سورة
الكهف
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (قيما) فيه وجهان: أحدهما هو حال من الكتاب، وهو مؤخر عن موضعه: أى أنزل
الكتاب قيما قالوا وفيه ضعف لانه يلزم منه التفريق بعض الصلة وبعض، لان قوله تعالى
(ولم) معطوف على أنزل، وقيل قيما حال، ولم يجعل حال أخرى.
والوجه الثانى أن قيما منصوب بفعل محذوف تقديره: جعله قيما، فهو حال أيضا، وقيل هو
حال أيضا من الهاء في ولم يجعل له، والحال مؤكدة، وقيل منتقلة.
قوله تعالى (لينذر) أى لينذر العباد، أو لينذركم (من لدنه) يقرأ بفتح اللام وضم
الدال وسكون النون وهى لغة، ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون، ومنهم من يختلس
ضمة الدال، ومنهم من يختلس كسرة النون.
قوله تعالى (ماكثين) حال من المجرور في لهم، والعامل فيها الاستقرار، وقيل هو صفة
لاجر، والعائد الهاء في فيه.
قوله تعالى (كبرت) الجمهور على ضم الباء وقد أسكنت تخفيفا، و (كلمة) تمييز، والفاعل
مضمر: أى كبرت مقالتهم، وفي (تخرج) وجهان: أحدهما هو في موضع نصب صفة لكلمة.
والثانى في موضع رفع تقديره: كلمة كلمة تخرج، لان كبر بمعنى بئس.
فالمحذوف هو المخصوص بالذم، و (كذبا) مفعول يقولون أو صفة لمصدر محذوف: أى قولا
كذبا، و (أسفا) مصدر في موضع الحال من الضمير في باخع، وقيل هو مفعول له، والجمهور
على أن لم بالكسر على الشرط، ويقرأ بالفتح أى لان لا يؤمنوا.
[99]
قوله تعالى (زينة) مفعول ثان على أن جعل بمعنى صير، أو مفعول له أو حال على أن جعل
بمعنى خلق.
قوله تعالى (أم حسبت) تقديره: بل أحسبت (والرقيم) بمعنى المرقوم على قول من جعله
كتابا، و (عجبا) خبر كان. و (من آياتنا) حال منه، ويجوز أن يكون خبرين، ويجوز أن
يكون عجبا حالا من الضمير في الجار.
قوله تعالى (إذ) ظرف لعجبا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكر إذ.
قوله تعالى (سنين) ظرف لضربنا، وهو بمعنى أنمناهم، و (عددا) صفة لسنين: أى معدودة
أو ذوات عدد، وقيل مصدر أى تعد عددا.
قوله تعالى (أى الحزبين) مبتدأ و (أحصى) الخبر، وموضع الجملة نصب بنعلم، وفي أحصى
وجهان: أحدهما هو فعل ماض، و (أمدا) مفعوله ولما لبثوا نعت له قدم عليه فصار حالا
أو مفعولا له، أى لاجل لبثهم، وقيل اللام زائدة، ومابمعنى الذى، وأمدا مفعول لبثوا،
وهو خطأ، وإنما الوجه أن يكون تمييزا، والتقدير: لما لبثوه والوجه الثانى هو اسم،
وأمدا منصوب بفعل دل عليه الاسم، وجاء أحصى على حذف الزيادة، كما جاء هو أعطى للمال
وأولى بالخير.
قوله تعالى (شططا) مفعول به أو يكون التقدير: قولا شططا.
قوله تعالى (هؤلاء) مبتدأ، و (قومنا) عطف بيان، و (اتخذوا) الخبر.
قوله تعالى (وإذ اعتزلتموهم) " إذ " ظرف لفعل محذوف: أى وقال بعضهم لبعض
(ومايعبدون) في " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى اسم بمعنى الذى و (إلا الله) مستثنى من
" ما " أو من العائد المحذوف.
والثانى هى مصدرية، والتقدير: اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله.
والثالث أنها حرف نفى، فيخرج في الاستثناء وجهان: أحدهما هو منقطع. والثانى هو
متصل، والتقدير: وإذ اعتزلتموهم إلا عبادة الله، أو وما يعبدون إلا الله، فقد كانوا
يعبدون الله مع الاصنام، أو كان منهم من يعبد الله (مرفقا) يقرأ بكسر الميم وفتح
الفاء، لانه يرتفق به فهو كالمنقول المستعمل مثل المبرد والمنخل، ويقرأ بالعكس وهو
مصدر: أى ارتفاقا، وفيه لغة ثالثة وهى فتحهما، وهو مصدر أيضا مثل المضرب والمنزع.
[100]
قوله تعالى (تزاور) يقرأ بتشديد الزاى، وأصله تتزاور فقلبت الثانية زايا وأدغمت،
ويقرأ بالتخفيف على حذف الثانية، ويقرأ بتشديد الراء مثل تحمر، ويقرأ بألف بعد
الواو مثل: تحمار ويقرأ بهمزة مكسورة بين الواو والراء مثل تطمئن و (ذات اليمين)
ظرف لتزاور.
قوله تعالى (ونقلبهم) المشهور أنه فعل منسوب إلى الله عزوجل، ويقرأ بتاء وضم اللام
وفتح الباء وهو منصوب بفعل دل عليه الكلام: أى ونرى تقلبهم، و (باسط) خبر المبتدأ،
و (ذراعيه) منصوب به، وإنما عمل اسم الفاعل هنا وإن كان للماضى لانه حال محكية (لو
اطلعت) بكسر الواو على الاصل، وبالضم ليكون من جنس الواو (فرارا) مصدر لان وليت
بمعنى فررت، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، وأن يكون مفعولا له (ملئت)
بالتخفيف، ويقرأ بالتشديد على التكثير، و (رعبا) مفعول ثان، وقيل تمييز.
قوله تعالى (وكذلك) في موضع نصب: أى وبعثناهم كما قصصنا عليك، و (كم) ظرف و
(بورقكم) في موضع الحال، والاصل فتح الواو وكسر الراء، وقد قرئ به. وبإظهار القاف
على الاصل وبإدغامها لقرب مخرجها من الكاف واختير الادغام لكثرة الحركات والكسرة،
ويقرأ بإسكان الراء على التخفيف وبإسكانها وكسر الواو على نقل الكسرة إليها، كما
يقال فخذ وفخذ وفخذ (أيها أزكى) الجملة في موضع نصب، والفعل معلق عن العمل في
اللفظ، و (طعاما) تمييز.
قوله تعالى (إذ يتنازعون) إذ ظرف ليعلموا أو لاعثرنا، ويضعف أن يعمل فيه الوعد لانه
قد أخبر عنه، ويحتمل أن يعمل فيه معنى حق (بنيانا) مفعول وهو جمع بنيانة، وقيل هو
مصدر.
قوله تعالى (ثلاثة) يقرأ شاذا بتشديد الثاء على أنه سكن التاء وقلبها ثاء وأدغمها
في تاء التأنيث، كما تقول ابعث تلك (ورابعهم كلبهم) رابعهم مبتدأ، وكلبهم خبره، ولا
يعمل اسم الفاعل هنا لانه ماض، والجملة صفة لثلاثة، وليست حالا إذ لا عامل لها، لان
التقدير: هم ثلاثة، وهو لا يعمل، ولا يصح أن يقدر هؤلاء لانها إشارة إلى حاضر، ولم
يشيروا إلى حاضر، ولو كانت الواو هنا وفي الجملة التى بعدها لجاز كما جاز في الجملة
الاخيرة، لان الجملة إذا وقعت صفة لنكرة جاز أن تدخلها الواو، وهذا هو الصحيح في
إدخال الواو في ثامنهم، وقيل دخلت لتدل على أن مابعدها مستأنف حق، وليس من جنس
المقول برجم الظنون، وقد قيل فيها غير هذا وليس بشئ، و (رجما) مصدر: أى يرجمون
رجما.
روى عن ابن كثير " خمسة " بالنصب: أى يقولون نعدهم خمسة، وقيل يقولون بمعنى يظنون،
فيكون قوله تعالى " سادسهم كلبهم " في موضع المفعول الثانى، وفيه ضعف.
قوله تعالى (إلا أن يشاء الله) في المستثنى منه ثلاثة أوجه: أحدها هو من النهى
والمعنى لاتقولن أفعل غدا إلا أن يؤذن لك في القول.
والثانى هو من فاعل: أى لاتقولن إنى فاعل غدا حتى تقرن به قوله إن شاء الله.
والثالث أنه منقطع، وموضع أن يشاء الله نصب على وجهين: أحدهما على الاستثناء،
والتقدير: لاتقولن ذلك في وقت إلا وقت أن يشاء الله: أى يأذن، فحذف الوقت وهو مراد.
والثانى هو حال، والتقدير: لاتقولن أفعل غدا إلا قائلا إن شاء الله، فحذف القول وهو
كثير وجعل قوله أن يشاء في معنى إن شاء، وهو مما حمل على المعنى، وقيل التقدير: إلا
بأن يشاء الله: أى متلبسا بقول إن شاء الله.
قوله تعالى (ثلثمائة سنين) يقرأ بتنوين مائة، وسنين على هذا بدل من ثلاث، وأجاز قوم
أن تكون بدلا من مائة، لان مائة في معنى مئات ويقرأ بالاضافة وهو ضعيف في
الاستعمال، لان مائة تضاف إلى المفرد، ولكنه حمله على الاصل، إذ الاصل إضافة العدد
إلى الجمع، ويقوى ذلك أن علامة الجمع هنا جبر لما دخل السنة من الحذف، فكأنها تتمة
الواحد (تسعا) مفعول ازدادوا، وزاد متعد إلى اثنين، فإذا بنى على افتعل تعدى إلى
واحد (أبصر به وأسمع) الهاء تعود على الله عزوجل، وموضعها رفع لان التقدير: أبصر
الله، والباء زائدة، وهكذا في فعل التعجب الذى هو على لفظ الامر.
وقال بعضهم: الفاعل مضمر، والتقدير: أوقع أيها المخاطب إبصارا بأمر الكهف فهو أمر
حقيقة (ولايشرك) يقرأ بالياء وضم الكاف على الخبر عن الله، وبالتاء على النهى: أى
أيها المخاطب.
قوله تعالى (واصبر) هو متعد لان معناه احبس، و (بالغداة والعشى) قد ذكرا في الانعام
(ولا تعد عيناك) الجمهور على نسبة الفعل إلى العينين، وقرأ الحسن تعد عينيك
بالتشديد والتخفيف: أى لاتصرفها (أغفلنا) الجمهور على إسكان اللام، و (قلبه)
بالنصب: أى أغفلناه عقوبة له أو وجدناه غافلا، ويقرأ بفتح اللام وقلبه بالرفع وفيه
وجهان: أحدهما وجدنا قلبه معرضين عنه. والثانى أهمل أمرنا عن تذكرنا.
قوله تعالى (يشوى الوجوه) يجوز أن يكون نعتا لما، وأن يكون حالا من المهل وأن يكون
حالا من الضمير في الكاف في الجار (وساءت) أى ساءت النار (مرتفقا) أى متكأ أو
معناه المنزل.
[102]
قوله تعالى (إن الذين آمنوا) في خبر إن ثلاثة أوجه: أحدها أولئك لهم جنات عدن، وما
بينهما معترض مسدد.
والثانى تقديره: لانضيع أجر من أحسن عملا منهم، فحذف العائد للعلم به.
والثالث أن قوله تعالى " من أحسن " عام فيدخل فيه الذين آمنوا وعملوا الصالحات،
ويغنى ذلك عن ضمير كما أغنى عن دخول زيد تحت الرجل في باب نعم عن ضمير يعود عليه
وعلى هذين الوجهين قد جعل خبر إن الجملة التى فيها إن.
قوله تعالى (من أساور) يجوز أن تكون " من " زائدة على قول الاخفش، ويدل عليه قوله "
وحلوا أساور " ويجوز أن تكون غير زائدة: أى شيئا من أساور فتكون لبيان الجنس أو
للتبعيض، و (من ذهب) من فيه لبيان الجنس أو للتبعيض وموضعها جر نعتا لاساور، ويجوز
أن تتعلق بيحلون، وأساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار، وقيل هو جمع أسوار (متكئين)
حال إما من الضمير في تحتهم، أو من الضمير في يحلون أو يلبسون.
والسندس جمع سندسة. وإستبرق جمع إستبرقة، وقيل هما جنسان.
قوله تعالى (مثلا رجلين) التقدير: مثلا مثل رجلين، و (جعلنا) تفسير المثل فلا موضع
له، ويجوز أن يكون موضعه نصبا نعتا لرجلين كقولك: مررت برجلين جعل لاحدهما جنة
(كلتا الجنتين) مبتدأ، و (آتت) خبره، وأفرد الضمير حملا على لفظ كلتا (وفجرنا)
بالتخفيف والتشديد، و (خلالهما) ظرف والثمر بضمتين جمع ثمار، فهو جمع الجمع مثل
كتاب وكتب، ويجوز تسكين الميم تخفيفا، ويقرأ ثمر جمع ثمرة.
قوله تعالى (ودخل جنته) إنما أفرد، ولم يقل جنتيه لانهما جميعا ملكه فصارا كالشئ
الواحد، وقيل اكتفاء بالواحدة عن الثنتين، كما يكتفى بالواحد عن الجمع، وهو كقول
الهذلى:
والعين بعدهم كأن حداقها * سملت بشوك فهى عور تدمع
قوله تعالى (خيرا منها) يقرأ على الافراد، والضمير لجنته، وعلى التثنية، والضمير
للجنتين.
[103]
قوله تعالى (لكنا هو) الاصل لكن أنا فألقيت حركة الهمزة على النون، وقيل حذفت حذفا
وأدغمت النون في النون، والجيد حذف الالف في الوصل وإثباتها في الوقف، لان أنا كذلك
والالف فيه زائدة لبيان الحركة، ويقرأ بإثباتها في الحالين وأنا مبتدأ، وهو مبتدأ
ثان، و (الله) مبتدأ ثالث، و (ربى) الخبر والياء عائدة على المبتدأ الاول، ولا يجوز
أن تكون لكن المشددة العاملة نصبا، إذ لو كان كذلك لم يقع بعدها هو لانه ضمير
مرفوع، ويجوز أن يكون اسم الله بدلا من هو.
قوله تعالى (ماشاء الله) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، وهى مبتدأ والخبر
محذوف: أو خبر مبتدأ محذوف: أى الامر ماشاء الله.
والثانى هى شرطية في موضع نصب يشاء، والجواب محذوف: أى ماشاء الله كان (إلا بالله)
في موضع رفع خبره (أنا) فيه وجهان: أحدهما هى فاصلة بين المفعولين. والثانى هو
توكيد للمفعول الاول فموضعها نصب، ويقرأ (أقل) بالرفع على أن يكون أنا مبتدأ، وأقل
خبره والجملة في موضع المفعول الثانى.
قوله تعالى (حسبانا) هو جمع حسبانة، و (غورا) مصدر بمعنى الفاعل: أى غائرا: وقيل
التقدير: ذا غور.
قوله تعالى (يقلب كفيه) هذا هو المشهور، ويقرأ " تقلب " أى تتقلب كفاه بالرفع (على
ماأنفق) يجوز أن يتعلق بيقلب، وأن يكون حالا: أى متحسرا على ماأنفق فيها: أى في
عمارتها (ويقول) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يقلب، وأن يكون معطوفا على يقلب.
قوله تعالى (ولم تكن له) يقرأ بالتاء والياء وهما ظاهران (ينصرونه) محمول على
المعنى لان الفئة ناس، ولو كان تنصره لكان على اللفظ.
قوله تعالى (هنالك) فيه وجهان: أحدهما هو ظرف، والعامل فيه معنى الاستقرار في لله،
و (الولاية) مبتدأ، و (لله) الخبر. والثانى هنالك خبر الولاية، والولاية مرفوعة به،
ولله يتعلق بالظرف أو بالعامل في الظرف أو بالولاية، ويجوز أن يكون حالا من الولاية
فيتعلق بمحذوف، والولاية بالكسر والفتح لغتان، وقيل للكسر في الامارة والفتح في
النصرة، و (الحق) بالرفع صفة الولاية، أو خبر مبتدأ محذوف: أى هى الحق أو هو الحق،
ويجوز أن يكون مبتدأ، و (هو خير) خبره ويقرأ بالجر نعتا لله تعالى.
قوله تعالى (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا) يجوز أن تجعل اضرب بمعنى
[104]
اذكر فيتعدى إلى واحد، فعلى هذا يكون (كماء أنزلناه) خبر مبتدأ محذوف: أى هو كماء،
وأن يكون بمعنى صير، فيكون كماء مفعولا ثانيا (فاختلط به) قد ذكر في يونس (تذروه)
هو من ذرت الريح تذروه ذروا: أى فرقت، ويقال ذرت تذرى، وقد قرئ به، ويقال أذرت تذرى
كقولك أذريته عن فرسه إذا ألقيته عنها، وقرئ به أيضا.
قوله تعالى (ويوم نسير الجبال) أى واذكر يوم، وقيل هومعطوف على عند ربك: أى
الصالحات خير عند الله وخير يوم نسير. وفي نسير قراآت كلها ظاهرة (وترى) الخطاب
للنبى صلى الله عليه وسلم، وقيل لكل إنسان، و (بارزة) حالا (وحشرناهم) في موضع
الحال، وقد مرادة: أى وقد حشرناهم.
قوله تعالى (صفا) حال بمعنى مصطفين: أى مصفوفين، والتقدير: يقال لهم (لقد جئتمونا)
أو مفعولا لهم، فيكون حالا أيضا، و (بل) هاهنا للخروج من قصة إلى قصة.
قوله تعالى (لايغادر) في موضع الحال من الكتاب.
قوله تعالى (وإذ قلنا) أى واذكر (إلا إبليس) استثناء من غير الجنس، وقيل من الجنس،
و (كان من الجن) في موضع الحال، وقد معه مرادة (ففسق) إنما أدخل الفاء هنا لان معنى
إلا إبليس امتنع ففسق (بئس) اسمها مضمر فيها، والمخصوص بالذم محذوف: أى بئس البدل
هو وذريته، (للظالمين) حال من (بدلا) وقيل يتعلق ببئس.
قوله تعالى (ماأشهدتهم) أى إبليس وذريته ويقرأ أشهدناهم (عضدا) يقرأ بفتح العين وضم
الضاد، وبفتح العين وضمها مع سكون الضاد، والاصل هو الاول، والثانى تخفيف، وفي
الثالث نقل، ولم يجمع لان الجمع في حكم الواحد إذ كان المعنى أن جميع المضلين
لايصلح أن ينزلوا في الاعتضاد بهم منزلة الواحد، ويجوز أن يكون اكتفى بالواحد عن
الجمع.
قوله تعالى (ويوم نقول) أى واذكر يوم نقول، ويقرأ بالنون والياء، (وبينهم) ظرف،
وقيل هو مفعول به: أى وصيرنا وصلهم إهلاكا لهم. والموبق مكان وإن شئت كان مصدرا
يقال وبق يبق وبوقا وموبقا، ووبق يوبق وبقا قوله تعالى (مصرفا) أى انصرافا، ويجوز
أن يكون مكانا: أى لم يجدوا مكانا ينصرف إليه عنها والله أعلم.
[105]
قوله تعالى (من كل مثل) أى ضربنا لهم مثلا من كل جنس من الامثال والمفعول محذوف، أو
يخرج على قول الاخفش أن تكون من زائدة (أكثر شئ جدلا) فيه وجهان: أحدهما أن شيئا
هنا في معنى مجادل، لان أفعل يضاف إلى ماهو بعض له، وتمييزه بجدلا يقتضى أن يكون
الاكثر مجادلا، وهذا من وضع العام موضع الخاص.
والثانى أن في الكلام محذوفا تقديره: وكان جدال الانسان أكثر شئ ثم ميزه.
قوله تعالى (أن يؤمنوا) مفعول منع (أن تأتيهم) فاعله، وفيه حذف مضاف: أى إلا طلب أو
انتظار أن تأتيهم.
قوله تعالى (وماأنذروا) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف، و (هزوا) مفعول ثان،
ويجوز أن تكون " ما " مصدرية.
قوله تعالى (أن يفقهوه) أى كراهية أن يفقهوه.
قوله تعالى (لو يؤاخذهم) مضارع محكى به الحال، وقيل هو بمعنى الماضى والوعد هنا
يصلح للمكان والمصدر، والموئل مفعل من وأل يئل إذا لجأوا، ويصلح لهما أيضا.
قوله تعالى (وتلك) مبتدأ، و (أهلكناهم) الخبر، ويجوز أن يكون تلك في موضع نصب يفسره
المذكور، و (لمهلكهم) مفعل بضم الميم، وفتح اللام وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر بمعنى
الاهلاك مثل المدخل.
والثانى هو مفعول: أى لمن أهلك، أو لما أهلك منها، ويقرأ بفتحهما وهو مصدر هلك
يهلك، ويقرأ بفتح الميم وكسر اللام وهو مصدر أيضا ويجوز أن يكون زمانا وهو مضاف إلى
الفاعل ويجوز أن يكون إلى المفعول على لغة من قال هلكته أهلكه، والموعد زمان.
قوله تعالى (وإذ قال) أى واذكر (لا أبرح) فيه وجهان: أحدهما هى الناقصة وفي اسمها
وخبرها وجهان: أحدهما خبرها محذوف: أى لا أبرح أسير، والثانى الخبر (حتى أبلغ)
والتقدير: لا أبرح سيرى، ثم حذف الاسم وجعل ضمير المتكلم عوضا منه، فأسند الفعل إلى
المتكلم.
والوجه الآخر هى التامة، والمفعول محذوف أى لا أفارق السير حتى أبلغ، كقولك: لا
أبرح المكان: أى لا أفارق (أو أمضى) في " أو " وجهان: أحدهما هى لاحد الشيئين: أى
أسير حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضى الحقب. والثانى أنها بمعنى إلا أن: أى إلا أن
أمضى زمانا أتيقن معه فوات مجمع البحرين، والمجمع ظرف، ويقرأ بكسر الميم الثانية
حملا على المغرب والمطلع.
[106]
قوله تعالى (سبيله) الهاء تعود على الحوت، و (في البحر) يجوز أن يتعلق باتخذ، وأن
يكون حالا من السبيل أومن (سربا).
قوله تعالى (أن أذكره) في موضع نصب بدلا من الهاء في أنسانيه: أى ماأنسانى ذكره،
وكسر الهاء وضمها جائزان، وقد قرئ بهما (عجبا) مفعول ثان لاتخذ، وقيل هو مصدر: أى
قال موسى عجبا، فعلى هذا يكون المفعول الثانى لاتخذ في البحر.
قوله تعالى (نبغى) الجيد إثبات الياء، وقد قرئ بحذفها على التشبيه بالفواصل وسهل
ذلك أن الهاء لا تضم هاهنا (قصصا) مصدر: فارتدا على المعنى، وقيل هو مصدر فعل
محذوف: أى يقصان قصصا، وقيل هو في موضع الحال: أى مقتصين و (علما) مفعول به، ولو
كان مصدرا لكان تعليما.
قوله تعالى (على أن تعلمن) هو في موضع الحال: أى أتبعك بإذلالى، والكاف صاحب الحال،
و (رشدا) مفعول تعلمن، ولايجوز أن يكون مفعول علمت لانه لا عائد إذن على الذى، وليس
بحال من العائد المحذوف، لان المعنى على ذلك يبرز والرشد والرشد لغتان وقد قرئ
بهما.
قوله تعالى (خبرا) مصدر، لان تحيط بمعنى تخبر.
قوله تعالى (تسألنى) يقرأ بسكون اللام وتخفيف النون وإثبات الياء، وبفتح اللام
وتشديد النون، ونون الوقاية محذوفة، ويجوز أن تكون النون الخفيفة دخلت على نون
الوقاية، ويقرأ بفتح النون وتشديدها.
قوله تعالى (لتغرق أهلها) يقرأ بالتاء على الخطاب مشددا ومخففا، وبالياء وتسمية
الفاعل.
قوله تعالى (عسرا) هو مفعول ثان لتزهق، لان المعنى لاتولنى أو تغشنى.
قوله تعالى (بغير نفس) الباء تتعلق بقتلت أى قتلته بلا سبب، ويجوز أن يتعلق بمحذوف:
أى قتلا بغير نفس، وأن تكون في موضع الحال: أى قتلته ظالما أو مظلوما، والنكر
والنكر لغتان قد قرئ بهما، وشيئا مفعول: أى أتيت شيئا منكرا، ويجوز أن يكون مصدرا
أى مجيئا منكرا.
قوله تعالى (من لدنى) يقرأ بتشديد النون، والاسم لدن، والنون الثانية وقاية
وبتخفيفها وفيه وجهان: أحدهما هو كذلك إلا أنه حذف نون الوقاية كما قالوا قدنى
وقدى.
[107]
والثانى أصله ولد وهى لغة فيها، والنون للوقاية، و (عذرا) مفعول به كقولك: بلغت
الغرض.
قوله تعالى (استطعما أهلها) هو جواب إذا، وأعاد ذكر الاهل توكيدا (أن ينقض) بالضاد
المعجمة المشددة من غير ألف، وهو من السقوط شبه بانقضاض الطائر، ويقرأ بالتخفيف على
مالم يسم فاعله من النقض، ويقرأ بالالف والتشديد مثل يحمار، ويقرأ كذلك بغير تشديد،
وهو من قولك انقضاض البناء إذا تهدم، وهو ينفعل، ويقرأ بالضاد مشددة من قولك انقاضت
السن إذا انكسرت (لتخذت) يقرأ بكسر الخاء مخففة، وهو من تخذ يتخذ إذا عمل شيئا،
ويقرأ بالتشديد وفتح الخاء وفيه وجهان: أحدهما هو افتعل من تخذه.
والثانى أنه من الاخذ وأصله أيتخذ، فأبدلت الياء تاء وأدغمت، وأصل الياء الهمزة.
قوله تعالى (فراق بينى) الجمهور على الاضافة، أى تفريق وصلنا، ويقرأ بالتنوين، وبين
منصوب على الظرف.
قوله تعالى (غصبا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر أخذ من معناه.
قوله تعالى (مؤمنين) خبر كان، ويقرأ شاذا بالالف على أن في كان ضمير الغلام أو
الشأن، والجملة بعدها خبرها.
قوله تعالى (زكاة) تمييز، والعامل خيرا منه، و (رحما) كذلك، والتسكين والضم لغتان.
قوله تعالى (رحمة من ربك) مفعول له أو موضع الحال.
قوله تعالى (منه ذكرا) أى من إخباره، فحذف المضاف.
قوله تعالى (مكنا له) المفعول محذوف: أى أمره.
قوله تعالى (فأتبع) يروى بوصل الهمزة والتشديد، و (سببا) مفعوله، ويقرأ بقطع الهمزة
والتخفيف، وهو متعد إلى اثنين أى أتبع سببا سببا.
قوله تعالى (حمئة) يقرأ بالهمز من غير ألف، وهو من حمئت البئر تحمأ إذا صارت فيها
حمأة، وهو الطين الاسود، ويجوز تخفيف الهمزة، ويقرأ بالالف من غير همز، وهو مخفف من
المهموز أيضا، ويجوز أن يكون من حمى الماء إذا اشتد حره، كقوله تعالى " نارا حامية
" (إما أن تعذب) " أن " في موضع رفع
[108]
بالابتداء، والخبر محذوف: أى إما العذاب واقع منك بهم، وقيل هو خبر: أى إما هو أن
تعذب وإما الجزاء أن تعذب، وقيل هو في موضع نصب: أى إما توقع أن تعذب أو تفعل
(حسنا) أى أمرا ذا حسن.
قوله تعالى (جزاء الحسنى) يقرأ بالرفع والاضافة، وهو مبتدأ أو مرفوع بالظرف،
والتقدير: فله جزاء الخصلة الحسنى بدل، ويقرأ بالرفع والتنوين، والحسنى بدل أو خبر
مبتدأ محذوف، ويقرأ بالنصب والتنوين: أى فله الحسنى جزاء، فهو مصدر في موضع الحال:
أى مجزيا بها، وقيل هو مصدر على المعنى: أى يجزى بها جزاء، وقيل تمييز، ويقرأ
بالنصب من غير تنوين، وهو مثل المنون إلا أنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين (من
أمرنا يسرا) أى شيئا ذا يسر.
قوله تعالى (مطلع الشمس) يجوز أن يكون مكانا، وأن يكون مصدرا، والمضاف محذوف: أى
مكان طلوع الشمس.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف.
قوله تعالى (بين السدين) بين هاهنا مفعول به، والسد بالفتح مصدر سد، وهو بمعنى
المسدود، وبالضم اسم للمسدود، وقيل المضموم ماكان من خلق الله، والمفتوح ماكان من
صنعة الآدمى، وقيل هما لغتان بمعنى واحد وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (يأجوج ومأجوج) هما اسمان أعجميان لم ينصرفا للعجمة والتعريف ويجوز
همزهما وترك همزهما، وقيل هما عربيان، فيأجوج يفعول مثل يربوع، ومأجوج مفعول مثل
معقول، وكلاهما من أج الظليم إذا أسرع، أن من أجت النار إذا التهبت، ولم ينصرفا
للتعريف والتأنيث. والخرج يقرأ بغير ألف مصدر خرج، والمراد به الاجر، وقيل هو بمنى
مخرج، والخراج بالالف وهو بمعنى الاجر أيضا، وقيل هو المال المضروب على الارض أو
الرقاب.
قوله تعالى (مامكنى فيه) يقرأ بالتشديد على الادغام، وبالاظهار على الاصل و " ما "
بمعنى الذى وهو مبتدأ، و (خير) خبره (بقوة) أى برجال ذى ذوى قوة أو متقوى به،
والردم بمعنى المردوم به أو الرادم (آتونى) يقرأ بقطع الهمزة والمد: أى أعطونى،
وبوصلها: أى جيؤنى، والتقدير: بزبر الحديد، أو هو بمعنى أحضروا لان جاء وحضر
متقاربان، و (الصدفين) يقرأ بضمتين، وبضم الاول وإسكان الثانى، وبفتحتين، وبفتح
الاول وإسكان الثانى، وبفتح الاول
[109]
وضم الثانى وكلها لغات، والصدف جانب الجبل (قطرا) مفعول آتونى ومفعول أفرغ محذوف:
أى أفرغه، وقال الكوفيون: هو مفعول أفرغ، ومفعول الاول محذوف.
قوله تعالى (فما اسطاعوا) يقرأ بتخفيف الطاء. أى استطاعوا، وحذف التاء تخفيفا:
ويقرأ بتشديدها وهو بعيد لما فيه من الجمع بين الساكنين.
قوله تعالى (دكاء) ودكا قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (الذين كانت) في موضع جر صفة للكافرين، أو نصب بإضمار أعنى: أو رفع
بإضمارهم.
قوله تعالى (أفحسب) يقرأ بكسر السين على أنه فعل (أن يتخذوا) سد مسد المفعولين،
ويقرأ بسكون السين ورفع الباء على الابتداء، والخبر أن يتخذوا.
قوله تعالى (هل ننبئكم) يقرأ بالاظهار على الاصل، وبالادغام لقرب مخرج الحرفين،
(أعمالا) تمييز، وجاز جمعه لانه منصوب عن أسماء الفاعلين.
قوله تعالى (فلا نقيم لهم) يقرأ بالنون والياء وهو ظاهر، ويقرأ يقوم، والفاعل مضمر:
أى فلا يقوم عملهم أو سعيهم أو صنيعهم، و (وزنا) تمييز أو حال.
قوله تعالى (ذلك) أى الامر ذلك، ومابعده مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ، و
(جزاؤهم) مبتدأ ثان، و (جهنم) خبره، والجملة خبر الاول، والعائد محذوف: أى جزاؤهم
به، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ، وجزاؤهم بدلا أو عطف بيان، وجهنم الخبر، ويجوز أن
تكون جهنم بدلا من جزاء أو خبر ابتداء محذوف، أى هو جهنم، و (بما كفروا) خبر ذلك،
ولايجوز أن تتعلق الباء بجزاؤهم للفصل بينهما بجهنم (واتخذوا) يجوز أن يكون معطوفا
على كفروا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (نزلا) يجوز أن يكون حالا من جنات، ولهم الخبر، وأن يكون نزلا خبر كان
ولهم يتعلق بكان أو بالخبر أو على التبيين.
قوله تعالى (لايبغون) حال من الضمير في خالدين. والحلول مصدر بمعنى التحول.
قوله تعالى (مددا) هو تمييز، ومدادا بالالف مثله في المعنى.
قوله تعالى (إنما إلهكم) أن هاهنا مصدرية، ولايمنع من ذلك دخول " ما "
[110]
الكافة عليها، و (بعبادة ربه) أى في عبادة ربه، ويجوز أن تكون على بابها: أى بسبب
عبادة ربه، والله أعلم.
سورة مريم عليها السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد ذكرنا الكلام على الحروف المقطعة في أول البقرة فليتأمل من ثم.
قوله تعالى (عص) يقرأ بإخفاء النون عند الصاد لمقاربتها إياها واشتراكهما في الفم،
ويقرأ بإظهارها لان الحروف المقطعة يقصد تمييز بعضها عن بعض إيذانا بأنها مقطعة،
ولذلك وقف بعضهم على كل حرف منها وقفة يسيرة، وإظهار النون يؤذن بذلك.
قوله تعالى (ذكر رحمة ربك) في ارتفاعه ثلاثة أوجه أحدها هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا
ذكر.
والثانى هو مبتدأ والخبر محذوف: أى فيما يتلى عليك ذكر.
والثالث هو خبر الحروف المقطعة ذكره الفراء وفيه بعد لان الخبر هو المبتدأ في
المعنى وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة، ولا في ذكر الرحمة معناها، وذكر مصدر
مضاف إلى المفعول، والتقدير: هذا أن ذكر ربك رحمته عبده، وقيل هو مضاف إلى الفاعل
على الاتساع، والمعنى: هذا إن ذكرت رحمة ربك، فعلى الاول ينتصب عبده برحمة، وعلى
الثانى بذكر، ويقرأ في الشاذ " ذكر " على الفعل الماضى، ورحمة مفعول، وعبده فاعل، و
(زكريا) بدل على الوجهين من عبده، ويقرأ بتشديد الكاف ورحمة وعبده بالنصب: أى هذا
القرآن ذكر النبى عليه الصلاة والسلام أو الامة، و (إذ) ظرف لرحمة أو لذكر.
قوله تعالى (شيبا) نصب على التمييز، وقيل هو مصدر في موضع الحال، وقيل هو منصوب على
المصدر من معنى اشتعل لان معناه شاب، و (بدعائك) مصدر مضاف إلى المفعول: أى بدعائى
إياك.
قوله تعالى (خفت الموالى) فيه حذف مضاف: أى عدم الموالى أو جور الموالى ويقرأ خفت
بالتشديد وسكون التاء، والموالى فاعل: أى نقص عددهم، والجمهور على المد وإثبات
الياء في (ورائى) ويقرأ بالقصر وفتح الياء، وهو قصر الممدود.
قوله تعالى (يرثنى) يقرأ بالجزم فيهما على الجواب: أى أن يهب يرث،
[111]
وبالرفع فيهما على الصفة لولى، وهو أقوى من الاولى لانه سأل وليا هذه صفته، والجزم
لايحصل بهذا المعنى وقرئ شاذا يرثنى وارث على أنه اسم فاعل، و (رضيا) أى مرضيا،
وقيل راضيا، ولام الكلمة واو وقد تقدم، و (سميا) فعيل بمعنى مساميا، ولام الكلمة
واو من سما يسمو.
قوله تعالى (عتيا) أصله عتو على فعول، مثل قعود وجلوس، إلا أنهم استثقلوا توالى
الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم
قلبت الواو التى هى لام ياء لسبق الاولى بالسكون، ومنهم من يكسر العين إتباعا ويقرأ
بفتحها على أنها مصدر على فعيل، وكذلك بكى وصلى وهو منصوب ببلغت: أى بلغت العتى من
الكبر: أى من أجل الكبر، ويجوز أن تكون حالا من عتى، وأن تتعلق ببلغت، وقيل " من "
زائدة، وعتيا مصدر مؤكد أو تمييز أو مصدر في موضع الحال من الفاعل.
قوله تعالى (قال كذلك) أى الامر كذلك، وقيل هو في موضع نصب: أى أفعل مثل ماطلبت،
وهو كناية عن مطلوبه.
قوله تعالى (سويا) حال من الفاعل في تكلم.
قوله تعالى (أن سبحوا) يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى أى، و (بقوة) مفعول أو
حال (وحنانا) معطوف على الحكم: أى وهبنا له تحننا، وقيل هو مصدر (وبرا) أى وجعلناه
برا، وقيل هو معطوف على خبر كان.
قوله تعالى (إذ انتبذت) في " إذ " أربعة أوجه: أحدها أنها ظرف والعامل فيه محذوف
تقديره: واذكر خبر مريم إذ انتبذت.
والثانى أن تكون حالا من المضاف المحذوف.
والثالث أن يكون منصوبا بفعل محذوف: أى وبين إذ انتبذت فهو على كلام آخر كما قال
سيبويه في قوله تعالى " انتهوا خيرا لكم " وهو في الظرف أقوى وإن كان مفعولا به.
والرابع أن يكون بدلا من مريم بدل الاشتمال، لان الاحيان تشتمل على الجثث، ذكره
الزمخشرى وهو بعيد، لان الزمان إذا لم يكن حالا من الجثة ولاخبرا عنها ولا وصفا لها
لم يكن بدلا منها، وقيل " إذ " بمعنى أن المصدرية كقولك: لاأكرمك إذ لم تكرمنى: أى
لانك لم تكرمنى، فعلى هذا يصح بدل الاشتمال: أى واذكر مريم انتباذها، و (مكانا)
ظرف، وقيل مفعول به على المعنى إذ أتت مكانا (بشرا سويا) حال.
[112]
قوله تعالى (لاهب) يقرأ بالهمز وفيه وجهان: أحدهما أن الفاعل الله تعالى، والتقدير:
قال لاهب لك.
والثانى الفاعل جبريل عليه السلام، وأضاف الفعل إليه لانه سبب فيه.
ويقرأ بالياء وفيه وجهان: أحدهما أن أصلها الهمزة قلبت ياء للكسر قبلها تخفيفا.
والثانى ليهب الله.
قوله تعالى (بغيا) لام الكلمة ياء، يقال بغت تبغى، وفى وزنه وجهان: أحدهما هو فعول:
فلما اجتمعت الواو والياء قلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت الغين إتباعا، ولذلك لم تلحق
تاء التأنيث كما لم تلحق في امرأة صبور وشكور. والثانى هو فعيل بمعنى فاعل، ولم
تلحق التاء أيضا للمبالغة، وقيل لم تلحق لانه على النسب مثل طالق وحائض.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك، وقيل التقدير: قال ربك مثل ذلك و (هو على هين)
مستأنف على هذا القول (ولنجعله آية للناس) أى ولنجعله آية للناس خلقناه من غير أب
وقيل التقدير: نهبه لك ولنجعله (وكان أمرا) أى وكان خلقه أمرا.
قوله تعالى (فانتبذت به) الجار والمجرور حال: أى فانتبذت وهو معها.
قوله تعالى (فأجاءها المخاض) الاصل جاءها، ثم عدى بالهمزة إلى مفعول ثان، واستعمل
بمعنى ألجأها، ويقرأ بغير همز على فاعلها، وهو من المفاجأة، وترك الهمزة الاخيرة
تخفيفا، والمخاض بالفتح وجع الولادة، ويقرأ بالكسر وهما لغتان، وقيل الفتح اسم
للمصدر مثل السلام والعطاء، والكسر مصدر مثل القتال، وجاء على فعال مثل الطراق
والعقاب.
قوله تعالى (ياليتنى) قد ذكر في النساء (نسيا) بالكسر، وهو بمعنى المنسى وبالفتح:
أى شيئا حقيرا، وهو قريب من معنى الاول، ويقرأ بفتح النون وهمزة بعد السين، وهو من
نسأت اللبن إذا خالطت به ماء كثيرا، وهو في معنى الاول أيضا، و (منسيا) بالفتح
والكسر على الاتباع شاذ مثل المغيرة.
قوله تعالى (من تحتها) يقرأ بفتح الميم، وهو فاعل نادى، والمراد به عيسى صلى الله
عليه وسلم، أى من تحت ذيلها، وقيل المراد من دونها، وقيل المراد به جبريل عليه
السلام، وهو تحتها في المكان كما تقول: دارى تحت دارك، ويقرأ بكسر الميم والفاعل
مضمر في الفعل، وهو عيسى أو جبريل صلوات الله عليهما، والجار على هذا حال أو ظرف، و
(أن لا) مصدرية أو بمعنى أى.
[113]
قوله تعالى (بجذع النخلة) الباء زائدة: أى أميلى إليك، وقيل هى محمولة على المعنى،
والتقدير: هزى الثمرة بالجذع: أى انفضى، وقيل التقدير: وهزى إليك رطبا جنيا كائنا
بجذع النخلة فالباء على هذا حال (تساقط) يقرأ على تسعة أوجه: بالتاء والتشديد،
والاصل تتساقط وهو أحد الاوجه 7.
والثالث بالياء والتشديد والاصل يتساقط فأدغمت التاء في السين.
والرابع بالتاء والتخفيف على حذف الثانية والفاعل على هذه الاوجه النخلة، وقيل
الثمرة لدلالة الكلام عليها.
والخامس بالتاء والتخفيف وضم القاف.
والسادس كذلك إلا أنه بالياء والفاعل الجذع أو الثمر.
والسابع " تساقط " بتاء مضمومة وبالالف وكسر القاف.
والثامن كذلك إلا أنه بالياء والتاسع " تسقط " بتاء مضمومة وكسر القاف من غير ألف،
وأظن أنه يقرأ كذلك بالياء، و (رطبا) فيه أربعة أوجه:
أحدها هو حال موطئة، وصاحب الحال الضمير في الفعل.
والثانى هو مفعول به لتساقط.
والثالث هو مفعول هزى.
والرابع هو تمييز، وتفصيل هذه الاوجه يتبين بالنظر في القراءات، فيحمل كل منها على
مايليق به، و (جنيا) بمعنى مجنى، وقيل هو بمعنى فاعل: أى طريا.
قوله تعالى (وقرى) يقرأ بفتح القاف والماضى منه قررت ياعين بكسر الراء والكسر
قراءة شاذة، وهى لغة شاذة، والماضى قررت ياعين بفتح الراء، و (عينا) تمييز، و
(ترين) أصله ترأيين مثل ترغبين، فالهمزة عين الفعل، والياء لامه، وهو مبنى هنا من
أجل نون التوكيد مثل لتضربن، فألقيت حركة الهمزة على الراء وحذفت اللام للبناء كما
تحذف في الجزم، وبقيت ياء الضمير وحركت لسكونها وسكون النون بعدها، فوزنه يفين،
وهمزة هذا الفعل تحذف في المضارع أبدا، ويقرأ ترين بإسكان الياء وتخفيف النون على
أنه لم يجزم بإما وهو بعيد، و (من البشر) حال من (أحدا) أو مفعول به.
قوله تعالى (فأتت به) الجار والمجرور حال، وكذلك (تحمله) وصاحب الحال مريم، ويجوز
أن يجعل تحمله حالا من ضمير عيسى عليه السلام، و (جئت) أى فعلت فيكون (شيئا)
مفعولا، ويجوز أن يكون مصدرا: أى مجيئا عظيما.
قوله تعالى (من كان) كان زائدة: أى من هو في المهد، و (صبيا) حال من الضمير في
الجار والضمير المنفصل المقدر كان متصلا بكان، وقيل كان الزائدة لايستتر فيها ضمير
فعلى هذا لا تحتاج إلى تقدير هو، بل يكون الظرف صلة من، وقيل ليست زائدة بل هى
كقوله " وكان الله عليما حكيما " وقد ذكر، وقيل هى بمعنى صار، وقيل هى التامة، ومن
بمعنى الذى، وقيل شرطية وجوابها كيف.
[114]
قوله تعالى (وبرا) معطوف على مباركا، ويقرأ في الشاذ بكسر الباء والراء، وهو معطوف
على الصلاة، ويقرأ بكسر الباء وفتح الراء: أى وألزمنى برا، أو جعلتنى ذا بر، فحذف
المضاف أو وصفه بالمصدر.
قوله تعالى (والسلام) إنما جاءت هذه بالالف واللام لان التى في قصة يحيى عليه
السلام نكرة، فكان المراد بالثانى الاول كقوله تعالى " كما أرسلنا إلى فرعون رسولا
فعصى فرعون الرسول " وقيل النكرة والمعرفة في مثل هذا سواء (ويوم ولدت) ظرف،
والعامل فيه الخبر الذى هو على، ولا يعمل فيه السلام للفصل بينهما بالخبر.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (عيسى) خبره، و (ابن مريم) نعت أو خبر ثان، و (قول الحق)
كذلك، وقيل هو خبر مبتدإ محذوف، وقيل عيسى عليه السلام بدل أو عطف بيان وقول الحق
الخبر، ويقرأ قول الحق بالنصب على المصدر أى أقول قول الحق، وقيل هو حال من عيسى،
وقيل التقدير: أعنى قول الحق، ويقرأ قال الحق، والقال اسم للمصدر مثل القيل، وحكى
قول الحق بضم القاف مثل الروح وهى لغة فيه.
قوله تعالى (وأن الله) بفتح الهمزة. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على قوله بالصلاة:
أى وأوصانى بأن الله ربى. والثانى هو متعلق بما بعده، والتقدير: لان الله ربى وربكم
فاعبدوه: أى لوحدانيته أطيعوه، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (أسمع بهم وأبصر) لفظه لفظ الامر ومعناه التعجب، وبهم في موضع رفع
كقولك: أحسن بزيد أى أحس زيد. وحكى عن الزجاج أنه أمر حقيقة، والجار والمجرور نصب،
والفاعل مضمر فهو ضمير المتكلم، كأن المتكلم يقول لنفسه: أوقع به سمعا أو مدحا، و
(اليوم) ظرف والعامل فيه الظرف الذى بعده.
قوله تعالى (إذ قضى الامر) " إذ " بدل من يوم أو ظرف للحسرة، وهو مصدر فيه الالف
واللام، وقد عمل.
قوله تعالى (إذ قال لابيه) في " إذ " وجهان: أحدهما هى مثل إذ انتبذت في أوجهها،
وقد فصل بينهما بقوله " إنه كان صديقا نبيا ". والثانى أن " إذ " ظرف، والعامل فيه
صديقا نبيا أو معناه.
قوله تعالى (أراغب أنت) مبتدأ، وأنت فاعله، وأغنى عن الخبر، وجاز الابتداء بالنكرة
لاعتمادها على الهمزة، و (مليا) ظرف: أى دهرا طويلا، وقيل هو نعت لمصدر محذوف.
[115]
قوله تعالى (وكلا جعلنا) هو منصوب بجعلنا.
قوله تعالى (نجيا) هو حال، و (هرون) بدل، و (نبيا) حال.
قوله تعالى (مكانا عليا) ظرف.
قوله تعالى (من ذرية آدم) هو بدل من النبيين بإعادة الجار، و (سجدا) حال مقدرة
لانهم غير سجود في حال خرورهم (وبكيا) قد ذكر، و (غيا) أصله غوى فأدغمت الواو في
الياء.
قوله تعالى (جنات عدن) من كسر التاء أبدله من الجنة في الآية قبلها، ومن رفع فهو
خبر مبتدإ محذوف (إنه) الهاء ضمير اسم الله تعالى، ويجوز أن تكون ضمير الشأن، فعلى
الاول يجوز أن لايكون في كان ضمير، وأن يكون فيه ضمير و (وعده) بدل منه بدل
الاشتمال، و (مأتيا) على بابه، لان ما تأتيه فهو يأتيك، وقيل المراد بالوعد الجنة:
أى كان موعده مأتيا وقيل مفعول هنا بمعنى فاعل، وقد ذكر مثله في سبحان.
قوله تعالى (وما نتنزل) أى وتقول الملائكة.
قوله تعالى (رب السموات) خبر مبتدإ محذوف، أو مبتدأ والخبر (فاعبده) على رأى الاخفش
في جواز زيادة الفاء.
قوله تعالى (أئذا) العامل فيها فعل دل عليه الكلام: أى أبعث إذا، ولايجوز أن يعمل
فيها (أخرج) لان مابعد اللام وسوف لايعمل فيما قبلها مثل إن.
قوله تعالى (يذكر) بالتشديد: أى يتذكر، وبالتخفيف منه أيضا، أو من الذكر باللسان
(جثيا) قد ذكر في عتيا وبكيا، وأصله جثو ومصدرا كان أو جمعا.
قوله تعالى (أيهم أشد) يقرأ بالنصب شاذا، والعامل فيه لننزعن، وهى بمعنى الذى،
ويقرأ بالضم، وفيه قولان: أحدهما أنها ضمة بناء وهو مذهب سيبويه، وهى بمعنى الذى،
وإنما بنيت هاهنا لان أصلها البناء لانها بمنزلة الذى، " ومن " من الموصولات إلا
أنها أعربت حملا على كل أو بعض، فإذا وصلت بجملة تامة بقيت على الاعراب، وإذا حذف
العائد عليها بنيت لمخالفتها بقية الموصولات فرجعت إلى حقها من البناء بخروجها عن
نظائرها، وموضعها نصب بننزع.
[116]
والقول الثانى هى ضمة الاعراب.
وفيه خمسة أقوال: أحدها أنها مبتدأ وأشد خبره وهو على الحكاية، والتقدير: لننزعن من
كل شيعة الفريق الذى يقال أيهم، فهو على هذا استفهمام وهو قول الخليل.
والثانى كذلك في كونه مبتدأ وخبرا واستفهاما، إلا أن موضع الجملة نصب بننزعن، وهو
فعل معلق عن العمل ومعناه التمييز، فهو قريب من معنى العلم الذى يجوز تعليقه كقولك:
علمت أيهم في الدار، وهو قول يونس.
والثالث أن الجملة مستأنفة، وأى استفهام، ومن زائدة: أى لننزعن كل شيعة، وهو قول
الاخفش والكسائى، وهما يجيزان زيادة من في الواجب.
والرابع أن أيهم مرفوع بشيعة، لان معناه تشيع، والتقدير: لننزعن من كل فريق يشيع
أيهم، وهو على هذا بمعنى الذى، وهو قول المبرد.
والخامس أن ننزع علقت عن العمل، لان معنى الكلام معنى الشرط، والشرط لايعمل فيما
قبله، والتقدير: لننزعنهم تشيعوا أو لم يتشيعوا، أو إن تشيعوا، ومثله لاضربن أيهم
غضب: أى إن غضبوا أو لم يغضبوا، وهو قول يحيى عن الفراء، وهو أبعدها عن الصواب.
قوله تعالى (وإن منكم) أى وما أحد منكم فحذف الموصوف، وقيل التقدير: وما منكم إلا
من هو واردها، وقد تقدم نظائرها.
قوله تعالى (مقاما) يقرأ بالفتح وفيه وجهان: أحدهما هو موضع الاقامة. والثانى هو
مصدر كالاقامة، وبالضم وفيه الوجهان. ولام الندى واو، يقال ندوتهم: أى أتيت ناديهم
وجلست في النادى، ومصدره الندو.
قوله تعالى (وكم) منصوب ب (أهلكنا) و (هم أحسن) صفة لكم، و (رئيا) يقرأ بهمزة
ساكنة بعد الواو وهو من الرؤية: أى أحسن منظرا، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز.
وفيه وجهان: أحدهما أنه قلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ثم أدغم.
والثانى أن تكون من الرى ضد العطش، لانه يوجب حسن البشرة ويقرأ ريئا بهمزة بعد ياء
ساكنة وهو مقلوب.
يقال في رأى أرى، ويقرأ بياء خفيفة من غير همز، ووجهها أنه نقل حركة الهمزة إلى
الياء وحذفها، ويقرأ بالزاى والتشديد: أى أحسن زينة، وأصله من زوى يزوى لان المتزين
يجمع مايحسنه.
قوله تعالى (قل من كان) هى شرطية والامر جوابها، والامر هنا بمعنى الخبر: أى فليمدن
له، والامر أبلغ لما يتضمنه من اللزوم، و (حتى) يحكى ما بعدها هاهنا، وليست متعلقة
بفعل (إما العذاب وإما الساعة) كلاهما بدل مما يوعدون (فسيعلمون) جواب إذا (ويزيد)
معطوف على معنى فليمدد: أى فيمد
[117]
ويزيد من هو، فيه وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، وهو " شر " صلتها وموضع من نصب
بيعلمون.
والثانى هى استفهام، وهو فصل وليست مبتدأ.
قوله تعالى (وولدا) يقرأ بفتح الواو واللام وهو واحد، وقيل يكون جمعا أيضا، ويقرأ
بضم الواو وسكون اللام، وهو جمع ولد مثل أسد وأسد، وقيل يكون واحدا أيضا، وهى لغة
والكسر لغة أخرى.
قوله تعالى (أطلع) الهمزة همزة استفهام لانها مقابلة لام وهمزة الوصل محذوفة لقيام
همزة الاستفهام مقامها، ويقرأ بالكسر على أنها همزة وصل، وحرف الاستفهام محذوف
لدلالة أم عليه.
قوله تعالى (كلا) يقرأ بفتح الكاف من غير تنوين، وهى حرف معناه الزجر عن قول منكر
يتقدمها، وقيل هى بمعنى حقا، ويقرأ بالتنوين، وفيه وجهان: أحدهما هى مصدر كل: أى
أعيا: أى كلوا في دعواهم وانقطعوا.
والثانى هى بمعنى النقل: أى حملوا كلا، ويقرأ بضم الكاف والتنوين وهو حال: أى
سيكفرون جميعا وفيه بعد (بعبادتهم) المصدر مضاف إلى الفاعل: أى سيكفر المشركون
بعبادتهم الاصنام، وقيل هو مضاف إلى المفعول: أى سيكفر المشركون بعبادة الاصنام،
وقيل سيكفر الشياطين بعبادة المشركين إياهم، و (ضدا) واحد في معنى الجمع، والمعنى
أن جميعهم في حكم واحد لانهم متفقون على الاضلال.
قوله تعالى (ونرثه ما يقول) في " ما " وجهان أحدهما هو بدل من الهاء، وهى بدل
الاشتمال: أى نرث قوله.
والثانى هو مفعول به: أى نرث منه قوله.
قوله تعالى (يوم نحشر) العامل فيه لا يملكون، وقيل " نعد لهم " وقيل تقديره: اذكر،
و (وفدا) جمع وافد مثل راكب وركب وصاحب وصحب. والورد اسم لجمع وارد، وقيل هو بمعنى
وارد، والورد العطاش، وقيل هو محذوف من وارد وهو بعيد (لا يملكون) حال (إلا من
اتخذ) في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، وقيل هو متصل على أن يكون الضمير في
يملكون للمتقين والمجرمين، وقيل هو في موضع رفع بدلا من الضمير في يملكون.
قوله تعالى (شيئا إدا) الجمهور على كسر الهمزة وهو العظيم، ويقرأ شاذا بفتحها على
أنه مصدر أد يؤد إذا جاءك بداهية: أى شيئا ذا إد، وجعله نفس الداهية على التعظيم.
قوله تعالى (يتفطرن) يقرأ بالياء والنون، وهو مطاوع فطر بالتخفيف،
[118]
ويقرأ بالتاء والتشديد، وهو مطاوع فطر بالتشديد، وهو هنا أشبه بالمعنى و (هدا) مصدر
على المعنى لان تخر بمعنى تهد، وقيل هو حال.
قوله تعالى (أن دعوا للرحمن) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو في موضع نصب لانه مفعول له.
والثانى في موضع جر على تقدير اللام.
والثالث في موضع رفع: أى الموجب لذلك دعاؤهم.
قوله تعالى (من) نكرة موصوفة، و (في السموات) صفتها، و (إلا آتى) خبر كل، وواحد آتى
حملا على لفظ كل وقد جمع في موضع آخر حملا على معناها، ومن الافراد " وكلهم آتيه ".
قوله تعالى (بلسانك) قيل الباء بمعنى على، وقيل هى على أصلها: أى أنزلناه بلغتك
فيكون حالا.
[186]
قوله تعالى (أن اقتلوا) فيه وجهان: أحدهما هى أن المصدرية والامر صلتها، وموضعهما
نصب بكتبنا.
والثانى أن أن بمعنى أى المفسرة للقول، وكتبنا قريب من معنى أمرنا أو قلنا (أو
اخرجوا) يقرأ بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين، وبالضم إتباعا لضمة الراء، ولان
الواو من جنس الضمة (مافعلوه) الهاء ضمير أحد مصدرى الفعلين وهو القتل أو الخروج،
ويجوز أن يكون ضمير المكتوب ودل عليه كتبنا (إلا قليل) يقرأ بالرفع بدلا من الضمير
المرفوع وعليه المعنى، لان المعنى فعله قليل منهم، وبالنصب على أصل باب الاستثناء
والاولى أقوى، و (منهم) صفة قليل، و (تثبيتا) تمييز (وإذن) جواب ملغاة، و (من لدنا)
يتعلق بآتيناهم، ويجوز أن يكون يكون حالا من أجرا)، و (صراطا) مفعول ثان.
قوله تعالى (من النبيين) حال من الذين أو من المجرور في عليهم (وحسن) الجمهور على
ضم السين، وقرئ بإسكانها مع فتح الحاء على التخفيف كما قالوا في عضد عضد، و (أولئك)
فاعله، و (رفيقا) تمييز، وقيل هو حال وهو واحد في موضع الجمع: أى رفقاء.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (الفضل) وف (من الله) حال
والعامل فيها معنى ذلك، والثانى أن الفضل صفة ومن الله الخبر.
قوله تعالى (ثبات) جمع ثبة وهى للجماعة، وأصلها ثبوت تصغيرها ثبية. فأما ثبة الحوض
وهى وسطه فأصلها ثوبة من ثاب يثوب إذا رجع وتصغيرها ثويبة، وثبات حال وكذلك (جميعا)
قوله تعالى (لمن) اسم إن، وهى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، و (ليبطئن) صلة أو صفة،
ومنكم خبر إن، و (إذ لم) ظرف لانعم.
قوله تعالى (ليقولن) بفتح اللام على لفظ من، وقرئ بضمها حملا على معنى من وهو الجمع
(كأن لم) هى مخففة من الثقيلة واسمها محذوف: أى كأنه لم يكن بالياء لان المودة
والود بمعنى، ولانه قد فصل بينهما، ويقرأ بالتاء على لفظ المودة، وهو كلام معترض
بين يقول وبين المحكى بها، وهو قوله (ياليتنى) والتقدير: يقول ياليتنى، وقيل ليس
بمعترض بل هو محكى أيضا بيقول، أى يقول: كأن لم تكن وياليتنى، وقيل كأن لم ومايتصل
بها حال من ضمير الفاعل في ليقولن، ياليتنى المنادى محذوف تقديره: يا قوم ليتنى،
وأبوعلي يقول في نحو هذا، ليس في الكلام منادى محذوف بل يدخل " يا " على المحذوف
والحروف للتنبيه (فأفوز) بالنصب على جواب التمنى، وبالرفع على تقدير: فأنا أفوز.
[187]
قوله تعالى (أو يغلب فسوف) أدغمت الباء في الفاء لانهما من الشفتين، وقد أظهرها
بعضهم.
قوله تعالى (ومالكم) ما استفهام مبتدأ، ولكم خبره، و (لا تقاتلون) في موضع الحال،
والعامل فيها الاستقرار كما تقول: مالك قائما، و (المستضعفين) عطف على اسم الله: أى
وفى سبيل المستضعفين.
وقال المبرد: هو معطوف على السبيل وليس بشئ (الذين يقولون) في موضع جر صفة لمن عقل
من المذكورين، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى (الظالم أهلها) الالف واللام بمعنى
التى، ولم يؤنث اسم الفاعل وإن كان نعتا للقرية في اللفظ، لانه قد عمل في الاسم
الظاهر المذكر وهو أهل، وكل اسم فاعل إذا جرى على غير من هو له فتذكيره وتأنيثه على
حسب الاسم الظاهر الذى عمل فيه.
قوله تعالى (إذا فريق منهم) إذا هنا للمفاجأة، والتى للمفاجأة ظرف مكان، وظرف
المكان في مثل هذا يجوز أن يكون خبرا للاسم الذى بعده وهو فريق هاهنا، ومنهم صفة
فريق، و (يخشون) حال، والعامل في الظرف على هذا الاستقرار، ويجوز أن تكون إذا غير
خبر، فيكون فريق مبتدأ، ومنهم صفته، ويخشون الخبر وهو العامل في إذا، وقيل إذا هنا
الزمانية، وليس بشئ لان إذا الزمانية يعمل فيها إما ماقبلها أو مابعدها، وإذا عمل
فيها ماقبلها كانت " من " صلته، وهذا فاسد هاهنا لانه يصير التقدير: فلما كتب عليهم
القتال في وقت الخشية فريق منهم، وهذا يفتقر إلى جواب لما ولا جواب لها، وإذا عمل
فيها مابعدها كان العامل فيها جوابا لها، وإذا هنا ليس لها جواب بل هى جواب لما
(كخشية الله) أى خشية كخشية الله، والمصدر مضاف إلى المفعول (أو أشد) معطوف على
الخشية وهو مجرور، ويجوز أن يكون منصوبا عطفا على موضع الكاف، والقول في قوله أشد
خشية كالقول في قوله " أو أشدا ذكرا " وقد ذكر.
قوله تعالى (أينما) هى شرط هاهنا، ومازائدة ويكثر دخولها على أين الشرطية لتقوى
معناها في الشرط، ويجوز حذفها، و (يدرككم) الجواب، وقد قرئ " يدرككم " بالرفع وهو
شاذ، ووجهه أنه حذف الفاء (ولو كنتم) بمعنى وإن كنتم وقد ذكر مرارا (قل كل) مبتدأ،
والمضاف إليه محذوف: أى كل ذلك، و (من عند الله) الخبر (لا يكادون) حال، ومن القراء
من يقف على اللام من قوله ما لهؤلاء، وليس موضع وقف، واللام في التحقيق متصلة
بهؤلاء وهى خبر المبتدإ.
[188]
قوله تعالى (ماأصابك من حسنة) " ما " شرطية " وأصابك " بمعنى يصيبك، والجواب (فمن
الله) ولا يحسن أن تكون بمعنى الذى، لان ذلك يقتضى أن يكون المصيب لهم ماضيا مخصصا،
والمعنى على العموم والشرط أشبه، والتقدير: فهو من الله، والمراد بالآية الخصب
والجدب، ولذلك لم يقل أصبت (رسولا) حال مؤكدة: أى ذا رسالة، ويجوز أن يكون مصدرا:
أى إرسالا. وللناس يتعلق بأرسلنا، ويجوز أن يكون حالا من رسول.
قوله تعالى (حفيظا) حال من الكاف. وعليهم يتعلق بحفيظ، ويجوز أن يكون حالا منه
فيتعلق بمحذوف.
قوله تعالى (طاعة) خبر مبتدإ محذوف: أى أمرنا طاعة، ويجوز أن يكون مبتدأ: أى عندنا
أو منا طاعة (بيت) الاصل أن تفتح التاء لانه فعل ماض، ولم تلحقه تاء التأنيث لان
الطائفة بمعنى النفر، وقد قرئ بإدغام التاء في الطاء على أنه سكن التاء لتمكن
إدغامها إذ كانت من مخرج الطاء، والطاء أقوى منها لاستعلائها وإطباقها وجهرها، و
(تقول) يجوز أن يكون خطابا للنبى صلى الله عليه وسلم، وأن يكون للطائفة (ما يبيتون)
يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى وموصوفة ومصدرية.
قوله تعالى (أذاعوا به) الالف في أذاعوا بدل من ياء، يقال: ذاع الامر يذيع، والباء
زائدة: أى أذاعوه، وقيل حمل على معنى تحدثوا به (يستنبطونه منهم) حال من الذين أو
من الضمير في يستنبطونه (إلا قليلا) مستثنى من فاعل اتبعتم، والمعنى: لولا أن من
الله عليكم لضللتم باتباع الشيطان إلا قليلا منكم، وهو من مات في الفترة أو من كان
غير مكلف، وقيل هو مستثنى من قوله أذاعوا به: أى أظهروا ذلك الامر أو الخوف إلا
قليلا منهم، وقيل هو مستثنى من قوله " لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " أى لو كان من عند
غير الله لوجدوا فيه التناقض إلا القليل منهم، وهو من لايمعن النظر.
قوله تعالى (فقاتل) الفاء عاطفة لهذا الفعل على قوله " فليقاتل في سبيل الله " وقيل
على " ومالكم لاتقاتلون " وقيل على قوله " فقاتلوا أولياء الشيطان " (لاتكلف) في
موضع نصب على الحال (إلا نفسك) المفعول الثانى (بأسا) و (تنكيلا) تمييز.
[189]
قوله تعالى (مقيتا) الياء بدل من الواو وهو مفعل من القوت.
قوله تعالى (بتحية) أصلها تحيية وهى تفعلة من حييت، فنقلت حركة الياء إلى الحاء ثم
أدغمت؟؟، و (حيوا) أصلها حييوا ثم حذفت الياء على ماذكر في مواضع (بأحسن) أى بتحية
أحسن (أو ردوها) أى ردوا مثلها فحذف المضاف.
قوله تعالى (الله لاإله إلا هو) قد ذكر في آية الكرسى (ليجمعنكم) جواب قسم محذوف،
فيجوز أن يكون مستأنفا لاموضع له، ويجوز أن يكون خبرا آخر للمبتدإ (إلى يوم
القيامة) قيل التقدير: في يوم القيامة، وقيل هى على بابها: أى ليجمعنكم في القبور
أو من القبور، فعلى هذا يجوز أن يكون مفعولا به، ويجوز أن يكون حالا: أى يجمعنكم
مفضين إلى حساب يوم القيامة (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من يوم القيامة، والهاء
تعود على اليوم، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف: أى جمعا لاريب فيه والهاء تعود على
الجمع، و (حديثا) تمييز.
قوله تعالى (فما لكم) مبتدأ وخبر، و (فئتين) حال والعامل فيها الظرف الذى هو لكم،
أو العامل في الظرف.
وفى المنافقين يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون متعلقا بمعنى فئتين. والمعنى: ومالكم
تفترقون في أمور المنافقين فحذف المضاف. والثانى أن يكون حالا من فئتين: أى فئتين
مفترقتين في المنافقين، فلما قدمه نصبه على الحال.
قوله تعالى (كما كفروا) الكاف نعت لمصدر محذوف وما مصدرية (فتكونون) عطف على
تكفرون، و (سواء) بمعنى مستوين، وهو مصدر في موضع اسم الفاعل.
قوله تعالى (إلا الذين يصلون) في موضع نصب استثناء من ضمير المفعول في فاقتلوهم
(بينكم وبينهم ميثاق) يجوز أن ترفع ميثاق بالظرف لانه قد وقع صفة، وأن ترفعه
بالابتداء والجملة في موضع جر (حصرت) فيه وجهان: أحدهما لاموضع لهذه الجملة، وهى
دعاء عليهم بضيق صدورهم عن القتال. والثانى لها موضع وفيه وجهان: أحدهما هو جر صفة
لقوم ومابينهما صفة أيضا، وجاءوكم معترض، وقد قرأ بعض الصحابة " بينكم وبينهم
ميثاق حصرت صدورهم " بحذف
[190]
أو جاؤكم، والثانى موضعها نصب وفيه وجهان: أحدهما موضع حال، وقد مرادة تقديره: أو
جاءوكم قد حصرت، والثانى هو صفة لموصوف محذوف: أى جاءوكم قوما حصرت، والمحذوف حال
موطئة، ويقرأ حصرت بالنصب على الحال، وبالجر صفة لقوم، وإن كان قد قرئ حصرت بالرفع
فعلى أنه خبر، وصدروهم مبتدأ، والجملة حال (أن يقاتلوكم) أى عن أن يقاتلوكم فهو في
موضع نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف (لكم عليهم سبيلا) لكم يتعلق بجعل، وعليهم
حال من السبيل لان التقدير: سبيلا كائنا عليهم.
قوله تعالى (أركسوا) الجمهور على إثبات الهمزة وهو متعد إلى مفعول واحد، وقرئ "
ركسوا " والتشديد للنقل والتكثير معا، وفيها لغة أخرى وهى ركسه الله بغير همزة
ولاتشديد، ولم أعلم أحدا قرأ به.
قوله تعالى (وماكان لمؤمن أن يقتل مؤمنا) أن يقتل في موضع رفع اسم كان، ولمؤمن خبره
(إلا خطأ) استثناء ليس من الاول لان الخطأ لايدخل تحت التكليف.
والمعنى لكن إن قتل خطأ فحكمه كذا (فتحرير رقبة) فتحرير مبتدأ، والخبر محذوف: أى
فعليه تحرير رقبة، ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوف: أى فالواجب عليه تحرير،
والجملة خبر من.
وقرئ خطا بغير همز وفيه وجهان: أحدهما أنه خفف الهمزة فقلبها ألفا فصار كالمقصور،
والثانى أنه حذفها حذفا فبقى مثل دم، ومن قتل مؤمنا خطأ صفة مصدر محذوف أى قتل خطأ،
ويجوز أن يكونمصدرا في موضع الحال: أى مخطئا. وأصل دية ودية مثل عدة وزنة، وهذا
المصدر اسم للمؤدى به مثل الهبة في معنى الموهوب، ولذلك قال (مسلمة إلى أهله)
والفعل لايسلم (إلا أن يصدقوا) قيل هو استثناء منقطع، وقيل هو متصل، والمعنى: فعليه
دية في كل حال إلا في حال التصدق عليه بها (فإن كان) أى المقتول، و (من قوم) خبر
كان، و (لكم) صفة عدو، وقيل يتعلق به لان عدوا في معنى معاد، وفعول يعمل عمل فاعل
(فتحرير رقبة) أى فعلى القاتل (فصيام) أى فعليه صيام، ويجوز في غير القرآن النصب
على تقدير فليصم شهرين (توبة) مفعول من أجله، والتقدير: شرع ذلك لكم توبة منه،
ولايجوز أن يكون العامل فيه صوم إلا على تقدير حذف مضاف تقديره: لوقوع توبة أو
لحصول توبة من الله، وقيل هو مصدر منصوب بفعل محذوف تقديره: تاب عليكم توبة منه،
ولايجوز أن يكون في موضع الحال لانك لو قلت فعليه صيام شهرين
[191]
تائبا من الله لم يجز، فإن قدرت حذف مضاف جاز: أى صاحب توبة من الله، و (من الله)
صفة توبة، ويجوز في غير القرآن توبة بالرفع: أى ذلك توبة.
قوله تعالى (ومن يقتل) من مبتدأ، و (متعمدا) حال من ضمير القاتل (فجزاؤه) مبتدأ، و
(جهنم) خبره والجملة خبر من، و (خالدا) حال من محذوف تقديره: يجزاها خالدا فيها،
فإن شئت جعلته من الضمير المرفوع، وإن شئت من المنصوب، وقيل التقدير: جازاه بدليل
قوله (وغضب الله عليه ولعنه) فعطف عليه الماضى فعلى هذا يكون خالدا حالا من المنصوب
لاغير، ولايجوز أن يكون حالا من الهاء في جزاؤه لوجهين: أحدهما أنه حال من المضاف
إليه، والثانى أنه فصل بين صاحب الحال والحال بخبر المبتدإ.
قوله تعالى (فتبينوا) يقرأ بالباء والياء والنون من التبيين، وبالثاء والباء والتاء
من التثبت، وهما متقاربان في المعنى (لمن ألقى) من بمعنى الذى أو نكرة موصوفة،
وألقى بمعنى يلقى لان النهى لايصح إلا في المستقبل، والذى نزلت فيه الآية قال لمن
ألقى إليه السلام لست مؤمنا وقتله، و (السلام) بالالف التحية، ويقرأ بفتح اللام من
غير ألف، وبإسكانها مع كسرة السين وفتحها، وهو الاستسلام والصلح (لست مؤمنا) في
موضع نصب بالقول والجمهور على ضم الميم الاولى وكسر الثانية، وهو مشتق من الايمان،
ويقرأ بفتح الميم الثانية، وهو اسم المفعول من أمنته (تبتغون) حال من ضمير الفاعل
في يقولوا (كذلك) الكاف خبر كان، وقد تقدم عليها وعلى اسمها (إن الله كان) الجمهور
على كسر إن على الاستئناف، وقرئ بفتحها وهو معمول تبينوا.
قوله تعالى (من المؤمنين) في موضع الحال، وصاحب الحال القاعدون، والعامل يستوى،
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في القاعدين فيكون العامل فيه القاعدون لان الالف
واللام بمعنى الذى (غير أولى الضرر) بالرفع على أنه صفة القاعدون لانه لم يقصد به
قصد قوم بأعيانهم، وقيل هو بدل من القاعدين.
ويقرأ بالنصب على الاستثناء من القاعدين أو من المؤمنين أو حالا، وبالجر على الصفة
للمؤمنين (والمجاهدون) معطوف على القاعدين (بأموالهم) يتعلق بالمجاهدين (درجة) قيل
هو مصدر في معنى تفضيلا، وقيل حال: أى ذوى درجة، وقيل هو على تقدير حذف الجار.
أى بدرجة: وقيل هو واقع موقع الظرف: أى في درجة ومنزلة (وكلا) المفعول الاول ل
(وعد)، و (الحسنى) هو الثانى، وقرئ ركل: أى وكلهم، والعائد محذوف: أى وعده الله
(أجرا) قيل هو مصدر من غير لفظ الفعل، لان معنى فضلهم أجرهم، وقيل هو مفعول به لان
فضلهم أعطاهم وقيل التقدير بأجر.
[192]
قوله تعالى (درجات) قيل هو بدل من أجرا، وقيل التقدير: ذوى درجات وقيل في درجات
(ومغفرة) قيل هو معطوف على ماقبله، وقيل هو مصدر: أى وغفر لهم مغفرة، و (رحمة)
مثله.
قوله تعالى (توفاهم) الاصل تتوفاهم، ويجوز أن يكون ماضيا، ويقرأ بالامالة (ظالمى)
حال من ضمير الفاعل في تتوفاهم، والاضافة غير محضة، أى ظالمين أنفسهم (قالوا) فيه
وجهان: أحدهما هو حال من الملائكة وقد معه مقدرة، وخبر إن (فأولئك) ودخلت الفاء لما
في الذى من الابهام المشابه به الشرط، وأن لاتمنع من ذلك لانها لاتغير معنى
الابتداء، والثانى أن قالوا خبر إن، والعائد محذوف: أى قالوا لهم (فيم كنتم) حذفت
الالف من " ما " في الاستفهام مع حرف الجر لما ذكرنا في قوله " فلم تقتلون أنبياء
الله " والجار والمجرور خبر كنتم، و (في الارض) يتعلق بمستضعفين (ألم تكن) استفهام
بمعنى التوبيخ (فتهاجروا) منصوب على جواب الاستفهام، لان النفى صار إثباتا
بالاستفهام (وساءت) في حكم بئست.
قوله تعالى (إلا المستضعفين) استثناء ليس من الاول، لان الاول قوله " تتوفاهم
الملائكة ظالمى أنفسهم " وإليه يعود الضمير من مأواهم، وهؤلاء عصاة بالتخلف عن
الهجرة مع القدرة، وإلا المستضعفين من الرجال هم العاجزون، فمن هنا كان منقطعا و
(من الرجال) حال من الضمير في المستضعفين، أو من نفس المستضعفين (ولا يستطيعون)
يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حال مبينة عن معنى الاستضعاف.
قوله تعالى (مهاجرا) حال من الضمير في يخرج (ثم يدركه) مجزوم عطفا على يخرج، ويقرأ
بالرفع على الاستئناف، أى ثم هو يدركه، وقرئ بالنصب على إضمار أن لانه لم يعطفه على
الشرط لفظا، فعطفه عليه معنى كما جاء في الواو والفاء.
قوله تعالى (أن تقصروا) أى في أن تقصروا، وقد تقدم نظائره، ومن زائدة عند الاخفش،
وعند سيبويه هى صفة المحذوف: أى شيئا من الصلاة (عدوا) في موضع أعداء، وقيل عدو
مصدر على فعول مثل القبول والولوع فلذلك لم يجمع. و (لكم) حال من عدو أو متعلق
بكان.
[193]
قوله تعالى (لم يصلوا) في موضع رفع صفة لطائفة وجاء الضمير على معنى الطائفة، ولو
قال لم تصل لكان على لفظها، و (لو تغفلون) بمعنى أن تغفلوا و (أن تضعوا) أى في أن
تضعوا.
قوله تعالى (قياما وقعودا وعلى جنوبكم) أحوال كلها (اطمأننتم) الهمزة أصل، ووزن
الكلمة افعلل، والمصدر الطمأنينة على فعليلة، وأما قولهم طامن رأسه فأصل آخر، و
(موقوتا) مفعول من وقت التخفيف.
قوله تعالى (إن تكونوا تألمون) الجمهور على كسر إن وهى شرط. وقرئ " أن تكونوا "
بفتحها: أى لان تكونوا، ويقرأ " تيلمون " بكسر التاء وقلب الهمزة ياء وهى لغة.
قوله تعالى (بالحق) هو حال من الكتاب، وقد مر نظائره (أراك) الهمزة هاهنا معدية،
والفعل من رأيت الشئ إذا ذهبت إليه، وهو من الرأى، وهو متعد إلى مفعول واحد، وبعد
الهمزة يتعدى إلى مفعولين أحدهما الكاف والآخر محذوف أى أراكه، وقيل المعنى علمك،
وهو متعد إلى مفعولين أيضا، وهو قبل التشديد متعد إلى واحد كقوله " لاتعلمونهم "
(خصيما) بمعنى مخاصم، واللام على بابها: أى لاجل الخائنين، وقيل هى بمعنى عن.
قوله تعالى (يستخفون) بمعنى يطلبون الخفاء وهو مستأنف لاموضع له (إذ يبيتون) ظرف
للعامل في معهم.
قوله تعالى (هاأنتم هؤلاء جادلتم) قد ذكرناه في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم
" (أم من) هنا منقطعة.
قوله تعالى (أو يظلم نفسه) أو لتفصيل ماأبهم، وقد ذكرنا مثله في غير موضع.
قوله تعالى (ثم يرم به بريئا) الهاء تعود على الاثم، وفى عودها عليه دليل على أن
الخطيئة في حكم الاثم، وقيل تعود على أحد الشيئين المدلول عليه بأو، وقيل تعود على
الكسب المدلول عليه بقوله " ومن يكسب " وقيل تعود على المكسوب والفعل يدل عليه.
[194]
قوله تعالى (ولولا فضل الله) في جواب لولا وجهان: أحدهما قوله (لهمت) وعلى هذا
لايكون قد وجد من الطائفة المشار إليها هم بإضلاله. والثانى أن الجواب محذوف
تقديره: لاضلوك، ثم استأنف فقال: لهمت: أى لقد همت تلك، ومثل حذف الجواب هنا حذفه
في قوله " ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم " (وما يضرونك من شئ) من
زائدة، وشئ في معنى ضرر فهو في موضع المصدر.
قوله تعالى (من نجواهم) في موضع جر صفة لكثير. وفى النجوى وجهان: أحدهما هى
التناجى، فعلى هذا يكون في قوله (إلا من أمر) وجهان:
أحدهما هو استثناء منقطع في موضع نصب، لان من للاشخاص وليست من جنس التناجى.
والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره: إلا نجوى من أمر، فعلى هذا يجوز أن يكون في
موضع جر بدلا من نجواهم، وأن يكون في موضع نصب على أصل باب الاستثناء ويكون متصلا.
والوجه الآخر أن النجوى القوم الذين يتناجون، ومنه قوله " وإذ هم نجوى " فعلى هذا
الاستثناء متصل، فيكون أيضا في موضع جر أو نصب على ماتقدم (بين الناس) يجوز أن يكون
ظرفا لاصلاح، وأن يكون صفة له فيتعلق بمحذوف، و (ابتغاء) مفعول له وألف (مرضات) من
واو (فسوف نؤتيه) بالنون والياء وهو ظاهر.
قوله تعالى (ومن يشاقق) إنما جاز إظهار القاف لان الثانية سكنت بالجزم، وحركتها
عارضة لالتقاء الساكنين والهاء في قوله (ونصله) مثل الهاء في " يؤده إليك " وقد
تكلمنا عليها.
قوله تعالى (لمن يشاء) اللام تتعلق بيغفر.
قوله تعالى (إلا إناثا) هو جمع أنثى على فعال، ويراد به كل مالا روح فيه من صخرة
وشمس ونحوهما، ويقرأ أنثى على الافراد، ودل الواحد على الجمع، ويقرأ " إنثا " مثل
رسل فيجوز أن تكون صفة مفردة مثل امرأة جنب، ويجوز أن يكون جمع أنيث كقليب وقلب،
وقد قالوا حديد أنيث من هذا المعنى، ويقرأ " أثنا " والواحد وثن وهو الصنم، وأصله
وثن في الجمع كما في الواحد، إلا أن الواو قلبت همزة لما انضمت ضما لازما، وهو مثل
أسد وأسد، ويقرأ بالواو على الاصل جمعا، ويقرأ بسكون الثاء مع الهمزة والواو، و
(مريدا) فعيل من التمرد.
[195]
قوله تعالى (لعنة الله) يجوز أن يكون صفة أخرى لشيطان، وأن يكون مستأنفا على الدعاء
(وقال) يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون الواو عاطفة لقال " على لعنة الله " وفاعل
قال ضمير الشيطان، والثانى أن تكون للحال: أى وقد قال. والثالث أن تكون الجملة
مستأنفة.
قوله تعالى (ولاضلنهم) مفعول هذه الافعال محذوف: أى لاضلنهم عن الهدى (ولامنينهم)
الباطل (ولآمرنهم) بالضلال.
قوله تعالى (يعدهم) المفعول الثانى محذوف: أى يعدهم النصر والسلامة، وقرأ الاعمش
بسكون الدال، وذلك تخفيف لكثرة الحركات.
قوله تعالى (عنها) هو حال من (محيصا) والتقدير محيصا عنها، والمحيص مصدر، فلا يصح
أن يعمل فيما قبله، ويجوز أن يتعلق عنها بفعل محذوف وهو الذى يسمى تبيينا، أى أعنى
عنها، ولايجوز أن يتعلق بيجدون لانه لايتعدى بعن، والميم في المحيص زائدة، وهو من
حاص يحيص إذا تخلص.
قوله تعالى (والذين آمنوا) مبتدأ والخبر (سندخلهم) ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل
محذوف يفسره مابعده: أى وندخل الذين و (وعد الله) نصب على المصدر، لان قوله سندخلهم
بمنزلة وعدهم، و (حقا) حال من المصدر، ويجوز أن يكون مصدر الفعل محذوف: أى حق ذلك
حقا.
قوله تعالى (ليس بأمانيكم) اسم ليس مضمر فيها ولم يتقدم له ذكر، وإنما دل عليه سبب
الآية. وذلك أن اليهود قالوا نحن أصحاب الجنة، وقالت النصارى ذلك. وقال المشركون
لانبعث، فقال: ليس بأمانيكم: أى ليس ما ادعيتموه.
قوله تعالى (من ذكر أو أنثى) في موضع الحال وفى صاحبها وجهان: أحدهما ضمير الفاعل
في يعمل. والثانى من الصالحات أى كائنة من ذكر أو أنثى، أو واقعة ومن الاولى زائدة
عند الاخفش، وصفة عند سيبويه: أى شيئا من الصالحات (وهو مؤمن) حال أيضا.
قوله تعالى (ممن أسلم) يعمل فيه أحسن، وهو مثل قولك: زيد أفضل من عمرو: أى يفضل
عمرا، و (لله) يتعلق بأسلم، ويجوز أن يكون حالا من " وجهه " (واتبع) معطوف على
أسلم، و (حنيفا) حال، وقد ذكر في البقرة، ويجوز أن يكون هاهنا حالا من الضمير في
اتبع (واتخذ الله) مستأنف.
[196]
قوله تعالى (ومايتلى) في " ما " وجوه: أحدها موضعها جر عطفا على الضمير المجرور
بفى، وعلى هذا قول الكوفيين لانهم يجيزون العطف على الضمير المجرور من غير إعادة
الجار.
والثانى أن يكون في موضع نصب على معنى: ونبين لكم مايتلى لان يفتيكم يبين لكم.
والثالث هو في موضع رفع، وهو المختار.
وفى ذلك ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على ضمير الفاعل في يفتيكم، وجرى الجار
والمجرور مجرى التوكيد، والثانى هو معطوف على اسم الله وهو قل الله، والثالث أنه
مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: ومايتلى عليكم في الكتاب يبين لكم، وفى تتعلق بيتلى،
ويجوز أن تكون حالا من الضمير في يتلى، و (في يتامى) تقديره: حكم يتامى، ففى
الثانية بما تعلقت به الاولى لان معناها مختلف، فالاولى ظرف والثانية بمعنى الباء:
أى بسبب اليتامى كما تقول: جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد، وقيل الثانية بدل من
الاولى، ويجوز أن تكون الثانية تتعلق بالكتاب: أى ماكتب في حكم اليتامى، ويجوز أن
تكون الاولى ظرفا والثانية حالا فتتعلق بمحذوف، ويتامى (النساء) أى في اليتامى
منهن.
وقال الكوفيون التقدير: في النساء اليتامى، فأضاف الصفة إلى الموصوف، ويقرأ في "
ييامى " بياءين والاصل أيامى، فأبدلت الهمزة ياء كما قالوا: فلان ابن أعسر ويعصر،
وفى الايامى كلام نذكره في موضعه إن شاء الله.
(وترغبون) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على تؤتون، والتقدير: ولاترغبون، والثانى هو
حال: أى وأنتم ترغبون في أن تنكحوهن (والمستضعفين) في موضع جر عطفا على المجرور في
يفتيكم فيهن، وكذلك (وأن تقوموا) وهذا أيضا عطف على الضمير المجرور من غير إعادة
الجار، وقد ذكره الكوفيون، ويجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على موضع فيهن،
والتقدير: ويبين لكم حال المستضعفين وبهذا التقدير يدخل في مذهب البصريين من غير
كلفة، والجيد أن يكون معطوفا على يتامى النساء، وأن تقوموا معطوف عليه أيضا: أى وفى
أن تقوموا.
قوله تعالى (وإن امرأة) امرأة مرفوع بفعل محذوف: أى وإن خافت امرأة، واستغنى عنه
بخافت المذكور.
وقال الكوفيون: هو مبتدأ ومابعده الخبر، وهذا عندنا خطأ لان حرف الشرط لامعنى له في
الاسم فهو مناقض للفعل، ولذلك جاء الفعل بعدالاسم مجزوما في قول عدى:
ومتى واغل ينبهم يحيو * ه ويعطف عليه كأس الساقى
[197]
(من بعلها) يجوز أن يكون متعلقا بخافت، وأن يكون حالا من (نشوزا) و (صلحا) على هذا
مصدر واقع موقع تصالح، ويجوز أن يكون التقدير: أن يصالحا فيصلحا صلحا، ويقرأ بتشديد
الصاد من غير ألف وأصله يصطلحا، فأبدلت التاء صادا وأدغمت فيها الاولى، وقرئ "
يصطلحا " بإبدال التاء طاء وصلحا عليهما في موضع اصطلاح، وقرئ بضم الياء وإسكان
الصاد وماضيه أصلح.
وصلحا على هذا فيه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع إصلاح والمفعول به بينهما، ويجوز
أن يكون ظرفا والمفعول محذوف. والثانى أن يكون صلحا مفعولا به وبينهما ظرف أو حال
من صلح (وأحضرت الانفس الشح) أحضرت يتعدى إلى مفعولين، تقول: أحضرت زيدا الطعام،
والمفعول الاول الانفس وهو القائم مقام الفاعل، وهذا الفعل منقول بالهمزة من حضر،
وحضر يتعدى إلى مفعول واحد كقولهم حضر القاضى اليوم امرأة.
قوله تعالى (كل الميل) انتصاب كل على المصدر لان لها حكم ماتضاف إليه، فإن أضيفت
إلى مصدر كانت مصدرا، وإن أضيفت إلى ظرف كانت ظرفا (فتذروها) جواب النهى فهو منصوب،
ويجوز أن يكون معطوفا على تميلوا فيكون مجزوما (كالمعلقة) الكاف في موضع نصب على
الحال.
قوله تعالى (وإياكم) معطوف على الذين، وحكم الضمير المعطوف أن يكون منفصلا، و (أن
اتقوا الله) في موضع نصب عند سيبويه وجر عند الخليل، والتقدير: بأن اتقوا الله، وأن
على هذا مصدرية، ويجوز أن تكون بمعنى أى، لان وصينا في معنى القول فيصح أن يفسر بأن
التفسيرية.
قوله تعالى (شهداء) خير ثان، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قوامين (على أنفسكم)
يتعلق بفعل دل عليه شهداء: أى ولو شهدتم، ويجوز أن يتعلق بقوامين (إن يكن غنيا) اسم
كان مضمر فيها دل عليه تقدم ذكر الشهادة: أى إن كان الخصم، أو أن كان كل واحد من
المشهود عليه والمشهود له، وفى (أو) وجهان أحدهما هى بمعنى الواو، وحكى عن الاخفش،
فعلى هذا يكون الضمير في (بهما) عائدا على لفظ غنى وفقير.
والوجه الثانى أن أو على بابها، وهى هنا لتفصيل ماأبهم من الكلام، وذلك أن كل واحد
من المشهود عليه والمشهود له يجوز أن يكون غنيا وأن يكون فقيرا، فقد يكونان غنيين،
وقد يكونان فقيرين، وقد يكون أحدهما غنيا والآخر فقيرا، فلما كانت الاقسام عند
التفصيل على ذلك ولم تذكر
[198]
أتى بأو لتدل على هذا التفصيل، فعلى هذا يكون الضمير في بهما عائدا على المشهود له
والمشهود عليه على أى وصف كانا عليه لاعلى الصفة، وقيل الضمير عائد إلى مادل عليه
الكلام، والتقدير: فالله أولى بالغنى والفقير، وقيل يعود على الغنى والفقير لدلالة
الاسمين عليه (أن تعدلوا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره: في أن لاتعدلوا، فحذف لا:
أى لاتتبعوا الهوى في ترك العدل.
والثانى تقديره: ابتغاء أن تعدلوا عن الحق.
والثالث تقديره: مخافة أن تعدلوا عن الحق، وعلى الوجهين هو مفعول له (وإن تلووا)
يقرأ بواوين الاولى منهما مضمومة وهو من لوى يلوى. ويقرأ بواو واحدة ساكنة. وفيه
وجهان أحدهما أصله تلووا كالقراءة الاولى إلا أنه أبدل الواو المضمومة همزة، ثم
ألقى حركتها على اللام: وقد ذكر مثله في آل عمران. والثانى أنه من ولى الشئ: أى وإن
تتولوا الحكم أو تعرضوا عنه أو إن تتولوا الحق في؟؟ الحكم.
قوله تعالى (لم يكن الله ليغفر لهم) قد ذكر في قوله " ماكان الله ليذر المؤمنين ".
قوله تعالى (جميعا) هو حال من الضمير في الجار وهو قوله " لله ".
قوله تعالى (وقد نزل) يقرأ على مالم يسم فاعله، والقائم مقام الفاعل (أن) وماهو
تمام لها، وأن هى المخففة من الثقيلة: أى أنه (إذا سمعتم آيات الله). ويقرأ نزل على
تسمية الفاعل، وأن في موضع نصب.
وتلخيص المعنى: وقد نزل عليكم المنع من مجالستهم عند سماع الكفر منهم، و (يكفر بها)
في موضع الحال من الآيات، وفى الكلام حذف تقديره: يكفر بها أحد، فحذف الفاعل وأقام
الجار مقامه، والضمير في (معهم) عائد على المحذوف. فلا تفعلوا محمول على المعنى
أيضا، لان معنى وقد نزل عليكم، وقد قيل والفاء جواب إذا (إنكم إذا مثلهم) إذا هاهنا
ملغاة لوقوعها بين الاسم والخبر، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل.
وأفرد مثلا لانها في معنى المصدر، ومثله " أنؤمن لبشرين مثلنا " وقد جمع في قوله "
ثم لايكونوا أمثالكم " وقرئ شاذا " مثلهم " بالفتح، وهو مبنى لاضافته إلى المبهم،
كما بنى في قوله " مثل ماأنكم تنطقون " ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى، وقيل نصب
على الظرف كما قيل في بيت الفرزدق: * وإذ مامثلهم بشر * أى أنكم في مثل حالهم.
[199]
قوله تعالى (الذين يتربصون) في موضع جر صفة للمنافقين والكافرين، ويجوز أن يكون خبر
مبتدإ محذوف: أى هم، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر (فإن كان لكم فتح من الله) ومايتصل
به، ويجوز أن يكون في موضع نصب عن إضمار أعنى (نستحوذ) هو شاذ في القياس، والقياس
نستحذ (على المؤمنين) يجوز أن يتعلق بيجعل، وأن يكون حالا من سبيل.
قوله تعالى (وهو خادعهم)، و (كسالى) حالان (يراءون) يقرأ بالمد وتخفيف الهمزة،
ويقرأ بحذف الالف وتشديد الهمزة: أى يحملون غيرهم على الرياء وموضعه نصب على الحال
من الضمير في كسالى، ويجوز أن يكون بدلا من كسالى، ويجوز أن يكون مستأنفا (إلا
قليلا) نعت لمصدر محذوف أو زمان محذوف.
قوله تعالى (مذبذبين) هو منصوب على الذم، وقيل هو حال من الضمير في يذكرون،
والجمهور على فتح الذال على مالم يسم فاعله: أى أن نفاقهم حملهم على التقلب، ويقرأ
بكسر الذال الثانية: أى متقلبين، وليست الذال الثانية بدلا عند البصريين بل ذبذب
أصل بنفسه.
وقال الكوفيون: الاصل ذبب، فأبدل من الباء الاولى ذالا وذلك في موضع بينهما: أى بين
الايمان والكفر، أو بين المسلمين واليهود (لاإلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) وإلى يتعلق
بفعل محذوف: أى لاينتسبون إلى هؤلاء بالكلية ولا إلى هؤلاء بالكلية، وموضع لا إلى
هؤلاء نصب على الحال من الضمير في مذبذبين: أى يتذبذبون متلونين.
قوله تعالى (في الدرك) يقرأ بفتح الراء وإسكانها وهما لغتان، و (من النار) في موضع
الحال من الدرك، والعامل فيه معنى الاستقرار، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في
الاسفل.
قوله تعالى (إلا الذين تابوا) في موضع نصب استثناء من الضمير المجرور في قوله " ولن
تجد لهم " ويجوز أن يكون من قوله " في الدرك " وقيل هو في موضع رفع بالابتداء،
والخبر (فأولئك مع المؤمنين).
قوله تعالى (مايفعل الله) في ما وجهان: أصحهما أنهما استفهام في موضع نصب بيفعل، و
(بعذابكم) متعلق بيفعل، والثانى أنها نفى، والتقدير: مايفعل الله بعذابكم، والمعنى
لايعذبكم.
قولهتعالى (بالسوء) الباء تتعلق بالمصدر. وفى موضعها وجهان: أحدهما نصب
[200]
تقديره: لايحب أن تجهروا بالسوء، والثانى رفع تقديره: أن يجهر بالسوء و (من القول)
حال من السوء (إلا من ظلم) استثناء منقطع في موضع نصب، وقيل هو متصل.
والمعنى: لايحب أن يجهر أحد بالسوء إلا من يظلم فيجهر: أى يدعوا الله بكشف السوء
الذى أصابه أو يشكو ذلك إلى إمام أو حاكم، فعلى هذا يجوز أن يكون في موضع نصب، وأن
يكون في موضع رفع بدلا من المحذوف إذ التقدير أن يجهر أحد. وقرئ " ظلم " بفتح الظاء
على تسمية الفاعل وهو منقطع، والتقدير: لكن الظالم فإنه مفسوح لمن ظلمه أن ينتصف
منه، وهى قراءة ضعيفة.
قوله تعالى (بين ذلك سبيلا) ذلك يقع بمعنى المفرد والتثنية والجمع، وهو هنا بمعنى
التثنية: أى بينهما.
قوله تعالى (حقا) مصدر: أى حق ذلك حقا، ويجوز أن يكون حالا: أى أولئك هم الكافرون
غير شك.
قوله تعالى (أكبر من ذلك) أى شيئا أو سؤالا أكبر (جهرة) مصدر في موضع الحال: أى
مجاهرين، وقيل التقدير: قولا جهرة، وقيل رؤية جهرة، قوله تعالى (ورفعنا فوقهم)
فوقهم يجوز أن يكون ظرفا لرفعنا، وأن يكون حالا من (الطور بميثاقهم) في موضع نصب
متعلق برفعنا تقديره: بنقض ميثاقهم.
والمعنى: ورفعنا فوقهم الجبل تخويفا لهم بسبب نقضهم الميثاق، و (سجدا) حال
(لاتعدوا) يقرأ بتخفيف الدال وإسكان العين، يقال: عدا يعدو إذا تجاوز الحد، ويقرأ
بتشديد الدال وسكون العين وأصله تعتدوا، فقلب التاء دالا وأدغم، وهى قراءة ضعيفة
لانه جمع بين ساكنين، وليس الثانى حرف مد.
قوله تعالى (فيما نقضهم) مازائدة، وقيل هى نكرة تامة، ونقضهم بدل منها. وفيما تتعلق
به الباء وجهان: أحدهما هو مظهر، وهو قوله بعد ثلاث آيات " حرمنا عليهم " وقوله "
فبظلم " بدل من قوله " فيما نقضهم " وأعاد الفاء في البدل لما طال الفصل، والثانى
أن مايتعلق به محذوف، وفى الآية دليل عليه، والتقدير: فبنقضهم ميثاقهم طبع على
قلوبهم أو لعنوا، وقيل التقدير: فيما نقضهم ميثاقهم لايؤمنون، والفاء زائدة (بل طبع
الله عليها) أى ليس كما ادعوا من أن قلوبهم أوعية للعلم، و (بكفرهم) أى بسبب كفرهم،
ويجوز أن يكون المعنى أن كفرهم صار مغطيا على قلوبهم، كما تقول: طبعت على الكيس
بالطين: أى جعلته الطابع (إلا قليلا) أى إيمانا أو زمانا قليلا.
[201]
قوله تعالى (وبكفرهم) معطوف على وبكفرهم الاول، و (بهتانا) مصدر يعمل فيه القول
لانه ضرب منه، فهو كقولهم: قعد القرفصاء، فهو على هذا بمثابة القول في الانتصاب،
وقال قوم تقديره: قولا بهتانا، وقيل التقدير: بهتوا بهتانا، وقيل هو مصدر في موضع
الحال: مباهتين.
قوله تعالى (وقولهم إنا قتلنا) هو معطوف على وكفرهم، و (عيسى) بدل أو عطف بيان من
المسيح، و (رسول الله) كذلك، ويجوز أن يكون رسول الله صفة لعيسى، وأن يكون على
إضمار أعنى (لفى شك منه) منه في موضع جر صفة لشك، ولايجوز أن يتعلق بشك، وإنما
المعنى: لفى شك حادث منه: أى من جهته، ولايقال: شككت منه، فإن ادعى أن من بمعنى في
فليس بمستقيم عندنا (مالهم به من علم) يجوز أن يكون موضع الجملة المنفية جرا صفة
مؤكدة لشك تقديره: لفى شك منه غير علم، ويجوز أن تكون مستأنفة ومن زائدة.
وفى موضع من علم وجهان: أحدهما هو رفع بالابتداء وماقبله الخبر، وفيه وجهان: أحدهما
هو به ولهم فضلة مبينة مخصصة كالتى في قوله " ولم يكن له كفوا أحد " فعلى هذا يتعلق
به الاستقرار، والثانى أن لهم هو الخبر، وفي به على هذا عدة أوجه: أحدها أن يكون
حالا من الضمير المستكن في الخبر، والعامل فيه الاستقرار.
والثانى أن يكون حالا من العلم لان من زائدة فلم تمنع من تقديم الحال، على أن كثيرا
من البصريين يجيز تقديم حال المجرور عليه.
والثالث أنه على التبيين: أى مالهم أعنى به، ولايتعلق بنفس علم لان معمول المصدر
لايتقدم عليه.
والوجه الآخر أن يكون موضع من علم رفعا بأنه فاعل، والعامل فيه الظرف إما لهم أو به
(إلا اتباع الظن) استثناء من غير الجنس (وماقتلوه) الهاء ضمير عيسى، وقيل ضمير
العلم: أى وماقتلوا العلم يقينا كما يقال قتلته علما، و (يقينا) صفة مصدر محذوف: أى
قتلا يقينا أو علما يقينا، ويجوز أن يكون مصدرا من غير لفظ الفعل بل من معناه، لان
معنى ماقتلوه ماعملوا، وقيل التقدير: تيقنوا ذلك يقينا (بل رفعه الله) الجيد إدغام
اللام في الراء لان مخرجهما واحد، وفى الراء تكرير فهى أقوى من اللام، وليس كذلك
الراء إذا تقدمت لان إدغامها يذهب التكرير الذى فيها، وقد قرئ بالاظهار هنا.
قوله تعالى (وإن من أهل الكتاب) إن بمعنى " ما " والجار والمجرور في موضع رفع بأنه
خبر المبتدإ، والمبتدأ محذوف تقديره: وما من أهل الكتاب أحد، وقيل المحذوف من: وقد
مر نظيره، إلا أن تقدير من هاهنا بعيد لان الاستثناء يكون بعد
[202]
تمام الاسم، ومن الموصولة والموصوفة غير تامة (ليؤمنن) جواب قسم محذوف، وقيل أكد
بها في غير القسم كما جاء في النفى والاستفهام، والهاء في (موته) تعود على أحد
المقدر، وقيل تعود على عيسى (ويوم القيامة) ظرف لشهيد، ويجوز أن يكون العامل فيه
يكون.
قوله تعالى (فبظلم) الباء تتعلق بحرمنا، وقد ذكرنا حكم الفاء قبل (كثيرا) أى صدا
كثيرا أو زمانا كثيرا.
قوله تعالى (وأخذهم - وأكلهم) معطوف على صدهم والجميع متعلق بحرمنا، والمصادر
المضافة إلى الفاعل، (وقد نهوا عنه) حال.
قوله تعالى (لكن الراسخون) الراسخون مبتدأ و (في العلم) متعلق به. و (منهم) في موضع
الحال من الضمير في الراسخون (والمؤمنون) معطوف على الراسخون، وفى خبر الراسخون
وجهان: أحدهما (يؤمنون) وهو الصحيح. والثانى هو قوله " أولئك سنؤتيهم " (والمقيمين)
قراءة الجمهور بالياء، وفيه عدة أوجه: أحدها أنه منصوب على المدح: أى وأعنى
المقيمين وهو مذهب البصريين، وإنما يأتى ذلك بعد تمام الكلام، والثانى أنه معطوف
على ما: أى يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين، والمراد بهم الملائكة، وقيل التقدير:
وبدين المقيمين فيكون المراد بهم المسلمين، والثالث أنه معطوف على قبل، تقديره: ومن
قبل المقيمين، فحذف قبل وأقيم المضاف إليه مقامه، والرابع أنه معطوف على الكاف في
قبلك، والخامس أنه معطوف على الكاف في إليك، والسادس أنه معطوف على الهاء والميم في
منهم، وهذه الاوجه الثلاثة عندنا خطأ، لان فيها عطف الظاهر على المضمر من غير إعادة
الجار، وأما (المؤتون الزكاة) ففى رفعه أوجه: أحدها هو معطوف على الراسخون، والثانى
أنه معطوف على الضمير في الراسخون، والثالث هو معطوف على الضمير في المؤمنون،
والرابع هو معطوف على الضمير في يؤمنون، والخامس هو خبر مبتدأ محذوف: أى وهم
المؤتون، والسادس هو مبتدأ، والخبر (أولئك سنؤتيهم) وأولئك مبتدأ، ومابعده الخبر،
ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف: أى ونؤتى أولئك.
قوله تعالى (كما أوحينا) الكاف نعت لمصدر محذوف ومامصدرية، ويجوز أن تكون مابمعنى
الذى، فيكون مفعولا به تقديره: أوحينا إليك مثل الذى أوحينا
[203]
إلى نوح من التوحيد وغيره، و (من بعده) في موضع نصب متعلق بأوحينا، ولايجوز أن يكون
حالا من النبيين، لان ظروف الزمان لاتكون أحوالا للجثث، ويجوز أن يتعلق من النبيين،
وفى (يونس) لغات أفصحها ضم النون من غير همز ويجوز فتحها وكسرها مع الهمز وتركه،
وكل هذه الاسماء أعجمية إلا الاسباط وهو جمع سبط.
والزبور فعول من الزبر وهو الكتابة، والاشبه أن يكون فعول بمعنى مفعول كالركوب
والحلوب. ويقرأ بضم الزاى وفيه وجهان: أحدهما هو جمع زبور على حذف الزائد مثل فلس
وفلوس، والثانى أنه مصدر مثل القعود والجلوس، وقد سمى به الكتاب المنزل على داود.
قوله تعالى (ورسلا) منصوب بفعل محذوف تقديره: وقصصنا رسلا، ويجوز أن يكون منصوبا
بفعل دل عليه أوحينا: أى وأمرنا رسلا، ولا موضع لقوله (قد قصصناهم)، و (لم نقصصهم)
على الوجه الاول لانه مفسر للعامل، وعلى الوجه الثانى هما صفتان، و (تكليما) مصدر
مؤكد رافع للمجاز.
قوله تعالى (رسلا) يجوز أن يكون بدلا من الاول وأن يكون مفعولا: أى أرسلنا رسلا،
ويجوز أن يكون حالا موطئة لما بعدها كما تقول: مررت بزيد رجلا صالحا، ويجوز أن يكون
على المدح: أى أعنى رسلا، واللام في (لئلا) يتعلق بما دل عليه الرسل: أى أرسلناهم
لذلك، ويجوز أن تتعلق بمنذرين أو مبشرين أو بما يدلان عليه، و (حجة) اسم كان وخبرها
للناس. وعلى الله حال من حجة، والتقدير: للناس حجة كائنة على الله، ويجوز أن يكون
الخبر على الله، وللناس حال، ولايجوز أن يتعلق على الله بحجة لانها مصدر، و (بعد)
ظرف لحجة، ويجوز أن يكون صفة لها، لان ظرف الزمان يوصف به المصادر كما يخبر به
عنها.
قوله تعالى (أنزله) لاموضع له، و (بعلمه) حال من الهاء: أى أنزله معلوما أو أنزله
وفيه علمه، أى معلومه، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل: أى أنزله عالما به (والملائكة
يشهدون) يجوز أن يكون لاموضع له، ويكون حكمه كحكم لكن الله يشهد، ويجوز أن يكون
حالا: أى أنزله والملائكة شاهدون بصدقه.
قوله تعالى (لم يكن الله ليغفر لهم) قد ذكر مثله في قوله " وماكان الله ليضيع - و -
ماكان الله ليذر ".
[204]
قوله تعالى (إلا طريق جهنم) استثناء من جنس الاول، لان الاول في معنى العموم إذ كان
في سياق النفى و (خالدين) حال مقدرة.
قوله تعالى (قد جاءكم الرسول بالحق) بالحق في موضع الحال: أى ومعه الحق أو متكلما
بالحق، ويجوز أن يكون متعلقا بجاء أى جاء بسبب إقامة الحق و (من) حال من الحال،
ويجوز أن تكون متعلقة بجاء: أى جاء الرسول من عند الله (فآمنوا خيرا) تقديره عند
الخليل وسيبويه: وأتوا خيرا فهو مفعول به، لانه لما أمرهم بالايمان فهو يريد
إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه، وقيل التقدير، إيمانا خيرا، فهو نعت
لمصدر محذوف، وقيل هو خبر كان المحذوفة: أى يكن الايمان خيرا، وهو غير جائز عند
البصريين لان كان لاتحذف هى واسمها ويبقى خبرها إلا فيما لابد منه، ويزيد ذلك ضعفا
أن يكون المقدرة جواب شرط محذوف فيصير المحذوف للشرط وجوابه، وقيل هو حال ومثله "
انتهوا خيرا " في جميع وجوهه.
قوله تعالى (ولاتقولوا على الله إلا الحق) الحق مفعول تقولوا: أى ولا تقولوا إلا
القول الحق، لانه بمعنى لاتذكروا ولاتعتقدوا، والقول هنا هو الذى تعبر عنه الجملة
في قولك قلت زيد منطلق، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف و (المسيح) مبتدأ، و (عيسى)
بدل أو عطف بيان، و (رسول الله) خبره و (كلمته) عطف على رسول، و (ألقاها) في موضع
الحال وقد معه مقدرة وفى العامل في الحال ثلاثة أوجه: أحدها معنى كلمته لان معنى
وصف عيسى بالكلمة المكون بالكلمة من غير أب، فكأنه قال ومنشؤه ومبتدعه.
والثانى أن يكون التقدير: إذ كان ألقاها، فإذ ظرف للكلمة، وكان تامة، وألقاها حال
من فاعل كان، وهو مثل قولهم: ضربى زيدا قائما.
والثالث أن يكون حالا من الهاء المجرورة، والعامل فيها معنى الاضافة تقديره: وكلمة
الله ملقيا إياها (وروح منه) معطوف على الخبر أيضا، و (ثلاثة) خبر مبتدإ محذوف: أى
إلهنا ثلاثة أو الاله ثلاثة (إنما الله) مبتدأ، و (إله) خبره، و (واحد) توكيد (أن
يكون) أى من أن يكون، أو عن أن يكون، وقد مر نظائره، ومثله (لن يستنكف المسيح أن
يكون). (ولا الملائكة) معطوف على المسيح، وفى الكلام حذف: أى أن يكونوا عبيدا.
قوله تعالى (برهان من ربكم) إن شئت جعلت من ربكم نعتا لبرهان أو متعلقا بجاء.
[205]
قوله تعالى (صراطا مستقيما) هو مفعول ثان ليهدى، وقيل هو مفعول ليهدى على المعنى،
لان المعنى يعرفهم.
قوله تعالى (في الكلالة) في يتعلق بيفتيكم وقال الكوفيون: بيستفتونك، وهذا ضعيف،
لانه لو كان كذلك لقال: يفتيكم فيها في الكلالة كما لو تقدمت (إن امرؤ هلك) هو مثل
" وإن امرأة خافت " (ليس له ولد) الجملة في موضع الحال من الضمير في هلك (وله أخت)
جملة حالية أيضا، وجواب الشرط (فلها) (وهو يرثها) مستأنف لاموضع له، وقد سدت هذه
الجملة مسد جواب الشرط الذى هو قوله (إن لم يكن لها ولد). (فإن كانتا اثنتين) الالف
في كانتا ضمير الاختين، ودل على ذلك قوله " وله أخت " وقيل هو ضمير من(1)،
والتقدير: فإن كان من يرث ثنتين، وحمل ضمير من على المعنى لانها تستعمل في الافراد
والتثنية والجمع بلفظ واحد.
فإن قيل: من شرط الخبر أن يفيد مالا يفيده المبتدأ والالف قد دلت على الاثنين. قيل:
الفائدة في قوله اثنتين بيان أن الميراث وهو الثلثان هاهنا مستحق بالعدد مجردا عن
الصغر والكبر وغيرهما.
فلهذا كان مفيدا (مما ترك) في موضع الحال من الثلثان (فإن كانوا) الضمير للورثة،
وقد دل عليه ماتقدم (فللذكر) أى منهم (أن تضلوا) فيه ثلاثة أوجه، أحدها هو مفعول
يبين: أى يبين لكم ضلالكم لتعرفوا الهدى، والثانى هو مفعول له تقديره: مخافة أن
تضلوا، والثالث تقديره: لئلا تضلوا وهو قول الكوفيين، ومفعول يبين على الوجهين
محذوف: أى يبين لكم الحق.
___________________________________
(1) قوله (هو ضمير من الخ) أى المقدرة في الكلام ولايخفى أن تقديرها يندفع به
الاشكال الآتى فليتأمل اه.
سورة طه
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(طه) قد ذكر الكلام عليها في القول الذى جعلت فيه حروفا مقطعة، وقيل معناه يارجل،
فيكون منادى، وقيل " طا " فعل أمر وأصله بالهمز، ولكن أبدل من الهمزة ألفا، وها
ضمير الارض، ويقرأ طه، وفي الهاء وجهان: أحدهما أنها بدل من الهمزة كما أبدلت في
أرقت فقيل هرقت. والثانى أنه أبدل من الهمزة ألفا ثم حذفها للبناء وألحقها هاء
السكت.
قوله تعالى (إلا تذكرة) هو استثناء منقطع: أى لكن أنزلناه تذكرة: أى للتذكرة، وقيل
هو مصدر: أى لكن ذكرنا به تذكرة، ولايجوز أن يكون مفعولا له لانزلنا المذكورة،
لانها قد تعدت إلى مفعول له: وهو " لتشقى " فلا يتعدى إلى آخر من جنسه، ولا يصح أن
يعمل فيها لتشقى لفساد المعنى، وقيل تذكرة مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (تنزيلا) هو مصدر: أى أنزلناه تنزيلا، وقيل هو مفعول يخشى، ومن متعلقة
به و (العلى) جمع العليا.
[119]
قوله تعالى (له ما في السموات) مبتدأ وخبر، أو تكون " ما " مرفوعة بالظرف وقال بعض
الغلاة " ما " فاعل استوى وهو بعيد، ثم هو غير نافع له في التأويل، إذ يبقى قوله "
الرحمن على العرش " كلاما تاما، ومنه هرب، وفي الآية تأويلات أخر لا يدفعها
الاعراب.
قوله تعالى (وأخفى) يجوز أن يكون فعلا ومفعوله محذوف: أى وأخفى السر عن الخلق،
ويجوز أن يكون اسما: أى وأخفى منه.
قوله تعالى (إذ رأى) " إذ " ظرف للحديث أو مفعول به، أى اذكر (لاهله) بكسر الهاء
وضمها وقد ذكر، ومن ضم أتبعه مابعده، و (منها) يجوز أن يتعلق بآتيكم أو حالا من
(قبس) والجيد في (هذا) هنا أن يكتب بألف، ولايمال لان الالف بدل من التنوين في
القول المحقق، وقد أمالها قوم وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون شبه ألف التنوين بلام
الكلمة: إذ اللفظ بهما في المقصور واحد.
والثانى أن تكون لام الكلمة ولم يبدل من التنوين شيئا في النصب كما جاء: * وآخذ من
كل حى عصم *.
والثالث أن تكون على رأى من وقف في الاحوال الثلاثة من غير إبدال.
قوله تعالى (نودى) المفعول القائم مقام الفاعل مضمر: أى نودى موسى، وقيل هو المصدر:
أى نودى النداء ومابعده مفسر له و (ياموسى) لايقوم مقام الفاعل لانه جملة (إنى)
يقرأ بالكسر: أى فقال إنى أو لان النداء قول، وبالفتح أى نودى بأنى كما تقول:
ناديته باسمه، و (أنا) مبتدأ أو توكيد أو فصل.
قوله تعالى (طوى) يقرأ بالضم والتنوين، وهو اسم علم للوادى، وهو بدل منه، ويجوز أن
يكون رفعا، أى هو طوى، ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث اسم للبقعة، وقيل هو
معدول، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه، فكأن أصله طاوى فهو في ذلك كجمع وكتع، ويقرأ
بالكسر على أنه مثل عنب في الاسماء، وعدا وسوى في الصفات.
قوله تعالى (وأنا اخترتك) على لفظ الافراد، وهو أشبه بما قبله: ويقرأ وإنا اخترناك،
على الجمع، والتقدير: لانا اخترناك فاستمع، فاللام تتعلق باستمع، ويجوز أن يكون
معطوفا على أنى أى بأنى أنا ربك، وبأنا اخترناك.
قوله تعالى (لذكرى) اللام تتعلق بأقم، والتقدير عند ذكرك إياى، فالمصدر مضاف إلى
المفعول، وقيل هو إلى الفاعل: أى لذكرى إياك أو إياها.
[120]
قوله تعالى (أخفيها) بضم الهمزة وفيه وجهان: أحدهما أسترها(1) أى من نفسى لانه لم
يطلع عليها مخلوقا.
والثانى أظهرها، قيل هو من الاضداد، وقيل الهمزة للسلب: أى أزيل خفاءها، ويقرأ
بفتح الهمزة ومعناه أظهرها، يقال: خفيت الشئ: أى أظهرته (لتجزى) اللام تتعلق
بأخفيها، وقيل بآتية، ولذلك وقف عليه بعضهم وقفة يسيرة إيذانا بانفصالها عن أخفيها،
وقيل لفظه لفظ كى، وتقديره: القسم: أى لتجزين، ومامصدرية، وقيل بمعنى الذى: أى تسعى
فيه.
قوله تعالى (فتردى) يجوز أن يكون نصبا على جواب النهى، ورفعا أى فإذا أنت تردى.
قوله تعالى (وما تلك) " ما " مبتدأ، وتلك خبره، وهو بمعنى هذه، و (بيمينك) حال يعمل
فيها معنى الاشارة، وقيل هو بمعنى الذى، فيكون بيمينك صفة لها.
قوله تعالى (عصاى) الوجه فتح الياء لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالكسر وهو ضعيف
لاستثقاله على الياء، ويقرأ عصى، وقد ذكر نظيره في البقرة، و (أتوكأ) وما بعده
مستأنف، وقيل موضعه حال من الياء أو من العصا، وقيل هو خبر هى، وعصاى مفعول بفعل
محذوف، وقيل هى خبر، وأتوكأ خبر آخر، وأهش بالشين المعجمة: أى أقوم بها على الغنم
أو أهول ونحو ذلك، ويقرأ بكسر الهاء: أى أكسر بها على غنمى عاديتها من قولك: هششت
الخبز إذا كسرته بعد يبسه، ويقرأ بضم الهاء وسين غير معجمة من قولك: هس الغنم يهسها
إذا ساقها، وعدى بعلى لان معناه أقوم بها أو أهول، و (أخرى) على تأنيث الجمع، ولو
قال أخر لكان على اللفظ، (تسعى) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا، وإذا
للمفاجأة ظرف مكان، فالعامل فيها تسعى أو محذوف، وقد ذكر ذلك.
قوله تعالى (سيرتها الاولى) هو بدل من ضمير المفعول بدل الاشتمال، لان معنى سيرتها
صفتها أو طريقتها، ويجوز أن يكون ظرفا: أى في طريقتها، وقيل التقدير إلى سيرتها، و
(بيضاء) حال، و (من غير سوء) يجوز أن يتعلق بتخرج، وأن يكون صفة لبيضاء أو حالا من
الضمير في بيضاء، و (آية) حال أخرى بدل من الاول أو حال من الضمير في بيضاء: أى
تبيض آية أو حال من الضمير في الجار وقيل منصوبة بفعل محذوف: أى وجعلناها آية أو
أتيناك آية، و (لنريك) متعلق بهذا المحذوف، ويجوز أن يتعلق بما دل عليه آية أى
دللنا بها
___________________________________
(1) قوله (أسترها) أى من نفسى. قال السفاقسى: هذا المعنى مروى عن ابن عباس ويؤول
على معنى من تلقاء ومن عندى اه. (*)
[121]
لنريك، ولايتعلق بنفس آية لانها قد وصفت، و (الكبرى) صفة لآيات، وحكمها حكم مآرب.
ولو قال الكبر لجاز، ويجوز أن تكون الكبرى نصبا بنريك. ومن آياتنا حال منها: أى
لنريك الآية الكبرى من آياتنا.
قوله تعالى (ويسر لى) يقال يسرت له كذا، ومنه هذه الآية، ويسرته لكذا ومنه قوله
تعالى " فسنيسره لليسرى " و (من لسانى) يجوز أن يتعلق باحلل، وأن يكون وصفا لعقدة.
قوله تعالى (وزيرا) الواو أصل لانه من الوزر والموازرة، وقيل هى بدل من الهمزة لان
الوزير يشد أزر الموازر، وهو قليل وفعيل هنا بمعنى المفاعل، كالعشير والخليط، وفى
مفعولى أجعل ثلاثة أوجه: أحدها أنهما وزير وهارون، ولكن قدم المفعول الثانى، فعلى
هذا يجوز أن يتعلق " لى " باجعل، وأن يكون حالا من وزير.
والثانى أن يكون وزيرا مفعولا أول، و " لى " الثانى، وهارون بدل أو عطف بيان، وأخى
كذلك.
والثالث أن يكون المفعول الثانى من أهلى، ولى تبيين مثل قوله " ولم يكن له كفوا أحد
" وهارون أخى على ماتقدم، ويجوزأن ينتصب هارون بفعل محذوف: أى اضمم إلى هارون.
قوله تعالى (اشدد) يقرأ بقطع الهمزة (وأشركه) بضم الهمزة وجزمها على جواب الدعاء،
والفعل مسند إلى موسى، ويقرآن على لفظ الامر.
قوله تعالى (كثيرا) أى تسبيحا كثيرا أو وقتا كثيرا، والسؤال والسؤلة بمعنى المفعول
مثل الاكل بمعنى المأكول.
قوله تعالى (إذ أوحينا) هو ظرف لمننا (اقذفيه) يجوز أن تكون " أن " مصدرية بدلا من
مايوحى، أو على تقدير هو أن اقذفيه: ويجوز أن تكون بمعنى: أى (فليلقه) أمر للغائب،
و (منى) تتعلق بألقيت، ويجوز أن تكون نعتا لمحبة (ولتصنع) أى لتحب ولتصنع، ويقرأ
على لفظ الامر: أى ليصنعك غيرك بأمرى ويقرأ بكسر اللام وفتح التاء والعين: أى لتفعل
ماآمرك بمرأى منى (إذ تمشى) يجوز أن يتعلق بأحد الفعلين: وأن يكون بدلا من إذ
الاولى لان مشى أخته كان منة عليه، وأن يكون التقدير: اذكر إذ تمشى، و (فتونا) مصدر
مثل القعود، ويجوز أن يكون جمعا تقديره: بفتون كثيرة: أى بأمور تختبر بها، و (على
قدر) حال: أى موافقا لما قدر لك.
[122]
قوله تعالى (أن يفرط) الجمهور على فتح الياء وضم الراء فيجوز أن يكون
التقدير: أن يفرط علينا منه قول فأضمر القول لدلالة الحال عليه كما تقول: فرط منى
قول، وأن يكون الفاعل ضمير فرعون كما كان في (يطغى).
قوله تعالى (فمن ربكما ياموسى) أى وهارون، فحذف للعلم به، ويجوز أن يكون طلب
الاخبار من موسى وحده إذ كان هو الاصل، ولذلك قال (قال ربنا الذى) و (خلقه) مفعول
أول، وكل شئ ثان: أى أعطى مخلوقه كل شئ، وقيل هو على وجهه، والمعنى أعطى كل شئ
مخلوق خلقه: أي هو الذى ابتدعه، ويقرأ خلقه على الفعل، والمفعول الثانى محذوف للعلم
به.
قوله تعالى (علمها) مبتدأ، وفى الخبر عدة أوجه: أحدها (عند ربى) و (في كتاب) على
هذا معمول الخبر، أو خبر ثان، أو حال من الضمير في عند.
والثانى أن يكون الخبر في كتاب، وعند حال العامل فيها الظرف الذى بعدها على قول
الاخفش، وقيل يكون حالا من المضاف إليه في علمها. وقيل يكون ظرفا للظرف الثانى،
وقيل هو ظرف للعلم.
والثالث أن يكون الظرفان خبرا واحدا، مثل هذا حلو حامض، ولايجوز أن يكون في كتاب
متعلقا بعلمها، وعند الخبر لان المصدر لايعمل فيما بعد خبره (لابضل) في موضع جر صفة
لكتاب، وفى التقدير وجهان: أحدهما لايضل ربى عن حفظه. والثانى لايضل الكتاب ربى: أى
عنه فيكون ربى مفعولا، ويقرأ بضم الياء: أى يضل أحد ربى عن علمه، ويجوز أن يكون ربى
فاعلا: أى لايجد الكتاب ضالا: أى ضائعا كقوله تعالى " ضل من تدعون " ومفعول (ينسى)
محذوف: أى ولاينساه، ويقرأ بضم الياء: أى لاينسى أحد ربى أو لاينسى الكتاب.
قوله تعالى (مهدا) هو مصدر وصف به، ويجوز أن يكون التقدير: ذات مهد، ويقرأ مهادا
مثل فراش، ويجوز أن يكون جمع مهد (شتى) جمع شتيت مثل مريض ومرضى، وهو صفة لازواج أو
لبنات (والنهى) جمع نهية، وقيل هو مفرد.
قوله تعالى (بسحر مثله) يجوز أن يتعلق بلنأتينك، وأن يكون حالا من الفاعلين (فاجعل
بيننا وبينك موعدا) هو هاهنا مصدر لقوله تعالى (لانخلفه نحن ولاأنت مكانا) أى في
مكان، (سوى) بالكسر صفة شاذة مثله قوم عدى، ويقرأ بالضم وهو أكثر في الصفات، ومعناه
وسط، ويجوز أن
[123]
يكون مكانا مفعولا ثانيا لاجعل وموعدا على هذا مكان أيضا، ولاينتصب بموعد لانه مصدر
قد وصف، وقد قرئ سوى بغير تنوين على إجراء الوصل مجرى الوقف.
قوله تعالى (قال موعدكم) هو مبتدأ. و (يوم الزينة) بالرفع الخبر فإن جعلت موعدا
زمانا كان الثانى هو الاول، وإن جعلت موعدا مصدرا كان التقدير: وقت موعدكم يوم
الزينة، ويقرأ يوم بالنصب على أن يكون موعدا مصدرا، والظرف خبر عنه: أى موعدكم واقع
يوم الزينة، وهو مصدر في معنى المفعول (وأن يحشر الناس) معطوف، والتقدير: ويوم أن
يحشر الناس فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى موعدكم أن يحشر الناس،
ويقرأ نحشر على تسمية الفاعل: أى فرعون، والناس نصب.
قوله تعالى (فيسحتكم) يقرأ بفتح الياء وضمها، والماضى سحت وأسحت لغتان، وانتصب على
جواب النهى.
قوله تعالى (إن هذين) يقرأ بتشديد إن وبالياء في هذين وهى علامة النصب، ويقرأ " إن
" بالتشديد وهذان بالالف وفيه أوجه: أحدها أنها بمعنى نعم ومابعدها مبتدأ وخبر.
والثانى إن فيها ضمير الشأن محذوف ومابعدها مبتدأ وخبر أيضا، وكلا الوجهين ضعيف من
أجل اللام التى في الخبر، وإنما يجئ مثل ذلك في ضرورة الشعر.
وقال الزجاج التقدير لهما ساحران، فحذف المبتدأ، والثالث أن الالف هنا علامة
التثنية في كل حال، وهى لغة لبنى الحرث، وقيل لكنانة، ويقرأ إن بالتخفيف، وقيل هى
مخففة من الثقيلة وهو ضعيف أيضا، وقيل هى بمعنى ما واللام بمعنى إلا، وقد تقدم
نظائره.
قوله تعالى (ويذهبا بطريقتكم) أى يذهبا طريقكم فالباء معدية كما أن الهمزة معدية.
قوله تعالى (فأجمعوا) يقرأ بوصل الهمزة وفتح الميم، وهو من الجمع الذى هو ضد
التفريق، ويدل عليه قوله تعالى " فجمع كيده " والكيد بمعنى مايكاد به، ويقرأ بقطع
الهمزة وكسر الميم، وهو لغة في جمع قاله الاخفش، وقيل التقدير: على كيدكم، و (صفا)
حال: أى مصطفين، وقيل مفعول به: أى اقصدوا صف أعدائكم.
قوله تعالى (إما أن تلقى) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (فإذا) هى للمفاجأة، و (حبالهم) مبتدأ والخبر إذا فعلى هذا (يخيل) حال،
وإن شئت كان يخيل الخبر، ويخيل بالياء على أنه مسند إلى السعى:
[124]
أى يخيل إليهم سعيها، ويجوز أن يكون مسندا إلى ضمير الحبال، وذكر لان التأنيث غير
حقيقى أو يكون على تقدير يخيل الملقى، و (أنها تسعى) بدل منه بدل الاشتمال ويجوز أن
تكون في موضع نصب على الحال: أى تخيل الحبال ذات سعى.
ومن قرأ بالتاء ففيه ضمير الحبال، وأنها تسعى بدل منه، وقيل هو في موضع نصب: أى
يخيل إليهم بأنها ذات سعى، ويقرأ بفتح التاء وكسر الياء، أى تخيل الحبال إليهم
سعيها.
قوله تعالى (تلقف) يقرأ بالجزم على الجواب، والفاعل ضمير ما، وأنث لانه أراد العصا،
ويجوز أن يكون ضمير موسى عليه السلام ونسب ذلك إليه لانه يكون بتسببه، ويقرأ بضم
الفاء على أنه حال من العصا أو من موسى، وهى حال مقدرة، وتشديد القاف وتخفيفها
قراءتان بمعنى، وأما تشديد التاء فعلى تقدير: تتلقف، وقد ذكر مثله في مواضع (إن
ماصنعوا) من قرأ (كيد) بالرفع ففى " ما " وجهان أحدهما هى بمعنى الذى، والعائد
محذوف. والثانى مصدرية، ويقرأ بالنصب على أن تكون ماكافة، وإضافة كيد إلى ساحر
إضافة المصدر إلى الفاعل، وقرئ كيد سحر وهو إضافة الجنس إلى النوع.
قوله تعالى (في جذوع النخل) في هنا على بابها، لان الجذع مكان للمصلوب ومحتو عليه:
وقيل هى بمعنى على.
قوله تعالى (والذى فطرنا) في موضع جر: أى وعلى الذى، وقيل هو قسم (ماأنت قاض) في "
ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى: أى افعل الذى أنت عازم عليه. والثانى هى زمانية:
أى اقض أمرك مدة ماأنت قاض (هذه الحياة الدنيا) هو منصوب بتقضى، و " ما " كافة: أى
تقضى أمور الحياة الدنيا، ويجوز أن يكون ظرفا، والمفعول محذوف، فإن كان قد قرئ
بالرفع فهو خبر إن.
قوله تعالى (وما أكرهتنا) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى معطوفة على
الخطايا، وقيل في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف: أى وما أكرهتنا عليه مسقط
أو محطوط، و (من السحر) حال من " ما " أو من الهاء. والثانى هى نافية، وفى الكلام
تقديم تقديره. ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه.
قوله تعالى (إنه من يأت) الضمير هو الشأن والقصة.
[125]
قوله تعالى (جنات عدن) هى بدل من الدرجات، ولايجوز أن يكون التقدير هى جنات لان
(خالدين فيها) حال، وعلى هذا التقدير لايكون في الكلام مايعمل في الحال، وعلى الاول
يكون العامل في الحال الاستقرار أو معنى الاشارة.
قوله تعالى (فاضرب لهم طريقا) التقدير: موضع طريق، فهو مفعول به على الظاهر، ونظيره
قوله تعالى " أن اضرب بعصاك البحر " وهو مثل ضربت زيدا وقيل ضرب هنا بمعنى جعل،
وشرع مثل قولهم ضربت له بسهم، و (يبسا) بفتح الباء مصدر: أى ذات يبس، أو أنه وصفها
بالمصدر مبالغة، وأما اليبس بسكون الباء فصفة بمعنى اليابس (لاتخاف) في الرفع ثلاثة
أوجه: أحدها هو مستأنف.
والثانى هو حال من الضمير في اضرب.
والثالث هو صفة للطريق، والعائد محذوف أى ولاتخاف فيه، ويقرأ بالجزم على النهى أو
على جواب الامر وأما (لاتخشى) فعلى القراءة الاولى هو مرفوع مثل المعطوف عليه،
ويجوز أن يكون التقدير: وأنت لاتخشى، وعلى قراءة الجزم هو حال: أى وأنت لاتخشى،
ويجوز أن يكون التقدير فاضرب لهم غير خاش، وقيل الالف في تقدير الجزم شبهت بالحروف
الصحاح، وقيل نشأت لاشباع الفتحة ليتوافق رءوس الآى.
قوله تعالى (بجنوده) هو في موضع الحال: والمفعول الثانى محذوف: أى فأتبعهم فرعون
عقابه ومعه جنوده، وقيل أتبع بمعنى اتبع، فتكون الباء معدية.
قوله تعالى (جانب الطور) هو مفعول به: أى إتيان جانب الطور ولايكون ظرفا لانه مخصوص
(فيحل) هو جواب النهى، وقيل هو معطوف فيكون نهيا أيضا كقولهم: لاتمددها فتشقها (ومن
يحلل) بضم اللام: أى ينزل كقوله تعالى " أو تحل قريبا من دارهم " وبالكسر بمعنى يجب
كقوله " ويحل عليه عذاب مقيم ".
قوله تعالى (وماأعجلك) " ما " استفهام مبتدأ وأعجلك الخبر.
قوله تعالى (هم) مبتدأ، و (أولاء) بمعنى الذى (على أثرى) صلته، وقد ذكر ذلك مستقصى
في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون ".
قوله تعالى (وعدا حسنا) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا أو أن يكون مفعولا به بمعنى
الموعود.
قوله تعالى (بملكنا) يقرأ بكسر الميم وفتحها وضمها، وفيه وجهان: أحدهما أنها لغات،
والجميع مصدر بمعنى القدرة. والثانى أن الضم مصدر ملك بين الملك والفتح بمعنى
المملوك: أى بإصلاح مايملك والكسر مصدر مالك، وقد يكون بمعنى
[126]
المملوك أيضا، وإذا جعل مصدرا كان مضافا إلى الفاعل، والمفعول محذوف: أى بملكنا
أمرنا أو الصواب أو الخطأ (حملنا) بالتخفيف، ويقرأ بالتشديد على مالم يسم فاعله: أى
حملنا قومنا (فكذلك) صفة لمصدر محذوف: أى إلقاء مثل ذلك، وفاعل (نسى) موسى عليه
السلام، وهو حكاية عن قومه، وقيل الفاعل ضمير السامرى.
قوله تعالى (أن لايرجع) أن مخففة من الثقيلة، ولا كالعوض من اسمها المحذوف وقد قرئ
يرجع بالنصب على أن تكون أن الناصبة وهو ضعيف لان يرجع من أفعال اليقين، وقد ذكرنا
ذلك في قوله " وحسبوا أن لاتكون ".
قوله تعالى (أن لاتتبعن) لازائدة مثل قوله " مامنعك أن لاتسجد " وقد ذكر، و (ياابن
أم) قد ذكر في الاعراف (لاتأخذ بلحيتى) المعنى لاتأخذنى بلحيتى، فلذلك دخلت الباء،
وفتح اللام لغة، وقد قرئ بهما.
قوله تعالى (بصرت بما لم يبصروا) يتعدى بحرف جر، فإن جئت بالهمز تعدى بنفسه كفرح
وأفرحته، ويبصروا بالياء على الغيبة يعنى قوم موسى، وبالتاء على الخطاب، والمخاطب
موسى وحده، ولكن جمع الضمير لان قومه تبع له، وقرئ بصرت بكسر الصاد، وتبصروا
بفتحها، وهى لغة (قبضت) بالضاد بملء الكف وبالصاد بأطراف الاصابع وقد قرئ به، و
(قبضة) مصدر بالضاد والصاد، ويجوز أن تكون بمعنى المقبوض فتكون مفعولا به، ويقرأ
قبضة بضم القاف وهى بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (لامساس) يقرأ بكسر الميم وفتح السين وهو مصدر ماسه: أى لاأمسك
ولاتمسنى، ويقرأ بفتح الميم وكسر السين وهو اسم للفعل: أى لاتمسنى وقيل هو اسم
للخبر: أى لايكون بيننا مماسة (لن تخلفه) بضم التاء وكسر اللام أى لاتجده مخلفا مثل
أحمدته وأحببته، وقيل المعنى سيصل إليك، فكأنه يفى به، ويقرأ بضم التاء وفتح اللام
على مالم يسم فاعله، ويقرأ بالنون وكسر اللام: أى لن تخلفه فحذف المفعول الاول.
قوله تعالى (ظلت) يقرأ بفتح الظاء وكسرها وهما لغتان، والاصل ظللت بكسر اللام
الاولى فحذفت ونقلت كسرتها إلى الظاء ومن فتح لم ينقل، (لنحرقنه) بالتشديد من تحريق
النار، وقيل هو من حرق ناب البعير إذا وقع بعضه على بعض،
[127]
والمعنى لنبردنه وشدد للتكثير، ويقرأ بضم الراء والتخفيف وهى لغة في حرف ناب البعير
(لننسفنه) بكسر السين وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما.
قوله تعالى (وسع) يقرأ بكسر السين والتخفيف، و (علما) تمييز، أى وسع علمه كل شئ،
ويقرأ بالتشديد والفتح وهو يتعدى إلى مفعولين، والمعنى أعطى كل شئ علما، وفيه وجه
آخر وهو أن يكون بمعنى عظم خلق كل شئ عظيم كالارض والسماء، وهو بمعنى بسط، فيكون
علما تمييز (كذلك) صفة لمصدر محذوف: أى قصصا كذلك: أى نقص نبأ من أنباء.
قوله تعالى (خالدين) حال من الضمير في يحمل وحمل الضمير الاول على لفظ من فوحد،
وخالدين على المعنى فجمع، و (حملا) تمييز لاسم ساء وساء مثل بئس والتقدير: وساء
الحمل حملا ولاينبغى أن يكون التقدير: وساء الوزر، لان المميز ينبغى أن يكون من لفظ
اسم بئس.
قوله تعالى (ينفخ) بالياء على مالم يسم فاعله، وبالنون والياء على تسمية الفاعل، و
(زرقا) حال، و (يتخافتون) حال أخرى بدل من الاولى، أو حال من الضمير في زرقا.
قوله تعالى (فيذرها) الضمير للارض، ولم يجز لها ذكر، ولكن الجبال تدل عليها. و
(قاعا) حال، و (لاترى) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا أيضا أو صفة للحال (لاعوج له)
يجوز أن يكون حالا من الداعى، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (إلا من أذن) " من " في موضع نصب بتنفع، وقيل في موضع رفع: أى إلا شفاعة
من أذن فهو بدل.
قوله تعالى (وقد خاب) يجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (فلا يخاف) هو جواب الشرط، فمن رفع استأنف، ومن جزم فعل النهى.
قوله تعالى (وكذلك) الكاف نعت لمصدر محذوف: أى إنزالا مثل ذلك (وصرفنا فيه من
الوعيد) أى وعيدا من الوعيد وهو جنس، وعلى قول الاخفش " من " زائدة.
قوله تعالى (يقضى) على مالم يسم فاعله، و (وحيه) مرفوع به، وبالنون وفتح الياء
ووحيه نصب.
[128]
قوله تعالى (له عزما) يجوز أن يكون مفعول نجد بمعنى نعلم، وأن يكون عزما مفعول نجد،
ويكون بمعنى نصب، وله إما حال من عزم أو متعلق بنجد.
قوله تعالى (أبى) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (فتشقى) أفرد بعد التثنية لتتوافق رؤوس الآى مع أن المعنى صحيح لان آدم
عليه السلام هو المكتسب، وكان أكثر بكاء على الخطيئة منها.
قوله تعالى (وأنك) يقرأ بفتح الهمزة عطفا على موضع ألا تجوع، وجاز أن تقع " أن "
المفتوحة معمولة لان لما فصل بينهما، والتقدير أن لك الشبع والرى والكن ويقرأ
بالكسر على الاستئناف أو العطف على " أن " الاولى.
قوله تعالى (فوسوس إليه) عدى وسوس بإلى لانه بمعنى أسر، وعداه في موضع آخر باللام
لانه بمعنى ذكر له، أو يكون بمعنى لاجله.
قوله تعالى (فغوى) الجمهور على الالف، وهو بمعنى فسد وهلك، وقرئ شاذا بالياء وكسر
الواو، وهو من غوى الفصيل إذا أبشم على اللبن وليست بشئ.
قوله تعالى (ضنكا) الجمهور على التنوين، وأن الالف في الوقف مبدلة منه، والضنك
الضيق، ويقرأ ضنكى على مثال سكرى.
قوله تعالى (ونحشره) يقرأ بضم الراء على الاستئناف، وبسكونها إما لتوالى الحركات،
أو أنه مجزوم حملا على موضع جواب الشرط وهو قوله " فإن له ". و (أعمى) حال.
قوله تعالى (كذلك) في موضع نصب: أى حشرنا مثل ذلك، أو فعلنا مثل ذلك، وإتيانا مثل
ذلك، أو جزاء مثل إعراضك، أو نسيانا.
قوله تعالى (يهد لهم) في فاعله وجهان: أحدهما ضمير اسم الله تعالى: أى ألم يبين
الله لهم، وعلق بين هنا إذ كانت بمعنى أعلم كما علقه في قوله تعالى " وتبين لكم كيف
فعلنا بهم ". والثانى أن يكون الفاعل مادل عليه أهلكنا: أى إهلاكنا، والجملة مفسرة
له، ويقرأ بالنون و (كم) في موضع نصب ب (أهلكنا) أى كم قرنا أهلكنا، وقد استوفينا
ذلك في " سل بنى إسرائيل " (يمشون) حال من الضمير المجرور في لهم: أى ألم يبن
للمشركين في حال مشيهم في مساكن من أهلك من الكفار، وقيل هو حال من المفعول في
أهلكنا: أى أهلكناهم في حال غفلتهم.
[129]
قوله تعالى (وأجل مسمى) هو معطوف على كلمة: أى ولولا أجل مسمى لكان العذاب لازما،
واللزام مصدر في موضع اسم الفاعل، ويجوز أن يكون جمع لازم مثل قائم وقيام.
قوله تعالى (ومن آناء الليل) هو في موضع نصب بسبح الثانية (وأطراف) محمول على
الموضع أو معطوف على قبل، ووضع الجمع موضع التثنية لان النهار له طرفان، وقد جاء في
قوله " أقم الصلاة طرفى النهار " وقيل لما كان النهار جنسا جمع الاطراف، وقيل أراد
بالاطراف الساعات، كما قال تعالى " ومن آناء الليل " (لعلك ترضى) وترضى وهما
ظاهران.
قوله تعالى (زهرة) في نصبه أوجه:
أحدها أن يكون منصوبا بفعل محذوف دل عليه متعنا: أى جعلنا لهم زهرة.
والثانى أن يكون بدلا من موضع به.
والثالث أن يكون بدلا من أزواج، والتقدير: ذوى زهرة، فحذف المضاف، ويجوز أن يكون
جعل الازواج زهرة على المبالغة ولايجوز أن يكون صفة لانه معرفة. وأزواجا نكرة.
والرابع أن يكون على الذم أى أذم أو أعنى.
والخامس أن يكون بدلا من مااختاره بعضهم، وقال آخرون: لايجوز لان قوله تعالى "
لنفتنهم " من صلة متعنا فيلزم منه الفصل بين الصلة والموصول بالاجنبى.
والسادس أن يكون حالا من الهاء أو من " ما " وحذف التنوين لالتقاء الساكنين وجر
الحياة على البدل من " ما " اختاره مكى، وفيه نظر.
والسابع أنه تمييز لما أو للهاء في به، حكى عن الفراء، وهو غلط لانه معرفة.
قوله تعالى (والعاقبة للتقوى) أى لذوى التقوى، وقد دل على ذلك قوله " والعاقبة
للمتقين ".
قوله تعالى (أو لم تأتهم) يقرأ بالتاء على لفظ التثنية، وبالياء على معنى البيان
وقرئ (بينة) بالتنوين، و (ما) بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف، وحكى عن بعضهم بالنصب
والتنوين على أن يكون الفاعل " ما " وبينة حال مقدمة، و (الصحف) بالتحريك والاسكان
(فنتبع) جواب الاستفهام و (نذل ونخزى) على تسمية الفاعل وترك تسميته.
قوله تعالى (من أصحاب) من مبتدأ وخبر، والجملة في موضع نصب، ولاتكون " من " بمعنى
الذى إذ لاعائد عليها، وقد حكى ذلك عن الفراء (الصراط السوى) فيه خمس قراءآت:
الاولى على فعيل أى المستوى.
والثانية السواء أى الوسط والثالثة السوء بفتح السين بمعنى النشر والرابعة السوءى،
وهو تأنيث الاسوأ وأنث على معنى الصراط أى الطريقة كقوله تعالى " استقاموا على
الطريقة ".والخامس السوى على تصغير السوء.
[130]
(ومن اهتدى) بمعنى الذى، وفيه عطف الخبر على الاستفهام، وفيه تقوية قول الفراء:
ويجوز أن يكون في موضع جر: أى وأصحاب من اهتدى، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم،
ويجوز أن يكون استفهاما كالاول.
سورة الانبياء عليهم السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (وهم في غفلة) هم مبتدأ، و (معرضون) الخبر، وفى غفلة يجوز أن يكون حالا
من الضمير في معرضون: أى أعرضوا غافلين، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا.
قوله تعالى (محدث) محمول على لفظ ذكر ولو رفع على موضع من ذكر جاز، ومن ربهم يجوز
أن يتعلق بيأتيهم، وأن يكون صفة لذكر، وأن يتعلق بمحدث وأن يكون حالا من الضمير في
محدث.
قوله تعالى (لاهية) هو حال من الضمير في يلعبون، ويجوز أن يكون حالا من الواو في
استمعوه.
قوله تعالى (الذين ظلموا) في موضعه ثلاثة أوجه أحدها الرفع، وفيه أربعة أوجه: أحدها
أن يكون بدلا من الواو في أسروا والثانى أن يكون فاعلا والواو حرف للجمع لااسم.
والثالث أن يكون مبتدأ والخبر هل هذا، والتقدير: يقولون هل هذا والرابع أن يكون خبر
مبتدأ محذوف: أى هم الذين ظلموا والوجه الثانى أن يكون منصوبا على إضمار أعنى
والثالث أن يكون مجرورا صفة للناس.
قوله تعالى (قال ربى) يقرأ قل على الامر، وقال على الخبر (في السماء) حال من القول
أو حال من الفاعل في يعلم وفيه ضعف: ويجوز أن يتعلق بيعلم.
قوله تعالى (أضغاث أحلام) أى هذا أضغاث (كما أرسل) أى إتيانا مثل إرسال الاولين، و
(أهلكناها) صفة لقرية إما على اللفظ أو على الموضع، و (يوحى) بالياء، و (إليهم)
قائم مقام الفاعل، ونوحى بالنون، والمفعول محذوف: أى الامر والنهى.
قوله تعالى (جسدا) هو مفرد في موضع الجمع، والمضاف محذوف: أى ذوى أجساد، و
(لايأكلون) صفة لاجساد.
[131]
وجعلناهم يجوز أن يكون متعديا إلى اثنين، وأن يتعدى إلى واحد، فيكون جسدا حالا،
ولايأكلون حالا أخرى.
قوله تعالى (فيه ذكركم) الجملة صفة لكتاب، وذكركم مضاف إلى المفعول أى ذكرنا إياكم،
ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل: أى ماذكرتم من الشرك وتكذيب النبى صلى الله عليه
وسلم، فيكون المفعول محذوفا (وكم) في موضع نصب ب (قصمنا) و (كانت ظالمة) صفة
لقرية.
قوله تعالى (إذا هم) للمفاجأة فهو مبتدأ، و (يركضون) الخبر، وإذا ظرف للخبر.
قوله تعالى (تلك دعواهم) تلك في موضع رفع اسم زالت، ودعواهم الخبر. ويجوز العكس،
والدعوى قولهم ياويلنا، و (حصيدا) مفعول ثان، والتقدير: مثل حصيد، فلذلك لم يجمع
كما لايجمع مثل المقدر: و (خامدين) بمنزلة هذا حلو حامض، ويجوز أن يكون صفة لحصيد،
و (لاعبين) حال من الفاعل في خلقنا، و (إن كنا) بمعنى ماكنا، وقيل هى شرط (فيدمغه)
قرئ شاذا بالنصب وهو بعيد، والحمل فيه على المعنى: أى بالحق فالدمغ، (مما يصفون)
حال: أى ولكم الويل واقعا، و " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة أو مصدرية.
قوله تعالى (ومن عنده) فيه وجهان: أحدهما أن تكون " من " معطوفة على " من " الاولى
والاولى مبتدأ وله الخبر أو هى مرفوعة بالظرف، فعلى هذا (لايستكبرون) حال إما من "
من " الاولى أو الثانية على قول من رفع بالظرف، أو من الضمير في الظرف الذى هو
الخبر، أو من الضمير في عنده. والوجه الثانى أن تكون من الثانية مبتدأ، ولا
يستكبرون الخبر.
قوله تعالى (يسبحون) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل قبلها، و
(لايفترون) حال من ضمير الفاعل في يسبحون.
قوله تعالى (من الارض) هو صفة لآلهة. أو متعلق باتخذوا على معنى ابتداء غاية
الاتخاذ.
قوله تعالى (إلا الله) الرفع على أن إلا صفة بمعنى غير، ولايجوز أن يكون بدلا، لان
المعنى يصير إلى قولك: لو كان فيهما الله لفسدتا، ألا ترى أنك لو قلت: ماجاءنى
قومك إلا زيد على البدل لكان المعنى: جاءنى زيد وحده، وقيل يمتنع البدل،
[132]
لان ماقبلها إيجاب، ولايجوز النصب على الاستثناء لوجهين: أحدهما أنه فاسد في
المعنى، وذلك أنك إذا قلت: لو جاءنى القوم إلا زيدا لقتلتهم: كان معناه أن القتل
امتنع لكون زيد مع القوم، فلو نصبت في الآية لكان المعنى: إن فساد السموات والارض
امتنع لوجود الله تعالى مع الآلهة، وفى ذلك إثبات إله مع الله، وإذا رفعت على الوصف
لايلزم مثل ذلك، لان المعنى لو كان فيهما غير الله لفسدتا.
والوجه الثانى أن آلهة هنا نكرة والجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من
المحققين، لانه لاعموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء.
قوله تعالى (ذكر من معى) الجمهور على الاضافة، وقرئ بالتنوين على أن تكون " من " في
موضع نصب بالمصدر، ويجوز أن تكون في موضع رفع على إقامة المصدر مقام مالم يسم
فاعله، ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الميم، والتقدير: هذا ذكر من كتاب معى، ومن كتاب
قبلى ونحو ذلك فحذف الموصوف.
قوله تعالى (الحق) الجمهور على النصب بالفعل قبله، وقرئ بالرفع على تقدير حذف
مبتدأ.
قوله تعالى (بل عباد) أى هم عباد، (مكرمون) بالتخفيف والتشديد، و (لايسبقونه) صفة
في موضع رفع.
قوله تعالى (فذلك) في موضع رفع بالابتداء، وقيل في موضع نصب بفعل دل عليه (نجزيه)
والجملة جواب الشرط، و (كذلك) في موضع نصب ب (نجزى) أى جزاء مثل ذلك.
قوله تعالى (أو لم) يقرأ بالواو وبحذفها، وقد ذكر نظيره في البقرة عند قوله تعالى "
وقالوا اتخذ الله " (كانتا) الضمير يعود على الجنسين، و (رتقا) بسكون التاء: أى
ذاتى رتق أو مرتوقتين، كالخلق بمعنى المخلوق، ويقرأ بفتحها وهو بمعنى المرتوق
كالقبض والنقض (وجعلنا) أى وخلقنا، والمفعول (كل شئ) و (حى) صفة ومن لابتداء
الغاية، ويجوز أن يكون صفة لكل تقدم عليه فصار حالا، ويجوز أن تكون جعل بمعنى صير،
فيكون من الماء مفعولا ثانيا، ويقرأ " حيا " علىأن يكون صفة لكل، أو مفعولا ثانيا.
قوله تعالى (أن تميد) أى مخافة أن تميد، أو لئلا تميد، و (فجاجا) حال من (سبل) وقيل
سبلا بدل: أى سبلا (فجاجا) كما جاء في الآية الاخرى.
[133]
قوله تعالى (كل) أى كل واحد منهما أو منها، ويعود إلى الليل والنهار والشمس والقمر
و (يسبحون) خبر كل على المعنى، لان كل واحد منها إذا سبح فكلها تسبح، وقيل يسبحون
على هذا الوجه حال، والخبر في فلك، وقيل التقدير: كلها والخبر يسبحون، وأتى بضمير
الجمع على معنى كل، وذكره كضمير من يعقل لانه وصفها بالسباحة، وهى من صفات من يعقل.
قوله تعالى (أفإن مت) قد ذكر في قوله تعالى " وما محمد إلا رسول ".
قوله تعالى (فتنة) مصدر مفعول له، أو في موضع الحال: أى فاتنين، أو على المصدر
بمعنى نبلوكم: أى تفتنكم بهما فتنة.
قوله تعالى (إلا هزوا) أى مهزوا به، وهو مفعول ثان، وأعاد ذكرهم توكيدا.
قوله تعالى (من عجل) في موضع نصب بخلق على المجاز كما تقول خلق من طين، وقيل هو
حال: أى عجلا، وجواب " لو " محذوف، و (حين) مفعول به لاظرف، و (بغتة) مصدر في موضع
الحال.
قوله تعالى (من الرحمن) أى من أمر الرحمن، فهو في موضع نصب بيكلؤكم ونظيره يحفظونه
من أمر الله.
قوله تعالى (لا يستطيعون) هو مستأنف.
قوله تعالى (ننقصها من أطرافها) قد ذكر في الرعد.
قوله تعالى (ولا يسمع) في قراءات وجوهها ظاهرة، و (إذا) منصوبة بيسمع أو بالدعاء،
فعلى هذا القول يكون المصدر المعرف بالالف واللام عاملا بنفسه.
قوله تعالى (من عذاب) صفة لنفحة أو في موضع نصب بمستهم قوله تعالى (القسط) إنما
أفرد وهو صفة لجمع لانه مصدر وصف به، وإن شئت قلت: التقدير ذوات القسط (ليوم
القيامة) أى لاجله، وقيل هى بمعنى في، و (شيئا) بمعنى المصدر، و (مثقال) بالنصب على
أنه خبر كان: أى وإن كان الظلم أو العمل، ويقرأ بالرفع على أن تكون كان التامة، و
(من خردل) صفة لحبة أو لمثقال، و (أتينا) بالقصر جئنا، ويقرأ بالمد بمعنى جازينا
بها، فهو يقرب من معنى أعطينا لان الجزاء إعطاء، وليس منقولا من أتينا لان ذلك ينقل
عنهم.
[134]
قوله تعالى (وضياء) قيل دخلت الواو على الصفة كما تقول: مررت بزيد الكريم والعالم،
فعلى هذا يكون حالا: أى الفرقان مضيئا، وقيل هى عاطفة: أى آتيناه ثلاثة أشياء.
الفرقان، والضياء، والذكر.
قوله تعالى (الذين يخشون) في موضع جر على الصفة، أو نصب بإضمار أعنى، أو رفع على
إضمارهم. و (بالغيب) حال.
قوله تعالى (إذ قال) إذ ظرف لعالمين أو لرشده، أو لآتينا، ويجوز أن يكون بدلا من
موضع " من قبل " ويجوز أن ينتصب بإضمار أعنى أو بإضمار اذكر (لها عاكفون) قيل اللام
بمعنى على كقوله " لن نبرح عليه عاكفين " وقيل هى على بابها، إذ المعنى لها عابدون،
وقيل أفادت معنى الاختصاص.
قوله تعالى (على ذلكم) لا يجوز أن يتعلق با (لشاهدين) لما يلزم من تقديم الصلة على
الموصول فيكون على التبيين، وقد ذكر في مواضع.
قوله تعالى (جذاذا) يقرأ بالضم والفتح والكسر وهى لغات، وقيل الضم على أن واحده
جذاذه، والكسر على أن واحده جذاذه بالكسر، والفتح على المصدر كالحصاد، والتقدير:
ذوى جذاذ، ويقرأ بضم الجيم من غير ألف، وواحده جذه كقبة وقبب، ويقرأ كذلك إلا أنه
بضم الذال الاولى، وواحده جذيذ كقليب وقلب.
قوله تعالى (من فعل هذا) يجوز أن يكون " من " استفهاما، فيكون (إنه) استئنافا،
ويجوز أن يكون بمعنى الذى، فيكون " إنه " ومابعده الخبر.
قوله تعالى (يذكرهم) مفعول ثان لسمعنا، ولا يكون ذلك إلا مسموعا كقولك: سمعت زيدا
يقول كذا، والمعنى: سمعت قول زيد، و (يقال) صفة ويجوز أن يكون حالا.
وفى ارتفاع (إبراهيم) عليه السلام ثلاثة أوجه: أحدها هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو أو
هذا، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف: أى إبراهيم فاعل ذلك، والجملة محكية. والثانى هو
منادى مفرد فضمته بناء.
والثالث هو مفعول يقال، لان المعنى يذكر إبراهيم في تسميته، فالمراد الاسم لا
المسمى.
قوله تعالى (على أعين الناس) في موضع الحال: أى على رؤيتهم: أى ظاهرا لهم.
قوله تعالى (بل فعله) الفاعل (كبيرهم)، (هذا) وصف أو بدل،
[135]
وقيل الوقف على فعله، والفاعل محذوف: أى فعله من فعله، وهذا بعيد لان حذف الفاعل
لايسوغ.
قوله تعالى (على رءوسهم) متعلقة بنكسوا، ويجوز أن يكون حالا فيتعلق بمحذوف (ما
هؤلاء ينطقون) الجملة تسد مسد مفعولى علمت كقوله " وظنوا مالهم من محيص "، و (شيئا)
في موضع المصدر: أى نفعا (أف لكم) قد ذكر في سبحان.
قوله تعالى (بردا) أى ذات برد، و (على) يتعلق بسلام أو هى صفة له.
قوله تعالى (نافلة) حال من يعقوب، وقيل هو مصدر كالعاقبة والعافية، والعامل فيه
معنى وهبنا (وكلا) المفعول الاول ل (جعلنا - وإقام الصلاة) الاصل فيه إقامة، وهى
عوض من حذف إحدى الالفين، وجعل المضاف إليه بدلا من الهاء.
قوله تعالى (ولوطا) أى وآتينا لوطا، و (آتيناه) مفسر للمحذوف، ومثله ونوحا وداود
وسليمان وأيوب ومابعده من أسماء الانبياء عليهم السلام، ويحتمل أن يكون التقدير:
واذكر لوطا، والتقدير: واذكر خبر لوط، والخبر المحذوف هو العامل في " إذ " والله
أعلم.
قوله تعالى (ونصرناه) أى منعناه من أذاهم، وقيل من بمعنى على، و (إذ نفشت) ظرف
ليحكمان، و (لحكمهم) بمعنى الذين اختصموا في الحرث وقيل الضمير لهم ولداود وسليمان،
وقيل هو لداود وسليمان خاصة، وجمع لان الاثنين جمع.
قوله تعالى (مع داود الجبال) العامل في مع (يسبحن) وهو نظير قوله تعالى " ياجبال
أوبى معه " ويسبحن حال من الجبال (والطير) معطوف على الجبال وقيل هى بمعنى، ويقرأ
شاذا بالرفع عطفا على الضمير في يسبحن، وقيل التقدير والطير كذلك.
قوله تعالى (لكم) يجوز أن يكون وصفا للبوس، وأن يتعلق بعلمنا أو بصنعة (لتحصنكم)
يجوز أن يكون بدلا من لكم بإعادة الجار، ويجوز أن يتعلق بعلمنا: أى لاجل تحصينكم
ويحصنكم بالياء على أن الفاعل الله عزوجل أو داود عليه السلام أو الصنع أو التعليم
أو اللبوس، وبالتاء: أى الصنعة أو الدروع، وبالنون لله تعالى على التعظيم، ويقرأ
بالتشديد والتخفيف، و (الريح) نصب على تقدير: وسخرنا
[136]
لسليمان، ودل عليه وسخرنا الاولى، ويقرأ بالرفع على الاستئناف، و (عاصفة) حال، و
(تجرى) حال أخرى، إما بدلا من عاصفة، أو من الضمير فيها.
قوله تعالى (من يغوصون له) " من " في موضع نصب عطفا على الرياح، أو رفع على
الاستئناف، وهى نكرة موصوفة والضمير عائد على معناها، و (دون ذلك) صفة لعمل.
قوله تعالى (رحمة - وذكرى) مفعول له، ويجوز أن ينتصب على المصدر: أى ورحمناه، و
(مغاضبا) حال.
قوله تعالى (ننجى) الجمهور على الجمع بين النونين وتخفيف الجيم، ويقرأ بنون واحدة
وتشديد الجيم، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه فعل ماض، وسكن الياء إيثارا للتخفيف،
والقائم مقام الفاعل المصدر: أى نجى النجاء.
وهو ضعيف من وجهين: أحدهما تسكين آخر الماضى، والثانى إقامة المصدر مقام المصدر
مقام الفاعل مع وجود المفعول الصحيح.
والوجه الثانى أنه فعل مستقبل قلبت منه النون الثانية جيما وأدغمت وهو ضعيف أيضا.
والثالث أن أصله ننجى بفتح النون الثانية، ولكنها حذفت كما حذفت التاء الثانية في "
تظاهرون " وهذا ضعيف أيضا لوجهين: أحدهما أن النون الثانية أصل وهى فاء الكلمة،
فحذفها يبعد جدا. والثانى أن حركتها غير حركة النون الاولى، فلا يستثقل الجمع
بينهما بخلاف تظاهرون، ألا ترى أنك لو قلت تتحامى المظالم لم يسغ حذف التاء
الثانية.
قوله تعالى (رغبا ورهبا) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال، أو مصدر على المعنى.
قوله تعالى (والتى أحصنت) أى واذكر التى، ويجوز أن يكون في موضع رفع: أى وفيما يتلى
عليك خبر التى، و (فيها) يعود على مريم، و (آية) مفعول ثان.
وفى الافراد وجهان: أحدهما أن مريم وابنها جميعا آية واحدة، لان العجب منهما كمل.
والثانى أن تقديره وجعلناها آية وابنها كذلك فآية مفعول المعطوف عليه، وقيل المحذوف
هو الاول، وآية المذكور للابن.
قوله تعالى (أمتكم) بالرفع على أنه خبر إن، وبالنصب على أنه خبر أو عطف بيان، و
(أمة) بالنصب حال، وبالرفع بدل من أمتكم، أو خبر مبتدأ محذوف قوله تعالى (وتقطعوا
أمرهم) أى في أمرهم.
أى تفرقوا، وقيل عدى تقطعوا بنفسه، لانه بمعنى قطعوا: أى فرقوا، وقيل هو تمييز: أى
تقطع أمرهم.
و (له) أى للسعى، وقيل يعود على من.
[137]
قوله تعالى (وحرام) يقرأ بالالف وبكسر الحاء وسكون الراء من غير ألف. وبفتح الحاء
وكسر الراء من غير ألف، وهو في ذلك كله مرفوع بالابتداء، وفى الخبر وجهان: أحدهما
هو (أنهم لايرجعون) و " لا " زائدة: أى ممتنع رجوعهم إلى الدنيا، وقيل ليست زائدة:
أى ممتنع عدم رجوعهم عن معصيتهم، والجيد أن يكون أنهم فاعلا سد مسد الخبر.
والثانى الخبر محذوف تقدير: توبتهم أو رجاء بعثهم إذا جعلت " لا " زائدة، وقيل حرام
خبر مبتدأ محذوف أى ذلك الذى ذكرناه من العمل الصالح حرام، وحرام وحرم لغتان مثل
حلال وحل، ومن فتح الحاء وكسر الراء كان اسم فاعل من حرم: أى امتنع مثل فلق، ومنه:
* يقول لاغائب مالى ولاحرم * أى ممتنع، ويقرأ " حرم " على أنه فعل بكسر الراء
وضمها، وأنهم بالفتح على أنها مصدرية وبالكسر على الاستئناف، و (حتى) متعلقة في
المعنى بحرام: أى يستمر الامتناع إلى هذا الوقت، ولاعمل لها في (إذا) ويقرأ " من كل
جدث " بالجيم والثاء وهو بمعى الحدب، و (ينسلون) بكسر السين وضمها لغتان، وجواب إذا
" فإذا هى " وقيل جوابها قالوا ياويلنا، وقيل واقترب، والواو زائدة.
قوله تعالى (فإذا هى) " إذا " للمفاجأة، وهى مكان، والعامل فيها (شاخصة) وهى ضمير
القصة، و (أبصار الذين) مبتدأ، وشاخصة خبره (يا ويلنا) في موضع نصب بقالوا المقدر،
ويجوز أن يكون التقدير: يقولون فيكون حالا.
قوله تعالى (حصب جهنم) يقرأ بفتح الصاد وهو ماتوقد به، وبسكونها وهو مصدر حصبتها
أوقدتها فيكون بمعنى المحصوب، ويقرأ بالضاد محركة وساكنة، وبالطاء وهما بمعنى (أنتم
لها) يجوز أن يكون بدلا من حصب جهنم، وأن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من جهنم.
قوله تعالى (منا) يجوز أن يتعلق بسبقت، وأن يكون حالا من (الحسنى) (ولا يسمعون)
يجوز أن يكون بدلامن " مبعدون "، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون حالا من الضمير في
مبعدون (هذا يومكم) أى يقولون.
قوله تعالى (يوم نطوى) يجوز أن يكون بدلا من العائد المحذوف من قوله يوعدون، أو على
إضمار أعنى، أو ظرفا للا يحزنهم أو بإضمار اذكر، ونطوى بالنون
[138]
على التعظيم، وبالياء على الغيبة، وبالتاء وترك تسمية الفاعل، و (السماء) بالرفع
والتقدير طيا كطى، وهو مصدر مضاف إلى المفعول إن قلنا السجل القرطاس، وقيل هو اسم
ملك أو كاتب، فيكون مضافا إلى الفاعل، ويقرأ بكسر السين والجيم وتشديد اللام، ويقرأ
كذلك إلا أنه بتخفيف اللام، ويقرأ بفتح السين وسكون الجيم وتخفيف اللام، وبضم السين
والجيم مخففا ومشددا وهى لغات فيه، واللام في (للكتاب) زائدة، وقيل هى بمعنى على،
وقيل يتعلق بطى والله أعلم.
قوله تعالى (كما بدأنا) الكاف نعت لمصدر محذوف: أى نعيده عوادا مثل بدئه وفى نصب
(أول) وجهان: أحدهما هو منصوب ببدأنا: أى خلقنا أول خلق والثانى هو حال من الهاء في
نعيده، والمعنى مثل أول خلقه، (وعدا) مصدر: أى وعدنا ذلك وعدا.
قوله تعالى (من بعد الذكر) يجوز أن يتعلق بكتبنا، وأن يكون ظرفا للزبور لان الزبور
بمعنى المزبور: أى المكتوب.
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له، ويجوز أن يكون حالا: أى ذا رحمة. كما قال تعالى
" ورحمة للذين آمنوا " ويجوز أن يكون بمعنى راحم.
قوله تعالى (يوحى إلي أنما) " أن " مصدرية، وما الكافة لاتمنع من ذلك.
والتقدير: يوحى إلى وحدانية إلهى (فهل أنتم) هل هنا على لفظ الاستفهام، والمعنى على
التحريض: أى فهل أنتم مسلمون بعد هذا فهو للمستقبل.
قوله تعالى (على سواء) حال من المفعول والفاعل: أى مستوين في العلم بما أعلمتكم به
(وإن أدرى) بإسكان الياء وهو على الاصل، وقد حكى في الشاذ فتحها قال أبوالفتح: هو
غلط لان " إن " بمعنى ما، وقال غيره: ألقيت حركة الهمزة على الياء فتحركت وبقيت
الهمزة ساكنة فأبدلت ألفا لانفتاح ماقبلها ثم أبدلت همزة متحركة لانها في حكم
المبتدأ بها، والابتداء بالساكن محال، و (أقريب) مبتدأ، (وما توعدون) فاعل له لانه
قد اعتمد على الهمزة، ويخرج على قول البصريين أن يرتفع ببعيد لانه أقرب إليه، و (من
القول) حال من الجهر: أى المجهور من القول.
قوله تعالى (قل ربى) يقرأ على لفظ الامر وعلى لفظ الماضى، و (احكم) على الامر،
ويقرأ ربى أحكم على الابتداء والخبر، و (تصفون) بالتاء والياء وهو ظاهر والله أعلم.
219]
قوله تعالى (ويقول) يقرأ بالرفع من غير واو العطف وهو مستأنف، ويقرأ بالواو كذلك،
ويقرأ بالواو والنصب، وفى النصب أربعة أوجه: أحدها أنه معطوف على يأتى حملا على
المعنى، لان معنى عسى الله أن يأتى وعسى أن يأتى الله واحد، ولايجوز أن يكون معطوفا
على لفظ أن يأتى، لان أن يأتى خبر عسى، والمعطوف عليه في حكمه، فيفتقر إلى ضمير
يرجع إلى إسم عسى، ولا ضمير في قوله " ويقول الذين آمنوا " فيصير كقولك: عسى الله
أن يقول الذين آمنوا.
والثانى أنه معطوف على لفظ يأتى على الوجه الذى جعل فيه بدلا، فيكون داخلا في اسم
عسى، واستغنى عن خبرها بما تضمنه اسمها من الحدث، والوجه الثالث أن يعطف على لفظ
يأتى وهو خبر، ويقدر مع المعطوف ضمير محذوف تقديره: ويقول الذين آمنوا به، والرابع
أن يكون معطوفا على الفتح تقديره: فعسى الله أن يأتى بالفتح، وبأن يقول الذين آمنوا
(جهد أيمانهم) فيه وجهان: أحدهما أنه حال وهو هنا معرفة، والتقدير: وأقسموا بالله
يجهدون جهد أيمانهم، فالحال في الحقيقة مجتهدين، ثم أقيم الفعل المضارع مقامه، ثم
أقيم المصدر مقام الفعل لدلالته عليه. والثانى أنه مصدر يعمل فيه أقسموا، وهو من
معناه لامن لفظه.
قوله تعالى (من يرتد منكم) يقرأ بفتح الدال وتشديدها على الادغام، وحرك الدال
بالفتح لالتقاء الساكنين، ويقرأ " يرتدد " بفك الادغام والجزم على الاصل، ومنكم في
موضع الحال من ضمير الفاعل (يحبهم) في موضع جر صفة لقوم (ويحبونه) معطوف عليه،
ويجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب تقديره: وهم يحبونه (أذلة) و (أعزة) صفتان
أيضا (يجاهدون) يجوز أن يكون صفة لقوم أيضا، وجاء بغير واو كما جاء أذلة: وأعزة،
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أعزة: أى يعزون مجاهدين، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (الذين يقيمون الصلاة) صفة للذين آمنوا (وهم راكعون) حال من الضمير في
يؤتون.
قوله تعالى (فإن حزب الله هم الغالبون) قيل هو خبر المبتدأ الذى هو من ولم يعد منه
ضمير إليه، لان الحزب هو من في المعنى فكأنه قال: فإنهم هم الغالبون
[220]
قوله تعالى (من الذين أوتوا الكتاب) في موضع الحال من الذين الاولى، أو من الفاعل
في اتخذوا (والكفار) يقرأ بالجر عطفا على الذين المجرورة، وبالنصب عطفا على الذين
المنصوبة، والمعنيان صحيحان.
قوله تعالى (ذلك بأنهم) ذلك مبتدأ وما بعده الخبر: أى ذلك بسبب جهلهم: أى واقع بسبب
جهلهم.
قوله تعالى (هل تنقمون) يقرأ بإظهار اللام على الاصل، وبإدغامها في التاء لقربها
منها في المخرج، ويقرأ " تنقمون " بكسر القاف وفتحها وهو مبنى على الماضى. وفيه
لغتان: نقم ينقم ونقم ينقم، و (منا) مفعول تنقمون الثانى، ومابعد إلا هو المفعول
الاول، ولا يجوز أن يكون منا حالا من أن والفعل لامرين: أحدهما تقدم الحال على إلا،
والثانى تقدم الصلة على الموصول، والتقدير: هل تكرهون منا إلا إيماننا.
وأما قوله (وأن أكثركم فاسقون) ففى موضعه وجهان: أحدهما أنه معطوف على أن آمنا،
والمعنى على هذا: إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم: أى كرهتم مخالفتنا إياكم، وهذا
كقولك للرجل: ماكرهت منى إلا أننى محبب إلى الناس وأنت مبغض وإن كان قد لايعترف
بأنه مبغض، والوجه الثانى أنه معطوف على " ما " والتقدير: إلا أن آمنا بالله، وبأن
أكثركم فاسقون.
قوله تعالى (مثوبة) منصوب على التمييز والمميز بشر. ويقرأ " مثوبة " بسكون الثاء
وفتح الواو، وقد ذكر في البقرة، و (عند الله) صفة لمثوبة (من لعنه) في موضع من
ثلاثة أوجه: أحدها هو في موضع جر بدلا من شر.
والثانى هو في موضع نصب بفعل دل عليه أنبئكم: أى أعرفكم من لعنه الله.
والثالث هو في موضع رفع: أى هو من لعنه الله (وعبد الطاغوت) يقرأ بفتح العين
والباء، ونصب الطاغوت على أنه فعل معطوف على لعن، ويقرأ بفتح العين وضم الباء، وجر
الطاغوت وعبد هنا اسم مثل يقظ وحدث، وهو في معنى الجمع، ومابعده مجرور بإضافته
إليه، وهو منصوب بجعل، ويقرأ بضم العين والباء ونصب الدال وجر مابعده، وهو جمع عبد
مثل سقف وسقف، أو عبيد مثل قتيل وقتل، أو عابد مثل نازل ونزل، أو عباد مثل كتاب
وكتب، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر، ويقرأ " عبد الطاغوت " بضم العين وفتح الباء
وتشديدها مثل ضارب وضرب، ويقرأ " عباد الطاغوت " مثل صائم وصوام: ويقرأ " عباد
الطاغوت " وهو ظاهر مثل صائم
[221]
وصيام، ويقرأ " وعابد الطاغوت " و " عبد الطاغوت " على أنه صفة مثل حطم، ويقرأ "
وعبد الطاغوت " على أنه فعل مالم يسم فاعله، والطاغوت مرفوع، ويقرأ " وعبد " مثل
ظرف: أى صار ذلك للطاغوت كالغريزى، ويقرأ " وعبدوا " على أنه فعل والواو فاعل،
والطاغوت نصب، ويقرأ " وعبدة الطاغوت " وهو جمع عابد مثل قاتل وقتلة.
قوله تعالى (وقد دخلوا) في موضع الحال من الفاعل في قالوا، أو من الفاعل في آمنا، و
(بالكفر) في موضع الحال من الفاعل في دخلوا: أى دخلوا كفارا (وهم قد خرجوا) حال
أخرى، ويجوز أن يكون التقدير: وقد كانوا خرجوا به.
قوله تعالى (وأكلهم) المصدر مضاف إلى الفاعل، و (السحت) مفعوله، ومثله عن قولهم
الاثم.
قوله تعالى (ينفق) مستأنف، ولايجوز أن يكون حالا من الهاء لشيئين: أحدهما أن الهاء
مضاف إليها، والثانى أن الخبر يفصل بينهما، ولا يجوز أن يكون حالا من اليدين إذ ليس
فيها ضمير يعود إليهما (للحرب) يجوز أن يكون صفة لنار فيتعلق بمحذوف، وأن يكون
متعلقا بأوقدوا، و (فسادا) مفعول من أجله.
قوله تعالى (لاكلوا من فوقهم) مفعول أكلوا محذوف، ومن فوقهم نعت له تقديره: رزقا
كائنا من فوقهم، أو مأخوذا من فوقهم (ساء ما يعملون) ساء هنا بمعنى بئس، وقد ذكر
فيما تقدم.
قوله تعالى (فما بلغت رسالته) يقرأ على الافراد، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع،
لان جنس الرسالة مختلف.
قوله تعالى (والصابئون) يقرأ بتحقيق الهمزة على الاصل، وبحذفها وضم الباء والاصل
على هذا صبا بالالف المبدلة من الهمزة، ويقرأ بياء مضمومة، ووجهه أنه أبدل الهمزة
ياء لانكسار ماقبلها، ولم يحذفها لتدل على أن أصلها حرف يثبت، ويقرأ بالهمز والنصب
عطفا على الذين، وهو شاذ في الرواية صحيح في القياس، وهو مثل الذى في البقرة،
والمشهور في القراءة الرفع.
وفيها أقوال: أحدها قول سيبويه: وهو أن النية به التأخير بعد خبر إن، وتقديره: ولا
هم يحزنون "، والصابئون كذلك، فهو مبتدأ والخبر محذوف، ومثله: * فإنى وقيار بها
لغريب *. أى فإنى لغريب وقيار بها كذلك.
[222]
والثانى أنه معطوف على موضع إن كقولك: إن زيدا وعمرو قائمان، وهذا خطأ لان خبر إن
لم يتم، وقائمان إن جعلته خبر إن لم يبق لعمرو وخبر، وإن جعلته خبر عمرو لم يبق لان
خبر، ثم هو ممتنع من جهة المعنى لانك تخبر بالمثنى عن المفرد.
فأما قوله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبى " على قراءة من رفع ملائكته
فخبر إن محذوف تقديره: إن الله يصلى، وأغنى عنه خبر الثانى، وكذلك لو قلت: إن عمرا
وزيد قائم، فرفعت زيدا جاز على أن يكون مبتدأ وقائم خبره أو خبر إن.
والقول الثالث أن الصابئون معطوف على الفاعل في هادوا. وهذا فاسد لوجهين: أحدهما
أنه يوجب كون الصابئين هودا وليس كذلك. والثانى أن الضمير لم يؤكد.
والقول الرابع أن يكون خبر الصابئين محذوفا من غير ان ينوى به التأخير، وهو ضعيف
أيضا لما فيه من لزوم الحذف والفصل.
والقول الخامس أن إن بمعنى نعم، فما بعدها في موضع رفع، فالصابئون كذلك.
والسادس أن الصابئون في موضع نصب، ولكنه جاء على لغة بلحرث الذين يجعلون التثنية
بالالف على كل حال، والجمع بالواو على كل حال وهو بعيد.
والقول السابع أن بجعل النون حرف الاعراب.
فإن قيل: فأبو على إنما أجاز ذلك مع الياء لا مع الواو. قيل: قد أجازه غيره والقياس
لا يدفعه، فأما (النصارى) فالجيد أن يكون في موضع نصب على القياس المطرد ولا ضرورة
تدعو إلى غيره.
قوله تعالى (فريقا كذبوا) فريقا الاول مفعول كذبوا، والثانى مفعول (يقتلون) وكذبوا
جواب كلما، ويقتلون بمعنى قتلوا، وإنما جاء كذلك لتتوافق رءوس الآى.
قوله تعالى (أن لاتكون) يقرأ بالنصب على أن أن الناصبة للفعل، وحسبوا بمعنى الشك،
ويقرأ بالرفع على أن أن المخففة من الثقيلة وخبرها محذوف(1) وجاز ذلك لما فصلت " لا
" بينها وبين الفعل، وحسبوا على هذا بمعنى علموا، وقد جاء الوجهان فيها، ولايجوز أن
تكون المخففة من الثقيلة مع أفعال الشك والطبع، ولا الناصبة للفعل مع علمت وماكان
في معناها، وكان هنا التامة (فعموا وصموا) هذا هو المشهور، ويقرأ بضم العين والصاد
وهو من باب زكم وأزكمه الله، ولا يقال عميته وصممته، وإنما جاء بغير همزة فيما لم
يسم فاعله وهو قليل، واللغة الفاشية أعمى وأصم (كثير منهم) هو خبر مبتدإ محذوف: أى
العمى والصم كثير، وقيل هو بدل من ضمير الفاعل في صموا، وقيل هو مبتدأ والجملة قبله
خبر عنه: أى كثير منهم
___________________________________
(1) (قوله وخبرها محذوف) كذا بالنسخ التى بأيدينا، وصوابه أن يقول: واسمها محذوف
كما لايخفى اه مصححه. (*)
[223]
عموا وهو ضعيف، لان الفعل قد وقع في موضعه فلا ينوى به غيره، وقيل الواو علامة جمع
لا اسم، وكثير فاعل صموا.
قوله تعالى (ثالث ثلاثة) أى أحد ثلاثة، ولا يجوز في مثل هذا إلا الاضافة (وما من
إله) من زائدة وإله في موضع مبتدأ، والخبر محذوف: أى وما للخلق إله (إلا الله) بدل
من إله، ولو قرئ بالجر بدلا من لفظ إله كان جائزا في العربية (ليمسن) جواب قسم
محذوف وسد مسد جواب الشرط الذى هو وإن لم ينتهوا و (منهم) في موضع الحال، إما من
الذين، أو من ضمير الفاعل في كفروا.
قوله تعالى (قد خلت من قبله الرسل) في موضع رفع صفة لرسول (كانا يأكلان الطعام) لا
موضع له من الاعراب (أنى) بمعنى كيف في موضع الحال، والعامل فيها (يؤفكون) ولايعمل
فيها نظرا لان الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
قوله تعالى (مالا يملك) يجوز أن تكون " ما " نكرة موصوفة، وأن تكون بمعنى الذى.
قوله تعالى (تغلوا) فعل لازم (وغير الحق) صفة لمصدر محذوف: أى غلوا غير الحق، ويجوز
أن يكون حالا من ضمير الفاعل: أى لاتغلوا مجاوزين الحق.
قوله تعالى (من بنى إسرائيل) في موضع الحال من الذين كفروا أو من ضمير الفاعل في
كفروا (على لسان داود) متعلق بلعن كقولك: جاء زيد على الفرس (ذلك بما عصوا) قد تقدم
ذكره في غير موضع، وكذلك و (لبئس ما كانوا) و (لبئس ماقدمت لهم).
قوله تعالى (أن سخط الله عليهم) أن والفعل في تقدير مصدر مرفوع خبر ابتداء محذوف:
أى هو سخط الله، وقيل في موضع نصب بدلا من " ما " أى بئس شيئا سخط الله عليهم، وقيل
هو في موضع جر بلام محذوفة، أى لان سخط.
قوله تعالى (عداوة) تمييز، والعامل فيه أشد، و (للذين آمنوا) متعلق بالمصدر أو نعت
له (اليهود) المفعول الثانى لتجد (ذلك) مبتدأ، و (بأن منهم) الخبر: أى ذلك كائن
بهذه الصفة.
قوله تعالى (وإذا سمعوا) الواو هاهنا عطفت إذا على خبر أن، وهو قوله " لا يستكبرون
" فصار الكلام داخلا في صلة أن وإذا في موضع نصب ب (ترى) وإذا
[224]
وجوابها في موضع رفع عطفا على خبر أن الثانية، ويجوز أن يكون مستأنفا في اللفظ، وإن
كان له تعلق بما قبله في المعنى، و (تفيض) في موضع نصب على الحال، لان ترى من رؤية
العين، و (من الدمع) فيه وجهان: أحدهما أن من لابتداء الغاية: أى فيضها من كثرة
الدمع. والثانى أن يكون حالا، والتقدير: تفيض مملوءة من الدمع، وأما (مما عرفوا)
فمن لابتداء الغاية ومعناها: من أجل الذى عرفوه، و (من الحق) حال من العائد المحذوف
(يقولون) حال من ضمير الفاعل في عرفوا.
قوله تعالى (وما لنا) ما في موضع رفع بالابتداء، ولنا الخبر، و (لا نؤمن) حال من
الضمير في الخبر، والعامل فيه الجار: أى مالنا غير مؤمنين، كما تقول: مالك قائما
(وما جاءنا) يجوز أن يكون في موضع جر: أى وبما جاءنا (من الحق) حال من ضمير
الفاعل، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية: أى ولما جاءنا من عند الله، ويجوز أن يكون
مبتدأ ومن الحق الخبر، والجملة في موضع الحال (ونطمع) يجوز أن يكون معطوفا على
نؤمن: أى ومالنا لانطمع، ويجوز أن يكون التقدير: ونحن نطمع، فتكون الجملة حالا من
ضمير الفاعل في نؤمن، و (أن يدخلنا) أى في أن يدخلنا، فهو في موضع نصب أو جر على
الخلاف بين الخليل وسيبويه.
قوله تعالى (حلالا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو مفعول كلوا، فعلى هذا يكون مما في
موضع الحال لانه صفة للنكرة قدمت عليها، ويجوز أن تكون " من " لابتداء غاية الاكل،
فتكون متعلقة بكلوا كقولك: أكلت من الخبز رغيفا إذا لم ترد الصفة.
والوجه الثانى أن يكون حالا من " ما " لانها بمعنى الذى، ويجوز أن يكون حالا من
العائد المحذوف فيكون العامل رزق.
والثالث أن يكون صفة لمصدر محذوف: أى أكلا حلالا، ولايجوز أن ينصب حلالا برزق على
أنه مفعوله، لان ذلك يمنع من أن يعود إلى " ما " ضمير.
قوله تعالى (باللغو في أيمانكم) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون متعلقة بنفس اللغو
لانك تقول: لغا في يمينه، وهذا مصدر بالالف واللام يعمل ولكن معدى بحرف الجر.
والثانى أن تكون حالا من اللغو: أى باللغو كائنا أو واقعا في أيمانكم.
والثالث أن يتعلق في بيؤاخذكم (عقدتم) يقرأ بتخفيف القاف وهو الاصل، وعقد اليمين هو
قصد الالتزام بها، ويقرأ بتشديدها وذلك لتوكيد اليمين
[225]
كقوله: " والله الذى لا إله إلا هو " ونحوه، وقيل التشديد يدل على تأكيد العزم
بالالتزام بها، وقيل إنما شدد لكثرة الحالفين وكثرة الايمان، وقيل التشديد عوض من
الالف في عاقد، ولايجوز أن يكون التشديد لتكرير اليمين لان الكفارة تجب وإن لم
تكرر، ويقرأ " عاقدتم " بالالف، وهى بمعنى عقدتم كقولك: قاطعته وقطعته من الهجران
(فكفارته) الهاء ضمير العقد، وقد تقدم الفعل الدال عليه، وقيل تعود على اليمين
بالمعنى لان الحالف واليمين بمعنى واحد، و (إطعام) مصدر مضاف إلى المفعول به،
والجيد أن يقدر بفعل قد سمى فاعله، لان ماقبله ومابعده خطاب، ف (عشرة) على هذا في
موضع نصب (من أوسط) صفة لمفعول محذوف تقديره: إن تطعموا عشرة مساكين طعاما أو قوتا
من أوسط: أى متوسطا (ماتطعمون) أى الذى تطعمون منه أو تطعمونه (أو كسوتهم) معطوف
على إطعام، ويقرأ شاذا " أو كاسوتهم " فالكاف في موضع رفع: أى أو مثل أسوة أهليكم
في الكسوة (أوتحرير) معطوف على إطعام وهو مصدر مضاف إلى المفعول أيضا (إذا حلفتم)
العامل في إذا كفارة إيمانكم، لان المعنى ذلك يكفر أيمانكم وقت حلفكم (كذلك) الكاف
صفة مصدر محذوف أى يبين لكم آياته تبيينا مثل ذلك.
قوله تعالى (رجس) إنما أفرد لان التقدير إنما عمل هذه الاشياء رجس، ويجوز أن يكون
خبرا عن الخمر وإخبار المعطوفات محذوف لدلالة خبر الاول عليها، و (من عمل) صفة لرجس
أن خبر ثان، والهاء في (اجتنبوه) ترجع إلى الفعل أو إلى الرجس والتقدير رجس من جنس
عمل الشيطان.
قوله تعالى (في الخمر والميسر) في متعلقة بيوقع، وهى بمعنى السبب: أى بسبب شرب
الخمر وفعل الميسر، ويجور أن تتعلق في بالعداوة، أو بالبغضاء: أى أن تتعادوا، وأن
تتباغضوا بسبب الشرب، وهو على هذا مصدر بالالف واللام معمل، والهمزة في البغضاء
للتأنيث وليس مؤنث أفعل، إذ ليس مذكر البغضاء أبغض وهو مثل البأساء والضراء (فهل
أنتم منتهون) لفظه استفهام، ومعناه الامر: أى انتهوا، لكن الاستفهام عقيب ذكر هذه
المعايب أبلغ من الامر.
قوله تعالى (إذا مااتقوا) العامل في إذا معنى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات
جناح: أى لايأثمون إذا مااتقوا.
قوله تعالى (من الصيد) في موضع جر صفة لشئ، ومن لبيان الجنس،
[226]
وقيل للتبعيض إذ لايحرم إلا الصيد في حال الاحرام، وفى الحرم وفى البر والصيد في
الاصل مصدر، وهو هاهنا بمعنى المصيد، وسمى مصيدا وصيدا لمآله إلى ذلك وتوفر الدواعى
إلى صيده، فكأنه لما أعد للصيد صار كأنه مصيد (تناله) صفة لشئ، ويجوز أن يكون حالا
من شئ لانه قد وصف، وأن يكون حالا من الصيد (ليعلم) اللام متعلقة بليبلونكم
(بالغيب) يجوز أن يكون في موضع الحال من " من " أو من ضمير الفاعل في يخافه: أى
يخافه غائبا عن الخلق، ويجوز أن يكون بمعنى في: أى في الموضع الغائب عن الخلق،
والغيب مصدر في موضع فاعل.
قوله تعالى (وأنتم حرم) في موضع الحال من ضمير الفاعل في تقتلوا، و (متعمدا) حال من
الضمير الفاعل في قتله (فجزاء) مبتدأ والخبر محذوف، وقيل التقدير. فالواجب جزاء،
ويقرأ بالتنوين، فعلى هذا يكون (مثل) صفة له أو بدلا، ومثل هنا بمعنى مماثل،
ولايجوز على هذه القراءة أن يعلق من النعم بجزاء، لانه مصدر ومايتعلق به من صلته،
والفصل بين الصلة والموصول بالصفة أو البدل غير جائز، لان الموصول لم يتم فلا يوصف
ولايبدل منه، ويقرأ شاذا " جزاء " بالتنوين، ومثل بالنصب، وانتصابه بجزاء، ويجوز أن
ينتصب بفعل دل عليه جزاء: أى يخرج أو يؤدى مثل، وهذا أولى فإن الجزاء يتعدى بحرف
الجر، ويقرأ في المشهور بإضافة جزاء إلى المثل، وإعراب الجزاء على ماتقدم، ومثل في
هذه القراءة في حكم الزائدة، وهو كقولهم: مثلى لايقول ذلك: أى أنا لاأقول، وإنما
دعا إلى هذا التقدير أن الذى يجب به الجزاء المقتول لامثله، وأما (من النعم) ففيه
أوجه: أحدها أن تجعله حالا من الضمير في قتل لان المقتول يكون من النعم، والثانى أن
يكون صفة لجزاء إذا نونته: أى جزاء كائن من النعم، والثالث أن تعلقها بنفس الجزاء
إذا أضفته، لان المضاف إليه داخل في المضاف فلا يعد فصلا بين الصلة والموصول، وكذلك
إن نونت الجزاء ونصبت مثلا لانه عامل فيهما فهما من صلته، كما تقول: يعجبني ضربك
زيدا بالسوط (يحكم به) في موضع رفع صفة لجزاء إذا نونته، وأما على الاضافة فهو في
موضع الحال، والعامل فيه معنى الاستقرار المقدر في الخبر المحذوف (ذوا عدل) الالف
للتثنية، ويقرأ شاذا " ذو " على الافراد، والمراد به الجنس، كما تكون " من " محمولة
على المعنى، فتقديره: على هذا فريق ذو عدل أو حاكم ذو عدل، و (منكم) صفة لذوا،
ولايجوز أن يكون صفة العدل لان عدلا هنا مصدر غير وصف (هديا) حال من الهاء في به
وهو بمعنى
[227]
مهدى، وقيل هو مصدر، أى يهديه هديا، وقيل على التمييز، و (بالغ الكعبة) صفة لهدى،
والتنوين مقدر: أى بالغا الكعبة (أو كفارة) معطوف على جزاء: أى أو عليه كفارة إذا
لم يجد المثل، و (طعام) بدل من كفارة أو خبر مبتدإ محذوف أى هى طعام، ويقرأ
بالاضافة، والاضافة هنا لتبيين المضاف، و (صياما) تمييز (ليذوق) اللام متعلقة
بالاستقرار: أى عليه الجزاء ليذوق، ويجوز أن تتعلق بصيام وبطعام (فينتقم الله) جواب
الشرط، وحسن ذلك لما كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ.
قوله تعالى (وطعامه) الهاء ضمير البحر، وقيل ضمير الصيد، والتقدير: وإطعام الصيد
أنفسكم، والمعنى أنه أباح لهم صيد البحر وأكل صيده بخلاف صيده البر (متاعا) مفعول
من أجله، وقيل مصدر: أى متعتم بذلك تمتيعا (مادمتم) يقرأ بضم الدال وهو الاصل،
وبكسرها وهى لغة، يقال دمت تدام (حرما) جمع حرام ككتاب وكتب، وقرئ في الشاذ حرما
بفتح الحاء والراء: أى ذوى حرم، أى إحرام، وقيل جعلهم بمنزلة المكان الممنوع منه.
قوله تعالى (جعل الله) هى بمعنى صبر فيكون (قياما) مفعولا ثانيا، وقيل هى بمعنى خلق
فيكون قياما حالا، و (البيت) بدل من الكعبة. ويقرأ " قياما " بالالف: أى سببا لقيام
دينهم ومعاشهم، ويقرأ " قيما " بغير ألف، وهو محذوف من قيام كخيم في خيام (ذلك) في
موضع رفع خبر مبتدإ محذوف: أى الحكم الذى ذكرناه ذلك: أى لاغيره، ويجوز أن يكون
المحذوف هو الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى فعلنا ذلك أو شرعنا، واللام في
(لتعلموا) متعلقة بالمحذوف.
قوله تعالى (عن أشياء) الاصل فيها عند الخليل وسيبويه شيئاء بهمزتين بينهما ألف وهى
فعلاء من لفظ شئ، وهمزتها الثانية للتأنيث، وهى مفردة في اللفظ ومعناها الجمع، مثل
قصباء وطرفاء، ولاجل همزة التأنيث لم تنصرف، ثم إن الهمزة الاولى التى هى لام
الكلمة قدمت فجعلت قبل الشين كراهية الهمزتين بينهما ألف خصوصا بعد الياء فصار
وزنها لفعاء، وهذا قول صحيح لايرد عليه إشكال.
وقال الاخفش والفراء: أصل الكلمة شئ مثل هين على فعل، ثم خففت ياؤه كما خففت ياء
هين فقيل شئ كما قيل هين، ثم جمع على أفعلاء وكان الاصل أشياء.
كما قالوا هين وأهوناء ثم حذفت الهمزة الاولى فصار وزنها أفعاء فلامها محذوفة. ومثل
آخرون الاصل في شئ شيئ مثل صديق، ثم جمع على أفعلاء كأصدقاء وأنبياء، ثم حذفت
[228]
الهمزة الاولى، وقيل هو جمع شئ من غير تغيير كبيت وأبيات وهو غلط، لان مثل هذا
الجمع ينصرف، وعلى الاقوال الاول يمتنع صرفه لاجل همزة التأنيث، ولو كان أفعالا
لانصرف، ولم يسمع أشياء منصرفة البتة، وفى هذا المسألة كلام طويل فموضعه التصريف
(إن تبد لكم تسؤكم) الشرط وجوابه في موضع جر صفة لاشياء (عفا الله عنها) قيل هو
مستأنف، وقيل هو في موضع جر أيضا، والنية به التقديم: أى عن أشياء قد عفا الله لكم
عنها.
قوله تعالى (من قبلكم) هو متعلق بسألها، ولايجوز أن يكون صفة لقوم ولاحالا، لان ظرف
الزمان لايكون صفة للجثة ولاحالا منها ولاخبرا عنها.
قوله تعالى (ماجعل الله من بحيرة) " من " زائدة. وجعل هاهنا بمعنى سمى فعلى هذا
يكون بحيرة أحد المفعولين والآخر محذوف: أى ماسمى الله حيوانا بحيرة ويجوز أن تكون
جعل متعدية إلى مفعول واحد بمعنى ماشرع، ولاوضع، وبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة.
والسائبة فاعلة من ساب يسيب إذا جرى، وهو مطاوع سيبه فساب، وقيل هى فاعلة بمعنى
مفعولة: أى مسيبة.
والوصيلة بمعنى الواصلة، والحامى فاعل من حمى ظهره يحميه.
قوله تعالى (حسبنا) هو مبتدأ وهو مصدر بمعنى اسم الفاعل، و (ماوجدنا) هو الخبر " ما
" بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، والتقدير: كافينا الذى وجدناه ووجدنا هنا يجوز أن
تكون بمعنى علمنا، فيكون (عليه) المفعول الثانى، ويجوز أن تكون بمعنى صادفنا فتتعدى
إلى مفعول واحد بنفسها.
وفى عليه على هذا وجهان: أحدهما هى متعلقة بالفعل معدية له كما تتعدى ضربت زيدا
بالسوط.
والثانى أن تكون حالا من الآباء، وجواب (أو لو كان) محذوف، تقديره: أو لو كانوا
يتبعونهم.
قوله تعالى (عليكم أنفسكم) عليكم هو اسم للفعل هاهنا، وبه انتصب أنفسكم، والتقدير:
احفظوا أنفسكم، والكاف والميم في عليكم في موضع جر لان اسم الفعل هو الجار
والمجرور، وعلى وحدها لم تستعمل اسما للفعل، بخلاف رويدكم فإن الكاف والميم هناك
للخطاب فقط ولاموضع لهما لان رويدا قد استعملت اسما للامر للمواجه من غير كاف
الخطاب، وهكذا قوله: " مكانكم أنتم وشركاؤكم "، الكاف والميم في موضع جر أيضا،
ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (لايضركم) يقرأ بالتشديد والضم على أنه مستأنف،
وقيل حقه الجزم على جواب الامر ولكنه حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد، ويقرأ بفتح
الراء على أن حقه الجزم وحرك بالفتح
[229]
ويقرأ بتخفيف الراء وسكونها وكسر الضاد وهو من ضاره يضيره، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم
الضاد وهو من ضاره يضوره، وكل ذلك لغات فيه، و (إذا) ظرف ليضر، ويبعد أن يكون ظرفا
لضل لان المعنى لايصح معه.
قوله تعالى (شهادة بينكم) يقرأ برفع الشهادة وإضافتها إلى بينكم، والرفع على
الابتداء، والاضافة هنا إلى بين على أن تجعل بين مفعولا به على السعة، والخبر
اثنان، والتقدير: شهادة اثنين، وقيل التقدير: ذوا شهادة بينكم اثنان، فحذف المضاف
الاول، فعلى هذا يكون (إذا حضر) ظرفا للشهادة، وأما (حين الوصية) ففيه على هذا
ثلاثة أوجه: أحدها هو ظرف للموت.
والثانى ظرف لحضر، وجاز ذلك إذ كان المعنى حضر أسباب الموت.
والثالث أن يكون بدلا من إذا، وقيل شهادة بينكم مبتدأ وخبره إذا حضر، وحين على
الوجوه الثلاثة في الاعراب، وقيل خبر الشهادة حين، وإذا ظرف للشهادة، ولايجوز أن
يكون إذا خبرا للشهادة وحين ظرفا لها، إذ في ذلك الفصل بين المصدر وصلته بخبره،
ولايجوز أن تعمل الوصية في إذا لان المصدر لايعمل فيما قبله، ولاالمضاف إليه في
الاعراب يعمل فيما قبله.
وإذا جعلت الظرف خبرا عن الشهادة فاثنان خبر مبتدإ محذوف: أى الشاهدان اثنان، وقيل
الشهادة مبتدأ، وإذا وحين غير خبرين، بل هما على ماذكرنا من الظرفية، واثنان فاعل
شهادة، وأغنى الفاعل عن خبر المبتدإ، و (ذوا عدل) صفة لاثنين، وكذلك (منكم أو
آخران) معطوف على اثنان، و (من غيركم) صفة لآخران، و (إن أنتم ضربتم في الارض)
معترض بين آخران وبين صفته، وهو (تحبسونهما) أى أو آخران من غيركم محبوسان، و (من
بعد) متعلق بتحبسون، وأنتم مرفوع بأنه فاعل فعل محذوف لانه واقع بعد إن الشرطية فلا
يرتفع بالابتداء، والتقدير: إن ضربتم، فلما حذف الفعل وجب أن يفصل الضمير فيصير
أنتم ليقوم بنفسه، وضربتم تفسير للفعل المحذوف لاموضع له (فيقسمان) جملة معطوفة على
تحبسونهما، و (إن ارتبتم) معترض بين يقسمان وجوابه، وهو (لانشترى) وجواب الشرط
محذوف في الموضعين أغنى عنه معنى الكلام، والتقدير: إن ارتبتم فاحبسوهما أو
فحلفوهما، وإن ضربتم في الارض فأشهدوا اثنين، ولانشترى جواب يقسمان لانه يقوم مقام
اليمين، والهاء في (به) تعود إلى الله تعالى أو على القسم أو اليمين أو الحلف أو
على تحريف الشهادة أو على الشهادة لانها قول، و (ثمنا) مفعول نشترى، ولاحذف فيه لان
[230]
الثمن يشترى كما يشترى به، وقيل التقدير: ذا ثمن (ولو كان ذا قربى) اى ولو كان
المشهود له لم يشتر (ولانكتم) معطوف على لانشترى. وأضاف الشهادة إلى الله لانه أمر
بها فصارت له، ويقرأ شهادة بالتنوين، وألله بقطع الهمزة من غير مد وبكسر الهاء على
أنه جره بحرف القسم محذوفا، وقطع الهمزة تنبيها على ذلك، وقيل قطعها عوض من حرف
القسم، ويقرأ كذلك إلا أنه بوصل الهمزة والجر على القسم من غير تعويض ولاتنبيه،
ويقرأ كذلك إلا أنه بقطع الهمزة ومدها، والهمزة على هذا عوض من حرف القسم، ويقرأ
بتنوين الشهادة ووصل الهمزة ونصب إسم الله من غير مد على أنه منصوب بفعل القسم
محذوفا.
قوله تعالى (فإن عثر) مصدره العثور، ومعناه اطلع، فأما مصدر عثر في مشيه ومنطقه
ورأيه فالعثار، و (على أنهما) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل (فآخران) خبر مبتدإ
محذوف: أى فالشاهدان آخران، وقيل فاعل فعل محذوف: أى فليشهد آخران، وقيل هو مبتدأ
والخبر (يقومان) وجاز الابتداء هنا بالنكرة لحصول الفائدة، وقيل الخبر الاوليان،
وقيل المبتدأ الاوليان، وآخران خبر مقدم، ويقومان صفة آخران إذا لم تجعله خبرا، و
(مقامهما) مصدر، و (من الذين) صفة أخرى لآخران، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل
في يقومان (استحق) يقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل، والفاعل الاوليان، والمفعول
محذوف: أى وصيتهما، ويقرأ بضمها على مالم يسم فاعله، وفى الفاعل وجهان: أحدهما ضمير
الاثم لتقدم ذكره في قوله " استحقا إثما " أى استحق عليهم الاثم، والثانى الاوليان:
إى إثم الاولين، وفى (عليهم) ثلاثة أوجه: أحدها هى على بابها كقولك: وجب عليه
الاثم.
والثانى هى بمعنى في: أى استحق فيهم الوصية ونحوها.
والثالث هى بمعنى من: أى استحق منهم الاوليان، ومثله " اكتالوا على الناس يستوفون "
أى من الناس (الاوليان) يقرأ بالالف على تثنية أولى.
وفى رفعه خمسة أوجه: أحدها هو خبر مبتدإ محذوف: أى هما الاوليان، والثانى هو مبتدأ
وخبره آخران، وقد ذكر، والثالث هو فاعل استحق وقد ذكر أيضا، والرابع هو بدل من
الضمير في يقومان، والخامس أن يكون صفة لآخران لانه وإن كان نكرة فقد وصف والاوليان
لم يقصد بهما قصد اثنين بأعيانهما وهذا محكى عن الاخفش.
ويقرأ الاولين، وهو جمع أول، وهو صفة للذين استحق أو بدل من الضمير في عليهم، ويقرأ
الاولين وهو جمع أولى، وإعرابه كإعراب الاولين، ويقرأ الاولان تثنية الاول، وإعرابه
[231]
كإعراب الاوليان (فيقسمان) عطف على يقومان (لشهادتنا أحق) مبتدأ وخبر، وهو جواب
يقسمان.
قوله تعالى (ذلك أدنى أن يأتوا): أى من أن يأتوا أو إلى أن يأتوا، وقد ذكر نظائره،
و (على وجهها) في موضع الحال من الشهادة: أى محققة أو صحيحة (أو يخافوا) معطوف على
يأتوا، و (بعد أيمانهم) ظرف لترد أو صفة الايمان.
قوله تعالى (يوم يجمع الله) العامل في يوم يهدى: أى لايهديهم في ذلك اليوم إلى حجة
أو إلى طريق الجنة، وقيل هو مفعول به، والتقدير: واسمعوا خبر " يوم يجمع الله "
فحذف المضاف (ماذا) في موضع نصب ب (أجبتم) وحرف الجر محذوف: أى بماذا أجبتم، وما
وذا هنا بمنزلة اسم واحد، ويضعف أن يجعل ذا بمعنى الذى هاهنا لانه لاعائد هنا، وحذف
العائد مع حرف الجر ضعيف (إنك أنت علام الغيوب) و " إنك أنت العزيز الحكيم " مثل "
إنك أنت العليم الحكيم " وقد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (إذ قال الله) يجوز أن يكون بدلا من يوم، والتقدير: إذ يقول، ووقعت هنا
إذ هى للماضى على حكاية الحال، ويجوز أن يكون التقدير: اذكر إذ يقول (ياعيسى ابن)
يجوز أن يكون على الالف من عيسى فتحة، لانه قد وصف بابن وهو بين علمين، وأن يكون
عليها ضمة، وهى مثل قولك: يازيد بن عمرو بفتح الدال وضمها، فإذا قدرت الضم جاز أن
تجعل ابن مريم صفة وبيانا وبدلا (إذ أيدتك) العامل في إذ " نعمتى " ويجوز أن يكون
حالا من نعمتى، وأن يكون مفعولا به على السعة، وأيدتك وآيدتك قد قرئ بهما، وقد ذكر
في البقرة (تكلم الناس) في موضع الحال من الكاف في أيدتك، و (في المهد) ظرف لتكلم
أو حال من ضمير الفاعل في تكلم (وكهلا) حال منه أيضا، ويجوز أن يكون من الكاف في
أيدتك وهى حال مقدرة.
" وإذ علمتك " واذ تخلق، وإذ تخرج " معطوفات على إذ أيدتك (من الطين) يجوز أن يتعلق
بتخلق فتكون من لابتداء غاية الخلق وأن يكون حالا (من هيئة الطير) على قول من أجاز
تقديم حال المجرور عليه، والكاف مفعول تخلق، وقد تكلمنا على قوله " هيئة الطير " في
آل عمران (فتكون طيرا) يقرأ بياء ساكنة من غير ألف.
وفيه وجهان: أحدهما أنه مصدر في معنى الفاعل.
[232]
والثانى أن يكون أصله طيرا مثل سيد، ثم خفف إلا أن ذلك يقل فيما عينه ياء وهو جائز،
ويقرأ طائرا وهى صفة غالبة، وقيل هو اسم للجمع مثل الحامل والباقر، و (تبرئ) معطوف
على تخلق (إذ جئتهم) ظرف لكففت (سحر مبين) يقرأ بغير ألف على أنه مصدر، ويشار به
إلى ماجاء به من الآيات، ويقرأ ساحر بالالف والاشارة به إلى عيسى، وقيل هو فاعل في
معنى المصدر كما قالوا عائذا بالله منك: أى عوذا أو عياذا.
قوله تعالى (وإذ أو حيت) معطوف على " إذ أيدتك " (أن آمنوا) يجوز أن تكون أن مصدرية
فتكون في موضع نصب بأوحيت، وأن تكون بمعنى أى، وقد ذكرت نظائره.
قوله تعالى (إذ قال الحواريون) أى اذكر اذ قال، ويجوز أن يكون ظرفا لمسلمون (هل
يستطيع ربك) يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل، والمعنى: هل يقدر ربك أو يفعل، وقيل
التقدير: هل يطيع ربك، وهما بمعنى واحد مثل استجاب وأجاب وأستجب وأجب، ويقرأ
بالتاء، وربك نصب، والتقدير: هل يستطيع سؤال ربك فحذف المضاف، فأما قوله (أن ينزل)
فعلى القراءة الاولى هو مفعول يستطيع، والتقدير: على أن ينزل، أو في أن ينزل،
ويجوز أن لايحتاج إلى حرف جر على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق، وعلى القراءة الاخرى
يكون مفعولا لسؤال المحذوف.
قوله تعالى (أن قد صدقتنا) أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف وقد عوض منه وقيل أن
مصدرية وقد لاتمنع من ذلك (نكون) صفة لمائدة، و (لنا) يجوز أن يكون خبر كان، ويكون
(عيدا) حالا من الضمير في الظرف أو حالا من الضمير في كان على قول من ينصب عنها
الحال، ويجوز أن يكون عيدا الخبر، وفى لنا على هذا وجهان: أحدهما أن يكون حالا من
الضمير في تكون.
والثانى أن تكون حالا من عيد لانه صفة له قدمت عليه، فأما (لاولنا وآخرنا) فإذا
جعلت لنا خبرا أو حالا من فاعل تكون فهو صفة لعيد، وإن جعلت لنا صفة لعيد كان
لاولنا وآخرنا بدل من الضمير المجرور بإعادة الجار، ويقرأ لاولانا وأخرانا على
تأنيث الطائفة أو الفرقة. وأما من السماء فيجوز أن يكون صفة لمائدة، وأن يتعلق
بينزل (وآية) عطف على عيد، و (منك) صفة لها.
[233]
قوله تعالى (منكم) في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر (عذابا) اسم للمصدر الذى
هو التعذيب فيقع موقعه، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة،
وأما قوله (لاأعذبه) يجوز أن تكون الهاء للعذاب. وفيه على هذا وجهان: أحدهما أن
يكون حذف حرف الجر: أى لاأعذب به أحدا. والثانى أن يكون مفعولا به على السعة، ويجوز
أن يكون ضمير المصدر المؤكد كقولك ظننته زيدا منطلقا، ولاتكون هذه الهاء عائدة على
العذاب الاول.
فإن قلت: لاأعذبه صفة لعذاب، فعلى هذا التقدير لايعود من الصفة إلى الموصوف شئ.
قيل إن الثانى لما كان واقعا موقع المصدر والمصدر جنس وعذابا نكرة كان الاول داخلا
في الثانى، والثانى مشتملا على الاول، وهو مثل: زيد نعم الرجل، ويجوز أن تكون الهاء
ضمير من، وفى الكلام حذف: أى لاأعذب الكافر: أى مثل الكافر: أى مثل عذاب الكافر.
قوله تعالى (اتخذونى) هذه تتعدى إلى مفعولين لانهما بمعنى صيرونى، و (من دون الله)
في موضع صفة إلهين، ويجوز أن تكون متعلقة باتخذوا (أن أقول) في موضع رفع فاعل يكون،
ولى الخبر، و (ماليس) بمعنى الذى أو نكرة موصوفة وهو مفعول أقول، لان التقدير: أن
أدعى أو أذكر، واسم ليس مضمر فيها، وخبرها (لى) و (بحق) في موضع الحال من الضمير في
الجار، والعامل فيه الجار، ويجوز أن يكون بحق مفعولا به تقديره: ماليس يثبت لى بسبب
حق، فالباء تتعلق بالفعل المحذوف لابنفس الجار، لان المعانى لاتعمل في المفعول به،
ويجوز أن يجعل بحق خبر ليس، ولى تبيين كما في قولهم: سقيا له ورعيا، ويجوز أن يكون
بحق خبر ليس، ولى صفة بحق قدم عليه فصار حالا، وهذا يخرج على قول من أجاز تقديم حال
المجرور عليه (إن كنت قلته) كنت لفظها ماض، والمراد المستقبل، والتقدير: إن يصح
دعواى لى، وإنما دعا هذا لان إن الشرطية لامعنى لها إلا في المستقبل، فآل حاصل
المعنى إلى ماذكرناه.
قوله تعالى (ماقلت لهم إلا ماأمرتنى به) " ما " في موضع نصب بقلت أى ذكرت أو أديت
الذى أمرتنى به فيكون مفعولا به، ويجوز أن تكون " ما " نكرة موصوفة. وهو مفعول به
أيضا (أن اعبدوا الله) يجوز أن تكون أن مصدرية والامر صلة لها. وفى الموضع ثلاثة
أوجه: الجر على البدل من الهاء، والرفع على إضمار هو، والنصب على إضمار أعنى أو
بدلا من موضع به، ولايجوز أن تكون بمعنى أن المفسرة، لان القول قد صرح به، وأى
لاتكون مع التصريح بالقول (ربى) صفة لله أو بدل منه، و (عليهم) يتعلق ب (شهيدا).
[234]
(مادمت) " ما " هنا مصدرية، والزمان معها محذوف: أى مدة مادمت، ودمت هنا يجوز أن
تكون الناقصة، و (فيهم) خبرها، ويجور أن تكون التامة: أى ماأقمت فيهم، فيكون فيهم
ظرفا للفعل، و (الرقيب) خبر كان (وأنت) فصل أو توكيد للفاعل ويقرأ بالرفع على أن
يكون مبتدأ وخبرا في موضع نصب.
قوله تعالى (إن تعذبهم فإنهم عبادك) الفاء جواب الشرط، وهو محمول على المعنى: أى إن
تعذبهم تعدل وإن تغفر لهم تتفضل.
قوله تعالى (هذا يوم) هذا مبتدأ ويوم خبره، وهو معرب لانه مضاف إلى معرب فبقى على
حقه من الاعراب، ويقرأ " يوم " بالفتح وهو منصوب على الظرف. وهذا فيه وجهان: أحدهما
هو مفعول قال: أى قال الله هذا القول في يوم. والثانى أن هذا مبتدأ ويوم ظرف للخبر
المحذوف: أى هذا يقع أو يكون يوم ينفع.
وقال الكوفيون: يوم في موضع رفع خبر هذا، ولكنه بنى على الفتح لاضافته إلى الفعل،
وعندهم يجوز بناؤه، وإن أضيف إلى معرب، وذلك عندنا لايجوز إلا إذا أضيف إلى مبنى، و
(صدقهم) فاعل ينفع، وقد قرئ شاذا صدقهم بالنصب على أن يكون الفاعل ضمير اسم الله،
وصدقهم بالنصب على أربعة أوجه: أحدها أن يكون مفعولا له: أى لصدقهم.
والثانى أن يكون حذف حرف الجر: أى بصدقهم.
والثالث أن يكون مصدرا مؤكدا: أى الذين يصدقون صدقهم. كما تقول: تصدق الصدق.
والرابع أن يكون مفعولا به، والفاعل مضمر في الصادقين: أى يصدقون الصدق كقوله:
صدقته القتال، والمعنى: يحققون الصدق.
سورة المؤمنون
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (قد أفلح) من ألقى حركة الهمزة على الدال وحذفها فعلته أن الهمزة بعد
حذف حركتها صيرت ألفا ثم حذفت لسكونها وسكون الدال قبلها في الاصل، ولا يعتد بحركة
الدال لانها عارضة.
قوله تعالى (إلا على أزواجهم) في موضع نصب يحافظون على المعنى، لان المعنى صانوها
عن كل فرج إلا عن فروج أزواجهم، وقيل هو حال: أى حفظوها في كل حال إلا في هذه
الحال، ولايجوز أن يتعلق ب (ملومين) لامرين: أحدهما أن مابعد إن لايعمل فيما
قبلها.
والثانى أن المضاف إليه لايعمل فيما قبله، وإنما تعلقت على يحافظون على المعنى،
ويجوز أن تتعلق بفعل دل عليه ملومين: أى إلا على أزواجهم لا يلامون.
قوله تعالى (لاماناتهم) يقرأ بالجمع لانها كثيرة كقوله تعالى " أن تؤدوا الامانات
إلى أهلها " وعلى الافراد لانها جنس فهى في الافراد كعهدهم، ومثله (صلواتهم) في
الافراد والجمع.
قوله تعالى (هم فيها خالدون) الجملة حال مقدرة، إما من الفاعل أو المفعول.
قوله تعالى (من سلالة) يتعلق بخلقنا، و (من طين) بمحذوف لانه صفة لسلالة، ويجوز أن
يتعلق بمعنى سلالة لانها بمعنى مسلولة.
[148]
قوله تعالى (خلقنا النطفة علقة) خلقنا بمعنى صيرنا، فلذلك نصب مفعولين (العظام)
بالجمع على الاصل، وبالافراد لانه جنس (أحسن الخالقين) بدل أو خبر مبتدأ محذوف،
وليس بصفة لانه نكرة وإن أضيف، لان المضاف إليه عوض عن " من " وهكذا جميع باب أفعل
منك.
قوله تعالى (بعد ذلك) العامل فيه (ميتون) واللام هاهنا لا تمنع العمل.
قوله تعالى (به) متعلق بذهاب، وعلى متعلقة ب (قادرون).
قوله تعالى (وشجرة) أى وأنشأنا شجرة، فهو معطوف على جنات (سيناء) يقرأ بكسر السين،
والهمزة على هذا أصل مثل حملاق وليست للتأنيث، إذ ليس في الكلام مثل سيناء، ولم
ينصرف لانه اسم بقعة ففيه التعريف والتأنيث، ويجوز أن تكون فيه العجمة أيضا، ويقرأ
بفتح السين والهمزة على هذا للتأنيث، إذ ليس في الكلام فعلال بالفتح، وماحكى الفراء
من قولهم ناقة فيها جز عال لايثبت، وإن ثبت فهو شاذ لا يحمل عليه.
قوله تعالى (تنبت) يقرأ بضم التاء وكسر الباء. وفيه وجهان: أحدهما هو متعد والمفعول
محذوف تقديره: تنبت ثمرها أو جناها، والباء على هذا حال من المحذوف أى وفيه الدهن
كقولك خرج زيد بثيابه، وقيل الباء زائدة فلا حذف إذا، بل المفعول الدهن.
والوجه الثانى هو لازم يقال: نبت البقل وأنبت بمعنى، فعلى هذا الباء حال، وقيل هى
مفعول: أى تنبت بسبب الدهن، ويقرأ بضم التاء وفتح الباء وهو معلوم، ويقرأ بفتح
التاء وضم الباء وهو كالوجه الثانى المذكور (وصبغ) معطوف على الدهن، وقرئ في الشاذ
بالنصب عطفا على موضع بالدهن.
قوله تعالى (نسقيكم) يقرأ بالنون، وقد ذكر في النحل، وبالتاء وفيه ضمير الانعام وهو
مستأنف.
قوله تعالى (بأعيننا) في موضع الحال: أى محفوظة، و (من كل زوجين اثنين) قد ذكر في
هود.
قوله تعالى (منزلا) يقرأ بفتح الميم وكسر الزاى وهو مكان: أو مصدر نزل وهو مطاوع
أنزلته، ويقرأ بضم الميم وفتح الزاى، وهو مصدر بمعنى الانزال، ويجوز أن يكون مكانا
كقولك أنزل المكان فهو منزل (وإن كنا) أى وإنا كنا فهى مخففة من الثقيلة، وقد ذكرت
في غير موضع.
[149]
قوله تعالى (أيعدكم أنكم إذا متم) في إعراب هذه الآية أوجه: أحدها أن اسم " أن "
الاولى محذوف أقيم مقام المضاف إليه تقديره: أن إخراجكم، وإذا هو الخبر، و (أنكم
مخرجون) تكرير، لان " أن " وماعملت فيه للتوكيد، أو للدلالة على المحذوف.
والثانى أن اسم " أن " الكاف والميم، وذا شرط، وجوابها محذوف تقديره: إنكم إذا متم
يحدث أنكم مخرجون، فإنكم الثانية وماعملت فيه فاعل جواب إذا، والجملة كلها خبر أن
الاولى.
والثالث أن خبر الاولى مخرجون، وأن الثانية مكررة وحدها توكيد، وأجاز ذلك لما طال
الكلام كما جاز ذلك في المكسورة في قوله تعالى " ثم إن ربك للذين هاجروا - و - إن
ربك للذين عملوا السوء " وقد ذكر في النحل.
والرابع أن خبر " أن " الاولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه، ولايجوز أن يكون إذا
خبر الاولى، لانها ظرف زمان، واسمها جثة، وأما العامل في إذا فمحذوف، فعلى الوجه
الاول يكون المقدر من الاستقرار، وعلى الوجه الثانى يعمل فيها جوابها المحذوف، وعلى
الثالث والرابع يعمل فيها مادل عليه خبر الثانية، ولايعمل فيها متم لاضافتها إليه.
قوله تعالى (هيهات) هو اسم للفعل، وهو خبر واقع موقع بعد.
وفى فاعله وجهان: أحدهما هو مضمر تقديره: بعد التصديق لما توعدون، أو الصحة أو
الوقوع ونحو ذلك.
والثانى فاعله " ما " واللام زائدة: أى بعد ماتوعدون من البعث.
وقال قوم: هيهات بمعنى البعد فموضعه مبتدأ، ولما توعدون الخبر وهو ضعيف وهيهات على
الوجه الاول لاموضع لها، وفيها عدة قراءات الفتح بلا تنوين على أنه مفرد،
وبالتنوين على إرادة التكثير، وبالكسر بلا تنوين وبتنوين على أنه جمع تأنيث والضم
بالوجهين شبه بقبل وبعد ويقرأ هيهاه بالهاء وقفا ووصلا، ويقرأ أيهاه بإبدال الهمزة
من الهاء الاولى.
قوله تعالى (عما قليل) " ما " زائدة، وقيل هى بمعنى شئ أو زمن، وقيل بدل منها، وفى
الكلام قسم محذوف جوابه (ليصبحن) وعن يتعلق بيصبحن، ولم تمنع اللام ذلك كما منعتها
لام الابتداء، وأجازوا زيد لاضربن، لان اللام للتوكيد فهى مثل قد، ومثل لام التوكيد
في خبر إن كقوله " بلقاء ربهم لكافرون " وقيل اللام هنا تمنع من التقديم إلا في
الظروف فأنه يتوسع فيها.
قوله تعالى (تترى) التاء بدل من الواو لانه من المواترة وهى المتابعة، وذلك من
قولهم جاءوا على وتيرة واحدة: أى طريقة واحدة، وهو نصب على الحال:
[150]
أى متتابعين، وحقيقته أنه مصدر في موضع الحال، وقيل هو صفة لمصدر محذوف أى إرسالا
متواترا.
وفى ألفها ثلاثة أوجه: أحدها هى للالحاق بجعفر كالالف في أرطى ولذلك تؤنث في قول من
صرفها.
والثانى هى بدل من التنوين.
والثالث هى للتأنيث مثل سكرى، ولذلك لاتنون على قول من منع الصرف.
قوله تعالى (هارون) هو بدل من أخاه.
قوله تعالى (مثلنا) إنما لم يثن لان مثلا في حكم المصدر، وقد جاءت تثنيته وجمعه في
قوله " يرونهم مثليهم " وفى قوله تعالى " ثم إلا يكونوا أمثالكم " وقيل إنما وحد
لان المراد المماثلة في البشرية وليس المراد الكمية، وقيل اكتفى بالواحد عن
الاثنين.
قوله تعالى (وأمه آية) قد ذكر في الانبياء.
قوله تعالى (ومعين) فيه وجهان: أحدهما هو فعيل من المعن وهو الشئ القليل ومنه
الماعون، وقيل الماعون الماء فالميم أصل. والثانى الميم زائدة، وهو من عنته إذا
أبصرته بعينك وأصله معيون.
قوله تعالى (وإن هذه) يقرأ بفتح الهمزة. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره: ولان،
واللام المقدرة تتعلق بفاتقون: أى فاتقون، لان هذه وموضع إن نصب أو جر على ماحكينا
من الاختلاف في غير موضع.
والثانى أنه معطوف على ماقبله تقديره: إنى بما تعملون عليم وبإن هذه.
والثالث أن في الكلام حذفا: أى واعلموا أن هذه ويقرأ بتخفيف النون وهى مخففة من
الثقيلة، ويقرأ بالكسر على الاستئناف، و (أمتكم أمة واحدة) قد ذكر في الانبياء،
وكذلك (فتقطعوا أمرهم بينهم) و (زبرا) بضمتين جمع زبور مثل رسول ورسل، ويقرأ
بالتسكين على هذا المعنى، ويقرأ بفتح الباء، وهو جمع زبرة وهى القطعة أو الفرقة،
والنصب على موجه الاول على الحال من أمرهم: أى مثل كتب، وقيل من ضمير الفاعل، وقيل
هو مفعول ثان لتقطعوا، وعلى الوجه الثانى هو حال من الفاعل.
قوله تعالى (إن ما) بمعنى الذى، وخبر إن (نسارع لهم) والعائد محذوف أى نسارع لهم به
أو فيه، ولايجوز أن يكون الخبر من مال لانه كان من مال فلا يعاب عليهم ذلك، وإنما
يعاب عليهم اعتقادهم أن تلك الاموال خير لهم، ويقرأ نسارع بالياء والنون، وعلى ترك
تسمية الفاعل ونسرع بغير ألف.
[151]
قوله تعالى (ماآتوا) " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى يعطون مايعطون ويقرأ
أتوا بالقصر: أى ماجاءوه (أنهم) أى وجلة من رجوعهم إلى ربهم، فحذف حرف الجر.
قوله تعالى (وهم لها) أى لاجلها، وقيل التقدير: وهم يسابقونها: أى يبادرونها فهى في
موضع المفعول، ومثله و (هم لها عاملون) أى لاجلها وإياها يعملون.
قوله تعالى (إذا) هى للمفاجأة: وقد ذكر حكمها.
قوله تعالى (على أعقابكم) هو حال من الفاعل في (تنكصون) وقوله تعالى (مستكبرين) حال
أخرى، والهاء في (به) للقرآن العظيم، وقيل للنبى عليه الصلاة والسلام، وقيل لامر
الله تعالى، وقيل للبيت، فعلى هذا القول تكون متعلقة ب (سامرا) أى تسمرون حول
البيت، وقيل بالقرآن، وسامرا حال أيضا، وهو مصدر كقولهم قم قائما، وقد جاء من
المصادر لفظ اسم الفاعل نحو العاقبة والعافية، وقيل هو واحد في موضع الجمع، وقرئ
سمرا جمع سامر مثل شاهد وشهد، و (تهجرون) في موضع الحال من الضمير في سامرا، ويقرأ
بفتح التاء، من قولك هجر يهجر، إذا هذى. وقيل يهجرون القرآن، ويقرأ بضم التاء وكسر
الجيم من أهجر إذا جاء بالهجر وهو الفحش، ويقرأ بالتشديد وهو في معنى المخفف.
قوله تعالى (خرجا) يقرأ بغير ألف في الاول، وبألف في الثانى، ويقرأ بغير ألف فيهما،
وبألف فيهما وهما بمعنى، وقيل الخرج الاجرة، والخراج مايضرب على الارض والرقاب.
قوله تعالى (عن الصراط) يتعلق ب (ناكبون) ولاتمنع اللام من ذلك.
قوله تعالى (فما استكانوا) قد ذكر في آل عمران بما فيه من الاختلاف.
قوله تعالى (قليلا ما تشكرون) قد ذكر في أول الاعراف.
قوله تعالى (سيقولون لله) الموضع الاول باللام في قراءة الجمهور، وهو جواب مافيه
اللام، وهو قوله تعالى " لمن الارض " وهو مطابق للفظ والمعنى، وقرئ بغير لام حملا
على المعنى، لان معنى " لمن الارض " من رب الارض، فيكون الجواب الله أى هو الله،
وأما الموضعان الآخران فيقرآن بغير لام على اللفظ وهو جواب قوله تعالى " من رب
السموات - من بيده ملكوت " باللام على المعنى، لان المعنى في قوله " من رب السموات
" لمن السموات.
[152]
قوله تعالى (عالم الغيب) يقرأ بالجر على الصفة أو البدل من اسم الله تعالى قبله،
وبالرفع: أى هو عالم.
قوله تعالى (فلا تجعلنى) الفاء جواب الشرط وهو قوله تعالى " إما ترينى " والنداء
معترض بينهما، و (على) تتعلق ب (قادرون).
قوله تعالى (ارجعون) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه جمع على التعظيم كما قال تعالى "
إنا نحن نزلنا الذكر " وكقوله تعالى " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا
".
والثانى أنه أراد ياملائكة ربى ارجعون.
والثالث أنه دل بلفظ الجمع على تكرير القول فكأنه قال ارجعنى ارجعنى.
قوله تعالى (يومئذ) العامل في ظرف الزمان العامل في بينهم وهو المحذوف، ولايجوز أن
يعمل فيه أنساب لان اسم " لا " إذا بنى لم يعمل.
قوله تعالى (شقوتنا) يقرأ بالكسر من غير ألف، وبالفتح مع الالف وهما بمعنى واحد.
قوله تعالى (سخريا) هو مفعول ثان والكسر والضم لغتان، وقيل الكسر بمعنى الهزل والضم
بمعنى الاذلال من التسخير، وقيل بعكس ذلك.
قوله تعالى (إنهم) يقرأ بالفتح على أن الجملة في موضع مفعول ثان، لان جزى يتعدى إلى
اثنين كما قال تعالى " وجزاهم بما صبروا جنة ". وفيه وجه آخر، وهو أن يكون على
تقدير لانهم أو بأنهم: أى جزاهم بالفوز على صبرهم، ويقرأ بالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (قال كم لبثتم) يقرأ على لفظ الماضى: أى قال السائل لهم، وعلى لفظ
الامر: أى يقول الله للسائل قل لهم، وكم ظرف للبثتم أى كم سنة أو نحوها و (عدد) بدل
من كم: ويقرأ شاذا عدد بالتنوين، و (سنين) بدل منه، و (العادين) بالتشديد من العدد،
وبالتخفيف على معنى العادين: أى المتقدمين كقولك: هذه بئر عادية: أى سل من تقدمنا،
وحذف إحدى ياءى النسب كما قالوا الاشعرون، وحذفت الاخرى لالتقاء الساكنين، (إلا
قليلا) أى زمنا قليلا أو لبثا قليلا، وجواب " لو " محذوف: أى لو كنتم تعلمون مقدار
لبثكم من الطول لما أجبتم بهذه المدة، و (عبثا) مصدر في موضع الحال أو مفعول لاجله،
و (رب العرش الكريم) مثل قوله تعالى في البقرة " لاإله إلا هو الرحمن الرحيم " وقد
ذكر.
[153]
قوله تعالى (لابرهان له به) صفة لاله، والجواب (فإنما حسابه) وقوله (إنه لايفلح)
بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير بأنه: أى يجازى بعدم الفلاح، والله أعلم.
سورة النور
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (سورة) بالرفع على تقدير: هذه سورة، أو مما يتلى عليك سورة، ولا يكون
سورة مبتدأ، لانها نكرة وقرئ بالنصب على تقدير: أنزلنا سورة، ولا موضع ب
(أنزلناها) على هذا لانه مفسر لما لا موضع له فلا موضع له، ويجوز النصب على تقدير:
اذكر سورة فيكون موضع أنزلناها نصبا، وموضعها على الرفع رفع (وفرضناها) بالتشديد
بأنه تكثير مافيها من الفرائض، أو على تأكيد إيجاب العمل بما فيها وبالتخفيف على
معنى فرضنا العمل بما فيها.
قوله تعالى (الزانية والزانى) في رفعه وجهان: أحدهما هو مبتدأ والخبر محذوف تقديره:
وفيما يتلى عليك الزانية والزانى، فعلى هذا (فاجلدوا) مستأنف.
والثانى الخبر فاجلدوا، وقد قرئ بالنصب بفعل دل عليه فاجلدوا، وقد استوفينا ذلك في
قوله تعالى " واللذان يأتيانها منكم ". ومائة وثمانين ينتصبان انتصاب المصادر
(ولاتأخذكم بهما) لايجوز أن تتعلق الباء ب (رأفة) لان المصدر لايتقدم عليه معموله،
وإنما يتعلق بتأخذ: أى ولاتأخذكم بسببهما، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على البيان: أى
أعنى بهما، أى لاترأفوا بهما، ويفسره المصدر والرأفة فيها أربعة أوجه: إسكان
الهمزة، وفتحها، وإبدالها ألفا، وزيادة ألف بعدها، وكل ذلك لغات قد قرئ به، و (في)
يتعلق بتأخذكم.
قوله تعالى (والذين يرمون المحصنات) في موضعه وجهان: أحدهما الرفع والآخر النصب على
ماذكر في قوله تعالى " الزانية والزانى " (فاجلدوهم) أى فاجلدوا كل واحد منهم فحذف
المضاف (وأولئك هم الفاسقون) جملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (إلا الذين تابوا) هو استثناء من الجمل التى قبلها عند جماعة، ومن
الجملة التى تليها عند آخرين، وموضع المستثنى نصب على أصل الباب، وقيل
[154]
موضعه جر على البدل من الضمير في لهم، وقيل موضعه رفع بالابتداء، والخبر (فإن الله)
وفى الخبر ضمير محذوف: أى غفور لهم.
قوله تعالى (إلا أنفسهم) هو نعت لشهداء أوبدل منه، ولو قرئ بالنصب لجار على أن يكون
خبر كان أو على الاستثناء، وإنما كان الرفع أقوى لان " إلا " هنا صفة للنكرة كما
ذكرنا في سورة الانبياء في قوله تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا "
(فشهادة أحدهم) المصدر مضاف إلى الفاعل. وفى رفعه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ
محذوف: أى فالواجب شهادة أحدهم.
والثانى هو مبتدأ والخبر محذوف: أى فعليهم شهادة أحدهم، و (أربع) بالنصب على
المصدر: أى أن يشهد أحدهم أربع، و (بالله) يتعلق بشهادات عند البصريين لانه أقرب،
وبشهادة عند الكوفيون لانه أول العاملين، و (إنه) وماعملت فيه معمول شهادات أو
شهادة على ماذكرنا: أى يشهد على أنه صادق، ولكن العامل علق من أجل اللام في الخبر
ولذلك كسرت إن، وموضعه إما نصب أو جر على اختلاف المذهبين في أن إذا حذف منه الجار،
ويقرأ " أربع " بالرفع على أنه خبر المبتدأ، وعلى هذا لايبقى للمبتدأ عمل فيما بعد
الخبر لئلا يفصل بين الصلة والموصول، فيتعين أن تعمل شهادات فيما بعدها.
قوله تعالى (والخامسة) أى والشهادة الخامسة، وهو مبتدأ، والخبر (أن لعنة الله)
ويقرأ بتخفيف " أن " وهى المخففة من الثقيلة واسمها محذوف، و (من الكاذبين) خبر
أن(1) على قراءة التشديد، وخبر لعنة على قراءة التخفيف، ويقرأ " والخامسة "
بالنصب على تقدير: ويشهد الخامسة، ويكون التقدير: بأن لعنة الله، ويجوز أن يكون
بدلا من الخامسة.
قوله تعالى (وأن تشهد) هو فاعل يدرأ، و (بالله) يتعلق بشهادات، أو بأن تشهد كما
ذكرنا في الاولى.
قوله تعالى (والخامسة أن غضب الله عليها) هو مثل الخامسة الاولى، ويقرأ " أن "
بالتشديد، و " أن " بالتخفيف، وغضب بالرفع، ويقرأ غضب على أنه فعل.
قوله تعالى (ولولا فضل الله) جواب " لولا " محذوف تقديره: لهلكتم ولخرجتم، ومثله
رأس العشرين من هذه السورة.
___________________________________
(1) قوله ومن الكاذبين خبر أن الخ) كذا بالنسخ وهو سبق قلم والصواب أن يقول وعليه
خبر أن الخ كما هو واضح اه مصححه. (*)
[155]
قوله تعالى (عصبة منكم) هى خبر " أن " ومنكم نعت لها، وبه أفاد الخبر.
قوله تعالى (لاتحسبوه) مستأنف، والهاء ضمير الافك أو القذف، و (كبره) بالكسر بمعنى
معظمه، وبالضم من قولهم: الولاء للكبر، وهو أكبر ولد الرجل: أى تولى أكبره.
قوله تعالى (إذ تلقونه) العامل في إذا مسكم أو أفضتم، ويقرأ تلقونه بضم التاء من
ألقيت الشئ إذا طرحته، وتلقونه بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف وتخفيفها، أى
تسرعون فيه، وأصله من الولق، وهو الجنون، ويقرأ تقفونه بفتح التاء والقاف وفاء
مشددة مفتوحة بعدها وأصله تتقفون: أى تتبعون.
قوله تعالى (أن تعودوا) أى كراهة أن تعودوا فهو مفعول له، وقيل حذف حرف الجر حملا
على معنى يعظكم: أى يزجركم عن العود.
قوله تعالى (فإنه يأمر) الهاء ضمير الشيطان أو ضمير من، و (زكا) يمال حملا على تصرف
الفعل، ومن لم يمل قال الالف من الواو.
قوله تعالى (ولايأتل) هو يفتعل من أليت: أى حلفت، ويقرأ يتأل على يتفعل وهو من
الالية أيضا.
قوله تعالى (يوم تشهد) العامل في الظرف معنى الاستقرار في قوله تعالى " لهم عذاب "
ولايعمل عذاب لانه قد وصف، وقيل التقدير: اذكر وتشهد بالياء والتاء وهو ظاهر.
قوله تعالى (يومئذ) العامل فيه (يوفيهم) و (الحق) بالنصب صفة للدين. وبالرفع على
الصفة لله، ولم يحتفل بالفصل، وقد ذكر نظيره في الكهف.
قوله تعالى (لهم مغفرة) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا بعد خبر.
قوله تعالى (أن تدخلوا) أى في أن تدخلوا وقد ذكر.
قوله تعالى (من أبصارهم) " من " هاهنا بمعنى التبعيض: أى لايلزمه غض البصر بالكلية،
وقيل هى زائدة، وقيل هى لبيان الجنس، والله أعلم.
قوله تعالى (غير أولى الاربة) بالجر على الصفة أو البدل، وبالنصب على الحال أو
الاستثناء، وقد ذكر في الفاتحة، و (من الرجال) نصب على الحال وإفراد (الطفل) قد ذكر
في الحج.
[156]
قوله تعالى (من زينتهن) حال (أيها) الجمهور على فتح الهاء في الوصل لان بعدها ألفا
في التقدير: وقرئ بضم الهاء إتباعا للضمة قبلها في اللفظ وهو بعيد.
قوله تعالى (والذين يبتغون) رفع أو نصب كما ذكر في " الذين يرمون المحصنات ".
قوله تعالى (من بعد إكراههن غفور) أى غفور: أى لهن.
قوله تعالى (الله نور السموات) تقديره: صاحب نور السموات، وقيل المصدر بمعنى
الفاعل، أى منور السموات (فيها مصباح) صفة لمشكاة.
قوله تعالى (درى) يقرأ بالضم والتشديد من غير همز: وهو منسوب إلى الدر شبه به
لصفائه وإضاءته، ويجوز أن يكون أصله الهمز ولكن خففت الهمزة وأدغمت وهو فعيل من
الدرء، وهو دفع الظلمة بضوئه، ويقرأ بالكسر على معنى الوجه الثانى ويكون على فعيل
كسكيت وصديق، ويقرأ بالفتح على فعيل وهو بعيد (توقد) بالتاء والفتح على أنه ماض،
وتوقد على أنه مضارع، والتاء لتأنيث الزجاجة، والياء على معنى الصباح، و (زيتونة)
بدل من شجرة، و (لا شرقية) نعت (يكاد زيتها) الجملة نعت الزيتونة (نور على نور) أى
ذلك نور.
قوله تعالى (في بيوت) فيما يتعلق به في أوجه: أحدها أنها صفة لزجاجة في قوله "
المصباح في زجاجة " في بيوت.
والثانى هى متعلقة بتوقد: أى توجد في المساجد.
والثالث هى متعلقة بيسبح، وفيها التى بعد يسبح مكررة مثل قوله " وأما الذين سعدوا
ففى الجنة خالدين فيها " ولا يجوز أن يتعلق بيذكر لانه معطوف على ترفع، وهو في صلة
" أن " فلا تعمل فيما قبله، ويسبح بكسر الباء، والفاعل (رجال) وبالفتح على أن يكون
القائم مقام الفاعل له أو فيها، ورجال مرفوع بفعل محذوف كأنه قيل: من يسبحه؟ فقال
رجال: أى يسبحه رجال: وقيل هو خبر مبتدأ محذوف: أى المسبح رجال، وقيل التقدير: فيها
رجال (وإقام الصلاة) قد ذكر في الانبياء أى وعن إقام الصلاة (يخافون) حال من الضمير
في تلهيهم، ويجوز أن تكون صفة أخرى لرجال.
قوله تعالى (ليجزيهم) يجوز أن تتعلق اللام بيسبح، وبلا تلهيهم، وبيخافون ويجوز أن
تكون لام الصيرورة كالتى في قوله " ليكون له عدوا وحزنا " وموضعها حال، والتقدير:
يخافون ملهين ليجزيهم.
[157]
قوله تعالى (بقيعة) في موضع جر صفة لسراب: ويجوز أن يكون ظرفا، والعامل فيه مايتعلق
به الكاف التى هى الخبر، والياء في قيعة بدل من واو لسكونها وانكسار ماقبلها، لانهم
قالوا في قاع أقواع، ويقرأ قيعال وهو جمع قيعة، ويجوز أن تكون الالف زائدة كألف
سعلاة فيكون مفردا، و (يحسبه) صفة لسراب أيضا، (شيئا) في موضع المصدر: أى لم يجده
وجدانا، وقيل شيئا هنا بمعنى ماء علا ما ظن (ووجد الله) أى قدر الله أو إماتة
الله(1).
قوله تعالى (أو كظلمات) هو معطوف على كسراب، وفى التقدير وجهان: أحدهما تقديره أو
كأعمال ذى ظلمات، فيقدر ذى ليعود الضمير من قوله إذا أخرج يده إليه، وتقدر أعمال
ليصح تشبيه أعمال الكفار بأعمال صاحب الظلمة، إذ لامعنى لتشبيه العمل بصاحب
الظلمات.
والثانى لا حذف فيه، والمعنى أنه شبه أعمال الكفار بالظلمة في حيلولتها بين القلب
وبين مايهتدى إليه، فأما الضمير في قوله " إذا أخرج يده "، فيعود إلى مذكور حذف
اعتمادا على المعنى تقديره: إذا أخرج من فيها يده (في بحر) صفة لظلمات، و (لجى)
نسبة إلى اللج، وهو في معنى ذى لجة، و (يغشاه) صفة أخرى، و (من فوقه) صفة لموج.
وموج الثانى مرفوع بالظرف لانه قد اعتمد: ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره، و (من
فوقه سحاب) نعت لموج الثانى، و (ظلمات) بالرفع خبر مبتدأ محذوف: أى هذه ظلمات ويقرأ
سحاب ظلمات بالاضافة والجر على جعل الموج المتراكم بمنزلة السحاب ويقرأ سحاب بالرفع
والتنوين، وظلمات بالجر على أنها بدل من ظلمات الاولى.
قوله تعالى (لم يكد يراها) اختلف الناس في تأويل هذا الكلام، ومنشأ الاختلاف فيه أن
موضوع كاد إذا نفيت وقوع الفعل، وأكثر المفسرين على أن المعنى أنه لا يرى يده، فعلى
هذا في التقدير ثلاثة أوجه: أحدها أن التقدير: لم يرها ولم يكد، ذكره جماعة من
النحويين، وهذا خطأ لان قوله لم يرها جزم بنفى الرؤية، وقوله تعالى " لم يكد " إذا
أخرجها عن مقتضى الباب كان التقدير: ولم يكد يراها كما هو مصرح به في الآية، فإن
أراد هذا القائل لم يكد يراها وأنه رآها بعد جهد، تناقض لانه نفى الرؤية ثم أثبتها،
وإن كان معنى لم يكد يراها لم يرها البتة على خلاف الاكثر في هذا الباب فينبغى أن
يحمل عليه من غير أن يقدر لم يرها.
والوجه الثانى أن " كاد " زائدة وهو بعيد.
والثالث أنه كان أخرجت هاهنا على معنى قارب، والمعنى لم يقارب رؤيتها، وإذا لم
يقاربها باعدها، وعليه جاء قول ذى الرمة:
___________________________________
(1) (قوله أو إماتة الله) كذا بالنسخ التى بأيدينا ولعل المناسب أو جزاء الله كما
في التفاسير اه. (*)
[158]
إذا غير النأى المحبين لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح أى لم يقارب البراح، ومن
هاهنا حكى عن ذى الرمة أنه روجع في هذا البيت فقال: لم أجد بدلا من لم يكد، والمعنى
الثانى جهد أنه رآها بعد، والتشبيه على هذا صحيح لانه مع شدة الظلمة إذا أحد نظره
إلى يده وقربها من عينه رآها.
قوله تعالى (والطير) هو معطوف على من، و (صافات) حال من الطير (كل قد علم صلاته)
ضمير الفاعل في علم اسم الله عند قوم، وعند آخرين هو ضمير كل وهو الاقوى، لان
القراءة برفع كل على الابتداء، فيرجع ضمير الفاعل إليه، ولو كان فيه ضمير اسم الله
لكان الاولى نصب كل، لان الفعل الذى بعدها قد نصب ماهو من سببها، فيصير كقولك: زيدا
ضرب عمرو غلامه، فتنصب زيدا بفعل دل عليه مابعده، وهو أقوى من الرفع، والآخر جائز.
قوله تعالى (يؤلف بينه) إنما جاز دخول بين على المفرد، لان المعنى بين كل قطعة
وقطعة سحابة، والسحاب جنس لها (وينزل من السماء) من هاهنا لابتداء الغاية فأما (من
جبال) ففى " من " وجهان: أحدهما هى زائدة، هذا على رأى الاخفش. والثانى ليست زائدة.
ثم فيها وجهان: أحدهما هى بدل من الاولى على إعادة الجار، والتقدير: وينزل من جبال
السماء: أى من جبال في السماء، فعلى هذا يكون " من " في (من برد) زائدة عند قوم،
وغير زائدة عند آخرين.
والوجه الثانى أن التقدير: شيئا من جبال، فحذف الموصوف واكتفى بالصفة، وهذا الوجه
هو الصحيح، لان قوله تعالى " فيها من برد " يحوجك إلى مفعول يعود الضمير إليه فيكون
تقديره وينزل من جبال السماء جبالا فيها برد، وفي ذلك زيادة حذف وتقدير مستغنى عنه،
وأما من الثانية ففيها وجهان: أحدهما هى زائدة. والثانى للتبعيض.
قوله تعالى (من يمشى على بطنه - و - من يمشى على أربع) " من " فيهما لما لا يعقل،
لانها صحبت من لمن يعقل، فكان الاحسن اتفاق لفظها، وقيل لما وصف هذين بالمشى
والاختيار حمله على من يعقل.
قوله تعالى (إذا فريق) هى للمفاجأة، وقد تقدم ذكرها في مواضع.
قوله تعالى (قول المؤمنين) يقرأ بالنصب والرفع، وقد ذكر نظيره في مواضع.
قوله تعالى (ويتقه) قد ذكر في قوله تعالى " يؤده إليك ".
قوله تعالى (طاعة) مبتدأ، والخبر محذوف: أى أمثل من غيرها، ويجوز أن
[159]
يكون خبرا والمبتدأ محذوف: أى أمرنا طاعة، ولو قرئ بالنصب لكان جائزا في العربية،
وذلك على المصدر: أى أطيعوا طاعة وقولوا قولا، أو اتخذوا طاعة وقولا، وقد دل عليه
قوله تعالى بعدها (قل أطيعوا الله).
قوله تعالى (كما استخلف) نعت لمصدر محذوف: أى استخلافا كما استخلف.
قوله تعالى (يعبدوننى) في موضع الحال من ضمير الفاعل في ليستخلفنهم، أو من الضمير
في ليبدلنهم (لا يشركون) يجوز أن يكون حالا بدلا من الحال الاولى وأن يكون حالا من
الفاعل في يعبدوننى: أى يعبدوننى موحدين.
قوله تعالى (لايحسبن الذين) يقرأ بالياء والتاء، وقد ذكر مثل ذلك في الانفال.
قوله تعالى (ثلاث مرات) مرة في الاصل مصدر، وقد استعملت ظرفا، فعلى هذا ينتصب ثلاث
مرات على الظرف، والعامل ليستأذن، وعلى هذا في موضع (من قبل صلاة الفجر) ثلاثة
أوجه: أحدها نصب بدلا من ثلاث.
والثانى جر بدلا من مرات.
والثالث رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أى هى من قبل، وتمام الثلاث معطوف على هذا
(من الظهيرة) يجوز أن تكون " من " لبيان الجنس: أى حين ذلك من وقت الظهيرة، وأن
تكون بمعنى في، وأن تكون بمعنى من أجل الظهيرة، وحين معطوف على موضع من قبل.
قوله تعالى (ثلاث عورات) يقرأ بالرفع: أى هى أوقات ثلاث عورات، فحذف المبتدأ
والمضاف، وبالنصب على البدل من الاوقات المذكورة، أو من ثلاث الاولى، أو على إضمار
أعنى.
قوله تعالى (بعدهن) التقدير بعد استئذانهن فيهن، ثم حذف حرف الجر والفاعل، فيبقى
بعد استئذانهن، ثم حذف المصدر.
قوله تعالى (طوافون عليكم) أى هم طوافون.
قوله تعالى (بعضكم على بعض) أى يطوف على بعض، فيجوز أن تكون الجملة بدلا من التى
قبلها، وأن تكون مبنية مؤكدة.
قوله تعالى (والقواعد) واحدتهن قاعدة، هذا إذا كانت كبيرة: أى قاعدة عن النكاح، ومن
القعود قاعدة للفرق بين المذكر والمؤنث، وهو مبتدأ، و (من النساء) حال، و (اللاتى)
صفة، والخبر (فليس عليهن) ودخلت الفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط، لان الالف
واللام بمعنى الذى (غير) حال.
[160]
قوله تعالى (أو ما ملكتم) الجمهور على التخفيف، ويقرأ " ملكتم " بالتشديد على مالم
يسم فاعله، والمفاتح جمع مفتح، قيل هو نفس الشئ الذى يفتح به، وقيل هو جمع مفتح وهو
المصدر كالفتح.
قوله تعالى (تحية) مصدرا من معنى سلموا، لان سلم وحيا بمعنى.
قوله تعالى (دعاء الرسول) المصدر مضاف إلى المفعول: أى دعاكم الرسول، ويجوز أن يكون
مضافا إلى الفاعل: أى لا تهملوا دعاءه إياكم.
قوله تعالى (لو اذا) هو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون منصوبا بيتسللون على
المعنى: أى يلاوذون لواذا، أو يتسللون تسللا، وإنما صحت الواو في لوازا مع انكسار
ما قبلها، لانها تصح في الفعل الذى هو لاوذ، ولو كان مصدر لاذ لكان لياذا، مثل صام
صياما.
قوله تعالى (عن أمره) الكلام محمول على المعنى، لان معنى يخالفون يميلون ويعدلون
(أن تصيبهم) مفعول يحذر، والله أعلم.
[256]
قوله تعالى (بديع السموات) في رفعه ثلاثة أوجه: أحدهما هو فاعل تعالى، والثانى هو
خبر مبتدأ محذوف: أى هو بديع، والثالث هو مبتدأ وخبره (أنى يكون له) وما يتصل به،
وأنى بمعنى كيف أو من أين، وموضعه حال، وصاحب الحال (ولد) والعامل يكون، ويجوز أن
تكون تامة، وأن تكون ناقصة (ولم تكن) يقرأ بالتاء على تأنيث الصاحبة، ويقرأ بالياء
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه للصاحبة ولكن جاز التذكير لما فصل بينهما.
والثانى أن اسم كان ضمير اسم الله، والجملة خبر عنه: أى ولم يكون الله له صاحبته.
والثالث أن اسم كان ضمير الشأن والجملة مفسرة له.
قوله تعالى (ذلكم) مبتدأ، وفى الخبر أوجه: أحدها هو (الله) و (ربكم) خبر ثان، و
(لاإله إلا هو) ثالث، و (خالق كل) رابع. والثانى أن الخبر الله، وما بعده إبدال
منه. والثالث أن الله بدل من ذلكم، والخبر مابعده.
قوله تعالى (قد جاءكم بصائر) لم يلحق الفعل تاء التأنيث للفصل بين المفعول،. ولان
تأنيث الفاعل غير حقيقى، و (من) متعلقة بجاء، ويجوز أن تكون صفة للبصائر فتتعلق
بمحذوف (فمن أبصر) من مبتدأ فيجوز أن تكون شرطا، فيكون الخبر أبصر والجواب من
كلاهما، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وما بعد الفاء الخبر، والمبتدأ فيه محذوف
تقديره: فإبصاره لنفسه، وكذلك قوله (ومن عمى فعليها).
قوله تعالى (وكذلك) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى (نصرف الآيات) تصريفا
مثل ماتلوناها عليك (وليقولوا) أى وليقولوا درست صرفنا، واللام لام العاقبة: أى أن
أمرهم يصير إلى هذا، وقيل إنه قصد بالتصريف أن يقولوا درست عقوبة لهم (دارست) يقرأ
بالالف وفتح الياء: أى دارست أهل الكتاب، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف: أى درست
الكتب المتقدمة، ويقرأ كذلك إلا أنه بالتشديد، والمعنى كالمعنى الاول، ويقرأ بضم
الدال مشددا على ما لم يسم فاعله، ويقرأ " دورست " بالتخفيف والواو على مالم يسم
فاعله، والواو مبدلة من الالف في دارست، ويقرأ بفتح الدال والراء والسين وسكون
التاء: أى انقطعت الآيات وانمحت، ويقرأ كذلك إلا أنه على مالم يسم فاعله، ويقرأ درس
من غير تاء، والفاعل النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل الكتاب لقوله (ولنبينه).
[257]
قوله تعالى (من ربك) يجوز أن تكون متعلقة بأوحى، وأن تكون حالا من الضمير المفعول
المرفوع في أوحى، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحى، وأن تكون حالا
من ما (لاإله إلا هو) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ربك: أى من ربك
منفردا، وهى حال مؤكدة.
قوله تعالى (ولو شاء الله) المفعول محذوف: أى ولو شاء الله إيمانهم، و (جعلناك)
متعدية إلى مفعولين، و (حفيظا) الثانى. وعليهم يتعلق بحفيظا، ومفعوله محذوف: أى وما
صيرناك تحفظ عليهم أعمالهم، وهذا يؤيد قول سيبويه في إعمال فعيل.
قوله تعالى (من دون الله) حال من " ما " أو من العائد عليها (فيسبوا) منصوب على
جواب النهى، وقيل هو مجزوم على العطف كقولهم لاتمددها فتثقفها، و (عدوا) بفتح العين
وتخفيف الدال، وهو مصدر. وفى انتصابه ثلاثة أوجه: أحدها هو مفعول له.
والثانى مصدر من غير لفظ الفعل لان السب عدوان في المعنى.
والثالث هو مصدر في موضع الحال، وهي حال مؤكدة، ويقرأ بضم العين والدال وتشديد
الواو وهو مصدر على فعول كالجلوس والقعود، ويقرأ بفتح العين والتشديد وهو واحد في
معنى الجمع: أى أعداء، وهو حال (بغير علم) حال أيضا مؤكدة (كذلك) في موضع نصب صفة
لمصدر محذوف: أى كما (زينا لكل أمة عملهم) زينا لهؤلاء عملهم.
قوله تعالى (جهد أيمانهم) قد ذكر في المائدة (ومايشعركم) " ما " استفهام في موضع
رفع بالابتداء، ويشعركم الخبر، وهو يتعدى إلى مفعولين (أنها) يقرأ بالكسر على
الاستئناف، والمفعول الثانى محذوف تقديره: ومايشعركم إيمانهم ويقرأ بالفتح. وفيه
ثلاثة أوجه: أحدها أن " أن " بمعنى لعل، حكاه الخليل عن العرب، وعلى هذا يكون
المفعول الثانى أيضا محذوفا، والثانى أن " لا " زائدة، فتكون " أن " وماعملت فيه في
موضع المفعول الثانى، والثالث أن " أن " على بابها ولاغير زائدة، والمعنى:
ومايدريكم عدم إيمانهم، وهذا جواب لمن حكم عليهم بالكفر أبدا ويئس من إيمانهم،
والتقدير: لايؤمنون بها فحذف المفعول.
قوله تعالى (كما لم يؤمنوا) " ما " مصدرية والكاف نعت لمصدر محذوف أى تقليبا
ككفرهم: أى عقوبة مساوية لمعصيتهم، و (أول مرة) ظرف زمان،
[258]
وقد ذكر (ونذرهم) يقرأ بالنون وضم الراء وبالياء كذلك، والمعنى مفهوم ويقرأ بسكون
الراء.
وفيه وجهان: أحدهما أنه سكن لثقل توالى الحركات، والثانى أنه مجزوم عطفا على
يؤمنوا، والمعنى: جزاء على كفرهم، وأنه لم يذرهم في طغيانهم يعمهون بل بين لهم.
قوله تعالى (قبلا) يقرأ بضم القاف والباء وفيه وجهان: أحدهما هو جمع قبيل مثل قليب
وقلب، والثانى أنه مفرد كقبل الانسان ودبره، وعلى كلا الوجهين هو حال من كل، وجاز
ذلك وإن كان نكرة لما فيه من العلوم، ويقرأ بالضم وسكون الباء على تخفيف الضمة،
ويقرأ بكسر القاف وفتح الباء. وفيه وجهان أيضا: أحدهما هو ظرف كقولك: لى قبله حق،
والثانى مصدر في موضع الحال: أى عيانا أو معاينة (إلا أن يشاء الله) في موضع نصب
على الاستثناء المنقطع، وقيل هو متصل. والمعنى: ماكانوا ليؤمنوا في كل حال إلا في
حال مشيئة الله تعالى.
قوله تعالى (وكذلك) هو نعت لمصدر محذوف كما ذكرنا في غير موضع، و (جعلنا) متعدية
إلى مفعولين.
وفى المفعول الاول وجهان: أحدهما هو عدوا والثانى (لكل نبى)، و (شياطين) بدل من
عدو. والثانى المفعول الاول شياطين. وعدوا المفعول الثانى مقدم، ولكل نبى صفة لعدو
قدمت فصارت حالا (يوحى) يجوز أن يكون حالا من شياطين وأن يكون صلة لعدو، وعدو في
موضع أعداء (غرورا) مفعول له، وقيل مصدر في موضع الحال، والهاء في (فعلوه) يجوز أن
تكون ضمير الايحاء، وقد دل عليه يوحى، وأن تكون ضمير الزخرف أو القول أو الغرور
(ومايفترون) " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية، وهى في موضع نصب عطفا
على المفعول قبلها، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
قوله تعالى (ولتصغى) الجمهور على كسر اللام وهو معطوف على غرور: أى ليغروا ولتصغى،
وقيل هى لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون، وقرئ بإسكان اللام وهى مخففة
لتوالى الحركات، وليست لام الامر لانه لم يجزم الفعل، وكذلك القول في (وليرضوه
وليقترفوا) و " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف: أى وليقترفوا الذى هم مقترفوه،
وأثبت النون لما حذف الهاء.
[259]
قوله تعالى (أفغير الله) فيه وجهان: أحدهما هو مفعول أبتغى و (حكما) حال منه.
والثانى أن حكما مفعول أبتغى، وغير حال من حكما مقدم عليه، وقيل حكما تمييز، و
(مفصلا) حال من الكتاب، و (بالحق) حال من الضمير المرفوع في منزل.
قوله تعالى (صدقا وعدلا) منصوبان على التمييز، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله، وأن
يكون مصدرا في موضع الحال (لامبدل) مستأنف، ولايجوز أن يكون حالا من ربك لئلا يفصل
بين الحال وصاحبها بالاجنبى، وهو قوله " صدقا وعدلا " إلا أن يجعل صدقا وعدلا حالين
من ربك لا من الكلمات.
قوله تعالى (أعلم من يضل) في " من " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة
بمعنى فريق، فعلى هذا يكون في موضع نصب بفعل دل عليه أعلم لابنفس أعلم، لان أفعل
لايعمل في الاسم الظاهر النصب، والتقدير: يعلم من يضل. ولايجوز أن يكون " من " في
موضع جر بالاضافة على قراءة من فتح الياء لئلا يصير التقدير: هو أعلم الضالين،
فيلزم أن يكون سبحانه ضالا، تعالى عن ذلك، ومن قرأ بضم الياء فمن في موضع نصب أيضا
على مابينا: أى يعلم المضلين، ويجوز أن يكون في موضع جر، إما على معنى هو أعلم
المضلين: أى من يجد الضلال وهو من أظللته أى وجدته ضالا مثل أحمدته وجدته محمودا،
أو بمعنى أن يضل عن الهدى.
والوجه الثانى أن " من " استفهام في موضع مبتدإ، ويضل الخبر، وموضع الجملة نصب
بيعلم المقدرة، ومثله " لنعلم أى الحزبين أحصى ".
قوله تعالى (ومالكم) " ما " استفهام في موضع رفع بالابتداء، ولكم الخبر، و (أن
لاتأكلوا) فيه وجهان: أحدهما حرف الجر مراد معه: أى في أن لاتأكلوا ولما حذف حرف
الجر كان في موضع نصب، أو في موضع جر على اختلافهم في ذلك، وقد ذكر في غير موضع.
والثانى أنه في موضع الحال: أى وأى شئ لكم تاركين الاكل، وهو ضعيف لان " أن " تمحض
الفعل للاستقبال وتجعله مصدرا فيمتنع الحال، إلا أن تقدر حذف مضاف تقديره: ومالكم
ذوى أن لاتأكلوا، والمفعول محذوف: أى شيئا مما ذكر اسم الله عليه (وقد فصل) الجملة
حال، ويقرأ بالضم على مالم يسم فاعله، وبالفتح في تسمية الفاعل، وبتشديد الصاد
وتخفيفها، وكل ذلك ظاهر (إلا مااضطررتم) " ما " في موضع نصب على الاستثناء من الجنس
من طريق المعنى، لانه وبخهم بترك الاكل مما سمى عليه، وذلك يتضمن
[260]
إباحة الاكل مطلقا، وقوله " وقد فصل لكم ماحرم عليكم " أى في حال الاختيار، وذلك
حلال في حال الاضطرار.
قوله تعالى (إنكم لمشركون) حذف الفاء من جواب الشرط وهو حسن إذا كان الشرط بلفظ
الماضى، وهو هنا كذلك وهو قوله " وإن أطعتموهم ".
قوله تعالى (أو من كان) " من " بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء و (يمشى به) في
موضع نصب صفة لنور، و (كمن) خبر الابتداء، و (مثله) مبتدأ، و (في الظلمات) خبره، و
(ليس بخارج) في موضع الحال من الضمير في الجار، ولا يجوز أن يكون حالا من الهاء في
مثله للفصل بينه وبين الحال بالخبر (كذلك زين - وكذلك جعلنا) قد سبق إعرابهما،
وجعلنا بمعنى صيرنا، و (أكابر) المفعول الاول، وفى كل قرية الثانى، و (مجرميها) بدل
من أكابر، ويجوز أن تكون " في " ظرفا، ومجرميها المفعول الاول، وأكابر مفعول ثان،
ويجوز أن يكون أكابر مضافا إلى مجرميها، وفى كل المفعول الثانى، والمعنى على هذا
مكنا ونحو ذلك (ليمكروا) اللام لام كى أو لام الصيرورة.
قوله تعالى (حيث يجعل) حيث هنا مفعول به، والعامل محذوف، والتقدير: يعلم موضع
رسالاته، وليس ظرفا لانه يصير التقدير يعلم في هذا المكان كذا وكذا، وليس المعنى
عليه، وقد روى " حيث " بفتح الثاء، وهو بناء عند الاكثرين، وقيل هى فتحة إعراب (عند
الله) ظرف ليصيبأو صفة لصغار.
قوله تعالى (فمن يرد الله) هو مثل " من يشأ الله يضلله "، وقد ذكر " ضيقا " مفعول
ثان ليجعل، فمن شدد الياء جعله وصفا، ومن خففها جاز أن يكون وصفا كميت وميت، وأن
يكون مصدرا: أى ذا ضيق (حرجا) بكسر الراء صفة لضيق، أو مفعول ثالث كما جاز في
المبتدإ أن تخبر عنه بعده أخبارا، ويكون الجميع في موضع خبر واحد: كحلو حامض، وعلى
كل تقدير هو مؤكد للمعنى، ويقرأ بفتح الراء على أنه مصدر: أى ذا حرج، وقيل هو جمع
حرجة مثل قصبة وقصب، والهاء فيه للمبالغة (كأنما) في موضع نصب خبر آخر، أو حال من
الضمير في حرج أو ضيق (يصعد) ويصاعد بتشديد الصاد فيهما أى يتصعد، ويقرأ " يصعد "
بالتخفيف.
قوله تعالى (مستقيما) حال من صراط ربك، والعامل فيها التنبيه أو الاشارة.
قوله تعالى (لهم دار السلام) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون في موضع جر صفة لقوم،
وأن يكون نصبا على الحال من الضمير في يذكرون، (عند ربهم) حال من دار السلام، أو
ظرف للاستقرار في لهم.
[261]
قوله تعالى (ويوم نحشرهم) أى واذكر يوم، أو ونقول يوم نحشرهم (يامعشر الجن)، و (من
الانس) حال من (أولياؤهم) وقرئ (آجالنا) على الجمع (الذى) على التذكير والافراد.
وقال أبوعلي: هو جنس أوقع الذى موقع التى (خالدين فيها) حال، وفى العامل فيها
وجهان: أحدهما المثوى على أنه مصدر بمعنى الثواء، والتقدير: النار ذات ثوائكم.
والثانى العامل فيه معنى الاضافة ومثواكم مكان والمكان لا يعمل (إلا ماشاء الله) هو
استثناء من غير الجنس، ويجوز أن يكون من الجنس على وجهين: أحدهما أن يكون استثناء
من الزمان، والمعنى يدل عليه لان الخلود يدل على الابد، فكأنه قال: خالدين فيها في
كل زمان إلا ماشاء الله إلا زمن مشيئة الله. والثانى أن تكون " من " بمعنى " ما
"(1).
قوله تعالى (يقصون) في موضع رفع صفة لرسل، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في منكم.
قوله تعالى (ذلك) هو خبر مبتدإ محذوف: أى الامر ذلك (أن لم) أن مصدرية أو مخففة من
الثقيلة، واللام محذوفة: أى لان لم (يكن ربك) وموضعه نصب أو جر على الخلاف (بظلم)
في موضع الحال أو مفعول به يتعلق بمهلك.
قوله تعالى (ولكل) أى ولكل أحد (مما) في موضع رفع صفة لدرجات.
قوله تعالى (كما أنشأكم) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف: أى استخلافا كما، و
(من ذرية) لابتداء الغاية، وقيل هى بمعنى البدل: أى كما أنشأكم بدلا من ذرية (قوم).
قوله تعالى (إنما توعدون) ما بمعنى الذى، و (لآت) خبر إن ولا يجوز أن تكون " ما "
ها هنا كافة، لان قوله لآت يمنع ذلك.
قوله تعالى (من تكون) يجوز أن تكون " من " بمعنى الذى، وأن تكون استفهاما مثل قوله:
أعلم من يضل.
قوله تعالى (مما ذرأ) يجوز أن يتعلق بجعل، وأن يكون حالا من نصيب، و (من الحرث)
يجوز أن يكون متعلقا بذرأ، وأن يكون حالا من " ما " أو من العائد المحذوف.
___________________________________
(1) قوله " أن تكون بمعنى ما " كذا بالنسخ التى بأيدينا، وصوابه: أن يقول " أن تكون
مابمعنى من " كما لايخفى ليكون استثناء من الجنس تأمل اه. (*)
[262]
قوله تعالى (وكذلك زين) يقرأ بفتح الزاى، والياء على تسمية الفاعل، وهو (شركاؤهم)
والمفعول قتل، وهو مصدر مضاف إلى المفعول، ويقرأ بضم الزاى وكسر الياء على مالم يسم
فاعله، وقتل بالرفع على أنه القائم مقام الفاعل، وأولادهم بالنصب على أنه مفعول
القتل، شركائهم بالجر على الاضافة، وقد فصل بينهما بالمفعول وهو بعيد، وإنما يجئ في
ضرورة الشعر، ويقرأ كذلك إلا أنه بجر أولادهم على الاضافة وشركائهم بالجر أيضا على
البدل من الاولاد، لان أولادهم شركاؤهم في دينهم وعيشهم وغيرهما، ويقرأ كذلك إلا
أنه برفع الشركاء.
وفيه وجهان: أحدهما أنه مرفوع بفعل محذوف كأنه قال: من زينه؟ فقال شركاءهم: أى
زينه شركاؤهم، والقتل في هذا كله مضاف إلى المفعول. والثانى أن يرتفع شركاؤهم
بالقتل، لان الشركاء تثير بينهم القتل قبله، ويمكن أن يكون القتل يقع منهم حقيقة
(وليلبسوا) بكسر الباء من لبست الامر بفتح الباء في الماضى إذا شبهته، ويقرأ في
الشاذ بفتح الباء، قيل إنها لغة، وقيل جعل الدين لهم كاللباس عليهم.
قوله تعالى (لايطعمها) في موضع رفع كالذى قبله، والجمهور على كسرالحاء في " حجر "
وسكون الجيم ويقرأ بضمهما، وضم الحاء وسكون الجيم، ومعناه محرم، والقراءات لغات
فيها، ويقرأ " حرج " بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وأصله حرج بفتح الحاء وكسر
الراء ولكنه خفف ونقل مثل فخذ وفخذ، وقيل هو من المقلوب مثل عميق ومعيق (بزعمهم)
متعلق بقالوا، ويجوز فتح الزاى وكسرها وضمها وهى لغات (افتراء) منصوب على المصدر،
لان قولهم المحكى بمعنى افتروا، وقيل هو مفعول من أجله، فإن نصبته على المصدر كان
قوله (عليه) متعلقا بقالوا لا بنفس المصدر، وإن جعلته مفعولا من أجله علقته بنفس
المصدر، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لافتراء.
قوله تعالى (ما في بطون) " ما " بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء، و (خالصة) خبره
وأنث على المعنى لان ما في البطون أنعام، وقيل التأنيث على المبالغة كعلامة ونسابة،
و (لذكورنا) متعلق بخالصة أو بمحذوف على أن يكون صفة لخالصة (ومحرم) جاء على
التذكير حملا على لفظ " ما " ويقرأ " خالص " بغير تاء على الاصل، ويقرأ " خالصة "
بالتأنيث والنصب على الحال، والعامل فيها مافي بطونها من معنى الاستقرار، والخبر
لذكورنا، ولا يعمل في الحال لانه لا يتصرف، وأجازه الاخفش، ويقرأ " خالصة " بالرفع
والاضافة إلى هاء الضمير وهو مبتدأ،
[263]
وللذكور خبره، والجملة خبر " ما " (تكن ميتة) يقرأ بالتاء ونصب ميتة: أى إن تكن
الانعام ميتة، ويقرأ بالياء حملا على لفظ " ما " ويقرأ بالياء ورفع ميتة على أن كان
هى التامة (فهم فيه) ذكر الضمير حملا على " ما ".
قوله تعالى (قتلوا أولادهم) يقرأ بالتخفيف والتشديد على التكثير. و (سفها) مفعول له
أو على المصدر لفعل محذوف دل عليه الكلام (بغير علم) في موضع الحال، و (افتراء) مثل
الاول.
قوله تعالى (مختلفا أكله) مختلفا حال مقدرة، لان النخل والزرع وقت خروجه لاأكل فيه
حتى يكون مختلفا أو متفقا، وهو مثل قولهم: مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، ويجوز
أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره: ثمر النخل وحب الزرع فعلى هذا تكون الحال
مقارنة، و (متشابها) حال أيضا، و (حصاده) يقرأ بالفتح والكسر وهما لغتان.
قوله تعالى (حمولة وفرشا) هو معطوف على جنات: أى وأنشأ من الانعام حمولة.
قوله تعالى (ثمانية أزواج) في نصبه خمسة أوجه: أحدها هو معطوف على جنات: أى وأنشأ
ثمانية أزواج، وحذف الفعل وحرف العطف وهو ضعيف.
والثانى أن تقديره: كلوا ثمانية أزواج.
والثالث هو منصوب بكلوا تقديره: كلوا مما رزقكم ثمانية أزواج، ولا تسرفوا معترض
بينهما.
والرابع هو بدل من حمولة وفرشا.
والخامس أنه حال تقديره: مختلفة أو متعددة (من الضأن) يقرأ بسكون الهمزة وفتحها
وهما لغتان، و (اثنين) بدل من ثمانية، وقد عطف عليه بقية الثمانية، و (المعز) بفتح
العين وسكونها لغتان قد قرئ بهما (آلذكرين) هو منصوب ب (حرم) وكذلك (أم الانثيين)
أى أم حرم الانثيين (أم ما اشتملت) أى أم حرم ما اشتملت.
قوله تعالى (أم كنتم شهداء) أم منقطعة: أى بل أكنتم، و (إذ) معمول شهداء.
قوله تعالى (يطعمه) في موضع جر صفة لطاعم، ويقرأ " يطعمه " بالتشديد وكسر العين،
والاصل يتطعمه، فأبدلت التاء طاء وأدغمت فيها الاولى (إلا أن تكون) استثناء من
الجنس وموضعه نصب: أى لا أجد محرما إلا الميتة، ويقرأ يكون بالياء و (ميتة) بالنصب:
أى إلا أن يكون المأكول ميتة أو ذلك، ويقرأ
[264]
بالتاء إلا أن تكون المأكولة ميتة، ويقرأ برفع الميتة على أن تكون تامة، إلا أنه
ضعيف لان المعطوف منصوب (أو فسقا) عطف على لحم الخنزير، وقيل هو معطوف على موضع إلا
أن يكون، وقد فصل بينهما بقوله " فإنه رجس ".
قوله تعالى (كل ذى ظفر) الجمهور على ضم الظاء والفاء، ويقرأ بإسكان الفاء، ويقرأ
بكسر الظاء والاسكان (ومن البقر) معطوف على كل، وجعل (حرمنا عليهم شحومهما) تبيينا
للمحرم من البقر، ويجوز أن يكون من البقر، متعلقا بحرمنا الثانية (إلا ما حملت) في
موضع نصب استثناء من الشحوم (أو الحوايا) في موضع نصب عطفا على " ما " وقيل هو
معطوف على الشحوم فتكون محرمة أيضا، وواحدة الحوايا حوية أو حاوية أو حاويا، وأوهنا
بمعنى الواو لتفصيل مذاهبهم لاختلاف أماكنها، وقد ذكرناه في قوله " كونوا هودا أو
نصارى " (ذلك) في موضع نصب ب (جزيناهم) وقيل مبتدأ، والتقدير: جزيناهموه، وقيل هو
خبر المحذوف: أى الامر ذلك.
قوله تعالى (فإن كذبوك) شرط وجوابه (فقل ربكم ذو رحمة) والتقدير: فقل يصفح عنكم
بتأخير العقوبة.
قوله تعالى (ولاآباؤنا) عطف على الضمير في أشركنا، وأغنت زيادة " لا " عن تأكيد
الضمير، وقيل ذلك لا يغنى لان المؤكد يجب أن يكون قبل حرف العطف ولابعد حرف العطف
(من شئ) من زائدة.
قوله تعالى (قل هلم) للعرب فيها لغتان: إحداهما تكون بلفظ واحد في الواحد والتثنية
والجمع والمذكر والمؤنث، فعلى هذا هى اسم للفعل، وبنيت لوقوعها موقع الامر المبنى،
ومعناها أحضروا شهداءكم.
واللغة الثانية تختلف فتقول: هلما وهلموا وهلمى وهلممن، فعلى هذا هى فعل. واختلفوا
في أصلها فقال البصريون: أصلها ها ألمم: أى أقصد، فأدغمت الميم في الميم وتحركت
اللام فاستغنى عن همزة الوصل فبقى لم ثم حذفت ألف ها التى هى للتنبيه لان اللام في
لم في تقدير الساكنة إذ كانت حركتها عارضة، ولحق حرف التنبيه مثال الامر كما يلحق
غيره من المثل.
فأما فتحة الميم ففيها وجهان: أحدهما أنها حركت بها لالتقاء الساكنين ولم يجز الضم
ولا الكسر كما جاز في رد ورد ورد لطول الكلمة بوصل " ها " بها، وأنها لاتستعمل إلا
معها، والثانى أنها فتحت من أجل التركيب كما فتحت خمسة عشر وبابها.
[265]
وقال الفراء. أصلها هل أم، فألقيت حركة الهمزة على اللام وحذفت، وهذا بعيد لان لفظه
أمر، وهل إن كانت استفهاما فلا معنى لدخوله على الامر، وإن كانت بمعنى قد فلا تدخل
على الامر، وإن كانت هل اسما للزجر فتلك مبنية على الفتح، ثم لامعنى لها هاهنا.
قوله تعالى (ماحرم) في " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى والعائد محذوف: أى حرمه،
والثانى هى مصدرية (أن لا تشركوا) في أن وجهان: أحدهما هى بمعنى أى، فتكون لا على
هذا نهيا، والثانى هى مصدرية وفي موضعها وجهان: أحدهما هى بدل(1) من الهاء المحذوفة
أو من " ما " ولا زائدة: أى حرم ربكم أن تشركوا، والثانى أنها منصوبة على الاغراء،
والعامل فيها عليكم، والوقف على ما قبل على: أى ألزموا ترك الشرك. والوجه الثانى
أنها مرفوعة.
والتقدير المتلو: أن لا تشركوا أو المحرم أن تشركوا، ولا زائدة على هذا التقدير، و
(شيئا) مفعول تشركوا، وقد ذكرناه في موضع آخر. ويجوز أن يكون شيئا في موضع المصدر:
أى إشراكا و (وبالوالدين إحسانا) قد ذكر في البقرة (من إملاق) أى من أجل الفقر (ما
ظهر منها وما بطن) بدلان من الفواحش، بدل الاشتمال، ومنها في موضع الحال من ضمير
الفاعل، و (بالحق) في موضع الحال (ذلكم) مبتدأ، و (وصاكم به) الخبر، ويجوز أن يكون
في موضع نصب على تقدير: ألزمكم ذلكم، ووصاكم تفسير له.
قوله تعالى (إلا بالتى هى أحسن) أى إلا بالخصلة، و (بالقسط) في موضع الحال: أى
مقسطين، ويجوز أن يكون حالا من المفعول: أى أوفوا الكيل تاما، والكيل هاهنا مصدر في
معنى المكيل والميزان كذلك، ويجوز أن يكون فيه حذف مضاف تقديره: مكيل الكيل وموزون
الميزان (لا نكلف) مستأنف (ولو كان ذا قربى) أى ولو كان المقول له أو فيه.
قوله تعالى (وأن هذا) يقرأ بفتح الهمزة والتشديد، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها تقديره:
ولان هذا، واللام متعلقة بقوله (فاتبعوه) أى ولاجل استقامته اتبعوه، وقد ذكرنا نحو
هذا في قوله " كما أرسلنا " والثانى أنه معطوف على ماحرم: أى وأتلو عليكم أن هذا
صراطى. والثالث هو معطوف على الهاء في وصاكم به، وهذا فاسد لوجهين: أحدهما أنه عطف
على الضمير من غير إعادة الجار، والثانى أنه يصير المعنى وصاكم باستقامة الصراط،
وهو فاسد، ويقرأ بفتح الهمزة وتخفيف النون وهى كالمشددة، ويقرأ بكسر الهمزة على
الاستئناف ومستقيما حال، والعامل فيه هذا
___________________________________
(1) قوله " أحدهما هى بدل الخ " كذا بالنسخ، وكان المناسب أن يقول أحدهما أنها
منصوبة وفيه وجهان: أحدهما.. الخ لتستقيم بقية الاقسام بعد اه. (*)
[266]
(فتفرق) جواب النهى، والاصل فتتفرق، و (بكم) في موضع المفعول: أى فتفرقكم، ويجوز أن
يكون حالا.
أى فتتفرق وأنتم معها.
قوله تعالى (تماما) مفعول له أو مصدر: أى اتممناه إتماما، ويجوز أن يكون في موضع
الحال من الكتاب (على الذى أحسن) يقرأ بفتح النون وعلى أنه فعل ماض، وفى فاعله
وجهان: أحدهما ضمير اسم الله والهاء محذوفة: أى على الذى أحسنه الله: أى أحسن إليه
وهو موسى، والثانى هو ضمير موسى لانه أحسن في فعله ويقرأ بضم النون على أنه اسم،
والمبتدأ محذوف، وهو العائد على الذى. أى على الذى هو أحسن، وهو ضعيف.
وقال قوم: أحسن بفتح النون في موضع جر صفة للذى، وليس بشئ لان الموصول لابد له من
صلة، وقيل تقديره: على الذين أحسنوا.
قوله تعالى (وهذا) مبتدأ، و (كتاب) خبره، و (أنزلناه) صفة أو خبر ثان. و (مبارك)
صفة ثانية أو خبر ثالث، ولو كان قرئ مباركا بالنصب على الحال جاز.
قوله تعالى (أن تقولوا) أي أنزلناه كراهة أن تقولوا (أو تقولوا) معطوف عليه، وإن
كنا إن مخففة من الثقيلة، واللام في لغافلين عوض أو فارقة بين إن وما.
قوله تعالى (ممن كذب) الجمهور على التشديد، وقرئ بالتخفيف وهو في معنى المشدد،
فيكون (بآيات الله) مفعولا، ويجوز أن يكون حالا، أى كذب ومعه آيات الله (يصدقون)
يقرأ بالصاد الخالصة على الاصل، وبإشمام الصاد زايا وبإخلاصها زايا لتقرب من الدال،
وسوغ ذلك فيها سكونها.
قوله تعالى (يوم يأتى) الجمهور على النصب، والعامل في الظرف (لاينفع) وقرئ بالرفع،
والخبر لا ينفع، والعائد محذوف: أى لاينفع (نفسا إيمانها) فيه والجمهور على الياء
في ينفع، وقرئ بالتاء وفيه وجهان: أحدهما أنه أنث المصدر على المعنى، لان الايمان
والعقيدة بمعنى، فهو مثل قولهم: جاءته كتابى فاحتقرها: أى صحيفتى أو رسالتى،
والثانى أنه حسن التأنيث لاجل الاضافة إلى المؤنث (لم تكن) فيه وجهان: أحدهما هى
مستأنفة، والثانى هى في موضع الحال من الضمير المجرور، أو على الصفة لنفس وهو ضعيف.
[267]
قوله تعالى (فرقوا دينهم) يقرأ بالتشديد من غير ألف، وبالتخفيف وهو في معنى المشدد،
ويجوز أن يكون المعنى: فصلوه عن الدين الحق، ويقرأ فارقوا أى تركوا (لست منهم في
شئ) أى لست في شئ كائن منه.
قوله تعالى (عشر أمثالها) يقرأ بالاضافة: أى فله عشر حسنات أمثالها، فاكتفى بالصفة،
ويقرأ بالرفع والتنوين على تقدير: فله حسنات عشر أمثالها، وحذف التاء من عشر لان
الامثال في المعنى مؤنثة، لان مثل الحسنة حسنة، وقيل أنث لانه أضافة إلى المؤنث.
قوله تعالى (دينا) في نصبه ثلاثة أوجه: هو بدل من الصراط على الموضع، لان معنى
هدانى وعرفنى واحد، وقيل منصوب بفعل مضمر: أى عرفنى دينا، والثالث أنه مفعول هدانى،
وهدى يتعدى إلى مفعولين، و (قيما) بالتشديد صفة لدين، ويقرأ بالتخفيف، وقد ذكر في
النساء والمائدة، و (ملة) بدل من دين، أو على إضمار أعنى، و (حنيفا) حال، أو على
إضمار أعنى.
قوله تعالى (ومحياى) الجمهور على فتح الياء، وأصلها الفتح لانها حرف مضمر فهى
كالكاف في رأيتك والتاء في قمت وقرئ بإسكانها كما تسكن في أنى ونحوه، وجاز ذلك وإن
كان قبلها ساكن لان المدة تفصل بينهما، وقد قرئ في الشاذ بكسر الياء على أنه اسم
مضمر كسر لالتقاء الساكنين (لله) أى ذلك كله لله.
قوله تعالى (قل أغير الله) هومثل قوله " ومن يبتغ غير الاسلام " وقد ذكر.
قوله تعالى (درجات) قد ذكر في قوله تعالى " نرفع درجات من نشاء ".
سورة الفرقان
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (ليكون) في اسم كان ثلاثة أوجه: أحدها الفرقان. والثانى العبد. والثالث
الله تعالى، وقرئ شاذا على عباده فلا يعود الضمير إليه.
قوله تعالى (الذى له) يجوز أن يكون بدلا من " الذى " الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ
محذوف، وأن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى.
قوله تعالى (افتراه) الهاء تعود على عبده في أول السورة.
قوله تعالى (ظلما) مفعول جاءوا: أى أتوا ظلما، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال،
والاساطير قد ذكرت في الانعام (اكتتبها) في موضع الحال من الاساطير: أى قالوا هذه
أساطير الاولين مكتتبة.
قوله تعالى (يأكل الطعام) هو في موضع الحال، والعامل فيها العامل في لهذا أو نفس
الظرف (فيكون) منصوب على جواب الاستفهام أو التحضيض (أو يلقى - أو تكون) معطوف على
أنزل لان أنزل بمعنى ينزل، أو يلقى بمعنى ألقى، ويأكل بالياء والنون والمعنى فيهما
ظاهر.
[161]
قوله تعالى (جنات) بدل من خيرا (ويجعل لك) بالجزم عطفا على موضع جعل الذى هو جواب
الشرط، وبالرفع على الاستئناف، ويجوز أن يكون من جزم سكن المرفوع تخفيفا وأدغم.
قوله تعالى (إذا رأتهم) إلى آخر الآية في موضع نصب صفة لسعير. و (ضيقا) بالتشديد
والتخفيف قد ذكر في الانعام، ومكانا ظرف، ومنها حال منه: أى مكانا منها، و (ثبورا)
مفعول به، ويجوز أن يكون مصدرا من معنى دعوا.
قوله تعالى (خالدين) هو حال من الضمير في يشاءون، أو من الضمير في لهم (كان على
ربك) الضمير في كان يعود على " ما " ويجوز أن يكون التقدير: كان الوعد وعدا، ودل
على هذا المصدر.
قوله تعالى (وعدا) وقوله " لهم فيها " وخبر كان وعدا، أو على ربك (ويوم نحشرهم) أى
واذكر.
قوله تعالى (وما يعبدون) يجوز أن تكون الواو عاطفة، وأن تكون بمعنى مع.
قوله تعالى (هؤلاء) يجوز أن يكون بدلا من عبادى، وأن يكون نعتا قوله تعالى (أن
نتخذ) يقرأ بفتح النون وكسر الخاء على تسمية الفاعل، و (من أولياء) هو المفعول
الاول، ومن دونك الثانى، وجاز دخول " من " لانه في سياق النفى، فهو كقوله تعالى "
ما اتخذ الله من ولد " ويقرأ بضم النون وفتح الخاء على مالم يسم فاعله، والمفعول
الاول مضمر، ومن أولياء الثانى، وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين لان " من " لا تزاد
في المفعول الثانى، بل في الاول كقولك: ما اتخذت من أحد وليا، ولا يجوز ما اتخذت
أحدا من ولى، ولو جاز ذلك لجاز فما منكم أحد عنه من حاجزين، ويجوز أن يكون من دونك
حالا من أولياء.
قوله تعالى (إلا أنهم) كسرت " إن " لاجل اللام في الخبر، وقيل لو لم تكن اللام
لكسرت أيضا لان الجملة حالية، إذ المعنى إلا وهم يأكلون، وقرئ بالفتح على أن اللام
زائدة، وتكون إن مصدرية، ويكون التقدير: إلا أنهم يأكلون: أى وما جعلناهم رسلا إلى
الناس إلا لكونهم مثلهم، ويجوز أن تكون في موضع الحال، ويكون التقدير: إنهم ذوو
أكل.
قوله تعالى (يوم يرون) في العامل فيه ثلاثة أوجه: أحدها اذكر يوم.
[162]
والثانى يعذبون يوم، والكلام الذى بعده يدل عليه. والثالث لايبشرون يوم يرون.
ولايجوز أن تعمل فيه البشرى لامرين: أحدهما أن المصدر لا يعمل فيما قبله. والثانى
أن المنفى لايعمل فيما قبل لا.
قوله تعالى (يومئذ) فيه أوجه: أحدها هو تكرير ليوم الاول.
والثانى هو خبر بشرى فيعمل فيه المحذوف، و (للمجرمين) تبيين أو خبر ثان.
والثالث أن يكون الخبر للمجرمين، والعامل في يومئذ مايتعلق به اللام.
والرابع أن يعمل فيه بشرى إذا قدرت أنها منونة غير مبنية مع لا، ويكون الخبر
للمجرمين، وسقط التنوين لعدم الصرف، ولا يجوز أن يعمل فيه بشرى إذا بنيتها مع لا.
قوله تعالى (حجرا محجورا) هو مصدر، والتقدير: حجرنا حجرا، والفتح والكسر لغتان وقد
قرئ بهما.
قوله تعالى (ويوم تشقق) يقرأ بالتشديد والتخفيف والاصل تتشقق، وهذا الفعل يجوز أن
يراد به الحال والاستقبال، وأن يراد به الماضى وقد حكى، والدليل على أنه عطف عليه،
ونزل وهو ماض، وذكر بعد قوله " ويقولون حجرا " وهذا يكون بعد تشقق السماء، وأما
انتصاب يوم فعلى تقدير: اذكر، أو على معنى وينفرد الله بالملك يوم تشقق السماء
(ونزل) الجمهور على التشديد، ويقرأ بالتخفيف والفتح و (تنزيلا) على هذا مصدر من غير
لفظ الفعل، والتقدير: نزلوا تنزيلا فنزلوا.
قوله تعالى (الملك) مبتدأ، وفى الخبر أوجه ثلاثة: أحدها (للرحمن) فعلى هذا يكون
الحق نعتا للملك، ويومئذ معمول الملك أو معمول مايتعلق به اللام، ولا يعمل فيه الحق
لانه مصدر متأخر عنه.
والثانى أن يكون الخبر الحق، وللرحمن تبيين أو متعلق بنفس الحق: أى يثبت للرحمن.
والثالث أن يكون الخبر يومئذ، والحق نعت للرحمن.
قوله تعالى (يقول ياليتنى) الجملة حال، وفى يا هاهنا وجهان ذكرناهما في قوله تعالى
" ياليتنى كنت معهم ".
قوله تعالى (مهجورا) هو مفعول ثان لاتخذوا: أى صيروا للقرآن مهجورا بإعراضهم عنه.
قوله تعالى (جملة) هو حال من القرآن: أى مجتمعا (كذلك) أى أنزل
[163]
كذلك، فالكاف في موضع نصب على الحال، أو صفة لمصدر محذوف، واللام في (لنثبت) يتعلق
بالفعل المحذوف.
قوله تعالى (جئناك بالحق) أى بالمثل الحق، أو بمثل أحسن تفسيرا من تفسير مثلهم.
قوله تعالى (الذين يحشرون) يجوز أن يكون التقدير هم الذين، أو أعنى الذين، و
(أولئك) مستأنف، ويجوز أن يكون الذين مبتدأ وأولئك خبره.
قوله تعالى (هارون) هو بدل.
قوله تعالى (فدمرناهم) يقرأ فدمراهم، وهو معطوف على اذهبا، والقراءة المشهورة
معطوفة على فعل محذوف تقديره: فذهبا فأنذرا فكذبوهما فدمرناهم (وقوم نوح) يجوز أن
يكون معطوفا على ماقبله: أى ودمرنا قوم نوح، و (أغرقناهم) تبيين للتدمير، ويجوز أن
يكون التقدير: وأغرقنا قوم نوح (وعادا) أى ودمرنا أو أهلكنا عادا (وكلا) معطوف على
ماقبله، ويجوز أن يكون التقدير وذكرنا كلا، لان (ضربنا له الامثال) في معناه، وأما
(كلا) الثانية فمنصوبة ب (تبرنا) لا غير.
قوله تعالى (مطر السوء) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون مفعولا به ثانيا، والاصل
أمطرت القرية مطرا: أى أوليتها أو أعطيتها.
والثانى أن يكون مصدرا محذوف الزوائد: أى إمطار السوء.
والثالث أن يكون نعتا لمحذوف: أى إمطارا مثل مطر السوء.
قوله تعالى (هزوا) أى مهزوا به، وفى الكلام حذف تقديره: يقولون (أهذا) والمحذوف
حال، والعائد إلى (الذى) محذوف: أى بعثه، و (رسولا) يجوز أن يكون بمعنى مرسل، وأن
يكون مصدرا حذف منه المضاف: أى ذا رسول، وهو الرسالة.
قوله تعالى (إن كاد) هى مخففة من الثقيلة وقد ذكر الخلاف فيها في مواضع أخر.
قوله تعالى (من أضل) هو استفهام، و (نشورا) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (لنحيى به) اللام متعلقة بأنزلنا، ويضعف تعلقها بطهور لان الماء ماطهر
لنحيى (مما خلقنا) في موضع نصب على الحال من (أنعاما وأناسى) والتقدير: أنعاما مما
خلقنا، ويجوز أن يتعلق من بنسقيه لابتداء الغاية كقولك:
[164]
أخذت من زيد مالا، فإنهم أجازوا فيه الوجهين، وأناسى أصله أناسين جمع إنسان كسرحان
وسراحين فأبدلت النون فيه ياء وأدغمت، وقيل هو جمع إنسى على القياس والهاء في
(صرفناه) للماء، والهاء في (به) للقرآن.
قوله تعالى (ملح) المشهور على القياس يقال ماء ملح، وقرئ " ملح " بكسر اللام، وأصله
مالح على هذا، وقد جاء في الشذوذ فحذفت الالف كما قالوا في بارد وبرد. والتاء في
فرات أصلية ووزنه فعال، و (بينهما) ظرف لجعل، ويجوز أن يكون حالا من برزخ.
قوله تعالى (على ربه) يجوز أن يكون خبر كان، و (ظهيرا) حال أو خبر ثان، ويجوز أن
يتعلق بظهيرا وهو الاقوى.
قوله تعالى (إلا من شاء) هو استثناء من غير الجنس.
قوله تعالى (بذنوب) هو متعلق ب (خبيرا) أى كفى الله خبيرا بذنوبهم.
قوله تعالى (الذى خلق) يجوز أن يكون مبتدأ، و (الرحمن) الخبر، وأن يكون خبرا: أى هو
الذى، أو نصبا على إضمار أعنى، فيتم الكلام على العرش، ويكون الرحمن مبتدأ، وفاسأل
به الخبر على قول الاخفش، أو خبر مبتدإ محذوف: أى هو الرحمن، أو بدلا من الضمير في
استوى.
قوله تعالى (به) فيه وجهان. أحدهما الباء تتعلق (بخبيرا) وخبيرا مفعول اسأل.
والثانى أن الباء بمعنى عن فتتعلق باسأل، وقيل التقدير: فاسأل بسؤالك عنه خبيرا،
ويضعف أن يكون خبيرا حالا من الفاعل في اسأل، لان الخبير لا يسأل إلا على جهة
التوكيد مثل " وهو الحق مصدقا " ويجوز أن يكون حالا من الرحمن إذا رفعته باستوى.
قوله تعالى (لما تأمرنا) يقرأ بالتاء والياء. وفي " ما " ثلاثة أوجه: أحدها هى
بمعنى الذى. والثانى نكرة موصوفة، وعلى الوجهين يحتاج إلى عائد، والتقدير: لما
تأمرنا بالسجود له ثم بسجوده، ثم تأمرنا، ثم تأمرنا، هذا على قول أبى الحسن، وعلى
قول سيبويه حذف ذلك كله من غير تدريج. والوجه الثالث هى مصدرية. أى أنسجد من أجل
أمرك، وهذا لايحتاج إلى عائد، والمعنى: أنعبد الله لاجل أمرك.
[165]
قوله تعالى (سراجا) يقرأ على الافراد، والمراد الشمس، وعلى الجمع بضمتين أى الشمس
والكواكب، أو يكون كل جزء من الشمس سراجا لانتشارها وإضاءتها في موضع دون موضع، و
(خلفة) مفعول ثان أو حال، وأفرد لان المعنى يخلف أحدهما الآخر فلا يتحقق هذا إلا
منهما. والشكور بالضم مصدر مثل الشكر.
قوله تعالى (وعباد الرحمن) مبتدأ. وفي الخبر وجهان: أحدهما (الذين يمشون) والثانى
قوله تعالى " أولئك يجزون " والذين يمشون صفة.
قوله تعالى (قالوا سلاما) سلاما هنا مصدر، وكانوا في مبدإ الاسلام إذا خاطبهم
الجاهلون ذكروا هذه الكلمة، لان القتال لم يكن شرع ثم نسخ. ويجوز أن يكون قالوا
بمعنى سلموا، فيكون سلاما مصدره.
قوله تعالى (مستقرا) هو تمييز، وساءت بمعنى بئس، و (يقتروا) بفتح الياء، وفي التاء
وجهان: الكسر، والضم وقد قرئ بهما، والماضى ثلاثى يقال: قتر يقتر ويقتر، ويقرأ بضم
الياء وكسر التاء، والماضى أقتر، وهى لغة، وعليها جاء " وعلى المقتر قدره " (وكان
بين ذلك) أى وكان الانفاق، و (قواما) الخبر، ويجوز أن يكون بين الخبر وقواما حالا،
(إلا بالحق) في موضع الحال، والتقدير: إلا مستحقين.
قوله تعالى (يضاعف) يقرأ بالجزم على البدل من يلق إذ كان من معناه، لان مضاعفة
العذاب لقى الآثام، وقرأ بالرفع شاذا على الاستئناف (ويخلد) الجمهور على فتح الياء،
ويقرأ بضمها وفتح اللام على مالم يسم فاعله، وماضيه أخلد بمعنى خلد، (مهانا) حال،
والاثام اسم للمصدر مثل السلام والكلام (إلا من تاب) استثناء من الجنس في موضع نصب.
قوله تعالى (وذرياتنا) يقرأ على الافراد، وهو جنس في معنى الجمع وبالجمع و (قرة) هو
المفعول، ومن أزواجنا وذرياتنا يجوز أن يكون حالا من قرة، وأن يكون معمول هب،
والمحذوف من هب فاؤه، والاصل كسر الهاء لان الواو لا تسقط إلا على هذا التقدير مثل
يعد، إلا أن الهاء فتحت من يهب لانها حلقية فهى عارضة، فلذلك لم تعد الواو كما لم
تعد في يسع ويدع.
قوله تعالى (إماما) فيه أربعة أوجه: أحدها أنه مصدر مثل قيام وصيام، فلم يجمع لذلك،
والتقدير: ذوى إمام.
والثانى أنه جمع إمامة مثل قلادة وقلاد.
والثالث هو جمع آم من آم يؤم مثل حال وحلال.
والرابع أنه واحد اكتفى به عن أئمة كما قال تعالى " نخرجكم طفلا ".
[166]
قوله تعالى (ويلقون) يقرأ بالتخفيف وتسمية الفاعل، وبالتشديد وترك التسمية، والفاعل
في (حسنت) ضمير الغرفة.
قوله تعالى (ما يعبأ بكم) فيه وجهان: أحدهما ما يعبأ بخلقكم لولا دعاؤكم: أى
توحيدكم. والثانى ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم معه آلهة أخرى.
قوله تعالى (فسوف يكون) اسم كان مضمر دل عليه الكلام المتقدم، أو يكون الجزاء أو
العذاب، و (لزاما) أى ذا لزام أو ملازما، فأوقع المصدر موقع اسم الفاعل، والله
أعلم.
سورة الشعراء
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(طسم) مثل الم، وقد ذكر في أول البقرة، (تلك آيات الكتاب) مثل ذلك الكتاب، و (أن لا
يكونوا) مفعول له: أى لئلا أو مخافة أن لا.
قوله تعالى (فظلت) أى فتظل وموضعه جزم عطفا على جواب الشرط، ويجوز أن يكون رفعا على
الاستئناف.
قوله تعالى (خاضعين) إنما جمع جمع المذكر لاربعة أوجه: أحدها أن المراد بالاعناق
عظماؤكم.
والثانى أنه أراد أصحاب أعناقهم.
والثالث أنه جمع عنق من الناس وهم الجماعة، وليس المراد الرقاب.
والرابع أنه لما أضاف الاعناق إلى المذكر وكانت متصلة بهم في الخلقة أجرى عليها
حكمهم.
وقال الكسائى: خاضعين هو حال للضمير المجرور لا للاعناق، وهذا بعيد في التحقيق لان
خاضعين يكون جاريا على غير فاعل ظلت، فيفتقر إلى إبراز ضمير الفاعل، فكان يجب أن
يكون هم خاضعين.
قوله تعالى (كم) في موضع نصب ب (أنبتنا) و (من كل) تمييز، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (وإذ نادى) أى واذكر إذ نادى، و (أن ائت) مصدرية أو بمعنى أى.
قوله تعالى (قوم) هو بدل مما قبله (ألا يتقون) يقرأ بالياء على الاستئناف وبالتاء
على الخطاب، والتقدير: ياقوم فرعون. وقيل هو مفعول يتقون.
[167]
قوله تعالى (ويضيق صدرى) بالرفع على الاستئناف: أى وأنا يضيق صدرى بالتكذيب.
وبالنصب عطفا على المنصوب قبله، وكذلك (ينطلق فأرسل إلى هارون) أى ملكا يعلمه أنه
عضدى أو نبى معى.
قوله تعالى (إنا رسول رب العالمين) في إفراده أوجه: أحدها هو مصدر كالرسالة: أى ذوا
رسول، وأنا رسالة على المبالغة. والثانى أنه اكتفى بأحدهما إذا كانا على أمر واحد.
والثالث أن موسى عليه السلام كان هو الاصل وهارون تبع فذكر الاصل.
قوله تعالى (من عمرك) في موضع الحال من (سنين) و (فعلتك) بالفتح، وقرئ بالكسر: أى
المألوفة منك.
قوله تعالى (وتلك) ألف الاستفهام محذوف: أى أو تلك، و (تمنها) في موضع رفع صفة
لنعمة، وحرف الجر محذوف، أى بها، وقيل حمل على تذكر أو تعدوا (أن عبدت) بدل من
نعمة، أو على إضمار هى، أو من الهاء في تمنها أو في موضع جر بتقدير الباء: أى بأن
عبدت.
قوله تعالى (وما رب العالمين) إنما جاء بما لانه سأل عن صفاته وأفعاله: أى ما صفته
وما أفعاله، ولو أراد العين لقال من، ولذلك أجابه موسى عليه السلام بقوله (رب
السموات) وقيل جهل حقيقة السؤال فجاء موسى بحقيقة الجواب.
قوله تعالى (للملا حوله) حال من الملا: أى كائنين حوله. وقال الكوفيون الموصوف
محذوف: أى الذين حوله، وهنا مسائل كثيرة ذكرت في الاعراف وطه.
قوله تعالى (بعزة فرعون) أى نحلف.
قوله تعالى (أن كنا) لان كنا.
قوله تعالى (قليلون) جمع على المعنى لان الشرذمة جماعة، و (حذرون) بغير ألف.
وبالالف لغتان، وقيل الحاذر بالالف المتسلح، ويقرأ بالدال، والحاذر القوى والممتلئ
أيضا من الغيظ أو الخوف.
قوله تعالى (كذلك) أى إخراجا كذلك.
قوله تعالى (مشرقين) حال، والمشرق: الذى دخل عليه الشروق.
قوله تعالى (لمدركون) بالتخفيف والتشديد، يقال: أدركته وادركته.
[168]
قوله تعالى (وأزلفنا) بالفاء: أى قربنا، والاشارة إلى أصحاب موسى، ويقرأ شاذا
بالقاف: أى صيرنا قوم فرعون إلى مزلفة.
قوله تعالى (إذ قال) العامل في إذ نبأ.
قوله تعالى (هل يسمعونكم) يقرأ بفتح الياء والميم: أى يسمعون دعاءكم فحذف المضاف
لدلالة (تدعون) عليه، ويقرأ بضم الياء وكسر الميم: أى يسمعونكم جواب دعائكم إياهم.
قوله تعالى (كذلك) منصوب ب (يفعلون) قوله تعالى (فإنهم عدو لى) أفرد على النسب: أى
ذوو عداوة، ولذلك يقال في المؤنث هى عدو، كما يقال حائض، وقد سمع عدوة (إلا رب
العالمين) فيه وجهان: أحدهما هو استثناء من غير الجنس لانه لم يدخل تحت الاعداء.
والثانى هو من الجنس لان آباءهم قد كان منهم من يعبد الله وغير الله، والله أعلم.
قوله تعالى (الذى خلقنى) الذى مبتدأ، و (فهو) مبتدأ ثان، و (يهدين) خبره، والجملة
خبر الذى، وأما مابعدها من الذى فصفات للذى الاولى، ويجوز إدخال الواو في الصفات،
وقيل المعطوف مبتدأ وخبره محذوف استغناء بخبر الاول.
قوله تعالى (واجعلنى من ورثة) أى وارثا من ورثة، فمن متعلقة بمحذوف.
قوله تعالى (يوم لا ينفع) هو بدل من يوم الاول.
قوله تعالى (إلا من أتى الله) فيه وجهان: أحدهما هو من غير الجنس: أى لكن من أتى
الله يسلم أو ينتفع. والثانى أنه متصل. وفيه وجهان، أحدهما هو في موضع نصب بدلا من
المحذوف أو استثناء منه، والتقدير: لا ينفع مال ولا بنون أحدا إلا من أتى. والمعنى
أن المال إذا صرف في وجوه البر والبنين الصالحين ينتفع بهم من نسب إليهم وإلى
صلاحهم. والوجه الثانى هو في موضع رفع على البدل من فاعل ينفع: وغلب من يعقل، ويكون
التقدير: إلا من مال من أو بنو من فإنه ينفع نفسه أو غيره بالشفاعة.
وقال الزمخشرى: يجوز أن يكون مفعول ينفع أى ينفع ذلك إلا رجلا أتى الله.
قوله تعالى (إذ نسويكم) يجوز أن يكون العامل فيه مبين أو فعل محذوف دل عليه ضلال،
ولا يجوز أن يعمل فيه ضلال لانه قد وصف.
قوله تعالى (فنكون) هو معطوف على كرة: أى لو أن لنا أن نكر فنكون: أى فأن نكون.
[169]
قوله تعالى (واتبعك) الواو للحال، وقرئ شاذا " وأتباعك " على الجمع.
وفيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، وما بعده الخبر والجملة حال.
والثانى هو معطوف على ضمير الفاعل في نؤمن، و (الارذلون) صفة: أى أنستوى نحن وهم.
قوله تعالى (فتحا) يجوز أن يكون مصدرا مؤكدا، وأن يكون مفعولا به، ويكون الفتح
بمعنى المفتوح كما قالوا هذا من فتوح عمر.
قوله تعالى (أتبعثون) هو حال من الضمير في تبنون، و (تخلدون) على تسمية الفاعل
والتخفيف، وعلى ترك التسمية والتشديد والتخفيف، والماضى خلد وأخلد.
قوله تعالى (أمدكم بأنعام) هذه الجملة مفسرة لما قبلها، ولا موضع لها من الاعراب.
قوله تعالى (أم لم تكن من الواعظين) هذه الجملة وقعت موقع أم لم تعظ (إن هذا إلا
خلق) بفتح الخاء وإسكان اللام: أى افتراء الاولين: أى مثل افترائهم، ويجوز أن يراد
به الناس: أى هل نحن وأنت إلا مثل من تقدم في دعوى الرسالة والتكذيب، وإنا نموت ولا
نعاد، ويقرأ بضمتين: أى عادة الاولين.
قوله تعالى (في جنات) هو بدل من قوله " فيما هاهنا " بإعادة الجار.
قوله تعالى (فرهين) هو حال، ويقرأ " فارهين " بالالف وهما لغتان.
قوله تعالى (من القالين) أى لقال من القالين، فمن صفة للخبر متعلقة بمحذوف واللام
متعلقة بالخبر المحذوف، وبهذا تخلص من تقديم الصلة على الموصول، إذ لو جعلت من
القائلين الخبر لاعملته في لعملكم.
قوله تعالى (أصحاب الايكة) يقرأ بكسر التاء مع تحقيق الهمزة، وتخفيفها بالالقاء وهو
مثل الانثى والانثى: وقرئ " ليكة " بياء بعد اللام وفتح التاء، وهذا لا يستقيم إذ
ليس في الكلام ليكة حتى يجعل علما، فإن ادعى قلب الهمزة لاما فهو في غاية البعد.
قوله تعالى (والجبلة) يقرأ بكسر الجيم والباء وضمها مع التشديد وهما لغتان.
قوله تعالى (وإنه) الهاء ضمير القرآن، ولم يجر له ذكر، والتنزيل بمعنى المنزل (نزل
به) يقرأ على تسمية الفاعل، وهو (الروح الامين) وعلى ترك التسمية والتشديد، ويقرأ
بتسمية الفاعل والتشديد، والروح بالنصب: أى أنزل الله جبريل بالقرآن، وبه حال.
[170]
قوله تعالى (بلسان) يجوز أن تتعلق الباء بالمنذرين، وأن تكون بدلا من به: أى نزل
بلسان عربى: أى برسالة، أو لغة.
قوله تعالى (أو لم تكن) يقرأ بالتاء: وفيها وجهان: أحدهما هى التامة، والفاعل (آية)
و (أن يعلمه) بدل، أو خبر مبتدإ محذوف: أى أو لم تحصل لهم آية.
والثانى هى ناقصة: وفي اسمها وجهان: أحدهما ضمير القصة، وأن يعلمه مبتدأ، وآية خبر
مقدم، والجملة خبر كان. والثانى أسمها آية، وفي الخبر وجهان: أحدهما لهم، وأن يعلمه
بدل أو خبر مبتدإ محذوف.
والثانى أن يعلمه، وجاز أن يكون الخبر معرفة، لان تنكير المصدر وتعريفه سواء، وقد
تخصصت آية ب " لهم " ولان علم بنى إسرائيل لم يقصد به معين، ويقرأ بالياء فيجوز أن
يكون مثل الباء، لان التأنيث غير حقيقى، وقد قرئ على الياء آية بالنصب على أنه خبر
مقدم.
قوله تعالى (الاعجمين) أى الاعجميين، فحذف ياء النسبة كما قالوا الاشعرون أى
الاشعريون، وواحده أعجمى، ولا يجوز أن يكون جمع أعجم لان مؤنثه عجماء ومثل هذا لا
يجمع جمع التصحيح.
قوله تعالى (سلكناه) قد ذكر مثله في الحجر، والله أعلم.
قوله تعالى (فيأتيهم. فيقولوا) هما معطوفان على يروا.
قوله تعالى (ماأغنى عنهم) يجوز أن يكون استفهاما، فيكون " ما " في موضع نصب، وأن
يكون نفيا، أى ما أغنى عنهم شيئا.
قوله تعالى (ذكرى) يجوز أن يكون مفعولا له، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف إى الانذار
ذكرى.
قوله تعالى (يلقون) هو حال من الفاعل في " تنزل ".
قوله تعالى (يهيمون) يجوز أن يكون خبر إن فيعمل في كل واد، وأن يكون حالا فيكون
الخبر في كل واد.
قوله تعالى (أى منقلب) هو صفة لمصدر محذوف، والعامل (ينقلبون) أى ينقلبون انقلابا:
أى منقلب، ولا يعمل فيه يعلم لان الاستفهام لا يعمل فيه ماقبله، والله أعلم.
سورة النمل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (تلك آيات القرآن) هو مثل قوله " ذلك الكتاب " في أول البقرة (وكتاب)
بالجر عطفا على المجرور، وبالرفع عطفا على آيات، وجاء بالواو كما جاء في قوله تعالى
" ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم " وقد ذكر.
فإن قيل، ما وجه الرفع عطفا على آيات؟ ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها أن الكتاب مجموع آيات، فكأن التأنيث على المعنى.
والثانى أن التقدير: وآيات كتاب، فأقيم المضاف إليه مقام المضاف.
والثالث أنه حسن لما صحت الاشارة إلى آيات، ولو ولى الكتاب تلك لم يحسن، ألا ترى
أنك تقول جاءتنى هند وزيد، ولو حذفت هندا أو أخرتها لم يجز التأنيث.
قوله تعالى (هدى وبشرى) هما في موضع الحال من آيات، أو من كتاب إذا رفعت، ويضعف أن
يكون من المجرور، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مبين جررت أو رفعت ويجوز أن
يكونا في موضع خبرا بعد خبر أو على حذف مبتدإ.
قوله تعالى (إذ قال موسى) أى واذكر.
قوله تعالى (بشهاب قبس) الاضافة من باب " ثوب خز " لان الشهاب نوع من القبس: أى
المقبوس والتنوين على الصفة، والطاء في (يصطلون) بدل من تاء افتعل من أجل الصاد.
قوله تعالى (نودى) في ضمير الفاعل ثلاثة أوجه: أحدها هو ضمير موسى عليه السلام،
فعلى هذا في (أن) ثلاثة أوجه: هى بمعنى أى، لان من النداء معنى القول. والثانى هو
مصدرية، والفعل صلة لها، والتقدير: لبركة من في النار أو ببركة: أى اعلم بذلك،
والثالث هى مخففة من الثقيلة، وجاز ذلك من غير عوض لان بورك دعاء والدعاء يخالف
غيره في أحكام كثيرة. والوجه الثانى لاضمير في نودى والمرفوع به أن بورك، والتقدير:
نودى بأن بورك، كما تقول: قد نودى بالرخص والثالث المصدر مضمر: أى نودى النداء، ثم
فسر بما بعده كقوله تعالى " ثم بدا لهم " وأما (من) فمرفوعة ببورك والتقدير: بورك
من في جوار وبورك من حولها.
وقيل التقدير: بورك مكان من في النار. النار، ومكان من حولها من الملائكة.
[172]
قوله تعالى (إنه أنا الله) الهاء ضمير الشأن، وأنا الله مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون
ضمير رب: أى أن الرب أنا الله، فيكون أنا فصلا أو توكيدا أو خبر إن، والله بدل منه.
قوله تعالى (تهتز) هو حال من الهاء في رآها، و (كأنها جان) حال من الضمير في تهتز.
قوله تعالى (إلا من ظلم) هو استثناء منقطع في موضع نصب، ويجوز أن يكون في موضع رفع
بدلا من الفاعل.
قوله تعالى (بيضاء) حال، و (من غير سوء) حال أخرى، و (في تسع) حال ثالثة، والتقدير:
آية في تسع آيات، و (إلى) متعلقة بمحذوف تقديره: مرسلا إلى فرعون، ويجوز أن يكون
صفة لتسع، أو لآيات: أى واصلة إلى فرعون و (مبصرة) حال، ويقرأ بفتح الميم والصاد،
وهو مصدر مفعول له: أى تبصرة و (ظلما) حال من الضمير في جحدوا، ويجوز أن يكون
مفعولا من أجله.
ويقرأ " غلوا " بالغين المعجمة، والمعنى متقارب، و (كيف) خبر كان، و (عاقبة) اسمها،
و (من الجن) حال من جنوده، و (نملة) بسكون الميم وضمها لغتان (ادخلوا) أتى بضمير من
يعقل، لانه وصفها بصفة من يعقل (لايحطمنكم) نهى مستأنف، وقيل هو جواب الامر وهو
ضعيف، لان جواب الامر لا يؤكد بالنون في الاختيار، و (ضاحكا) حال مؤكدة، وقيل مقدرة
لال التبسم مبدأ الضحك، ويقرأ " ضحكا " على أنه مصدر، والعامل فيه تبسم لانه بمعنى
ضحك، ويجوز أن يكون اسم فاعل مثل نصب، لان ماضيه ضحك وهو لازم.
قوله تعالى (عذابا) أى تعذيبا (فمكث) بفتح الكاف وضمها لغتان (غير بعيد) أى مكانا
غير بعيد، أو وقتا أو مكثا: وفي الكلام حذف: أى فجاء، و (سبأ) بالتنوين على أنه اسم
رجل أو بلد، وبغير تنوين على أنها بقعة أو قبيلة (وأوتيت) يجوز أن يكون حالا، وقد
مقدرة، وأن يكون معطوفا لان تملكهم بمعنى ملكتهم.
قوله تعالى (ألا يسجدوا) في " لا " وجهان: أحدهما ليست زائدة، وموضع الكلام نصب
بدلا من أعمالهم، أو رفع على تقدير: هى ألا يسجدوا. والثانى هى زائدة، وموضعه نصب
بيهتدون: أى لا يهتدون، لان يسجدوا أو جر على إرادة الجار، ويجوز أن يكون بدلا من
السبيل: أى وصدهم عن أن يسجدوا، ويقرأ ألا
[173]
اسجدوا، فألا تنبيه، ويا: نداء، والمنادى محذوف: أى ياقوم اسجدوا.
وقال جماعة من المحققين: دخل حرف التنبيه على الفعل من غير تقدير حذف، كما دخل في "
هلم ".
قوله تعالى (ثم تول عنهم) أى قف عنهم حجزا(1) لتنظر ماذا يردون، ولا تقديم في هذا،
وقال أبوعلى: فيه تقديم، أى فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم.
قوله تعالى (إنه من سليمان) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح بدلا من كتاب، أو مرفوع
بكريم.
قوله تعالى (ألا تعلوا علي) موضعه رفع بدلا من كتاب: أى هو أن لاتعلوا أو في موضع
نصب: أى لان لاتعلوا، ويجوز أن تكون أن بمعنى أى، فلا يكون لها موضع، ويقرأ بالغين:
أى لا تزيدوا.
قوله تعالى (ماذا) هو مثل قوله تعالى " ماذا أراد الله بهذا " وقد ذكر (وكذلك
يفعلون) من تمام الحكاية عنها، وقيل هو مستأنف من الله تعالى.
قوله تعالى (اتمدوننى) بالاظهار على الاصل، وبالادغام لانهما مثلان.
قوله تعالى (عفريت) التاء زائدة لانه من العفر، يقال: عفرية وعفريت، و (آتيك) فعل،
ويجوز أن يكون اسم فاعل، و (مستقرا) أى ثابتا غير متقلقل وليس بمعنى الحصول المطلق،
إذ لو كان كذلك لم يذكر، و (أأشكر أم أكفر) في موضع نصب: أى ليبلو شكرى وكفرى، و
(ننظر) بالجزم على الجواب، وبالرفع على الاستئناف.
قوله تعالى (وصدها) الفاعل (ما كانت) وقيل ضمير اسم الله: أى وصدها الله عما كانت
(إنها) بالكسر على الاستئناف، وبالفتح أى لانها أو على البدل من " ما " وتكون على
هذا مصدرية، و (ادخلى الصرح) أى في الصرح، وقد ذكر نظيره (وأسلمت) أى وقد أسلمت.
قوله تعالى (فإذا هم) إذا هنا للمفاجأة، فهى مكان، وهم مبتدأ، و (فريقان) الخبر، و
(يختصمون) صفة وهى العاملة في إذا، و (اطيرنا) قد ذكر في الاعراف، و (رهط) اسم
للجمع، فلذلك أضيف تسعة إليه، و (يفسدون) صفة لتسعة أو لرهط.
قوله تعالى (تقاسموا) فيه وجهان: أحدهما هو أمر: أى أمر بعضهم بعضا
___________________________________
(1) قوله (حجزا) في القاموس: الحجز بالكسر وبضم: الناحية اه. (*)
[174]
بذلك، فعلى هذا يجوز في (لنبيتنه) النون تقديره: قولوا لنبيتنه، والتاء على خطاب
الآمر المأمور، ولايجوز الياء. والثانى هو فعل ماض فيجوز الاوجه الثلاثة، وهو على
هذا تفسير لقالوا، و (مهلك) قد ذكر في الكهف.
قوله تعالى (كيف كان عاقبة) في كان وجهان: أحدهما هى الناقصة، وعاقبة مرفوعة على
أنها اسمها.
وفي الخبر وجهان: أحدهما كيف، و (أنا دمرناهم) إن كسرت كان مستأنفا، وهى مفسر لمعنى
الكلام، وإن فتحت فيه أوجه: أحدها أن يكون بدلا من العاقبة.
والثانى خبر مبتدإ محذوف: أى هى أنا دمرناهم.
والثالث أن يكون بدلا من كيف عند بعضهم، وقال آخرون: لا يجوز ذلك لان البدل من
الاستفهام يلزم فيه إعادة حرفه كقولك: كيف زيد أصحيح أم مريض؟ والرابع هو في موضع
نصب: أى بأنا أو لانا. والوجه الثانى أن يكون خبر كان أنا دمرناهم إذا فتحت، وإذا
كسرت لم يجز لانه ليس في الجملة ضمير يعود على عاقبة، وكيف على هذا حال، والعامل
فيها كان أو مايدل عليه الخبر. والوجه الثانى من وجهى كان أن تكون التامة، وكيف على
هذا حال غير، وإنا دمرنا بالكسر مستأنف، وبالفتح على ماتقدم إلا في كونها خبرا.
قوله تعالى (خاوية) هو حال من البيوت، والعامل الاشارة، والرفع جائز على ماذكرنا في
" هذا بعلى شيخا " و (بما) يتعلق بخاوية.
قوله تعالى (ولوطا) أى وأرسلنا لوطا، و (شهوة) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (وسلام) الجملة محكمية أيضا، وكذلك (آلله خير) أى قل ذلك كله.
قوله تعالى (ماكان لكم أن تنبتوا) الكلام كله نعت لحدائق، ويجوز أن يكون مستأنفا، و
(خلالها) ظرف، وهو المفعول الثانى، و (بين البحرين) كذلك، ويجوز أن ينتصب بين
بحاجز: أى مايحجز بين البحرين، و (بشرا) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (من في السموات) فاعل يعلم، و (الغيب) مفعوله، و (إلا الله) بدل من " من
" ومعناه لا يعلم أحد، وقيل إلا بمعنى غير، وهى صفة لمن.
قوله تعالى (بل ادارك) فيه قراءات: إحداها أدرك مثل أخرج، ومنهم من يلقى حركة
الهمزة على اللام.
والثانية بل أدرك على افتعل، وقد ذكر في الاعراف.
والثالثة ادارك وأصله تدارك، ثم سكنت التاء واجتلبت لها همزة الوصل.
[175]
والرابع تدارك: أى تتابع علمهم في الآخرة: أى بالآخرة، والمعنى، بل تم علمهم
بالآخرة لما قام عليه من الادلة فما انتفعوا بل هم في شك، و (منها) يتعلق ب
(عمون).
قوله تعالى (وآباؤنا) هو معطوف على الضمير في كنا من غير توكيد، لان المفعول فصل
فجرى مجرى التوكيد.
قوله تعالى (عسى أن يكون) فأن يكون فاعل عسى، واسم كان مضمر فيها أى أن يكون الشأن
ومابعده في موضع نصب خبر كان، وقد ذكر مثله في آخر الاعراف.
قوله تعالى (ردف لكم) الجمهور بكسر الدال، وقرئ بالفتح وهى لغة، واللام زائدة: أى
ردفكم، ويجوز أن لاتكون زائدة، ويحمل الفعل على معنى دنا لكم، أو قرب أجلكم،
والفاعل بعض.
قوله تعالى (ماتكن) من أكننت، ويقرأ بفتح التاء وضم الكاف من كننت: أى سترت (ولا
تسمع) بالضم على إسناد الفعل إلى المخاطب (وماأنت بهادى العمى) على الاضافة،
وبالتنوين والنصب على إعمال اسم الفاعل، وتهدى على أنه فعل، و (عن) يتعلق بتهدى،
وعداه بعن لان معناه تصرف، ويجوزأن تتعلق بالعمى، ويكون المعنى أن العمى صدر عن
ضلالتهم.
قوله تعالى (تكلمهم) يقرأ بفتح التاء وكسر اللام مخففا بمعنى تسمهم وتعلم فيهم من
كلمه إذا جرحه، ويقرأ بالضم والتشديد، وهو بمعنى الاولى إلا أنه شدد للتكثير، ويجوز
أن يكون من الكلام (إن الناس) بالكسر على الاستئناف وبالفتح أى تكلهم بأن الناس، أو
تخبرهم بأن الناس، أو لان الناس (ويوم نحشر) أى واذكر يوم، وكذلك (ويوم ينفخ في
الصور. ففزع) بمعنى فيفزع (وكل أتوه) على الفعل وآتوه بالمد على أنه اسم، و
(داخرين) حال.
قوله تعالى (تحسبها) الجملة حال من الجبال أو من الضمير في ترى (وهى تمر) حال من
الضمير المنصوب في تحسبها، ولايكون حالا من الضمير في جامدة إذ لا يستقيم أن تكون
جامدة مارة مر السحاب، والتقدير: مرا مثل مر السحاب، و (صنع الله) مصدر عمل فيه
مادل عليه تمر، لان ذلك من صنعه سبحانه، فكأنه قال: أصنع ذلك صنعا. وأظهر الاسم لما
لم يذكر.
قوله تعالى (خير منها) يجوز أن يكون المعنى أفضل منها فيكون " من " في موضع نصب،
ويجوز أن يكون بمعنى فضل فيكون " منها " في موضع رفع صفة
[176]
لخير: أى فله خبر حاصل بسببها (من فزع) يالتنوين (يومئذ) بالنصب، ويقرأ " من فزع
يومئذ " بالاضافة، وقد ذكر مثله في هود عند قوله " ومن خزى يومئذ ".
قوله تعالى (هل يجزون) أى يقال لهم، وهو في موضع نصب على الحال: أى فكبت وجوههم
مقولا لهم هل يجزون.
قوله تعالى (الذى حرمها) هو صفة لرب، وقرئ التى على الصفة للبلدة، والله أعلم.
سورة القصص
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد تقدم ذكر الحروف المقطعة والكلام على ذلك.
قوله تعالى (نتلو عليك) مفعوله محذوف دلت عليه صفته تقديره: شيئا من نبإ موسى، وعلى
قول الاخفش من زائدة، و (بالحق) حال من النبأ.
قوله تعالى (يستضعف) يجوز أن يكون صفة لشيعا، (يذبح) تفسير له، أو حال من فاعل
يستضعف، ويجوز أن يكونا مستأنفين.
قوله تعالى (منهم) يتعلق بنرى ولا يتعلق ب (يحذرون) لان الصلة لاتتقدم على
الموصول، و (أن أرضعيه) يجوز أن " تكون " أن مصدرية، وأن تكون بمعنى أى.
قوله تعالى (ليكون لهم) اللام للصيرورة، لالام الغرض، والحزن والحزن لغتان.
قوله تعالى (قرة عين) أى هو قرة عين و (لى ولك) صفتان لقرة، وحكى بعضهم أن الوقف
على (لا) وهو خطأ لانه لو كان كذلك لقال تقتلونه: أى أتقتلونه على الانكار، ولا
جازم على هذا.
قوله تعالى (فارغا) أى من الخوف، ويقرأ " فرغا " بكسر الفاء وسكون الراء كقولهم ذهب
دمه فرغا: أى باطلا: أى أصبح حزن فؤادها باطلا، ويقرأ " فزعا " وهو ظاهر ويقرأ "
فرغا " أى خاليا من قولهم فرغ الفناء إذا خلا، وإن مخففة من الثقيلة، وقيل بمعنى
ما، وقد ذكرت نظائره، وجواب لولا محذوف دل عليه (إن كادت) و (لتكون) اللام متعلقة
بربطنا.
[177]
قوله تعالى (عن جنب) هو في موضع الحال إما من الهاء في به: أى بعيدا، أو من الفاعل
في بصرت: أى مستخفية، ويقرأ عن جنب، وعن جانب، والمعنى متقارب، و (المراضع) جمع
مرضعة، ويجوز أن يكون جمع مرضع الذى هو مصدر، (ولا تحزن) معطوف على تقر، و (على حين
غفلة) حال من المدينة ويجوز أن يكون حالا من الفاعل: أى مختلسا.
قوله تعالى (هذا من شيعته وهذا من عدوه) الجملتان في موضع نصب صفة لرجلين.
قوله تعالى (من عمل الشيطان) أى من تحسينه، أو من تزيينه.
قوله تعالى (بما أنعمت) يجوز أن يكون قسما، والجواب محذوف، و (فلن أكون) تفسير له،
أى لاتوبن، ويجوز أن يكون استعطافا: أى كما أنعمت علي فاعصمنى فلن أكون، و (يترقب)
حال مبدلة من الحال الاولى، أو تأكيدا لها أو حال من الضمير في خائفا، و (إذا)
للمفاجأة وما بعدها مبتدأ، و (يستصرخه) الخبر أو حال، والخبر إذا.
قوله تعالى (يصدر) يقرأ بصاد خالصة وبزاى خالصة لتجانس الدال، ومنهم من يجعلها بين
الصاد والزاى لينبه على أصلها، وهذا إذا سكنت الصاد، ومن ضم الياء حذف المفعول: أى
يصدر الرعاء ماشيتهم، والرعاء بالكسر جمع راع كقائم، وقيام، وبضم الراء وهو اسم
للجمع كالتوام والرحال، و (على استحياء) حال، و (ما سقيت لنا) أى أجر سقيك فهى
مصدرية، و (هاتين) صفة، والتشديد والتخفيف قد ذكر في النساء في قوله تعالى "
واللذان "، و (على أن تأجرنى) في موضع الحال كقولك: أنكحتك على مائة: أى مشروطا
عليك، أو واجبا عليك ونحو ذلك، ويجوز أن تكون حالا من الفاعل، و (ثمانى) ظرف.
قوله تعالى (فمن عندك) يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: أى فالتمام ويجوز أن يكون في
موضع نصب: أى فقد أفضلت من عندك.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (بينى وبينك) الخبر، والتقدير: بيننا، و (أيما) نصب ب
(قضيت) ومازائدة، وقيل نكرة، والاجلين بدل منها، وهى شرطية، و (فلا عدوان) جوابها.
والجذوة بالكسر والفتح والضم لغات، وقد قرئ بهن.
[178]
قوله تعالى (أن ياموسى) أن مفسرة، لان النداء قول، والتقدير: أى ياموسى وقيل هى
المخففة، والتقدير: بأن ياموسى.
قوله تعالى (من الرهب) " من " متعلقة بولى: أى هرب من الفزع، وقيل بمدبرا، وقيل
بمحذوف: أى يسكن من الرهب، وقيل باضمم، أى من أجل الرهب، والرهب بفتح الراء والهاء،
وبفتح الراء وإسكان الهاء، وبضمها وبضم الراء وسكون الهاء لغات، وقد قرئ بهن
(فذانك) بتخفيف النون وتشديدها وقد بين في " واللذان يأتيانها " وقرئ شاذا " فذانيك
" بتخفيف النون وياء بعدها، قيل هى بدل من إحدى النونين وقيل نشأت عن الاشباع، و
(إلى) متعلقة بمحذوف أى مرسلا إلى فرعون، و (رداءا) حال، ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة
على الراء وحذفها (يصدقنى) بالجزم على الجواب، وبالرفع صفة لرداء، أو حالا من
الضمير فيه.
قوله تعالى (بآياتنا) يجوز أن يتعلق بيصلون، وأن يتعلق ب (الغالبون)، و (تكون)
بالتاء على تأنيث العاقبة، وبالياء لان التأنيث غير حقيقى، ويجوز أن يكون فيها ضمير
يعود على من، و (له عاقبة) جملة في موضع خبر كان، أو تكون تامة، فتكون الجملة حالا.
قوله تعالى (ويوم القيامة) الثانية فيه أربعة أوجه: أحدها هومعطوف على موضع في هذه:
أى وأتبعناهم يوم القيامة.
والثانى أن يكون حذف المضاف: أى وأتبعناهم لعنة يوم القيامة.
والثالث أن يكون منصوبا ب (المقبوحين) على أن تكون الالف واللام للتعريف لا بمعنى
الذى.
والرابع أن يكون على التبيين: أى وقبحوا يوم القيامة ثم فسر بالصلة.
قوله تعالى (بصائر) حال من الكتاب أو مفعول له، وكذلك (هدى ورحمة).
قوله تعالى (بجانب الغربى) أصله أن يكون صفة: أى بالجانب الغربى، ولكن حول عن ذلك
وجعل صفة المحذوف ضرورة امتناع إضافة الموصوف إلى الصفة إذ كانت هى الموصوف في
المعنى، وإضافة الشئ إلى نفسه خطأ، والتقدير جانب المكان الغربى، و (إذ) معمولة
للجار أو لما يتعلق به (وما كنت من الشاهدين) إى إذ قصينا، و (تتلوا) في موضع نصب
خبرا ثانيا أو حال من الضمير في ثاويا (ولكن رحمة) أى أعلمناك ذاك للرحمة أو
أرسلناك.
قوله تعالى (قالوا ساحران) هو تفسير لقوله أو لم يكفروا، وساحران بالالف:
[179]
أى موسى وهرون، وقيل موسى ومحمد صلى الله وسلم عليهما، وسحران بغير ألف: أى القرآن
والتوراة (ومن أضل) استفهام في معنى النفى: أى لا أحد أضل، و (وصلنا) بالتشديد
والتخفيف متقاربان في المعنى، و (الذين) مبتدأ، و (هم به يؤمنون) خبره، و (مرتين)
في موضع المصدر (أو لم نمكن لهم حرما) عداه بنفسه، لان معنى نمكن نجعل، وقد صرح به
في قوله " أو لم يروا أنا جعلنا حرما " و (آمنا) أى من الخسف وقصد الجبابرة، ويجوز
أن يكون بمعنى يؤمن من لجأ إليه، أو ذا أمن، و (رزقا) مصدر من معنى يحيى (وكم) في
موضع نصب ب (أهلكنا) و (معيشتها) نصب ببطرت لان معناه كفرت نعمتها، أو جهلت شكر
معيشتها، فحذف المضاف، وقيل التقدير: في معيشتها، وقد ذكر في سفه نفسه، و (لم تسكن)
حال، والعامل فيها الاشارة، ويجوز أن تكون في موضع رفع على ما ذكر في قوله تعالى "
وهذا بعلى شيخا " (إلا قليلا) أى زمانا قليلا.
قوله تعالى (ثم هو) من أسكن الهاء شبه ثم بالواو والفاء.
قوله تعالى (فمتاع الحياة الدنيا) أى فالمؤتى متاع.
قوله تعالى (هؤلاء) فيه وجهان: أحدهما هو مبتدأ، و (الذين أغوينا) صفة لخبر هؤلاء
المحذوف: أى هؤلاء هم الذين أغوينا، و (أغويناهم) مستأنف ذكره أبوعلى في التذكرة،
قال: ولايجوز أن يكون أغويناهم خبرا، والذين أغوينا صفة لانه ليس فيه زيادة على
مافى صفة المبتدأ.
فإن قلت: فقد وصله بقوله تعالى " كما غوينا " وفيه زيادة.
قيل: الزيادة بالظرف لا تصيره أصلا في الجملة، لان الظروف فضلات.
وقال غيره، وهو الوجه الثانى: لايمتنع أن يكون هؤلاء مبتدأ، والذين صفة، وأغويناهم
الخبر من أجل ما اتصل به، وإن كان ظرفا لان الفضلات في بعض المواضع تلزم كقولك: زيد
عمرو في داره.
قوله تعالى (ما كانوا إيانا يعبدون) " ما " نافية، وقيل هى مصدرية، والتقدير: مما
كانوا يعبدون: أى من عبادتهم إيانا.
قوله تعالى (ما كان لهم الخيرة) " ما " هاهنا نفى أيضا، وقيل هى مصدرية: أى يختار
اختيارهم بمعنى مختارهم.
قوله تعالى (سرمدا) يجوز أن يكون حالا من الليل، وأن يكون مفعولا ثانيا لجعل، و
(إلى) يتعلق بسرمدا أو يجعل أو يكون صفة لسرمدا.
[180]
قوله تعالى (الليل والنهار لتسكنوا فيه) التقدير: جعل لكم الليل لتسكنوا فيها،
والنهار لتبتغوا من فضله، ولكن مزج اعتماد على فهم المعنى، و (هاتوا) قد ذكر في
البقرة.
قوله تعالى (ماإن مفاتحه) " ما " بمعنى الذى في موضع نصب بآياتنا، وأن واسمها
وخبرها صلة الذى، ولهذا كسرت " إن " و (لتنوء بالعصبة) أى تنئ العصبة، فالباء معدية
معاقبة للهمزة في أنأته، يقال أنأته ونؤت به، والمعنى: تثقل العصبة، وقيل هو على
القلب: أى لتنوء به العصبة. ومن (الكنوز) يتعلق بآتينا.
و (إذ قال له) ظرف لآتيناه، ويجوز أن يكون ظرفا لفعل محذوف دل عليه الكلام: أى بغى
إذ قال له قومه.
قوله تعالى (فيما آتاك) " ما " مصدرية بمعنى الذى، وهى في موضع الحال: أى وابتغ
متقلبا فيما آتاك الله أجر الآخرة، ويجوز أن يكون ظرفا لابتغ قوله تعالى (على علم)
هو في موضع الحال، و (عندى) صفة لعلم، ويجوز أن يكون ظرفا لاوتيته: أى أوتيته فيما
أعتقد على علم، و (من قبله) ظرف لاهلك، و (من) مفعول أهلك.
ومن القرون فيه وجهان: أحدهما يتعلق بأهلك وتكون " من " لابتداء الغاية.
والثانى أن يكون حالا من " من " كقولك: أهلك الله من الناس زيدا.
قوله تعالى (ولا يسئل) يقرأ على مالم يسم فاعله، وهو ظاهر، وبتسمية الفاعل و
(المجرمون) الفاعل: أى لا يسألون غيرهم عن عقوبة ذنوبهم لاعترافهم بها، ويقرأ "
المجرمين " أى لا يسألهم الله تعالى.
قوله تعالى (في زينته) هو حال من ضمير الفاعل في خرج، و (ويلكم) مفعول فعل محذوف:
أى ألزمكم الله ويلكم، و (خير لمن آمن) مثل قوله " وما عند الله خير للابرار " وقد
ذكر (ولا يلقاها) الضمير للكلمة التى قالها العلماء أو للاثابة لانها في معنى
الثواب، أو للاعمال الصالحة، و (بالامس) ظرف لتمنوا.
ويجوز أن يكون حالا من مكانه لان المراد بالمكان هنا الحالة والمنزلة، وذلك مصدر.
قوله تعالى (وى كأن الله) " وى " عند البصريين منفصلة عن الكاف، والكاف متصلة بأن،
ومعنى " وى " تعجب، وكأن القوم نبهوا فانتبهوا فقالوا وى كأن الامر كذا وكذا، ولذلك
فتحت الهمزة من " أن " وقال الفراء: الكاف موصولة بوى: أى ويك أعلم أن الله يبسط،
وهو ضعيف لوجهين: أحدهما أن معنى الخطاب هنا بعيد.
[181]
والثانى أن تقدير وى اعلم لا نظير له، وهو غير سائغ في كل موضع (لخسف) على التسمية
وتركها، وبالادغام والاظهار، ويقرأ بضم الخاء وسكون السين على التخفيف، والادغام
على هذا ممتنع.
قوله تعالى (تلك الدار) تلك مبتدأ، والدار نعت، و (نجعلها) الخبر.
قوله تعالى (أعلم من جاء) " من " في موضع نصب على ماذكر في قوله تعالى " أعلم من
يضل عن سبيله " في الانعام.
قوله تعالى (إلا رحمة) أى ولكن ألقى رحمة، أى للرحمة.
قوله تعالى (إلا وجهه) استثناء من الجنس: أى إلا إياه، أو ما عمل لوجهه سبحانه.