شبهات حول الأسماء والصفات بحث شامل
إضغط هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

منتديات محمد (صلى الله عليه و سلم) و أخيه عيسى (عليه السلام) > الرد على الإفتراءات > شبهات حول الأسماء و الصفات

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 16 2004, 03:04 AM

أورد بعض الجهلاء شبهات واهية حول الأسماء الحسنى و الصفات العلى نلخصها و نرد عليها تباعاً بإذن الله تعالى:
شبهة حول صفة الكلام
طعن البعض فى عقيدة أن القرأن كلام الله الغير مخلوق و أن الكلام صفة من صفاته سبحانه
و بُنى ذلك المطعن على ثلاثة شبهات:
1)
فكرة أزلية الأسماء و الصفات، لأن الكلام لا يمكن أن يكون أزلياً فقد تكلم الرب به فى وقت ما مما يعنى أنه حادث
2)
أن الكلام يتم باللغة و اللغة مخلوقة فيكون الكلام مخلوقاً
3)
ما ورد فى القرأن الكريم أن الله نادى موسى من شاطى الواد الأيمن عند البقعة المباركة مما يعنى أن الكلام مخلوق صادر من الشجرة و إلا لكان الله تعالى قد حل فيها و الله منزه عن هذا ولا تحل ذاته الكاملة التى لا تسعها السماوات و الأرض فى مخلوقاته الناقصة
__________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
القول فى كتابه المفصل
بأنه كـــــــلامــــــــــه المنزل
على الرسول المصطفى خير الورى
ليس بمخلوق ولا مفــــــــــــــترى
بداية نشير إلى أن أول من قال بخلق القرأن كانو الجهمية و المعتزلة و قد تصدى علماء أهل السنة و الجماعة لهذه البدعة و فندوها بالأدلة العقلية والنقلية إلا أن النصارى و من على شاكلتهم ممن يهوون البحث فى القمامة يثيرون هذه المسائل المنتهية التى ابتدعتها هذه المذاهب الفكرية القديمة فقط للمجادلة بالباطل فنردها من عدة جهات:
1)
جاءت الأيات المحكمات جازمة باثبات صفة الكلام للرب تبارك و تعالى و منها قوله تعالى (( وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً )) و قوله سبحانه ((وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ )) و قوله عز و جل ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً ))
فهذه الأيات البينات و غيرها كثير تثبت صفة الكلام يقيناً لله تعالى و أن الكلام من جملة كلامه الذى هو من صفاته و ليس بمخلوق
2)
أن أزلية الأسماء و الصفات لا تتعارض مع صفة الكلام لأن الصفات على نوعين:
صفات الذات: و هى الصفات الملازمة للذات و التى لا يتصور انفكاكها عنها كالحياة و العلم و القدرة و العظمة و السمع و البصر
صفات الأفعال: و يقصد بها أفعاله سبحانه التى تقع بمشيئته كالخلق و الرزق و الإحياء و الإماته و الحب و البغض و الرضا و الكره و المجىء و الكلام ، و هى صفات أزلية النوع حادثة الأحاد يفعلها الله تعالى متى شاء
و على هذا لا إشكال فى صدور الكلام عن الرب فى أى وقت و أن يكلم الله ملائكته و رسله و من شاء من عباده بكلامه الذى هو من صفاته و ليس مخلوقاً
3)
و لا محل للإعتراض بأن اللغة مخلوقة لأننا نبحث فى ذات الكلام و ليس فى لغته فالله تعالى أنزل القرأن عربياً على أهل الفصاحة و البيان من العرب و مع هذا فإن الفرق بين القرأن المجيد و غيره من أصناف الشعر و النثرو الأدب البليغ هو ببساطة الفارق بين كلام الخالق و المخلوق و لننظر كيف يتحدى الله الناس بالقرأن بعد ذكر الحروف المقطعة ليقول لهم إن هذا القرأن يتكون من هذه الحروف البسيطة و مع هذا فهو معجزة المعجزات و أية الأيات الذى لا يستطيع انس ولا جان على الإتيان بسورة واحدة من مثله :
((
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ))
((
الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ))
((
الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ))
((
الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ))
((
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ))
((
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ))
((
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ))
و غير هذه الأيات المبهرات كثير مما يكشف لأولى الألباب عظمة و روعة كتاب الله و كلامه الخالد
4)
أخيراً و لمن اعترضوا بقوله تعالى (( نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ )) فقد عموا عما قبل هذه الجملة فإن الله تعالى قال ((فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي )) و النداء هو الكلام من بعد فسمع موسى النداء من حاقة الوادى ثم قال ((فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ )) أى أن النداء كان فى البقعة المباركة من عند الشجرة فلا يكون النداء من الشجرة و إنما مصبه عند من وقف عندها

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 16 2004, 04:12 AM

شبهة حول صفة النزول
أورد المعترضون حديث رسول الله صلى الله عليه و أله و سلم الذى قال: (يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول : من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له).
فزعموا أن نزول الرب يعنى أن يصير تحت مخلوقاته و ينافى استواءه على عرشه لأن الثلث الأخير يتكرر فى كل لحظة.
_____________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
و قد روى الثقات عن خير الملا
بأنه عـــــــــــــز و جل و عــــــــلا
فى الثلث الأخيـــــــــــــــــــــر ينزل
يقول هل من تائب فيُـــــقبــــــــــل
هل من مسىء طالب للمغفرة
يجد كريـــــماً قابلاً للمـــــــــعـــذرة
يمن بالخيــــــــــيــرات و الفضـائل
و يستر العيــــب و يعطى الســائل
أولا: نذكر النصارى أن صفة النزول ثابتة فى كتابهم فى مواضع شتى منها : ((فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا))تكوين 11:5
((
وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّا، أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّا فَأَعْلَمُ»)) تكوين 20:18، 21
ثانياً: أن نزول الله تعالى ليس كنزول مخلوقاته فنحن نثبت الصفة للرب اثبات بلا تشبيه و تنزيه بلا تعطيل تحت قاعدة (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))
قال شيخ الإسلام رحمه الله و قدس روحه:
"
و أما النزول الذى لا يكون من جنس نزول أجسام العباد فهذا لا يمتنع أن يكون فى وقت واحد لخلق كثيرين و يكون قدره لبعض الناس أكثر أو أقل بل لا يمتنع أن يقرب إلى خلق من عباده دون بعض فيقرب إلى هذا الذى دعاه دون الذى لم يدعه و جميع ما وصف الرب به نفسه فليس فيه ما هو عام لكل مخلوقاته كما فى المعية فالمعية وصف نفسه فيها بعموم و خصوص ، و أما قربه من يقرب منه فهو خاص لمن يُقرب كالداعى و العابد و كقربه عشية عرفة و دنوه إلى السماء الدنيا لأجل الحجاج و إن كانت تلك العشية قد تكون وسط النهار فى بعض البلاد و تكون ليلاً فى بعض البلاد فإن تلك البلاد لم يدن إليها ولا إلى سمائها الدنيا و إنما دنا إلى السماء التى على الحجاج و كذا نزوله بالليل ، و هذا كما أن حسابه لعباده كحسابهم كلهم فى ساعة واحدة و كل منهم يخلوا به كما يخلو العبد بالقمر ليلة البدر فيقرره بذنوبه و ذلك المحاسب لا يرى أنه يحاسب غيره ، كذلك فى حديث أبى هريرة ((إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدنى عبدى...)) إلى أخر الحديث.
فهذا يقوله سبحانه لكل مصلى قرأ الفاتحة ممن لا يحصى عدده إلا الله كل منهم يقول الله له كما بقول لهذا ، و يحاسبهم كذلك فيقول لكل واحد ما يقول من القول فى ساعة واحدة و كذلك سمعه لكلامهم يسمع كلامهم كلهم مع اختلاف لغاتهم و تفنن حاجاتهم ، يسمع دعاءهم سمع إجابة و يسمع كل ما يقولون سمع علم و إحاطة لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ، ولا يتبرم بالحاح الملحين ، فإنه سبحانه هو الذى خلق هذا كله و هو الذى يوصل الغذاء إلى كل جزء من البدن على مقداره و صفته المناسبة له ، و كذلك الزرع ، وسع كرسيه السماوات و الأرض ولا يؤوده حفظهما ، فإذا كان لا يؤوده خلقه و رزقه على هذه التفاصيل فكيف يؤوده العلم بذلك أو سماع كلامهم أو رؤية أفعالهم و إجابة دعائهم سبحانه؟ ((وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )) فمن كانت هذه عظمته كيف يحصره المخلوق سماء أو غير سماء حتى يقال إنه نزل إلى السماء الدنيا صار العرش فوقه و هو قادر أن ينزل سبحانه و هو على عرشه فقوله إنه ينزل مع بقاء عظمته و علوه على العرش أبلغ فى القدرة و الموافقة و هو الذى فيه موافقة العقل و الشرع"
يتبع....

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 16 2004, 05:53 AM

الرد على تدليسات منيس عبدالنور
نطرح هنا مجموعة شاملة من الشبهات أوردها القس الجاهل منيس عبد النور فى كتابه (شبهات وهمية) و نرد عليه لنفضح جهله بإذن الله تعالى ، قال القس المبجل:
قال المعترض:ورد في تكوين 6: 6 و7 فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه, فقال الرب: أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم , وورد في مزمور 106: 44 و45 : ((فنظر إلى ضيقهم إذ سمع صراخهم، وذكر لهم عهده، وندم حسب كثرة رحمته , وورد في 1صموئيل 15: 11 : ((ندمت على أني جعلت شاول ملكاً لأنه رجع من ورائي ولم يُقم كلامي)) , وفي آية 35 أن الرب ندم, فهل يندم الله؟! علماً بأن هذا يناقض ما جاء في سفر العدد 23: 19 ليس الله ,, ابن إنسان فيندم ,
وللرد نقول بنعمة الله : كتاب الله ناطق من أوله إلى آخره أن الله منزّه عن الندم والحزن والأسف وغيرها, ورد في عدد 23: 19 ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم, هل يقول ولا يفعل، أو يتكلم ولا يفي؟ وفي 1 صموئيل 15: 29 : نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم، لأنه ليس إنساناً ليندم , وفي يعقوب 1: 17 : كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران , وفي إشعياء 46: 9 و10 : لأني أنا الله وليس آخر، الإله وليس مثلي, مخبرٌ منذ البدء بالأخير، ومنذ القديم بما لم يُفعَل, قائلًا: رأيي يقوم وأفعل كل مسرتي , وفي ملاخي 3: 6 : لأني أنا الرب، لا أتغيّر
__________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله: كما هو واضح للعيان فإن القس المحترم يشعر بالخزى مما يحويه كتابه المقدس من نصوص تتطاول على الله تعالى و يحاول تارةً تحريفها و تارةً تبريرها فكلما وجد نصاً ينتقص من الله العظيم سارع إلى نصوص مضادة يستنجد بها , و نحن نذكر ثانيةً بأننا نعلم أن كتابه مكتظ بمثل هذه التناقضات و نعلنها صراحة, كما أنّنا نؤمن بأن كتاب الله من أوله إلى أخره ينزه الله عن كل نقص سبحانه, و لكن أى كتاب يقصد؟ إن كان يقصد التوراة و الإنجيل و القرأن الذين أنزلهم الله تعالى على قلوب أنبياءه فلن نختلف , أما إن كان يقصد كتابه المقدس الحالى فقد اختلفنا لأن ذلك الكتاب فيه حق جميل و فيه أيضاً باطل قبيح و من بطلانه ذلك النص الذى يقول أن الله حزن لأنه صنع الإنسان و تأسف فى قلبه و كذلك نصوص أخر كقوله"الرب ندم لأنه ملك شاول على إسرائيل" صموئيل الأول 35:15, و أيضاً " فندم الرب على الشر الذى قال إنه يفعله بشعبه " خروج 14:32 , فكيف يزعم عبد النور أن كتابه اللا مقدس ينزه الله و هذه النصوص تصرخ بالانتقاص منه سبحانه؟!
ثم قال الدكتور الملهم: ندم الله لا يعني تغييره, إن الله لا يتغيَّر، فهو يكره الخطية ويعاقبها, فلو غيَّر إنسان موقفه من الخطية بالتوبة، فهل يبقى الله بدون تغيير في معاقبته للإنسان المخطئ التائب؟ ,, والله يبارك المؤمن المطيع, فلو غيَّر مؤمن موقفه من الله وعصى، فهل يستمرالله يباركه؟ إن الله لا يتغيّر، لكن معاملته للإنسان تتغيَّر بتغيير موقف الإنسان من وصايا الله,
لقد سُرَّ الله بالإنسان لما خلقه، ثم حزن وتأسف وندم لما سلك الإنسان سبيل الشر ويقولون: يا حسرةً على العباد (يس 36: 30) والحسرة هي الندم, فالله في محبته يطيل أناته على العباد والكافرين ليتوبوا، ويرزق الصالحين والطالحين لينتبهوا إليه, فإذا لم يندموا ويتحسروا على خطاياهم يتحسر هو ويندم على سوء أفعالهم
و هنا يزعم القس أن ندم الله لا يعنى تغيره , ثم لجأ للف و الدوران بالكلام الإنشائى ليخبرنا أن الله يكره الخطيئة و يعاقب عليها و لكن إذا ما تاب الإنسان فهل يُعاقب ؟! و هو كما نرى يخلط بين غضب الله تعالى و رحمته من ناحية و بين صفة الندم من ناحية أخرى , فلا شك أن الله تعالى يغضب على العاصى و يعاقبه كما أنه تعالى يتوب على من تاب و يفرح بتوبته و يرحمه و لكن هذه الصفات كلها لا تشتمل على انتقاص من الله تعالى بل هى تعكس عدله و حكمته سبحانه كما أن الإيمان بها له أكبر الأثر على العبد الذى يستحضر مراقبة ربه له و يعلم أن مكانته عند الله و مصيره يتوقفان على ما تقدمه يداه فيخشى عذابه و يرجوا رحمته أما صفة الندم فهى صفة نقص محض إذ الندم نتاج الخطأ أو العجز أو الجهل فلا يوصف به الله سبحانه أبداً لأنه يتنافى مع كماله و حكمته جل و علا
و قد حاول القس بائساً تمرير تجديفات الكتاب المقدس على الله باستشهاد باطل بأيات القرأن العظيم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه فزعم أن قوله تعالى ((يا حسرةً على العباد)) تعنى تحسر الله و ندمه (تعالى الله عما يقولون ) ,و قد وضع عبد النور نفسه فى ورطة فالقرأن الكريم لم ينسبب لله تعالى صفة الندم قط, و قوله سبحانه "يا حسرة على العباد" لم يفسرها أحد من سلف الأمة و علماءها بانها ندم الله , و لم تقل الأية " يا حسرتى" أو " يا حسرة الله " بل جاء اللفظ مطلق له محامله الصحيحة , و لو توقف الفقراء الخابطين فى أمر اللغة أمثال عبدالنور عن الحديث فيما يجهلون لأراحو و استراحو , فعن ابن عباس قال: ياحسرة على العباد أى يا ويل العباد,و قال قتادة: أى يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله و فرطت فى جنب الله,و عن مجاهد:كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل, و قال الامام ابن كثير : و معنى هذا يا حسرتهم و ندامتهم يوم القيامة إذ عاينوا العذاب كيف كذبوا رسل الله و خالفوا أمره ,و قال ابن جرير مثله و نقل عن بعض أهل العربية قولهم: معنى ذلك يا لها من حسرة على العباد بذنبهم, و جاز أن يكون ذلك من باب الاضافة إلى الفاعل فيكون العباد فاعلين فهو كقول"يا قيام زيد"
,
ويظهر ذلك المعنى بوضوح فى سائر أيات القرأن العظيم كقوله تعالى((كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم و ما هم بخارجين من النار)) و قوله سبحانه (( إن الذين كفروا ينفقون أمالهم ليصدوا عن سبيل الله, فسينفقونها ثم تكون (عليهم حسرةً) ثم يُغلبون, و الذين كفروا إلى جهنم يحشرون)) و يقول تعالى عن القرأن (( و انه لحسرة على الكافرين)) , و يقول عن يوم القيامة (( و أنذرهم يوم الحسرة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين)) و كقوله تعالى (( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله و إن كنت لمن الساخرين)) ,
و كذلك فى قوله تعالى ((فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ )) فالأسف محرك يستعمل فى لغة العرب بمعنى شدة الحزن و بمعنى شدة الغضب و هو المراد فى الأية و الإنتقام مكافأة بالعقوبة فيكون المعنى ( فلما أسخطونا بأعمالهم السيئة عاقبهم الله تعالى)
قال الإمام ابن كثير : ((عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: آسَفُونَا أَسْخَطُونَا ، وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْهُ :أَغْضَبُونَا وَهَكَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَغَيْرهمْ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ )) و عَنْ طَارِق بْن شِهَاب قَالَ "كُنْت عِنْد عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَذُكِرَ عِنْده مَوْت الْفَجْأَة فَقَالَ تَخْفِيف عَلَى الْمُؤْمِن وَحَسْرَة عَلَى الْكَافِر ثُمَّ قَرَأَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ( فَلَمَّا آسَفُونَا اِنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ )، وَقَالَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز رَضِيَ اللَّه عَنْهُ "وَجَدْت النِّقْمَة مَعَ الْغَفْلَة يَعْنِي قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ( فَلَمَّا آسَفُونَا اِنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ) .
-
و قد أمر الله تعالى نبيه الكريم (صلى الله عليه و سلم) بعدم التحسر أو التأسف على الكافرين و ما ينتظرهم من مصير و جعل عمدة ذلك العلم و الإيمان بأسماء الله و صفاته , فيطمئن بأنه لن يهلك هالك إلا عن بينة و أن الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة و لكن الناس أنفسهم يظلمون ,وأنه سبحانه علام الغيوب يضل الفاسقين بحق و يهدى إليه من اناب و هو الحكيم العليم فقال عز و جل ((فلا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ إن الله عليم بما يصنعون)) , و المتأمل فى الأيات الحكيمات من صورة البقرة يدرك أن علم الله و حكمته الأزليان أكبرو أعظم من إدراك المخلوقات فقال تعالى ((وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة, قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك, قال إنى أعلم ما لا تعلمون)) فالله لا يتحسر و لا يكون شيئاً إلا بعلمه و إذنه تعالى فيجب على من يقدم على تفسير أيات الله أن يعود للقرأن و السنة و قول سلف الأمة لا أن يقول بأهواءه و جهالاته
ثم قال: ندم الرب أو حزن معناه الشفقة والرقة والرحمة عند الرب, فلو أن أباً محباً أدّب ابنه لمخالفته إياه، فلما رأى ما حل به توجع لوجعه وتألم لألمه وتأسف وحزن وندم، مع أن الأب عمل الواجب في تقويم ابنه وتأديبه وخيره، فوضع كل شيء في محله, إنما أسفه وندمه وحزنه كله ناشئ من الشفقة والرحمة, ولا يجوز أن نقول في مثل هذا المقام إن أباه رحمه أو شفق عليه، بل نقول إن أباه ندم، وإن كان المراد بذلك الرحمة والشفقة, فعلى هذا القياس قال النبي إن الله ندم، والمراد به إعلان شفقة الله ورحمته وجوده وكرمه, ولا يمكن أن يؤتى بلفظة غيرها للتعبير عن رحمة الله في هذا المقام، فلا يجوز أن نقول: رحمهم بعد عقابه لهم , بل نقول ندم بعد العقاب والعذاب دلالة على رحمته, والدليل على ذلك أن النبي داود قال: وندم حسب كثرة رحمته
طبعاً قوله بأن الندم يعنى الشفقة هوتحريف مثير للشفقة , و أى شفقة هذه التى يهلك الله بسببها الانسان و الحيوان و كل المخلوقات؟
فهذا الموضع لا ينطبق عليه معانى الشفقة و الرحمة التى يتحدث عنها عبد النور, و ماذا عساه يقول فى النصوص المتواطئة على انتقاص الله تعالى بهذا المعنى و منها للمثال لا الحصر (( إلى الوراء سرت فأمد يدى عليك و أهلكك . مللت من الندامة)) ارمياء 6:15 , فالندامة بكل صورها ينسبها الكتاب اللا مقدس لله العظيم ,
ثم قال القس المحترم: كأن المعترض لم يعرف أن استعمال مثل هذه الألفاظ البشرية في جانب الله جائز، ليقرّب لعقولنا الأمور المعنوية، فإن الله لا يخاطبنا بلغة الملائكة بل بلغتنا واصطلاحاتنا لندرك حقائق الأمور, وعلى هذا فهو يقول لنا إن الله ندم، بمعنى أنه غيَّر قضاءه بسبب تغيير الشروط التي سبق ووضعها, ولو أن هذا الندم يختلف عن ندم الإنسان، فالإنسان يندم بسبب عدم معرفته لما سيحدث, وهذا لا ينطبق على الله، الذي ليس عنده ماضٍ ولا مستقبل، بل الكل عنده حاضر,
فعندما نقول إن الله يحب ويكره ويتحسَّر ويندم، لا نقصد أن له حواس مثل حواسنا، وإنما نقصد أنها مواقف لله إزاء ما يفعله البشر,
و هنا يزعم عبد النور أن استعمال مصطلحات مثل الندم (جائز) من قبل الله ليقرب لنا الصورة محاولاً العزف على وتر إثبات بلا تشبيه , و قد سقط بهذا التعدى المريع فهناك صفات لا يجوز إثباتها لله ابتداءً بأى حال من الأحوال بصرف النظر عن كيفها لأنها نقص محض كصفة الندم و التعب و النوم و البكاء و العجز و النسيان و التجسد (و كلها قد نسبها الكتاب المقدس لله تعالى) ,و لا حجة للنصارى فى القول أن الصفات ليست على حقيقتها فنحن نثبت الصفة لله تعالى بلا تشبيه ,و لكن هناك قطعاً قدراً مشتركاً نعقله بقلوبنا و لا يوجد فى الخارج مشتركاً إذ المعنى المشترك لا يوجد إلا فى الأذهان و لا يوجد فى الخارج إلا معيناً مختصاً فنثبت الصفة لله بما يليق بجلاله و نثبت الصفة للمخلوق بما يليق به , و القول بغير ذلك سيدخلنا فى دوامة سوفسطائية عقيمة فهل يجوز أن نقول بأن الله سبحانه و تعالى (يتوجع أو يمرض أو يقضى الحاجة) بحجة أن الصفة ليس على أصلها أو أنها تقريبية؟! (أستغفر الله العظيم)
و أخيراً أخرج القس الدكتور كل ما فى جعبته من جهلٍ مركبٍ بأسماء الله الحسنى و صفاته العلىفى محاولة للدفاع عما حواه كتابه من تطاول على رب العالمين فقال: نسب القرآن لله النسيان والمكر والكيد وغيره, ورد في التوبة 9: 67 : نسوا الله فنسيهم , وورد في السجدة 32: 14 : فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنّا نسيناكم
ونسب القرآن إلى الله المكر، فورد في الرعد 13: 42 : فلله المكر جميعاً , وفي آل عمران 3: 54 : ومكر الله، والله خير الماكرين , قال المفسرون: أقواهم مكر الله وأحذرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب , وفي الأعراف 7: 99 : أفأمنوا مكر الله , وفي الأنفال 8: 30 ويمكرون ويمكر الله , وفي النحل 27: 50 : ومكرنا مكراً ,
ونسب القرآن إلى الله الكيد، فورد في الأعراف 7: 183 : إن كيدي متين , قال المفسرون إن أخذي شديد، وإنما سماه كيداً لأن ظاهره إحسان وباطنه خذلان, وفي القلم 68: 45 إن كيدي متين , وفي الطارق 86: 16 : وأكيد كيداً ,
ونسب إليه صفة العجب: بل عجبتُ (الصافات 12) وقوله: إن تعجب فعجبٌ قولهم (الرعد 5), وصفة الرحمة كثيرة الورود في القرآن, وقال علماء المسلمين: كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تُفسَّر بلازمها , قال الإمام فخر الدين الرازي: جميع الأعراض النفسانية، أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء، لها أوائل ولها غايات, مثاله الغضب، فإن أوله غليان دم القلب، وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب, فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب، بل على غرضه الذي هو إرادة الإضرار, وكذلك الحياء له أول وهو انكسار يحصل في النفس، وله غرض وهو ترك الفعل، فلفظ الحياء في حق الله يُحمَل على ترك الفعل لا على انكسار النفس , وقال الشيخ محيي الدين ابن العربي في الباب الثالث من الفتوحات: جميع ما وصف الحق تعالى به نفسه من خلق وإحياء وإماتة ومنع وإعطاء ومكر واستهزاء وكيد وفرح وغضب ورضا وضحك وتبشيش وقدم ويد ويدين وأيد وعين وأعين، وغير ذلك كله نعت صحيح لربنا، ولكن على حد ما تقبله ذاته وما يليق بجلاله ,
و نجيب بإذن الله تعالى على أطروحات عبدالنور بما يلى:
أما زعمه الباطل أن القرأن نسب صفة النسيان لله تعالى و أن ذلك فى قوله سبحانه (( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم)) فإن أى إنسان يملك الحد الأدنى من العلم والأمانة العلمية يفهم أن النسيان يأتى فى اللغة بمعنيان معنى ضد التذكر و هو صفة نقص قطعاً , كما يأتى بمعنى الإعراض و الترك و هذا هو المراد فى الأية الكريمة و نزاهة الله الحى القيوم عن صفة النسيان المذموم معلومة لكل مسلم إذ يقول تعالى (( لا يضل ربى و لا ينسى)), و نحن معشر المسلمين لا نلجا إلى أساليب النصارى فى لى أعناق النصوص , فحسبنا هنا أن نذكر بعض الأيات التى توضح المعنى بكل نقاء لا يدع مجالاً للشك , يقول تعالى ((نسوا الله فنسيهم)) فهل يقول أحد بأن الله ضعفت ذاكرته فنسيهم لأنهم نسوه ؟!
إن نسيانهم هنا كان بالإعراض عن الإيمان و هجر إتباع الشريعة فعاقبهم الله بالإعراض عنهم و تركهم فى العذاب يوم القيامة و ذلك كقوله تعالى ((إن الذين يشترون بعهد الله و أيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم فى الأخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم))"البقرة"و من أظهر الأيات فى ذلك المعنى قوله تعالى ((و من أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً و نحشره يوم القيامة أعمى, قال رب لم حشرتنى أعمى و قد كنت بصيراً, قال كذلك أتتك أياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى, و كذلك نجزى من أسرف و لم يؤمن بأيات ربه, و لعذاب الأخرة أشد و أبقى)) "طه" , فبين الله تعالى أن نسيان العاصى كان بالإعراض عن ذكر ربه سبحانه و عبادته, فعاقبه بأن بضنك العيش و حشره أعمى يوم القيامة , و حين سأل ربه: لما حشرتنى أعمى و قد كنت مبصراً فى الدنيا؟ أجابه تعالى : بأن ذلك جزاء من أعرض عن ذكره فى الدنيا فإن الله يعرض عنه فى الأخره و يذله و يتركه فى العذاب المهين, و هذا دليل أن الله تعالى لا تخفى عليه خافية و لا يغفل سبحانه عن خلقه أبداً و يحشر كل إنسان على الحال الذى يستحقه
و الحق أن صفة النسيان بمعناها الذى لا يليق بذات الله قد ذُكرت فقط فى الكتاب المقدس و فى أكثر من موضع ففى صموئيل الأول 3:15 نقرأ ((هكذا يقول الرب إنى قد افتقدت ما عمل العماليق بإسرائيل)) و كلمة افتقدت هذه رغم تحريف الترجمة إلا انها تعنى بوضوح"إنى قد تذكرت"كما هى (marked) فى الترجمة الانجليزية

و جاء أيضاً فى قوس قزح ((و صنعت قوسى فى السماء علامة ميثاق بينى و بين كل الأرض فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض, و يظهر القوس فى السحاب أنى( اذكر) ميثاقى الذى بينى و بينكم)) تكوين 13:9, و ذلك النص فضلاً عما يحويه من جهل و تخريف فهو ينال أيضاً من ذات الله كما نرى
و جاء أيضاً فى سفر الخروج الاصحاح السادس العدد6 يذكر أن الله تذكر عهده مع أنبياءه ((... تذكرت عهدى)) و فى الاصحاح الثانى العدد 24 ((فَسَمِعَ اللهُ أَنِينَهُمْ فَتَذَكَّرَ اللهُ مِيثَاقَهُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوب))

-
أما قوله بأن القرأن نسب لله صفة المكر و الكيد ، فيقول الامام العلامة ابن القيم فى الرد على أنصاف الأميين أمثال القس المحترم: " إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد و المكر و الخداع و الاستهزاء مطلقاً , و لا ذلك داخل فى أسمائه الحسنى , و من ظن من الجهال المصنفين فى شرح أسماء الله الحسنى أن من أسمائه تعالى الماكر المخادع الكائد فقد فاه بأمر عظيم تقشعر منه الجلود و تكاد الأسماع تُصم عند سماعه, و غر ذلك الجاهل أن الله سبحانه أطلق على نفسه هذه الأفعال فاشتق منها أسماء , و أسماؤه تعالى كلها حسنى فأدخلها فى الأسماء الحسنى و قرنها بالرحيم الودود الحكيم الكريم, و هذا جهل عظيم, فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقاً بل تُمدح فى موضع و تُذم فى موضع , فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله مطلقاً ,فلا يقال أنه سبحانه يمكر و يخادع و يكيد , فكذلك من طريق الأولى لا يُشتق له منها أسماء يُسمى بها بل إذا كان لم يأت فى أسماءه الحسنى المريد و المتكلم و الفعل و الصانع لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح و مذموم و إنما يوصف سبحانه بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم و العزيز و الفعال لما يريد فكيف يكون منها الماكر و الكائد؟!, المقصود أن الله سبحانه و تعالى عما يقولون لم يصف نفسه بالكيد و المكر و الخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق , و قد علم أن المجازاة بذلك حسنة من المخلوق فكيف بالخالق"
و لذا نجده فى النصوص مقيد دائماً و لكن عبد النور كشأن سائر
النصارى يحترفون مهنة القص و اللصق , فطرح الأيات ناقصة و قال " فلله المكر جميعاً" و كان متوجباً عليه أن يذكر النص كاملاً إذ يقول سبحانه " و قد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً" فنفهم من ذلك أن مكر الله جاء لرد مكر الظالمين و بياناً أنه لايمكنهم فعل شيء فى ملكه إلا بإذنه سبحانه و هو القاهر فوق عباده كما قال تعالى ((و ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)) و كقوله عز و جل ((و كذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها و ما يمكرون إلا بأنفسهم و ما يشعرون)) و أيضاً الأية الأخرى التى طرحها عبد النور مبتورة : (( و مكر الله و الله خير الماكرين)) و هى كاملة هكذا: (( و مكروا و مكر الله و الله خير الماكرين)) فالله سبحانه مكره خير و عدل يعاقب المجرمين ,و قال القس المحترم ( و فى النحل 27:50 و مكرنا مكراً) و هذا فى سورة النمل و نصه: (( و مكروا مكراً و مكرنا مكراً و هم لا يشعرون))
-
و كذلك الحال فى صفة الكيد فالله يكيد بالظالمين فقال تعالى: (( أم يريدون كيداً , فالذين كفروا هم المكيدون)) و فى النصوص التى ذكرها عبدالنور نجدها هكذا: (( إن كيدى متين)) هى كالأتى: (( و الذين كذبوا بأياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون, و أملى لهم إن كيدى متين)) ,و كذلك ذكر عبد النور الأية الكريمة فى سورة الطارق بعيداً عن سياقها فكتبها: (( أكيد كيداً)) بينما هى: ((إنهم يكيدون كيداً, و أكيد كيداً, فمهل الكافرين أمهلهم رويداً)) فالجزاء هنا من جنس العمل , و الله سبحانه يمكر بالماكرين و يكيد الكائدين , و يخدع المخادعين كقوله ((يخادعون الله و هو خادعهم)) فجاء اللفظ من سبيل المقابلة كما قال عز و جل (( و جزاء سيئة مثلها))، فمثلية العقوبة لفظاً هو من باب المجانسة و هذا أيضاً كقوله سبحانه ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به))، و بهذا نفهم أن الصفات التى تحوى قسمين مذموم و ممدوح لا تُطلق على الله مطلقاً و لكن تقيد لأن الله سبحانه لا يصل المكر و الكيد إلا بمن يستحقه فيكون ذلك من عدله و كمال حكمته سبحانه, و قد جاء فى الكتاب المقدس كيف يمكر الله تعالى باليهود ويغيظهم بإذلالهم على يد أمة بربرية أمية تغط فى الظلمات -و هذا هو حال العرب قبل أن يبعث الله رسوله بالهدى ليزكيهم فغير بهم وجه الأرض- فقال ((فانا أغيرهم بما ليس شعباً بأمة غبية أغيظهم)) التثنية21:32, و جاء فى انتقام الله أيضاً ((الإله المنتقم لى و الذى يخضع الشعوب تحتى)) مزموز 47:18
أما إذا كانت الصفة مذمومة مطلقاً فلا تُنسب إلى الله بأى حال من الأحوال لذا فعندما تكلم الله تعالى عن الخائنين قال (( إن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم و الله عليم حكيم)) فقال ( فأمكن منهم) و لم يقل (فخانهم) ,بينما لا يتوانى الكتاب المقدس فى نسبة تلك الصفة لله تعالى فنجد فى ارميا7:20 أن ارميا يتحسر على خيانة ربه له و يقول: ((قد أقنعنتى يا رب فاقتنعت و ألححت على فغلبت , صرت للضحك كل النهار, كل واحد استهزأ بى )) و بينما تقول الترجمة العربية استعمال لفظاً مخففاً (لقد أقنعتنى) نجد فى الترجمة الانجليزية (لقد خدعتنى)
you have (deceived) me
و جاء فى التثنية 10:20 : ((حين تقترب من مدينة كى تحاربها استدعها إلى الصلح فإن أجابت إلى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الوجود فيها يكون لك للتسخير و يُستعبد لك))
و أخيراً بخصوص حديثه عن صفات الغضب و الرحمة و العجب و اليدين و الوجه فقد ذكر القس المحترم لمحات من أقوال العلماء و كان ينبغى أن يتدبرها ويفهمهما لا أن يحرف مدلولاتها ليستخدمها كوسيلة لتبرير ما جاء فى كتابه من سب لله تعالى!
فما قاله العلماء بخصوص اثبات الصفة لله بلا كيف لا يعنى كما أسلفنا أن يُنسب لله صفات النقص و العيب ثم نقول بأن الكيف مجهول أوالمعنى تقريبى !!
و كل صفات الرب فى الإسلام هى صفات كمال لا تحوىأدنى إنتقاص من ذاته سبحانه , و لكن الذى يُشكل على البسطاء أمثال عبدالنور هو جهلهم بفقه التعامل مع أسماء الله تعالى و كيفية الإيمان بها , فذكر مثلاً صفة الغضب ثم ذكر تعليق الامام الرازى عليها , و لكن القس لم يضرب المثال إلا جدلاً لذا سنعطيه نبذة عن أصول الإيمان عند المسلمين الموحدين لعلها تزيل الغشاوة عن قلبه :
فالمسلم يبنى إعتقاده فى أسماء الله و صفاته على المبدأ التالى :
(
أ) تنزيهه أن يشبه شىء من صفاته شىء من صفات المخلوقين لقوله تعالى فى الأية المحكمة(( ليس كمثله شىء و هوالسميع البصير)) فمن عظمة القرأن فى تقرير العقيدة نجد فى هذه الأية أن الله ينفى أن يكون أى شى مثله و فى نفس الأية يقول سبحانه ( و هو السميع البصير) و كأنه يقول أن سمع الله ليس كسمع مخلوقاته و بصر الله تعالى ليس كبصر المخلوقات القاصرة فهو سبحانه لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و لا يخفى عنه شىء
(
ب) الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه و نثبتها له كما أثبتها سبحانه لنفسه إثبات بلا تمثيل, و تنزيه بلا تعطيل , فلا يستلزم الإشتراك فى الأسماء و الصفات تماثل المسميات و الموصوفات مثال: فالله يوصف بالعلم و قد يوصف الإنسان كذلك به و لكن علم الإنسان مكتسب و ناقص ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) أما علم الله فهو أزلى و كامل و هو من صفاته السرمدية جل فى علاه , إذاً فلا إشكال لو طبقنا ذلك المبدأ على سائر الصفات, و يحدث الخلل حين نجد من يثبتها و لكن يمثلها بصفات المخلوقين و هم (المشبهة), و من أمثلة المشبهة ما قالوه فى صفة الغضب بأن الغضب أوله غليان القلب , و هذا انحراف لأن غليان القلب هو من أثر الغضب و ليس هو الغضب, وذلك الأثر على الإنسان المخلوق لا على الله الخالق, و فى المقابل نجد (المعطلة) و قد اشترك المعطلة مع المشبهة فى الجهل بكيفية التعامل مع أسماء الله تعالى و صفاته فكانوا يقيسون صفة الخالق على صفة المخلوق فشعروا أن كل صفة قد تنطوى على تشبيه الله تعالى مخلوقاته يجب نفيها , فأولوا صفات كالولاية و الحب و البغض و الفرح و اليدين و القدم , و هذا انحراف أيضاً ومنشأه أن نقول أن سمع الله ليس بسمع و بصر الله ليس ببصر و حياة الله ليست بحياة و وجود الله ليس بوجود بهذا يصل إلى نفى وجود الله و العياذ بالله , فكقاعدة عامة يجب على كل من ينفى صفة من صفات الله لامتناع ذلك على المخلوق أن يثبت شيئاً لله تعالى على خلاف ما يعهده و حينها لن يصل العاقل إلا إلى منهج الوسطية منهج أهل السنة و الجماعة الذين كما قلنا يثبتون الصفات اثبات بلا تمثيل , و تنزيه بلا تعطيل تحت قاعدة (ليس كمثله شىء) فنحن نثبت الصفة للعبد بما يليق به و نثبت الصفة للرب بما يليق به فالله موجود و العبد موجود و لكن وجود الله تعالى من صفاته التى لم تزل و لا تزال و يستحيل عليه العدم , أما وجود العبد فهو مخلوق لا يستحيل عليه العدم , و الله يغضب و يرحم و العبد كذلك و لكن صفة الغضب عند الله تعالى لا تشبهها عند العبد بل لو قلنا صفة الغضب عند الملاك فهذا لا يلزم تشبيهها بالغضب عند الإنسان لأن الملائكة ليسوا من الأخلاط الأربعة حتى يغلى دم قلوبهم فكيف بالله سبحانه و تعالى؟!
حتى أن الله تعالى قد يغضب غضباً شديداً على إنسان ما فى مكان ما و فى نفس الوقت يفرح فرحاً شديداً بانسان أخر فى مكان أخر,و بهذا نفهم أن صفات اليد و الوجه والقدم و الرحمة و الغضب ليست صفات نقص أبداً و لا يحدث الخلل إلا بالتشبيه الباطل للمخلوق بالخالق سبحانه و تعالى
بينما نجد أن اثبات تلك الصفات عند النصارى يتبعه تشبيه حقيقى للرب بالبشر فبالغوا فى الصفات وأضافوا إليها ما ليس منها و شبهوا ما كان حق منها بما يقابله عند الإنسان، ففضلاً عن انحرافهم فى الاعتقاد فى صفات كالوجه و العين و و القدم و اليد , أضافوا إليها الشعر و النفس و الشم و الأحشاء و البطن و القلب و الظهر و الفرج و الدم و الشفة و اللسان(تكوين 26:1-27) (اشعيا 17:59) (دانيال9:7) (الخروج 23:33) (دانيال 17:19) (مزمور6:17-15) (اشعيا 27:30) (ارميا 19:4) (خروج 18:31) (مزمور2 :7) (أعمال الرسل 28:20)
بل و شبهوا الرب تعالى بالحيوانات فجعلوه كالخروف والثور يزأر كالأسود و يخرج الدخان من خياشيمه و النار من فمه كالتنين إذا غضب و يركض كاللبوة (العدد 9:24,صموئيل2 9:22,ارميا 30:25, رؤيا 14:17,عدد8:24)
يتبع بالحلقة الأخيرة بإذن الله

 

مكتوب بواسطة: Jesus is Muslim Feb 16 2004, 08:56 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سعدت جدا بهذه المشاركة المباركة واستمتعت بها جدا اخي الحبيب ساري فجزاك الله خيرا عليها وبارك فيك وفي وقتك وسدد خطاك. ونحن بانتظار البقية ان شاء الله

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Feb 17 2004, 07:31 PM

أخي العزيز ساري بارك الله فيك و حفظك في الدنيا و الآخرة،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

قد قام أحد أدعياء العلم من ملة النصارى – و يدعى د. كريستوفر هيجر - بإحدى الجدليات ضد الإسلام مدعيا أنه حسب اعتقاد جمهور الإسلام فالقرآن غير مخلوق و ما دام غير مخلوق فهذا يعني أنه إله و عليه فجمهور المسلمين ليسوا – في حقيقة الأمر – موحدين!! مقالة هذا النصراني موجودة على هذا الرابط:
http://home.t-online.de/home/Christoph.Heger/monothei.htm

و لم يلتفت أحد لهذه المقالة لسخافتها و كان من المقدر لها التجاهل لولا أن قام أحد المعتزلة – عاصف إقبال من باكستان – بالرد عليها مدعيا – بدوره – أن الاعتقاد السليم هو أن القرآن مخلوق و أن د. هيجر لا يستطيع الاعتراض عليه!! و ظن هذا المعتزلي الساذج انهبانحرافه عن المذهب السليم و جعله جمهور المسلمين غير موحدين! – قد ذب عن الإسلام و دافع عن حياضه!! هذا الرد الهزيل موجود على هذا الرابط:
http://www.bismikaallahuma.org/Polemics/monothei.htm

و على الفور قمت بالكتابة للأخ محمد إلفي – من ماليزيا – صاحب موقع "بسمك اللهم" موضحا الأخطاء الجسيمة في المقالة المنشورة على موقعه و قد قام مشكورا بالرد علي و كلفني بكتابة رد على د. هيجر يتفق و اعتقاد أهل السنة و الجماعة. و قد كنت في سبيلي لكتابة هذا الرد فعلا حتى قرأت هذه المشاركة الرائعة منك أخي الفاضل. عندها أدركت أني لست الشخص المناسب و أن هناك من يفوقني علما و إحاطة بالموضوع.

لذا أدعوك أخي الفاضل للرد على هذا الدكتور المسعور و دحض هذا الوهم الجامح، رد بالعربية و سوف أقوم بنقل الرد إلى الإنجليزية و نشره باسمك على "بسمك اللهم" و على موقعي الصغير "نور الله". و لتضع في اعتبارك أن موقع "بسمك اللهم" من المواقع البارزة المرعبة و المتخصصة في الرد على النصارى و له قراء من جميع أنحاء العالم. فهل تتكرم بتلبية رغبتي المتواضعة أخي الكريم؟

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 19 2004, 09:23 AM

السلام عليكم و رحمة الله أخوتى الكرام و شكراً على تعليقاتكم الرقيقة و نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب و يرضى، و بالنسبة لموضوع البحث فانا لم أت بشىء من عندى يا دكتور هشام و انما انقل ما قاله علماؤنا الأفاضل فلو انك نقلت شيئاً أخى الكريم فلا داعى لذكر اسمى على شيء ليس ملكى
و بالنسبة لمقال النصرانى فهو بالفعل مقال مضحك و يعكس جهلاً مركباً و خلاصته المنشودة تنصب فى زعمين:
1)"
زعم أن اعتقاد المسلمين فى عدم خلق القرأن يجعله الهاً مع الله تعالى ": فنرده بأن المسلمين لا يعتبرون القرأن كياناً مستقلاً يكافىء الرب جل و علا إذ أنه كلام لا يقوم بذاته ، و إنما هو كلامه سبحانه الذى تكلم به وأنزله على قلب نبيه و كلامه تعالى صفة من صفاته و من لوازم ذاته، و الصفة تابعة لموصوفها فصفات الرب قائمة به أزلية بازليته باقية ببقاءه، فأنّى لهم أن يعتبروا الصفة بمعزل عن موصوفها؟
و مفاد ذلك أن تكون جميع صفات الله ألهة معه فيكون سمع الله الهاً مع الله و بصر الله الهاً مع الله و علم الله الهاً مع الله، و غضب الله الهاً مع الله
بل و تشمل زمرة الألهة التوراة و الانجيل و الزبور و سائر ما تكلم و يتكلم الرب به و يسمعه ملائكته و رسله مما لا يحصر أو ينفد (( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً)) و هو ما لا يقوله عاقل اللهم إلا لو كان القس هيجر يعتقد ان صفات الرب مخلوقة و سينفى عنه حينئذ أزلية صفاته كالعلم و السمع و البصر و غيرها فيكون الله والعياذ بالله جاهلاً أعمى أصماً حتى خلق هذه الصفات، و حاشا لله فهو سبحانه لم يزل ولا يزال أبداً عليماً حكيماً سميعاً بصيراً .
فلا يقال أننا نعبد القرأن المقدس و إنما نبتهل إلى الله به ،و نتعبد إليه بتلاوته و تصديقه و اتباعه، كما أننا نتوسل إليه بأسماءه الحسنى و صفاته العلى ((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا))
2) "
زعم أن المسيح يكون الهاً مع الله باعتباره كلمته و كلام الله غير مخلوق" و نجيب هذا بأن المسيح عليه السلام ليس هو الكلمة و إنما كان بالكلمة ، و هذا ما قرره القرأن الكريم حين قال تعالى ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) و تخصيصه بوصف كلمة الله دون غيره من المخلوقات كان لقيامه بها مجرداً عن الأسباب و السنن التى سنها الله تعالى فى خلقه

 

مكتوب بواسطة: muslim4ever Feb 19 2004, 11:31 AM

أخي العزيز دكتور هشام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قد قام الأخ شاهد بن وحيد بالرد على د. هيجر
هذا الرد موجود على هذا الرابط

http://www.geocities.com/J_1975X/Heger-Asif.htm

ما رايكم فيه؟

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Feb 19 2004, 03:13 PM

هاهاهاها ..... ما زال الأخ شاهد بن وحيد عنيفا و قاسيا كما عودنا!! شكرا لك يا دكتور أحمد على الرابط و إن كنت أرى أن الأخ شاهد قد تحاشى الجدلية الأساسية وهي "زعم أن اعتقاد المسلمين فى عدم خلق القرأن يجعله الهاً مع الله تعالى " - كما لخصها أخونا و معلمنا القدير ساري.

أخي الفاضل الكريم ساري ... سأقوم إن شاء الله بإرسال ردك إلى الأخ محمد إلفي مع الترجمة و لكن لي سؤال: هل يجوز القول بأن كلام الله صفة أزلية و لكن القرآن نفسه ليس أزليا - أو قديم أول بتعبير أهل الكلام - لأن الله قد تكلم به في وقت من الأوقات و لم يكن من قبل موجودا؟

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 19 2004, 09:46 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
نعم يا دكتور هشام يجوز أن تقول أن صفة الكلام أزلية و القران ليس أزلياً لأن الرب قد تكلم به فى وقت معين هذا ما اوضحته فى أول البحث من أن الصفات على نوعين "صفات الذات" التى لا يتصور انفكاكاها عنها كالعلم و الحكمة و السمع و البصر ، و "صفات الفعل" و هى صفات (أزلية النوع) لم يزل الرب متصفاً بها أبداً ، (حادثة الاحاد) يفعلها الرب متى شاء كالرضا مثلاً فهو من صفات الرب منذ الأزل و لكنه يرضى عن العبد فى وقت محدد لاقباله على طاعة ما و كذلك صفة الخلق فالله لم يزل متصفاً بأنه الخالق الرازق قبل أن يخلق الخلق أو يرزقهم من فضله و هكذا....
فالله عز و جل لم تتجدد له صفة لم يكن متصفاً بها ولا تنفد صفة كان متصفاً بها بل هو الأول و الأخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شىء عليم...

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 20 2004, 12:11 AM

ما معنى أن الله يضل من يشاء؟
اعترض الجاهلون على ما ورد فى كتاب الله تعالى من أيات بينات تفيد أنه تعالى يضل من يشاء و يهدى من يشاء ، و ظنوا بجهلهم أن ذلك ظلماً و إجباراً للناس على سلوك سبيل الغى! و امتد الإعتراض ليشمل انكار أن الله تعالى هو خالق الشر!
___________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:
أولاً: بادىء ذى بدء نذكر بعض النصوص من الكتاب المدعو مقدساً لعلها ترفع الغشاوة عن أعين الحاقدين:
((
وَلَكِنِّي أُقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَأُكَثِّرُ آيَاتِي وَعَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْرَ)) خروج 3:7
((
وَكَانَ مُوسَى وَهَارُونُ يَفْعَلاَنِ كُلَّ هَذِهِ الْعَجَائِبِ أَمَامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِه)) خروج 10:11
((
وَلكِنْ لمْ يُعْطِكُمُ الرَّبُّ قَلباً لِتَفْهَمُوا وَأَعْيُناً لِتُبْصِرُوا وَآذَاناً لِتَسْمَعُوا إِلى هَذَا اليَوْمِ)) التثنية 4:29
((
غَلِّظْ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَاطْمُسْ عَيْنَيْهِ لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ وَيَفْهَمْ بِقَلْبِهِ وَيَرْجِعَ فَيُشْفَى». )) اشعيا10:6
((
فَإِذَا ضَلّ النَّبِيُّ وَتَكَلَّمَ كَلاَماً فَأَنَا الرَّبَّ قَدْ أَضْلَلْتُ ذَلِكَ النَّبِيَّ, وَسَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْهِ وَأُبِيدُهُ مِنْ وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. )) حزقيال 9:14
((((
وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ،)) )) 2تسالونيكى 1:2
((
لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ارْجِعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ أَسْبَاطِ مِيرَاثِكَ.))اشعياء 17:63
((
وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. ،فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. ،ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ ، فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا. ،وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرٍّ]. ))1ملوك 19:22-23
بل و نجد المسيح قد جعلوه يتكلم بالأحاجى ليضل و يخدع من ليسوا من بنى اسرائيل((فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللَّهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ»)) مرقس11:4، 12
ثانياً: هناك أربع مسائل أساسية تتعلق بالرب جل فى علاه لا ينكرها إلا جاحد و هى كالأتى:
أ- الخلق: أن الله تعالى هو الخالق الأوحد لكل شىء فى الوجود و كل ما دونه سبحانه مخلوق من مخلوقاته داخل فى ملكوته و من قال أن الله تعالى لم يخلق الشيطان أو المرض أو الموت أو الظلام فقد سقط من حيث أراد الإرتقاء لأنه أثبت خالقاً مع الله أو موجوداً مصاحباً لوجوده سبحانه و هم بذلك كانوا كالمجوس الذين أثبتوا خالقين أحدهما للخير و الأخر للشر لذا قال رسول الله (ص): "القدرية مجوس هذه الأمة" و القدرية هم الذين يتحدثون فى القدر و ينكرونه و العياذ بالله ، و يشاركهم النصارى هذه الجهالة
و لنقرأ قول الله تعالى ((ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)) و قوله سبحانه ((هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)) وقوله عز و جل((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ))
و لنقرأ أيضاً ما يوجد فى كتب النصارى ((مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ)) اشعيا 7:45
ب- العلم: أن الله تعالى عالم الغيب و الشهادة و هو العليم الحكيم يعلم ما كان و ما سيكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون ، يقول سبحانه ((فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )) و يقول عز و جل ((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )) و يقول تعالى ((عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)) و أيات أخرى لا تحصى فى بيان علم الله الذى هو من صفات كماله و قد علم الله أنه سيكون فى الأرض شراً و مرضاً و خبثاً من شياطين الإنس و الجن و لكن حكمته سبحانه اقتضت وجود ذلك كله و لننظر للحوار الإلهى مع الملائكة حين خلق الله أدم((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ))
ج- الكتابة: أن الله تعالى كتب كل ما هو كائن منذ الأزل و دلت على ذلك أيات كثر كقول الله تعالى ((وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ )) و قوله سبحانه ((وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ )) .......
و نقرأ كذلك فى كل موضع من الأناجيل أن كل ما حدث للمسيح من ألم و عذاب هو أمر مكتوب و لا بد أن يتم منذ لحظة ميلاده حتى لحظة صلبه المزعوم فنقرأ مثلاً فى يوحنا 28:19-30((بَعْدَ هَذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ». وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعاً مَمْلُوّاً خَلاًّ فَمَلَأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ))
د-المشيئة: أن مشيئة الله نافذة فما شاء الله كونه فهو كائن لا محالة و ما لم يشأ فلا يكون أبداً لأنه لا مشيئة فوق مشيئة الرب ، و نحن نفصل فى هذا الصدد بين الإرادة الشرعية و الإرادة الكونية القدرية:
الإرادة الشرعية:هو كل ما أمر الله به و هو يرضاه سبحانه و يكلف به عباده كقوله تعالى ((قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) و قوله عز و جل ((وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً )) ...
الإرادة الكونية القدرية: و تتضمن ما قدر الله تعالى وقوعه ولا يقع إلا بإذنه فهى الإرادة الشاملة لجميع الموجودات التى يقال فيها: ماشاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن و هى تشمل ما يرضاه الله شرعاً و ما لا يرضاه سبحانه شرعاً و ما لا يرضاه كما لو وقع الزنى أو الكفر من بعض الناس فإنه لا يأمر بها و لا يرضاها إذ هو لا يأمر بالفحشاء و لا يرضى لعباده الكفر ولولا مشيئته الكونية و قدره لما كان لها وجود لذا كان باطلاً الإحتجاج بالإرادة الكونية لتبرير الاصرار على الكفر أو المعصية ((سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ))
-
و إن سأل سائل لماذا يخلق الله الشر؟
نقول: إن الله تعالى لم يخلق شراً محضاً لا خير فيه و لا منفعة لأحد و ليس له فيه حكمة ولا رحمة ولا يعذب الناس بلا ذنب و قد بين العلماء الأجلاء أمثال ابن تيمية و ابن القيم و غيرهما عليهم رحمة الله ما فى خلق ابليس و الحشرات و الكوارث من حكم و رحمة
فالشىء الواحد يخلقه الله باعتبار خيراً و اعتبار أخر شراً، فالله خلق إبليس ليبتلى عباده فمنهم من يعاديه و يمقته و يعادى أولياءه و يوالى الرحمن ويستسلم له تعالى و منهم من يوليه و يتبع خطواته فيميز الخبيث من الطيب و يكتمل اختبار الإيمان و العبودية كما قال تعالى ((وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)) و قال سبحانه ((مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ))
-
و كذلك قد خلق الله الهرم ليكون سبيل إنذار للعبد الذى أسرف على نفسه فيعود لرشده و ستقى ربه و قد علم اقتراب الأجل و ادبار الدنيا و فى المقابل تقام الحجة على من كابر و أثر الحياة الدنيا ((وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)) و قال تعالى فى خلق المكروه((وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ))
و حتى فى خلق الألم تتجلى رحمة الله تعالى فلولا أن خلق اللع فى الإنسان الشعور بالألم لهلك ذلك الإنسان و قد أجريت بحوثات على أطفال ماتت أعصاب الشعور عندهم فكانت نتائجها خطيرة إذ أنهم كانوا يحرقون أنفسهم و يجرحون أرجلهم و أيديهم دون شعور مما يصل بهم إلى الهلاك فى نهاية المطاف
-
و حتى فى الزلازل و البراكين تتجلى رحمة الله إذ يصطفى الشهداء و ينذر الأحياء و يكفر عن السيئات و قد ثبت علمياً أنه لولا البراكين التى تنفس عن باطن الأرض لانفجر هذا الكوكب كما انفجرت كواكب أخر فسبحان الله العظيم
-
و بهذا نوقن أن الله تعالى هو الخالق المقدر الفعال لما يريد فكل ما يحدث من خير أو شر هو بقدره و علمه سبحانه
بقى أن نشير لنقطة باقية حول مسألة حرية إرادة الإنسان و هل لو أضله الله يكون قد أكرهه على الكفر؟
إن المتدبر لأيات القرأن الكريم منذ نزول أول أية يدرك أن القرأن فتح الباب على مصراعيه لهذا الإنسان ليدخل إلى ما يمكنه من الرقى إلى درجات الخير و امتن عليه بمنحه ما لم يمنح مخلوقاً أخر من القدرة على النظر و التأمل و ذلك بما وهبه من ألاء الفكر ((أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )) و قال تعالى((أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)) و قال عز وجل ((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)) و قال سبحانه ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ)) ........
فالله يضل الفاسقسن و لكن يجعل فسقهم سبباً لضلالهم هذا ، و ذلك كأن يقول الله أنه هو الرزاق فهذا حق و لكنه جعل اسباب وصول الرزق للعباد من عند أنفسهم، و بهذا يكون الإنسان مسير مخير و هذا هو الموافق للعقل و النقل:
(
عقلاً) لأن الإنسان لا يجد نفسه مجبراً على الكفر أو مكرهاً على المعصية، و هؤلاء الذين وهبوا أنفسهم لمحاربة دين الله و مشاقاة رسله يفعلون ذلك عن حرية و اختيار و إن كانوا يوافقون ما قدره الله لهم و هو أعلم بما كانوا يعملون، و إن قال مجادل: لماذا أعمل إن كان الله قد قدر أنى من أهل النار أو من أهل الجنة؟ قلنا له : و من أين لك أنت أن تعلم مصيرك؟ فطالما أنك حى ترزق فأنت الذى تحدد مصيرك بفعلك و بما كسبت يداك فلا تحتج بما كتبه الله عليك و لكن اعمل بارادتك أنت التى وهبك الله إياها تجد الجزاء من جنس العمل لأن الله لا يظلم عباده شيئاً ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ)) ،((إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً))
(
نقلاً) المتدبر لأيات القرأن يدرك من الأيات الكثيرة المحكمة أن الله لا يظلم الناس شيئاً و لكن الناس أنفسهم يظلمون و أن من لم يشأ الله لهم الهدى هم الذين لا خير فيهم و يتخذون الغى دوماً سبيلاً، فهؤلاء الذين ما كانوا ليؤمنوا حتى لو كانوا لأفعالهم خالقين( و حاشا لله)
و لنقرأ الأيات البينات فى بيان هذا المعنى: ((وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ )) و قال تعالى ((وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ )) و قال سبحانه ((وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ)) و هذه أية تحسم الأمر ((فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ))و هكذا تبين الأية الكريمة أنهم اختاروا الزيغ و الضلال و الإنحراف فلما كانوا كذلك أزاغ الله قلوبهم فالجزاء من جنس العمل
- و أخيراً إن سأل سائل و لكن أما كان الله قادراً أن يرغمهم على الإيمان و سلوك الطريق السوى؟
نقول: بلى إنه على كل شىء قدير، و لكن ماذا يبقى من حكمة الخلق؟ وكيف يميز الخبيث من الطيب و نحن نرى أن أمر التفاضل بين الناس فى الحياة من الأمور التى تستقيم بها الحياة و ما هو موقفنا من أستاذ يعطى الطالب المهمل الكسول ما يعطى الطالب المجتهد الذكى؟ إن هذا بلا شك خروج عن العدل المطلق الذى هو من صفات الرب سبحانه كما أنه يتعارض مع حكمة خلق الله تعالى للإنسان كى يكون خليفة فى الأرض يؤمن به بظاهر الغيب و يعبده لا يشرك به شيئاً و يعمر الأرض على أساس كلمة التقوى فهذا الصنف من العبودية لله القائم على الإيمان بالغيب هو الذى فضل الله به عباده من البشر على عباده من الملائكة لذا فإن المائكة و إن كانوا أحسن من المؤمن فى العبادة و الحال لا أنه أحسن منهم فى المأل بفضل الإيمان الحق الشريف

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Feb 20 2004, 01:01 AM

كيف خلق الله الإنسان على صورته؟
زعم المبطلون أن الإنسان يشبه الرب سبحانه و تعالى فى الهيئة و استدلوا على ذلك زوراً بحديث النبى صلى الله عليه و سلم: ((خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر - وهم نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك.....،)) و أيضاً قوله عليه السلام ((إذا قاتل أحدكم أخاه، فليتجنب الوجه. فإن الله خلق آدم على صورته.))
_______________________________
بداية يجب أن تُفسر النصوص الشرعية وفق المبادىء العامة و هى رد المتشابه إلى المحكم و الجزئيات إلى الكليات و الفروع إلى الأصول...
و أيات الصفات و أحاديثه من المتشابه الذى قد يزل فى تفسيره من لا يفقهون كما قال حبر الأمة ابن عباس: (مابال هؤلاء يجدون رقة عند محكمه و يهوكون عند متشابهه) و كان هذا حين ذكر حديث فى الصفات فأنكر عليه أحد الجلوس.
لذا فإن فهم نصوص الصفات يكون دوماً فى ظل القاعدة المحكمة التى قررها القرأن و هى: ((ليس كمثله شىء و هو السميع البصير)) قوله عز وجل ((يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ))و قوله سبحانه ((وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ))
و بالرجوع إلى تفسير العلماء لهذه الأحاديث الشريفة نجد قولين:
القول الأول: أعاد الضمير على أدم فكان المعنى : "خلق الله آدم على صورته" أي على صورة آدم التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى موته، لم تتفاوت قامته ولم تتغير هيئته، بخلاف بنيه فإن كلا منهم يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ، و حتى فى الهيئة النهائية نجد بعض الإختلافات بين أدم و بنيه فى الحجم و القوة...إلخ، كما قال عليه الصلاة و السلام فى أخر الحديث "فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا ، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن"، و شبيه هذا قول أم المؤمنين عائشة فى وصف رؤية النبى عليه السلام لجبريل فى هيئته الحقيقية "وإنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته، فسد أفق السماء."
و كذا فى الحديث الأخر يكون المراد أن الله خلق أدم على هذه الصورة الإنسانية التى ارتضاها له و لبنيه و أكرم الإنسان بها.
القول الثانى:أعاد الضمير على الرب جل فى علاه ، و كان عمدة ذلك ما ورد فى بعض الروايات بلفظ "فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" و أجيب على ذلك بأن ذلك اللفظ لم يصح عن النبى عليه الصلاة و السلام ...
و حتى لو افترضنا صحة هذا المحمل فليس فيه شبهة التشبيه مطلقاً و يكون المعنى: "أي أعطاه من الصفات ما يوجد مسماها عند الله عز وجل، كالحياة والعلم والكلام والرحمة و السمع و البصر و الوجه و اليدين و العينين..، و لا يكون الاشتراك إلا في مسميات هذه الصفات وليس في عينها، حيث أن المشترك بين قدرة العبد وقدرة الخالق هو الاسم فقط، وهكذا بشأن جميع الصفات، فقدرة الله غير مخلوقة وغير محدودة، بينما قدرة العبد مخلوقة، محدودة، تحتاج على الدوام إلى الحي القيوم، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، و بهذا نفهم المعنى جلياً دون خلط فصفات الرب ليس كمثلها شىء "
و كذلك العجب مثلاً من صفات الله نثبتها له كما أثبتها لنفسه تعالى إثبات بغير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. وهو عجب حقيقي يليق بالله،
والعجب نوعان: "أحدهما": أن يكون صادراً عن خفاء الأسباب على المتعجب فيندهش له ويستعظمه ويتعجب منه، وهذا النوع حاصل للإنسان محال على الله؛ لأن الله لا يخفى عليه شيء كما هو معلوم بالأدلة العقلية و النصوص القطعية فى الكتاب و السنة و إجماع سلف الأمة. "الثاني": أن يكون سببه خروج الشيء عن نظائره، أو عما ينبغي أن يكون عليه مع علم المتعجب، وهذا هو الثابت لله تعالى.
و كذا صفة البصر: فالبصر صفة من صفات الله ليس كبصر المخلوق القاصر العاجز المركب المصدر ، فبصر الرب صفته الأزلية لا يفوته شىء يدرك النملة الصماء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء، و يدرك فة ذات الحين قلباً بين الضلوع خفاق، و حوتاً يُسبح فى قيعان البحار و الورقة تسقط من بين الأشجار، يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار، سبحانه أن يكون له شبيه ولا نظير وهو الواحد الاحد الفرد الصمد الذى لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد .

و قد روى الإمام البخارى عن محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، ولا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا).
و من المعلوم أن المؤمنين لا يكونوا على صورة القمر من كل وجه، و إلا لدخل الناس بلا أنوف ولا عيون ولا أفواه،و بهذا نجد أن الصورة لا يشترط فيها مماثلة الصورة الأخرى ، فإن كان هذا هو الحال فى حديثنا عن صور المخلوقين فكيف بصورة الخالق؟

-
وأصل هذه الشبهة نبع من تأويلات و تحريفات أهل الكتاب لنصوص الصفات فى كتابهم فأظهروا الله تعالى على شبيه مخلوقاته فعلاً ، فحين نقرأ مثلاً فى سفر التكوين: ((لان الله على صورته خلق الإنسان)) تكوين 6:9
نجدهم و قد انحرفوا فى تفسير هذا النص -ان صح- فاعتقدوا بالتشابه الحقيقى بين الله و الإنسان , و لهذا نسبوا لله ما ينسب للإنسان من الراحة و الندم و النسيان و التذكر و الاستيقاظ والصفير و المرض و العويل والسكر و الألم و اللطم و التصفيق و التعرى و الغدرو الجهل، راجع (صموئيل الأول 3:15,خروج 17:31,مزمور 65:78,ميخا8:1,اشعيا9:16,ارميا 19:4,القضاة 18:2,تكوين 20:18,اشعيا 2:20,زكريا 10:2,حزقيال17:2)
و لذلك نجد البابا يوحنا ذهبى الفم يقول امتثالاً لفكر بولس: " الرجل له السلطان على المرأة , أما المرأة فليس لها سلطان, لأن الرجل لا يخضع لأحد بينما المرأة تخضع للرجل لان الرجل هو المخلوق على صورة الله فلا سيطرة لأحد عليه تماماً كما أن الله لا يرأسه أحد, بل يسود على كل شىء .."
حتى أنا نقرأ فى سفر الخروج حين طلب موسى أن يرى ربه أن الله مر من امامه و اجتازه و ستر عينه بيده ثم سمح له أن يراه من قفاه لأن من يرى الوجه لا يعيش (( قال: لا تقدر أن ترى وجهى لأن الأنسان لا يرى وجهى و يعيش , و قال الرب: هو ذا عندى مكان, فتقف على الصخرة, و يكون متى أجتاز مجدى, أنى أضعك فى نقرة من الصخرة و استرك بيدى حتى أجتاز, ثم أرفع يدى فتنظر ورائى, و أما وجهى فلا يُرى)) خروج 20:33-23, و لا ريب أن تعبير ((ورائى)) فى مقابل ((وجهى)) تعنى ما تعنى, فأين ذلك من القرأن الذى جاء ليرد على هذا العبث فقال تعالى (( و لما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك , قال لن ترانى و لكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى , فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً و خر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين)) ,
و وصل الحد إلى تجرأ بعض الرسامين أمثال مايكل أنجلو على رسم الله تعالى فى شكل الإنسان على حوائط الكنائس فى أوروبا
فالحمد لله الذى أرسل نبيه محمد بالهدى و النور ليقص على بنى اسرائيل أكثر الذى هم فيه يختلفون و يكشف ما كانوا يكتمون و يصحح ما يحرفون

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Mar 7 2004, 04:47 AM

QUOTE

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة sary
كيف خلق الله الإنسان على صورته؟وأصل هذه الشبهة نبع من تأويلات و تحريفات أهل الكتاب لنصوص الصفات فى كتابهم فأظهروا الله تعالى على شبيه مخلوقاته فعلاً ، فحين نقرأ مثلاً فى سفر التكوين: ((لان الله على صورته خلق الإنسان)) تكوين 6:9
نجدهم و قد انحرفوا
فى تفسير هذا النص -ان صح- فاعتقدوا بالتشابه الحقيقى بين الله و الإنسان



حسب علمي فعلماء اليهود يفسرون هذه الفقرة من سفر التكوين تفسيرا يتفق و اعتقاد المسلمين أي أن الله خلق للإنسان السمع و البصر و العلم ...إلخ

و الله أعلم!

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Mar 7 2004, 04:57 AM

عموما ... لقد قمت بترجمة ردك - أخي ساري - على كريستوف هيجر و نشره على موقعي المتواضع:
Is Islam a Monotheistic Religion?
Refuting delusions of Christoph Heger
http://www.geocities.com/noorullahwebsite/monothei.html

كما نشره الأخ محمد إلفي على بسمك اللهم بنفس الرابط الذي نشر به مقالة عاصف إقبال - بعد حذفها بالطبع:
Is Islam a Monotheism? Answering the Inconsequential Polemic of Christoph Heger
http://www.bismikaallahuma.org/Polemics/monothei.htm

إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم .. آآآآآآآمين

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Mar 9 2004, 02:11 AM

بارك الله فيك دكتور هشام و جعل جهادك فى ميزان حسناتك ، و بالنسبة لليهود فهم بالفعل يفسرون النص -على حد زعمهم- كتفسير المسلمين و لكن الأفات التى نسبوها الى الله تفضحهم و تفضح تحريفهم و صحة تشبيهم، فنسبوا الى الله التعب و الراحة و النسيان و الندم و العويل و غيره و حسبك ان تنظر فى النص الذى وضعته حين طلب موسى من الله أن يراه فجعله الله يراه من قفاه!!

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Jan 6 2005, 02:26 AM

هل حملة العرش حيوانات؟



ورد السؤال حول ما نقل فى بعض كتب التفسير عند قوله تعالى start-icon.gifوَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ end-icon.gifالحاقة 17 و منه:

(1)
الحديث الذى صححه بعض المتأخرين و نصه start-icon.gifإن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض ، وعنقه منثن تحت العرش ، وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربنا ! فيرد عليه : ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبا end-icon.gif

(2)
و كذلك قول الْعَبَّاس: {هُمْ ثَمَانِيَة أَمْلَاك عَلَى صُورَة الْأَوْعَال }. وَرَوَاهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَفِي حَدِيث أخر { إِنَّ لِكُلِّ مَلَك مِنْهُمْ أَرْبَعَة أَوْجُه وَجْه رَجُل وَوَجْه أَسَد وَوَجْه ثَوْر وَوَجْه نَسْر وَكُلّ وَجْه مِنْهَا يَسْأَل اللَّهَ الرِّزْقَ لِذَلِكَ الْجِنْس}.
وَلَمَّا أُنْشِدَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : رَجُل وَثَوْر تَحْت رِجْل يَمِينه وَالنَّسْر لِلْأُخْرَى وَلَيْث مُرْصَد وَالشَّمْس تَطْلُع كُلّ آخِر لَيْلَة حَمْرَاء يُصْبِح لَوْنهَا يَتَوَرَّد لَيْسَتْ بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلهَا إِلَّا مُعَذَّبَة وَإِلَّا تُجْلَد قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صدق
_____________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

أولاً

كان متوجباً على النصارى الذين يتهجمون على الإسلام و يزعمون أن حملة العرش حيوانات أن يراجعوا كتبهم و ما تحوية من صواعق تنال من الذات الالهية و منها

الرب يشبه حيوان التنين الأسطورى القبيح: (( عِنْدَئِذٍ ارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَتَزَلْزَلَتْ. ارْتَجَفَتْ أَسَاسَاتُ السَّمَاوَاتِ وَاهْتَزَّتْ لأَنَّ الرَّبَّ غَضِبَ. نَفَثَ أَنْفُهُ دُخَاناً، و نَارٌ آكِلَةٌ مِنْ فَمِهِ ، جمر اشتعلت منه . . . )) 2صموئيل9:22

الرب يشبه اللبوة: ((يَجْثِمُ كَأَسَدٍ، وَيَرْبِضُ كَلَبْوَةٍ.)) العدد9:24

الرب يشبه الدبة و اللبوة ((أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِلٍ وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ.)) هوشع7:13

الرب كالثور الهائج: (( اللهُ أَخْرَجَهُ مِنْ مِصْرَ، وَقُوَّتُهُ مِثْلُ الثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ.)) عدد 8:24

الرب خروف بسبع قرون : ((وَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُ فِي الْوَسَطِ بَيْنَ الْعَرْشِ وَالْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الأَرْبَعَةِ وَالشُّيُوخِ خروف قائم كَأَنَّهُ مذبوح. وَكَانَتْ لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ، وَسَبْعُ أَعْيُنٍ تُمَثِّلُ أَرْوَاحَ اللهِ السَّبْعَةَ الَّتِي أُرْسِلَتْ إِلَى الأَرْضِ كُلِّهَا. )) رؤيا6:5

((
هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه ربُّ الأرباب وملك الملوك )) رؤيا14:17

فأنّى لمن كان الهه بهذه الأوصاف احيوانية أن يتجرأ على عقائد المسلمين الراقية؟!


ثانياً

بالنسبة الأحاديث المذكورة ههنا فى وصف حملة العرش فنقدها العلماء من جهات:

(1)
أما حديث الديك و نصه {إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض ، وعنقه منثن تحت العرش….الحديث }

فقد صححه البعض منهم الإمام الألبانى فى (( السلسلة الصحيحة ))( ح150) ، وزاد فقال : [ قد صحَّ الحديث ، والرواة كلهم ثقات من رجال البخارى غير ابن الأخرم ، وهو من الفقهاء الحفاظ المتقنين كما فى (( لسان الميزان )) . على أن إسحاق بن منصور لم يتفرد به عن إسرائيل ، فقد تابعه عبيد الله بن موسى . فالحديث صحيح الإسناد ] .

و ماذكره الألبانى رحمه الله هنا بالتحديد فيه نظر من وجوه :

[
الأول ] القول بأن رواته من رجال البخارى منتقض ، بأن البخارى لم يخرِّج شيئاً من رواية معاوية بن إسحاق عن سعيد المقبرى ، ولا من رواية إسرائيل عنه !! . وليس لمعاوية بن إسحاق عنده ، إلا ما أخرجه فى (( الجهاد والسير )) ، قال :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَتِ : اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِهَادِ ، فَقَالَ : (( جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ )) .

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَأَلَهُ نِسَاؤُهُ عَنِ الْجِهَادِ ؟ ، فَقَالَ : (( نِعْمَ الْجِهَادُ الْحَجُّ )) .
قلت : فهذا فى غاية البيان ؛ أن البخارى إنما اعتمده فى المتابعات ، وفى روايته عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، ومن رواية الثورى عنه .

[
الثانى ] لعلَّ البخارى إنما اعتمد رواية مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ بن طلحة بن عبيد الله التيمى عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، لإنها عمَّته ، وهو من أعرف الناس بها ، وأما روايته عن سعيد المقبرى ، فليست فى شئٍ من (( الكتب الستة )) البتة !! .
وسعيد المقبرى ثقة مجمع على ثقته وجلالته ، ولكن اعتمده البخارى ومسلم من رواية الكبار عنه : مالك ، والليث ، وابن أبى ذئبٍ ، وعبيد الله بن عمر ، وإسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى الأمويان ، ونحوهم من الكبار . وأما رواية مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عنه فلا !

[
الثالث ] أما إحتجاجه بأن إسحاق بن منصور لم يتفرد به عن إسرائيل ، و ان عبيد الله بن موسى قد تابعه، فهو يشير إلى ما جاء في مستدرك الحاكم(4/320-321) (إتحاف المهرة(14/706)):
{
أخبرنا أبو عبدالله الصفار ثنا أحمد بن مهران ثنا عبيدالله بن موسى أنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن المقبري عنة أبي هريرة مرفوعا }

فأحمد بن مهران الأصبهاني لايعرف فيه جرح ولاتعديل (ينظر رجال الحاكم في المستدرك للشيخ مقبل(2/201-202)
وقد ذكره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان(ج:1 ص:316 ) تمييزا ولم يذكر فيه جرح ولاتعديل

فالحق أن الحديث ضعيف معلول ، و قد أخرجه الإمام الدارقطنى فى العلل (8/156) .و قال تعقيباً على الحديث كما في أطراف الغرائب والأفراد لابن طاهر ج:5 ص:194
[
غريب من حديث معاوية بن إسحاق بن طلحة عنه
تفرد به إسحاق بن منصور عن إسرائيل عنه
ولم أره إلا من حديث حمدان بن عمر البزار عنه
وغيره يرويه عن إسرائيل عن إبراهيم بن إسحاق وهو إبراهيم بن الفضل(ضعيف) ]

ـ و قد ذكر ابن القيم في (المنار المنيف ص54 ) نحو هذا الحديث مع جملة أحاديث مكذوبة ، ثم قال :
[
وبالجملة فكل أجاديث الديك كذب إلا حديثاً واحداً : (إذا سمعتم صياح الديك فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً ) أخرجه البخاري ومسلم ]

ـ وقد استدرك عليه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة غفر الله له حديث : (لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة ) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بنحوه .

الاختلاف في المتن

و من مبطلات هذا اللفظ أن ذلك الحديث قد رواه أبو يعلى في مسنده(11/496رقم6619) عن عمرو الناقد حدثنا إسحاق بن منصور السلولي حدثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة والعرش على منكبه وهو يقول سبحانك أين كنت وأين تكون)).

وقال الطبراني في الأوسط(7/220)
7324
حدثنا محمد بن العباس ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد ن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن الله جل ذكره إذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه منثني تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا فرد عليه ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبا

أوجه الاختلاف
في اللفظ الأول(ملك)
وفي الثاني (ديك)!

في اللفظ الأول (والعرش على منكبه )
وفي اللفظ الثاني (عنقه منثني تحت العرش)

في اللفظ الأول يقول الملك(وهو يقول سبحانك أين كنت وأين تكون)
وفي اللفظ الثاني يقول الديك(وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا فرد عليه ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبا ).
ولو قلنا إن الملك على هيئة ديك ، فهل للديك منكب؟!

*
نقلاً عن فضيلة الشيخ عبدالرحمن الفقيه و فضيلة الشيخ أبومحمد الألفى*


(2)
أما رواية العباس بن عبدالملك و التى تزعم أن حملة العرش هم ملائكة على شكل أوعال فلا يصح رفعها إلى رسول الله بحال و قد ضعفها الإمام الألبانى فقال :
[
تفرد به سماك عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة، ويحيى بن العلاء متروك الحديث]
راجع ضعيف الترمذى654/ ضعيف ابن ماجة34/ ضعيف الجامع6093

(3)
و أما حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره أنشده رجل من قول أمية:زحل وثور تحت رجل يمينه * والنسر للأخرى وليث مرصد"فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق))

فذلك الحديث – بصرف النظر عن ثبوته - لم يقل أن الملائكة على شكل حيوانات و إنما يحتمل أن هذه أسماء تلك الملائكة ، فمنهم من يدعى زحل و منهم من يدعى نسر و هكذا… ، و هذا ما يستفاد من ظاهر النص و عليه من أخذ به من العلماء

إلا أن الحديث لم يصح فقد ضعفه الشيخ الألباني في "السنة " لابن أبي عاصم (579) فقال :

[
الحديث أخرجه أحمد وابنه عبدالله في المسند وزوائده (1/256) بإسناد المصنف وشيخه .وأخرجه الدارمي : أخبرنا محمد بن عيسى ثنا عبدة بن سليمان به ،
إسناده ضعيف ورجاله ثقات والعلة عنعنة ابن إسحاق . (لأنه مدلس)

وأخرجه البيهقي في الأسماء ص 360 عن أحمد بن عبد الجبار أنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني يعقوب بن عتبة فصرح بالتحديث ، لكن أحمد هذا ضعيف ويونس بن بيكر صدوق يخطئ ]

و كذا الحال مع الرواية الأخرى القائلة بأنهم ملائكة لكل منهم ثلاثة وجوه وجه ثور و وجه أسد و وجه نسر ، فهى رواية موضوعة باطلة لم تثبت أبداً فضلاً عن تعارضها مع الروايات السابقة أيضاً… و الحق أبلج و الباطل لجلج …

والحق أن أقصى ما في تلك الأثار أن تكون من الإسرائيليات التى نقلها البعض، إذ نقرأ هذا وصف الملائكة بالحيوانات فعلاً فى سفر الرؤيا و تجاوز الأمر ليبلغ التطاول على الذات الإلهية و تشبيه الرب بالخروف:
((6
وقُدّامَ العَرشِ ما يُشبِهُ بَحرًا شَفافًا مِثلَ البِلَّورِ، وفي وَسْطِ العَرشِ وحَولَهُ أربعةُ كائناتٍ حيَّةٍ مُرَصَّعةٍ بِالعُيونِ مِنْ قُدّامِ ومِنْ خَلفٍ: 7الكائنُ الحيُّ الأوَّلُ يُشبِهُ الأسدَ، والكائنُ الحيُّ الثاني يُشبِهُ العِجلَ، والكائنُ الحيُّ الثالِثُ لَه وَجهِ كَوَجهِ الإنسانِ، والكائنُ الحيُّ الرّابعُ يُشبِهُ النَّسرَ الطائِرَ………ورَأيتُ بَينَ العَرشِ والكائناتِ الحيَّةِ الأربعَةِ وبَينَ الشُّيوخِ حَمَلاً واقِفًا كأنَّهُ مَذبوحٌ، لَه سَبعةُ قُرونٍ وسَبعُ عُيونٍ هِيَ أرواحُ الله السَّبعَةُ التي أرسَلَها إلى العالَمِ كُلِّه.)) "رؤيا 6:4، 7- 6:5"

فالنصارى هم الذى وصفوا ملائكة العرش بالحيوانات و وصفوا رب العرش بالخروف المقرن تعالى علواً كبيراً

فانظر كيف انقلب السحر على الساحر و كيف ثبت تهجم النصارى على كتاب الله وفق أمور لم تثبت إلا فى كتبهم!

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Jan 6 2005, 02:36 AM

شبهة حول حديث رؤية الله تعالى



أبدى النصارى و من سبقهم من أهل البدع عدة شبهات حول حديث رؤية المؤمنين ربهم عز و جل يوم القيامة ، فنورد الحديث و الإعتراضات عليه ثم نتناولها بالتفنيد بعون الله و توفيقه:

start-icon.gif
حدثني زهير بن حرب حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ....... ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة فيقول أي رب اصرف وجهي عن النار فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوه ثم يقول الله تبارك وتعالى هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره فيقول لا أسألك غيره ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الذي أعطيتك ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول أي رب ويدعو الله حتى يقول له فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره فيقول لا وعزتك فيعطي ربه ما شاء الله من عهود ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة فرأى ما فيها من الخير والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب أدخلني الجنة فيقول الله تبارك وتعالى له أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول أي رب لا أكون أشقى خلقك فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منه فإذا ضحك الله منه قال ادخل الجنة فإذا دخلها قال الله له تمنه فيسأل ربه ويتمنى حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى ذلك لك ومثله معه end-icon.gif

صحيح مسلم .. كتاب الإيمان .. باب معرفة طريق الرؤية

السؤال الأول: كيف يمكن للإنسان رؤية الله و قد قال (( لا تدركه الأبصار)) ؟
السؤال الثانى: كيف يأتى الله للمؤمنين فى صورة غير صورته و الإسلام ينفى الحلول عن الله؟
السؤال الثالث: كيف يثبت صفة الضحك لله تعالى؟
___________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

أما عن الإعتراض الأول

فاعلم أنه ليس بممتنع رؤية الله تعالى يوم القيامة لأن حال المؤمنين و مؤهلاتهم الموهوبة يومئذ تختلف عنها فى الدنيا و قد أخبرنا رسول الله أننا لا نرى ربنا عز و جل فى الدنيا أبداً لا من حيث القدرة ولا من حيث الواقع
و قد أخطأ المعترض إن ظن أن رؤية الله تعالى يوم القيامة تتنافى مع امتناع إدراكه عز و جل لأن الله يُرى ولا يدرك كما أنه يُعلم ولا يحاط به علماً

و قد نقل الإمام ابن كثير عن بعض أهل العلم فى تفسير الأية الكريمة قولهم:
{
الْإِدْرَاك أَخَصّ مِنْ الرُّؤْيَة وَهُوَ الْإِحَاطَة قَالُوا وَلَا يَلْزَم مِنْ عَدَم الْإِحَاطَة عَدَم الرُّؤْيَة كَمَا لَا يَلْزَم مِنْ إِحَاطَة الْعِلْم عَدَم الْعِلْم قَالَ تَعَالَى " وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا " وَفِي صَحِيح مُسْلِم ( لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسك) وَلَا يَلْزَم مِنْهُ عَدَم الثَّنَاء فَكَذَلِكَ هَذَا....
قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يُدْرِك الْأَبْصَار " قَالَ لَا يُحِيط بَصَر أَحَد بِالْمُلْكِ
و عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قِيلَ لَهُ لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار قَالَ أَلَسْت تَرَى السَّمَاء ؟ قَالَ بَلَى قَالَ فَكُلّهَا تُرَى ؟}


و إنا لنتعجب من قوم ينكرون رؤية الله على المسلمين فى حين نجد فى كتابهم أن كل من هب و دب قد رأى الله و فى الحياة الدنيا !
((
ويُكَلِّمُ الرّبُّ موسى وجهًا إلى وجهٍ كما يُكَلِّمُ الإنسانُ صاحبَه.)) خروج11:33
((9
ثُمَ صَعِدَ موسى وهرونُ ونادابُ وأبيهو وسَبْعونَ مِنْ شُيوخ بَني إِسرائيلَ، 10فرَأوا إلهَ بَني إِسرائيلَ وتحتَ قدَمَيهِ شِبهُ رَصيفٍ مِنَ الياقوتِ الأزرَقِ، نَقيٍّ كالسَّماءِ ذاتِها. 11ولكِنَّهُ لم يَمُدَ يَدَهُ علَيهِم لأنَّهُم رَأوهُ.)) خروج9:24-11

فها هى النصوص الصريحة تخبرنا أن بنى إسرائيل رأوا الرب رأساً و شاهدوا قدميه و ما تحتها!
بل و نقرأ أن يعقوب رأى الله و تصارع معه فصرعه !
و نقرأ فى عقائد القوم أن رب العالمين قد حل فى جسد رضيع و خرج بكامل لاهوته الحال فى الجسد من فرج امرأة !


و أما عن الإعتراض الثانى

فالإعتراض باطل إذ ليس فى الحديث النبوى ما يفيد حلول الله تعالى فى مخلوقاته .... و لو أحسن القوم فهم النصوص و مطالعة العقيدة لما قالوا بهذا، فهذا الحديث يثبت لذات الله تعالى صوراً لا كالصور المخلوقة كلها يليق بجلاله بلا نظير ولا شبيه.. فليس كمثله شىء فى ذاته ولا صفاتها سبحانه
و الخبر لم يقل أن الله تعالى يأتى فى صورة ليست بصورته و إنما قال أن المؤمنين يجهلونه أول وهلة لأنه جاءهم فى صورة غير صورته التى يعرفون لأن هذه الرؤية ستُسبق برؤية المؤمنين ربهم فى صورة جليلة أخرى على عرفات القيامة قبل تفرق الناس ، لذا نقرأ فى طريق أخر للحديث: (ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّه لَنَا فِي صُورَة غَيْر صُورَته الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّل مَرَّة)
و حين يتجلى سبحانه للأمة فينكرونه يكشف عن ساقه على النحو الذى علموه من كماله فيعرفونه و يسجد المؤمنين و تُصلب أظهر المنافقين



و أخيراً عن السؤال الثالث فنجيبه من جهتين:


(1)
أن صفة الضحك ثابتة للرب فى كتب النصارى فنقرأ فى مزمور13:37 {الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ!}
{
اما انت يا رب فتضحك بهم تستهزئ بجميع الامم} مزمور8:59
{
السَّاكِنَ في السَّماواتِ يضحَكُ. الرّبُّ يستهزِئْ بِهِم} مزمور4:2
و لكن النصارى كعادتهم دائماً فى ما يطرحونه تجدهم جاهلين أو كاتمين لما عندهم!!

(2)
أننا نثبت صفة الضحك لله تعالى وفق القواعد السابق تقريرها اثبات بلا تشبيه و تنزيه بلا تعطيل فإن تقرر هذا زال الإشكال من عقول المشبهة الذين لولا تشبيههم لضحك الخالق بضحك المخلوق لما أثيرت الشبهة...
فثبوت تلك الصفة لله تعالى لا نقص فيه ولا خلل بل فيه من الخيرات الكثير... فما أسعد المؤمن حين يكلم ربه و يضحك له ربه عز و جل ضحكاً جميلاً يليق بجلاله يدخل السرور على قلب العبد الطائع المنيب... و قد ثبت أن الله تعالى يسخط و يغضب على المجرمين فمن العدل المقابل أن يرضى و يضحك للمؤمنين
و من نفى هذه الصفة عن الرب جل و علا فقد عابه و صوره الهاً عبوساً لا ينال عباده الصالحين منه حناناً و ألفة
فما أشبه هذا بالوصف المخيف لأهوال القيامة فى قوله تعالى start-icon.gifإِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً end-icon.gif





 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Jan 6 2005, 02:38 AM

هل الله تعالى يمل؟



أورد النصارى هذا السؤال فى الحديث الذى رواه الإمام البخارى و نصه:
start-icon.gif
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت عندي امرأة من بني أسد فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذه قلت فلانة لا تنام بالليل فذكر من صلاتها فقال مه عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا
صحيح البخاري .. كتاب الجمعة .. باب ما يكره من التشديد في العبادة end-icon.gif
____________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و الصلام على رسول الله:

أولا:

يظهر تعنت المعترض على هذا الحديث الشريف حين يطلق اللفظ و يزعم أنه نسب إلى الله تعالى صفة الملل دون تدبر للنص أو مراجعة لأقوال أهل العلم الأكابر...فالحديث يشير إلى أن الله تعالى لا يمل أبداً من طاعة عباده و اثابتهم عليها ، و لكن إن ملوا هم من العبادات و سأموها قطع عنهم سبحانه الثواب باحتقار كمن سأم العطاء لهم ، لأن الجزاء من جنس العمل .. فالتعبير هنا من قبيل المشاكلة بغرض الوعيد لمن يعرض عن طاعة اعتادها لأنه إعراض عن الله لذا كانت أحب الأعمال إلى الله أدومها و إن قل

و لنرى ما أورده الإمام الحافظ ابن حجر من أجوبة عدة فى شرح الحديث:
قال الإمام { وَالْمَلَال اِسْتِثْقَال الشَّيْء وَنُفُور النَّفْس عَنْهُ بَعْد مَحَبَّته , وَهُوَ مُحَال عَلَى اللَّه تَعَالَى بِاتِّفَاقٍ .
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَجَمَاعَة مِنْ الْمُحَقِّقِينَ : إِنَّمَا أُطْلِقَ هَذَا عَلَى جِهَة الْمُقَابَلَة اللَّفْظِيَّة مَجَازًا كَمَا قَالَ تَعَالَى ( وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مِثْلهَا ) وَأَنْظَاره ,
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَجْه مَجَازه أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ يَقْطَع ثَوَابه عَمَّنْ يَقْطَع الْعَمَل مَلَالًا عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْمَلَالِ مِنْ بَاب تَسْمِيَة الشَّيْء بِاسْمِ سَبَبه .
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ : مَعْنَاهُ لَا يَقْطَع عَنْكُمْ فَضْله حَتَّى تَمَلُّوا سُؤَاله فَتَزْهَدُوا فِي الرَّغْبَة إِلَيْهِ .
وَقَالَ غَيْره : مَعْنَاهُ لَا يَتَنَاهَى حَقّه عَلَيْكُمْ فِي الطَّاعَة حَتَّى يَتَنَاهَى جُهْدكُمْ ,
وَهَذَا كُلّه بِنَاء عَلَى أَنَّ " حَتَّى " عَلَى بَابهَا فِي اِنْتِهَاء الْغَايَة وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا مِنْ الْمَفْهُوم .
وَجَنَحَ بَعْضهمْ إِلَى تَأْوِيلهَا فَقِيلَ : مَعْنَاهُ لَا يَمَلّ اللَّه إِذَا مَلَلْتُمْ , وَهُوَ مُسْتَعْمَل فِي كَلَام الْعَرَب يَقُولُونَ : لَا أَفْعَل كَذَا حَتَّى يَبْيَضّ الْقَار أَوْ حَتَّى يَشِيب الْغُرَاب . وَمِنْهُ قَوْلهمْ فِي الْبَلِيغ : لَا يَنْقَطِع حَتَّى يَنْقَطِع خُصُومه ; لِأَنَّهُ لَوْ اِنْقَطَعَ حِين يَنْقَطِعُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ مَزِيَّة . وَهَذَا الْمِثَال أَشْبَه مِنْ الَّذِي قَبْله لِأَنَّ شَيْب الْغُرَاب لَيْسَ مُمْكِنًا عَادَة , بِخِلَافِ الْمَلَل مِنْ الْعَابِد .
وَقَالَ الْمَازِرِيّ : قِيلَ إِنَّ حَتَّى هُنَا بِمَعْنَى الْوَاو , فَيَكُون التَّقْدِير لَا يَمَلّ وَتَمَلُّونَ , فَنَفَى عَنْهُ الْمَلَل وَأَثْبَتَهُ لَهُمْ .
قَالَ : وَقِيلَ حَتَّى بِمَعْنَى حِين . وَالْأَوَّل أَلْيَق وَأَجْرَى عَلَى الْقَوَاعِد , وَأَنَّهُ مِنْ بَاب الْمُقَابَلَة اللَّفْظِيَّة . وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْض طُرُق حَدِيث عَائِشَة بِلَفْظِ " اِكْلَفُوا مِنْ الْعَمَل مَا تُطِيقُونَ , فَإِنَّ اللَّه لَا يَمَلّ مِنْ الثَّوَاب حَتَّى تَمَلُّوا مِنْ الْعَمَل " لَكِنْ فِي سَنَده مُوسَى بْن عُبَيْدَة وَهُوَ ضَعِيف ,
وَقَالَ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه : هَذَا مِنْ أَلْفَاظ التَّعَارُف الَّتِي لَا يَتَهَيَّأ لِلْمُخَاطَبِ أَنْ يَعْرِف الْقَصْد مِمَّا يُخَاطَب بِهِ إِلَّا بِهَا , وَهَذَا رَأْيه فِي جَمِيع الْمُتَشَابِه . ‏}

فانظر كم الأجوبة الشافية المتينة التى لا تترك مقولة لقائل و مع ذلك يغفل عنها قوم لايبصرون!

ثانياً:
إن كتاب النصارى هو الذى ينسب إلى الله تعالى صفة الملل بالمعنى المذموم يقيناً فنقرأ فى ارميا 6:15 قول الرب عن نفسه: ((مللت من الندامة))

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Jan 6 2005, 02:41 AM

هل الله يتردد؟



ثارت الشبهة حول الحديث الكريم فى صحيح البخارى و نصه:
start-icon.gif
حدثني محمد بن عثمان بن كرامة حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته end-icon.gif
___________________________
بعد الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

من المقرر أن التردد قد يقع نتيجة خوف من مجهول أو رقة فى العقيدة … فيكون مذموماً قطعاً إن قام بهذه المناسبة كما قال تعالى فى حق المنافقين
start-icon.gif
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ end-icon.gif
و قال عز و جل start-icon.gifمُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً end-icon.gif

و ذلك المعنى للتردد محال فى حق الله تعالى و هو الحق المؤمن الخبير ، و لا ينسجم سياق الحديث ههنا مع هذا المحمل الذى يلمز به المبطلون… فغاية الخبر إظهار فضل الأولياء و رحمة الرب الرؤوف بهم حتى أنه سبحانه أراد لو لم يذيقهم بلاءً كرهوه ، و فى ذات الوقت قدر سبحانه بإرادته الكونية و حكمته العلوية الفناء على كل مخلوق إلا وجهه الكريم …و الإنتقال من دار الإختبار إلى دار القرار و من دار العمل إلى دار الحساب،
فعُبر عن تعارض الإرادتين الكاملتين بالتردد و لم يقصد أن الله (تعالى عما يصفون) يخشى الإقدام على فعل خشية عاقبته أن أنه سبحانه لا يوقن ما يفعل!

قال الإمام ابن حجر: {هَذَا خِطَابًا لَنَا بِمَا نَعْقِلُ وَالرَّبُّ مُنَزَّهٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ , بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ " وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَةً " فَكَمَا أَنَّ أَحَدَنَا يُرِيدُ أَنْ يَضْرِب وَلَده تَأْدِيبًا فَتَمْنَعُهُ الْمَحَبَّةُ وَتَبْعَثُهُ الشَّفَقَةُ فَيَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الْوَالِدِ كَالْمُعَلَّمِ لَمْ يَتَرَدَّدْ بَلْ كَانَ يُبَادِرُ إِلَى ضَرْبِهِ لِتَأْدِيبِهِ فَأُرِيدَ تَفْهِيمُنَا تَحْقِيق الْمَحَبَّة لِلْوَلِيِّ بِذِكْرِ التَّرَدُّد .}

قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْفَضْل بْن عَطَاء : {فِي هَذَا الْحَدِيث عِظَم قَدْر الْوَلِيِّ , لِكَوْنِهِ خَرَجَ عَنْ تَدْبِيره إِلَى تَدْبِير رَبّه , وَعَنْ اِنْتِصَاره لِنَفْسِهِ إِلَى اِنْتِصَارِ اللَّهِ لَهُ , وَعَنْ حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ بِصِدْقِ تَوَكُّلِهِ }




 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Jan 6 2005, 02:54 AM

شبهات صغيرة



السؤال: كيف يستوى الله على العرش؟

الجواب: أن الله تعالى يستوى على عرشه على نحو يليق بجلاله و قد قال الإمام مالك فى جوابه على هذا السؤال { الإستواء معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعه}

بيد أن إستواء الله تعالى على عرشه ليس صفة نقص بل هو صفة كمال و دليل ملك الرحمن و علوه على مخلوقاته ، و قد أورد الله تعالى فقد ذكر الله تعالى هذه الصفة فى كل مواضع التكبر و التعظم مما يدل على أنها صفة كمال كما قال تعالى :

start-icon.gif
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ end-icon.gif

start-icon.gif
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ end-icon.gif

start-icon.gif
اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ end-icon.gif

start-icon.gif
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى end-icon.gif

start-icon.gif
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً end-icon.gif

start-icon.gif
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ end-icon.gif

فتأمل كل هذه اليات تجد الله يذكر الاستواء كصفة كمال فى مواطن التكبر و التأله و الاقتدار،



السؤال: كيف يكون الله متكبراً و التكبر صفة الشيطان؟
الجواب : الله هو العلى الكبير و هو المتكبر المتعال إذ هو أكبر من كل شيء بذاته، وأكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته، وأكبر من أن يشبه بخلقه، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما في يد الله كخردلة في يد أحدنا
و هو المتكبر عن كل سوء ونقص وعيب وظلم، والذي تكبر عن صفات الخلق و عن الصاحبة و الولد .
فمن أنكر شيئاً من هذا فى جناب الله فقد سبه أعظم مسبة و سلبه التنزيه و التقديس و نسبه للوضاعه و النقص
فالتكبر يحمد فى جناب الله لأنه أهله سبحانه فهو خالق كل شىء و مليكه كما أنه التفرد بوحدانيه الألوهية و الحق فى العبادة
فى حين العبد إنس كان أو جن يُذم إن تكبر لأنه ادعى لنفسه ما ليس له بحق و نازع الله تعالى فى خصائصه التى لا تجوز لمن سواه
و على العكس فالعبد يحمد إن تواضع إلى الله و افتقر إليه بقلبه و حاله ..لذا كان أقرب ما يكون العبد إلى ربه و هو ساجد بين يديه.
و بهذا يتبين مدى جهل النصارى و تسرعهم فى إنكار هذه الصفة عن الله و إلا ليخبرونا إن كانوا صادقين ما الفرق بين تكبر الله و بين مطالبته عباده ان يسحبوه و يوقروه و يعبدوه؟
و ما الفرق بين قولنا ( الله تعالى) (الله تعظم) –و هى مقولات دارجة على لسان المسلم و النصرانى على حد سواء- بين قولنا (الله تكبر)؟

السؤال: كيف يصلى الله على محمد
الجواب: أن الصلاة هنا بمعنى الصلة بين العبد و ربه
فالعبد يصل ربه بعبادته و دعاءه و التضرع بين يديه ساجداً
و الملائكة تصل العبد بالدعاء و الإستغفار له عند الله تعالى كما قال تعالى ((((هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ)) و قال عز و جل((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )) و قال سبحانه ((تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ))

و الله تعالى يصل عبده بالمغفرة له و رفع درجته و ذكره سراً و علانية و هذا مقرر فى حق المؤمنين الصاحين عامة و فى حق نبينا محمد خاصة كما قال تعالى ((أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)) و قال جل و علا ((هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً)) كما جاء فى الحديث

 

مكتوب بواسطة: OMAR AL-FAROUQ Jan 6 2005, 11:10 AM

السلام عليكم
بارك الله فيك أخي الحبيب واستاذي الفاضل ساري أبو تراب.
والله انني أستمتع وأتعلم كثيرا من هذه الدروس القيمة.
جزاك الله عنا كل الخير.
واسمح لي أخي الحبيب أن تكون لي اضافة بسيطة في هذه الجزئية
أنت قلت "
السؤال: كيف يكون الله متكبراً و التكبر صفة الشيطان؟
الجواب : الله هو العلى الكبير و هو المتكبر المتعال إذ هو أكبر من كل شيء بذاته، وأكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته، وأكبر من أن يشبه بخلقه، السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما في يد الله كخردلة في يد أحدنا
و هو المتكبر عن كل سوء ونقص وعيب وظلم، والذي تكبر عن صفات الخلق و عن الصاحبة و الولد .
فمن أنكر شيئاً من هذا فى جناب الله فقد سبه أعظم مسبة و سلبه التنزيه و التقديس و نسبه للوضاعه و النقص
فالتكبر يحمد فى جناب الله لأنه أهله سبحانه فهو خالق كل شىء و مليكه كما أنه التفرد بوحدانيه الألوهية و الحق فى العبادة
فى حين العبد إنس كان أو جن يُذم إن تكبر لأنه ادعى لنفسه ما ليس له بحق و نازع الله تعالى فى خصائصه التى لا تجوز لمن سواه
و على العكس فالعبد يحمد إن تواضع إلى الله و افتقر إليه بقلبه و حاله ..لذا كان أقرب ما يكون العبد إلى ربه و هو ساجد بين يديه.
و بهذا يتبين مدى جهل النصارى و تسرعهم فى إنكار هذه الصفة عن الله و إلا ليخبرونا إن كانوا صادقين ما الفرق بين تكبر الله و بين مطالبته عباده ان يسحبوه و يوقروه و يعبدوه؟
و ما الفرق بين قولنا ( الله تعالى) (الله تعظم) –و هى مقولات دارجة على لسان المسلم و النصرانى على حد سواء- بين قولنا (الله تكبر)؟"

و نجد أن صفة التكبر منسوبة لله تعالى أيضا في كتب اليهود والنصارى !!!
وهذا راجع اما للجهل بكتبهم أو بكتمانهم لما يتهمون ويظنون انه عيب!!!
نقرأ في كتبهم الآتي:
في المزامير 47.9
9 شرفاء الشعوب اجتمعوا. شعب اله ابراهيم. لان لله مجان الارض. هو متعال جدا"
في المزامير 99.2
"
الرب عظيم في صهيون وعال هو على كل الشعوب. "
في المزامير 138.6
"لان الرب عال ويرى المتواضع. اما المتكبر فيعرفه من بعيد. "

في المزامير 18.46
"
حيّ هو الرب ومبارك صخرتي ومرتفع اله خلاصي"

في اشعياء 12.4
"
وتقولون في ذلك اليوم احمدوا الرب ادعوا باسمه عرّفوا بين الشعوب بافعاله ذكّروا بان اسمه قد تعالى. "

الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Jan 6 2005, 05:32 PM

من العجمة أتينا !!



اعلم أن صفة الملل والخداع والمكر من الصفات المقيدة في النصوص , وهي في اللغة على وجهين:

الوجه الأول: صفات نقص إذا جاءت بوصف مطلق كقولك : ( فلان مخادع...ماكر...ملول)وهذه لا تليق بالله جل وعلى لذا لم ترد في النصوص بالإطلاق.

الوجه الثاني: صفات كمال ومدح إذا جاءت مقيده بما يقابلها من الوصف , فإن الكريم عند العرب يمل من الذي يمل منه فهي صفة أنفةٍ ممدوحة ....وكذا المكر فإن الذي يمكربه وهو لا يستطيع أن يرد المكر بمثله فهذا عندهم صفة ذم لذلك يقول عمر : (لست بالخب -يعني المخادع- وليس الخب يخدعني).

فإذا علم أن السياق ليس بسياق ذم بل سياق مدح علم أنها صفة مدح ثم بعد ذلك تجرى الصفة على قاعدة أهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى.

فبالنسبة لصفة الملل فهي من باب المشاكلة والمقابلة . . .
قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (1/166) ( وسمي المنع من الله مللاوسآمة مقابلة للعبد على ملله وسآمته ، كما قال تعالى ( نسوا الله فنسيهم) فسمى إهمالهم وتركهم نسينا مقابلة لنسيانهم له هذا أظهر ما قيل في هذا ) انتهى
فيكون المعنى إن الله لايمل من الثواب للأعمال حتى يمل المؤمن من العمل فما دام أنه يعمل فالله يكتب له الأجر على عمله وإذا ترك العمل لم يكتب له الأجر .

أو ان تكون بغرض نفي الملل عن الله . . .
قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث : (( قالوا رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا فجعلتم الله تعالى يمل إذا ملوا والله تعالى لا يمل على كل حال ولا يكل

قال أبو محمد ونحن نقول إن التأويل لو كان على ما ذهبوا إليه كان عظيما من الخطأ فاحشا ولكنه أراد فإن الله سبحانه لا يمل إذا مللتم ومثال هذا قولك في الكلام هذا الفرس لا يفتر حتى تفتر الخيل لا تريد بذلك أنه يفتر إذا فترت ولو كان هذا هو المراد ما كان له فضل عليها لأنه يفتر معها فأية فضيلة له وإنما تريد أنه لا يفتر إذا افترت وكذلك تقول في الرجل البليغ في كلامه والمكثار الغزير فلان لا ينقطع حتى تنقطع خصومه تريد أنه لا ينقطع إذا انقطعوا ولو أردت أنه ينقطع إذا انقطعوا لم يكن له في هذا القول فضل على غيره ولا وجبت له به به مدحة وقد جاء مثل هذا بعينه في الشعر المنسوب إلى بن أخت تأبط شرا ويقال إنه لخلف الأحمر
صليت مني هذيل بخرق
لا يمل الشر حتى يملوا لم يرد أنه يمل الشر إذا ملوه ولو أراد ذلك ما كان فيه مدح له لأنه بمنزلتهم وإنما أراد أنهم يملون الشر وهو لا يمله )) . انتهى

قال الحافظ الملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على الله تعالى باتفاق فالتقدير لا يمل وتملون فنفى عنه الملل وأثبته لهم قيل حتى هنا بمعنى الواو ومعناه حسب رواية مسلم لا يسأم إذا سئمتم فالمعنى أن الله لا يَمَلُّ أبداً مَلِلْتم أو لم تَمَلُّوا فجرى مَجْرى قولهم حتى يَشيبَ الغُرابُ ويبيَضَّ القَار وقد جاء مثل هذا بعينه في الشعر المنسوب إلى ابن أخت تأبط شرا ويقال إنه لخلف الأحمر :

صليت مني هذيل بخرق لا يمل الشر حتى يملوا


يريد أنه لا يمل إذا ملوا ولو أراد به النهاية لم يكن فيه مدح ولا له عليهم فضل ومثاله قولهم في البليغ فلان لا ينقطع حتى ينقطع خصومه معناه لا ينقطع إذا انقطع خصومه ولو كان معناه ينقطع إذا انقطع خصومه لم يكن له فضل على غيره ومثال هذا قولهم في الكلام هذا الفرس لا يفتر حتى تفتر الخيل فلو كان المعنى أنه يفتر إذا فترت لو كان هذا هو المراد ما كان له فضل عليها لأنه يفتر معها فأية فضيلة له وإنما تريد أنه لا يفتر إذا افترت .

وهذا على القول بأن الملل صفة نقص لا تجوز في حق الله وقد نص على ذلك جمع من العلماء المعاصرين منهم الشيخ محمد بن أمان والشيخ عبد المحسن العباد ويدل على ذلك ما فـي حديث أُم زَرْعٍ؛ قالت : زَوْجي كلـيلِ تهامة لا قُرٌّ ولا سَآمة ومن هذا حديث ابن مسعود قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة .

أما على القول بأن حتى على بابها وهي بمعنى انتهاء الغاية فهي من باب المشاكلة والمقابلة قال الحافظ وجدت بعض ما ذكر هناك من تأويل الحديث احتمالا في بعض طرق الحديث وهو قوله أن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل أخرجه الطبري في تفسير سورة المزمل وفي بعض الإشارة ما يدل على أن ذلك مدرج من قول بعض رواة الحديث والله أعلم قال الزرقاني لكن في سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف .
قال ابن عبد البر وانما جاء لفظ هذا الحديث على المعروف من لغة العرب بانهم كانوا اذا وضعوا لفظا بازاء لفظ وقبالته جوابا له وجزاء ذكروه بمثل لفظه وان كان مخالفا له في معناه الا ترى الى قوله عز وجل وجزاء سيئة بسيئة مثلها وقوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم والجزاء لا يكون سيئة والقصاص لا يكون اعتداء لأنه حق وجب د ومثل ذلك قول الله تبارك وتعالى ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) وقوله (إنما نحن مستهزؤن الله يستهزىء بهم ) وقوله (إنهم يكيدون كيدا وأكيدا كيدا ) وليس من الله عز وجل هزؤ ولا مكر ولا كيد انما هو جزاء لمكرهم واستهزائهم وجزاء كيدهم فذكر الجزاء بمثل لفظ الابتداء لما وضع بحذائه وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ان الله لا يمل حتى تملوا أي ان من مل من عمل يعمله قطع عنه جزاؤه فاخرج لفظ قطع الجزاء بلفظ الملال اذ كان بحذائه وجوابا له .
قال ابن الأثير وهذا بابٌ واسع في العربية كثير في القرآن .

هذه الدرر منقولة من ملتقى اهل الحديث بتصرف

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Jan 6 2005, 05:41 PM

قال علوى السقاف في كتابه صفات الله
التَّرَدُّدُ فِي قَبْضِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ
صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله تعالى على ما يليق به ؛ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

·
الدليل :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ((إن الله قال : من عادى لي وليّاً ؛ فقد آذنته بالحرب 000 وما تردَّدت عن شيء أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن ؛ يكره الموت ، وأنا أكره مَسَاءَته)). رواه البخاري (6502).
سئل شيخ الإسلام رحمه الله في ((الفتاوى)) (18/129) عن معنى تردد الله في هذا الحديث؟ فأجاب :
((
هذا حديث شريف ، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة ، وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء ، وقد ردَّ هذا الكلام طائفة ، وقالوا : إنَّ الله لا يوصف بالتردد ، وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور ، والله أعلم بالعواقب ، وربما قال بعضهم : إنَّ الله يعامل معاملة المتردد.
والتحقيق : أنَّ كلام رسوله حق ، وليس أحد أعلم بالله من رسوله ، ولا أنصح للأمة منه ، ولا أفصح ولا أحسن بياناً منه ، فإذا كان كذلك ؛ كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوئهم أدباً ، بل يجب تأديبه وتعزيره ، ويجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة ، ولكن المتردد منا ، وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور ؛ لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنْزلة ما يوصف به الواحد منا ؛ فإن الله ليس كمثله شيء ؛ لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله ، ثم هذا باطل ؛ فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب ، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد ، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ، ويكرهه لما فيه من المفسدة ، لا لجهل منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه ؛ كما قيل :
فأعْجَبْ لِشَيْءٍ عَلى البغضاءِ محبوبُُِ الشَّيْبُ كُرْهٌ وكُرْهٌ أَنْ أفَارِقَهُ
وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه ، بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب ، وفي الصحيح : ((حفت النار بالشهوات ، وحفت الجنة بالمكاره)) ، وقال تعالى)كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ( الآية.
ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث ؛ فإنه قال : ((لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) ؛ فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوباً للحق محباً له ، يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها ، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها ، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق ، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة ؛ بحيث يحب ما يحبه، ويكره ما يكرهه محبوبه ، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه ، فلزم من هذا أن يكره الموت ؛ ليزداد من محاب محبوبه ، والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت ، فكل ما قضى به ؛ فهو يريده ، ولا بد منه ؛ فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه ، وهو مع ذلك كارهٌ لمساءة عبده ، وهي المساءة التي تحصل له بالموت ، فصار الموت مراداً للحق من وجه ، مكروهاً له من وجه ، وهذا حقيقة التردد ، وهو أن يكون الشيء الواحد مراداً من وجه مكروهاً من وجه، وإن كان لابد من ترجح أحد الجانبين ، كما ترجح إرادة الموت ، لكن مع وجود كراهة مساءة عبده ، وليس أرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته)).
ثم قال (ص 135) : ((والمقصود هنا : التنبيه على أنَّ الشيء المعين يكون محبوباً من وجه مكروهاً من وجه ، وأن هذا حقيقة التردد ، وكما أنَّ هذا في الأفعال ؛ فهو في الأشخاص ، والله أعلم)).
وقال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في ((لقاء الباب المفتوح)) (س1369) ((إثبات التردد لله عَزَّ وجَلَّ على وجه الإطلاق لا يجوز ، لأن الله تعالى ذكر التردد في هذه المسألة : ((ما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن)) ، وليس هذا التردد من أجل الشك في المصلحة، ولا من أجل الشك في القدرة على فعل الشيء،بل هو من أجل رحمة هذا العبد المؤمن،ولهذا قال في نفس الحديث : ((يكره الموت ، وأكره إساءته ، ولابد له منه)). وهذا لا يعني أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ موصوف بالتردد في قدرته أو في علمه، بخلاف الآدمي فهو إذا أراد أن يفعل الشيء يتردد ، إما لشكه في نتائجه ومصلحته ، وإما لشكه في قدرته عليه : هل يقدر أو لا يقدر. أما الرب عَزَّ وجَلَّ فلا )).

=========================


موقع الاسلام اليوم
العنوان معنى: " وما ترددت في شيء ..."
المجيب د. تركي بن فهد الغميز
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالله/مسائل متفرقة في الإيمان بالله
التاريخ 09/07/1425هـ

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما معنى التردد في قوله تعالى في الحديث القدسي؛ قال: " مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَ بي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ". رواه البخاري (6502).

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ثم أما بعد: فجوابًا عن سؤالكم عن معنى التردد في الحديث القدسي: "ومَا تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن نَفْسِ المؤمنِ...". أفيدكم أن ابن تيمية، رحمه الله، قد سئل عن ذلك، فأجاب بإجابة فيها طول، ألخصها لكم فيما يلي: وهي في مجموع الفتاوى(18/129)، فذكر أولاً: أن منشأ الإشكال عند بعضهم هو قولهم: إنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب. وقد رد ذلك ابن تيمية بأن الواحد منا قد يتردد تارة لعدم العلم، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا بجهل منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه، ثم مثل لذلك بالشيب في بيت شعر، ومثل له بإرادة المريض للدواء الكريه، قال: بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: " حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكَارِهِ وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَوَاتِ". أخرجه البخاري (6487) ومسلم (2823). وقال تعالى: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) الآية..]البقرة:216[.
ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث، فإنه قال: "لا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحبَّه". فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبًا للحق محبًّا له، يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها، ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة، بحيث يحب ما يحبه محبوبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه، والله سبحانه قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده، ولا بد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادًا له من وجه مكروهًا له من وجه، وهذا حقيقة التردد، وهو: أنه يكون الشيء الواحد مرادًا من وجه مكروهًا من وجه... إلخ. ا.هـ.
وإنما طولت بنقل كلام ابن تيمية لما فيه من الوضوح والبيان، أما ابن حجر فقد ذكر في فتح الباري(11/353) (طبعة الريان) أقوالاً متعددة في معنى ذلك، يغني عنها كلام ابن تيمية السابق.
وقد ذكر العلامة المعلمي في كتابه (الأنوار الكاشفة ص193) هذا الحديث، في معرض رده على أبي رية، وذكر أن هذا الخبر نظر فيه الذهبي في ترجمة خالد بن مخلد من الميزان، وابن حجر في الفتح، ثم ذكر إسناده وأنه فرد. قال: ومثل هذا التفرد يريب في صحة الحديث... فأبدى احتمال ضعف هذا الحديث، ثم ذكر أنه إن صح فهو من جملة الأحاديث التي تحتاج ككثير من آيات القرآن إلى تفسير، ثم قال: وقد أومأ البخاري إلى حاله فلم يخرجه إلا في باب التواضع, من كتاب الرقاق. ا.هـ.
والمراد من نقل كلام المعلمي أن يعلم أن هذا الحديث ليس في منتهى الصحة، ومع ذلك فتفسيره على ما قال ابن تيمية. والله أعلم

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Jan 6 2005, 05:48 PM

معنى (تردّد الله) الوارد في حديث البخاري لشيخ الإسلام



وسئل شيخ الإسلام عن قوله (صلى الله عليه وسلم) فيما يروي عن ربه عز وجل: "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته". ما معنى تردد الله؟

فأجاب: هذا حديث شريف، قد رواه البخاري من حديث أبي هريرة وهو أشرف حديث روي في صفة الأولياء وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا يوصف بالتردد وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب.

وربما قال بعضهم: إن الله يعامل معاملة المتردد.

والتحقيق: أن كلام رسوله حق وليس أحد أعلم بالله من رسوله ولا أنصح للأمة منه ولا أفصح ولا أحسن بيانا منه، فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من أضل الناس وأجهلهم وأسوئهم أدبا، بل يجب تأديبه وتعزيره ويجب أن يصان كلام رسول (صلى الله عليه وسلم) عن الظنون الباطلة، والاعتقادات الفاسدة.

ولكن المتردد منا وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم هذا باطل، فإن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا لجهله منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه كما قيل: الشيب كره وكره أن أفارقه فاعجب لشيء على البغضاء محبوب.

وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب وفي الصحيح: "حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره" وقال تعالى:"كتب عليكم القتال وهو كره لكم" الآية. ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث فإنه قال: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه". فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبا للحق محبا له يتقرب إليه أولا بالفرائض وهو يحبها ثم اجتهد في النوافل التي يحبها ويحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة بحيث يحب ما يحبه محبوبه ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه.

والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه وهذا حقيقة التردد وهو: أن يكون الشيء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه وإن كان لا بد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت لكن مع وجود كراهة مساءة عبده، وليس إرادته لموت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته.

مجموع الفتاوى 18/129.

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Jan 6 2005, 06:01 PM

سلمت يمينك أخي ساري لا حرمنا الله من علمك .. و اغفر لي تطفلي على موضوعك الماتع هذا .

 

مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Jan 6 2005, 06:18 PM

كلمة أخيرة : لا جديد في شبهات النصارى !!



ما ألَّفه النصارى في هذا العصر من الكتب المليئة بالاعتقادات الباطلة المناقضة لدعوة الرسل والمحشوَّة بشبهاتٍ وحججٍ ساقطة ؛ ظنُّوها أو أوهموا غيرهم من الجهلاء أنها حججاً دامغة وبراهين واضحة .. كل تلك الحجج والأدلَّة ليست إلاَّ شبهات قديمة قد قالها الذين من قبلهم من المبتدعة الذين خرجوا في القرون الأولى ورُدَّ عليهم حينها بما يُدحض باطلهم .

ولعل من أعظم الكتب وأهمها في الرد على بعض شبهات أهل الضلال كتاب الله تعالى .
فالاستفادة من طريقة القرآن الكريم في الرد وإدحاض الشبهة قضية لابد لطالب العلم أن يوليها عناية تامة .
قال ابن القيم رحمه الله : (( في القرآن الكريم وفي السنة المطهَّرة الإرشاد إلى طريق المناظرة وتصحيحها ، وبيان العلل والفروق المؤثرة .
وإشارتهما إلى إبطال الدور والتسلسل بأوجز لفظ وأبينه .
وذكر ما تضمَّناه من التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين ، والأجوبة عن المعارضات .
وإلغاء ما يجب إلغاؤه من المعاني التي لاتأثير لها واعتبار ما يجب اعتباره .
وإبداء تناقض المبطلين في دعاويهم وحججهم .
وتقرير الحجج الصحيحة وإبطال الشبه الفاسدة ، وذكر النقض والفرق والمعارضة والمنع ...
وأمثال ذلك من كنوز القرآن التي ضل عنها أكثر المتأخرين فوضعوا لهم شريعة جدلية فيها حق وباطل )) . بدائع الفوائد ( 4/311 ـ 314 ) .

ومن المعلوم أنَّ أهل الضلال كما أنهم يتناسلون جيلاً بعد جيل ؛ فكذلك هم يتوارثون شبهاتهم جيلاً بعد جيل .
صحيح أنَّ هنا شبهات محدثة ؛ لكنها ترجع في (( أصولها )) إلى أصول أهل البدع الأقدمين ، من كل مدارس البدع والضلال ؛ كالاعتزال والتجهم والرفض والخروج وغيرها .

ولو ألقيت نظرةً متفحصةً للشبهات التي أوردها بشر بن غياث المريسي الجهمي في كتاب الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في ردِّه ونقضه عليه في باب الصفات والأحاديث الدالة عليه ، ثم نظرت إلى شبهات النصارى العصرانيين لما وجدت فارقاً كبيراً بين الشبه المريسيَّة وشبه هؤلاء ، اللهم إلاَّ في طريقة السبك والعبارة ، وبعض شبهٍ يسيرة زادها المحدثون عليه !

قال ابن القيِّم رحمه الله في الثناء على كتابي عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله - الرد على بشر المريسي العنيد و الرد على الجهمية - : (( وكتاباه من أجلِّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها ، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه ، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يوصي بهذين الكتابين أشد الوصيَّة ويعظِّمهما جدَّاً ، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما )) . اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/108) .

وكذلك بعض الشبه التي أوردها الفخر الرازي في كتبه وغيره ، وردَّها شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كثير من كتبه قد أوردها النصارى العصرانيون في كتبهم المليئة باعتراضات المتكلَّمين والمعظمين للعقل من المدرسة العقليَّة الغابرة .

وصدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة حين قال : (( وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس ، هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه ؛ مثل التأويلات التي ذكرها أبو بكر ابن فورك في ( كتاب التأويلات ) ، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ، ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء ، مثل أبي علي الجيَّاني وعبد الجبَّار الهمذاني وأبي الحسين البصري وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي حامد الغزالي وغيرهم ... )) . الفتوى الحمويَّة الكبرى (ص/14) .
وقد ردَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيميَّة نفسه في كتابه العظيم ، المسمَّى بنقض تأسيس الجهميَّة لبدعهم الكلاميَّة ، أو : بيان تلبيس الجهميَّة .

فالحاصل مما مضى أنَّ الإهتمام بكتب الردود على شبهات المبتدعة بألوانهم ، والتحذير منهم ؛ والتي ألَّفها أئمة السلف وأتباعهم من الأئمة مهم جداً في ردِّ الشبه المستحدثة ، قبل الشروع في الرد ابتداءاً .
ثم إنَّ ردود أئمة السلف على المبتدعة الأقدمين أقوى وأخصر ؛ فيستفاد منها إن لم يقتصر عليها حسب الحاجة .
ولعل من أعظم من فصَّل في هذه الأصول وفنَّدها بالذكر والبيان الشيخ الإمام ابن قيم الجوزية - نور الله ضريحه - في كتابه العظيم (الصواعق المرسلة ) .

وبمعرفة ذلك الأصل ونقضه يملك الداعية وطالب العلم حجة ومكنة في الرد عليهم ارتجالاً قبل نسف التفاصل المتفرعة عن ذانك الأصل .

كتبه الشيخ أبو عمر السمرقندي
منقول بتصرف

 

مكتوب بواسطة: الجندى Jan 6 2005, 08:21 PM

السلام عليكم ورحمة الله

فليسمح لى الأخوة بهذه الاضافة المنقولة من احد طلاب العلم فى مسألة رؤية الله :

أبدأ مستعيناً بالله فيما هنالك..

وأذكر أولاً خلاصة القول وهو ما قرره الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم، فقال: اعلم أن مذهب أهل السنة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلاً، وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين. وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن الله تعالى لا يراه أحد من خلقه وأن رؤيته مستحيلة عقلاً، وهذا الذي قالوه خطأ صريح وجهل قبيح. وقد تظافرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، ورواها نحو عشرين صحابياً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآيات القرآن فيها مشهورة. واعتراضات المبتدعة عليها لها أجوبة مشهورة في كتب المتكلمين من أهل السنة [ وفي كتب أهل الحديث أكثر وأدق ] وكذلك باقي شبههم وهي مستقاة في كتب الكلام [ التي أخذوها عن فلسفة الكفرة ].

وأحب ثانياً ألا يخلط بين الرؤية والإحاطة، فنحن نرى السماء ( قال تعالى: أفلم ينظروا إلى السماء ) ومع ذلك لا نحيط بها. ثم نقول لمن ادعى الحد لازماً في الرؤية: ماذا تعني بكلمة الحد؟! فإن قال: أن الله ليس بمختلط في عباده بل هو مباين لهم. قلنا له: ونحن نلتزم هذا المعنى للحد في الرؤية، ولا إشكال فيه، فعلو الله ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة. فإن قال: لا، أنا أعني بالحد احتواء الله والإحاطة به. قلنا له: ولم لازمت بين الرؤية والحد؟! فسيقول: لأن المرئي لا يرى حتى ينحصر في حيز يرى فيه. فنقول له: ألا ترى السماء؟! هل تحيط بها؟! هل ترى حيزاً يحصرها؟! فإن قال: ولأن الرؤية يلزم منها أن نرى بعض المرئي، وهذا يعني أننا أحطنا ببعضه! فنقول له: هل تعلم شيئاً عن الله؟! فسيقول: نعم، هو السلام المؤمن المهيمن... فنقول: إذاً أنت تحيط بشيء من صفات الله، ولا مانع منه، فكذلك الإحاطة بشيء من رؤية الله لا مانع منه والحمد لله. فإن قال: ولأن الرؤية تستلزم التركيب ( أي تكونه من أبعاض يفتقر بعضها إلى بعض )، لأنا ترى بعضاً ولا ترى بعضاً. قلنا له: هل عندما ترى السماء تجدها مركبة؟! ثم نسأله: هل علمت مما رأيت مدبراً يكون غير مركب؟ فسيقول: لا. فنقول له: وأنت تثبت لله أنه مدبر فهل تقول بأنه مركب؟! طبعاً لا، لأن الله لا يقاس على خلقه، فنقول كذلك رؤية الله ليست كرؤية ما اعتدت رؤيته من المرئيات التي تكون مركبة. فإن قال: ولأن المرئي لا يكون إلا ذو لون، وأنا أنزه الله أن يكون ذا لون. فنقول له: ألا يعتقد قلبك وجود مدبر للكون؟! فسيقول: بلى. فنقول له: هل تعلم مما رأيت مدبراً إلا أن يكون ملوناً. فسيقول: لا. فنقول: فهل يلزم منه أن ربك المدبر الذي لم تره ملون قياساً على ما رأيت؟! فسيقول: لا، ليس كمثله شيء، فهو مدبر ولا نقول فيه ملون. فنقول له: كذلك لا تقس رؤيته على رؤية ما رأيت، فينقطع بذلك التلازم ولله الحمد.
فهذه أشهر أربع شبه، كل واحدة منها أسخف من أختها.. والمحصلة أن لاتثبت واحدة منها. وأنى تثبت أمام كتاب الله وسنة محمد عبده ورسوله؟!

ثم نبدأ نسوق الأدلة على رؤية الله من كتابه سبحانه، فهو أعلم بنفسه وأفصح بياناً وأصدق قيلاً وأنصح لخلقه منهم لهم.. وهذه الأربع عماد قبول أي حكم.

قال تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )..

1.
فقوله تعالى: ( وجوه ) دل على أن النظر حاصل بالوجوه لا بغيرها، وليس في الوجه ما ينظر سوى العين، فتعين أن المراد الرؤية البصرية..
2.
ثم تأمل قوله تعالى ( إلى ربها ) فحرف الجر هنا ( إلى ) حاسم لمسألة الرؤية أنها بصرية، لأن الفعل ( نظر ) إن عدي بإلى دل على البصر، قال علماء مجمع اللغة العربية في الوجيز: نظر إلى الشيء نظراً أبصره وتأمله بعينه.. وضع تحت ( بعينه ) مئة خط.. وهذه ضربة قاضية..
3.
ثم انظر بارك الله فيك أن نظر الله بالقلب حاصل يومئذ لكل أحد فالكل يومئذ مستسلم لله راج خائف..
4.
ثم النظر القلبي لا يعدى فعله بحرف إلى، وإنما يعدى بحرف في ( فتقول نظر في المسألة، إذا تأملها ) أو لا يعدى بحرف ( قال تعالى: ثم نظر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر.. أي فكر ومكر ).
5.
أما أن يكون النظر من باب الانتظار ( كما يقال إن غداً لناظره لقريب، بمعنى منتظره ) فهو ممنوع هنا لوجود حرف الجر ( إلى ).. فلو أريد باللفظ أنهم ينتظرون ربهم لقيل ( ناظرة ربها ).. ثم الانتظار نوع نغص وكدر، وهو ممنوع في حق أهل الجنة.
6.
أما لو كان المراد ( منتظرين أجره ) لفسدت الجملة.. لأن الناظر هنا هو الوجه والوجه لا ينتظر، إنما ينتظر القلب.. ثم كيف يعبر بكلمة ( الله ) عن الأجر؟! ألا ترى هذا شديد القبح؟! ثم المؤمنون ينتظرون أجر الله وهم في الدنيا ثم وهم في القبر، وبالتالي فلا فائدة من تخصيص الانتظار بكلمة ( يومئذ ). فبطل بهذا ذلك التأويل.
7.
ثم اعلم أن القرآن نزل بلغة العرب ( كما قال تعالى: بلسان عربي مبين ) يخاطب البليد والذكي والعالم والجاهل ( كما قال تعالى: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ).. فيجب حمله على ما تقتضيه لغة العرب وعلى الظاهر المتبادر من الكلام.. وهو هنا رؤية الله رؤية بصرية..
8.
ثم تجد القرآن الكريم يستخدم أسلوب ( نظر إلى ) في الرؤية البصرية في غير ما موضع.. قال تعالى: ( ذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا ) وهذه تامة الوضوح.. وقال تعالى: ( وإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيه القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ) وهذه كذلك واضحة.. وقال تعالى للرجل الذي أحيى له حماره: ( فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك.. وانظر إلى العظام ) وكلها شديدة الصراحة في رؤية البصر.. وقال تعالى عن موسى للسامري: ( وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً لنحرقنه ) وواضح المعنى فيها.. وقال تعالى: ( ولكن انظر إلى الجبل ) ومعناها تام الوضوح.. وقال تعالى: ( وانظر إلى آثار رحمة ربك كيف يحيي الأرض بعد موتها ) ومعناها واضح... فنقول أليس الأولى أن يطرد المعنى في هذه الآية؟! أليس الأولى تفسير القرآن بالقرآن؟! فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله..

فهذا ما يتعلق بأول آية، وهو واضح قوي دقيق، والحمد لله رب العالمين.

الآية الثانية: قال تعالى: ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين )...

فأولاً نفسر الآية على مذهب السلف أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم. فالله تعالى يحكي قصة موسى بعد أن ترك أخاه هارون في قومه وجاء لموعد لقاء ربه، فكلمه الله كلاماً حقيقياً بصوت يسمعه، فتشوف موسى عليه السلام لما هو أعلى من ذلك فقال لربه أرني ( أي مكني من الرؤية ) لكي أنظر إليك ( أي أراك رؤية حقيقية ) فقال الله إنك لن تستطيع أن تراني في الحياة الدنيا لضعفك، ولكن إجابة لك انظر إلى الجبل الأصم الغليظ فسأكشف الحجب عنه، فإن احتمل ذلك فسأمكنك من أن تراني. فلما تجلى الله للجبل قدر نصف أنملة انهار الجبل وتفتت رمالاً من عظمة الله تعالى ( فهذا الجبل فكيف بموسى وهو بشر ضعيف ). فأغشي على موسى من هول ما رأى من حال الجبل. فلما أفاق قال سبحانك ( أنزهك عن كل نقص، إذ خر الجبل لعظمتك ) إني تبت إليك ( لأني سألتك ما لا ينبغي لي أن أسألك إياه في الدنيا ) وأنا أول المؤمنين ( تجديداً لإيمانه عليه الصلاة والسلام إذ رأى آية ما حصلت لغيره قبله ).
والآن أدلة رؤية المؤمنين لله في الآخرة من هذه الآية:

1.
قال موسى عليه السلام: ( رب أرني أنظر إليك ) وقد تقدم بحث نافع في معنى ( أنظر إليك ).. فهذا يدل على علم موسى أن الله يرى، وإلا لما حسن بنبي من أشرف الرسل وأعلمهم أن يسأل الله المستحيل.
2.
لو كان معنى ( أنظر إليك ) أرجو ثوابك كما قال المعطلة، لما كان في الآية معنى، لأنا جميعاً نسأل الله ثوابه. بل ولما تجلى الله للجبل، بل ولما انهد ولما أغشي على موسى.
3.
قال تعالى: ( لن تراني ).. أي في الدنيا.. والدليل على عدم إفادة ( لن ) التأبيد قوله تعالى عن اليهود ( ولن يتمنوه أبداً ) فكلمة ( أبداً ) تدل على أن ( لن ) لم تفد التأبيد، إذ لو أفادته لكانت لغواً.. ثم الله تعالى قال عن الكافرين لمالك: ( ليقض علينا ربك ) وقال تعالى: ( ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ) فهنا الكفرة - وفيهم اليهود - يتمنون الموت، فدل على عدم إفادة ( لن ) التأبيد.
4.
والدليل الثاني على عدم إفادة ( لن ) التأبيد، قوله تعالى: وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) ومعلوم أن الكافرين يؤمنون بالله في الآخرة، فدل أن لن هنا فقط للدنيا. وقوله تعالى: وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه ( ومعنى نقدر نضيق ) ومعلوم أن أحد لا يظن أن الله لا يضيق عليه أبداً، لكن يونس عليه السلام ظن أن الله لن يضيق عليه في مسألة بعينها وهي عقابه على ترك قومه من غير أمر، فدل على أن لن لا تفيد التأبيد..
5.
كذلك قران لن بـ( أبداً ) يدل على عدم إفادتها التأبيد، لئلا يكون الكلام لغواً. كما في قوله تعالى: ( لن تخرجوا معي أبداً ) وقوله تعالى: ( بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً ) ولاحظ المثال الثاني حيث يكلم المنافقين عما يحسون في أنفسهم فلا داعي للتأكيد فيه ( راجع كتاب البلاغة لعلي الجارم ومصطفى أمين ).
6.
ثم اعلم رحمك الله أن أهل اللغة كذلك يرون أن لن لا تفيد التأبيد ( إلا من شذ تعصباً لفاسد معتقده كالزمخشري، فصاروا يسمون لن إن أفادت القرائن أنها للتأبيد لن الزمخشرية، لشذوذه ).. وقال الإمام ابن مالك رحمه الله في ألفيته ( ومن رأى النفي بلن مؤبدا .. فقوله اردد وسواه فاعضدا ) وقال العلامة الغلاييني رحمه الله في جامع الدروس العربية ( لن حرف نفي ونصب واستقبال فهي في نفي المستقبل كالسين وسوف في إثباته، وهي تفيد تأكيد النفي لا تأبيده، وأما قوله تعالى: لن يخلقوا ذباباً، فمفهوم التأبيد ليس من لن، وإنما هو دلالة خارجية لأن الخلق لله وحده ). فهذا كلام واضح منهما رحمهما الله.
7.
الوجه التالي لإبطال كون لن للتأبيد كثرة ما ورد في القرآن من القيود بعدها كقوله تعالى: ( لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي ) ونحو ذلك كثير جداً في القرآن. فلما كانت في أغلب أحوالها لا تفيد التأبيد، كان الأولى حملها على عدمه.
8.
ثم نقول للقوم: لم تقبلون التخصيص أو التقييد المتصل ( أي في نفس الجملة ) وترفضون التخصيص والتقييد المنفصل ( أي المأخوذ من دليل آخر )؟! وهل هذا إلا تحكم؟! وللتفصيل في مسألة المتصل والمنفصل راجع المقال بعنوان ( إلى الزميل أبو عبد الله – والمفروض أبي – تفضل للحوار ) فستراه مفصلاً.
وبهذا بطل ادعاء التأبيد في كلمة ( لن ) من ستة أوجه والحمد لله.

9.
وتأمل قوله تعالى: ( لن تراني ) ففيه نفي لرؤية موسى لله تعالى في المستقبل ( دون تأبيد )، ولو أراد الله نفي إمكان رؤيته تعالى مطلقاً لقال: إني لن أرى.. والفرق بين الأسلوبين واضح. فلو قلت لشخص أنك لن تهزمني، لكان المعنى أنه هو ( تحديداً ) لن يهزمه في المستقبل ( دون تأبيد ).. ولو قال شخص آخر إني لن أهزم، لكان المعنى أنه لا يمكن أن يهزمه أي أحد أبداً. والقرآن بين لا يأتي بالغوامض كما قال تعالى: ( وهذا لسان عربي مبين ). فأرع هذا اهتمامك فإنه مهم.
10.
ثم قال تعالى: ( ولكن انظر إلى الجبل ).. فلو كانت رؤية الله مستحيلة، فما الفائدة من ضرب المثل والشرط بعده؟! لكن نحن نقول أنه سبحانه وتعالى ضرب المثل بالجبل القوي ليري موسى أن طبيعة الخلق في الدنيا لا تمكنهم من رؤيته تعالى. أما في الآخرة فيتم الله عليهم خلقهم ويشير إليه قوله تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة ).
11.
ثم قال تعالى: ( فلما تجلى ربه للجبل ).. وهذا دليل آخر، فالله الذي تجلى للجبل ممكن أن يتجلى للإنسان.. وتجلى بمعنى انكشف.. وتفسير هذه الجملة من الآية يوضحه ما رواه الترمذي بسند رجاله ثقات عن النبي أنه قرأ هذه الآية: ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً ) قال الراوي: هكذا ( أي تجلى قدر هكذا ) وأمسك الراوي بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى. قال ( أي النبي ): فساخ الجبل وخر موسى صعقاً. ورواه ابن جرير برفع كلمة ( هكذا ) وإمساك الإصبع إلى النبي.
12.
ثم قال تعالى: ( انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فستراني ).. ولم يقل ( لو ) لأن لو تفيد امتناع الجواب لامتناع الشرط، أما ( إن ) فتفيد إمكان الجواب لإمكان الشرط.. فدل على أنه يمكن أن يراه ولا يمتنع. وهذا دقيق مهم.

فهذه الأدلة من الآية الثانية على أن ربنا عز وجل يرى، لكن متى ولمن؟ فنقول: قد دل الدليل أنه تعالى يراه المؤمنون في الآخرة.

الآية الثالثة: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )

1.
فذكر تعالى بعد وصف الكافرين وعنادهم أنه يجازيهم عليه بأن يحجبهم عنه تعالى، ويدل على أنها عقوبة قوله تعالى ( كلا.. ) وهو حرف ردع وزجر. فالحكم هنا ( وهو الحجب عن الله ) معلق على وصف ( وهو الكفر وتكذيب القرآن والران على القلب ).. فيلزم أن يوجد نقيض الحكم مع نقيض هذه الصفة.. فنقيض الصفة هو الإيمان بالله ويثبت له نقيض الحكم وهو رؤية الله، فالحمد لله. وهذا ما يسمى في الأصول بمفهوم المخالفة أو قياس العكس.
2.
تبين من هذه الآية أن الحجب عن الله عقوبة، فإن قلنا أن المؤمنين لا يرون ربهم لكانت عقوبة لهم.. واللازم باطل فالملزوم باطل.
3.
تأمل قوله تعالى: ( يومئذ ).. فدل على أن الاختلاف بين حالي المؤمنين والكافرين في مسألة الرؤيا إنما يكون يومئذ ( يوم القيامة ) بخلاف اتفاق حاليهم في الدنيا، إذ الكافرون لا يرون الله في الدنيا، فلو كان الله لا يرى في القيامة لما كان شيئاً تغير عليهم، ولما صح التقييد بقوله يومئذ.. ولو كان المؤمنون لا يرون ربهم في الآخرة لما قال تعالى ( يومئذ ) لأن الحال على ما هو ولم يتغير، ولكنِ المؤمنون يرون ربهم في ذلك اليوم فكان عدم رؤية الكافرين حرمان.. فتأمل هذه الكلمة فإنها تهدم كثيراً من قول المعطلة.
4.
قوله تعالى: ( لمحجوبون ) من الحجب وهو الستر. والستر إنما يمنع من الرؤية. ولو كان الله لا يرى لما كان للحجاب داع.. ألا ترى أنا لا نقول للهواء الذي لا نراه أنه محجوب.. ويؤيد ذلك قوله تعالى: ( فلما تجلى ربه للجبل ) وعلمت مما سبق أن التجلي كشف الستر.

الآية الرابعة قوله تعالى: ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ).

1.
قال تعالى: للذين أحسنوا ( بالإيمان ) الحسنى.. فالحسنى هي الجنة، وهذا كثير في القرآن كقوله تعالى: ( وكلاً وعد الله الحسنى ) وقوله تعالى: ( للذين استجابوا لربهم الحسنى ) وقوله تعالى عن ذي القرنين: ( وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرى ) ففرق بين جزاء الدنيا والحسنى فتعين كونها الجنة، وقال تعالى: ( ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) وقوله عن الكافرين ( ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) فدل على أنها ثواب ما بعد الرجوع إلى الله وهو الجنة. وسميت الجنة حسنى لبلوغها الغاية في الحسن.
2.
قال تعالى: وزيادة... إذاً ماذا يمكن أن تكون الزيادة؟ وماذا يمكن أن يكون من نعيم أهل الجنة أزيد من الجنة وما فيها؟! وقد بينها النبي فيما رواه مسلم قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل. ثم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ). انتهى. فدل أن الحسنى هي الجنة، وأن الزيادة هي الرؤية ( وفي هذا الحديث من الدرر الكثير، فأسأل الله أن يعيننا وإخواننا على تبيينها ).
3.
ثم قال تعالى: ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة... والقتر يظهر والله أعلم أنه بمعنى القترة وهي دخان يغشى الوجه من كرب أو هول وقيل سواد ويشهد لهما الآية بعدها في حال الكفار ( كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً ).. ووجه الدلالة على ما نريد في هذه الجملة أنه تعالى ذكر انتفاء العذاب والمهانة عن الوجه، فناسب أن يكون مذكوراً معه إكرام هذا الوجه، وليس ذلك إلا رؤية الله المبينة في قوله ( وزيادة ).. ولقائل أن يسأل: ربما أراد فقط نفي العذاب عن الوجه! فأقول ذلك حاصل لهم في الدنيا، فما الكرامة فيه؟! ثم عدم العذاب ليس في ذاته إكرام. ألا ترى أن الله لا يعذب الحيوانات، وليس فيه نعيم ولا إكرام لهم؟! فثبت أنه تعالى ذكر هذا النفي للعذاب عن الوجه ( خصوصاً ) إثباتاً وتأكيداً لما ذكره من نعيم له ( خصوصاً ) من رؤيته لله تعالى.. والحمد لله.
4.
ثم قال تعالى: أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون... فأكد تعالى بالتكرير أن الجنة لهم، وقطع عنهم آفة النعم ( وهي زوالها إما بتلفها أو بالموت ) فوعدهم بالخلود.. فالحمد لله، اللهم اجعلنا منهم.

الآية الخامسة: قوله تعالى: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )

الآية الخامسة: قوله تعالى: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )

1.
لنعلم أولاً أن الإدراك يخالف الرؤية.. فالإدراك له معان، لا يمكن أن يصح منها هنا إلا ثلاث: أولها الرؤية ( انظر مختار الصحاح والوجيز ) وثانيها الإحاطة بالبصر ( انظر تفسير ابن جرير، ويؤيده قوله تعالى: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا.. ففرق بين الرؤية والإدراك ) وقد يدل على الفهم ( انظر الوجيز ). فسنتناول المعاني جميعاً، إذ كلها جداول تصب في بحر واحد، والحمد لله.
2.
المعنى الأول الرؤية.. فيكون معنى الآية: لا تراه الأبصار وهو يرى الأبصار.. فهذا عام في جميع الأبصار ( لوجود الجمع المحلى بأل ) وفي جميع الأوقات ( لوجود قرينة وهي المضارع حيث يفيد الاستمرار التجددي ).. وهذا العام قد جاء من الكتاب ما يخصص عمومه في الأفراد ( قال تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) كما جاء ما يخصصه في الأوقات ( قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).. فصار معنى الآية: لا تراه أبصار الكافرين في الدنيا ولا الآخرة، وتراه أبصار المؤمنين في الآخرة، وهو يراهم جميعاً في الدنيا والآخرة. وممن قال بهذا عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
3.
المعنى الثالث الفهم، وهو بمعنى التصور، وتصوَّر الشيء تخيله واستحضر صورته في ذهنه ( انظر الوجيز ).. لكن يمنع من هذا التفسير قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) والفهم والتصور إنما يكونان بالبصيرة وجمعها بصائر لا أبصار. فبطل أن يراد بها ذلك.
4.
المعنى الثالث الإحاطة.. وهو أصل مادة ( د ر ك ).. ويشهد له قوله تعالى: ( فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قلا كلا ) ففرق بين الرؤية والإدراك.. وقوله تعالى: ( لا تخاف دركاً ولا تخشى ).. وقوله تعالى: ( حتى إذا أدركه الغرق ) والغرق لا يبصر إنما يحيط بالمرء كقوله تعالى: ( وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم ) وهذا واضح جلي. وممن فسر الإدراك هنا بالإحاطة ابن عباس واختاره ابن جرير، وهو الأقرب لما سيأتي والله أعلم.. فيكون معنى ( تدركه الأبصار ) أي تحيط به بالرؤية والنظر.
5.
مما يرجح أن الإدراك هنا بمعنى الإحاطة على كونها بمعنى الرؤية، أن أهل الأصول قرروا أنه لو تعارض عام وخاص، فإن لم يمكن الجمع بينهما بقي العام على عمومه في غير صورة الخاص وتخصص به في صورة الخاص، أما إن أمكن الجمع بينهما في صورة الخاص بأن يحمل كل منهما على معنى وجب ذلك، فيبقى العموم على حاله ويباينه الخصوص.. وهنا أمكن حمل كل منهما على معنى فامتنع التخصيص.
6.
ومما يرجح أن الإدراك هنا بمعنى الإحاطة أن غالب ورودها في القرآن بمعنى الإحاطة ( وقد سبق أن سقنا الأمثلة )، ولم تأت – فيما أعلم والله أعلم – في القرآن بمعنى الرؤية أبداً. فالأولى اطراد المعنى لا شذوذه.
7.
أن نفي الرؤية ليس بصفة كمال حتى يتمدح الرب بها نفسه، لأن الهواء لا يرى والبعيد لا يرى والعدم لا يرى.. ولأن هذا النفي لا يتضمن كمالاً، ومعلوم أن النفي المحض لا مدح فيه، إنما الكمال في الإثبات ( لأن غاية ما في النفي أن يدل إما على عدم قدرة الذات على الصفة المنفية فيكون ذماً، كمن لا يظلم الناس لضعفه أو خوفه.. أو على عدم قبول الذات لها فتكون دون من أمكنه الاتصاف وتركه، كالحجر لا يوصف بالظلم فخير منه العادل القادر على الظلم.. وكلاهما ممتنعان في حق الله.. فلا يبقى إلا أن تكون الصفة المنفية ما نفيت إلا لكمال في الموصوف منعها ونزهه عنها، وهذا هو اللائق بالله تعالى ).. أما إن نفينا عن الله أن يحاط به كان ذلك متضمناً كمال عظمته.. فوجب حمل المعنى على الإدراك.
8.
والآن وقد تبين المعنى الراجح وأنه هو الإحاطة، فيكون معنى الآية: لا تحيط به الأبصار لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا أبصار المؤمنين ولا أبصار الكافرين لكمال عظمته، وهو يحيط بهم في الدنيا والآخرة مؤمنين وكافرين لكمال حفظه ورقابتة. ثم نشرع ببيان الدليل على أن الآية تحتوي دليلاً على رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة.
9.
أولاً يتبين في هذه الآية تنزيه الله عن أن تحيط به الأبصار، وهذا فيه إعجاز البشر عن إدراك ربهم.. ولو كان الله سبحانه لا يرى لكان الأولى أن يعجزهم بالرؤية فيقول ( لا تراه الأبصار )، لأن الإعجاز بالأدنى يتضمن الإعجاز بالأعلى.. فلا يصح في مقام التعجيز ذكر الأعلى مع العجز عن الأدنى.. والقرآن فصيح بليغ بين لا يكون فيه مثل ذلك.. لهذا نرى الله تعالى في الشق الآخر من الآية قال ( وهو يدرك الأبصار ) أي يحيط بها، فذكر قدرته على الأكثر ما دل على قدرته على الأقل وهو الرؤية.. وهذا لطيف جداً لمن تأمله.
10.
ثم هذه الآية نظيرة قوله تعالى: ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه – أي من علم ذاته - إلا بما شاء ).. فأثبت أولاً إحاطة علمه سبحانه بالورى، ثم تمدح نفسه بأنهم لا يحيطون به علماً كما قال تعالى في الآية الأخرى ( ولا يحيطون به علماً ).. ولم يمنع امتناع إحاطتهم بعلمه من أن يعلموا شيئاً عنه، فهم يعلمون أنه سميع بصير علي قوي... وكذلك هذه الآية هنا، نفت الإدراك ولم تنف الرؤية التي ثبتت من أدلة خارجة، بل دلت الآية ذاتها عليه كما سبق. والحمد لله.

وبهذا استبان لكل منصف إن شاء الله الحق الذي لا مراء فيه، أما من لم يكفه القرآن وراح يتخبط بفلسفة وكلام فارغ فنقول له: ( فبأي حديث بعده يؤمنون ).
وما حالهم إلا كما قال ابن جرير رحمه الله بعد أن ساق هذه المسألة في تفسيره: ولأهل هذه المقالة مسائل فيها تلبيس ... ليعلم الناظر في كتابنا هذا أنهم لا يرجعون من قولهم إلا إلى ما لبس عليهم الشيطان، مما يسهل على أهل الحق البيان عن فساده، وأنهم لا يرجعون في قولهم إلى آية من التنزيل محكمة ولا رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحة ولا سقيمة، فهم في الظلمات يخبطون، وفي العمياء يترددون، نعوذ بالله من الحيرة والضلالة! انتهى. فلله درك يا إمام والله ما تجاوزوا كلامك خطوة..
والحمد لله رب العالمين.

 

مكتوب بواسطة: أبـــ(تراب)ـــو Jan 6 2005, 10:50 PM

إقتباس

و اغفر لي تطفلي على موضوعك الماتع هذا .



سبحان الله يا دكتور هشام !
إن كانت هذه الدرر العظيمة التى اتيت بها من كتابات مشايخنا الأكابر و علماءنا الأفاضل تطفلاً فنعم التطفل هذا ، و كثر الله منه

الحمد لله الذى أوجد فى هذه الأمة العلماء الربانيين و الطلبة المخلصين ليكونوا سداً منيعاً فى وجه الحاقدين ، و دواءً طيباً يشفى صدور قوم مؤمنين

 

Powered by Invision Power Board (http://www.invisionboard.com)
©
Invision Power Services (http://www.invisionpower.com)