18.3 إكمال بناء الكون والرسالات النبوية برسالة محمد (صلَّى الله عليه وسلم):
وفي قصة الإسراء والمعراج تلمح أواصر القربى بين الأنبياء كافة، وهذا المعنى من أصول الإسلام.
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}.
والتحيات المتبادلة بين النبي وإخوته السابقين توثق هذه الآصرة.
ففي كل سماء أحل الله فيها أحد رسله، كان النبي يستقبل فيها بهذه الكلمة: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح!.
والخلاف بين الأنبياء وهمٌ صنعته الأمم الجائرة عن السبيل السوي، أو بالأحرى صنعه الكهان والمتاجرون بالأديان.
أما محمد فقد أظهر أنه مرسل لتكملة البناء الذي تعهده من سبقوه، ومنع الزلازل من تصديعه، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم): "مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له! ويقولون: هلاّ وضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين".
والأديان المعتمدة على الوحي السماوي معروفة، وليس منها -بداهة- ما اصطنعه الناس لأنفسهم من أوثان وطقوس كالبرهمية، والبوذية، وغيرهما.
وليس منها كذلك ما ابتدع -أخيراً- من نحل احتضنها الاستعمار الغربي وكثر الأنصار حولها، ليشدد الخناق على مقاتل الشرق، ويعوق المسلمين الأحرار عن حطم قيوده، وإنقاذ عبيده وذلك كالبهائية والقاديانية.
ومن الممكن -لو خلصت النيات ونشد الحق- أن توضع أسس عادلة لوحدة دينية، تقوم على احترام المبادىء المشتركة، وإبعاد الهوى عن إستغلال الفروق الأخرى، إلا أن تزول على الزمن، أو تنكسر حدتها.
والإسلام الذي يعد تعاليمه امتداداً للنبوات الأولى، ولبنة مضافة إلى بنائها العتيد أول من يرحب بهذا الاتجاه ويزكيه.