الفصل الأخير

بشائر ومبشرات

في بداية السبعينات كنت قد تناولت بالدرس والتحليل كتاب " ماذا خسر العلم بانحطاط المسلمين " لأبي الحسن الندوي وذلك في سلسلة خطب منبرية أنهيتها بالخطبة التالية أذكرها بتمامها نظراً لارتباطها بموضوع الدراسة فأقول وبالله التوفيق:

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد،،،

 في وقت تكالبت فيه المصائب والمحن على المسلمين والجراح تنزف في كل جزء من جسد هذه الأمة.. في وقت ضاقت فيه القلوب حتى أصاب كثيراً من الناس اليأس والقنوط، فما أن تذكر الأمة الإسلامية حتى تسمع الزفرات، والآهات، والحوقلة، والاسترجاع، وكأن الأسباب تقطعت والآمال تدثرت.. في هذا الوقت العصيب أزف إليكم هذه المبشرات؛ لترسم أشعة الفجر الجديد، ولتملأ النفوس المسلمة باليقين، وأزفها إليكم؛ لتشعر القلوب الحية بالعز والتمكين، وليشرق بها أعداء الدين، وليغص بها الكافرون والمنافقون .

إن ميلاد الأمة قريب، ولابد للميلاد من مخاض، ولا بد للمخاض من آلام. ومن رحم الظلام يخرج النور، والليل إن تشتد ظلمته فإن الفجر لاح.

إن العالم الإسلامي بأسره يعيش لحظات عصيبة وساعات حرجة، إنه التحدي السافر لهذه الأمة في عقيدتها، وتاريخها، وإسلامها، ومستقبلها.. أمر مفزع مروع . هذا الواقع جعل كثيراً من المسلمين عرضة لليأس والقنوط، ومن ثم للخمول والقعود، وإن اليأس في قلوب هؤلاء ناتج عن أسباب .

   أسباب يأس بعض الناس:

أولاً:ما يرونه من جهود الأعداء في محاربة الإسلام ومواجهة أهله:

 مستخدمين كل طاقاتهم من تقدم تكنولوجي، وكل وسيلة من وسائل الاستعمار الفكري.

ثانياً: بعد الناس عن دين الله وموت الإحساس لدى الكثير منهم:

فهو لا يعلم عما يجري لإخوانه، وإن علم فكأن الأمر لا يعنيه، فالمهم نفسه وماله، وهذا هو الهوان الذي أشار إليه الحبيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[...حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ] رواه أبو داود وأحمد .

ثالثاً:يقظة الأعداء ومواجهتهم لأي جهد يبذله المسلمون:

مما حدا بكثير من المسلمين والمسلمات إلى الاستسلام، والخمول، والتثبيط عند بذل أي جهد، فالخوف والرعب يأكل قلوبهم.  

رابعاً:الجهل بالغاية التي خلق من أجلها الإنسان:

يا أيها الإنسان أنت خلقت لغاية عظيمة، نبيلة هي: عبادة الله عز وجل  بمفهومها الحقيقي، الذي عرفه أهل العلم بقولهم:" اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال، والأفعال الظاهرة  والباطنة" لاكما يريدها الأعداء أن تكون في المسجد . 

إن العبادة التي يريد الله بمفهومها الحقيقي ذلك المعنى العام الذي يشمل كل نواحي الحياة . فاسأل نفسك: لماذا خلقت؟ أمن أجل أن تأكل، وتشرب، وتنام، وتقوم؟! أمن أجل الملذات والشهوات؟! هذا والله هو شأن الحيوان، بل إن ذلك الإنسان أضل من الحيوان، كما قال عز وجل:} وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(179){ [سورة الأعراف] غفلوا عن الحقيقة التي من أجلها خلقوا؛ فعاشوا أضل من الأنعام؛ لمجرد الملذات والشهوات.. لمجرد البيع والشراء.. لمجرد أن يحيى الإنسان ويذهب في هذه الدنيا. بئس الحياة إن كانت هذه هي الحياة التي يعيشها المسلم! إنك خلقت لهدف أسمى: لرضى الإله  فهل أنت راض عن نفسك؟ ماذا قدمت لله؟ ماذا قدمت لنفسك يوم أن تقدم على الله ؟ عندها تقول بملء فيك:لا لعبادة العباد.. لا لعبادة الشهوات والملذات..[ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ] رواه البخاري.

هذه هي عبادة الدنيا كما تبعها كثير من الناس .

خامساً: الجهل بطبيعة هذا الدين .

 هذه الأسباب الخمسة، وغيرها جعلت كثيراً من الناس يصيبه اليأس وتداخله الشكوك لنصرة هذا الدين وتمكينه في هذه الأرض. وحتى نقطع الطريق على هؤلاء اليائسين الخائفين، فإني أقول بكل ثقة ويقين: أبشروا بنصر الله، فإن البشائر والمبشرات كثيرة ولله الحمد، المهم أن نتفاءل . 

 

 البشائر وأسباب التفاؤل:

  1- تحريم اليأس:

فلا يجوز للمسلم أن ييأس أبداً، فاليأس قرين للكفر، قال عز وجل:} وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(87){ [سورة يوسف] فاليأس صفة للكافرين. واليأس قرين الضلال قال تعالى:} وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ(56) {[سورة الحجر] إذاً: نقول لليائسين المخذلين: إن اليأس في دين الله لا يجوز، فاحذره، واحذر من التيئيس، فإنه أول علامة للهزيمة النفسية التي أصابت كثير من المسلمين اليوم هي اليأس والقنوط عياذاً بالله

2- بشائر الكتاب والسنة:

ولم لم يكن سوى هذه البشائر لكفى، فهي نصوص ووعود ممن بيده ملكوت السماوات والأرض.. ممن بيده الأمر كله، فلماذا إذاً الضعف والهوان؟ ولماذا الخوف والخور؟ والله سبحانه معك مؤيداً وناصراً لك:

 قال عز وجل:} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(33){ [سورة التوبة] فإظهار دين الله أمر تكفل به الله سبحانه .

 وقال سبحانه:} وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(55){ [سورة النور] فهذا هو عهد الله .

   وقال:} وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ(41){ [سورة الحج] .

   وقال سبحانه:} يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7){ [سورة محمد]

   وقال:}وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ(47){ [سورة الروم]  في هذه الآيات أخبر سبحانه وتعالى أن من سنته في خلقه أن ينصر عباده المؤمنين، لكن متى ؟ إذا قاموا بنصرة دينه.. إذا قاموا بواجب الدعوة إلى الله وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، فقد وعد الله المؤمنين باستخلافهم في الأرض، وأن يمكن لهم دينهم. وأي أمل للمسلم فوق وعد الله عز وجل؟! وأي رجاء بعد ذلك للمؤمن الصادق يوم أن وعده الحق سبحانه وتعالى؟! هذه بعض نصوص القرآن . ومن نصوص السنة النبوية:

    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ]  رواه أحمد .

    عن أَبي قَبِيلٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَسُئِلَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ قَالَ فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

[ مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا- يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ-] رواه أحمد والدارمي وحسنه المقدسي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . 

وقد تحقق الفتح الأول على يد الخليفة العثماني  محمد الفاتح  رحمه الله، وذلك عام ثلاثة وخمسين وأربعمائة وألف للميلاد أي بعد تقريبا: ثماني مائة سنة من وعد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن ننتظر الآن صدق الوعد الآخر سقوط روما بفضل الله ومشيئته، وهذا وعد منه صلى الله عليه وآله وسلم لابد صائب بمشيئة الله .

  وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا...] رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد .

 وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ] رواه أحمد . فهذان الحديثان يؤكدان رجوع الإسلام إلى مركز الريادة، وموضع القيادة، ومقام السيادة من شرق الدنيا إلى غربها؛ لتتحقق إرادة الله التي اقتضاها لهذه الأمة الإسلامية منذ الأزل .

  وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:[ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ] رواه البخاري ومسلم وأحمد. وهذا الحديث يشير إلى أن اليهود سيجتمعون في مكان، ثم يتسلط عليهم المسلمون، وهذا هو الواقع   الآن، فإن اليهود يجمعون أعوانهم وأهلهم من كل مكان في فلسطين .

  أحاديث الطائفة المنصورة، ومنها:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ] رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذي وأحمد . 

  وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ] رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الترمذي وصححه الألباني. 

  وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:[بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ] رواه أحمد وابنه عبد الله في زوائده  وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وقال الألباني: إسناد عبد الله صحيح على شرط البخاري. 

 فهذه النصوص كلها بشائر لنصرة الإسلام وتمكينه، ألا فليثق الدعاة إلى الله في هذه المبشرات مهما كان في الطريق من عثرات:} أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ(142){ [سورة آل عمران] ولو لم يكن من البشائر والمبشرات سوى هذه النصوص لكفت، فكيف، والتاريخ يشهد بذلك، والواقع يتفجر عن ينابيع الإسلام؟! 

 3- الصراع القائم الآن بين الحق والباطل:

فصولات الباطل، وانتفاش أهله؛ دليل على قوة الحق وقدومه. فالإسلام ماض في طريقه للعزة والتمكين سواء بنا أو بغيرنا.

 فيا أيها المسلم ويا أيتها المسلمة: سجل لنفسك موقفًا يشهد لك عند الله، وكن ممن شارك في نصرة هذا الدين . 

4- ذلك الخوف الرهيب والرعب الشديد من الإسلام:

فلماذا يتعرض الإسلام في هذه الأيام لهجمات مسعورة؟ ولماذا تزداد هذه الهجمات شراسة كلما ظهرت صحوة إسلامية في بلد ما؟ لماذا يتفق أصحاب الشعارات والمبادئ المتناقضة على عدائهم للإسلام وأهله؟ لماذا تثار الشبهات حول الإسلام ومبادئه، ومناهجه وعقائده وأحكامه؟ لماذا تثار الحملات الشعواء التي تشنها صحافة الغرب والشرق على الإسلام وأهله؟ لماذا تغذى بلاد الإسلام بوسائل الشهوات والمخدرات، ووسائل الخلاعة والمجون، المحطمة لقوى الشباب، المستنزفة لطاقاتهم وأفكارهم وعقولهم؟ الإجابة واحدة: إنهم يخافون الإسلام..يخافون من رجعة قوية للإسلام والمسلمين.. يخافون من وحدة المسلمين.

 لقد درس أعداؤنا من الكافرين وأذنابهم الإسلام وعقيدته؛ فعرفوا أنه يربي الرجال والنساء على تقديم كل غال ونفيس في سبيل الله، حتى ولو كان المقدم هو الروح، فهي رخيصة من أجل الإسلام وفي ذات الله .. علموا هذه الحقيقة.. رأوها في الواقع: في ساحات الجهاد، فلذلك خافوا وأصابهم الرعب الشديد من الإسلام . 

 5- واقع الحضارة الشيوعية والحضارة المادية الغربية الآيلة للانهيار:

إن الحضارة الشيوعية سوف تؤول إلى زوال وبهذا قال المرحوم سيد قطب في مقدمة كتابه " معالم في الطريق" ومعها الحضارة الرأسمالية وبه قال المرحوم المفكر الجزائري مالك بن نبي، وذلك طبقاً لمعطيات تم تحديدها وفقاً للمعايير التي ذكرها كل منهما، والصحوة الإسلامية التي نعيشها الآن تبشر ببداية انهيار المذهب الشيوعي، فقد كانت الشيوعية فتنة لكثير من الشباب في العالم العربي، ولسوف تنهار الإمبراطورية الروسية ولسوف تلتمس المساعدات من الدول الحليفة لها ولن يكون للمسلمين دخل في هذا الانهيار وأنما  سيكون مرجعه تحكم قوى الديالكتيك والإفلاس في عالم القيم.

 وأما الرأسمالية التي تمثلها اليوم أمريكا: فإن واقع المجتمع الأمريكي في كل مجالاته: الدينية، والسياسية، والثقافية، والاقتصادية، والإعلامية، والتعليمية، والاجتماعية، وغيرها واقع مفزع، مخيف بالنسبة لهم، وليس نحن الذين نقول هذا الكلام، ولكي أوثق المعلومات لك، فإني أطالبك بالرجوع إلى كتاب بعنوان:"يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة" وانظر الأرقام والإحصاءات .

وهذا الكتاب هو دراسة قامت على إحصاءات، واستبانة، وأرقام من واقع المجتمع الأمريكي ونتائج هذا الكتاب نتائج مفزعة، مخيفة بالنسبة للأمريكيين، فماذا يقول الأمريكيون أنفسهم عن هذا الكتاب؟ يقول "إلكس هلي" مؤلف كتاب آخر:

"كتاب مفزع عندما أنهيت قراءته؛ لم أعرف ماذا أفعل، هل أصدع بالحقائق- أي التي فيه- أم أركض للتلال وأختبئ؟ إنه يعرض لنا حقائق عن أنفسنا لم نشاهدها في أية دراسة، أو في استطلاعات الرأي، ولا حتى في الأحاديث الشخصية".

و قالت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" عن الكتاب كلمة واحدة:  "نتائج مفزعة"..

 هذا بعض ما قالوه عن هذا الكتاب الذي يعلن عن التصدع الكبير في بنية مجتمعهم، وانظر إن شئت كتابًا آخر بعنوان:" السقوط من الداخل ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي" للدكتور محمد بن سعود البشر.

وهو عبارة عن مناقشات للقضايا والمشكلات الراهنة التي يعاني منها المجتمع الأمريكي في جميع النواحي .

إن الحضارة المادية الغربية تتهالك اليوم.. العالم اليوم بجميع أحواله يشكو من إفلاس، ويتجرع ويلات ومرارة هذه النظم التي دمرت حياتهم فما أكثر الانتحار! وما أكثر اللجوء للخمر، والضياع، والفساد، والشهوات في تلك المجتمعات! وطغت هذه النظم على كل جوانب الخير عند ذلك الإنسان . وها هو ذلك الإنسان يتطلع إلى المنقذ الذي يخلصه من ذلك، وليس المنقذ أبداً إلا الإسلام، فهو الذي يتوافق مع الفطرة، وهو الذي يحقق للناس مصالحهم في الدنيا والآخرة، ويكفي الأنظمة البشرية قصوراً وفشلا أنها من صنع البشر، وأن دين الإسلام من صنع خالق البشر سبحانه وتعالى .

6- الصحوة الإسلامية:

إن ما نشاهده الآن في أنحاء العالم الإسلامي من صحوة مباركة، ومن رجوع صادق إلى دين الله؛ يزداد يوماً بعد يوم مما يدل دلالة صادقة على إقبال هذه الشعوب عن بكرة أبيها على الالتزام بحقيقة دينها، والنهوض بأمتها، ناهيك عن إقبال غير المسلمين على الدخول في دين الله، ففي اليوم الواحد يسلم من الكفار أعداد كثيرة، هذا كله رغم قلة الإمكانات والجهود المبذولة للدعوة، فكيف لو تحرك المسلمون؟ كيف لو تحرك الصادقون؟ كيف لو تآلفت القلوب وعرفت الهدف الذي من أجله تعيش، فتحركوا للدعوة إلى الله؟ كيف لو وجهنا هذه الأمة: لو نصحنا، وأمرنا بمعروف، ونهينا عن منكر، بكلمة طيبة لينة؛ لوجدنا أثر ذلك .

فالله الله أن تكون ممن سلك نصرة هذا الدين، فإن الدين منصور بك، أو بغيرك أيها المسلم.

7- التاريخ الذي برهن على انتصارات الأمم المغلوبة على أعدائها:

ونحن لسنا أمة مقطوعة إن لنا تاريخاً نستلهم منه الدروس والعبر، وما أكثر تلك اللحظات الحرجة، وأوقات الفتن والمحن التي مرت بالأمة الإسلامية. وما عليك إلا أن تقلب صفحات التاريخ؛ لتقف على تلك اللحظات، ففي التاريخ: عجائب الأمور، وفيه: تقلبات الزمن وتصريف القدر، وفيه: سنة الصراع بين الإيمان والجاهلية.

وفي التاريخ لنا الدروس والعبر، ففيه: ما يصيب الدعاة من المحن والبلاء، وعاقبة الصبر على الطريق..

ولأقلب أيها المسلم وإياك صفحات ثلاث فقط من تاريخنا، كانت هذه الصفحات لحظات رهيبة، وحرجة عصيبة على المسلمين، فكيف تعامل معها المسلمون؟ وكيف نجى الله سبحانه الصادقين؟ ولماذا ينتصر أعداء الدين على المسلمين ويحصل لهم التمكين في بعض الأحايين؟ 

الصفحة الأولى:

تلك اللحظات الحرجة التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه في غزوة الأحزاب ذلك الرعب الذي روع أهل المدينة وأفزعهم.

خلاصة حال المسلمين في هذه اللحظات أعددها لكم في النقاط التالية :

 تجمع الأحزاب من كل مكان: قريش، غطفان، بنو أسد، بنو سليم، بنو مرة، قبيلة أشجع، فزارة، ومن اليهود أيضاً: بنو قريظة، وبنو النضير، تجمعت هذه الأعداد وضُرب حصار محكم منها على المدينة وهذا يذكرنا بتجمع أعداء الدين اليوم كلهم  على هذا الدين وعلى الأمة الإسلامية .

 غدر اليهود وخيانتهم ونقضهم للعهد في المدينة: وهذا هو ديدنهم، الذي أخبر الله عنهم في كتابه، وستظل هذه الصفات إلى يوم القيامة؛ لأنها إخبار من الله في القرآن، وإخباراً منه صلى الله عليه وآله وسلم في السنة .

 مكائد المنافقين وتسللهم لواذاً متعللين بالأكاذيب: وتثبيطهم للنفوس، وبثهم للرعب والفزع في القلوب المريضة، وقد قال منافق منهم ويدعى معتب بن قشير في هذه اللحظات:

كان محمد يعدنا أن نأخذ كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط . كلمات تثبيط وتخذيل كما يفعله كثير اليوم من المنافقين .

 الجوع المقعد وفقدان الزاد: حتى ربط النبي صلى الله عليه وسلم على بطنه حجراً من شدة الجوع وكما جاء في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:"جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونِهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ:

                 نَحْـنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّـدَا    عَلَـى الْإِسْلَامِ مَا بَقِينَا أَبَـدَا

 ويَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُجِيبُهُمْ:

              اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ   فَبَارِكْ فِي الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

 قَالَ: يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفِّي مِنْ الشَّعِيرِ فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَوْمِ وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ" رواه البخاري .

 حفر الخندق والأحوال الجوية: فالبرد شديد، ونقلهم التراب على أكتافهم وظهورهم كما في حديث  الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ أَوْ اغْبَرَّ بَطْنُهُ" وفي رواية:" رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ حَتَّى وَارَى عَنِّي الْغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ" رواه البخاري ومسلم وأحمد . 

 الخوف على النساء والعجزة والأطفال: وهم من وراء المجاهدين في أطم المدينة، والسعي لحمايتهم بعد غدر اليهود من ورائهم .

 قلة المسلمين وقلة السلاح والعتاد أمام تجمع الأحزاب وقوتهم وكثرة عتادهم .

كل هذه الظروف تجمعت على المسلمين في تلك اللحظات.. في تلك الساعات الحرجة العصيبة، وقد وصف الله سبحانه حال المسلمين في هذه اللحظات الحرجة فقال:} إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا(10)هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(11){ [سورة الأحزاب] ثم يقول سبحانه:} وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا(12)وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا(13){ [سورة الأحزاب] انظر: التثبيط والتخذيل، وقد يقع في ذلك كثير من ضعاف المسلمين اليوم .. إنها صورة الهول الذي روع المدينة، والكرب الذي يشن لها الذي لم ينج منه أحد من أهلها وقد أطبق عليها المشركون من كل جانب من أعلاها ومن أسفلها، وكان المشركون يتناوبون بينهم، حتى ردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً.  كيف تعامل المسلمون مع هذه اللحظات الحرجة.. وقت الفتن والشدة العصيبة، لم يترددوا لحظة في نصرة الله عز وجل، ولا في نصرة دينه، بل كانت هذه الشدائد والفتن والمحن مادة للطمأنينة والثقة والاستبشار واليقين.

 لقد كانوا رضوان الله عليهم ناساً من البشر، يجزعون، ويضعفون، ويضيقون بالشدة، لكنهم كانوا مرتبطين بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله، وتمنعهم من السقوط، وتجدد فيهم الأمل، وتحرسهم من اليأس والقنوط، ولذلك انظر لموقفهم كما يصفه الله تعالى..لموقف المؤمنين الصادقين في الفتن ومواقف الشدة يوم أن تمسكوا بالعروة الوثقى، يوم أن تمسكوا بلا إله إلا الله، فعرفوا أنه لا قادر على شيء في هذا الكون إلا الله:} وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا(22){ [سورة الأحزاب] هذه صورة الإيمان الواثق المطمئن..صورة مشرقة، مضيئة للمؤمنين الصادقين، وهم في مواجهة المحن، والشدائد.

ولاعجب فهم تلامذة المدرسة المحمدية، ففي هذه اللحظات الحرجة، وفي هذه المصائب والشدائد التي تجمعت على المسلمين، فإذا به صلى الله عليه وسلم يبشرهم بسقوط حكم كسرى وقيصر في هذه اللحظات العصيبة، وهو يضرب الحجر بمعوله يقول:[ بِسْمِ اللَّهِ] فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ:[ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا] ثُمَّ قَالَ:[ بِسْمِ اللَّهِ] وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ:[ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا] ثُمَّ قَالَ:[ بِسْمِ اللَّهِ] وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: [اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي] رواه أحمد وإسناده حسن وأصل الحديث عند البخاري.

قال صاحب الظلال رحمه الله:" وحين نرانا ضعفنا مرة، أو زلزلنا مرة، أو فزعنا مرة، أو ضقنا مرة بالهول والخطر والشدة والضيق.. فعلينا ألا نيأس من أنفسنا، وألا نهلع ونحسب أنا هلكنا، وأننا لم نعد نصلح لشيء عظيم أبداً ! ولكن علينا في الوقت ذاته ألا نقف إلى جوار ضعفنا لأنه من فطرتنا البشرية ! ونصر عليه لأنه يقع لمن هم خير منا ! هنالك العروة الوثقى: عروة السماء، وعلينا أن نستمسك بها؛ لننهض من الكبوة، ونسترد الثقة والطمأنينة، ونتخذ من الزلزال بشيراً للنصر، فنثبت ونستقر، ونقوى ونطمئن، ونسير في الطريق.. وهذا هو التوازن الذي صاغ ذلك النموذج الفريد في صدر الإسلام" . فما أحوجنا لمثل هذا التوازن في مثل هذا الزمن .

الصفحة الثانية:

لما استولى الصليبيون على كثير من البلاد الإسلامية والمسجد الأقصى ما يقارب قرناً من الزمن، حتى ظن الكثيرون أنه لا أمل في انتصار المسلمين على الصليبيين، وأنه لا رجاء في رد أرض فلسطين مع المسجد الأقصى إلى حوزة المسلمين ولا سيما بعد أن ذبحوا من المسلمين في يوم واحد فقط أكثر من ستين ألفاً حتى إن الدماء سالت أنهاراً في شوارع القدس . فمن كان يظن أن هذه البلاد ستتحرر في يوم من الأيام على يد البطل صلاح الدين في معركة حاسمة، ويصبح للمسلمين من الكيان والقوة، والعزة والسيادة ما شرف التاريخ ..من كان يظن أنه ستتحرر هذه البلاد بعد تسلط الصليبيين وأذاهم للمسلمين؟!.

الصفحة الثالثة:

من صفحات التاريخ التي تبرهن على أنه مهما كان حال المسلمين إلا أن العز والتمكين سيكون للمؤمنين، وهذه الصفحة هي لما خرب المغول والتتار العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، ونهبوا الأموال، وداسوا القيم، وفتكوا بالأنفس والأعراض فتكا ذريعاً، حتى قيل:إن جبالاً شامخة وأهرامات عالية أقامها هولاكو من جماجم المسلمين حتى إن ابن الأثير وهو يروي لنا الخطب والحدث في كتابه "الكامل" في الجزء التاسع يقول:" ثم دخلت سنة سبع عشرة وستمائة: "ذكر خروج التتر إلى بلاد الإسلام" لقد بقيت عدة سنين- هذا كلام ابن الأثير- معرضاً عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظاماً لها كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رِجلًا، وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟! ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟! فيا ليت أمي لم تلدني.. ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً . إلا أني حثني جماعة من الأصدقاء على تصديرها، وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى.. والمصيبة الكبرى التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها.. عمت الخلائق وخصت المسلمين.. ولو قال قائل: إن العالم ومذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقاً، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها".  إلى أن وصف هذا الحدث بصفات عجيبة قريبة من أرادها يرجع إليها هناك . قال:" وهؤلاء لم يبقوا على أحد بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لهذه الحادثة التي استطار شرها، وعم ضررها، وصارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح...".

  ونحن نقرأ هذا الوصف من ابن الأثير رحمه الله؛ نتعجب ونقول: من كان يظن أن تقوم للمسلمين قائمة بعد هذه الأحداث، وتدول لهم دولة بعد هذه الأحداث التي وصفها ابن الأثير؟ وكيف دخلت القوى المنتصرة في الإسلام بعد ذلك ، هل يعرف الكثير منكم أن التتار والمغول دخل ملوكهم في الإسلام بعد دخولهم في ديار المسلمين وبعد ما فعلوا ما فعلوه؟. 

والتاريخ مليء بمثل هذه الصفحات وغيرها من مواقف الشدة والمحن التي أصابت المسلمين، فكل هذه بشارات وبشائر تدل على أن ما يحدث للمسلمين اليوم من ضيق وشدة ومحن؛ بعدها فرج ونصر.. لكن المهم: أن ننصر نحن دين الله.. أن نقوم بواجبنا..ونحن إذا طلبنا التفاؤل لا نطلبه لمجرد الفرح والاطمئنان، وبالتالي الركون، ودنو الهمة، ووهن العزائم والانشغال في الدنيا، والتغني بهذا التفاؤل ليل نهار..وأعداء الإسلام يخططون، ويعملون ويكيدون، ولا نقصد بذلك التفاؤل مجرد السرور والاطمئنان؛ المؤدي للثقة المفرطة، والحماس المؤدي بدوره إلى التهور والانفعال اللذين يؤديا إلى عاقبة غير مرضية، ونتائج محرجة. إنما نقصد بالتفاؤل.. الثقة بنصر الله والفوز والنجاح، وعدم تأثر المسلمين جميعًا بما يوضع لهم من عراقيل، بل إن ذلك يزيدهم طموحاً وتفاؤلاً؛ لأنهم واثقون بنصر الله.

 الثقة واليقين بنصر الله هذا هو ما نقصده بالتفاؤل.. والأمل في نصر الله وتأييده لجنده هو سبيل الراشدين والفائزين بالنصر:} وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(173) {[سورة الصافات] فالمؤمنون وحدهم هم المتفائلون وغيرهم هم اليائسون.. فاسلك رعاك الله طريق المؤمنين العاملين المتفائلين، فالفوز حليفك إن شاء الله، وتذكر قول الحق:} ...هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا(22){ [سورة الأحزاب].

  لماذا يمكن الله الكافرين من المسلمين؟ ولماذا ينصرهم عليهم؟ ولماذا ينتصر أعداء الله على المسلمين ؟

هذا السؤال قد يرد على خاطر كثير من الناس، والإجابة أسوقها من كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه "إغاثة اللهفان" 2/273 وانتبه إلى هذا الكلام، فإنه كلام نفيس جميل جداً، الأصل أن نتناقله، وأن نردده على مسامعنا، وعلى الناس حتى يتبين لنا لماذا يبتلينا الله بمثل هذه المصائب؟ قال رحمه الله:

" الأصل الثاني:أن ابتلاء المؤمنين بغلبة عدوهم لهم وقهرهم وكسرهم لهم أحيانًا؛ فيه حكم عظيمة لا يعلمها على التفصيل إلا الله عز وجل.

 فمنها:

استخراج عبوديتهم لله، وانكسارهم له، وافتقارهم إليه، وسؤالهم نصرهم على أعدائهم، ولو كانوا دائماً منصورين قاهرين غالبين؛ لبطروا وأشروا .

ولو كانوا دائماً مقهورين مغلوبين منصوراً عليهم عدوهم؛ لما قامت للدين قائمة، ولا كانت للحق دولة، فاقتضت حكمة أحكم الحاكمين أن صرفهم بين غلبهم تارة، وكونهم مغلوبين تارة. فإذا غلبوا تضرعوا إلى ربهم، وأنابوا إليه، وخضعوا له، وانكسروا له، وتابوا إليه.

وإذا غلبوا أقاموا دينه وشعائره، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وجاهدوا عدوه، ونصروا أولياءه .

 

 ومنها:

أنهم لو كانوا دائمًا منصورين غالبين قاهرين؛ لدخل معهم من ليس قصده الدين ومتابعة الرسول، فإنه إنما ينضاف إلى من له الغلبة والعزة.

 ولو كانوا مقهورين مغلوبين دائماً؛ لم يدخل معهم أحد، فاقتضت الحكمة الإلهية أن كانت لهم الدولة تارة وعليهم تارة؛ فيتميزوا بذلك بين من يريد الله ورسوله. 

   ومنها:

أنه سبحانه يحب من عباده تكميل عبوديتهم على السراء والضراء، وفي حال العافية والبلاء، وفي حال إدالتهم والإدالة عليهم، فلله سبحانه على العباد في كلتا الحالتين عبودية بمقتضى تلك الحال لا تحصل إلا بها ولا يستقيم القلب بدونها كما لا تستقيم الأبدان إلا بالحر والبرد والجوع والعطش والتعب والنصب وأضدادها، فتلك المحن والبلايا شرط في حصول الكمال الإنساني، والاستقامة المطلوبة منه ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع .

 

 ومنها:

أن امتحانهم بإدالة عدوهم عليهم يمحصهم، ويخلصهم، ويهذبهم كما قال تعالى في حكمة إدالة الكفار على المؤمنين يوم أحد:} وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(139)إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(140)وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ(141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ(142)وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ(143)وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) {[سورة آل عمران]  .

ذكر سبحانه أنواعاً من الحكم التي من أجلها أديل عليهم الكفار، بعد أن ثبتهم وقواهم وبشرهم بأنهم الأعلون بما أعطوا من الإيمان، وسلاهم بأنهم وإن مسهم القرح في طاعته وطاعة رسوله، فقد مس أعداءهم القرح في عداوته وعداوة رسوله.

ثم أخبرهم أنه سبحانه بحكمته يجعل الأيام دولا بين الناس، فيصيب كلا منهم نصيبه منها كالأرزاق والآجال، ثم أخبرهم أنه فعل ذلك ليعلم المؤمنين منهم- وهو سبحانه بكل شيء عليم قبل كونه وبعد كونه، ولكن أراد أن يعلمهم موجودين مشاهدين، فيعلم إيمانهم واقعًا- ثم أخبر أنه يحب أن يتخذ منهم شهداء، فإن الشهادة درجة عالية عنده، ومنزلة رفيعة لا تنال إلا بالقتل في سبيله، فلولا إدالة العدو لم تحصل درجة الشهادة التي هي من أحب الأشياء إليه وأنفعها للعبد. ثم أخبر سبحانه أنه يريد تمحيص المؤمنين أي تخليصهم من ذنوبهم بالتوبة والرجوع إليه، واستغفاره من الذنوب التي أديل بها عليهم العدو وأنه مع ذلك يريد أن يمحق الكافرين ببغيهم وطغيانهم وعدوانهم إذا انتصروا.

 ثم أنكر عليهم حسبانهم وظنهم دخول الجنة بغير جهاد ولا صبر، وأن حكمته تأبى ذلك، فلا يدخلونها إلا بالجهاد والصبر، ولو كانوا دائمًا منصورين غالبين لما جاهدهم أحد، ولما ابتلوا بما يصبرون عليه من أذى أعدائهم فهذه بعض حكمه في نصرة عدوهم عليهم  وإدالته في بعض الأحيان" انتهى كلامه .

وهذا الكلام يجب أن نرجع إليه، وننظر فيه، ونتناقله بين المجالس، ونبينه للناس؛ حتى يعلم الناس حقيقة الابتلاءات التي تحصل للمسلمين .

 

 أخيرًا وصايا ونتائج

 ولكي تتم الفرحة بهذه البشائر، ولكي تلحق أيها المسلم بالركب، ولتنال شرف نصرة هذا الدين، فإليك هذه الوصايا التي لا يتم الموضوع إلا بها :

أولاً: يتعجب بعض الناس من هيمنة الغرب، ودوره القيادي! فأقول: لا تعجب، فإن من سنة الله عز وجل في خلقه أن من عمل وسعى، وبذل جهده وطاقته في تحصيل مقصد أو هدف؛ وصل إليه ما لم تقم بعض الموانع، والأسباب الحائلة دون ذلك، فالمسلمون حين يستجمعون أسباب التوفيق والتمكين المادية والمعنوية؛ فإنهم يصلون في القيادة والريادة إلى ما وصل إليه الغرب وأكثر، فالمسلمون يملكون العون من الله والتوفيق؛ لأنهم حملة دينه، وحماة شريعته. إذاً: فالغرب وصل إلى ما وصل إليه الآن بالجد والعمل والمثابرة، ولو عمل المسلمون بهذه الأسباب؛ لنالوا ذلك؛ لأننا نتفوق على الغرب بالعقيدة.. بلا إله إلا الله فإن تخلينا عن لا إله إلا الله، وتخلينا عن هذا الدين؛ انخفضنا، وارتقى الغرب علينا، وأصبحت القيادة والريادة كما هو حال الناس اليوم .

ثانياً:متى يكون هذا النصر للإسلام :  اليوم.. غداً..بعد سنوات؟ هذا سؤال ربما خطر على بعض الناس، فأقول: المهم أن تثق بنصرة هذا الدين، وقد لا تشهد أنت هذه النصرة، ولكن اسأل نفسك: هل أنت ممن يصنع هذه النصرة؟ هل أنت ممن يشارك في هذه النصرة؟ ما هو رصيدك من العمل والدعوة والعبادة؟ ما هو رصيدك من البذل والتضحية، والصبر في سبيل الله، ومن أجل هذا الدين؟

 إن النصر لا ينزل كما ينزل المطر، وإن الإسلام لا ينتشر كما تنتشر أشعة الشمس حين تشرق ألم تقرأ في القرآن قول الحق:} حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ...(110) {[سورة يوسف]  بعد الشدة ووصول الأمر منتهاه؛ جاء الفرج..وجاء النصر ألم تسمع قول الحق:} أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ { بلغ الأمر منتهاه:} أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ(214){ [سورة البقرة] .

إذاً: فالأمر يتطلب منا أن نبذل ما نستطيع من جهود مالية وبدنية وفكرية؛ لنشر الخير.. ابذل ما تستطيع من أي جهد: مالي، أو فكري، أو بدني لنشر الخير.. فالصور وأبواب الخير كثيرة جداً، والدعوة في هذا المجتمع وإصلاح ما نراه فيه من خلل مهما بذل الإنسان من جهد؛ فإنه قليل في ذات الله عز وجل .

ثالثًا: الاستمرار بالدعاء والإلحاح فيه وعدم الانقطاع: خاصة عند حدوث الفتن، ونزول المصائب، وهذا الأمر مطلب شرعي تَرْكُهُ والغفلة عنه؛ سبب للعذاب، قال عز وجل:} فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(43) {[سورة الأنعام] .

رابعاً: موتانا في الجنة وموتاهم في النار: فالدنيا لهم، والآخرة لنا.. حقيقة نسيها المسلمون حتى أصبحت الدنيا لكثير من المسلمين غاية وهدفاً؛ فأصابهم الهوان والذل، وهذا هو واقع كثير من المسلمين والله يقول:} وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(139){ [سورة آل عمران]  والهوان قد يكون الالتفات إلى الدنيا، وشهواتها، وملذاتها.

خامساً: لا تنس ضعف كيد الكافرين: مهما كان عملهم.. ومهما كانت قوتهم؛ فإن سعيهم في ضلال. مهما كان هذا الكيد.. ومهما كان هذا الجهد لحرب الإسلام والمسلمين.. ومهما اتبعوا من وسائل فإن الله عز وجل يقول:} الَّذِينَ ءَامَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا(76){ [سورة النساء] إن كيد الشيطان وأولياء الشيطان كيد ضعيف، لكن هذا الكيد ما دام أنه وجد ضعفاً في المسلمين، فسيكون الأعلى مع ضعفه وهوانه وحقارته..فاعمل.. تحرك.. فكر.. ابذل لهذا الدين.. ادع إلى الله كيفما استطعت.. سجل في موازين أعمالك وفي حسناتك أعمالًا صالحة.. سجل فيها أناساً اهتدوا وصلحوا على يديك، وستجد أثر ذلك.. ابذل ما تستطيع.. حرّك الأمة معك.. فكر في حال الأمة.. احمل هذه الأمة؛ ستجد بعد ذلك نصرة الله عز وجل، وستجد التوفيق من الله؛ لأن الله أخبرنا أنه موهن كيد الكافرين مهما كان هذا الكيد ومهما بلغ، وقال عز وجل:} وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ(25){ [سورة غافر] وقال:} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ(36){ [سورة الأنفال] هذه هي الحقيقة.. بعد ذلك توكل على الله عز وجل.. بعد ذلك لن يصيبك الهوان، ولن يصيبك الخمول ما دمت واثقاً بنصرة هذا الدين، وواثقاً في هذه البشائر وهذه المبشرات .اللهم أقر أعيننا بعزة الإسلام والمسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

وحتى لا ننسى الإرهاب الصهيوني ونحن نتحدث عن الإرهاب الأمريكي تأمل معي هذا المشهد المثير وهو قليل من كثير ...صورة نهديها لكل حكام العرب.

انتهي بحمد الله تعالى في صلالة ـ سلطنة عمان يوم الثلاثاء 9/8/2005 للميلاد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المساعدة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 - الإرهاب والإرهابيون، للأستاذ محمد عبد العزيز السماعيل.

 - الإرهاب العالمي.. تأليف هوارد بوشارت، وجون كرايج، ومايرابارنيز، والناشر (لنسجنتون بوكس) نيويورك، 2000م، وانظر: عرضاً للكتاب في صحيفة الأهرام الصادرة في 12/4/2001م.

 - النبوءة والسياسة، (الإنجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية)، لجريس هالسل، ترجمة د. محمد السماك.

- الإرهاب تأليف: تركي ظاهر، نشر دار الحسام، بيروت، الطبعة الأولى، 1991م.

-  ملخص لمجموعة مقالات ودوريات وردت على صفحات الإنترنت والصحف والمجلات المصرية           والعربية ونخص منها كتابات الدكتور محمد صالح المسفر والأستاذ أنيس النقاش والأستاذة نيفين ياسين والمستشار الشيخ مولوي .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

B