وعود قرآنية صادقة

.. في مكة وفي وقت كان فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم يواجه الأذى من قومه في سبيل تبليغ رسالة الله للناس أنزل الله سبحانه وتعالى عليه قوله : " تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ "  وهي الآية التاسعة والأربعين من سورة هود المكية، وقد وردت ضمن سياق الحديث عن قصة نبي الله نوح وقومه وصبره عليهم ، وكيف ان العاقبة كانت له ، إذ يقول الله سبحانه وتعالى : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنْ لا تَعْبُدُوا إلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ * فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إلا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ * .قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كارهون ... وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلا مَنْ قَدْ آمَنَ فلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ * وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ ملأ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ... الى أن قال سبحانه وتعالى : " تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ "

لقد حملت هذه الآية الكريمة بشارة ووعدا من الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم بالنصر والظفر ، إذ يقول الله له فيها : " فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ " أي : فاصبر على أذاهم مجتهدا في التبليغ عن الله ، فالعاقبة لك كما كانت لنوح في هذه القصة . والفاء في قوله : " فاصبر " لتفريع ما قبلها لما بعدها .

قال السعدي رحمه الله " : فستكون لك العاقبة على قومك، كما كانت لنوح على قومه .

قال البقاعي في تفسيره المسمى بنظم الدرر : " ( فاصبر ) على ذلك ولا تفتر عن الإنذار فستكون لك العاقبة كما كانت لنوح لإجل تقواه " .

فهل تحقق وعد الله ؟

ومن أصدق من الله قيلا ؟

لقد صبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى نال الفتح والظفر ...ولم يمت - صلى الله عليه وسلم - حتى نصره الله سبحانه وتعالى وأعلى كلمته ومكنه من هؤلاء الكفار وطهر الجزيرة العربية من اصنامهم وشركهم . فسبحان من أنزل هذه المواعيد الصادقة .