الفصل الأول
القرآن معجزة الإسلام الخالدة


حفظ الله تعالى للقرآن
إذا أردنا أن نتحقق من  توثيق المصادر السماوية ومدى ثبوتها ، والتأكد بالفعل أن هذه الكتب  التي بين أيدينا والمنسوبة إلى نبي من الأنبياء هو بعينهـا التي نزلت من السماء ، وأن ما فيها هو كلام الله حقا وصدقا ، فهل التوراة الموجودة بأيدي اليهود حاليا هي التي نزلت على موسى u ؟ تشير الدلائل إلى أن التوراة كتبت في ألواح نزلت من السماء وأن الله كتبها بيده ، فقد ورد النص بذكر هذه الألواح في القرآن الكريم والسنة النبوية ، فمن القرآن قوله تعالى : } وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ { (لأعراف:145) وقد ورد في السنة من حديث أبى هُرَيْرَةَ t أن النبي S قَالَ : ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ : أَنْتَ مُوسَى ، اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلامِهِ ، وكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي ؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ S : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ) ([1]) .
وقد ورد ذكر الألواح والنص على وجودها في العهد القديم في عدة مواضع ، كقول كاتب التوراة : " وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى : اصْعَدْ إِلَى الْجَبَلِ وَامْكُثْ هُنَاكَ لأُعْطِيَكَ الْوَصَايَا وَالشَّرَائِعَ الَّتِي كَتَبْتُهَا عَلَى لَوْحَيِ الْحَجَرِ لِتُلَقِّنَهَا لَهُمْ " ([2]) .
وكثير من النصوص الأخرى التي تدل جملة وتفصيلا على وجود ألواح كتبت بيد الله عز وجل ، والسؤال الآن أين هذه الألواح التي نزلت من السماء وتلقاها موسى u عند جبل الطور بسيناء ؟  لن نخوض في المسألة كثيرا ، فقد كُتب في ذلك الكثير من المؤلفات ، لكن ما نؤكده أن التوراة الموجودة الآن باعتراف اليهود ليست هي ألواح موسى u ، وأنها كتبت بعد موته بقرون طويلة على مراحل متعددة ، والأدلة قائمة على أن التوراة التي كتبها أحبار بنى إسرائيل عبر تاريخهم الطويل تعرضت للتغيير والتبديل ، كما قال تعالى : } مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ { (النساء:46)
أما الأناجيل الموجودة بأيدي النصارى اليوم - إنجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا - فهل هي كلام الله الذي أوحاه إلى رسوله عيسى u ؟ أم هي حكاية عن حياته وسرد لقصة وفاته من وجهة نظر كتابها ؟ وأين نسخة الإنجيل الأصلية التي نزلت على عيسى u أو أملاها للحواريين ؟ وهل سمع أصحاب الأناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا هذه الأناجيل من عيسى u سماعا مباشرا ؟ أم وصل إليهم الإنجيل كسند متصل بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة ؟ ([3])
ورد في مقدمة إنجيل لوقا عن السبب في كتابته هذا الإنجيل حيث قال:  
" لَمَّا كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى تَدْوِينِ قِصَّةٍ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمَّتْ بَيْنَنَا كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا أُولئِكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْبَدَايَةِ شُهُودَ عِيَانٍ ثمَّ صَارُوا خُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً بَعْدَمَا تَفَحَّصْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ تَفَحُّصاً دَقِيقاً أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ مُرَتَّبَةً أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسَ لِتَتَأَكَّدَ لَكَ صِحَّةُ الْكَلاَمِ الَّذِي تَلَقَّيْتَهُ " ([4]) ، فالنص يشعر القارئ بأن صاحبه يكتب قصة عن المسيح u سوف يبعث بها كرسالة إلى عزيز لديه .
 وفي مقدمة إنجيل متى : " هَذَا سِجِلُّ نَسَبِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ ، إِبْرَاهِيمُ أَنْجَبَ إِسْحقَ وَإِسْحقُ أَنْجَبَ يَعْقُوبَ وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ وَيَهُوذَا أَنْجَبَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ وَفَارِصُ أَنْجَبَ حَصْرُونَ .. إلى قوله : وَمَتَّانُ أَنْجَبَ يَعْقُوبَ وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ ، فَجُمْلَةُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً " ([5]) ، ويستحيل من سياق النص أن يكون عيسى u هو من نطق بهذا الكلام وسرد للناس نسبه بمثل هذه الصياغة !.
وفي مقدمة إنجيل يوحنا : " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ
اللهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ هُوَ اللهُ هُوَ كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ بِهِ تَكَوَّنَ كُلُّ شَيْءٍ ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَتَكَوَّنْ أَيُّ شَيْءٍ مِمَّا تَكَوَّنَ ، فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ هَذِهِ كَانَتِ نُورَ النَّاسِ ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظَّلاَمِ وَالظَّلاَمُ لَمْ يُدْرِكْ النُّور " ([6]).
وفي مقدمة إنجيل مرقس : " هَذِهِ بَدَايَةُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ كَمَا كُتِبَ فِي كِتَابِ إِشَعْيَاءَ ، هَا أَنَا أُرْسِلُ قُدَّامَكَ رَسُولِي الَّذِي يُعِدُّ لَكَ الطَّرِيقَ ، صَوْتُ مُنَادٍ فِي الْبَرِّيَّةِ أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ وَاجْعَلُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً ، فَقَدْ ظَهَرَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ فِي الْبَرِّيَّةِ يُنَادِي بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ ، وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ جَمِيعاً ، فَكَانُوا يَتَعَمَّدُونَ عَلَى يَدِهِ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ " ([7]) .وهذه النصوص تدل على صدق ما ذكره الإمام القرطبي في أن هذا الكتاب الذي بأيدي النصارى اليوم ليس هو الإنجيل الذي قال الله فيه على لسان رسوله S : } وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ { (آل عمران:3 ، 4) لأن هذا الكتاب قد توافق النصارى على أنه إنما تلقي عن اثنين من الحواريين وهما " متاؤوش ويوحنا " ، وعن اثنين من تلاميذ الحواريين وهما " ماركش ولوقا " ، وأن عيسى u لم يشافههم بكتاب مكتوب عن الله كما فعل موسى u ، ولكن لما رفع الله عيسى u إليه تفرق الحواريون في البلاد والأقاليم كما أمرهم عيسى u ، فكان منهم من كتب بعض سيرة عيسى وبعض معجزاته وبعض أحواله حسب ما تذكر وما يسر الله عليه فيه فربما توارد الأربعة على شيء واحد فحدثوا به ، وربما انفرد بعضهم بزيادة معنى ، وكذلك كثيرا ما يوجد بينهم من اختلاف مساق وتناقض بين قولين ، وزيادة ونقصان ، وهذا واضح من المقارنة بينها ([8]) .
ودعوى النصارى أن هذه الأناجيل كُتبت بإلهام من الروح القدس الذي حَل في هؤلاء الكُتاب دعوة مرفوضة مردودة ، ليس فقط لأن الإلهام بابه مفتوح على مصراعيه لكل مُدعٍ ، ولكن لكون هذه الأناجيل احتوت بالفعل علي بقايا من الإنجيل الحق شُوهَت من خلال سوء النقل وانعدام الضبط وتوجيه الرأي للنصوص ، فلما أدخلت فلسفة الخلاص وبنوة المسيح والقول بالتثليث ، سواء في الذوات المنفصلة أو الذات الواحدة المتلونة في ثلاثة
أنواع - آب وابن وروح قدس - وجه أصحاب هذه المعتقدات ما تبقي في أذهانهم من نصوص الإنجيل الحق كل بحسب وجهته الخاصة التي هو موليها.
أما القرآن - آخر الكتب السماوية - فهو ما زال بوضعه الأول كما نزل على رسول الله S.
يقول المستشرق الفرنسي موريس بوكاي : " صحة النص القرآني المنزل على محمد لا تقبل الجدل ، وتعطى النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل ، ولا يشترك مع نص القرآن في هذه الصحة لا العهد القديم ولا العهد الجديد ، وسبب ذلك أن القرآن قد دون في عصر النبي ، ولم يتعرض النص القرآني لأي تحريف من يوم أن أنزل على الرسول حتى يومنا هذا " ([9]) .
وقد مَيز الله القرآن عن سائر ما سبق من الرسالات بأنه النص الوحيد في العالم حتى عصرنا الحاضر الذي يقرأ بنفس أسلوب الوحي الأول ، بإعجاز تركيبه وبلاغة كلماته ، كَنََظْمٍ معجز يتحدى العالم أجمع أن يأتوا بمثله ، كما قال الله تعالى : } قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً{ (الإسراء:88 ) وقال أيضا : } أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ{ (يونس:38)
كما ميز الله القرآن أيضا بأن تكفل في عليائه بحفظه وبقائه إلى يوم القيامة دون تحريف أو تبديل ، وذلك من خلال أمرين اثنين ورد ذكرهما في التنزيل :
 الأمر الأول : أن الله عز وجل حفظه قرآنا يتلى ومنهجا ثابتا لا يتغير ، فهيأ الأسباب لحفظ القرآن والسنة على الدوام ، فقال تعالى في حفظ منهجه : }إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ { (الحجر:9) فالمسلمون يكتشفون مواقع التغيير في القرآن إذا حدثت سهوا أو عمدا بتلقائية عجيبة ، فلا يستطيع أحد في العالم أن يدرج فيه حرفا واحدا أو كلمة واحدة أو تشكيل مخالف لما هو عليه الآن وإلا قامت الدنيا ولم تقعد .
قال الحافظ الذهبي : " أما القرآن العظيم سوره وآياته ، فمتواتر ولله الحمد ، محفوظ من الله تعالى لا يستطيع أحد أن يبدله ولا يزيد فيه آية ولا جملة مستقلة ، ولو فعل ذلك أحد عمدا لا نسلخ من الدين " ([10]) .
 الأمر الآخر : أن الله حفظ الإسلام واقعا مرئيا ، بوجود من يطبقه على نفسه على مر السنين ، وهؤلاء هم حجة الله على غيرهم من المنحرفين ، فقد يدعى أحدهم أن منهج القرآن منهج مثالي لا يصلح في هذا الزمان ، أو يمكن أن يطبق في مكان دون آخر ، ومن ثم تكفل الله بوجود من يطبق منهج الحق على نفسه في واقعية مستمرة إلى يوم القيامة فقال رسول الله S : ( لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ) ([11]).
الله تعالى يتحدى العالم  الإتيان بمثل القرآن
قد تحدى القرآن الكريم أولئك البلغاء والفصحاء  والناس جميعا أن يأتوا بقرآن مثل هذا القرآن ، وقد مر هذا التحدي بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : تحدى سائر الإنس والجن أن يأتو بمثله ، وأنهم لو اجتمعوا لذلك لعجزوا ، قال تعالى :  } قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً{ (الإسراء:88)
 المرحلة الثانية :تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، قال تعالى : }أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ { (هود:13)
المرحلة الأخيرة : تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة مثله ، وكرر هذا التحدي في موضعين من كتابه ، قال تعالى : }أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{ (يونس:38) وقال تعالى :
 } وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين { (البقرة:23 ،24)
ومع أن العرب أهل بلاغة لم يجرؤ واحدٌ منهم على معارضة القرآن بشيء بل اعترفوا بعلو شأنه ، وعذوبة كلامه ، وحلاوة تعبيراته ، وتفوقه على كل فنون الكلام ، وعلى الشعر والسحر والكهانة ، اعترفوا بذلك وهم أفصح الناس وأكثرهم بلاغة .
ومع ضخامة المؤامرات الدنيئة على القرآن  من الصهيونية والصليبية الحاقدة ومروراً بالماسونية وشبكاتها المدمرة ، والتي استطاعت أن تنال من الكتب السماوية السابقة ، وانتهاء بالنفوس المريضة بين بعض المسلمين ،كل هذه المؤامرات استهدفت القرآن المجيد كما استهدفت التوراة والإنجيل من قبل ، وغيرت فيهما كما يعترف بذلك أبناء وعلماء الديانات المسيحية واليهودية ، بينما نلاحظ القرآن الكريم يقف شامخاً محفوظاً ، وذلك بفعل اليد الغيبية الحافظة له ، وإلاَّ فإن المؤامرة عليه أكبر من دفاع المسلمين عنه ومن حكامهم أن نصبوا أنفسهم حماة لهذا الكتاب الكريم.
أوجه إعجاز القرآن
مما ينفرد به القرآن عن سائر الكتب أنه كتاب معجز بكل ما يحتمله هذا اللفظ من معنى ، فالقرآن أولا وآخرا هو الذي صير العرب رعاة الشاة والغنم ساسة شعوبٍ وقادة أممٍ ، وهذا وحده إعجاز ، والإعجاز : إثبات العجز والعجز : اسم للقصور عن فعل الشيء . وهو ضد القدرة ، وإذا ثبت الإعجاز ظهرت قدرة المعجز([12]).
والإعجاز في القرآن الكريم جاء على وجوه عدة ؛ جاء من جهة اللفظ ومن جهة المعنى ، وجاء من جهة الإخبار ، ومن جهات أخرى ليس هذا مقام تفصيلها  .
1- معجز في ألفاظه وأسلوبه وبلاغته
 للقرآن تأثير عجيب على نفوس قارئيه ومستمعيه فما استمع إليه مستمع إلا أخذ بطريقته ، حتى أشد الناس عداوة له لم يستطيعوا أن يقاوموا الرغبة الملحة التي استولت عليهم في الاستماع إلى القرآن ، فقد ذكر أصحاب السير أن أبا جهل حين جاء يستمع قراءة النبي S من الليل هو وأبا سفيان صخر بن حرب والأخنس بن شريق ولا يشعر أحد منهم بالآخر.([13])
ويقول الوليد بن المغيرة: " إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه "([14])  
قال ابن كثير رحمه الله : " ومن تَدَبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ ، ومن جهة المعنى  ، قال الله تعالى :
 } الركِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ{ (هود :1) فأحكمت ألفاظه ، وفصلت معانيه ،  أو بالعكس على الخلاف ، فكل من لفظه ومعناه فصيح لا يحاذي ولا يداني ، فقد أخبر عن مغيبات ماضية كانت ووقعت طبق ما أخبر سواء بسواء ، وأمر بكل خير ، ونهى عن كل شر ، كما قال تعالى
 } وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً { ( الأنعام :115) أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام ، فكله حق وصدق وعدل وهدى ، ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء كما يوجد في أشعار العرب وغيرهم من الأكاذيب والمجازفات التي لا يحسن شعرهم إلا بها ، كما قيل في الشعر :" إن أعذبه أكذبه "، وتجد القصيدة الطويلة المديدة قد اسْتُعْمِلَ غالبها في وصف النساء  أو الخيل  أو الخمر  أو في مدح شخص معين  أو فرس  أو ناقة  أو حرب أو كائنة أو مخافة  أو سبع  أو شيء من المشاهدات المتعينة التي لا تفيد شيئا إلا قدرة المتكلم المعين على الشيء الخفي أو الدقيق ،  أو إبرازه إلى الشيء الواضح ، ثم تجد له فيه بيتا أو بيتين أو أكثر هي بيوت القصيد وسائرها هَذَرٌ لا طائل تحته ، وأما القرآن فجميعه فصيح في غاية نهايات البلاغة عند من يعرف ذلك تفصيلا وإجمالا ممن فهم كلام العرب وتصاريف التعبير،  فإنه إن تأملت أخباره وجدتها في غاية الحلاوة سواء كانت مبسوطة أو وجيزة ، وسواء تكررت أم لا ، وكلما تكرر حلا وعلا ، لا يخلق عن كثرة الرد ، ولا يَمَل منه العلماء ، وإنْ أخذ في الوعيد والتهديد جاء منه ما تقشعر منه الجبال الصم الراسيات ؛ فما ظنك بالقلوب الفاهمات ، وإن وعد أتى بما يفتح القلوب والآذان ، ويسوق إلى دار السلام ، ومجاورة عرش الرحمن ، كما قال في الترغيب } فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ (السجدة :17) وقال في الترهيب  } أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ { (الإسراء :68) } أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُـورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ{ (الملك: 16، 17) وقال في الزجر } فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ { (العنكبوت:40) وقال في الوعظ } أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ{ (الشعراء : 205: 207) إلى غير ذلك من أنواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة ، وإن جاءت الآيات في الأحكام والأوامر والنواهي اشتملت على الأمر بكل معروف حسن نافع طيب محبوب ، والنهي عن كل قبيح رذيل دنيء ، كما قال ابن مسعود وغيره من السلف : " إذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك فإنها خير يأمر به أو شـر ينهى عنه " ، ولهذا قـال تعالى }يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{
(الأعراف: 157) ، وإن جاءت الآيات في وصف المعاد وما فيه من الأهوال وفي وصف الجنة والنار وما أعد الله فيهما لأوليائه وأعدائه من النعيم والجحيم  والملاذ والعذاب الأليم ، بشرت به وحذرت ، وأنذرت ودعت إلى فعل الخيرات ، واجتناب المنكرات ، وزهدت في الدنيا ورغبت في الآخرة ، وثبتت على الطريقة المثلى ، وهدت إلى صراط الله المستقيم ، وشرعه القويم ، ونفت عن القلوب رجس الشيطان الرجيم ، ولهذا ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ S قَالَ : (مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ أَوْ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ([15]) ولفظ مسلم :(وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا ) ([16]) أي الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن يعارضوه بخلاف غيره من الكتب الإلهية فإنها ليست معجزة عند كثير من العلماء ، والله أعلم. ([17])
وقد مارس أهل العربية فنونها منذ نشأت لغتهم  ، حتى شبت وترعرعت ، وأصبحت في عنفوان شبابها عملاقاً معطاء ، واستظهروا شعرها ونثرها ، وحكمها وأمثالها ، وطاوعهم البيان في أساليب ساحره ، حقيقة ومجازاً ، إيجازاً وإطناباً حديثاً ومقالاً ، وكلما ارتفعت اللغة وتسامت ، وقفت على أعتاب لغة القرآن في إعجازه اللغوي كسيرة صاغرة ، تنحني أمام أسلوبه إجلالاً وخشية .
ولم يعهد تاريخ العربية حقبة من حقبة ازدهرت فيها اللغة ونمت ، إلا تطامن أعلامها وأساتذتها أمام البيان القرآني ، اعترافاً بسموه ، وإدراكاً لأسراره ، وحيثما قلب الإنسان نظره في القرآن ، وجد أسراراً من الإعجاز اللغوي: يجد ذلك في نطاقه الصوتي البديع بجرس حروفه ، حين يسمع حركاتها وسكناتها ، ومداتها وغناتها ، وفواصلها ومقاطعها ، فلا تمل أذنه السماع ، بل لا تفتأ تطلب منه المزيد .
والأمثلة على ذلك أكثر من أن تعد وتحصى ، وسأذكر مثالاً واحداً منها كشاهد على بلاغة المفردة القرآنية : لنقرأ قوله تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ {
(التوبة : 38 ) . ثم لندرس الأداء الفني الذي قامت به لفظه ( اثَّاقَلْتُمْ) بكل ما تكونت به من حروف ، ومن صورة ترتيب هذه الحروف ، ومن حركة التشديد على الحرف اللثوي ( الثاء ) ، والمدَّ بعده ، ثم مجيء القاف الذي هو أحد حروف القلقلة ، ثم التاء المهموسة ، والميم التي تنطبق عليها الشفتان ويخرج صوتها من الأنف ، ألا تجد نظام الحروف ، وصورة أداء الكلمة ذاتها أوحت إلينا بالمعنى ، قبل أن يأتي علينا المعنى من جهة
المعاجم ؟ ألا نلحظ في خيالنا ذلك الجسم المثَّاقل ، يرفعه الرافعون في جهد ، فيسقط في أيديهم في ثقل ، ألا تحس أن البطء في تلفظ الكلمة ذاتها يوحي بالحركة البطيئة التي تكون من المثَّاقل ؟ ولنـجرب أن نبـذل المفردة القرآنية ، ونحل محلها لفظه ( تثاقلتم ) أ نحس أن شيئاً من الخفة والسرعة ، بل والنشاط أوحت به ( تثاقلتم ) بسبب رصف حروفها ، وزوال الشَّدَّة ، وسبق التاء قبل الثاء ؟ إذن فالبلاغة تتم في استعمال (أثَّقلتم ) للمعنى المراد ، ولا تكون في ( تثاقلتم ) .
وهناك أمثلة كثيرة عن المفردة القرآنية ، والآية وصياغتها ، والتشبيه والاستعارة ، والكناية القرآنية والفاصلة وهيكل السورة ، والقصة ،
والمثل ، والقسم ، والإعجاز والإطناب ، والجزالة والرقة ، وما شابه وكلها تؤيد الإعجاز اللغوي الذي ينفرد به أسلوب القرآن .
2- معجز فيما أخبر عنه من أمور الغيب
وهو معجز فيما أخبر عنه من أمور الغيب ، فقد نبأ القرآن الكريم عن أخبار غيبية تحققت بالمستقبل بالشكل الموعود في القرآن الكريم  ، وهذه  أمثلة لتوضيح هذا الجانب من المعجزة الكبرى.
أ) الإخبار بانتصار الروم
قال تعالى : } غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ{ (الروم:2/4) نزلت هذه الآية الكريمة في السنة الثانية للهجرة أي سنة (625 م ) بعدما انهزم جيش الروم المؤمن بالله على يد الفرس - عبدة النار آنذاك - واحتلوا بيت المقدس ، ففرح المشركون في الحجاز بهذا الانتصار
الساحق ، واعتبروه إعلاناً عن انتصار مقبل على المسلمين عندهم ، وهكذا دخل الهم والغم على المسلمين ، وفي هذه  الأثناء نزل الوحي لينبئ عن انتصار الروم على أعدائهم الفرس بعد تضميد جراحهم وإعدادهم من جديد لخوض معركة فاصلة وحاسمة ، وسيكون النصر لهم في بضع سنين يعني أقل من عشر سنوات  وبالفعل تم الانتصار ، وفرح المؤمنون بذلك فهو وعد إلهي غيبي تحقق على الموعد المبرم.
ب) الإخبار بفتح مكة
وتنبأ القرآن العزيز بفتح مكة قبل الفتح ، فقد جاء في سورة الفتح:
 } لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً{ (الفتح :27) وبالفعل تم الانتصار على المشركين وتم فتح مكة بالسنة الثامنة للهجرة ـ بإذنه تعالى ـ وهذا التنبؤ كان يصعب على الناس تصديقه تبعاً للظروف الموضوعية المحيطة بالمسلمين ، بالإضافة إلى الظروف الذاتية غير المتكاملة لشن حرب كاسحة وهجوم كبير ، ومع كل ذلك تم النصر والفتح.
ج) أخبر أنه سيظل محفوظا لا يمس بسوء
فقد أنبأنا الله سبحانه بأن هذا القرآن يبقى كما هو دون أن تستطيع الأيادي الأثيمة أن تنال منه أو تحرفه أو تبدله ، فقال عز وجل: } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون { (الحجر:9)
3 - معجز في تشريعه وصيانته لحقوق الإنسان
وهو معجز في تشريعه وصيانته لحقوق الإنسان ، وتكوين مجتمع مثالي تسعد الدنيا على يديه ، فقد جاء القرآن هداية للناس أجمعين ، واشتمل على أحكام تشريعية تكفل سعادة العباد في الدنيا والآخرة ، وتفي باحتياجاتهم الزمانية والمكانية.  بخلاف ما عليه حال قوانين البشر وشرائعهم التي ظهر عجزها ، وما يزال عن معالجة متطلبات البشر، وثبت قصورها عن مسايرة الأوضاع المستجدة بين الحين والآخر، وصدق الله إذ يقول : }  إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً{ ( الإسراء:9 )
فقد عرفت البشرية في حقب التاريخ ألواناً مختلفة من المذاهب
والنظريات ، والنظم والتشريعات التي تستهدف سعادة الفرد في مجتمع فاضل ، ولكن واحداً منها لم يبلغ من الروعة والإجلال ، مبلغ القرآن في إعجازه التشريعي .
فالقرآن يبدأ بتربية الفرد ، لأنه لبنة المجتمع ، ويقيم تربيته على تحرير وجدانه وتحمل التبعة ، فيحرر القرآن وجدان الإنسان المسلم بعقيدة التوحيد ، التي تخلصه من سلطان الخرافة والوهم ، وتفك أسره من عبودية الأهواء والشهوات ، حتى يكون عبداً خالصاً لله . قال تعالى : } قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، للهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ { ( الإخلاص ) ، وقال أيضاً : } هُوَ الأَوَّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {
( الحديد : 3 ) ، وقال أيضاً : } كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{ (القصص:88) وإذا صحت عقيدة الإنسان المسلم ، كان عليه أن يأخذ بشرائع القرآن في الفرائض والعبادات ، وكل عبادة مفروضة يراد بها صلاح الفرد ولكنها مع ذلك ذات علاقة بصلاح الجماعة .
فالصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ، والجماعة واجبة على الرأي الراجح إلا لعذر ، و هي شرط في الجمعة والعيدين .
والزكاة تقتلع من النفس جذور الشح ، وعبادة المال ، والحرص على الدنيا ، وهي مصلحة للجماعة ، فتقيم دعائم التعاون بين أفراد المجتمع ، وتشعر النفس بتكامل الجماعة شعوراً يخرجها من ضيق الأثرة والإنفراد.
والحج سياحة تروض النفس على المشقة ، وتفتح بصيرتها على أسرار الله في خلقه .
والصيام ضبط للنفس ، وشحذ لعزيمتها ، وتقوية للإرادة ، وحبس للشهوات . والقيام بهذه العبادات المفروضة ، يربى الإنسان على الشعور بالتبعة الفردية التي يقررها القرآن وينوط بها كل تكليف من تكاليف الدين ، وحض القرآن على الفضائل المثلى التي تروض النفس على الوازع الديني ، كالصبر والصدق والعدل والإحسان والحلم والعفو والتواضع .
ومن تربية الفرد ، ينتقل القرآن إلى بناء الأسرة ، لأنها نواة المجتمع ، فشرع الزواج استجابة لعزيزة الجنس ، وإبقاء النوع الإنساني في تناسل طاهر نظيف . قال تعالى : } وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ أنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَةً وَرَحْمَةً { ( الروم :21 ) .
وقرر القرآن صيانة الكليات الخمسة الضرورية للحياة الإنسانية : النفس ، والدين ، والعرض ، والمال ، والعقل . ورتب عليها العقوبات المنصوصة ، التي تعرف في الفقه الإسلامي بالجنايات والحدود ، قال تعالى: } وَلَكُمْ في القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ { ( البقرة :179) وقال أيضاً : } الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْـلِدُ واكُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ { (النور : 2) وقال أيضاً : } والسَّارِقُ والسَّارِقُةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيْهُمَا { ( المائدة : 38 ) .
وقرر القرآن العلاقات الدولية في الحرب والسلم بين المسلمين وجيرانهم أو معاهديهم ، وهي أرفع معاملة عرفت في عصور الحضارة العربية الإسلامية .
 وخلاصة القول : إن القول دستور تشريعي كامل ، يقيم الحياة الإنسانية على أفضل صورة وأرقى مثال ، وسيظل إعجازه التشريعي قريناً لإعجاز العلمي وإعجازه واللغوي إلى الأبد .
4- معجز بعلومه ومعارفه
لقد أكد القرآن الكريم الحقائق العلمية التي سوف تظهر بعد نزوله بآلاف السنين ، بحيث إذا قرأه العالم المعاصر المتسلح بأحدث نظريات العلوم وقوانينها واكتشافاتها يجده قد أشار إليها إشارات واضحة يعز صرفها إلى غير هذه المفاهيم الجديدة المكتشفة ، فالقرآن ومعجزته العلمية التي يتحدى بها العالم المعاصر كأنه يتنزل اليوم مواكبا لطبيعة العصر ، بل ومتجاوزا لإمكانياته الحالية والمستقبلية في هذا الجانب ، فعظمة المعجزة القرآنية التي خاطبت عرب الجاهلية فأعجزتهم تقف اليوم لتحدث أصحاب العلوم المختلفة ، كعلم الفلك والفضاء والطبيعة والأحياء والفيزياء النووية والكونية ، والهندسة الوراثية والحيوية ، بل وكل العلوم والنظريات والقوانين ، تعجزهم بنفس قوة الإعجاز البلاغي للعرب الفصحاء شعراء كانوا أو خطباء ، إن خالق الكون هو الذي يتحدث عن كونه ، فهو الذي يعلم ما خلق ومن خلق كما قال تعالى : } أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ { (الملك :1).
 وهناك الكثير من سلوكيات النصارى ؛ بل واليهود الإيجابية المنصفة التي يشهدون فيها للقرآن ، ويسلمون عند معرفتهم للحق ، وهذه بعض الأمثلة التي تدل على إعجاز القرآن المستمر: ([18])
النموذج الأول : بروفيسور مارشال جونسون
عندما اكتشف الميكرسكوب المكبر أو المجهر في نهاية القرن السابع - مع أن المجهر كان صغيرا في ذلك الوقت - تصوروا بعد أن شاهدوا الحيوانات المنوية ، أن الإنسان بذرة مثل الشجرة الصغيرة ، فتصوروا أنه مختزل في الحبة المنوية ، فرسم له العلماء صورة وتخيلوا أن الإنسان يوجد كاملا في النطفة المنوية غير أنه ينمو .
منذ قرابة الستين عاما تأكدوا أن الإنسان لا يوجد إنسان دفعة واحدة  وإنما يمر بأطوار ومراحل ، طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل ، وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية ، يقول الشيخ الزنداني : " التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان ، بروفيسور أمريكى من أكبر علماء أمريكا اسمه بروفيسور " مارشال جونسون " ، فقلنا له: ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطوارا ، فلما سمع هذا كان قاعدا فوقف وقال : أطوارا ؟! قلنا له : وكان ذلك في القرن السابع الميلادي! جاء هذا الكتاب ليقول : الإنسان خلق أطوارا !! فقال : هذا غير ممكن  غير ممكن ، قلنا له : لماذا تحكم عليه بهذا ؟ هذا الكتاب يقول: } يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ { (الزمر:6) ويقول :
} مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارا ً{ (نوح: 13، 14)  فقعد بروفيسور مارشال جونسون على الكرسي وهو يقول بعد أن تأمل الأمر: أنا عندى الجواب : ليس هناك إلا ثلاثة احتمالات :
الأول : أن يكون عند محمد ميكروسكوبات ضخمة ، تمكن بها من دراسة هذه الأشياء وعلم بها ما لم يعلمه الناس فذكر هذا الكلام !
الثاني : أن تكون وقعت صدفة ، أو هذه جاءت معه صدفة .
الثالث : أنه رسول من عند الله .
قلنا : أما القول بأنه كان عنده ميكرسكوب وآلات ، فأنت تعرف أن الميكرسكوب لم يظهر إلا بعد نزول القرآن ، كما أنه من الصعب القول بأن ذلك صدفة فقال : هذا صحيح صعب أن نقول صدفة ، فقلنا له : ما رأيك لو قلنا أنه لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية واحدة فقط بل ذكرها في آيات ، ولم يذكرها في آية وآيات إجمالا بل أخذ يفصل كل طور ، الطور الأول يحدث فيه وفيه ، والطور الثاني كذا وكذا ، والطور الثالث ، أيكون هذا صدفة ؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار ، وما في كل طور قال : الصدفة كلام غلط !! هذا علم مقصود ، قلنا : ما في تفسير عندك ؟ قال : لا تفسير إلا وحي من فوق ! ([19])
فمن علم النبي الأمي  هذا الأمور ؟ وهذه الحقائق وغيرها كانت سببا في إسلام العديد في الكثير من دول العالم لاسيما أمريكا موطن الفرقان الأمريكي.
النموذج الثاني: أوري روبين اليهودي يعترف بإعجاز القرآن
في إطار المحاولات الإسرائيلية هذه الأيام لدراسة القرآن الكريم دراسة حديثة ، وإعادة فهم صيغه نشر موقع ' وله ' الإخباري العبري موضوعاً حول القرآن الكريم والترجمات اليهودية ، أشار فيه إلى قيام البروفيسور
" أوري روبين " الأستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة تل أبيب بإعداد ترجمة حديثة للقرآن الكريم لتكون بذلك أول عمل في هذا الخصوص في القرن الجديد في  " إسرائيل "  .
   يقول التقرير : إن البروفيسور اليهودي يقوم بإعداد هذه الترجمة منذ عامين وبضعة شهور ، وسوف تكون الترجمة هذه المرة كاملة لكافة سور القرآن الكريم البالغ عددها (114 سورة ) ، حيث سيعتمد أوري على إعداد هذه الترجمة في مجلدين معتمداً على لغة عبرية حديثة ومعاصرة ، وليست مثل الترجمتين الأخيرتين ترجمة بلغة عبرية قديمة لا تجد إقبال على قراءتها نظراً لاندثار هذه اللغة ، وهجرة آلاف اليهود من الدول الغربية الذين لا يجيدونها على الإطلاق .. وهي اللغة التي يتم بها قراءة الكتب الدينية اليهودية العهد القديم ، والتلمود والمشنا .
 يقول أوري بعد قيامه بترجمة أكثر من نصف القرآن الكريم إلى العبرية حتى الآن : "  وجدت في القرآن سحراً كبيراً سواء في شكل حروفه أو بسبب كونه مكتوباً بصورة نثرية غاية في الاتزان والإيقاع الصوتي غاية في التميز ، لقد وجدت في القرآن مستويات متباينة من جهة المضمون : فمثلاُ نجد الحديث عن نار جهنم – وكلنا نعرف نار جهنم – يتحدث عنها القرآن من منطلق الترهيب وهو في ذلك يقدم صور مُفزعة حقيقية .. ثم ينتقل القرآن إلى وصف الجنة – جنة عدن التي نعرفها أيضاً – فتجده يتحدث عنها بصورة غاية في الجمال خاصة بعد أن يقدم مغفرة الله وتوبته على عباده المؤمنين العصاه التائبين إليه ، لقد وصف القرآن الجنة كأحسن ما يكون الوصف حيث الإحساس الصادق بها وبجمال الجنة وعظمتها .. وفي مستوىً  آخر يقدم القرآن وجبة كاملة من الشرائع والقوانين الحياتية اليومية وكل هذا لما ؟ أعتقد أنني توصلت إلى أن القرآن يريد أن يخلق على الأرض إنساناً كاملاً ولن يتأتى هذا إلا بعد أن يُطبق ما جاء فيه فهو يقدم للإنسان مفتاح الطريق نحو الكمال '.
 كل هذه الأسباب دفعت البروفيسور اليهودي إلى الاعتراف بصعوبة الترجمة لأنه يريد إخراج ترجمة واقعية جداً لكل جزء دون الإخلال بالإحساس الجمالي للجنة مثلاً ، وللإحساس الترهيبي من النار .. فهو يشير إلى أن الإحساس بالقرآن وبأشكال حروفه المتناسقة أمر يصعب ترجمته ، موضحاً أنها لغة عربية أخرى غير التي نطالعها كل يوم في الصحف والمجلات والكتب .
 وهكذا تظل معجزة القرآن باقية حتى داخل (إسرائيل) نفسها ، وتخرج شهادات الاعتراف بأنه كتاب الله المنزل من قلوب اليهود أنفسهم لكنه التكبر اليهودي منذ قديم الأزل وحتى تقوم الساعة . ([20])
قال تعالى : } الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{ (البقرة:146)
عناية الأمة بالقرآن الكريم
لقد عنيت الأمة الإسلامية بالقرآن الكريم عناية كبيرة بصورة لا تجد لها نظير في ملة من الملل أو في أمة من الأمم ، وهذه العناية يمكن تلخيصها في هذه الجملة : حفظ القرآن في الصدور والسطور .
فبجوار حفظ القرآن في الصدور هناك  لون آخر من الحفظ يدوم مع الزمان ، لا يذهب بذهاب الإنسان ، فلا بد أن يتحقق ما تكفل الله بحفظه: } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{ ( الحجر : 9)
فبعد أن أتم عمر ومن بعده عثمان جمع القرآن ، اتجهت عناية المسلمين نحو القرآن بصورة لم يعهدها كتاب من قبل ، فصنف العلماء مئات المصنفات في تفسيره ، وبيان المكي والمدني ، وما نزل بليل وما نزل بالنهار ، الحضري والسفري‏ ، الصيفي والشتائي ، الفراشي والنومي‏ ، ‏وأسباب النزول ، ‏أول ما نزل‏ ، آخر ما نزل  ،  ما عرف وقت نزوله‏ ، وما أنزل فيه ولم ينزل على أحد من الأنبياء‏ ،‏ ما أنزل منه على الأنبياء‏ ،‏ ما تكرر نزوله‏ ،‏ ما نزل مُفَرقاً‏ ،‏ ما نزل جمعاً‏ ،‏ والناسخ والمنسوخ ، والمطلق والمقيد ، والمحكم والمتشابه ، وبيان أوجه الإعجاز البيانية
والبلاغية ، واستخراج الأحكام الفقهية ، وفضائل القرآن‏ ، ومعرفة تأويله وتفسيره وبيان شرفه ، والحاجة إليه‏ ، وشروط المُفَسر وآدابه ، وغرائب التفسير ،‏ وأسماء من نزل فيهم القرآن‏ ، والأسماء والكنى والألقاب‏ ، وأمثاله‏ ، والعلوم المستنبطة من القرآن‏‏ ، ومناسبة الآيات والسور‏ ، والإيجاز والإطناب‏ والخبر ، والإنشاء‏  ، ومنطوقه ومفهومه‏ ، ومعرفة إعرابه‏ ، وآداب تلاوته‏ ، ومعرفة أسمائه وأسماء سوره ،  وجمعه وترتيبه ، وعدد سوره وآياته وكلماته وحروفه‏‏  إلى آخره.
وأقبل العلماء على تصنيف الكتب التي تهدف إلى استخراج هذه
 المعاني ، وترك لنا هؤلاء العلماء رصيدا كبيرا من المؤلفات لا يوجد له نظير في أمة من الأمم .
صور من عناية الأمة بالقرآن في العصر الحديث
· إقامة مدارس خاصة بتحفيظ القرآن الكريم .
· إنشاء إذاعات خاصة بالقرآن الكريم .
· إنشاء العديد من الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم .
· تنظيم المسابقات في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتفسيره .
· طباعته بطريقة " برايل " ([21]).
· ترجمة معانيه إلى اللغات المختلفة ، فقد أصدر مجمع الملك فهد وحده أكثر من (55) ترجمة لمعاني القرآن بـ (39) لغة ([22]).
طباعة المصحف
أسهم الخطاطون قبل ظهور الطباعة في تجويد المصاحف وتحسين كتابتها  واقتضت مشيئة الله تعالى أن ينتشر كتابه العزيز في الآفاق بفضل الطباعة ، وقد ظهر القرآن الكريم مطبوعا للمرة الأولى في مدينة
(البندقية في حدود سنة 1530هـ ) ، ولكن السلطات الكنسية أصدرت أمر بإعدامه حال ظهوره .
وتوالت الطبعات في مختلف بلدان العالم الإسلامي بكميات كبيرة وبصورة فائقة وبأحجام مختلفة ، حتى يَسر الله في إقامة مجمع خاص لطباعة المصحف بالمملكة العربية السعودية ([23]) ، ويعد هذا المجمع من أضخم وأعظم المشروعات التي عنيت بالقرآن في العالم.
 
القرآن الكريم على الشبكة (الإنترنت)
ومن صور عناية الأمة بالقرآن الكريم استغلالها لشبكة المعلومات العالمية ( الإنترنت ) ، حيث إن هذه الشبكة يمكن من خلاله بث الدعوة الإسلامية إلى أي مكان في العالم بسرعة فائقة وبأقل الإمكانات.
فما أن بدأت ثورة الإنترنت بالاتساع حتى كانت المواقع التي تعنى بالقرآن الكريم من أول المواقع العربية التي حظيت بالرعاية ،  وفيما يأتي نظرة على مواقع القرآن الكريم على هذه الشبكة ، وما وصلت إليه في الوقت الحاضر ، وقد قمت بالبحث على الشبكة باستعمال محرك البحث (Google) في (1/2/2005) عن كلمة القرآن باللغة العربية والإنجليزية فكانت النتيجة :
 

الاســــم

عدد المرات

الاســـم

عدد المرات

Quran

2,130,000

Kuran

517,000

القــرآن

812.000

قـــرآن

295,000

 وهذه الأرقام بازدياد ربما يبلغ 3% شهريا ، ويتوفر اليوم على شبكة الإنترنت عشرات المواقع التي تعنى بالقرآن الكريم  .

   ومن صور العناية بالقرآن اتجه العلماء لعمل إحصاءات غاية في الدقة والعظمة للموضوعات والقضايا والأسماء والأماكن والحرف والصناعات والأيام والأرقام والحشرات والحيوانات والأعمال وغيرها التي وردت في القرآن الكريم ، وهذه الإحصاءات كان لإبرازها عظيم الأثر في بيان عظمة وشمول هذا الكتاب ، وكان للحاسب الآلي دور كبير في تيسيير مثل هذه الإحصاءات ، ومن هذه الإحصائيات الطيبة إحصائية بالأعداد المتساوية في القرآن الكريم :

م

الحدث

عدد المرات

الحدث

عدد المرات

1

دنيا 

115

آخرة

115

2

 ملائكة

88

شياطين

88

3

 الناس

50

الأنبياء

50

4

 صلاح

50

فساد

50

5

 إبليس 

11

الاستعاذة من إبليس

11

6

 المسلمين

41

جهاد

41

7

زكاة

88

بركة 

88

8

 محمد

4

شريعة 

4

9

 امرأة 

24

رجل

24

10

 الحياة

145

الموت

145

11

 الصالحات

 167

السيئات

167

12

 اليسر 

36

العسر

12

13

 الأبرار

6

الفجار 

3

14

 الجهر

16

العلانية

16

15

 المحبة  

83

الطاعة 

83

16

 الهدى

79

الرحمة 

79

17

السلام

50

الطيبات

50

18

الشدة

102

الصبر

102

19

 المصيبة

75

الشكر 

75

20

 الجزاء

117

المغفرة 

234

 والسؤال : هل يمكن أن تكون هذه الأعداد التي وردت في القرآن من قبيل المصادفة !؟ اللهم لا.


وكل هذه الجهود التي تبذل للعناية بالقرآن الكريم تؤكد أن القرآن سيظل محفوظا في قلوب المسلمين قبل حفظه في المصاحف والأجهزة الحديثة والمتطورة ، وصدق الله  العظيم : } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون َ{ (الحجر:9)
 

  



(1) رواه مسلم في كتاب القدر حديث رقم (2652) .
(2) سفر الخروج 24:12 .
(1) انظر : الدليل من الأناجيل على أن نصارى اليوم بعرفون محمدا كما يعرفون أبناءهم ، لشيخي الفاضل الدكتور : محمود عبد الرازق حفظه الله ، ص 22 ، دار الرضوان ، القاهرة .
(2) إنجيل لوقا ، الإصحاح الأول 4:1 .
(1) إنجيل متى ، الإصحاح الأول 16:1 .
(2) إنجيل يوحنا ، الإصحاح الأول 5:1 .
(3) إنجيل مرقس ، الإصحاح الأول 3:1 .
(1) القرطبي : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر ، 1398هـ ، الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام ، تحقيق د. أحمد حجازي السقا القاهرة ، دار التراث العربي ص203 بتصرف .
(1) بوكاى : موريس ، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ، .199 م ، ترجمة حسن خالد  بيروت ، المكتب الإسلامي ص151 ، ونحيل القارئ إلى ما كتبه هذا المستشرق في كتابه : دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ، 1977م ، لبنان ، دار المعارف .
(1) الذهبي ، سيرأعلام النبلاء 10/171 .
(2) رواه مسلم في الإمارة برقم (1920) ، وانظر تعليق النووي على الحديث في الديباج للسيوطى ، تحقيق أبى إسحاق الحوينى 4/512.
([12]) مناع القطان : مباحث في علوم القرآن ، ص 258 .
(2) انظر : تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير2/131 .
 
(3) انظر : السابق : 4/444 .
 
(1) رواه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة برقم6732.
 
(2) رواه مسلم في الإيمان برقم217.
 
(3) تفسير القرآن العظيم 1/ 61.
 
(1) للمزيد : نظر: الأدلة المادية على وجود الله ، للشيخ محمد متولي الشعراوي ، والإعجاز العلمي في القرآن ، مطابع وزارة التربية والتعليم ، وسامي أحمد الموصلي ، دار النفائس ، والإيجاز في آيات الأعجاز ، محمد عابدين أبو اليسر ، دار البشائر  ، 1999م.
(1) انظر ، الشيخ عبد المجيد الزندانى : العلم طريق الإيمان ص 131 ، وانظر المزيد فيمن أسلموا بسبب معرفتهم لصدق النبى محمد ، الموصلى : سامى أحمد ، 2001م الإعجاز العلمي في القرآن ، دار النفائس .
(1) انظر: http: islammessage.com:vb:lofiversion:index.php:t7970.html
(1) تتراوح نسبة عدد المكفوفين في العالم ما بين ( 1 : 3% ) منهم خمسة وعشرون مليونًا تقريبًا من المسلمين ، انظر: http:wwww.ksu.edu.sa:kfs-website:source:57.htm
 
(2) انظر: السابق .
(3) مجمع الملك فهد: تعد مطبعة المجمع واحدة من كبريات المطابع في العالم ، وأكثرها
تطوراً ، تقدر مساحة المجمع بمائتين وخمسين ألف متر مربع ، ويُعَدّ المجمع وتضم المطبعة ثلاث آلات للطباعة الشريطية تبلـغ سرعتـها ما بين (20.000) إلى (60.000 ) ملزمة في الساعة الواحدة ، كما تضم اثنتي عشرة آلة من آلات الطباعة المسطحة ، تطبع عدة ألوان دفعة واحدة ، من بينها آلتان مزودتان بجهاز الأشعة فوق البنفسجية تبلغ سرعتها (300 ) مصحف في الساعة الواحدة. وهي مزودة بعيون إلكترونية سحرية لتفادي أي خلل في أثناء الطباعة ، وزود قسم الصف التصويري بالمجمع بحاسب آلي لصف الحروف العربية ، كما يمكن استخدامه لصف ترجمة معاني القرآن الكريم باللغات المختلفة ، وفي قسم التصوير والتوليف توجد أربع آلات تصوير عالية الكفاءة ذات عدسات بؤرية مختلفة الأبعاد تعمل إليكترونياً. وتخضع الصفحات المصورة لأعمال تصحيح الألوان والحروف والتأكد من سلامة النص من الناحية الفنية  وعمل المسودات الأولى في شكل صفحات منفردة يتم عرضها على اللجنة لمراجعتها وإجازتها.
وقد بلغت الطاقة الإنتاجية مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ما يربو على عشرة ملايين نسخة من مختلف الإصدارات سنوياً للوردية الواحدة ، وبالإمكان تشغيله عند الحاجة ثلاث ورديات لينتج ثلاثين مليون نسخة سنوياً ، انظر السابق.