فقد حسن لدى الله أن يحل به الكمال كله
ثم قول بولس أيضا : فـفـيه يحل جميع كمال الألوهية حلولا جسديا
لو رجعنا
لرسائل بولس، عرفنا أن مقصودة من حلول الكمال الإلـهي في شخص ما، ليس معناه أبدا
حلول الذات الإلـهية فيه أو اتحادها به و تحول الشخص لله!!
ولكنه تعبير عن المعية
الإلـهية و حصول التأييد و التوفيق الإلـهي بحيث يكون الشخص مجلى تنعكس فيه صفات
الله من علم و حكمة و استقامة و قداسة و عدل و رحمة و قدرة خارقة و و.... و الدليل
على ذلك أن بولس يرى أن روح الله و كمال الله حال في كل المؤمنين الصادقين و
القديسين البارين، حيث يقول في رسالته إلى أهل رومية:
** أما أنتم فلستم تحيون بالجسد، بل في الروح لأن روح الله حال فيكم
**
و بيقول كمان في رسالته إلى أهل أفسس: **... و تعرفوا محبة المسيح التي تفوق كل معرفة، فتمتلئوا بكل ما في الله من
كمال **
و من الواضح أن بولـس لا يدعو مسيحيي أفسس أن يصبحوا الله !!!!! ولا بأن ذات الإلـه
حالة في المؤمنين من أهل رومية!!!!
و إنما يريد بعباراته:
" حلول الكمال الإلـهي " أو " حل به كمال الله " أو "
روح الله حال فيه " التعبير عن التأييد الإلـهي للمؤمنين و أن روح الله بمعنى
المحبة و القداسة و الأناة و الشفقة و العدل و الحكمة و... الكمالات الإلهية صارت
إليهم و معهم و بهم، فصاروا مع الله منقطعين عن أنفسهم و ذواتهم و أهوائهم و عن
سائر الأغيار، فانين بكليتهم في الله و إرادته.
و لعل هذا النمط من التعبير يشابه ماورد في الإسلام، في الحديث القدسي الشريف الذي
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ( صلّى
اللّه عليه وآله وسلّم ): " إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و
ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و ما يزال عبدي يتقرب إلي
بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصره به و يده
التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها... الحديث