شبهات حول كلمتى أحد و الصمد

 

أخوانى الكرام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما سأنقله لكم هو جزء من مناظرة كانت بين أخى أشعياء و نصرانى يدعى نبيل فى منتدى الجامع القديم المهم حاول النصرانى التدليس كعادة النصارى وردد كالببغاء ما يتبرز به قساوستهم فى كنائسهم بأن قال بأن أصل كلمتى الصمد و أحد عبرى و أنهما يفيدان معتقده الوثنى فى التثليث فرد عليه أستاذى متعلم ردا قطع دابره و لم يعقب النصرانى بكلمة واحدة على كلام أستاذى متعلم و أيضا لم يضع النصرانى بعدها أى مشاركة و مما دفعنى لوضع هذه المداخلة سببان أولاهما روعة رد أستاذى متعلم و قوة حجته الذى يعتبر بحق جوهرة من جواهر منتدانا القديم يسر الله لأخوانى إعادة قاعدة البيانات القديمة فهى بحق كنز لا مثيل له و لن نعثر عليه فى أى مكان أخر
ثانيهما أننى و جدت كثيرا من النصارى يرددون هذه العبارة كالببغاء كما يرددون عقيدتهم الوثنية بدون أى دليل فوضعت هذا الرد لأخوانى ليخرصوا به النصارى
هذا جزء من مداخلة أستاذى متعلم بارك الله لنا فيه و فى علمه و حفظه لنا و جزاه عنا خير الجزاء



(
قال النصرانى : « قل هو الله أحد كلمة قالها ورقة بن نوفل لرسول المسلمين .. ورسول المسلمين مثله مثل كل المسلمين لم يفهم أن كلمة أحد هي كلمة عبرية »

يقول أستاذى متعلم فى رده على النصرانى

أولاً :
هل تتخيل أن العرب لم يكونوا يعرفون كلمة ( أحد ) حتى نقلها لهم ورقة عن العبرية ؟! .. ما شاء الله على حسن الذكاء !

ولماذا تحجر على نفسك واسعاً أيها الزميل ؟ .. لماذا تقصر جهل العرب على لفظة ( أحد ) ؟ .. فلتزعم أيضاً أنهم لم يعرفوا ( الله ) ولا ( قل ) ولا ( هو ) حتى نقلها لهم ورقة !

فلتزعم كما تشاء .. فالكل زعم بلا دليل .. فما دمت لا تكلف نفسك بإحضار شىء اسمه الدليل على زعمك ودعواك ، فلماذا تضيق على نفسك فى لفظة واحدة فقط ؟!

ثانياً :
ولماذا أنت متأكد من أن الرسول ـ عليه الصلاة السلام ـ لم يفهم عبرية كلمة (أحد) ؟!

هل تريد منه أن يحيك مؤامرته بادعاء الرسالة دون أن يتأكد من كل لفظ سيورده فى قرآنه ؟ .. هل تبخل عليه بأنه كان يتأكد من صحة كل لفظة وعربيتها ؟!

وهل أدركت أنت ، وأنت أجهل من دابة فى علمك بالعربية ، ما لم يدركه هذا النبى الذى رضعها منذ صغره وكان من بلغائها وفصحائها ؟!

هل أوحى إليك عقلك الذكى أنك عرفت أن ( أحد ) لا تطلق إلا مضافة فى حق الله وغيره ، ولم يستطع النبى إدراك ذلك ؟!

وهب أن النبى لم ينتبه لما انتبهت إليك بحديد ذكائك ! وهب أنه جهل من العربية ما علمته أنت بواسع علمك ! .. أفلم يكن من أتباع هذا النبى من يحذره من هذا المزلق الخطير ؟!

فهؤلاء هم أتباعه كانوا يناقشونه فيما يريدون ، ويسألونه عما لا يفهمون ، ويبينون رأيهم إذا علموا أنه صدر عن رأيه لا عن وحى .. فهل خفى عن كل هؤلاء الأتباع ، ومعظمهم عرب أقحاح ، وفيهم الفصحاء والبلغاء كأبى بكر وغيره ، وفيهم الذكى العبقرى كعمر وغيره .. هل خفى عن الجميع ما تنبه إليه ذكاؤك ؟ وهل جهل الجميع ما وسعه علمك ؟!

أعلم أنك لم تسأل نفسك هذه الأسئلة ، لأن علمائك لا يريدون منك شيئاً اسمه التفكير ، ويحرصون على إنشاء العداوة بينك وبين العقل ، إذ لا تستقيم عقيدتهم الوثنية مع أعدائها من التفكير والعقل والدليل .. أعاذك الله من هذه الشرور !

ثالثاً :
وإذا كان النبى عليه الصلاة والسلام لم يتنبه لذلك أول أمره ، وخفى عن جميع أتباعه العرب الخلص ذلك أيضاً ، فهل ظلت هذه الغفلة سنين وسنين ؟ ..

حتى لو افترضنا هذا الهراء .. هل نالت الغفلة أيضاً أعدائه وقد كانوا متربصين لأى خطأ منه ؟!

لقد وجدناهم يعترضون عليه فى غير معترض ، ويصفون بعض أعماله بالخطأ وهى ليست كذلك ، فما بالهم تركوا هذه الفرصة السهلة ، وهم أهل اللغة وأربابها ، فيطعنونه فى أشد ما يتفاخر به عليهم ، وهو إعجاز القرآن ؟!

يبدو أن الزميل قد علم ما جهله أرباب اللغة من لغتهم !

ولا يصح أن يقال : هم اعترضوا لكن لم يصلنا ذلك .. لأن ذلك مما تتوافر الهمم على نقله ، وتجتمع الدواعى على سرده .. كيف وقد نقل إلينا ما هو أقل من ذلك بكثير ؟ .. وهذا هو القرآن نفسه والأحاديث النبوية مملوءة بما كان من اعتراضات المشركين والرد عليها ، فلماذا لم يأتينا خبر واحد ولو ضعيف عن مثل هذا الاعتراض ؟!

وحتى لو كان المسلمون قد اجتمعوا على إخفاء ذلك ، مع سخافة ذلك عند العاقل ، فلماذا لم يصلح الرسول الخطأ ويتداركه ، وله فى النسخ سبباً يقيه شر التساؤل ؟!

بل لماذا لم يغيرها عثمان ـ كما تزعمون ـ عندما صادر باقى المصاحف ؟!

يبدو أن الزميل قد عرف ما جهله العرب فى جميع عصورهم !

رابعاً :
ولماذا أنت متأكد من أن كل المسلمين لن يفهم أحدهم أن كلمة (أحد) هى كلمة عبرية ؟!

أنا أجيبك ! .. أنت متأكد لأنك جاهل بما تتحدث عنه ! .. أنت تجهل أن من أتباع النبى عليه الصلاة والسلام من كان عالماً بدينه ، معتبراً بين أقرانه ، كعبد الله بن سلام وغيره !

فهل سكت الذين أسلموا من اليهود والنصارى عن تحذير النبى من هذا الشَرَك ؟!

أم غاب عنهم هم أيضاً عبرية هذه الكلمة ؟!

يبدو أنك وحدك من أحاط بالعبرية علماً ، وبالعربية فقهاً .. والجميع جهل ذلك كل الجهل !!

والحمد لله على نعمة العقل والدين !

خامساً :
ولماذا نهمل ورقة نفسه ؟!

ألا يريد ورقة الخير لذلك الرسول ؟!

إن كان ورقة يساعده على نشر دين كاذب ـ كما سفهتم وتزعمون ـ أيضع ورقة النبى فى هذا المأزق ؟!

وهل كان ورقة عالماً بالعبرية فقط دون العربية ؟ .. أم هداك ذكاؤك إلى أنه لم يشم للعربية ريحاً ؟!

لقد كان ورقة عالماً بالعبرية والعربية معاً .. فكيف ( تفوت ) عليه هذه الكلمة ولا ينتبه لها ؟!

ألم يعلم ورقة أنه سيأتى بعده بأربعة عشر قرناً ذكى فطن اسمه المستعار نبيل فيكشف الخدعة ؟!

يبدو أن ورقة قد غاب عنه ذلك !!


وليعذرنى القارئ فى طريقة كلامنا من المرح والتندر على ذكاء الزميل .. فإن بعض الاعتراضات تقابل بإبراز دليل بطلانها .. لكن البعض الآخر لا يقابل إلا بمثل ذلك ، وإلا حسب قائله أنه على شىء ، ولظن أنه تفوه بشىء يمكن أن يُناقش فيه !

سادساً :
أما الذى لا يعلمه الزميل ، فهو أن العربية أخت العبرية ، كلتاهما تنتمى إلى أسرة اللغات السامية كما يطلق عليها .. وهذا معناه أن هناك اشتراكاً بين لغات الأسرة الواحدة ، لا فى الجذور اللغوية فقط ، لكن أيضاً فى الأصوات ، وفى المعانى والدلالات ، وفى القواعد النحوية .. وهذا الاشتراك يعنى التشابه لا التطابق .. وهذا التشابه يتفاوت قدراً بين اللغات بعضها وبعض .. وهذا الذى سردناه لا نعلم له مخالف بين علماء اللغات من كافة الأجناس والملل.

فلما جهل ذلك ، دخل عليه ما يروجه علماؤه ، من أن ( أحد ) لفظة عبرية .. فلا تدرى أيهما أعجب إليك : جهل الزميل أم جهل علمائه ! .. والحمد لله على كمال نعمته .

سابعاً :
من أعلمك بأمر ورقة يا نبيل ؟! .. هل قرأت عنه فى متى أم لوقا ؟ أم هل عرفته رمزاً من نبوات العهد القديم ؟!

لا شك أنك كنت جاهلاً بشخص اسمه ورقة ، حتى قرأت عنه فى الأحاديث الشريفة ، وهذا على افتراض أنك تقرأ بنفسك ، ولست ببغاءً تردد ما يتقيؤه قساوستك !

فإن كنت تحتج علينا بالأحاديث التى تثبت التقاء الرسول عليه الصلاة والسلام بورقة رضى الله عنه ، لزمك ولا بد أن تقبل بكل ما فى هذه الأحاديث من أخبار ، وإلا فكيف تحتج ببعض وتترك البعض ؟!

فإما أن هذه الأحاديث كلها عندك صحيحة فاحتججت بها ، فيلزمك على هذا قبول كل الأخبار التى تضمنتها .

وإما أن هذه الأحاديث كلها عندك مكذوبة ، فلا يصح احتجاجك بشىء منها أصلاً .

وإما أنها مكذوبة عندك ، لكنك تحتج بها إلزاماً للمسلم فقط ، لأنه يؤمن بما فيها ، فيلزمك ألا ترفض شيئاً يجابهك به المسلم منها ، لأن المسلم يؤمن بكل ما فيها .

فعلى كل حال ، يلزمك قبول أن ورقة نفسه قد اعترف بالنبى عليه الصلاة والسلام رسولاً من عند الله بشيراً ونذيراً ، واعترف بصحة القرآن .. وهو ما يسوءك ولا يرضيك أبداً !

وكان مما هرف به الزميل جهلاً بغير علم ، أن وجه سؤالاً لحبيبنا الدكتور هشام ، يفحمه طبعاً ويفحم كل من شم رائحة العلم ! .. فطالبه بإعراب « قل هو هشام أحد » ! .. فطلبه يدل على جهله بما يتهجم عليه ، لأن (أحد) لا تُستعمَل مع غير الله إلا فى النفي وما فى معناه كالاستفهام وغيره .. إن كان يفهم الزميل من ذلك شيئاً !
* * * * *

وكان سؤاله الثانى لدكتورنا الحبيب ، وهو مفحم أيضاً ! : « ممكن تقولي إسم إمرأة آدم ايه وياريت تجيب شاهد من قرآنك ».

وما أراه يريد بهذا السؤال إلا الانتقاص من شأن القرآن ، على عادة علمائه الجهلاء الذين لا يحسنون القراءة ، من وصف القرآن بالنقص لأنه لم يذكر كل التفاصيل .

والحق أن القرآن قد أغفل كثيراً من التفاصيل فى قصصه الكريم ، وما ذاك إلا لأنه لا يهدف من قصصه مجرد التسلية والسرد كما يفعل كاتب التوراة ، وإنما يهدف بأحس القصص إلى هداية الإنسان ، وإرشاده لما فيه نفعه وخيره ، وتنبيهه بالعبر والعظات المتتابعة.

من أجل ذلك أغفل القرآن كثيراً من التفاصيل ، حتى لا ينشغل القارئ بها ، فيتلهى عما فيه هدايته.

أما كاتب التوراة فلا يهمه شىء من ذلك قط ، بل هدفه واحد لا غير ، وهو الحديث عن شعب الله العظيم فقط ، وما حدث له وما جرى .. وما يأتى قصص بداية الخلق وما بعدها إلا لبيان الأصل الذى تفرع عنه شعب الله العظيم ! .. بل ولا يهتم الكاتب بالحديث عن (الله) إلا لأنه (إله بنى إسرائيل) فقط ! .. من هذه الحيثية فقط يستحق ( الرب ) أن يتحدث عنه ، وإلا فما شأن كاتب التوراة به ! هو منشغل بأمر آخر أولى وأهم عنده من ذلك !!

وللذين يصرون على أن يذكر القرآن كل التفاصيل نقول : وهل ذكر كاتب التوراة كل التفاصيل ؟ .. لقد أغفل كاتب التوراة كثيراً من التفاصيل .. مثلاً : أغفل تفاصيل رحلة يوسف التى أُسر فيها فلم يذكر ما قابله يوماً بيوم .. ولو أنكر منكر على كاتب التوراة إغفاله تلك التفاصيل ، لما أجيب إلا بأنها ليست مهمة .. العبرة إذن ليس بمن يذكر أكثر التفاصيل ، وإنما العبرة بمن يقتصر على المهم الذى يخدم هدف الهداية ولا يشغل القارئ بما سواه .

على أن كاتب التوراة لا تنفعه إجابته ، لأنه قد ذكر فى غير موضع كثيراً من التفاصيل المملة ، وكرر كثيراً من الكلام الذى طائل من ورائه أصلاً ، ولا نفع من تكراره مطلقاً .. فلماذا شغل قارئه عن المهم ؟ .. الحق أن كاتب التوراة لا يهتم إلا بسيرة شعب الله العظيم فقط ، ولا يغفل أى تفصيلات عن ذلك إلا لجهله بها فقط !

وكمثال واحد فقط على سوء صنيع كاتب التوراة ، أنه أغفل السبب فى عدم رؤية يعقوب لوجه زوجته بعد بنائه بها ، فلم يتبين وجهها إلا فى الصباح ، ولا أدرى ماذا كان يفعل طوال الليل ! .. هذا الكاتب الذى لا يمل من ترديد كلام مكرور ، والحرص على ذكر تفصيلات سخيفة كثيرة ، يهمل فى قصته تلك هذه التفصيلة المهمة التى بنى عليها أساس قصته والأحداث التى بعدها !

أما القرآن فهو بعيد عن كل هذا الهراء .. هو يقص الحق ، ويهدى السبيل ، وينبه على المهم ، ويخفى ما لا فائدة فيه ، ويصرح بالفائدة والعبرة .. فأحسن به من قصص !

وما ضر المسلم لو لم يعرف اسم امرأة آدم ؟! .. وما ضره لو كان اسمها حواء أم سارة ؟! .. هل أهبط آدم إلى الأرض بسبب اسم امرأته ولو كان اسمها مختلفاً لما هبط ؟!

تالله إن من السفاهة لما يُضحك !

وكل ما ذكرناه نبذة يسيرة ـ مخلة ! ـ عن المقارنة بين أحسن القصص وبين ذاك الذى سطرته يدا كاتب التوراة ، والتفصيل عند الطلب فى موضوع مستقل بإذن الله .
تنبيه :
(
أحد ) صفة لله بلا شك ، لكنها ليست هى (الصفة) المصطلح عليها إعرابياً ، فلا تُعرب على أنها صفة أبداً .. وعلى الجميع أن يتنبه لهذه المسألة .. ومثال ذلك قولك ( زيد كريم ) ، فـ(كريم) إعرابياً خبر عن زيد ، ولا يصح أن يقال عنها (صفة) أو (نعت) بحسب المصطلح عليه فى قواعد العربية ، لكن لا شك أن (كريم) هى وصف لزيد فى المعنى .. أرجو أن يكون الفرق قد اتضح.

 

 

 

وكان مما قاله الزميل النصرانى : « لماذا هذا التخبط في إعراب أحد »

ما ظنه الزميل تخبطاً هو من جهله فقط ، فهو لا يعلم كيف نشأ النحو ، ولا كيف بدأ تدوين القواعد ، وبالتالى لا يعرف سر اختلاف مذاهب البصرة عن الكوفة ، إن كان قد سمع عن المدرستين أصلاً !

عموماً فالمقام لا يتسع أبداً لشرح هذا الموضوع الطويل .. لكن ما أسماه الزميل تخبطاً جهلاً منه ، هو مجرد اختلاف فى التخريج ، وكثرة التخريجات النحوية لا مشكلة فيها ، لأنها اختلاف فى العلل والأسباب ، وليست اختلافاً فى النص نفسه .. فالجميع يقر فى النهاية بأن الله متصف بأنه (أحد) معنىً .

وعلى أية حال ، فإن اختلاف التخريجات لا علاقة له إطلاقاً بلفظة (أحد) ، وإنما هو متعلق بما قبلها ، وبلفظة (هو) على الأخص .. فإن أراد الزميل الاحتجاج باختلاف التخريجات النحوية فى الآية على أن (أحد) ليست من العربية ، فذلك بعيد عن شاربه تماماً إن كان يملك واحداً !!
* * * * *

وكذلك يستدل الزميل ـ ولا أدرى علامَ يستدل ! ـ بتعدد أحاديث أسباب النزول ، ولا حجة له فى ذلك ( ولا أدرى علامَ ! ) لأننا لا نأخذ بكل حديث يروى لنا فى كتب التفسير ، ولا نسلم بصحة كل ما يروى ، وإنما عندنا ما ليس عند النصارى ، من نقد السند وتحليل المتن .. ومن ناحية أخرى فإن سبب النزول قد يتعدد ، وهذا مشهور مصرح به فى كتب أسباب النزول .. ليست المشكلة فى ذلك ، المشكلة فى مَن جهل ولم يتعود على القراءة والاطلاع !
* * * * *

قال الزميل : « حتي في القراءات ففيه من قرأها {الله الواحد الصمد} في الصلاة، والناس يستمعون، فأسقط {قل هو}، وقال أنه ليس من القرآن. وغير لفظ {أحد}، وقال أن هذا الصواب، والذي عليه الناس هو الباطل ».

وقد دهشت جداً عندما قرأته كلام الزميل أول مرة ! .. لأن ( القراءات ) لا تعنى التضاد فيما بينها ، والمسلم المبتدئ يعلم أن تعدد القراءات كتعدد الآيات .. كل من عند ربنا .. الكل حق وصدق إذا ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام .. خاصة أن القراءات العشر أجمعت على « قل هو الله أحد الله الصمد » .. وربما ذكرت كتب التفسير قراءات أخرى لا تثبت .. والعبرة عندنا بما صح سنده طبعاً .. من أجل ذلك كله دهشت من كلمة الزميل بشدة .. كيف يقول (عالم) عما أجمعت عليه القراءات العشر إنه (باطل) ؟! .. بل كيف يصدر ذلك عن طالب علم أصلاً ؟!

فلما اطلعت على ما قصده الزميل ، ملأنى التبسم حتى صار ضحكاً .. فلما ذهب الضحك ، ساورنى الإشفاق الشديد على هؤلاء القوم ! .. فتأمل كيف يظلم التثليث قلب صاحبه ، ويعمى عينيه ، فلا يدرى ما يقول به بعدها .

قال القرطبى فى تفسيره : « وقد أسقط من هذه السورة مَن أبعده الله وأخزاه ، وجعل النار مقامه ومثواه ، وقرأ « الله الواحد الصمد » في الصلاة ، والناس يستمعون ، فأسقط « قل هو » ، وزعم أنه ليس من القرآن ، وغير لفظ « أحد » ، وادعى أن هذا هو الصواب ، والذي عليه الناس هو الباطل والمحال ».

لعلك أدركت قارئى الآن حجم المصيبة ! .. القرطبى لا يتحدث عن عالم من علماء المسلمين ، ولا أحد قراءهم ، حتى يزعم جاهل وثنى بأن ذلك من « قراءات » القرآن .. والقرطبى لا يتحدث عن طالب علم .. بل يتحدث عن « مَن أبعده الله وأخزاه ، وجعل النار مقامه ومثواه »!

والحمد لله على نعمة العقل والدين !
* * * * *

أما قول الزميل بعد هذه الغباوة الفاضحة : « ألست معي بأن كل هذا تخبيط ولا تسميه ايه » ..
فهو من سوء أدبه ، وسفاهة عقله .. لأن كل ذلك لن يجعل من (أحد) غير عربية أبداً ، ولو انفجرت عروقه غيظاً !

ومن أين يأتيه حسن الأدب ؟ .. أمِن كتاب يشرح له صفة منى الرجال وطرق زنا المحارم ؟ .. أم من عقيدة تعفيه من الرذائل لو آمن بأن الرب قد مات ؟! .. ومن أين له برجاحة العقل ؟ .. أمن كتاب ضاق أهله منه لكثرة متناقضاته فركلوه بأرجلهم واعتبروا تركه بداية العلم والتقدم ؟! .. أم من عقيدة تساوى بين الواحد والثلاثة وتلزمه بأن الكامل يحتاج والإله يتبرز ؟! .. فمن كان هذا كتابه وهذه عقيدته لا يُسأل عن أدب ولا عقل ! * * * * *

 

قال الزميل النصرانى : « ألست معي بأن وجود أحد والصمد وهما كلمتان عبريتان في آية واحدة شئ غريب »

فيصر بكبير غباوة على أنهما غير عربيتين ، مع أنه يرد على كلام أخينا إشعياء الذى وضح له أن العربية أخت العبرية ، واشتراكهما فى كثير من الجذور أمر طبيعى ، وإلا لما عدهما العلماء أصلاً أختين شقيقتين .. فتأمل كلام إشعياء له وتأمل رده عليه .. واحمد ربك على نعمة العقل والدين !

أخونا إشعياء يقول له إنهما عربيتان وعبريتان ، وهو يقول له ألا ترى أنهما عبريتان ؟! .. ولعل المسلم يدرك من هذا لماذا يقبل أمثال هؤلاء أن الثلاثة هم واحد ، وأن ربهم نزل ليتبرز بين البشر !

تباركت ربنا وتعاليت عما يقول السفهاء !!
* * * * *

ويقول الزميل أذكى إخوانه : « سؤالي لكم الأن لماذا مكث رسول المسلمين ثلاثة أيام قبل أن يجيب ؟ هل فعلاً كان منتظر وحي من ربه ولا إنتظر أن يسأل رجل دين يهودي فكانت الإجابة من رجل الدين اليهودي بها كلمتين عبريتين وهي أحد وصمد لكي يفهمها اليهود الذين سألوا وقالوا له ( إنسب لنا ربك ) »

أولاً :
الزميل ما زال يفضل الجهل على العلم ، ويؤثر الغباء على غيره ، فما زال يعتقد أن الكلمتين غير عربيتين .. ومن هذا أيضاً يعرف المسلم لماذا يتمسك القوم بعقيدة وثنية رغم انعدام الدليل عليها .. إنه إيثار الجهل والغباء لا أكثر !

ثانياً :
يتصور الزميل ـ العبقرى طبعاً ! ـ أن قبائل اليهود فى الجزيرة كانت تخاطب العرب بالعبرية ! .. فعندما يسألهم النبى ـ حسب زعمه الجاهل ـ سيجيبونه بالعبرية ، أو على الأقل بجملة عربية فيها كلمتين عبريتين .. والنبى ـ العربى ـ سيأخذ كلمتين لا يعرف لهما معنىً ، ويجاهر الجميع بما لا يفهمه هو أصلاً ! ..

عزيزى أذكى إخوانه .. حتى النبى الكذاب سيكون أذكى من أى مثلث وثنى !

ومالك تظن به قلة الذكاء ، وأنت مضطر كباقى باباواتك وكبراء ملتك أن تشهد له بالذكاء والعبقرية ، لا محيص لكم عن ذلك البتة ، لأن هذا هو المهرب لكم من الاعتراف بنبوته فى مواطن كثيرة ، وإن شئت ألجمتك بما تشاء من اعترافات كبراء ملتك بذكاء النبى وعبقريته ، وما دفعهم لذلك إلا هرباً من الاعتراف بنبوته ومعجزاته ، فآثروا مدحه بذلك على مدحه بالنبوة .. والله غالب على أمره !

فمالك تخالف كبراء ملتك وتنزع عن النبى صفة الذكاء والعبقرية ، فتحسبه يملك عقلاً مثل عقلك ، يحب الجهل وأهله ، ولا يرضى عن الغباء بديلاً !

ثالثاً :
الزميل يعيب على النبى لتأخره فى الرد ، فيلزمه أن يعيب ربه الذى رفض إعطاء القوم معجزة عندما طلبوها منه ، إنه لم يتأخر فقط ، بل صرح بالرفض ، ولم يملك إلا سبهم بأنهم جيل شرير وفاسق ! .. وما زلنا نكرر أن الجاهل يفعل بنفسه ما يعفى أعداؤه عن بذل المجهود !

رابعاً :
الذى لا يعرفه الزميل لأن علماؤه يخفونه عنه ، أن هناك شيئاً اسمه ( الدليل ) ، ما لم يأتِ به الإنسان على دعواه بطلت دعواه من تلقاء نفسها .. فلو ذهب نبيل إلى قسم الشرطة ليتهم إشعياء بأنه سارق ، لطالبه الشرطى بما لم يسمعه نبيل فى حياته : ( الدليل ) على دعواه .. فإن أتى به نبيل جاز البحث فى المسألة .. وإن لم يفهم نبيل ماذا يقصد الشرطى بهذه الكلمة الغريبة .. فلا يسألن بعد ذلك كم نال قفاه من الصفعات ولا مؤخرته من الركلات !!

وهذا ما يناله هنا أيضاً ! .. أين الدليل على هذا الفيلم السينمائى الذى تحكيه ؟ .. لا دليل .. إن كان يعرف لهذه الكلمة معنىً أصلاً ! .. فدعواه ساقطة من تلقاء ذاتها كعقيدته الوثنية تماماً !!
قال الزميل : « كلمة "صمد" في العربية .... كلمة محيرة لأنها جامدة, لم تشتق من فعل, ولم يشتق منها فعل, ولا صلة لها بالهومونيم "صمد" "يصمد" وهي مورفولوجيا ثابتة. الاسم فيها هو الصفة والصفة هي الاسم. وهي غامضة المعنى, نادرة الاستعمال, وأشهر استعمال لها في الصمدية ».

فتأمل قارئى كيف يجعل الجهل بأهله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم !

يقول « كلمة محيرة » ! .. ما شاء الله أبدع ! .. ولماذا هى محيرة يا سيبويه عصره وخليل أوانه ؟ .. وهل حيرت النبى عليه الصلاة والسلام عندما سمعها ؟ .. فلماذا إذن قبل وضعها فى قرآنه كما تزعمون سفهاً ؟! .. ولماذا قبلها المشركون منه ولم ينكروها عليه ؟ أما كان الأولى بهم أن يتهموه بأنه يقول ما لا يعقله هو ولا هم ولا العرب أجمعين ؟

ساء نصيب المشركين إذن لأن نبيل لم يكن بينهم لينبههم إلى أن الكلمة محيرة !

ولعل الزميل بذكائه الذى لمسناه وعايناه إلى الآن يقول بأنهم لم ينتبهوا لذلك لأنهم لم يعرفوا ما هو « الهومونيم » ولا ما هى « المورفولوجيا » !
* * * * *

والزميل يعتبر الكلمة جامدة لم تشتق هى ولم يشتق منها .. ولا تسأله قارئى الكريم لماذا ؟ ولا ما هو الدليل على ذلك ؟ .. لأن هذه الأسئلة تغضبه بشدة ، لأن ناتجها أن يفكر ويبحث ويعمل عقله .. وقد حذره علماؤه من ذلك بشدة .. وقد يعاقب بالحرمان الكنسى لو فعل .. أو " يشلح " لو كان ممن يجوز " تشليحهم " !

هكذا عليك قبول ما يقول الزميل قارئى ، لأنه هكذا أيضاً تلقَّى عقيدته الوثنية .. لا يعرف شيئاً اسمه الدليل .. أعاذه الله من ذلك الشر الذى يتفوه به المسلمون !

فإذا قلت له : رضينا بموت دليلك ، وانعدام تعليلك ، لكن هناك دليل نفى لكلامك ، وهو أن المعاجم اللغوية تسرد علينا اشتقاقات تلو اشتقاقات من الكلمة وإليها ، فما هو تعليقك لتدحض هذا الدليل ؟

أجابك : « ولا صلة لها بالهومونيم "صمد" "يصمد" وهي مورفولوجيا ثابتة. الاسم فيها هو الصفة والصفة هي الاسم. وهي غامضة المعنى, نادرة الاستعمال ».

هكذا يكتفى الزميل بمجرد تدعيم ادعاءاته بادعاءات أخرى .. ولا عزاء للعقل ، ولا عزاء لمن يطالب بالدليل !

ولمن لا يعلم بما يتشدق به الزميل ، فالهومونيم homonym هو المشترك اللفظى ، ويقصد به اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر .. وأما المورفولوجيا فهى البنية الصرفية مأخوذة من morphology علم الصرف.

فالزميل يريد أن يقول إن لفظة (الصمد) فى سورة الإخلاص ، لا علاقة لها بـ " صمد ، يصمد " اشتقاقاً ، والأمر لا يعدو أن يكون اشتراكاً لفظياً لا أكثر ، اشتركا فى اللفظ والحروف ، لكن اختلفا فى المعنى وتباعدا .. ثم يزعم أن (الصمد) بنية صرفية ثابتة ، أى لا تقبل الاشتقاق .. ثم يزعم أنها غامضة المعنى ، نادرة الاستعمال !

ولا أدرى هل هذا الكلام العارى عن الدليل يناقش ؟! .. وهل هذا الهراء الذى يجافى العقل يستحق أن نضيع الوقت بالتهكم عليه ؟! .. ويقتضى القياس على قول الزميل أن ( المشى ) لا علاقة له بـ " مشى يمشى " ! .. و( الجرى ) لا يعرف شيئاً عن " جرى يجرى " !

على أية حال سأكتفى بنقل مادة ( ص م د ) من لسان العرب ، ليدحض كافة دعاوى الزميل وهراءه ، مع أنه لا يحتاج لدحض أصلاً ، لأن كلام الزميل جاء ساقطاً أصلاً لانعدام دليله ..

والذى أود من القارئ أن ينتبه إليه فى النقل الذى سنورده ، هو كثرة الاشتقاق ، وكثرة دوران المفردات واستخداماتها ، واستشهاد أهل اللغة بنصوص عديدة لأرباب اللغة من شعر وغيره.

صمد : صَمَدَه يَصْمِدُه صَمْداً و صَمَد إِلـيه كلاهما: قَصَدَه . و صَمَدَ صَمْدَ الأَمْر: قَصَدَ قَصْدَه واعتمده . و تَصمد له بالعصا: قَصَدَ . وفـي حديث معاذ بن الـجَمُوح فـي قتل أَبـي جهل: فَصَمَدْت له حتـى أَمكنَتنـي منه غِرَّة أَي وثَبْتُ له وقَصَدْته وانتظرت غَفلته . وفـي حديث علـي: فَصَمْداً صَمْداً حتـى يَتَـجَلَّـى لكم عمود الـحق . وبـيت مُصَمَّد، بالتشديد، أَي مَقْصود . و تَصَمَّدَ رأْسَه بالعصا: عَمَد لـمعْظَمه . و صَمَدَه بالعَصا صَمْداً إِذا ضربه بها . و صَمَّدَ رأْسه تَصْميداً: وذلك إِذا لف رأْسه بخرقة أَو ثوب أَو مِنْديلٍ ما خلا العمامةَ، وهي الصِّمادُ . و الصِّمادُ: عِفاصُ القارورة، وقد صَمَدَها يَصْمِدُها . ابن الأَعرابـي: الصِّمادُ سِدادُ القارُورة؛ وقال اللـيث: الصمادَةُ عِفاص القارورة . و أَصْمَدَ إِلـيه الأَمرَ: أَسْنَدَه . و الصَّمَد، بالتـحريك: السَّيِّدُ الـمُطاع الذي لا يُقْضى دونه أَمر، وقـيل: الذي يُصْمَدُ إِلـيه فـي الـحوائج أَي يُقْصَدُ؛ قال: أَلا بَكَّر النَّاعي بخَيْرَيْ بَنـي أَسَدْ، 1 - 2 بعَمْرو بنِ مَسْعُود، وبالسَّيد الصَّمَدْ ويروى بِخَيْرِ بنـي أَسد؛ وأَنشد الـجوهري : عَلَوْتُه بِحُسامٍ، ثم قُلْتُ له: خُذْها حُذَيْفُ، فأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُو الصَّمَد: من صفاته تعالـى وتقدّس لأَنه أُصْمِدَتْ إِلـيه الأُمور فلـم يَقْضِ فـيها غيره؛ وقـيل: الـمُصْمَتُ الذي لا جَوْفَ له، وهذا لا يجوز علـى ا، عز وجل . و الـمُصْمَدُ: لغة فـي الـمُصْمَت وهو الذي لا جَوف له، وقـيل: الصَّمد الذي لا يَطْعَم، وقـيل: الصَمد السيِّد الذي ينتهي إِلـيه السُّودَد، وقـيل: الصمد السيد الذي قد انتهى سُودَدُه؛ قال الأَزهري : أَما الله تعالـى فلا نهاية لسُودَدِه لأَن سُودَدَه غير مَـحْدود؛ وقـيل: الصمد الدائم الباقـي بعد بناء خَـلقه؛ وقـيل: هو الذي يُصمَد إِلـيه الأَمر فلا يُقْضَى دونه، وهو من الرجال الذي لـيس فوقه أَحد، وقـيل: الصمد الذي صَمَدَ إِلـيه كل شيء أَي الذي خَـلق الأَشياء كلها لا يَسْتَغْنـي عنه شيء وكلها دالّ علـى وحدانـيته . وروي عن عمر أَنه قال: أَيها الناس إِياكم وتَعَلُّـمَ الأَنساب والطَّعْن فـيها، فوَالذي نفسُ مـحمد بـيده، لو قلت: لا يخرج من هذا الباب إِلا صَمَدٌ، ما خرج إِلا أَقَلُّكم؛ وقـيل: الصَّمَد هو الذي انتهى فـي سَوْدَدِه والذي يُقْصَد فـي الـحوائج؛ وقال أَبو عمرو: الصمد من الرجال الذي لا يَعْطَشُ ولا يَجوع فـي الـحرب؛ وأَنشد: وسَاريةٍ فَوْقَها أَسْودُ بِكَفِّ سَبَنْتَـى ذَفـيفٍ صَمَدْ قال: السارية الـجبل الـمُرْتَفِعُ الذاهبُ فـي السماء كأَنه عمود . والأَسود: العلـم بِكَفِّ رجل جَرِيء . و الصمَد: الرَّفِـيعُ من كل شيء . و الصَّمْدُ: الـمَكانُ الغلـيظ الـمرتفع من الأَرض لا يبلغ أَن يكون جبلاً، وجمعه أَصْمادٌ و صِماد؛ قال أَبو النـجم: يُغادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْر الأَجْزَل و الـمُصَمَّدُ: الصُّلْب الذي لـيس فـيه خَوَر . أَبو خيرة: الصَّمْد و الصِّماد ما دَقَّ من غلَظِ الـجبل وتواضَعَ واطْمأَنَّ ونَبَتَ فـيه الشجر . وقال أَبو عمرو: الصَّمْدُ الشديد من الأَرض . بناءٌ مُصْمَدٌ أَي مُعَلًّـى . ويقال لـما أَشرَفَ من الأَرض الصَّمْدُ، بإِسكان الـميم . ورَوْضاتُ بنـي عُقَـيْل يقال لها الصِّمادُ والرّبابُ . و الصَّمْدَة و الصُّمْدة: صَخْرة راسية فـي الأَرض مُسْتَوِيَةٌ بِمَتْنِ الأَرض وربما ارتفعت شيئاً؛ قال: مُخالِفُ صُمْدَةٍ وقَرِينُ أُخْرى، تَـجُرُّ علـيه حاصِبَهَا الشَّمالُ وناقة صَمْدَة و صَمْدَة: حُمِلَ علـيها فلـم تَلْقَحْ؛ الفتـح عن كراع . ويقال: ناقة مِصْمادٌ وهي الباقـية علـى القُرِّ والـجَدْبِ الدائمةُ الرِّسْلِ؛ ونوقٌ مُصامِدُ و مَصامِيدُ؛ قال الأَغلب: بَـيْنَ طَرِيِّ سَمَكٍ ومالـحِ، ولُقَّحٍ مَصامِدٍ مَـجالِـحِ و الصَّمْدُ: ماء للرّباب وهو فـي شاكلةٍ فـي شِقِّ ضَرِيَّةَ الـجنوبـيِّ .

لا عجب إذن أن تكون ( الصمد ) محيرة غامضة المعنى ! .. فمن شدة غموض معناها دارت كل هذا الدوران على الألسنة !

أما الذى لا يغيب عن القارئ ، فهو أن كل تلك التقليبات والمعانى تشترك فى أصل دلالى واحد .

الفكرة المسيطرة على الزميل نبيل هى أن العرب لم تكن تعرف (أحد) ولا (صمد) ، وإنما عرفتهما أول مرة عندما تلا عليهم النبى عليه الصلاة والسلام سورة الإخلاص ، والنبى نفسه لم يكن يعرف اللفظتين حتى أخبره بهما ورقة ، وحتى بعد أن تلاهما النبى وسمعتهما العرب من أتباعه والكافرين به ، ظل الجميع لا يفهمون اللفظتين ، ولا يعرفون لهما معنى !

هذه الفكرة الساذجة ، نتجت عن جهل الزميل الفاحش بأبسط مبادئ علم اللغة.

العربية أخت العبرية ينتميان لما أسموه أسرة اللغات السامية ، ولا معنى لهذه الأخوة إلا بأن نجد فى اللغتين جذوراً لغوية كثيرة لها أصل دلالى واحد ، بالإضافة طبعاً للتشابه الصوتى والصرفى والنحوى .. لكن الواجب على الباحث عندما يجد نفس الجذر مكرر فى اللغتين ألا يتسرع بالحكم على أسبقية إحدى اللغتين به ، لأنه يبقى الاحتمال الأكبر دائماً قائلاً بأن الجذر كان للأم أصلاً ثم ورثته عنها ابنتاها.

ولجهل زميلنا بهذا المبدأ الأولى البسيط ، ولبعده التام عن دراسة علم اللغة ـ وإن حاول التشدق والتفيهق ـ فقد وقع فى هذا المزلق الخطر.

يقول إسرائيل ولفنسون : « والواقع أنه ليس أمامنا كتلة من الأمم ترتبط لغاتها بعضها ببعض كالارتباط الذى كان بين اللغات السامية » [تاريخ اللغات السامية 10] .. وهذا يدلنا على كثرة الجذور اللغوية المشتركة بين أسرة اللغات السامية .. فإذا علمنا أن العربية والعبرية من أشدهم تشابهاً ـ إن لم يكونا أشدهم ـ على الإطلاق ، علمت كثرة الجذور اللغوية التى تشتركان فيها.

والتشابه يتعدى الجذور المجردة إلى التشابه فى الكلمات بعينها ، يقول ولفنسون : « على أن هناك كلمات مشتركة فى جميع اللغات السامية ، يرجح أنها كانت مادة من اللغة السامية الأصلية » ص 14 .

هكذا يفعل ولفنسون عند وجود هذه الكلمات لا الجذور المشتركة ، فينسبها إلى السامية الأم ، ولم ينسبها كالزميل إلى العبرية .. فالبحث العلمى لا يعرف هذا السلوك الجاهل .

يقول ولفنسون : « ولكن يجب ألا يبالغ الباحث فى مسألة تأثير الآرامية والعبرية فى العربية الشمالية ، إذ ينبغى أن يحترس من الخطأ فى نسبة بعض الكلمات العربية إلى إحدى أخواتها السامية ، ظناً منه أنها منقولة منها ، فقد يوجد عدد كبير من الألفاظ له رنة آرامية أو عبرية وهو فى الواقع كان يستعمل عند العرب قبل أن يحدث الاتصال بين هذه اللغات » ص 86 .

ويقول : « وقد أشرنا فى هذا الكتاب غير مرة ، إلى أن وجود تشابه فى ألفاظ وأساليب لا يدل فى كل الأحوال على اقتباس ، بل إثبات الاقتباس يحتاج إلى أدلة أخرى غير التشابه . وقد غفل بعض كبار المستشرقين عن هذه النظرية ، فوقعوا فى أغلاط كثيرة ، أخذها عنهم صغار الباحثين بدون روية ، وقلدوهم فيها تقليداً مطلقاً » ص 86 .

وقد تأثر الزميل فى سلوكه بما يشيع فى أروقة النصارى من أن اللغة العبرية أقدم من اللغة العربية ، غير ملتفتين إلى الفرق بين قدم النصوص التى وصلتنا وبين قدم اللغة ذاتها ، وغير منتبهين إلى حيرة العلماء فى تحديد بدايات اللغات المعروفة ولو بشكل تقريبى.

على أية حال ، فإن المسارعة إلى الجزم بأن هذه اللغة نقلت هذا اللفظ عن أختها ، من الخطأ والخطل ، وإنما الواجب التريث كما أشار ولفنسون ، والواجب أيضاً إيجاد الدليل .. أما الاستناد إلى أن هذه اللغة أقدم من تلك ، فلا ينفع النصارى فى هذا المقام.

وذلك لأن علماء اللغة لم يقطعوا برأى جازم فى مسألة : ما هى اللغة التى تمثل السامية الأم أصدق تمثيل ؟!

يقول ولفنسون : « بقيت هناك مشكلة أخرى لها خطرها فى هذا الموضوع وهى : أى لغة من لغات هذه الأمم السامية أقرب صلة وأقوى شبهاً باللغة السامية الأصلية ؟ .. وهذه المشكلة لم تحل أيضاً حتى الآن ، بل اختلفت فيها أقوال الباحثين أيضاً واضطربت آراؤهم » ص 13.

ونحن نقف عند ذلك أيضاً ، وإن كان للعربية الشأن الكبير فى ترجيحات الباحثين والعلماء .. يقول ولفنسون : « فالعالم أولسهوزن Olshausen يقول فى مقدمة كتابه عن اللغة العبرية إن العربية هى أقرب لغات الساميين إلى اللغة السامية القديمة ، وأيد رأيه هذا بجملة أدلة ، ارتاح لها كثير من علماء الإفرنج » ص 13 .

فلو كان الزميل نبيل يرى أن (أحد) و(صمد) عبريتان ، فلماذا لا يفترض أن العبرية هى التى أخذتهما عن العربية ؟!

أما نحن ، فلا نقول بذلك ، ولا نقع فيما وقع فيه هو من الجهل ، رغم علو كعب العربية على أخواتها الساميات ، وظهور قربها من الأم ظهوراً بيناً .

يقول ولفنسون : « لقد كان من حظ القبائل القاطنة فى أصقاع الجزيرة ، أنها احتفظت بلغتها السامية الأصلية احتفاظاً ظاهراً ، حتى لم يطرأ عليها شىء كبير من التغير والتبدل ، إذ كانت هذه الأقوام بعيدة عن الأمم الأخرى ، وفى مأمن من التأثر بحضاراتها كما تأثرت بقية الأمم السامية التى سكنت فى الجهات المعمورة .. ومن أجل ذلك امتازت اللغة العربية ـ لغة تلك القبائل ـ عن اللغات السامية الأخرى ، بزيادة عدد غير قليل من الكلمات والصيغ القديمة ، وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك فى كلمتنا العامة عن اللغات السامية ».

لو أردنا إذن اللغة الأوسع جذوراً والأكثر احتفاظاً بجذور الأم لكانت العربية .. وهو رأى بروكلمان ورايت ونولدكه وغيرهم كثير .. ومع ذلك كله لا نقع فى مثل ما وقع فيه الزميل من الجزم باقتباس هذه اللفظة أو تلك .

ويقول المستشرق يوهان فك : « قد احتفظت العربية الفصحى ، فى ظاهرة التصرف الإعرابى ، بسمة من أقدم السمات اللغوية ، التى فقدتها جميع اللغات السامية ـ باستثناء البابلية القديمة ـ قبل عصر نموها وازدهارها الأدبى » [العربية 15] .

وما أشار إليه يوهان فك مجرد أمر من أمور كثيرة احتفظت بها الفصحى وفقدتها أخواتها الساميات فى جميع جوانب اللغة صوتياً وصرفياً ونحوياً ودلالياً .

وبالمناسبة فإن أشدهم تحمساً للفكرة كان الأب أنستاس الكرملى فى كتابه نشوء اللغة ، بل ذهب إلى أبعد من ذلك .. فقد غالى فى فكرته هذه ، فادعى أن أصول اللغات الأجنبية ، توجد فى العربية ، فمثلاً : فى الإنجليزية كلمة then هى (إذن) العربية ، وكلمة tail هى (ذيل) العربية ، وكلمة buy هى (باع) العربية !

والحق أننا لا نوافق الكرملى على كثير من اجتهاداته .. ولكن هذه مجرد نبذة عن قوة مذهب الذين يجعلون العربية أنجب أبناء السامية الأم وكثرة القائلين بذلك .

لكن الذى نقوله هنا ونكرره : إن الجزم بأن هذه اللفظة أخذتها هذه اللغة عن تلك أمر يحتاج إلى دليل وتروٍ ، وإن الاستناد إلى قدم هذه اللغة أو تلك أو إلى قربها وبعدها عن السامية الأم لا يغنى شيئاً ، خاصة وأن علماء اللغة لم يقطعوا برأى مجمع عليه فى هذا الشأن .

قال الزميل : « ثلاثة: باللغة المصرية القديمة = خمت. وطبقاً لقوانين الفونوطيقيا "خمت" المصرية = صمد العربية. "قانون خ الحامية = س السامية". فإذا كان الأمر كذلك كان معنى الصمدية: الثالوث أو الثلاثة أي أن: الصمد: أي أنه ثالوث.»

فمن الغباوة المستحكمة أنه يصر على عدم عربية ( الصمد ) ، ولو أدت به هذه الغباوة إلى الزعم بأن أصل اللفظة من اللغة المصرية القديمة !

منذ قليل كان يصر على أنها عبرية ، والآن يصر على أنها مصرية قديمة .. أى زعم وأى هراء .. المهم ألا يقول بأنها عربية !

ويبدو أن الذى علم النبى ـ زعموا وسفهوا ـ لم يكن عبرياً كما صرح زميلنا العبقرى أولاً ، وإنما ـ على هذا التخريج من لغة المصريين القدماء ـ كان فرعونياً من أرض النيل .. ولن نعدم نصرانياً وثنياً آخر يكمل لنا الفيلم كالمعتاد ! .. فكان النبى ـ صلوات ربى وسلامه عليه ـ لا يجيب عن سؤال إلا بعد عدة أسابيع ، فيسرع بالسفر إلى مصر بحسب وسائل مواصلات عصره ، فيسأل الكاهن ( أكيد كاهن لا أقل طبعاً ! ) ، ثم يكر راجعاً بالإجابة إلى قومه .. لا يهم أن تكون الإجابة هى ( خوفو ) أو ( خفرع ) أو حتى ( حور ) .. فهو ينقل ما قيل له ولو لم يعرفه ، كما نقل (أحد) و(صمد) وهو لا يدرى لهما معنى فى لغة العرب ! .. ولن نعدم قسيساً ألمعى الذكاء بعد ذلك يقول لنا : من أجل ذلك قال النبى عن أهل مصر خير أجناد الأرض ، وأوصى بهم خيراً !!

تالله إن السفاهة النصرانية ما لها من نهاية !
* * * * *

قال الزميل : « ثلاثة: باللغة المصرية القديمة = خمت. وطبقاً لقوانين الفونوطيقيا "خمت" المصرية = صمد العربية. "قانون خ الحامية = س السامية". فإذا كان الأمر كذلك كان معنى الصمدية: الثالوث أو الثلاثة أي أن: الصمد: أي أنه ثالوث.»

هذا التخريج رغم دلالته على جهله بما يتكلم عنه ، فهو لعب ( بثلاثة ورقات ) لا أكثر !

لأن أصل معنى (خمت) المصرية يدل على التفرق ، وأصل معنى (صمد) العربية يدل على الجمع وضد التفرق ، كما مر بنا من نصوص لسان العرب .. فكيف تنتقل اللفظة إلى العربية بضد معناها ؟!

أما أن أصل معنى (خمت) أو (خ م ت و) المصرية هو التفرق ، فلأن المصرية ما أطلقت على الثلاثة ( خ م ت و ) إلا لأن الثلاثة أول منازل التفرق والتشعب ، وقد أخذت هذه الدلالة من لفظة (خمت) المصرية التى تعنى ( المذراة ) والتى كانت ثلاثية الشعب ، يدلك على ذلك أنهم رسموا رمز العدد (3) بما يشبه المذراة بثلاث سنون أو شعب.

وبعض العلماء استخدم هذه الدلالة ( التفريق ) فى الجذر (خمت) ، لتأييد نظريته حول انتماء المصرية القديمة إلى نفس عائلة العربية ، مستشهداً بالجذور المشتركة الدلالة بين اللغتين ، مثل الجذر الذى نتحدث عنه.

فلاحظوا أن (خمت) المصرية قد صارت (شمت) فى ابنتها القبطية ، فقارنوا ذلك بالعربية (شمط) التى أصل معناها دلالة (التفريق) ، ففى لسان العرب « الشماميط : القطع المتفرقة ... وما تفرق من شعب الأغصان ، الواحد : شمطوط ».

هذا عن (خمت) المصرية التى تدل على التفريق والتشعب .. وأما عن (صمد) العربية فهى تدل على الضد تماماً ، لأنها تدل على الجمع .. فمن ذلك : سموا عفاص القارورة أى غطاءها : صماد ، لأنه يجمع محتوياتها ويمنعها عن التفرق .. وفي حديث معاذ بن الجَمُوح في قتل أَبي جهل: فَصَمَدْت له حتى أَمكنَتني منه غِرَّة ، أى سكن بتركيز وتجميع بصره وقواه فلم يصدر عنه ما ينبه أبا جهل حتى وجد له ثغرة .. و صَمَّدَ رأْسه تَصْميداً: وذلك إِذا لف رأْسه بخرقة أَو ثوب أَو مِنْديلٍ ، فكأنه بذلك يجمع رأسه أو شعره من التفرق .. والعمامة نفسها تسمى : الصماد ، لنفس معنى الجمع فيها .. وقال أَبو عمرو: الصمد من الرجال الذي لا يَعْطَشُ ولا يَجوع في الحرب ، وما ذاك إلا لأن قوته اجتمعت فلا يفرقها أو يضعفها عطش ولا جوع .. وناقة صَمْدَة : حُمِلَ عليها فلم تَلْقَح ، لأن الفحل لم يستطع أن يفرق جمعها.

أسخف الهراء زعم الجاهل أن (خمت) المصرية التى تدل على التفريق والتشعب ، قد انتقلت للعربية فصارت (صمد) التى تدل على الجمع والسد.

قال الزميل : « ايها الأعزاء هذا هو مفهومنا عن الله هو أحد صمد لم يلد ولم يولد »

لا تخدع نفسك عزيزى بهذا الهراء .. فهو لا يغير من واقع الأمر شيئاً .. وهربك من وثنيتك لن يجديك نفعاً .. أما التمحك بالقرآن فهو أبعد من شاربك وشوارب كبراء ملتك أجمعين .

«
الله أحد » تثبت تفرد الله بصفات الكمال .. فأين أنتم من ذلك وقد جعلتم لله ابناً مساوياً له فى الألوهية ، وروحاً مساوياً للاثنين فى العظمة والقدرة ؟!

«
الله الصمد » تثبت كمال صفات الله عز وجل .. فأين أنتم من ذلك وقد اعتقدتم بأنه اضطر إلى التأنس والتبرز بين الناس ؟! .. بل أين أنتم من كمال صفاته وقد ذهبتم تصمدون للمسيح من دون الله وتقصدونه فى حوائجكم ؟ بل صارت أكثر طوائفكم تقصد أم الله أو من تعتقدون فيهم القداسة بدلاً من أن تقصد الصمد عز وجل ؟!

«
لم يلد » تنفى عن الله أنه تولد عنه شىء بأى طرق الولادة عنى السفهاء .. فأين أنتم من ذلك وقد زعمتم له ابناً بأى معنى سفيه للبنوة شئتم ؟! .. ثم زعمتم انبثاقاً منه بروح قدس ؟! .. فأى هراء وأى وثنية تنسبونها للأحد الصمد !

«
لم يولد » تنفى أن يكون الله قد نتج عن شىء .. فأين أنتم من ذلك وقد زعمتم أن ربكم الثانى قد نتج عن الأول ؟!

«
ولم يكن له كفواً أحد » تنفى أن يكون هناك نظير أو ند أو معادل لله .. فأين أنتم من ذلك وقد زعمتم أن له نظيراً مساوياً له فى الألوهية والقدرة والعظمة ثم سويتم بهما ثالثاً فى كل ذلك ؟!

فأين أنتم من كل هذا التوحيد والتنزيه وعقولكم غارقة فى غياهب الوثنية المظلمة ؟!

من أجل ذلك كان من أسماء هذه السورة ( المقشقشة ) ! .. لأنها ( تقشقش ) أمثالكم من وثنيتهم !

 

 

 

بواسطة : islam sun نقلا عن الأخ متعلم