بطلان دعوى المسيحيين للتوحيد مع إيمانهم بالتثليث 

اعلم أيها القارىء الكريم ان النصارى يؤمنون بالثالوث ، إلا انهم يدعون التوحيد وأن هذا الثالوث هو إلهاً واحداً ، إلا ان دعواهم للتوحيد هي دعوى باطلة وانهم متناقضون في ذلك تناقضاً واضحاً فهم في الحقيقية مثلثون لا موحدون .

ذلك ان تعليم الدين المسيحي الذي تقدمه الكنائس ويقوله المسيحيون هو :

1 _ الآب إله

2 _ الابن إله

3 _ الروح القدس إله

ولكنهم ليسوا ثلاثة بل إله واحد !!

ويقولون :

1_ الآب كلي القدرة

2_ الابن كلي القدرة

3_ الروح القدس كلي القدرة

ولكنهم ليسوا ثلاثة كليين القدرة بل إله واحد كلي القدرة !!

ويقولون :

1_ الآب له دور

2_ الابن له دور

3_ الروح القدس له دور

إلا انهم ليسوا ثلاثة بل إله واحد !

ونحن نسأل المسيحيين أي لغة هي التي تخاطبون بها البشر ؟!

وإذا كان أقنوم الأب متصف بالالوهية والكمال المطلق والقدرة على كل شيىء فما فائدة أقنوم الابن ؟

وإذا كان أقنوم الابن متصف بالالوهية والكمال المطلق والقدرة على كل شيىء فما فائدة أقنوم الأب ؟

وإذا كان أقنوم الروح القدس متصف بالالوهية والكمال المطلق والقدرة على كل شيىء فما فائدة أقنوم الأب والابن ؟

وإذا كان أقنوم الأب إله خالق _ وأقنوم الابن إله خالق _ وأقنوم الروح القدس إله خالق _ فهل خلقوا العالم مجتمعين واجتماع مؤثرين على أثر واحد باطل فكيف إذا كانوا ثلاثــة ؟ !

عندما يقول المسيحيون باسم الآب والابن والروح القدس نقول لهم :

انها ثلاث صور ذهنية متمايزة ، فعندما يقول شخص ما : آب فإنه بالطبع لا يعني الابن ، وعندما يقول : ابن فإنه بالطبع لا يعني آب . . .

ان قولكم الله الآب والله الابن والله الروح القدس هو أمر واضح بأن هذه ثلاثة آلهه وواضح فيها التعدد و لا يحتاج الأمر إلى القول بأنها إله واحد ، وإن أبسط قواعد اللغة العربية وأعتقد أن كل لغات العالم على نمط أن الواو التي للعطف تقتضي المغايرة وأن التغاير والتوحيد نقيضان لايجتمعان ولكن المسيحيين عندما يجمعون بين النقيضين يقولون إن هذا هو منتهى كمال الإله !؟ فأي كمال يجمع بين النقيضين ؟!

ان الجمع (1+1+1=3) لا يؤيد أن الثالوث واحد ، لذا قد يلجأ المسيحيين لتبرير ذلك، بضرب كل إله بالآخر حيث أن (1×1×1=1) ، وهذا فاسد وباطل من وجهين :

الأول : لأن الثالوث يقضي بتمايز واستقلال الأقانيم ، فليس أقنوم كل إله هو الآخر. كما ان لكل اقنوم دور خاص به وجميع الطوائف المسيحية تعتقد بأن كل اقنوم من الاقانيم الثلاثة متميز عن الاقنومين الآخرين وبالتالي عملية ضرب كل إله بنفسه فاسدة.

الثاني : انه لا يمكن الاستشهاد على وحدانية الثالوث عن طريق ضرب الرقم بنفسه ثلاث مرات ( 1 × 1 × 1 ) لأنك إذا ضربت واحد في نفسه 30 مرة يكون الناتج أيضاً واحد وإذا ضربت واحد في نفسه 1000 مرة يكون الناتج واحد وبالتالي لا يصح للنصارى أن يبرهنوا على ثالوثهم بهذه الطريقة لأنها طريقة تشهد لكل الأعداد وليس لثالوثهم المزعوم ، وبالتالي  لو أراد شخص ان يثبت ان الله واحد في خمسة وخمسة في واحد ما عليه الا ان يقول ( 1 × 1 × 1 × 1 × 1 = 1 ) ‍!!  والضلال يسوق إلى ضلال، فكما جعلوا الله أقانيم ووجوهاً، كذلك أقنموا ودمجوا المسيح [هل هو ناسوت أم لاهوت، أم دمج الاثنين أو فصلهما] . فمنهم من جعلوه اثنين ( طبيعتين: ناسوتاً ولاهوتاً ) ، ومنهم من رأى أن تثنية المسيح ( طبيعتين ) تقسيم وفصل له ، فقالوا المسيح واحد ( طبيعة واحدة ) ومنهم من استأصل المشكلة فجعل المسيح ناسوتاً فحسب ورفض ألوهيته لأنه ولد من بطن مريم وهي بشر مخلوق ، والمخلوق لا يلد خالقه . .

وقفة قصيرة مع عوض سمعان :

يقول الاستاذ عوض سمعان وهو أحد الكتاب الباحثين في المسيحية في كتابه الله بين الفلسفة والمسيحية : (( إن الأقانيم مع تميز أحدها عن الآخر في الأقنومية هم واحد في الجوهر بكل صفاته وخصائصه ومميزاته ))

إن الاستاذ عوض سمعان أراد أن يوضح وظائف الأقانيم فوقع في تناقض فاحش فقد قال بتميز الاقانيم أحدها عن الآخر ، ثم قال هم واحد في الجوهر بكل صفاته وخصائصه ومميزاته !

فكيف يتميزون ولا يتميزون يا استاذ عوض ؟!

ثم كيف تكون ثلاثة ذوات متميزة كل واحدة منها عن الآخر ثم امتزجوا وكونوا إلهاً واحداً !

وهل ذكرت كلمة أقنوم اساساً في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد أم إنكم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟!!

هل هذا كلام عقلاء أم هو ضرب من الخيال المخدوع ؟!

إننا نقول للمسيحيين خاطبوا العقول قبل مخاطبة العواطف لأن العواطف أحكامها متقلبة .

تذكـر :

وإنه لمن التذكرة أن نقول إن التثليث لم يكن معروفاً لدى المسيحيين قبل 300 عام على الأقل من ميلاد المسيح فهي فكرة دخيلة على المسيحية ، ولقد كتبت دائرة معارف لاروس الفرنسية ( أنسكلوبيدية ) للقرن التاسع عشر في موضوع التوحيد والتثليث ما يلي :

(( عقيدة التثليث ، وإن لم تكن موجودة في كتب العهد الجديد ، ولا في أعمال الآباء الرسوليين ، ولا عند تلاميذهم الاقربين _ إلا أن الكنيسة الكاثوليكية ، والمذهب البروتستانتي التقليدي ، يدعيان أن عقيدة التثليث كانت مقبولة عند المسيحيين في كل زمان ، رغماً عن أدلة التاريخ الذي يرينا كيف ظهرت هذه العقيدة ، وكيف تمت وكيف تعلقت بها الكنسية بعد ذلك .

وتقول الدائرة :

(( وكان الشأن في تلك العصور أن عقيدة إنسانية المسيح كانت غالبة طيلة مدة تكون الكنيسة الأولى من اليهود المتنصرين ، فإن الناصريين سكان مدينة الناصرة وجميع الفرق النصرانية التي تكونت من اليهودية ، أعتقدت بأن المسيح إنسان بحت ، مؤيد بالروح القدس وما كان أحدهم يتهمهم إذ ذاك بأنهم مبتدعون وملحدون ، فكان في القرن الثاني في الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن المسيح هو المسيح ، ويعتبرونه إنساناً بحتاً ، وإن كان أرقى من غيره من الناس ، وحدث بعد ذلك أنه كلما نما عدد من تنصر من الوثنيين ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل ))

( انتهى كلام دائرة المعارف الفرنسية )

وتعترف الموسوعة الكاثوليكية المعترف بها رسمياً في أوساط الكنسية بأن التثليث لم يكن معروفاً للمسيحيين الأوليين وأن هذا المبدأ قد تمت صياغته في الربع الأخير من القرن الرابع الميلادي ، فجاء فيها :

(( نجد من الصعب في النصف الثاني من القرن العشرين أن نقدم تفسيراً واضحاً وموضوعياً لأصل سر الثالوث المقدس وتطوره المذهبي وتفسيراته اللاهوتية . فمناقشة الثالوث تمثل ظلاً من الغموض غير مستقر سواء كانت على مستوى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية أو غيرها.))

وفي موضع آخر تقول الموسوعة الكاثوليكية :

(( إن صيغة الإله الواحد في ذوات ثلاثة لم تترسخ في الحياة المسيحية والممارسات الدينية قبل نهاية القرن الرابع هذه الصيغة هي التي اخذت في البداية اسم مبدأ التثليث ولا نجد لدى الآباء الحواريين أية فكرة أو تصور مشابه من قريب أو بعيد ))

ومما يتقدم يتبين لنا أن الأصل في الديانة المسيحية ، هو التوحيد ، وأن المسيح لم يأت لينقض هذا الأساس بل جاء ليقرره ويؤكده ، فهو لم يأت لينقض الناموس الذي جاء به موسى عليه السلام ، بل جاء مكملاً له كما قال في متى [ 5 : 17 ] .

أيها القارىء الكريم : 

إن ذات الله وصفاته الكمالية أزلية غير متأثرة بالزمان والمكان والأشخاص ، فلو كان التثليث هو التوحيد الحقيقي للرب ، لكان من الواجب على موسى عليه السلام صاحب التوراة _ الذي على شريعته كان المسيح عليه السلام _ أن يبين هذا التثليث ويبين لاهوت المسيح المنتظر ، لئلا يقع الناس في الكفر والضلال لأن الرب ليس إله تشويش . . . . 

عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس

يقول بعض المسيحيين إن تمسكهم بالتثليث راجع إلي ما ورد في إنجيل متى [28 : 19 ] من قول المسيح لتلامذته : (( فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ))

ونحن نسأل :

هل هذه العبارة تفيد الانسلاخ من التوحيد إلي التثليث ؟

إن هذه العبارة ( على فرض صحة نسبتها للمسيح ) فإنها لا تفيد أدنى دلالة على فهم المسيحيين من ان الله الواحد الأحد الفرد الصمد هو ثلاثة أقانيم بل هي صريحة في أن كل واحد من هذه الثلاثة هو غير الآخر تماماً لأن العطف يقتضي المغايرة ، والمعنى السليم للنص هو :

عمدوهم باسم كل واحد من هذه الثلاثة المتغايرة :

( أ ) فالآب _ هو الله _ وهو أب لكل الانبياء والاولياء والمرسلين والقديسين ، بل ولعموم المؤمنين ، كما هو مصرح في الانجيل أيضاً .

( ب ) والابن _ الذي يراد به المسيح _ أطلق أيضاً على إسرائيل وداود وسليمان ، كما أطلق على كل صالح وكل صانع للسلام ومنقاد للرب ، يقول بولس : (( لأن كل الذين ينقادون بروح الله هم ابناء الله )) [ رومية 8 : 14 ]

( ج ) وأما الروح القدس فهو ذلك الوحي الذي ينزل على المسيح وعلى أمثاله من الانبياء مأيداً لهم بأمر الله .

والمعنى المستفاد من النص المذكور والذي لا يصح أن يفهم سواه هو الآتــي :

عمدوا الأمم وعلموا أبناءها :

باسم الآب : أي الله الواحد

وباسم الابن : أي المسيح رسول الله

وباسم الروح القدس : أي الوحي الذي نزل على المسيح عليه السلام وعلى من قبله من الانبياء والمرسلين .

ولا شك أن التعميد ليس باسم تلاميذ المسيح وإنما هو باسم أركان الدين المقومين له ، وهم :

( أ  ) الله سبحانه وتعالى المعبر عنه بالآب .

( ب ) والرسول المعبر عنه بالابن .

( ج ) وجبريل المعبر عنه بالروح القدس .

( أ  ) فيكون معنى الاعتماد باسم الله هو :

الاعتراف بأنه لا إله غيره وحده لا شريك له .

( ب )  ويكون معنى الاعتماد باسم المسيح هو :

الاعتراف به نبياً ورسولاً من عند الله لشعب اليهودية ومن تبعهم .

( ج ) ويكون معنى الاعتماد باسم الروح القدس هو :

الاعتراف بأنه سفير الوحي الالهي الذي كان ينزل بالوحي وبالاوامر الالهية .

ومما لاجدال فيه أن الاعتماد هو باسم الله عزوجل على الحقيقة ، وأما الاعتماد باسم المسيح عليه السلام فهو مجاز نسب إليه لكونه واسطة في هداية الناس المعتمدين منه .

1_ فالمسيح نفسه ما عمل الاعمال العجيبة ، وشرع هذا الدين الجديد باسم نفسه قط ، بل باسم الله سبحانه وتعالى كما قال في إنجيل يوحنا [ 10 : 25 ] :

(( الاعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي ))

وكما قال في إنجيل يوحنا أيضاً [ 5 : 43 ] :

(( أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلوا مني . إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه ، كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجد بعضكم من بعض والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه ))

أيها القارىء الكريم إن هذه الأقوال تثبت أن مجيىء المسيح للناس معلماً ومشرعاً ليس من نفسه ، بل باسم الله سبحانه وتعالى ، أي أن ذلك كله منسوب لله على الحقيقة ، فهو سبحانه وتعالى مصدره .

2 _ وكذلك الحال بالنسبة للأعجوبات التي كان المسيح يعملها كان يعملها باسم الله ، أي بقوة الله .

3 _ وإذا كان إتيان المسيح لم يكن باسم نفسه والأعمال التي يعملها والاعاجيب التي كان يقوم بها ، لم تكن باسم نفسه ، فمن باب أولى : لا يكون اعتماد الناس باسم المسيح بالمعنى الحقيقي ، بل بالمعنى المجازي لكونه واسطة فيه .

عوده