الأخوة الأحبة .....
السلام عليكم
ورحمة الله , وبعــــــــد
فأسأل الله
العلي القدير أن يوفقكم في دفاعكم عن معتقدكم ,
ومعتقـدنا إن شـاء الله تبارك وتعالى ..كما أسأل العلي
القديـــــر أن
يجزي الأخ ساري ( أبو تراب) خيرا و يزيده من فضله ..
وبعد أن قرأت
الكلام عن عصمة الأنبياء , عنّت لي بعض الأسئلة وددت أن
تجيبوا عنها ,
وقد وضعتها هنا في نفس صفحة الموضوع علها أن تكــون نافعة لقارئه كذلك
..
أولا :
سألني صديق دراسة
نصراني علمت أنه جادل كثيرا من المسلمين , وهو حسن الخلق , مملوء بالروح زكريا
بطرس , وقد قلت له ذلك عندما تكلم عن التغطيس أنه يمتليء بالروح القدس أني لا أجد
إلا روح زكريا بطرس . سألني لم عصمة الأنبياء فأجبته مجيدا منكرا لما يعتقدونه في
الأنبياء . فقال : إذن هم ليسوا مخيرين بل مسيرين ؟
وكان السؤال
غريبا عني قليلا فاجتهدت وهذا ما قلته : إن
الله تعالى لا يسير المصطفى من خلقه إذ يعصمه , ولكنه يسبب له الأسباب
المانعة له من أن يقع في الخطأ المعصوم عنه . من ذلك قول
النبي صلى الله
عليه وسلـم : ( أدبني ربي فأحسن تأديبي ) , ومنه ما سببه ليوسف عليه السلام
من برهان أبعد عنه خاطر الهم بامرأة العزيز . انتهى
أرجو أن توضحوا الصواب
من القول في هذا أو العلة في كلامي ..
قرأت كتاب ابن
حزم (الفصل في الملل والأهــواء والنحل) , وبخاصة ما يعني عصمة
الأنبياء عليهم السلام , وقد لاحظت أنه يتكلم في
الكتاب عن ابي محمد ( ابن حــزم ) بصيغة الغائب , فمن
الناقل إلينا ؟
, ثم لم سمي ظاهريا ؟ وما الظاهريــــــة ؟
ثانيا : الكلام في
ءادم – عليه السلام -
: في الشبهة
الثانية التي جاءت حول آدم عليه السلام فقالوا إن القرآن قد أقر بتوريث الخطيئة
مستدلين بقوله تعالى ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ
بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ)) و لقول رسول الله (ص) فى الحديث: (فجحد فجحدت ذريته ونسي آدم فنسيت
ذريته وخطئ آدم فخطئت ذريته) ... فزعموا أن الله أخذ الميثاق من أدم نيابة عن ذريته،و
أن الحديث يفيد توريث الخطيئة !
قالوا : قد ذهب
المعتزلة إلى غير ذلك , ، ولكن ردّ عليهم الشيخ
الشعراني فقال: إن المعتزلة زعموا أن معنى الآية
المتقدمة هو أنه
أخذ بعضهم من ظهر بعض بالتناسل في الدنيا إلى يوم القيامة، وأنه ليس
هناك أخذ عهد ولا ميثاق حقيقة، وأن المراد بالعهد والميثاق هو إرسال الرسل, ولا يخفى
ما في هذا المذهب من الخطأ, وكيف يصحّ للمعتزلة هذا القول؟ ومعظم الاعتقاد في إثبات
الحشر والنشر مبنيّ على هذه المسألة, والذي يظهر لي أنهم أنكروا ذلك فراراً من
غموض مسائل هذا البحث، فَرَضوا بالجهل عوضاً عن العلم, والحق أن الله أخذ عليهم العهد
في ظهر آدم حقيقة، لأنه على كل شيء قدير . انتهى
قلت : لا أعرف
أولا هذا الشيخ الشعراني , وإن كان من أهل
السنة أم لا ... وودت لو أن من نقل عنه قد
أخبرنا عن
المصدر , أو وضح الشيخ قولته : ( ولا يخفى ما في هذا المذهب من الخطأ ) , بالدليل
و الشرح .. وكما هو ظاهر في كلامه أنه يثبت أخذ العهد , و يقول أن معظم الاعتقاد
في إثبات الحشر والنشر مبني على هذه المسألة , فما المسألة هذه ؟ ... الخ
ويضيف النصراني
: وقد دافع علماء الاسلام عن آدم بقولهم إنه وقع في هذه
المعصية قبل
النبوّة قال محيي الدين ابن العربي: عصى من كان في ظهره من ذريته، الذين
هم أهل الشقاء، لأن ظهره كان كالسفينة لسائر أولاده .....
وكالعادة لا
يقدم الدليل , فقال قوله عن علماء الإسلام ولم ينسبه إلى أحدهم .. ومن هو محيي الدين
ابن العربي وما شأن قوله هذا ؟
: قالوا : أما
خطية آدم كما ورد في التوراة، فهي أن الله
نهاه عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، فخالف
واستوجب الموت
في جهنم، لأن كل نفس تخطئ موتاً تموت، لاستلزام عدل الله ذلك ... انتهى
لا أدري عن أي
عدل يتكلم أن يحاسب آدم بأكله من تلك الشجرة وهو لا
يعرف الخير من
الشر أصلا !!!
وقد ذكر في أول
المقال أن الادعاء أن الكتاب المقدس نسب للأنبياء الكفر
والفسق وغيرهما افتراء محض، فهم منزهون عن الكفر والكذب,
إنهم معصومون عن
كل عيب ونقص في إبلاغ ما أوحي إليهم ... فهنا خلط عصمتهم في إبلاغ الوحي
بعصمتهم في أفعالهم ... وقد نفى عنهم الكفر والفسق , فكيف لا يكون هذا كفر من آدم
وقد استوجب الموت في جهنـم ؟
ثالثا:الكلام في
نوح – عليه السلام- .
قال : اعترض المعترض
الغير مؤمن على وقوع نوح في السُّكر، واستشهد بما ورد في التكوين : " و كان بنو
نوح الذين خرجوا من الفلك ساماً و حاماً و يافث. و حام هو أبو كنعان , هؤلاء الثلاثة
هم بنو نوح , و من هؤلاء الثلاثة تشعبت الأرض ,و ابتدأ نوح يكون فلاحاً و غرس
كرماً و شرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خباءه, فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه , و
أخبر أخويه خارجاً ,فأخذ سام و يافث الرداء و وضعاه على أكتافهما و مشيا إلى الوراء
, و سترا عورة أبيهما ,و وجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهما, فلما استيقظ
نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير فقال: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لأخوته"
تكوين 18:9-25
قلت : أستغرب من
غرق شيخ الأنبياء في السكر وليست خطيّة تحسب , والكاتب قد
أخبرنا أن الخمر حلال في المسيحية إلا ما يسكر .
وقد أورد رد
الاعتراض شبيها بما جاء في ردود منيس عبد النور , وهي إن شاء الله
والردود عليها في مشروع تفنيد الكتاب المقدس , سفر التكوين , الأصحاح التاسع .
لكنه زاد فيها
ما يكون شبهة حول إسلامنا الحق . من ذلك شرب الرسول صلى
الله عليه وسلم
الخمر مع أصحابه , وفي ذلك مقالة رائعة للأستاذ أبي بكر أتمنى لو يوضع
الرابط إليها . وزاد كلاما , قال : وذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد أن الله حرم
خمر العنب تعبّداً لا لعلة الإسكار، ولا لأنها رجس، ولو كان كذلك لما أحلَّها الله
للأنبياء المتقدمين السالفين، ولا شربها نوح بعد خروجه من السفينة، ولا عيسى ليلة
رُفع، ولا شربها أصحاب محمد في صدر الإسلام, ورووا أن سفيان الثوري كان يشرب النبيذ
الصلب الذي تحمّر منه وجنتاه(العقد الفريد - ابن عبد ربه ج 8). انتهى
وأورد شبهة حول
العقيدة الإسلامية أن فيها الابن يؤاخذ بذنب أبيه :
الأبناء يُؤخذون
بذنوب آبائهم: من العقائد الإسلامية المهمة أن الابن يؤخذ
بذنب أبيه, ورد
في الحديث: يا داود، أنا الله الودود, أنا الله ذو بكة، آخذ الأبناء بما
فعله الجدود , وورد في الأنفال 8:25 : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة
يعني تتعدى إليكم جميعاً، وتصل إلى الصالح والطالح, وأراد بالفتنة الابتلاء والاختبار,
وقال ابن عباس: أمر الله عز وجل المؤمنين أن لا يقرّوا المنكر بين أظهرهم
فيعمّهم الله بالعذاب، فيصيب الظالم وغير الظالم , ومن الأحاديث: إن الله لا يعذب
العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا
ينكرونه فإذا فعل ذلك عذب الله العامة والخاصة , وقال ابن الأثير في الأصول إن محمداً
قال: إذا خلت الخطيئة في الأرض، كان مَن شهدها فأنكرها كمَن غاب عنها، ومن غاب
عنها فرضيها كمَن شهدها , قال علماؤهم: فإن قلت ظاهر قوله 'واتقوا فتنة لا تصيبن
الذين ظلموا منكم خاصة ` يشمل الظالم وغير الظالم، فكيف يليق برحمة الله وكرمه
أن يوصّل الفتنة إلى من لم يذنب؟ قلت: إنه تعالى مالك الملك وخالق الخلق، وهم عبيده
وفي ملكه، يتصرف فيهم كيف يشاء، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فيحسن منه على
سبيل المالكية، أو لأنه تعالى علم اشتمال ذلك على أنواع من أنواع المصلحة .. ابن
حزم: إن قوله: ليس للإنسان إلا ما سعى (النجم 53:39) نُسخت بقوله: والذين آمنوا واتبعتهم
ذريتهم بإيمان (الطور 52:21) فيجعل الولد الطفل يوم القيامة في ميزان أبيه،
ويشفع الله الآباء في الأبناء والأبناء في الآباء .. وجرت العادة أنه إذا اقترف
الأب ذنباً نُسب إلى ابنه مع أنه لم يفعله حقيقة، لكنه كان يقتدي بأبيه، فإن من
شابه أباه فما ظلم، كان كأنه فعل ذنبه, كان محمد يشنّع في يهود عصره ويتهمهم بأنهم
عبدوا العجل، مع أن آباءهم هم الذين عبدوه، فقال: إن الذين اتخذوا العجل، سينالهم
غضبٌ من ربهم وذلة في الحياة الدنيا (الأعراف 7:152), (القرطبي في تفسير البقرة
2:76), فقال علماء المسلمين: المراد بالذين اتخذوا العجل اليهود الذين كانوا في
زمن محمد قال ابن عباس: هم الذين أدركوا النبي، وآباؤهم هم الذين عبدوا العجل , وقال
عطية العوفي: سينال أولاد الذين عبدوا العجل وهم الذين كانوا على عهد محمد, وأراد
بالغضب والذلة ما أصاب بني النضير وبني قريظة من القتل والجلاء .
وعلى هذا
القول ففي تقرير الآية وجهان:
(1) تُعيِّر
العرب الأبناء بقبائح أفعال الأباء كما تفعل ذلك في
المناقب، فتقول للأبناء: فعلتم كذا وفعلتم كذا وإنما فعل
ذلك من مضى من
آبائهم, فكذلك هنا وُصف اليهود الذين كانوا على زمن محمد بأنهم اتخذوا
العجل، وإن كان آباؤهم فعلوا ذلك, ثم حكم على اليهود الذين كانوا في زمنه بأنهم
سينالهم غضب من ربهم في الآخرة وذِلة في الحياة الدنيا
(2) أن تكون الآية
من باب حذف المضاف، والمعنى أن الذين اتخذوا العجل وباشروا عبادته سينال أولادهم
الغضب، ثم حُذف المضاف لدلالة الكلام عليه (الرازي في تفسير الأعراف 7:152),
وعلى هذا القياس
اقترف حام الخطيئة فلعن نوح كنعان ابن حام لأنه كان
شريراً مثل
والده, فالله العادل الحكيم العليم لا يظلم أحداً، بل وسيجازي كل إنسان حسب
عمله خيراً كان أم شراً, لقد كان كنعان شريراً استوجب اللعنة . ........ انتهت الشبهة
من كلامه .
رابعا : الكلام في إبراهيم
- عليه السلام –
قال رادا على
الاتهام لإبراهيم بتقديم زوجته سارة إلى فرعون :
قال المعترض
الغير مؤمن : ورد في سفر التكوين12:10-20 أن
إبراهيم لما دخل
أرض مصر قال عن زوجته إنها أخته لأنه خاف أن يقتله المصريون بسببها،
فطلب منها أن تقول إنها أخته ليكون له خير بسببها وتحيا نفسه من أجلها فأخبروا
فرعون عنها فصنع إلى أبرام خيراً بسببها، وصار له غنم وبقر وحمير فضرب الرب فرعون
وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي فاستدعى فرعون أبرام ووبخه على عمله، وأعطاه زوجته
(إلى آخر ما هو مذكور في هذا الأصحاح), ولا يليق بخليل الله أبي الأنبياء وصفوة
الأمناء أن يرضى بترك حريمه ويسلّمها للغير
وللرد نقول: قول
إبراهيم عن سارة إنها أخته قول صدق، لأنها أخته
من أبيه فقط, وكان يجوز في تلك العصور
القديمة
الاقتران بغير الشقيقات, ولم تكن غايته اقتناء المواشي والأتن، كما ادَّعى المعترض
الغير مؤمن ، بل كانت غايته النجاة من جور ملوك ذلك الزمان، لأنه قال: أخاف أن
المصريين يقتلونني بسببك، فقولي إنك أختي فيستبقونني ولا يقتلونني , ولا ننكر أنه
قال ذلك لضعف الطبيعة البشرية، فالله هو الكامل وحده، والنقص ملازم لكل إنسان مهما
كان, أما الخير الذي حصل له فلم يكن مقصوداً بالذات، ولم تنسب إليه التوراة غير
هذه الكذبة، وكذبة أخرى, ولكن تكلم الكتاب المقدس عن عظمة تقواه وقوة إيمانه، وقال
إنه أبو المؤمنين وغير ذلك ..
خامسا : الكلام في لوط عليه السلام
يقول : أنكر
المعترض الغير مؤمن وقوع الخطأ من ابنتي لوط، لما أسكرتا
أباهما واضطجعتا معه، ولم يعلم باضطجاعهما ولا بقيامهما،
وقال: إنها
دسيسة في الكتب السماوية, وطلب الاستفهام عن الغرض من ذكر هذه القصة
وللرد نقول:
لنوضح ظروف لوط وابنتيه:
كان لوط في
الجبل، فتوهمت ابنتاه أنه سينقطع نسلهما لأن
الله أهلك سدوم وعمورة بأهلهما، ففعلتا ما فعلتاه
فالسُّكر هو سبب
هذا الشر الفظيع، والرب أراد أن ينفرنا منه بالأمثلة التي تقشعر منها
الأبدان والمعروف أنه إذا سكر الإنسان تاه عن الصواب، وكان والمجنون واحداً, قال
أبو حنيفة: حدّ السُّكر أن يصير الإنسان لا يعرف السماء من الأرض، ولا الطول من العرض،
ولا المرأة من الرجل , فلا عجب إذا لم يدر لوط بما فعله في حالة سكره لأنه لم
يشعر بعمله ولا بشرِّه .
فالسكران لا
يدري ما فعل، ولكن إذا استفاق وجب عليه التوبة ولوط فعل ما فعله
وهو لا يدري، ولما استفاق تاب وندم، وشهد له الكتاب
المقدس بأنه كان
باراً تقياً والمؤمن إذا وقع في خطيئة لا يهدأ باله إلا إذا تخلَّص منها،
فخطيئته تكون مثل غبار أو قذى في عينه لا يرتاح إلا إذا خرج منها، بخلاف الشرير
الذي يجد ارتياحاً ولذة في فجوره مثل قوم لوط، فلما أنذرهم المرة بعد الأخرى لم
يكترثوا بنصيحته، ولم تؤثر فيهم مواعظه، فعاقبهم الله، وحافظ على هذا البار, وعلَّمنا
بهذا المثال الامتناع عن السكر فانه يجرّس وينجس ويفلس ويوقع في الإشراك والهلاك
.
قلت : أعيد
أسئلة تقول : كيف يمكن لإبنتى لوط أن تسقياه الخمر أتم
ذلك باستعمال
القوة ام باختياره؟ و إن كان بإختياره فكيف يمكن لذلك النبى التقى أن ينغمس
فى الشرب إلى الدرجة التى يغيب عقله فيها تماماً من السكر؟! أم أنه تم ربطه و سقايته
بالإكراه؟ و كيف يمكن لمن وصل إلى هذه الدرجة من السكر أن يمارس الجماع و هذا
محال؟ ثم كيف يتكرر نفس التصرف فى اليوم الثانى الم يتعظ من اليلة السابقة؟ إن كان
هدف الابنتين صالحاً فلماذا لم يقره الأب و هو نبى ملهم بدلاً من أن تضطرا إلى خداعه
و ارتكاب هذه الفاحشة المقيتة؟
فإذا كان لوط
السكران ما يدري ما فعله أو فعل به في الليلة الأولى ,
ألم يعلم بروح النبوة التي لعن بها نوح كنعان بن حام , أن ذلك حصل له وأنه سيحصل
ثانية تلك الليلة فيمتنع عن السكر ليصير معربدا زانيا ؟
ولم يعلمنا هذا
المثال أيها المدعي إلا النجس , فإذا كان الأنبياء يقعون في الكبائر
فنحن أولى بها , ولا مانع من أن نتوب بعد ذلك كما فعل لوط ونصبح أيضا من الأخيار
!!
وهذا يطابق
كلامك فاذا كان هذا حال خليل الله، أو كما قال
المعترض الغير مؤمن أبو الأنبياء وصفوة الأمناء ،
فلا عجب إذا وقع إسحق في ذات هذه الخطية ، فلم يقو
على التجربة
لضعف الطبيعة البشرية كما قلنا ولم تُذكر هذه القصص إلا لتعلمنا وجوب التيقّظ،
لأن إبليس عدونا كأسد يود افتراسنا, فإذا لم يحفظنا الله بنعمته ويرعانا بقوته
نسقط في شر الخطايا ..)
قلت : نعم , ولا
عجب إذا وقعنا جميعا إذا كان النبي إسحاق قد وقع فيها ومن
قبلهه خليل الله .. وتقول أن هذه القصص تذكر لتعلمنا
التيقظ , فإذا
كانت ( فشنك) لم تعلم النبي إسحاق ولا يعقوب ولا لوط ولا غيرهم من الأنبياء
, فأحرى بنا الغفلة وعدم التعلم والفهم ..
كف عن الكلام
الفارغ الغير مقبول , وعن مناقضة ما تدعيه أنت
لما يدعيه كتابك فقد مللت .
سادسا : المسيح
عليه السلام
قال – ومنكم
الرد إن شاء الله - :
استقبح المعترض
الغير مؤمن أن بعض جدود المسيح لم يكونوا
منزهين عن الخطأ فقال إن عوبيد بن لوط هو جد
لداود واسم أمه
راعوث، وإنها كانت موآبية، وإن رحبعام بن سليمان من أجداد المسيح واسم
أمه نعمة، وهي عمونية من أولاد بني عمّي بن لوط, ورحبعام جد المسيح، مع أن بن عمّي
من أولاد الزنا, وأنه كان لا يجوز للموآبي والعموني الدخول في جماعة الرب، وأنهم
إذا قالوا إن اعتبار النسب بالآباء لا بالأمهات، فيكون ترجيحاً بلا مرجِّح
وللرد نقول: إذا
نظرنا إلى الطبيعة البشرية رأينا أن آدم أبا البشرية خالف
أمر الله وطُرد
من الجنة، وإبراهيم أبا الأنبياء كذب ثلاث كذبات حسب قول محمد، وقِسْ
على ذلك غيره فاتَّخذ المسيح من هذه الطبيعة الفاسدة جسداً ليصلحها ويرفع شأنها،
فلا عجب إذا كان في سلسلة نسَبه مَنْ أخطأ خطايا فاحشة ولا يُقدَح في وجود بعض
الموآبيين في سلسلة المسيح، فالأساس هو الإيمان بالله الحي فيا له من إيمان حقيقي
ظهرت نفحاته بالأعمال الصالحة أما قوله إنه كان لا يجوز للموآبي الدخول في جماعة
الرب، قلنا: هذا إذا كان باقياً على إلحاده وكفره، أما إذا آمن فإنه يصبح مقبولًا،
لأنه ليس عند الله محاباة
حال أبوي محمد
وعشيرته: ورغم تنقيب المعترض الغير مؤمن في صفات
الأفاضل الذين اتخذ منهم المسيح الطبيعة البشرية، فإنه
لم يجد أن أحدهم
أشرك بالله, وهذا بخلاف أبوي محمد وعمه وعشيرته، فقد كانوا مشركين قال
العلماء: والشِرك بالله أكبر الكبائر، لقوله: إن الشرك لظلم عظيم, ويليه القتل بغير
حق , ورد في النساء 4:48 : إن الله لا يغفر أن يُشرَك به، ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيمًا وفي (عدد 116): ومن يشرك بالله فقد ضل
ضلالًا بعيداً روي عن أبي ذر أنه قال: أتيتُ محمداً وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته
وقد استيقظ فقال:'ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة
` قلت:'وإن زنى وإن سرق؟` قال: 'وإن زنى وإن سرق`, قلت:'وإن زنى وإن سرق؟` قال:'وإن
زنى وإن سرق`, قلت:'وإن زنى وإن سرق؟` قال:'وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي
ذر` (مشكاة المصابيح تحقيق الألباني - حديث رقم 26),
إذاً الشرك من
أعظم الكبائر التي لا تُغفر، ولكن الله يغفر
ما دون ذلك وما نُسب إلى بعض الأفاضل من
جدود المسيح من
الخطايا هو من الهفوات والزلات التي لم يقووا على مقاومتها، بل كانت شديدة
فغلبتهم، ولكنهم تابوا وندموا واستغفروا الله أما الشرك بالله فهو أعظم الآثام
ويستوجب صاحبه جهنم النار، وقد كان والدا محمد مشركَيْن، ولما طلب محمد من الله
ان يغفر لهما لم يُجَبْ إلى طلبه ورد في التوبة 9:113 : ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبيَّن لهم أنهم أصحاب الجحيم
وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبيَّن له أنه عدو
لله تبرّأ منه ذهب المفسرون إلى أن هذه العبارة نزلت في شأن أبي طالب عم محمد، وهو
والد علي، وفي والد محمد وأمه، فإن محمداً أراد أن يستغفر لهم بعد موتهم، فنهاه الله
عن ذلك (أسباب النزول للسيوطي - سبب نزول التوبة 9:113),
استغفار محمد لأمه:
قال أبو هريرة وبريدة: لما قدم محمد مكة أتى قبر أمه آمنة فوقف حتى حميت الشمس
رجاء أن يُؤذَن له فيستغفر لها، فنزلت: وما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا
للمشركين وروى الطبري وابن الجوزي عن بريدة، قال كل واحد منهما إن محمداً مرَّ
بقبر أمه فتوضأ وصلى ركعتين ثم بكى، فبكى الناس لبكائه ثم إنصرف اليهم فقالوا: ما
أبكاك؟ قال: مررت بقبر أمي فصليت ركعتين، فاستأذنت ربي أن استغفر لها فنُهيت، فبكيت
ثم عدت فصليت ركعتين، فاستأذنت ربي أن أستغفر لها، فزُجرت زجراً، فأبكاني ثم دعا
براحلته فركبها، فما سار إلا هنيهة حتى قامت الناقة لثقل الوحي، فنزلت : ما كان للنبي
والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى (أسباب النزول للنيسابوري
- سبب نزول التوبة 113),
استغفار محمد
لأبيه: وجاء أيضاً في أسباب النزول لجلال الدين
السيوطي عن سبب نزول التوبة 113 : قال قتادة، قال محمد:
لأستغفرنَّ لأبي
كما استغفر ابراهيم لأبيه فنزلت هذه العبارة, وروى الطبري بسنده عنه،
قال: ذكر لنا أن رجالًا من أصحاب الرسول قالوا: يا نبي الله، إن من آبائنا من كان
يُحسِن الجوار ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال محمد:
بلى، والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه فنزلت: ما كان للنبي والذين
آمنوا أن يستغفروا للمشركين ثم اعتذر الله عن إبراهيم حسب قولهم، فقال: وما كان
استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه (التوبة 9:114),
فالآيات القرآنية
والأحاديث الصحيحة ناطقة بأن أبا محمد وأمه وعمه كانوا مشركين، ونهاية كل مشرك
جهنم النار ولما حاول أن يستغفر لهم نُهي عن ذلك وزُجر زجراً أبكاه أما استغفار
إبراهيم لوالديه فكان عن موعدة وعدها الله له، حسب كلامهم والمؤكد أنه لا شفاعة
بعد الموت، فيُجازى كل إنسان حسب عمله، فالكافر مقره جهنم والمؤمن في النعيم الدائم،
وعلماء المسلمين مسلِّمون بوجود والدي محمد في النار, وقال بعضهم: إنه لا يبعد
أن يكون الله أقامهما من الموت ليؤمنا ثم أماتهما، وهي خرافة ونقول: إذا كان الله
زجر محمداً عن الاستغفار لهما، فكيف يقيمهما؟ إن أبوي محمد هما في النار حسب شهادة
القرآن، وشتان بين أبويه وجدوده الوثنيين، وبين العذراء القديسة مريم، وجدود المسيح
- حسب الجسد - من أنبياء وملوك، مثل إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، وداود، وسليمان،
الذين اشتهروا بالتقوى الحقيقية ومعرفة الله الحي، وعندهم الكتب المقدسة والوحي
الإلهي ولا عجب اذا وقع بعضهم في معصية ثم تابوا واستغفروا الله لأنهم بشر، والطبيعة
البشرية تميل إلى الانحراف, والمسيح أتى واتخذ جسداً من هذه الطبيعة البشرية
ليرفع قَدْرها كما قلنا .
.......... انتهى ............
سابعا : إخــوة
يوسف – عليه السلام –
قال رادا
الاعتراض والكلام عليه لحضراتكم إن شاء الله :
قال المعترض
الغير مؤمن : ورد في التكوين 35:22 : وحدث إذْ كان إسرائيل
ساكناً في تلك
الأرض أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سُريَّة أبيه, وسمع إسرائيل , ومع
ذلك لم يَجْر الحدّ والتعزير على رأوبين ,
وللرد نقول: من
جهة الحد والتعزير فقد لعنه أبوه، ولم
ينس خطيئته وهو مشرف على الموت (تكوين 4) ورأوبين هذا
لم يكن نبياً
ولا رسولًا, نعم لا يُنكر أن أباه كان من المشهورين بالإيمان والتقوى، ولكن
النار قد تخلّف الرماد فخلف آدم قايين، وخلف نوح حسب قولهم كنعان وهو شرير, والحقيقة
هي أنه خلف حاماً ولم يكن تقياً, ونسب القرآن إلى رأوبين الغدر بأخيه كما ورد
في يوسف 12: 8 ، 9 ..
قلت : أما ما
فعله إخوة يوسف فقد قال أبو محمد في
الفصل في الملل
والأهواء والنحل :
قال أبو محمد :
واحتجوا بفعل أخوة يوسف وبيعهم أخاهم وكذبهم لأبيهم ,
وهذا لا حجة لهم فيه لأن أخوة يوسف عليه السلام لم
يكونوا أنبياء
ولا جاء قط في أنهم أنبياء نص لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا من إجماع
ولا من قول أحد من الصحابة رضي الله عنهم . وأما يوسف صلى الله عليه وسلم فرسول
الله بنص القرآن قال عز وجل " لقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم
في شك مما جاءكم به " إلى قوله
" من بعده رسولا " وأما أخوته فأفعالهم تشهد أنهم لم
يكونوا متورعين عن العظائم فكيف أن يكونوا أنبياء. ولكن الرسولين أباهم وأخاهم قد
استغفرا لهم وأسقطا التثريب عنهم . وبرهان ما ذكرنا من كذب من يزعم أنهم كانوا أنبياء
قول الله تعالى حاكياً عن الرسول أخيهم عليه السلام أنه قال لهم " أنتم
شر مكاناً " ولا يجوز البتة أن يقول
نبي من الأنبياء نعم ولا لقوم صالحين إذ توقير
الأنبياء فرض
على جميع الناس لأن الصالحين ليسوا شراً مكانا . وقد عق ابن نوح أباه بأكثر
مما عق به أخوة يوسف أباهم إلا أن أخوة يوسف لم يكفروا ولا يحل لمسلم أن يدخل في
الأنبياء من لم يأت نص ولا إجماع أو نقل كافة بصحة نبوته ولا فرق بين التصديق بنبوة
من ليس نبياً وبين التكذيب بنبوة من صحت نبوته منهم .. فإن ذكروا في ذلك ما روى
عن بعض الصحابة رضي الله عنهم وهو زيد بن أرقم إنما مات إبراهيم بن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاد الأنبياء أنبياء
فهذه غفلة شديدة وزلة عالم من وجوه أولها أنه دعوى لا دليل على صحتها وثانيها
أنه لو كان ما ذكر لأمكن أن ينبأ إبراهيم في المهد كما نبئ عيسى عليه السلام
وكما أوتي يحيى الحكم صبيا فعلى هذا القول لعل إبراهيم كان نبيا وقد عاش عامين
غير شهرين وحاشا لله من هذا وثالثها أن ولد نوح كان كافراً بنص القرآن عمل عملا
غير صالح فلو كان أولاد الأنبياء أنبياء لكان هذا الكافر المسخوط عليه نبياً وحاشا
لله من هذا ورابعها لو كان ذلك لوجب ولا بد أن تكون اليهود كلهم أنبياء إلى اليوم
بل جميع أهل الأرض أنبياء لأنه يلزم أن يكون الكل من ولد آدم لصلبه أنبياء لأن
أباهم نبي وأولاد أولاده أنبياء أيضاً لأن آباءهم أنبياء وهم أولاد أنبياء وهكذا
أبداً حتى يبلغ الأمر إلينا وفي هذا من الكفر لمن قامت عليه الحجة وثبت عليه ما
لا خفاء به وبالله تعالى التوفيق.
ويقول أبو محمد
: لسنا نقر بنبوة من لم يخبر الله عز وجل بنبوته
ولم ينص رسول الله صلى الله عليه وسلم على نبوته ولا
نقلت الكواف عن
أمثالها نقلاً متصلاً منه إلينا معجزات النبوة عنه ممن كان قبل مبعث النبي
صلى الله عليه وسلم بل ندفع نبوة من قام البرهان على بطلان نبوته لأن تصديق نبوة
من هذه صفته افتراء على الله تعالى لا يقدم عليه مسلم ولا ندفع نبوة من جاء القرآن
بأن الله تعالى نبأه ..
ثامنا : الكلام
في هارون عليه السلام
قال – والرد
منكم إن شاء الله - :
قال المعترض
الغير مؤمن : ورد في الخروج 32:4 أن هرون صوَّر العجل وعَبَده وأمر
بني إسرائيل بعبادته
وللرد نقول:
افترى المعترض الغير مؤمن على هرون،
فقد ورد في خروج
32 أنه لما رأى بنو إسرائيل أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمعوا
على هرون وألزموه على عمل صنم \يسير أمامهم فقال لهم: انزعوا أقراط الذهب التي
في آذانكم وكانت غايته صرفهم عن ذلك، إذ لا شيء أعزّ عند المرأة من حليّها، فكان
يظن أن نساءهم يبخلن بحليهن فلا يتحقق هذا الطلب, وكان مقصوده أيضاً اكتساب مُهلة
الى أن يرجع موسى، فقد عجز هارون عن مقاومتهم بالقوة ولكن لم يتحقق ظنه، فأخذ الحلي
وصوَّرها بالإزميل، فقالوا: هذه آلهتك يا اسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر
وقد ذكر القرآن
هذه القصة في سورة البقرة والأعراف وطه وغيرها، فقال: لما
رأى موسى من هرون
خور العزيمة لعنه وجرَّه من شعر رأسه ومن لحيته واعتذر له هرون بأن
قال له: إنهم استضعفوني وخفت أن يقتلوني, ومرة قال: أنا خفت على بني إسرائيل من التفريق
والتمزيق وصيرورتهم أحزاباً ونكتفي بإيراد بعض الأقوال القرآنية:
1 - ورد في
الأعراف 7: 148 - 151 : واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلًا جسداً له خُوار
ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلًا؟ اتخذوه وكانوا ظالمين ولما سقط في أيديهم
ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا: لئن لم يرحمنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ولما رجع
موسى إلى قومه غضبان أسفاً، قال: بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم؟ وألقى
الألواح، وأخذ برأس أخيه يجرُّه اليه قال ابن أمّ، إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني،
فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين قال: رب اغفر لي ولأخي ,
2 - وورد في طه
20:85 -94 : قال فإنّا قد فتنَّا قومك من بعدك وأضلَّهم
السامري فرجع
موسى إلى قومه غضبان أسِفاً قال: يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً؟ أفطال
عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي؟ قالوا: ما أخلفنا
موعدك بملكنا، ولكنا حُمِّلْنا أوزاراً من زينة القوم فقذفناها، فكذلك ألقى السامري
فأخرج لهم عجلًا جسداً له خوار، فقالوا: هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون
ألا يرجع إليهم قولًا ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً ولقد قال لهم هارون من قبل: يا
قوم إنما فتنتم به، إن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري، قالوا: لن نبرح عليه عاكفين
حتى يرجع إلينا موسى قال: يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن؟ أفعصيت امري؟
قال: يا ابن أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، إني خشيت أن تقول: فرقت بين بني اسرائيل
ولم ترقب قولي
هذه الأقوال تدل
على انه لما عاد موسى من الجبل: (1)
وبخ هرون بقوله:
بئسما خلفتموني من بعدي , (2) كسر موسى الألواح من شدة غيظه, (3) جرَّ
أخاه من شعره وشده من لحيته, (4) اعتذر هارون، فقال: إنهم استضعفوني وكادوا يقتلونني
, (5) توبيخ موسى لهرون بقوله: إذا لم تتبعني قال ابن عباس: أوقد هرون ناراً
وقال اقذفوا ما معكم فيها، وقيل إن هرون مرَّ على السامري وهو يصوغ العجل، فقال
له: ما هذا ؟ قال: أصنع ما ينفع ولا يضر، فادْعُ لي فقال هرون: اللهم أعطه ما سألك
على ما في نفسه فألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل في فم العجل، وقال:
كن عجلًا يخور، فكان كذلك بدعوة هرون فذلك قوله فأخرج لهم عجلًا (الرازي في تفسير
طه 20:88), فلماذا الاعتراض على قصة التوراة، وقد أخذ القرآن هذه القصة منها، وأتى
بالزيادة والنقصان؟ فإن ذكر السامري جَهْل بالتاريخ والجغرافيا، ولا نعلم من أين
أتى هذا السامري! كان الأقرب إلى العقل أن يقول (عوضاً عن السامري) إنه أتى مع بني
إسرائيل مصري عمل لهم العجل أبيس معبود قدماء المصريين، فإن الإسرائيليين كانوا في
سيناء ولم يكونوا وصلوا إلى أرض كنعان، ولم يكن للسامرة اسم ولا رسم فذكر السامري
خطأ ومما يشبه ذلك قوله: تربة حافر فرس جبريل ,
ثم قال إن للعجل خواراً
وجسداً، فمثل هذه الأمور تقع على آذان العارف بحقائق التوراة كخرافات، فأقوال
التوراة هي الصحيحة، وهي تنزيل الحكيم العليم,
.......... انتهى
..........
تاسعا : الكلام في
موسى – عليه السلام –
قال : قال
المعترض الغير مؤمن : زعموا أن موسى استعفى
واستقال من
النبوَّة والرسالة، فاشتد غضب الله عليه حيث قال للرب: أرغب منك يا سيدي أن
ترسل غيري (كما في خروج 4), فكيف يُتصوَّر غضب الله على موسى مع أنه من أنبيائه وأصفيائه،
وغضبه يكون على أعدائه؟ وكذلك حرمانه مع أخيه هرون عن دخول الأرض المقدسة وإعراض
الله عنهما في آخر حياتهما ,
وللرد نقول: ورد
في الخروج 4:10 - 15 أن موسى قال للرب: أنا ثقيل الفم
واللسان فقال الرب: من صنع للإنسان فماً، أو من يصنع
أخرس أو أصم أو
بصيراً أو أعمى؟ أما هو أنا الرب؟ فالآن اذهب, وأنا أكون مع فمك، وأعلّمك
ما تتكلم به , فقال: اسمع أيها السيد، أرسِلْ بيد من ترسل! فحمي غضب الرب على
موسى، وقال: أليس هرون اللاوي أخاك؟ إنه هو يتكلم، وأيضاً ها هو خارج لاستقبالك ,, وأنا الآن مع فمك ومع فمه , فموسى لم يرد التوجُّه الى فرعون لثقل
لسانه، إقراراً بعجزه وتواضعاً منه، ولم يُحجم
عن طاعة أمر ربه,
وقد جاء اعتذار موسى
في القرآن، ففي الشعراء 26:12 -15 قال رب إني أخاف أن يكذبوني ويضيق صدري ولا ينطلق
لساني، فأَرْسل إلى هرون, ولهم عليَّ ذنب، فأخاف أن يقتلوني, قال: كلا فاذهبا بآياتنا،
إنّا معكم مستمعون , هذا يدل على أنه لما أمر الله موسى، اعتذر عن التوجُّه
بسبب العُقدة التي في لسانه، وبأنه قتل أحد المصريين، وطلب من الله أن يرسل
إلى أخيه هرون بأن يبلغ الرسالة، فأخبره الله أنه سيكون معه، وأمره أن يتوجَّه مع
أخيه هرون، وهي قصة مأخوذة من التوراة التي ذكرت أن الله غضب عليه، لأنه كان يجب طاعة
الأمر حالًا وسريعاً، بدون اعتذار ولا إظهار عجز، لأن من يكون الله معه هو في غنى
عن كل شيء, فإذا كان ضعيفاً وكان الله معه صار قوياً، وإذا كان جاهلًا أصبح حكيماً،
وإذا كان ألكن أصبح فصيحاً ................ انتهى
أردت معرفة
هل تتشابه القصة التوراتية مع القرآنية ؟ حيث تذكر الأولى غضبا من الله لا يوجد
في الثانية , وفي الثانية أنه ما استقال من النبوة ولكن طلب أن يعينه الله بأخيه
.
قال شبهة عن موسى
– عليه السلام- :
ورد في الشعراء
26:43 قال لهم موسى:'ألقوا ما أنتم ملقون` , فقال علماء
الإسلام إنه أذن
لهم في السحر، وإظهاره حرام، فيكون إذنه أيضاً حراماً, وأجابوا عنه بعدة
أجوبة منها أن السحر كان جائزاً، وهو جواب في غير محله, ومنها أنه أراد إظهار معجزته
في عصاه وتلقفها لما أفكوه .
قلت : إن
المغالطة والافتراء واضحان جدا , فلم يكن السحرة منه ينتظرون
الإجازة إذ كانوا غير مؤمنين به أصلا . وقوله ألقوا
يعني ابدأوا
لأنهم فاعلوه فاعلوه , ويدل على ذلك قوله : ( ما أنتم ملقون ) . وقد كان
لقاؤه لهم بإذن الله له في يوم مشهود , وأبطل السحر الآثم الذي صنعوه .
ومن علماء
الإسلام أيها المحنك الذين تتكلم عنهم ؟؟؟
قال : ورد
في الأعراف 7:150 ، 151 : ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسِفاً قال: بئسما خلفتموني
من بعدي, أعجلتم أمر ربكم؟ وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجرُّه إليه, قال:
رب اغفر لي ولأخي , فموسى الذي كان مشهوراً بالوداعة والحِلم وقع في ضدهما .
قلت : غضب موسى
هنا محمود يؤجر عليه لأنه غضب لله تعالى كما جاء في الحديث
عن أجر ذلك .
ويكفي في هذا المقام أن نذكر ما نسبوه إلى موسى عليه السلام من تكسير الألواح
ويحاولون إلصاقه بالقرآن .
عاشرا : الكلام في داوود عليه السلام
قال :
قال المعترض
الغير مؤمن : زعموا في حق داود أنه اقترن
بزوجة أوريا الحثي وحمل منها بولد، وأهلك زوجها بالمكر
كما في 2 صموئيل
11 , وأنذَرَه ناثان بموت ابنه، كما في 12:14 ,
وللرد نقول: تشهد
نصوص التوراة بتقوى داود وبطهارة قلبه ومسامحته أعداءه, فقد وقع شاول ألدُّ أعدائه
مرتين في يده وسامحه حتى شهد له عدوه بأنه أبرُّ منه, مع كل ذلك وقع داود في الخطية،
فاشتهى امرأة أوريا وزنى بها، وعرَّض زوجها في ميدان القتال لسلاح العدو فقتله،
فأرسل الله إليه النبي ناثان ليوبخه على هذا العمل الوخيم، وحكى له قصة نعجة الرجل
الفقير، فغضب داود وقال لناثان: حي هو الرب، إنه يُقتل الرجل الفاعل ذلك، ويردّ
النعجة أربعة أضعاف، لأنه فعل هذا الأمر، ولأنه لم يشفق , فقال ناثان لداود: أنت
هو الرجل! قتلت أوريا الحثي بالسيف وأخذت امرأته! والآن لا يفارق السيف بيتك إلى
الأبد، وهأنذا أقيم عليك الشر وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهن لقريبك، فيضطجع مع نسائك
في عين الشمس، لأنك أنت فعلت بالسر، وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام
الشمس , فاستغفر داود عن ذنبه، فأخبره ناثان: الرب قد نقل عنك خطيئتك, لا تموت
, وضرب الرب الولد الذي ولده فمات (2 صموئيل 12),
وورد في سورة ص 38:21-25 : وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع
منهم، قالوا لا تخف, خصمان بغى بعضنا على بعض،
فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط، وأهدنا إلى
سواء الصراط, إن
هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، ولي نعجة واحدة، فقال أكفِلْنيها وعزَّني
في الخطاب, قال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي
بعضهم على بعض، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم, وظن داود أنما فتنَّاه،
فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب، فغفرنا له ذلك ,
أقوال المسلمين في
خطية داود:
قال المفسرون:
كان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام: يوم يقضي
فيه بين الناس،
ويوم يخلو فيه لعبادة ربه، ويوم يخلو فيه لنسائه, وكان له تسع وتسعون
امرأة, وكان فيما يقرأ من الكتب أنه كان يجد فيه فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فلما
وجد ذلك فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب إن الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا
قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم، وافعل بي مثل ما فعلت بهم, فأوحى الله إليه: إن آباءك
ابتلوا ببلايا لم تُبتل بها, ابتُلي إبراهيم بذبح ابنه، وابتُلي إسحاق بذهاب بصره،
وابتُلي يعقوب بحزنه على يوسف، وإنك لم تُبتل من ذلك بشيء, قال: يا رب ابتلني بمثل
ما ابتليتهم به، وأعطني مثل ما أعطيتهم, فأُوحي إليه: إنك مبتلي فاحترس, فمكث بعد
ذلك ما شاء الله أن يمكث، إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة من ذهب، حتى وقع
عند رجليه وهو قائم يصلي، فمدَّ يده ليأخذه، فتنحَّى فتبعه، فتباعد حتى وقع في كوّة،
فذهب ليأخذه، فطار من الكوّة، فنظر أين يقع، فيبعث في أثره, فأبصر امرأة تغتسل
على سطح لها، من أجمل الناس خلقاً، فحانت منها التفاتة فأبصرته، فألقت شعرها فاستترت
به، فزاده ذلك فيها رغبة، فسأل عنها، فأُخبر أن لها زوجاً، وأن زوجها غائب بمسلحة
كذا وكذا, فبعث إلى صاحب المسلحة أن يبعث أهريا إلى عدو كذا وكذا, فبعثه، ففُتح
له, وكتب إليه بذلك، فكتب إليه أيضاً: أن أبعثه إلى عدو كذا وكذا، أشد منهم بأساً,
فبعثه ففُتح له أيضاً, فكتب إلى داود بذلك, فكتب إليه أن أبعثه عدو كذا وكذا،
فبعثه فقُتل المرة الثالثة، وتزوج امرأته,
فلما دخلت عليه
لم تلبث عنده إلا يسيراً حتى بعث الله ملكين في
صورة إنسيين، فطلبا أن يدخلا عليه، فوجداه
في يوم عبادته،
فمنعهما الحرس أن يدخلا، فتسوَّرا عليه المحراب، فما شعر وهو يصلي إذ
هو بهما بين يديه جالسين، ففزع منهما، فقالا: لا تخف (إنما نحن) خصمان بغى بعضنا على
بعض، فاحكم بيننا بالحق ولا تُشطط يقول: لا تخف واهدنا إلى سواء الصراط , إلى عدل
القضاء, فقال: قُّصَا عليَّ قصتكما, فقال أحدهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة
ولي نعجة واحدة، فهو يريد أن يأخذ نعجتي، فيكمل بها نعاجه مئة, فقال للآخر: ما تقول؟
فقال: إن لي تسعاً وتسعين نعجة ولأخي هذا نعجة واحدة، فأنا أريد أن آخذها منه،
فأكمل بها نعاجي مئة, قال: وهو كاره؟ قال: وهو كاره؟ قال: إذاً لا ندعك وذاك, قال:
ما أنت على ذلك بقادر, قال: فإن ذهبت تروم ذلك أو تريد، ضربنا منك هذا وهذا وهذا،
وفسر أسباط طرف الأنف، وأصل الأنف والجبهة, قال: يا داود أنت أحق أن يُضرب منك
هذا وهذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة، ولم يكن لأهريا إلا واحدة، فلم تزل به تعرّضه
للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته, فنظر فلم ير شيئاً، فعرف ما قد وقع فيه، وما
قد ابتُلي به، فخرَّ ساجداً يبكي أربعين يوماً لا يرفع رأسه (الطبري في تفسير سورة
ص 21-25),
وروى البغوي
بإسناد الثعلبي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول
الله يقول إن
داود النبي حين نظر الى المرأة أوصى صاحب البعث فقال:'إذا حضر العدو فقرِّب
فلاناً بين يدي التابوت`, وكان التابوت في ذلك الزمان يُستنصر به، ومن قُدم بين
يدي التابوت لم يرجع حتى يُقتل أو يُهزم عنه الجيش، فقُتل زوج المرأة (الكشاف في
تفسير سورة ص 21-25),
وقال الزمخشري
أيضاً في تفسيره (الكشاف عند تفسير
سورة ص): اتفق
أن داود وقعت عينه إلى امرأة أوريا فأحبها، فسأله النزول له عنها فاستحى
أن يرّده ففعل، فتزوجها وهي أم سليمان، فقيل له إنه مع عِظم منزلتك وكثرة نسائك
لم يكن ينبغي لك أن تسأل رجلًا ليس له إلا إمرأة واحدة النزول عنها لك، بل كان
الواجب مغالبة هواك وقهر نفسك والصبر على ما امتُحنت به , قال ابن عباس وغيره: ان
داود لما دخل عليه المَلَكان فقضى على نفسه، تحوَّلا في صورتهما وعرجا وهما يقولان:
قضى الرجل على نفسه, فعلم داود أنهما قصداه، فسجد، فمكث أربعين ليلة ساجداً حتى
نبت الزرع من دموعه على رأسه، وأكلت الأرض من جبهته وهو يقول في سجوده:'رب، زلَّ
داود زلة أبعد ما بين المشرق والمغرب, رب، إن لم ترحم ضعف داود ولم تغفر ذنبه جعلت
ذنبه حديثاً في الخلق من بعده`, فجاءه جبريل من بعد أربعين ليلة فقال: 'يا داود،
إن الله تعالى قد غفر لك الهمَّ الذي همَمْت به`, فقال:'قد عرفت أن الله عدل لا
يميل، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال:'ربي دمي الذي عند داود؟`, فقال:جبريل:'ما
سألتُ ربك عن ذلك، وإن شئتَ لأفعلن`, قال:'نعم`, فعرج جبريل، وسجد داود
ما شاء الله تعالى, ثم نزل جبريل فقال:'سألتُ الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه،
فقال: قل لداود إن الله تعالى يجمعكما يوم القيامة، فيقول له: هَبْ لي دمك الذي
عند داود، فيقول: هو لك يا رب, فيقول الله تعالى: فان لك في الجنة ما شئت ما اشتهيت
عوضاً عن دمك` ,
ومع ما في هذه
الأقوال من غرابة، إلا أنها تدل على
وقوع داود في
الخطايا, وقد تواترت هذه القصة في أيام الصحابة، واتخذها الأراذل مسوّغاً
لشهواتهم، فزجرهم عليٌّ عن التحدث بها, ولم يكن زجره إنكاراً لحقيقتها بل لصرف
الناس عن الاشتغال بالمثالب, وقال علي: مَنْ حدَّثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص
جلدتُه مائة وستين، وهي حد الفرية على الأنبياء , ورُوي أنه حدث عمر بن عبد العزيز
وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث به وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله
فما ينبغي أن يُلتمس خلافها، وأعظم بأن يُقال غير ذلك, وإن كانت على ما ذكرت وكفَّ
الله عنها سَتْرًا على نبيه، فما ينبغي إظهارها عليه , فقال عمر: لسَمَاعي هذا
الكلام أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس ,
وقالوا إن القصة
التي أتت في القرآن جاءت على طريق التمثيل
والتعريض دون التصريح، لكونها أبلغ في التوبيخ, ولكن
هذه القصة
مذكورة في التوراة ببساطة الحق, وأعرب داود عن توبته في المزمور الحادي والخمسين
فاعترف بخطيئته وتاب وندم
قال المعترض
الغير مؤمن : قال الشيخ السنوسي بعد أن أنكر قصة داود
إن في كتب بني إسرائيل تخليطاً عظيماً لا يليق أن
يُلتفت إليه ,
وللرد نقول: لقد
أعمى التعصب الشيخ السنوسي فلم يذكر ما ورد
في القرآن عن
داود في التسعة وتسعين نعجة، وهو مأخوذ بالحرف الواحد من التوراة, فإنه
لما سقط داود في الخطيئة أتاه النبي ناثان ووبخه، وضرب له هذا المثل كما تقدم ....................... انتهى كلامه
وقد ذكرتم ما
يلي : إن هذه القصة الباطلة مأخوذة من
الإسرائيليات و لم يصح رفع أى شىء منها إلى رسول الله (صلى
الله عليه و
سلم) و المحققون ذهبوا إلى أن قصة داوود ليس فيها خبر صحيح منهم الحافظ إبن
كثير و الداودى و الإمام القاضى عياض و غيرهم فلا عبرة بورودها فى بعض كتب التفسير
خاصة تلك التى كانت تكثر من نقل الإسرائيليات كتفسير الإمام الطبرى ,,,, واستدللتم
بسير الآيات ومقامها في ذلك بأنها في سبليل المدح .
ولكن ما
قدمتم من تفسير لم أره في أي من كتب التفسير , بل منهم من حملها على الإسرائيلية ولم
يذكر خلاف ذلك أو يشر أن ما ذكره غير صحيح , فكيف يمكن قبول ذلك ؟
الحادي عشر :
الكلام في سليمان عليه السلام
كان هذا التفسير
الصحيح الذي ذكرته للآية : الصحيح فى
تفسير الفتنة هو
ما جاء فى الصحيحين ، و اللفظ للبخارى عن أبى هريرة عن النبى (ص) قال:
(( قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا
يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه إن شاء الله فلم يقل ولم تحمل شيئا إلا واحدا
ساقطا أحد شقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو قالها لجاهدوا في سبيل
الله)).
فهذا هو المتعين
فى تفسير الأية بالحديث الصحيح الشريف، و فتنة
سليمان هكذا ما
كانت إلا لعدم قوله "إن شاء الله" بيد أنه ما أراد الأبناء إلا ليبذلهم
مجاهدين فى سبيل الله رب العالمين و لرفع كلمة التوحيد عالياً، و ما امتنع عن
قولها إلا سهواً و نسياناً كما فى رواية ابن عيينة عن شيخه , وفي رواية معمر قال : " ونسي أن يقول إن شاء الله" ، قال ابن حجر{ومعنى قوله : "
فلم يقل " أي بلسانه لا أنه أبى أن يفوض إلى الله
بل كان ذلك ثابتا في قلبه , لكنه اكتفى بذلك أولا ونسي
أن يجريه على
لسانه لما قيل له لشيء عرض له } .
فهل الجسد الذي
ألقي على كرسيه عليه السلام هو ذلك الواحد
الساقط أحد شقيه ؟ يقول ابو محمد : وأما الجسد
الملقى على
كرسيه فقد أصاب الله تعالى به ما أراد نؤمن بهذا كما هو ونقول صدق الله عز
وجل كل من عند الله ربنا ولو جاء نص صحيح في القرآن أو عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بتفسير هذا الجسد ما هو لقلنا به فإذا لم يأت بتفسيره ما هو نص ولا خبر صحيح
فلا يحل لأحد القول بالظن الذي هو أكذب الحديث في ذلك فيكون كاذباً على الله عز
وجل إلا أننا لا نشك البتة في بطلان قول من قال أنه كان جنيا تصور بصورته بل نقطع
على أنه كذب والله تعالى لا يهتك ستر رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الهتك وكذلك
نبعد قول من قال أنه كان ولداً له أرسله إلى السحاب ليربيه فسليمان عليه السلام
كان أعلم من أن يربي ابنه بغير ما طبع الله عز وجل بنية البشر عليه من اللبن والطعام
وهذه كلها خرافات موضوعة مكذوبة لم يصح اسنادها قط .. انتهى
قلتم : (و ما
كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا) فنفى الله الكفر عن
نبيه الكريم، و
لكن الخبثاء أبوا إلا جدالاً فادعوا أن هذه الأية تنفى الكفر عن سليمان
فى هذا الموضع دون غيره. إن هذه جهالة متوقعة ممن لا يفقهون القرأن ، فالقاعدة
الأصولية هى ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).
ولكن يبدو أن المفسرين
يجهلون هذه القاعدة , فجميعهم نفى بها عنه كفر السحر فقط .
الجلالين : {
وما كفر سليمان } أي لم يعمل السحر لأنه
كفر
القرطبي : قوله
تعالى{وما كفر سليمان} تبرئة من الله لسليمان ولم
يتقدم في الآية
أن أحدا نسبه إلى الكفر، ولكن اليهود نسبته إلى السحر، ولكن لما كان السحر
كفرا صار بمنزلة من نسبه إلى الكفر ..
انتهى الكلام
كله ...... وأعتذر بشدة عن الإطالة والنقل , ولا
يمكنني أن أضع الموضوع أجزاءا لعدم
توفر إمكانية
الدخول إلى الانترنت إلا قليلا ......
أسأل الله العلي القدير
أن يوفقكم في رد الشبهات ولإظهار الحق ... وهو الموفق
ابنكم / كاينـد
|