الباب الثامن
مصطلحات قرآ نية لمراحل وأطوار التخلق البشري
 
 
كيث . ل . مور
جامعة تورنتو – تورنتو - كندا
عبد المجيد الزنداني
مصطفى أحمد
   بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
مقدمة
لقد جرت المحاولات الأولى لترتيب تطور الجنين البشري في مراحل ، عند نهاية القرن التاسع عشر ، وتواصلت الجهود حتى بداية القرن العشرين .
والصعوبة الأساسية التي واجهت العلماء هي انتقال الجنين في سلسلة من التغيرات المتداخلة والمتواصلة أثناء نموه .
وفي عام ( 1332هـ – 1914م ) ربت مول ( MOOL ) (266) جنيناً بشرياً في سلسلة من المراحل .
وبعد ثمانية وعشرين عاماً ( 1359هـ- 1942م) رتب ستريتر ( STREETER ) الجنين البشري في (23) مرحلة ، وأطلق عليها ( آفاق التطور ) وظلت ترتيبات ستريتر تستعمل على نطاق عالمي ، حتى سنة ( 1393هـ – 1973م) حينما قدم أورايلي (OREILLY) نظاماً أكثر تفصيلاً : لتصنيف الجنين البشري ، وخاصة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من تكوينه[81] .
وقد حظيت مراحل كراتيجي هذه بموافقة عالمية ، وهي مبنية على الأحداث المختلفة للتطور ، وعلى معايير المظهر الخارجي .. ويقدم هذا النظام معلومات مفصلة لعلماء الأجنة الذين يعنون بتفاصيل التخلق البشري انظر شكل (8-1).
وقد وضع العلماء في بداية محاولاتهم حرفاً أبجدياً لوصف كل مرحلة من المراحل ، ثم غيرت الحروف إلى الأرقام إلا أن هذه الحروف والأرقام لم تحمل مفهوماً وصفياً مميزاً لمرحلة عن أخرى .
وحتى وقت قريب لم يكن معروفاً أن القرآن الكريم والسنة المطهرة يتضمنان مصطلحات دقيقة تتعلق بمراحل التخلق البشري إلا عند المسلمين .
ولم تكن هذه المصطلحات مفهومة بوضوح حتى وقت قريب ، لأنها تشير إلى تفاصيل في عملية التخلق ، لم تكن معروفة في الماضي .
إن المنهج القرآني لتقسيم مراحل تخلق الأجنة يدعو إلى الدهشة حقاً .
ويعود تاريخه كما هو معلوم إلى القرن السابع الميلادي .
ومع أن أرسطوطاليس ( مؤسس علم الأجنة ) أدرك من دراسته لبيض الدجاج ، في القرن الرابع قبل الميلاد ، أن أجنة صغار الدجاج ، تتخلق على مراحل ، إلا أنه لم يعط أية تفاصيل عن هذه المراحل .
ووفقاً لما نعرفه عن تاريخ علم الأجنة ، لم يعرف إلى النزر اليسير عن تقسيم الأجنة البشرية ومراحلها ، حتى السنوات المائة الأخيرة كما أشير إليه سابقاً .
القواعد الخاصة بالمصطلحات العلمية :
يحرص العلماء عند وضع أسس المصطلحات في علم الأجنة على أن يكون المصطلح الذي يطلق على طور ما واصفاً لما يبدوا عليه الجنين فعلاً ، ويجب أن يكون هناك اتفاق تام بين التسمية وبين طبيعة التطور والأحداث التي يمر بها الجنين في هذه المرحلة ، ولكي نتجنب الالتباس بين مرحلة وأخرى فإن كل مصطلح ينبغي أن يصف مرحلة لها بداية واضحة ونهاية واضحة كذلك ، وبقدر الإمكان يجب أن نتفادى أي تداخل بين المراحل .

أسس وضع المصطلحات العلمية لعلم الأجنة
1) أن تكون واصفة للمظهر .
2) أن تعكس العمليات التي تحدث في كل طور.
3) أن تتحاشى الالتباس في البداية والنهاية .

الشكل 8-1 : جدول التخلق البشري قبل الولادة 1-10 أسابيع.
( تتمة ) الشكل 8-1 : جدول التخلق البشري قبل الولادة
من الأسبوع الأول إلى الأسبوع العاشر
الشكل : 8-1 : يبدأ التخلق عند الإخصاب بعد حوالي 14 يوماً من بداية آخر دورة ، ويظهر في الشكل كل من : مرحلة النطفة التي تشتمل على انغلاق الزيجوت في أنبوب الرحم وانغراس الخلية الجرثومية ، ومرحلة الخلق التي تشتمل على بداية تخلق الجنين حتى الأسبوع الثامن . ويظهر التخلق في مرحلة النشأة أو المرحلة الجنينية في الأسبوعين 9و10 بإذن من :
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders .
ونظراً للتعقيد الشديد في مراحل تكون الجنين الإنساني ، ودخوله في عمليات تغير مستمرة خلال فترة نموه ، فإنه من المفيد أن نقدم نظاماً جديداً لوصف مراحل الجنين ، باستعمال المصطلحات الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية .
وذلك لأن النظام المقترح مبني على وصف تغيرات الهيئة والشكل وكذا التغييرات الداخلية بالإضافة إلى وضوحه وشموله ، كما يتمشى مع التطور الحديث لعلم الأجنة .
والجدير بالذكر أن القرآن الكريم هو أول مصدر يذكر الأطوار المتميزة للجنين قال تعالى : ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ﴾ سورة الزمر آية : 6.
كما أعطى القرآن الكريم تسمية خاصة لكل مرحلة من مراحل الخلق قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ(12)ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(14)﴾سورة المؤمنون آية : 12-14.
ومن خلال دراسة هذه المصطلحات يتجلى لنا أنها تستوفي كل الشروط الضرورة اللازمة للتسميات المثالية . إذ يبرز فيها التطابق والوضوح بالنسبة لكل مرحلة من مراحل تطور الجنين .
ولهذا السبب لا يمكن أن يعزي تفسير وصف الجنين البشري الوارد في القرآن الكريم إلى المعرفة العلمية السائدة في القرن السابع الميلادي ، والاستنتاج الوحيد المعقول في هذا المجال : هو أن الله سبحانه أوحى بذلك إلى رسوله y النبي الأمي الذي لم يمارس في حياته نشاطاً علمياً قط في هذا المجال أو غيره .
المصطلحات القرآنية للأطوار الجنينية :
أولاً : المراحل الأساسية : يقرر القرآن الكريم تنقل الجنين في رحم أمه في ثلاث مراحل أساسية متمايزة يفصل بين كل مرحلة منها والمرحلة الأخرى فترة زمنية يدل عليها حرف عطف خاص (ثم) وهو يدل على التراخي الزمني بين الأطوار . قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ(12)ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(14)﴾سورة المؤمنون آية : 12-14[82].
فالمرحلة الأولى في الرحم هي : النطفة ، والنطفة في اللغة هي القطرة أو القليل من الماء.
والمرحلة الثانية : مرحلة التخليق : التي تتتابع فيها أشكال خلق الجنين : علقة . فمضغة . فعظام . فكساء العظام باللحم .
ويأتي الفاصل الزمني بـ (ثم) فيدل ذلك على أن هذه الأطوار المتلاحقة تجتمع في مرحلة أساسية واحدة يمكن أن نطلق عليها مرحلة التخليق .
والمرحلة الثالثة : التي تأتي بعد (ثم) الأخيرة هي مرحلة النشأة خلقاً آخر .
ثانياً : الأطوار الفرعية :
1) أطوار النطفة .
أ) طور الماء الدافق : ويصف هذا الطور السوائل التي تخرج متدفقة حاملة للحيوانات المنوية من الذكر أو البييضة من الأنثى انظر شكل (8-2) ، (8-3) .
شكل (8-2) : المني أو ماء الذكر مكبراً (450) مرة كل حيون له رأس بيضوي بارز قليلاً وجسم قصير وذيل متحرك الذي يؤمن القدرة على الحركة التي تساعد على نقل الحيون إلى مكان الإخصاب .
بإذن من : (Nilsson er al, A Child is Born, New York, Delacorte Press 1982 ) .
 شكل (8-3) : بييضة مع طبقتها من الخلايا التجريبية أو ماء المرأة مكبرة (100) مرة . يتم سحب البييضة داخل سدائل قناة البيض بواسطة ملايين الأهداب الصغيرة تدفعها إلى داخل القناة .
بإذن من : (Nilsson er al, A Child is Born, New York, Delacorte Press 1982 ) .
ب) طور السلالة :
السلالة في اللغة العربية هي الشيء القليل المستخلص ، وتأتي كذلك بمعنى السمكة الطويلة[83] ويشير القرآن الكريم إلى هذا الطور في وصف ماء الرجل . فيقول تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ(8)﴾[84] .
والحوين المنوي هو خلاصة مأخوذة من ملايين الحوينات من ماء الرجل ويأخذ شكل السمكة الطويلة أيضاً ، وهذه هي الخطوة الثانية بعد الدفق .
انظر شكل (8-4) ، (8-5).
ج) طور النطفة الأمشاج :
النطفة معناها : القطرة .
والأمشاج : أي الأخلاط .
وهذا المصطلح يصف مرحلة اللقاء بين إفرازات كل من الرجل والمرأة في قناة الإخصاب[85] لتكوين الزيجوب
(البييضة المخصبة) ، وتكون في الشكل مثل القطرة من السائل ، وتتكون من أخلاط مائي الرجل والمرأة ، وهذا وصف معبر عن المظهر والتركيب انظر شكل (8-6).
ويمكن تقسيم طور النطفة الأمشاج إلى :
1)  طور الخلق : فقبل دخول الحوين المنوي إلى البييضة لا تجد خلية بشرية كاملة ، وباتحادهما يتقرر خلق الإنسان الجديد بوجود خلية إنسانية كاملة تحوي (46) حاملاً وراثياً يمكنها التكاثر بالانقسام لتكوين الإنسان .
ويبدأ طور الوجود الإنساني باختلاط الحوين المنوي مع البييضة . وهذا طور متميز عما قبله حي كان الإنسان نصفين منفصلين انظر شكل (8-7).
 الشكل (8-4) : صورة بالمجهر الاكتروني لعدد من المنويات يتكون كل منها من رأس وذيل طويل . والرأس هو أساساً نواة الخلية الجرثومية التي تضم الصفات الوراثية التي تنتقل من الرجل إلى اللاقحة (الزيجوت) خلال عملية التلقيح . أما الذيل فهو الذي يدفع المنوي إلى مكان التلقيح.
(From Page E.w. Villee, C.A., and Villee D.B Human Reproduction . Essentials of Reproductive and Perinatal Medicine, 3rd ed . Philadelphia, W.B Saunders Co., 1981 . Courtesy of J.E Flechon and E.S.E. Hafez)
 الشكل (8-5) : خلية حوين منوي تشق طريقها إلى الرحم وهي تعوم بمساعدة تقلصات الرحم مسافة (15-18) سم ويستغرق وصولها إلى مكان الإخصاب حوالي ست ساعات .
بإذن من : (Nilsson er al, A Child is Born, New York, Delacorte Press 1982 ) .
 شكل (8-6) : بييضة محاطة بالحوينات المنوية التي تندفع بنشاط نحوها . وعندما يفلح أحدها في إحداث الإخصاب يكون قد اختير وتبدأ بذلك مرحلة السلالة من النطفة .
بإذن من : (Nilsson er al, A Child is Born, New York, Delacorte Press 1982 ) .
 شكل (8-7) : رسم تخطيطي يبين الإخصاب أو النطفة ، تسلسل الأحداث التي تبدأ عندما يصل الحوين المنوي غشاء البلازما الثانوي لخلية البييضة وتنتهي باختلاط صبغيات الأب والأم في الطور المتوسط من الانقسام الفتيلي للاقحة ( الزيجوت ).
    i)          خلية بييضة ثانوية ماطة بعدد من الحوينات المنوية .
   ii)   اختفاء الإكليل الشعاع ، ودخول حوين منوي إلى خلية البييضة ، وحدوث الانقسام الانتصافي الثاني مما ينتج عنه تكون رحم بالغ.
      iii)        تضخم رأس الحوين المنوي لتكوين طليعة النواة المذكرة .
      iv)        اندماج طلائع النواة المذكرة .
       v)         صبغيات الزيجوت مرتبة على مغزل انتصافي إعداداً للانغلاق (الفتيلي الأولى ) بإذن من :
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
2) طور التقدير :يبدأ خلق الإنسان باتحاد الحوين المنوي مع البييضة كما بينا . ولكن ما هي صفات الجنين الذي خلق ؟
وماذا سيرث عن أبيه أو أمه أو أسلافه ؟ ذلك يحدث في طور تال لطور الخلق ، ويأتي بعده مباشرة بعدة ساعات .
وهذه المرحلة هي مرحلة التقدير كما ذكرت في القرآن الكريم .
أو مرحلة البرمجة الجينية كما يتحدث عنها علماء الأجنة اليوم .
وهي التي تتقرر بها الصفات التي ستسود في المخلوق الجديد ، والصفات الوراثية التي ستتنحى فلا تظهر على الجنين وقد تظهر في بعض أحفاده .
انظر شكل (8-8).
وقد أشار القرآن الكريم إلى هاتين المرحلتين المتعاقبتين في النطفة فقال تعالى: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ(17)مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ(18)مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ(19)﴾ سورة عبس الآيات 17-19.
فالخلق أولاً ، والتقدير ثانياً ، وتستغرق العمليتان أقل من (30) ساعة .
د – طور الحرث[86].
بعد تمام مرحلتي الخلق والتقدير من طور النطفة الأمشاج تتحرك النطفة من قناة الإخصاب (فالوب) إلى الرحم لتنغرس فيه كما تنغرس البذرة في التربة في عملية الحرث انظر شكل (8-9).
ويعتبر طور الحرث المتميز عما قبله وما بعده المرحلة الأخيرة في مرحلة النطفة ، لأنها بعد ذلك تتعلق بالرحم وتستمد منه غذاءها وتخرج بشكلها وتركيبها عن كونها نطفة ، ويخبرنا القرآن الكريم عن الحرث في قوله تعالى : ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ سورة البقرة الآية 223.
وانظر بحث النطفة .
شكل (8-8) خلية بشرية تم تسطيحها برفق للتمكن من رؤية الكروموزومات وبعد معالجتها بالضوء فوق البنفسجي يظهر كل كروموزوم نمطاً مميزاً .
إن الكروموزومات الواردة في هذا الشكل مأخوذة من ذكر ويظهر الكروموزوم y الصغير بذارعه القصيرة وهو يطلق ضوءاً قوياً جداً (انظر السهم ).
بإذن من : (Nilsson er al, A Child is Born, New York, Delacorte Press 1982 ) .
 سم يوضح انغراس الخلية الجرثومية في بطانة الرحم خلال مرحلة الحرث ويبلغ حجم ناتج ا لحمل حوالي 1مم .
   i)    مقطع من خلية جرثومية منغرسة جزئياً في بطانة الرحم عند بطانة الرحم عند اليوم الثامن تقريباً ، ويكون التجويف الأمنيوني على شكل شق .
   ii)   صورة مكبرة لخلية جرثومية أكبر قليلاً بعد إزالتها من بطانة الرحم ويظهر فيها كل من الأرومة الغازية السخدية عند القطب الجنيني والتجويف الأمنيوني أكبر حجماً .
  iii)   مقطع من خلية جرثومية عمرها تسعة أيام ومنغرسة في بطانة الرحم ، وقد ظهرت فراغات زو جربات في الأرومة الغازية السخدية سرعان ما تتصل بأوعية بطانة الرحم . وعرف هذا النوع من الانغراس الذي تنطمر الخلية الجرثومية فيه انطماراً في بطانة الرحم بالانغراس الخلالي . بإذن من : Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
2) أطوار مرحلة التخليق :
في هذه المرحلة يتم تخصص الخلايا لتكوين الأجهزة والأعضاء التي لم تكن موجودة من قبل ، وتبدأ هذه المرحلة من بداية الأسبوع الثالث ، ويمر الحميل في هذه المرحلة بعدد من الأطوار الفرعية المتمايزة وهي :
أ) طور العلقة :
يبدأ هذا الطور في اليوم الخامس عشر وينتهي في اليوم الثالث والعشرين أو الرابع والعشرين ويتكامل في شكل علقة بالتدريج ، والعلقة في اللغة العربية تأتي للمعاني الآتية :
1)     دودة صغيرة تعيش في البرك وتمتص دماء كائنات أخرى .
2)     شيء متعلق في غيره .
وهذان المعنيان يتحققان في شكل الجنين الإنساني الذي يبدو في شكل يشبه العلقة (الدودة) التي تعيش في الماء تماماً انظر شكل (8-10).
ويتعلق في جدار الرحم بحبل السرة انظر شكل (8-11).
وهذان المعنيان للفظ : علقة ؛ يصفان المظهر الخارجي لطور الجنين وصفاً دقيقاً ومعبراً.
3)     ويأتي لفظ علقة بمعنى الدم المتخثر أو المتجمد .
وهذا المعنى للفظ علقة يصف أبرز تركيب داخلي يؤثر على المظهر الخارجي : ففي مرحلة العلقة تتكون الدماء في داخل الأوعية الدموية في شكل جزر مغلقة ، تجعل الدم جامداً غير متحرك في الأوعية الدموية معطياً إياها مظهر الدم المتجمد انظر شكل (8-12).وقد جاء ذكر هذا الطور في القرآن الكريم بعد ذكر مرحلة النطفة فقال تعالى : ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ﴾ سورة المؤمنون : آية 14.
الشكل (8-10) : رسمان يوضحان أوجه التشابيه بين العلقة ( الدودة ) والجنين البشري.
I)       رسم لدودة .
II)  رسم يظهر منظراً جانبياً لجنين في اليومين 24 و 25 من مرحلة العلقة خلال عملية تكون الثنيات يبين مقدم المخ وموقع القلب بإذن من :One-     Permission from Hickman, C.P. et al, Integrated Principles of Zoology, 6 th ed . St. Louis , The C.V . Mosby Co., 1979.
Two-    Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
  
الشكل (8-11) : الجنين في مرحلة العلقة يكون معلقاً في تجويف المشيمة بواسطة ساق ، ويكون محاطاً بسائل مخاطي وبكيس المخ . فالجنين يكون هنا معلقاً ومحاطاً بالسائل بما يتفق مع المعاني الواردة لكلمة علقة في النص .
        i)          مقطع سهمي للجنين في اليوم 16 تقريباً .
       ii)         مقطع لزغابة مشيمة ثانوية .
      iii)        مقطع لجنين مغرس في اليوم 21 تقريباً .
  iv)   مقطع لزغابة مشيمية ثلاثية . ويكون دم الجنين في الأوعية الشعرية منفصلاً عن دم الأم الذي يحيط بالزغب ، وبالغشاء المشيمي الذي يتكون من بطانة الأوعية الشعرية والطبقة المتوسطة ، والجذعة الاغتذائية الخلوية . بإذن من :
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
الشكل (8-12) : رسم بياني للجهاز القلبي الوعائي البدائي في الجنين خلال مرحلة العلقة (حوالي اليوم 20) ويكون الجنين في هذه المرحلة معتمداً في غذائه على دم الأم . ويتضح لنا سبب وصف العلقة بالدم المتخثر نظراً لكميات الدم الكبيرة في الجنين والمشيمة . بإذن من : Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
ب) طور المضغة :
يتحول الحميل من صورة العلقة إلى بداية صورة المضغة ابتداء من اليوم الرابع والعشرين إلى السادس والعشرين ، وهي فترة وجيزة إذا قورنت بفترة تحول النطفة إلى علقة .
وكلمة مضغة معناها :
1)     المادة التي لاكتها الأسنان ومضغتها[87] .
2)     قدر ما يمضغ[88] .
3)     مضغ الأمور : أي صغارها[89] .
ويأخذ هذا الطور شكل المادة الممضوغة : التي يتغير شكلها باستمرار ، وتبقى علامات طبع الأسنان في كل الأشكال المتغيرة ، وهكذا تتغير أشكال الجنين في هذا الطور ، وتبقى الكتل البدنية في الجنين ظاهرة معطية شكل طبع الأسنان في جميع الأشكال انظر شكل (8-13) ، (8-15) ، (8-16).
ويدور الجنين ويتقلب في جوف الرحم كما تدور القطعة الممضوغة في جوف الفم . وإذا نظرنا إلى المعنى الثاني والثالث للفظ مضغة نجده ينطبق على الجنين إذ أنه يكون في أصغر حجم يمكن أن يمضغ وتلوكه الأسنان ، فطوله في هذا الطور حوالي (1) سم انظر شكل (8-17) .
ويبدو الجنين في طور العلقة أملس السطح لكنه في طور المضغة كثير الانتفاخات والانحناءات والأخاديد التي تعطي بمجموعها شكل المضغة انظر شكل (8-18).
والتسمية تدل على حدوث أشياء في النمو كانت سبب التغير في الشكل الخارجي ولقد أشار القرآن الكريم إلى أن سبب ذلك يرجع إلى بدء التخلق في :
الشكل (8-13) : صورتان للجنين في المرحلة العاشرة من التخلق ( اليومان 22-23) .
I)       يظهر الجنين في الصورة مستقيماً .
II)  ويظهر هنا بانحناءة بسيطة ، يكون الجزء العصبي في الشكل (أ) غائراً ومفتوحاً بكامل امتداده . ويمثل حوالي نصف الامتداد الطولي لهذا الحز الجزء الذي يتكون منه الدماغ فيما بعد . وفي الشكل (ب) يظهر الأنبوب العصبي الذي تكون مقابل الفلقات ويكون منفرجاً عند الثقبين في الرأس وفي الكفل.
( Courtesy of Professor Hideo Nishimurea, Kyoto University, Kyoto, Japan)
  
الشكل 8–14 صورة للجنين في نهاية مرحلة العلقة ( العمر 23 إلى 25 يوماً ) ، ويمكن بسهولة تمييز 13 زوجاً من الفلقات . ويكون الجنين مستقيماً نسبياً ويشبه العلقة في مظهره . بإذن من :
( Courtesy of Professor Hideo Nishimurea, Kyoto University, Kyoto, Japan)
 الشكل 8-15 : صورة لجنين بشري طوله 3و1 ملم له 13 فلقة وذلك خلال المرحلة 11 من التخلق ( اليومان 24-25) . يفتح الجنين داخل كيس السلبي . ويرتبط بالمشيمة بواسطة ساق موصلة . لاحظ الخمل المشيمي البادي ( بإذن من الاستاذ بليشميت . جامعة غوتنغهام – ألمانيا ) .
( Courtesy of Prof. E. Blechschmidt, Univ. of Gottingen, Gottingen, West Germany)
الشكل 8-16 : أ – صورة جنين في كيس السلى خلال المرحلة 12 من التخلق ( اليومان 26-27) وتم الكشف عن الجنين بفتح الكيس ( صورة مكبرة خمس مرات ) ب) صورة مكبرة للجنين الذي لا يزيد طوله على 3.5 مسلم ( من قمة رأسه إلى كفله )(مكبرة 18مرة). أما برعم الطرف العلوي فلا يظهر في الصورة بالرغم من وجوده ( الشكل 5-8د).
( Courtesy of Professor Hideo Nishimurea, Kyoto University, Kyoto, Japan)
  
شكل 8-17 : رسومات للجنين خلال الأسبوع الرابع (أ) (ب) (ج) : مناظر جانبية للجنين تظهر 16،27،33 فقرة على التوالي (أ) الجنين في اليوم الأخيرة من مرحلة العلقة . (ب) ، (ج) الجنين في بداية مرحلة المضغة بإذن :
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
 شكل 8-18 : صورة لجنين عمره 28 يوماً خلال مرحلة المضغة . ويمتاز الجنين بانحنائه على شكل يماثل أنحناء مادة تم لوكها بقوة . ويمكن بسهولة تمييز بروز القلب . ويعتبر الذيل المنحنى باتجاه البطن وبما يحمله من الفلقات من الملامح المميزة لهذه المرحلة . بإذن من :
( Courtesy of Professor Hideo Nishimurea, Kyoto University, Kyoto, Japan)
أجهزة الجسم فقال تعالى : ﴿ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ سورة الحج : آية 22.
ولقد أصبح هذا معلوماً لنا في دراساتنا الحديثة عن علم الأجنة .
ويقدم لنا المصطلح القرآني ( مضغة ) طوراً جديداً متميزاً يصف الشكل الخارجي للجنين وأهم الأحداث الداخلية .
ج) طور العظام : يبقى الجنين محافظاً على شكل المضغة : الذي لا ترى فيه ملامح الصورة الآدمية : حتى نهاية الأسبوع السادس . ومع بداية الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي الغضروفي في الانتشار في الجسم كله ، فيأخذ الجنين شكل الهيكل العظمي . وتكون العظام هي أبرز تكوين في هذا الطور انظر شكل (8-19) . ويتم الانتقال من شكل المضغة إلى بداية شكل الهيكل العظمي في فترة زمنية وجيزة . ويتميز هذا الطور بظهور الهيكل العظيم الذي يعطي الجنين مظهره الآدمي انظر شكل (8-20) .
ومصطلح العظام الذي أطلقه القرآن الكريم على هذا الطور هو المصطلح الذي يعبر عن هذه المرحلة من حياة الحميل تعبيراً دقيقاً يشمل المظهر الخارجي ، وأهم تغيير في البناء الداخلي ، وما يصاحبه من علاقات جديدة بين أجزاء الجسم ، واستواء في مظهر الحميل ويتميز بوضوح عن طور المضغة الذي قبله قال تعالى:﴿ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا ﴾سورة المؤمنون آية : 14.
 
د- طور الكساء باللحم :
يتميز هذا الطور بانتشار العضلات حول العظام وإحاطتها بها كما يحيط الكساء يلابسه ، وبتمام كساء العظام باللحم تبدأ الصورة الآدمية بالاعتدال ، فترتبط أجزاء الجسم بعلاقات أكثر تناسقاً ، وبعد تمام تكوين العضلات يمكن للجنين أن يبدأ بالتحرك .
وبذلك يظهر أثر كساء العظام باللحم في هذا الطور على الشكل الخارجي للحميل ويعبر عن أهم الأحداث في تكوين الجنين ، ويدل على مرحلة متميزة عما قبلها في المظهر والتكوين الداخلي .
  الشكل 8-19 : الجنين في بداية الأسبوع السابع (اليوم 40-42) تكون الذراعات مقوستان وتحيطان ببروز القلب وتظهر إشعاعات أصابع القدمين . ويبلغ حجمه من الإكليل إلى الكفل 20ملم .
(1) الذراع (2) الأذن (3) المرفق (4) العين (5) مقدمة المخ (6) بروز القلب (7) مؤخرة المخ (8) بروز الكبد (9) منتصف المخ (10) تفتق وسط المعي (11) الفم (12) صفحة اليد المثلمة (13) الحبل السري . بإذن من :
(England, color Atlas of Life Before Birth, Chicago, Year Book Medical Publishers inc. 1983).
 الشكل 8-20 : مقاطع أو أجزاء جنينية ينشأ منها الجهاز العضلي خلال مرحلة اللحم (51) يوماً .
( Permission from : Patten, 1968 )
وتبدأ مرحلة كساء العظاء باللحم في نهاية الأسبوع السابع ، وتستمر طوال الأسبوع الثامن، وتأتي عقب طور العظام ، كما بين ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ﴾[90] .
ويعتبر طور الكساء باللحم الذي ينتهي بنهاية الأسبوع الثامن نهاية أطوار مرحلة التخلق ، كما اصطلح علماء الأجنة على اعتبار نهاية الأسبوع الثامن نهاية لمرحلة الحميل (EMBRYO) ثم تأتي بعد هذه المرحلة مرحلة الجنين ( FETUS) كما يقررها علماء الأجنة اليوم ، والتي توافق مرحلة النشأة ، كما جاء في المصطلح القرآني قال تعالى : ﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(14)﴾[91] .

3) مرحلة النشأة خلقاً آخر :
النشأة مصدر مشتق من الفعل نشأة ، وهذا الفعل يأتي بالمعنيين الآتيين :
I)       الارتفاع بالشيء[92] .
II)     ربا وشب ونما[93] وهو يشتمل على الخطوات التالية :
ويبدأ هذا الطور في حياة الجنين بعد مرحلة الكساء باللحم ، أي من الأسبوع التاسع ، ويستغرق فترة زمنية يدل عليها استعمال حرف العطف (ثم) الذي يدل على فترة زمنية ممتدة بين الكساء باللحم والنشأة خلقاً آخر ، قال تعالى :﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ﴾ .
وفي خلال هذه المرحلة تتم عدة عمليات هامة في نمو الجنين ، ويمكن أن يندرج بجلاء تحت الوصفين الذين تضمنهما النص القرآني في قوله تعالى : ﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ﴾ ويمكن بيانهما فيما يلي :
أ) النشأة :
يتضح هذا الوصف بجلاء في هذه المرحلة حيث يسرع معدل النمو من الأسبوع التاسع إذا ما قورن بما قبله من المراحل .
 
ب) خلقاً آخر :
هذا الوصف يسير جنباً إلى جنب مع الوصف الأول ، ويدل على أن نفس الحميل قد تحول في مرحلة النشأة إلى خلق آخر . انظر شكل (8-21).
·   ففي الفترة ما بين الأسبوعين التاسع والثاني عشر تبدأ أحجام كل من الرأس والجسم والأطراف في التوازن والاعتدال . انظر شكل (8-22).
·         وفي الأسبوع الثاني عشر يتحدد جنس الجنين بصفة نهائية ، وذلك بظهور الأعضاء التناسلية الخارجية (8-23).
·   في الأسبوع الثاني عشر أيضاً يتطور بناء الهيكل العظمي من العظام الغضروفية اللينة إلى العظام الكلسية الصلبة ، كما تتمايز الأطراف ، ويمكن رؤية الأظافر على الأصابع . انظر شكل (8-24).
·         يظهر الشعر على الجلد في هذا الطور .
·         يزداد وزن الجنين بصورة ملحوظة .
·         تتطور العضلات الإرادية وغير الإرادية .
·         تبدأ الحركات الإرادية في هذا الطور .
·         تصبح الأعضاء والأجهزة مهيأة للقيام بوظائفها .
·   وفي هذه المرحلة يتم نفخ الروح ؛ طبقاً لما دلت عليه نصوص القرآ، الكريم والسنة المطهرة ويمكن التعرف على نفخ الروح ؛ بمشاهدة ظاهرة النوم واليقظة في الجنين ؛ التي تدل نصوص قرآنية ونبوية عديدة على ارتباطها بالروح .
·   وهكذا نرى دقة المصطلح القرآني( النشأة خلقاً آخر )في التعبير عن المظهر الخارجي للجنين ،وأهم الأحداث الداخلية التي تقع في هذه المرحلة والتي تبدأ بالأسبوع التاسع،وتمتد إلى أن يدخل الجنين مرحلة القابلية للحياة خارج الرحم .
الشكل (8-21) : تنتهي الفترة الجنينية في نهاية الأسبوع الثامن . وتظهر في نهاية هذه الفترة بدايات كل الهياكل الأساسية ، وتتصف مرحلة النشأة بالنمو السريع للبنية وتطورها ، وتتباطأ عملية النمو والتطور بين الأسبوع التاسع والثاني عشر حتى تبدأ مرحلة النشأة بصورة كاملة في الأسبوع الثاني عشر ، ثم تستمر عملية النمو والتطور بعدها بسرعة ، ويمكن تمييز جنس الجنين في الأسبوع الثاني عشر .
( Permission from Moore, K.L . The Developing Human , 4th ed., Philadelphia, W.B. Saunders Co. 1988 ).
  
الشكل (8-22: رسم توضيحي يبين حجم أجزاء الجسم المتغيرة من الجسم خلال مرحلة النشأة حيث يساوي محيط الرأس في الأسبوع 36 محيط البطن تقريباً ، وقد يزداد محيط البطن فيما بعد ، والمصطلح الذي يستخدمه القرى، الكريم لوصف عملية حجم أ جزاء الجسم هو ( التعديل ) .
( Permission from Moore, K.L . The Developing Human , 4th ed., Philadelphia, W.B. Saunders Co. 1988 ).
الشكل (8-23) : (أ) الأعضاء التناسلية الخارجية للذكر خلال الأسبوع الثاني عشر :
(1) فتحة الشرج (3) ميسم ظهاري (6) الذكر (7) البرز العجاني (8) بروز صفتي (9)الصفن ( الخصيتان ) .
(ب) الأعضاء التناسلية للأنثى خلال الأسبوع الثاني عشر :
(1) فتحة الشرج (2) الإليتان (3) البظر (4) انتفاخ صفتي شفري (5) الساق .
يمكن التمييز هنا بسهولة بين الذكر والأنثى .
(England, color Atlas of Life Before Birth, Chicago, Year Book Medical Publishers inc. 1983).
 
الشكل (8-24) : الجنين في الأسبوع 12 بعد استخدام عصارة البزارين لتنقية صورة الهيكل العظمي المتخلق لاحظ درجة تقدم نمو العظام من المراكز الأولية الذي يكون داخ الغضروف في العظام الزائدة والعظام المحورية ، باستثناء الترائق ومعظم عظام الجمجمة التي يمكن تمييزها في الشكل . أما عظم مؤخرة الرأس الظاهر في الصورة فقد تكون أصلاً من العظام الغضروفية التي تتحول إلى عظام كلسية .
( Courtesy of Dr. Gary Geddes )

طور القابلية للحياة
تبدأ تهيئة الجنين للحياة خارج الرحم في الأسبوع الثاني والعشرين ، وتنتهي في الأسبوع السادس والعشرين عندما يصبح الجهاز التنفسي مؤهلاً للقيام بوظائفه ، ويصبح الجهاز العصبي مؤهلاً لضبط حرارة جسم الجنين .
والأسابيع الستة وةالعشرون تعادل تقريباً ستة أشهر قمرية ، وقد قرر القرآن الكريم أن مرحلتي الحمل والحضانة تستغرق ثلاثين شهراً فقال تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾[94] وبين أيضاً بأن مدة الحضانة تستغرق عامين في قوله تعالى :﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾[95] .
وبذلك تكون مدة الحميل اللازمة لصبح قابلاً للحياة هي ستة أشهر قمرية[96] .
وقبل الأسبوع الثاني والعشرين الذي يبدأ منه هذا الطور يخرج الجنين سقطاً في معظم الأجنة .
طور الحضانة الرحمية* :
حين يكتمل خلق الإنسان ، ويتهيأ للحياة بعد الشهر السادس يدخل الجنين فترة حضانة تتم في الرحم انظر شكل(8-25) ،فلا تنشأ أجهزة أو أعضاء جديدة فكلها قد وجدت وأصبحت مؤهلة للعمل . ويقوم الرحم بتوفير الغذاء والبيئة الملائمة لنمو الجنين ،فهذه المرحلة مرحلة حضانة، ولكنها تتم في الرحم ،وتستمرإلى طور المخاض والولادة انظرشكل(8-26).
الشكل (8-25) : صورتان لجنين في الأسبوع 25 .
(أ) الجنين في الرحم ، (ب) الحجم الحقيقي . لاحظ تغضن الجلد ونحول الجسم نظراً لانعدام الدهون تحت الجلد . أما العينان فهما آخذتان في الانفتاح . ويمكن لمثل هذا الجنين أن يبقى على قيد الحياة إذا ولد قبل الأوان ، ويعتبر الإجهاض عملاً غير قانوني في هذه الفترة لقابلية الجنين للحياة (الجدول 6-2).
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
الشكل (8-26) : تظهر هذه الرسوم وصف الرحم بأنه قرار مكين .
(أ) قبل الحمل (ب) الحمل في الأسبوع 20 (ج) الحمل في الأسبوع 30 ومع نمو الجنين يزداد حجم الأسبوع 30 حتى يصلان المنطقة الشرسوقية (لبة القلب) وتتحرك أحشاء الأم من مكانها وتشهد عضلات وجلد جدار البطن الأمامي ، وتمدداً كبيراً ، ويكون الرحم في كل مرحلة من مراحل الحميل مكان استقرار كما تشير إلى ذلك كلمة (قرار) ويكون الرحم مثبتاً بشكل راسخ في بطن الأم كما تشير إلى ذلك كلمة (مكين).
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
طور المخاض :
يبدأ هذا الطور بعد مرور تسعة أشهر قمرية وينتهي بولادة الجنين . بينما كان الطور السابق طور حفظ وحضانة للجنين في الرحم ، ويمثل هذا الطور مرحلة التخلي عن الجنين ودفعة خارج الجسم انظر شكل (8-27) ، قال تعالى: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾ (سورة عبس : 20).
------------
Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .
 
المراجــــــع
      1)        القرآن الكريم .
      2)        القرطبي ، ط . دار إحياء التراث العربي .
      3)        الطبري ، ط . دار الفكر ، بيروت .
      4)        أبو حيان ، ط . دار الفكر ، بيروت .
      5)        لسان العرب ، ط . دار صادر ، بيروت.
      6)        تاج العروس ، ط . دار الفكر للنشر والتوزيع .
      7)        القاموس المحيط ، ط . مكتبة ومطبعة الحلبي ، مصر .
      8)        معجم مقاييس اللغة ، ط . مكتبة ومطبعة الحلبي ، مصر .
      9)        المعجم الوسيط ، ط . دار إحياء التراث الإسلامي ، قطر .
    10)      مفردات غريب القرآن ، ط . دار المعرفة ، بيروت .
    11)      بحث النطفة .
الهوامش:
[81] MOORE, 1988.

[82] انظر بحث النطفة .

[83] القاموس المحيط للفيروزآبادي 3 : 407.

[84] سورة السجدة : آية (8).

[85] تعرف هذه القناة عند علماء الطب باسم : (قناة فالوب).

[86] قال المفسرون في تفسير الحرث : شبه الجماع بالحرث إذ النطفة كالبذرة والرحم كالأرض والولد كالنبات (أبو حيان : 2/170 ، الطبري : 2/392 ، القرطبي : 3/92).

[87] تاج العروس : 6/30 ، لسان العرب 8 : 450 .

[88] تاج العروس : 6/30 ، لسان العرب 8 : 450 –452 ، المفردات للأصفهاني : 469.

[89] انظر تاج العروس ولسان العرب في نفس المادة .

[90] سورة المؤمنون آية : 14.

[91] سورة المؤمنون آية : 14.

[92] معجم مقاييس اللغة لابن فارس 5/428.

[93] لسان العرب لابن منظور 1/170 ، تاج العروس 1/126 ، المعجم الوسيط 2 : 920.

[94] سورة الأحقاف : 15.

[95] سورة لقمان : 14.

[96] النظام القمري للأشهر هو المقرر في القرآن ، وعلى أساسه يكون الصوم والحج وهو نفس النظام الذي يسير عليه الحمل .