الفصل الثامن

 

تساؤلات حول شرائع الإسلام

 

1- حرية الاعتقاد

جاء في موسوعة قصة الحضارة – "وول ديورانت" عن فتح مصر في القرن السابع الميلادي:

وكان المسيحيون اليعاقبة (الارثوذكس) في مصر قد قاسوا الأمرَّين من جراء اضطهاد بيزنطية (الكاثوليك )؛ ولهذا رحبوا بقدوم المسلمين، وأعانوهم على استيلاء منفيس، وأرشدوهم إلى الإسكندرية، ولما سقطت تلك المدينة في يد عمرو بعد حصار دام ثلاثة عشر شهراً (عام 641) ...حال عمرو بين العرب وبين نهب المدينة وفضل أن يفرض عليها الجزية. ولم يكن في وسعهِ أن يدرك أسباب الخلافات الدينية بين المذاهب المسيحية المختلفة، ولذلك منع أعوانه اليعاقبة ( الارثوذكس ) أن ينتقموا من خصومهم الملكانيين (الكاثوليك )، وخالف ما جرت عليه عادة الفاتحين من أقدم الأزمنة فأعلن حرية العبادة لجميع أهل المدينة.[1]

 

جاء في موسوعة قصة الحضارة عن التسامح الديني في العصر الأموي:

ولقد كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون واليهود، والصابئون، يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص وأداء فرضة عن كل شخص، تختلف باختلاف دخله وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولاراً أمريكياً) سنويا". ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقر. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة.

وأصبح المسيحيون الخارجون على كنيسة الدولة البيزنطية والذين كانوا يلقون صوراً من الاضطهاد على يد بطارقة القسطنطينية، وأورشليم، والإسكندرية، وإنطاكية، أصبح هؤلاء الآن أحراراً آمنين تحت حكم المسلمين الذين لم يكونوا يجدون لنقاشهم ومنازعاتهم معنى يفهمونه، ولقد ذهب المسلمون في حماية المسيحيين إلى أبعد من هذا، إذ عين والي إنطاكية في القرن التاسع الميلادي حرساً خاصاً ليمنع الطوائف المسيحية المختلفة من أن يقتل بعضها بعضاً في الكنائس.

وعلى الرغم من خطة التسامح الديني التي كان ينتهجها المسلمون الأولون، أو بسبب هذه الخطة، اعتنق الدين الجديد معظم المسيحيين، وجميع الزرادشتيين، والوثنيين إلا عدداً قليلاً جداً منهم، وكثيرون من اليهود في آسية، ومصر وشمالي أفريقية.[2]

 

جاء في موسوعة قصة الحضارة عن فتح أسبانيا في القرن الثامن الميلادي:

وعامل الفاتحون أهل البلاد معاملة لينة طيبة.....، وأطلقوا لهم من الحرية الدينية ما لم تتمتع به أسبانيا إلا في أوقات قليلة نادرة.[3]


كتب الشيخ محمد الغزالي:
الإسلام ما قام يوما", ولن يقوم على إكراه.
لأنه واثق من شيء واحد ...من نفاسة وسمو تعاليمه وجودة شرائعه.

كل ما يريده أن يجد مكانا" في السوق العامة يعرض فيه ما لديه على العيون المتطلعة.

فإذا لم تكن جودة الشيء هي التي تغري بالإقبال عليه وقبوله فلا كان قبول ولا كان إقبال..!

وهذا سر قانونه الوثيق: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 256]

و قد يضطر الإسلام لقتال لم يشعل ناره, أتظنه إذا أنتصر في هذا القتال, أتظنه يلزمهم بترك شركهم واعتناق عقيدة التوحيد ؟؟ ....  لا.

يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه و سلم : وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ [التوبة : 6]

إنه لم يقل له: فإذا سمع كلام الله فأمره أن يترك دينه وليتبع دينك الحق .... لا ....قال له أطلق سراحه ورده آمنا" إلى وطنه. فإذا أحب أن يدخل في الإسلام فسيأتي طائعا"..... لا كارها".
ولم ذلك الإرجاء والترك ؟؟ ..... ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ [التوبة : 6]

فيجب إذا" أن يتركوا حتى يعلموا الدين, فإذا علموا الدين, فسوف يدخلونه.[4]

 

إن أي قراءة منصفة للتاريخ الإسلامي, ستبين كذب الادعاء الخاص بانتشار الإسلام بالسيف ومن الدلائل العقلية البسيطة, أن الإسلام بدأ بفرد واحد وهو الرسول عليه الصلاة والسلام, فكيف يكون انتشر بالسيف وقد بدأ بفرد وعندما انضم له بعض المؤمنين أصبحوا قلة أخرجهم أهلهم من أرضهم ومالهم!؟؟.
وبقراءة سريعة للواقع والتاريخ نجد أن أكبر كثافة وتجمع للمسلمين موجود في شرق أسيا في حين أنه لم تصل الفتوحات الإسلامية لبلدانهم ( اندونيسيا ,  ماليزيا ,), كذلك في أفريقيا فلم تصل الفتوحات الإسلامية لكثير من البلاد التي بها نسبة عالية من المسلمين.
ومن ناحية أخرى نجد
أن كثير من غير المسلمين عاشوا طوال التاريخ في بلاد تحت الحكم الإسلامي مثل سوريا ومصر ولبنان والأردن ولا يزال وجودهم ووجود كنائسهم شاهدا" على التسامح الديني وينفي شبهة إجبار السكان على الدخول في الإسلام. 


القتل والقتال:
الشريعة الإسلامية لا توجد بها نصوص تحض على قتل من لا يؤمنون بغير الإسلام, ويجب أن نفرق بين القتل والقتال, فالقتال هو حرب جيش أو قوات, أما القتل فهو إبادة لمدنيين غير مقاتلين ولم يحدث في التاريخ الإسلامي مذابح للمدنيين كما قامت بها ولا تزال العديد من الطوائف والفرق غير المسلمة.
في حين أن الكتاب المقدس يحدثنا عن المذابح والأوامر الإلهية التي تأمر بقتل الأطفال والنساء
والحيوان!.

- (التثنية 20 : 16 " وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا تستبق منها نسمة ")

- (حزقيال 9: 6 وَاضْرِبُوا لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.)

- ( إشعيا  13 : 16  يقول الرب : "وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم") 

- (هوشع  13 : 16  يقول الرب : "تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها بالسيف يسقطون تحطم أطفالهم والحوامل تشق")

- ( العدد 31: 17-18 "فَالآنَ اقْتُلُوا كُل ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ وَكُل امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللوَاتِي لمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لكُمْ حَيَّاتٍ")

- ( يشوع 6: 22-24 " وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ")

- ( يشوع 11: 10-12 "وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.)

- ( صموئيل الأول 15: 3 - 11 "فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ")

 

وإن جاءنا الرد المسيحي أن أوامر القتل لم يأمر بها السيد المسيح ولم تكن من أقواله, قلنا :
أ- السيد المسيح لم يأت بدين جديد فقد قال: (متى 5: 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.).

ب- لم يكن السيد المسيح ملكا" وقائدا" ولا توجد تشريعات من أقوال السيد المسيح إلا نادرة ( منع الطلاق, دفع الجزية, عدم رجم الزاني ).

ج- جاءت بعض للعبارات على لسان السيد المسيح مشابهة مثل ما جاء في ( لوقا 22: 37 "فَقَالَ لَهُمْ "يسوع": لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً".)
فما الذي يفعله من يشتري سيفا" ؟؟

وقال (متى 10: 34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً )
وقال:
( لوقا 19: 27 "أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي"). ولا يكون الذبح في الآخرة حسب محاولة تهربهم, لأنهم يعتقدون أن بعث الآخرة بالروح وليس بالجسد.
د- لم يقل السيد المسيح في أي وقت إن عهدي هو العهد الجديد ولا تطبقوا التعليمات والوصايا, بل أصر على الأمر بإتباع الوصايا السابقة.


إن الآية التي يستشهد بها من يدعي أن الإسلام يأمر بالقتال ( القتال وليس القتل ) هي:

قول الله تعالى:
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة : 29]

لقد قال الله تعالى في نفس السورة:

"وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ". التوبة 6-7

فلم يقل اقتله, ولا تستبق منهم نسمة, وخذ أمواله, وأبقر بطن امرأته الحامل, واقتل أطفاله, واقتل حماره.

كيف هو قتال المسلمين ؟ أهو مثل ما جاء بالكتاب المقدس ؟ .

إن من وصايا أبى بكر الصديق لقائد جيشه: “لا تخونوا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له”.

أين هي أوامر قتل المدنيين في الإسلام ؟ ومتى فعل المسلمون هذا ؟
إن كان القتل هو سلوك وأسلوب المسلمين لما بقيت نسمة واحدة على غير الإسلام في بلاد الإسلام ومنها مصر والشام, ولما بقيت كنيسة أو دير منذ العصور الإسلامية حتى الآن.

 

2- الجزية في الإسلام:

عند الحديث حول الفتوحات الإسلامية وشبهة انتشار الإسلام بالسيف, نجد أن الحديث يتطرق إلى الجزية, وربما يبالغ البعض ويقول لقد دخل أهل البلاد المفتوحة مثل مصر والشام للإسلام ليس هربا" من السيف بل هربا" من الجزية !!.

هذا مع أن الإسلام لم يكن أول من نادى بأخذ الجزية، كما لم يكن المسلمون كذلك أول الأمم حين أخذوا الجزية من الأمم التي دخلت تحت ولايتهم، فإن أخذ الأمم الغالبة للجزية من الأمم المغلوبة كان أمرا" معتادا" في التاريخ البشري.


الجزية في المسيحية:

عندما سأل اليهود السيد المسيح (حسب العهد الجديد) عن رأيه في أداء الجزية التي كانوا يدفعونها للرومان, أقر بحق القياصرة في أخذها ( متى 22 : 17 فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20 فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21 قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».).

وقد دفعها السيد المسيح بنفسه فقد قال لسمعان : ( متى17 : 27  اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارا (عملة معدنية )ً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».

كما يعتبر العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً، بل يجعله أمراً دينياً، إذ يقول بولس: (رومية 13 : 7 "فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية...).

 

مقدار الجزية وعلى من تجب:

ذكر المؤرخ المنصف في موسوعة الحضارة مقدار الجزية فقال أن المبلغ يتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولاراً أمريكياً) سنويا". وأنه يعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقراء. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة.

 

كتب آدم ميتز:
 "كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كل منهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار".[5]

 

وقد جاء في عهد خالد بن الوليد لأهل الحيرة: "أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وأعيل من بيت مال المسلمين وعياله" وقد طبق عمر رضي الله عنه هذا المبدأ الإسلامي العظيم حين مر بشيخ كبير يسأل الناس الصدقة، فلما سأله وعلم أنه من أهل الجزية، أخذ بيده إلى بيته وأعطاه ما وجده من الطعام واللباس، ثم أرسل إلى خازن بيت المال يقول له: "انظر إلى هذا وأمثاله فأعطهم ما يكفيهم وعيالهم من بيت مال المسلمين.


مقدار الجزية
ذهب الأمام أبو حنيفة إلى تقسيم الجزية إلى فئات ثلاث
:
1- أعلاها وهي 48 درهماً في السنة على الأغنياء مهما بلغت ثرواتهم. ( وهي تقدر بـ 136 جراما من الفضة) لأن الدرهم يساوي ( 2,832 جراما).(جرام الفضة يقدر بأقل من جنيه مصري واحد).

2- وأوسطها وهي 24 درهماً في السنة على المتوسطين من تجار وزرّاع.
3- وأدناها وهي 12 درهماً في السنة على العمال المحترفين الذين يجدون عملاً. [6]
وهذا مبلغ لا يكاد يذكر بجانب ما يدفعه المسلم من زكاة ماله فحسب، فلو أن هناك مسلماً يملك مليون درهم لوجب عليه في زكاة ماله خمسة وعشرون ألف درهم بنسبة اثنين ونصف بالمائة وهو القدر الشرعي لفريضة الزكاة, ولو أن هناك جاراً له مسيحياً يملك مليون درهم أيضاً لما وجب عليه في السنة كلها إلا ثمانية وأربعون درهماً فقط. فأين يكون الاستغلال والظلم في مثل هذا النظام؟!.

 

قال صلى الله عليه وسلم في التحذير من ظلم أهل الذمة وانتقاص حقوقهم: (( من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)) .[7]

أما المقابل لمبلغ الجزية فهذا ما نقله الإمام القرافي عن الإمام ابن حزم عن إجماع المسلمين من وجوب حمايتهم ولو كانت الكلفة الموت في سبيل ذلك فقال: "من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا
أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة".[8]

فهل جاء بالتاريخ عدل وإنصاف قريب مما قدمه الإسلام ؟؟

 

حكام النصارى والحرية الدينية!؟ ( اسبانيا في بداية القرن السادس عشر):

خيرت أسبانيا اليهود بين التعميد أو الرحيل ولما وجد أن فئة قليلة منهم آثرت التنصر، وكره أن تباد المهن والصناعات التي تفوق فيها اليهود أمر جميع الأطفال اليهود دون سن الخامسة عشرة، أن يفصلوا عن آبائهم وينصروا كرهاً. وعارض رجال الدين الكاثوليك هذا الإجراء، ولكنه نفذ.

وتم خروج اليهود الرهيب من أسبانيا. بيد أن الوحدة الدينية لم تكن قد تحققت بعد: فقد بقى المسلمون. ذلك أن غرناطة سقطت، ولكن سكانها المسلمين منحوا الحرية الدينية. وانتدب كبير الأساقفة "هرناندو ده تالافيرا"، حاكماً على غرناطة. فنفذ الميثاق في شئ من السرية وحاول أن يستدرج المسلمين إلى التنصير بالرفق والعدل. ولكن "اكسيمينيس" لم يوافق على مثل هذا الاعتناق للمسيحية. فألح على الملكة، بأن العهد لا يحافظ عليه مع الكافرين، وأقنعها بأن تصدر مرسوماً ( عام 1499) يخير المسلمين بين الدخول في المسيحية وبين مغادرة أسبانيا. وذهب بنفسه إلى غرناطة، وتسلط على طلبيرة وأغلق المساجد، ونصب المحارق العامة التي التهمت جميع الكتب والمخطوطات العربية التي وصلت إليها يده، وأشرف على التنصير الإجباري بالجملة. وكان المسلمون يمسحون الماء المقدس عن أطفالهم عندما يبتعدون عن عين القسيس ونشبت الثورات في المدينة والولاية، وسحقت. وخير جميع المسلمين في قشتالة وليون بمقتضى مرسوم ملكي صدر في الثاني عشر من فبراير لعام 1502 بين الدخول في المسيحية ومغادرة البلاد وأعطوا لذلك مهلة غايتها آخر إبريل من العام نفسه. واحتج المسلمون بأن أسلافهم عند ما حكموا معظم أسبانيا، فإنهم سمحوا بالحرية الدينية، إلا في القليل النادر، للمسيحيين الذين تحت سلطاتهم، ولكن الملكين لم يتأثرا بهذا الاحتجاج وحرم على الأطفال الذكور دون الرابعة عشرة والإناث دون الثانية عشرة أن يغادروا أسبانيا مع آبائهم وسمح للأمراء الإقطاعيين بأن يحتفظوا بأرقائهم المسلمين على أن يوضعوا في الأغلال. ورحل الألوف، أما الباقون فقبلوا أن ينصروا بفلسفة أكبر مما فعل اليهود وتعرضوا باعتبارهم عربا موريسكيين "morisccos" محل اليهود المعمدين لتحمل عقوبات محكمة التفتيش على عودتهم إلى ديانتهم السابقة وترك أسبانيا إبان القرن السادس عشر ثلاثة ملايين من المسلمين المتظاهرين بالمسيحية ووصف الكاردينال ريشليه مرسوم عام 1502 بأنه "أمجد حادث في أسبانيا منذ عهد الرسل". [9]

 

 

3- حد الردة:

يفرق الإسلام بين حرية الاعتقاد فيكون دخول الشخص للإسلام اختياريا" ناتجا" عن اقتناع وإيمان (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ....[البقرة : 256]
وبين الخروج من الإسلام والعودة إليه متى شاء !! على طريقة بعض اليهود الذين قالوا (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران : 72])
فالإسلام نظام متكامل وليس شعائر وعبادات فقط, فيعتبر الخروج على الإسلام مثل الخروج على الدولة ممن تحاكمهم الدول بتهمة الخيانة العظمى.
ويفرق الإسلام بين من يجهر بالخروج على الإسلام ويحاربه وبين من يبطن الكفر ولا يجهر به.
المعترض على حد الردة أما أن يكون من:

أ- اليهود والنصارى.
ب- المسلمين.
ج- الملحدين.


أ- الرد على اليهود والنصارى:

لا يحق لكم الحديث حول حد الردة لأنه موجود بكتابكم وبدون استتابة, ففي الإسلام تتم استتابة الشخص, فإن عاد في أقواله لا يتم تطبيق عليه الحد, أما عندكم فجاء الحكم بالقتل:

( تثنية 13 : 6 «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ أَوْ صَاحِبُكَ الذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ 7  مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الذِينَ حَوْلكَ القَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ البَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا 8   فَلا تَرْضَ مِنْهُ وَلا تَسْمَعْ لهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَليْهِ وَلا تَرِقَّ لهُ وَلا تَسْتُرْهُ  9   بَل قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً.  10   تَرْجُمُهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ لأَنَّهُ التَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ.)

كتب أحمد ديدات-رحمه الله-:
"هكذا دون استتابة ٍ تأمر التوراة بقتل المرتد ويعيبون على الإسلام قتل المرتد في حين أن القرآن الكريم قد أورد ذكر المرتد بموضعين لم يأمر الله بقتله في أي منهما بل اختص الله نفسه بعقاب المرتد مما يوحى بأن عقابه يوم القيامة أفظع من القتل وأشد. وإذا كان ثمّة أحاديث نبوية توصي وتأمر بقتل المرتد حفاظاً على معنويات ومقومات الجماعة المسلمة فإن هذه مسألة فقهية تجتهد الشريعة الإسلامية عن طريق الاستتابة وتقدير ملابسات الحالة من وقوع ضرر أو عدم وقوعه وحدوث حرابة أو خيانة أو عدم حدوث ذلك لتخفيف ما يمكن تخفيفه من عقاب، ما لم يكن الارتداد مؤكّداً مصحوباً بحرابة جماعة المسلمين مما يصل بمقترفة حدّ ما يسمونه بالخيانة العظمى.[10]


والمقصود بالاستتابة إعطاؤه فرصة ليراجع نفسه عسى أن تزول عنه الشبهة وتقوم عليه الحُجة ويكلف العلماء بالرد على ما في نفسه من شبهة حتى تقوم عليه الحُجة إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص وإن كان له هوى أو يعمل لحساب آخرين، يوليه الله ما تولى.


ومن أمثلة تطبيق حد الردة في العهد القديم ما جاء عن موسى عليه السلام أنه عندما عاد ووجد قومه يعبدون العجل قتل منهم 3000 رجل.

( خروج 32 : 28 فَفَعَلَ بَنُو لاوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاثَةِ الافِ رَجُلٍ. )

وإن كان الرد النصراني أن شريعة التوراة قد نسخت أو ألغيت بالعهد الجديد, نسأله عن النصوص التي نسختها أو ألغتها عنده أولا"( ولن يجد), ونرد عليه ثانيا": إن كانت قد فرضت من الله حسب كتابك وألغيت من الله حسب ادعائك فما المانع أن يعيدها الله في شريعة الإسلام !!؟.


ب-
الرد على المسلمين:

المسلم أمام هذا الأمر وجب عليه التسليم لله تعالى, فإن كان الأمر من عند الله وجب السمع والطاعة لقد قال الله تعالى:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة : 285]
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور : 51]

 

ج- الرد على الملحدين:

وجب على الملحد الحديث أولا" حول وجود الله تعالى وشرائعة وهل يجب علينا الاستماع لحكم الخالق أم لا. فالغريب أن نجد بعض الملحدين يتناقشون في فروع وشبهات مثل الزواج والحدود تاركين الإيمان بالله تعالى وملائكته والبعث !!.

قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً [الفرقان : 43].

ولا يخفى أن من دخل الإسلام باختياره وعلم بوجود حد للردة, لن يدخل إلا عن قناعة كاملة.

4 - المرأة في الإسلام والمسيحية:

ظهر الإسلام وكان بالعالم أجمع تفرقة كبيرة بين الرجل والمرأة. وفي البيئة التي نشأ فيها الإسلام كان من ينجب فتاة يختار بين أن يبقيها على كراهة أو يدفنها حية في التراب خوفا" من العار !.
وبعد أن جاء الإسلام, تحسن وضع المرأة في البلاد الإسلامية عن غيرها من البلدان, ولكن لا تزال شبهة وضع المرأة في الإسلام تسيطر على عقول الكثير من غير المسلمين وهذا لجهلهم بنصوص الكتب الأخرى غير الإسلامية ولتغاضيهم عن قراءة التاريخ المنصف لوضع المرأة في الإسلام.

سنستعرض وضع المرأة من جهة النصوص الخاصة بها ( القرآن والكتاب المقدس ), ومن جهة شهادة التاريخ.

 

أولا" النصوص:
أ- الإسلام:
- قال الله تعالى موصيا" الرجال بالنساء: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً " [النساء : 19]
التفسير الميسر: " يا أيها الذين آمنوا لا يجوز لكم أن تجعلوا نساء آبائكم من جملة تَرِكتهم, تتصرفون فيهن بالزواج منهن, أو المنع لهن, أو تزويجهن للآخرين, وهن كارهات لذلك كله, ولا يجوز لكم أن تصارُّوا أزواجكم وأنتم كارهون لهن; ليتنازلن عن بعض ما آتيتموهن من مهر ونحوه, إلا أن يرتكبن أمرا فاحشا كالزنى, فلكم حيننذ إمساكهن حتى تأخذوا ما أعطيتموهن. ولتكن مصاحبتكم لنسائكم مبنية على التكريم والمحبة, وأداء ما لهن من حقوق. فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب الدنيوية فاصبروا; فعسى أن تكرهوا أمرًا من الأمور ويكون فيه خير كثير."


- الطلاق الذي شرعه الله تعالى يمثل حلا" أخيرا" في حالة استحالة العشرة الزوجية بين الزوجين:

الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة : 229]
التفسير الميسر: " الطلاق الذي تحصل به الرجعة مرتان, واحدة بعد الأخرى, فحكم الله بعد كل طلقة هو إمساك المرأة بالمعروف, وحسن العشرة بعد مراجعتها, أو تخلية سبيلها مع حسن معاملتها بأداء حقوقها, وألا يذكرها مطلقها بسوء."

 

- أعطى الإٌسلام للمرأة نصيبا" في الميراث وهو نصف ما يرث الرجل حسب الآية الكريمة :
ُيوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ..... [النساء : 11]
وخالف الإسـلام في هذا سنة الجاهلية التي كانت تحرم المرأة من الميراث بالكلية لأنها لا تنفق على غيرها، ولا تحارب عدواً.

ولأول وهلة قد يبدو أن الإسلام ظلم البنت إذ جعل لها نصف حظ أخيها من تَرِكَة الأب، إلا أن هذا الأمر ينافي الواقع إذ إن الإسلام كلف الرجل بما لم يكلف به المرأة فهو المسئول عن نفقتها ونفقة عياله وحتى أخواته إذا لم يكن لهن معيل ، بينما لم يكلف الشرع المرأة بأية مسؤوليات، فالمال الذي ترثه من أبيها يبقى لها وحدها, لا يشاركها فيه مشارك.

وميراث المرأة في التشريعات السابقة, حسب الكتب التي بين أيديهم فسيأتي بيانه.

 

- سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في التكليفات والجزاء فقال تعالى: " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "[النحل : 97]

- بين الله تعالى أجر المؤمنين والمؤمنات على السواء في الآخرة فقال تعالى: " وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "[التوبة : 72]

 

- ورد عن رسول الله تعالى في فضل الأم:" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ ‏"‏ أُمُّكَ ‏"‏ ‏.‏قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ‏"‏ ثُمَّ أُمُّكَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ‏"‏ ثُمَّ أُمُّكَ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ‏"‏ ثُمَّ أَبُوكَ ‏"‏‏. [11]

 

ب - المسيحية:

- ألقى الكتاب المقدس مسؤولية الخطيئة البشرية كلها على عاتق المرأة, وجعل عقابها ألام الولادة واشتياقها للرجل وتسلطه عليها !: " (تكوين 3 : 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».)

 

- أعطى الكتاب المقدس المرأة منزلة متدنية عن الرجل في كثير من المواضع حتى أن المرأة تكون نجسة أسبوع في حالة ولادة الذكر ونجسة أسبوعين في حالة ولادة الأنثى !!: " )اللاويين 12: 1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 2«قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَراً تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. .... 5وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْماً فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. ).

 

- المرأة أثناء الطمث نجسة وكل ما تمسه يصبح نجسا" !!: " ( اللاويين  15 :19 وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا، وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20كُلُّ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أَوْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً، 21وَكُلُّ مَنْ يَلْمِسُ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَكُلُّ مَنْ يَلَمِسُ شَيْئاً كَانَ مَوْجُوداً عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ.)


- لم يقرر للزوجة أي نصيب من الميراث, وجعل للابنة نصيب فقط في حالة عدم وجود أخ !!:
( العدد 27 : 8 وَأَوْصِ بَنِي
إِسْرَائِيلَ أَنَّ أَيَّ رَجُلٍ يَمُوتُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْلِفَ ابْناً، تَنْقُلُونَ مُلْكَهُ إِلَى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ابْنَةٌ تُعْطُونَ مُلْكَهُ لإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْوَةٌ، فَأَعْطُوا مُلْكَهُ لأَعْمَامِهِ. 11وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَامٌ، فَأَعْطُوا مُلْكَهُ لأَقْرَبِ أَقْرِبَائِهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ، فَيَرِثَهُ. وَلْتَكُنْ هَذِهِ فَرِيضَةَ قَضَاءٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى).

-  أورد الكتاب المقدس في إحدى فقراته مجموعة من الأحكام الخاصة بالمرأة منها التي تتزوج ويتضح أنها غير عذراء تقتل رجما" على باب المدينة, ومن يزني مع امرأة متزوجة يقتلا معا" ومن تتعرض للاغتصاب تُقتل مع من اغتصبها إذا لم تصرخ !!.

( تثنية 22 :  21 يُخْرِجُونَ الفَتَاةَ إِلى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ لأَنَّهَا عَمِلتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيل بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. 22«إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعاً مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْلٍ يُقْتَلُ الاِثْنَانِ: الرَّجُلُ المُضْطَجِعُ مَعَ المَرْأَةِ وَالمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل. 23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. )

 

إن قال قائل: ولكن هذا في العهد القديم نرد عليه:

1- العهد القديم هو جزء من الكتاب المقدس عند كل الطوائف النصرانية.
2- السيد المسيح لم يقل أنا جئت لأنقض القوانين بل قال جئت لأكمل
:( متى 5 : 17. لا تظنوا إني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء.ما جئت لانقض بل لأكمل.).
3- السيد المسيح عندما سئل عن الميراث,  قال من الذي وضعني عندكم مشرعا" وقاضيا" ( هل هذا قول الإله !!؟),( لوقا 12 : 13
 وقال له واحد من الجمع يا معلّم قل لأخي أن يقاسمني الميراث. فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضيا أو مقسّما. (
4-
السيد المسيح لم يأت بأي تشريعات جديدة حسب العهد الجديد,إلا ما نسب إليه من ( منع الطلاق إلا في حالة الزنا, منع الزواج بمطلقة , جواز دفع الجزية , عدم رجم المرأة الزانية ) وباقي أوامر السيد المسيح كانت الحفاظ على الوصايا وإتباعها.

ونأتي لبعض الوصايا و الأوامر الخاصة بالنساء في العهد الجديد:

- تصمت النساء في الكنائس !!, أين هذا من معارضة المرأة لأمر عمر بن الخطاء أمير المؤمنين في المسجد !؟, ( 1 كورنثوس 14 :34 لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُوناً لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضاً. 35  وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئاً فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.)

 

- المرأة لا تتسلط على الرجل فهي أصل الخطيئة: ( 1 تيموثاوس 2 : 12  وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ،13 لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، 14 وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي،( .

 

- النساء يخضعن للرجال في كل شيء: ( افسس 5 : 22 أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23 لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24  وَلَكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.(

 

- المرأة خلقت من أجل الرجل والمرأة يجب أن تغطي شعرها في الصلاة: ( 1 كورنثوس 11 : 3  وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ....  لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9  وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ....13 احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟ ).

 

- كيف حدث السيد المسيح أمه " السيدة مريم " حسب العهد الجديد ؟؟!!
لقد قالت له أمه الخمر نفذت من حفل العرس فقال لها مالي ومالك يا امرأة !!
( يوحنا 2 : 3
  وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». )

وكرر النداء يا امرأة لها مرة أخرى فقال حسب العهد الجديد:( يوحنا 19 : 26  فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لأمه يا امرأة هوذا ابنك.).

 

ولكن القرآن الكريم بين أن السيد المسيح كان برا" بوالدته على عكس ما ذكره يوحنا, فقال الله تعالى:

"قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)"( سورة مريم ).

 

الرجل والمرأة ما التشريع المطلوب, المساواة أم العدل ؟؟:
مصطلح - المساواة – الذي ينادي به الكثير هو مصطلح يقوم على اعوجاج وقلة إدراك لا سيما إن تحدث المتحدث ونسب المساواة للقرآن الكريم أو للدين الحنيف.
ومما يخطئ الناس في فهمه قولهم : الإسلام دين المساواة ، والصحيح أن يقولوا : الإسلام دين العدل .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى- :
وهنا يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل العدل المساواة وهذا خطأ، لا يقال: مساواة ؛ لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بينهما، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون: أي فرق بين الذكر والأنثى ؟ سووا بين الذكور والإناث.
لكن إذا قلنا بالعدل وهو إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه
, زال هذا المحذور، وصارت العبارة سليمة، ولهذا لم يأت في القران أبداً: " إن الله يأمر بالتسوية " لكن جاء: { إن الله يأمر بالعدل } النحل/90 ، { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } النساء/58 ، وكذب على الإسلام مَن قال: إن دين الإسلام دين المساواة، بل دين الإسلام دين العدل وهو الجمع بين المتساوين والتفريق بين المفترقين. [12]

وعليه: فالإسلام لم يساو بين الرجل والمرأة في الأمور التي لو ساوى بينهما لظلم أحدهما؛ لأن المساواة في غير مكانها ظلم شديد.
فالقرآن أمر المرأة أن تلبس غير الذي أمر به الرجل، إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من بدنها ما يكشفه الرجل لاختلاف طبيعة كل منهما, وفي نفس الوقت سمح لها بلبس الذهب والحرير وهو ما لم يسمح به للرجل. والجهاد على الرجال، والنساء ليس عليهن جهاد القتال، وهذا من رحمة الله بهن ومن المراعاة لحالهن.
بينما سوّى الشرع بين المرأة والرجل في كثير من العبادات والمعاملات
فمن ذلك أنها تتوضأ كوضوء الرجل، وتغتسل كغسله، وتصلي كصلاته ، وتصوم كصيامه إلا أن تكون في حال حيض أو نفاس، وتزكي كما أنه يزكي، وتحج كحجه – وتخالفه في يسير من الأحكام - ويجوز البيع منها ويقبل، وكذا لو تصدقت جاز منها .

فالخلاصة:
أن المرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى وأكثر أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق على الرجال والنساء سواء، وما جاء من التفريق بين الجنسين ينظر إليه المسلم على أنه من رحمة الله وعلمه بخلقه، وينظر إليه الكافر المكابر على أنه ظلم، ويركب رأسه ليزعم المساواة بين الجنسين فليخبرنا كيف يحمل الرجل جنيناً ويرضعه ويظل راكباً رأسه حتى يتحطم على صخرة الواقع، ويظلّ المسلم مطمئناً بالإيمان مستسلماً لأمر الله ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك/14.

ثانيا" وضع المرأة في التاريخ بين المسيحية والإسلام:

جاء في موسوعة قصة الحضارة: "قضى القرآن على عادة وأد البنات وسوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي، وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث، وتتصرف في مالها كما تشاء ، وقضى على ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع. وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر، ومنع زواجهن بغير إرادتهن.[13]


جاء
أيضا"عن المرأة المسلمة في القرن التاسع الميلادي: "وكان مركز المرأة المسلمة يمتاز عن مركز المرأة في بعض البلاد الأوربية من ناحية هامة، تلك هي أنها كانت حرة التصرف فيما تملك لا حق لزوجها أو لدائنيه في شيء من أملاكها.[14]

 

جاء في كتاب تاريخ معاناة المرأة: " ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب ، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية . وكان من حق الزوج القانوني، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات.[15]

 

لقد نادى الغرب بخروج المرأة إلى ميادين العمل ونشر الإعلانات الداعية لذلك في الميادين والصحف لسد النقص في صفوف العمال وقت الحرب العالمية الثانية والتي راح ضحيتها ما يزيد على 50 مليون قتيل وعدة أضعاف من الجرحى. فلم يكن دافع إخراج المرأة من بيتها للعمل هو المساواة وحقوق الإنسان بل الحاجة لها في أعمال المصانع التي تغذي عجلة الحرب .
إن مما جنته هذه الشرائع الظالمة التي نادت -زوراً- بالمساواة، وأخرجت المرأة من سترها، وعزها، لتكسب قوتها بنفسها كالرجل سواءً قد ظلمت المرأة وأهانتها إهانة بالغة، وحملتها مشقات عظيمة.


المرأة الأمريكية ومتى حصلت على الحرية؟:
جاء في كتاب تاريخ أمريكا:

- حتى الستيناتِ كانَ القانونُ يُفرّقُ بينَ النساءِ والرجالِ في العديدِ من الولاياتِ الأمريكيّة وصدرَ قانونِ الحقوقِ المدنيّةِ عامَ 1964 الذي حظرَ التفرقةَ العنصريّةَ في الوظائفِ على أساسِ الجنسِ أو اللون.

بالرغمَ من ذلك أظهرَ تعدادُ 1970 أنَّ متوسّطَ ما تحصلُ عليه النساءُ العاملاتُ في المصانعِ يبلغُ ما يقارب 60 بالمئة من أجر الرجال بنفس الوظيفة.

- في عامِ 1972، وافقَ الكونجرس على تعديلِ الدستورِ، لإزالةِ كافّةِ أشكالِ التمييزِ ضدَّ المرأة.

- في عامِ 1977 بلغتْ نسبةُ المواليدِ لنساءٍ غيرِ متزوّجاتٍ 15.5%  من إجماليِّ المواليد، وهي تقريبًا ثلاثةُ أضعافِ معدّلِ عامِ 1960 ، بينما كانَ أكثرُ من نصفِ إجماليِّ عددِ الأطفالِ السّودِ يُولدونَ لنساءٍ بلا زواج!

- أوضحتِ الإحصاءاتُ في السبعينات ارتفاعًا حادًّا في عددِ الرجالِ والنساءِ الذينَ يعيشونَ معًا بدونِ زواج، وكانَ 25% منهم لديهم أبناء.. وكانَ البعضُ يقول: إنّه شيءٌ طيّبٌ أن يكونَ للنساءِ وسيلةٌ لإنهاءِ العَلاقةِ إذا أساءَ الرجالُ معاملتَهنّ، ففي الماضي كانَ الكثيرُ من النساءِ يتحمّلنَ وحشيّةَ الأزواجِ في صمت، بسببِ الضّغوطِ الاجتماعيّةِ والدينيّةِ الرافضةِ للطلاق!..[16]

فهل الإسلام هو من أهان المرأة وقهرها وأضاع حقوقها ؟!, وهل المسيحية هي التي حررت المرأة أم الأهواء والمصالح ؟؟.

5- تعدد الزوجات:

مسألة تعدد الزوجات، مباحة منذ فجر التاريخ ولم يأت أي نبي أو رسالة سماوية بمنعها، حتى العهد الجديد لم يصرّح أبدا بمنعها فجاءت النصوص كما يلي:
- ( تثنية 21 : 15. اذا كان لرجل امرأتان أحداهما محبوبة والأخرى مكروهة ... ).

- جاء عن نبي الله إبراهيم عليه السلام أنه تزوج السيدة هاجر وأنجبت له إسماعيل عليه السلام، بينما رزقه الله من السيدة سارة بإسحاق عليه السلام.

-جاء عن يعقوب عليه السلام( إسرائيل ) في العهد القديم أنه كان متزوجا" من أختين, وأعطته كل واحدة منهما جاريتها لينجب منها, فأنجب من الأربعة أسباط بني إسرائيل الاثنى عشر.

( تكوين 30: 2 فحمي غضب يعقوب على راحيل وقال ألعلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن 3 فقالت هوذا جاريتي بلهة.ادخل عليها فتلد على ركبتيّ وأرزق انا ايضا منها بنين 4  فأعطته بلهة جاريتها زوجة.فدخل عليها يعقوب ).

-جاء عن نبي الله سليمان في العهد القديم أنه كان متزوجا" 700 من النساء وله من السراري ثلاثمائة! (وهذا لم يبطل نبوته في نظرهم بالإضافة لما نسبوه إليه من عبادة للأصنام !!).

( ملوك أول 11 :  3  وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه.  4  وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. ).

-لم تأتي أي نصوص من أقوال السيد المسيح  تقول " على الرجل الزواج من امرأة واحدة "!.
-جاءت نصوص بولس تلزم الأساقفة والشمامسة أن يكونوا متزوجين من امرأة واحدة فقط !!! .

( 1 تيموثاوس 3 : 2  فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ،..)

( 1 يموثاوس 3 : 12  لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌّ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، ...، ).

فما معنى أنه على الأسقف والشماس التزوج من امرأة واحدة !؟.

- حدد العهد الجديد أن المرأة غير الرجل فهي مرتبطة بالناموس ( الشريعة ), طالما زوجها حي, فإن مات من الممكن أن تتزوج من رجل أخر !.

( 1 كورنثوس 7 : 39 الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ ..)
ولم يذكر العهد الجديد الرجل ويقول أنه مرتبط أيضا" ولا يتزوج طالما امرأته حية !!.

وكان تعدد الزوجات شائعاً بين غالبية الشعوب ولكن كان يمنعه القانون الروماني واليوناني الذي اصطبغت به المسيحية في القرن الرابع الميلادي.


جاء في موسوعة قصة الحضارةعن سقراط: " ولم يكن الزواج يضايقه قط فقد يبدو أنه اتخذ لنفسه زوجة ثانية حين أباح القانون تعدد الزوجات مدة قصيرة لكثرة من قتل في الحروب من الذكور".[17]

فالقانون اليوناني من ما قبل الميلاد كان يمنع التعدد وعند دخول المسيحية لليونان وروما أخذت المسيحية القانون ولذلك لا توجد نصوص في المسيحية خاصة بمنع التعدد.

ولم يبتكر الإسلام نظام التعدد الثابت تاريخياً أنه ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور ولكن الجديد الذي أتى به الإسلام هو:
1- تقييد التعدد وهذا لم يكن موجودا" في الشرائع السابقة.
2- اشتراط العدل بين الزوجات.
3- الأمر بحسن معاملة الزوجة بوجه عام.

كتب
محمد قطب: "أما تعدد الزوجات فتشريع للطوارئ وليس هو الأصل في الإسلام".[18]

ومنذ القدم جاء تعدد الزوجات ليواجه خللا" يحدث نتيجة أمراض تصاب بها المجتمعات مثل (العقم والعجز وازدياد عدد النساء على الرجال نتيجة للحروب ....الخ.). ولم يشهد التاريخ في أي فترة من الفترات ازدياد عدد الرجال على النساء, بل كانت الغلبة للنساء نتيجة كثرة تعرض الرجال للمخاطر وأهوال الحروب.

سأل الداعية أحمد ديدات محاوره في إحدى المناظرات قائلا" " إن عدد السيدات في بلادكم يزيد بالملايين عن عدد الرجال, فما الحل الذي قدمتموه لهذه المشكلة !؟, إن الإسلام قدم لنا الحل لذلك ".


جاء في موسوعة قصة الحضارة: ". وأصدر جرشم بن يهوذا حاخام مينز في عام 100 م أمراً بحرمان كل يهودي يتزوج أكثر من واحدة، وما لبث تعدد الزوجات بعد هذا القرار أن انقرض أو كاد بين اليهود في جميع أنحاء أوربا ما عدا أسبانيا [19].
فقد توقف التعدد بناء على أمر حاخام وليس بناء على أمر إلهي !.

 

جاء في موسوعة قصة الحضارة: تحت عنوان: إعادة تنظيم ألمانيا (1648-1715 ):

 "هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من 20.000.000 إلى 13.500.000. وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر فرانكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورمبرج اتخذوا القرار الآتي:-  "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".[20]

فكان الحل الإسلامي هو الحل الوحيد المتوافر لهم في القرن السابع عشر, أو اللجوء للعلاقات الغير شرعية وإنجاب أطفال غير شرعيين !!.

 

الرد على شبهة تعدد زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام:

أ- تعدد الزوجات كان مباحا" في كل الشرائع السابقة, ولا يحق لليهود أو النصارى إثارة الموضوع لثبوت التعدد عند أنبيائهم حتى أن سليمان عليه السلام كانت له سبعمائة زوجة وثلاثمائة من السراري كما جاء بكتبهم وداود عليه السلام كانت له عشرات الزوجات ولم يمنعه هذا من النبوة.
ب-
تزوج الرسول عليه الصلاة والسلام زواجه الأول وعمره خمسة وعشرين عاما" وكانت عمر زوجته السيدة خديجة أربعون عاما", واستمر الرسول عليه الصلاة والسلام زوجا" لامرأة واحدة ( السيدة خديجة)  لمدة خمسة وعشرين عاما" حتى توفيت رضي الله عنها عن عمر 65 عاما", ولم يطعن أي مستشرق أو مؤرخ أو شاعر أو كاتب في أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام قبل زواجه من السيدة خديجة أو أثناء الزواج.
ج- قضى الرسول عليه الصلاة
والسلام فترة بدون زواج ثم تزوج بعد السيدة "خديجة" من السيدة "سودة"  وكانت أرملة تعدت الستين عاما" وأهلها بمكة من المشركين, فلم يكن هناك من يرعاها بعد أن توفي زوجها بعد عودتهم من الحبشة, فهل مثل هذا الزواج يكون من أجل الشهوة كما يدعون!؟.
د-بدأ تعدد زواج الرسول عليه الصلاة والسلام بالزواج من السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق وكان عمره حوالي الثالثة والخمسين, ثم بعد ذلك من السيدة "حفصة بنت عمر بن الخطاب" بعد أن توفي عنها زوجها وكان عمر رضي الله عنه يبحث لها عن زوج فعرضها على أبي بكر الصديق وعلى علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وتهلل فرحا" بشرف زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من ابنته.
هـ- جاءت زيجات الرسول عليه الصلاة والسلام لأهداف اجتماعية أو تشريعية, فمن ضمن زوجاته زواجه من السيدة "جويرية" التي كان أهلها تحت أسر المسلمين بعد إحدى الحروب وفور إعلان الزواج بين الرسول عليه الصلاة و السلام والسيدة "جويرية بنت الحارث", أطلق المسلمون أسراهم وردوا إليهم كل أمتعتهم قائلين " أيعقل أن يكون أصهار الرسول عليه الصلاة والسلام عندنا أسرى !!؟ "حتى أنه قيل ( لم تكن امرأة أعظم بركة على قومها منها), فقد أطلق سراح كل قومها وما لبثوا أن دخلوا في الإسلام. أما زواجه من السيدة "زينب" فكان لغرض تشريعي حيث كان العرب يعتبرون الابن بالتبني له كل حقوق الابن من حرمة وغيرها فنزلت الآيات التي أمرت بدعوة الأبناء لآبائهم والتعامل مع أبناء التبني كأخوة في الدين وليس كأبناء بالنسب.
ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب : 5]
ثم جاء اكتمال التشريع الخاص بهم بزواج الرسول عليه الصلاة والسلام من مطلقة مولاه( زيد بن حارثة) الذي كان يسمى من قبل (زيد بن محمد ).
(....... فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً [الأحزاب : 37]
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [الأحزاب : 40]
وقد كانت السيدة " زينب بنت جحش" تفخر بهذا الأمر وتتباهي به على بقية أمهات المؤمنين وتقول لهن:" زوجكن أهاليكن وزوجني ربي من فوق سبع سمَاوات"( البخاري كتاب التوحيد.)
و- كانت زيجات الرسول عليه الصلاة والسلام من أرامل ( ما عدا السيدة عائشة ) وكان الزواج من الأرملة يعتبر عطفا" وفضلا " لرعايتها هي وأولادها, ولو أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الزواج ممن يشاء من بنات الصحابة رضوان الله عليهم لسارع الصحابة كلهم ليحظوا بهذا الشرف.
ز- لم تكن حياة الرسول عليه الصلاة والسلام حياة بهجة وسعادة وسهرات, بل كانت حكم ودعوة وجهاد وسفر وصلاة وقيام ليل حتى تورمت قدماه فأين الوقت للزواج من أجل المتعة كما يدعون !!؟؟.


الرد على شبهة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة:

أثار المستشرقون شبهة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة, قائلين كيف يتزوج وعمره 54 عاما" من فتاة عمرها 9 سنوات ؟.وفي هذه الشبهة اعتراضان:
أ- الاعتراض على صغر سن السيدة عائشة.
ب- الاعتراض على فرق السن بينهما.

والرد :
أ-  بالنسبة لصغر سن السيدة عائشة وقت الزواج:


أولا": جاء في موسوعة قصة الحضارة: 
وكانت حياة المرأة العربية قبل أيام النبي تنتقل من حب الرجل لها حباً يقترب من العبادة إلى الكدح طوال ما بقي من حياتها، ولم تتغير هذه الحياة فيما بعد إلا قليلاً. وكان في وسع أبيها أن يئدها حين مولدها إذا رغب في هذا، فإن لم يفعل فلا أقل من أن يحزن لمولدها، ويواري وجهه خجلاً من الناس، لأنه يحس لسبب ما أن جهوده قد ذهبت أدراج الرياح، وكانت طفولتها الجذابة تستحوذ على قلبه بضع سنين، ولكنها حين تبلغ السنة السابعة أو الثامنة من عمرها كانت تُزوج لأي شاب من شبان القبيلة يرضى والده أن يؤدي للعروس ثمنها( مهرها ).[21]

وجاء أيضا" في نفس الموسوعة:

وكانت شؤون الزواج يتولاها الآباء، كما يتولونها في معظم البلاد المتمدنة، فقد كان من حق الوالد أن يزوج ابنته لمن أراده هو لها أن تبلغ سن الرشد؛ أما بعد هذه السنن فكان لها أن تختار. وكانت البنات يزوجن في العادة قبيل سن الثانية عشرة، ويصبحن أمهات في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، ومنهن من كن يتزوجن في سن التاسعة أو العاشرة.[22]

إذن من وجهة نظر التاريخ والعادات والتقاليد كان أمرا" معتادا" زواج الفتاة في هذا السن الذي هو حسب الظروف المعيشية تكون ناضجة بما فيه الكفاية لمتطلبات الزواج.
ثانيا" : لم يعترض أي من أعداء الرسول عليه الصلاة والسلام على الأمر, فقد كان أمرا" معتادا" حسب البيئة والظروف وقتها , ولا يصح قياس نفس الأمر على واقعنا وفي ظروف مختلفة بعد ألف وأربعمائة عام.
ثالثا: كانت السيدة عائشة مخطوبة قبل الزواج من الرسول عليه الصلاة والسلام.

ب- فيما يخص فارق السن بين الرسول عليه الصلاة والسلام وبين السيدة عائشة:
أولا" : في حوار مع أحد الحاصلين على دكتوراه في اللاهوت رفض الحديث عن أي من العقائد المسيحية وطلب الحديث عن الإسلام, ولما وافقت طلب تحديدا" الحديث حول زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة, وهذه هي السمة الغالبة في النقاش مع الجانب النصراني, يترك كل أمور عقيدته وعقيدتك ويتناقش في زواج وطلاق فقال :
المسيحي : هل لو عندك بنت عمرها 9 سنوات, هل تزوجها لرجل عنده 54 عاما" ؟!.
المسلم  : لو كان هذا هو عمر الزواج في المجتمع لا أجد مانعا" من ذلك, فما بالك عندما يكون هذا هو عمر الزواج لكل من حولنا ومن يطلب الزواج هو الرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟ بالطبع أزوجها, واسمح لي أسألك سؤال, هل لو كان عندك فتاة 11 سنة تخطبها ثم تزوجها لرجل عنده 89 عاما" !؟.
المسيحي : تقصد من .؟
المسلم   : يوسف النجار خطيب السيدة مريم كان عمرة 90 عاما" حين جاءت بالسيد المسيح, وكان عمرها 12 عاما", فمعنى هذا أنهما كانا مخطوبين وعمره 89 وعمرها 11 عاما" مما يعني الفرق بينهما 78 عاما" وهذا ثابت في الموسوعة الكاثوليكية.[23]
المسيحي : ولكنهما لم يتزوجا !!.
المسلم   : سنفترض أنهما لم يتزوجا على حسب اعتقاد بعض الطوائف ولكن هل كانت الخطبة للدعابة والتسلية ؟؟ لقد تمت الموافقة على الخطبة مع وجود فارق في السن حوالي 80 عاما".
بالإضافة إلى أن ما جاء في الإنجيل هو كالآتي ( متى 1 : 25
 ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر.ودعا اسمه يسوع (.
لاحظ تعبير ولم يعرفها حتى ولدت ربك !!!, وتعبير " يعرفها" في لغة الإنجيل يعني يعاشرها معاشرة الأزواج .فقد جاء عن أدم وحواء:
( تكوين 4 : 1
. وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين.)
وفي الترجمة العربية المبسطة جاء ( متى 1 :  25 ولم يعاشرها حتى ولدت ابنها البكر), ومعنى البكر أن هناك من هو بعده !, فالواضح أنه كان هناك زواج ولكن لم يعرفها أو يعاشرها إلا بعد الولادة, وإلا كيف قضى معها 15 عاما" وسافر معها حاملين ربكم عندما كان صغيرا" إلى مصر في رحلة تستغرق ثلاثة أشهر ؟؟ هل كان هذا بداية لمصطلح الصداقة !!؟.
وكيف جاءوا للسيد المسيح بعد ذلك وهو يعلم في المجمع وقالوا له أمك وأخوتك بالخارج !!؟؟
( متى 12 : 47
  فقال له واحد هو ذا أمك وأخوتك واقفون خارجا طالبين أن يكلموك.(

ثانيا" : حسب الكتاب المقدس تزوج إبراهيم عليه السلام وكان عمره يتعدى المائة عام وأنجب من زوجته ( قطورة) ( تكوين 25 : 1
 وعاد ابراهيم فأخذ زوجة اسمها قطورة. (, وتزوج موسى عليه السلام وكان عمره 90 عاما" ( عدد 12 : 1 وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا).

ثالثا" : في بلاد العرب وقت الإسلام كان فارق السن أمرا" معتادا" وليس من المناسب الحكم بالمقاييس الحديثة بعد ما يزيد على  1400 عام من الحدث.
فقد عرض عمر على أبى بكر أن يتزوج ابنته الشابة " حفصة " وبينهما من فارق السن مثل الذي بين المصطفي صلى الله عليه وسلم وبين " عائشة . وتزوج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبي طالب وهو اكبر من علي بن أبي طالب.

6 - الناسخ والمنسوخ :

كثيرا" ما يثير النصراني في حديثه موضوع الناسخ والمنسوخ قائلا", إن الله عند المسلمين يغير من أوامره ويعود فيها فيكون نسخ ما قاله من قبل !! والقائل غالبا" يردد ما سمعه وما لا يعقله أو يفهمه, فلا يعلم أن كتابه ملئ بالنسخ والتغيير !!.

 

النسخ في اللغة : الإزالة

والنسخ في اصطلاح أهل الإسلام : رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي لاحق .

وليس معنى النسخ أن اللّه أمر أو نهى أولاً ثم بدا له رأيٌ فنسخ الحكم الأول، تعالى اللّه عن ذلك عُلُواً كبيراً، بل معناه أن اللّه كان يعلم أن هذا الحكم يكون باقياً إلى الوقت الفلاني ثم يُنسخُ فلما جاء الوقت أرسل حكماً آخر.
ولما لم يكن الوقت مذكوراً في الحكم الأول, فعند ورود الحكم الثاني يتخيل لقصور علمنا أنه تغير، ونظيره بلا تشبيه أن تكلف خادمك بنوع من الأعمال ويكون في نيتك أنه يكون على هذا العمل إلى سنة مثلاً، وبعد السنة ستكلفه بعمل أخر لكن لم تظهر عزمك ونيتك على ما نويته، فإذا مضت السنة وطلبت منه عمل أخر فهذا بحسب الظاهر عند الخادم تغيير ومخالفة لما طلبته من قبل وأما في الحقيقة وعندك فليس بتغيير.
وفي نسخ الأحكام حكم ومصالح نظراً إلى حال المكلفين والزمان والمكان.[24]

 

فقد شرع الله تعالى على سبيل المثال الزواج من الأخت في زمن آدم عليه السلام, وكان التشريع لفترة محددة لم يعلمها آدم وذريته حتى أنزل الله تعالى الحكم بعدم الزواج من الأخت.
فلم يكن التشريع بعدم الزواج من الأخت هو تغيير في الرأي, ولكن لانتهاء الفترة التي حددها الله تعالى بحكمته للعمل بهذا الحكم.

وهكذا باقي الأحكام, وسنعرض أمثلة للنسخ في الكتاب المقدس الذي يردد أصحابه مقولة النسخ كما لو كانت ثغرة ونقطة ضعف في الإسلام !!.

ونحن لن نتعرض لموضوع أي حكم نسخ الحكم الأخر في الإسلام ولكننا سنتحدث عن إمكانية حدوث النسخ للأحكام.

أ- تزوج الأخوة بالأخوات في عهد آدم عليه السلام, وتزوج إبراهيم عليه السلام من أخته سارة , كما جاء في (التكوين 20 :  12" وَهِيَ بِالْحَقِيقَةِ أُخْتِي، ابْنَةُ أَبِي، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ أُمِّي فَاتَّخَذْتُهَا زَوْجَةً لِي”)

- تم تحريم نكاح الأخت في شريعة موسى عليه السلام فجاء في( اللاويين 18 : 9 " لاَ تَتَزَوَّجْ أُخْتَكَ بِنْتَ أَبِيكَ، أَوْ بِنْتَ أُمِّكَ، سَوَاءٌ وُلِدَتْ فِي الْبَيْتِ أَمْ بَعِيداً عَنْهُ).

(اللاويين 20 : 17 " إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ أُخْتَهُ، ابْنَةَ أَبِيهِ أَوِ ابْنَةَ أُمِّهِ، فَذَلِكَ عَارٌ، وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَأْصَلاَ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ شَعْبِهِ،)

ب- الزواج من أختين في نفس الوقت كان مباحا" ومقبولا" فقد تزوج يعقوب عليه السلام من أختين وجمع بينهما وبين جاريتيهما أيضا" حسب ما جاء في (التكوين 29 : 15- 35).
-تم منع الجمع بين الأختين في (اللاويين 18 : 18 " لاَ تَتَزَوَّجِ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِتَكُونَ ضَرَّةً مَعَهَا فِي أَثْنَاءِ حَيَاةِ زَوْجَتِكَ."), ومنعت المسيحية في الوقت الحالي الجمع بين الزوجات بالمرة ولكن بدون نص.

ج- يجوز في شريعة موسى عليه السلام أن يطلق الزوج زوجته لأي سبب، وأن يتزوج رجل آخر بتلك المطلقة.

 ( التثنية 24 : 1-3 " إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ فَتَاةٍ وَلَمْ تَرُقْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَنَّهُ اكْتَشَفَ فِيهَا عَيْباً مَا، وَأَعْطَاهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، 2فَتَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ طَلِيقَةً، 3ثُمَّ كَرِهَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَسَلَّمَهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، ...)

- بينما حسب العهد الجديد فإن السيد المسيح ألغى أو نسخ هذا الحكم وقال لا يجوز الطلاق إلا لعلة الزنا, ومن يتزوج مطلقة فهو يزني !!.

(متى 5 " 31وَقِيلَ أَيْضاً: مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَلْيُعْطِهَا وَثِيقَةَ طَلاَقٍ. 32أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، فَهُوَ يَجْعَلُهَا تَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَةٍ، فَهُوَ يَرْتَكِبُ الزِّنَى.")

أيضا" ( متى  19" :  7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى بِأَنْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ وَثِيقَةَ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» ,8  أَجَابَ: «بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ، سَمَحَ لَكُمْ مُوسَى بِتَطْلِيقِ زَوْجَاتِكُمْ. وَلَكِنَّ الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا مُنْذُ الْبَدْءِ. 9وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ الَّذِي يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، وَيَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ، يَرْتَكِبُ الزِّنَى». )

ومن النص السابق يتضح أن الطلاق لم يكن موجودا"في البداية, ثم تم إقراره أيام موسى عليه السلام, ثم تم إلغاؤه بأقوال السيد المسيح !.

 

د- الختان كان عهد الله على إبراهيم عهدا" أبديا", ( سفر التكوين 17 : 13 " يختتن ختاناً وليد بيتك والمبتاع بفضّتك فيكون عهدي في لحمكم عهداً أبدياً ".  ).

 - جاء بولس وقال: (غلاطية 5 : 2  هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ خُتِنْتُمْ، لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً. .... 6 فَفِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لاَ نَفْعَ لِلْخِتَانِ وَلاَ لِعَدَمِ الْخِتَانِ، بَلْ لِلإِيمَانِ الْعَامِلِ بِالْمَحَبَّةِ."

وقال أيضا" (غلاطية 6 : 15 " لَيْسَ الْخِتَانُ بِشَيْءٍ، وَلاَ عَدَمُ الْخِتَانِ بِشَيْءٍ، ..).
فهل غير بولس الحكم ونسخة أم لم يكن بولس يتكلم بالوحي ؟؟

 

هـ-حسب ما جاء في إنجيل يوحنا, جاءوا للسيد المسيح بامرأة وقالوا إنها زانية وحسب شريعة موسى ترجم, فألغى الحكم وقال من كان منكم بلا خطية فليرمها بحجر وقال لها لا تخطئي مرة أخرى !!.

( يوحنا 8 : 4 قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» .......َقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» ...... فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً». )

 

و- نصوص الكتاب المقدس بالعهد القديم تنص بوضوح على تحريم أكل لحم الخنزير.
(اللاويين 11 : 7 - 8  " والخنزير . لأنه يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر. فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم " ).

- وثبتت الإباحة العامة بفتوى بولس ( رومية 14 : 14 " فَأَنَا عَالِمٌ، بَلْ مُقْتَنِعٌ مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، أَنَّهُ لاَ شَيْءَ نَجِسٌ فِي ذَاتِهِ. أَمَّا إِنِ اعْتَبَرَ أَحَدٌ شَيْئاً مَّا نَجِساً، فَهُوَ نَجِسٌ فِي نَظَرِهِ.").

 وأيضا ما قاله في ( تيطس 1 : 15 " عِنْدَ الطَّاهِرِينَ، كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ. أَمَّا عِنْدَ النَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ طَاهِرٍ، بَلْ إِنَّ عُقُولَهُمْ وَضَمَائِرَهُمْ أَيْضاً قَدْ صَارَتْ نَجِسَةً. ")


ز- لمن أراد مثالا" على تغيير الحكم بعد الشكوى
فهناك قصة " صلفحاد بن حافر " وبناته والميراث في الشريعة .
(عدد 26: 33 وأما صلفحاد بن حافر
فلم يكن له بنون بل بنات.(
ويكمل في الإصحاح 27 بعد وفاة صلفحاد .. ماذا فعل بناته؟

(عدد 27 : 1 فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر..2 ووقفن أمام موسى..قائلات 3 أبونا مات في البرية .... ولم يكن له بنون 4  لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن.أعطنا ملكا بين أخوة أبينا.
 
5 فقدم موسى دعواهنّ أمام الرب 6 فكلم الرب موسى قائلا 7  بحق تكلمت بنات صلفحاد فتعطيهنّ ملك نصيب بين أخوة أبيهنّ وتنقل نصيب أبيهنّ اإيهنّ, تكلم بني إسرائيل قائلا أيّما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته. (.


وحسب النص السابق الرب كلم موسى بالتشريع الجديد.. فالبنات لم يشرع لهن أن يرثن قط قبل تقديم دعوى بنات صلفحاد أمام الرب.
وصدر الأمر من الرب بما تقدم ذكره ولا نجد فيما تقدم أي قيد أو شرط في الوراثة بل أي بنت طالما لم يكن لها أخ ترث وتفعل ما تشاء بمال أبيها الذي ورثته.
ولكن.لم يرضى أعمام البنات موضوع ذهاب الأموال إلى البنات وتزوجهن بأحد خارج السبط فيذهب مال أخيهم إلى غير سبطهم فذهبوا هم أيضاً إلى موسى وقدموا دعواهم أمام الرب مطالبين أن البنات اللائي يرثن لا يتزوجن بأحد من خارج العشيرة أو السبط. فجاء أمر إلهي بذلك.

(سفر العدد 36 : 1 وتقدم رؤوس الآباء من عشيرة بني جلعاد ...وتكلموا قدام موسى 2 وقالوا.قد أمر الرب سيدي أن يعطي الأرض بقسمة بالقرعة لبني إسرائيل.وقد أمر سيدي من الرب أن يعطي نصيب صلفحاد أخينا لبناته 3 فان صرن نساء لأحد من بني أسباط بني إسرائيل يؤخذ نصيبهنّ من نصيب آبائنا ويضاف إلى نصيب السبط الذي صرن له.فمن قرعة نصيبنا يؤخذ…. 5 فأمر موسى بني إسرائيل حسب قول الرب قائلا.بحق تكلم سبط بني يوسف 6 هذا ما أمر به الرب عن بنات صلفحاد قائلا.من حسن في أعينهنّ يكنّ له نساء ولكن لعشيرة سبط آبائهنّ يكنّ نساء.. 8 وكل بنت ورثت نصيبا من أسباط بني اسرائيل تكون امرأة لواحد من عشيرة سبط أبيها لكي يرث بنو إسرائيل كل واحد نصيب آبائه...10 كما أمر الرب موسى كذلك فعلت بنات صلفحاد.)
وهكذا نرى النسخ في الأحكام واضحاً وضوح الشمس في هذه القصة فلم يكن هناك ميراث للبنات على الإطلاق فنسخ هذا التشرع بميراث البنات إن لم يكن لهن أخ, وكان الزواج بأي شخص من خارج السبط بعد الميراث مباحاً ولكن لأجل دعوى أعمامهن نسخ الرب هذا الحكم فأصبح الزواج في سبطهن فقط.



نختتم النسخ في الكتاب المقدس بالنسخ في نفس العدد حيث نسبوا لله تعالى أنه قال (حسب الكتاب المقدس), تأكلوا الخراء فلما قال له النبي:  يا رب لم افعل شيئا" سيئا", خفف الرب عليه الحكم فقال: تأكلوا خراء البقر( خثي البقر ) بدلا" من خراء الإنسان!!.
( حزقيال 4 : 12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: [اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».)

 

الخلاصة:
النسخ ليس للقصور في العلم بل لحكمة الله سبحانه وتعالى فيما يتناسب ويلائم الإنسان, أما ادعائهم أن المقصود بتعبير النسخ في الإسلام هو أنه تغيير الأفعال نتيجة لقصور العلم فهذا ادعاء كاذب على الله تعالى برئ من الإسلام, والعجيب أن من يحاربون الإسلام هم الذين نسبوا لله تعالى هذه الأفعال فجاء بكتابهم:

أ- ( عاموس 7 :  3  فندم الرب على هذا..... ).

ب- (يونان 3 : 10 فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه ).

ج- ( خروج 32 : 14  فندم الرب على الشر الذي قال انه يفعله بشعبه.)
د- ( إرميا 42 :  10  ان كنتم تسكنون في هذه الأرض فاني ابنيكم ولا أنقضكم وأغرسكم ولا اقتلعكم.لأني ندمت عن الشر الذي صنعته بكم. )

هـ- ( ملوك أول 21 : 15 وأرسل الله ملاكا على أورشليم لإهلاكها وفيما هو يهلك رأى الرب فندم على الشر وقال للملاك المهلك كفى الآن رد يدك.).

و- ( صموئيل أول 15 : 11 ندمت على إني جعلت شاول ملكا لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي).

 

والحمد لله رب العالمين
قال الله تعالى:
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [الحشر : 22]
وقال الله تعالى :
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [الأنعام : 59]



[1] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13– ص261-262- الهيئة المصرية العامة للكتاب. ,وعلى الانترنت ص4692-4693 في الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/)

 

[2] موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء13–ص130- 133  الهيئة المصرية العامة للكتاب. وعلى الانترنت ص4561/2/3/4/ الرابطhttp://www.civilizationstory.com/civilization/

[3] موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13– ص 282- طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب,

وعلى الانترنت ص 4713 .

[4] محمد الغزالي- هذا ديننا -ص-60 .بتصرف .

[5]  آدم ميتز -الحضارة الإسلامية (1/96. (

[6] معاملة غير المسلمين في الدولة الاسلامية- د.ناريمان عبد الكريم –ص 50- عن الماوردي: الاحكام السلطانية- ص 144.

[7] رواه أبو داود في سننه ح (3052) في (3/170) ، وصححه الألباني ح (2626)،.

[8] القرافي-الفروق (3/14-15(

[9] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 23– ص 93-97- الهيئة المصرية للكتاب) وعلى الانترنت صفحات8001- 8005 الرابط http://www.civilizationstory.com/civilization/ )

[10] أحمد ديدات - عتاد الجهاد- ص 16.

[11] صحيح مسلم رقم 6664.

[12] شرح العقيدة الواسطية - ص 137-138.

[13] موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 13– ص 60- الهيئة المصرية العامة للكتاب- وعلى الانترنت صفحة 4490 من الرابط http://www.civilizationstory.com/civilization/

[14]  المصدر السابق -ص140 – الجزء 13-ص 4571 على الانترنت.

[15] (تاريخ معاناة المرأة – الجزء الثالث صفحة 90 ) مقتبس من( الموسوعة العقلية , لندن 1950 –ص.265).

 Cady Stanton: History of Women's Suffrage, vol.3, p.290 ( quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe, London, 1950 , p.625 )

[16] " تاريخُ الولاياتِ المتّحدةِ منذ 1945 "، تأليف (دانيال ف.دافيز) و(نورمان لنجر)، ترجمة (عبد العليم إبراهيم الأبيض)، الصادرِ عن " الدار الدولية للنشرِ والتوزيع ".

[17] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 7– ص 224- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 2294 من الرابط http://www.civilizationstory.com/civilization/ )

[18]  محمد قطب - شبهات حول الإسلام-  ص135 .

[19] .(موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 14– ص 70- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 4890 من الرابط http://www.civilizationstory.com/civilization/ )

[20] (موسوعة قصة الحضارة- وول ديورانت–الجزء 33– ص 68- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 11107 .

[21] (موسوعة قصة الحضارة–الجزء 13– ص 13- الهيئة المصرية العامة للكتاب)وعلى الانترنت صفحة 4443 من الرابط http://www.civilizationstory.com/civilization/ ).

[22] المصدر السابق جزء 13 – ص 138  وعلى الانترنت ص 4569 .

[23]  الموسوعة الكاثوليكية- تحت باب مريم. أو  الرابط http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm

[24]  إظهار الحق – رحمة الله هندي– الباب لثالث- بتصرف.