سورة
الانفال
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(عن الانفال) الجمهور على إظهار النون، ويقرأ بإدغامها في اللام، وقد ذكر في قوله "
عن الاهلة " و (ذات بينكم) قد ذكر في آل عمران عند قوله " بذات الصدور " (وجلت)
مستقبله توجل بفتح التاء وسكون الواو وهى اللغة الجيدة، ومنهم من يقلب الواو ألفا
تخفيفا، ومنهم من يقلبها ياء بعد كسر التاء، وهو على لغة من كسر حرف المضارعة،
وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها، ومنهم من يفتح التاء مع سكون الياء
فتركب من اللغتين لغة ثالثة، فتفتح الاول على اللغة الفاشية، وتقلب الواو ياء على
الاخرى (وعلى ربهم يتوكلون) يجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير المفعول في زادتهم،
ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (حقا) قد ذكر مثله في النساء و (عند ربهم) ظرف، والعامل فيه الاستقرار،
ويجوز أن يكون العامل فيه درجات لان المراد به الاجور.
قوله تعالى (كما أخرجك) في موضع الكاف أوجه: أحدها أنها صفة لمصدر محذوف، ثم في ذلك
المصدر أوجه تقديره: ثابتة لله ثبوتا كما أخرجك.
والثانى: وأصلحوا ذات بينكم إصلاحا كما أخرجك، وفي هذا رجوع من خطاب الجمع إلى خطاب
الواحد.
والثالث تقديره: وأطيعوا الله طاعة كما أخرجك، والمعنى: طاعة محققة.
والرابع تقديره: يتوكلون توكلا كما أخرجك.
والخامس هو صفة لحق تقديره: أولئك هم المؤمنون حقا مثل ما أخرجك.
والسادس تقديره: يجادلونك جدالا كما أخرجك.
والسابع تقديره: وهم كارهون كراهية كما أخرجك: أى ككراهيتهم أو كراهيتك لاخراجك،
وقد ذهب قوم إلى أن الكاف بمعنى الواو التى للقسم وهو بعيد، و (ما) مصدرية، و
(بالحق) حال، وقد ذكر نظائره (وإن فريقا) الواو هنا واو الحال.
[4]
قوله تعالى (وإذ يعدكم) إذ في موضع نصب: أى واذكروا، والجمهور على ضم الدال، ومنهم
من يسكنها تخفيفا لتوالى الحركات، و (إحدى) مفعول ثان، و (أنها لكم) في موضع نصب
بدلا من إحدى بدل الاشتمال، والتقدير: وإذ يعدكم الله ملكة إحدى الطائفتين.
قوله تعالى (إذ تستغيثون) يجوز أن يكون بدلا من إذ الاولى، وأن يكون التقدير:
اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لتودون (بألف) الجمهور على إفراد لفظة الالف، ويقرأ
بآلف على أفعل مثل أفلس، وهو معنى قوله " بخمسة آلاف " (مردفين) يقرأ بضم الميم
وكسر الدال وإسكان الراء، وفعله أردف، والمفعول محذوف: أى مردفين أمثالهم، ويقرأ
بفتح الدال على مالم يسم فاعله: أى أردفوا بأمثالهم، ويجوز أن يكون المردفون من جاء
بعد الاوائل: أى جعلوا ردفا للاوائل، ويقرأ بضم الميم وكسر الدال وتشديدها، وعلى
هذا في الراء ثلاثة أوجه: الفتح وأصلها مرتدفين، فنقلت حركة التاء إلى الراء وأبدلت
ذالا ليصح إدغامها في الدال، وكان تغيير التاء أولى لانها مهموسة والدال مجهورة.
وتغيير الضعيف إلى القوى أولى.
والثانى كسر الراء على إتباعها لكسرة الدال، أو على الاصل في التقاء الساكنين.
والثالث الضم إتباعا لضمة الميم، ويقرأ بكسر الميم والراء على إتباع الميم الراء،
وقيل من قرأ بفتح الراء وتشديد الدال فهو من ردف بتضعيف العين للتكثير، أو أن
التشديد بدل من الهمزة كأفرجته وفرجته.
قوله تعالى (وماجعله الله) الهاء هنا مثل الهاء التى في آل عمران.
قوله تعالى (إذ يغشيكم) " إذ " مثل " إذ تستغيثون " ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه
" عزيز حكيم " ويقرأ " يغشاكم " بالتخفيف والالف، و (النعاس) فاعله، ويقرأ بضم
الياء وكسر الشين وياء بعدها، والنعاس بالنصب: أى يغشيكم الله النعاس، ويقرأ كذلك
إلا أنه بتشديد الشين و (أمنة) مذكور في آل عمران (ماء ليطهركم) الجمهور على المد
والجار صفة له، ويقرأ شاذا بالقصر وهى بمعنى الذى (رجز الشيطان) الجمهور على الزاى،
ويراد به هنا الوسواس، وجاز أن يسمى رجزا لانه سبب للرجز وهو العذاب، وقرئ بالسين،
وأصل الرجس الشئ القذر، فجعل مايفضى إلى العذاب رجسا استقذارا له.
قوله تعالى (فوق الاعناق) هو ظرف لاضربوا، وفوق العنق الرأس، وقيل هو مفعول به،
وقيل فوق زائدة (منهم) حال من (كل بنان) أى كل بنان
[5]
كائنا منهم، ويضعف أن يكون حالا من بنان إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف
(ذلك) أى الامر، وقيل ذلك مبتدأ، و (بأنهم) الخبر: أى ذلك مستحق بشقاقهم (ومن يشاقق
الله) إنما لم يدغم لان القاف الثانية ساكنة في الاصل وحركتها هنا لالتقاء الساكنين
فهى غير معتد بها.
قوله تعالى (ذلكم فذوقوه) أى الامر ذلكم، أو ذلكم واقع أو مستحق، ويجوز أن يكون في
موضع نصب: أى ذوقوا ذلكم، وجعل الفعل الذى بعده مفسرا له، والاحسن أن يكون التقدير:
باشروا ذلكم فذوقوه، لتكون الفاء عاطفة (وأن للكافرين) أى والامر أن للكافرين.
قوله تعالى (زحفا) مصدر في موضع الحال، وقيل هو مصدر للحال المحذوفة: أى تزحفون
زحفا، و (الادبار) مفعول ثان لتولوهم.
قوله تعالى (متحرفا أو متحيزا) حالان من ضمير الفاعل في يولهم.
قوله تعالى (ذلكم) أى الامر ذلكم (و) الامر (أن الله موهن) بتشديد الهاء وتخفيفها،
وبالاضافة والتنوين وهو ظاهر.
قوله تعالى (وأن الله مع المؤمنين) يقرأ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير:
والامر أن الله مع المؤمنين.
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم) إنما جمع الصم وهو خبر شر، لان شرا هنا
يراد به الكثرة، فجمع الخبر على المعنى، ولو قال الاصم لكان الافراد على اللفظ
والمعنى على الجمع.
قوله تعالى (لاتصيبن) فيها ثلاثة أوجه: أحدها أنه مستأنف، وهو جواب قسم محذوف: أى
والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تعم.
والثانى أنه نهى، والكلام محمول على المعنى كما تقول: لا أرينك هاهنا: أى لاتكن
هاهنا، فإن من يكون هاهنا أراه، وكذلك المعنى هنا، إذ المعنى لاتدخلوا في الفتنة
فإن من يدخل فيها تنزل به عقوبة عامة.
والثالث أنه جواب الامر، وأكد بالنون مبالغة، وهو ضعيف لان جواب الشرط متردد فلا
يليق به التوكيد، وقرئ في الشاذ " لتصيبن " بغير ألف.
قال ابن جنى: الاشبه أن تكون الالف محذوفة كما حذفت في أم والله.
وقيل في قراءة الجماعة: إن الجملة صفة لفتنة، ودخلت النون على المنفى في غير القسم
على الشذوذ.
[6]
قوله تعالى (تخافون) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذى قبله: أى خائفون، ويجوز أن
يكون حالا من الضمير في مستضعفون.
قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الاول وأن يكون
نصبا على الجواب بالواو.
قوله تعالى (وإذ يمكر) هو معطوف على " واذكروا إذ أنتم ".
قوله تعالى (هو الحق) القراءة المشهورة بالنصب، وهو هاهنا فصل، ويقرأ بالرفع على
أن: هو مبتدأ، والحق خبره، والجملة خبر كان، و (من عندك) حال من معنى الحق: أى
الثابت من عندك (من السماء) يجوز أن يتعلق بأمطر، وأن يكون صفة لحجارة.
قوله تعالى (أن لا يعذبهم) أى في أن لا يعذبهم، فهو في موضع نصب أو جر على
الاختلاف، وقيل هو حال، وهو بعيد لان " أن " تخلص الفعل للاستقبال.
قوله تعالى (وماكان صلاتهم) الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء، وهو ظاهر. وقرأ
الاعمش بالعكس وهى ضعيفة، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران، والمصدر جنس، ومعرفة
الجنس قريبة من نكرته، ونكرته قريبة من معرفته. ألا ترى أنه لافرق بين خرجت فإذا
الاسد أو فإذا أسد، ويقوى ذلك أن الكلام قد دخله النفى والاثبات، وقد يحسن في ذلك
مالا يحسن في الاثبات المحض ألا ترى أنه لا يحسن كان رجل خيرا منك، ويحسن ماكان
رجلا إلا خيرا منك؟ وهمزة المكاء مبدلة من واو لقولهم مكا يمكو. والاصل في التصدية
تصددة، لانه من الصد، فأبدلت الدال الاخيرة ياء لثقل التضعيف، وقيل هى أصل وهو من
الصدى الذى هو الصوت.
قوله تعالى (ليميز) يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد ذكر في آل عمران، و (بعضه) بدل من
الخبيث بدل البعض: أى بعض الخبيث على بعض. ويجعل هنا متعدية إلى مفعول بنفسها، وإلى
الثانى بحرف الجر، وقيل الجار والمجرور حال تقديره: ويجعل بعض الخبيث عاليا على
بعض.
قوله تعالى (نعم المولى) المخصوص بالمدح محذوف: أى نعم المولى الله سبحانه.
قوله تعالى (أن ماغنمتم) " ما " بمعنى الذى: والعائد محذوف، و (من شئ) حال من
العائد المحذوف تقديره: ماغنمتموه قليلا وكثيرا (فأن لله) يقرأ بفتح الهمزة.
[7]
وفى الفاء وجهان: أحدهما أنها دخلت في خبر الذى لما في الذى من معنى المجازاة، و "
أن " وماعملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالحكم أن لله خمسه.
والثانى أن الفاء زائدة و " أن " بدل من الاولى، وقيل " ما " مصدرية والمصدر بمعنى
المفعول: أى واعلموا أن غنيمتكم: أى مغنومكم، ويقرأ بكسر الهمزة في " أن " الثانية
على أن تكون " أن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الاولى والخمس بضم الميم
وسكونها لغتان قد قرئ بهما (يوم الفرقان) ظرف لانزلنا أو لآمنتم (يوم التقى) بدل من
يوم الاول، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان لانه مصدر بمعنى التفريق.
قوله تعالى (إذ أنتم) إذ بدل من يوم أيضا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكروا إذ أنتم،
ويجوز أن يكون ظرفا لقدير، والعدوة بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما (القصوى)
بالواو، وهى خارجة على الاصل، وأصلها من الواو. وقياس الاستعمال أن تكون القصيا
لانه صفة كالدنيا والعليا، وفعلى إذا كانت صفة قلبت واوها ياء فرقا بين الاسم
والصفة (والركب) جمع راكب في المعنى، وليس بجمع في اللفظ، ولذلك تقول في التصغير
ركيب كما تقول فريخ، و (أسفل منكم) ظرف: أى والركب في مكان أسفل منكم: أى أشد
تسفلا، والجملة حال من الظرف الذى قبله، ويجوز أن تكون في موضع جر عطفا على أنتم:
أى وإذ الركب أسفل منكم (ليقضى الله) أى فعل ذلك ليقضى (ليهلك) يجوز أن يكون بدلا
من ليقضى بإعادة الحرف، وأن يكون متعلقا بيقضى أو بمفعولا (من هلك) الماضى هنا
بمعنى المستقبل، ويجوز أن يكون المعنى: ليهلك بعذاب الآخرة من هلك في الدنيا منهم
بالقتل (من حى) يقرأ بتشديد الياء وهو الاصل لان الحرفين متماثلان متحركان، فهو مثل
شد ومد، ومنه قول عبيد: عيوا بأمرهم كما * عيت ببيضتها الحمامه ويقرأ بالاظهار وفيه
وجهان: أحدهما أن الماضى حمل على المستقبل وهو يحيا، فكما لم يدغم في المستقبل لم
يدغم في الماضى، وليس كذلك شد ومد فإنه يدغم فيهما جميعا.
والوجه الثانى أن حركة الحرفين مختلفة، فالاولى مكسورة والثانية مفتوحة، واختلاف
الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار لححت عينه وضبب البلد إذا كثر
ضبه، ويقوى ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكان الياء الثانية ساكنة، ولو سكنت لم
يلزم الادغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياآن
[8]
أصل وليست الثانية بدلا من واو، فأما الحيوان فالواو فيه بدل من الياء، وأما الحواء
فليس من لفظ الحية، بل من حوى يحوى إذا جمع، و (عن بينة) في الموضعين يتعلق بالفعل
الاول.
قوله تعالى (إذ يريكهم) أى اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لعليم.
قوله تعالى (فتفشلوا) في موضع نصب على جواب النهى، وكذلك (وتذهب ريحكم) ويجوز أن
يكون فتفشلوا جزما عطفا على النهى، ولذلك قرئ " ويذهب ريحكم ".
قوله تعالى (بطرا ورئاء الناس) مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال (ويصدون) معطوف
على معنى المصدر.
قوله تعالى (لا غالب لكم اليوم) غالب هنا مبنية، ولكم في موضع رفع خبر لا، واليوم
معمول الخبر، و (من الناس) حال من الضمير في لكم، ولايجوز أن يكون اليوم منصوبا
بغالب، ولا من الناس حالا من الضمير في غالب، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا
يجوز بناؤه، والالف في (جار) بدل من واو لقولك جاورته، و (على عقبيه) حال.
قوله تعالى (إذ يقول المنافقون) أى اذكروا ويجوز أن يكون ظرفا لزين أو لفعل من
الافعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى.
قوله تعالى (يتوفى) يقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما (الملائكة) ولم يؤنث
للفصل بينهما ولان تأنيث الملائكة غير حقيقى، فعلى هذا يكون (يضربون وجوههم) حالا
من الملائكة أو حالا من الذين كفروا، لان فيها ضميرا يعود عليهما. والثانى أن يكون
الفاعل مضمرا: أى إذ يتوفى الله والملائكة على هذا مبتدأ، ويضربون الخبر، والجملة
حال ولم يحتج إلى الواو لاجل الضمير: أى يتوفاهم والملائكة يضربون وجوههم، ويقرأ
بالتاء والفاعل الملائكة.
قوله تعالى (كدأب) قد ذكر في آل عمران مايصح منه إعراب هذا الموضع.
قوله تعالى (وإن الله سميع عليم) يقرأ بفتح الهمزة تقديره: ذلك بأن الله لم يك
مغيرا وبأن الله سميع، ويقرأ بكسرها على الاستئناف.
[9]
قوله تعالى (الذين عاهدت) يجوز أن يكون بدلا من الذين الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ
محذوف: أى هم الذين. ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى، و (منهم) حال من العائد
المحذوف.
قوله تعالى (فإما تثقفنهم) إذ أكدت أن الشرطية بما أكد فعل الشرط بالنون ليتناسب
المعنى (فشرد بهم) الجمهور على الدال وهو الاصل، وقرأ الاعمش بالذال وهو بدل من
الدال، كما قالوا: خراديل وخراذيل، وقيل هو مقلوب من شذر بمعنى فرق، ومنه قولهم:
تفرقوا شذر مذر، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله إذا أكثر فيه. وكل ذلك تعسف بعيد.
قوله تعالى (فانبذ إليهم) أى عهدهم فحذف المفعول، و (على سواء) حال.
قوله تعالى (ولاتحسبن الذين) يقرأ بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم،
والمفعول الثانى (سبقوا) ويقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما هو مضمر: أى يحسبن
من خلفهم، أو لا يحسبن أحد، فالاعراب على هذا كإعراب القراءة الاولى. والثانى أن
الفاعل الذين كفروا، والمفعول الثانى سبقوا، والاول محذوف: أى أنفسهم، وقيل
التقدير: أن سبقوا، وأن هنا مصدرية مخففة من الثقيلة حكى عن الفراء وهو بعيد لان أن
المصدرية موصولة، وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال (إنهم لايعجزون) أى
لايحسبوا ذلك لهذا. والثانى أنه(1) متعلق بتحسب إما مفعول أو بدل من سبقوا، وعلى
كلا الوجهين تكون لازائدة وهو ضعيف لوجهين: أحدهما زيادة لا والثانى أن مفعول حسبت
إذا كان جملة وكان مفعولا ثانيا كانت فيه إن مكسورة لانه موضع مبتدأ وخبر.
قوله تعالى (من قوة) هو في موضع الحال من " ما " أو من العائد المحذوف في استطعتم
(ترهبون به) في موضع الحال من الفاعل في اعدلوا، أو من المفعول لان في الجملة
ضميرين يعودان إليهما.
قوله تعالى (للسلم) يجوز أن تكون اللام بمعنى إلى، لان جنح بمعنى مال، ويجوز أن
تكون معدية للفعل بنفسها وأن تكون بمعنى من أجل، والسلم بكسر السين وفتحها لغتان،
وقد قرئ بهما وهى مؤنثة، ولذلك قال (فاجنح لها).
___________________________________
(1) (قوله والثانى أنه الخ) الظاهر أنه مقابل لقوله لايحسبوا ذلك الخ يعنى أنه وجه
ثان اه. (*)
[10]
قوله تعالى (حسبك الله) مبتدأ وخبر، وقال قوم: حسبك مبتدأ، والله فاعله: أى يكفيك
الله (ومن اتبعك) في من ثلاثة أوجه: أحدها جر عطفا على الكاف في حسبك، وهذا لايجوز
عند البصريين لان العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لايجوز.
والثانى موضعه نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ويكفى من اتبعك.
والثالث موضعه رفع على ثلاثة أوجه(1): أحدها هو معطوف على اسم الله، فيكون خبرا آخر
كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يثن حسبك لانه مصدر.
وقال قوم: هذا ضعيف لان الواو للجمع، ولا يحسن هاهنا كما لم يحسن في قولهم: ماشاء
الله وشئت، وثم هنا أولى. والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وحسبك من اتبعك.
قوله تعالى (إن يكن) يجوز أن تكون التامة فيكون الفاعل (عشرون)، و (منكم) حال منها
أو متعلقة بيكون، ويجوز أن تكون الناقصة فيكون عشرون اسمها ومنكم الخبر.
قوله تعالى (أسرى) فيه قراءات قد ذكرت في البقرة (والله يريد الآخرة) الجمهور عل
نصب الآخرة على الظاهر، وقرئ شاذا بالجر تقديره: والله يريد عرض الآخرة، فحذف
المضاف وبقى عمله، كما قال بعضهم: أكل امرئ تحسبين أمرأ * ونار توقد بالليل نارا أى
وكل نار.
قوله تعالى (لولا كتاب) كتاب مبتدأ، و (سبق) صفة له. و (من الله) يجوز أن يكون صفة
أيضا، وأن يكون متعلقا بسبق والخبر محذوف: أى تدارككم.
قوله تعالى (حلالا طيبا) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (خيانتك) مصدر خان يخون، وأصل الياء الواو فقلبت لانكسار ما قبلها ووقوع
الالف بعدها.
قوله تعالى (من ولايتهم) يقرأ بفتح الواو وكسرها وهما لغتان، وقيل هى بالكسر
الامارة، وبالفتح من موالاة النصرة.
___________________________________
(1) (قوله على ثلاثة أوجه) لم يذكر منها غير وجهين، وانظر لم اسقط الثالث مع أنه
معيب اه. (*)
[11]
قوله تعالى (إلا تفعلوه) الهاء تعود على النصر، وقيل على الولاء والتأمر.
قوله تعالى (في كتاب الله) في موضع نصب بأولى: أى يثبت ذلك في كتاب الله.
سورة التوبة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (براءة) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا براءة أو هذه،
و (من الله) نعت له، و (إلى الذين) متعلقة ببراءة كما تقول: برئت إليك من كذا.
والثانى أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا " من الله "
بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و (أربعة أشهر) ظرف لفسيحوا.
قوله تعالى (وأذان) مثل براءة، و (إلى الناس) متعلق بأذان أو خبر له (أن الله برئ)
المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الاذان: أى الاعلام من الله
براءته من المشركين. والثانى هو صفة: أى وأذان كائن بالبراءة، وقيل التقدير:
وإعلام من الله بالبراءة، فالباء متعلقة بنفس المصدر (ورسوله) يقرأ بالرفع وفيه
ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما يجرى مجرى التوكيد،
فلذلك ساغ العطف.
والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أى ورسوله برئ.
والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين غير جائز، لان المفتوحة لها
موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا
وهو على القسم، ولايكون عطفا على المشركين لانه يؤدى إلى الكفر.
قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ويجوز أن
يكون مبتدأ والخبر فأتموا (ينقصوكم) الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد أى ينقضوا عهودكم
فحذف المضاف، و (شيئا) في موضع المصدر.
قوله تعالى (واقعدوا لهم كل مرصد) المرصد مفعل من رصدت، وهو هنا مكان، وكل ظرف
لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر أى على كل مرصد أو بكل.
قوله تعالى (وإن أحد) هو فاعل لفعل محذوف دل عليه مابعده، و (حتى يسمع) أى إلى أن
يسمع أو كى يسمع.
ومأمن مفعل من الامن وهو مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع
مأمنه.
[12]
قوله تعالى (كيف يكون) اسم يكون (عهد) وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدها كيف وقدم
للاستفهام، وهو مثل قوله " كيف كان عاقبة مكرهم ".
والثانى أنه للمشركين، و (عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هى وصف
للعهد.
والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف حال من العهد (فما
استقاموا) في " ما " وجهان أحدهما هى زمانية، وهى المصدرية على التحقيق، والتقدير:
فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثانى هى شرطية كقوله " مايفتح الله " والمعنى:
إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولاتكون نافية لان المعنى يفسد، إذ يصير المعنى
استقيموا لهم لانهم لم يستقيموا لكم.
قوله تعالى (كيف وإن يظهروا) المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون لهم عهد أو كيف
تطمئنون إليهم (إلا) الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ " إيلا " مثل ريح. وفيه
وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الاولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة. والثانى أنه من
آلى يئول إذا ساس، أو من آل يئول إذا صار إلى آخر الامر، وعلى الوجهين قلبت الواو
ياء لسكونها وانكسار ماقبلها (يرضونكم) حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس
بشئ لانهم بعد ظهورهم لايرضون المؤمنين، وإنما هو مستأنف.
قوله تعالى (فإخوانكم) أى فهم إخوانكم، و (في الدين) متعلق بإخوانكم.
قوله تعالى (أئمة الكفر) هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت حركة
الميم الاولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الاخرى، فمن حقق الهمزتين أخرجهما
على الاصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولايجوز هنا أن تجعل بين
بين كما جعلت همزة أئذا، لان الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة
الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ماقبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة
الميم في الاصل.
قوله تعالى (أول مرة) هو منصوب على الظرف (فالله أحق) مبتدأ.
وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و (أن تخشوه) في موضع نصب أو جر: أى بأن تخشوه،
وفي الكلام حذف: أى أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل
الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق. والثانى أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق
خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
[13]
قوله تعالى (ويتوب الله) مستأنف، ولم يجزم لان توبته على من يشاء ليست جزاء على
قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.
قوله تعالى (شاهدين) حال من الفاعل في يعمروا (وفى النار هم خالدون) أى وهم خالدون
في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.
قوله تعالى (سقاية الحاج) الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل العمارة، وصحت
الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج، أو يكون
التقدير: كإيمان من آمن ليكون الاول هو الثانى، وقرئ " سقاة الحاج وعمار المسجد "
على أنه جمع ساق وعامر (لايستوون عند الله) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول
الاول والثانى، ويكون التقدير: سويتم بينهم في حال تفاوتهم.
قوله تعالى (لهم فيها نعيم) الضمير كناية عن الرحمة والجنات.
قوله تعالى (ويوم حنين) هو معطوف: على موضع في مواطن، و (إذ) بدل من يوم.
قوله تعالى (دين الحق) يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون مفعولا به، ويدينون
بمعنى يعتقدون (عن يد) في موضع الحال: أى يعطوا الجزية أذلة.
قوله تعالى (عزير ابن الله) يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره، ولم يحذف
التنوين إيذانا بأن الاول مبتدأ، وأن مابعده خبر وليس بصفة، ويقرأ بحذف التنوين
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين وجهان: أحدهما أنه
حذف لالتقاء الساكنين، والثانى أنه لاينصرف للعجمة والتعريف وهذا ضعيف لان الاسم
عربى عند أكثر الناس، ولان مكبره ينصرف لسكون أوسطه فصرفه في التصغير أولى.
والوجه الثانى أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا أو صاحبنا أو معبودنا، وابن
صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف أى عزيرا ابن الله صاحبنا.
والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير على ماذكرنا من الوجهين وحذف
التنوين في الصفة، لانها مع الموصوف كشئ واحد (ذلك) مبتدأ، و (قولهم) خبره، و
(بأفواههم) حال والعامل فيه القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الاشارة، ويجوز أن تتعلق
الباء بيضاهون،
[14]
فأما (يضاهون) فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والاصل ضاهى، والالف منقلبة عن
ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها وهو ضعيف، والاشبه أن
يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء، لان الياء أصل والهمزة زائدة،
ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.
قوله تعالى (والمسيح) أى واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين، ويجوز أن
يكون التقدير: وعبدوا المسيح (إلا ليعبدوا) قد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع فلذلك
استثنى لما فيه من معنى النفى والتقدير: يأبى كل شئ إلا إتمام نوره.
قوله تعالى (والذين يكنزون) مبتدأ، والخبر (فبشرهم) ويجوز أن يكون منصوبا تقديره:
بشر الذين يكنزون. ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الاموال أو على الكنوز المدلول
عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لانهما جنسان، ولهما أنواع، فعاد الضمير على
المعنى أو على الفضة لانها أقرب، ويدل ذلك على إرادة الذهب، وقيل يعود على الذهب
ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (يوم يحمى) يوم ظرف على المعنى: أى يعذبهم في ذلك اليوم، وقيل تقديره:
عذاب يوم، وعذاب بدل من الاول، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه، وقيل التقدير:
اذكر، و (عليها) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أى
يحمى الوقود أو الجمر (بها) أى بالكنوز.
وقيل هى بمعنى فيها: أى في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى عليها يقال
لهم هذا ما كنزتم.
قوله تعالى (أن عدة الشهور) عدة مصدر مثل العدد، و (عند) معمول له، و (في كتاب
الله) صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لان المصدر إذا أخبر عنه لايعمل فيما بعد
الخبر، و (يوم خلق) معمول لكتاب على أن كتابا هنا مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون جثة،
ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لانك قد
فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل (منها أربعة) يجوز أن تكون
الجملة صفة لاثنى عشر، وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة (فيهن) ضمير
الاربعة، وقيل
[15]
ضمير اثنى عشر، و (كافة) مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير الفاعل في
قاتلوا.
قوله تعالى (إنما النسئ) يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير والنكير،
ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أى إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا حذف تقديره: إن
نسا النسئ أو إن النسئ ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة
ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت، ويقرأ بسكون السين وياء مخففة
بعدها على الابدال أيضا (يضل) يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد، والفاعل (الذين) ويقرأ
بفتحهما وهى لغة، والماضى ظللت بفتح اللام الاولى وكسرها، فمن فتحها في الماضى كسر
الضاد في المستقبل، ومن كسرها في الماضى فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء
وفتح الضاد على مالم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أى يضل به الذين كفروا
أتباعهم، ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا: أى يضل الله أو الشيطان (يحلونه) يجوز أن
يكون مفسرا للضلال فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (اثاقلتم) الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضى هنا بمعنى
المضارع: أى مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أى أى شئ لكم في التثاقل، أو في موضع جر
على رأى الخليل، وقيل هو حال: أى مالكم متثاقلين (من الآخرة) في موضع الحال: أى
بدلا من الآخرة.
قوله تعالى (ثانى اثنين) هو حال من الهاء: أى أحد اثنين، ويقرأ بسكون الياء وحقها
التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس بضرورة، ولذلك أجازوه في
القرآن (إذ هما) ظرف لنصره لانه بدل من إذ الاولى، ومن قال العامل في البدل غير
العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أى نصره إذ هما (إذ يقول) بدل أيضا، وقيل إذ
هما ظرف لثانى (فأنزل الله سكينته) هى فعيلة بمعنى مفعلة: أى أنزل عليه مايسكنه،
والهاء في (عليه) تعود على أبى بكر رضى الله عنه لانه كان منزعجا، والهاء في (أيده)
للنبى صلى الله عليه وسلم (وكلمة الله) بالرفع على الابتداء، و (هى العليا) مبتدأ
وخبر، أو تكون هى فضلا، وقرئ بالنصب: أى وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه:
أحدها أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته.
[16]
والثانى أن فيه دلالة على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك.
والثالث أن توكيد مثل ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.
قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا) اسم كان مضمر تقدير ولو كان مادعوتم إليه (لو
استطعنا) الجمهور على كسر الواو على الاصل، وقرئ بضمها تشبيها للواو الاصلية بواو
الضمير نحو " اشتروا الضلالة " (يهلكون أنفسهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون
حالا من الضمير في يحلفون.
قوله تعالى (حتى يتبين) حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره: هلا أخرتهم إلى
أن يتبين أو ليتبين، وقوله " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف، ولايجوز أن يتعلق حتى
بأذنت، لان ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لاجل التبيين، وهذا لايعاتب
عليه.
قوله تعالى (خلالكم) ظرف لاوضعوا: أى أسرعوا فيما بينكم (يبغونكم) حال من الضمير في
أوضعوا.
قوله تعالى (يقول ائذن لى) هو مثل قوله " ياصالح ائتنا " وقد ذكر.
قوله تعالى (هل تربصون) الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ بكسر اللام
وتشديد التاء ووصلها والاصل تتربصون، فسكن التاء الاولى وأدغمها ووصلها بما قبلها
وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله " نارا تلظى " وله نظائر (ونحن نتربص بكم أن
يصيبكم) مفعول نتربص، وبكم متعلقة بنتربص.
قوله تعالى (أن تقبل) في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز أن يكون
التقدير: من أن تقبل، و (أنهم كفروا) في موضع الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل منع الله،
وأنهم كفروا مفعول له: أى إلا لانهم كفروا.
قوله تعالى (أو مدخلا) يقرأ بالتشديد وضم الميم وهو مفتعل من الدخول، وهو الموضع
الذى يدخل فيه، ويقرأ بضم الميم وفتح الخاء من غير تشديد، ويقرأ بفتحهما وهما
مكانان أيضا، وكذلك المغارة وهى واحد مغارات، وقيل الملجأ ومابعده مصادر: أى لو
قدروا على ذلك لمالوا إليه.
قوله تعالى (يلمزك) يجوز كسر الميم وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما (إذا هم) إذا هنا
للمفاجأة، وهى ظرف مكان وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة، ومابعدها
ابتداء وخبر، والعامل في إذا (يسخطون).
[17]
قوله تعالى (فريضة) حال من الضمير في الفقراء: أى مفروضة، وقيل هو مصدر، والمعنى
فرض الله ذلك فرضا.
قوله تعالى (قل أذن خير) أذن خبر مبتدإ محذوف: أى هو ويقرأ بالاضافة أى مستمع خير،
ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لاذن، والتقدير: أذن ذو خير، ويجوز أن يكون
خير بمعنى أفعل: أى أذن أكثر خيرا لكم (يؤمن بالله) في موضع رفع صفة أيضا واللام في
(للمؤمنين) زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن بمعنى يصدق، ويؤمن بمعنى يثبت الامان (ورحمة)
بالرفع عطف على أذن: أى هو أذن ورحمة، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا.
قوله تعالى (والله ورسوله) مبتدأ، و (أحق) خبره، والرسول مبتدأ ثان وخبره محذوف دل
عليه خبر الاول.
وقال سيبويه: أحق خبر الرسول، وخبر الاول محذوف وهو أقوى، إذ لايلزم منه التفريق
بين المبتدإ وخبره، وفيه أيضا أنه خبر الاقرب إليه، ومثله قول الشاعر: نحن بما
عندنا وأنت بما * عندك راض والرأى مختلف وقيل أحق أن يرضوه خبر عن الاسمين، لان أمر
الرسول تابع لامر الله تعالى، ولان الرسول قائم مقام الله بدليل قوله تعالى " إن
الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وقيل أفرد الضمير وهو في موضع التثنية، وقيل
التقدير: أن ترضوه أحق، وقد ذكرناه في قوله " والله أحق أن تخشوه " وقيل التقدير:
أحق بالارضاء.
قوله تعالى (ألم يعلموا) يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وتكون (أنه) وخبرها سد
مسد المفعولين، ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد، و (من) شرطية موضع مبتدإ، والفاء
جواب الشرط، فأما (أن) الثانية فالمشهور فتحها وفيها أوجه أحدها أنها بدل من
الاولى، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما أن الفاء التى معها تمنع من ذلك، والحكم بزيادتها
ضعيف، والثانى أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب " من " من الكلام.
والوجه الثانى أنها كررت توكيدا كقوله تعالى " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة
" ثم قال " إن ربك من بعدها " والفاء على جواب الشرط.
والثالث أن " أن " هاهنا مبتدأ والخبر محذوف: أى فلهم أن لهم.
والرابع أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى فجزاؤهم أن لهم، أو فالواجب أن لهم، ويقرأ
بالكسر على الاستئناف.
[18]
قوله تعالى (أن تنزل) في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها، ويجوز أن يكون
بحرف الجر: أى من أن تنزل، فيكون موضعه نصبا أو جرا على ماذكرنا من اختلافهم في
ذلك.
قوله تعالى (أبالله) الباء متعلقة ب (يستهزءون) وقد قدم معمول خبر كان عليها،
فيدل على جواز تقديم خبرها عليها.
قوله تعالى (بعضهم من بعض) مبتدأ وخبر: أى بعضهم من جنس بعض في النفاق (يأمرون
بالمنكر) مستأنف مفسر لما قبلها.
قوله تعالى (كالذين) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، وفي الكلام حذف مضاف
تقديره: وعدا كوعد الذين (كما استمتع) أى استمتاعا كاستمتاعهم (كالذى خاضوا) الكاف
في موضع نصب أيضا، وفى " الذى" وجهان: أحدهما أنه جنس، والتقدير: خوضا كخوض الذين
خاضوا، وقد ذكر مثله في قوله تعالى " مثلهم كمثل الذى استوقد ". والثانى أن " الذى
" هنا مصدرية: أى كخوضهم وهو نادر.
قوله تعالى (قوم نوح) هو بدل من الذين.
قوله تعالى (ورضوان من الله) مبتدأ، و (أكبر) خبره.
قوله تعالى (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم) إن قيل كيف حسنت الواو هنا والفاء أشبه بهذا
الموضع ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أنها واو الحال، والتقدير افعل ذلك في حال
استحقاقهم جهنم، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم.
والثانى أن الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره: واعلم أن مأواهم جهنم.
والثالث أن الكلام محمول على المعنى، والمعنى: أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا
بالجهاد والغلظة وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.
قوله تعالى (ما قالوا) هو جواب قسم، ويحلفون قائم مقام القسم.
قوله تعالى (ومانقموا إلا أن أغناهم الله) أن وماعملت فيه مفعول نقموا أى وماكرهوا
إلا إغناء الله إياهم، وقيل هو مفعول من أجله، والمفعول به محذوف أى ما كرهوا
الايمان إلا ليغنوا.
قوله تعالى (لئن آتانا من فضله) فيه وجهان: أحدهما تقديره: عاهد فقال لئن آتانا.
والثانى أن يكون عاهد بمعنى قال، إذا العهد قول.
[19]
قوله تعالى (الذين يلمزون) مبتدأ، و (من المؤمنين) حال من الضمير في " المطوعين " و
(في الصدقات) متعلق بيلمزون، ولايتعلق بالمطوعين لئلا يفصل بينهما بأجنبى (والذين
لا يجدون) معطوف على الذين يلمزون، وقيل على المطوعين: أى ويلمزون الذين لايجدون،
وقيل هو معطوف على المؤمنين، وخبر الاول على هذه الوجوه فيه وجهان: أحدهما
(فيسخرون) ودخلت الفاء لما في الذين من الشبه بالشرط. والثانى أن الخبر (سخر الله
منهم) وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون الذين يلمزون في موضع نصب بفعل محذوف يفسر سخر
تقديره: عاب الذين يلمزون، وقيل الخبر محذوف تقديره منهم الذين يلمزون.
قوله تعالى (سبعين مرة) هو منصوب على المصدر، والعدد يقوم مقام المصدر كقولهم:
ضربته عشرين ضربة.
قوله تعالى (بمقعدهم) أى بقعودهم، و (خلاف) ظرف بمعنى خلف (رسول الله) أى بعده،
والعامل فيه مقعد، ويجوز أن يكون العامل فرح، وقيل هو مفعول من أجله، فعلى هذا هو
مصدر: أى لمخالفته، والعامل المقعد أو فرح، وقيل هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه
الكلام لان مقعدهم عنه تخلف.
قوله تعالى (قليلا) أى ضحكا قليلا أو زمنا قليلا، و (جزاء) مفعول له أو مصدر على
المعنى.
قوله تعالى (فإن رجعك الله) هى متعدية بنفسها ومصدرها رجع، وتأتى لازمة ومصدرها
الرجوع.
قوله تعالى (منهم) صفة لاحد، و (مات) صفة أخرى، ويجوز أن يكون منهم حالا من الضمير
في مات (أبدا) ظرف لتصل.
قوله تعالى (أن آمنوا) أى آمنوا، والتقدير: يقال فيها آمنوا، وقيل إن هنا مصدرية
تقديره: أنزلت بأن آمنوا، أى بالايمان.
قوله تعالى (مع الخوالف) هو جمع خالفة وهى المرأة، وقد يقال للرجل خالف وخالفة،
ولايجمع المذكر على خوالف.
قوله تعالى (وجاء المعذرون) يقرأ على وجوه كثيرة قد ذكرناها في قوله " بألف من
الملائكة مردفين ".
[20]
قوله تعالى (إذا نصحوا) العامل فيه معنى الكلام: أى لايخرجون حينئذ.
قوله تعالى (ولاعلى الذين) هو معطوف على الضعفاء فيدخل في خبر ليس، وإن شئت عطفته
على المحسنين فيكون المبتدأ من سبيل، ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا: أى ولا على
الذين إلى تمام الصلة حرج أو سبيل، وجواب إذا (تولوا) وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله
" كلما دخل عليها زكريا " (وأعينهم تفيض) الجملة في موضع الحال، و (من الدمع) مثل
الذى في المائدة، و (حزنا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال أو منصوب على المصدر
بفعل دل عليه ماقبله (ألا يجدوا) يتعلق بحزن وحرف الجر محذوف، ويجوز أن يتعلق
بتفيض.
قوله تعالى (رضوا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، وقد معه مرادة.
قوله تعالى (قد نبأنا الله) هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة أولها " نا " والاثنان
الآخران محذوفان تقديره: أخبارا من أخباركم مثبتة، و (من أخباركم) تنبيه على
المحذوف وليست " من " زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا، والمفعول الثالث
محذوف وهو خطأ، لان المفعول الثانى إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث، وقيل " من
" بمعنى عن.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى يجزون بذلك جزاء، أو هو مفعول له.
قوله تعالى (وأجدر أن لايعلموا) أى بأن لا يعلموا.
قوله تعالى (بكم الدوائر) يجوز أن تتعلق الباء بيتربص، وأن يكون حالا من الدوائر
(دائرة السوء) يقرأ بضم السين وهو الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال سؤته سوءا
ومساءة ومسائية، ويقرأ: بفتح السين وهو الفساد والرداءة.
قوله تعالى (قربات) هو مفعول ثان ليتخذ و (عند الله) صفة لقربات أو ظرف ليتخذ أو
لقربات (وصلوات الرسول) معطوف على ماينفق تقديره: وصلوات الرسول قربات، و (قربة)
بسكون الراء وقرئ بضمها على الاتباع.
قوله تعالى (والسابقون) يجوز أن يكون معطوف على قوله " من يؤمن " تقديره: ومنهم
السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (الاولون) والمعنى:
والسابقون إلى الهجرة الاولون من أهل الملة، أو والسابقون إلى الجنة الاولون إلى
الهجرة.
والثانى الخبر (من المهاجرين والانصار) والمعنى فيه الاعلام بأن السابقين من هذه
الامة هم من المهاجرين والانصار.
[21]
والثالث أن الخبر (رضى الله عنهم) ويقرأ والانصار بالرفع على أن يكون معطوفا على
السابقون، أو أن يكون مبتدأ والخبر رضى الله عنهم، وذلك على الوجهين الاولين.
وبإحسان حال من ضمير الفاعل في اتبعوهم (تجرى تحتها) ومن تحتها، والمعنى فيهما
واضح.
قوله تعالى (وممن) من بمعنى الذى، و (منافقون) مبتدأ وما قبله الخبر، و (مردوا) صفة
لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، وقيل مردوا صفة لمنافقون، وقد فصل
بينهما، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره: من أهل المدينة قوم كذلك
(لاتعلمهم) صفة أخرى مثل مردوا، وتعلمهم بمعنى تعرفهم، فهى تتعدى إلى مفعول واحد.
قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) هو معطوف على منافقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، واعترفوا
صفته، و (خلطوا) خبره (وآخر سيئا) معطوف على عملا، ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت
الحنطة والشعير، وخلطت الحنطة بالشعير، (عسى الله) الجملة مستأنفة، وقيل خلطوا حال،
وقد معه مرادة: أى اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا، وعسى الله خبر المبتدأ.
قوله تعالى (خذ من أموالهم) يجوز أن تكون من متعلقة بخذ، وأن تكون حالا من (صدقة
تطهرهم) في موضع نصب صفة لصدقة، ويجوز أن يكون مستأنفا والتاء للخطاب: أى تطهرهم
أنت (وتزكيهم) التاء للخطاب لا غير لقوله (بها) ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها
" في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إن التاء فيهما للخطاب، لان قوله تطهرهم تقديره:
بها، ودل عليه بها الثانية، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها، ويجوز
أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في خذ.
قوله تعالى (إن صلاتك) يقرأ بالافراد والجمع وهما ظاهران، و (سكن) بمعنى مسكون
إليها، فلذلك لم يؤنثه، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (هو يقبل) هو مبتدأ، ويقبل الخبر. ولايجوز أن يكون هو فصلا، لان يقبل
ليس معرفة ولا قريب منها.
قوله تعالى (وآخرون مرجون) هو معطوف على وآخرون اعترفوا. ومرجون بالهمز على الاصل
ويغير همز وقد ذكر أصله في الاعراف (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) إما هاهنا للشك
والشك راجع إلى المخلوق، وإذا كانت إما للشك جاز أن يليها الاسم، وجاز أن يليها
الفعل، فإن كانت للتخيير ووقع الفعل بعدها كانت معه أن كقوله: أما أن تلقى، وقد
ذكر.
[22]
قوله تعالى (والذين اتخذوا) يقرأ بالواو. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على وآخرون
مرجون: أى ومنهم الذين اتخذوا. والثانى هو مبتدأ، والخبر: أفمن أسس بنيانه: أى منهم
فحذف العائد للعلم به، ويقرأ بغير واو وهو مبتدأ، والخبر أفمن أسس على ماتقدم
(ضرارا) يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا وكذلك مابعده وهذه المصادر كلها واقعة
موضع اسم الفاعل: أى مضرا ومفترقا، ويجوز أن تكون كلها مفعولا له.
قوله تعالى (لمسجد) اللام لام الابتداء، وقيل جواب قسم محذوف. و (أسس) نعت له، و
(من أل) يتعلق بأسس، والتقدير عند بعض البصريين من تأسيس أول يوم، لانهم يرون أن "
من " لاتدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ وهذا ضعيف هاهنا لان التأسيس المقدر ليس
بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ماجاء
في القرآن من دخولها على قبل التى يراد بها الزمان، وهو كثير في القرآن وغيره
والخبر (أحق أن تقوم) و (فيه) الاولى تتعلق بتقوم، والتاء لخطاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم (فيه رجال) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو صفة لمسجد جاءت بعد الخبر. والثانى
أن الجملة حال من الهاء في فيه الاولى. والعامل فيه تقوم. والثالث هى مستأنفة.
قوله تعالى (على تقوى) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في أسس أى على قصد
التقوى، والتقدير: قاصدا ببنيانه التقوى، ويجوز أن يكون مفعولا لاسس (جرف) بالضم
والاسكان وهما لغتان: وفى (هار) وجهان: أحدهما أصله هور أو هير على فعل، فلما تحرك
حرف العلة، وانفتح ماقبله قلب ألفا وهذا يعرف بالنصب(1) والرفع والجر مثل قولهم كبش
صاف: أى صوف، ويوم راح: أى روح.
والثانى أن يكون أصله هاورا أو هايرا، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت
الواو ياء لانكسار ماقبلها، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين، فوزنه بعد القلب قالع،
وبعد الحذف قال، وعين الكلمة واو أو ياء يقال تهور البناء وتهير (فانهار به) به هنا
حال: أى فانهار وهو معه.
___________________________________
(1) (قوله وهذا يعرف بالنصب الخ) الاولى تأخيره بعد قوله والثانى أن يكون إلى تمام
التصريف اه مصححه. (*)
[23]
قوله تعالى (بأن لهم الجنة) الباء هنا للمقابلة. والتقدير: باستحقاقهم الجنة
(يقاتلون) مستأنف (فيقتلون ويقتلون) هو مثل الذى في آخر آل عمران في وجوه القراءة
(وعدا) مصدر: أى وعدهم بذلك وعدا، و (حقا) صفته.
قوله تعالى (التائبون) يقرأ بالرفع: أى هم التائبون، ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر
(الآمرون بالمعروف) ومابعده وهو ضعيف، ويقرأ بالياء على إضمار أعنى أو أمدح، ويجوز
أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين، (والناهون عن المنكر) إنما دخلت الواو في الصفة
الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام، ولذلك قالوا سبع في ثمانية: أى سبع أذرع
في ثمانية أشبار، وإنما دلت الواو على ذلك لان الواو تؤذن بأن مابعدها غير ماقبلها،
ولذلك دخلت في باب عطف النسق.
قوله تعالى (من بعد ماكاد يزيغ قلوب فريق منهم) في فاعل كاد ثلاثة أوجه: أحدها ضمير
الشأن، والجملة بعده في موضع نصب. والثانى فاعله مضمر تقديره: من بعد ماكاد القوم،
والعائد على هذا الضمير في منهم. والثالث فاعلها القلوب، ويزيغ في نية التأخير،
وفيه ضمير فاعل، وإنما يحسن ذلك على القراءة بالتاء، فأما على القراءة بالياء
فيضعف أصل هذا التقدير، وقد بيناه في قوله " ماكاد يصنع فرعون ".
قوله تعالى (وعلى الثلاثة) إن شئت عطفته على النبى صلى الله عليه وسلم: أى تاب على
النبى وعلى الثلاثة، وإن شئت على عليهم: أى ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة (لا ملجأ من
الله) خبر " لا " من الله (إلا إليه) استثناء مثل لاإله إلا الله.
قوله تعالى (موطئا) يجوز أن يكون مكانا فيكون مفعولا به، وأن يكون مصدرا مثل
الموعد.
قوله تعالى (فرقة منهم) يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة، وأن يكون حالا من (طائفة).
قوله تعالى (غلظة) يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها وكلها لغات.
قوله تعالى (هل يراكم) تقديره: يقولون هل يراكم.
قوله تعالى (عزيز عليه) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لرسول، ومامصدرية موضعها رفع
بعزيز.
والثانى أن (ماعنتم) مبتدأ، وعزيز عليه خبر مقدم، والجملة صفة لرسول (بالمؤمنين)
يتعلق ب (رءوف).
سورة يونس عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والاعراف، ويقاس الباقى عليهما، و
(الحكيم) بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.
قوله تعالى (أكان للناس عجبا أن أوحينا) اسم كان، وخبرها عجبا، وللناس حال من عجب،
لان التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان، وقيل هو يتعلق بعجب على
التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن
يتقدم معموله عليه كاسم المفعول (أن أنذر الناس) يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون
موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون بمعنى أى فلا يكون لها موضع.
قوله تعالى (يدبر الامر) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون
حالا.
قوله تعالى (وعد الله) هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو قوله " إليه
مرجعكم " لان هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و (حقا) مصدر آخر تقديره: حق ذلك حقا (أنه
يبدأ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ
فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لانه يبدأ وماضى يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ (بما
كانوا) في موضع رفع صفة أخرى لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (جعل الشمس ضياء) مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا، وجعل بمعنى خلق،
والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هى الضياء، والياء منقلبة عن واو لقولك ضوء،
والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة،
فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم
قلبت الالف همزة لئلا يجتمع ألفان (والقمر نورا) أى ذا نور، وقيل المصدر بمعنى
فاعل: أى منيرا (وقدره منازل) أى وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا
منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لان معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر
متعديا إلى واحد بمعنى خلق ومنازل، حال: أى منتقلا.
[25]
قوله تعالى (إن الذين لايرجون) خبر إن (أولئك مأواهم النار) فأولئك مبتدأ ومأواهم
مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك (بما كانوا) الباء متعلقة بفعل محذوف دل
عليه الكلام: أى جوزوا بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى (تجرى من تحتهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير المفعول
في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال (في جنات) يجوز أن
يتعلق بتجرى، وأن يكون حالا من الانهار، وأن يكون متعلقا بيهدى، وأن يكون حالا من
ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لان.
قوله تعالى (دعواهم) مبتدأ (سبحانك) منصوب على المصدر، وهو تفسير الدعوى لان
المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و (فيها) متعلق بتحية (أن الحمد) أن مخففة من الثقيلة،
ويقرأ أن بتشديد النون وهى مصدرية، والتقدير: آخر دعواهم حمد الله.
قوله تعالى (الشر) هو مفعول يعجل، و (استعجالهم) تقديره: تعجيلا مثل استعجالهم،
فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.
وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أى كاستعجالهم، وهو بعيد، إذ لو جاز
ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أى كغلام عمرو، وبهذا ضعفه جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس
في المثال الذى ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو
قوله " يعجل " (فنذر) هو معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولايجوز أن
يكون معطوفا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى تقتضيه لو، وليس كذلك
لان التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.
قوله تعالى (لجنبه) في موضع الحال: أى دعانا مضجعا ومثله (قاعدا أو قائما) وقيل
العامل في هذه الاحوال مس، وهو ضعيف لامرين: أحدهما أن الحال على هذا واقعة بعد
جواب " إذا " وليس بالوجه، والثانى أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله، لا على أن
الضر يصيبه في كل أحواله. وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن (كأن لم يدعنا) في موضع
الحال من الفاعل في مر (إلى ضر) أى إلى كشف ضر، واللام في " لجنبه " على أصلها عند
البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.
[26]
قوله تعالى (من قبلكم) متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان. و (جاءتهم
رسلهم) يجوز أن يكون حالا: أى وقد جاءتهم، ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.
قوله تعالى (لننظر) يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن النون
الثانية قلبت ظاء وأدغمت.
قوله تعالى (ولا أدراكم به) هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء الله لما أعلمكم
بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الاثبات.
والمعنى: ولو شاء الله لاعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به "
بالهمزة مكان الالف، قيل هى لغة لبعض العرب يقلبون الالف المبدلة من ياء همزة، وقيل
هو غلط لان قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء
الله لدفعكم عن الايمان به (عمرا) ينتصب نصب الظروف: أى مقدار عمر أو مدة عمر.
قوله تعالى (مالا يضرهم) " ما " بمعنى الذى، ويراد بها الاصنام، ولهذا قال تعالى
(هؤلاء شفعاؤنا) فجمع حملا على معنى " ما ".
قوله تعالى (وإذا أذقنا) جواب " إذا " الاولى (إذا) الثانية. والثانية للمفاجأة
والعامل في الثانية الاستقرار الذى في (لهم) وقيل " اذا " الثانية زمانية أيضا،
والثانية ومابعدها جواب الاولى.
قوله تعالى (يسيركم) يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أى يصرفكم ويبثكم
(وجرين بهم) ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا
لكنتم، وكذلك (فرحوا) ومابعده (جاءتها) الضمير للفلك، وقيل للريح.
قوله تعالى (إذا هم) هو جواب لما، وهى للمفاجأة كالتى يجاب بها الشرط (بغيكم)
مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (على أنفسكم) وعلى متعلقة بمحذوف. أى كائن لا
بالمصدر، لان الخبر لايتعلق بالمبتدأ ف (متاع) على هذا خبر مبتدأ محذوف: أى هومتاع
أو خبر بعد خبر.
والثانى أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا
على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع منصوب على المصدر: أى يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو
مفعول به، والعامل فيه بغيكم، ويكون البغى هنا بمعنى الطلب: أى طلبكم على أنفسكم
متاع الحياة الدنيا، فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لان المصدر لايعمل فيما بعد
خبره، بل على أنفسكم
[27]
متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك ويقرأ
متاع بالجر على أنه نعت للانفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون المصدر بمعنى
اسم الفاعل، أى ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن أن يجعل صفة.
قوله تعالى (فاختلط به نبات الارض) الباء للسبب: أى اختلط النبات بسبب اتصال الماء
به، وقيل المعنى خالطه نبات الارض، أى اتصل به فرباه، و (مما يأكل) حال من النبات
(وازينت) أصله تزينت، ثم عمل فيه ماذكرنا في " ادارأتم فيها " ويقرأ بفتح الهمزة
وسكون الزاى وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء: أى صارت ذات زينة كقولك: أجرب
الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما
جاء استحوذ، ويقرأ و " ازيأنت " بزاى ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة
بعدها نون مشددة والاصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الالف فانقلبت همزة كما ذكرنا
في الضالين (تغن بالامس) قرئ في الشاذ " تتغن " بتاءين وهو في القراءة المشهورة
والامس هنا يراد به للزمان الماضى لاحقيقة أمس الذى قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان
معربا. وكان بلا ألف ولام ولاإضافة نكرة.
قوله تعالى (ولايرهق وجوههم) الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها
الاستقرار في الذين: أى استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو ذلك، ولايجوز أن
يكون معطوفا على الحسنى لان الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا،
وإن غير مقدرة لان الفعل مرفوع.
قوله تعالى (والذين كسبوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله " مالهم من الله
من عاصم " أو قوله " كأنما أغشيت " أو قوله " أولئك أصحاب " ويكون (جزاء سيئة
بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره.
والثانى الخبر جزاء سيئة، وجزاء مبتدأ. وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة
كقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر
بمثلها. والثانى أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أى وجزاء سيئة بمثلها
واقع (وترهقهم ذلة) قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لان المستقبل لايعطف على
الماضى، وإن قيل هو بمعنى الماضى فضعيف أيضا، وقيل الجملة حال (قطعا) يقرأ بفتح
الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لاغشيت، و (من الليل) صفة لقطع، و (مظلما) حال
من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا وذكره لان القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون
الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا
من الليل.
[28]
قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الامر: أى الزموا، وفيه ضمير فاعل، و
(أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم، وعند آخرين الكاف للخطاب لاموضع
لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لانه من
زال يزول، وإنما قلبت ياء لان وزن الكلمة فيعل: أى زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما
اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء، وقيل هو من زلت الشئ أزيله، فعينه
على هذا ياء، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.
قوله تعالى (هنالك تبلوا) يقرأ بالباء: أى تختبر عملها، ويقرأ بالتاء: أى تتبع، أو
تقرأ في الصحيفة.
قوله تعالى (أنهم لايؤمنون) أن وماعملت فيه في موضع رفع بدلا من كلمة، أو خبر مبتدأ
محذوف، أو في موضع نصب: أى لانهم أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.
قوله تعالى (أمن لايهدى) فيها قراءات قد ذكرنا مثلها في قوله " يخطف أبصارهم "
ووجهناها هناك، وأما (إلا أن يهدى) فهو مثل قوله " إلا أن يصدقوا " وقد ذكر في
النساء، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره: أى أى شئ لكم في الاشراك، و
(كيف تحكمون) مستأنف: أى كيف تحكمون بأن له شريكا.
قوله تعالى (لايغنى من الحق شيئا) في موضع المصدر: أى إغناء، ويجوز أن يكون مفعولا
ليغنى، ومن الحق حال منه.
قوله تعالى (وماكان هذا القرآن) هذا اسم كان، والقرآن نعت له أو عطف بيان، و (أن
يفترى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر كان: أى وماكان القرآن افتراء، والمصدر هنا
بمعنى المفعول. أى مفترى.
والثانى التقدير: ماكان القرآن ذا افتراء.
والثالث أن " أن " خبر كان محذوف، والتقدير: ماكان هذا القرآن ممكنا أن يفترى، وقيل
التقدير: لان يفترى، و (تصديق) مفعول له: أى ولكن أنزل للتصديق، وقيل التقدير: ولكن
كان التصديق الذى: أى مصدق الذى
[29]
(وتفصيل الكتاب) مثل تصديق (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من الكتاب والكتاب مفعول
في المعنى، ويجوز أن يكون مستأنفا (من رب العالمين) يجوز أن يكون حالا أخرى، وأن
يكون متعلقا بالمحذوف: أى ولكن أنزل من رب العالمين.
قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها.
قوله تعالى (من يستمعون إليك) الجمع محمول على معنى " من " والافراد في قوله تعالى
(من ينظر) محمول على لفظها.
قوله تعالى (لايظلم الناس شيئا) يجوز أن يكون مفعولا: أى لاينقصهم شيئا، وأن يكون
في موضع المصدر.
قوله تعالى (كأن لم يلبثوا) الكلام كله في موضع الحال، والعامل فيه يحشرهم وكأن
هاهنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أى كأنهم، و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (من
النهار) نعت لساعة، وقيل كأن لم صفة اليوم، والعائد محذوف أى لم يلبثوا قبله، وقيل
هو نعت لمصدر محذوف: أى حشرا كأن لم يلبثوا قبله، والعامل في يوم اذكر (يتعارفون)
حال أخرى، والعامل فيها يحشرهم، وهى حال مقدرة. لان التعارف لايكون حال (قد خسر)
يجوز أن يكون مستأنفا ويجوز أن يكون التقدير: يقولون قد خسر، والمحذوف حال من
الضمير في يتعارفون.
قوله تعالى (ثم الله شهيد) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى، وإنما رتبت
الاخبار بعضها على بعض كقولك: زيد عالم ثم هو كريم.
قوله تعالى (ماذا يستعجل) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى " ماذا ينفقون
" قولين، وهما مقولان هاهنا، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون " ماذا " اسما واحدا
مبتدأ، ويستعجل منه الخبر، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل،
ولاضمير فيه يعود على المبتدأ، ورد هذا للقول بأن العائد الهاء في منه فهو كقولك:
زيد أخذت منه درهما.
قوله تعالى (آلآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة، والناصب لها محذوف تقديره:
آمنتم الآن.
قوله تعالى (أحق هو) مبتدأ وهو مرفوع به، ويجوز أن يكون هو مبتدأ، وأحق الخبر،
وموضع الجملة نصب بيستنبئونك، و (إى) بمعنى نعم.
[30]
قوله تعالى (وأسروا الندامة) مستأنف، وهو حكاية مايكون في الآخرة. وقيل هو بمعنى
المستقبل. وقيل قد كان ذلك في الدنيا.
قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل: أى وشاف، وقيل هو في معنى المفعول: أى
المشفى به.
قوله تعالى (فبذلك) الفاء الاولى مرتبطة بما قبلها، والثانية بفعل محذوف تقديره:
فليعجبوا بذلك فليفرحوا، كقولهم: زيدا فاضربه: أى تعمد زيدا فاضربه، وقيل الفاء
الاولى زائدة، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة،
ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذى قبله.
قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الانعام (آلله) مثل آلذكرين، وقد ذكر في الانعام.
قوله تعالى (في شأن) خبر كان (وما تتلوا) ما نافية، و (منه) أى من الشأن، أى من
أجله، و (من قرآن) مفعول تتلو، ومن زائدة (إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون) ظرف
لشهودا (من مثقال) في موضع رفع بيعزب، ويعزب بضم الزاى وكسرها لغتان وقد قرئ بهما
(ولاأصغر. ولاأكبر) بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ، ويقرآن
بالرفع حملا على موضع من مثقال، والذى في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا
في كتاب) أى إلا هو في كتاب، والاستثناء منقطع.
قوله تعالى (الذين آمنوا) يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره (لهم البشرى) ويجوز أن يكون
خبرا ثانيا، لان أو خبر ابتداء محذوف: أى هم الذين، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار
أعنى، أو صفة لاولياء بعد الخبر، وقيل يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من الهاء
والميم في عليهم.
قوله تعالى (في الحياء الدنيا) يجوز أن تتعلق في بالبشرى، وأن يكون حالا منها،
والعامل الاستقرار، و (لاتبديل) مستأنف.
قوله تعالى (إن العزة) هو مستأنف، والوقف على ماقبله.
قوله تعالى (وما يتبع) فيه وجهان: أحدهما هى نافية، ومفعول يتبع محذوف دل عليه قوله
" إن يتبعون إلا الظن" و (شركاء) مفعول يدعون، ولايجوز أن يكون مفعول يتبعون، لان
المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك. والوجه الثانى أن تكون " ما "
استفهاما في موضع نصب بيتبع.
[31]
قوله تعالى (إن عندكم من سلطان) إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير، (بهذا) يتعلق بسلطان
أو نعت له.
قوله تعالى (متاع في الدنيا) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم أو تقلبهم
ونحو ذلك.
قوله تعالى (إذ قال لقومه) " إذ " ظرف، والعامل فيه نبأ، ويجوز أن يكون حالا (فعلى
الله) الفاء جواب الشرط، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على الجواب، وأجمعوا بقطع
الهمزة من قولك أجمعت على الامر إذا عزمت عليه، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل
بنفسه، وقيل هو متعد بنفسه في الاصل، ومنه قول الحرث: أجمعوا أمرهم بليل فلما *
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء وأما (شركاءكم) فالجمهور على النصب، وفيه أوجه: أحدها هو
معطوف على أمركم تقديره: وأمر شركائكم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.
والثانى هو مفعول معه تقديره: مع شركائكم.
والثالث هو منصوب بفعل محذوف: أى وأجمعوا شركاءكم، وقيل التقدير: وادعوا شركاءكم،
ويقرأ بالرفع وهو معطوف على الضمير في أجمعوا، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح
الميم، والتقدير ذوى أمركم، لانك تقول جمعت القوم وأجمعت الامر، ولاتقول جمعت الامر
على هذا المعنى وقيل لاحذف فيه لان المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض (ثم
اقضوا إلى) يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الامر، والمعنى: أقضوا ماعزمتم عليه من
الايقاع بى، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد، والمصدر منه الافضاء، والمعنى: صلوا
إلى ولام الكلمة واو، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.
قوله تعالى (من بعده) الهاء تعود على نوح عليه السلام (فما كانوا) الواو ضمير
القوم، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح، والهاء في (به) لنوح، والمعنى: فما
كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذى كذب به قوم نوح: أى بمثله، ويجوز أن
تكون الهاء لنوح، ولايكون فيه حذف، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح
ليؤمنوا بنوح عليه السلام.
قوله تعالى (أتقولون للحق لما جاءكم) المحكى بيقول محذوف: أى أتقولون له هو سحر !
ثم استأنف فقال (أسحر هذا) وسحر خبر مقدم، وهذا مبتدأ.
قوله تعالى (الكبرياء في الارض) هو اسم كان، ولكم خبرها، وفى الارض ظرف للكبرياء
منصوب بها، أو بكان، أو بالاستقرار في لكم، ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء، أو من
الضمير في لكم.
[32]
قوله تعالى (ماجئتم به السحر) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون " ما " استفهاما، وفى
موضعها وجهان: أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ماتقديره: أى شئ أتيتم به وجئتم به
يفسر المحذوف، فعلى هذا في قوله السحر وجهان، أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو
السحر. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى السحر هو، والثانى موضعها رفع بالابتداء
وجئتم به الخبر، والسحر فيه وجهان: أحدهما ماتقدم من الوجهين.
والثانى هو بدل من موضع " ما " كما تقول ماعندك أدينار أم درهم؟ ويقرأ على لفظ
الخبر وفيه وجهان: أحدهما استفهام أيضا في المعنى، وحذفت الهمزة للعلم بها. والثانى
هو خبر في المعنى، فعلى هذا تكون " ما " بمعنى الذى. وجئتم به صلتها، والسحر خبرها،
ويجوز أن تكون " ما " استفهاما، والسحر خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه: أحدها هو عائد على الذرية،
ولم تؤنث لان الذرية قوم فهو مذكر في المعنى. والثانى هو عائد على القوم والثالث
يعود على فرعون، وإنما جمع لوجهين: أحدهما أن فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير
إليه بلفظ الجمع، كما يقول العظيم نحن نأمر.
والثانى أن فرعون صار اسما لاتباعه، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها، وقيل الضمير
يعود على محذوف تقديره من آل فرعون وملائهم: أى ملا الآل، وهذا عندنا غلط لان
المحذوف لايعود إليه ضمير، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا، وأنت تريد غلمان
زيد قاموا (أن يفتنهم) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره: على خوف فتنة من فرعون،
ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف: أى على خوف فتنة فرعون.
قوله تعالى (أن تبوآ) يجوز أن تكون أن المفسرة ولايكون لها موضع من الاعراب، وأن
تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا، والجمهور على تحقيق الهمزة، ومنهم من جعلها
ياء وهى مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه وجهان: أحدهما اللام غير زائدة،
والتقدير: أتخذ لقومكما بيوتا، فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولى تبوآ، وأن
يكون حالا من البيوت.
والثانى اللام زائدة، والتقدير: بوئا قومكما بيوتا: أى أنزلاهم، وتفعل وفعل بمعنى
مثل علقها وتعلقها، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوآ، وأن يكون حالا من البيوت،
[33]
وأن يكون حالا من قومكما، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوآ وفيه ضعف (واجعلوا.
وأقيموا) إنما جمع فيهما، لانه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما، وأفرد
في قوله (وبشر) لانه أراد موسى عليه السلام وحده، إذ كان هو الرسول وهارون وزيرا
له، فموسى عليه السلام هو الاصل.
قوله تعالى (فلايؤمنوا) في موضعه وجهان: أحدهما النصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف
على ليضلوا، والثانى هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد. والقول الثانى موضعه جزم،
لان معناه الدعاء كما تقول لاتعذبنى.
قوله تعالى (ولاتتبعان) يقرأ بتشديد النون، والنون للتوكيد، والفعل مبنى معها،
والنون التى تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لان الفعل هنا غير معرب، ويقرأ بتخفيف
النون وكسرها.
وفيه وجهان: أحدهما أنه نهى أيضا، وحذف النون الاولى من الثقيلة تخفيفا، ولم تحذف
الثانية لانه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة، وحذف الساكنة أقل
تغيرا. والوجه الثانى أن الفعل معرب مرفوع وفيه وجهان: أحدهما هو خبر في معنى النهى
كما ذكرنا في قوله " لاتعبدون إلا الله " والثانى هو في موضع الحال، والتقدير:
فاستقيما غير متبعين.
قوله تعالى (وجاوزنا ببنى إسرائيل) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك: أجزت الرجال
البحر (بغيا وعدوا) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (آلآن) العامل فيه محذوف تقديره: أتؤمن الآن.
قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال: أى عاريا، وقيل بجسدك لاروح فيه، وقيل بدرعك.
قوله تعالى (مبوأ صدق) يجوز أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا.
قوله تعالى (إلا قوم يونس) هو منصوب على الاستثناء المنقطع، لان المستثنى منه
القرية وليست من جنس القوم، وقيل هو متصل لان التقدير: فلولا كان أهل قرية، ولو كان
قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.
قوله تعالى (ماذا في السموات) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. والسموات الخبر
وانظروا معلقة عن العمل، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وقد تقدم أصل ذلك (وماتغنى)
يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب، وأن تكون نفيا.
قوله تعالى (كذلك حقا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن كذلك في موضع نصب صفة لمصدر محذوف:
أى إنجاء كذلك وحقا بدل منه. والثانى أن يكونا منصوبين
[34]
بينجى التى بعدهما. والثالث أن يكون كذلك للاولى وحقا للثانية، ويجوز أن يكون، كذلك
خبر المبتدأ: أى الامر كذلك، وحقا منصوب بما بعدها.
قوله تعالى (وأن أقم وجهك) قد ذكر في الانعام مثله.
سورة الانفال
بسم اللّه الرحمن الرحيم
(عن الانفال) الجمهور على إظهار النون، ويقرأ بإدغامها في اللام، وقد ذكر في قوله "
عن الاهلة " و (ذات بينكم) قد ذكر في آل عمران عند قوله " بذات الصدور " (وجلت)
مستقبله توجل بفتح التاء وسكون الواو وهى اللغة الجيدة، ومنهم من يقلب الواو ألفا
تخفيفا، ومنهم من يقلبها ياء بعد كسر التاء، وهو على لغة من كسر حرف المضارعة،
وانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها، ومنهم من يفتح التاء مع سكون الياء
فتركب من اللغتين لغة ثالثة، فتفتح الاول على اللغة الفاشية، وتقلب الواو ياء على
الاخرى (وعلى ربهم يتوكلون) يجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير المفعول في زادتهم،
ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (حقا) قد ذكر مثله في النساء و (عند ربهم) ظرف، والعامل فيه الاستقرار،
ويجوز أن يكون العامل فيه درجات لان المراد به الاجور.
قوله تعالى (كما أخرجك) في موضع الكاف أوجه: أحدها أنها صفة لمصدر محذوف، ثم في ذلك
المصدر أوجه تقديره: ثابتة لله ثبوتا كما أخرجك.
والثانى: وأصلحوا ذات بينكم إصلاحا كما أخرجك، وفي هذا رجوع من خطاب الجمع إلى خطاب
الواحد.
والثالث تقديره: وأطيعوا الله طاعة كما أخرجك، والمعنى: طاعة محققة.
والرابع تقديره: يتوكلون توكلا كما أخرجك.
والخامس هو صفة لحق تقديره: أولئك هم المؤمنون حقا مثل ما أخرجك.
والسادس تقديره: يجادلونك جدالا كما أخرجك.
والسابع تقديره: وهم كارهون كراهية كما أخرجك: أى ككراهيتهم أو كراهيتك لاخراجك،
وقد ذهب قوم إلى أن الكاف بمعنى الواو التى للقسم وهو بعيد، و (ما) مصدرية، و
(بالحق) حال، وقد ذكر نظائره (وإن فريقا) الواو هنا واو الحال.
[4]
قوله تعالى (وإذ يعدكم) إذ في موضع نصب: أى واذكروا، والجمهور على ضم الدال، ومنهم
من يسكنها تخفيفا لتوالى الحركات، و (إحدى) مفعول ثان، و (أنها لكم) في موضع نصب
بدلا من إحدى بدل الاشتمال، والتقدير: وإذ يعدكم الله ملكة إحدى الطائفتين.
قوله تعالى (إذ تستغيثون) يجوز أن يكون بدلا من إذ الاولى، وأن يكون التقدير:
اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لتودون (بألف) الجمهور على إفراد لفظة الالف، ويقرأ
بآلف على أفعل مثل أفلس، وهو معنى قوله " بخمسة آلاف " (مردفين) يقرأ بضم الميم
وكسر الدال وإسكان الراء، وفعله أردف، والمفعول محذوف: أى مردفين أمثالهم، ويقرأ
بفتح الدال على مالم يسم فاعله: أى أردفوا بأمثالهم، ويجوز أن يكون المردفون من جاء
بعد الاوائل: أى جعلوا ردفا للاوائل، ويقرأ بضم الميم وكسر الدال وتشديدها، وعلى
هذا في الراء ثلاثة أوجه: الفتح وأصلها مرتدفين، فنقلت حركة التاء إلى الراء وأبدلت
ذالا ليصح إدغامها في الدال، وكان تغيير التاء أولى لانها مهموسة والدال مجهورة.
وتغيير الضعيف إلى القوى أولى.
والثانى كسر الراء على إتباعها لكسرة الدال، أو على الاصل في التقاء الساكنين.
والثالث الضم إتباعا لضمة الميم، ويقرأ بكسر الميم والراء على إتباع الميم الراء،
وقيل من قرأ بفتح الراء وتشديد الدال فهو من ردف بتضعيف العين للتكثير، أو أن
التشديد بدل من الهمزة كأفرجته وفرجته.
قوله تعالى (وماجعله الله) الهاء هنا مثل الهاء التى في آل عمران.
قوله تعالى (إذ يغشيكم) " إذ " مثل " إذ تستغيثون " ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه
" عزيز حكيم " ويقرأ " يغشاكم " بالتخفيف والالف، و (النعاس) فاعله، ويقرأ بضم
الياء وكسر الشين وياء بعدها، والنعاس بالنصب: أى يغشيكم الله النعاس، ويقرأ كذلك
إلا أنه بتشديد الشين و (أمنة) مذكور في آل عمران (ماء ليطهركم) الجمهور على المد
والجار صفة له، ويقرأ شاذا بالقصر وهى بمعنى الذى (رجز الشيطان) الجمهور على الزاى،
ويراد به هنا الوسواس، وجاز أن يسمى رجزا لانه سبب للرجز وهو العذاب، وقرئ بالسين،
وأصل الرجس الشئ القذر، فجعل مايفضى إلى العذاب رجسا استقذارا له.
قوله تعالى (فوق الاعناق) هو ظرف لاضربوا، وفوق العنق الرأس، وقيل هو مفعول به،
وقيل فوق زائدة (منهم) حال من (كل بنان) أى كل بنان
[5]
كائنا منهم، ويضعف أن يكون حالا من بنان إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف
(ذلك) أى الامر، وقيل ذلك مبتدأ، و (بأنهم) الخبر: أى ذلك مستحق بشقاقهم (ومن يشاقق
الله) إنما لم يدغم لان القاف الثانية ساكنة في الاصل وحركتها هنا لالتقاء الساكنين
فهى غير معتد بها.
قوله تعالى (ذلكم فذوقوه) أى الامر ذلكم، أو ذلكم واقع أو مستحق، ويجوز أن يكون في
موضع نصب: أى ذوقوا ذلكم، وجعل الفعل الذى بعده مفسرا له، والاحسن أن يكون التقدير:
باشروا ذلكم فذوقوه، لتكون الفاء عاطفة (وأن للكافرين) أى والامر أن للكافرين.
قوله تعالى (زحفا) مصدر في موضع الحال، وقيل هو مصدر للحال المحذوفة: أى تزحفون
زحفا، و (الادبار) مفعول ثان لتولوهم.
قوله تعالى (متحرفا أو متحيزا) حالان من ضمير الفاعل في يولهم.
قوله تعالى (ذلكم) أى الامر ذلكم (و) الامر (أن الله موهن) بتشديد الهاء وتخفيفها،
وبالاضافة والتنوين وهو ظاهر.
قوله تعالى (وأن الله مع المؤمنين) يقرأ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح على تقدير:
والامر أن الله مع المؤمنين.
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم) إنما جمع الصم وهو خبر شر، لان شرا هنا
يراد به الكثرة، فجمع الخبر على المعنى، ولو قال الاصم لكان الافراد على اللفظ
والمعنى على الجمع.
قوله تعالى (لاتصيبن) فيها ثلاثة أوجه: أحدها أنه مستأنف، وهو جواب قسم محذوف: أى
والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة بل تعم.
والثانى أنه نهى، والكلام محمول على المعنى كما تقول: لا أرينك هاهنا: أى لاتكن
هاهنا، فإن من يكون هاهنا أراه، وكذلك المعنى هنا، إذ المعنى لاتدخلوا في الفتنة
فإن من يدخل فيها تنزل به عقوبة عامة.
والثالث أنه جواب الامر، وأكد بالنون مبالغة، وهو ضعيف لان جواب الشرط متردد فلا
يليق به التوكيد، وقرئ في الشاذ " لتصيبن " بغير ألف.
قال ابن جنى: الاشبه أن تكون الالف محذوفة كما حذفت في أم والله.
وقيل في قراءة الجماعة: إن الجملة صفة لفتنة، ودخلت النون على المنفى في غير القسم
على الشذوذ.
[6]
قوله تعالى (تخافون) يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذى قبله: أى خائفون، ويجوز أن
يكون حالا من الضمير في مستضعفون.
قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الاول وأن يكون
نصبا على الجواب بالواو.
قوله تعالى (وإذ يمكر) هو معطوف على " واذكروا إذ أنتم ".
قوله تعالى (هو الحق) القراءة المشهورة بالنصب، وهو هاهنا فصل، ويقرأ بالرفع على
أن: هو مبتدأ، والحق خبره، والجملة خبر كان، و (من عندك) حال من معنى الحق: أى
الثابت من عندك (من السماء) يجوز أن يتعلق بأمطر، وأن يكون صفة لحجارة.
قوله تعالى (أن لا يعذبهم) أى في أن لا يعذبهم، فهو في موضع نصب أو جر على
الاختلاف، وقيل هو حال، وهو بعيد لان " أن " تخلص الفعل للاستقبال.
قوله تعالى (وماكان صلاتهم) الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء، وهو ظاهر. وقرأ
الاعمش بالعكس وهى ضعيفة، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران، والمصدر جنس، ومعرفة
الجنس قريبة من نكرته، ونكرته قريبة من معرفته. ألا ترى أنه لافرق بين خرجت فإذا
الاسد أو فإذا أسد، ويقوى ذلك أن الكلام قد دخله النفى والاثبات، وقد يحسن في ذلك
مالا يحسن في الاثبات المحض ألا ترى أنه لا يحسن كان رجل خيرا منك، ويحسن ماكان
رجلا إلا خيرا منك؟ وهمزة المكاء مبدلة من واو لقولهم مكا يمكو. والاصل في التصدية
تصددة، لانه من الصد، فأبدلت الدال الاخيرة ياء لثقل التضعيف، وقيل هى أصل وهو من
الصدى الذى هو الصوت.
قوله تعالى (ليميز) يقرأ بالتشديد والتخفيف، وقد ذكر في آل عمران، و (بعضه) بدل من
الخبيث بدل البعض: أى بعض الخبيث على بعض. ويجعل هنا متعدية إلى مفعول بنفسها، وإلى
الثانى بحرف الجر، وقيل الجار والمجرور حال تقديره: ويجعل بعض الخبيث عاليا على
بعض.
قوله تعالى (نعم المولى) المخصوص بالمدح محذوف: أى نعم المولى الله سبحانه.
قوله تعالى (أن ماغنمتم) " ما " بمعنى الذى: والعائد محذوف، و (من شئ) حال من
العائد المحذوف تقديره: ماغنمتموه قليلا وكثيرا (فأن لله) يقرأ بفتح الهمزة.
[7]
وفى الفاء وجهان: أحدهما أنها دخلت في خبر الذى لما في الذى من معنى المجازاة، و "
أن " وماعملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالحكم أن لله خمسه.
والثانى أن الفاء زائدة و " أن " بدل من الاولى، وقيل " ما " مصدرية والمصدر بمعنى
المفعول: أى واعلموا أن غنيمتكم: أى مغنومكم، ويقرأ بكسر الهمزة في " أن " الثانية
على أن تكون " أن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الاولى والخمس بضم الميم
وسكونها لغتان قد قرئ بهما (يوم الفرقان) ظرف لانزلنا أو لآمنتم (يوم التقى) بدل من
يوم الاول، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان لانه مصدر بمعنى التفريق.
قوله تعالى (إذ أنتم) إذ بدل من يوم أيضا، ويجوز أن يكون التقدير: اذكروا إذ أنتم،
ويجوز أن يكون ظرفا لقدير، والعدوة بالضم والكسر لغتان قد قرئ بهما (القصوى)
بالواو، وهى خارجة على الاصل، وأصلها من الواو. وقياس الاستعمال أن تكون القصيا
لانه صفة كالدنيا والعليا، وفعلى إذا كانت صفة قلبت واوها ياء فرقا بين الاسم
والصفة (والركب) جمع راكب في المعنى، وليس بجمع في اللفظ، ولذلك تقول في التصغير
ركيب كما تقول فريخ، و (أسفل منكم) ظرف: أى والركب في مكان أسفل منكم: أى أشد
تسفلا، والجملة حال من الظرف الذى قبله، ويجوز أن تكون في موضع جر عطفا على أنتم:
أى وإذ الركب أسفل منكم (ليقضى الله) أى فعل ذلك ليقضى (ليهلك) يجوز أن يكون بدلا
من ليقضى بإعادة الحرف، وأن يكون متعلقا بيقضى أو بمفعولا (من هلك) الماضى هنا
بمعنى المستقبل، ويجوز أن يكون المعنى: ليهلك بعذاب الآخرة من هلك في الدنيا منهم
بالقتل (من حى) يقرأ بتشديد الياء وهو الاصل لان الحرفين متماثلان متحركان، فهو مثل
شد ومد، ومنه قول عبيد: عيوا بأمرهم كما * عيت ببيضتها الحمامه ويقرأ بالاظهار وفيه
وجهان: أحدهما أن الماضى حمل على المستقبل وهو يحيا، فكما لم يدغم في المستقبل لم
يدغم في الماضى، وليس كذلك شد ومد فإنه يدغم فيهما جميعا.
والوجه الثانى أن حركة الحرفين مختلفة، فالاولى مكسورة والثانية مفتوحة، واختلاف
الحركتين كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار لححت عينه وضبب البلد إذا كثر
ضبه، ويقوى ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكان الياء الثانية ساكنة، ولو سكنت لم
يلزم الادغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياآن
[8]
أصل وليست الثانية بدلا من واو، فأما الحيوان فالواو فيه بدل من الياء، وأما الحواء
فليس من لفظ الحية، بل من حوى يحوى إذا جمع، و (عن بينة) في الموضعين يتعلق بالفعل
الاول.
قوله تعالى (إذ يريكهم) أى اذكروا، ويجوز أن يكون ظرفا لعليم.
قوله تعالى (فتفشلوا) في موضع نصب على جواب النهى، وكذلك (وتذهب ريحكم) ويجوز أن
يكون فتفشلوا جزما عطفا على النهى، ولذلك قرئ " ويذهب ريحكم ".
قوله تعالى (بطرا ورئاء الناس) مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال (ويصدون) معطوف
على معنى المصدر.
قوله تعالى (لا غالب لكم اليوم) غالب هنا مبنية، ولكم في موضع رفع خبر لا، واليوم
معمول الخبر، و (من الناس) حال من الضمير في لكم، ولايجوز أن يكون اليوم منصوبا
بغالب، ولا من الناس حالا من الضمير في غالب، لان اسم " لا " إذا عمل فيما بعده لا
يجوز بناؤه، والالف في (جار) بدل من واو لقولك جاورته، و (على عقبيه) حال.
قوله تعالى (إذ يقول المنافقون) أى اذكروا ويجوز أن يكون ظرفا لزين أو لفعل من
الافعال المذكورة في الآية مما يصح به المعنى.
قوله تعالى (يتوفى) يقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما (الملائكة) ولم يؤنث
للفصل بينهما ولان تأنيث الملائكة غير حقيقى، فعلى هذا يكون (يضربون وجوههم) حالا
من الملائكة أو حالا من الذين كفروا، لان فيها ضميرا يعود عليهما. والثانى أن يكون
الفاعل مضمرا: أى إذ يتوفى الله والملائكة على هذا مبتدأ، ويضربون الخبر، والجملة
حال ولم يحتج إلى الواو لاجل الضمير: أى يتوفاهم والملائكة يضربون وجوههم، ويقرأ
بالتاء والفاعل الملائكة.
قوله تعالى (كدأب) قد ذكر في آل عمران مايصح منه إعراب هذا الموضع.
قوله تعالى (وإن الله سميع عليم) يقرأ بفتح الهمزة تقديره: ذلك بأن الله لم يك
مغيرا وبأن الله سميع، ويقرأ بكسرها على الاستئناف.
[9]
قوله تعالى (الذين عاهدت) يجوز أن يكون بدلا من الذين الاولى، وأن يكون خبر مبتدأ
محذوف: أى هم الذين. ويجوز أن يكون نصبا على إضمار أعنى، و (منهم) حال من العائد
المحذوف.
قوله تعالى (فإما تثقفنهم) إذ أكدت أن الشرطية بما أكد فعل الشرط بالنون ليتناسب
المعنى (فشرد بهم) الجمهور على الدال وهو الاصل، وقرأ الاعمش بالذال وهو بدل من
الدال، كما قالوا: خراديل وخراذيل، وقيل هو مقلوب من شذر بمعنى فرق، ومنه قولهم:
تفرقوا شذر مذر، ويجوز أن تكون من شذر في مقاله إذا أكثر فيه. وكل ذلك تعسف بعيد.
قوله تعالى (فانبذ إليهم) أى عهدهم فحذف المفعول، و (على سواء) حال.
قوله تعالى (ولاتحسبن الذين) يقرأ بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم،
والمفعول الثانى (سبقوا) ويقرأ بالياء، وفى الفاعل وجهان: أحدهما هو مضمر: أى يحسبن
من خلفهم، أو لا يحسبن أحد، فالاعراب على هذا كإعراب القراءة الاولى. والثانى أن
الفاعل الذين كفروا، والمفعول الثانى سبقوا، والاول محذوف: أى أنفسهم، وقيل
التقدير: أن سبقوا، وأن هنا مصدرية مخففة من الثقيلة حكى عن الفراء وهو بعيد لان أن
المصدرية موصولة، وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال (إنهم لايعجزون) أى
لايحسبوا ذلك لهذا. والثانى أنه(1) متعلق بتحسب إما مفعول أو بدل من سبقوا، وعلى
كلا الوجهين تكون لازائدة وهو ضعيف لوجهين: أحدهما زيادة لا والثانى أن مفعول حسبت
إذا كان جملة وكان مفعولا ثانيا كانت فيه إن مكسورة لانه موضع مبتدأ وخبر.
قوله تعالى (من قوة) هو في موضع الحال من " ما " أو من العائد المحذوف في استطعتم
(ترهبون به) في موضع الحال من الفاعل في اعدلوا، أو من المفعول لان في الجملة
ضميرين يعودان إليهما.
قوله تعالى (للسلم) يجوز أن تكون اللام بمعنى إلى، لان جنح بمعنى مال، ويجوز أن
تكون معدية للفعل بنفسها وأن تكون بمعنى من أجل، والسلم بكسر السين وفتحها لغتان،
وقد قرئ بهما وهى مؤنثة، ولذلك قال (فاجنح لها).
___________________________________
(1) (قوله والثانى أنه الخ) الظاهر أنه مقابل لقوله لايحسبوا ذلك الخ يعنى أنه وجه
ثان اه. (*)
[10]
قوله تعالى (حسبك الله) مبتدأ وخبر، وقال قوم: حسبك مبتدأ، والله فاعله: أى يكفيك
الله (ومن اتبعك) في من ثلاثة أوجه: أحدها جر عطفا على الكاف في حسبك، وهذا لايجوز
عند البصريين لان العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لايجوز.
والثانى موضعه نصب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره: ويكفى من اتبعك.
والثالث موضعه رفع على ثلاثة أوجه(1): أحدها هو معطوف على اسم الله، فيكون خبرا آخر
كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يثن حسبك لانه مصدر.
وقال قوم: هذا ضعيف لان الواو للجمع، ولا يحسن هاهنا كما لم يحسن في قولهم: ماشاء
الله وشئت، وثم هنا أولى. والثانى أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وحسبك من اتبعك.
قوله تعالى (إن يكن) يجوز أن تكون التامة فيكون الفاعل (عشرون)، و (منكم) حال منها
أو متعلقة بيكون، ويجوز أن تكون الناقصة فيكون عشرون اسمها ومنكم الخبر.
قوله تعالى (أسرى) فيه قراءات قد ذكرت في البقرة (والله يريد الآخرة) الجمهور عل
نصب الآخرة على الظاهر، وقرئ شاذا بالجر تقديره: والله يريد عرض الآخرة، فحذف
المضاف وبقى عمله، كما قال بعضهم: أكل امرئ تحسبين أمرأ * ونار توقد بالليل نارا أى
وكل نار.
قوله تعالى (لولا كتاب) كتاب مبتدأ، و (سبق) صفة له. و (من الله) يجوز أن يكون صفة
أيضا، وأن يكون متعلقا بسبق والخبر محذوف: أى تدارككم.
قوله تعالى (حلالا طيبا) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (خيانتك) مصدر خان يخون، وأصل الياء الواو فقلبت لانكسار ما قبلها ووقوع
الالف بعدها.
قوله تعالى (من ولايتهم) يقرأ بفتح الواو وكسرها وهما لغتان، وقيل هى بالكسر
الامارة، وبالفتح من موالاة النصرة.
___________________________________
(1) (قوله على ثلاثة أوجه) لم يذكر منها غير وجهين، وانظر لم اسقط الثالث مع أنه
معيب اه. (*)
[11]
قوله تعالى (إلا تفعلوه) الهاء تعود على النصر، وقيل على الولاء والتأمر.
قوله تعالى (في كتاب الله) في موضع نصب بأولى: أى يثبت ذلك في كتاب الله.
سورة التوبة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (براءة) فيه وجهان: أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هذا براءة أو هذه،
و (من الله) نعت له، و (إلى الذين) متعلقة ببراءة كما تقول: برئت إليك من كذا.
والثانى أنها مبتدأ، ومن الله نعت لها، وإلى الذين الخبر، وقرئ شاذا " من الله "
بكسر النون على أصل التقاء الساكنين، و (أربعة أشهر) ظرف لفسيحوا.
قوله تعالى (وأذان) مثل براءة، و (إلى الناس) متعلق بأذان أو خبر له (أن الله برئ)
المشهور بفتح الهمزة، وفيه وجهان: أحدهما: هو خبر الاذان: أى الاعلام من الله
براءته من المشركين. والثانى هو صفة: أى وأذان كائن بالبراءة، وقيل التقدير:
وإعلام من الله بالبراءة، فالباء متعلقة بنفس المصدر (ورسوله) يقرأ بالرفع وفيه
ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على الضمير في برئ، وما بينهما يجرى مجرى التوكيد،
فلذلك ساغ العطف.
والثانى هو خبر مبتدأ محذوف: أى ورسوله برئ.
والثالث معطوف على موضع الابتداء، وهو عند المحققين غير جائز، لان المفتوحة لها
موضع غير الابتداء بخلاف المكسورة، ويقرأ بالنصب عطفا على اسم إن، ويقرأ بالجر شاذا
وهو على القسم، ولايكون عطفا على المشركين لانه يؤدى إلى الكفر.
قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) في موضع نصب على الاستثناء من المشركين ويجوز أن
يكون مبتدأ والخبر فأتموا (ينقصوكم) الجمهور بالصاد، وقرئ بالضاد أى ينقضوا عهودكم
فحذف المضاف، و (شيئا) في موضع المصدر.
قوله تعالى (واقعدوا لهم كل مرصد) المرصد مفعل من رصدت، وهو هنا مكان، وكل ظرف
لاقعدوا، وقيل هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر أى على كل مرصد أو بكل.
قوله تعالى (وإن أحد) هو فاعل لفعل محذوف دل عليه مابعده، و (حتى يسمع) أى إلى أن
يسمع أو كى يسمع.
ومأمن مفعل من الامن وهو مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ويكون التقدير: ثم أبلغه موضع
مأمنه.
[12]
قوله تعالى (كيف يكون) اسم يكون (عهد) وفي الخبر ثلاثة أوجه: أحدها كيف وقدم
للاستفهام، وهو مثل قوله " كيف كان عاقبة مكرهم ".
والثانى أنه للمشركين، و (عند) على هذين ظرف للعهد، أو ليكون أو للجار، أو هى وصف
للعهد.
والثالث الخبر عند الله وللمشركين تبيين أو متعلق بيكون، وكيف حال من العهد (فما
استقاموا) في " ما " وجهان أحدهما هى زمانية، وهى المصدرية على التحقيق، والتقدير:
فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم، والثانى هى شرطية كقوله " مايفتح الله " والمعنى:
إن استقاموا لكم فاستقيموا، ولاتكون نافية لان المعنى يفسد، إذ يصير المعنى
استقيموا لهم لانهم لم يستقيموا لكم.
قوله تعالى (كيف وإن يظهروا) المستفهم عنه محذوف تقديره: كيف يكون لهم عهد أو كيف
تطمئنون إليهم (إلا) الجمهور بلام مشددة من غير ياء، وقرئ " إيلا " مثل ريح. وفيه
وجهان: أحدهما أنه أبدل اللام الاولى ياء لثقل التضعيف وكسر الهمزة. والثانى أنه من
آلى يئول إذا ساس، أو من آل يئول إذا صار إلى آخر الامر، وعلى الوجهين قلبت الواو
ياء لسكونها وانكسار ماقبلها (يرضونكم) حال من الفاعل في لا يرقبوا عند قوم، وليس
بشئ لانهم بعد ظهورهم لايرضون المؤمنين، وإنما هو مستأنف.
قوله تعالى (فإخوانكم) أى فهم إخوانكم، و (في الدين) متعلق بإخوانكم.
قوله تعالى (أئمة الكفر) هو جمع إمام، وأصله أئمة مثل خباء وأخبية، فنقلت حركة
الميم الاولى إلى الهمزة الساكنة وأدغمت في الميم الاخرى، فمن حقق الهمزتين أخرجهما
على الاصل، ومن قلب الثانية ياء فلكسرتها المنقولة إليها، ولايجوز هنا أن تجعل بين
بين كما جعلت همزة أئذا، لان الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة
الثانية هنا على القياس لكانت ألفا لانفتاح ماقبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة
الميم في الاصل.
قوله تعالى (أول مرة) هو منصوب على الظرف (فالله أحق) مبتدأ.
وفي الخبر وجهان: أحدهما هو أحق، و (أن تخشوه) في موضع نصب أو جر: أى بأن تخشوه،
وفي الكلام حذف: أى أحق من غيره بأن تخشوه، أو أن تخشوه مبتدأ بدل من اسم الله بدل
الاشتمال، وأحق الخبر، والتقدير خشية الله أحق. والثانى أن أن تخشوه مبتدأ، وأحق
خبره مقدم عليه، والجملة خبر عن اسم الله.
[13]
قوله تعالى (ويتوب الله) مستأنف، ولم يجزم لان توبته على من يشاء ليست جزاء على
قتال الكفار، وقرئ بالنصب على إضمار أن.
قوله تعالى (شاهدين) حال من الفاعل في يعمروا (وفى النار هم خالدون) أى وهم خالدون
في النار، وقد وقع الظرف بين حرف العطف والمعطوف.
قوله تعالى (سقاية الحاج) الجمهور على سقاية بالياء، وهو مصدر مثل العمارة، وصحت
الياء لما كانت بعدها تاء التأنيث، والتقدير: أجعلتم أصحاب سقاية الحاج، أو يكون
التقدير: كإيمان من آمن ليكون الاول هو الثانى، وقرئ " سقاة الحاج وعمار المسجد "
على أنه جمع ساق وعامر (لايستوون عند الله) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من المفعول
الاول والثانى، ويكون التقدير: سويتم بينهم في حال تفاوتهم.
قوله تعالى (لهم فيها نعيم) الضمير كناية عن الرحمة والجنات.
قوله تعالى (ويوم حنين) هو معطوف: على موضع في مواطن، و (إذ) بدل من يوم.
قوله تعالى (دين الحق) يجوز أن يكون مصدر يدينون، وأن يكون مفعولا به، ويدينون
بمعنى يعتقدون (عن يد) في موضع الحال: أى يعطوا الجزية أذلة.
قوله تعالى (عزير ابن الله) يقرأ بالتنوين على أن عزيرا مبتدأ، وابن خبره، ولم يحذف
التنوين إيذانا بأن الاول مبتدأ، وأن مابعده خبر وليس بصفة، ويقرأ بحذف التنوين
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مبتدأ وخبر أيضا، وفي حذف التنوين وجهان: أحدهما أنه
حذف لالتقاء الساكنين، والثانى أنه لاينصرف للعجمة والتعريف وهذا ضعيف لان الاسم
عربى عند أكثر الناس، ولان مكبره ينصرف لسكون أوسطه فصرفه في التصغير أولى.
والوجه الثانى أن عزيرا خبر مبتدأ محذوف تقديره: نبينا أو صاحبنا أو معبودنا، وابن
صفة، أو يكون عزيرا مبتدأ وابن صفة والخبر محذوف أى عزيرا ابن الله صاحبنا.
والثالث أن ابنا بدل من عزير، أو عطف بيان، وعزير على ماذكرنا من الوجهين وحذف
التنوين في الصفة، لانها مع الموصوف كشئ واحد (ذلك) مبتدأ، و (قولهم) خبره، و
(بأفواههم) حال والعامل فيه القول، ويجوز أن يعمل فيه معنى الاشارة، ويجوز أن تتعلق
الباء بيضاهون،
[14]
فأما (يضاهون) فالجمهور على ضم الهاء من غير همز، والاصل ضاهى، والالف منقلبة عن
ياء وحذفت من أجل الواو، وقرئ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بعدها وهو ضعيف، والاشبه أن
يكون لغة في ضاهى وليس مشتقا من قولهم امرأة ضهياء، لان الياء أصل والهمزة زائدة،
ولا يجوز أن تكون الياء زائدة إذ ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء.
قوله تعالى (والمسيح) أى واتخذوا المسيح ربا فحذف الفعل وأحد المفعولين، ويجوز أن
يكون التقدير: وعبدوا المسيح (إلا ليعبدوا) قد تقدم نظائره.
قوله تعالى (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) يأبى بمعنى يكره، ويكره بمعنى يمنع فلذلك
استثنى لما فيه من معنى النفى والتقدير: يأبى كل شئ إلا إتمام نوره.
قوله تعالى (والذين يكنزون) مبتدأ، والخبر (فبشرهم) ويجوز أن يكون منصوبا تقديره:
بشر الذين يكنزون. ينفقونها الضمير المؤنث يعود على الاموال أو على الكنوز المدلول
عليها بالفعل، أو على الذهب والفضة لانهما جنسان، ولهما أنواع، فعاد الضمير على
المعنى أو على الفضة لانها أقرب، ويدل ذلك على إرادة الذهب، وقيل يعود على الذهب
ويذكر ويؤنث.
قوله تعالى (يوم يحمى) يوم ظرف على المعنى: أى يعذبهم في ذلك اليوم، وقيل تقديره:
عذاب يوم، وعذاب بدل من الاول، فلما حذف المضاف أقام اليوم مقامه، وقيل التقدير:
اذكر، و (عليها) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل وقيل القائم مقام الفاعل مضمر: أى
يحمى الوقود أو الجمر (بها) أى بالكنوز.
وقيل هى بمعنى فيها: أى في جهنم، وقيل يوم ظرف لمحذوف تقديره: يوم يحمى عليها يقال
لهم هذا ما كنزتم.
قوله تعالى (أن عدة الشهور) عدة مصدر مثل العدد، و (عند) معمول له، و (في كتاب
الله) صفة لاثنى عشر، وليس بمعمول لعدة، لان المصدر إذا أخبر عنه لايعمل فيما بعد
الخبر، و (يوم خلق) معمول لكتاب على أن كتابا هنا مصدر لاجثة، ويجوز أن يكون جثة،
ويكون العامل في معنى الاستقرار، وقيل في كتاب الله بدل من عند، وهو ضعيف لانك قد
فصلت بين البدل والمبدل منه بخبر العامل في المبدل (منها أربعة) يجوز أن تكون
الجملة صفة لاثنى عشر، وأن تكون حالا من استقرار، وأن تكون مستأنفة (فيهن) ضمير
الاربعة، وقيل
[15]
ضمير اثنى عشر، و (كافة) مصدر في موضع الحال من المشركين، أو من ضمير الفاعل في
قاتلوا.
قوله تعالى (إنما النسئ) يقرأ بهمزة بعد الياء، وهو فعيل مصدر مثل النذير والنكير،
ويجوز أن يكون بمعنى مفعول: أى إنما المنسوء، وفي الكلام على هذا حذف تقديره: إن
نسا النسئ أو إن النسئ ذو زيادة، ويقرأ بتشديد الياء من غير همز على قلب الهمزة
ياء، ويقرأ بسكون السين وهمزة بعدها وهو مصدر نسأت، ويقرأ بسكون السين وياء مخففة
بعدها على الابدال أيضا (يضل) يقرأ بفتح الياء وكسر الضاد، والفاعل (الذين) ويقرأ
بفتحهما وهى لغة، والماضى ظللت بفتح اللام الاولى وكسرها، فمن فتحها في الماضى كسر
الضاد في المستقبل، ومن كسرها في الماضى فتح الضاد في المستقبل، ويقرأ بضم الياء
وفتح الضاد على مالم يسم فاعله، ويقرأ بضم الياء وكسر الضاد: أى يضل به الذين كفروا
أتباعهم، ويجوز أن يكون الفاعل مضمرا: أى يضل الله أو الشيطان (يحلونه) يجوز أن
يكون مفسرا للضلال فلا يكون له موضع، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى (اثاقلتم) الكلام فيها مثل الكلام في ادارأتم، والماضى هنا بمعنى
المضارع: أى مالكم تتثاقلون، وموضعه نصب: أى أى شئ لكم في التثاقل، أو في موضع جر
على رأى الخليل، وقيل هو حال: أى مالكم متثاقلين (من الآخرة) في موضع الحال: أى
بدلا من الآخرة.
قوله تعالى (ثانى اثنين) هو حال من الهاء: أى أحد اثنين، ويقرأ بسكون الياء وحقها
التحريك، وهو من أحسن الضرورة في الشعر، وقال قوم: ليس بضرورة، ولذلك أجازوه في
القرآن (إذ هما) ظرف لنصره لانه بدل من إذ الاولى، ومن قال العامل في البدل غير
العامل في المبدل قدر هنا فعلا آخر: أى نصره إذ هما (إذ يقول) بدل أيضا، وقيل إذ
هما ظرف لثانى (فأنزل الله سكينته) هى فعيلة بمعنى مفعلة: أى أنزل عليه مايسكنه،
والهاء في (عليه) تعود على أبى بكر رضى الله عنه لانه كان منزعجا، والهاء في (أيده)
للنبى صلى الله عليه وسلم (وكلمة الله) بالرفع على الابتداء، و (هى العليا) مبتدأ
وخبر، أو تكون هى فضلا، وقرئ بالنصب: أى وجعل كلمة الله، وهو ضعيف لثلاثة أوجه:
أحدها أن فيه وضع الظاهر موضع المضمر، إذ الوجه أن تقول كلمته.
[16]
والثانى أن فيه دلالة على أن كلمة الله كانت سفلى فصارت عليا، وليس كذلك.
والثالث أن توكيد مثل ذلك بهى بعيد إذ القياس أن يكون إياها.
قوله تعالى (لو كان عرضا قريبا) اسم كان مضمر تقدير ولو كان مادعوتم إليه (لو
استطعنا) الجمهور على كسر الواو على الاصل، وقرئ بضمها تشبيها للواو الاصلية بواو
الضمير نحو " اشتروا الضلالة " (يهلكون أنفسهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون
حالا من الضمير في يحلفون.
قوله تعالى (حتى يتبين) حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره: هلا أخرتهم إلى
أن يتبين أو ليتبين، وقوله " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف، ولايجوز أن يتعلق حتى
بأذنت، لان ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية أو لاجل التبيين، وهذا لايعاتب
عليه.
قوله تعالى (خلالكم) ظرف لاوضعوا: أى أسرعوا فيما بينكم (يبغونكم) حال من الضمير في
أوضعوا.
قوله تعالى (يقول ائذن لى) هو مثل قوله " ياصالح ائتنا " وقد ذكر.
قوله تعالى (هل تربصون) الجمهور على تسكين اللام وتخفيف التاء، ويقرأ بكسر اللام
وتشديد التاء ووصلها والاصل تتربصون، فسكن التاء الاولى وأدغمها ووصلها بما قبلها
وكسرت اللام لالتقاء الساكنين، ومثله " نارا تلظى " وله نظائر (ونحن نتربص بكم أن
يصيبكم) مفعول نتربص، وبكم متعلقة بنتربص.
قوله تعالى (أن تقبل) في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم، ويجوز أن يكون
التقدير: من أن تقبل، و (أنهم كفروا) في موضع الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل منع الله،
وأنهم كفروا مفعول له: أى إلا لانهم كفروا.
قوله تعالى (أو مدخلا) يقرأ بالتشديد وضم الميم وهو مفتعل من الدخول، وهو الموضع
الذى يدخل فيه، ويقرأ بضم الميم وفتح الخاء من غير تشديد، ويقرأ بفتحهما وهما
مكانان أيضا، وكذلك المغارة وهى واحد مغارات، وقيل الملجأ ومابعده مصادر: أى لو
قدروا على ذلك لمالوا إليه.
قوله تعالى (يلمزك) يجوز كسر الميم وضمها وهما لغتان قد قرئ بهما (إذا هم) إذا هنا
للمفاجأة، وهى ظرف مكان وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة، ومابعدها
ابتداء وخبر، والعامل في إذا (يسخطون).
[17]
قوله تعالى (فريضة) حال من الضمير في الفقراء: أى مفروضة، وقيل هو مصدر، والمعنى
فرض الله ذلك فرضا.
قوله تعالى (قل أذن خير) أذن خبر مبتدإ محذوف: أى هو ويقرأ بالاضافة أى مستمع خير،
ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لاذن، والتقدير: أذن ذو خير، ويجوز أن يكون
خير بمعنى أفعل: أى أذن أكثر خيرا لكم (يؤمن بالله) في موضع رفع صفة أيضا واللام في
(للمؤمنين) زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن بمعنى يصدق، ويؤمن بمعنى يثبت الامان (ورحمة)
بالرفع عطف على أذن: أى هو أذن ورحمة، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا.
قوله تعالى (والله ورسوله) مبتدأ، و (أحق) خبره، والرسول مبتدأ ثان وخبره محذوف دل
عليه خبر الاول.
وقال سيبويه: أحق خبر الرسول، وخبر الاول محذوف وهو أقوى، إذ لايلزم منه التفريق
بين المبتدإ وخبره، وفيه أيضا أنه خبر الاقرب إليه، ومثله قول الشاعر: نحن بما
عندنا وأنت بما * عندك راض والرأى مختلف وقيل أحق أن يرضوه خبر عن الاسمين، لان أمر
الرسول تابع لامر الله تعالى، ولان الرسول قائم مقام الله بدليل قوله تعالى " إن
الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " وقيل أفرد الضمير وهو في موضع التثنية، وقيل
التقدير: أن ترضوه أحق، وقد ذكرناه في قوله " والله أحق أن تخشوه " وقيل التقدير:
أحق بالارضاء.
قوله تعالى (ألم يعلموا) يجوز أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وتكون (أنه) وخبرها سد
مسد المفعولين، ويجوز أن تكون المتعدية إلى واحد، و (من) شرطية موضع مبتدإ، والفاء
جواب الشرط، فأما (أن) الثانية فالمشهور فتحها وفيها أوجه أحدها أنها بدل من
الاولى، وهذا ضعيف لوجهين: أحدهما أن الفاء التى معها تمنع من ذلك، والحكم بزيادتها
ضعيف، والثانى أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب " من " من الكلام.
والوجه الثانى أنها كررت توكيدا كقوله تعالى " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة
" ثم قال " إن ربك من بعدها " والفاء على جواب الشرط.
والثالث أن " أن " هاهنا مبتدأ والخبر محذوف: أى فلهم أن لهم.
والرابع أن تكون خبر مبتدأ محذوف: أى فجزاؤهم أن لهم، أو فالواجب أن لهم، ويقرأ
بالكسر على الاستئناف.
[18]
قوله تعالى (أن تنزل) في موضع نصب بيحذر على أنها متعدية بنفسها، ويجوز أن يكون
بحرف الجر: أى من أن تنزل، فيكون موضعه نصبا أو جرا على ماذكرنا من اختلافهم في
ذلك.
قوله تعالى (أبالله) الباء متعلقة ب (يستهزءون) وقد قدم معمول خبر كان عليها،
فيدل على جواز تقديم خبرها عليها.
قوله تعالى (بعضهم من بعض) مبتدأ وخبر: أى بعضهم من جنس بعض في النفاق (يأمرون
بالمنكر) مستأنف مفسر لما قبلها.
قوله تعالى (كالذين) الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، وفي الكلام حذف مضاف
تقديره: وعدا كوعد الذين (كما استمتع) أى استمتاعا كاستمتاعهم (كالذى خاضوا) الكاف
في موضع نصب أيضا، وفى " الذى" وجهان: أحدهما أنه جنس، والتقدير: خوضا كخوض الذين
خاضوا، وقد ذكر مثله في قوله تعالى " مثلهم كمثل الذى استوقد ". والثانى أن " الذى
" هنا مصدرية: أى كخوضهم وهو نادر.
قوله تعالى (قوم نوح) هو بدل من الذين.
قوله تعالى (ورضوان من الله) مبتدأ، و (أكبر) خبره.
قوله تعالى (واغلظ عليهم ومأواهم جهنم) إن قيل كيف حسنت الواو هنا والفاء أشبه بهذا
الموضع ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أنها واو الحال، والتقدير افعل ذلك في حال
استحقاقهم جهنم، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم.
والثانى أن الواو جئ بها تنبيها على إرادة فعل محذوف تقديره: واعلم أن مأواهم جهنم.
والثالث أن الكلام محمول على المعنى، والمعنى: أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا
بالجهاد والغلظة وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأوى لهم.
قوله تعالى (ما قالوا) هو جواب قسم، ويحلفون قائم مقام القسم.
قوله تعالى (ومانقموا إلا أن أغناهم الله) أن وماعملت فيه مفعول نقموا أى وماكرهوا
إلا إغناء الله إياهم، وقيل هو مفعول من أجله، والمفعول به محذوف أى ما كرهوا
الايمان إلا ليغنوا.
قوله تعالى (لئن آتانا من فضله) فيه وجهان: أحدهما تقديره: عاهد فقال لئن آتانا.
والثانى أن يكون عاهد بمعنى قال، إذا العهد قول.
[19]
قوله تعالى (الذين يلمزون) مبتدأ، و (من المؤمنين) حال من الضمير في " المطوعين " و
(في الصدقات) متعلق بيلمزون، ولايتعلق بالمطوعين لئلا يفصل بينهما بأجنبى (والذين
لا يجدون) معطوف على الذين يلمزون، وقيل على المطوعين: أى ويلمزون الذين لايجدون،
وقيل هو معطوف على المؤمنين، وخبر الاول على هذه الوجوه فيه وجهان: أحدهما
(فيسخرون) ودخلت الفاء لما في الذين من الشبه بالشرط. والثانى أن الخبر (سخر الله
منهم) وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون الذين يلمزون في موضع نصب بفعل محذوف يفسر سخر
تقديره: عاب الذين يلمزون، وقيل الخبر محذوف تقديره منهم الذين يلمزون.
قوله تعالى (سبعين مرة) هو منصوب على المصدر، والعدد يقوم مقام المصدر كقولهم:
ضربته عشرين ضربة.
قوله تعالى (بمقعدهم) أى بقعودهم، و (خلاف) ظرف بمعنى خلف (رسول الله) أى بعده،
والعامل فيه مقعد، ويجوز أن يكون العامل فرح، وقيل هو مفعول من أجله، فعلى هذا هو
مصدر: أى لمخالفته، والعامل المقعد أو فرح، وقيل هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه
الكلام لان مقعدهم عنه تخلف.
قوله تعالى (قليلا) أى ضحكا قليلا أو زمنا قليلا، و (جزاء) مفعول له أو مصدر على
المعنى.
قوله تعالى (فإن رجعك الله) هى متعدية بنفسها ومصدرها رجع، وتأتى لازمة ومصدرها
الرجوع.
قوله تعالى (منهم) صفة لاحد، و (مات) صفة أخرى، ويجوز أن يكون منهم حالا من الضمير
في مات (أبدا) ظرف لتصل.
قوله تعالى (أن آمنوا) أى آمنوا، والتقدير: يقال فيها آمنوا، وقيل إن هنا مصدرية
تقديره: أنزلت بأن آمنوا، أى بالايمان.
قوله تعالى (مع الخوالف) هو جمع خالفة وهى المرأة، وقد يقال للرجل خالف وخالفة،
ولايجمع المذكر على خوالف.
قوله تعالى (وجاء المعذرون) يقرأ على وجوه كثيرة قد ذكرناها في قوله " بألف من
الملائكة مردفين ".
[20]
قوله تعالى (إذا نصحوا) العامل فيه معنى الكلام: أى لايخرجون حينئذ.
قوله تعالى (ولاعلى الذين) هو معطوف على الضعفاء فيدخل في خبر ليس، وإن شئت عطفته
على المحسنين فيكون المبتدأ من سبيل، ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا: أى ولا على
الذين إلى تمام الصلة حرج أو سبيل، وجواب إذا (تولوا) وفيه كلام قد ذكرناه عند قوله
" كلما دخل عليها زكريا " (وأعينهم تفيض) الجملة في موضع الحال، و (من الدمع) مثل
الذى في المائدة، و (حزنا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال أو منصوب على المصدر
بفعل دل عليه ماقبله (ألا يجدوا) يتعلق بحزن وحرف الجر محذوف، ويجوز أن يتعلق
بتفيض.
قوله تعالى (رضوا) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا، وقد معه مرادة.
قوله تعالى (قد نبأنا الله) هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة أولها " نا " والاثنان
الآخران محذوفان تقديره: أخبارا من أخباركم مثبتة، و (من أخباركم) تنبيه على
المحذوف وليست " من " زائدة، إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولا ثانيا، والمفعول الثالث
محذوف وهو خطأ، لان المفعول الثانى إذا ذكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث، وقيل " من
" بمعنى عن.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى يجزون بذلك جزاء، أو هو مفعول له.
قوله تعالى (وأجدر أن لايعلموا) أى بأن لا يعلموا.
قوله تعالى (بكم الدوائر) يجوز أن تتعلق الباء بيتربص، وأن يكون حالا من الدوائر
(دائرة السوء) يقرأ بضم السين وهو الضرر وهو مصدر في الحقيقة يقال سؤته سوءا
ومساءة ومسائية، ويقرأ: بفتح السين وهو الفساد والرداءة.
قوله تعالى (قربات) هو مفعول ثان ليتخذ و (عند الله) صفة لقربات أو ظرف ليتخذ أو
لقربات (وصلوات الرسول) معطوف على ماينفق تقديره: وصلوات الرسول قربات، و (قربة)
بسكون الراء وقرئ بضمها على الاتباع.
قوله تعالى (والسابقون) يجوز أن يكون معطوف على قوله " من يؤمن " تقديره: ومنهم
السابقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (الاولون) والمعنى:
والسابقون إلى الهجرة الاولون من أهل الملة، أو والسابقون إلى الجنة الاولون إلى
الهجرة.
والثانى الخبر (من المهاجرين والانصار) والمعنى فيه الاعلام بأن السابقين من هذه
الامة هم من المهاجرين والانصار.
[21]
والثالث أن الخبر (رضى الله عنهم) ويقرأ والانصار بالرفع على أن يكون معطوفا على
السابقون، أو أن يكون مبتدأ والخبر رضى الله عنهم، وذلك على الوجهين الاولين.
وبإحسان حال من ضمير الفاعل في اتبعوهم (تجرى تحتها) ومن تحتها، والمعنى فيهما
واضح.
قوله تعالى (وممن) من بمعنى الذى، و (منافقون) مبتدأ وما قبله الخبر، و (مردوا) صفة
لمبتدأ محذوف تقديره: ومن أهل المدينة قوم مردوا، وقيل مردوا صفة لمنافقون، وقد فصل
بينهما، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره: من أهل المدينة قوم كذلك
(لاتعلمهم) صفة أخرى مثل مردوا، وتعلمهم بمعنى تعرفهم، فهى تتعدى إلى مفعول واحد.
قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) هو معطوف على منافقون، ويجوز أن يكون مبتدأ، واعترفوا
صفته، و (خلطوا) خبره (وآخر سيئا) معطوف على عملا، ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت
الحنطة والشعير، وخلطت الحنطة بالشعير، (عسى الله) الجملة مستأنفة، وقيل خلطوا حال،
وقد معه مرادة: أى اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا، وعسى الله خبر المبتدأ.
قوله تعالى (خذ من أموالهم) يجوز أن تكون من متعلقة بخذ، وأن تكون حالا من (صدقة
تطهرهم) في موضع نصب صفة لصدقة، ويجوز أن يكون مستأنفا والتاء للخطاب: أى تطهرهم
أنت (وتزكيهم) التاء للخطاب لا غير لقوله (بها) ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها
" في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إن التاء فيهما للخطاب، لان قوله تطهرهم تقديره:
بها، ودل عليه بها الثانية، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة جاز أن يكون صفة لها، ويجوز
أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في خذ.
قوله تعالى (إن صلاتك) يقرأ بالافراد والجمع وهما ظاهران، و (سكن) بمعنى مسكون
إليها، فلذلك لم يؤنثه، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض.
قوله تعالى (هو يقبل) هو مبتدأ، ويقبل الخبر. ولايجوز أن يكون هو فصلا، لان يقبل
ليس معرفة ولا قريب منها.
قوله تعالى (وآخرون مرجون) هو معطوف على وآخرون اعترفوا. ومرجون بالهمز على الاصل
ويغير همز وقد ذكر أصله في الاعراف (إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) إما هاهنا للشك
والشك راجع إلى المخلوق، وإذا كانت إما للشك جاز أن يليها الاسم، وجاز أن يليها
الفعل، فإن كانت للتخيير ووقع الفعل بعدها كانت معه أن كقوله: أما أن تلقى، وقد
ذكر.
[22]
قوله تعالى (والذين اتخذوا) يقرأ بالواو. وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف على وآخرون
مرجون: أى ومنهم الذين اتخذوا. والثانى هو مبتدأ، والخبر: أفمن أسس بنيانه: أى منهم
فحذف العائد للعلم به، ويقرأ بغير واو وهو مبتدأ، والخبر أفمن أسس على ماتقدم
(ضرارا) يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا وكذلك مابعده وهذه المصادر كلها واقعة
موضع اسم الفاعل: أى مضرا ومفترقا، ويجوز أن تكون كلها مفعولا له.
قوله تعالى (لمسجد) اللام لام الابتداء، وقيل جواب قسم محذوف. و (أسس) نعت له، و
(من أل) يتعلق بأسس، والتقدير عند بعض البصريين من تأسيس أول يوم، لانهم يرون أن "
من " لاتدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ وهذا ضعيف هاهنا لان التأسيس المقدر ليس
بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ماجاء
في القرآن من دخولها على قبل التى يراد بها الزمان، وهو كثير في القرآن وغيره
والخبر (أحق أن تقوم) و (فيه) الاولى تتعلق بتقوم، والتاء لخطاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم (فيه رجال) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو صفة لمسجد جاءت بعد الخبر. والثانى
أن الجملة حال من الهاء في فيه الاولى. والعامل فيه تقوم. والثالث هى مستأنفة.
قوله تعالى (على تقوى) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في أسس أى على قصد
التقوى، والتقدير: قاصدا ببنيانه التقوى، ويجوز أن يكون مفعولا لاسس (جرف) بالضم
والاسكان وهما لغتان: وفى (هار) وجهان: أحدهما أصله هور أو هير على فعل، فلما تحرك
حرف العلة، وانفتح ماقبله قلب ألفا وهذا يعرف بالنصب(1) والرفع والجر مثل قولهم كبش
صاف: أى صوف، ويوم راح: أى روح.
والثانى أن يكون أصله هاورا أو هايرا، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء وقلبت
الواو ياء لانكسار ماقبلها، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين، فوزنه بعد القلب قالع،
وبعد الحذف قال، وعين الكلمة واو أو ياء يقال تهور البناء وتهير (فانهار به) به هنا
حال: أى فانهار وهو معه.
___________________________________
(1) (قوله وهذا يعرف بالنصب الخ) الاولى تأخيره بعد قوله والثانى أن يكون إلى تمام
التصريف اه مصححه. (*)
[23]
قوله تعالى (بأن لهم الجنة) الباء هنا للمقابلة. والتقدير: باستحقاقهم الجنة
(يقاتلون) مستأنف (فيقتلون ويقتلون) هو مثل الذى في آخر آل عمران في وجوه القراءة
(وعدا) مصدر: أى وعدهم بذلك وعدا، و (حقا) صفته.
قوله تعالى (التائبون) يقرأ بالرفع: أى هم التائبون، ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر
(الآمرون بالمعروف) ومابعده وهو ضعيف، ويقرأ بالياء على إضمار أعنى أو أمدح، ويجوز
أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين، (والناهون عن المنكر) إنما دخلت الواو في الصفة
الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام، ولذلك قالوا سبع في ثمانية: أى سبع أذرع
في ثمانية أشبار، وإنما دلت الواو على ذلك لان الواو تؤذن بأن مابعدها غير ماقبلها،
ولذلك دخلت في باب عطف النسق.
قوله تعالى (من بعد ماكاد يزيغ قلوب فريق منهم) في فاعل كاد ثلاثة أوجه: أحدها ضمير
الشأن، والجملة بعده في موضع نصب. والثانى فاعله مضمر تقديره: من بعد ماكاد القوم،
والعائد على هذا الضمير في منهم. والثالث فاعلها القلوب، ويزيغ في نية التأخير،
وفيه ضمير فاعل، وإنما يحسن ذلك على القراءة بالتاء، فأما على القراءة بالياء
فيضعف أصل هذا التقدير، وقد بيناه في قوله " ماكاد يصنع فرعون ".
قوله تعالى (وعلى الثلاثة) إن شئت عطفته على النبى صلى الله عليه وسلم: أى تاب على
النبى وعلى الثلاثة، وإن شئت على عليهم: أى ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة (لا ملجأ من
الله) خبر " لا " من الله (إلا إليه) استثناء مثل لاإله إلا الله.
قوله تعالى (موطئا) يجوز أن يكون مكانا فيكون مفعولا به، وأن يكون مصدرا مثل
الموعد.
قوله تعالى (فرقة منهم) يجوز أن يكون منهم صفة لفرقة، وأن يكون حالا من (طائفة).
قوله تعالى (غلظة) يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها وكلها لغات.
قوله تعالى (هل يراكم) تقديره: يقولون هل يراكم.
قوله تعالى (عزيز عليه) فيه وجهان: أحدهما هو صفة لرسول، ومامصدرية موضعها رفع
بعزيز.
والثانى أن (ماعنتم) مبتدأ، وعزيز عليه خبر مقدم، والجملة صفة لرسول (بالمؤمنين)
يتعلق ب (رءوف).
سورة يونس عليه السلام
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة والاعراف، ويقاس الباقى عليهما، و
(الحكيم) بمعنى المحكم، وقيل هو بمعنى الحاكم.
قوله تعالى (أكان للناس عجبا أن أوحينا) اسم كان، وخبرها عجبا، وللناس حال من عجب،
لان التقدير: أكان عجبا للناس، وقيل هو متعلق بكان، وقيل هو يتعلق بعجب على
التبيين، وقيل عجب هنا بمعنى معجب، والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل جاز أن
يتقدم معموله عليه كاسم المفعول (أن أنذر الناس) يجوز أن تكون أن مصدرية، فيكون
موضعها نصبا بأوحينا، وأن تكون بمعنى أى فلا يكون لها موضع.
قوله تعالى (يدبر الامر) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون
حالا.
قوله تعالى (وعد الله) هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام، وهو قوله " إليه
مرجعكم " لان هذا وعد منه سبحانه بالبعث، و (حقا) مصدر آخر تقديره: حق ذلك حقا (أنه
يبدأ) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، وقرئ بفتحها، والتقدير: حق أنه يبدأ
فهو فاعل، ويجوز أن يكون التقدير لانه يبدأ وماضى يبدأ بدأ، وفيه لغة أبدأ (بما
كانوا) في موضع رفع صفة أخرى لعذاب، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (جعل الشمس ضياء) مفعولان، ويجوز أن يكون ضياء حالا، وجعل بمعنى خلق،
والتقدير: ذات ضياء، وقيل الشمس هى الضياء، والياء منقلبة عن واو لقولك ضوء،
والهمزة أصل، ويقرأ بهمزتين بينهما ألف، والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة،
فلما وقعت الياء ظرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم، وعند آخرين قلبت ألفا، ثم
قلبت الالف همزة لئلا يجتمع ألفان (والقمر نورا) أى ذا نور، وقيل المصدر بمعنى
فاعل: أى منيرا (وقدره منازل) أى وقدر له فحذف حرف الجر، وقيل التقدير: قدره ذا
منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لان معناه جعل وصير، ويجوز أن يكون قدر
متعديا إلى واحد بمعنى خلق ومنازل، حال: أى منتقلا.
[25]
قوله تعالى (إن الذين لايرجون) خبر إن (أولئك مأواهم النار) فأولئك مبتدأ ومأواهم
مبتدأ ثان، والنار خبره، والجملة خبر أولئك (بما كانوا) الباء متعلقة بفعل محذوف دل
عليه الكلام: أى جوزوا بما كانوا يكسبون.
قوله تعالى (تجرى من تحتهم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من ضمير المفعول
في يهديهم والمعنى يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال (في جنات) يجوز أن
يتعلق بتجرى، وأن يكون حالا من الانهار، وأن يكون متعلقا بيهدى، وأن يكون حالا من
ضمير المفعول في يهدى، وأن يكون خبرا ثانيا لان.
قوله تعالى (دعواهم) مبتدأ (سبحانك) منصوب على المصدر، وهو تفسير الدعوى لان
المعنى: قولهم سبحانك اللهم، و (فيها) متعلق بتحية (أن الحمد) أن مخففة من الثقيلة،
ويقرأ أن بتشديد النون وهى مصدرية، والتقدير: آخر دعواهم حمد الله.
قوله تعالى (الشر) هو مفعول يعجل، و (استعجالهم) تقديره: تعجيلا مثل استعجالهم،
فحذف المصدر وصفته المضافة، وأقام المضاف إليه مقامهما.
وقال بعضهم: هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر: أى كاستعجالهم، وهو بعيد، إذ لو جاز
ذلك لجاز زيد غلام عمرو: أى كغلام عمرو، وبهذا ضعفه جماعة، وليس بتضعيف صحيح إذ ليس
في المثال الذى ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفى الآية فعل يصح فيه ذلك وهو
قوله " يعجل " (فنذر) هو معطوف على فعل محذوف تقديره: ولكن نمهلهم فنذر، ولايجوز أن
يكون معطوفا على يعجل إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى تقتضيه لو، وليس كذلك
لان التعجيل لم يقع، وتركهم في طغيانهم وقع.
قوله تعالى (لجنبه) في موضع الحال: أى دعانا مضجعا ومثله (قاعدا أو قائما) وقيل
العامل في هذه الاحوال مس، وهو ضعيف لامرين: أحدهما أن الحال على هذا واقعة بعد
جواب " إذا " وليس بالوجه، والثانى أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله، لا على أن
الضر يصيبه في كل أحواله. وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن (كأن لم يدعنا) في موضع
الحال من الفاعل في مر (إلى ضر) أى إلى كشف ضر، واللام في " لجنبه " على أصلها عند
البصريين، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه.
[26]
قوله تعالى (من قبلكم) متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون لانه زمان. و (جاءتهم
رسلهم) يجوز أن يكون حالا: أى وقد جاءتهم، ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا.
قوله تعالى (لننظر) يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء، ووجهها أن النون
الثانية قلبت ظاء وأدغمت.
قوله تعالى (ولا أدراكم به) هو فعل ماض من دريت، والتقدير: لو شاء الله لما أعلمكم
بالقرآن ويقرأ: ولادراكم به على الاثبات.
والمعنى: ولو شاء الله لاعلمكم به بلا واسطة، ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به "
بالهمزة مكان الالف، قيل هى لغة لبعض العرب يقلبون الالف المبدلة من ياء همزة، وقيل
هو غلط لان قارئها ظن أنه من الدرء وهو الدفع، وقيل ليس بغلط، والمعنى: ولو شاء
الله لدفعكم عن الايمان به (عمرا) ينتصب نصب الظروف: أى مقدار عمر أو مدة عمر.
قوله تعالى (مالا يضرهم) " ما " بمعنى الذى، ويراد بها الاصنام، ولهذا قال تعالى
(هؤلاء شفعاؤنا) فجمع حملا على معنى " ما ".
قوله تعالى (وإذا أذقنا) جواب " إذا " الاولى (إذا) الثانية. والثانية للمفاجأة
والعامل في الثانية الاستقرار الذى في (لهم) وقيل " اذا " الثانية زمانية أيضا،
والثانية ومابعدها جواب الاولى.
قوله تعالى (يسيركم) يقرأ بالسين من السير، وينشركم من النشر: أى يصرفكم ويبثكم
(وجرين بهم) ضمير الغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة، ولو قال بكم لكان موافقا
لكنتم، وكذلك (فرحوا) ومابعده (جاءتها) الضمير للفلك، وقيل للريح.
قوله تعالى (إذا هم) هو جواب لما، وهى للمفاجأة كالتى يجاب بها الشرط (بغيكم)
مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما (على أنفسكم) وعلى متعلقة بمحذوف. أى كائن لا
بالمصدر، لان الخبر لايتعلق بالمبتدأ ف (متاع) على هذا خبر مبتدأ محذوف: أى هومتاع
أو خبر بعد خبر.
والثانى أن الخبر متاع، وعلى أنفسكم متعلق بالمصدر، ويقرأ متاع بالنصب، فعلى هذا
على أنفسكم خبر المبتدأ، ومتاع منصوب على المصدر: أى يمتعكم بذلك متاع، وقيل هو
مفعول به، والعامل فيه بغيكم، ويكون البغى هنا بمعنى الطلب: أى طلبكم على أنفسكم
متاع الحياة الدنيا، فعلى هذا على أنفسكم ليس بخبر، لان المصدر لايعمل فيما بعد
خبره، بل على أنفسكم
[27]
متعلق بالمصدر، والخبر محذوف تقديره: طلبكم متاع الحياة الدنيا ضلال ونحو ذلك ويقرأ
متاع بالجر على أنه نعت للانفس، والتقدير: ذوات متاع، ويجوز أن يكون المصدر بمعنى
اسم الفاعل، أى ممتعات الدنيا، ويضعف أن يكون بدلا إذ قد أمكن أن يجعل صفة.
قوله تعالى (فاختلط به نبات الارض) الباء للسبب: أى اختلط النبات بسبب اتصال الماء
به، وقيل المعنى خالطه نبات الارض، أى اتصل به فرباه، و (مما يأكل) حال من النبات
(وازينت) أصله تزينت، ثم عمل فيه ماذكرنا في " ادارأتم فيها " ويقرأ بفتح الهمزة
وسكون الزاى وياء مفتوحة بعدها خفيفة النون والياء: أى صارت ذات زينة كقولك: أجرب
الرجل إذا صار ذا إبل جربى، وصحح الياء، والقياس أن تقلب ألفا، ولكن جاء مصححا كما
جاء استحوذ، ويقرأ و " ازيأنت " بزاى ساكنة خفيفة بعدها ياء مفتوحة بعدها همزة
بعدها نون مشددة والاصل وازيانت مثل احمارت ولكن حرك الالف فانقلبت همزة كما ذكرنا
في الضالين (تغن بالامس) قرئ في الشاذ " تتغن " بتاءين وهو في القراءة المشهورة
والامس هنا يراد به للزمان الماضى لاحقيقة أمس الذى قبل يومك، وإذا أريد به ذلك كان
معربا. وكان بلا ألف ولام ولاإضافة نكرة.
قوله تعالى (ولايرهق وجوههم) الجملة مستأنفة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها
الاستقرار في الذين: أى استقرت لهم الحسنى مضمونا لهم السلامة ونحو ذلك، ولايجوز أن
يكون معطوفا على الحسنى لان الفعل إذا عطف على المصدر احتاج إلى أن ذكرا أو تقديرا،
وإن غير مقدرة لان الفعل مرفوع.
قوله تعالى (والذين كسبوا) مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو قوله " مالهم من الله
من عاصم " أو قوله " كأنما أغشيت " أو قوله " أولئك أصحاب " ويكون (جزاء سيئة
بمثلها) معترضا بين المبتدأ وخبره.
والثانى الخبر جزاء سيئة، وجزاء مبتدأ. وفى خبره وجهان، أحدهما بمثلها والباء زائدة
كقوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها، ويجوز أن تكون غير زائدة، والتقدير: جزاء سيئة مقدر
بمثلها. والثانى أن تكون الباء متعلقة بجزاء والخبر محذوف: أى وجزاء سيئة بمثلها
واقع (وترهقهم ذلة) قيل هو معطوف على كسبوا، وهو ضعيف لان المستقبل لايعطف على
الماضى، وإن قيل هو بمعنى الماضى فضعيف أيضا، وقيل الجملة حال (قطعا) يقرأ بفتح
الطاء وهو جمع قطعة، وهو مفعول ثان لاغشيت، و (من الليل) صفة لقطع، و (مظلما) حال
من الليل، وقيل من قطعا أو صفة لقطعا وذكره لان القطع في معنى الكثير، ويقرأ بسكون
الطاء فعلى هذا يكون مظلما صفة لقطع، أو حالا منه أو حالا من الضمير في من، أو حالا
من الليل.
[28]
قوله تعالى (مكانكم) هو ظرف مبنى لوقوعه موقع الامر: أى الزموا، وفيه ضمير فاعل، و
(أنتم) توكيد له والكاف والميم في موضع جر عند قوم، وعند آخرين الكاف للخطاب لاموضع
لها كالكاف في إياكم (وشركاؤكم) عطف على الفاعل (فزيلنا) عين الكلمة واوا لانه من
زال يزول، وإنما قلبت ياء لان وزن الكلمة فيعل: أى زيولنا مثل بيطر وبيقر فلما
اجتمعت الياء والواو على الشرط المعروف قلبت ياء، وقيل هو من زلت الشئ أزيله، فعينه
على هذا ياء، فيحتمل على هذا أن تكون فعلنا وفيعلنا.
قوله تعالى (هنالك تبلوا) يقرأ بالباء: أى تختبر عملها، ويقرأ بالتاء: أى تتبع، أو
تقرأ في الصحيفة.
قوله تعالى (أنهم لايؤمنون) أن وماعملت فيه في موضع رفع بدلا من كلمة، أو خبر مبتدأ
محذوف، أو في موضع نصب: أى لانهم أو في موضع جر على إعمال اللام محذوفة.
قوله تعالى (أمن لايهدى) فيها قراءات قد ذكرنا مثلها في قوله " يخطف أبصارهم "
ووجهناها هناك، وأما (إلا أن يهدى) فهو مثل قوله " إلا أن يصدقوا " وقد ذكر في
النساء، وله نظائر قد ذكرت أيضا (فمالكم) مبتدأ وخبره: أى أى شئ لكم في الاشراك، و
(كيف تحكمون) مستأنف: أى كيف تحكمون بأن له شريكا.
قوله تعالى (لايغنى من الحق شيئا) في موضع المصدر: أى إغناء، ويجوز أن يكون مفعولا
ليغنى، ومن الحق حال منه.
قوله تعالى (وماكان هذا القرآن) هذا اسم كان، والقرآن نعت له أو عطف بيان، و (أن
يفترى) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه خبر كان: أى وماكان القرآن افتراء، والمصدر هنا
بمعنى المفعول. أى مفترى.
والثانى التقدير: ماكان القرآن ذا افتراء.
والثالث أن " أن " خبر كان محذوف، والتقدير: ماكان هذا القرآن ممكنا أن يفترى، وقيل
التقدير: لان يفترى، و (تصديق) مفعول له: أى ولكن أنزل للتصديق، وقيل التقدير: ولكن
كان التصديق الذى: أى مصدق الذى
[29]
(وتفصيل الكتاب) مثل تصديق (لاريب فيه) يجوز أن يكون حالا من الكتاب والكتاب مفعول
في المعنى، ويجوز أن يكون مستأنفا (من رب العالمين) يجوز أن يكون حالا أخرى، وأن
يكون متعلقا بالمحذوف: أى ولكن أنزل من رب العالمين.
قوله تعالى (كيف كان) كيف خبر كان، و (عاقبة) اسمها.
قوله تعالى (من يستمعون إليك) الجمع محمول على معنى " من " والافراد في قوله تعالى
(من ينظر) محمول على لفظها.
قوله تعالى (لايظلم الناس شيئا) يجوز أن يكون مفعولا: أى لاينقصهم شيئا، وأن يكون
في موضع المصدر.
قوله تعالى (كأن لم يلبثوا) الكلام كله في موضع الحال، والعامل فيه يحشرهم وكأن
هاهنا مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أى كأنهم، و (ساعة) ظرف ليلبثوا، و (من
النهار) نعت لساعة، وقيل كأن لم صفة اليوم، والعائد محذوف أى لم يلبثوا قبله، وقيل
هو نعت لمصدر محذوف: أى حشرا كأن لم يلبثوا قبله، والعامل في يوم اذكر (يتعارفون)
حال أخرى، والعامل فيها يحشرهم، وهى حال مقدرة. لان التعارف لايكون حال (قد خسر)
يجوز أن يكون مستأنفا ويجوز أن يكون التقدير: يقولون قد خسر، والمحذوف حال من
الضمير في يتعارفون.
قوله تعالى (ثم الله شهيد) ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى، وإنما رتبت
الاخبار بعضها على بعض كقولك: زيد عالم ثم هو كريم.
قوله تعالى (ماذا يستعجل) قد ذكرنا في ماذا في البقرة عند قوله تعالى " ماذا ينفقون
" قولين، وهما مقولان هاهنا، وقيل فيها قول ثالث وهو أن تكون " ماذا " اسما واحدا
مبتدأ، ويستعجل منه الخبر، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل،
ولاضمير فيه يعود على المبتدأ، ورد هذا للقول بأن العائد الهاء في منه فهو كقولك:
زيد أخذت منه درهما.
قوله تعالى (آلآن) فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة، والناصب لها محذوف تقديره:
آمنتم الآن.
قوله تعالى (أحق هو) مبتدأ وهو مرفوع به، ويجوز أن يكون هو مبتدأ، وأحق الخبر،
وموضع الجملة نصب بيستنبئونك، و (إى) بمعنى نعم.
[30]
قوله تعالى (وأسروا الندامة) مستأنف، وهو حكاية مايكون في الآخرة. وقيل هو بمعنى
المستقبل. وقيل قد كان ذلك في الدنيا.
قوله تعالى (وشفاء) هو مصدر في معنى الفاعل: أى وشاف، وقيل هو في معنى المفعول: أى
المشفى به.
قوله تعالى (فبذلك) الفاء الاولى مرتبطة بما قبلها، والثانية بفعل محذوف تقديره:
فليعجبوا بذلك فليفرحوا، كقولهم: زيدا فاضربه: أى تعمد زيدا فاضربه، وقيل الفاء
الاولى زائدة، والجمهور على الياء وهو أمر للغائب، وهو رجوع من الخطاب إلى الغيبة،
ويقرأ بالتاء على الخطاب كالذى قبله.
قوله تعالى (أرأيتم) قد ذكر في الانعام (آلله) مثل آلذكرين، وقد ذكر في الانعام.
قوله تعالى (في شأن) خبر كان (وما تتلوا) ما نافية، و (منه) أى من الشأن، أى من
أجله، و (من قرآن) مفعول تتلو، ومن زائدة (إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون) ظرف
لشهودا (من مثقال) في موضع رفع بيعزب، ويعزب بضم الزاى وكسرها لغتان وقد قرئ بهما
(ولاأصغر. ولاأكبر) بفتح الراء في موضع جر صفة لذرة أو لمثقال على اللفظ، ويقرآن
بالرفع حملا على موضع من مثقال، والذى في سبأ يذكر في موضعه إن شاء الله تعالى (إلا
في كتاب) أى إلا هو في كتاب، والاستثناء منقطع.
قوله تعالى (الذين آمنوا) يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره (لهم البشرى) ويجوز أن يكون
خبرا ثانيا، لان أو خبر ابتداء محذوف: أى هم الذين، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار
أعنى، أو صفة لاولياء بعد الخبر، وقيل يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من الهاء
والميم في عليهم.
قوله تعالى (في الحياء الدنيا) يجوز أن تتعلق في بالبشرى، وأن يكون حالا منها،
والعامل الاستقرار، و (لاتبديل) مستأنف.
قوله تعالى (إن العزة) هو مستأنف، والوقف على ماقبله.
قوله تعالى (وما يتبع) فيه وجهان: أحدهما هى نافية، ومفعول يتبع محذوف دل عليه قوله
" إن يتبعون إلا الظن" و (شركاء) مفعول يدعون، ولايجوز أن يكون مفعول يتبعون، لان
المعنى يصير إلى أنهم لم يتبعوا شركاء وليس كذلك. والوجه الثانى أن تكون " ما "
استفهاما في موضع نصب بيتبع.
[31]
قوله تعالى (إن عندكم من سلطان) إن هاهنا بمعنى " ما " لا غير، (بهذا) يتعلق بسلطان
أو نعت له.
قوله تعالى (متاع في الدنيا) خبر مبتدأ محذوف تقديره افتراؤهم أو حياتهم أو تقلبهم
ونحو ذلك.
قوله تعالى (إذ قال لقومه) " إذ " ظرف، والعامل فيه نبأ، ويجوز أن يكون حالا (فعلى
الله) الفاء جواب الشرط، والفاء في (فاجمعوا) عاطفة على الجواب، وأجمعوا بقطع
الهمزة من قولك أجمعت على الامر إذا عزمت عليه، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل
بنفسه، وقيل هو متعد بنفسه في الاصل، ومنه قول الحرث: أجمعوا أمرهم بليل فلما *
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء وأما (شركاءكم) فالجمهور على النصب، وفيه أوجه: أحدها هو
معطوف على أمركم تقديره: وأمر شركائكم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف.
والثانى هو مفعول معه تقديره: مع شركائكم.
والثالث هو منصوب بفعل محذوف: أى وأجمعوا شركاءكم، وقيل التقدير: وادعوا شركاءكم،
ويقرأ بالرفع وهو معطوف على الضمير في أجمعوا، ويقرأ فاجمعوا بوصل الهمزة وفتح
الميم، والتقدير ذوى أمركم، لانك تقول جمعت القوم وأجمعت الامر، ولاتقول جمعت الامر
على هذا المعنى وقيل لاحذف فيه لان المراد بالجمع هنا ضم بعض أمورهم إلى بعض (ثم
اقضوا إلى) يقرأ بالقاف والضاد من قضيت الامر، والمعنى: أقضوا ماعزمتم عليه من
الايقاع بى، ويقرأ بفتح الهمزة والفاء والضاد، والمصدر منه الافضاء، والمعنى: صلوا
إلى ولام الكلمة واو، يقال فضا المكان يفضوا إذا اتسع.
قوله تعالى (من بعده) الهاء تعود على نوح عليه السلام (فما كانوا) الواو ضمير
القوم، والضمير في (كذبوا) يعود على قوم نوح، والهاء في (به) لنوح، والمعنى: فما
كان قوم الرسل الذين بعد نوح ليؤمنوا بالذى كذب به قوم نوح: أى بمثله، ويجوز أن
تكون الهاء لنوح، ولايكون فيه حذف، والمعنى: فما كان قوم الرسل الذين بعد نوح
ليؤمنوا بنوح عليه السلام.
قوله تعالى (أتقولون للحق لما جاءكم) المحكى بيقول محذوف: أى أتقولون له هو سحر !
ثم استأنف فقال (أسحر هذا) وسحر خبر مقدم، وهذا مبتدأ.
قوله تعالى (الكبرياء في الارض) هو اسم كان، ولكم خبرها، وفى الارض ظرف للكبرياء
منصوب بها، أو بكان، أو بالاستقرار في لكم، ويجوز أن يكون حالا من الكبرياء، أو من
الضمير في لكم.
[32]
قوله تعالى (ماجئتم به السحر) يقرأ بالاستفهام فعلى هذا تكون " ما " استفهاما، وفى
موضعها وجهان: أحدهما نصب بفعل محذوف موضعه بعد ماتقديره: أى شئ أتيتم به وجئتم به
يفسر المحذوف، فعلى هذا في قوله السحر وجهان، أحدهما هو خبر مبتدأ محذوف: أى هو
السحر. والثانى أن يكون الخبر محذوفا: أى السحر هو، والثانى موضعها رفع بالابتداء
وجئتم به الخبر، والسحر فيه وجهان: أحدهما ماتقدم من الوجهين.
والثانى هو بدل من موضع " ما " كما تقول ماعندك أدينار أم درهم؟ ويقرأ على لفظ
الخبر وفيه وجهان: أحدهما استفهام أيضا في المعنى، وحذفت الهمزة للعلم بها. والثانى
هو خبر في المعنى، فعلى هذا تكون " ما " بمعنى الذى. وجئتم به صلتها، والسحر خبرها،
ويجوز أن تكون " ما " استفهاما، والسحر خبر مبتدأ محذوف.
قوله تعالى (وملئهم) فيما يعود الهاء والميم إليه أوجه: أحدها هو عائد على الذرية،
ولم تؤنث لان الذرية قوم فهو مذكر في المعنى. والثانى هو عائد على القوم والثالث
يعود على فرعون، وإنما جمع لوجهين: أحدهما أن فرعون لما كان عظيما عندهم عاد الضمير
إليه بلفظ الجمع، كما يقول العظيم نحن نأمر.
والثانى أن فرعون صار اسما لاتباعه، كما أن ثمود اسم للقبيلة كلها، وقيل الضمير
يعود على محذوف تقديره من آل فرعون وملائهم: أى ملا الآل، وهذا عندنا غلط لان
المحذوف لايعود إليه ضمير، إذ لو جاز ذلك لجاز أن تقول زيد قاموا، وأنت تريد غلمان
زيد قاموا (أن يفتنهم) هو في موضع جر بدلا من فرعون تقديره: على خوف فتنة من فرعون،
ويجوز أن يكون في موضع نصب بخوف: أى على خوف فتنة فرعون.
قوله تعالى (أن تبوآ) يجوز أن تكون أن المفسرة ولايكون لها موضع من الاعراب، وأن
تكون مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحينا، والجمهور على تحقيق الهمزة، ومنهم من جعلها
ياء وهى مبدلة من الهمزة تخفيفا (لقومكما) فيه وجهان: أحدهما اللام غير زائدة،
والتقدير: أتخذ لقومكما بيوتا، فعلى هذا يجوز أن يكون لقومكما أحد مفعولى تبوآ، وأن
يكون حالا من البيوت.
والثانى اللام زائدة، والتقدير: بوئا قومكما بيوتا: أى أنزلاهم، وتفعل وفعل بمعنى
مثل علقها وتعلقها، فأما قوله بمصر يجوز أن يتعلق بتبوآ، وأن يكون حالا من البيوت،
[33]
وأن يكون حالا من قومكما، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل في تبوآ وفيه ضعف (واجعلوا.
وأقيموا) إنما جمع فيهما، لانه أراد موسى وهارون صلوات الله عليهما وقومهما، وأفرد
في قوله (وبشر) لانه أراد موسى عليه السلام وحده، إذ كان هو الرسول وهارون وزيرا
له، فموسى عليه السلام هو الاصل.
قوله تعالى (فلايؤمنوا) في موضعه وجهان: أحدهما النصب وفيه وجهان: أحدهما هو معطوف
على ليضلوا، والثانى هو جواب الدعاء في قوله اطمس واشدد. والقول الثانى موضعه جزم،
لان معناه الدعاء كما تقول لاتعذبنى.
قوله تعالى (ولاتتبعان) يقرأ بتشديد النون، والنون للتوكيد، والفعل مبنى معها،
والنون التى تدخل للرفع لاوجه لها هاهنا لان الفعل هنا غير معرب، ويقرأ بتخفيف
النون وكسرها.
وفيه وجهان: أحدهما أنه نهى أيضا، وحذف النون الاولى من الثقيلة تخفيفا، ولم تحذف
الثانية لانه لو حذفها لحذف نونا محركة واحتاج إلى تحريك الساكنة، وحذف الساكنة أقل
تغيرا. والوجه الثانى أن الفعل معرب مرفوع وفيه وجهان: أحدهما هو خبر في معنى النهى
كما ذكرنا في قوله " لاتعبدون إلا الله " والثانى هو في موضع الحال، والتقدير:
فاستقيما غير متبعين.
قوله تعالى (وجاوزنا ببنى إسرائيل) الباء للتعدية مثل الهمزة كقولك: أجزت الرجال
البحر (بغيا وعدوا) مفعول من أجله، أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (آلآن) العامل فيه محذوف تقديره: أتؤمن الآن.
قوله تعالى (ببدنك) في موضع الحال: أى عاريا، وقيل بجسدك لاروح فيه، وقيل بدرعك.
قوله تعالى (مبوأ صدق) يجوز أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا.
قوله تعالى (إلا قوم يونس) هو منصوب على الاستثناء المنقطع، لان المستثنى منه
القرية وليست من جنس القوم، وقيل هو متصل لان التقدير: فلولا كان أهل قرية، ولو كان
قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة غير فيكون صفة.
قوله تعالى (ماذا في السموات) هو استفهام في موضع رفع بالابتداء. والسموات الخبر
وانظروا معلقة عن العمل، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، وقد تقدم أصل ذلك (وماتغنى)
يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب، وأن تكون نفيا.
قوله تعالى (كذلك حقا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها أن كذلك في موضع نصب صفة لمصدر محذوف:
أى إنجاء كذلك وحقا بدل منه. والثانى أن يكونا منصوبين
[34]
بينجى التى بعدهما. والثالث أن يكون كذلك للاولى وحقا للثانية، ويجوز أن يكون، كذلك
خبر المبتدأ: أى الامر كذلك، وحقا منصوب بما بعدها.
قوله تعالى (وأن أقم وجهك) قد ذكر في الانعام مثله.
سورة الحجر
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (الر تلك آيات الكتاب) قد ذكر في أول الرعد.
قوله تعالى (ربما) يقرأ بالتشديد والتخفيف وهما لغتان، وفى " رب " ثمان لغات: منها
المذكورتان، والثالثة والرابعة كذلك، إلا أن الراء مفتوحة، والاربع الاخر مع تاء
التأنيث " ربت " ففيها التشديد والتخفيف وضم الراء وفتحها.
[72]
وفى " ما " وجهان: أحدهما هى كافة لرب حتى يقع الفعل بعدها، وهى حرف جر.
والثانى هى نكرة موصوفة: أى رب شئ يوده الذين، ورب حرف جر لايعمل فيه إلا مابعده،
والعامل هنا محذوف تقديره: رب كافر يود الاسلام يوم القيامة أنذرت أو نحو ذلك، وأصل
رب أن يقع للتقليل، وهى هنا للتكثير والتحقيق، وقد جاءت على هذا المعنى في الشعر
كثيرا، وأكثر مايأتى بعدها الفعل الماضى، ولكن المستقبل هنا لكونه صدقا قطعا بمنزلة
الماضى.
قوله تعالى (إلا ولها كتاب) الجملة نعت لقرية، كقولك: مالقيت رجلا إلا عالما، وقد
ذكرنا حال الواو في مثل هذا في البقرة في قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير
لكم ".
قوله تعالى (لو ماتأتينا) هى بمعنى لولا وهلا وألا، وكلها للتحضيض.
قوله تعالى (ماننزل الملائكة) فيها قراءات كثيرة كلها ظاهرة (إلا بالحق) في موضع
الحال فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق بننزل وتكون بمعنى الاستعانة.
قوله تعالى (نحن نزلنا) نحن هنا ليست فصلا، لانها لم تقع بين اسمين بل هو إما مبتدأ
أو تأكيد لاسم إن.
قوله تعالى (إلا كانوا به يستهزئون) الجملة حال من ضمير المفعول في يأتيهم، وهى حال
مقدرة، ويجوز أن تكون صفة لرسول على اللفظ أو الموضع.
قوله تعالى (كذلك) أى الامر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أى سلوكا مثل
استهزائهم، والهاء في (نسلكه) تعود على الاستهزاء، والهاء في (به) للرسول أو
للقرآن، وقيل للاستهزاء أيضا، والمعنى: لايؤمنون بسبب الاستهزاء فحذف المضاف، ويجوز
أن يكون حالا: أى لايؤمنون مستهزئين.
قوله تعالى (فظلوا) الضمير للملائكة، وقيل للمشركين، فأما الضمير في (قالوا)
فللمشركين ألبتة (سكرت) يقرأ بالتشديد والضم وهو منقول بالتضعيف يقال: سكر بصره
وسكرته، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان: أحدهما أنه متعد مخففا ومثقلا. والثانى أنه مثل
سعد، وقد ذكر في هود، ويقرأ بفتح السين وكسر الكاف أى سدت وغطيت كما يغطى السكر على
العقل، وقيل هو مطاوع أسكرت الشئ فسكر: أى انسد.
[73]
قوله تعالى (إلا من استرق السمع) في موضعه ثلاثة أوجه: نصب على الاستثناء المنقطع.
والثانى جر على البدل: أى إلا ممن استرق. والثالث رفع على الابتداء، و (فأتبعه)
الخبر، وجاز دخول الفاء فيه من أجل أن من بمعنى الذى أو شرط.
قوله تعالى (والارض) منصوب بفعل محذوف: أى ومددنا الارض، وهو أحسن من الرفع لانه
معطوف على البروج، وقد عمل فيها الفعل (وأنبتنا فيها من كل شئ) أى وأنبتنا فيها
ضروبا، وعند الاخفش من زائدة.
قوله تعالى (ومن لستم) في موضعها وجهان: أحدهما مانصب لجعلنا، والمراد بمن العبيد
والاماء والبهائم فإنها مخلوقة لمنافعنا.
وقال الزجاج: هو منصوب بفعل محذوف تقديره: وأعشنا من لستم له، لان المعنى: أعشناكم
وأعشنا من لستم.
والثانى موضعه جر: أى لكم ولمن لستم، وهذا يجوز عند الكوفيين.
قوله تعالى (إلا عندنا خزائنه) الجملة، موضع رفع على الخبر " ومن شئ " مبتدأ،
ولايجوز أن يكون صفة إذ لاخبر هنا، وخزائنه مرفوع بالظرف لانه قوى بكونه خبرا،
ويجوز أن يكون مبتدأ، والظرف خبره (بقدر) في موضع الحال.
قوله تعالى (الرياح) الجمهور على الجمع، وهو ملائم لما بعده لفظا ومعنى، ويقرأ على
لفظ الواحد وهو جنس.
وفى اللواقح ثلاثة أوجه: أحدها أصلها ملاقح، لانه يقال: ألقح الريح السحاب، كما
يقال: ألقح الفحل الانثى: أى أحبلها، وحذفت الميم لظهور المعنى، ومثله الطوائح
والاصل المطاوح، لانه من أطاح الشئ.
والوجه الثانى أنه على النسب: أى ذوات لقاح كما يقال طالق وطامس.
والثالث أنه على حقيقته، يقال: لقحت الريح إذا حملت الماء، وألقحت الريح السحاب إذا
حملتها الماء، كما تقول ألقح الفحل الانثى فلقحت، وانتصابه على الحال المقدر
(فأسقيناكموه) يقال سقاه وأسقاه لغتان، ومنهم من يفرق، فيقول: سقاه لشقته إذا أعطاه
مايشربه في الحال أو صبه في حلقه، وأسقاه إذا جعل له مايشربه زمانا، ويقال أسقاه
إذا دعا له بالسقيا.
قوله تعالى (وإنا لنحن) نحن هنا لاتكون فصلا لوجهين: أحدهما أن بعدها فعلا.
والثانى أن اللام معها.
قوله تعالى (من حمأ) في موضع جر صفة لصلصال، ويجوز أن يكون بدلا من صلصال بإعادة
الجار.
[74]
قوله تعالى (والجان) منصوب بفعل محذوف لتشاكل المعطوف عليه، ولو قرئ بالرفع جاز.
قوله تعالى (فقعوا له) يجوز أن تتعلق اللام بقعوا، وب (ساجدين) و (أجمعون) توكيد
ثان عند الجمهور، وزعم بعضهم أنها أفادت مالم تفده كلهم. وهو أنها دلت على أن
الجميع سجدوا في حال واحدة. وهذا بعيد لانك تقول: جاء القوم كلهم أجمعون وإن سبق
بعضهم بعضا، ولانه لو كان كما زعم لكان حالا لاتوكيدا (إلا إبليس) قد ذكر في
البقرة.
قوله تعالى (إلى يوم الدين) يجوز أن يكون معمول اللعنة، وأن يكون حالا منها،
والعامل الاستقرار في عليك.
قوله تعالى (بما أغويتنى) قد ذكر في الاعراف.
قوله تعالى (إلا عبادك) استثناء من الجنس، وهل المستثنى أكثر من النصف أو أقل؟ فيه
اختلاف، والصحيح أنه أقل.
قوله تعالى (على مستقيم) قيل على بمعنى إلى، فيتعلق بمستقيم أو يكون وصفا لصراط،
وقيل هو محمول على المعنى، والمعنى استقامته على، ويقرأ " على " أى على القدر،
والمراد بالصراط الدين.
قوله تعالى (إلا من اتبعك) قيل هو استثناء من غير الجنس، لان المراد بعبادى
الموحدون، ومتبع الشيطان غير موحد، وقيل هو من الجنس لان عبادى جميع المكلفين، وقيل
إلا من اتبعك استثناء ليس من الجنس، لان جميع العباد ليس للشيطان عليهم سلطان أى
حجة، ومن اتبعه لايضلهم بالحجة بل بالتزيين.
قوله تعالى (أجمعين) هو توكيد للضمير المجرور، وقيل هو حال من الضمير المجرور،
والعامل فيه معنى الاضافة. فأما الموعد إذا جعلته نفس المكان فلا يعمل، وإن قدرت
هنا حذف مضاف صح أن يعمل الموعد، والتقدير: وإن جهنم مكان موعدهم.
قوله تعالى (لها سبعة أبواب) يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون مستأنفا، ولايجوز
أن يكون حالا من جهنم لان " أن " لاتعمل في الحال (منهم) في موضع حال من الضمير
الكائن في الظرف، وهو قوله تعالى " لكل باب " ويجوز أن يكون حالا من (جزء) هو صفة
له ثانية قدمت عليه، ولايجوز أن يكون حالا
[75]
من الضمير في (مقسوم) لان الصفة لاتعمل في الموصوف ولافيما قبله، ولايكون صفة لباب
لان الباب ليس من الناس.
قوله تعالى (وعيون ادخلوها) يقرأ على لفظ الامر، ويجوز كسر التنوين وضمه، وقطع
الهمزة على هذا لايجوز، ويقرأ بضم الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض، فعلى هذا لايجوز
كسر التنوين لانه لم يلتق ساكنان، بل يجوز ضمه على إلقاء ضمة الهمزة عليه، ويجوز
قطع الهمزة (بسلام) حال: أى سالمين أو مسلما عليهم، و (آمنين) حال أخرى بدل من
الاولى.
قوله تعالى (إخوانا) هو حال من الضمير في الظرف في قوله تعالى " جنات " ويجوز أن
يكون حالا من الفاعل في ادخلوها مقدرة أو من الضمير في آمنين، وقيل هو حال من
الضمير المجرور بالاضافة، والعامل فيها معنى الالصاق والملازمة (متقابلين) يجوز أن
يكون صفة لاخوان، فتتعلق " على " بها، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار
فيتعلق الجار بمحذوف وهو صفة لاخوان، ويجوز أن يتعلق بنفس إخوان لان معناه متصافين،
فعلى هذا ينتصب متقابلين على الحال من الضمير في إخوان.
قوله تعالى (لايمسهم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في متقابلين، وأن يكون مستأنفا،
و (منها) يتعلق بمخرجين.
قوله تعالى (أنا الغفور) يجوز أن يكون توكيدا للمنصوب ومبتدأ وفصلا، فأما قوله (هو
العذاب) فجوز فيها الفصل والابتداء، ولايجوز التوكيد لان العذاب مظهر والمظهر
لايؤكد بالمضمر.
قوله تعالى (إذ دخلوا) في " إذ " وجهان أحدهما هو مفعول: أى اذكر إذ دخلوا. والثانى
أن يكون ظرفا.
وفى العامل وجهان: أحدهما نفس ضيف فإنه مصدر. وفى توجيه ذلك وجهان: أحدهما أن يكون
عاملا بنفسه وإن كان وصفا، لان كونه وصفا لايسلبه أحكام المصادر، ألا ترى أنه
لايجمع ولايثنى ولايؤنث كما لو لم يوصف به؟ ويقوى ذلك أن الوصف الذى قام المصدر
مقامه يجوز أن يعمل والوجه الثانى أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره: نبئهم عن ذوى
ضيف إبراهيم: أى أصحاب ضيافته، والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول. والوجه الثانى من
وجهى الظرف أن يكون العامل محذوفا تقديره: عن خبر ضيف (فقالوا سلاما) قد ذكر في
هود.
[76]
قوله (على أن مسنى) هو في موضع الحال: أى بشرتمونى كبيرا (فبم تبشرون) يقرأ بفتح
النون وهو الوجه، والنون علامة الرفع، ويقرأ بكسرها وبالاضافة محذوفة.
وفى النون وجهان: أحدهما هى نون الوقاية، ونون الرفع محذوفة لثقل المثلين، وكانت
الاولى أحق بالحذف إذ لو بقيت لكسرت، ونون الاعراب لاتكسر لئلا تصير تابعة، وقد جاء
ذلك في الشعر.
والثانى أن نون الوقاية محذوفة، والباقية نون الرفع لان الفعل مرفوع، فأبقيت
علامته، والقراءة بالتشديد أوجه.
قوله تعالى (ومن يقنط) من مبتدأ، ويقنط خبره، واللفظ استفهام ومعناه النفى، فلذلك
جاءت بعده إلا، وفى يقنط لغتان: كسر النون وماضيه بفتحها، وفتحها وماضيه بكسرها،
وقد قرئ بهما، والكسر أجود لقوله " من القانطين " ويجوز قانط وقنط.
قوله تعالى (إلا آل لوط) هو استثناء من غير الجنس، لانهم لم يكونوا مجرمين (إلا
امرأته) فيه وجهان: أحدهما هو مستثنى من آل لوط والاستثناء إذا جاء بعد الاستثناء
كان الاستثناء الثانى مضافا إلى المبتدأ، كقولك له عندى عشرة إلا أربعة إلا درهما،
فإن الدرهم يستثنى من الاربعة فهو مضاف إلى العشرة، فكأنك قلت: أحد عشر إلا أربعة
أو عشرة إلا ثلاثة.
والوجه الثانى أن يكون مستثنى من ضمير المفعول في منجوهم (قدرنا) يقرأ بالتخفيف
والتشديد وهما لغتان (إنها) كسرت إن هاهنا من أجل اللام في خبرها، ولولا اللام
لفتحت.
قوله تعالى (ذلك الامر) في الامر وجهان: أحدهما هو بدل. والثانى عطف بيان (أن دابر)
هو بدل من ذلك، أو من الامر إذا جعلته بيانا، وقيل تقديره: بأن فحذف حرف الجر
(مقطوع) خبر أن دابر، و (مصبحين) حال من هؤلاء، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في
مقطوع، وتأويله أن دابر هنا في معنى مدبرى هؤلاء، فأفرده وأفرد مقطوعا لانه خبره،
وجاء مصبحين على المعنى.
قوله تعالى (عن العالمين) أى عن ضيافة العالمين.
قوله تعالى (هؤلاء بناتى) يجوز أن يكون مبتدأ، وبناتى خبره، وفى الكلام حذف: أى
فتزوجوهن، ويجوز أن يكون بناتى بدلا أو بيانا والخبر محذوف: أى أطهر لكم، كما جاء
في الآية الاخرى، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف: أى قال تزوجوا
هؤلاء.
قوله تعالى (أنهم لفى سكرتهم) الجمهور على كسر إن من أجل اللام.
[77]
وقرئ بفتحها على تقدير زيادة اللام، ومثله قراءة سعيد بن جبير رضى الله عنه " إلا
أنهم ليأكلون الطعام " بالفتح، و (يعمهون) حال من الضمير في الجار أو من الضمير
المجرور في سكرتهم، والعامل السكرة أو معنى الاضافة.
قوله تعالى (كما أنزلنا) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره: آتيناك سبعا
من المثانى إيتاء كما أنزلنا أو إنزالا كما أنزلنا لان آتيناك بمعنى أنزلنا عليك،
وقيل التقدير: متعناهم تمتيعا كما أنزلنا، والمعنى: نعمنا بعضهم كما عذبنا بعضهم،
وقيل التقدير: إنزالا مثل ماأنزلنا، فيكون وصفا لمصدر، وقيل هو وصف لمفعول تقديره:
إنى أنذركم عذابا مثل العذاب المنزل على المقتسمين، والمراد بالمقتسمين قوم صالح
الذين اقتسموا على تبييته وتبييت أهله، وقيل هم الذين قسموا القرآن إلى شعر وإلى
سحر وكهانة، وقيل تقديره: لنسألنهم أجمعين مثل ماأنزلنا، وواحد (عضين) عضة، ولامها
محذوفة والاصل عضوة، وقيل المحذوف هاء، وهو من عضه يعضه وهو من العضيهة وهى الافك
أو الداهية.
قوله تعالى (بما تؤمر) مامصدرية فلا محذوف إذا، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، والعائد
محذوف: أى بما تؤمر به، والاصل بما تؤمر بالصدع به ثم حذف للعلم به.
قوله تعالى (الذين يجعلون) صفة للمستهزئين، أو منصوب بإضمار فعل، أو مرفوع على
تقديرهم.
سورة النحل
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى (أتى) هو ماض على بابه، وهو بمعنى قرب، وقيل يراد به المستقبل، ولما كان
خبر الله صدقا قطعا جاز أن يعبر بالماضى عن المستقبل، والهاء في (تستعجلوه) تعود
على الامر، وقيل على الله.
قوله تعالى (ينزل الملائكة) فيه قراءات، ووجوهها ظاهرة، و (بالروح) في موضع نصب
على الحال من الملائكة: أى ومعها الروح وهو الوحى و (من أمره) حال من الروح (أن
أنذروا) أن بمعنى أى، لان الوحى يدل على القول فيفسر بأن فلا موضع لها، ويجوز أن
تكون مصدرية في موضع جر بدلا من الروح، أو بتقدير حرف الجر على قول الخليل، أو في
موضع نصب على قول سيبويه (أنه لاإله إلا أنا)
[78]
الجملة في موضع نصب مفعول أنذروا: أى أعلموهم بالتوحيد، ثم رجع من الغيبة إلى
الخطاب فقال (فاتقون).
قوله تعالى (فإذا هو خصيم) إن قيل الفاء تدل على التعقيب وكونه خصيما لايكون عقيب
خلقه من نطفة فجوابه من وجهين: أحدهما أنه أشار إلى مايئول حاله إليه فأجرى المنتظر
مجرى الواقع، وهو من باب التعبير بآخر الامر عن أوله كقوله " أرانى أعصر خمرا "
وقوله تعالى " ينزل لكم من السماء رزقا " أى سبب الرزق وهو المطر. والثانى أنه
إشارة إلى سرعة نسيانهم مبدأ خلقهم.
قوله تعالى (والانعام) هو منصوب بفعل محذوف، وقد حكى في الشاذ رفعها، و (ولكم) فيها
وجهان: أحدهما هى متعلقة بخلق، فيكون (فيها دفء) جملة في موضع الحال من الضمير
المنصوب.
والثانى يتعلق بمحذوف، فدفء مبتدأ والخبر لكم، وفى " فيها " وجهان: أحدهما هو ظرف
للاستقرار في لكم.
والثانى هو حال من دفء، ويجوز أن يكون حالا من دفء وفيها الخبر، ويجوز أن يرتفع
دفء بلكم أو بفيها والجملة كلها حال من الضمير المنصوب، ويقرأ " دف " بضم الفاء من
غير همز، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها (ولكم فيها جمال) مثل ولكم
فيها دفء، و (حين) ظرف لجمال أو صفة له أو معمول فيها.
قوله تعالى (بالغيه) الهاء في موضع جر بالاضافة عند الجمهور، وأجاز الاخفش أن تكون
منصوبة، واستدل بقوله تعالى " إنا منجوك وأهلك " ويستوفى في موضعه إن شاء الله
تعالى (إلا بشق) في موضع الحال من الضمير المرفوع في " بالغيه " أى مشقوقا عليكم،
والجمهور على كسر الشين، وقرئ بفتحها وهى لغة.
قوله تعالى (والخيل) هو معطوف على الانعام: أى وخلق الخيل (وزينة) أى لتركبوها
ولتتزينوا بها زينة، فهو مصدر لفعل محذوف، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله: أى
وللزينة، وقيل التقدير: وجعلها زينة، ويقرأ بغير واو، وفيه الوجوه المذكورة، وفيها
وجهان آخران: أحدهما أن يكون مصدرا في موضع الحال من الضمير في تركبوا. والثانى أن
تكون حالا من الهاء: أى لتركبوها تزينا بها.
قوله تعالى (ومنها جائر) الضمير يرجع على السبيل، وهى تذكر وتؤنث وقيل السبيل بمعنى
السبل فأنث على المعنى. وقصد مصدر بمعنى إقامة السبيل أو تعديل السبيل، وليس مصدر
قصدته بمعنى أتيته.
[79]
قوله تعالى (منه شراب) من هنا للتبعيض، ومن الثانية للسببية: أى وبسببه إثبات شجر،
ودل على ذلك قوله (ينبت لكم به الزرع).
قوله تعالى (والشمس والقمر) يقرآن بالنصب عطفا على ماقبلهما، ويقرآن بالرفع على
الاستئناف، و (النجوم) كذلك، و (مسخرات) على القراءة الاولى حال وعلى الثانية خبر.
قوله تعالى (وماذرأ لكم) في موضع نصب بفعل محذوف، أى وخلق أو وأنبت و (مختلفا) حال
منه.
قوله تعالى (منه لحما) من لابتداء الغاية، وقيل التقدير: لتأكلوا من حيوانه لحما
فيه يجوز أن يتعلق بمواخر، لان معناه جوارى، إذ كان مخر وشق وجرى قريبا بعضه من
بعض، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مواخر.
قوله تعالى (أن تميد) أى مخافة أن تميد (وأنهارا) أى وشق أنهارا (وعلامات) أى وضع
علامات، ويجوز أن تعطف على رواسى (وبالنجم) يقرأ على لفظ الواحد وهو جنس، وقيل يراد
به الجدى، وقيل الثريا، ويقرأ بضم النون والجيم وفيه وجهان: أحدهما هو جمع نجم مثل
سقف وسقف. والثانى أنه أراد النجوم فحذف الواو كما قالوا في أسد أسود وأسد، وقالوا
في خيام خيم، ويقرأ بسكون الجيم وهو مخفف من المضموم.
قوله تعالى (أموات) إن شئت جعلته خبرا ثانيا لهم: أى وهم يخلقون ويموتون، وإن شئت
جعلت يخلقون وأموات خبرا واحدا، وإن شئت كان خبر مبتدإ محذوف أى هم أموات (غير
أحياء) صفة مؤكدة، ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال غير أحياء ليدفع به توهم أن
قوله أموات فيما بعد، إذ قد قال تعالى " إنك ميت " أى ستموت، و (أيان) منصوب ب
(يبعثون) لابيشعرون.
قوله تعالى (ماذا أنزل ربكم) " ماذا) فيها وجهان: أحدهما " ما " فيها استفهام " وذا
" بمعنى الذى، وقد ذكر في البقرة، والعائد محذوف، أى أنزله، و (أساطير) خبر مبتدإ
محذوف تقديره: ما ادعيتموه منزلا أساطير، ويقرأ أساطير بالنصب، والتقدير: وذكرتم
أساطير، أو أنزل أساطير على الاستهزاء.
قوله تعالى (ليحملوا) أى قالوا ذلك ليحملوا، وهى لام العاقبة (ومن أوزار الذين) أى
وأوزار من أوزار الذين.
وقال الاخفش " من " زائدة.
[80]
قوله تعالى (من القواعد) أى من ناحية القواعد والتقدير: أتى أمر الله (من فوقهم)
يجوز أن يتعلق من يخر، وتكون " من " لابتداء الغاية، وأن تكون حالا أى كائنا من
فوقهم، وعلى كلا الوجهين هو توكيد.
قوله تعالى (تشاقون) يقرأ بفتح النون، والمفعول محذوف: أى تشاقون المؤمنين أو
تشاقوننى، ويقرأ بكسرها مع التشديد، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية، ويقرأ بالكسر
والتخفيف، وهو مثل " فبم تبشرون " وقد ذكر.
قوله تعالى (إن الخزى اليوم) في عامل الظرف وجهان، أحدهما الخزى، وهو مصدر فيه
الالف واللام.
والثانى هو معمول الخبر وهو قوله تعالى (على الكافرين) أى كائن على الكافرين اليوم،
وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم في الظرف.
قوله تعالى (الذين تتوفاهم) فيه الجر والنصب والرفع وقد ذكر في مواضع وتتوفاهم
بمعنى توفتهم (فألقوا السلم) يجوز أن يكون معطوفا على قال الذين أوتوا العلم، ويجوز
أن يكون معطوفا على توفاهم، ويجوز أن يكون مستأنفا، والسلم هنا بمعنى القول، كما
قال في الآية الاخرى " فألقوا إليهم القول " فعلى هذا يجوز أن يكون (ماكنا نعمل من
سوء) تفسيرا للسلم الذى ألقوه، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون التقدير:
فألقوا السلم قائلين ماكنا.
قوله تعالى (ماذا أنزل ربكم) " ما " في موضع نصب بأنزل، ودل على ذلك نصب الجواب وهو
قوله (قالوا خيرا) أى أنزل خيرا.
قوله تعالى (جنات عدن) يجوز أن تكون هى المخصوصة بالمدح مثل زيد في نعم الرجل زيد،
و (يدخلونها) حال منها، ويجوز أن يكون مستأنفا ويدخلونها الخبر، ويجوز أن يكون
الخبر محذوفا: أى لهم جنات عدن، ودل على ذلك قوله تعالى " للذين أحسنوا في هذه
الدنيا حسنة " (كذلك يجزى) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف.
قوله تعالى (طيبين) حال من المفعول، و (يقولون) حال من الملائكة.
قوله تعالى (أن اعبدوا) يجوز أن تكون " أن " بمعنى أى، وأن تكون مصدرية (من هدى) من
نكرة موصوفة مبتدأ، وماقبلها الخبر.
قوله تعالى (فإن الله لايهدى) يقرأ بفتح الياء وكسر الدال على تسمية الفاعل ولايهدى
خبر إن، و (من يضل) مفعول يهدى.
[81]
ويقرأ " لايهدى " بضم الياء على مالم يسم فاعله. وفيه وجهان: أحدهما أن من يضل
مبتدأ، ولايهدى خبر.
والثانى أن لايهدى من يضل بأسره خبر إن، كقولك: إن زيدا لايضرب أبوه.
قوله تعالى (فيكون) يقرأ بالرفع: أى فهو، وبالنصب عطفا على نقول، وجعله جواب الامر
بعيد لما ذكرناه في البقرة.
قوله تعالى (والذين هاجروا) مبتدأ، و (لنبوئنهم) الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب
بفعل محذوف يفسره المذكور (حسنة) مفعول ثان لنبوئنهم، لان معناه لنعطينهم، ويجوز أن
يكون صفة لمحذوف: أى دارا حسنة، لان بوأته أنزلته.
قوله تعالى (الذين صبروا) في موضع رفع على إضمارهم، أو نصب على تقدير أعنى.
قوله تعالى (بالبينات) فيما تتعلق الباء به ثلاثة أوجه: أحدها بنوحى كما تقول: أوحى
إليه بحق، ويجوز أن تكون الباء زائدة، ويجوز أن تكون حالا من القائم مقام الفاعل
وهو إليهم.
والوجه الثانى: أن تتعلق بأرسلنا: أى أرسلناهم بالبينات، وفيه ضعف لان ماقبل إلا
لايعمل فيما بعدها إذا تم الكلام على إلا ومايليها، إلا أنه قد جاء في الشعر كقول
الشاعر: نبئتهم عذبوا بالنار جارتهم * ولايعذب إلا الله بالنار والوجه الثالث أن
يتعلق بمحذوف تقديره: بعثوا بالبينات، والله أعلم.
قوله تعالى (على تخوف) في موضع الحال من الفاعل أو المفعول في قوله " أو يأخذهم ".
قوله تعالى (أو لم يروا) يقرأ بالياء والتاء، وقبله غيبة وخطاب يصححان الامرين
(تتفيؤ) يقرأ بالتاء على تأنيث الجمع الذى في الفاعل، وبالياء لان التأنيث غير
حقيقى (عن اليمين) وضع الواحد موضع الجمع، وقيل أول مايبدو الظل عن اليمين ثم ينتقل
وينتشر عن الشمال، فانتشاره يقتضى الجمع، و " عن " حرف جر موضعها نصب على الحال،
ويجوز أن تكون للمجاوزة: أى تتجاوز الظلال اليمين إلى الشمال.
وقيل هى اسم: أى جانب اليمين (والشمائل) جمع شمال (سجدا)
[82]
حال من الظلال (وهم داخرون) حال من الضمير في سجدا، ويجوز أن يكون حالا ثانية
معطوفة.
قوله تعالى (مافى السموات) إنما ذكر " ما " دون " من " لانها أعم والسجود يشتمل على
الجميع.
قوله تعالى (من فوقهم) هو حال من ربهم، ويجوز أن يتعلق بيخافون.
قوله تعالى (اثنين) هو توكيد، وقيل مفعول ثان وهو بعيد.
قوله تعالى (واصبا) حال من الدين.
قوله تعالى (ومابكم) " ما " بمعنى الذى، والجار صلته، و (من نعمة) حال من الضمير في
الجار (فمن الله) الخبر، وقيل " ما " شرطية وفعل الشرط محذوف: أى مايكن، والفاء
جواب الشرط.
قوله تعالى (إذا فريق) هو فاعل لفعل محذوف.
قوله تعالى (فتمتعوا) الجمهور على أنه أمر، ويقرأ بالياء وهو معطوف على يكفروا ثم
رجع إلى الخطاب فقال (فسوف تعلمون) وقرئ بالياء أيضا.
قوله تعالى (ولهم مايشتهون) " ما " مبتدأ، ولهم خبره أو فاعل الظرف وقيل " ما " في
موضع نصب عطفا على نصيبا: أى ويجعلون مايشتهون لهم، وضعف قوم هذا الوجه وقالوا: لو
كان كذلك لقال ولانفسهم، وفيه نظر.
قوله تعالى (ظل وجهه مسودا) خبره، ولو كان قد قرئ " مسود " لكان مستقيما، على أن
يكون اسم ظل مضمرا فيها، والجملة خبرها (وهو كظيم) حال من صاحب الوجه، ويجوز أن
يكون من الوجه لانه منه.
قوله تعالى (يتوارى) حال من الضمير في كظيم (أيمسكه) في موضع الحال تقديره: يتوارى
مترددا هل يمسكه أم لا؟ (على هون) حال.
قوله تعالى (وتصف ألسنتهم الكذب) يقرأ بالنصب على أنه مفعول تصف أو هو بدل مما
يكرهون، فعلى هذا في قوله (أن لهم الحسنى) وجهان: أحدهما هو بدل من الكذب. والثانى
تقديره: بأن لهم، ولما حذفت الباء صار في موضع نصب عند الخليل، وعند سيبويه هو في
موضع جر.
ويقرأ الكذب بضم الكاف والذال والباء على أنه صفة للالسنة، وهو جمع واحده كذوب مثل
صبور وصبر، وعلى هذا يجوز أن يكون واحد الالسنة مذكرا أو مؤنثا، وقد سمع في اللسان
الوجهان وعلى هذه القراءة " أن لهم الحسنى " مفعول تصف.
[83]
(لاجرم) قد ذكر في هود مستوفى (مفرطون) يقرأ بفتح الراء والتخفيف، وهو من أفرط إذا
حمله على التفريط غيره، وبالكسر على نسبة الفعل إليه، وبالكسر والتشديد وهو ظاهر.
قوله تعالى (وهدى ورحمة) معطوفان على لتبين: أى للتبيين والهداية والرحمة.
قوله تعالى (بطونه) فيما تعود الهاء عليه ستة أوجه: أحدها أن الانعام تذكر وتؤنث،
فذكر الضمير على إحدى اللغتين.
والثانى أن الانعام جنس، فعاد الضمير إليه على المعنى.
والثالث أن واحد الانعام نعم، والضمير عائد على واحده كما قال الشاعر: * مثل الفراخ
نتفت حواصله * والرابع أنه غائب على المذكور فتقديره: مما في بطون المذكور، كما قال
الحطيئة:
لزغب كأولاد القطا راث خلفها * على عاجزات النهض حمر حواصله
والخامس أنه يعود على البعض الذى له لبن منها.
والسادس أنه يعود على الفحل لان اللبن يكون من طرق الفحل الناقة، فأصل اللبن ماء
الفحل، وهذا ضعيف لان اللبن وإن نسب إلى الفحل فقد جمع البطون، وليس فحل الانعام
واحدا، ولا للواحد بطون، فإن قال أراد الجنس فقد ذكر (من بين) في موضع نصب على
الظرف، ويجوز أن يكون حالا من " ما " أو من اللبن (سائغا) الجمهور على قراءته على
فاعل ويقرأ " سيغا " بياء مشددة وهو مثل سيد وميت وأصله من الواو.
قوله تعالى (ومن ثمرات) الجار يتعلق بمحذوف تقديره: وخلق لكم، أو وجعل (تتخذون)
مستأنف، وقيل هو صفة لمحذوف تقديره: شيئا تتخذون بالنصب: أى وإن من الثمرات شيئا،
وإن شئت شئ بالرفع بالابتداء، ومن ثمرات خبره، وقيل التقدير: وتتخذون من ثمرات
النخيل سكرا، وأعاد من لما قدم وأخر، وذكر الضمير لانه عاد على شئ المحذوف، أو على
معنى الثمرات: وهو الثمر أو على النخل: أى من ثمر النخل، أو على الجنس، أو على
البعض، أو على المذكور كما تقدم في هاء بطونه.
قوله تعالى (أن اتخذى) أى اتخذى أو تكون مصدرية.
قوله تعالى (ذللا) هو حال من السبل، أو من الضمير في اسلكى، والواحد ذلول، ثم عاد
من الخطاب إلى الغيبة فقال (يخرج من بطونها - فيه شفاء) يعود على الشراب، وقيل على
القرآن.
[84]
قوله تعالى (لكيلا يعلم بعد علم شيئا) شيئا منصوب بالمصدر على قول البصريين، وبيعلم
على قول الكوفيين.
قوله تعالى (فهم فيه سواء) الجملة من المبتدإ والخبر هنا واقعة موقع الفعل والفاعل،
والتقدير: فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ماملكت أيمانهم فيستووا، وهذا الفعل
منصوب على جواب النفى، ويجوز أن يكون مرفوعا عطفا على موضع برادى: أى فما الذين
فضلوا يردون فما يستوون.
قوله تعالى (رزقا من السموات) الرزق بكسر الراء اسم المرزوق، وقيل هو اسم للمصدر،
والمصدر بفتح الراء (شيئا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو منصوب برزق لان اسم المصدر
يعمل عمله: أى لايملكون أن يرزقوا شيئا.
والثانى هو بدل من رزق.
والثالث هومنصوب نصب المصدر: أى لايملكون رزقا ملكا، وقد ذكرنا نظائره كقوله "
لايضركم كيدهم شيئا ".
قوله تعالى (عبدا) هو بدل من مثل، وقيل التقدير: مثلا مثل عبد، و (من) في موضع نصب
نكرة موصوفة (سرا وجهرا) مصدران في موضع الحال.
قوله تعالى (أينما يوجهه) يقرأ بكسر الجيم: أى يوجهه مولاه، ويقرأ بفتح الجيم وسكون
الهاء على مالم يسم فاعله، ويقرأ بالتاء وفتح الجيم والهاء على لفظ الماضى.
قوله تعالى (أو هو أقرب) هو ضمير للامر، وأو قد ذكر حكمها في " أو كصيب من السماء
".
قوله تعالى (أمهاتكم) يقرأ بضم الهمزة وفتح الميم وهو الاصل وبكسرهما، فأما كسرة
الهمزة فلعلة: وقيل أتبعت كسرة النون قبلها وكسرة الميم إتباعا لكسرة الهمزة (لا
تعلمون شيئا) الجملة حال من الضمير المنصوب في " أخرجكم ".
قوله تعالى (ألم يروا) يقرأ بالتاء لان قبله خطابا وبالياء على الرجوع إلى الغيبة
(مايمسكهن) الجملة حال من الضمير في مسخرات أو من الطير، ويجوز أن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (من بيوتكم سكنا) إنما أفرد لان المعنى ماتسكنون (يوم ظعنكم) يقرأ بسكون
العين وفتحها وهما لغتان، مثل النهر والنهر، والظعن مصدر ظعن (أثاثا) معطوف على
سكنا، وقد فصل بينه وبين حرف العطف بالجار والمجرور وهو قوله تعالى " ومن أصوافها "
وليس بفصل مستقبح كما زعم في الايضاح، لان الجار والمجرور مفعول، وتقديم مفعول على
مفعول قياس.
[85]
قوله تعالى (ويوم نبعث) أى واذكر، أو وخوفهم.
قوله تعالى (يعظكم) يجوز أن يكون حالا من الضمير في ينهى، وأن يكون مستأنفا.
قوله تعالى (بعد توكيدها) المصدر مضاف إلى المفعول، والفعل منه وكد، ويقال أكد
تأكيدا، وقد (جعلتم) الجملة حال من الضمير في " تنقضوا "، ويجوز أن يكون حالا من
فاعل المصدر.
قوله تعالى (أنكاثا) هو جمع نكث وهو بمعنى المنكوث: أى المنقوض وانتصب على الحال من
غزلها، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا على المعنى، لان معنى نقضت صيرت، و (تتخذون) حال
من الضمير في تكونوا أو من الضمير في حرف الجر، لان التقدير: لا تكونوا مشبهين (أن
تكون) أى مخافة أن تكون (أمة) اسم كان أو فاعلها إن جعلت كان التامة (هى أربى) جملة
في موضع نصب خبر كان، أو في موضع رفع على الصفة، ولا يجوز أن تكون هى فصلا لان
الاسم الاول نكرة، والهاء في (به) تعود على الربو وهو الزيادة.
قوله تعالى (فتزل) هو جواب النهى.
قوله تعالى (من ذكر) هو حال من الضمير في عمل.
قوله تعالى (فإذا قرأت) المعنى فإذا أردت القراءة، وليس المعنى إذا فرغت من
القراءة.
قوله تعالى (إنما سلطانه) الهاء فيه تعود على الشيطان، والهاء في (به) تعود عليه
أيضا، والمعنى الذين يشركون بسببه، وقيل الهاء عائدة على الله عزوجل.
قوله تعالى (والله أعلم بما ينزل) الجملة فاصلة بين إذا وجوابها، فيجوز أن تكون
حالا، وأن لايكون لها موضع وهى مشددة.
قوله تعالى (وهدى وبشرى) كلاهما في موضع نصب على المفعول له، وهو عطف على قوله
ليثبت، لان تقدير الاول لان يثبت، ويجوز أن يكونا في موضع رفع خبر مبتدإ محذوف: أى
وهو هدى، والجملة حال من الهاء في نزله.
قوله تعالى (لسان الذى) القراءة المشهورة إضافة لسان إلى الذى، وخبره (أعجمى) وقرئ
في الشاذ اللسان الذى بالالف واللام، والذى نعت، والوقف بكل حال على بشر.
[86]
قوله تعالى (من كفر) فيه وجهان: أحدهما هو بدل من قوله الكاذبون: أى وأولئك هم
الكافرون، وقيل هو بدل من أولئك، وقيل هو بدل من الذين لايؤمنون.
والثانى هو مبتدأ، والخبر " فعليهم غضب من الله ".
قوله تعالى (إلا من أكره) استثناء مقدم، وقيل ليس بمقدم فهو كقول لبيد * ألا كل شئ
ماخلا الله باطل * وقيل " من " شرط وجوابها محذوف دل عليه قوله " فعليهم غضب " إلا
من أكره استثناء متصل، لان الكفر يطلق على القول والاعتقاد، وقيل هو منقطع لان
الكفر اعتقاد والاكراه على القول دون الاعتقاد (من شرح) مبتدأ (فعليهم) خبره.
قوله تعالى (إن ربك) خبر إن (لغفور رحيم)(1) وإن الثانية واسمها تكرير للتوكيد،
ومثله في هذه السورة " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة " وقيل " لا " خبر لان
الاولى في اللفظ، لان خبر الثانية أغنى عنه (من بعد مافتنوا) يقرأ على مالم يسم
فاعله: أى فتنهم غيرهم بالكفر فأجابوا فإن الله عفا لهم عن ذلك: أى رخص لهم فيه،
ويقرأ بفتح الفاء والتاء: أى فتنوا أنفسهم أو فتنوا غيرهم ثم أسلموا.
قوله تعالى (يوم يأتى) يجوز أن يكون ظرفا لرحيم، وأن يكون مفعولا به: أى اذكر.
قوله تعالى (قرية) مثل قوله " مثلا عبدا " (والخوف) بالجر عطفا على الجوع، وبالنصب
عطفا على لباس، وقيل هو معطوف على موضع الجوع، لان التقدير: أن ألبسهم الجوع
والخوف.
قوله تعالى (ألسنتكم الكذب) يقرأ بفتح الكاف والباء وكسر الذال، وهو منصوب بتصف و "
ما " مصدرية، وقيل هى بمعنى الذى، والعائد محذوف. والكذب بدل منه، وقيل هو منصوب
بإضمار أعنى، ويقرأ بضم الكاف والذال وفتح الياء وهو جمع كذاب بالتخفيف، مثل كتاب
وكتب، وهو مصدر، وهى في معنى القراءة الاولى، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الباء على
النعت للالسنة، وهو جمع كاذب أو كذوب، ويقرأ بفتح الكاف وكسر الذال، والباء على
البدل من " ما " سواء جعلتها مصدرية أو بمعنى الذى.
___________________________________
(1) (قوله خبر إن لغفور إلخ.) المراد بها إن الاولى في قوله تعالى " ثم إن ربك "
إلخ وعليه فللذين متعلق بالخبر كما في السفاقسى. وعند الزمخشرى للذين خبر إن الاولى
اه مصححه. (*)
[87]
قوله تعالى (متاع قليل) أى بقاؤهم متاع ونحو ذلك.
قوله تعالى (اجتباه) يجوز أن يكون حالا، وقد معه مرادة، وأن يكون خبرا ثانيا لان،
وأن يكون مستأنفا (لانعمه) يجوز أن تتعلق اللام بشاكر، وأن تتعلق باجتباه.
قوله تعالى (وإن عاقبتم) الجمهور على الالف والتخفيف فيهما، ويقرأ بالتشديد من غير
ألف فيهما: أى تتبعتم (بمثل ما) الباء زائدة، وقيل ليست زائدة، والتقدير: بسبب
مماثل لما عوقبتم (لهو خير) الضمير للصبر أو للعفو، وقد دل على المصدرين الكلام
المتقدم.
قوله تعالى (إلا بالله) أى بعون الله أو بتوفيقه (عليهم) أى على كفرهم، وقيل الضمير
يرجع على الشهداء: أى لاتحزن عليهم فقد فازوا (في ضيق) يقرأ بفتح الضاد وفيه وجهان:
أحدهما هو مصدر ضاق مثل سار سيرا.
والثانى هو مخفف من الضيق: أى في أمر ضيق، مثل سيد وميت (مما يمكرون) أى من أجل
مايمكرون، ويقرأ بكسر الضاد، وهى لغة في المصدر، والله أعلم.
سورة الاسراء
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قد تقدم الكلام على (سبحان) في قصة آدم عليه السلام في البقرة، و (ليلا) ظرف لاسرى،
وتنكيره يدل على قصر الوقت الذى كان الاسراء والرجوع فيه (حوله) ظرف لباركنا، وقيل
مفعول به: أى طيبنا أو نمينا (لنريه) بالنون لان قبله إخبارا عن المتكلم، وبالياء
لان أول السورة على الغيبة، وكذلك خاتمة الآية، وقد بدأ في الآية بالغيبة وختم بها
ثم رجع في وسطها إلى الاخبار عن النفس فقال: باركنا ومن آياتنا، والهاء في (أنه)
لله تعالى، وقيل للنبى صلى الله عليه وسلم: أى إنه السميع لكلامنا البصير لذاتنا.
قوله تعالى (ألا يتخذوا) يقرأ بالياء على الغيبة، والتقدير: جعلناه هدى لئلا
يتخذوا، أو آتينا موسى الكتاب لئلا يتخذوا، ويقرأ بالتاء على الخطاب.
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن " أن " بمعنى أى، وهى مفسرة لما تضمنه الكتاب من الامر
والنهى.
والثانى أن " أن " زائدة: أى قلنا لاتتخذوا.
[88]
والثالث أن " لا " زائدة، والتقدير: مخافة أن تتخذوا، وقد رجع في هذا من الغيبة إلى
الخطاب، وتتخذوا هنا يتعدى إلى مفعولين: أحدهما (وكيلا) وفي الثانى وجهان: أحدهما
(ذرية) والتقدير: لا تتخذوا ذرية من حملنا وكيلا: أى ربا أو مفوضا إليه، ومن دونى
يجوز أن يكون حالا من وكيل أو معمولا له أو متعلقا بتتخذوا.
والوجه الثانى المفعول الثانى من دونى، وفي ذرية على ثلاثة أوجه: أحدها هو منادى.
والثانى هو منصوب بإضمار أعنى.
والثالث هو بدل من وكيل، أو بدل من موسى عليه السلام، وقرئ، شاذا بالرفع على تقدير
هو ذرية، أو على البدل من الضمير في يتخذوا على القراءة بالياء لانهم غيب، و (من)
بمعنى الذى أونكرة موصوفة.
قوله تعالى (لتفسدن) يقرأ بضم التاء وكسر السين من أفسد، والمفعول محذوف أى الاديان
أو الخلق، ويقرأ بضم التاء وفتح السين: أى يفسدكم غيركم، ويقرأ بفتح التاء وضم
السين، أى تفسد أموركم (مرتين) مصدر، والعامل فيه من غير لفظه (وعد أولاهما) أى
موعود أولى المرتين: أى ماوعدوا به في المرة الاولى (عبادا لنا) بالالف وهو
المشهور، ويقرأ عبيدا وهو جمع قليل، ولم يأت منه إلا ألفاظ يسيرة (فجاسوا) بالجيم،
ويقرأ بالحاء والمعنى واحد، و (خلال) ظرف له، ويقرأ خلل الديار بغير ألف، قيل هو
واحد، والجمع خلال مثل جبل وجبال (وكان) اسم كان ضمير المصدر: أى وكان الجوس.
قوله تعالى (الكرة) هى مصدر في الاصل يقال كركرا وكرة، و (عليهم) يتعلق برددنا،
وقيل بالكرة لانه يقال كر عليه، وقيل هو حال من الكرة (نفيرا) تمييز، وهو فعيل
بمعنى فاعل: أى من ينفر معكم وهو اسم للجماعة، وقيل هو جمع نفر مثل عبد وعبيد.
قوله تعالى (وإن أسأتم فلها) قيل اللام بمعنى على، كقوله " وعليها ما اكتسبت " وقيل
هى على بابها وهو الصحيح، لان اللام للاختصاص، والعامل مختص بجزاء عمله حسنة وسيئة
(وعد الآخرة) أى الكرة الآخرة (ليسوءوا) بالياء وضمير الجماعة: أى ليسوء العباد أو
النفير، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير واو: أى ليسوء البعث أو المبعوث: أو الله، ويقرأ
بالنون كذلك، ويقرأ بضم الياء وكسر السين وياء بعدها وفتح الهمزة: أى ليقبح وجوهكم
(ماعلوا) منصوب بيتبروا: أى وليهلكوا علوهم وماعلوه، ويجوز أن يكون ظرفا.
[89]
قوله تعالى (حصيرا) أى حاصرا، ولم يؤنثه لان فعيلا هنا بمعنى فاعل، وقيل التذكير
على معنى الجنس، وقيل ذكر لان تأنيث جهنم غير حقيقى.
قوله تعالى (أن لهم) أى بأن لهم (وأن الذين) معطوف عليه: أى يبشر المؤمنين
بالامرين.
قوله تعالى (دعاءه) أى يدعو بالشر دعاء مثل دعائه بالخير، والمصدر مضاف إلى
الفاعل، والتقدير: يطلب الشر، فالباء للحال، ويجوز أن تكون بمعنى السبب.
قوله تعالى (آيتين) قيل التقدير: ذوى آيتين، ودل على ذلك قوله: " آية الليل، وآية
النهار " وقيل لا حذف فيه، فالليل والنهار علامتان ولهما دلالة على شئ آخر، فلذلك
أضاف في موضع ووصف في موضع.
قوله تعالى (وكل شئ) منصوب بفعل محذوف لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل، ولولا
ذلك لكان الاولى رفعه. ومثله " وكل إنسان ".
قوله تعالى (ونخرج) يقرأ بضم النون، ويقرأ بياء مضمومة وبياء مفتوحة وراء مضمومة، و
(كتابا) حال على هذا: أى ونخرج طائره أو عمله مكتوبا، و (يلقاه) صفة للكتاب، و
(منشورا) حال من الضمير المنصوب، ويجوز أن يكون نعتا للكتاب.
قوله تعالى (اقرأ) أى يقال.
قوله تعالى (أمرنا) يقرأ بالقصر والتخفيف: أى أمرناهم بالطاعة، وقيل كثرنا نعمهم،
وهو في معنى القراءة بالمد، ويقرأ بالتشديد والقصر: أى وجعلناهم أمراء، وقيل هو
بمعنى الممدودة، لانه تارة يعدى بالهمزة وتارة بالتضعيف، واللازم منه أمر القوم: أى
كثروا، وأمرنا جواب إذا، وقيل الجملة نصب نعتا لقرية، والجواب محذوف.
قوله تعالى (وكم أهلكنا) " كم " هنا خبر في موضع نصب بأهلكنا (من القرون) وقد ذكر
نظيره في قوله " كم آتيناهم من آية ".
قوله تعالى (من كان) من مبتدأ، وهى شرط، و (عجلنا) جوابه (لمن نريد) هو بدل من له
بإعادة الجار (يصلاها) حال من جهنم أو من الهاء في له، و (مذموما) حال من الفاعل في
يصلى.
قوله تعالى (سعيها) يجوز أن يكون مفعولا به، لان المعنى عمل عملها. ولها من أجلها،
وأن يكون مصدرا.
[90]
قوله تعالى (كلا) هو منصوب (بنمد) والتقدير كل فريق، و (هؤلاء وهؤلاء) بدل من كل، و
(من) متعلقة بنمد.
والعطاء اسم للمعطى.
قوله تعالى (كيف) منصوب ب (فضلنا) على الحال أو على الظرف.
قوله تعالى (ألا تعبدوا) يجوز أن يكون " أن " بمعنى أى، وهى مفسرة لمعنى قضى،
ولانهى، ويجوز أن يكون في موضع نصب: أى ألزم ربك عبادته ولا زائدة، ويجوز أن يكون
قضى بمعنى أمر، ويكون التقدير: بأن لاتعبدوا.
قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا) قد ذكر في البقرة (إما يبلغن) إن شرطية، وما زائدة
للتوكيد، ويبلغن هو فعل الشرط والجزاء فلا تقل، ويقرأ " يبلغان " والالف فاعل و
(أحدهما أو كلاهما) بدل منه.
وقال أبوعلي: هو توكيد، ويجوز أن يكون أحدهما مرفوعا بفعل محذوف: أى إن بلغ أحدهما
أو كلاهما، وفائدته التوكيد أيضا، ويجوز أن تكون الالف حرفا للتثنية والفاعل أحدهما
(أف) اسم للفعل ومعناه التضجر والكراهة، والمعنى: لاتقل لهما كفا أو اتركا، وقيل هو
اسم للجملة الخبرية: أى كرهت أو ضجرت من مداراتكما، فمن كسر بناه على الاصل، ومن
فتح طلب التخفيف مثل رب، ومن ضم أتبع، ومن نون أراد التنكير، ومن لم ينون أراد
التعريف، ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفا.
قوله تعالى (جناح الذل) بالضم وهو ضد العز، وبالكسر وهو الانقياد ضد الصعوبة (من
الرحمة) أى من أجل رفقك بهما، فمن متعلقة باخفض، ويجوز أن تكون حالا من جناح (كما)
نعت لمصدر محذوف: أى رحمة مثل رحمتهما.
قوله تعالى (ابتغاء رحمة) مفعول له، أو مصدر في موضع الحال (ترجوها) يجوز أن يكون
وصفا للرحمة، وأن يكون حالا من الفاعل، ومن ربك يتعلق بترجوها ويجوز أن يكون صفة
لرحمة.
قوله تعالى (كل البسط) منصوبة على المصدر لانها مضافة إليه.
قوله تعالى (خطأ) يقرأ بكسر الخاء وسكون الطاء والهمز وهو مصدر خطئ مثل علم علما،
وبكسر الخاء وفتح الطاء من غير همز.
وفيه ثلاثة أوجه: أحدها مصدر مثل شبع شبعا، إلا أنه أبدل الهمزة ألفا في المصدر
وياء في الفعل لانكسار ماقبلها.
والثانى أن يكون ألقى حركة الهمزة على الطاء فانفتحت وحذف الهمزة.
والثالث أن يكون خفف الهمزة بأن قلبها ألفا على غير القياس فانفتحت الطاء، ويقرأ
كذلك إلا أنه بالهمز مثل عنب، ويقرأ بالفتح والهمز مثل نصب وهو كثير،
[91]
ويقرأ بالكسر والمد مثل قام قياما (الزنا) الاكثر القصر والمد لغة، وقد قرئ به،
وقيل هو مصدر زانى، مثل قاتل قتالا لانه يقع من اثنين.
قوله تعالى (فلا يسرف) الجمهور على التسكين لانه نهى، وقرئ بضم الفاء على الخبر
ومعناه النهى، ويقرأ بالياء والفاعل ضمير الولى، وبالتاء: أى لاتسرف أيها المقتص،
أو المبتدئ بالقتل.
أى لاتسرف بتعاطى القتل، وقيل التقدير يقال له لاتسرف (إنه) في الهاء ستة أوجه:
أحدها هى راجعة إلى الولى.
والثانى إلى المقتول.
والثالث إلى الدم.
والرابع إلى القتل.
والخامس إلى الحق.
والسادس إلى القاتل: أى إذا قتل سقط عنه عقاب القتل في الآخرة.
قوله تعالى (إن العهد كان مسئولا) فيه وجهان: أحدهما تقديره: إن ذا العهد: أى كان
مسئولا عن الوفاء بعده.
والثانى أن الضمير راجع إلى العهد، ونسب السؤال إليه مجازا كقوله تعالى " وإذا
الموءودة سئلت ".
قوله تعالى (بالقسطاس) يقرأ بضم القاف وكسرها وهما لغتان، و (تأويلا) بمعنى مآلا:
قوله تعالى (ولاتقف) الماضى منه قفا إذا تتبع، ويقرأ بضم القاف وإسكان الفاء مثل
تقم، وماضيه قاف يقوف إذا تتبع أيضا (كل) مبتدأ، و (أولئك) إشارة إلى السمع والبصر
والفؤاد، وأشير إليها بأولئك، وهى في الاكثر لمن يعقل لانه جمع ذا، وذا لمن يعقل
ولما لا يعقل، وجاء في الشعر: * بعد أولئك الايام * فكان وماعملت فيه الخبر واسم
كان يرجع إلى كل، والهاء في عنه ترجع إلى كل أيضا الضمير في مسئول لكل أيضا،
والمعنى: أى السمع يسأل عن نفسه على المجاز، ويجوز أن يكون الضمير في كان لصاحب هذه
الجوارح لدلالتها عليه.
وقال الزمخشرى يكون عنه في موضع رفع بمسئول كقوله " غير المغضوب عليهم " وهذا غلط
لان الجار والمجرور يقام مقام الفاعل إذا تقدم الفعل، أو ما يقوم مقامه، وأما
إذاتأخر فلا يصح ذلك فيه لان الاسم إذا تقدم على الفعل صار مبتدأ، وحرف الجر إذا
كان لازما لايكون مبتدأ، ونظيره قولك بزيد انطلق، ويدلك على ذلك أنك لو ثنيت لم تقل
بالزيدين انطلقا، ولكن تصحيح المسألة أن تجعل الضمير في مسئول للمصدر، فيكون عنه في
موضع نصب كما تقدر في قولك بزيد انطلق.
[92]
قوله تعالى (مرحا) بكسر الراء حال، وبفتحها مصدر في موضع الحال ومفعول له (تخرق)
بكسر الراء وضمها لغتان (طولا) مصدر في موضع الحال من الفاعل أو المفعول، ويجوز أن
يكون تمييزا ومفعولا له ومصدرا من معنى تبلغ.
قوله تعالى (سيئه) يقرأ بالتأنيث والنصب: أى كل ماذكر من المناهى، وذكر (مكروها)
على لفظ كل، أو لان التأنيث غير حقيقى، ويقرأ بالرفع والاضافة: أى سيئ ماذكر.
قوله تعالى (من الحكمة) يجوز أن يكون متعلقا بأوحى، وأن يكون حالا من العائد
المحذوف، وأن يكون بدلا من ما أوحى.
قوله تعالى (أصفاكم) الالف مبدلة من واو لانه من الصفوة (إناثا) مفعول أول لاتخذ،
والثانى محذوف: أى أولادا، ويجوز أن يكون اتخذ متعديا إلى واحد مثل " قالوا اتخذ
الله ولدا " ومن الملائكة يجوز أن يكون حالا وأن يتعلق باتخذ.
قوله تعالى (ولقد صرفنا) المفعول محذوف تقديره صرفنا المواعظ ونحوها.
قوله تعالى (كما يقولون) الكاف في موضع نصب: أى كونا كقولهم.
قوله تعالى (علوا) في موضع تعاليا، لانه مصدر قوله تعالى، ويجوز أن يقع مصدر موقع
آخر من معناه.
قوله تعالى (مستورا) أى محجوبا بحجاب آخر فوقه، وقيل هو مستور بمعنى ساتر.
قوله تعالى (أن يفقهوه) أى مخافة أن يفقهوه أو كراهة (نفورا) جمع نافر، ويجوز أن
يكون مصدرا كالعقود، فإن شئت جعلته حالا، وإن شئت جعلته مسدرا لولوا لانه بمعنى
نفروا.
قوله تعالى (يستمعون به) قيل الباء بمعنى اللام، وقيل هى على بابها: أى يستمعون
بقلوبهم أم بظاهر أسماعهم و (إذ) ظرف ليستمعون الاولى.
والنجوى مصدر: أى ذو نجوى، ويجوز أن يكون جمع نجى كقتيل وقتلى (إذ يقول) بدل من "
إذ " الاولى وقيل التقدير: اذكر إذ يقول. والتاء في الرفات أصل، والعامل في " إذ "
مادل عليه مبعوثون لا نفس مبعوثون، لان مابعد أن لا يعمل فيما قبلها، و (خلقا) حال
وهو بمعنى مخلوق، ويجوز أن يكون مصدرا: أى بعثنا بعثا جديدا.
[93]
قوله تعالى (قل الذى فطركم) أى يعيدكم الذى فطركم، وهو كناية عن الاحياء، وقد دل
عليه يعيدكم، و (يكون) في موضع نصب بعسى، واسمها مضمر فيها، ويجوز أن يكون في موضع
رفع بعسى ولا ضمير فيها.
قوله تعالى (يوم يدعوكم) هو ظرف ليكون، ولا يجوز أن يكون ظرفا لاسم كان، وإن كان
ضمير المصدر لان الضمير لا يعمل، ويجوز أن يكون ظرفا للبعث، وقدل دل عليه معنى
الكلام، ويجوز أن يكون التقدير اذكر يوم يدعوكم (بحمده) في موضع الحال: أى
فتستجيبون حامدين، ويجوز أن تتعلق الباء بيدعوكم (وتظنون) أى وأنتم تظنون فالجملة
حال.
قوله تعالى (يقولوا) قد ذكر في إبراهيم (ينزع) يقرأ بفتح الزاى وكسرها وهما لغتان.
قوله تعالى (زبورا) يقرأ بالفتح والضم، وقد ذكر في النساء وفيه وجهان: أحدهما أنه
علم، يقال زبور والزبور كما يقال عباس والعباس. والثانى هو نكرة: أى كتابا من جملة
الكتب.
قوله تعالى (أيهم) مبتدأ و (أقرب) خبره، وهو استفهام، والجملة في موضع نصب بيدعون،
ويجوز أن يكون أيهم بمعنى الذى، وهو بدل من الضمير في يدعون، والتقدير: الذى هو
أقرب، وفيها كلام طويل يذكر في مريم.
قوله تعالى (أن نرسل) أى من أن نرسل فهى في موضع نصب أو جر على الخلاف بين الخليل
وسيبويه، وقد ذكرت نظائره (أن كذب) في موضع رفع فاعل " منعنا " وفيه حذف مضاف
تقديره: إلا إهلاك التكذيب، وكانت عادة الله إهلاك من كذب بالآيات الظاهرة، ولم يرد
إهلاك مشركى قريش لعلمه بإيمان بعضهم وإيمان من يولد منهم (مبصرة) أى ذات إبصار: أى
يستبصر بها، وقيل مبصرة دالة كما يقال للدليل مرشد، ويقرأ بفتح الميم والصاد: أى
تبصرة (تخويفا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال.
قوله تعالى (وإذ قلنا) أى اذكر (والشجرة) معطوف على الرؤيا والتقدير: وماجعلنا
الشجرة إلا فتنة، وقرئ شاذا بالرفع، والخبر محذوف: أى فتنة، ويجوز أن يكون الخبر
(في القرآن).
قوله تعالى (طينا) هو حال من " من " أو من العائد المحذوف، فعلى الاول يكون العامل
فيه اسجد، وعلى الثانى خلقت، وقيل التقدير: من طين، فلما حذف الحرف نصب.
[94]
قوله تعالى (هذا) هو منصوب بأرأيت، و (الذى) نعت له، والمفعول الثانى محذوف تقديره:
تفضيله أو تكريمه، وقد ذكر الكلام في أرأيتك في الانعام.
قوله تعالى (جزاء) مصدر: أى تجزون جزاء، وقيل هو حال موطئة، وقيل هو تمييز (من
استطعت) " من " استفهام في موضع نصب باستطعت: أى من استطعت منهم استفزازه، ويجوز أن
تكون بمعنى الذى (ورجلك) يقرأ بسكون الجيم، وهم الرجالة، ويقرأ بكسرها وهو فعل من
رجل يرجل إذا صار راجلا، ويقرأ " ورجالك " أى بفرسانك ورجالك (ومايعدهم) رجوع من
الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (ربكم) مبتدأ، و (الذى) وصلته الخبر، وقيل هو صفة لقوله " الذى فطركم "
أو بدل منه، وذلك جائز وإن تباعد مابينهما.
قوله تعالى (إلا إياه) استثناء منقطع، وقيل هو متصل خارج على أصل الباب.
قوله تعالى (أن نخسف) يقرأ بالنون والياء، وكذلك نرسل ونعيدكم ونغرقكم (بكم) حال من
(جانب البر) أى نخسف جانب البر وأنتم، وقيل الباء متعلقة بنخسف: أى بسببكم.
قوله تعالى (به تبيعا) يجوز أن تتعلق الباء بتبيع وبتجدوا، وأن تكون حالا من تبيع.
قوله تعالى (يوم ندعوا) فيه أوجه:
أحدها هو ظرف لما دل عليه قوله (ولا يظلمون فتيلا) تقديره: لايظلمون يوم ندعو.
والثانى أنه ظرف لما دل عليه قوله متى هو.
والثالث هو ظرف لقوله فتستجيبون.
والرابع هو بدل من يدعوكم.
والخامس هو مفعول: أى اذكروا يوم ندعو، وقرأ الحسن بياء مضمومة وواو بعد العين ورفع
كل.
وفيه وجهان: أحدهما أنه أراد يدعى ففخم الالف فقلبها واوا. والثانى أنه أراد يدعون
وحذف النون، وكل بدل من الضمير (بإمامهم) فيه وجهان: أحدهما هو متعلق بندعو: أى
نقول يا أتباع موسى ويا أتباع محمد عليهما الصلاة والسلام: أو يا أهل الكتاب يا أهل
القرآن. والثانى هى حال تقديره: مختلطين بنبيهم أو مؤاخذين.
قوله تعالى (أعمى) الاولى بمعنى فاعل. وفي الثانية وجهان: أحدهما كذلك: أى من كان
في الدنيا عميا عن حجته فهو في الآخرة كذلك. والثانى هى أفعل التى
[95]
تقتضى من، ولذلك قال (وأضل) وأمال أبوعمرو الاولى دون الثانية لانه رأى أن الثانية
تقتضى من، فكأن الالف وسط الكلمة تمثل أعمالهم.
قوله تعالى (تركن) بفتح الكاف وماضيه بكسرها. وقال بعضهم: هى مفتوحة في الماضى
والمستقبل، وذلك من تداخل اللغتين إن من العرب من يقول: ركن يركن، ومنهم من يقول:
ركن يركن فيفتح الماضى ويضم المستقبل، فسمع من لغته فتح الماضى فتح المستقبل ممن هو
لغته، أو بالعكس فجمع بينهما، وإنما دعا قائل هذا إلى اعتقاده أنه لم يجئ منهم فعل
يفعل بفتح العين فيهما في غير حروف الحلق إلا أبى يأبى، وقد قرئ بضم الكاف.
قوله تعالى (لايلبثون) المشهور بفتح الياء والتخفيف؟؟ وإثبات النون على إلغاء إذن،
لان الواو العاطفة تصير الجملة مختلفة بما قبلها، فيكون إذن حشوا، ويقرأ بضم الياء
والتشديد على مالم يسم فاعله، وفى بعض المصاحف بغير نون على إعمال إذن، ولايكترث
بالواو فإنها قد تأتى مستأنفة (خلافك) وخلافك لغتان بمعنى، وقد قرئ بهما (إلا
قليلا) أى زمنا قليلا.
قوله تعالى (سنة من قد أرسلنا) هو منصوب على المصدر: أى سننا بك سنة من تقدم من
الانبياء صلوات الله عليهم، ويجوز أن تكون مفعولا به: أى اتبع سنة من قد أرسلنا،
كما قال تعالى " فبهداهم اقتده ".
قوله تعالى (إلى غسق الليل) حال من الصلاة: أى ممدودة، ويجوز أن تتعلق بأقم فهى
لانتهاء غاية الاقامة (وقرآن الفجر) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الصلاة: أى
وأقم صلاة الفجر.
والثانى هو على الاغراء: أى عليك قرآن الفجر أو الزم.
قوله تعالى (نافلة لك) فيه وجهان: أحدهما هو مصدر بمعنى تهجد: أى تنفل نفلا، وفاعله
هنا مصدر كالعافية.
والثانى هو حال: أى صلاة نافلة (مقاما) فيه وجهان: أحدهما هو حال تقديره: ذا مقام.
الثانى أن يكون مصدرا تقديره: أن يبعثك فتقوم.
قوله تعالى (من القرآن) من لبيان الجنس: أى كله هدى من الضلال، وقيل هى للتبعيض: أى
منه مايشفى من المرض. وأجاز الكسائى (ورحمة) بالنصب عطفا على " ما ".
[96]
قوله تعالى (ونأى) يقرأ بألف بعد الهمزة: أى بعد عن الطاعة، ويقرأ بهمزة بعد الالف.
وفيه وجهان: أحدهما هو مقلوب نأى. والثانى هو بمعنى نهض: أى ارتفع عن قبول الطاعة،
أو نهض المعصية والكبر.
قوله تعالى (أهدى سبيلا) يجوز أن يكون أفعل من هدى غيره، وأن يكون من اهتدى، على
حذف الزوائد، أو من هدى بمعنى اهتدى فيكون لازما.
قوله تعالى (من العلم) متعلق بأوتيتم، ولا يكون حالا من قليل، لان فيه تقديم
المعمول على " إلا ".
قوله تعالى (إلا رحمة) هو مفعول له، والتقدير: حفظناه عليك للرحمة، ويجوز أن يكون
مصدرا تقديره: لكن رحمناك رحمة.
قوله تعالى (لا يأتون) ليس بجواب الشرط، لكن جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة
في قوله " لئن اجتمعت " وقيل هو جواب الشرط، ولم يجزمه لان فعل الشرط ماض.
قوله تعالى (حتى تفجر) يقرأ بالتشديد على التكثير، وبفتح التاء وضم الجيم والتخفيف.
والياء في ينبوع زائدة لانه من نبع، فهو مثل يغبوب من غب.
قوله تعالى (كسفا) يقرأ بفتح السين، وهو جمع كسفة مثل قربة وقرب، وبسكونها.
وفيه وجهان: أحدهما هو مخفف من المفتوحة، أو مثل سدرة وسدر.
والثانى هو واحد على فعل بمعنى مفعول، وانتصابه على الحال من السماء، ولم يؤنثه لان
تأنيث السماء غيرحقيقى، أو لان السماء بمعنى السقف. والكاف في " كما " صفة لمصدر
محذوف: أى إسقاطا مثل مزعومك، و (قبيلا) حال من الملائكة، أو من الله والملائكة
(نقرؤه) صفة لكتاب أو حال من المجرور (قل) على الامر. وقال على الحكاية عنه.
قوله تعالى (أن يؤمنوا) مفعول منع، و (أن قالوا) فاعله.
قوله تعالى (يمشون) صفة للملائكة، و (مطمئنين) حال من ضمير الفاعل.
قوله تعالى (على وجوههم) حال (وعميا) حال أخرى، إما بدل من الاولى وإما حال من
الضمير في الجار (مأواهم جهنم) يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون حالا مقدرة (كلما
خبت) الجملة إلى آخر الآية حال من جهنم، والعامل فيها معنى المأوى، ويجوز أن تكون
مستأنفة.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ، و (جزاؤهم) خبره، و (بأنهم) يتعلق
[97]
بجزاء، وقيل ذلك خبر مبتدأ محذوف: أى الامر ذلك، وجزاؤهم مبتدأ، وبأنهم الخبر،
ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا أو بيانا، وبأنهم خبر ذلك.
قوله تعالى (لو أنتم) في موضع رفع بأنه فاعل لفعل محذوف وليس بمبتدأ، لان " لو "
تقتضى الفعل كما تقتضيه إن الشرطية، والتقدير: لو تملكون، فلما حذف الفعل صار
الضمير المتصل منفصلا، و (تملكون) الظاهرة تفسير للمحذوف (لامسكتم) مفعوله محذوف:
أى أمسكتم الاموال، وقيل هو لازم بمعنى بخلتم (خشية) مقول له أو مصدر في موضع
الحال.
قوله تعالى (بينات) صفة لآيات أو لتسع (إذ جاءهم) فيه وجهان: أحدهما هو مفعول به
باسأل على المعنى، لان المعنى: اذكر لبنى إسرائيل إذ جاءهم، وقيل التقدير: اذكر إذ
جاءهم، وهى غير ما قدرت به اسأل. والثانى هو ظرف، وفي العامل فيه أوجه: أحدها
آتينا. والثانى قلنا مضمرة أى فقلنا له سل. والثالث قل.
تقديره: قل لخصمك سل بنى، والمراد به فرعون: أى قل ياموسى، وكان الوجه أن يقول: أذ
جئتهم، فرجع من الخطاب إلى الغيبة.
قوله تعالى (لقد علمت) بالفتح على الخطاب أى علمت ذلك، ولكنك عاندت، وبالضم: أى أنا
غير شاك فيما جئت به (بصائر) حال من هؤلاء، وجاءت بعد إلا، وهى حال مما قبلها لما
ذكرنا في هود عند قوله " وما نراك اتبعك ".
قوله تعالى (لفيفا) حال بمعنى جميعا، وقيل هو مصدر كالنذير والنكير: أى مجتمعين.
قوله تعالى (وبالحق أنزلناه) أى وبسبب إقامة الحق، فتكون الباء متعلقة بأنزلنا،
ويجوز أن يكون حالا: أى أنزلناه ومعه الحق أو فيه الحق، ويجوز أن يكون حالا من
الفاعل، أى أنزلناه ومعنا الحق (وبالحق نزل) فيه الوجهان الاولان دون الثالث، لانه
ليس فيه ضمير لغير القرآن.
قوله تعالى (وقرآنا) أى وآتيناك قرآنا، دل على ذلك " ولقد آتينا موسى الكتاب " أو
أرسلناك، فعلى هذا (فرقناه) في موضع نصب على الوصف، ويجوز أن يكون التقدير: وفرقنا
قرآنا، وفرقناه تفسير لاموضع له، وفرقناه، أى في أزمنة، وبالتخفيف أى شرحناه (على
مكث) في موضع الحال: أى متمكثا، والمكث بالضم والفتح لغتان وقد قرئ بهما، وفيه لغة
أخرى كسر الميم.
[98]
قوله تعالى (للاذقان) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هى حال تقديره: ساجدين للاذقان.
والثانى هى متعلقة بيخرون، واللام على بابها: أى مذلون للاذقان.
والثالث هى بمعنى على، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من (يبكون) ويبكون حال وفاعل
(يزيدهم) القرآن أو المتلو أو البكاء أو السجود.
قوله تعالى (أياما) أيا منصوب ب (تدعوا) وتدعوا مجزوم بأيا، وهى شرط، فأما " ما "
فزائدة للتوكيد، وقيل هى شرطية كررت لما اختلف اللفظان.
قوله تعالى (من الذل) أى من أجل الذل.
[144]
قوله تعالى (فيه آيات بينات) يجوز أن تكون الجملة مستأنفة مضمرة لمعنى البركة
والهدى، ويجوز أن يكون موضعها حالا أخرى، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في قوله
للعالمين، والعامل فيه هدى، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في مباركا وهو العامل
فيها، ويجوز أن تكون صفة لهدى كما أن للعالمين كذلك، و (مقام إبراهيم) مبتدأ والخبر
محذوف: أى منها مقام إبراهيم (ومن دخله) معطوف عليه: أى ومنها أمن من دخله، وقيل هو
خبر تقديره: هى مقام، وقيل بدل، وعلى هذين الوجهين قد عبر عن الآيات بالمقام وبأمن
الداخل، وقيل " ومن دخله " مستأنف، ومن شرطية، و (حج البيت) مصدر يقرأ بالفتح
والكسر وهما لغتان، وقيل الكسر اسم للمصدر، وهو مبتدأ وخبره (على الناس) ولله يتعلق
بالاستقرار في على تقديره: استقر لله على الناس، ويجوز أن يكون الخبر لله وعلى
الناس متعلق به إما حالا وإما مفعولا، ولايجوز أن يكون لله حالا لان العامل في
الحال على هذا يكون معنى، والحال لايتقدم على العامل المعنوى، ويجوز أن يرتفع الحج
بالجار الاول أو الثانى والحج مصدر أضيف إلى المفعول (من استطاع) بدل من الناس بدل
بعض من كل، وقيل هو في موضع رفع تقديره: هم من استطاع والواجب عليه من استطاع،
والجملة بدل أيضا، وقيل هو مرفوع بالحج تقديره: ولله على الناس أن يحج البيت من
استطاع، فعلى هذا في الكلام حذف تقديره: من استطاع منهم ليكون في الجملة ضمير يرجع
على الاول، وقيل من مبتدأ شرط، والجواب محذوف تقديره: من استطاع فليحج، ودل على ذلك
قوله (ومن كفر) وجوابها.
قوله تعالى (لم تصدون) اللام متعلقة بالفعل، و (من) مفعوله، و (تبغونها) يجوز أن
يكون مستأنفا، وأن يكون حالا من الضمير في تصدون أو من السبيل، لان فيها ضميرين
راجعين إليهما، فلذلك صح أن تجعل حالا من كل واحد منهما، و (عوجا) حال.
قوله تعالى (بعد إيمانكم) يجوز أن يكون ظرفا ليردوكم، وأن يكون ظرفا ل (كافرين)
وهو في المعنى مثل قوله " كفروا بعد إيمانهم ".
[145]
قوله تعالى (ولاتفرقوا) الاصل تتفرقوا، فحذف التاء الثانية وقد ذكر وجهه في البقرة
ويقرأ بتشديد التاء: والوجه فيه أنه سكن التاء الاولى حين نزلها متصلة بالالف ثم
أدغم (نعمة الله) هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و (عليكم) يجوز أن يتعلق به كما تقول
أنعمت عليك، ويجوز أن يكون حالا من النعمة فيتعلق بمحذوف (إذ كنتم) يجوز أن يكون
ظرفا للنعمة، وأن يكون ظرفا للاستقرار في عليكم إذا جعلته حالا (فأصبحتم) يجوز أن
تكون الناقصة فعلى هذا يجوز أن يكون الخبر (بنعمته) فيكون المعنى فأصبحتم في نعمته،
أو متلبسين بنعمته: أو مشمولين، و (إخوانا) على هذا حال يعمل فيها أصبح أو مايتعلق
به الجار، ويجوز أن يكون إخوانا خبر أصبح، ويكون الجار حالا يعمل فيه أصبح، أو حالا
من إخوان لانه صفة له قدمت عليه، وأن يكون متعلقا بأصبح لان الناقصة تعمل في الجار،
ويجوز أن يتعلق بإخوانا لان التقدير: تآخيتم بنعمته، ويجوز أن تكون أصبح تامة،
ويكون الكلام في بنعمته إخوانا قريبا من الكلام في الناقصة، والاخوان جمع أخ من
الصداقة لا من النسب.
والشفا يكتب بالالف وهى من الواو تثنية شفوان، و (من النار) صفة لحفرة، ومن
للتبعبض، والضمير في (منها) للنار أو للحفرة (ولتكن منكم) يجوز أن تكون كان هنا
التامة فتكون (أمة) فاعلا، و (يدعون) صفته، ومنكم متعلقة بتكن أو بمحذوف على أن
تكون صفة لامة قدم عليها فصار حالا، ويجوز أن تكون الناقصة، وأمة اسمها، ويدعون
لخبر، ومنكم إما حال من أمة أو متعلق بكان الناقصة، ويجوز أن يكون يدعون صفة، ومنكم
الخبر.
قوله تعالى (جاءهم البينات) إنما حذف التاء لان تأنيث البينة غير حقيقى: ولانها
بمعنى الدليل.
قوله تعالى (يوم تبيض) هو ظرف لعظيم أو للاستقرار في لهم، وفى تبيض أربع لغات فتح
التاء وكسرها من غير ألف، وتبياض بالالف مع فتح التاء وكسرها وكذلك تسود (أكفرتم)
تقديره: فقال لهم أكفرتم، والمحذوف هو الخبر.
قوله تعالى (تلك آيات الله) قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى (كنتم خير أمة) قيل كنتم في علمى، وقيل هو بمعنى صرتم، وقيل كان زائدة،
والتقدير: أنتم خير، وهذا خطأ لان كان لاتزاد في أول الجملة ولاتعمل في خير
(تأمرون) خبر ثان، أو تفسير لخبر أو مستأنف (لكان خيرا لهم) أى لكان الايمان، لفظ
الفعل على إرادة المصدر (منهم المؤمنون) هو مستأنف.
[146]
قوله تعالى (إلا أذى) أذى مصدر من معنى يضروكم، لان الاذى والضرر متقاربان في
المعنى، فعلى هذا يكون الاستثناء متصلا، وقيل هو منقطع لان المعنى: لن يضروكم
بالهزيمة، لكن يؤذونكم بتصديكم لقتالهم (يولوكم الادبار) الادبار مفعول ثان،
والمعنى: يجعلون ظهورهم تليكم (ثم لاتنصرون) مستأنف، ولايجوز الجزم عند بعضهم عطفا
على جواب الشرط، لان جواب الشرط يقع عقيب المشروط، وثم للتراخى، فلذلك لم تصلح في
جواب الشرط، والمعطوف على الجواب كالجواب، وهذا خطأ لان الجزم في مثله قد جاء في
قوله " ثم لايكونوا أمثالكم " وإنما استؤنف هنا ليدل على أن الله لاينصرهم قاتلوا
أو لم يقاتلوا.
قوله تعالى (إلا بحبل) في موضع نصب على الحال تقديره: ضربت عليهم الذلة في كل حال
إلا في حال عقد العهد لهم، فالباء متعلقة بمحذوف تقديره إلا متمسكين بحبل.
قوله تعالى (ليسوا) الواو اسم ليس، وهى راجعة على المذكورين قبلها و (سواء) خبرها:
أى ليسوا مستوين، ثم استأنف فقال (من أهل الكتاب أمة قائمة) فأمة مبتدأ وقائمة نعت
له، والجار قبله خبره، ويجوز أن تكون أمة فاعل الجار، وقد وضع الظاهر هنا موضع
المضمر والاصل منهم أمة، وقيل أمة رفع بسواء، وهذا ضعيف في المعنى والاعراب، لانه
منقطع مما قبله، ولايصح أن تكون الجملة خبر ليس، وقيل أمة اسم ليس، والواو فيها حرف
يدل على الجمع كما قالوا: أكلونى البراغيث، وسواء الخبر، وهذا ضعيف إذ ليس الغرض
بيان تفاوت الامة القائمة التالية لآيات الله، بل الغرض أن من أهل الكتاب مؤمنا
وكافرا (يتلون) صفة أخرى لامة، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قائمة أو من الامة
لانها قد وصفت، والعامل على هذا الاستقرار، و (آناء الليل) ظرف ليتلون لا لقائمة،
لان قائمة قد وصفت فلا تعمل فيما بعد الصفة، وواحد الآناء إنى مثل معى، ومنهم من
يفتح الهمزة فيصير على وزن عصا، ومنهم من يقول إنى بالياء وكسر الهمزة، (وهم
يسجدون) حال من الضمير في يتلون أو في قائمة، ويجوز أن يكون مستأنفا، وكذلك
(يؤمنون. ويأمرون. وينهون) إن شئت جعلتها أحوالا، وإن شئت استأنفتها.
[147]
قوله تعالى، و (ما يفعلوا) يقرأ بالتاء على الخطاب، وبالياء حملا على الذى قبله.
قوله تعالى (كمثل الريح) فيه حذف مضاف تقديره: كمثل مهلك ريح: أى ما ينفقون هالك
كالذى تهلكه (فيها صر) مبتدأ وخبر في موضع صفة الريح، ويجوز أن ترفع صرا بالظرف
لانه قد اعتمد على ماقبله، و (أصابت) في موضع جر أيضا صفة لريح، ولايجوز أن تكون
صفة لصر لان الصر مذكر والضمير في أصابت مؤنث، وقيل ليس في الكلام حذف مضاف بل
تشبيه ما أنفقوا بمعنى الكلام، وذلك أن قوله " كمثل ريح " إلى قوله " فأهلكته "
متصل بعضه ببعض، فامتزجت المعانى فيه وفهم المعنى (ظلموا) صفة لقوم.
قوله تعالى (من دونكم) صفة لبطانة، قيل من زائدة لان المعنى بطانة دونكم في العمل
والايمان (لايألونكم) في موضع نعت لبطانة أو حال مما تعلقت به من، ويألوا يتعدى إلى
مفعول واحد، و (خبالا) على التمييز، ويجوز أن يكون انتصب لحذف صرف لجزء تقديره:
لايألونكم في تخبيلكم، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال (ودوا) مستأنف، ويجوز أن
يكون حالا من الضمير في يألونكم، وقد معه مرادة، ومامصدرية، أى عنتكم (قد بدت
البغضاء) حال أيضا، ويجوز أن يكون مستأنفا (من أفواههم) مفعول بدت، ومن لابتداء
الغاية، ويجوز أن يكون حالا: أى ظهرت خارجة من أفواههم.
قوله تعالى (ها أنتم أولاء تحبونهم) قد ذكر إعرابه في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون
أنفسكم " (بالكتاب كله) الكتاب هنا جنس: أى بالكتب كلها، وقيل هو واحد (عضوا عليكم)
عليكم مفعول عضوا، ويجوز أن يكون حالا أى حنقين عليكم (من الغيظ) متعلق بعضوا أيضا،
ومن لابتداء الغاية: أى من أجل الغيظ، ويجوز أن يكون حالا: أى مغتاظين (بغيظكم)
يجوز أن يكون مفعولا به كما تقول: مات بالسم: أى بسببه، ويجوز أن يكون حالا: أى
موتوا مغتاظين.
قوله تعالى (لايضركم) يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء على أنه جواب الشرط وهو من ضار
يضير ضيرا بمعنى ضر ويقال فيه ضاره يضوره بالواو، ويقرأ بضم الضاد وتشديد الراء
وضمها، وهو من ضر يضر، وفى رفعه ثلاثة أوجه: أحدها أنه فيه نية التقديم: أى لا
يضركم كيدهم شيئا إن تتقوا، وهو قول سيبويه.
والثانى أنه حذف الفاء، وهو قول المبرد، وعلى هذين القولين الضمة إعراب.
[148]
والثالث أنها ليست إعرابا بل لما اضطر إلى التحريك حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد،
وقيل حركها بحركتها الاعرابية المستحقة لها في الاصل، ويقرأ بفتح الراء على أنه
مجزوم حرك بالفتح لالتقاء الساكنين إذ كان أخف من الضم والكسر (شيئا) مصدر: أى
ضررا.
قوله تعالى (وإذ غدوت) أى واذكر (من أهلك) من لابتداء الغاية، والتقدير: من بين
أهلك، وموضعه نصب تقديره: فارقت أهلك، و (تبوئ) حال وهو يتعدى إلى مفعول بنفسه،
وإلى آخر تارة بنفسه وتارة بحرف الجر، فمن الاول هذه الآية، فالاول (المؤمنين)
والثانى (مقاعد) ومن الثانى " وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت " وقيل اللام فيه
زائدة (للقتال) يتعلق بتبوئ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لمقاعد، ولا
يجوز أن يتعلق بمقاعد لان المقعد هنا المكان، وذلك لا يعمل.
قوله تعالى (إذ همت) إذ ظرف لعليم، ويجوز أن يكون ظرفا لتبوئ وأن يكون لغدوت (أن
تفشلا) تقديره: بأن تفشلا، فموضعه نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف (وعلى) يتعلق
بيتوكل دخلت الفاء لمعنى الشرط، والمعنى: إن فشلوا فتوكلوا أنتم، وإن صعب الامر
فتوكلوا.
قوله تعالى (ببدر) ظرف، والباء بمعنى في، ويجوز أن يكون حالا، و (أذلة) جمع ذليل،
وإنما مجئ هذا البناء فرارا من تكرير اللام الذى يكون في ذللا.
قوله تعالى (إذ تقول) يجوز أن يكون التقدير: اذكر، ويجوز أن يكون بدلا من " إذ همت
" ويجوز أن يكون ظرفا لنصركم (ألن يكفيكم) همزة الاستفهام إذا دخلت على النفى نقلته
إلى الاثبات، ويبقى زمان الفعل على ما كان عليه، و (أن يمدكم) فاعل يكفيكم (بثلاثة
آلاف) الجمهور على كسر الفاء، وقد أسكنت في الشواذ على أنه أجرى الوصل مجرى الوقف
وهذه التاء إذا وقف عليها كانت بدلا من الهاء التى يوقف عليها، ومنهم من يقول إن
تاء التأنيث هى الموقوف عليها وهى لغة، وقرئ شاذا بهاء ساكنة، وهو إجراء الوصل مجرى
الوقف أيضا، وكلاهما ضعيف، لان المضاف والمضاف إليه كالشئ الواحد (مسومين) بكسر
الواو: أى مسومين خيلهم أو أنفسهم، وبفتحها على ما لم يسم فاعله.
[149]
قوله تعالى (إلا بشرى) مفعول ثان لجعل، ويجوز أن يكون مفعولا له، ويكون جعل
المتعدية إلى واحد، والهاء في جعله تعود على إمداد أو على التسويم أو على النصر أو
على التنزيل (ولتطمئن) معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له تقديره: ليبشركم
ولتطمئن، ويجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره: ولتطمئن قلوبكم بشركم.
قوله تعالى (ليقطع طرفا) اللام متعلقة بمحذوف تقديره: ليقطع طرفا أمدكم بالملائكة
أو نصركم (أو يكبتهم) قيل أو بمعنى الواو، وقيل هى للتفصيل أى كان القطع لبعضهم
والكبت لبعضهم، والتاء في يكبتهم أصل، وقيل هى بدل من الدال، وهو من كبدته أصبت
كبده (فتنقلبوا) معطوف على يقطع أو يكبتهم.
قوله تعالى (ليس لك) اسم ليس (شئ) ولك الخبر ومن الامر حال من شئ لانها صفة مقدمة
(أو يتوب، أو يعذبهم) معطوفان على يقطع، وقيل أو بمعنى إلا أن.
قوله تعالى (أضعافا) مصدر في موضع الحال من الربا تقديره مضاعفا.
قوله تعالى (وسارعوا) يقرأ بالواو وحذفها، فمن أثبتها عطفه على ماقبله من الاوامر،
ومن لم يثبتها استأنف، ويجوز إمالة الالف هنا لكسرة الراء (عرضها السموات) الجملة
في موضع جر، وفى الكلام حذف تقديره عرضها مثل عرض السموات (أعدت) يجوز أن يكون في
موضع جر صفة للجنة، وأن يكون حالا منها لانها قد وصفت، وأن يكون مستأنفا ولايجوز أن
يكون حالا من المضاف إليه لثلاثة أشياء: أحدها أنه لا عامل، وماجاء من ذلك متأول
على ضعفه.
والثانى أن العرض هنا لايراد به المصدر الحقيقى، بل يراد به المسافة.
والثالث أن ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر.
قوله تعالى (الذين ينفقون) يجوز أن يكون صفة للمتقين، وأن يكون نصبا على إضمار
أعنى، وأن يكون رفعا على إضمارهم، وأما (الكاظمين) فعلى الجر والنصب.
قوله تعالى (والذين إذا فعلوا) يجوز أن يكون معطوفا على الذين ينفقون في أوجهه
الثلاثة، ويجوز أن يكون مبتدأ، ويكون أولئك مبتدأ ثانيا، وجزاؤهم ثالثا، ومغفرة خبر
الثالث، والجميع خبر الذين، و (ذكروا) جواب إذا (ومن) مبتدأ، و (يغفر) خبره (إلا
الله) فاعل يغفر، أو بدل من المضمر فيه وهو
[150]
الوجه، لانك إذا جعلت الله فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير: أى ومن يغفر الذنوب له غير
الله (وهم يعلمون) في موضع الحال من الضمير في يصروا، أو من الضمير في استغفروا،
ومفعول يعلمون محذوف: أى يعلمون المؤاخذة بها أو عفوا الله عنها.
قوله تعالى (ونعم أجر) المخصوص بالمدح محذوف: أى ونعم الاجر الجنة.
قوله تعالى (من قبلكم سنن) يجوز أن يتعلق بخلت، وأن يكون حالا من سنن، ودخلت الفاء
في (سيروا) لان المعنى على الشرط: أى إن شككتم فسيروا (كيف) خبر (كان) و (عاقبة)
اسمها.
قوله تعالى (ولاتهنوا) الماضى وهن وحذفت الواو في المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة و
(الاعلون) واحدها أعلى، وحذفت منه الالف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها.
قوله تعالى (قرح) يقرأ بفتح القاف وسكون الراء، وهو مصدر قرحته إذا جرحته، ويقرأ
بضم القاف وسكون الراء، وهو بمعنى الجرح أيضا.
وقال الفراء: بالضم ألم الجراح، ويقرأ بضمها على الاتباع كاليسر واليسر، والطنب
والطنب، ويقرأ بفتحها، وهو مصدر قرح يقرح إذا صار له قرحة، وهو بمعنى دمى (وتلك)
مبتدأ، و (الايام) خبره، و (نداولها) جملة في موضع الحال، والعامل فيها معنى
الاشارة، ويجوز أن تكون الايام بدلا أو عطف بيان، ونداولها الخبر، ويقرأ يداولها
بالياء، والمعنى مفهوم، و (بين الناس) ظرف، ويجوز أن يكون حالا من الهاء (وليعلم)
اللام متعلقة بمحذوف تقديره: وليعلم الله دوالها، وقيل التقدير: ليتعظوا وليعلم
الله، وقيل الواو زائدة، و (منكم) يجوز أن يتعلق بيتخذ، ويجوز أن يكون حالا من
(شهداء). (وليمحص) معطوف على وليعلم.
قوله تعالى (أم حسبتم) أم هنا منقطعة: أى بل أحسبتم، و (أن تدخلوا) أن والفعل يسد
مسد المفعولين.
وقال الاخفش المفعول الثانى محذوف (ويعلم الصابرين) يقرأ بكسر الميم عطفا على
الاولى، وبضمها على تقدير: وهو يعلم، والاكثر في القراءة الفتح وفيه وجهان: أحدهما
أنه مجزوم أيضا لكن الميم لما حركت لالتقاء الساكنين حركت بالفتح إتباعا للفتحة
قبلها، والوجه الثانى أنه منصوب على إضمار أن، والواو هاهنا بمعنى الجمع كالتى في
قولهم: لاتأكل السمك وتشرب اللبن
[151]
والتقدير: أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين،
ويقرب عليك هذا المعنى أنك لو قدرت الواو بمع صح المعنى والاعراب.
قوله تعالى (من قبل أن تلقوه) الجمهور على الجر بمن وإضافته إلى الجملة، وقرئ بضم
اللام والتقدير: ولقد كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل، فأن تلقوه بدل من الموت
بدل الاشتمال والمراد لقاء أسباب الموت لانه قال (فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) وإذا
رأى الموت لم تبق بعده حياة. ويقرأ " تلاقوه " وهو من المفاعلة التى تكون بين اثنين
لان مالقيك فقد لقيته، ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت.
قوله تعالى (قد خلت من قبله الرسل) في موضع رفع صفة لرسول، ويجوز أن يكون حالا من
الضمير في رسول، وقرأ ابن عباس " رسل " نكرة، وهو قريب من معنى المعرفة، ومن متعلقة
بخلت، ويجوز أن يكون حالا من الرسل (أفإن مات) الهمزة عند سيبويه في موضعها، والفاء
تدل على تعلق الشرط بما قبله.
وقال يونس: الهمزة في مثل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط تقديره: أتنقلبون على
أعقابكم إن مات، لان الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط.
ومذهب سيبويه الحق لوجهين: احدهما أنك لو قد مت الجواب لم يكن للفاء وجه، إذ لايصح
أن تقول أتزورنى فإن زرتك، ومنه قوله " أفإن مت فهم الخالدون " والثانى أن الهمزة
لها صدر الكلام، وإن لها صدر الكلام وقد وقعا في موضعها، والمعنى يتم بدخول الهمزة
على جملة الشرط، والجواب لانهما كالشئ الواحد (على أعقابكم) حال: أى راجعين.
قوله تعالى (وماكان لنفس أن تموت) أى تموت اسم كان، و (إلا بإذن الله) الخبر واللام
للتبيين متعلقة بكان، وقيل هى متعلقة بمحذوف تقديره: الموت لنفس، وأن تموت تبيين
للمحذوف، ولايجوز أن تتعلق اللام بتموت لما فيه من تقديم الصلة على الموصول، قال
الزجاج التقدير: وما كان نفس لتموت، ثم قدمت اللام (كتابا) مصدر: أى كتب ذلك كتابا
(ومن يرد ثواب الدنيا) بالاظهار على الاصل وبالادغام لتقاربهما (نؤته منها) مثل "
يؤده إليك " (وسنجزى) بالنون والياء، والمعنى مفهوم.
قوله تعالى (وكأين) الاصل فيه أى التى هى بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه وصارا
في معنى كم التى للتكثير، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم كذا لمعنى
[152]
لم يكن لكل واحد منهما، وكما أن معنى لولا بعد التركيب لم يكن لهما قبله، وفيها
خمسة أوجه كلها قد قرئ به، فالمشهور " كأين " بهمزة بعدها ياء مشددة وهو الاصل.
والثانى " كائن " بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء، وفيه وجهان: أحدهما هو فاعل
من كان يكون حكى عن المبرد، وهو بعيد الصحة، لانه لو كان ذلك لكان معربا ولم يكن
فيه معنى التكثير.
والثانى أن أصله كأين، قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار كيئن، فوزنه الآن كعلف،
لانك قدمت العين واللام، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف كما قالوا
في أيها أيهما ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا كما أبدلت في آية وطائى، وقيل حذفت
الياء الساكنة وقدمت المتحركة فانقلبت ألفا، وقيل لم يحذف منه شئ ولكن قدمت
المتحركة وبقيت الاخرى ساكنة وحذفت بالتنوين مثل قاض.
والوجه الثالث " كأن " على وزن كعن، وفيه وجهان: أحدهما أنه حذف إحدى الياءين على
ما تقدم، ثم حذفت الاخرى لاجل التنوين. والثانى أنه حذف الياءين دفعة واحدة،
واحتمل ذلك لما امتزج الحرفان.
والوجه الرابع " كأى " بياء خفيفة بعد الهمزة، ووجهه أنه حذف الياء الثانية وسكن
الهمزة لاختلاط الكلمتين وجعلهما كالكلمة الواحدة كما سكنوا الهاء في لهو وفهو،
وحرك الياء لسكون ماقبلها.
والخامس " كيئن " بياء ساكنة قبل الهمزة، وهو الاصل في كائن، وقد ذكر، فأما التنوين
فأبقى في الكلمة على مايجب لها في الاصل، فمنهم من يحذفه في الوقف لانه تنوين،
ومنهم من يثبته فيه لان الحكم تغير بامتزاج الكلمتين، وأما أى فقال ابن جنى هى مصدر
أوى يأوى: إذا انضم واجتمع، وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون
فقلبت وأدغمت مثل جئ وشئ، وأما موضع كأين فرفع بالابتداء، ولا تكاد تستعمل إلا
وبعدها من.
وفى الخبر ثلاثة أوجه: أحدها (قتل) وفى قتل الضمير للنبى، وهو عائد على كأين لان
كأين في معنى نبى، والجيد أن يعود الضمير على لفظ كأين كما تقول: مائة نبى قتل،
والضمير للمائة إذ هى المبتدأ.
فإن قلت: لو كان كذلك لانثت فقلت قتلت، قيل هذا محمول على المعنى لان التقدير كثير
من الرجال قتل، فعلى هذا يكون (معه ربيون) في موضع الحال من الضمير في قتل.
والثانى أن يكون قتل في موضع جر صفة لنبى، ومعه ربيون الخبر كقولك: كم من رجل صالح
معه مال.
والوجه الثالث أن يكون الخبر محذوفا: أى في الدنيا أو صائر ونحو تلك، فعلى هذا يجوز
أن يكون قتل صفة لنبى، ومعه ربيون حال على
[153]
ماتقدم، ويجوز أن يكون قتل مسندا لربيين فلا ضمير فيه على هذا، والجملة صفة نبى،
ويجوز أن يكون خبرا فيصير في الخبر أربعة أوجه، ويجوز أن يكون صفة لنبى والخبر
محذوف على ماذكرنا، ويقرأ " قاتل " فعلى هذا يجوز أن يكون الفاعل مضمرا ومابعده
حال، وأن يكون الفاعل ربيون، ويقرأ " قتل "بالتشديد، فعلى هذا لا ضمير في الفعل
لاجل التكثير، والواحد لا تكثير فيه كذا ذكر ابن جنى، ولا يمتنع فيه أن يكون فيه
ضمير الاول لانه في معنى الجماعة، وربيون بكسر الراء منسوب إلى الربة وهى الجماعة،
ويجوز ضم الراء في الربة أيضا، وعليه قرئ ربيون بالضم، وقيل من كسر أتبع، والفتح هو
الاصل وهو منسوب إلى الرب، وقد قرئ به (فما وهنوا) الجمهور على فتح الهاء، وقرئ
بكسرها وهى لغة، والفتح أشهر، وقرئ بإسكانها على تخفيف المكسور و (استكانوا)
استفعلوا من الكون وهو الذل، وحكى عن الفراء أن أصلها استكنوا أشبعت الفتحة فنشأت
الالف وهذا خطأ لان الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها تقول: استكان يستكين
استكانة فهو مستكين ومستكان له، والاشباع لا يكون على هذا الحد.
قوله تعالى (وماكان قولهم) الجمهور على فتح اللام على أن اسم كان مابعد (إلا) وهو
أقوى من أن يجعل خبرا.
والاول اسم لوجهين: أحدها أن (أن قالوا) يشبه المضمر في أنه لايضمر فهو أعرف.
والثانى أن مابعد إلا مثبت، والمعنى: كان قولهم ربنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء،
ويقرأ برفع الاول على أنه اسم كان، ومابعد إلا الخبر (في أمرنا) يتعلق بالمصدر وهو
إسرافنا، ويجوز أن يكون حالا منه: أى إسرافا واقعا في أمرنا.
قوله تعالى (بل الله مولاكم) مبتدأ وخبر، وأجاز الفراء النصب وهى قراءة والتقدير:
بل أطيعوا الله.
قوله تعالى (الرعب) يقرأ بسكون العين وضمها وهما لغتان (بما أشركوا) الباء تتعلق
بنلقى، ولا يمنع ذلك لتعلق " في " به أيضا، لان في ظرف والباء بمعنى السبب فهما
مختلفان، ومامصدرية. والثانية نكرة موصوفة، أو بمعنى الذى وليست مصدرية (وبئس مثوى
الظالمين) أى النار، فالمخصوص بالذم محذوف، والمثوى مفعل من ثويت ولامه ياء.
قوله تعالى (صدقكم الله وعده) صدق يتعدى إلى مفعولين في مثل هذا النحو، وقد يتعدى
إلى الثانى بحرف الجر فيقال: صدقت زيدا في الحديث (إذ)
[154]
ظرف لصدق، ويجوز أن يكون ظرفا للوعد (حتى) يتعلق بفعل محذوف تقديره: دام ذلك إلى
وقت فشلكم.
والصحيح أنها لاتتعلق في مثل هذا بشئ، وأنها ليست حرف جر بل هى حرف تدخل على الجملة
بمعنى الغاية كما تدخل الفاء والواو على الجمل، وجواب (إذا) محذوف تقديره: بأن
أمركم ونحو ذلك ودل على المحذوف.
قوله تعالى (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم) معطوف على الفعل
المحذوف.
قوله تعالى (تصعدون) تقديره: اذكروا إذ، ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم أو تنازعتم أو
فشلتم (ولا تلوون) الجمهور على فتح التاء، وقد ذكرناه في قوله " يلوون ألسنتهم "
ويقرأ بضم التاء وماضيه ألوى وهى لغة، ويقرأ (على أحد) بضمتين وهو الجبل.
قوله تعالى (والرسول يدعوكم) جملة في موضع الحال (بغم) التقدير بعد غم، فعلى هذا
يكون في موضع نصب صفة لغم، وقيل المعنى: بسبب الغم، فيكون مفعولا به، وقيل التقدير:
بدل غم، فيكون صفة لغم أيضا (لكيلا تحزنوا) قيل " لا " زائدة، لان المعنى أنه غمهم
ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم، وقيل ليست زائدة، والمعنى على نفى الحزن عنهم
بالتوبة، وكى هاهنا هى العاملة بنفسها لاجل اللام قبلها.
قوله تعالى (أمنة) المشهور في القراءة فتح الميم وهو اسم للامن ويقرأ بسكونها وهو
مصدر مثل الامر، و (نعاسا) بدل، ويجوز أن يكون عطف بيان، ويجوز أن يكون نعاسا هو
المفعول وأمنه حال منه، والاصل أنزل عليكم نعاسا ذا أمنة، لان النعاس ليس هو الامن
بل هوالذى حصل الامن به، ويجوز أن يكون أمنة مفعولا (يغشى) يقرأ بالياء على أنه
النعاس، وبالتاء للامنة، وهو في موضع نصب صفة لما قبله، و (طائفة) مبتدأ، و (قد
أهمتهم) خبره (يظنون) حال من الضمير في أهمتهم، ويجوز أن يكون أهمتهم صفة، ويظنون
الخبر، والجملة حال، والعامل يغشى: وتسمى هذه الواو واو الحال، وقيل الواو بمعنى إذ
وليس بشئ، و (غير الحق) المفعول الاول: أى أمرا غير الحق، وبالله الثانى، و (ظن
الجاهلية) مصدر تقديره: ظنا مثل ظن الجاهلية (من شئ) من زائدة، وموضعه رفع
بالابتداء، وفى الخبر وجهان: أحدهما لنا، فمن الامر على هذا حال، إذ الاصل هل شئ من
الامر.
[155]
والثانى أن يكون من الامر هو الخبر ولنا تبيين وتتم الفائدة كقوله " ولم يكن له
كفوا أحد " (كله لله) يقرأ بالنصب على التوكيد أو البدل ولله الخبر، وبالرفع على
الابتداء ولله الخبر، والجملة خبر إن (يقولون) حال من الضمير في يخفون، و (شئ) اسم
كان والخبر لنا أو من الامر مثل " هل لنا " (لبرز الذين) بالفتح والتخفيف، ويقرأ
بالتشديد على مالم يسم فاعله: أى أخرجوا بأمر الله.
قوله تعالى (إذا ضربوا في الارض) يجوز أن تكون إذا هنا تحكى بها حالهم، فلا يراد
بها المستقبل لا محالة، فعلى هذا يجوز أن يعمل فيها قالوا وهو للماضى، ويجوز أن
يكون كفروا وقالوا ماضيين، ويراد بها المستقبل المحكى به الحال، فعلى هذا يكون
التقدير: يكفرون ويقولون لاخوانهم (أو كانوا غزى) الجمهور على تشديد الزاى وهو جمع
غاز، والقياس غزاة كقاض وقضاة، لكنه جاء على فعل حملا على الصحيح نحو شاهد وشهد
وصائم وصوم. ويقرأ بتخفيف الزاى وفيه وجهان: أحدهما أن أصله غزاة، فحذفت الهاء
تخفيفا لان التاء دليل الجمع، وقد حصل ذلك من نفس الصفة.
والثانى أنه أراد قراءة الجماعة، فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف (ليجعل الله)
اللام تتعلق بمحذوف: أى ندمهم أو أوقع في قلوبهم ذلك ليجعله حسرة، وجعل هنا بمعنى
صير، وقيل اللام هنا لام العاقبة: أى صار أمرهم إلى ذلك كقوله " فالتقطه آل فرعون
ليكون لهم عدوا ".
قوله تعالى (أو متم) الجمهور على ضم الميم وهو الاصل، لان الفعل منه يموت، ويقرأ
بالكسر وهو لغة، يقال مات يمات مثل خاف يخاف، فكما تقول خفت تقول مت (لمغفرة)
مبتدأ، و (من الله) صفته (ورحمة) معطوف عليه، والتقدير: ورحمة لهم، و (خير) الخبر،
ومابمعنى الذى، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف، ويجوزأن تكون مصدرية ويكون المفعول
محذوفا: أى من جمعهم المال.
قوله تعالى (لالى الله) اللام جواب قسم محذوف، ولدخولها على حرف الجر جاز أن يأتى
(يحشرون) غير مؤكد بالنون، والاصل لتحشرون إلى الله.
قوله تعالى (فبما رحمة) ما زائدة، وقال الاخفش وغيره: يجوز أن تكون نكرة بمعنى شئ،
ورحمة بدل منه، والباء تتعلق بلنت (وشاورهم في الامر) الامر هنا جنس، وهو عام يراد
به الخاص، لانه لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض،
[156]
ولذلك قرأ ابن عباس " في بعض الامر " (فإذا عزمت) الجمهور على فتح الزاى: أى إذا
تخيرت أمرا بالمشاورة وعزمت على فعله (فتوكل على الله) ويقرأ بضم التاء: أى إذا
أمرتك بفعل شئ فتوكل على فوضع الظاهر موضع المضمر.
قوله تعالى (فمن ذا الذى) هو مثل " من ذا الذى يقرض " وقد ذكر (من بعده) أى من بعد
خذلانه فحذف المضاف، ويجوز أن تكون الهاء ضمير الخذلان: أى بعد الخذلان.
قوله تعالى (أن يغل) يقرأ بفتح الياء وضم الغين على نسبة الفعل إلى النبى: أى ذلك
غير جائز عليه، ويدل على ذلك قوله (يأت بما غل) ومفعول يغل محذوف: أى يغل الغنيمة
أو المال، ويقرأ بضم الياء وفتح الغين على مالم يسم فاعله، وفى المعنى ثلاثة أوجه:
أحدها أن يكون ماضيه أغللته: أى نسبته إلى الغلول، كما تقول: أكذبته إذا نسبته إلى
الكذب: أى لا يقال عنه إنه يغل: أى يخون.
الثانى هو من أغللته إذا وجدته غالا كقولك: أحمدت الرجل إذا أصبته محمودا.
والثالث معناه أن يغله غيره: أى ماكان لنبى أن يخان (ومن يغلل) مستأنفة، ويجوز أن
تكون حالا ويكون التقدير: في حال علم الغال بعقوبة الغلول. هو تعالى (أفمن اتبع) من
بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء، و (كمن) الخبر، ولا يكون شرطا لان كمن لا يصلح
أن يكون جوابا، و (بسخط) حال.
قوله تعالى (هم درجات) مبتدأ وخبر، والتقدير: ذو درجات فحذف المضاف، و (عند الله)
ظرف لمعنى درجات كأنه قال هم متفاضلون عند الله، ويجوز أن يكون صفة لدرجات.
قوله تعالى (من أنفسهم) في موضع نصب صفة لرسول، ويجوز أن يتعلق ببعث، ومافى هذه
الآية قد ذكر مثله في قوله " وابعث فيهم رسولا منهم ".
قوله تعالى (قد أصبتهم مثليها) في موضع رفع صفة لمصيبة.
قوله تعالى (وما أصابكم) ما بمعنى الذى وهو مبتدأ، والخبر (فبإذن الله) أى واقع
بإذن الله (وليعلم) اللام متعلقة بمحذوف: أى وليعلم الله أصابكم هذا، ويجوز أن يكون
معطوفا على معنى فبإذن الله تقديره: فبإذن الله ولان يعلم الله (تعالوا قاتلوا)
إنما لم يأت بحرف العطف لانه أراد أن يجعل كل واحدة من الجملتين مقصودة بنفسها،
ويجوز أن يقال: إن المقصود هو الامر بالقتال، وتعالوا ذكر
[157]
مالو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه، وقيل الامر الثانى حال (هم للكفر) اللام في
قوله للكفر و (للايمان) متعلقة بأقرب، وجاز أن يعمل أقرب فيهما لانهما يشبهان
الظرف، وكما عمل أطيب في قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا في الظرفين المقدرين لان
أفعل يدل على معنيين على أصل الفعل وزيادته فيعمل في كل واحد منهما بمعنى غير
الآخر، فتقديره: تزيد قربهم إلى الكفر على قربهم على الايمان، واللام هنا على
بابها، وقيل هى بمعنى إلى (يقولون) مستأنف، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقرب:
أى قربوا إلى الكفر قائلين.
قوله تعالى (الذين قاتلوا) يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار أعنى، أو صفة للذين
نافقوا أو بدلا منه، وفى موضع جر بدلا من المجرور في أفواههم أو قلوبهم، ويجوز أن
يكون مبتدأ والخبر " قل فادرءوا " والتقدير: قل لهم (وقعدوا) ويجوز أن يكون معطوفا
على الصلة معترضا بين قالوا ومعمولها وهو (لو أطاعونا) وأن يكون حالا، وقد مرادة.
قوله تعالى (بل أحياء) أى بل هم أحياء، ويقرأ بالنصب عطفا على أمواتا كما تقول:
ظننت زيدا قائما بل قاعدا، وقيل أضمر الفعل تقديره: بل أحسبوهم أحياء، وحذف ذلك
لتقدم مايدل عليه، و (عند ربهم) صفة لاحياء، ويجوز أن يكون ظرفا لاحياء لان المعنى
يحيون عند الله، ويجوز أن يكون ظرفا ل (يرزقون) ويرزقون صفة لاحياء، ويجوز أن يكون
حالا من الضمير في أحياء: أى يحيون مرزوقين، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف
إذا جعلته صفة.
قوله تعالى (فرحين) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يرزقون، ويجوز أن يكون صفة
لاحياء إذا نصب، ويجوز أن ينتصب على المدح، ويجوز أن يكون من الضمير في أحياء أو من
الضمير في الظرف (من فضله) حال من العائد المحذوف في الظرف تقديره: بما آتاهموه
كائنا من فضله (ويستبشرون) معطوف على فرحين، لان اسم الفاعل هنا يشبه الفعل
المضارع، ويجوز أن يكون التقدير: وهم يستبشرون فتكون الجملة حالا من الضمير في
فرحين، أو من ضمير المفعول في آتاهم (من خلفهم) متعلق بيلحقوا، ويجوز أن يكون حالا
تقديره: متخلفين عنهم (ألا خوف عليهم) أى بأن لاخوف عليهم، فأن مصدرية، وموضع
الجملة بدل من الذين بدل الاشتمال: أى ويستبشرون بسلامة الذين لم يلحقوا بهم، ويجوز
أن يكون التقدير: لانهم لاخوف عليهم فيكون مفعولا من أجله.
[158]
قوله تعالى (يستبشرون) هو مستأنف مكرر التوكيد (وأن الله) بالفتح عطفا على بنعمة من
الله: أى وبأن الله، وبالكسر على الاستئناف.
قوله تعالى (الذين استجابوا) في موضع جر صفة للمؤمنين أو نصب على إضمار أعنى، أو
رفع على إضمارهم، أو مبتدأ وخبره (للذين أحسنوا منهم واتقوا) ومنهم حال من الضمير
في أحسنوا، و (الذين قال لهم الناس) بدل من الذين استجابوا أوصفة.
قوله تعالى (فزادهم إيمانا) الفاعل مضمر تقديره: زادهم القول (حسبنا الله) مبتدأ
وخبر، وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل تقديره: فحسبنا الله: أى كافينا، يقال: أحسبنى
الشئ أى كفانى.
قوله تعالى (بنعمة من الله) في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا به (لم يمسسهم)
حال أيضا من الضمير في انقلبوا، ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة، وصاحب الحال
الضمير في الحال تقديره: فانقلبوا منعمين بريئين من سوء (واتبعوا) معطوف على
انقلبوا، ويجوز أن يكون حالا: أى وقد اتبعوا.
قوله تعالى (ذلكم) مبتدأ، والشيطان) خبره، و (يخوف) يجوز أن يكون حالا من الشيطان،
والعامل الاشارة، ويجوز أن يكون الشيطان بدلا أو عطف بيان، ويخوف الخبر، والتقدير:
يخوفكم بأوليائه، وقرئ في الشذوذ " يخوفكم أولياؤه " وقيل لا حذف فيه، والمعنى يخوف
من يتبعه، فأما من توكل على الله فلا يخافه (فلا تخافوهم) إنما جمع الضمير لان
الشيطان جنس، ويجوز أن يكون الضمير للاولياء.
قوله تعالى (لايحزنك) الجمهور على فتح الياء وضم الزاى والماضى حزنه، ويقرأ بضم
الياء وكسر الزاى والماضى أحزن وهى لغة قليلة، وقيل حزن حدث له الحزن، وحزنته أحدثت
له الحزن، وأحزنته عرضته للحزن (يسارعون) يقرأ بالامالة والتفخيم، ويقرأ يسرعون
بغير ألف من أسرع (شيئا) في موضع المصدر أى ضررا.
قوله تعالى (ولايحسبن الذين كفروا) يقرأ بالياء، وفاعله الذين كفروا، وأما
المفعولان فالقائم مقامهما قوله (إنما نملى لهم خير لانفسهم) فإن وما عملت فيه تسد
مسد المفعولين عند سيبويه، وعند الاخفش المفعول الثانى محذوف
[159]
تقديره: نافعا أو نحو ذلك، وفى " ما " وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى، والثانى
مصدرية، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملى،
واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة أو قدر الفعل يليها، وكلاهما ممتنع وقد قرئ
شاذا بالنصب على أن يكون لانفسهم خبر إن، ولهم تبيين أو حال من خير، وقد قرئ في
الشاذ بكسر إن وهو جواب قسم محذوف، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين، وقرأ حمزة "
تحسبن " بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم الذين كفروا المفعول الاول،
وفي المفعول الثانى وجهان: أحدهما الجملة من أن وما عملت فيه، والثانى أن المفعول
الاول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه، والتقدير: ولا تحسبن إملاء الذين كفروا، وقوله
" أنما نملى لهم " بدل من المضاف المحذوف، والجملة سدت مسد المفعولين، والتقدير:
ولا تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لانفسهم، ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا
من الذين كفروا بدل الاشتمال، والجملة سدت مسد المفعولين (أنما نملى لهم ليزدادوا)
مستأنف وقيل أنما نملى لهم تكرير للاول، وليزدادوا هو المفعول الثانى لتحسب على
قراءة التاء، والتقدير: ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا
بل ليزدادوا إثما، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك.
قوله تعالى (ماكان الله ليذر) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا لان يذر، ولا
يجوز أن يكون الخبر ليذر لان الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير: ماكان الله
ليترك المؤمنين على ماأنتم عليه، وخبر كان هو اسمها في المعنى، وليس الترك هو الله
تعالى، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف لان مابعدها قد انتصب،
فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا، وأصل
يذر يوذر، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع لانها في معناها، وليس لحذف الواو في يذر
علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ماهو في تقديره الكسرة، بخلاف يدع فإن الاصل
يودع، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ماهو في تقدير الكسرة، إذ الاصل يودع مثل
يوعد، وإنما فتحت الدال من يدع، لان لامه حرف حلقى فيفتح له ماقبله، ومثله يسع ويطأ
ويقع ونحو ذلك، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك (يميز) يقرأ بسكون الياء
وماضيه ماز، وبتشديدها وماضيه ميز، وهما بمعنى واحد، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل
فرح وفرحته، لان ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد.
[160]
قوله تعالى (ولا يحسبن) يقرأ بالياء على الغيبة، و (الذين يبخلون) الفاعل، وفى
المفعول الاول وجهان: أحدهما (هو) وهو ضمير البخل الذى دل عليه يبخلون. والثانى هو
محذوف تقديره البخل، وهو على هذا فصل، ويقرأ " تحسبن " بالتاء على الخطاب،
والتقدير: ولا حسبن يا محمد بخل الذين يبخلون، فحذف المضاف وهو ضعيف لان فيه إضمار
البخل قبل ذكر مايدل عليه، وهو على هذا فصل أو توكيد، والاصل في (ميراث) موراث
فقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها والميراث مصدر كالميعاد.
قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير) العامل في موضع إن وما
عملت فيه، قالوا وهى المحكية به، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف لانه مصدر، وهذا
يخرج على قول الكوفيين في إعمال الاول وهو أصل ضعيف، ويزداد هنا ضعفا لان الثانى
فعل والاول مصدر، وإعمال الفعل أقوى (سنكتب ما قالوا) يقرأ بالنون، وما قالوا منصوب
به (وقتلهم) معطوف عليه، وما مصدرية أو بمعنى الذى، ويقرأ بالياء وتسمية الفاعل،
ويقرأ بالياء على مالم يسم فاعله، وقتلهم بالرفع وهو ظاهر (ونقول) بالنون والياء.
قوله تعالى (ذلك) مبتدأ (بما) خبره، والتقدير: مستحق بما قدمت و (ظلام) فعال من
الظلم.
فإن قيل: بناء فعال للتكثير، ولايلزم من نفى الظلم الكثير نفى الظلم القليل، فلو
قال بظالم لكان أدل على نفى الظلم قليله وكثيره.
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه: أحدها أن فعالا قد جاء لا يراد به الكثرة كقول طرفة:
ولست بحلال التلاع مخافة * ولكن متى يسترفد القوم أرفد
لا يريد هاهنا أنه قد يحل التلاع قليلا، لان ذلك يدفعه قوله: متى يسترفد القوم
أرفد، وهذا يدل على نفى البخل في كل حال، ولان تمام المدح لا يحصل بإرادته الكثرة.
والثانى أن ظلام هنا للكثرة لانه مقابل للعباد وفى العباد كثرة، وإذا قوبل بهم
الظلم كان كثيرا.
والثالث أنه إذا نفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة، لان الذى يظلم إنما
يظلم لانتفاعه بالظلم، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه
النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك، وفيه وجه رابع، وهو أن يكون على النسب:
أى لا ينسب إلى الظلم فيكون من بزاز وعطار.
[161]
قوله تعالى (الذين قالوا) هو في موضع جر بدلا من قوله " الذين قالوا " ويجوز أن
يكون نصبا بإضمار أعنى ورفعا على إضمارهم (ألا نؤمن) يجوز أن يكون في موضع جر على
تقدير: بأن لانؤمن، لان معنى عهد وصى، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حرف
الجر وإفضاء الفعل إليه، ويجوز أن ينتصب بنفسى عهد، لانك تقول: عهدت إليه عهدا، لا
على أنه مصدر لانه معناه ألزمته، ويجوز أن تكتب أن مفصولة وموصولة، ومنهم من يحذفها
في الخط اكتفاء بالتشديد (حتى يأتينا بقربان) في حذف مضاف تقديره: بتقريب قربان: أى
يشرع لنا ذلك.
قوله تعالى (والزبر) يقرأ بغير باء اكتفاء بحرف العطف، وبالباء على إعادة الجار،
والزبر جمع زبور مثل رسول ورسل (والكتاب) جنس.
قوله تعالى (كل نفس) مبتدأ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لنا فيه من العموم و (ذائقة
الموت) الخبر وأنث على معنى كل