هل العهد القديم كلمة اللـه ؟؟


السابع عشر : تناقضات التوراة

التناسق الداخلي شرط لصحة نسبة الكتاب لله عز وجل ، فالكتاب الذي يكذب بعضه بعضاً ، لا يمكن اعتباره كتاباً مقدساً ، كما لا يمكن اعتبار بقيته مقدساً، إذ وجود الكذب في بعضه يطرح الشك في مصدره الكاذب. { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً }.

والتناقضات التوراتية كثيرة، ومن هذه التناقضات : التناقض في وصف أشياء محسوسة محددة، أو أخبار تاريخية معينة ذكرت في أكثر من موضع في أسفار التوراة، ولم يتنبه الكتبة الملهمون إلى ناقضهم مع نصوص سابقة :

- ومنه أنه جاء في سفر الأيام وصف دقيق للمذبح النحاسي الذي صنعه سليمان، ومما جاء في وصفه أنه " يسع ثلاثة آلاف بث " ( الأيام (2) 4/5 ).

وكان سفر الملوك قد أورد وصفاً دقيقاً للمذبح يتطابق مع ما جاء في سفر الأيام غير أن سعة المذبح تختلف بنسبة 33% إذ جاء فيه " يسع ألفي بث " ( ملوك (1) 7/26 ) فهل نسي الروح القدس ما كان أملاه أم ماذا سبب هذا التفاوت ؟

- ويذكر سفر الملوك أن لسليمان " أربعون ألف مذود لخيل مركباته واثنا عشر ألف فارس " ( ملوك (1) 4/26 ).

لكنه ناقض سفر الأيام ، وفيه " كان لسليمان " أربعة ألاف مذود خيل ومركبات، واثنا عشر ألف فارس " ( أيام (2) 9/25 ) .

- ويقص سفر صموئيل عن حرب أرام مع بني إسرائيل، فيقول: " وقتل داود من أرام سبعمائة مركبة ، وأربعين ألف فارس " ( صموئيل (2) 10/18 )

ثم أعادت التوراة ذكر حرب إسرائيل مع أرام فقال كاتب سفر الأيام: " وهرب أرام من أمام إسرائيل ، وقتل داود من أرام سبعة آلاف مركبة وأربعين ألف راجل " (الأيام (1) 19/18 )

وبين السفرين تناقض واضح في نقطتين :

الأول : كم عدد المراكب التي قتلها جيش إسرائيل هل 700 أم 7000 ، ولم يوضح لنا السفر كيف تقتل المراكب ؟ ولعله أراد من فيها .

الثاني : هل كان القتلى من الفرسان أم المشاة ؟ فكيف لم يفرق الملهِم بين الفرسان والمشاة ؟

- ويتحدث سفر صموئيل عن أن داود قد أمره الرب " قائلاً: امض وأحصي إسرائيل ويهوذا " ففعل داود " فكان إسرائيل ثمانمائة ألف رجل ذي بأس مستل السيف(800 ألف)، ورجال يهوذا خمسمائة ألف رجل "(500 ألف) .

ثم إن داود ندم على إحصائه بني إسرائيل وقال للرب: " لقد أخطأت جداً في ما فعلت ، والآن يا رب أزل إثم عبدك " مع أنه امتثل للأمر تماماً.

ثم أمر الله جاد النبي أن يبلغ داود عقوبة الله له ، وأن الله يخيره بين أمور " أتأتي عليك سبع سني جوع في أرضك ؟ أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك ؟ أم يكون ثلاثة أيام وباء في أرضك ؟ فالآن اعرف وانظر ماذا أرد جواباً على مرسلي "( صموئيل (2) 24/1 - 13) .

ويختلف سفر الأيام في رواية القصة ذاتها عن سفر صموئيل فيقول: " ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى داود ليحصي إسرائيل.... فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى داود فكان كل إسرائيل ألف ألف ومئة ألف رجل (مليون ومائة ألف) مستلّي السيف، ويهوذا أربع مئة وسبعين ألف رجل مستلّي السيف(470 ألف)،... وقبح في عيني الله هذا الأمر فضرب إسرائيل.

فقال داود لله: لقد أخطأت جداً حيث عملت هذا الأمر، والآن أزل إثم عبدك لأني سفهت جداً. فكلم الرب جاد رائي داود وقال: اذهب وكلم داود قائلاً: هكذا قال الرب: ثلاثة أنا عارض عليك، فاختر لنفسك واحدا منها فافعله بك... إما ثلاث سنين جوع أو ثلاثة أشهر هلاك أمام مضايقيك وسيف أعدائك يدركك، أو ثلاثة أيام يكون فيها سيف الرب ووبأ في الأرض وملاك الرب يعثو في كل تخوم إسرائيل.فانظر الآن ماذا أرد جواباً لمرسلي". (الأيام (1) 21/1 - 12) .

فقد تناقض النصان في أمور :

1) من الذي أمر بإحصاء بني إسرائيل الرب أم الشيطان ؟ وكما يقول العلامة ديدات: " فإن الشيطان والرب ليسا مصطلحين مترادفين في أي الديانات " .

2 ) أعداد بني إسرائيل، ففي سفر صموئيل كان رجال إسرائيل 800000 وفي الأيام أضحوا 1.100000 . وفي صموئيل كان رجال يهوذا 500000 رجل ، فجعلهم سفر الأيام 470000 رجل، فأي السفرين أرقامه صحيحة ؟

3) وهل كانت العقوبة التي خير داود ثلاث سنين جوع أم سبع سنين .

- ويذكر سفر عزرا قائمة طويلة بأعداد العائدين من السبي من كل قبيلة، ومنهم بنو عادين، فيذكر أن " بنو عادين أربع مئة وأربعة وخمسون" (عزرا 2/115).

وهو ما يناقض القائمة التي يقدمها الملك نحميا للعائدين من السبي، إذ يقول: " بنو عادين ست مئة وخمسة وخمسون" (نحميا 6/15)، فأحدهما خطأ ولا محالة، والذي يخطئ بمثل هذه المسائل البسيطة لا يؤمن عليه الخطأ في المسائل اللاهوتية والهامة الأخرى.

ومن الأخبار التوراتية المتناقضة :

- أنه جاء في سفر الملوك " كان أخزيا ابن اثنين وعشرين سنة حين ملك وملك سنة واحدة " ( ملوك (2) 8/26 ).

وفي سفر الأيام ما يناقضه: " كان أخزيا ابن اثنتين وأربعين سنة حين ملك، وملك سنة واحدة" ( الأيام (2) 22/2 ) .

وما جاء في الأيام خطأ ولا ريب، إذ أن يهورام الملك والد أخزيا قد مات وعمره أربعون سنة، وتولى الحكم بعده ابنه أخزيا ، فلا يمكن أن يكون عمر ابنه أخزيا حينذاك اثنين وأربعين سنة .

- ومثله وقع الخطأ في عمر يهوياكين الذي ملك بني إسرائيل ، فقد جاء في سفر الملوك " كان يهوياكين ابن ثمان عشرة سنة حين ملك، وملك ثلاثة أشهر في أورشليم "(ملوك(2)24/8).

وفي سفر الأيام ما ينقضه ولا سبيل إلى الجمع، إذ يقول: " كان يهوياكين ابن ثمان سنين حين ملك، وملك ثلاثة أشهر وعشرة أيام في أورشليم" ( الأيام (2) 26/9 ) .

- ويذكر سفر صموئيل أنه " ولد لأبشالوم ثلاثة بنين وبنت واحدة اسمها ثامار ، وكانت امرأة جميلة المنظر " ( صموئيل (2) 14/27 ).

وفي سفر الملوك يذكر ابنة أخرى غير ثامار الوحيدة ، فيقول : " معكة ابنة أبشالوم"( ملوك (1) 15/1 ) فكيف زعم سفر صموئيل أنها وحيدة ؟

- يذكر سفر الأيام أن رحبعام أحب معكة ابنة ابشالوم، وأنها ولدت له أبيا " وأقام رحبعام أبيا ابن معكة رأساً وقائداً " ( الأيام (2) 11/22 ) فمعكة بنت أبشالوم أم أبيا.

لكنه في نفس السفر يقول: " ملك أبيا على يهوذا ، ملك ثلاث سنين في أورشليم ، واسم أمه ميخا بنت أوريئيل من جبعة " ( الأيام (2) 13/1 - 2 ) فقد تغير اسم أمه من معكة بنت أبشالوم إلى ميخا بنت أوريئيل؟ ولا يمكن أن تكون كلتاهما أمه.

ثم يعود سفر الملوك فيأتي بالعجب وهو يتحدث عن أسا بن أبيام (أبيا) الذي ملك بعد أبيه (انظر ملوك (1) 15/8 )، فيقول السفر عن أسا " ملك آسا على يهوذا ، ملك إحدى وأربعين سنة في أورشليم ، واسم أمه معكة ابنة أبشالوم " ( ملوك (1) 15/9 - 10 ).

فأصبحت معكة زوجة أبيام حسب سفر الملوك ، وأما لابنه آسا ، بينما رأيناها في سفر الأيام أماً لأبيام "أبيا ابن معكة " ( الأيام (2) 11/22 ) ، فهل هي زوجة أبيا وأم أبنائه أم أمه؟ ولا يمكن أن تكون الاثنين معاً

- ومن التناقضات التي وقع بها كتاب التوراة أنه جاء في سفر الملوك أن الله وعد داود فقال " ويكون لداود ونسله وبيته وكرسيه سلام إلى الأبد " ( ملوك (1) 2/33).

لكن في سفر صموئيل ما ينقض ذلك تماماً، فقد قال له الله: " والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد ، لأنك احتقرتني ، وأخذت امرأة أوريا الحثي ". ( صموئيل (2) 12/10).

- و من التناقضات أنه جاء في سفر التكوين في الإصحاح السادس أن البهائم التي نجت مع نوح اثنين اثنين، من كل ما يدب على الأرض " فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك. ومن كل حيّ من كل ذي جسد اثنين، من كلّ تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك.تكون ذكراً وأنثى. من الطيور كأجناسها، ومن البهائم كأجناسها، ومن كل دبابات الأرض كأجناسها.اثنين من كلّ تدخل إليك لاستبقائها" (التكوين 6/20-21).

ثم نقض ذلك في الإصحاح السابع فقال: " وقال الرب لنوح: ادخل أنت وجميع بيتك إلى الفلك.... من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة، ذكراً وأنثى.. ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكراً وأنثى، لاستبقاء نسل على وجه كل الأرض" (التكوين 7/2-3) فما هو الذي أمر بحمله نوح من طيور السماء، هل زوجين، أم سبع أزواج ؟

- ومن التناقض أيضاً تناقض التوراة في مسألة وراثة الذنب ففي سفر الخروج ذكر أن الرب " مفتقد إثم الآباء في الأبناء ، وفي أبناء الأبناء ، في الجيل الثالث والرابع " ( التثنية 34/7 ) فالأبناء يعاقبون بجريرة آبائهم.

وفي سفر حزقيال كذب ذلك فقال: " الابن لا يحمل من إثم أبيه ، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون" ( حزقيال 18/20 ) .

وصدق الله { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } .


 

عودة