ما الضمان لدخول الجنة في الإسلام ؟

 

 

فيما يلي نبذة مختصرة في الاعتقاد الإسلامي بشأن ضمان المصير :

يقدم الإسلام ضمانا لكل مسلم مخلص مطيع لله حتى يموت على ذلك بأنه سيدخل الجنة قطعا وجزما . قال الله تعالى في محكم تنزيله : (( وَالَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا )) (122) سورة النساء وقال تعالى : (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ )) (9) سورة المائدة . وقال تعالى : (( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا )) (61) سورة مريم ، وقال : (( قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا )) (15) سورة الفرقان ، وقال : (( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ )) (20)  سورة الزمر ،

إن الإسلام وعد بالخلاص لجميع الذين يؤمنون بالله ويعملون أعمالا صالحة ، يقول الله سبحانه وتعالى : (( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) ( البقرة آية 112 ) .

وكذلك يضمن الإسلام للكافر المعرض عن أمر الله عز وجل بأنه سيدخل النار قطعا وجزما ، قال تعالى :

(( وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ )) (68) سورة التوبة ، وقال سبحانه : (( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ )) (36) سورة فاطر ، وقال تعالى عن الكافرين يوم الدّين : (( هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ )) (64) سورة يس . فوعْد الله لا يتخلّف مع الفريقين كما ذكر عن حالهما بعد انتهاء يوم القيامة :

(( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )) (44) سورة الأعراف ، فكلّ من آمن وعمل صالحا ومات على ذلك يدخل قطعا الجنة ، وكلّ من كفر وعمل السيئات ومات على ذلك يدخل النّار قطعا ، ثمّ إن من قواعد الإسلام العظيمة ان يعيش المؤمن بين الخوف والرّجاء فلا يحكم لنفسه بالجنة لأنّه سيغترّ ثمّ إنه لا يدري على أيّ شيء سيموت ، ولا يحكم على نفسه بالنّار لأنّ ذلك قنوط من رحمة الله ويأس محرّم ، فهو يعمل الصّالحات ويرجو أن يثيبه الله عليها ويجتنب السيئات خوفا من عقاب الله ، ولو أذنب فإنه يتوب لينال المغفرة ويتقي بتوبته عذاب النّار والله يغفر الذّنوب ويتوب على من تاب ، وإذا خاف المؤمن أن ما قدّمه من العمل لا يكفي زاد في العمل خوفا ورجاء . ومهما قدّم من أعمال صالحة فإنّه لا يركن إليها ولا يغترّ فيهلك بل يعمل ويرجو الثواب ، وفي الوقت ذاته يخشى على عمله من الرياء والعُجب والحبوط كما قال الله تعالى في وصف المؤمنين : (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )) (60)  ، فهكذا يبقى المؤمن يعمل ويرجو ويخاف إلى أن يلقى الله على التوحيد وعمل الصّالحات فيفوز برضى الربّ وجنّته ، ولو أنّك تمعنت في الأمر لعلمت أنّ هذه هي الدوافع الصّحيحة للعمل ، وأنّ الاستقامة في الحياة لا تحصل إلاّ بهذا .

ومن المعلوم ان طبيعة قابلية الوقوع في الخطأ وحرية الاختيار هى طبيعة مخلوقة مع الانسان و ان الخالق سبحانه وتعالى جعل النفس البشرية قابلة للخير و الشر وقادرة على كليهما فالله سبحانه وتعالى لم يجعل الإنسان عاجزا عند حصول الذّنب بأن لا يملك أن يفعل شيئا حياله بل أعطاه الفرصة وفتح له الباب للتوبة والعودة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : " وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ . " ، وتظهر رحمة الربّ في شريعة الإسلام جليّة عندما ينادي سبحانه وتعالى عباده بقوله : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) (53) سورة الزمر . فهذه طبيعة النفس البشرية وهذا سبيلها وحلّ مشكلتها إذا أذنبت ، أما أن تجعل هذه الطبيعة البشرية وهي طبيعة الخطأ سداً منيعاً بين العبد وبين الرب وأن العبد لا يقدر على بلوغ مرضات الرب إطلاقا إلا بأن يُنزل لهم ابنه ( المزعوم !! ) ليُصلب ذليلاً مهانا تحت سمع وبصر ( أبيه !! ) فعند ذلك يغفر للبشرية فأمر في غاية العجب والسّخافة ومجرّد حكاية هذا الكلام الباطل يُغني عن الردّ عليه ، وقد قلت مرة لشخص نصراني ونحن في نقاش هذه المسألة إذا كنتم تقولون أنه أنزل ابنه ليصلب فداء للبشرية الذين في عصره أو الذين سيأتوا بعد الصّلب فما هو ياتُرى حال الذين أذنبوا وماتوا مُذنبين قبل ولادة المسيح ولم يتسنى لهم أن يعرفوا المسيح ليؤمنوا بعقيدة الصّلب المذكورة ليغفر لهم ؟ ، فلم يزد على أن قال : بالتأكيد عند قساوستنا ردّ على هذا الإشكال ! ولو وُجد فإنّه تلفيق فماذا عساهم يقولون .

وأنت إذ استعرضت العقيدة النصرانية حيال موضوع الخطيئة البشرية بعقل منصف وجدتهم يقولون أن الرب قد ضحى بولده البكر الوحيد ليكفر بذلك خطايا البشر وهذا الابن إله فلئن كان الإله قد ضرب وشتم وصلب فمات فإن هذه العقيدة تحمل في طياتها الإلحاد فيه سبحانه وتعالى واتّهامه بالتخاذل والضّعف . وهل الرّب عاجز عن غفران ذنوب العباد كلّهم بكلمة واحدة منه ، إذا كان كذلك وهو على كلّ شيء قدير ( والنّصارى لا يعترضون على هذا ) فما الذي يجعله إذن يُضحّي بولده من أجل ذلك ( تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوا كبيرا ) ،

إن عقيدة التكفير عن الخطيئة الأصلية التي يعتقدها النصارى لها أثر سلبي على واقع الحياة البشرية إذ أن العقيدة النصرانية وكما هو الحال عند البروتستنات لا تفرض على الإنسان أي التزامات فما عليه إلا أن يعتقد أن الله قد أرسل ابنه إلى هذه الأرض ليصلب فيموت تكفيرا لأخطاء البشر فيكون بذلك نصرانيا يضمن بذلك الفوز برضى الرب ويدخل الجنة ، وليس هذا فحسب بل يعتقد أن كل ما حدث بابن الله إنما هو لتكفير خطاياه السالفة والحاضرة والمستقبلية ولا تتساءل بعد ذلك عن سبب ما تعيشه المجتمعات النصرانية من تزايد حالات القتل والاغتصاب والسرقة وإدمان الكحول إلى غيرها من الخطايا .. أليس المسيح قد مات لتكفيرها وقد كفّرت ومُحيت فلما لا يتوقّفون عن عمل المعاصي . وقل لي بربّك لماذا تُعدمون القاتل أحيانا ، وتسجنون المجرم ، وتُعاقبون بالعقوبات المختلفة إذا كان المجرم في نظركم قد كفّرت ذنوبه وغُفرت سائر جرائمه بدم المسيح ؟ أليس تناقضا عجيبا ؟