العقيـدة
الطحـاوية
المسماة:
للإمام الجليل:
أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحنفي
المصري
المتوفى سنة 321 هجرية
بسـم الله الرحمـن
الرحيـم
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق
الطحاوي بمصر رحمه الله:
هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ،
على مذهب فقهاء الملة ، أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، وأبي يوسف يعقوب بن
إبراهيم الأنصاري ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني ، رضوان الله عليهم أجمعين ، وما يعتقدون
من أصول الدين ، ويدينون به رب العالمين.
نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله:
ـ
إن الله واحد لا شريك له ،
ولا شيء مثله ، ولا شيء يعجزه ، ولا إله غيره ، قديم بلا ابتداء ،
دائم بلا انتهاء ، لا يفنى
ولا يبيد ، ولا يكون إلا ما يريد ، لا تبلغه الأوهام ،
ولا تدركه الأفهام ،
ولا يشبه الأنام
، حي
لا يموت ، قيوم لا ينام ، خالق بلا حاجة ، رازق بلا مؤنة ، مميت بلا مخافة ، باعث بلا مشقة.
ـ
ما زال بصفاته قديما قبل
خلقه ، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته
، وكما كان بصفاته أزليا ،
كذلك لا يزال عليها أبديا.
ـ ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ،
ولا بإحداث البرية استفاد
اسم الباري ، له معنى الربوبية ولا مربوب ،
ومعنى الخالق ولا مخلوق ،
وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا ، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم ، كذلك استحق اسم
الخالق قبل إنشائهم ، ذلك بأنه على كل شيء قدير ،
وكل شيء إليه فقير
، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ).
ـ خلق الخلق بعلمه ، وقدر لهم أقدارا ، وضرب لهم آجالا ، ولم يخف عليه شيء
قبل أن يخلقهم ، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم ، وأمرهم بطاعته ، ونهاهم عن
معصيته ، وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته ، ومشيئته تنفذ لا مشيئة للعباد إلا ما شاء
لهم ، فما شاء لهم كان ، وما لم يشأ لم يكن.
ـ يهدي من يشاء ، ويعصم ويعافي من يشاء فضلا ، ويضل من يشاء ، ويخذل ويبتلي
عدلا ، وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله.
ـ وهو متعال عن الأضداد والأنداد ، لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا
غالب لأمره.
ـ آمنا بذلك كله ، وأيقنا أن كلا من عنده ، وإن محمدا عبده المصطفى ، ونبيه
المجتبى ، ورسوله المرتضى ، وإنه خاتم الأنبياء ، وإمام الأتقياء ، وسيد المرسلين
، وحبيب رب العالمين.
ـ وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى ، وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى
، بالحق والهدى ، وبالنور والضياء.
ـ وأن القران كلام الله ، منه بدأ بلا كيفية قولا ، وأنزله على رسوله وحيا
، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ، ليس
بمخلوق ككلام البرية ، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر ، وقد ذمه الله وعابه
، وأوعده بسقر ، حيث قال تعالى: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ)
، فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ
الْبَشَرِ) ، علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر ، ولا يشبه قول البشر.
ـ ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر ، فمن أبصر هذا اعتبر ، وعن
مثل قول الكفار انزجر ، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.
ـ والرؤية حق لأهل الجنة ، بغير إحاطة ولا كيفية ، كما نطق به كتاب ربنا: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)
، وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلِمَه ، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح
عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال ، ومعناه على ما أراد ، لا ندخل في ذلك
متأولين بآرائنا ، ولا متوهمين بأهوائنا ، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلّم لله عز
وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه.
ـ ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام ، فمن رام علم ما
حُظِر عنه علمه ، ولم يقنع بالتسليم فهمه ، حجبه مرامه عن خالص التوحيد ، وصافي
المعرفة ، وصحيح الإيمان ، فيتذبذب بين الكفر والإيمان ، والتصديق والتكذيب ،
والإقرار والإنكار ، موسوسا تائها ، زائغا شاكا ، لا مؤمنا مصدقا ، ولا جاحدا
مكذبا.
ـ ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم ، أو تأولها
بفهم ، إذ كان تأويل الرؤية ـ وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية ـ بترك التأويل
ولزوم التسليم ، وعليه دين المسلمين.
ـ ومن لم يتوق النفي والتشبيه ، زلّ ولم يصب التنزيه ، فإن ربنا جل وعلا
موصوف بصفات الوحدانية ، منعوت بنعوت الفردانية ، ليس في معناه أحد من البرية.
ـ وتعالى عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه
الجهات الست كسائر المبتدعات.
ـ والمعراج حق ، وقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وعرج بشخصه في
اليقظة إلى السماء ، ثم إلى حيث شاء الله من العلا ، وأكرمه الله بما شاء ، وأوحى
إليه ما أوحى ، (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)
، فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى.
ـ والحوض الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لأمته حق ، والشفاعة التي ادخرها
له حق ، كما روي في الأخبار.
ـ والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق.
ـ وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة ، وعدد من يدخل النار
جملة واحدة ، فلا يزاد في ذلك العدد ، ولا ينقص منه ، وكذلك أفعالهم فيما علم منهم
أن يفعلوه ، وكل ميسر لما خلق له.
ـ والأعمال بالخواتيم ، والسعيد من سعد بقضاء الله ، والشقي من شقي بقضاء
الله.
ـ وأصل القدر سر الله في خلقه ، لم يُطلَع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل ،
والتعمق والنظر في ذلك ذريعة للخذلان ، وسلم للحرمان ، ودرجة الطغيان ، فالحذر كل
الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة ، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ، ونهاهم
عن مرامه ، كما قال تعالى في كتابه: (لا يُسْأَلُ عَمَّا
يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) ، فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ، ومن
رد حكم الكتاب كان من الكافرين.
ـ فهذه جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى ، وهي
درجة الراسخين في العلم ، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود ، وعلم في الخلق
مفقود ، فإنكار العلم الموجود كفر ، وادعاء العلم المفقود كفر ، ولا يثبت الإيمان
إلا بقبول العلم الموجود ، وترك طلب العلم المفقود.
ـ ونؤمن باللوح والقلم ، وبجميع ما فيه
قد رقم ، فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير
كائن لم يقدروا عليه ، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه
كائنا لم يقدروا عليه ، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، وما أخطأ العبد لم
يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه.
ـ وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه ، فقدر ذلك
تقديرا محكما مبرما ، ليس فيه ناقض ولا معقب ، ولا مزيل ولا مغير ، ولا ناقص ولا
زائد من خلقه ، في سماواته وأرضه ، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة ، والاعتراف
بتوحيد الله تعالى وربوبيته ، كما قال تعالى في كتابه: (وَخَلَقَ
كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) ، وقال تعالى: (وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً).
ـ فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما ، وأحضر للنظر فيه قلبا سقيما ،
لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما ، وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما.
ـ والعرش والكرسي حق ، وهو مستغن عن العرش وما دونه ، محيط بكل شيء وفوقه ،
وقد أعجز عن الإحاطة خلقه.
ـ ونقول إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وكلم موسى تكليما ، إيمانا وتصديقا
وتسليما.
ـ ونؤمن بالملائكة والنبيين ، والكتب المنزلة على المرسلين ، ونشهد أنهم
كانوا على الحق المبين.
ـ ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله
عليه وسلم معترفين ، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين.
ـ ولا نخوض في الله ، ولا نماري في دين الله ، ولا نجادل في القران ، ونشهد
أنه كلام رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، فعلمه سيد المرسلين محمدا صلى الله
عليه وسلم ، وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين ، ولا نقول
بخلقه ، ولا نخالف جماعة المسلمين.
ـ ولا نكفر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ، ولا نقول: لا يضر مع
الإيمان ذنب لمن عمله ، نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ، ويدخلهم الجنة
برحمته ، ولا نأمن عليهم ، ولا نشهد لهم بالجنة ، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا
نقنطهم.
ـ والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام ، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة.
ـ ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه.
ـ والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان ، وجميع ما صح عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق ، والإيمان واحد وأهله في أصله
سواء ، والتفاضل بينهم بالخشية والتقى ، ومخالفة الهوى ، وملازمة الأولى.
ـ والمؤمنين كلهم أولياء الرحمن ، وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقران.
ـ والإيمان: هو الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ،
والقدر خيره وشره ، وحلوه ومره من الله تعالى ، ونحن مؤمنون بذلك كله ، لا نفرق
بين أحد من رسله ، ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به.
ـ وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون ، إذا ماتوا
وهم موحدون ، وإن لم يكونوا تائبين ، بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين ، وهم في
مشيئته وحكمه ، إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله ، كما ذكر عز وجل في كتابه: (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا
دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) ، وإن شاء عذبهم في النار بعدله ، ثم يخرجهم
منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ، ثم ببعثهم إلى جنته ، وذلك بأن الله
تعالى تولى أهل معرفته ، ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته ، الذين خابوا من
هدايته ، ولم ينالوا من ولايته ، اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا على الإسلام
حتى نلقاك به.
ـ ونرى الصلاة خلف كل برّ وفاجر من أهل القبلة ، وعلى من مات منهم ، ولا
ننزل أحد منهم جنة ولا نارا ، ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ما لم يظهر
منهم شيء من ذلك ، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى.
ـ ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه
السيف.
ـ ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ، ولا ندعو عليهم ،
ولا ننزع يدا من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ، ما لم يأمروا
بمعصية ، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.
ـ ونتبع السنة والجماعة ، ونتجنب الشذوذ والخلاف والفرقة ، ونحب أهل العدل
والأمانة ، ونُبغض أهل الجور والخيانة.
ـ ونقول: (الله أعلم) فيما اشتبه علينا علمه.
ـ ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر ، كما جاء في الأثر.
ـ والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم إلى قيام
الساعة ، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما.
ـ ونؤمن بالكرام الكاتبين ، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين ، ونؤمن بملك
الموت الموكل بقبض أرواح العالمين ، وبعذاب القبر لمن كان له أهلا ، وسؤال منكر
ونكير في قبره ، عن ربه ودينه ونبيه ، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعن الصحابة رضوان الله عليهم ، والقبر روضة من رياض الجنة ، أو
حفرة من حفر النيران.
ـ ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم
القيامة ، والعرض والحساب ، وقراءة الكتاب ، والثواب والعقاب ، والصراط والميزان.
ـ والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان
أبدا ولا تبيدان ، وأن الله خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلا ، فمن
شاء منهم إلى الجنة فضلا منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه ، وكل يعمل لما قد
فُرّغ له ، وصائر لما قد خلق له.
ـ والخير والشر مقدران على العباد ، والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو
التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به فهي من مع الفعل ، وأما الاستطاعة من جهة
الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات فهي قبل الفعل ، وبها يتعلق الخطاب ، وهو كما
قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا
وُسْعَهَا).
ـ وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد ، ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما
يطيقون ، ولا يطيقون إلا ما كلفهم ، وهو تفسير (لا حول ولا قوة إلا بالله) ، نقول
لا حيلة لأحد ، ولا حركة لأحد ، ولا تحول لأحد عن معصية الله إلا بمعونة الله ،
ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله.
ـ وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه ، وقضاؤه وقدره ، غلبت مشيئته
المشيئات كلها ، وغلب قضاؤه الحيل كلها ، يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبدا ، تقدس
عن كل سوء وحين ، وتنزه عن كل عيب وشين: (لا يُسْأَلُ
عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ).
ـ وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات ، والله تعالى يستجيب الدعوات ،
ويقضي الحاجات ، ويملك كل شيء ولا يملكه شيء ، ولا غنى عن الله طرفة عين ، ومن
استغنى عن الله طرفة عين ، فقد كفر وصار من أهل الحين.
ـ والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى.
ـ ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ،
ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونُبغض من يُبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا
بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.
ـ ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا: لأبي بكر الصديق
رضي الله عنه ، تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة ، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله
عنه ، ثم لعثمان بن عفان رضي الله عنه ، ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهم
الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون.
ـ وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة نشهد
لهم بالجنة ، على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله الحق ، وهم: أبو
بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وعبد الرحمن بن
عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة ، رضي الله عنهم أجمعين.
ـ ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأزواجه
الطاهرات من كل دنس ، وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق.
ـ وعلماء السلف من السابقين ، ومن بعدهم من التابعين ، أهل الخير والأثر ،
وأهل الفقه والنظر ، لا يذكرون إلا بالجميل ، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
ـ ولا نفضل أحدا من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام ، ونقول:
نبي واحد أفضل من جميع الأولياء ، ونؤمن بما جاء من كراماتهم ، وصح عن الثقات من
رواياتهم.
ـ ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ،
ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء ، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها ، وخروج
دابة الأرض من موضعها.
ـ ولا نصدق كاهنا ولا عرافا ، ولا من
يدعي شيئا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ـ ونرى الجماعة حقا وصوابا ، والفرقة زيغا وعذابا.
ـ ودين الله في الأرض والسماء واحد ، وهو دين الإسلام ، قال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ) ، وقال تعالى:
(وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً) ، وهو بين
الغلو والتقصير ، وبين التشبيه والتعطيل ، وبين الجبر والقدر ، وبين الأمن
والإياس.
ـ فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا ، ونحن
براء إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على
الإيمان ، ويختم لنا به ، ويعصمنا من الأهواء المختلفة ، والآراء المتفرقة ،
والمذاهب الردية ، مثل المشبهة ، والمعتزلة ، والجهمية ، والجبرية ، والقدرية ،
وغيرهم ، من الذين خالفوا السنة والجماعة ، وحالفوا الضلالة ، ونحن منهم براء ،
وهم عندنا ضلال وأردياء ، وبالله العصمة والتوفيق.
تم
الكتاب والحمد لله