
"إن التّركيبة الثّلاثيّة في العهد الجديد غالباً ما
يُنظر إليها على أنها إشارة إلى عقيدة مطورة للثّالوث المقدّس, لكن ذلك يتطلب
الكثير من الاستنباط. إن كلاً من [كورنثوس الأولى 12: 4-6] و [كورنثوس الثانية 13: 14] يدل
ضمنياً على تمايز و اختلاف الثلاثة باعتبار أنهم أتوا بصيغة (السيد – أي المسيح،
الروح، الله) بفصل (السيد) و (الروح) عن (الله)."
قاموس إردمانز للكتاب المقدس، تحرير آلن ميرز –
ص 1020
The
Eerdmans Bible Dictionary, Editied by Allen C. Myers, p. 1020
فلو أنني قلت: "إن الهدايا
على أنواع، و لكن بابا نويل الذي يمنحها واحد. و الإدارة على أنواع، ولكن الحكومة
واحدة. و الأعمال على أنواع، ولكن الله الذي يعمل كل شيء في الجميع واحد" فهل
سيشكل الله و حكومة الولايات المتحدة و بابا نويل ثالوثاً آخر؟ هل يقرأ المقطع هكذا؟ هل يستحيل
تلقي المواهب و الإدارات والأعمال إلا من شخص واحد؟ هناك اختلاف كبير بين هذا
المقطع و بين القول "إن الله و عيسى و الروح القدس هم واحد متماثل". و
في أحسن الأحوال, فإن الذي يقرؤون [كورنثوس الأولى 12: 4-6] لن يزعموا أن النص
يصرّح بوضوح أن الثّلاثة هم واحد, سيضطرون إلى أن يعترفوا أن النص يدلّ
ضمناً فقط على مثل هذه العلاقة. لذا يجب علينا أن
نتساءل: لماذا يلجأ الله القدير إلى الدلالة الضمنية على طبيعته الثالوثية إذا كان
هذا قصده؟ ما الذي يمنعه من أن يصرح ببساطة عن مقصده بوضوح إذا كان ذلك هو ما
يقصده فعلاً؟ لماذا يجب أن يكون كل شيءٍ مختزلاً؟ إذا كانت هذه هي طبيعة الله
فلماذا عجز الكتاب المقدس أن يقول ببساطة "إن الله و عيسى و
الروح القدس هم مزيج لكينونة واحدة" أو القول "إن الله و
عيسى و الروح القدس هم واحد متساوٍ" ؟ هل هذا من الصعوبة بمكان؟ أنظر
كيف أن ذلك يتطلب مساحة أصغر! أنظر كم سيكون ذلك حتمياً و واضحاً و حاسماً! أنظر
كم هو واضح و حاسم هذا النص في سفر التثنية 4: 39 :
فاَعلموا
الآنَ ورَدِّدوا في قلوبِكُم أنَّ الرّبَّ هوَ الإلهُ في السَّماءِ مِنْ فَوقُ وفي
الأرضِ منْ أسفلُ، ولا إلهَ سِواهُ.
و كذلك في
إشعياء 43: 10-11 :
أنتُم
شُهودي يقولُ الرّبُّ، ذُريَّةُ عبدي الذي اَختَرْتُهُ لأنَّكُم عَلِمتُم وآمَنتُم
بي وفَهِمتُهم أنِّي أنا هوَ. ما كانَ مِنْ قَبلي إلهٌ ولن يكونَ مِنْ بَعدي! فأنا
أنا الرّبُّ، ولا مُخلِّصَ غَيري.
إن الله لا
يتكلم بإسلوب الفلاسفة و يلف و يدور حول الموضوع و لا يراوغ. إنه يتكلم بوضوح
بعيداً عن الغموض حتى لا يكون هنالك أدنى شك في فهم ما أراد قوله. إذا كان الله
ثالوثاً في الحقيقة فلماذا لا يقول ذلك ببساطة و بكل وضح و حسم تماماً كما فعل
عندما تحدث عن تفرده؟
(1-2-2-3) كورنثوس الأولى 13:
14
(النعمة
و المحبة و الشركة)
ولِتكُنْ نِعمَةُ
رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ ومَحبَّةُ اللهِ وشَرِكَةُ الرُّوحِ القُدُسِ مَعكُم
جميعًا. آمين.
لو أنني قلت "لتكن
عبقرية آينشتاين و فلسفة ديكارت و قوة شوارزينجر معكم جميعاً" فهل
يتطلب ذلك أن الثلاثة يندمجون في "ثالوث"؟ هل يتطلب ذلك أن يكون
آينشتاين هو ديكارت (أو "وجهاً" آخر من ديكارت)؟ هل يتطلب
ذلك أن يكون ديكارت هو شوارزينجر (أو "وجهاً آخر من شارزينجر)؟
"إن التّركيبة الثّلاثيّة في
العهد الجديد غالباً ما يُنظر إليها على أنها إشارة إلى عقيدة مطورة للثّالوث
المقدّس, لكن ذلك يتطلب الكثير من الاستنباط. إن كلاً من [كورنثوس الأولى 12: 4-6]
و [كورنثوس
الثانية 13: 14] يدل ضمنياً على تمايز و اختلاف الثلاثة باعتبار أنهم أتوا بصيغة
(السيد – أي المسيح، الروح، الله) بفصل (السيد) و (الروح) عن (الله)."
قاموس إردمانز للكتاب المقدس، تحرير آلن ميرز –
ص 1020
The
Eerdmans Bible Dictionary, Editied by Allen C. Myers, p. 1020
لكن، حتّى في ذلك, نجد أن هذا المقطع حاله كحال الكثير من
مقاطع الكتاب المقدس المماثلة و التي يُزعم أنها تحتوي على إشارة ضمنية للثالوث
المقدس، ففي الحقيقة أن العلماء المسيحيّين قالوا أنها مجرد أمثلة إضافيّة لجهود
الكنيسة لإدخال مقاطع مختلقة في الكتاب المقدس لجعل عقيدة الثّالوث المقدّس واضحةً
من خلاله. فعلى سبيل المثال نقرأ في كتاب (ملحق أكسفورد للكتاب المقدس):
"إن أُولى أدلة العهد الجديد على صيغة التثليث هي ما ورد
في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس 13: 14 و التي يدعو فيها بولس لأهل كورنثوس
لتكون معهم ((نعمة ربنا يسوع المسيح و محبة
الله و شركة الروح القدس)). من الممكن أن تكون هذه الصيغة الثلاثية مستمدة من طقوس دينية
لاحقة و أضيفت إلى نص كورنثوس الثانية عند نسخها.."
ملحق أكسفورد للكتاب المقدس، بروس متجر و مايكل كوجان، ص 782
The
سنرى أمثلة أكثر على
"إضافات" الكنيسة على النصوص الأصلية في الكتاب المقدس و ذلك في أمكنة
أخرى كثيرة في هذا الكتاب (إقرأ على سبيل المثال القسم 1-2-2-5).
(1-2-2-4) رسالة يهوذا 1: 20-21 (البناء و
الصلاة)
وَأَمَّا أَنْتُمْ
أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ،
مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ
اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ
الأَبَدِيَّةِ.
بدأت الصورة الآن تكتمل في أذهاننا. هل يتطلب
هذا النص وجود "الثالوث"؟ هل ينص أن ((الله و
عيسى و الروح القدس هم إله واحد))؟ إذا قال
أحدهم لبنيه الذاهبين إلى الحرب "أما أنتم يا أيها
الأحباء فابنوا أنفسهم على تدريباتكم، مطيعين أوامر رؤسائكم، و احفظوا أنفسكم في
محبة وطنكم، منتظرين رحمة الله لعودتكم للوطن سالمين" هل يمكننا و
بكل أمانة أن نقول أن هذا البيان يتطلب ((دمج الثلاثة في واحد))؟ إن النص
في سفر التثنية 4: 39 يتطلب تفرد الله و هذا بيان صريح
ولا يوجد له تأويل آخر. إنه بيان واضح و حاسم و في صلب الموضوع و المعنى الصريح
(وليس الضمني) واضح و مباشر. هل من المستحيل أن نجد في الكتاب المقدس نصاً واحداً
بنفس الحسم فيما يخص الثالوث المزعوم؟ كلّ هذه النصوص تتطلب ثني المفردات
و مدّ معانيها للوصول إلى اندماج الثّلاثة في واحد.
فيما يخص وصف السيد (جيه) للثالوث، فأرجو قراءة التحليل القادم
بعد صفحات للخطيئة الأصلية و الفداء .
من المثير للاهتمام أن يتحدث الناس عن عقيدة الثالوث وهم في
أحسن حالاتهم لا يجرؤون على القول أن يهودياً واحداً كان على علم بهذه الصيغة قبل
مجيء عيسى (عليه السلام) أو كان يعبد الله في "ثالوث". ومن جهة ثانية
فإن الله تعالى قد أرسل الأنبياء إلى اليهود لعدة قرون قبل مجيء عيسى، و يُزعم أن
عيسى كان موجوداً قبل الخليقة. فلماذا لم يخبر أيٌّ من هؤلاء الأنبياء السابقين
شعبه أن الله ثلاثة؟ لقد ضلّوا الطريق ليوضّحوا لهم أن الله واحد
كما رأينا في الأمثلة السابقة!. ومن ناحية أخرى لا يوجد يهوديٌّ واحدٌ يعبد
الثالوث المقدس أو يؤمن أن الروح القدس المذكور في العهد القديم هو الله أو يعبد
"ابناً لله". حتى ولو كان اليهود لا يؤمنون أن عيسى كان "ابناً
لله"، ألا يحق لنا القول بأنهم يجب عليهم أن يؤمنوا على الأقل أنه "يوجد
ابنٌ لله" حتى ولو كان شخصاً آخر دون عيسى؟ ألا يحق لنا أن نتوقع من الأنبياء
السابقين أن يكونوا قد أخبروا قومهم أن الله ثلاثة؟ لماذا انتظر الله لكي يفضّل
علينا وحدنا بهذه المعلومة و اختار للآلاف المؤلفة من الأجيال قبل عيسى الحرمان من
هذه الحقيقة المزعومة؟ هل كان أنبياء العهد القديم الكثر يجهلون أمر "الثالوث
المقدس"؟ هل رأى الله أنه من غير المناسب إخبار اليهود عن الثالوث؟ ألم يكن
الله بعدُ "ثالوثاً" عندما أرسل إبراهيم (عليه السلام) إلى شعبه؟ ألم
يكن الله بعدُ "ثالوثاً" عندما تكلم مع موسى (عليه السلام)؟ هل أصبح
ثالوثاً فيما بعد؟ كيف نفسر حينها قانون الإيمان النيقوي و التعريف الرسمي
لـ"الثالوث" من قبل الكنيسة الذي يقرّ اللاهوت المتساوي و المجد
المتساوي لله و عيسى؟ دعونا نكمل تحليلنا، و لنبدأ ذلك من خلال تحديث بيانات
جدولنا:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر التثنية 4: 39 سفر الخروج 20: 3 سفر الخروج 34: 14 إشعياء 43: 10-11 إشعياء 44: 6 إشعياء 45: 6 إشعياء 45: 18 إشعياء 45: 22 |
الله
واحد |
|
لا شيء
حتى الآن |
الله
ثلاثة |
عندما يتحدث أحدهم لآخسر عن أمر ما، فإنه يمضي
غالبية وقته في شرح الأساسيات، و القليل من الوقت يمضيه على الأمور الجانبية.
فمثلاً، إن أردت أعطي أحدهم وصفة الدجاج بالجبن فإنني سأمضي أغلب وقتي في التحدث
عن المكونات و كميتها و ترتيبها في عملية المزج و الوقت اللازم لطهي كل واحدة منها
و هكذا. و بالمقارنة، فإنني سأمضي وقتاً أقل في الحديث عن كيفية تجهيز الطاولة و
لون الوعاء الذي ستقدم فيه. عندما نقارن هذا المفهوم بالكتاب المقدس، فإننا نجد أن
"الثالوث" لم يُذكر أبداً في الكتاب المقدس رغم عمقه و أهميته الكبيرة.
هل يبدو ذلك غير معقول؟ تابع القراءة إذاً.
لنبدأ أولاً بتحديث جدولنا بإضافة كافة النصوص
التي يستشهد بها في أيامنا دفاعاً عن عقيدة "الثالوث". سنوضح سبب هذا
التعديل في دراستنا التحليلية.
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر التثنية 4: 39 سفر الخروج 20: 3 سفر الخروج 34: 14 إشعياء 43: 10-11 إشعياء 44: 6 إشعياء 45: 6 إشعياء 45: 18 إشعياء 45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28 يوحنا
14: 6 يوحنا
14: 8-9 |
يوحنا 1:
1 يوحنا
10: 30 يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
يوحنا
الأولى 5: 7 |
الله
ثلاثة |
- |
سفر التكوين
1: 26 |
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-5) رسالة يوحنا الأولى 5:
7
(هؤلاء
الثلاثة هم واحد)
إن الفقرة [يوحنا الأولى 5: 7] هي النص الوحيد
في الكتاب المقدس الذي يربط الله و عيسى و الروح القدس في وضع ثلاثي.
فَإِنَّ
الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ،
وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ.
[أود
الإشارة إلى أن هذا العدد موجود فقط في ترجمة فاندياك و تم حذفه من الترجمة
الكاثوليكية و الترجمة العربية المشتركة!!]
هذا هو النوع من النصوص
التي طلبتها و التي يمكن تسميتها نصوصاً حاسمة و واضحة و في صلب الموضوع. ولكن هذا
العدد – كما سنجد لاحقاً – معروف في العالم كله على أنه ((إضافة)) لاحقة من قبل
الكنيسة بالإضافة إلى كون كل الترجمات الحديثة للكتاب المقدس - مثل النسخة
القياسية المنقحة، و النسحة القياسية المنقحة الحديثة، و النسخة القياسية
الأمريكية الحديثة، و النسخة الانكليزية الحديثة، و نسخة فيليب الانكليزية
المعاصرة، ...إلخ – قد حذفت هذا النص (العدد) من صفحاتها بصفة غير رسمية. لماذا؟
قدّم مترجم النصوص المقدسة السيد بنجامين ويلسن Benjamin Wilson التبرير لهذا العمل في
كتابه (القول اليقين) Emphatic Diaglott،
فقال:
"هذا النص المتعلق بالشهادة في السماء غير
موجود في أيٍّ من المخطوطات اليدوية اليونانية المكتوبة قبل القرن الخامس بعد
الميلاد. لم يرد ذكرها عند أيٍّ من الكتبة الكنسيين ولا عند آباء الكنيسة
اللاتينيين الأوائل حتى ولو كان الموضوع الذي بين أيديهم سيقودهم بشكل طبيعي
للاستعانة بمرجعية هذا العدد. لذا فمن الواضح أن هذا النص مزيف."
آخرون أمثال الدكتور هربرت أرمسترونج Dr. Herbert W. Armstrong قد أثاروا الجدل في
كون هذا العدد أضيف إلى نسخة فولغيت اللاتينية أثناء الجدال المحتد بين روما و
أريس و شعب الله. مهما كان السبب، فإن هذا العدد معروف على أنه إضافة و تم تجاهله.
و بما أن الكتاب المقدس لا يحتوي على نصوص تثبت شرعية "الثالوث، لذا و بعد
مضي قرون من رحيل عيسى اختار الله أن يوحي لأحدهم بأن يضيف هذا العدد حتى يوضح
الطبيعة الحقيقة لله في كونه "ثالوثاً"... لاحظ كيف أن البشرية أوحي لها
لتوضيح الكتاب المقدس بعد قرون من رحيل عيسى (عليه السلام). لقد استمر البشر في
وضع كلمات على لسان عيسى و أتباعه من رجال الدين و حتى الله نفسه دون تحفظ من أي
نوع، باعتبار أنهم موحى إليهم! (أنظر الفصل الثاني).
إن أتساءل... إن كان هؤلاء الناس قد أوحي إليهم
من عند الله، فلماذا اضطروا لكي يضعوا هذه الكلمات على لسان الآخرين
(في مثالنا على لسان يوحنا)؟ لماذا لا يقولوا على الملأ ((لقد أوحى الله إلي و
سأقوم بإضافة فصلٍ بإسمي على الكتاب المقدس))؟ و لماذا وجب على الله
الانتظار إلى ما بعد رحيل عيسى لكي "يوحي حقيقة" طبيعته؟ لماذا لم يدع
عيسى (عليه السلام) يقولها بنفسه؟
"إن النص المتعلق بالشهود الثلاثة في
السماء (يوحنا الأولى 5: 7 نسخة الملك جيمس) ليس جزءً حقيقياً من العهد
الجديد"
معجم مفسري الكتاب المقدس – الإصدار الرابع ص
711 – مطابع أبينغدون
The Interpreter’s Dictionary of
the Bible, Vol. 4, p.711, Abingdon Press
"إن العدد [رسالة
يوحنا الأولى 5: 7] يقول: ((فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ
ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ
هُمْ وَاحِدٌ)) إلا أنه إضافة على الأصل حيث لا أثر له قبل أواخر القرن الرابع بعد
الميلاد"
معجم مفسري الكتاب المقدس – الإصدار الرابع ص 871
– مطابع أبينغدون
The Interpreter’s Dictionary of
the Bible, Vol. 4, p.871, Abingdon Press
" إن العدد [رسالة
يوحنا الأولى 5: 7] في النص اليوناني الأول للعهد الجديدTextus Receptus
و الموجودة في نسخة الملك جيمس (إقرأ القسم 2-1-1-2) يوضح كيف أن
يوحنا قد توصل إلى عقيدة الثالوث في هيئتها الواضحة ((الآب و الكلمة و الروح
القدس))، إلا أن هذا النص وبكل وضوح هو إضافة على الأصل باعتبار أنه غير موجود في
المخطوطات اليدوية اليونانية الأصلية."
قاموس إردمانز للكتاب المقدس، تحرير آلن ميرز –
ص 1020
The
Eerdmans Bible Dictionary, Editied by Allen C. Myers, p. 1020
يوضح السيد إدوراد
جيبون Edward Gibbon – وهو من
أعظم أعلام الأدب الغربي –سبب طرح هذا العدد جانباً من الكتاب المقدس فيقول :
"إن جميع
المخطوطات اليدوية الموجودة حالياً و التي يتجاوز عددها الثمانين، منها ما يعود
لقرابة /1200/ سنة، ومنها نسخ الفاتيكان الأرثوذكسية و نسخ الكتبة و المترجمين و
نسخ روبرت ستيفنز Robert Stephens – جميعها اهترأت و اختفت معالمها. كذلك الحال بالنسبة للمخطوطتين
اليدويتين لدوبلين Dublin
و بيرلين Berlin فلم تكونا
أوفر حظاً من غيرها... ففي القرنين الحادي عشر و الثاني عشر تم تصحيح الأناجيل من
قبل لان فرانك LanFrank – رئيس أساقفة كانتربري Canterbury – ومن قبل
نيكولاس Nicholas الكاردينال
و أمين مكتبة كنيسة روما (أبرشية روما الأرثوذكسية secundum Ortodoxam fidem). وعلى الرغم
من هذه التصحيحات فإنه قلما تتطابق نسختان، و الموضوع بحاجة إلى أكثر من خمس و
عشرين مخطوطة يدوية لاتينية هي الأقدم و الأدق من بين المخطوطات... لقد وجد الشهود
الثلاثة (الآب والكلمة و الروح القدس) طريقهم إلى الوجود في العهد اليوناني بفضل دهاء
إيراسمس Erasmus
،و
نتيجة تعصب الكتبة و المترجمين الأمناء، و نتيجة الخداع أو أخطاء الطباعة من قبل
روبرت ستيفنز Robert Stephens أثناء وضع علامات التشكيل و الفهم الخاطئ، أو
إساءة فهم النصوص التي سطرها تيودور بيزا Theodore
Beza."
انحدار و سقوط
الامبراطورية الرومانية – جيبون – ص 418، المجلد الرابع
Decline and
fall of the
قام بالدفاع عن نتائج
بحث إدوارد جيبون Edward Gibbon العالم
البريطاني المتألق ريتشارد بورسون Richard
Porson
الذي
تابع نشر الدليل القاطع بأن العدد [رسالة يوحنا الأولى 5: 7] قد تم إضافته في
الكتاب المقدس أول مرة سنة 400 بعد الميلاد.
للمزيد من المعلومات: أسرار جبل سيناء - جيمس بينتلي / ص 30-33
Secrets of
يقول السيد جيبون فيما
يتعلق بالدليل القاطع الذي قدمه ريتشارد بورسون :
"لقد بنى دليله
على الحوار و أثراه بالمعرفة و الذكاء ولم يترك للمعارضين أي ثغرة للتحدث فيها. إن
الدليل على الشهود الثلاثة في السماء سيرفض بعد الآن في أي قاعة محكمة – إلا أن
التحييز أعمى و السلطة صماء و ستظل كتبنا المقدسة بلغتها السوقية ملوثةً بهذا النص
الزائف"
أجابه السيد بينتلي:
"إن ذلك غير صحيح
في الواقع. لا يوجد نسخة حديثة للكتاب المقدس تحتوي على هذه الإضافة"
لقد أخطأ السيد بينتلي
في ذلك. فعندما تنبّأ السيد جيبون بالحقيقة البسيطة أنه حتى لو كان أكثر علماء
المسيحية علماً يعتبرون جميعهم أن هذا العدد قد أضيف لاحقاً من قبل الكنيسة، فإن
ذلك لم يؤدي إلى إسقاط هذا النص المحرّف من النسخ الحديثة للكتاب المقدس. و إلى
يومنا هذا، لا يزال الكتاب المقدس في أيدي غالبية المسيحيين – نسخة الملك جيمس –
يحتوي على هذا النص على أنه الكلام الموحى به من عند الله، و دونما أي ملاحظة
هامشية لإعلام القارئ بأن جميع علماء المسيحية على الإطلاق يقرّون بأنه نص أضيف
لاحقاً على الأصل.
في كتاب (تفسير بيك
للكتاب المقدس Peake's Commentary
on the Bible) يقول الكاتب:
"إن الإضافة الشهيرة للشهود الثلاثة (الآب و الكلمة و الروح
القدس) غير موجودة حتى في النسخة القياسية المنقحة. هذه الإضافة تتكلم عن الشهادة
السماوية للآب و اللوجوس (الكلمة) و الروح القدس، إلا أنها لم تستخدم أبداً في
المناقشات التي قادها أتباع الثالوث. لا يوجد مخطوطة يدوية جديرة بالاحترام تحتوي
على هذا النص. لقد ظهرت هذه الإضافة للمرة الأولى في النص اللاتيني في أواخر القرن
الرابع بعد الميلاد، حيث أقحمت في نسخة فولغيت Vulgate و أخيراً في نسخة إيراسمس
Erasmus للعهد الجديد "
إن الذي منع ((سير
إسحاق نيوتن)) Sir Isaac Newton من كشف هذه الحقائق على الملأ هو الخوف من المساءلة الكبيرة:
"إن النص المتعلق بـ ((الثلاثة الذين في
السماء)) لم يخطر حتى على البال أثناء النقاش الحاد العالمي المستمر حول الثالوث
في عهد جيروم Jerome ولا حتى
قبله أو بعده بفترة طويلة. لقد أصبح النص الآن على لسان الجميع و يعتبر بمثابة
النص الرئيسي المعتمد عليه في النقاش، و بالتأكيد كان سيصبح كذلك بالنسبة لهم لو
أنه كان موجوداً في أناجيلهم... دعوهم يفهمون ما أمكنهم منها، أما بالنسبة لي فلست
قادراً على أن أدرك شيئاً منها. فإن قيل أنه لا يمكننا أن نقرر ما هو نصٌ مقدس وما
هو دون ذلك من خلال الحكم الشخصي، فإنني لن أتفوه بذلك عند المعارضين – بل في
المناقشات التي أحب أن أشهر فيها عالياً أكثر الأمور إدراكاً و فهماً. إنّه ميولٌ
في الطبيعة البشرية يدفعها لحب الغموض و الخرافات في المسائل المتعلقة بالدين,
وبالتالي محبة ما لا يفهمونه تمام الفهم. يمكن لهؤلاء الناس الاستشهاد بالحواري
يوحنا كما يحلو لهم, إلا أنني أكن له التقدير باعتبار أنه كتب بشكل منطقي و استحقت
كتابته أن تكون الأفضل."
عيسى، نبي الإسلام، محمد عطاء الرحمن، ص 156
Jesus, Prophet of Islam, Muhammad Ata’ Ur-Rahim, p. 156
وفقاً لقول نيوتن، فقد
ظهر هذا العدد لأول مرة في الطبعة الثالثة لنسخة إيراسمس Erasmus للعهد الجديد (1466-1536).
و لهذه الأسباب
المذكورة أعلاه نجد أن اثنين و ثلاثون من علماء الإنجيل يدعمهم خمسون من
الطوائف المسيحية المساعدة، وعندما قاموا بجمع النسخة القياسية المنقحة
للكتاب المقدس معتمدين على أقدم المخطوطات اليدوية متوفرة لديهم، نجدهم قد أحدثوا
تغييرات شاملة على هذه النسخة. من بين هذه التغييرات كان طرح العدد [يوحنا الأولى
5: 7] جانباً بصفة غير رسمية على أنه تحريف أضيف على الأصل. و لمعرفة المزيد عن
كيفية جمع النسخة القياسية المنقحة يمكنك الرجوع إلى المقدمة لأي نسخة منه.
إن أموراً أقل أهمية –
بالمقارنة مع غيرها – قد تم التحدث عنها بأدق التفاصيل على اعتبار أنها تمثل
تحقيقاً لنبوءة ما. مثال ذلك وصف عيسى يركب الحمار إلى القدس (أم كان ذلك
"المُهر" أم "الحمار و المُهر"؟ أنظر الفقرة 42 في الجدول
الخاص بالجزء 2-2).
نقرأ في إنجيل مرقس
11: 2-10 :
وقالَ لهُما:
((اَذهَبا إلى القريَةِ الّتي أمامَكُما، وحالَما تَدخُلانِها تَجِدانِ جَحشًا
مَربوطًا ما ركِبَ علَيهِ أحدٌ، فَحُلاَّ رِباطَهُ وجيئا بِه. وإنْ سألَكُما
أحدٌ: لِماذا تَفعَلانِ هذا، فَقولا: الرَّبُّ مُحتاجٌ إليهِ، وسيُعيدُهُ إلى هُنا
في الحالِ)). فذَهَبَ التِّلميذانِ فوجَدا جَحشًا مَربوطًا عِندَ بابٍ على
الطَّريقِ، فحَلاَّ رباطَهُ. فسألَهُما بَعضُ الّذينَ كانوا هناكَ: ((ما بالُكُما تَحُلّاَنِ
رِباطَ الجحشِ؟)) فَقالا لهُم كما أوصاهُما يَسوعُ، فتَركوهُما. فجاءَ
التِّلميذانِ بالجحشِ إلى يَسوعَ، ووضَعا ثوبَيهِما علَيهِ فركِبَه. وبَسَطَ كثيرٌ
مِنَ النّـاسِ ثيابَهُم على الطَّريقِ، وقطَعَ آخرونَ أغصانًا مِنَ الحُقولِ.
وكانَ الّذينَ يتَقَدَّمونَ يَسوعَ والّذينَ يَتْبعونَهُ يَهتِفُونَ: ((المَجدُ
للهِ! تبارَكَ الآتي باَسمِ الرَّبِّ. تباركَتِ المَملكةُ الآتِـيَةُ، مَملكةُ
أبـينا داودَ. المَجدُ في العُلى! ))
الكتاب المقدس – مرقس
11: 2-10
نقرأ أيضاً في إنجيل
لوقا 19: 30-38 و الذي يحتوي على وصف تفصيلي مماثل لهذه الحادثة. و من ناحية أخرى،
فإن الكتاب المقدس بكامله لا يحتوي على أي وصف لـ"الثالوث المقدس" و
الذي يفترض أن يكون وصفاً لطبيعة الذي ركب الحمار، و الذي يُزعم أن يكون الابن
الوحيد لله و أنه مات من أجل خطيئة البشرية جمعاء. لقد وجدت نفسي أتساءل: لو أن كل
قسماً من الإيمان المسيحي قد وُصف بهكذا تفصيل، حتى الحمار فقد وُصف لنا بوضوح
شديد، فلماذا لا يكون الحال نفسه فيما يتعلق في وصف "الثالوث المقدس"؟
للأسف إنه تساؤلٌ لا يوجد له جواب منطقي.
هو ذا جدولنا مرة
أخرى:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر التثنية 4: 39 سفر الخروج 20: 3 سفر الخروج 34: 14 إشعياء 43: 10-11 إشعياء 44: 6 إشعياء 45: 6 إشعياء 45: 18 إشعياء 45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28 يوحنا
14: 6 يوحنا
14: 8-9 |
يوحنا 1:
1 يوحنا
10: 30 يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
سفر
التكوين 1: 26 |
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-6) يوحنا 1: 1(كان
الكلمة الله)
في
البَدْءِ كانَ الكَلِمَةُ،والكَلِمَةُ كانَ عِندَ اللهِ، وكانَ الكَلِمَةُ اللهَ
نص
آخر يستشهد به في الدفاع عن عقيدة "الثالوث المقدس" هو العدد [يوحنا 1:
1].
عندما علمت بهذا النص
لأول مرة ظننت أنني وجدت ضالتي أخيراً. ولكن بعد البحث المضني في المؤلفات اللاهوتية
المسيحية توصلت إلى أن هذا العدد أيضاً لا يكمن أن يُفسّر على أنه دليل على ثالوث
الله. أظهرت لي خبرتي أن هذا العدد هو من أكثر النصوص استشهاداً من قبل أكثر
المسيحيين في الدفاع عن عقيدة الثالوث. لهذا السبب فإنني سأمضي المزيد من الوقت في
دراسته التحليلية مقارنة بغيره من الأعداد.
أوّلاً, من الواضح
تمامًا و من قراءة النص أعلاه أن هذا المقطع - وفي أحسن الأحوال - يتكلّم فقط عن
"ثنائي" و ليس "ثالوث". حتى أكثر المسيحيين تحفظاً و عزماً لن
يدّعي أبداً أنه يجد في هذا العدد ذكراً من أي نوع لـ"اندماج" الروح
القدس مع الله و مع "الكلمة". حتى لو قبلنا هذا العدد بالمعنى الظاهري و
آمنا به، فإننا نجد أنفسنا مأمورين للإيمان بـ"ثنائي مقدس" لا
بـ"ثالوث مقدس". ولكن لنرى إن كان هذا العدد في الحقيقة يأمرنا بالإيمان
بـ"الثنائي المقدس". أولاً يجب ملاحظة النقاط التالية:
1)- الترجمة
الخاطئة للنص:
في المخطوطات
اليونانية ((الأصلية)) (هل كان يوحنا يتكلم اليونانية؟) نجد أن "الكلمة"
توصف على أنها ((تونثيوس ton theos)) – أي إله، ألوهية مجازية - و ليست ((هوثيوس ho
theos)) – أي الله ، الإله
نفسه. إن الترجمة الأمينة و الصحيحة لهذا النص هي كالآتي: ((في البدء كان الكلمة،
و كان الكلمة عند الله، و كان الكلمة إلهاً)) فلو أنك قرأت الترجمة العالمية الجديدة
للكتاب المقدس ستجد هذه الألفاظ تحديداً.
ومثل ذلك، فلو أنك
قرأت هذا العدد في الترجمة الأمريكية للعهد الجديد ستجدها مكتوبة كالتالي: ((في
البدء كان الكلمة، و كان الكلمة عند الله، و كان الكلمة إلهاً)).
The New Testament, An
American Translation, Edgar Goodspeed and J. M. Powis Smith, The
و مرة أخرى، نقرأ في قاموس
الكتاب المقدس تحت باب ((الله)):
"إن العدد [يوحنا
1: 1] يجب و بشدة أن يترجم (( وكان الكلمة عند الله [= الآب]، و كان الكلمة
كينونةً إلهيةً))."
قاموس الكتاب المقدس
للمؤلف جون ماكينـزي، ص 317
The Dictionary of the Bible by John McKenzie, Collier
Books, p. 317
وفي نسخة أخرى من
الكتاب المقدس نقرأ:
اللوجوس (الكلمة) كان
موجوداً في البدء، وكان اللوجوس مع الله، وكان اللوجوس إلهاً.
The Holy Bible, Containing the Old and New Testaments, by
Dr. James Moffatt
أنظر أيضاً في (النسحة
الموثوقة للعهد الجديد) للمؤلف هوج سكونفيلد Hugh
J. Schonfield و غيرها كثير.
لو أمعنا النظر في
عددٍ آخر [كورنثوس الثانية 4: 4] فإننا نجد (هوثيوس ho theos) نفس الكلمة التي استخدمت في [يوحنا 1:1 ] للدلالة على الله
تعالى (God) – نجدها قد استُخدمت للدلالة على الشيطان، إلا أن نظام الترجمة
قد تغير:
فإذا كانَت بِشارَتُنا
مَحجوبَةً، فهِيَ مَحجوبَةٌ عَنِ الهالِكينَ، عَن غَيرِ المُؤمنينَ الّذينَ أعمى إلهُ
هذا العالَمِ (الشيطان) بَصائِرَهُم
the god of
this world (the Devil) hath blinded the minds of them which believe not.
الكتاب المقدس –
كورنثوس الثانية 4: 3-4
وفقاً لنظام الترجمة
في العدد السابق و للغة الانكليزية، فإن ترجمة صفة الشيطان يجب أن تكتب أيضاً (The
God) بالحرف الكبير ((G)) - بمعنى الله نفسه. إن
كان قد أوحي إلى بولس باستخدام نفس الكلمات للدلالة على الشيطان فلماذا يجب علينا
أن نغيرها؟! لماذا ترجمت (The God - الله) ببساطة إلى (the god - آلهة) و ذلك عند الدلالة على الشيطان، بينما كلمة (إله) قد
ترجمت على أنها (الله) تعالى نفسه عندما كان الحديث عن "الكلمة"؟ هل
بدأنا الآن في أخذ لمحة عن الكيفية التي "تُرجم" بها الكتاب المقدس؟
حسنٌ، ما الفرق بين أن
نقول ((كان الكلمة الله)) و بين ((كان الكلمة إلهاً))؟ أليسا قولين مختلفين؟ بل كل
الاختلاف!! دعونا نقرأ في الكتاب المقدس:
أنا
قلتُ أنتُم (أيها اليهود)آلهةٌ وبَنو العليِّ كُلُّكُم.
الكتاب
المقدس – المزامير 82: 6
فقالَ
الرّبُّ لموسى: (( أُنظُرْ. جعلْتُكَ بِمَثابَةِ إلهٍ لِفِرعَونَ))
الكتاب
المقدس – سفر الخروج 7: 1
فإذا
كانَت بِشارَتُنا مَحجوبَةً، فهِيَ مَحجوبَةٌ عَنِ الهالِكينَ، عَن غَيرِ المُؤمنينَ
الّذينَ أعمى إلهُ هذا العالَمِ (الشيطان) بَصائِرَهُم
الكتاب
المقدس – كورنثوس الثانية 4: 3-4
ماذا
يعني كل هذا؟ دعوني أشرح ذلك.
في الغرب، من الشائع
أن يقول المرء (أنت أمير) أو (أنت ملاك) ...إلخ لتبجيل أحد الناس. عندما يقولها
أحدهم فهل يعني أن هذا الشخص هو ابن ملك انكلترا أو كائناً ورحياً من عند الله؟
يوجد فرق نحوي صغير بين القول (أنت أمير) و القول (أنت الأمير)، إلا أن
الفرق شاسع بين المعنيين.
في الغرب، نجد أن بعض
الناس يقولون لأصدقائهم (break a leg إكسر رِجلاً) – بمعنى حظاً موفقاً. هل تشير هذه الكلمات إلى
العنف؟ من الواضح أن هذه الكلمات تثبت أن الاثنين يتمنون الشر لبعضهم! أليس كذلك؟!
من الشائع في الغرب أن
تسمع الناس يصفون بعضهم بأنهم (light hearted قلوبهم خفيفة) – بمعنى أنهم مضحكون و مبهجون. هل هذا مساوٍ للقول
بأن لديهم "قلوب صغيرة"؟ بمعنى: هل هذا يعني أن هذا الشخص عديم الرحمة و
شرير؟ من الواضح أن القلب "الصغير" يعني أيضاً القلب
"الخفيف"، أليس كذلك؟ حسن إذن، هل تُفهم بشكل حرفيّ؟ هل قاموا باقتلاع
قلوبهم و وزنِها؟ فماذا يقصدون إذاً؟
إن التشبيه المماثل
للتشبيه الغربي (خفيف القلب) في الشرق الأوسط هو (خفيف الدم). قد يقول أحدهم (دمك
خفيف). هذه الجملة تستخدم لوصف شخص كله سعادة و ابتهاج. فلو أنه كان مقدّراً
للعربية أن تصبح لغة ميّتة لعدة قرون و أعيد إحياؤها مرة أخرى بعد عدة قرون
باستخدام عناصر اللغات الأخرى (كما حدث مع اللغة العبرية)، و حاولنا عندها أن نترجم
معاني هذه الجملة، فهل نقول عندها أنه من "الواضح" أن الجملة تصف طبيباً
يعاين مريضاً مصاباً بالأمينيا (فقر الدم)؟ هل "يستقيم" المعنى بذلك؟
من الشائع في الشرق
الأوسط أن يسأل الناس بعضهم (ما هو لونك؟ - شلونك) بمعنى (كيف حالك اليوم؟). ومرة
أخرى، لو أنه كان مقدّراً للعربية أن تصبح لغة ميّتة و أن تتواجد في الكتابات فقط،
و أعيد إحياؤها مرة أخرى بعد ألف سنة، فهل نفهم حينها أن السائل عنده عمى الألوان؟
من الضروري عندما نقوم
بترجمة عدد ما (نص) أن نأخذ في الحسبان المعنى كما فهمه الناس الذين عاشوا في ذلك
العصر و الذين تحدّثوا بتلك اللغة.إن من أكبر الصعوبات التي نواجهها في الكتاب
المقدس الموجود في أيامنا في أنه يرغمنا على قراءة نصوص اللغة العبرية القديمة و المخطوطات
الآرامية من خلال منظار يوناني و لاتيني كما رآها أناسٌ ليسوا بيهود أو يونانيين
ولا حتى رومانيين. إن كل ما يسمى بالمخطوطات اليدوية ((الأصلية)) للعهد الجديد
الموجودة في أيامنا قد كتبت باللاتينية أو اليونانية. لم يواجه اليهود أي مشكلة في
في قراءة مثل هذه الأعداد [المزامير 82: 6]،[سفر الخروج 7: 1] وهم لايزالون يؤكدون
بأنه لا يوجد إله في الوجود إلا الله، و يرفضون بشدة ألوهية أيٍّ كان إلا الله
العليّ. إنه التنقيح المستمر لهذه المخطوطات اليدوية من خلال لغات و حضارات متعددة
بالإضافة إلى المحاولة الشاملة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية لإتلاف جميع الأناجيل
العبرية الأصلية (إقرأ في الربع الأخير من هذا الفصل) – كل هذا أدى في النهاية إلى
سوء فهم النصوص و الأعداد.
إن الأمريكيين يقولون:
(Hit the road men إضربوا
الطريق أيها الرجال) بمعنى (لقد حان الوقت أن ترحلوا). ولكن، إن تلقّى هذا الأمر
أحدٌ من غير الأمريكيين دونما أي تفسير فإننا سنجده حتماً يضرب الطريق بعصا. هل
فهم الكلمات؟ نعم! هل فهم المعنى؟ كلا!.
من الصعب علينا أن نجد
كاهناً واحداً أو راهبةً في الكنيسة المسيحية لا يخاطبون أتباعهم بقولهم
((أبنائي)). ستراهم يقولون: ((تعالوا يا أبنائي)) أو ((كونوا حذرين من الشيطان يا
أبنائي)) ...إلخ. فماذا يعنون بقولهم هذا؟
الحقيقة التي لا
يعلمها الكثيرون أنه في السنة /200/ بعد الميلاد تلاشت اللغة العبرية تماماً من
الاستخدام اليومي كلغة متحدّثٌ بها. استمر الحال حتى الثمانينات من القرن التاسع
عشر حيث قام إلعازر بن يهودا Eliezer
Ben-Yehudah بجهدٍ مضنٍ لإحياء هذه
اللغة الميتة. الثلث فقط من اللغة العبرية المتحدث بها و البناء النحوي لها قد تم
اقتباسه من المصادر الإنجيلية و اللغة العبرية القديمة في عهد الهيكل الثاني Mishnaic، أما الباقي فقد تم التعرف عليه أثناء عملية إحياء اللغة متضمناً
عناصر من لغات و حضارات أخرى بما فيها اللغتين العربية و اليونانية.
و أسوء من ذلك، فإنه
يوجد حالات يمكن للترجمة أن تتسبب في قلب المعنى. فعلى سبيل المثال:
عندما يحب شخص ما في الغرب شيئاً ما فإنه يقول ((It warmed my
heart - لقد أدفأ قلبي)).
أما في الشرق الأوسط ،فنفس التعبير عن السعادة يمكن أن يصل عن طريق القول ((لقد أثلج
قلبي)). فلو أن شرق أوسطي ألقى التحية على غربيّ بقوله ((لقد أثلجت قلبي برؤيتك))
فإنه من الواضح أن الغربيّ لن يرد التحية بنفس الحماس، و العكس بالعكس.
إن هذا هو أحد الأسباب
الجوهرية التي أدت إلى نجاح المسلمين في الحفاظ على نصوصهم المقدسة أكثر من
المسيحيين و اليهود. ذلك لأن لغة القرآن قد بقيت لغة حية من أيام محمد ()
و إلى يومنا هذا، كما أن المصحف نفسه قد بقي متداولاً في أيدي الناس (وليس
"النخبة") و بقي نص المصحف باللغة الأصلية لمحمد (
).
لهذا السبب بفترض – بل يجب على المترجم ألا يقوم بالترحمة من الفراغ بإهمال
الحضارة و التقاليد للبشر الذين كتبوا هذه الكلمات. كما رأينا، فإنه كان من الشائع
عند اليهود استخدام الكلمة ((آلهة)) للدلالة علىأن سلطة و قوة عليا قد منحت لشخص
ما. ومن ناحية أخرى فإن هذا النظام في التعبير لم يكن ليُتَّبع من قبلهم للدلالة
على أن هؤلاء الأشخاص كانوا بأي شكل من الأشكال ذوي سلطة مطلقة أو خارقون أو أنهم
مساوون لله العليّ.
إن مثل هذا الأسلوب في
الترجمة يُوظّف للأسف في الكتاب المقدس وبدون تمييز في خدمة أهواء المترجم، وفقاً
للمعتقد الذى يريد من القارىء أن يتبنّاه. مثلاً في نسخة الملك جيمس العدد [المزامير 8: 4-5] يصف
البشر كالتالي:
ما الإنسانُ حتى
تذكُرَهُ؟ اَبنُ آدمَ حتى تَفتَقِدَهُ؟ ولو كُنتَ نَقَّصْتَهُ عَنِ الملائِكةِ
قليلاً، وبِالمَجدِ والكرامةِ كَلَّلتَهُ.
What is man, that thou art
mindful of him? and the son of man, that thou visitest him? For thou hast made
him a little lower than the angels, and hast crowned him with glory and
honor.
الكتاب
المقدس – المزامير 8: 4-5 (نسخة الملك جيمس / الترجمة العربية المشتركة)
لن يكون ذلك جدير
بالملاحظة حتى نعود إلى النص الأصلي باللغة العبرية، حينها سنكتشف أن المترجم قد
اختار أن يترجم لنا الكلمة العبرية ((elohiym
– الله)) إلى الانكليزية على أنها ((الملائكة)). في النسخة القياسية
المنقحة الحديثة للكتاب المقدس نجد نفس العدد قد ترجم بأمانة أكثر كالتالي:
ما الإِنْسانُ حَتَّى
تَذكُرَه واْبنُ آدَمَ حَتَّى تَفتَقِدَه؟ دونَ الإلهِ حَطَطتَه قَليلاً
بِالمَجدِ والكَرامةِ كلَّلتَه.
What are human beings that you
are mindful of them, mortals that you care for them? Yet you have made them a
little lower than God, and crowned them with glory and honor.
الكتاب المقدس –
المزامير 8: 4-5 (النسخة القياسية المنقحة الحديثة / الترجمة الكاثوليكية)
[أود الإشارة أن
الترجمة الكاثوليكية لم تقم بالترجمة الصحيحة للنص، فبدلاً من ترجمة ((elohiym))
إلى
((الله)) فقد ترجموها إلى ((الإله)). علماً أن كلاً من الترجمة العربية المشتركة و
ترجمة فاندياك قد ترجمت الكلمة على أنها ((الملائكة))].
لاحظ كيف يتلاعبون
بكلمة ((الله)) كما يريدون وفق ما يناسبهم. ولكن عندما ينكشف أسلوبهم في الترجمة،
فهل ترى الذين يعارضون هذه الأساليب في "الترجمة" يقومون فجأة "بثني
معاني الأعداد و النصوص" في محاولة لتشويه الأدلة "الواضحة"
على ألوهية عيسى؟!
هل نجد أمثلة أخرى على
أساليب الترجمة هذه في الكتاب المقدس؟ بكل أسف، نعم! وهذا مثال آخر:
يُقَدِّمُهُ سيِّدُهُ
إلى القُضاةِ ، فيقودُهُ إلى البابِ أو قائِمَتِهِ ويَثقُبُ أُذُنَهُ بالمِثقَبِ
فيخدِمُهُ إلى الأبدِ.
Then his master shall bring him
unto the judges; he shall also bring him to the door, or unto the door
post; and his master shall bore his ear through with an aul; and he shall serve
him for ever.
الكتاب المقدس – سفر
الخروج 21: 6 (نسخة الملك جيمس)
[أود الإشارة إلى أن
كلاً من ترجمة فاندياك و الترجمة العربية المشتركة و الترجمة الكاثوليكية قد ترجمت
الكلمة إلى ((الله)) وليست ((القضاة))]
والذي تُرجم بدقة أكثر
في النسخة القياسية المنقحة الحديثة كالتالي:
يُقَدِّمُهُ سيِّدُهُ
إلى اللهِ في معبَدِهِ، فيقودُهُ إلى البابِ أو قائِمَتِهِ ويَثقُبُ
أُذُنَهُ بالمِثقَبِ فيخدِمُهُ إلى الأبدِ.
Then his master shall bring him
before God; he shall be brought to the door or the doorpost; and his
master shall pierce his ear with with an awl; and he shall serve him for life.
الكتاب
المقدس – سفر الخروج 21: 6 (النسخة القياسية المنقحة الحديثة / الترجمة العربية
المشتركة)
بالنسبة لهؤلاء
الأشخاص الذين يصرون على أن الله ثالوث لأنه قد تحدث عن نفسه بصيغة الجمع في
الكتاب المقدس (أنظر القسم 1-2-2-8 و الفصل 14)، نقول لهؤلاء الناس أنهم يجب أن
يستمروا على نفس النهج و "يترجموا" العدد [سفر الخروج 21: 6] كالتالي:
يُقَدِّمُهُ سيِّدُهُ
إلى الآلهة في معبَدِهِ.
Then his master shall
bring him before gods.
مثال
آخر مماثل في العدد [سفر الخروج 22: 8-9].
عندما نقرأ كل ذلك نرى
كيف أن كلمة ((إله)) كانت تطلق في الكتاب المقدس على بشرٍ لإبلاغ الناس بأن هؤلاء
الأشخاص كانوا يَدعون إلى صراط الله أو يطبقون كلام الله على الأرض. فعلى سبيل
المثال في العدد [سفر الخروج 21: 6] طُلِب من البشرية أن يقدّموا آخرين "أمام
الله"، و هذا أمر مستحيل. إلا أن العدد يعني أن يقدموا هؤلاء الناس أمام
الذين يطبقون ناموس الله على الأرض، و بالتحديد القضاة. و بهذه الطريقة يكون تقديم
هؤلاء الناس إلى القضاة يماثل تقديمهم إلى الله. لنفس السبب نقرأ في الكتاب المقدس
على سبيل المثال كيف أن بيت داوود هو الله:
في ذلِكَ اليومِ
يبسُطُ الرّبُّ حِمايَتَهُ على سُكَّانِ أُورُشليمَ. فيكونُ الهَزيلُ مِنهُم قويُا
كداوُدَ، ويسيرُ بَيتُ داوُدَ أمامَهُم مِثلَ ملاكِ الرّبِّ، مثلَ اللهِ نفسِهِ.
الكتاب المقدس – زكريا
12: 8
كان ذلك مشهداً
مألوفاً في الكتاب المقدس ،حيث أنه وفي أكثر من مناسبة يرسل الله إلى البشرية
شخصاً يمثّله لكي يتحدث بإسمه و ينقل لهم أوامره. يوضح الله لموسى في سفر الخروج
(32: 20) ((هاأنا سأُرسِلُ أمامَكُم ملاكًا يحفَظُكُم في الطَّريقِ ويَجيءُ
بِكُم إلى المكانِ الذي عدَدْتُهُ. فاَنْتَبِهوا لَه واَسْتَمِعوا إلى صوتِهِ ولا
تَتَمَرَّدوا علَيهِ، لأنَّهُ لا يَصفَحُ عَن ذُنوبِكُم، لأنَّهُ يعمَلُ باَسْمي)). لقد كان
الملاك رسولاً من الله و لم يكن الله نفسه.
إن الذي يمكن استنتاجه
من ذلك كله أن عيسى (عليه السلام) لم يكن – ولا حتى من خلال الخيال الواسع – الشخص
الوحيد في الكتاب المقدس الذي يشار إليه بهذه الصيغة. إلا أن الكنيسة أصرت بأنه من
الواضح أن النص (العدد) يجب ألا يُفهم حرفياً، إلا ما يخص عيسى وحده
دون الآخرين. الأمر ينطبق أيضاً على الأنبياء و صانعي السلام في كونهم يُطلق عليهم
أيضاً في الكتاب المقدس ((أبناء الله))، و مرة أخرى تؤكد لنا الكنيسة مجدداً بأن
المعنى يجب ألا يُفهم حرفياً. ولكن عندما تكون نفس الكلمات قد وردت بخصوص عيسى
(عليه السلام) فإنه يقال لنا حينها أنه من "الواضح" أن عيسى هو
الاستثناء الوحيد على هذه القاعدة و أن النص الذي يقول ((ابن الله)) يجب أن يفهم حرفياً
في هذه الحالة.!
2)- الرسالة
الأساسية ليوحنا:
و الآن، و قد رأينا ما
هي الترجمة الصحيحة لعدد [يوحنا 1: 1]، دعونا نتعمق أكثر في دراستنا للوصول إلى
المعنى المقصود من هذا العدد. إن هذا العدد قد اقتبس من ((إنجيل يوحنا))، و إن
أفضل شخص تسأله ليشرح المعنى المقصود من هذا البيان هو مؤلف البيان نفسه. لذا
دعونا نسأل ((يوحنا)) عن الصورة المكونة في عقله عن الله و عيسى (عليه السلام) و
التي يودّ أن ينقلها لنا:
الحقَّ الحقَّ أقولُ
لكُم: ما كانَ خادِمٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ، ولا كانَ رَسولٌ أعظَمَ مِنَ الّذي
أرسَلَهُ.
الكتاب المقدس – يوحنا
13: 16
إذاً فإن مؤلف إنجيل
يوحنا يقول لنا بأن الله أعظم من عيسى. إن كان مؤلف هذا الإنجيل يود حقاً أن
يجعلنا نفهم أن عيسى و الله هم ((واحد متساوٍ))، فهل يكون أحدهم أعظم من نفسه؟! و
نقرأ كذلك:
قُلتُ لكُم: أنا
ذاهِبٌ وسأرجِـعُ إلَيكُم، فإنْ كُنتُم تُحبُّوني فَرِحْتُم بأنِّي ذاهِبٌ إلى
الآبِ، لأنَّ الآبَ أعظَمُ مِنِّي.
الكتاب المقدس – يوحنا
14: 28
هل يمكن لأحد أن
"يذهب" إلى نفسه؟ هل يمكن لأحد أن يكون "أعظم" من نفسه؟
وبَعدَ هذا الكلامِ،
رفَعَ يَسوعُ عَينَيهِ إلى السَّماءِ وقالَ: ((يا أبـي جاءَتِ السّاعةُ: مَجِّدِ
اَبنَكَ ليُمَجِّدَكَ اَبنُكَ)).
الكتاب المقدس – يوحنا
17: 1
إن كان يقصد يوحنا أن
يقول لنا أن ((عيسى و الله هم واحد متساوٍ)) فهل نفهم من هذا العدد أن الله يقول
لنفسه: (يا نفسي، مجّدني لأمجّد نفسي)؟ فهل يبدو أن هذه هي رسالة يوحنا الأساسية؟
وعِندَما كُنتُ أنا
مَعَهُم حَفِظْتُهُم باَسمِكَ الّذينَ أعطَيتَني. حَرَستُهُم، فما خَسِرْتُ مِنهُم
أحدًا إلاَّ اَبنَ الهَلاكِ لِـيَتمَّ ما جاءَ في الكِتابِ.
الكتاب المقدس - يوحنا
17: 12
إن كان كاتب إنجيل
يوحنا أراد منا أن نؤمن بأن عيسى و الله هم شخص واحد فهل نفهم من هذا العدد أن
الله يقول لنفسه: (يا نفسي، عندما كنت أنا معهم حفظتهم بإسم نفسي الذين أعطيت نفسي
...)؟ هل هذا ما كان الكاتب يوده أن نفهم من كتاباته؟
أنتَ وهَبتَهُم لي،
أيُّها الآبُ وأُريدُهُم أنْ يكونوا مَعي حَيثُ أكونُ لِـيَروا ما أعطَيتَني مِنَ
المَجدِ لأنَّكَ أحبَبْــتَني قَبلَ أنْ يكونَ العالَمُ.
الكتاب المقدس – يوحنا
17: 24
وبالمثل، هل كان
الكاتب يودّنا أن نفسر العدد كالتالي: (أنتِ وهبتهم لي، يا نفسي و أريدهم أن
يكونوا معي حيث أكون ليروا ما أعطيت نفسي من المجد لأنني أحببت نفسي قبل أن يكون
العالم)؟
لقد بدأنا نرى أنه إن
أردنا أن نفهم مؤلفات شخص ما، فمن الضروري ألا نأخذ اقتباساً واحداً منها ثم نقوم
بتفسير رسالته كلها من فراغ و بناءً على تلك الجملة وحدها (و من نسخة أساءت بشدة
ترجمة هذه الجملة).
3)- من هو مؤلف
"إنجيل يوحنا"؟
يؤمن غالبية مرتادي
الكنيسة العاديون بأن "إنجيل يوحنا" من تأليف الحواري يوحنا ابن زيبدي John the son of Zebedee. إلا أننا
عندما نأخذ بآراء أكثر علماء المسيحية اطلاعاً على تاريخ الكنيسة، نجد أن ذلك بعيداً
عن الواقع. لقد لفت هؤلاء العلماء انتباهنا إلى الحقيقة بأن الأدلة الداخلية تثير
شكوكاً كثيرة في كون يوحنا ابن زبيدي هو نفسه مؤلف الإنجيل. نقرأ في قاموس الكتاب
المقدس للمؤلف جون مكنزي John
Mckenzie:
"لاحظ فيويلت A. Feuillet
أن مسألة هوية الكاتب لم تُأخذ بمحمل الجد"
فيما يتعلق بالأقوال
المنسوبة إلى عيسى (عليه السلام) في هذا الإنجيل، يقول مؤلف أكثر الكتب صدقاً و
أقواها حُججاً (الفحص النقدي لحياة عيسى):
"إن النقد الحديث
ينظر إلى هذه الأقوال ((الموجودة في إنجيل يوحنا)) بنوع من الشك معتمداً بذلك على ما
يُستنبط منها – و الذي يتعارض مع قواعد أكيدة وصلت إلينا فيما يخص بعض الأحداث التاريخية
المحتملة، و معتمداً أيضاً على علاقة هذه الأقوال بغيرها من القصص و الأقوال
المروية."
إن مثل هذه الإدعاءات كانت
نتيجة فحص لبعض الأعداد مثل:
وهذا
التِّلميذُ هوَ الّذي يَشهَدُ بِهذِهِ الأمورِ ويُدوِّنُها، ونَحنُ نَعرِفُ أنَّ
شَهادَتَهُ صادِقَةٌ.
الكتاب المقدس – يوحنا
21: 24
هل قام الحواري يوحنا
بكتابة ذلك عن نفسه؟ إقرأ أيضاً هذه الأعداد:
واَلتَفتَ
بُطرُسُ، فرَأى التِّلميذَ الّذي كانَ يُحبُّهُ يَسوعُ يَمشي خَلفَهُما
الكتاب المقدس – يوحنا
21: 20
وكانَ
أحدُ التَّلاميذِ، وهوَ الذي يُحبُّهُ يَسوعُ ، جالِسًا بِجانِبِهِ
الكتاب المقدس – يوحنا
13: 23
ورأى
يَسوعُ أُمَّهُ وإلى جانِبها التِّلميذُ الحبـيبُ إلَيهِ
، فقالَ لأُمِّهِ: ((يا اَمرأةُ، هذا اَبنُكِ))
الكتاب المقدس – يوحنا
19: 26
فأقبَلت
مُسرِعَةً إلى سِمعانَ بُطرُسَ والتِّلميذِ الآخرِ الّذي أحَبَّهُ يَسوعُ
الكتاب المقدس – يوحنا
20: 2
فقالَ
التِّلميذُ الّذي كانَ يُحبُّهُ يَسوعُ لِبُطرُسَ: ((هذا
هوَ الرَّبُّ! ))
الكتاب المقدس – يوحنا
21: 7
واَلتَفتَ
بُطرُسُ، فرَأى التِّلميذَ الّذي كانَ يُحبُّهُ يَسوعُ يَمشي خَلفَهُما، وهوَ
الّذي مالَ على صَدرِ يَسوعَ وقتَ العَشاءِ وقالَ لَه: ((يا
سيِّدُ، مَنِ الّذي سيُسلِّمُكَ؟)) فلمَّا رآهُ بُطرُسُ قالَ
لِـيَسوعَ: ((يا ربُّ، وهذا ما هوَ مَصيرُهُ؟))
فأجابَهُ يَسوعُ: ((لَو شِئتُ أنْ يَبقى إلى أنْ أَجيءَ،
فماذا يَعنيكَ؟ إِتبَعْني أنتَ! ))فشاعَ بَينَ الأخوةِ أنَّ هذا
التِّلميذَ لا يَموتُ، معَ أنَّ يَسوعَ ما قالَ لبُطرُسَ إنَّهُ لا يَموتُ، بل
قالَ لَه: ((لَو شِئتُ أنْ يَبقى إلى أنْ أَجيءَ، فَماذا يَعنيكَ؟))
الكتاب المقدس – يوحنا
21: 20-23
إن
التلميذ الذي أحبه يسوع وفقاً للكنيسة هو يوحنا نفسه، إلا أن كاتب هذا الإنجيل
يتحدث عنه على أنه شخص آخر.
بالإضافة
إلى ذلك، فإن إنجيل يوحنا قد كُتب في عهد إفيسس Ephesus أو قريباً منه في
الفترة ما بين السنة 110-115 (بعضهم يقول 95-100) للعهد المسيحي من قبل مؤلفٍ مجهولٍ
أو أكثر. وفقاً لأقوال علماء التاريخ المسيحي أمثال تشارلز R. H. Charles ، ألفرد لويسي Alfred Loisy ، روبرت إيزلر Robert Eisler، فإن يوحنا ابن زبيدي John of Zebedee قد أُعدم
من قبل أجريبا Agrippa في السنة
/44/ بعد الميلاد قبل أن يكتب الإنجيل الرابع بفترة كبيرة. هل "أوحى" الروح القدس إلى
شبح الحواري يوحنا بكتابة هذا الإنجيل بعد مضي ستين سنة على قتله؟ بمعنى أن الذي
بين أيدينا اليوم هو إنجيل يُعتقد عامةً أنه من تأليف الحواري يوحنا، إلا أنه لم
يكن في الحقيقة من تأليفه. لا أحد يعلم حقيقةً و بشكلٍ أكيدٍ هوية
كاتب هذا الإنجيل.
"منذ بداية عهد
الدراسة النقدية الحديثة، نشأ خلاف حول إنجيل الحواري يوحنا فيما يتعلق بهوية
المؤلف، مكان تأليفه، أُصوله، خلفيته اللاهوتية، وقيمته التاريخية."
معجم مفسري الكتاب
المقدس – العدد الثاني – مطابع أبينغدون ص 932.
The Interpreter’s Dictionary of the Bible, Volume 2,
Abingdon Press, p. 932
رغم ذلك، فإن
"إنجيل يوحنا" قد خضع إلى تعديل شامل على مراحل متعددة فبدا و كأنه من
عمل مؤلفين كُثُر:
"لقد لاحظنا
لتونا إن إنجيل يوحنا يشكل وحدة أدبية يمكن تحليلها وفقاً لمفهوم البناء المسرحي.
و لكن، و على الرغم من التوافق الذي عليه الإنجيل بين أيدينا اليوم، فإنه يوجد بعض
المعالم التي تشير إلى أنه قد أُنجِز من خلال مرحل من التعديل. فعلى سبيل المثال
يوجد اختلاف في الأسلوب و اللغة في إصحاحات مختلفة من الإنجيل و خاصة الإصحاح
الأول و الإصحاح الواحد و العشرين... إن أول آيتين قام بهما يسوع قد أخذوا الترتيب
"الأولى" و "الثانية"
وفقاً للعدد [يوحنا 2: 11- هذِهِ أُولى آياتِ يَسوعَ، صنَعَها في
قانا الجَليلِ.] و العدد [يوحنا 4: 54 - هذِهِ ثانِـيةُ
آياتِ يَسوعَ، صنَعَها بَعدَ مَجيئهِ مِنَ اليَهوديَّةِ إلى الجَليلِ] إلا أننا
نجد آيات أخرى قد قام بها يسوع في العدد [يوحنا 2: 23 - ولمَّا
كانَ في أُورُشليمَ مُدَّةَ عيدِ الفِصحِ، آمنَ بِه كثيرٌ مِنَ النّـاسِ حينَ
رأَوا الآياتِ الّتي صَنَعَها] و بالتالي فإن
التسلسل الرقمي قد تم اعتراضه لأسباب غير معروفة. كما أن التواجد الجغرافي أيضاً
لا يبدو دقيقاً دوماً. ففي العدد [يوحنا 3: 22 - ثُمَّ جاءَ يَسوعُ
وتلاميذُهُ إلى بلادِ اليهودِيَّةِ] نقرأ أن يسوع قد ذهب إلى بلاد
اليهودية بينما نقرأ في العدد [يوحنا 2: 23 - ولمَّا كانَ في
أُورُشليمَ مُدَّةَ عيدِ الفِصحِ، آمنَ بِه كثيرٌ مِنَ النّـاسِ حينَ رأَوا
الآياتِ الّتي صَنَعَها] فنجد أنه كان في بلاد اليهودية مسبقاً. كما أنه
في العدد [يوحنا 6: 1 - ثُمَّ عبَرَ يَسوعُ بَحرَ الجليلِ وهوَ بُحيرةُ
طَبَرِيَّةَ] نقرأ أن يسوع موجود في الجليل، إلا أنه كان في أورشليم في
نهاية الإصحاح الخامس. من الممكن تبرير بعض هذا الاختلافات و التكرارات و الانقطاعات
في التسلسل، إلا أنه من غير الممكن تبريرها مجتمعةً"...
ملحق أكسفورد للكتاب المقدس، بروس متجر و مايكل كوجان، ص 374
The
4)- من
"أوحى" لمؤلف هذا الإنجيل بكتابة هذا العدد؟
يقول أكثر علماء
الكتاب المقدس المسيحيين من ذوي السمعة الحسنة أن العدد [يوحنا 1: 1] هو من كلام
يهودي آخر اسمه فيلون الاسكندراني Philo
of Alexandria (20 قبل الميلاد
– 50 بعد الميلاد)، و الذي لم يدّعي وحياً إلهياً لهذ الكلام بل كتبه قبل عقودٍ من
ظهور "إنجيل يوحنا". نقرأ في موسوعة جروليرز Groliers
تحت
باب ((اللوجوس – الكلمة)):
"كان هيركليتوس Heraclitus أقدم المفكرين
اليونانيين الذين جعلوا من المذهب العقلي مفهوماً أساسياً... ففي العهد الجديد،
يعطي الإنجيل المنسوب للقديس يوحنا مكانةً أساسيةً للعقل. حيث يصف مؤلف الإنجيل
بأن اللوجوس هو الله خالق الكلمة التي أصبحت جسداً في شخص يسوع المسيح. الكثيرُ من
العلماء قد نسبوا جذور مفهوم يوحنا لأصول يونانية - ربما من خلال نصوص توسطت صفحات
الإنجيل مستقاة من مؤلفات أناس مثل فيلون الاسكندراني Philo of Alexandria."
Groliers
encyclopedia
يقول دوان T. W. Doane:
"قام آباء الكنيسة
بدراسة أعمال أفلاطونPlato بشكل واسع، وهو أحد الذين يُفتخر
بهم في كونه المعلم الأكبر الذي كان مقدّراً له - في الوقت المناسب - أن يثقف
الوثنيّ تمهيداً لتعاليم المسيح, كما فعل موسى مع اليهود. إن المقولة الشّهيرة: ((في
البَدْءِ كانَ الكَلِمَةُ، والكَلِمَةُ كانَ عِندَ اللهِ، وكانَ الكَلِمَةُ اللهَ))
هي جزء من
بحثٍ وثنيّ حول الفلسفة الأفلاطونيّة, و الذي يتضّح أنه من تأليف إيرينايوس Irenaeus. قام باقتباسها الفيلسوف الوثني أميليوس Amelius للدلالة حصراً على الكلمة و اللوجوس أو عطارد([1]) على اعتبار كونها شهادة تكريم
أطلقت على الآلهة الوثنية من قبل بربري...نجد أن لقب "الكلمة" أو
"العقل" الملقب به يسوع هو دمج آخر للوثنية مع المسيحية، كما أن هذا
اللقب لم يأخذ شكله المسيحي المعترف به حتى أواسط القرن الثاني بعد الميلاد. لقد
عبد الرومان الوثنيين القدامى ثالوثاً. و قد قيل أن وحياً قد صرّح أنه "في
البداية كان الله ثم الكلمة و معهم الروح". نرى هنا التعددية الواضحة لله و اللوجوس
و الروح القدس في العصور القديمة لروما حيث خُصِّص أشهر معبد في هذه العاصمة –
معبد الآلهة جوبيتير الكبير – لعبادة ثلاثة آلهة ، و بذلك تم تكريمهم هؤلاء الثلاثة
من خلال العبادة المشتركة."
أساطير الكتاب المقدس
وما يماثلها في الأديان الأخرى – ص 375-376.
Bible Myths and their parallels in other religions, pp.
375-376.
5)- ما هي
"الكلمة"؟
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ
إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ
تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ
سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي
الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171)
القرآن الكريم -
النساء
إن القرآن الكريم
يخبرنا أن الله العليّ إن أراد شيئاً فإنه يقوله له ((كن)) فيكون.
إِنَّمَا
قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (40)
القرآن الكريم – النحل
... إقرأ الفصل 14
هذا هو قول الإسلام
فيما يخص "الكلمة". إن "الكلمة" هي قول الله تعالى
"كن". إن هذا ما ذكره الإنجيل بعد ثلاثة عشر عدد:
والكَلِمَةُ
صارَ بشَرًا
الكتاب
المقدس – يوحنا 1: 14
يقول القرآن الكريم :
إِنَّ
مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ
كُن فَيَكُونُ (59)
القرآن الكريم – آل
عمران
أقولُ لكُم: إنَّ
اللهَ قادرٌ أنْ يَجعَلَ مِنْ هذِهِ الحِجارَةِ أبناءً لإبراهيمَ (على لسان
عيسى).
الكتاب المقدس – متّى
3: 9
فيما يتعلق بقوله
تعالى ((وَرُوحٌ
مِّنْهُ)) فلنرى
ما يقوله الله تعالى في شرحِ ذلك:
وَإِذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ
حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ
لَهُ سَاجِدِينَ (29)
القرآن الكريم -
الحِجْر
و نقرأ أيضاً قوله
تعالى:
لَا تَجِدُ قَوْمًا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ
عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم
بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ
اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)
القرآن الكريم –
المجادلة
للمزيد حول هذا
الموضوع الرجاء قراءة الجزء (1-2-3-8).
و الآن لنقم بتحديث
جدولنا مرة أخرى:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28 يوحنا
14: 6 يوحنا
14: 8-9 |
يوحنا
10: 30 يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
سفر
التكوين 1: 26 |
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-7) يوحنا 10: 30 (أنا و
الآب واحد)
النص الثالث الذي يستشهد
به في الدفاع عن عقيدة "الثالوث المقدس" هو العدد [يوحنا 10: 30]:
أنا
والآبُ واحِدٌ
إن هذه الفقرة
المقتبسة من النص مبتورة عن السياق. لمعرفة السياق في النص يجب أن نقرأ ابتداءً من
العدد [يوحنا 10: 23]:
وكانَ يَسوعُ يتَمشَّى
في الهَيكَلِ في رِواقِ سُليمانَ، فتَجَمَّعَ اليَهودُ حولَهُ وقالوا لَه: ((إلى
متى تُبقينا حائِرينَ؟ قُلْ لنا بِصَراحةٍ: هل أنتَ المَسيحُ؟)) فأجابَهُم يَسوعُ:
((قُلتُهُ لكُم، ولكنَّكُم لا تُصَدِّقونَ. الأعمالُ الّتي أعمَلُها باَسمِ أبـي
تَشهَدُ لي. وكيفَ تُصدِّقونَ وما أنتُم مِنْ خِرافي. خِرافي تَسمَعُ صوتي، وأنا
أعرِفُها، وهيَ تَتبَعُني. أُعطيها الحياةَ الأبدِيَّةَ، فلا تَهلِكُ أبدًا ولا
يَخطَفُها أحدٌ مِنِّي. الآبُ الّذي وهَبَها لي هوَ أعظَمُ مِنْ كُلِّ موجودٍ، وما
مِنْ أحدٍ يَقدِرُ أن يَخطَفَ مِنْ يدِ الآبِ شَيئًا، أنا والآبُ واحِدٌ)).
الكتاب المقدس – يوحنا
10: 23-30
هل هم واحد في اللاهوت
؟ واحدٌ في "ثالوث مقدّس" ؟ لا ! هم واحد في الهدف. تماماً كما أنه لن يخطفهم أحد من يد عيسى ،فإنه
أيضًا لن يخطفهم أحد من يد اللّه.
هل تريد المزيد من
الأدلة؟ إقرأ هذا إذاً:
لا أُصلِّي لأجلِهِم
وحدَهُم، بل أُصلِّي أيضًا لأجلِ مَنْ قَبِلوا كلامَهُم فآمنوا بـي. إجعَلْهُم
كُلَّهُم واحدًا ليَكونوا واحدًا فينا، أيُّها الآبُ مِثلَما أنتَ فيَّ وأنا فيكَ،
فيُؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلْتَني. وأنا أعطَيتُهُمُ المَجدَ الّذي أعطَيتَني
ليكونوا واحدًا مِثلَما أنتَ وأنا واحدٌ: أنا فيهِم وأنتَ فيَّ لتكونَ وِحدَتُهُم
كامِلَةً ويَعرِفَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلْتَني وأنَّكَ تُحبُّهُم مِثلَما تُحبُّني.
الكتاب المقدس – يوحنا
17: 20-23
هل كلّ البشريّة أيضًا
جزء من الثّالوث المقدّس ؟ عندما نقرأ
الإنجيل كوحدة أدبية كاملة لا كمقاطع متفرّقة، نبدأ في رؤية الحقيقة. و بعيداً عن
تعاليم الكنيسة بخصوص الثالوث فإننا نبدأ في رؤية كيف أن الذي دعى إليه عيسى (عليه
السلام) كان تحديداً كما أخبرنا الله في
القرآن الكريم , وهو التمسك بالتوحيد لله فقط .
مثل هذا المصطلح يمكن
أن نجده في أماكن أخرى كثيرة, نقرأ على سبيل المثال:
أمَا تَعرِفونَ أنَّ
أجسادَكُم هيَ أعضاءُ المَسيحِ؟ فهَلْ آخُذُ أعضاءَ المَسيحِ وأجعَلُ مِنها أعضاءَ
امرأةٍ زانِيَةٍ؟ لا، أبدًا! أمْ إنَّكُم لا تَعرِفونَ أنَّ مَنِ اتَّحدَ بامرأةٍ
زانيةٍ صارَ وإيَّاها جسَدًا واحِدًا؟ فالكِتابُ يَقولُ: ((يَصيرُ الاثنانِ جسَدًا
واحِدًا)). ولكِنْ مَنِ اتَّحَدَ بالرَّبِّ صارَ وإيَّاهُ رُوحًا واحِدًا.
الكتاب المقدس – الرسالة
الأولى لأهل كورنثوس 6: 15-17
و أيضاً:
فمَنَحَنا بِهِما
أثمَنَ الوُعودِ وأعظَمَها، حتّى تَبتَعِدوا عمّا في هذِهِ الدُّنيا مِنْ فَسادِ
الشَّهوَةِ وتَصيروا شُرَكاءَ الطَّبيعَةِ الإلَهِيَّةِ.
الكتاب المقدس – رسالة
بطرس الثانية 1: 4
وإلهٌ واحدٌ أبٌ
لِلجميعِ وفَوقَهُم، يَعمَلُ فيهِم جميعًا وهوَ فيهِم جميعًا.
الكتاب المقدس – رسالة
أفسس 4: 6
وكما أنَّ الجَسَدَ
واحدٌ ولَه أعضاءٌ كثيرَةٌ هِيَ على كَثْرَتِها جَسَدٌ واحدٌ، فكذلِكَ
المَسيحُ. فنَحنُ كُلُّنا، أيَهودًا كُنَّا أم غَيرَ يَهودٍ، عبيدًا أم أحرارًا،
تَعَمَّدنا بِرُوحِ واحدٍ لِنكونَ جَسَدًا واحدًا، وارتَوَيْنا مِنْ رُوحٍ واحدٍ.
وما الجَسَدُ عُضوًا واحدًا، بَلْ أعضاءٌ كثيرةٌ.
الكتاب المقدس –
الرسالة الأولى لأهل كورنثوس 12: 12-14
عندما نقرأ الأعداد
أعلاه و نفهم ماهيّة الرسالة التي حاول بولس أن يوضحها، عندها فقط نستطيع أن نفهم
كلماته في أماكن مثل:
فأنتُم جَسَدٌ واحدٌ
ورُوحٌ واحدٌ، مِثلَما دَعاكُمُ اللهُ إلى رَجاءٍ واحدٍ. ولكُم رَبٌّ واحدٌ
وإيمانٌ واحِدٌ ومَعمودِيَّةٌ واحدةٌ وإلهٌ واحدٌ أبٌ لِلجميعِ وفَوقَهُم، يَعمَلُ
فيهِم جميعًا وهوَ فيهِم جميعًا.
الكتاب المقدس – رسالة
أفسس 4: 4-6
لقد كان القديس بولس
يتكلم عن الوحدة المسيحية و ليس عن آلهة متعددة اندمجت في جسد واحد. وكما سنرى
قريباً، فقد كان يجهل تماماً أين ستقود تعاليمه، و كيف أنه بعد عقود من ذلك سيكون
هنالك مؤسسات ستنتج عقيدة "الثالوث المقدس".
لقراءة المزيد حول هذه
النقطة إقرأ الجزء (1-2-3-2) و (1-2-3-23).
و مرة أخرى سنقوم بتحديث
جدولنا:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28 يوحنا
14: 6 يوحنا
14: 8-9 |
يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
سفر
التكوين 1: 26 |
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-8) سفر التكوين 1: 26(صيغة
الجمع)
نقرأ في سفر التكوين
العدد 1: 26 ما يلي:
وقالَ اللهُ:
((لِنَصنَعِ الإنسانَ على صُورَتِنا كَمِثالِنا، وليَتَسَلَّطْ على سمَكِ البحرِ
وطَيرِ السَّماءِ والبهائمِ وجميعِ وُحوشِ الأرضِ وكُلِّ ما يَدِبُّ على الأرضِ)).
الكتاب المقدس – سفر التكوين
1: 26
في هذا العدد و في غيره
في الكتاب المقدس يتحدث الله عن نفسخ في صيغة الجمع. هل استخدام صيغة الجمع يثبت
بأن الله الذي خلق الخليقة ليس كينونة مفردة بل ثالوثاً؟
للإجابة على هذا
السؤال إقرأ الفصل /14/ الذي يتحدث عن استخدام ضمير الجماعة تعبيراً عن احترام
الله في كلً من الكتاب المقدس و القرآن الكريم.و اقرأ أيضاً الفقرة الأولى من
الجزء (1-2-2-6).
و الآن نعود إلى
جدولنا:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28 يوحنا
14: 6 يوحنا
14: 8-9 |
يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
|
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-9) يوحنا 14: 8-9(رأى الآب)
حسنٌ، ماذا عن هذا
العدد:
((مَنْ رآني رأى الآبَ))؟ لنلقِ نظرة على السياق:
فقالَ لَه فيلبُّسُ:
((يا سيِّدُ، أرِنا الآبَ وكَفانا)). فقالَ لَه يَسوعُ: ((أنا مَعكُم كُلَّ هذا
الوَقتِ، وما عَرَفتَني بَعدُ يا فيلبُّسُ؟ مَنْ رآني رأى الآبَ، فكيفَ تَقولُ:
أرِنا الآبَ؟
الكتاب المقدس – يوحنا
14: 8-9
لقد أراد فيلبس أن يرى
الله بأُمّ عينيه، إلا أن ذلك مستحيل لأنه لا أحد يستطيع ذلك. يقول الكتاب المقدس:
ما
مِنْ أحدٍ رأى اللهَ.
الكتاب
المقدس – يوحنا 1: 18
ما
مِنْ أحَدٍ رأى اللهَ.
الكتاب
المقدس – رسالة يوحنا الأولى 4: 12
والآبُ
الّذي أرسَلَني هوَ يَشهَدُ لي. ما سَمِعْتُم صَوتَهُ مِنْ قَبلُ، ولا رأيتُم
وجهَهُ
الكتاب
المقدس – يوحنا 5: 37
لقد
كانوا يسمعون صوت عيسى و ينظرون إليه واقفاً أمامهم! لقد كان عيسى يخبرنا و بكل
بساطة بأن الأعمال و المعجزات التي قام بها هي دليل كافٍ على وجود الله بدون أن
يأتي الله و يجعل نفسه مرئياً كلما راود
أحدهم الشك. إن ذلك يماثل قوله:
فلو أصرّينا بأنه
عندما رأى فيلبس عيسى (عليه السلام) فإنه بذلك قد رأى الله ((الآب)) شخصياً
و ذلك لأن عيسى "هو" الآب و كليهما ثالوث واحد و أن عيسى هو
"تجسد" الله، فإن ذلك سيقودنا إلى استنتاج أن كلاً من الأعداد [يوحنا 1:
18] و [يوحنا 4: 12] و [يوحنا 5: 37]...إلخ جميعهم أكاذيب.
حسنٌ، هل كان فيلبس هو
الوحيد الذي "رأى الآب"؟ دعونا نقرأ:
لا
أَنَّ أحدًا رأى الآبَ إلاَّ مَنْ جاءَ مِنْ عِندِ اللهِ:هوَ الّذي رأى الآبَ.
الكتاب
المقدس – يوحنا 4- 47
قد نسأل: من هو الذي
جاء من عند الله و رأى الآب؟ دعونا مرة أخرى نسأل الكتاب المقدس:
مَنْ
كانَ مِنَ اللهِ سَمِعَ كلامَ اللهِ. وما أنتُم مِنَ اللهِ، لذلِكَ لا تَسمَعونَ.
الكتاب
المقدس – يوحنا 8: 47
و
أيضاً:
أيُّها
الحبيبُ، لا تَتَّبعِ الشَّرَّ. بَلْ الخَيرَ. مَنْ يَعمَل الخَيرَ فَهوَ مِنَ
اللهِ، ومَنْ يَعمَل الشَّرَّ فَما رأى اللهَ.
الكتاب
المقدس – رسالة يوحنا الثالثة 1: 11
و
هل رأى الأناسُ الذين يعملون الخير اللهَ شخصياً أيضاً؟
لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ
وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
القرآن
الكريم – الأنعام
وَلَمَّا
جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ
إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ
مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ
دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ
وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
القرآن
الكريم – الأعراف
لنلقي
نظرة على جدولنا مرة أخرى:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28 يوحنا
14: 6
|
يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
|
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-10) يوحنا 14: 6 (أنا هو
الطريق)
((أنا هوَ الطَّريقُ ...لا
يَجيءُ أحَدٌ إلى الآبِ إلاَّ بـي))
بعض الناس يرون في هذا
العدد حين قراءته تأكيداً على الثالوث لسببٍ ما. على الرغم أنني لا أعلم كيف يجدون
فيه إشارةً واضحةً أو حتى ضمنيةً إلى الثالوث، و لكن سنقوم بدراسته نظراً
لانتشاره.
يبدو أن يكون عدداً
كبيراً من المسيحيّين يفسرون هذا العدد عند قراءته على أنه تصريح بأن عيسى هو
اللّه و أنّه لن يدخل الجنّة أحد إلا إذا عبد عيسى. لذلك يفضل دراسة هذا العدد في
القسم الذي بعنوان ((ابن الله 1-2-3)), و لكنّ, باعتبار أن هذا العدد يُستشهد به
عند مناقشة الثالوث لذا كان من المناسب أن نناقشه هنا.
يفهم عامة الناس من
هذا النص أن عيسى يطلب منا أن نعبده لكي يتم خلاصنا، إلا أن المعنى الحقيقي لهذا
العدد ليس كذلك. فإن أردنا أن نستوعب تلك الحقيقة، وجب علينا دراسة السياق.
فإن عدنا قليلاً و
قرأنا النص من بداية الإصحاح، فإننا سنجد عيسى يقول قبل أن يتفوه بتلك الكلمات:
في
بَيتِ أبـي مَنازِلُ كثيرةٌ، وإلاَّ لما قُلتُ لكُم: أنا ذاهِبٌ لأهيِّـئَ لكُم
مكانًا.
الكتاب
المقدس – يوحنا 14: 2
إن البيان أعلاه واضح
تماماً. إنّه في توافق دقيق مع تعاليم القرآن. يخبرنا القرآن كيف أن اللّه قد أرسل
رسلاً إلى كلّ القبائل و الأمم. و يخبرنا أن الرّسالة الأساسيّة التي نزلت إلى كلّ
هؤلاء القبائل كانت واحدة : ((أعبدوا الله دون سواه)). بعض التفاصيل الثّانويّة
لهذه العبادة قد تختلف من قبيلة أو أمة إلى أخرى وفقاً لحكمة اللّه اللامحدودة و
معرفته بهؤلاء النّاس. لقد أمر الله كل نبيّ بألا يقوم بدعوة أحدٍ إلا شعبَه. ومن
ثم توضّح الأمر لشعب هذا الرسول أنهم لو أطاعوه فإنهم سينالون ثواب الله. إن الله لن يحمّلهم مسؤولية ما صنعته أيّ قبيلة
أو أمة أخرى وما لم تصنع. و يستمرّ هذا الحال حتّى آخر رسل الله محمد ()
الذي أُرسل إلى كلّ البشريّة كخاتم الأنبياء.
إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ (يا محمد) بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن
مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)
القرآن الكريم - فاطِر
وَلَقَدْ
بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ
الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ
الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ (36)
القرآن الكريم – النحل
إِنَّا أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ
وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ
وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا
دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ
وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)
رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ
حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)
القرآن الكريم - النساء
يَوْمَ
نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ
فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)
القرآن الكريم –
الإسراء
فَكَيْفَ
إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا
(41)
القرآن الكريم –
النساء
وَأَشْرَقَتِ
الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ
وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)
القرآن الكريم – الزُّمر
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي
كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا
عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
القرآن الكريم – النحل
هذا ما يقوله عيسى بالضبط. لقد قال أنه في بيت
الله يوجد غرف كثيرة. لقد أُرسل عيسى ليرشدهم إلى غرفة واحدة
فقط. إن الغرف الباقية الكثيرة محجوزة للقبائل و الأمم الأخرى إن أطاعوا رُسُلهم.
ومن ناحية أخرى فقد كان عيسى يخبر أتباعه ألا يكترثوا للغرف الأخرى. أي شخص من بين شعبه يود دخول هذه
الغرفة التي حُجِزَتْ لهم فقط وجب عليه اتّباع عيسى و إطاعة أوامره. لذا أكد عيسى
أنه ذاهب ليهيّء لهم ((مكاناً)) – و ليس ((كل الأمكنة)) – في بيت الآب.
و أيضاً, فإن هذا العدد يصرح بوضوح أن عيسى كان
الطّريق إلى غرفة و لم يقل أنّه الوجهة المقصودة و
التي سيكون الحال عليها لو أنه هو الله وجهة كلّ عبادة و صلاة. ماذا نتوقع من نبيّ
الله إلا أن يقول ((أنا هو الطريق لرحمة الله))؟ فهذا ما يجب على النبيّ أن يقوله!
و هذا ما يجب عليه أن يفعله! لقد اصطفاه الله لهذا السبب في الدرجة الأولى، لكي
يُرشدهم إلى رحمة الله. هذا ما يؤكد عليه العدد [يوحنا 10: 9 - أنا هوَ
البابُ، فمَنْ دخَلَ مِنِّي يَخلُصُ: يدخُلُ ويَخرُجُ ويَجِدُ مَرعًى] حيث
يخبرنا عيسى بأنه "الباب" إلى "المرعى". بمعنى أنه
"النبيّ" الذي يهدي شعبه إلى "الجنة". إقرأ أيضاً العدد
[يوحنا 12: 44 - مَنْ آمنَ بـي لا يُؤمِنُ بـي أنا، بل
يُؤمِنُ بالّذي أرسَلَني].
مرة أخرى، تلك كانت رسالة الإسلام. و بالطبع
فإن الله بعد /600/ سنة سيأمر النبي محمد ()
ليقول للبشرية:
قُلْ (يا محمد
للبشرية)
إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31)
القرآن الكريم – آل
عمران
و في الختام، لنتذكر قول
المسيح:
لَيْسَ كُلُّ مَنْ
يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ ، يَا رَبُّ ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ
الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
الكتاب المقدس – متى
7: 21
هاهو جدولنا مرة أخرى:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
يوحنا
20: 28
|
يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
|
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-11) يوحنا 20: 28 (ربي و
إلهي)
ثُمَّ
قالَ (عيسى) لِتوما:
((هاتِ إصبَعَكَ إلى هُنا واَنظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يدَكَ وضَعْها في جَنبـي. ولا
تَشُكَّ بَعدَ الآنَ، بل آمِنْ! )) فأجابَ توما: ((رَبِّـي وإلهي! ))
Then
saith he (Jesus) to Thomas, Reach hither thy finger, and behold my hands; and
reach hither thy hand, and thrust [it] into my side: and be not faithless, but
believing. And Thomas answered and said unto him, My Lord and my God.
الكتاب
المقدس – يوحنا 20: 27-28 (الترجمة العربية المشتركة – نسخة الملك جيمس)
مرة أخرى، و عندما تم
اقتباس هذا العدد، اعتقدت لتوّي بأنني وجدت ضالتي أخيراً. لقد وجدت في النهاية
عدداً يقول بصراحة بأن عيسى "هو" الله. إلا أنه بعد وقت ليس بطويل من
البحث في الكتب اللاهوتية وجدت أن المعنى الحقيقي لهذا العدد كان مختلفاً تماماً
عما فهمته من مجرد إلقاء نظرة خاطفة عليه.
إن هذا العدد و في
أحسن أحواله هو مثال على التصريح الضمني لـ"الثنائية". ذلك لأن هذا
العدد يبدو و كأنه يدلّ على أن توما اعتقد أن عيسى كان هو الله العليّ. إن هذه
الكلمات هي على لسان توما و ليست من أقوال عيسى. و على كل حال فإننا نواجه عدداً
من المشاكل في تفسير هذا العدد ليدل على أن عيسى هو اللّه.
أوّلاً: إن
العبارة ((فأجابَ
توما))
هي عبارة مضللة نوعاً ما نظراً لكون توما لم يُطرح عليه سؤال في أيّ مكان قبل هذا
العدد. إن كلمات توما تشير بشكل ملائم أكثر إلى "الدهشة" أو
"التعجب"، و لهذا السبب فإن أغلب ترجمات الكتاب المقدس (فيما عدا نسخة
الملك جيمس) تُلحق هذه الجملة بـ (إشارة التعجب) كالتالي:
فأجابَ توما: ((رَبِّـي وإلهي! ))
(إن الترجمة العربية
المشتركة قد أضافت إشارة التعجب مسبقاً، إلا أن نسخة المللك جيمس باللغة
الانكليزية لم تضع هذه الإشارة، و النص الأصلي الذي تحت الدراسة هو من نسخة الملك
جيمس)
علماء مسيحيّون مثل
تيودور موبسيستيا Theodore of Mopsuestia (350-428 ) - وهو برتبة أسقف في كنيسة
موبسيستيا - فسّروا هذا العدد في أنه موجّهٌ إلى الله ((الآب)) و ليس إلى عيسى، و
بالتالي فإن ذلك يشبه في المعنى صيغة التعجب (يا إلهي!) أو (يا الله!). و بعبارة
أخرى, كان ذلك من الدهشة بهدف التعبير عن المفاجأة و عدم التّصديق و ليس تأكيداً
أن عيسى في الحقيقة هو اللّه ((الآب)).
ثانياً: في حقيقة الأمر فإن
الكلمة المترجمة في هذا العدد على أنها ((الله - God)) يجب أن تكون في اللاتينية ((هوثيوس Ho theos – أي الله)) و ليست ((ثيوس theos – إي إله أو الألوهية المجازية)). ولكن، و عند
دراسة تاريخ هذا العدد في المخطوطات اليدوية القديمة للكتاب المقدس و التي جُمع
منها الكتاب المقدس الذي بين أيدينا اليوم، فإننا نجد هذه الحقيقة المثيرة
للاهتمام: بأن المخطوطات اليدوية القديمة للكتاب المقدس نفسها غير متفقة في الصيغة
الصحيحة لهذه الكلمة. فمثلاً: مخطوطة بيزا codex Bezae هي مخطوطة يدوية تعود للقرن الخامس بعد الميلاد و تحتوي على
الأناجيل و أعمال الرسل بالنص اليوناني و اللاتيني، و التي اكتُشفت في القرن
السادس عشر من قِبل تيودور بيـزا Theodore Beza
في
دير بمدينة ليون Lyon.
إن المخطوطات اليدوية التي كُتبت قبل مخطوطة بيزا و غيرها من مخطوطات الكنيسة لا
تحتوي في نصها على ((Ho
– أل التعريف))[2].
يعني ذلك أنه إن كان هذا العدد و في هيئته الأصلية يجب أن يفهم أنه موجّهٌ إلى
عيسى (عليه السلام) نفسه، فإن العدد يقول بأن عيسى هو "إله" و ليس
"الله تعالى". و بالتالي فذلك مماثل في المعنى لما وُصِف به النبيّ موسى
بأنه "إله" في العدد [سفر الخروج
7: 1 - فقالَ الرّبُّ لموسى: أُنظُرْ. جعلْتُكَ بِمَثابَةِ إلهٍ
لِفِرعَونَ]
و عندما وُصِف كل اليهود بأنهم "آلهة" في العدد [المزامير 82: 6 - أنا قلتُ
أنتُم آلهةٌ وبَنو العليِّ كُلُّكُم] و عندما وُصِف الشيطان بأنه
"إله" في العدد [كورنثوس الثانية 4: 4 - ...غَيرِ المُؤمنينَ
الّذينَ أعمى إلهُ هذا العالَمِ بَصائِرَهُم] و ذلك يقلل من تعجب
توما في حال كونها موجهة إلى عيسى فيصبح المعنى: ((سيدي الإله!)) أو ((إلهي و
سيدي!)).
أما بالنسبة للمسلمين فالموضوع بسيط. يصرّح
القرآن بوضوح كبير بأن الله لم يتخلى عن عيسى بتسليمه لليهود ليُصْلَب, بل
"شُبِّه لهم". لذا فإن القول بأن عيسى جاء إلى توما و طلب منه أن يشاهد
أثر المسمار في يده و الرّمح في جانبه لهو الدّليل الواضح بالنسبة للمسلم أن هذا
الحدث بالكامل تلفيقٌ و إضافةٌ لاحقة. و باعتبار أن قول المسلم في هذا الشّأن لن
يُعْتَبَر دليلاً عادلاً و محل ثقة في هذه المسألة, لذلك كان من الضروريّ استخدام المنطق
قليلاً للوصول إلى الحقيقة. بما أنّه لدينا في أيدينا خلاف بين المخطوطات
الإنجيليّة القديمة نفسها بخصوص ما قاله توما حقيقةً, لذلك دعوني أطلب منكم هذا
الأمر البسيط جداً. من فضلكم أحضروا قلم رصاص و قطعةً من الورق و توقّفوا عن قراءة
هذا الكتاب مؤقتاً، ثم دوّنوا من فضلكم و بإسلوبكم الخاص النتيجة الواضحة الأكثر
أهمية و التي يمكن استنتاجها من دهشة توما. اكتبوا ذلك باختصار و في حدود عشرين
كلمة ولكن باسلوب مباشر ما استطعتم. اختاروا كلماتكم بعناية و دوّنوها كما لو أن
حياتكم بأسرها و خلاص الآلاف من الأجيال يعتمدان على ما ستكتبونه. اجعلوها واضحة و
في صلب الموضوع. هل انتهيتم؟ حسنٌ، دعونا نكمل.
دعونا الآن نقارن ما
كتبتموه للتّو مع الذي كتبه المؤلّف الحقيقي لهذا الإنجيل عندما واجه نفس
المتطلبات التي عرضتها عليكم. فلو تابعنا القراءة من إنجيل يوحنا نفسه, فإننا سنجد
أن بعد هذا الحوار الذي دار بين عيسى و توما مباشرةً و الذي وصفه لنا مؤلف إنجيل
يوحنا - سنجد أن نفس المؤلف يتابع فيقول:
وصنَعَ يَسوعُ أمامَ
تلاميذِهِ آياتٍ أُخرى غَيرَ مُدوَّنَةٍ في هذا الكِتابِ. أمَّا الآياتُ
المُدوَّنَةُ هُنا، فهيَ لتُؤمِنوا بأنَّ يَسوعَ هوَ المَسيحُ اَبنُ اللهِ. فإذا
آمنتُم نِلتُم باَسْمِهِ الحياةَ.
الكتاب المقدس – يوحنا
20: 30-31
إن كان مؤلّف إنجيل
يوحنا قد سجّل كلمات توما بأنها شهادةٌ على أنّ عيسى هو اللّه و أنه فسّر صمت عيسى
على أنه اعتمادٌ لهذه الشّهادة المزعومة,
فإن يوحنا سيكتب في هذه الحالة ((لتؤمنوا أن يسوع هو الله العليّ)) و ليس
((لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح...)) و لقراءة شرحٍ للمصطلحات [ابن الله – المسيح]
أرجو قراءة الجزء (1-2-3-2) و الجزء (1-2-3-8) الذين سننتقل إليهما قريباً.
لجعل هذه المسألة واضحة
أكثر، دعونا أوّلاً نتذكّر أن العلماء المسيحيّين يخبروننا بأن التّلاميذ لم يكونوا
على فهمٍ تامٍّ بمن "هو" عيسى إلى ما بعد حادثة البعث و القيامة. فعلى
سبيل المثال يقول السيد توم هاربر Tom Harpur:
"في الحقيقة, إذا ما قرأت بعناية إنجيل
مرقس بالكامل فإنك ستكتشف أن التّلاميذ كانوا بعيدين عن ملاحظة الألوهية التي نسبت
لاحقاً إلى عيسى. إن الذين يفترض أن يكونوا قادرين على رؤية الحقيقة من خلال
الأكاذيب وُصِفوا بأنهم بُلهاء و أغبياء بكل صراحة... بعض العلماء يعتقدون أنه
مرقس في الحقيقة قد أظهر التّلاميذ في صورة سيئة عمداً لأنه كان مدركًا وجود مشكلة
خطيرة. إذا كان يسوع ابن اللّه فيما بعد، وهو شيءٌ مقبولٌ أكثر, فكيف حدث أنّ
الذين رافقوه – وهم شهود معجزاته و حفظة تعاليمه العميقة - لم يعرفوا إطلاقاً من
كان إلى ما بعد حادثة القيامة بفترة ليست بقصيرة؟"
من أجل المسيح ص 59
For Christ’s
Sake, pp. 59
لقد اعترف العلماء لاحقاً أن الثالوث المقدس لم
يجد طريقه إلى المسيحية "بشكل تام" حتى ثلاثمائة سنة بعد رحيل عيسى
(عليه السلام) (أنظر على سبيل المثال القسم 1-2-2-15). و من ناحية أخرى فهم يشيرون
إلى هذا العدد ليبينوا لنا كيف أن الطبيعة "الحقيقية" لعيسى قد أصبحت في
النهاية واضحة بالنسبة للتلاميذ. و الآن يجب أن نسأل: ما هي أهم معلمومة تعلمناها
لتوّنا من دهشة توما؟ ما هي المعلومة الأكثر سطوعاً و وضوحاً و بروزاً التي
تعلمناها من هذا التصريح؟ هل لمبشّرٍ أن يقول لنا أننا تعلمنا في الحقيقة أن عيسى هو
الله!؟ بعبارة أخرى: لقد أمضى التّلاميذ سنوات كثيرة يتعلمون فيها عن عيسى، و
يتبعونه و يطيعونه و يبشّرون برسالته. و فجأة زُعم أنه أُخذ بعيداً و صُلب و دُفن,
ثم قام من الموت. ثم يراه توما - طبقًا لشهادة يوحنا - و يدرك أن يسوع هو اللّه
الآب الذي نزل إلى الأرض ليمشي بيننا. إذا فماذا نتوقع منطقياً أن يكون الموضوع الهام
جداً و ذو طبيعة ملحة و حاسمة في نظر مؤلف إنجيل يوحنا؟ من الواضح أن السبب في
تفسيرنا هذا هو غرس "الفكرة" في عقولنا في أن "عيسى هو تجسد الله
العليّ"! أليس هذا سبباً منطقياً؟ ثم لماذا يتجاهل المؤلّف الآن عن دون قصد
مثل هذه الملاحظة المبعثرة و يختار أن يعود عمداً إلى وصف عيسى بمصطلحات مثل ((ابن
الله)) و ((المسيح - المسيا))؟ [إقرأ الجزء (1-2-3-2) و (1-2-3-8)] ألم يفهم مؤلّف
هذا الكتاب العلاقة التي أنشأناها لتوّنا الآن؟ هل كان لدى مؤلّف إنجيل يوحنا
فهماً أدنى من فهمنا لما كان يكتبه؟ فكّر في ذلك مليّاً.
أكثر من ذلك، فبعض
العلماء المسيحيين يعتقدون أن كامل الفقرة المتعلقة بـ"شكوك توما" هي
"إضافة" لاحقة. إن كتاب ((الأناجيل الخمسة)) يقول عن هذه الفقرة أنها
تلفيق بالكامل و أنها ليست من أقوال عيسى (عليه السلام).
يوجد العديد من
الأعداد الأخرى التي يمكن التطرق إليها في مثل هذه المقارنة، إلا أن الأعداد التي
اقتبسناها لتوّنا هي الأقوى و الأكثر استشهاداً. يوجد أعدادٌ أخرى يُتطرق إليها في
مثل هذه النقاشات، هذه الأعداد سندرسها في الفصل (1-2-3) باعتبار أنها تندرج بشكل
أكبر تحت مفهوم إلوهية عيسى و القول بأنه الابن الجسدي المولود لله فيما لو أنهم
أُدرجوا تحت مفهوم الثالوث.
و في النهاية دعونا
نلقي نظرة أخيرة على جدولنا:
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
|
يوحنا
10: 33 يوحنا 5:
18 |
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
|
الله
أكثر من ذلك |
كما نرى من جدولنا فإنه لا يوجد أي تصريحٍ في
كل الكتاب المقدس - واضحاً كان أم ضمنياً – يؤكد مفهوم الثالوث! في الحقيقة، لقد
كان ذلك هو السبب الذي أدى إلى إضافة العدد [يوحنا 5: 7] إلى الكتاب المقدس قبل
قرون عديدة. لأنه بغياب هذا العدد الملفق لا يوجد أي طريقة على وجه الأرض لإثبات
أن الله عبارة عن ثالوث. و في مثل هذه الحالة يجب علينا أن نأخذ بقول الكنيسة فيما
يتعلق بهذا الأمر. إلا أنه و بحمد الله تعالى لم يتم الكشف عن هذا التلفيق من قبل
المسلمين، بل من قبل مسيحيٍّ مُنفتح. لم يتم الكشف عنه من قبل مسيحي محافظ، بل من قبل
إثنين و ثلاثين من علماء الإنجيل المحافظين الأكثر رفعة يدعمهم خمسون من
الطوائف الدينية. و بغضّ النّظر عن ماهية كنيستكم أو الطائفة التي تنتمون إليها
و التي من المحتمل أن تكون عضواً في اللّجنة التي جمعت النسخة القياسية المنقحة
للكتاب المقدّس و غيرها من الاحتمالات, فقد تم حذف العدد [يوحنا 5: 7] على أنه
تلفيق بالكامل.
أليس من الغريب قليلاً
أن يختار الله بألا يضع تصريحاً واحداً فقط في كامل الكتاب المقدس حيث يقول فيه
((أنا ثلاثة آلهة في واحد))؟
أليس من الغريب قليلاً
أننا اضطررنا إلى انتشال و اختيار إشارات ضمنية لـ"الثنائية" و
نقوم بجمع الأشلاء لنعرف طبيعة الله؟
لماذا رأى الله أنه من
الضروري التصريح بوضوح و بشكل متكرر من خلال الكتاب المقدس بأنه إله
واحد، و عندما يحين الوقت ليصرّح بوضوح بأنه ثلاثة آلهة فإن ذلك
يُترك لعقولنا لكي "نلاحظ" و "نجمع المعلومات" أنه "لابد
أن يكون ثالوثاً مقدساً"؟
لماذا لم يُحسم
الموضوع في زمن الأنبياء نوح و إبراهيم و موسى (عليهم السلام)؟ لماذا لا نجد
يهودياً واحداً يعبد "الثالوث المقدس"؟
"إن عقيدة
الثّالوث المقدّس قد رُبِطَت بجوانب مختلفة من وحي العهد القديم, و من المحتمل أن
تكون الجوانب الأكثر أهمية في ذلك هو استخدام صيغة الجمع للدلالة على الألوهية والإشارات إلى الربوبية و تميُّز روح
الله و المسيح عما دون ذلك. إن التأييد الذي تقدّمه كلّ هذه الجوانب من وحي العهد
القديم للمعتقد المسيحي فيما يتعلق بالثالوث المقدس هو تأييد مبالغ فيه, و خاصة
فيما يتعلق بالأدلة المستقاة من استخدام صيغة الجمع في الإشارة إلى الألوهية. إن
صيغة الجمع في العدد الذي يقول (لِنَصنَعِ الإنسانَ على صُورَتِنا) [التكوين
1: 26]،[كورنثوس الأولى 3: 22 – 11: 67] تشير إلى مصطلح ((ابن الله)) أو إلى ((آلهة
ذات مستوى أدنى)) وهي مذكورة في مواضع أخرى مثـل [كورنثوس الأولى 6: 1-4]،[أيوب 1:
6]،[المزامير 29: 1]، و يشار إليها في العدد [المزامير 82: 1] على أنها مجلس إلهي
و الله الواحد في وسطه. هذا المجلس الإلهي سمّي فيما بعد ((الملائكة))"
قاموس إردمانز للكتاب المقدس، تحرير آلن ميرز –
ص 1019
The
Eerdmans Bible Dictionary, Editied by Allen C. Myers, p. 1019
للمزيد حول هذاالموضوع
فضلاً إقرأ الفصل /14/.
أعرف أنه لازال يوجد
الكثير من الأسئلة التي لم نجب عليها، لذا أرجو أن تتحلوا بالصبر لأنه سرعان ما
ستتضح الصورة لنا أكثر فأكثر عندما ننتقل إلى القسم (1-2-3) و القسم (1-2-4) إن
شاء الله.
(1-2-2-12) يوحنا 10: 33 و يوحنا
5: 18(جعلت
نفسك إلهاً)
فقالَ لهُم يسوعُ:
((أرَيتُكُم كثيرًا مِنَ الأعمالِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِندِ الآبِ، فلأيِّ عمَلٍ
مِنها تَرجُموني؟)) أجابَهُ اليَهودُ: ((لا نَرجُمُكَ لأيِّ عمَلٍ صالِـحٍ
عَمِلتَ، بل لِتَجديفِكَ. فما أنتَ إلاّ إنسانٌ، لكِنَّكَ جَعلتَ نَفسَكَ إلهًا)).
الكتاب المقدس – يوحنا
10: 32-33
فاَزدادَ
سَعيُ اليَهودِ إلى قَتْلِهِ، لأنَّهُ معَ مُخالَفَتِهِ الشَّريعةَ في السَّبتِ،
قالَ إنَّ اللهَ أبوهُ، فَساوى نَفسَهُ بِاللهِ.
الكتاب
المقدس – يوحنا 5: 18
إن أول هذين العددين
هو تتمة لعدد رسناه سابقاً وهو [يوحنا 10: 30 – أنا
والآبُ واحِدٌ]، و لكن نظراً لانتشار هذين العديين في
إثبات الثالوث، فإننا سنقوم بدراستهما بشكل منفصل.
عندما يستشهد النّاس
بمثل هذه الأعداد في محاولة لإثبات أن عيسى هو اللّه فإنهم يُتبِعُونه بالقول بأن
عيسى (عليه السلام) لابد و أن يكون قد قال بأنه الله. يبرّرون ذلك في قولهم: إذاً فما السبب الذي جعل
أعداءه يتّهمونه بالتجديف؟ إذا ادّعى أعداؤه ذلك فلابد أن يكون هذه الادّعاءُ
صحيحاً.
المشكلة في هذا المنطق
هو أن اليهود كان لهم المصلحة في اتّهام عيسى (عليه السلام) بأي أمر يُبعد الناس
من حوله. فقد أصبح بطلاً شعبياً مع الوقت و بشكل ملحوظ، و الكثير من الناس قد أخذوا
يتجمعون من حوله. كان لابد لهم من إحداث "فضيحةٍ" ما لكي يلحقوا الضرر و
يستولوا على زمام الأمور ولو جزئياً.
في أيّ محكمة في
الولايات المتّحدة الأمريكيّة هناك ما يُسَمَّى بـ "الشاهد العدائيّ".
الشّاهد العدائيّ هو شاهد الادّعاء الذي يقاوم للفوز من خلال خسارة المدّعى عليهم.
لهذا السّبب, فإن شهادة الشّهود هؤلاء لا تُوضَع أبدًا على قدم المساواة مع
الشّاهد الحيادي غير المتحيّز.
فلو كنا لنقبل قول
هؤلاء النّاس بأن عيسى (عليه السلام) قد ادّعى أنه اللّه، فقط لأنهم يدّعون أنه قد
قال ذلك, فيجب علينا أن نتابع على نفس المنوال و نصدّق كل شيئ يقولونه عنه. فعلى
سبيل المثال, يصفونه بأنه شَرِهٌ و مدمن كحول في العدد [متّى 11: 19]. و يقولون
أنه كان في تحالف مع الشّيطان في العدد [مرقس 3: 22]. و في العدد [يوحنا 8: 48]
يدّعون أنه كان سامريّاً و أنّ به مسٌّ من الشيطان. وهم يصرّون أنه مجنونٌ في
العدد [مرقس 3: 21]. و بالمثل, فقد وصفوا يوحنا المعمدان (يحيى عليه السلام) بأنه
مسكون من قبل الشيطان في العدد [متّى 11: 18] ...إلخ. هل كلّ هذه الاتهامات صحيحة؟
للمزيد حول هذا الموضوع الرجاء قراءة الجزء (6-3) الفقرة التاسعة.
قد يسأل أحدهم: فلماذا إذاً يودّ هؤلاء الناس
تلفيق اتهامات غير معقولة على أنبيائهم؟ السبب في ذلك أنهم لو استطاعوا إلصاق أحد
هذه الاتهامات بصاحبها فإنهم بذلك سيجدون عُذراً شرعياً لإعدام أنبياء الله دونما
إحداث شغبٍ و جعلهم شهداء، أو إشعال الثورة في وجه فسادهم (إقرأ الإصحاح 23 من
إنجيل متّى). فلو قرأنا الإنجيل فسنجده مزحوماً بمثل هذه الاتّهامات. فعندما لا
تلتصق به تهمة ما فسيحاولون إلصاق أخرى ثم أخرى. وكما يقول المثل: إن لم تنجح من
المرة الأولى فحاول ثانية و ثالثة.
التصريح الضمني |
التصريح الواضح |
- |
- |
سفر
التثنية 4: 39 سفر
الخروج 20: 3 سفر
الخروج 34: 14 إشعياء
43: 10-11 إشعياء
44: 6 إشعياء
45: 6 إشعياء
45: 18 إشعياء
45: 22 |
الله
واحد |
|
|
الله
اثنين |
|
|
الله
ثلاثة |
- |
|
الله
أكثر من ذلك |
(1-2-2-13) تحليل منطقي:
كما لاحظنا في بداية دراستنا التحليلية فإن
عيسى يأمرنا في العدد [مرقس 20: 30] بقوله: ((فأحِبَّ الرَّبَّ
إلهَكَ ... بِكُلِّ فِكرِكَ))، كما تعلمنا أنّ ((اللهَ
لَيْسَ إِلَهَ تَشْوِيشٍ)) من خلال العدد [كورنثوس الأولى 14: 33].
لذا, فإن كانت طبيعة اللّه
ليست طبيعة إله تشويش، فلا يجب أن يأمرنا أن "نؤمن" بالثالوث المقدس بكل
بساطة ذلك لكونه مفهومٌ "غامض". أليس ذلك بالعدل؟ أليس هذا مايقوله
الكتاب المقدس و عيسى نفسه؟ لذا دعونا نستخدم عقولنا و نبحث عن الحقيقة. لنطرح
الأسئلة في بعض الأمور حتى نكون قادرين فعلاً على القول بأننا أحببنا الله ((بكل
فكرنا)).
أغلب المسيحيين اليوم قد تعلّموا أنه بسبب آدم
فإن البشرية كلها قد ورثت الخطيئة.
فكما
أنَّ خَطيئَةَ إنسانٍ واحدٍ قادَتِ البشَرَ جميعًا إلى الهَلاكِ، فكذلِكَ بِرُّ
إنسانٍ واحدٍ يُبَرِّرُ البشَرَ جميعاً فينالونَ الحياةَ.
الكتاب
المقدس – رسالة بولس إلى أهل رومة 5: 18
لقد كانت هذه الخطيئة
عظيمة جداً لدرجة أنها لا يمكن أن تُغفر بالوسائل العادية. لقد كانت هذه الخطيئة
عظيمة جداً لدجة أن الله لم يكن بمقدوره أن يقول بكل بساطة ((لقد غفرت لكم
جميعاً)). لقد كانت هذه الخطيئة عظيمة جداً لدرجة أنها لم ينفع معها التضحية بشخص
فانٍ لم يقترف أي سيئة. لقد كانت هذه الخطيئة عظيمة لدرجة أنه كان من الضروري أن يقدّم
الله تعالى ابنه الوحيد المولود له على أنه القربان الوحيد القادر على تكفير خطيئة
البشرية. لقد كانت الطريقة الوحيدة الممكنة حتى يغفر الله للبشرية هذا الذنب
المروّع بأن يُسلّم ابنه لعدوّه الفاني لكي يضربوه و يبصقوا عليه و يجلدوه و
يعرّوه يطعنوه و يذلّوه و يعلّقوه على الصليب و أخيراً قتله. بهذا الأسلوب سيتمكن
الله أخيراً أن يهبنا الغفران الذي يودّ أن يُنعم علينا به [كورنثوس الأولى 15: 3
- المَسيحَ
ماتَ مِنْ أجلِ خَطايانا]،[أهل رومة 5: 6 - ماتَ
المَسيحُ مِنْ أجلِ الخاطِئينَ].
إلا أننا لو نظرنا
بإمعان إلى هذه الصورة فسنجد عدداً من المعضلات. على سبيل المثال, إذا كان عيسى
(عليه السلام) جزء من ثالوثٍ إلهيّ يشكّل جوهر الله العليّ, و إذا كان الله ألهاً
واحداً و ليس ثلاثة آلهة, فإن مات عيسى (عليه السلام) على الصّليب, فماذا حدث لله
العليّ؟ هل مات الثّالوث المقدّس أيضًا أم كان ثُلثاً من الثّالوث المقدّس قد
انفصل عن الكل ثمّ عُذّب و قُتل و أُرسل إلى جهنّم لمدّة ثلاثة أيّام فيما بقي
الثلثين الباقيين (لله!) في هيئاتهما العرجاء بعيداً في برّ الأمان؟ من كان يشرف
على السماوات و الأرض بينما كان كلّ ذلك يحدث؟ الثّالوث المقدّس الأعرج؟ لا أحد؟ إذا
كنتُ مكوّنًا من قلب و عقل و روح و مات أحد الأجزاء, فما يحدث للبقية؟
هل هم واحد أم ثلاثة؟ إذا كان اللّه و عيسى و الرّوح القدس هم ثلاثة
أسماء لنفس الكينونة و ليسوا ثلاثة آلهة منفصلين, (مفهوم الثّالوث المقدّس الذي يمليه
علينا العدد [إشعياء 43 10-11] و غيره من الأعداد) فإن "موت عيسى" هو
طريقة أخرى لقولنا "موت اللّه الآب" و الذي هو أيضًا طريقة أخرى لقولنا
"موت الرّوح القدس".
سيعترض بعض رجال
الدّين بأن المسيح لم يمت بذاته, بل الذي مات هو هيئته البشرية (الناسوت). أما
الهيئة الإلهية (اللاهوت) فلم تتأثر بذلك. إنهم يصفون ذلك كأن شخصاً ما ينزع
معطفه. إن هذا المفهوم يتركنا في ورطة, لأنه لا يدع لنا إلى خيارين:
1)- إما أنّ عيسى (عليه السلام) ((نفسه)) لم
يمت،
بل سُفك
جسده البشري (إذا جاز التّعبير), و في هذه الحالة يجب أن نسأل: أين تكمن التّضحية
العظيمة في سفك قشرة عديمة الجدوى؟ ألم نتفق لتوّنا قبل قليل بأن التضحية بشخص
هالكٍ (فانٍ) غير كافيةٍ لمسح هذه الخطيئة عن البشرية؟ ألم نقل لتوّنا أن الذي يجب
أن يموت لابد و أن يكون (إلهاً) معصوماً؟ ثمّ كيف يكون سفك القشرة الفانية عديمة
الجدوى الخاصة بعيسى و التي لا تشكّل جوهره الفعلي - تضحيةً مطلقةً لفداء كل آثام
البشريّة؟ كيف يكون ذلك مختلفاً عن التضحية بأي بشرٍ عادي؟ هل كفّر موت معطف يسوع
عن آثام كلّ البشريّة؟ ألم يكن بمقدور عيسى أن يصنع لنفسه ألفاً إضافيةً من
((القشور)) البشرية ليسكن فيها؟ هل رَميُه لإحداها يُعتبر ((تضحيةً مطلقةً لكل
آثام البشرية))؟
2)- أو أنّ عيسى (عليه
السلام) ((نفسه)) قد مات، في هذه الحالة: بما أنه جزء من "الثالوث
المقدس"، و أنّ "الثالوث المقدس" ألهٌ واحد و ليس
ثلاثة (وذلك بما تمليه علينا الأعداد [إشعياء 43: 10-11]،[ سفر التثنية 4:
35]،[الملوك الأول 8: 60]،[إشعياء 45: 5] و الكثير من الأعداد الأخرى) فبذلك يكون
كلاً من الله و عيسى و الروح القدس قد مات باعتبارهم جميعاً "جوهرٌ واحدٌ".
بل أكثر من ذلك، إذا كان الثلاثة هم في الحقيقة إله واحد، فإن موت هذا
الإله الواحد يناقض الكثير من الأعداد مثل:
لَكنَّ
الرّبَّ هوَ الإلهُ الحَقُّ، الإلهُ الحَيُّ والمَلِكُ الأزَليُّ.
الكتاب المقدس – إرميا
10: 10
أمرٌ آخر، إن كان الذي
يهب الحياة قد مات، فمن سيعيده إلى الحياة مرة أخرى؟!
إن الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو قبول
الحقيقة بأن عيسى (عليه السلام) لم يكن هو الله بل مجرد رسول اصطفاه الله.
هل تذكرون عندما زُعم
أن عيسى قد مات؟
وصرَخَ يَسوعُ صَرخةً
قويَّةً: ((يا أبـي، في يَدَيكَ أستَودِعُ رُوحي)). قالَ هذا وأسلَمَ الرُّوحَ
الكتاب المقدس – لوقا
23: 46
عندما يموت الناس فإنهم يذهبون إلى الرب لكي
يُحاسبوا. إن كان عيسى (عليه السلام) جزءً من الثالوث المقدس – كما زُعم – و أن
الثالوث المقدس إلهٌ واحدٌ لاغير (كما تمليه علينا الأعداد المذكورة
أعلاه)، فإن عيسى كان مع الله في ثالوثٍ مقدسٍ قبل
موته. لقد كان ذلك بعد موته فقط عندما زُعم أنه انفصل عن الله و مات
و نزل إلى جهنم لثلاثة أيام. إلا أن هذا العدد يخبرنا قصةً مختلفةً تماماً!. يُزعم
أن جوهر عيسى كان في مكان ما و لم يكن مع الله عندما كان على الأرض ( وإلّا فلن
يضطر للذهاب إليه) و أنه كان حينها ذاهباً إلى الله. إقرأ أيضاً الأعداد [يوحنا
17: 11 - أنا
ذاهِبٌ إلَيكَ. أيُّها الآبُ القُدُّوسُ] [يوحنا 17: 13 - والآنَ أنا
ذاهِبٌ إلَيكَ] ...إلخ
للأسف, فإن معظم
المسيحيّين يُطلب منهم تجاهل مثل هذه الأمور فيقال لهم: ((إن ذلك مُبهمٌ، و لهذا
السبب لابد أن يكون حقيقياً)) أو ((تحلّى بالإيمان الأعمى و إلا ستفقد روحك)). هل
نسينا بهذه السرعة العدد [كورنثوس الأولى 14: 33 - اللهَ لَيْسَ إِلَهَ
تَشْوِيشٍ]؟هل
نسينا بهذه السرعة العدد [مرقس 12: 30 - أحِبَّ الرَّبَّ إلهَكَ
... بِكُلِّ فِكرِكَ]؟
يحاول دعاة كثيرون
إثبات أن اللّه هو "ثلاثة" من خلال المقارنة بين اللّه و خلقه. يقولون
في ذلك: ((هناك ثلاثة أعضاء في العائلة.. الأب و الأم و الأطفال. هناك ثلاثة أحوال
للماء... الثّلج و الماء و البخار...إلخ ألا ترى ذلك؟ إن اللّه هو ثلاثة !))
حسنٌ, إذا كان الأمر
بهذه الحال، فيجب ملاحظة أن ((كلّ شخص لديه حياة واحدة فقط. هنالك شمس واحدة فقط.
هنالك أرض واحدة فقط. لكلّ شخص قلب واحد فقط و عقل واحد فقط , إلخ)).
و بنفس الأسلوب
((جميعنا لديه عينين اثنتين فقط. جميعنا لديه أذنين اثنتين فقط. الأيام مقسمة إلى
قسمين: الصباح و المساء، إلخ)).
كما نرى، فإن اتباع
مثل هذا الأسلوب هو محاولة يائسة. يمكن لهذه الأمثلة أن تستمر إلى ما لانهاية.
فيمكننا أن نقول: ((هنالك أربعة فصول في السنة. هنالك خمسة أصابع في كل يد. لقد
سمح الله لليهود بأن يعملوا في الاسبوع لستة أيام فقط. هنالك سبعة أيام فقط في
الاسبوع...)) لقد اكتملت الصورة في أذهاننا الآن.
يُزعم أن الله قد "أنجب"
عيسى (عليه السلام). و يُزعم أن الله هو "والد" عيسى.
من الطبيعي أن يكون
الأب موجود قبل أن "ينجب" ابنه (بغض النظر عما تُفسّر كلمة "الإنجاب").
قبل أن "يُنجب" عيسى (عليه السلام)، هل كان "الثالوث"
"ثانوناً – ثتنائياً"؟ هل كان الله مكتملاً بذلك؟ إشرح إذاً العدد
[إشعياء 43: 10-11 - أنتُم شُهودي يقولُ الرّبُّ، ذُريَّةُ عبدي
الذي اَختَرْتُهُ لأنَّكُم عَلِمتُم وآمَنتُم بي وفَهِمتُهم أنِّي أنا هوَ. ما كانَ
مِنْ قَبلي إلهٌ ولن يكونَ مِنْ بَعدي! فأنا أنا الرّبُّ، ولا مُخلِّصَ غَيري]. إن كان
عيسى (عليه السلام) قد "أُنجب" فهو ليس أزلياً، إلا أن تعريف الثالوث
المقدس الذي تم صياغته فقط في السنة /325/ بعد الميلاد عندما عُرّف الثالوث بشكل
رسمي – هذا التعريف يقتضي أن يكون الله و عيسى "في مجدٍ متساوٍ و جلالٍ
أبديٍّ معاً".
إن كان عيسى هو أحد
وجوه "الثالوث المقدس" و أن الثالوث المقدس إله واحد لا عدة آلهة،
فإن الذي يرى عيسى يكون قد رأى الله. و لكن العدد [يوحنا 1: 18] يقول:
إِنَّ
اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ.
لقد قرأنا لتوّنا في
قانون الإيمان الأثانسي (قانون الإيمان النيقوي) بأن "الله" هو
"ثالوث" مكون من "الآب" و "الإبن" و "الروح
القدس". كما قرأنا أن الله ليس ثلاثة آلهة بل إلهٌ واحدُ. إن كان هذا هو
الحال، فإن أي شخص قد رأى عيسى فإنه بذلك يكون قد رأى "الله". إلا أن
الكتاب المقدس يخبرنا أن رؤية الله غير ممكنة.
إن عيسى (عليه السلام)
يقول أنه لا أحد إلا الآب يعلم موعد يوم القيامة، ولا حتى هو:
وأمَّا ذلِكَ اليومُ
أو تِلكَ السّاعةُ فلا يَعرِفُهُما أحَدٌ، لا الملائِكَةُ في السَّماءِ ولا
الابنُ، إلاَّ الآبَ.
الكتاب المقدس – مرقس 13:
32
أليس عيسى جزء من
الله؟ أليس "الثالوث المقدس" إلهاً واحداً؟ في الحقيقة فإن أقنوماً من
أقانيم الله لديه علمٌ لا يملكه "الأقنومين الآخرين"، و هذا دليل واضح
على أنهم ثلاثة كينونات مختلفة و منفصلة و ليسوا ثلاثة وجوه لكينونة واحدة.
هناك الكثير من هذه الأسئلة
يمكن أن نثيرها عن هذا الثّالوث الافتراضي الذي يتحدّى الإدراك السّليم. عندما يُحبّ
أحدُنا اللهَ "بكل فِكره" و يطبق ما جاء في العدد ((امْتَحِنُوا
كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ))، ألا يظهر له
التّناقضات الكثيرة المتعلقة بـ"الثّالوث المقدّس"؟ إني أتكلم هنا عن منطق يسوع (عليه السلام) و
ليس الإيمان الأعمى. إن عيسى يحثنا على أن
نستخدم عقولنا لكننا فضّلنا اتباع الآخرين الذين يطلبون منا الإيمان الأعمى.
يخبرنا عيسى (عليه السلام):
مَنْ
أحبَّني سَمِعَ كلامي فأحَبَّهُ أبـي، ونَجِـيءُ إلَيهِ ونُقيمُ عِندَهُ.
الكتاب المقدس – يوحنا
14: 23
للأسف، فإن نفس
الأشخاص الذين أحبوه بعمق يتعلمون أنهم إن أرادوا أن يحبوا عيسى بشكل تام يجب أن
يتجاهلوا كل ما علّمه لأتباعه على الإطلاق، و أن يتّبعوا آخرين هم أكثر قدرة من
عيسى على شرح رسالته. لقد هُجرت في الواقع كلماته تماماً.
قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ
أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن
سَوَاء السَّبِيلِ (77)
القرآن الكريم - المائدة
(1-2-2-14) البخار و الماء و
الثلج:
إذا كان لديّ ثلاثة
كرات من الطّين و مزجتهم معاً إلى أن أصبحوا كرة واحدة، فمن المستحيل الآن استعادة
الكرات الثلاثة الأصلية تماماً كما كانوا في الأصل.
إذا كان لديّ ثلاثة
قطع من الآجر و وضعتهم فوق بعضهم البعض، فإنني بذلك أستطيع أن أفصلهم, لكننيّ لا
يمكن أن أقول أن الثلاثة قطع هم قطعة
واحدة من الآجر.
أبعد من ذلك, فإن
المثال الأكثر شيوعاً و المستخدم في تفسير "الثّالوث المقدّس" من قبل
الكنيسة هو أنّ للماء ثلاثة أحوال (هيئات): الحالة الثلجية، السائلة، و الغازية
(البخار). يقولون في ذلك: بما أن الماء "واحد" ولكن بثلاثة أحوال أو
ثلاثة أشكال, كذلك فإن الله العليّ واحد لكنّه بثلاثة أحوال.
ظاهريًّا يبدو ذلك و
كأنه برهانٌ قاطعٌ تماماً. لذا دعونا نطبّقه على بعض الأعداد من الكتاب المقدس
لرؤية إن كان ذلك يتّفق مع تمحيصنا و يصادق الكتاب المقدس عليه. بعبارة أخرى, من
ضروريّ أن نرى إن كان الكتاب المقدس نفسه يؤكد حقيقةً مثل هذا التصور لله. عندها
فقط نستطيع أن نقبل أو نرفض هذه المقارنة.
إذا كان لديّ كوباً من الماء – و الذي يمكن أن
يتحول إل بخار، سائل، أو ثلج - فإنه من غير الممكن أن أشرب "السّائل"
بينما يبقى "الثّلج" و "البخار" داخل الكأس. من غير الممكن
لـ"السّائل" أن يتضرّع للثّلج أن يُنقذه من أن أشربُه، في الوقت الذي
يبقى فيه الثّلج بعيداً و في مأمن من أن أشربُه هو نفسُه. إنه تحليل منطقي بسيط.
وفي أسلوب مماثل: إذا كان اللّه و عيسى والرّوح
القدس جميعهم مجرد ثلاثة "أقانيم" أو ثلاثة "أحوال" لكينونة
واحدة اسمها الله العليّ, فإنه من غير الممكن لـ"أقنوم" واحد أن يموت
فيما يبقى الاثنين الآخرين بعيدين و سالمين و في مأمن من الموت [مرقس 15: 37 - وصرَخَ
يَسوعُ صَرخَةً عاليةً وأسلَمَ الرُّوحَ], [يوحنا 19: 33 - ولمَّا
وصَلوا إلى يَسوعَ وجَدوهُ مَيتًا], [رومة 5: 6 - ماتَ
المَسيحُ مِنْ أجلِ الخاطِئينَ] ...إلخ.
يقول بعضهم للخروج من
هذه الورطة بأن عيسى (عليه السلام) لم يمت حقيقةً - كما رأينا في الجزء السابق -
بل سُفك "جلده" الدنيوي. لذا فإن جوهره الفعليّ لم يُقْتَل.
من الضروري في هذه
الحالة أن نتساءل: أين تكمن تلك التضحية العظيمة في هذه الحالة؟ إن كان لأحدنا
خمسة آلاف معطف, و قام بنـزع أحدها و إحراقه ثم قام بارتداء معطف آخر و قال ((لقد
فعلت ذلك كتضحية مطلقة مني لكم)). إن كان بمقدوره أن يخلق ألفاً أخرى من الجلد
الدنيوي ليسكن فيها بدلاً من الأخرى التي سُفكت فهل يكون ذلك تضحية مطلقة حقًّا؟
هل خَلْعُه لمعطفه و وضْعُهِ لآخرٍ جديد بعد ثلاثة أيام يُعدّ "تكفيراً"
لكل الخطايا التي توارثتها "البشرية الشريرة الآثمة بالوراثة" منذ بداية
الخلق؟
فأجابَ يَسوعُ: ((الوَصيَّةُ
الأولى هيَ: إسمَعْ يا إِسرائيلُ، الرّبُّ إلهُنا هوَ الرَّبُّ الأحَدُ. فأحِبَّ
الرَّبَّ إلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفسِكَ وكُلِّ فِكرِكَ وكُلِّ قُدرتِكَ))
الكتاب
المقدس – مرقس 12: 30
هناك أعداد أخرى أخرى
كثيرة في الكتاب المقدس تتناقض مع هذا المثال و مع نظريّة الآلهة
"الثلاثة". فعلى سبيل المثال:
هل من المنطق أن
نتصوّر الهيئة "الثلجية" لدلوٍ من الماء يصلّي لـ"البخار" من
أجل أن ينقذ نفسه؟ [لوقا 6: 12 - وفي تِلكَ الأيّامِ
صَعِدَ إلى الجبَلِ ليُصلِّيَ، فقَضى اللَّيلَ كُلَّهُ في الصَّلاةِ للهِ].
ثم هل كانت بداية
الماء بالحالة السائلة، ثم قرر بعد ذلك أن "يُنجب" لنفسه أقنوماً آخر
بهيئة "الثلج"، ثم أضاف عليه أقنوماً آخر بهيئة "البخار"؟ هل
كان الله "أقنوماً" واحداً ثم في يومٍ ما "أنجب" لنفسه أقانيم
متعددةٍ ليرافقوه؟ هل كان يتحدث عادةً إلى أقانيمه الأخرى و يتضرّع إليهم بالخلاص؟
[متى 27: 46 - ونحوَ السَّاعةِ الثَّالثةِ صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمِ:
((إيلي، إيلي، لِما شَبقتاني؟)) أي ((إلهي، إلهي، لماذا تَركتَني؟))].
هل قام بالتضحية بأحد
أقانيمه "لإنقاذ" البشرية؟ هل لأحد الأقانيم معرفةٌ غير متوفرة في
الأقانيم الأخرى؟ [متى 13: 32 - وأمَّا ذلِكَ اليومُ أو تِلكَ السّاعةُ
فلا يَعرِفُهُما أحَدٌ، لا الملائِكَةُ في السَّماءِ ولا الابنُ، إلاَّ الآبَ].
هل كان أحد أقانيم
أعظم من غيره؟ [يوحنا 14: 28 - قُلتُ لكُم: أنا ذاهِبٌ وسأرجِـعُ إلَيكُم،
فإنْ كُنتُم تُحبُّوني فَرِحْتُم بأنِّي ذاهِبٌ إلى الآبِ، لأنَّ الآبَ أعظَمُ
مِنِّي].
هل تخضع الأقانيم
بعضها لبعض؟ [لوقا 22: 41-42 - واَبتعَدَ عَنهُم مَسافةَ رَميةِ حجَرٍ وركَعَ
وصَلَّى، فقالَ: ((يا أبـي، إنْ شِئْتَ، فأَبْعِدْ عنِّي هذِهِ الكأسَ! ولكِنْ
لِتكُنْ إرادتُكَ لا إرادتي))]. هل هكذا نتصور الله في عقولنا؟ كيف سنجيبه
يوم القيامة عندما يسألنا عن الافتراء عليه بهذا الشكل؟
لكي نتمكن من إظهار
عقم نظرية ((الماء و الثلج و البخار))، دعونا نقوم بهذه المقارنة:
عمار الجندي/الطالب:
لنفترض أن عمار هو
طالب في الجامعة و أنه يخدم في الجيش في نفس الوقت. في هذه الحالة يمكننا القول
بأنه يوجد "إقنومين" لعمار: أقنوم "الطالب" و أقنوم
"الجندي". هل يعني هذا أنه من المنطق تخيل "عمار الطالب"
يُذلّ نفسه أمام "عمار الجندي" و يلتجئ إليه طلباً للرحمة، بينما يقبع
"عمار الجندي" من بعيد يتلقى رجاء "عمار الطالب" و ينظر في أن
يستجيب له أم لا؟ [متى 26: 39 - واَبتَعَدَ عنهُم قَليلاً واَرتَمى على
وجهِهِ وصلَّى فَقالَ: ((إنْ أمكَنَ يا أبـي، فلْتَعبُرْ عنِّي هذِهِ الكأسُ. ولكن
لا كما أنا أُريدُ، بل كما أنتَ تُريدُ))].
و بالتالي، لو أن
"عمار الطالب" تعرض لاعتداءٍ من قبل بعض المجرمين أثناء تواجده في
الجامعة، فهل من المنطق القول بأن "عمار الطالب" قد هرع إلى الهاتف و
تضرّع إلى "عمار الجندي" ليأتي لإنقاذه فوراً؟
هل من المنطق القول
بأن "عمار الجندي" لم يستجب لرجائه و أن "عمار الطالب" قد قُتل
في الجامعة بينما نجد أن "عمار الجندي" لم يلحقه الأذى و بقي
في مأمن عن ذلك داخل قاعدته العسكرية؟
وفقاً للكتاب المقدس،
فإن الله و عيسى غير متساويين في المعرفة ولا في العظمة [مرقس 13: 32]،[يوحنا 14:
28]. فهل من المعقول القول وفقاً للمثال أعلاه أن "عمار الجندي" أقوى من
"عمار الطالب" أو أن "عمار الطالب" أذكى من "عمار
الجندي"؟
عندما تُعرض علينا
نظريةٌ أو "تفسيرٌ" ما بخصوص ما يُدعى بالثالوث المقدس فمن المهم دائمًا
أن نقوم بتحليل هذه النظرية بعناية و أن نطبقها على الكتاب المقدس و أن نقوم
باختبارها من خلاله قبل أن نقبل بهذه النظرية. ليس من المقبول إطلاقاً القول بأنك
غير قادر على الشرح أو الإثبات و أن الكتاب المقدس لا يطلب منك صراحةً أن يكون لديك
الإيمان الأعمى في هذه المسألة ، إلا أن الكنيسة تطلب منك ذلك، لهذا فإنك ستنفذ ما
تطلبه. لقد أراد عيسى في الحقيقة من أتباعه أن يفكروا، يحللوا، يتدارسوا، يسألوا
الأسئلة، و أن يحققوا في الأمور. لقد كانت هذه وصيته الأولى [مرقس 12: 30 - الوَصيَّةُ
الأولى هيَ: إسمَعْ يا إِسرائيلُ، الرّبُّ إلهُنا هوَ الرَّبُّ الأحَدُ. فأحِبَّ
الرَّبَّ إلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفسِكَ وكُلِّ فِكرِكَ وكُلِّ قُدرتِكَ]. إن الكتاب
المقدس في الحقيقة يعلّمنا أن ((اللهَ لَيْسَ إِلَهَ تَشْوِيشٍ))
[كورنثوس الأولى 14: 33].
(1-2-2-15) من الذي
كان التلاميذ يسمّونه إله؟:
وأمَّا الأكْلُ مِنْ
ذَبائِحِ الأوثانِ، فنَحنُ نَعرِفُ أنَّ الوَثَنَ لا كيانَ لَه، وأنْ لا إلَهَ
إلاَّ اللهُ الأحدُ. وإذا كانَ في السَّماءِ أو في الأرضِ ما يَزعمُ النّاس ُ
أنَّهُم آلِهةٌ، بَلْ هُناكَ كثيرٌ مِنْ هذِهِ الآلِهَةِ والأربابِ، فلَنا نَحنُ إلهٌ
واحِدٌ وهوَ الآبُ الّذي مِنهُ كُلُّ شيءٍ وإلَيهِ نَرجِعُ، ورَبٌّ واحدٌ وهوَ
يَسوعُ المَسيحُ الّذي بِه كُلُّ شيءٍ وبِه نَحيا.
الكتاب المقدس –
كورنثوس الأولى 8: 4-6
يمكننا الآن أن نرى
ذلك بوضوح! لقد عرف التلاميذ إلهاً واحداً، و لكن من كان هذا الإله؟
هل قالوا ((إلهٌ واحد
وهو عيسى))؟ كلا!
هل قالوا ((إلهٌ واحد
وهو الإبن))؟ كلا!
هل قالوا ((إلهٌ واحد
وهو الروح القدس))؟ كلا!
هل قالوا ((إلهٌ واحد
وهو الثالوث المقدس))؟ كلا!
هل قالوا ((إلهٌ واحد
وهو الآب و الإبن و الروح القدس))؟ كلا!
لقد قالوا ((إلهٌ
واحِدٌ وهوَ الآبُ)) و انتهى!!!
نقول لهؤلاء الذين
يحاولون وضع "المعاني الضمنية" في كلام التلاميذ، أو يحاولون القول بأن
الإشارة إلى عيسى بأنه ((رب – سيد Lord)) دلالة بأنه إله أيضاً – نقول لهم أن يتفضلوا و يقرؤوا الجزء
(1-2-3-9).
إقرأ أيضاً نصوصاً
مماثلة:
لِتُمَجِّدوا اللهَ
أبا رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ بِقَلبٍ واحدٍ ولِسانٍ واحدٍ.
الكتاب المقدس – رومية
15: 6
إِلى طيموتاوُسَ
ابنِيَ المُخلِصِ في الإيمان. علَيكَ النِّعمَةُ والرَّحْمَةُ والسَّلامُ مِن
لَدُنِ اللهِ الآب والمسيحِ يسوعَ ربِّنا.
الكتاب المقدس –
الأولى إلى طيموتاوس 1: 2
من أين أتى هؤلاء
التلاميذ بهذا المفهوم بأن الله واحد و أن عيسى (عليه السلام) هو مجرد رسول من
الله؟ لقد أتوا به من قول عيسى (عليه السلام) نفسه، فقد قال:
والحَياةُ الأَبدِيَّة
هي أَن يَعرِفوكَ أَنت الإِلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا الَّذي أَرسَلتَه يَسوعَ
المَسيح.
الكتاب المقدس – يوحنا
17: 3
فقالَ لها يسوع: ((...إِنِّي
صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلهي وإِلهِكُم)).
الكتاب المقدس – يوحنا
20: 17
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ
قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ
بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72)
القرآن الكريم - المائدة
(1-2-2-16) علماء الثالوث المقدس
يعترفون بذلك!:
عندما نقرأ في ((الموسوعة الكاثوليكية الحديثة
- The
New Catholic Encyclopedia)) الحائزة
على الموافقة و الإجازة الرقابية (الموافقة الرسمية)، فإننا نأخذ لمحة كيف أن مفهوم
الثالوث لم يجد طريقه إلى المسيحية إلى ما يقارب /400/ سنة بعد عيسى (عليه
السلام):
"من الصعوبة
بمكان في النصف الثاني من القرن العشرين أن نقدم بموضوعية تقريراً واضحاً و
مباشراً عن كيفية الوحي الإلهي فيما يخص لغز الثالوث المقدس، تطوره المذهبي، و
تفصيله اللاهوتي. إن النقاشات المتعلقة بالثالوث المقدس، الروم الكاثوليك، و غيرهم
آخرون قد عرضوا مفهوماً غير واضحٍ نوعاً ما. يدرك المفسرون و علماء الإنجيل اللاهوتيون
بالإضافة إلى عدد كبير من الروم الكاثوليك أنه يجب على المرء ألا يتحدث بموضوع
الثالوث المقدس في العهد الجديد مالم يكن مؤهلاً تماماً لذلك. و بالمثل يدرك
مؤرخو العقيدة و علماء اللاهوت أنه عندما يتحدث أحدهم عن الثالوث المقدس دونما
تأهيل فإنه يقفز بحواره من عهد الأصول المسيحية إلى الربع الأخير من القرن
الرابع بعد الميلاد. في ذلك الوقت فقط تمكّن ما يسمى بـ((التعريف المحدد لعقيدة
الثالوث : إله واحد في ثلاثة أقانيم)) من الانصهار في حياة المسيحيين و فكرهم...
لقد كان هذا المفهوم نتاج ثلاثة قرون من التطور العقائدي"
الموسوعة
الكاثوليكية الحديثة ، الإصدار الرابع عشر ، ص 295
The New
Catholic Encyclopedia, Volume XIV, p. 295
لقد اعترفوا بذلك! عاش و
مات حواريو عيسى الإثني عشر و لم يسمعوا بحياتهم عن أي "ثالوث مقدس"!
هل ترك عيسى أتباعه
المقربين و الأعزاء في حيرة و ضياع مطلقين حتى أنهم لم يتمكنوا من التعرف على
الطبيعة "الحقيقية" لله؟ هل تركهم في مثل هذه الظلمة الدامسة حتى أنهم
لم يستطيعوا التعرف على الطبيعة "الحقيقية" للذي يعبدونه – لا هم ولا
أولادهم، ولا حتى أحفادهم؟ هل نودّ القول بأن عيسى لم يكن على مستوى الكفاءة
المطلوبة لأداء واجباته حيث ترك أتباعه في مثل هذه الفوضى العارمة، فاستلزمهم
ثلاثة قرون بأكملها بعد رحيله ليجمعوا الأشلاء المتناثرة لفهم التصوّر الخاص
بطبيعة الذي يعبدونه؟ لماذا لم يقل عيسى بوضوح و لمرة واحدة فقط: ((أنا و الله و
الروح القدس ثلاثة أقانيم في ثالوث واحد، اعبدونا جميعاً على أننا واحد))؟ لو أنه
اختار مرة واحدة أن يصرّح بوضوح بمثل هذا القول، فإنه كان سيخفف عن المسيحية
قروناً من الفرقة الكراهية و النـزاعات المريرة.
يقول توم هاربر في
كتاب (من أجل المسيح):
"إن الأمر الأكثر
إحراجاً بالنسبة للكنيسة هو صعوبة إثبات إي تصريح يتعلق بالعقيدة من خلال وثائق
العهد الجديد. ببساطة، لايمكننا أن نجد ذكراً لعقيدة الثالوث في أي مكان من الكتاب
المقدس. لقد كان للقديس بولس الفهم الأوسع لدور عيسى و شخصه، إلا أنه لم يقل أن عيسى هو الله في أي مكان من كتاباته.
كما أن عيسى نفسه لم يدّعي صراحة أنه الأقنوم الثاني في الثالوث المقدس و أنه
مساويٌ لله تماماً. و بما أنه كان يهودياً تقياً فإنه كان سيصعق بمثل هذه الفكرة و
يذبّها عن نفسه... إن هذا بحد ذاته سيء للغاية، و لكن الأسوء منه سيأتي لاحقاً.
لقد قادني هذا البحث للاعتقاد بأن الغالبية العظمي من مرتادي الكنيسة يؤمنون
عملياً بثلاثة آلهة. ذلك لأنهم يصرّحون بالإيمان بإله واحد، إلا أنهم في الحقيقة
يعبدون ثلاثة..."
نقرأ في قاموس الكتاب
المقدس الحائز على الموافقة و الإجازة الرقابية (الاعتماد الرسمي للكنيسة):
"تعرّف الكنيسة
الثالوث المقدس على أنه الإيمان بإن لله ثلاثة أقانيم يتحدون في طبيعة واحدة. تم
التوصل إلى هذا المعتقد بالتعريف أعلاه في القرن الرابع و الخامس بعد الميلاد، و
بذلك فهو ليس معتقداً إنجيلياً بصفة واضحة و رسمية"
قاموس الكتاب المقدس للمؤلف جون ماكينـزي، ص
899
The Dictionary of the Bible, John L. McKenzie, S.J., p. 899
و نقرأ أيضاً:
"وفقاً للعقيدة
المسيحية الأورثوذكسية، فإن لله طبيعة واحدة في ثلاثة أقانيم: الآب، الإبن، و
الروح القدس. لم يسبق بعضهم بعضاً ولم يخلقوا بعضهم بعضاً وليس لأحدهم سلطاناً أو
جلالاً إضافياً عن أحد. و بالمصطلحات اللاهوتية الدقيقة فإنهم واحد في الجوهر و لهم
مجدٌ متساوٍ و جلالٌ أبديٌ معاً. إن هذا المعتقد كما هو أعلاه غير موجودٍ في المخطوطات
المقدسة... تم التوصل إلى العقيدة الأرثوذكسية للثالوث المقدس تدريجياً على مدى
ثلاثة قرون أو أكثر. إن المجد المتساوي و الجلال الأبدي للأقانيم الإلهية قد بقي
مسألة خلاف لاهوتي، و بقي النقاش يدور بشكل مستمر حول اعتبار مثل هذا القول نوع من
الهرطقة... في عام /381/ اجتمع أسقف الكنائس مرة أخرى في القسطنطينية لصياغة العقيدة
الأرثوذكسية في هيئتها النهائية"
قاموس التقاليد
الإنجيلية في الأدب الإنكليزي، ديفيد لايل جيفيري، ص 785
A Dictionary of Biblical Tradition in English Literature,
David Lyle Jeffrey, p. 785
"و لأن الثالوث
المقدس من الأجزاء الهامة للعقيدة المسيحية الحالية، فإنه من الملفت للنظر أنّ هذا
المصطلح لا يظهر في العهد الجديد. و بطريقة مماثلة, فإن المفهوم المطوّر للشركاء
الثلاثة المتساوون في الألوهيّة - و الموجود
لاحقاً في صيغة قوانين الإيمان - لا يمكن ملاحظته بوضوح في حدود الشريعة
الكنسية... على الرغم من أن مؤلفي العهد الجديد قد تحدثوا بشكل كبير عن اللّه و
عيسى و روح كل منهما, فإنك لا تجد مؤلّفاً واحد للعهد الجديد يشرح العلاقة بين
الثّلاثة في التّفصيل الذي يتطرق إليه المؤلفون المسيحيون اللاحقون."
ملحق أكسفورد للكتاب المقدس، بروس متجر و مايكل كوجان، ص 782
The
" تم التأكيد على
وحدانية الله بوضوح في العهد القديم. يقول قانون الإيمان اليهودي الذي يُردد في كل
المعابد اليهودية: [سفر التثنية 6: 4 - إسمَعْ يا إِسرائيلُ،
الرّبُّ إلهُنا هوَ الرَّبُّ الأحَدُ]. لقد كان ذلك مذهب
المسيحيين الأوائل، حيث يقول بولس في العدد [أفسس 4: 6 - وإلهٌ
واحدٌ أبٌ لِلجميعِ وفَوقَهُم، يَعمَلُ فيهِم جميعًا وهوَ فيهِم جميعًا]، إلا أنه
تمت الإضافة و التعديل على هذا المذهب كلما كان ذلك ضرورياً. لقد أقنعوا المسيحيين
تماماً بألوهية عيسى و لاحقاً بألوهية الروح القدس, و أرغموهم على ربط هذه
القناعات بإيمانهم بوحدانية الله. نوقشت المشكلة على مدار سنوات كثيرة, و أعطيت
التفسيرات الكثيرة لذلك. إحداها ذلك التفسير الذي استحدثه سابيليوس Sabellius، حيث انتشر بشكل ملحوظ، ومفاده أن المسيح والروح القدس هم
تجليات متعاقبة للكينونة السامية (الله)، ولكن فى النهاية ساد الاعتقاد بان الكلمات
(الآب – الإبن - الروح القدس) تشير إلى تجليات أزلية مختلفة للذات الإلهية. بمعنى أنّ
ثالوثية التجلي كشفت عن ثالوثٍ متّحدٍ في كينونةٍ واحدة، أي أنّ للمسيح و للروح
القدس جلالٌ أبديٌ كما للآب. و باستثناء الموحدين فإن ذلك هو معتقد الديانة
المسيحية في أيامنا هذه"
Christadelphianism,
F. J. Wilkin, M.A., D.D, The Australian Baptist, Victoria
رائع ! بالرّغم من
إيمانه بمذهب الثّالوث المقدّس فإن السّيّد ويلكين قد اعترف بنفسه أنه يجب عدم تعقّب
هذا المذهب في الكتـاب المقدس, و أن تلاميذ عيسىلم يبشروا به, و أنّ هؤلاء الذين
اعتنقوه لم يأخذوه عن الكتاب المقدس, بل انطلقوا مسبقاً من تصورات خاصّة ثمّ بذلوا
قصارى جهدهم لجعل الكتاب المقدس يؤيّد هذه التصوّرات,ثم تبنّـته الكنيسة أخيراً
بعد سنين طويلة من النقاش و الاختبار، حيث تم "إقناع" أعضاء الكنيسة
تمامًا "بألوهية عيسى, و فيما بعد بألوهية الروح القدس". عندما كان عيسى
على الأرض, كانت اليهوديّة هي الدّيانة الوحيدة الموحّدة بالكامل في تلك المنطقة,
محاطةً بموجات مستمرة من محاولات التثليث من قبل الأمم المجاورة من الرومانيّين,
اليونانيّين, البابليين، و المصريّين (أنظر الفصل الثالث). فلماذا قرر عيسى (عليه
السلام) بأن يُبقي الأجيال التي جاءت من بعده في ظلمات الجهل و التفرقة، و أن تحيا
هذه الأجيال و تموت دون أن تسمع عن "ثالوثٍ مقدسٍ"، ثم يقرر توعية عقول كتبة
العقيدة و فلاسفة الأفلاطونية الحديثة دون غيرهم في القرن الرابع بعد الميلاد؟
تقول الموسوعة
البريطانية The Encyclopaedia
Britannica تحت باب ((الثالوث
المقدس)):
"في العقيدة
المسيحيّة، هو اتحاد الآب, و الابن، و الرّوح القدس كثلاثة أقانيم في ألوهيّة
واحدة. لا تظهر كلمة "الثالوث المقدس" في العهد الجديد ولا حتى تصريحاً
واضحا لها. قدّم مجمع نيقية سنة /325/ الصّيغة الحاسمة لهذه العقيدة في اعترافه أن
الإبن هو "من نفس جوهر الآب", إلا أنه ذكر القليل فيما يخص الروح القدس.
دافع أثانسيوسAthanasius عن الصيغة النيقاوية على مدار نصف القرن الذي
يليـه ونقحها, وفي نهاية القرن الرابـع – و تحت قيادة باسيل القيصري Basil
of Caesarea, جريجوري النيساوي Gregory
of Nyssa، و جريجوري النازيانسي Gregory
of Nazianzus (آباء
الكنيسة الكابادوشيين Cappadocian Fathers) - أخذ مذهب الثّالوث المقدّس الصيغة الجوهرية التي حافظ عليها
منذ ذلك الحين."
(للمزيد حول هذا الموضوع أرجو قراءة القسم 1-2-3-1)
دعونا تختم هذا القسم
بمثال بليغ جداً قدّمه العالم البريطاني ريتشارد بورسنRichard Porson. كان بورسن في يوم من الأيام يتناقش حول الثالوث مع صديق له يؤمن
بالثالوث المقدس، و أثناء النقاش مرت عربة فيها ثلاثة رجال.
((ها هي!)) صاح صديق
بورسن ((هذا توضيح للثالوث المقدس)).
فأجاب بورسن ((كلا،
يجب أن تريني رجلاً واحداً في ثلاثة عربات إن استطعت)).
لمعرفة التفاصيل
التاريخية عن كيفية تطور هذا المعتقد منذ البداية، أرجو قراءة القسم (1-2-5) و
الذي سيأتي قريباً. و لكن قبل هذا دعونا نكمل القراءة.
(1-2-3) ابن الله :
وَلَهُ مَن فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ
(20) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ
فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ
عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) أَمِ
اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن
مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم
مُّعْرِضُونَ (24) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ
إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ
(26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ
مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ
ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي
إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
(29)
القرآن الكريم –
الأنبياء
إِذْ
قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ
اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)
القرآن
الكريم - آل عمران
نحن كمسلمون لا نختلف
مع المسيحيّين في حقيقة أن عيسى (عيه السلام) كان ميلاده معجزٌ دونما أبٍ بشريّ.
يختلف المسلمون مع المسيحيّين فقط في إدعائهم أن عيسى (عليه السلام) يجب أن يكون
له أب. يقول أتباع الثالوث أنه إن لم يكن لعيسى أيّ أبٍ بشريّ فلابد أن يكون الله
هو أبوه. أما المسلمون فيؤمنون أنه لم يكن لديه أيّ أبٍ من أيّ نوع, و كان هذا
جوهر ميلاده المعجز.
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى
عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
(59)
القرآن الكريم – آل
عمران
قَالُواْ
اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات
وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتقُولُونَ عَلَى
اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (68)
القرآن الكريم – يونس
مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ
كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ
انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)
القرآن الكريم –
المائدة
والحياةُ
الأبديَّةُ هيَ أنْ يَعرِفوكَ أنتَ الإلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا يَسوعَ
المَسيحَ الّذي أرْسَلْتَهُ.
الكتاب
المقدس – يوحنا 17: 3
لاحظ كلمات الكتاب
المقدس: ((أنتَ الإلهَ الحَقَّ وحدَكَ)). معظم
المسيحيّون يتمكنون دائماً من رؤية معنى خفي غير صريح لأعداد الكتاب المقدس. حتّى
عندما يقرؤون العدد أعلاه فإنهم يتمكّنون دائماً من فهم شيئٍ ما مختلفٍ تمامًا عمّا
يقرؤونه. إنهم يفسرون باستمرار الكلمة ((أنت)) على أنها ((نحن)) فيفهمون العدد
أعلاه على أنه يقول ((نحن الإله الحق وحدنا)). من الواضح أن عيسى (عليه
السلام) يتحدث إلى كيان منفصل و مختلف عن كيانه، و يقول إلى هذا الكيان المختلف
بأنه هو الإله الحق وحده. هل عجز عيسى (عليه السلام) عن القول ((أنا
الإله الحق وحدي)) أو ((نحن الإله الحق وحدنا)) إن كان ذلك ما يقصده؟ ألا يمكننا
أن نميز الفرق بين القولين؟!
يقول
توم هاربر Tom Harpur في مقدمة كتابه:
"إن أهمّ
التطوّرات منذ عام 1986 فيما يتعلق بهذا الموضوع هو الاكتشاف بأن مصطلح ((ابن
الله)) قد استُخدم في إحدى لفائف البحر الميت Qumran papyri للدلالة على شخص يختلف عن عيسى... إن ذلك يؤيد ببساطة الخلاف بأن
وصف أحدهم بأنه ابن الله بالمفهوم اليهودي في القرن الأول يتختلف تمام الاختلاف عن
كونه موازياً لله نفسه."
من
أجل المسيح – المقدمة
For Christ’s Sake, pp. xii.
(إقرأ
الفصل السابع للمزيد حول لفائف البحر الميت)
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ
اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ
عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72)
القرآن
الكريم - المائدة
فيما يخصّ تعليقك
الثّاني، يا سيد (جيه), فإني لا ألمّح إلى أي شيء. يبين القرآن بصراحة دونما أي
مجال للشك بأن اللّه قد خلق عيسى. دعنا نستشهد بقاموس ويبستر غير المتحيز Webster’s dictionary
على معنى الكلمة ((المولود له begotten)): {النسل من أب، المصنوع, إنتاج أثر ما أو ثمرة ما}.
إن المسلمين يمقتون
مثل هذه الألفاظ عند التحدث عن الله العلي.
(1-2-3-1) الأساقفة الإنجيليون
يصرّحون بأنّ عيسى ليس هو الله:
ليس المسلمون هم
الوحيدين الذين يؤمنون بأن عيسى (عليه السلام) مخلوقٌ فانٍ و ليس إله. اليهود
أيضًا يؤمنون بهذا, بالإضافة إلى التجمعات الأولى للمسيحيّة مثل الأبيونيين Ebonites، السيرونثوسيون Cerinthians، الباسيليديون Basilidians، الكاربوكراتيون Capocratians، و الهيبيسيستريون Hypisistarians. كما أن الأريوسيون Arians، البوليقانيون Paulicians، و الجوثيون Goths كانوا أيضاً يؤمنون بأن عيسى (عليه السلام) رسول الله. حتّى في
العصر الحديث فإنه يوجد كنائس في آسيا, إفريقيا, الكنيسة الموحدة, شهود يهوه, و
حتّى أغلبيّة أساقفة الكنيسة الإنجيلية في يومنا هذا لا يعبدون عيسى (عليه السلام)
على أنه الله.
نقرأ في الصحيفة
الإنكليزية (ديلي نيوز Daily News)
– 25/6/1984 تحت عنوان –((إحصائية مرعبة للأساقفة الإنجيليون)):
"إن أكثر من نصف
الأساقفة الإنجيليون في إنكلترا يقولون أن المسيحيين ليسوا ملزمين أن يؤمنوا بأن
عيسى المسيح هو الله وفقاً لإحصائية نشرت اليوم. إن استطلاعاً لـ (31) من أساقفة
إنكلترا الـ(39) يُظهر بأن كثيراً منهم يعتقدون بأن معجزات المسيح، ميلاده المعجز،
و قيامته يمكن ألا تكون قد حدثت تماماً كما وُصِفَت في الكتاب المقدس. أحد عشر فقط
من الأساقفة أكّدوا بأنه يجب على
المسيحيين اعتبار عيسى على أنه الله و بشر، بينما تسعة عشر قالوا أنه يكفي
اعتبار عيسى أنه أداة الله العليا"
ولكن ماذا يكون رسول
الله؟ أليس هو ((أداة الله العليا))؟ هذا هو بالضبط ما أخبرنا الله بنفسه في
القرآن الكريم قبل /1400/ سنة، و هو تماماً ما شهد عليه عيسى (عليه السلام) في
الكتاب المقدس:
والحياةُ الأبديَّةُ
هيَ أنْ يَعرِفوكَ أنتَ الإلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا يَسوعَ المَسيحَ الّذي
أرْسَلْتَهُ.
الكتاب المقدس – يوحنا
17: 3
مذهلٌ، أليس كذلك؟
كلما يمرّ يوم يدرك الحقيقةَ أكثرُ المسيحيين علماً و يقتربون شيئاً فشيئاً من
الإسلام. إن الذين أدلوا بهذا البيان ليسوا من المسلمين أو من المسيحيين
الليبراليين. إنهم هؤلاء أكثر رجال الكنيسة الإنجيلية علماً و أكبرهم قدراً. لقد
كرّس هؤلاء الرجال حياتهم بالكامل لدراسة دين عيسى، و دراستهم قد ساقتهم إلى
الحقيقة التي كشفها الله لهم في القرآن منذ 1400 سنة بأن عيسى لم يكن أبداً هو
الله، و أن الله ليس ثالوثاً مقدساً، و أن قصص كهنوتية عيسى في الكتاب المقدس قد
تم التلاعب بها إلى حد كبير من قبل البشرية.
الاعتراف التالي قدمه
البروفسور ديفيد جنكيز Rev.
Professor David Jenkins
رابع الأساقفة رفعةً في كنيسة إنكلترا و أسقف كنيسة درهام
"بعض الأحداث في
بداية مهمة عيسى لم تكن حقيقية بشكل قاطع، بل تم إضافتهم إلى قصة عيسى من قبل
المسيحيين الأوائل تعبيراً عن إيمانهم به على أنه المسيا"
بريد لندن اليومي،
صفحة 12، 15/7/1984
London Daily
Mail, page 12,
وَإِذْ قَالَ اللّهُ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ
إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا
لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي
نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ
أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)
القرآن الكريم -
المائدة
مَا كَانَ لِبَشَرٍ
أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ
لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ
تَدْرُسُونَ (79)
القرآن الكريم – آل
عمران
يقول هينز زاهرنت Heinz Zahrnt:" لقد قامت الكنيسة بنسب كلمات ليسوع لم يكن قد تكلم بها قط،
كما نسبت له أفعال لم يقم بها قط." رودولف أغسطين Rudolph Augustein يبين في كتابه "عيسى ابن الإنسان Jesus the Son of Man" بأن أكثر ما تنسبه الكنيسة إلى عيسى لا أساس له من الصحة.
كما نجد دراسة شاملة عن الموضوع في كتاب "خرافة تجسد الله" الذي كتبه
سبعة من علماء اللاهوت سنة 1977 تحرير جون هيك John Hick.
لقد استنتج هؤلاء بخصوص هذا الموضوع بأن عيسى " هو شخص موافق عليه من قبل
الله لأداء دور معين تحقيقاً لأهداف إلهية.. أما فيما يخص المفهوم اللاحق بأنه
تجسد الله .. فإن ذلك يعتبر أسطورة أو أسلوب شعري لإظهار أهميته بالنسبة
لنا."
أنظر أيضاً كتاب جون
ماكينون روبرتسون John Mackinnon
Robertson بعنوان ((المسيحية و علم الأساطير))، و كتاب تي دوان T.W Doane بعنوان ((أساطير
الكتاب المقدس و ما يماثلها في الأديان الأخرى)). كما يوجد ملخص جيد عن هذه الدراسات
في كتاب للمؤلف إم إف أنصاري M.F.
Ansarei بعنوان (( الإسلام و المسيحية في العالم المعاصر)).
يستنتج البروفسور
روبرت ألي Robert Alley من جامعة
ريتشموند بعد البحث الطويل في المستندات القديمة التي عثر عليها حديثاً:
"إن الفقرات في
الكتاب المقدس و التي يتحدث فيها يسوع عن ابن الله إنما هي إضافات لاحقة عما قالته
الكنيسة عنه... إن إدعاء الألوهية هذا لا ينسجم مع أسلوب حياته كما يتنين لنا.
استمرت المسيحية في العقود الثلاثة الأولى بعد موت يسوع كما لو أنها جزء من
اليهودية. لقد كانت الكنيسة موجودة في المعابد اليهودية في العقود الثلاثة الأولى.
إن ذلك ما كان ليحدث لو أن أنهم (رجال الدين) قد صرحوا و بكل شجاعة عن ألوهية
عيسى."
هل لهذا القول أي
تأكيد في الكتاب المقدس؟ نعم! فلو أنك قرأت الكتاب المقدس لوجدت أنه بعد رحيل عيسى
بفترة طويلة حافظ أتباعه المخلصون على الحضور يومياً إلى الهيكل [أعمال الرسل 2:
46 - وكانوا
يَلتَقونَ كُلَّ يومٍ في الهَيكَلِ بِقَلبٍ واحدٍ]. ليس لنا أن نصدق
بأن عيسى قد وعظ تلاميذه حقاً بأنه هو الله، ولو أن عيسى قد أمرهم فعلاً بترك
الوصايا سنجد أنهم قد أهملوا كل ذلك و استمروا على عبادتهم في المعابد اليهودية
يومياً و بانتظام،ناهيكم عن العبادة في الهيكل نفسه. إنه من غير المعقول أن نصدق
أن يهود الهيكل قد وقفوا مكتوفي الأيدي و سمحوا لهم بذلك إن كانوا يعظون بالإلغاء
التام لشريعة موسى و بأن عيسى هو الله .
هل يمكن لأي مسيحي من
أتباع الثالوث أن يتخيل – في أفظع أوهامه – أن اليهود كانوا في معبد يهودي
أورثوذكسي يقفون مكتوفي الأيدي بينما يقوم أحدهم برفع صليبه و يصلي إلى عيسى في
وسط معبدهم، و أنه كان يدعوا الآخرين علناً بأن يعبدوا عيسى و يتخلوا عن الوصايا؟
كم هو مستحيل أن نتخيل بأن اليهود لم يكن لديهم أي شيء ليقولوه لمن يفعل هذا في
أكثر معابدهم قدسية – الهيكل – و بشكل يومي. إن هذا لهو دليل إضافي على صدق ما جاء
في القرآن بأن عيسى قد نادى أتباعه للاستمرار على دين موسى و ليس للإلغاء و الدمار
الكليين لهذه الشريعة – و لا بأي شكل من الأشكال.
قرأنا في القسم السابق
الأعداد التالية من الكتاب المقدس:
1-
فاَعلموا الآنَ
ورَدِّدوا في قلوبِكُم أنَّ الرّبَّ هوَ الإلهُ في السَّماءِ مِنْ فَوقُ وفي
الأرضِ منْ أسفلُ، ولا إلهَ سِواهُ.
الكتاب
المقدس – سفر التثنية 4: 39
2-
لا يَكُنْ لكَ آلهةٌ
سِوايَ.
الكتاب
المقدس – سفر الخروج 20: 3
3-
لا تسجدوا
لإلهٍ آخرَ لأنِّي أنا الرّبُّ إلهٌ غيورٌ.
الكتاب
المقدس – سفر الخروج 34: 14
4-
أنتُم
شُهودي يقولُ الرّبُّ، ذُريَّةُ عبدي الذي اَختَرْتُهُ لأنَّكُم عَلِمتُم وآمَنتُم
بي وفَهِمتُهم أنِّي أنا هوَ. ما كانَ مِنْ قَبلي إلهٌ ولن يكونَ مِنْ بَعدي! فأنا
أنا الرّبُّ، ولا مُخلِّصَ غَيري.
الكتاب
المقدس – إشعياء 43: 10-11
5-
وقالَ
الرّبُّ ملِكُ إِسرائيلَ، فاديهِ ورَبُّهُ القديرُ ((أنا الأوَّلُ وأنا الآخرُ،
ولا إلهَ في الكَونِ غَيري.))
الكتاب
المقدس – إشعياء 44: 6
6-
ليَعلَمَ
البشَرُ مِنْ مَشرِقِ الشَّمسِ إلى مَغرِبِها أن لا إلهَ غَيري. أنا الرّبُّ ولا
آخرُ.
الكتاب
المقدس – إشعياء 45: 6
7-
وهذا ما
قالَ الرّبُّ، وهوَ اللهُ خالِقُ السَّماواتِ وجابِلُ الأرضِ وصانِعُها الذي
ثَبَّتَها وأوجدَها لا للفراغِ، بل للعُمرانِ: ((أنا الرّبُّ ولا آخرُ)).
الكتاب
المقدس – إشعياء 45: 18
8-
تعالَوا
إليَ تَخلُصوا يا جميعَ شُعوبِ الأرضِ! فأنا أنا اللهُ ولا آخرُ.
الكتاب
المقدس – إشعياء 45: 22
يجب علينا الآن أن
نسأل أنفسنا: إن لم يكن هنالك إله قبل أو بعد الله تعالى، فكيف يكون عيسى (عليه
السلام) "مولودٌ" كإله؟ إن الجواب: إنه لم يكن كذلك، بل كان إنساناً
فانياً و ليس إله. كما أننا نملك أيضاً شهادة أغلب أساقفة الكنيسة الإنجيلية
دفاعاً عن هذه الحقيقة الأساسية. فإن أردنا شهادة أكثر ثقة من ذلك، فأي ثقة تلك
التي سنجدها أكثر مما هي عليه في شهادة أكثر المسيحيين المحافظين المحترمين و
مثقفي الكنيسة الإنجيلية ؟
يُفهم من الكتاب
المقدس بأنه يبشّر أن عيسى هو الله، و أن الله ثالوثٌ مقدس و ذلك بالنسبة لهؤلاء
الناس الذين لا يعرفون تفاصيله الداخلية و حقيقة تاريخ الكنيسة بالمستوى الذي عرفه
هؤلاء الرجال. و لكن دعونا نسترسل في دراستنا لأعداد الكتاب المقدس لنرى أمثلة
صغيرة عن الأدلة التي جعلت الحقيقة واضحة أمام أعين هؤلاء الرجال.
(1-2-3-2) كم "إبناً"
يوجد لله؟ :
الكثير من الناس
يقولون لنا : ((لكن الكتاب المقدس يقول بوضوح أن عيسى هو ابن الله. كيف لك أن تقول
أن عيسى ليس الابن الوحيد المولود لله بينما يقرّ ذلك عيسى بالخط العريض في الكتاب
المقدس؟)). حسنٌ – كما قرأنا في القسم السابق – يجب علينا أولاً أن نعي اللغة التي
تحدث بها شعبه، لغة اليهود الذين خاطبهم عيسى. دعونا نرى كيف فهم هؤلاء الناس مثل
هذا التصريح.
دعونا نتساءل أولاً:
كم إبناً يوجد لله العلي كما يخبرنا الكتاب المقدس؟
1- يعقوب هو ابن الله البكر :
وقُلْ لِفِرعَونَ هذا ما قالَ الرّبُّ: ((إِسرائيلُ اَبْني البِكْرُ))
[الكتاب المقدس – سفر الخروج 4: 22]
2- سليمان هو ابن
الله :
فهوَ يَبني بَيتًا لاَسمي وأنا أُثَبِّتُ عرشَ
مُلْكِه إلى الأبدِ. أنا أكونُ لَه أبًا وهوَ يكونُ لي اَبنًا.
[الكتاب المقدس – صموئيل الثاني 7: 13-14]