مغالطات وافتراءات نصرانية

من العجب بعد وضوح الادلة القرآنية الدالة على تكفير من يعتقد بألوهية المسيح وكفر من يقول ان الله ثالث ثلاثة : ( أب وابن وروح قدس )

نرى واحداً من هؤلاء المتطفلين وهو القمص باسيليوس يذكر شدة الشبه بين البسملة الاسلامية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، بالبسملة المسيحية : ( بسم الأب والابن والروح القدس )

ويشاركه في هذا الرأي المسيحي : حبيب سعيد .

وهو لاشك ادعاء باطل ، لأن لفظ الجلالة ( الله ) علم على الذات الإلهية والرحمن والرحيم صفتان له .

وقد تولى الشيخ القرافي في أجوبته الرد على هذا المدعي ، وعلى أمثاله فيقول :  وأما في القرآن من بسم الله الرحمن الرحيم ، فتفسيركم له غلط وتحريف ، كما فعلتم في الإنجيل ، لأن ( الله ) تعالى عندنا في البسملة معناه : الذات الموصوفة بصفات الكمال ونعوت الجلال ، والرحمن والرحيم وصفان له سبحانه وتعالى باعتبار الخير والإحسان الصادرين عن قدرته . فالرحمن معناه : المحسن في الدنيا والآخرة لخلقه بفضله . والرحيم معناه : المحسن في الآخرة خاصة لخلقه بفضله .

وأما النطق والحياة ، فلا مدخل لهما في الرحمن الرحيم ، بل هو تحريف منهم للقرآن . وإذا بطل المستند في الإنجيل والقرآن حرم هذا الإطلاق .

فإطلاق الموهمات لما لا يليق بالربوبية يتوقف على نقل صحيح ثابت عن الله تعالى ، وليس هو عندكم ، فكنتم عصاة بهذا الإطلاق .

وللأستاذ محمد مجدي مرجان رأي آخر في الرد على إدعاء القمص باسليوس ، ومن هو على شاكلته حيث يقول : " نحن إذا تابعنا هذا الرأي فإنه يمكن الاستدلال من القرآن ليس فقط على التثليث ، بل أيضا على التسبيع ، ووجود سبعة آلهة ، وليس ثلاثة . وذلك بما ورد في أول سورة ( غافر ) : (( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ، غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذي الطول )) . الآية .

بل يمكن أن يجرفنا الزيغ والضلال فنقرر أن القرآن يثبت وجود سبعة عشر إلها ، وذلك بما ورد في آخر سورة الحشر التي جاء بها سبعة عشر اسما من أسمائه الحسنى .

ثم ان  المسلمون لا يقولون بسم الله و الرحمن و الرحيم بل  يقولون بسم الله الرحمن الرحيم .

ثم بعد تخرصاته هذه وهرطقاته ، وادعاء اعتناق الإسلام لعقيدة التثليث – بعد ذلك يقرر عدم فهمه وإدراكه لحقيقة الثالوث فيقول :

" أجل إن هذا التعليم عن التثليث فوق إدراكنا ، ولكن عدم إدراكه لا يبطله " .

وكفى دليلا على فساد هذه العقيدة وتفاهتها وبطلانها عدم فهم أصحابها ومعتنقيها لها .

ويشرع كاتب ثالوثي آخر في محاولة لإثبات الثالوث ، والبرهنة عليه من القرآن ، ولكنه بطريقة أخرى مغايرة لطريقة القمص باسيلوس . ذلك هو الأستاذ " يس منصور " حيث يقول :

إن الإسلام يذكر حوالي تسعا وتسعين اسما لله ، أي أن صفات الله الحسنى نحو تسع وتسعين صفة . وهذه الصفات متباينة ومختلفة تناقض إحداها الأخرى ، بحيث لا يمكن التوفيق بينها في الذات الواحدة إلا إذا آمنا بالتثليث . فمن أسماء الله الحسنى :

الضار المنتقم ، ومنها العفو الرؤوف ، ومنها القدوس البار .

ويستطرد الكاتب متسائلا : كيف يكون الله منتقما وغافرا معا ؟

فالمنتقم يدل على انتقامه من المذنب انتقاما بلا تساهل ، أما الغفور فيدل على تبريره للمذنب تبريرا شاملا . ويضيف قائلا :

أنه لا يمكن التوفيق بين هذه الصفات المتناقضة إلا بالقول بالتثليث .

ويعلق الأستاذ محمد مجدي مرجان على قول يس منصور هذا بقوله – متهكماً - :

" يعني كاتبنا ( الألمعي ! ) أن نقوم بتوزيع أسماء وصفات الله الحسنى على أفراد الثالوث الإلهي ، بحيث يكون لكل أقنوم أو إله من آلهة الثالوث عدة أسماء وصفات متوافقة مع بعضها ، وأن اختلفت مع أسماء وصفات الإله الآخر . فيكون الله الأب مثلا هو الضار المنتقم ، ويكون الله الابن هو الرؤوف الغفور ، ويكون الله الروح المقدس هو القدوس البار .

وهذا هو عين مذهب الثنوية الذي كان منتشرا في بلاد الفرس القديمة إبان الوثنية ، والذي كان يقسم الآلهة إلى قسمين متعارضين كل إله منها يحمل صفة مناقضة لصفة الإله الآخر . فهذا إله الخير ، وذلك إله الشر .. وهذا إله الحرب ، وذاك إله السلام .. وهكذا .

لقد أخفق ( يس منصور ) من حيث أراد النجاح ، وهوى من حيث أراد الارتقاء .

ومن حيث المبدأ فالإسلام يبطل التثليث – كما قدمنا – بحجج كثيرة ، ويكفر النصارى باعتقادهم إياه وأعتقادهم ان المسيح هو الله ، فكيف يقال : إن التثليث يمكن أخذه من القرآن ، بينما أن معظم آيات القرآن الكريم إنما جاءت لتأصيل التوحيد في مواجهة الوثنية والثنوية والتثليث ، وغيرها من العقائد الباطـلة ؟

ولا أدرى كيف يدل تعدد أسماء الله الحسنى على التثليث ، وهي ليست ثلاثة أسماء ، بل يبلغ مجموعها عشرات الأسماء ، كما هو معروف ؟ .

والواقع أن عقيدة الإسلام فيما يتعلق بأفعال الله : أنه سبحانه وتعالى فاعل مختار ، أي أنه مريد لأفعاله ، لا تصدر عنه بالإيجاب . ولهذا تعددت أفعاله تبعا لإرادته ، فلم يكن ذا فعل واحد ، أو ذا أفعال لها وجه واحد – كما هي العقيدة الثنوية في أنها تقصر الخير على إله ، والشر على إله آخر – فهو خالق كل شئ في هذا الوجود ، وهو الفعال لما يريد ، يعطي ويمنع ، ويخفض ويرفع ، ويقبض ويبسط ، ويعاقب ويغفر ، ويعز .. وكل ذلك منه سبحانه وتعالى خير وحكمة .

وهكذا تتعدد أفعاله ، وتتعدد صفاته ، وتتعدد أسماؤه . ولا محالة في أن تجمع الذات الإلهية بينهما جميعاً مهما كان بينها من تناقض ، ما دام فعله سبحانه وتعالى لا يجمع بين النقيضين في موضوع واحد ، تتم فيه شروط التناقض .

فأي محال في أن يغفر لهذا ، ويعاقب هذا ؟ بل وأي محال في أن يعاقب إنسانا ، ثم يغفر له بعد ذلك ، ويدخله الجنة ؟

وهكذا يمكننا أن نفهم تعدد أسماء الله الحسنى على اختلاف ما بينها وأن نفهم تعدد أفعاله على اختلاف ما بينها ، ما دام الفعلان المتناقضان لا يتحدان موضوعا ، أو محمولا ، أو زمانا ، أو مكانا .. الخ أي لا يتحدان في النسبة الحكمية بين موضوع الفعل ومحموله .

فالله الفاعل المختار واحد ، يفعل بإرادته كل فعل تقتضيه حكمته ، وليس ذاتا موجبة لأفعال معينة ، وكمالات الفاعل المختار على هذا النحو تبدو في تعدد أسمائه وأفعاله ، وليس في هذا التعدد ما يوجب توزيعها على آلهة متعددة أو على آلهة مختلفة ، لا إلهين اثنين ، ولا آلهة ثلاثة ، ولا أكثر من ذلك . وقيامها بالذات الواحدة أمر مفهوم على نحو ما قدمناه . وهذا هو مقتضى الكمال الإلهي ومقتضى التوحيد .