كتب الأبوكريفا

قال القس :

قال المعترض: هناك كتب مشكوك في صحتها، يسمّونها أحياناً «كتب الأبوكريفا». وهذه حذفها البروتستانت».

وللرد نقول: كتب الأبوكريفا هي الكتب المشكوك في صحة نسبتها إلى من تُعزى إليهم من الأنبياء، وهي كتب طوبيا، ويهوديت، وعزراس الأول والثاني، وتتمَّة أستير، ورسالة إرميا، ويشوع بن سيراخ، وباروخ، وحكمة سليمان، وصلاة عزريا، وتسبحة الثلاثة فتية، وقصة سوسنة والشيخين، وبل والتنين، وصلاة منسى، وكتابا المكابيين الأول والثاني. ومع أن هذه الأسفار كانت ضمن الترجمة السبعينية للعهد القديم، إلا أن علماء بني إسرائيل لم يضعوها ضمن الكتب القانونية. وبما أن بني إسرائيل هم حفظة الكتب الإلهية، وعنهم أخذ الجميع، فكلامهم في مثل هذه القضية هو المعوّل عليه. وقد رفضوا هذه الكتب في مجمع جامينا (90م) لأنها غير موحى بها، للأسباب الآتية:

(1) إن لغتها ليست العبرية التي هي لغة أنبياء بني إسرائيل ولغة الكتب المنزلة، وقد تأكدوا أن بعض بني إسرائيل كتب هذه الكتب باللغة اليونانية.

(2) لم تظهر هذه الكتب إلا بعد زمن انقطاع الأنبياء، فأجمع أئمة بني إسرائيل على أن آخر أنبيائهم هو ملاخي. وورد في كتاب الحكمة أنه من كتابة سليمان. ولكن هذا غير صحيح، لأن الكاتب يستشهد ببعض أقوال النبي إشعياء وإرميا، وهما بعد سليمان بمدة طويلة، فلا بد أن هذه الكتابة تمَّت بعد القرن السادس ق م. ويصف »كتاب الحكمة« بني إسرائيل بأنهم أذلاء مع أنهم كانوا في عصر سليمان في غاية العز والمجد.

(3) لم يذكر أي كتاب منها أنها وحي، بل قال كاتب المكابيين الثاني (15: 36-40) في نهاية سفره: «فإن كنت قد أحسنتُ التأليف وأصبتُ الغرض، فذلك ما كنتُ أتمنّى. وإن كان قد لحقني الوهَن والتقصير فإني قد بذلت وُسعي. ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضرٌّ، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتُعقب لذة وطرباً، كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف». ولو كان سفر المكابيين الثاني وحياً ما قال إن التقصير ربما لحقه!

(4) في أسفار الأبوكريفا أخطاء عقائدية، فيبدأ سفر طوبيا قصته بأن طوبيا صاحَب في رحلته ملاكاً اسمه روفائيل، ومعهما كلب، وذكر خرافات مثل قوله إنك إن أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان (طوبيا 6: 19). ونادى بتعاليم غريبة منها أن الصَّدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا (طوبيا 4: 11، 12: 9)، وأباح الطلعة (الخروج لزيارة القبور) وهي عادة وثنية الأصل، وهي أمور تخالف ما جاء في أسفار الكتاب المقدس القانونية.. وجاء في 2مكابيين 12: 43-46 أن يهوذا المكابي جمع تقدمة مقدارها ألفا درهم من الفضة أرسلها إلى أورشليم ليقدَّم بها ذبيحة عن الخطية »وكان ذلك من أحسن الصنيع وأتقاه، لاعتقاده قيامة الموتى.. وهو رأي مقدس تقَوي، ولهذا قدَّم الكفارة عن الموتى ليُحَلّوا من الخطية«. مع أن الأسفار القانونية تعلِّم بعكس هذا.

(5) في أسفار الأبوكريفا أخطاء تاريخية، منها أن نبو بلاسر دمَّر نينوى (طوبيا 14: 6) مع أن الذي دمرها هو نبوخذنصر، وقال إن سبط نفتالي سُبي وقت تغلث فلاسر في القرن الثامن ق م، بينما يقول التاريخ إن السبي حدث في القرن التاسع ق م، وقت شلمنأصر. وقال طوبيا إن سنحاريب ملك مكان أبيه شلمنأصر (طوبيا 1:18) مع أن والد سنحاريب هو سرجون. وجاء في يشوع بن سيراخ 49: 18 أن عظام يوسف بن يعقوب «افتُقدت، وبعد موته تنبأت».

(6) لم يعتبر بنو إسرائيل هذه الكتب مُنزلة، ولم يستشهد بها المسيح المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم  (كولوسي 2: 3). ولا اقتبس منها تلاميذ المسيح، ولم يذكرها فيلو ولا يوسيفوس. مع أن المؤرخ يوسيفوس ذكر في تاريخه أسماء كتب بني إسرائيل المنزلة، وأوضح تعلّق بني إسرائيل بها، وأنه يهُون على كل يهودي أن يفديها بروحه.

(7) سار الآباء المسيحيون الأولون (ما عدا قليلون منهم) على نهج علماء بني إسرائيل في نظرتهم إلى هذه الأسفار. ومع أنهم اقتبسوا بعض الأقوال الواردة فيها إلا أنهم لم يضعوها في نفس منزلة الكتب القانونية. وعندما قررت مجامع الكنيسة الأولى الكتب التي تدخل ضمن الكتب القانونية اعتبرت هذه الكتب إضافية أو غير قانونية، فلم يذكرها مليتو أسقف ساردس (في القرن الثاني المسيحي) من الكتب المقدسة، ولم يذكرها أوريجانوس الذي نبغ في القرن الثاني، ولا أثناسيوس ولا هيلاريوس ولا كيرلس أسقف أورشليم، ولا أبيفانيوس، ولا إيرونيموس (جيروم)، ولا روفينوس، ولا غيرهم من أئمة الدين الأعلام الذين نبغوا في القرن الرابع. وقد أصدر المجمع الديني الذي اجتمع في لاودكية في القرن الرابع جدولاً بأسماء الكتب المقدسة الواجب التمسك بها، دون أن يذكر هذه الكتب. ويرجع الكاثوليك إلى قرارات هذا المجمع. ولكن لما كانت هذه الكتب موجودة ضمن أسفار العهد القديم في الترجمات السبعينية واللاتينية، فقد أقرّ مجمع ترنت في القرن السادس عشر اعتبارها قانونية، فوُضعت ضمن التوراة الكاثوليكية، على أنها كتب قانونية ثانوية.. علماً بأن إيرونيموس (جيروم) مترجم «الفولجاتا» (من اليونانية إلى اللاتينية) وضع تلك الأسفار بعد نبوَّة ملاخي، فأُطلق عليها في ما بعد «أسفار ما بين العهدين».

(8) هذه الكتب منافية لروح الوحي الإلهي، فقد ذُكر في حكمة ابن سيراخ تناسخ الأرواح، والتبرير بالأعمال، وجواز الانتحار والتشجيع عليه، وجواز الكذب ( يهوديت 9: 10، 13). ونجد الصلاة لأجل الموتى في 2مكابيين 12: 45، 46 وهذا يناقض ما جاء في لوقا 16: 25، 26 وعبرانيين 9: 27.

(9) قال الأب متى المسكين، في كتابه »الحُكم الألفي« (ط 1997، ص3): «كتب الأبوكريفا العبرية المزيَّفة، التي جمعها وألَّفها أشخاص كانوا حقاً ضالعين في المعرفة، ولكن لم يكونوا «مسوقين من الروح القدس»، (2بطرس 1: 21) مثل كتب: رؤيا عزرا الثاني وأخنوخ، ورؤيا باروخ وموسى وغيرها». ثم قال في هامش الصفحة نفسها: «تُسمَّى هذه الكتب بالأبوكريفا المزيَّفة، وهي من وضع القرن الثاني قبل المسيح، وفيها تعاليم صحيحة وتعاليم خاطئة وبعض الضلالات الخطيرة مختلطة بعضها ببعض. ولكنها ذات منفعة تاريخية كوثائق للدراسة».

 وبما أن بني إسرائيل الذين أؤتُمنوا على الكتب الإلهية، هم الحكَم الفصل في موضوع قانونية الأسفار المقدسة، وقد أجمع أئمتهم في العصور القديمة والمتأخرة على أنه لم يظهر بينهم نبي كتب هذه الكتب، فإنه من المؤكد أن أحد اليهود المقيمين في الشتات وضعها. ولو كانت معروفة عند بني إسرائيل لوُجد لها أثر في كتاب التلمود. أما الكتب المقدسة القانونية فهي مؤيَّدة بالروح القدس وبالآيات الباهرة. فالأنبياء الكرام وتلاميذ المسيح أيّدوا رسالتهم وتعاليمهم بالمعجزات الباهرة التي أسكتت من تصدّى لهم، فتأكد الجميع حتى المعارضون أن أقوالهم هي وحي إلهي، فقبلوا كتبهم بالاحترام الديني والتبجيل، وتمسكوا بها واتخذوها دستوراً، ولم يحصل أدنى خلاف بين أعضاء مجمع نيقية على صحة الكتب المقدسة لأنها في غنى عن ذلك.

 _____________________________________________________________

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه وبعد :

فإليك - أخي القارىء - المقال التالي و الذي يتضمن رد الأرثوذكس على البروتستانت بشأن كتب الابوكريفا ، ننقله من مقدمة الكتاب المقدس للأسفار القانونية الثانية - طبعة مكتبة المحبة - ترقيم دولي 5 - 274 - 187 - 977 / رقم الإيداع بدار الكتب 7573 / 89  : 

فكرة عامة عن الاسفار القانونية الثانية :

لا يتضمن الكتاب المقدس الذي بين أيدينا اليوم ( طبعة دار الكتاب المقدس ) بعضاً من الأسفار المقدسة حذفها البروتستانت ، ومع ذلك فإن الأرثوذكس والكاثوليك في كافة أنحاء العالم يؤمنون بقانونيتها. وهذة الأسفار يطلق عليها " الأسفار القانونية الثانية التى حذفها البروتستانت  " . أما البروتستانت فيسمونها " الأبوكريفا " وهى كلمة معناها ( المخفية ) وهم يعتبرونها بهذا المسمى من وجهة نظرهم أسفاراً مدسوسة لأنها لا ترقى إلى مستوى الوحي الإلهي كما يقولون وهي تضم موضوعات غير ذات أهمية وخرافات لا يقبلونها 0

بيان هذة الأسفار :

هذة الأسفار المحذوفة هى :

1_ سفر طوبيا ، ويضم 14 أصحاحا ، ومكانه بعد سفر نحميا.
2 _ سفر يهوديت ، ويضم 16 أصحاحاً ، و
مكانه بعد سفر طوبيا.
3 _ تتمة سفر أستير ، وهو يكمل سفر أستير الموجود فى طبعة دارالكتاب المقدس . ويضم الأصحاحات من 10 _ 16
.
4 _ سفر الحكمة لسليمان الملك ,
ويضم 19 أصحاحاً ومكانه بعد سفر نشيد الأنشاد .
5 _ سفر يشوع بن سيراخ , ويضم 51 أصحاحاً ويقع بعد سفر الحكمة
.
6 _ سفر نبوة باروخ , ويضم سته أصحاحات . ومكانه بعد سفر مراثى أرميا
.
7 _ تتمة سفر دانيال , وهو مكمل لسفر دانيال الذى بين أيدينا طبعة دار الكتاب المقدس . ويشمل بقية أصحاح 3 , كما يضم أصحاحين أخرين هما 13 , 14
.
8 _ سفر
المكابيين الأول , ويضم 16 أصحاحاً .ومكانه بعد سفر ملاخى.
9 _ سفر
المكابيين الثانى , ويضم 15 أصحاحاً . ومكانه بعد سفر المكابين الأول.

لماذا حذف البروتستانت هذه الأسفار ؟

تتلخص الأسباب التي من أجلها لم يعترف البروتستانت بهذة الأسفار بل حذفوها من الكتاب المقدس في الآتي :

1_ يقول البروتستانت أن هذه الأسفار لم تدخل ضمن أسفار العهد القديم التي جمعها عزرا الكاهن لما جمع أسفار التوراة سنة 534 ق.م والرد على ذلك أن بعض هذه الأسفار تعذر العثور عليها أيام عزرا بسبب تشتت اليهود بين الممالك . كما أن البعض الآخر منها كتب بعد زمن عزرا الكاهن .

2 _ يقولون أنها لم ترد ضمن قائمة الأسفار القانونية للتوراة التى  أوردها ( يوسيفوس ) المؤرخ اليهودى فى كتابه . والرد على ذلك أن يوسيفوس نفسة بعد أن سرد الأسفار التي جمعها عزرا كتب قائلاً ( إن الأسفار التى وضعت بعد أيام ارتحستا الملك كانت لها مكانتها عند اليهود . غير أنها لم تكن عندهم مؤيدة بالنص تأيد الأسفار القانونية لأن تعاقب الكتبة الملهمين لم يكن عندهم فى تمام التحقيق ) كتابة ضد إيبون رأس 8.

3 _ يقولون أن لفظة ( أبو كريفا ) التى أطلقت على هذة الأسفار , وهى تعنى الأسفار المدسوسة والمشكوك فيها , كان أول من استعملها هو ( ماليتون ) اسقف مدينه سادوس فى القرن الثانى الميلادى . وإذاً فالشك فى هذة الأسفار قديم . ونقول نحن أن أسفار الأبوكريفا الأصليه هى أسفار أخرى غير هذه . فهناك أسفار أخرى كثيرة لفقها اليهود والهراطقة وقد رفضها المسيحيون بإجماع الآراء . وإذا فلا معنى أن نضع الأسفار القانونية المحذوفة فى مستوى هذه الأسفار التى أجمع الكل على رفضها.

4 _ يقولون أن بعض الآباء اللآهوتيين القدامى والمشهود لهم وخصوا منهم أورجانيوس وإيرونيموس لم يضموا هذه الأسفار فى قوائم الأسفار القانونية للعهد القديم .بل ان  إيرونيموس الذى كتب مقدمات لأغلب أسفار التوراة وضع هذه الأسفار المحذوفة فى مكان خاص بها بأعتبارها مدسوسة ومشكوك فى صحتها . ونرد على ذلك بأنه , وإن كان بعض اللاهوتيين أغفلوا قانونية هذه الأسفار أول  الأمر , إلا أنهم ومنهم أويجانوس وإيرونيموس عادوا وأقروا هذه الأسفار واستشهدوا بها .كما نضيف أيضاً أنه وإن البعض القليل لم يورد هذه الأسفار ضمن قائمة الأسفار الخاصة بالتوراة اعتماداً على كلام يوسيفوس المؤرخ اليهودى او استناداً لآراء بعض اليهود الأفراد الذين كان مذهبهم حذف أجزاء الكتاب التى  تقرعهم بالملائمة بسبب مخازيهم وتعدياتهم  ,  إلا أن الكثيرين من مشاهير آباء الكنيسة غير من ذكرنا اعترفوا بقانونية هذه الأسفار وأثبتوا صحتها واستشهدوا بما ورد فيها من آيات. ومن أمثلة هؤلاء إكليمندس الرومانى وبوليكربوس من آباء الجيل الأول ،وإيريناوس من آباء الجيل الثانى ، وإكليمندس الاسكندرى ود يوناسيوس الاسكندرى وأوريجانوس وكبريانوس وترتوليانوس وأمبروسيوس وإيلاريوس ويوحنا فم الذهب وإيرونيموس وأغسطينوس من آباء الجيل الرابع . وغير هؤلاء أيضا مثل كيرلس الأورشليمى وإغريغوريوس النرينزى والنيصى وأوسابيوس القيصرى . وكل هؤلاء نظموا هذة الأسفارضمن الأسفار القانونية للكتاب واستشهدوا بها فى كتبهم ورسائلهم وتفاسيرهم وشروحاتهم وخطبهم وردودهم على المهرطقين والمبتدعين . وقد وردت شهادات هؤلاء الآباء عن الأسفار المحذوفة وباقى أسفار الكتاب المقدس فى الكتاب المشهور ( اللاهوت العقيدى ) تأليف ( فيات ).

5 _ يقول البروتستانت أن اليهود لم يعترفوا بهذه الأسفار خصوصاً وانها فى الغالب كتبت فى وقت متأخر بعد عزرا فضلاً عن أن هناك أمور تحمل على الظن  أن هذه الأسفار كتبت أساساً باللغة اليونانية التى لم يكن يعرفها اليهود 0 ونرد على هذا بالقول أن اليهود وإن كانوا قد اعتبروا هذه الأسفار أولاًً فى منزلة أقل من باقى أسفار التوراة بسبب أن تعاقب الكتبة الملهمين لم يكن عندهم فى تمام التحقيق , إلا أنهم بعد ذلك  اعتبروا هذة الأسفار فى منزلة واحدة مع باقى الأسفار . كما أن الظن بأن  هذة الأسفار غالباً كتبت أصلاً باللغة اليونانية , يلغيه أن الترجمة السبعينية التي ترجمت بموجبها جميع أسفار التوراه من اللغة العبرية الى اللغة اليونانية , وكانت ترجمتها فى الإسكندرية فى عهد الملك بطليموس الثانى فيلادلفوس سنة 285 ق.م . لفائدة اليهود المصريين الذين كانوا لا يعرفون العبرية بل اليونانية .... هذه الترجمة لأسفار التوراة تضمنت الأسفار المحذوفة دليلاً على أنها من الأسفار المعتمدة من اليهود ودليلاً على أنها لم تكتب أصلاً باليونانية . هذا بالإضافة إلى أن النسخ الأثرية القديمة المخطوطة الأخرى من التوراة وهى النسخ السينائية والفاتيكانية والاسكندرية وكذلك النسخة المترجمة للقبطية التى تعتبر أقدم الترجمات بعد السبعينية وكذا الترجمات القديمة العبرية ومن بينها ترجمات سيماك وأكويلا وتاودوسيون والترجمة اللاتينية والترجمة الحبشية , تضمنت جميعها الأسفار المحذوفة حتى الآن فى مكتبات لندن وباريس وروما وبطرسبرج والفاتيكان.

6 _  يقول البروتستانت أن هذة الأسفار لا ترتفع الى المستوى الروحى لباقى أسفار التوراة ولذا فلا يمكن القول أنة موحى بها . ونحن نقول ان البروتستانت اعتادوا فيما يتعلق بالعقائد الأساسية والمعلومات الإيمانية ان يقللوا من أهمية الدليل على صدقها دون أن يبينوا سبب ذلك بوضوح . وهى قاعدة واضحة البطلان . ونضيف أن الأسفار التى حذفها البروتستانت تتضمن أحداث تاريخية لم يختلف المؤرخون على صدقها . كما أنها تعرض لنماذج حية من الأتقياء القديسين . فضلاً عن أنها تتضمن نبؤات عن السيد المسيح وكذا أقوالاً حكيمة غاية فى الكمال والجمال ولا معنى إذاً للقول أن الاسفار التى حذفوها غير موحى بها.

فذلكة تاريخية تؤكد صحة الأسفار المحذوفة:

مع احترمنا لمبدأ الحوار والمناقشة الحرة مع البروتستانت , وقد سبق أن فندّنا ادعاءاتهم بشأن عدم قانونية الأسفار المحذوفة , نأتي هنا ببعض الكلمات والأحداث التي لا سبيل لإنكارها لنؤكد صدق وصحة هذة الأسفار :

1 _ واضح من دراسة تاريخ البروتستانت والكنيسة أنها مذهب مبنى على المعارضة والاحتجاج وقد قامت بالفعل حروب بين البروتستانت والكنيسة البابوية برئاسة البابا بولس العاشر قتل فيها عشرات الآلاف وأحرقت ودمرت فيها بعض المدن ومئات من الكنائس والأديرة . وقد اشتهر ( مارتن لوثر ) قائد الثورة البروتستانتية وبعض أتباعه بالشطط والكبرياء . ومن أقوال لوثر المشهورة ( إنني أقول بدون افتخار أنة منذ ألف سنة لم ينظف الكتاب أحسن تنظيف ولم يفسر أحسن تفسير ولم يدرك أحسن إدراك أكثر مما نظفتة وفسرتة وأدركتة ) ونظن أنه بعد هذا الكلام لا نتوقع منة إلا أن يحذف من الكتاب بعض الأسفار الموحى بها . بل إن لوثر وأتباعة حذفوا فى زمانهم أسفاراً أخرى من العهد الجديد مثل سفر الأعمال ورسالة يعقوب . وقيل أنهم حذفوا أيضا سفر الرؤيا . غير أنهم أعادوا هذه الأسفار لمكانها فى الكتاب المقدس لما أكل الناس وجوههم !.

2 _ لعل مما خلط على الأذهان فيما يتعلق بموقف البروتستانت بعد ثورتهم على الكنيسة الكاثوليكية البابوية من هذه الأسفار , أن مادعوه بالأبوكريفا لم يكن فقط هذة الأسفار التي اعتبرها الأرثوذكس والكاثوليك قانونية , ولكن كانت هناك أسفار أخرى مرفوضة تماماً حتى من الكاثوليك والأرثوذكس ولم تقرها أي كنيسة فى العالم مثل أسفار عزرا الثالث والرابع وأخنوخ وغيرها.

3 _ العجيب أن  بعض الكنائس البروتستانتية تختلف فيما بينها حول قانونية هذه الأسفار . ويكاد يميل إلى قبولها من بين هذه الكنائس الأسقفية الإنجليكانية والكنيسة البروتستانتية الألمانية.

4 _ لما حدث مناقشة عن قانونية هذه الأسفار فى الأجيال الأولى للمسيحية , تقرر بالإجماع تضمينها كتب القراءات الخاصة بالخدمات الكنيسة . وفى كنيستنا القبطية الارثوذكسية نقراء فصولاً من هذه الأسفار ضمن قراءات الصوم الكبير وأسبوع الآلام اعتباراً من باكر يوم الجمعه من الأسبوع الثالث للصوم  إلى صباح سبت الفرح وحتى ليلة عيد القيامة ذاتها .  وكذلك تعترف معنا بها كنيسة انطاكية والكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة اليونانية الأرثوذكسية والكنيسة البيزنطية وباقى الكنائس التقليدية.

5 _  وردت هذه الأسفار ضمن الكتب القانونية فى قوانين الرسل . وقد أثبتها الشيخ الصفى بن العسال فى كتابة (  مجموع القوانين  _ الباب الثانى  ) كما أثبتها أخوة الشيخ اسحق بن العسال فى كتابة (  أصول الدين ) وتبعهما أيضا القس شمس الرياس الملقب بابن كبر فى كتابة ( مصباح الظلمة . ).

6 _ عقدت أيضا مجامع كثيرة على ممر العصور لتأكيد عقيدة الكنيسة فى قانونية هذه الأسفار . ونذكر منها مجمع هيبو عام 393 م الذى حضرة القديس أغسطينوس . ومجمع قرطاجنة عام 397 م , ومجمع قرطاجنة الثانى عام 419 م , ومجمع ترنت عام 1456 م للكنيسة الكاثوليكية , ومجمع القسطنطينية الذى كمل فى ياش عام 1642 م , ومجمع أورشليم للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية عام 1982 م.

هل حدث استشهاد بهذه الأسفار أو اقتباس منها فى العهد الجديد ؟ 

بهذا السؤال ورد اعتراض على قانونية الأسفار التى حذفها البروتستانت بحجة أن كتبة العهد الجديد لم يستشهدوا بها أو يقتبسوا منها . والرد على ذلك أن عدم الاستشهاد بأسفار من العهد القديم فى العهد الجديد لايقوم دليلا على عدم قانونية هذة الأسفار ,وإلا لكان يلزمنا أن نقول أن أسفارا مثل استير والجامعة ونشيد الأنشاد وراعوث  والقضاة وسفرى أخبار الأيام  الأولى والثانى هى الأخرى غير قانونية ومدسوسة ومشكوك فى صحتها لأنة لم ترد اقتباسات منها فى أسفار العهد الجديد . ورغم ذلك نقول أيضاً :

1 _ أن السيد المسيح نفسة تحدث فى إنجيل يوحنا 10 مع اليهود فى عيد التجديد . فقد ذكر فى هذا الاصحاح قول الوحى " وكان عيد التجديد فى أورشليم وكان شتاء . وكان يسوع يتمشى فى الهيكل فى رواق سليمان . فاحتاط بة اليهود وقالوا لة إلى متى تعلق أنفسنا . إن كنت المسيح فقلنا جهراً . أجابهم يسوع إنى قلت لكم ولتتم تؤمنون . الأعمال التى أنا أعملها باسم أبى هى تشهد لى " يو 10 : 22 -25 " . والعجيب أن عيد التجديد هذا لم يرد ذكرة إطلاقا فى أسفار التوراة القانونية المعروفة . غير أنة ورد ذكرة فى أحد الأسفار التى حذفها البروتستانت وهو سفر المكابيين الأول ( 1مكا 4 : 59 ) حيث ثبت أن  ( يهوذا المكابى ) هو أول من رسم مع أخوتة أن يحتفل اليهود بهذا العيد مده ثمانية أيام فى كل عام تذكاراً لتطير الهيكل وتجديد المذبح وتدشينه . فإذا كان السيد المسيح تكلم مع اليهود فى هذا العيد , وإذا كان يوحنا الرسول كتب فى انجيلة عن هذا العيد الذى لم يرد ذكرة إلا فى سفر المكابيين الأول الذى حذفه البروتستانت مع احتفال المسيح بهذا العيد ومع استشهاد الرسول يوحنا بة فى انجيلة إلا إذا كان سفر المكابيين الأول وغيرة من الأسفار التى حذفها البروتستانت هى أسفار صادقة وصحيحة وقانونية وموحى بها ؟!

2 _ اقتبس كتبة أسفار العهد الكثير من الأسفار القانونية الثانية التى حذفها البروتستانت . ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الاقتباسات الآتية :

1- سفر طوبيا :   طو 4 : 7 ,10 , 11 ( قابل لو 14 : 13 ,14 ) وطو 4: 13 ( قابل 1 تس 4: 3 ) وطو 4 :16 ( قابل مت 7 :12 ) وطو 4 : 23 ( قابل رو 8 : 18 ).

2- سفر يهوديت :   يهو 8 : 24 , 35 ( قابل 1 كو 10 : 9 ) ويهو 13 : 23 ( قابل لو 1 : 42 ).

3- سفر الحكمة : حك 2 : 6 ( قابل 1 كو 15 : 32 ) وحك3 :7 (قابل مت 13 : 43 ) وحك 3: 8 ( قابل 1 كو 6:2 ) وحك 4:4  (قابل مت 7 :27 ) وحك 13 : 1 ,5 ,7 ( قابل رو 1 : 18 , 21 ) وحك 15 : 7 ( قابل رو 9 : 21 ).

4- سفر يشوع بن سيراخ : سيراخ 2 :1 ( قابل 2 تى 13 : 12 ) وسيراخ 2 :18 ( قابل يو 14 : 23 ) وسيراخ 3 :20 ( قابل فى 2 : 3 ) وسيراخ 11 : 10 ( قابل 1 تى 6 :9 ) وسيراخ 11 : 19 , 20  ( قابل لو 12 : 19 , 20 ) وسيراخ 13 : 21 , 22 ( قابل 2كو 6 :4 1 , 16 ) وسيراخ 14 :13  ( قابل لو 16 : 9 ) وسيراخ 14 : 18 ( قابل 1بط 1 : 24 ) وسيراخ 15 :3 ( قابل يو 4 : 10  ) وسيراخ 15 :16 ( قابل مت 19 : 17  ) وسيراخ 15 : 20 ( قابل عب 4 :13 ) وسيراخ  16 :15  ( قابل رو 2 :6 ) وسيراخ 17 : 24 ( قابل 1 تس 5 : 17 ) وسيراخ 19 : 13 ( قابل مت 18 : 15 ولو 17 : 3 ) وسيراخ 19 : 17 ) ( قابل مع 3 :2 ) وسيراخ 28 : 1 ,2 ( قابل مر 11 : 25 , 26 ) وسيراخ 35 : 11 ( قابل 2 كو 9 : 7 ) وسيراخ 41 : 27 ( قابل مت 5 :28 ).

5- سفر المكابين الأول والثانى : 1مكا 4 : 59 ( قابل يو 10 : 22 _ 25 ) 2مكا 6 : 9 _19 ( قابل عب 11 : 35 _ 37 ) و 2مكا 8 : 5 ,6 ( قابل عب 11 : 33 ,34 ) مع ملاحظة أن هذه الاقتباسات قليل من كثير .

تعريف وتقديم لسفر طوبيا :

طوبيا كلمة عبرية تتكون من مقطعين ( طوب ياه ) ومعناها ( الله . طيب ) . وقد وردت هذة الكلمة فى الكتاب المقدس إسماً لأكثر من شخص :

1 _ شخص لاوى أرسلة يهو شافاط ملك يهوذا مع آخرين من اللاويين إلى الشعب فى مدن يهوذا لكى يعلموة سفر شريعة الرب ( 2 أخ 17 : 8 ) .

2 _  عبد عمونى ساءه بناء وترميم أسوار مدينة أورشليم  فتآمر مع مجموعة من العرب والعمونيين ولأشدوديين المناوئين لمحاربة اليهود ومنعهم من إعادة بناء المدينة من جديد ( نح 2 : 10 و4 : 3 ,7 ) وقد روى عن طوبيا العمونى أيضاً أنة كان رئيساً وحاكماً للعمونيين , وأنة تحالف مع اليهود المقادين لنحميا . وقد تمكن فى غيبة نحميا أن يقيم بعض الوقت فى بعض غرف الهيكل . غير أن نحميا لما عاد لأورشليم , طردة وطهر الموضع الذى كان فية . ويقال أن قيصر ه قد تم اكتشافهما فى بلدة ( عرق الأمير ) شرقى الأردن ) .

3 _ شخص آخر من اليهود كان بنوه ضمن بنى السبى الذى سباه نبوخذ نصر الملك فى بابل , فرجعوا إلى أورشليم أيام نحميا مع بابل . غير  أنهم لم يستطيعوا إثبات نسبهم أو يبنوا بيوت آبائهم ونسلهم هل هم من إسرائيل أم لا وذلك بسبب فقدهم تواريخ أسر آبائهم ( عز 2 :60 ونح 7 :62 ) .

4 _ شخص يهودى آخر من أهل السبى , أمر الرب زكريا النبى أن يأخذ منه ومن غيرة ذهباً وفضة ليعمل منها تيجاناً توضع على رأس يهوشع بن يهوصادق الكاهن العظيم ( راجع زك 6 : 10 _ 14 ) .

أما طوبيا الذى سمى هذا السفر باسمة ، فهو رجل من سبط نفتالى سباه ( شلمنآسر ) ملك أشور وسكن أثناء السبى فى مدينة نينوى مع حنة امرأته وابنه الذى كان له نفس الاسم ( طوبيا ) . ومن المرجح أن يكون طوبيا الابن هو الذى كتب هذا السفر قبل  مولد السيد المسيح بزمان.

ويتكون سفر طوبيا من 14 أصحاحاً . وقد وصفة أحد مشاهير الكتاب البروتستانت بأنه سفر شيق للغاية يتضمن وصفاً بالغاً حد الإيداع لسيرة عائلة اسرائيلية تقيية عاشت فى زمن الأسر الأشورى نحو سنة 722ق .م وتقلبت عليها الأحوال . وقد نال جميع أفراد هذه العائلة كرامه وثناء بسبب محافظتهم الدقيقة على شريعة الرب ولإحسانهم إلى الذين يحبونها ( = كتاب مرشيد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين _ دكتور سمعان كهلون ص 305 ) .

وقد جاء فى القانون 27 لمجمع قرطاجنة اعترف صريح بقانونية هذا السفر وسفر يهوديت . كما سماه القديس كبريانوس فى مقال له بأنه " كتاب طوبيا الموحى به من الله " ( = مقاله عن الرحمة _ للقديس كبريانوس ) هذا , وقد استشهد بالسفر الكثير من المشاهير الآباء الأولين فى كتايتهم . ونذكر من هؤلاء بوليكارنوس تلميذ يوحنا الرسول ( = فى رسالتة لأهل فيلبى ) وإكليمندس الرومانى  ( فى رسالتة الثانية إلى أهل كورنثوس ) وأوريجانوس ( = فى كتابة الصلاة فصل 11 ،14 ،32 ) وإكليمندس الإسكندر ( = فى كتابه المربى 2 فصل 23 و6 فصل 13 ) وديوناسيوس الإسكندرى ( = فى رسالتةالعاشرة ) والبابا أثناسيوس الرسولى ( = فى رده على الأريوسيين فصل 11 ) وأيضاً كبريانوس وباسيليوس وإيرونيموس فى كتاباتهم المختلفة .

هذا، وقد وردت اقتباسات من هذا السفر فى العهد الجديد نقلها عنة فى الأنجيل والرسائل كل من متى ولوقا وبولس الرسول . وفيما يلى نصوص ماورد فى السفر والاقتباسات التى تقابلها فى العهد الجديد :

1 _ تصدق من مالك ولاتحول وجهك عن فقير ، وحينئذ فوجه الرب لايحول عنك .. فإنك تدخر لك ثواباً جميلاً إلى يوم الضرورة .... كل خبزك مع الجياع والمساكين واكس العراة من ثيابك ( طو 4 : 7 ،10 ، 17 ) ويقابل ذلك ماورد فى انجيل لوقا ( بل إذا صنعت ضيافة فادع المساكين الجدع العرج العمى . فيكون لك الطوبى  إذا ليس لهم حتى يكافوك لأنك تكافىء فى قيامة الأبرار ) لو 14 : 13 ،14 .

2 _ أحذر لنفسك يابنى من كل زنى ولا تتجاوز امرأتك مستبيحا معرفةالإثم أبداً (  طو 4 : 13 ) ويقابل ذلك ماورد فى رسالة تسالونيكى الأولى ( لأن هذة هى إرادة الله قداستكم أن تمتنعوا عن الزنى ) اتس 4 :3 .

3 _  كل ماتكرة أن يفعلة غيرك بك فإياك أن تفعله أنت بغيرك ( طو 4 : 16 ) ويقابل ذلك ماورد فى كل من إنجيل متى ولوقا البشرين ( فكل ماتريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضا بهم لأن هذا هو الناموس والأنبياء ) مت 7 : 12 ( وكما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم  أيضاً بهم هكذا ) لو 6 : 31 .

4 _  ولا تخف ياولدى فإن نعيش عيشة الفقراء ولكن سيكونلنا خير كثير إذا  اتقينا الله وابتعدنا عن كل خطيئة وفعلنا خيراً ( طو 4 : 23 ) ويقابل ذلك ماورد فى رسالة رومية ( فإنى أحسب أن آلام الزمان الحاضر لاتقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا ) رو 8 : 18 .
 

تعريف وتلخيص لسفر يهوديت  :

كما أن الكلمة العبرية ( يهودي ) تعنى فى العربية ( يهودى ) أى من جنس اليهود ، فإن كلمة ( يهوديت ) كلمة عبرية أيضاً تعنى ( يهودية ) . وقد وردت كلمة ( يهوديت  ) فى الكتاب المقدس من سابق إسماً لإحدى زوجات عيسو ابن اسحق ابن ابراهيم . وقد ورد عنها أنها ابنة بيرى الحثى . ودعيت أيضا باسم ( أهو ليبامة ) وقد كانت مرارة نفس لاسحق ورفقة ( أنظر 26 : 34 ، 35 وتك 36 : 2 ) أما يهوديت التى هى محور هذا السفر ، فهى بطلة يهودية مشهود لها بالتقوى والغيرة . وقد أنقذت بمعونة الرب وبذكائها وحكمتها وشغبها من بطش اعدائه .

وكاتب هذا السفر مجهول . غير أن البعض ينسب كتابته إلى ( يواكيم ) الحبر الأعظم . وقد كتبالسفر أولاً بالغة العبرية . ولكن الأصل العبرى مفقود الآن . أما نصة باللغة اليونانية ، فهو وارد ضمن باقى أسفار العهد القديم فى الترجمة السبعينية للتوراة . ويتكون السفر من ستة عشر أصحاحاً .

وفى المقدمة التى جائت فى كتاب ( يهوديت ) والتى كتبها القديس إيرونيموس تلميذ القديس إغريغوريوس الثيئولوغوس ، قال أن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا السفر واعتبره واحداً من الأسفار الموحى بها . كما أن مجمع قرطاجنة فى قانونه السابع والعشرين اعترف بأن هذا السفر من الأسفار القانونية للتوراة ,هذا بالاضافة الى أن المجمعين اللذين عقد أحدهما فى مدينة القسطنطينية وأكمل فى ياش عام 1642 ، والذى عقد ثانيهما فى مدينة أورشليم عام 1672 ، قد أقر سفر يهوديت ضمن الكتب المقدسة الموحى بها قائلين عنها أنها ( كتب مقدسة إلهية ) . كما صدر قرار بنفس هذا المعنى أيضاً من المجمع التريدنتينى اعترافاً بمجموعة الأسفار القانونية الثانية باعتبار أنها جميعاً واردة فى النسخة السبعينية التى ترجمت فيها التوراة للغة اليونانية سنة 280 قبل الميلاد ( = عقد هذا المجمع فى ترينت عام 1456 م ) .

وقد ورد فى كتاب مشاكاة الطلاب فى حل مشكلات الكتاب طبعة 1929 ( صفحة 166 ) أن الكثيرمن القديسين من آباء الجيل الأول والثانى والثالث والرابع وغيرهم ، استشهدوا بسفر يهوديت فى كتابتهم . ومن أمثلة هؤلاء الآباء القديسين إكليمندس الرومانى  ( = فىرسالتة الأولى إلى كورنثوس فصل 55 ) والقديس إكليمندس الإسكندرى ( = فى كتابة المربى 2 ف 7و 4 ف 9 ) والقديس أوريجانوس ( = فى كتابة الصلاة ف 13 ، 29 ) والقديس البابا أثناسيوس الرسولى ( = فى خطبتة الثانية ضد أريوس 2 : 35 ) والقديس إيرونيموس والقديس أمبروسيوس وغيرهما فى كتاباتهم .

وبرغم اعتراض الكنيسة البروتستانتية على هذا السفر وغيرة من أسفار مجموعة الأسفار التى جمعت بعد عزرا الكاهن ، فإن بعض الكنائس البروتستانتية كالكنيسة الألمانية تقر هذا السفر وتعتبرة ضمن الأسفار القانونية . وقد كتب بعض مشاهير الكتاب والمؤلفين البروتستانت تقريظات عن هذا السفر ، وإن هذا السفر ، وإن كانوا لم يخفوا رفضهم له كسفر موحى به . ومن أمثله هؤلاء :

1 _ القس داود حداد من القدس ( = فى قاموس الكتاب المقدس _ مكتبة المشعل ببيروت ، طبعه 1964 ص 1084 ) وقد قال عنة ( هو سفر تعتبرة الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية من ضمن الأسفار القانونية الثانية أو التى فى المرتبة الثانية بعد الوحى المدون فى الأسفار القانونية ) .

2 _ دكتور سمعان كهلون ( = فى كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين _ طبعة بيروت 1937 ص 305 حيث تحدث عنة بالقول (موضوع هذا السفر انتصار اليهود على هولو فرنيس = يقصد ألفانا القائد = القائد الأشورى الغازى وذلك بالاعتماد على مساعدة أرملة يهودية ذات غنى وجمال وعلى جانب عظيم من التقوى والورع اسمها يهوديت . وكاتب السفر مجهول وتاريخ كتابتة أيضا غير معروف بالتأكيد .إلا أنة يظهر من الروح التى تتمشى فية أنة كتب فى عصر المكابيين ) .

  علىأنه مما يؤكد حقيقة صحة هذا السفر وقانونيتة وأنه كتب بلسان الوحى الإلهى ، أن هناك اقتباسات من هذا السفر  أوردها كل من البشير لوقا وبولس الرسول فى نصوص العهد الجديد ، كما نوضح فيما يلى :

1 _ فأما الذين يقبلوا البلايا بخشية الرب أبدوا جزعهم وعادوا تذمرهم على الرب، فاستأصلهم المستأصل وهلكوا بالحيات ( يهو 8 : 24 ، 25 ) وهذا يقابله ماورد فى رساله بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس بقوله ( ولا تجرب المسيح كما جرب أيضاً أناس منهم فأهلكتهم الحيات ) 1كو 10 :9

2 _ وقال لها عزيا رئيس شعب إسرائيل مباركة أنت يابنية من الرب الإلة العلى فوق جميع نساء الأرض ( يهو 13 : 23 ) وهكذا يقابلة  ماورده لوقا الانجيلى على لسان أليصابات لما زرتها العذراء القديسة مريم بقولة  ( وصرخت بصوت عظيم  وقالت مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك ) لو 1 : 42
 

تعريف بسفر إستير :

استير هى بطلة هذا السفر المسمى باسمها فى الكتاب المقدس . وإستير هو السفر السابع عشر من أسفار التوراه بحسب طبعة دار الكتاب المقدس . غير أنة يوضع بعد سفر يهوديت بحسب عقيدة الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية . وإستير كلمه هندية بمعنى ( سيدة صغيرة ) كما  أنها  أيضاً كلمه فارسية بمعنى ( كوكب ) غير أن إستير كان لها اسم آخر عبرانى هو ( هدسة ) ومعناه شجرة الآس ويعنى بها نبات الريحان العطر . وينطق بلغة أهل بلاد اليمن العرب ( هدس ) . وإستير أو هدسة وصفها الكتاب بأنها فتاه يهودية يتيمه ( لم يكن لها أب ولا أم .. وعند موت أبيها وأمها اتخذها مردخاى لنفسة ابنة ) إس 2 :7 ويفهم من السفر أنها ( إبنه أبيجائلعم مردخاى ( إس 2 : 15 ) وكون مردخاى بحسب وصف الكتاب له أنه ( ابن يائير بن شمعى بن قيس رجل يمينى ) إس 2 : 5 وهو ابن عم استير ، هذا يرجع أن مردخاى وإستير كانا من سبط بنيامين . وقد كان الاثنان أصلاً من مدينة أورشليم . فلما سبى مردخاى من أورشليم مع السبى الذى سبى منيكنيا ملك يهوذا الذى سباه نبوخذ نصر ملك بابل ، أخذ مردخاى أبنة عمة معه الى مدينه ( شوش ) التى كانت عاصمة مملكة فارس . وكانت إستير ( جميلة الصورة وحسنةالمنظر ) إس 2 :7 فلما طلب الملك أحشويرس أن يجمعوا لة كل الفتيات العذارى الحسنات المنظر ليختار من بينهم واحده تملك مكان ( وشتى ) الملكة السابقة التى احتقرت الملك ولم تطع امره . أخذت إستير إلى بيت الملك مع باقى الفتيات المختارات . وبالنظر لأنها حسنت فى عينى الملك ونالت نعمة من بين يدية ، فقد انتخبت ضمن السبع الفتيات المختارات اللواتى نقلن إلى أحسن مكان فى بيت النساء . ولما بلغت نوبة إستير لتمثل أمام الملك فى الشهر العاشر فى السنة السابعة لملكة ، أحبها الملك أكثر من جميع العذارى . فوضع تاج الملك على رأسها وملكها مكان وشتى ( راجع إس 2 : 1 _18 )

وسفر إستير بحسب طبعة البروتستانت ( طبعة دار الكتاب المقدس ) يتكون من عشرة أصحاحات آخرها وهو الأصحاح العاشر يضم ثلاثة أعداد فقط . غير أنة بإضافة الجزء الذىحذفة البروتستانت منه وهو من إستير 10 _ 4 _ إستير 16 ) يتضح لنا أن السفر مكون من سته عشر أصحاحاً . وهذة التتمة تعتقد الكنيستان الارثوذكسية والكاثوليكية فى صحتها وقانونيتها رغم رفض البروتستانت له .ومن سابق رفض ( مارتن  لوثر ) زعيم المذهب البروتستانتى السفر ككل فى مبدأ الأمر . وكانت حجتة فى ذلك أن اسم ( الله ) لم يذكر مرة واحدة فى السفر . وقد ظل السفر موضع نقاش كثير إلى أن استقر البروتستانت على قبول العشرة أصحاحات الأولى منة .

ويرى البروتستانت أن تتمة السفر كتبت فى وقت متأخر بعد عزرا ، وأنه لا يوجد تناسق أو انسجام بين السفر فى العبريه وهذة الزيادات ( انظر قاموس الكتاب المقدس ، الدكتور القس بطرس عبد الملك والدكتور القسجون طمسن _ ص 66 ) غير أن البعض الآخر من البروتستانتوإن كانوا ينكرون هذه الإضافات لكنهم يقولون عنها أن المراد بها إضافات إلى قصة إستير ومردخاى والغرض منها تكمله القصة ، وقد أدمجت بمهارة فى أمكنها فى الترجمة السبعينية . ويرجح أن كاتبى هذة الإضافات هم من يهود مصر . ويقولون أن أقل هذة الإضافات قيمة هى الأوامر المنسوب إصادرها إلى ملك الفرس ، إلا أنها فيها صلوات تشف عن روح تقوى حقيقة ( = كتاب مرشد الطالبين الى الكتاب المقدس الثمين  _ دكتور سمعان كهلون _ طبعة بيروت 1937 ص 305 )

ويبنى البعض اعتراضهم على السفر ككل على الآتى :

1 _ أن السفر تتخلله كلمات فارسيه كثيره
2 _ أن السفر خلا من أى اقتباس منه فى أسفار العهد الجديد
3 _ إرجاع أسماء الشخصيات الرئيسية فى السفر إلى أصول بابلية أو عيلامية لا يعطى للسفر قيمه تاريخية دقيقة . ومن أمثلة هذه الاسماء إستير (  = ربما اشتقت من أشتار آلهه البابلين ) وهدسه ( = ربما أشتقت من الكلمة البابليه حدشتو بمعنى عروس ) ومردخاى ( = ربما أشتقت الاسم من مردوخ الإله البابلى ) وهامان  ( وهو اسم الإلة العيلامى همان ) غير أنة يمكن الرد على هذة الاعتراضات بالآتى :

1 _ كون السفر تتخلله كلمات فارسية ، هذا لاينقص من قيمة السفر الذى تمت حوادته فى بلاد فارس . ولا شك أن كاتب السفر يهودى تأثر وهو فى السبى بلغة أهل بلاد السبى ونطق لغتهم ، تماماً تأثر موسى النبى بلسان أهل البادية فى أرض مديان وهو اللسان العربى ، فكتب فاتحة سفر أيوب ( ص 1 ، 2 ) وخاتمته  ( ص 42 ) باللغه العربية التى كان يجيد نطقها وكتابتها لمعاشرته أهلها مده طويلة ( =40 سنه ) فى مديان .
2 _ كون السفر خلا تماماً من وجود أى أقتباس منه فى أسفار العهد الجديد ،هذا لاينقص أيضاً من قيمته . فهناك غيرة أسفار أخرى من التوراه لم ترد اقتباسات منها فى العهد الجديد . ومع ذلك نجد أن سفراً من العهد القديم هو سفر المكابيين الثانى يقتبس من سفر إستير دليلاً على صحته . فقد تحدث كاتب المكابيين فى ( 2 مك 15 :37 ) عن الاحتفال بيومى الفوريم المذكور موعدها ( = الرابع عشر والخامس عشر من شهر آذار ) وطقسهما ووضعهما القومى فى (إس 9 : 15 _ 32 ) على أن هذا العيد هو ( يوم مردخاى ) بحسب تعبير سفر المكابيين الثانى ( 2مك 15 : 37 ).
3 _ كون أن أسماء بعض الشخصيات الرئيسية فى سفر إستير ترجع إلى أصول بابلية أو عيلامية ، هذا لايقلل من صحة السفر أو قيمته التاريخيه فهناك أسماء أخرى غير هذة وردت فى أسفار أخرى من الكتاب المقدس ترجع لأصول غير عبريه . ولم يجد اليهود غضاضة فى ان يتسموا بأسماء غير يهودية . وعلى السبيل نذكر أسماء تيطس ( = اس رومانى ) وتيموثاوس ( = اسم يونانى ) ومرقس ( = اسم لاتينى ) ضفات فعنيح الذى هو  يوسف ( = اسم مصرى قديم ) وموسى  ( = اسم مصرى ) ولا يمكن أن يقال أن وجود اسماء غير يهودية فى سفر إستير يقلل من القيمة التاريخية للسفر ، لانه من المؤكد والمحقق عند ثقات علماء الكتاب المقدس أن سفر إستير هو سفر تاريخى بكل معنى الكلمة ، فهو يشير إلى تاريخية الحوادث التى يتحدث عنها ويؤيدها بتواريخ واضحة حسب التقويم الفارسى وهى مسجلة جميعها فى الوثائق الرسمية والملكية . ( انظر إس 2 : 16 ، 23 و 3 :7 ,12 و 6 : 1 و9 : 1 , 15 و 10 : 2 ).

هذا وهناك ثمة براهين تاريخية ومدنية تؤكد صدق وقانونية سفر إستير كلة بمافية من أضافات يعتبرها الأرثوذكس والكاثوليك أنها قانونية وصحيحة , ونلخصها فيما يلى :

1 _ سفر إستير باللغة العبرية موجود فى توراه اليهود . ويقع فى القسم من التوراة الذى يسمى ( كتوبيم ) أى الكتب .
2 _ السفر وتتمتة واردان فى الترجمة السبعينية اليونانيه للتوراة التى تمت فى مصر عام 280 ق.م
3 _ السفر وتتمتة واردة فى الترجمة الكاثوليكية اللاتينية المعتمدة المسماه ( الفولجاتا ) وايضا فى الترجمات الأخرى القديمة كاالقبطية والحبشية وغيرها . وأيضاً وردفى الترجمة العربية للكتاب المقدس الخاصة باليسوعيين .
4علاقة هذا السفر وماورد فية من عيد الفوريم بما كتبة يوسيفوس المؤرخ اليهودى عن عيد الفوريم الذى كان يمارس فى عصرة ،تدل دلالة أكيدة على صحة السفر .
5 _ كان اليهود يعتبرون سفر إستير من الأسفار المهمة التى تحكى تاريخهم القومى ، وقد وضعوة فى الادراج الاربعة المعروفة فى العبرية باسم ( مجلوث ) التى كانوا يقرأونها فى المناسبات القومية ، كل سفر فى حينة ومناسبته . وآخر هذه المناسبات هو عيد الفوريم أو البوريم كما يسمونة الذى كانوا يقرأون فية هذا السفربالذات تذكاراً لخلاصهم من المجزرة التى أعدها هامان لإفنائهم كشعب . وقد سمى هذا العيد ( فوريم ) نسبة إلى ( فورا ) بمعنى قرعة حيث ألقى هامان قرعة ليتأكد من اليوم المناسب لتنفيذ مذبحتة . وقد شاع الاحتفال بهذا العيد بطقس معين . فكان عليهم أن يصوموا فى اليوم الثالث عشر من آذار ( = يقابلة شهر مارس ) . وفى المساء حيث يبدأ أول اليوم الرابع عشر يجتمعون فى المجمع . وبعد العبادة المسائية يقرأون سفر إستير . ولما يصلون فى قراءتهم لذكر اسم ( هامان ) كان كل  جمهور المصلين يصرخون قائلين ( ليمحى اسم ذلك الشرير ) . وفى اليوم التالى كانوا يعودون ثانية الى المجمع لإتمام فرائض عبادة العيد . ثم يصرفون النهار بالفرح والبهجة وتقديم الهدايا والعطايا للفقراء ( = انظر إضافات إستير 16 _ 19 _ 24 ، وانظر أيضاً قاموس الكتاب المقدس طبعة بيروت 1964 تحت كلمة فوريم ص699 ) .
6 _ اكتشفت مؤخراً نقوش أثرية فارسية سجلت اسم ( مردخاى ) كأحد رجال البلاد الملكى الفارسى أثناء حكم أحشويرش الملك . وهذا يؤكد صدق السفر وصحتة .

هذا ومما يزيد يقيناً فى صدق السفر وإضافاتة أن الكثير من القديسين آباء الأجيال الأولى للمسيحية استشهدوا بهذة الاضافات فى كتابتهم وكتبهم وعظاتهم . ومن أمثلة هؤلاء القديسين إكليمندس الرومانى من آباء الجيل الأول ( = فى رسالتة الأولى لكورنثوس ف 55 ) وأرويجانوس من آباء الجيلين الثانى والثالث  ( = فى رسالتة إلى يوليوس الأفريقى ؟ وفى كتابة الصلاة ف 14 ) وكذا القديسين باسيليوس وإيرينيموس ويوحنا فم الذهب وأبيفانيوس فى كتابتهم وهم من آباء الجيل الرابع .

ويتبقى بعد ذلك أن نقول أن سفر إستير كتب أصلاً باللغة العبرية وترجم بعد ذلك لليونانية . وكاتب السفر مجهول غير أن البعض يرجح أن يكون هو عزرا أو مردخاى . أما زمن كتابه السفر فهى غير معروفة على وجهة التحقيق . ويعتقد البعض أنة كتب أثناء حكم ( أرتزركسيس  لونجمانوس ) فى الفترة 465 _ 425 ق . م  . على أن معظم النقاد يميلون إلى القول أنة كتب فى العصر الأغريقى الذى بدأ بفتوحات الإسكندر الأكبر عام 332 ق . م ، ويقولون  أن كتابتة تمت فى حوالى عام 300 ق .م ،  ( = قاموس الكتاب المقدس _ طبعة بيروت 1964 _ العمود الأخير ص 65 ) .
 

تعريف بسفر الحكمة :

يأخذ هذا السفر مكانه بعد سفر نشيد الأنشاد لسليمان الحكيم . وهو مكون من 19 أصحاحا كلها تفيض بأحاديث حكيمة عميقة المعانى الروحانية . وقد ورد هذا السفر ضمن أسفار التوراة فى النسخة السبعينية المترجمة إلى اليونانية . وبرغم اعتراض البروتستانت على قانونية هذا السفر وباقى اسفار المجموعة الثانية التى جمعت بعد عزرا الكاهن ، ولكنهم كتبوا يمتدحونة بسبب بلاغتة وسمو معانية . فقد ورد على لسان الدكتور سمعان كهلون فى كتابة ( مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين _ طبعة بيروت 1937 ص 303 و 305 ) قولة ( والبعض الآخر كسفر الحكمة وحكمة يشوع بن سيراخ ، فهو على جانب عظيم من البلاغة وعمق المعانى الروحية ) وكذا قولة أيضاً على سفر الحكمة  ( هذا السفر هو أجمل هذة الأسفار . وقد كتب بأسلوب يدل على تضلع تام من اللغة اليونانية. ويرجح أن كاتبة يهودى مصرى عاش بين عامى ) 15 و 50 قبل الميلاد وكان متضلعاً من الفلسفة اليونانية . وقصد مقاومة أغلاظ الوثنية ولاسيما عبادة الأصنام بإظهاره سموالحكمة المنبعثة عن خوف الله وحفظ شريعتة ومعرفة طريقة للخلاص ) .

وفى الجيل الرابع ذكر إيرونيموس أن بعض المؤمنين المسيحيين شكوا  فى صحة مجموعه الاسفار القانونية الثانية التى هى طوبيا ويهوديت والحكمة ويشوع بن سيراخ وباروخ والمكابييين الأول والثانى وتتمة كل من إستير ودنيال . غير أنة واضح من كتابات إيرونيموس أن هذا ليس رأية الشخصى بل رأى هذا البعض دون غيرة . ولهذا فقد ورد فى مقدمتة التى كتبها على أسفار سليمان قولة عن سفرى الحكمة ويشوع بن سيراخ ( يحسن بالكنيسة أن تتلوا هذين السفرين ) هذا فضلا عنإن إيرونيموس اقتبس من هذا السفر فى بعض كتاباتة . ومن أمثلة ذلك ماكتبة ( إن الحكمة لاتلج النفس الساعية بالمكر ولاتحل فى الجسد المسترق ، كما جاء فى الكتاب ) فإذا اعتبرنا أن العبارة السابقة التى كتبها موجودة بنصها فى سفر الحكمة ( حك 1 : 4فهو إذا يعترف بسفر الحكمة باعتبارة سفر كتابى موحى به.

ولقد انقسمت الآراء حول شخصية كاتب هذا السفر . فقال بعضهم إنة يونانى أو أنة يهودى مصرى لم يكن يعرف غير اللغة اليونانية . وحجتهم فى هذا أن النسخة الموجودة من السفر مكتوبة باليونانية بأسلوب فلسفى فصيح مشهود لة بالبلاغة وطلاوة العبادة ولعلهم نسوا أن السفر بنسختة اليونانية مترجم ضمن باقى أسفار التوراة من العبرية الى اليونانية فى النسخة السبعينية المعروفة غير أنة واضح أن كاتب السفر هو سليمان الملك ودليل ذلك الآتى :

1 _ أن أسلوب السفر يتخذ نفس النهج الحكمى الذى كتب بة سليمان كتاباتة من حيث البلاغة وعمق المعنى والاتجاة الحكمى الشعرى .
2 _ أن ترتيب السفر يتفق وكتابات سليمان ، فمكانة بعد سفر نشيد الأنشاد لسليمان مباشرة .
3 _ وثمة دليل آخر على سليمان هو كاتب سفر الحكمة ماورد فى السفر على لسان كاتبة منطبقاً على سليمان قولة ( إنك قد اخترتنى لشعبك ملكاً ولبنيك وبناتك قاضياً . وأمرتنى أن أبنى هيكلاً فى جبل قدسك ومذبحاً فى مدينة سكناك على مثال المسكن المقدس الذى هيأتة منذ البدء . إن معك الحكمة العليمة بأعمالك والتى كانت حاضرة إذا صنعت العالم وهى عارفة ما المرضى فى عينك والمستقيم فى وصاياك . فإرسلها من السموات المقدسة وابعثها من عرش مجدك حتى إذا حضرت تجد معى.

والآن نحن كمسلمين نسأل :

ما هو أساس قبول ورفض الأسفار لدى المسيحيين ....