قال القس : قال المعترض : ورد في 2صموئيل 24 : 1 أن الله ألقى في قلب داود أن يعد بني إسرائيل، ويُؤخذ من 1أخبار 21 : 1 أن الشيطان أغوى داود على ذلك. ولمَّا لم يكن الله خالق الشر عندهم لزم الاختلاف . وللرد نقول بنعمة الله : نعتقد أن الله هو الفاعل الحقيقي، ونسبة الإغواء والإغراء والتضليل إلى الشيطان مجاز عقلي، فإننا نعتقد أنه لا يحدث شيء إلا بإذن الله. وقد ورد صريحاً أن الله هو فاعل الخير بإرادته، وفاعل الشر بإذنه والسماح منه. وقد ورد في رسالة يعقوب 1: 13: لا يقُلْ أحدٌ إذا جُرِّب إني أُجرَّب من قِبَل الله، لأن الله غير مجرَّب بالشرور، وهو لا يجرِّب أحداً. ولكن كل واحد يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته . وهذا يعني أن الإنسان يُعاقب ويُثاب بالنظر إلى ما يختار. ومع ذلك يقول الله إنه خالق الخير والشر (إشعياء 45: 7). فالإغواء والإغراء يُنسَب إلى الشيطان مجازاً عقلياً لعلاقته السببية، فإنه لمَّا كان هو السبب في الشر والخطايا، نُسب إليه الإغواء، وإلا فالفاعل الحقيقي هو الله. فإذا قال النبي مرة إن الله ألقى في قلب داود أن يعدّ بني إسرائيل كان جارياً على الحقيقة، وإذا نُسب ذلك في محل آخر إلى الشيطان كان مجازاً عقلياً. ______________________________________ بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه وبعد : فلقد بنى القس تبريره على الخلط بين أن يتم أمر معين باذن الله وسماح منه ، وبين أن نقوم بشئ آخر تنفيذاً لأمر الله تعالى ، وبهذا الخلط اراد جناب القس أن يتقبل التناقض الواقع بين النصين اعلاه ، ولكن يجب أن ندرك أن هناك فرقا شاسعاً بين السماح و بين الأمر ، أي بين أن يتم شئ بسماح واذن من الله أو أن يأمرنا الله نفسه أن نفعل شيئا ، و لنوضح الأمر و نقرب الصورة ، فالله أعطانا الحرية في التصرف و سمح لنا بها ليختبرنا ، فمن يريد الخير فليختره و من يريد الشر فليختره ، فالانسان ليس مجبر بل هو حر ، فالشخص اذا سرق مثلاً لا تجد يديه تقف فجأة أو أن عينيه تعمى عن المسروقات ، وهذا هو مفهوم السماح أو الاذن الالهي ، ولكن الله سبحانه في الوقت نفسه وفي اطار هذه الحرية الممنوحة للإنسان ، أرسل إليه ، وأمره أن يتبع أمور معينة ويبتعد عن أمور أخرى ، وهنا لا نستطيع أبداً اذا سرق شخص أن نقول أنه فعل ذلك لأن الله أمره ، ولكن في الوقت نفسه نستطيع ان لم يسرق أن نقول أنه لم يسرق لأن الله أمره وأمرنا ألا نسرق ، هذا هو الفرق بين الأمر والسماح ، وهو فرق ينفي أي خلط بينهما ، وبتطبيق هذه النقطة على النصين ، نجد أنه في صموئيل الأول الله يقول بنفسه أنه أمر داوود : (( فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً : امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا )) ... قائلا لمن ؟ لداوود !!! أي أن الله أمر داوود ... قائلا ماذا ؟ اذهب واحص اسرائيل و يهوذا ... من الذي نفذ الكلام و أحصى اسرائيل و يهوذا ؟ انه داوود ، أي أن الامر موجهاً من الله لداوود و لذلك نفذه داوود ، ولا يوجد ذكر لأي دور للشيطان في الموضوع ، وعلى العكس نجد أنه في أخبار الآيام الاول الشيطان نفسه هو الذي يغوي داود _ صحيح أنه بسماح من الله كما وضحنا _ و لكنه ليس أبدا بأمر من الله فالله لم يأمر الشيطان ولا داود بشئ في اطار النص في أخبار الآيام الأول ، و ان كان عند القس اعتراض فليقل لنا الى من وجه الله أمره و كلامه في عبارة : (( قَائِلاً: امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا )) هذا من ناحية الأمر ، من ناحية أخرى فبحسب عبارة صموئيل الثاني ، فإن الله هو الذي غضب على اسرائيل وهو الذي أهاج عليهم داود ، أما بحسب عبارة أخبار الآيام الاول فنجد أن الشيطان هو الذي وقف ضد اسرائيل وأغوى داود ، و أعتقد أنك عندما تقول أن الله غضب على أحد ليس قلة تهذب حتى تأتي و تقول بل الشيطان هو الذي وقف ضد اسرائيل ...
وَلَوْ
كَانَ
مِنْ
عِنْدِ
غَيْرِ
اللَّهِ
لَوَجَدُوا
فِيهِ
اخْتِلَافًا
كَثِيرًا |